الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سَنَةُ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا كَانَتْ سَرِيَّةُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ إِلَى طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيِّ فَانْتَهَى إِلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ: قَطَنٌ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْيَرْبُوعِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ، قَالُوا: شَهِدَ أَبُو سَلَمَةَ أُحُدًا، فَجُرِحَ جُرْحًا عَلَى عَضُدِهِ، فَأَقَامَ شَهْرًا يُدَاوَى، فَلَمَّا كَانَ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ عَلَى رَأْسِ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ، دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ، فَقَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَيْهَا. وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً، وَقَالَ:
سِرْ حَتَّى تَأْتِيَ أَرْضَ بَنِي أَسَدٍ فَأَغِرْ عَلَيْهِمْ. وَأَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا وَخَرَجَ مَعَهُ فِي تِلْكَ السَّرِيَّةِ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ، فَانْتَهَى إِلَى أَدْنَى قَطَنٍ وَهُوَ مَاءٌ لِبَنِي أَسَدٍ وَكَانَ هُنَاكَ طُلَيْحَةُ الْأَسَدِيُّ وَأَخُوهُ سَلَمَةُ ابْنَا خُوَيْلِدٍ، وَقَدْ جَمَعَا حُلَفَاءَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ لِيَقْصِدُوا حَرْبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِمَا تَمَالَئُوا عَلَيْهِ، فَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا سَلَمَةَ فِي سَرِيَّتِهِ هَذِهِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى أَرْضِهِمْ، تَفَرَّقُوا وَتَرَكُوا نَعَمًا كَثِيرًا لَهُمْ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَأَخَذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو سَلَمَةَ وَأَسَرَ مِنْهُمْ مَعَهُ ثَلَاثَةَ مَمَالِيكَ، وَأَقْبَلَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَعْطَى ذَلِكَ الرَّجُلَ الْأَسَدِيَّ الَّذِي دَلَّهُمْ نَصِيبًا وَافِرًا مِنَ الْغَنَمِ، وَأَخْرَجَ صَفِيَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ; عَبْدًا، وَخَمَّسَ الْغَنِيمَةَ، وَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ الَّذِي جُرِحَ أَبِي أَبُو أُسَامَةَ الْجُشْمِيُّ فَمَكَثَ شَهْرًا يُدَاوِيهِ، فَبَرَأَ، فِيمَا نَرَى، فَلَمَّا بَرَأَ وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُحَرَّمِ - يَعْنِي مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ - إِلَى قَطَنٍ فَغَابَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَةَ انْتَقَضَ بِهِ جُرْحُهُ، فَمَاتَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى
الْأُولَى. قَالَ عُمَرُ: وَاعْتَدَّتْ أُمِّي حَتَّى خَلَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ تُزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ بِهَا فِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَانَتْ أُمِّي تَقُولُ: مَا بَأْسٌ بِالنِّكَاحِ فِي شَوَّالٍ وَالدُّخُولِ فِيهِ وَقَدْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَوَّالٍ وَأَعْرَسَ بِي فِيهِ. قَالَ: وَمَاتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
قُلْتُ: سَنَذْكُرُ فِي أَوَاخِرَ هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَوَّالِهَا تَزْوِيجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ وِلَايَةِ الِابْنِ أُمَّهُ فِي النِّكَاحِ، وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ الثِّقَةُ.