المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل فيما تقاول به المؤمنون والكفار في وقعة أحد من الأشعار] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّنَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَغَازِي]

- ‌[عَدَاوَةُ الْيَهُودِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا وَقَعَ مِنْهُمْ]

- ‌[فَصْلُ ذِكْرِ مَنْ مَالَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى الْيَهُودِ]

- ‌[فَصْلٌ: ذِكْرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ عَلَى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ]

- ‌[بَعْثُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ]

- ‌[غَزْوَةُ بُوَاطَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى]

- ‌[بَابُ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرْضِيَّةِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

- ‌[مُقَدِّمَاتُهَا وَأَحْدَاثُهَا]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَقْتَلِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ]

- ‌[مَقْتَلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ]

- ‌[رَدُّهُ عليه السلام عَيْنَ قَتَادَةَ]

- ‌[فَصْلٌ قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَا]

- ‌[ذِكْرُ طَرْحِ رُءُوسِ الْكُفْرِ فِي بِئْرِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي شَأْنِ الْأُسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْقَتْلَى وَعَدَدِ الْأُسَارَى]

- ‌[فَصْلٌ: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي غَنَائِمِ بِدَرٍ لِمَنْ تَكُونُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِهِ عليه السلام مِنْ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ فِي مَسِيرِهِ إِلَيْهَا]

- ‌[مَقْتَلُ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لَعَنَهُمَا اللَّهُ]

- ‌[ذِكْرُ فَرَحِ النَّجَاشِيِّ رضي الله عنه بِوَقْعَةِ بِدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي وُصُولِ خَبَرِ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ إِلَى أَهَالِيهِمْ بِمَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْثِ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[حَرْفُ الْأَلِفِ]

- ‌[حَرْفُ الْبَاءِ]

- ‌[حَرْفُ التَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الثَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الزَّايِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ]

- ‌[حَرْفُ الشِّينِ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ]

- ‌[حَرْفُ الْفَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْقَافِ]

- ‌[حَرْفُ الْكَافِ]

- ‌[حَرْفُ الْمِيمِ]

- ‌[حَرْفُ النُّونِ]

- ‌[حَرْفُ الْهَاءِ]

- ‌[حَرْفُ الْوَاوِ]

- ‌[حَرْفُ الْيَاءِ]

- ‌[بَابُ الْكُنَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي جُمْلَةِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قُدُومِ زَيْنَبَ بِنْتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةً بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى]

- ‌[فَصْلٌ أَشْعَارٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْرِكِينَ يَرْثُونَ بِهَا قَتْلَاهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ بَنِي سُلَيْمٍ]

- ‌[غَزْوَةُ السُّوِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دُخُولِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى زَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ جُمَلٍ مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْفُرُعِ]

- ‌[خَبَرُ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ]

- ‌[سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ]

- ‌[مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ]

- ‌[غَزْوَةِ أُحُدٍ]

- ‌[سَبَبُ تَسْمِيَتِهَا وَأَحْدَاثِهَا]

- ‌[مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِصَابَةِ عَيْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَرَدِّ الرَّسُولِ عليه السلام لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي قِتَالِ أُمِّ عُمَارَةَ نَسِيبَةَ بِنْتِ كَعْبٍ الْمَازِنِيَّةِ يَوْمَ أُحُدٍ]

- ‌[ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ]

- ‌[وَفَرَغَ النَّاسُ لِقَتْلَاهُمْ]

- ‌[ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ]

- ‌[فَصَلٌ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ: انْصِرَافُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ]

- ‌[خُرُوجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ]

- ‌[آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى وَقْعَةِ أُحُدٍ]

- ‌[سَنَةُ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الرَّجِيعِ]

- ‌[سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ]

- ‌[سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ]

- ‌[قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ حِينَ مَرَّ عَلَى دِيَارِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ صَارَتْ يَبَابًا لَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٍ]

- ‌[غَزْوَةُ بَنِي لِحْيَانَ]

- ‌[غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ]

- ‌[سَبَبُ تَسْمِيَةِ الْغَزْوَةِ بِهَذَا الْاسْمِ]

- ‌[قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ]

- ‌[قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ]

- ‌[قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ]

- ‌[غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ]

- ‌[فَصَلٌ فِي جُمَلٍ مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ]

الفصل: ‌[فصل فيما تقاول به المؤمنون والكفار في وقعة أحد من الأشعار]

[فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ]

وَإِنَّمَا نُورِدُ شِعْرَ الْكُفَّارِ لِنَذْكُرَ جَوَابَهَا مِنْ شِعْرِ الْإِسْلَامِ ; لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي وَقْعِهَا مِنَ الْأَسْمَاعِ وَالْأَفْهَامِ، وَأَقْطَعَ لِشُبْهَةِ الْكَفَرَةِ الطَّغَامِ.

قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله: وَكَانَ مِمَّا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ قَوْلُ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيِّ - وَهُوَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ -:

مَا بَالُ هَمٍّ عَمِيدٍ بَاتَ يَطْرُقُنِي

بِالْوُدِّ مِنْ هِنْدَ إِذْ تَعْدُو عَوَادِيهَا

بَاتَتْ تُعَاتِبُنِي هِنْدٌ وَتَعْذِلُنِي

وَالْحَرْبُ قَدْ شُغِلَتْ عَنِّي مَوَالِيهَا

مَهْلًا فَلَا تَعْذِلِينِي إِنَّ مِنْ خُلُقِي

مَا قَدْ عَلِمْتِ وَمَا إِنْ لَسْتُ أُخْفِيهَا

مُسَاعِفٌ لِبَنِي كَعْبٍ بِمَا كَلِفُوا

حَمَّالُ عِبْءٍ وَأَثْقَالٍ أُعَانِيهَا

وَقَدْ حَمَلْتُ سِلَاحِي فَوْقَ مُشْتَرَفٍ

سَاطٍ سَبُوحٍ إِذَا يَجْرِي يُبَارِيهَا

ص: 465

كَأَنَّهُ إِذْ جَرَى عَيْرٌ بِفَدْفَدَةٍ

مُكَدَّمٌ لَاحِقٌ بِالْعُونِ يَحْمِيهَا

مِنْ آلِ أَعْوَجَ يَرْتَاحُ النَّدَيُّ لَهُ

كَجِذْعِ شَعْرَاءَ مُسْتَعْلٍ مَرَاقِيهَا

أَعْدَدْتُهُ وَرُقَاقَ الْحَدِّ مُنْتَخَلًا

وَمَارِنًا لِخُطُوبٍ قَدْ أُلَاقِيهَا

هَذَا وَبَيْضَاءَ مِثْلَ النَّهْيِ مُحْكَمَةً

نِيطَتْ عَلَيَّ فَمَا تَبْدُو مَسَاوِيهَا

سُقْنَا كِنَانَةَ مِنْ أَطْرَافِ ذِي يَمَنٍ

عُرْضَ الْبِلَادِ عَلَى مَا كَانَ يُزْجِيهَا

قَالَتْ كِنَانَةُ أَنَّى تَذْهَبُونَ بِنَا

قُلْنَا النَّخِيلَ فَأَمُّوهَا وَمَنْ فِيهَا

نَحْنُ الْفَوَارِسُ يَوْمَ الْجَرِّ مِنْ

أُحُدٍ

هَابَتْ مَعَدٌّ فَقُلْنَا نَحْنُ نَأْتِيهَا

هَابُوا ضِرَابًا وَطَعْنًا صَادِقًا خَذِمًا

مِمَّا يَرَوْنَ وَقَدْ ضُمَّتْ قَوَاصِيهَا

ص: 466

ثُمَّتَ رُحْنَا كَأَنَّا عَارِضٌ بَرِدٌ

وَقَامَ هَامُ بَنِي النَّجَّارِ يَبْكِيهَا

كَأَنَّ هَامَهُمُ عِنْدَ الْوَغَى فِلَقٌ

مِنْ قَيْضِ رُبْدٍ نَفَتْهُ عَنْ أَدَاحِيهَا

أَوْ حَنْظَلٌ ذَعْذَعَتْهُ الرِّيحُ فِي غُصُنٍ

بَالٍ تَعَاوَرُهُ مِنْهَا سَوَافِيهَا

قَدْ نَبْذُلُ الْمَالَ سَحًّا لَا حِسَابَ لَهُ

وَنَطْعُنُ الْخَيْلَ شَزْرًا فِي مَآقِيهَا

وَلَيْلَةٍ يَصْطَلِي بِالْفَرْثِ جَازِرُهَا

يَخْتَصُّ بِالنَّقَرَى الْمُثْرِينَ دَاعِيهَا

وَلَيْلَةٍ مِنْ جُمَادَى ذَاتِ أَنْدِيَةٍ

جَرْبَى جُمَادِيَّةٍ قَدْ بَتُّ أَسَرِيهَا

لَا يَنْبَحُ الْكَلْبُ فِيهَا غَيْرَ وَاحِدَةٍ

مِنَ الْقَرِيسِ وَلَا تَسْرِي أَفَاعِيهَا

أَوْقَدْتُ فِيهَا لِذِي الضَّرَّاءِ جَاحِمَةً

كَالْبَرْقِ ذَاكِيَةَ الْأَرْكَانِ أَحْمِيهَا

ص: 467

أَوْرَثَنِي ذَاكُمُ عَمْرٌو وَوَالِدُهُ

مِنْ قَبْلِهِ كَانَ بِالْمَثْنَى يُغَالِيهَا

كَانُوا يُبَارُونَ أَنْوَاءَ النُّجُومِ فَمَا.

دَنَّتْ عَنِ السُّورَةِ الْعُلْيَا مَسَاعِيهَا

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه فَقَالَ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَتُرْوَى لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَلِغَيْرِهِ. قُلْتُ: وَقَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَشْهُرُ وَأَكْثَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ -:

سُقْتُمْ كِنَانَةَ جَهْلًا مِنْ سَفَاهَتِكُمْ

إِلَى الرَّسُولِ فَجُنْدُ اللَّهِ مُخْزِيهَا

أَوْرَدْتُمُوهَا حِيَاضَ الْمَوْتِ ضَاحِيَةً

فَالنَّارُ مَوْعِدُهَا وَالْقَتْلُ لَاقِيهَا

جَمَعْتُمُوهُمْ أَحَابِيشًا بِلَا حَسَبٍ

أَئِمَّةَ الْكُفْرِ غَرَّتْكُمْ طَوَاغِيهَا

أَلَا اعْتَبَرْتُمْ بِخَيْلِ اللَّهِ إِذْ قَتَلَتْ

أَهْلَ الْقَلِيبِ وَمَنْ أَلْقَيْنَهُ فِيهَا

كَمْ مِنْ أَسِيرٍ فَكَكْنَاهُ بِلَا ثَمَنٍ

وَجَزِّ نَاصِيَةٍ كُنَّا مَوَالِيهَا

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يُجِيبُ هُبَيْرَةَ بْنَ أَبِي وَهْبٍ

ص: 468

الْمَخْزُومِيَّ أَيْضًا:

أَلَا هَلْ أَتَى غَسَّانَ عَنَّا وَدُونَهُمْ

مِنَ الْأَرْضِ خَرْقٌ سَيْرُهُ مُتَنَعْنِعُ

صَحَارٍ وَأَعْلَامٌ كَأَنَّ قَتَامَهَا

مِنَ الْبُعْدِ نَقْعٌ هَامِدٌ مُتَقَطِّعُ

تَظَلُّ بِهِ الْبُزْلُ الْعَرَامِيسُ رُزَّحًا

وَيَخْلُو بِهِ غَيْثُ السِّنِينَ فَيُمْرِعُ

بِهِ جِيَفُ الْحَسْرَى يَلُوحُ صَلِيبُهَا

كَمَا لَاحَ كَتَّانُ التِّجَارِ الْمُوَضَّعُ

بِهِ الْعِينُ وَالْآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً

وَبَيْضُ نَعَامٍ قَيْضُهُ يَتَفَلَّعُ

مُجَالِدُنَا عَنْ دِينِنَا كُلُّ فَخْمَةٍ

مُذَرَّبَةٍ فِيهَا الْقَوَانِسُ تَلْمَعُ

ص: 469

وَكُلُّ صَمُوتٍ فِي الصِّوَانِ كَأَنَّهَا

إِذَا لُبِسَتْ نِهْيٌ مِنَ الْمَاءِ مُتْرَعُ

وَلَكِنْ بِبَدْرٍ سَائِلُوا مَنْ لَقِيتُمُ

مِنَ النَّاسِ وَالْأَنْبَاءِ بِالْغَيْبِ تَنْفَعُ

وَإِنَّا بِأَرْضِ الْخَوْفِ لَوْ كَانَ أَهْلُهَا

سِوَانَا لَقَدْ أَجْلَوْا بِلَيْلٍ فَأَقْشَعُوا

إِذَا جَاءَ مِنَّا رَاكِبٌ كَانَ قَوْلُهُ

أَعِدُّوا لِمَا يُزْجِي ابْنُ حَرْبٍ وَيَجْمَعُ

فَمَهْمَا يُهِمُّ النَّاسَ مِمَّا يَكِيدُنَا

فَنَحْنُ لَهُ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَوْسَعُ

فَلَوْ غَيْرُنَا كَانَتْ جَمِيعًا تَكِيدُهُ الْ

بَرِيَّةُ قَدْ أَعْطَوْا يَدًا وَتَوَزَّعُوا

نُجَالِدُ لَا تَبْقَى عَلَيْنَا قَبِيلَةٌ

مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَنْ يَهَابُوا وَيُفْظَعُوا

وَلَمَّا ابْتَنَوْا بِالْعِرْضِ قَالَتْ سَرَاتُنَا

عَلَامَ إِذًا لَمْ نَمْنَعِ الْعِرْضَ نَزْرَعُ

وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ نَتْبَعُ أَمْرَهُ

إِذَا قَالَ فِينَا الْقَوْلَ لَا نَتَطَلَّعُ

تَدَلَّى عَلَيْهِ الرُّوحُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ

يُنَزَّلُ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ وَيَرْفَعُ

ص: 470

نُشَاوِرُهُ فِيمَا نُرِيدُ وَقَصَرْنَا

إِذَا مَا اشْتَهَى أَنَّا نُطِيعُ وَنَسْمَعُ

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَمَّا بَدَوْا لَنَا

ذَرُوا عَنْكُمُ هَوْلَ الْمَنِيَّاتِ وَاطْمَعُوا

وَكُونُوا كَمَنْ يَشْرِي الْحَيَاةَ تَقَرُّبًا

إِلَى مَلِكٍ يُحْيَا لَدَيْهِ وَيُرْجَعُ

وَلَكِنْ خُذُوا أَسْيَافَكُمْ وَتَوَكَّلُوا

عَلَى اللَّهِ إِنَّ الْأَمْرَ لِلَّهِ أَجْمَعُ

فَسِرْنَا إِلَيْهِمْ جَهْرَةً فِي رِحَالِهِمْ

ضُحِيًّا عَلَيْنَا الْبَيْضُ لَا نَتَخَشَّعُ

بِمَلْمُومَةٍ فِيهَا السَّنَوَّرُ وَالْقَنَا

إِذَا ضَرَبُوا أَقْدَامَهَا لَا تَوَرَّعُ

فَجِئْنَا إِلَى مَوْجٍ مِنَ الْبَحْرِ وَسْطَهُ

أَحَابِيشُ مِنْهُمْ حَاسِرٌ وَمُقَنَّعُ

ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَنَحْنُ نَصِيَّةٌ

ثَلَاثُ مِئِينَ إِنْ كَثُرْنَا وَأَرْبَعُ

نُغَاوِرُهُمْ تَجْرِي الْمَنِيَّةُ بَيْنَنَا

نُشَارِعُهُمْ حَوْضَ الْمَنَايَا وَنَشْرَعُ

تَهَادَى قِسِيُّ النَّبْعِ فِينَا وَفِيهِمُ

وَمَا هُوَ إِلَّا الْيَثْرِبِيُّ الْمُقَطَّعُ

ص: 471

وَمَنْجُوفَةٌ حَرْمِيَّةٌ صَاعِدِيَّةٌ

يُذَرُّ عَلَيْهَا السُّمُّ سَاعَةَ تُصْنَعُ

تَصُوبُ بِأَبْدَانِ الرِّجَالِ وَتَارَةً

تَمُرُّ بِأَعْرَاضِ الْبِصَارِ تَقَعْقَعُ

وَخَيْلٌ تَرَاهَا بِالْفَضَاءِ كَأَنَّهَا

جَرَادُ صَبًا فِي قُرَّةٍ يَتَرَيَّعُ

فَلَمَّا تَلَاقَيْنَا وَدَارَتْ بِنَا الرَّحَا

وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللَّهُ مَدْفَعُ

ضَرَبْنَاهُمْ حَتَّى تَرَكْنَا سَرَاتَهُمْ

كَأَنَّهُمْ بِالْقَاعِ خُشْبٌ مُصَرَّعُ

لَدُنْ غُدْوَةً حَتَّى اسْتَفَقْنَا عَشِيَّةً

كَأَنَّ ذَكَانَا حَرُّ نَارٍ تَلَفَّعُ

وَرَاحُوا سِرَاعًا مُوجَعِينَ كَأَنَّهُمْ

جَهَامٌ هَرَاقَتْ مَاءَهُ الرِّيحُ مُقْلِعُ

وَرُحْنَا وَأُخْرَانَا بِطَاءٌ كَأَنَّنَا

أُسُودٌ عَلَى لَحْمٍ بِبِيشَةَ ظُلَّعُ

ص: 472

فَنِلْنَا وَنَالَ الْقَوْمُ مِنَّا وَرُبَّمَا

فَعَلْنَا وَلَكِنْ مَا لَدَى اللَّهِ أَوْسَعُ

وَدَارَتْ رَحَانَا وَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمُ

وَقَدْ جَعَلُوا ; كُلٌّ مِنَ الشَّرِّ يَشْبَعُ

وَنَحْنُ أُنَاسٌ لَا نَرَى الْقَتْلَ سُبَّةً

عَلَى كُلِّ مَنْ يَحْمِي الذِّمَارَ وَيَمْنَعُ

جِلَادٌ عَلَى رَيْبِ الْحَوَادِثِ لَا نَرَى

عَلَى هَالِكٍ عَيْنًا لَنَا الدَّهْرُ تَدْمَعُ

بَنُو الْحَرْبِ لَا نَعْيَا بِشَيْءٍ نَقُولُهُ

وَلَا نَحْنُ مِمَّا جَرَّتِ الْحَرْبُ نَجْزَعُ

بَنُو الْحَرْبِ إِنْ نَظْفَرْ فَلَسْنَا بِفُحَّشٍ

وَلَا نَحْنُ مِنْ أَظْفَارِهَا نَتَوَجَّعُ

وَكُنَّا شِهَابًا يَتَّقِي النَّاسُ حَرَّهُ

وَيَفْرُجُ عَنْهُ مَنْ يَلِيهِ وَيَسْفَعُ

فَخَرَّتْ عَلَى ابْنِ الزِّبَعْرَى وَقَدْ سَرَى

لَكُمْ طَلَبٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ مُتْبَعُ

فَسَلْ عَنْكَ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ وَغَيْرِهَا

مِنَ النَّاسِ مَنْ أَخْزَى مَقَامًا وَأَشْنَعُ

وَمَنْ هُوَ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ الْحَرْبُ مَفْخَرًا

وَمَنْ خَدُّهُ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ أَضْرَعُ

شَدَدْنَا بِحَوَلِ اللَّهِ وَالنَّصْرِ شَدَّةً

عَلَيْكُمْ وَأَطْرَافُ الْأَسِنَّةِ شُرَّعُ

تَكِرُّ الْقَنَا فِيكُمْ كَأَنَّ فُرُوغَهَا

عَزَالِي مَزَادٍ مَاؤُهَا يَتَهَزَّعُ

ص: 473

عَمَدْنَا إِلَى أَهْلِ اللِّوَاءِ وَمَنْ يَطِرْ

بِذِكْرِ اللِّوَاءِ فَهُوَ فِي الْحَمْدِ أَسْرَعُ

فَخَانُوا وَقَدْ أَعْطَوْا يَدًا وَتَخَاذَلُوا

أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَمَرَهُ وَهُوَ أَصْنَعُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ بَعْدُ:

يَا غُرَابَ الْبَيْنِ أَسْمَعْتَ فَقُلْ

إِنَّمَا تَنْطِقُ شَيْئًا قَدْ فُعِلْ

إِنَّ لِلْخَيْرِ وَلِلشَّرِّ مَدًى

وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ

وَالْعَطِيَّاتُ خِسَاسٌ بَيْنَهُمْ

وَسَوَاءٌ قَبْرُ مُثْرٍ وَمُقِلْ

كُلُّ عَيْشٍ وَنَعِيمٍ زَائِلٌ

وَبَنَاتُ الدَّهْرِ يَلْعَبْنَ بِكُلِّ

أَبْلِغَنْ حَسَّانَ عَنِّي آيَةً

فَقَرِيضُ الشِّعْرِ يَشْفِي ذَا الْغُلَلْ

كَمْ تَرَى بِالْجَرِّ مِنْ جُمْجُمَةٍ

وَأَكُفٍّ قَدْ أُتِرَّتْ وَرَجَلْ

ص: 474

وَسَرَابِيلَ حِسَانٍ سُرِيَتْ

عَنْ كُمَاةٍ أُهْلِكُوا فِي الْمُنْتَزَلْ

كَمْ قَتَلْنَا مِنْ كَرِيمٍ سَيِّدٍ

مَاجِدِ الْجَدَّيْنِ مِقْدَامٍ بَطَلْ

صَادِقِ النَّجْدَةِ قَرْمٍ بَارِعٍ

غَيْرِ مُلْتَاثٍ لَدَى وَقْعِ الْأَسَلْ

فَسَلِ الْمِهْرَاسَ مَا سَاكِنُهُ

بَيْنَ أَقْحَافٍ وَهَامٍ كَالْحَجَلْ

لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا

جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلْ

حِينَ حَكَّتْ

بِقُبَاءٍ بَرْكَهَا

وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي عَبْدِ الْأَشَلْ

ص: 475

ثُمَّ خَفُّوا عِنْدَ ذَاكُمْ رُقَّصًا

رَقْصَ الْحَفَّانِ يَعْلُو فِي الْجَبَلْ

فَقَتَلْنَا الضِّعْفَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ

وَعَدَلْنَا مَيْلَ

بَدْرٍ فَاعْتَدَلْ

لَا أَلُومُ النَّفْسَ إِلَّا أَنَّنَا

لَوْ كَرَّرْنَا لَفَعَلْنَا الْمُفْتَعَلْ

بِسُيُوفِ الْهِنْدِ تَعْلُو هَامَهُمْ

عِلَلًا تَعْلُوهُمْ بَعْدَ نَهَلْ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه:

ذَهَبَتْ بِابْنِ الزِّبَعْرَى وَقْعَةٌ

كَانَ مِنَّا الْفَضْلُ فِيهَا لَوْ عَدَلْ

وَلَقَدْ نِلْتُمْ وَنِلْنَا مِنْكُمُ

وَكَذَاكَ الْحَرْبُ أَحْيَانًا دُوَلْ

ص: 476

نَضَعُ الْأَسْيَافَ فِي أَكْتَافِكُمْ

حَيْثُ نَهْوَى عِلَلًا بَعْدَ نَهَلْ

نُخْرِجُ الْأَصْبَحَ مِنْ أَسْتَاهِكُمْ

كَسُلَاحِ النِّيبِ يَأْكُلْنَ الْعَصَلْ

إِذْ تُوَلُّونَ عَلَى أَعْقَابِكُمْ

هَرَبًا فِي الشِّعْبِ أَشْبَاهَ الرَّسَلْ

إِذْ شَدَّدْنَا شَدَّةً صَادِقَةً

فَأَجَأْنَاكُمُ إِلَى سَفْحِ الْجَبَلْ

بِخَنَاطِيلَ كَأَمْذَاقِ الْمَلَا

مَنْ يُلَاقُوهُ مِنَ النَّاسِ يُهَلْ

ضَاقَ عَنَّا الشِّعْبُ إِذْ نَجْزَعُهُ

وَمَلَأْنَا الْفَرْطَ مِنْهُ وَالرِّجَلْ

بِرِجَالٍ لَسْتُمُ أَمْثَالَهُمْ

أُيِّدُوا جِبْرِيلَ نَصْرًا فَنَزَلْ

وَعَلَوْنَا يَوْمَ

بِدْرٍ بِالتُّقَى

طَاعَةِ اللَّهِ وَتَصْدِيقِ الرُّسُلْ

ص: 477

وَقَتَلْنَا كُلَّ رَأْسٍ مِنْهُمُ

وَقَتَلْنَا كُلَّ جَحْجَاجٍ رِفَلٍّ

وَتَرَكْنَا فِي قُرَيْشٍ عَوْرَةً

يَوْمَ بَدْرٍ وَأَحَادِيثَ الْمَثَلْ

وَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا شَاهِدًا

يَوْمَ

بِدْرٍ وَالتَّنَابِيلُ الْهُبُلْ

فِي قُرَيْشٍ مِنْ جُمُوعٍ جُمِّعُوا

مِثْلَ مَا يُجْمَعُ فِي الْخِصْبِ الْهَمَلْ

نَحْنُ لَا أَمْثَالُكُمْ وُلْدَ اسْتِهَا

نَحْضُرُ الْبَأْسَ إِذَا الْبَأْسُ نَزَلْ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ يَبْكِي حَمْزَةَ وَمَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، رضي الله عنهم:

نَشَجَتْ وَهَلْ لَكَ مِنْ مَنْشَجِ

وَكُنْتَ مَتَى تَذَّكِرْ تَلْجَجِ

تَذَكُّرَ قَوْمٍ أَتَانِي لَهُمْ

أَحَادِيثُ فِي الزَّمَنِ الْأَعْوَجِ

فَقَلْبُكَ مِنْ ذِكْرِهِمْ خَافِقٌ

مِنَ الشَّوْقِ وَالْحُزْنِ الْمُنْضِجِ

ص: 478

وَقَتْلَاهُمْ فِي جِنَانِ النَّعِيمِ

كِرَامُ الْمَدَاخِلِ وَالْمَخْرَجِ

بِمَا صَبَرُوا تَحْتَ ظِلِّ اللِّوَاءِ

لِوَاءِ الرَّسُولِ بِذِي الْأَضْوُجِ

غَدَاةَ أَجَابَتْ بِأَسْيَافِهَا

جَمِيعًا بَنُو الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ

وَأَشْيَاعُ أَحْمَدَ إِذْ شَايَعُوا

عَلَى الْحَقِّ ذِي النُّورِ وَالْمَنْهَجِ

فَمَا بَرِحُوا يَضْرِبُونَ الْكُمَاةَ

وَيَمْضُونَ فِي الْقَسْطَلِ الْمُرْهِجِ

كَذَلِكَ حَتَّى دَعَاهُمْ مَلِيكٌ

إِلَى جَنَّةٍ دَوْحَةِ الْمَوْلِجِ

فَكُلُّهُمُ مَاتَ حُرَّ الْبَلَاءِ

عَلَى مِلَّةِ اللَّهِ لَمْ يَحْرَجِ

كَحَمْزَةَ لَمَّا وَفَى صَادِقًا

بِذِي هِبَّةٍ صَارِمٍ سَلْجَجِ

فَلَاقَاهُ عَبْدُ بَنِي نَوْفَلٍ

يُبَرْبِرُ كَالْجَمَلِ الْأَدْعَجِ

فَأَوْجَرَهُ حَرْبَةً كَالشِّهَابِ

تَلَهَّبُ فِي اللَّهَبِ الْمُوَهَجِ

ص: 479

وَنُعْمَانُ أَوْفَى بِمِيثَاقِهِ

وَحَنْظَلَةُ الْخَيْرِ لَمْ يُحْنَجِ

عَنِ الْحَقِّ حَتَّى غَدَتْ رُوحُهُ

إِلَى مَنْزِلٍ فَاخِرِ الزِّبْرِجِ

أُولَئِكَ لَا مَنْ ثَوَى مِنْكُمُ

مِنَ النَّارِ فِي الدَّرَكِ الْمُرْتَجِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَبْكِي حَمْزَةَ وَمَنْ أُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهِيَ عَلَى رَوِيِّ قَصِيدَةِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ فِي قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ مَنْ يُنْكِرُ هَذِهِ لِحَسَّانَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ -:

يَا مَيُّ قُومِي فَانْدُبِنْ

بِسُحَيْرَةٍ شَجْوَ الْنَّوَائِحْ

كَالْحَامِلَاتِ الْوِقْرَ بِالثِّ

قْلِ الْمُلِحَّاتِ الدَّوَالِحْ

ص: 480

الْمُعْوِلَاتِ الْخَامِشَا

تِ وُجُوهَ حُرَّاتٍ صَحَائِحْ

وَكَأَنَّ سَيْلَ دُمُوعِهَا الْ

أَنْصَابُ تُخْضَبُ بِالذَّبَائِحْ

يَنْقُضْنَ أَشْعَارًا لَهُنَّ

هُنَاكَ بَادِيَةَ الْمَسَائِحْ

وَكَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْ

لٍ بِالضُّحَى شُمْسٍ رَوَامِحْ

مِنْ بَيْنِ مَشْرُورٍ وَمَجْ

زُوْرٍ يُذَعْذَعُ بِالْبَوَارِحْ

يَبْكِينَ شَجْوًا مُسْلِبَا

تٍ كَدَّحَتْهُنَّ الْكَوَادِحْ

وَلَقَدْ أَصَابَ قُلُوبَهَا

مَجْلٌ لَهُ جُلَبٌ قَوَارِحْ

إِذْ أَقْصَدَ الْحِدْثَانُ مَنْ

كُنَّا نُرَجِّي إِذْ نُشَايِحْ

أَصْحَابَ

أُحْدٍ غَالَهُمْ

دَهْرٌ أَلَمَّ لَهُ جَوَارِحْ

ص: 481

مَنْ كَانَ فَارِسَنَا وَحَا

مِينَا إِذَا بُعِثَ الْمَسَالِحْ

يَا حَمْزَ لَا وَاللَّهِ لَا

أَنْسَاكَ مَا صُرَّ اللَّقَائِحْ

لِمُنَاخِ أَيْتَامٍ وَأَضْ

يَافٍ وَأَرْمَلَةٍ تُلَامِحْ

وَلَمَّا يَنُوبُ الدَّهْرُ فِي

حَرْبٍ لِحَرْبٍ وَهْيَ لَاقِحْ

يَا فَارِسًا يَا مِدْرَهًا

يَا حَمْزَ قَدْ كُنْتَ الْمُصَامِحْ

عَنَّا شَدِيدَاتِ الْخُطُو

بِ إِذَا يَنُوبُ لَهُنَّ فَادِحْ

ذَكَّرْتَنِي أَسَدَ الرَّسُو

لِ وَذَاكَ مِدْرَهُنَا الْمُنَافِحْ

عَنَّا وَكَانَ يُعَدُّ إِذْ

عُدَّ الشَّرِيفُونَ الْجَحَاجِحْ

يَعْلُو الْقَمَاقِمَ جَهْرَةً

سَبْطَ الْيَدَيْنِ أَغَرَّ وَاضِحْ

ص: 482

لَا طَائِشٌ رَعِشٌ وَلَا

ذُو عِلَّةٍ بِالْحِمْلِ آنِحْ

بَحْرٌ فَلَيْسَ يَغِيبُ جَا

رًا مِنْهُ سَيْبٌ أَوْ مَنَادِحْ

أَوْدَى شَبَابُ أُولِي الْحَفَا

ئِظِ وَالثَّقِيلُونَ الْمَرَاجِحْ

الْمُطْعِمُونَ إِذَا الْمَشَا

تِيَ مَا يُصَفِّقُهُنَّ نَاضِحْ

لَحْمَ الْجِلَادِ وَفَوْقَهُ

مِنْ شَحْمِهِ شُطَبٌ شَرَائِحْ

لِيُدَافِعُوا عَنْ جَارِهِمْ

مَا رَامَ ذُو الضِّغْنِ الْمُكَاشِحْ

لَهَفِي لِشُبَّانٍ رُزِئْ

نَاهُمْ كَأَنَّهُمُ الْمَصَابِحْ

شُمٍّ بَطَارِقَةٍ غَطَا

رِفَةٍ خَضَارِمَةٍ مَسَامِحْ

ص: 483

الْمُشْتَرُونَ الْحَمْدَ بِالْ

أَمْوَالِ إِنَّ الْحَمْدَ رَابِحْ

وَالْجَامِزُونَ بِلُجْمِهِمْ

يَوْمًا إِذَا مَا صَاحَ صَائِحْ

مَنْ كَانَ يُرْمَى بِالنَّوَا

قِرِ مِنْ زَمَانٍ غَيْرِ صَالِحْ

مَا إِنْ تَزَالُ رِكَابُهُ

يَرْسِمْنَ فِي غُبْرٍ صَحَاصِحْ

رَاحَتْ تُبَارَى وَهْوَ فِي

رَكْبٍ صُدُورُهُمُ رَوَاشِحْ

حَتَّى تَئُوبَ لَهُ الْمَعَا

لِي لَيْسَ مِنْ فَوْزِ السَّفَائِحْ

يَا حَمْزُ قَدْ أَوْحَدْتَنِي

كَالْعُودِ شَذَّبَهُ الْكَوَافِحْ

أَشْكُوا إِلَيْكَ وَفَوْقَكَ التُّرْ

بُ الْمُكَوَّرُ وَالصَّفَائِحْ

مِنْ جَنْدَلٍ يُلْقِيهِ فَوْ

قَكَ إِذْ أَجَادَ الضَّرْحَ ضَارِحْ

فِي وَاسِعٍ يَحْشُونَهُ

بِالتُّرْبِ سَوَّتْهُ الْمَمَاسِحْ

ص: 484

فَعَزَاؤُنَا أَنَّا نَقُو

لُ وَقَوْلُنَا بَرْحٌ بَوَارِحْ

مَنْ كَانَ أَمْسَى وَهْوَ عَمَّا

أَوْقَعَ الْحِدْثَانُ جَانِحْ

فَلْيَأْتِنَا فَلْتَبْكِ عَيْ

نَاهُ لِهَلْكَانَا النَّوَافِحْ

الْقَائِلِينَ الْفَاعِلِي

نَ ذَوِي السَّمَاحَةِ وَالْمَمَادِحْ

مَنْ لَا يَزَالُ نَدَى يَدَيْ

هِ لَهُ طَوَالَ الدَّهْرِ مَائِحْ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِحَسَّانَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ يَبْكِي حَمْزَةَ وَأَصْحَابَهَ:

طَرَقَتْ هُمُومُكَ فَالرُّقَادُ مُسَهَّدُ

وَجَزِعْتَ أَنْ سُلِخَ الشَّبَابُ الْأَغْيَدُ

وَدَعَتْ فُؤَادَكَ لِلْهَوَى ضَمْرِيَّةٌ

فَهَوَاكَ غَوْرِيٌّ وَصَحْوُكَ مُنْجِدُ

ص: 485

فَدَعِ التَّمَادِيَ فِي الْغَوَايَةِ سَادِرًا

قَدْ كُنْتَ فِي طَلَبِ الْغَوَايَةِ تُفْنَدُ

وَلَقَدْ أَنَى لَكَ أَنْ تَنَاهَى طَائِعًا

أَوْ تَسْتَفِيقَ إِذَا نَهَاكَ الْمُرْشِدُ

وَلَقَدْ هُدِدْتَ لِفَقْدِ حَمْزَةَ هَدَّةً

ظَلَّتْ بَنَاتُ الْجَوْفِ مِنْهَا تُرْعِدُ

وَلَوِ انَّهُ فُجِعَتْ حِرَاءُ بِمِثْلِهِ

لَرَأَيْتَ رَاسِيَ صَخْرِهَا يَتَبَدَّدُ

قَرْمٌ تَمَكَّنَ فِي ذُؤَابَةِ هَاشِمٍ

حَيْثُ النُّبُوَّةُ وَالنَّدَى وَالسُّؤْدُدُ

وَالْعَاقِرُ الْكَوْمَ الْجِلَادَ إِذَا غَدَتْ

رِيحٌ يَكَادُ الْمَاءُ مِنْهَا يَجْمُدُ

وَالتَّارِكُ الْقِرْنَ الْكَمِيَّ مُجَدَّلًا

يَوْمَ الْكَرِيهَةِ وَالْقَنَا يَتَقَصَّدُ

وَتَرَاهُ يَرْفُلُ فِي الْحَدِيدِ كَأَنَّهُ

ذُو لِبْدَةٍ شَثْنُ الْبَرَاثِنِ أَرْبَدُ

ص: 486

عَمُّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَصَفِيُّهُ

وَرَدَ الْحِمَامَ فَطَابَ ذَاكَ الْمَوْرِدُ

وَأَتَى الْمَنِيَّةَ مُعْلِمًا فِي أُسْرَةٍ

نَصَرُوا النَّبِيَّ وَمِنْهُمُ الْمُسْتَشْهِدُ

وَلَقَدْ إِخَالُ بِذَاكَ هِنْدًا بُشِّرَتْ

لَتُمِيتَ دَاخِلَ غُصَّةٍ لَا تَبْرُدُ

مِمَّا صَبَحْنَا بِالْعَقَنْقَلِ قَوْمَهَا

يَوْمًا تَغَيَّبَ فِيهِ عَنْهَا الْأَسْعَدُ

وَبِبِئْرِ

بَدْرٍ إِذْ يَرُدُّ وُجُوهَهُمْ

جِبْرِيلُ تَحْتَ لِوَائِنَا وَمُحَمَّدُ

حَتَّى رَأَيْتُ لَدَى النَّبِيِّ سَرَاتَهُمْ

قِسْمَيْنِ يَقْتُلُ مَنْ يَشَاءُ وَيَطْرُدُ

فَأَقَامَ بِالْعَطَنِ الْمُعَطَّنِ مِنْهُمُ

سَبْعُونَ عُتْبَةُ مِنْهُمُ وَالْأَسْوَدُ

وَابْنُ الْمُغِيرَةِ قَدْ ضَرَبْنَا ضَرْبَةً

فَوْقَ الْوَرِيدِ لَهَا رَشَاشٌ مُزْبِدُ

وَأُمَيَّةُ الْجُمَحِيُّ قَوَّمَ مَيْلَهُ

عَضْبٌ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ مُهَنَّدُ

فَأَتَاكَ فَلُّ الْمُشْرِكِينَ كَأَنَّهُمْ

وَالْخَيْلُ تُثْفِنُهُمْ نَعَامٌ شُرَّدُ

شَتَّانَ مَنْ هُوَ فِي جَهَنَّمَ ثَاوِيًا

أَبَدًا وَمَنْ هُوَ فِي الْجِنَانِ مُخَلَّدُ

ص: 487

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَبْكِي حَمْزَةَ وَأَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَنْشَدَنِيهَا أَبُو زَيْدٍ، لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ:

بَكَتْ عَيْنِي وَحُقَّ لَهَا بُكَاهَا

وَمَا يُغْنِي الْبُكَاءُ وَلَا الْعَوِيلُ

عَلَى أَسَدِ الْإِلَهِ غَدَاةَ قَالُوا

أَحَمْزَةُ ذَاكُمُ الرَّجُلُ الْقَتِيلُ

أُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ جَمِيعًا

هُنَاكَ وَقَدْ أُصِيبَ بِهِ الرَّسُولُ

أَبَا يَعْلَى لَكَ الْأَرْكَانُ هُدَّتْ

وَأَنْتَ الْمَاجِدُ الْبَرُّ الْوُصُولُ

عَلَيْكَ سَلَامُ رَبِّكَ فِي جَنَانٍ

مُخَالِطُهَا نَعِيمٌ لَا يَزُولُ

أَلَا يَا هَاشِمَ الْأَخْيَارِ صَبْرًا

فَكُلُّ فِعَالِكُمْ حَسَنٌ جَمِيلُ

رَسُولُ اللَّهِ مُصْطَبِرٌ كَرِيمٌ

بِأَمْرِ اللَّهِ يَنْطِقُ إِذْ يَقُولُ

أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي لُؤَيًّا

فَبَعْدَ الْيَوْمِ دَائِلَةٌ تَدُولُ

وَقُبَلَ الْيَوْمِ مَا عَرَفُوا وَذَاقُوا

وَقَائِعَنَا بِهَا يُشْفَى الْغَلِيلُ

نَسِيتُمْ ضَرْبَنَا بِقَلِيبِ

بَدْرٍ

غَدَاةَ أَتَاكُمُ الْمَوْتُ الْعُجَيْلُ

غَدَاةَ ثَوَى أَبُو جَهْلٍ صَرِيعًا

عَلَيْهِ الطَّيْرُ حَائِمَةً تَجُولُ

وَعُتْبَةُ وَابْنُهُ خَرَّا جَمِيعًا

وَشَيْبَةُ عَضَّهُ السَّيْفُ الصَّقِيلُ

ص: 488

وَمَتْرَكُنَا أُمَيَّةَ مُجْلَعِبًّا

وَفِي حَيْزُومِهِ لَدْنٌ نَبِيلُ

وَهَامَ بَنِي رَبِيعَةَ سَائِلُوهَا

فَفِي أَسْيَافِنَا مِنْهَا فُلُولُ

أَلَّا يَا هِنْدُ فَابْكِي لَا تَمَلِّي

فَأَنْتِ الْوَالِهُ الْعَبْرَى الْهَبُولُ

أَلَا يَا هِنْدُ لَا تُبْدِي شَمَاتًا

بِحَمْزَةَ إِنَّ عِزَّكُمُ ذَلِيلُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَبْكِي أَخَاهَا حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - وَهِيَ أُمُّ الزُّبَيْرِ عَمَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ:

أَسَائِلَةٌ أَصْحَابَ

أُحْدٍ مَخَافَةً

بَنَاتُ أَبِي مِنْ أَعْجَمٍ وَخَبِيرِ

فَقَالَ الْخَبِيرُ إِنَّ حَمْزَةَ قَدْ ثَوَى

وَزِيرُ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرُ وَزِيرِ

دَعَاهُ إِلَهُ الْحَقِّ ذُو الْعَرْشِ دَعْوَةً

إِلَى جَنَّةٍ يَحْيَا بِهَا وَسُرُورِ

فَذَلِكَ مَا كُنَّا نُرَجِّي وَنَرْتَجِي

لِحَمْزَةَ يَوْمَ الْحَشْرِ خَيْرَ مَصِيرِ

فَوَاللَّهِ لَا أَنْسَاكَ مَا هَبَّتِ الصَّبَا

بُكَاءً وَحُزْنًا مَحْضَرِي وَمَسِيرِي

عَلَى أَسَدِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ مِدْرَهَا

يَذُودُ عَنِ الْإِسْلَامِ كُلَّ كَفُورِ

ص: 489

.. فَيَا لَيْتَ شِلْوِي عِنْدَ ذَاكَ وَأَعْظُمِي

لَدَى أَضْبُعٍ تَعْتَادُنِي وَنُسُورِ

أَقُولُ وَقَدْ أَعْلَى النَّعِيُّ عَشِيرَتِي

جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ أَخٍ وَنَصِيرِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَتْ نُعْمُ امْرَأَةُ شَمَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ تَبْكِي زَوْجَهَا:

يَا عَيْنُ جُودِي بِفَيْضٍ غَيْرَ إِبْسَاسٍ

عَلَى كِرِيمٍ مِنَ الْفِتْيَانِ لَبَّاسِ

صَعْبِ الْبَدِيهَةِ مَيْمُونٍ نَقِيبَتُهُ

حَمَّالِ أَلْوِيَةٍ رَكَّابِ أَفْرَاسِ

أَقُولُ لَمَّا أَتَى النَّاعِي لَهُ جَزَعًا

أَوْدَى الْجَوَادُ وَأَوْدَى الْمُطْعِمُ الْكَاسِي

وَقُلْتُ لَمَّا خَلَتْ مِنْهُ مَجَالِسُهُ

لَا يُبْعِدُ اللَّهُ مِنَّا قُرْبَ شَمَّاسِ

قَالَ: فَأَجَابَهَا أَخُوهَا الْحَكَمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ يُعَزِّيهَا فَقَالَ:

اقْنَيْ حَيَاءَكِ فِي سِتْرٍ وَفِي كَرَمٍ

فَإِنَّمَا كَانَ شَمَّاسٌ مِنَ النَّاسِ

لَا تَقْتُلِي النَّفْسَ إِذْ حَانَتْ مَنِيَّتُهُ

فِي طَاعَةِ اللَّهِ يَوْمَ الرَّوْعِ وَالِبَاسِ

ص: 490

قَدْ كَانَ حَمْزَةُ لَيْثُ اللَّهِ فَاصْطَبِرِي

فَذَاقَ يَوْمَئِذٍ مِنْ كَأْسِ شَمَّاسِ

وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ رَجَعُوا مِنْ أُحُدٍ:

رَجَعْتُ وَفِي نَفْسِي بَلَابِلُ جَمَّةٌ

وَقَدْ فَاتَنِي بَعْضُ الَّذِي كَانَ مَطْلَبِي

مِنْ أَصْحَابِ

بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ

بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمْ وَمِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ

وَلَكِنَّنِي قَدْ نِلْتُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ

كَمَا كُنْتُ أَرْجُو فِي مَسِيرِي وَمَرْكَبِي

وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا أَشْعَارًا كَثِيرَةً، تَرَكْنَا كَثِيرًا مِنْهَا، خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ وَخَوْفَ الْمَلَالَةِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَقَدْ أَوْرَدَ الْأَمَوِيُّ فِي " مَغَازِيهِ " مِنَ الْأَشْعَارِ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ، وَلَا سِيَّمَا هَاهُنَا، فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ: - فَاللَّهُ أَعْلَمُ -

طَاوَعُوا الشَّيْطَانَ إِذْ أَخْزَاهُمُ

فَاسْتَبَانَ الْخِزْيُ فِيهِمْ وَالْفَشَلْ

حِينَ صَاحُوا صَيْحَةً وَاحِدَةً

مَعَ أَبِي سُفْيَانَ قَالُوا اعْلُ هُبَلْ

فَأَجَبْنَاهُمْ جَمِيعًا كُلُّنَا

رَبُّنَا الرَّحْمَنُ أَعْلَى وَأَجَلُّ

اثْبُتُوا نَسْقِيكُمُوهَا مُرَّةً

مِنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ وَالْمَوْتُ نَهَلْ

ص: 491

وَاعْلَمُوا أَنَّا إِذَا مَا نُضِّجَتْ

عَنْ حِيَالِ الْمَوْتِ قِدْرٌ تَشْتَعِلْ

وَكَأَنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ قِطْعَةٌ مِنْ جَوَابِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبَعْرَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 492