الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْلِمَيْنِ خَيْرًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَشِيرَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنْ يَسْتَشِيرَ سَلِيطَ بْنَ قَيْسٍ ; فَإِنَّهُ رَجُلٌ بَاشَرَ الْحُرُوبَ، فَسَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ، وَهُمْ سَبْعَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ كَانَ بِالْعِرَاقِ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَ خَالِدٍ إِلَى الْعِرَاقِ، فَجَهَّزَ عَشَرَةَ آلَافٍ، عَلَيْهِمْ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ، وَأَرْسَلَ عُمَرُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا فَوَاقَعَ هِرَقْرَانَ الْمَدَارَ فَقَتَلَهُ وَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، وَغَرِقَ أَكْثَرُهُمْ فِي دِجْلَةَ فَلَمَّا وَصَلَ النَّاسُ إِلَى الْعِرَاقِ وَجَدُوا الْفُرْسَ مُضْطَرِبِينَ فِي مُلْكِهِمْ، وَآخِرُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُهُمْ أَنْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بُورَانَ بِنْتَ كِسْرَى بَعْدَمَا قَتَلُوا الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا آزَرْمِيدُخْتَ، وَفَوَّضَتْ بُورَانُ أَمْرَ الْمُلْكِ عَشْرَ سِنِينَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: رُسْتُمُ بْنُ فَرُّخْزَاذَ. عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِ الْحَرْبِ، ثُمَّ يَصِيرُ الْمُلْكُ إِلَى آلِ كِسْرَى، فَقَبِلَ ذَلِكَ. وَكَانَ رُسْتُمُ هَذَا مُنَجِّمًا يَعْرِفُ النُّجُومَ وَعِلْمَهَا جَيِّدًا، فَقِيلَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ يَعْنُونَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَتِمُّ لَكَ، فَقَالَ: الطَّمَعُ وَحُبُّ الشَّرَفِ.
[وَقْعَةُ النَّمَارِقِ]
بَعَثَ رُسْتُمُ أَمِيرًا يُقَالُ لَهُ: جَابَانُ. وَعَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ رَجُلَانِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا:
جِشْنِسُ مَاهْ. وَيُقَالُ لِلْآخَرِ: مَرْدَانْ شَاهْ. وَهُوَ حَصِيُّ أَمِيرِ حَاجِبِ الْفُرْسِ، فَالْتَقَوْا مَعَ أَبِي عُبَيْدٍ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: النَّمَارِقُ. بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْقَادِسِيَّةِ، وَعَلَى الْخَيْلِ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ، فَاقْتَتَلُوا هُنَالِكَ قِتَالًا شَدِيدًا، وَهَزَمَ اللَّهُ الْفُرْسَ، وَأُسِرَ جَابَانُ وَمَرْدَانْ شَاهْ. فَأَمَّا مَرْدَانْ شَاهْ فَإِنَّهُ قَتَلَهُ الَّذِي أَسَرَهُ، وَأَمَّا جَابَانُ فَإِنَّهُ خَدَعَ الَّذِي أَسَرَهُ حَتَّى أَطْلَقَهُ، فَأَمْسَكَهُ الْمُسْلِمُونَ وَأَبَوْا أَنْ يُطْلِقُوهُ، وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا هُوَ الْأَمِيرُ. وَجَاءُوا بِهِ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ، فَقَالُوا: اقْتُلْهُ، فَإِنَّهُ الْأَمِيرُ. فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ الْأَمِيرَ، فَإِنِّي لَا أَقْتُلُهُ وَقَدْ أَمَّنَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ رَكِبَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي آثَارِ مَنِ انْهَزَمَ مِنْهُمْ، وَقَدْ لَجَأُوا إِلَى مَدِينَةِ كَسْكَرَ الَّتِي لِابْنِ خَالَةِ كِسْرَى، وَاسْمُهُ نَرْسِي، فَوَازَرَهُمْ نَرْسِي عَلَى قِتَالِ أَبِي عُبَيْدٍ، فَقَهَرَهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ، وَغَنِمَ مِنْهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا وَأَطْعِمَاتٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَبَعَثَ بِخُمُسِ مَا غَنِمَ مِنَ الْمَالِ وَالطَّعَامِ إِلَى عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ:
لَعَمْرِي وَمَا عُمْرِي عَلَيَّ بِهَيِّنٍ
…
لَقَدْ صُبِّحَتْ بِالْخِزْيِ أَهْلُ النَّمَارِقِ
بِأَيْدِي رِجَالٍ هَاجَرُوا نَحْوَ رَبِّهِمْ
…
يَجُوسُونَهُمْ مَا بَيْنَ دُرْتَا وَبَارِقِ
قَتَلْنَاهُمْ مَا بَيْنَ
مَرْجِ مُسَلِّحٍ
وَبَيْنَ
الْهَوَافِي مِنْ طَرِيقِ الْبَذَارِقِ