الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[غَزْوَةُ السُّوِيقِ]
ِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا، وَهِيَ غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَالْقَرْقَرَةُ: الْأَرْضُ الْمَلْسَاءُ وَالْكُدْرُ: طَيْرٌ فِي أَلْوَانِهَا كُدْرَةٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ - كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْأَنْصَارِ - حِينَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَرَجَعَ فَلُّ قُرَيْشٍ مِنْ بَدْرٍ نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا، فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ مِنْ قُرَيْشٍ لِتَبَرَّ يَمِينُهُ، فَسَلَكَ النَّجْدِيَّةَ حَتَّى نَزَلَ بِصَدْرِ قَنَاةٍ إِلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: ثَيْبٌ. مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَتَى بَنِي النَّضِيرِ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَأَتَى حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ وَخَافَهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى سَلَامِ بْنِ مِشْكَمٍ وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ، وَصَاحِبَ كَنْزِهِمْ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ، فَقَرَاهُ وَسَقَاهُ، وَبَطَنَ لَهُ مِنْ خَبَرِ
النَّاسِ، ثُمَّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالًا مَنْ قُرَيْشٍ فَأَتَوْا نَاحِيَةً مِنْهَا يُقَالُ لَهَا: الْعُرَيْضُ. فَحَرَقُوا فِي أَصْوَارٍ مِنْ نَخْلٍ بِهَا، وَوَجَدُوا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَحَلِيفًا لَهُ فِي حَرْثٍ لَهُمَا، فَقَتَلُوهُمَا وَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ، فَنَذَرَ بِهِمُ النَّاسُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِهِمْ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا لُبَابَةَ بَشِيرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَبَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا، وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، وَوَجَدَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَزْوَادًا كَثِيرَةً قَدْ أَلْقَاهَا الْمُشْرِكُونَ يَتَخَفَّفُونَ مِنْهَا وَعَامَّتُهَا سَوِيقٌ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةُ السَّوِيقِ. قَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنُطْمَعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ لَنَا غَزْوَةً؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ هَذَا، وَيَمْدَحُ سَلَامَ بْنَ مُشْكِمٍ الْيَهُودِيَّ:
وَإِنِّي تَخَيَّرْتُ الْمَدِينَةَ وَاحِدًا
…
لِحِلْفٍ فَلَمْ أَنْدَمْ وَلَمْ أَتَلَوَّمِ
سَقَانِي فَرَوَّانِي كُمَيْتًا مُدَامَةً
عَلَى عَجَلٍ مِنِّي سَلَامُ بْنُ مِشْكَمِ
…
وَلِمَا تَوَلَّى الْجَيْشُ قُلْتُ وَلَمْ أَكُنْ
لِأُفْرِحَهُ أَبْشِرْ بِغَزْوٍ وَمَغْنَمِ
…
تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْقَوْمَ سِرٌّ وَإِنَّهُمْ
صَرِيحُ لُؤَيٍّ لَا شَمَاطِيطُ جُرْهُمِ
…
وَمَا كَانَ إِلَّا بَعْضُ لَيْلَةِ رَاكِبٍ
أَتَى سَاعِيًا مِنْ غَيْرِ خَلَّةِ مُعْدِمِ