الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَهَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِكَ ; رَجَاءَ أَنْ تُغِيثَنِي عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ، فَلَا تُحَمِّلْنِي هَذِهِ الْمُصِيبَةَ الْيَوْمَ. قَالَ: فَكَشَفَ الرَّجُلُ عَنْ وَجْهِهِ وَقَعَدَ، وَمَا بَرِحْنَا حَتَّى أَكَلْنَا مَعَهُ.
وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، وَفِي ذِكْرِ مُعْجِزِ الطُّوفَانِ مَعَ قِصَّةِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَهَذَا السِّيَاقُ الَّذِي أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا ذَكَرَ بَعْضَهُ بِالْمَعْنَى، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَالْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرٍ الْمُرِّيِّ - أَحَدِ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ وَعُبَّادِهَا وَفِي حَدِيثِهِ لِينٌ - عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ. وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ: أَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ عَجُوزًا عَمْيَاءَ. ثُمَّ سَاقَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسٍ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ، وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَلَكِنْ فِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ وَأَنَسٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[مِنْ كَرَامَاتِ الْأَتْقِيَاءِ]
قِصَّةٌ أُخْرَى.
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ قَالَ: أَقْبَلُ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ نَفَقَ حِمَارُهُ، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي جِئْتُ
مِنَ الدَّثِينَةِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ تُحْيِي الْمَوْتَى وَتَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، لَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ مِنَّةً، أَطْلُبُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ أَنْ تَبْعَثَ حِمَارِي. فَقَامَ الْحِمَارُ يَنْفُضُ أُذُنَيْهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ كَرَامَةً لِصَاحِبِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَكَأَنَّهُ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فَذَكَرَهُ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَأَنَا رَأَيْتُ الْحِمَارَ بِيعَ أَوْ يُبَاعُ فِي الْكُنَاسَةِ. يَعْنِي بِالْكُوفَةِ، وَقَدْ أَوْرَدَهَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ قَوْمِهِ فِي ذَلِكَ:
وَمِنَّا الَّذِي أَحْيَا الْإِلَهُ حِمَارَهُ
…
وَقَدْ مَاتَ مِنْهُ كُلُّ عُضْوٍ وَمَفْصِلِ
وَأَمَّا قِصَّةُ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ وَكَلَامُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَشَهَادَتُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ بِالصِّدْقِ، فَمَشْهُورَةٌ مَرْوِيَّةٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ صَحِيحَةٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ الْكَبِيرِ ": زَيْدُ بْنُ خَارِجَةَ الْخَزْرَجِيُّ الْأَنْصَارِيُّ شَهِدَ بَدْرًا، وَتُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ، وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي " مُسْتَدْرَكِهِ " وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " دَلَائِلِهِ " وَصَحَّحَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ
الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَارِجَةَ الْأَنْصَارِيَّ، ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، تُوُفِّيَ زَمَنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسُجِّيَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ سَمِعُوا جَلْجَلَةً فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: أَحْمَدُ أَحْمَدُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ أَبُو بَكْرٍ الضَّعِيفُ فِي نَفْسِهِ، الْقَوِيُّ فِي أَمْرِ اللَّهِ، فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ، فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، صَدَقَ صَدَقَ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ، مَضَتْ أَرْبَعٌ وَبَقِيَتْ ثِنْتَانِ، أَتَتِ الْفِتَنُ وَأَكَلَ الشَّدِيدُ الضَّعِيفُ، وَقَامَتِ السَّاعَةُ، وَسَيَأْتِيكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ خَبَرُ بِئْرِ أَرِيسَ، وَمَا بِئْرُ أَرِيسَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: ثُمَّ هَلَكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي خَطْمَةَ فَسُجِّيَ بِثَوْبِهِ، فَسُمِعَ جَلْجَلَةٌ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَخَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ صَدَقَ صَدَقَ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا وَأَطْوَلَ، وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ فِي التَّكَلُّمِ بَعْدَ الْمَوْتِ، عَنْ جَمَاعَةٍ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: قَدْ ذَكَرْتُ فِي قِصَّةِ شَاةِ جَابِرٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَكْلِ الْأَلْفِ مِنْهَا وَمِنْ قَلِيلِ شَعِيرٍ، مَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْمَعْرُوفُ بِ " شَكَّرَ "
فِي كِتَابِهِ " الْغَرَائِبِ وَالْعَجَائِبِ " بِسَنَدِهِ، كَمَا سَبَقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ عِظَامَهَا، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ فَتَرَكَهَا فِي مَنْزِلِهِمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْ مُعْجِزَاتِ عِيسَى الْإِبْرَاءُ مِنَ الْجُنُونِ، وَقَدْ أَبْرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. يَعْنِي مِنْ ذَلِكَ. هَذَا آخَرُ مَا وَجَدْتُهُ مِمَّا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ. فَأَمَّا إِبْرَاءُ عِيسَى مِنَ الْجُنُونِ، فَمَا أَعْرِفُ فِيهِ نَقْلًا خَاصًّا، وَإِنَّمَا كَانَ يُبَرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَالظَّاهِرُ: وَمِنْ جَمِيعِ الْعَاهَاتِ وَالْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ.
وَأَمَّا إِبْرَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجُنُونِ، فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ بِهِ لَمَمٌ، مَا رَأَيْتُ لَمَمًا أَشَدَّ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنِي هَذَا كَمَا تَرَى أَصَابَهُ بَلَاءٌ، وَأَصَابَنَا مِنْهُ بَلَاءٌ، يُؤْخَذُ فِي الْيَوْمِ مَا أَدْرِي كَمْ مَرَّةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَاوِلِينِيهِ ". فَرَفَعَتْهُ إِلَيْهِ فَجَعَلَتْهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاسِطَةِ الرَّحْلِ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ وَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثًا، وَقَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، اخْسَأْ عَدُوَّ اللَّهِ ". ثُمَّ نَاوَلَهَا إِيَّاهُ. فَذَكَرَتْ أَنَّهُ بَرَأَ مِنْ سَاعَتِهِ وَمَا رَابَهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ» .
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِوَلَدِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِهِ لَمَمًا، وَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ عِنْدَ طَعَامِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا طَعَامَنَا. قَالَ: فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ، وَدَعَا لَهُ، فَثَعَّ ثَعَّةً، فَخَرَجَ مِنْهُ مِثْلُ الْجَرْوِ الْأَسْوَدِ يَسْعَى» . غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفَرْقَدٌ فِيهِ كَلَامٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ، لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ لَهُ شَاهِدٌ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ فَرْقَدٍ أَيْضًا، عَنْ سَعِيدٍ، «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْخَبِيثَ قَدْ غَلَبَنِي. فَقَالَ لَهَا:" إِنْ تَصْبِرِي عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ تَجِيئِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ عَلَيْكِ ذُنُوبٌ، وَلَا حِسَابٌ ". فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَصْبِرَنَّ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ. ثُمَّ قَالَتْ: إِنِّي أَخَافُ الْخَبِيثَ أَنْ يُجَرِّدَنِي. فَدَعَا لَهَا، وَكَانَتْ إِذَا خَشِيَتْ أَنْ يَأْتِيَهَا تَأْتِي أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ فَتَعَلَّقُ بِهَا، وَتَقُولُ لَهُ: اخْسَأْ. فَيَذْهَبُ عَنْهَا» .
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَرْقَدًا قَدْ حَفِظَ، فَإِنَّ هَذَا لَهُ شَاهَدٌ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ " مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: «قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا
أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: هَذِهِ السَّوْدَاءُ، أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَأَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي. قَالَ:" إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ". قَالَتْ: لَا، بَلْ أَصْبِرُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ. قَالَ: فَدَعَا لَهَا فَكَانَتْ لَا تَنْكَشِفُ» .
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا مَخْلَدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ، امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ، عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ. وَذَكَرَ الْحَافِظُ بْنُ الْأَثِيرِ فِي كِتَابِهِ " الْغَابَةِ فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ " أَنَّ أُمَّ زُفَرَ هَذِهِ كَانَتْ مَاشِطَةً لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَأَنَّهَا عُمِّرَتْ حَتَّى رَآهَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا إِبْرَاءُ عِيسَى الْأَكْمَهَ، وَهُوَ الَّذِي يُولَدُ أَعْمَى، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ فِي النَّهَارِ وَيُبْصِرُ فِي اللَّيْلِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي " التَّفْسِيرِ " وَالْأَبْرَصُ الَّذِي بِهِ بَهَقٌ، فَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ عَيْنَ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ إِلَى مَوْضِعِهَا بَعْدَ مَا سَالَتْ عَلَى خَدِّهِ، فَأَخَذَهَا فِي " يَدِهِ الْكَرِيمَةِ " وَأَعَادَهَا إِلَى مَقَرِّهَا فَاسْتَمَرَّتْ بِجِمَالِهَا وَبَصَرِهَا، وَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ، رضي الله عنه، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي " السِّيرَةِ " وَغَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ بَسَطْنَاهُ ثَمَّ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَقَدْ دَخَلَ بَعْضُ وَلَدِهِ، وَهُوَ