المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[إخباره صلى الله عليه وسلم عن وقعة الحرة] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٩

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانَاتِ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

- ‌[مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِىِّ]

- ‌[سُجُودُ الْغَنَمِ لَهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قِصَّةُ الذِّئْبِ وَشَهَادَتُهُ بِالرِّسَالَةِ]

- ‌[الْوَحْشُ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قِصَّةُ الْأَسَدِ]

- ‌[حَدِيثُ الْغَزَالَةِ]

- ‌[حَدِيثُ الضَّبِّ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ النَّكَارَةِ وَالْغَرَابَةِ]

- ‌[حَدِيثُ الْحِمَارِ]

- ‌[حَدِيثُ الْحُمَّرَةِ وَهِيَ طَائِرٌ مَشْهُورٌ]

- ‌[كَرَامَةٌ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ]

- ‌[كَرَامَةٌ لِوَلِيٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ]

- ‌[قِصَّةُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ]

- ‌[قِصَّةُ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ، وَكَلَامُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ]

- ‌[بَابٌ فِي كَلَامِ الْأَمْوَاتِ وَعَجَائِبِهِمْ]

- ‌[الصَّبِيُّ الَّذِي كَانَ يُصْرَعُ فَدَعَا لَهُ عليه السلام، فَبَرَأَ]

- ‌[دُعَاؤُهُ عليه الصلاة والسلام عَلَى بَعْضِ النَّاسِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجَابَ فِيهَا بِمَا يُطَابِقُ الْحَقَّ]

- ‌[مُطَابَقَةُ قَوْلِ النَّبِيِّ لِمَا تَشْهَدُ بِهِ الْكُتُبُ السَّابِقَةُ]

- ‌[دَعْوَةُ النَّصَارَى إِلَى الْمُبَاهَلَةِ]

- ‌[اعْتِرَافُ الْيَهُودِ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[اشْتِمَالُ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى بِشَارَةِ النَّبِيِّ]

- ‌[جَوَابُهُ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ سَأَلَ عَمَّا سَأَلَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ]

- ‌[مَا أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَائِنَاتِ الْمُسْتَقْبِلَةِ فِي حَيَّاتِهِ وَبَعْدِهِ]

- ‌[إِخْبَارٌ بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمُسْتَقْبَلَةِ]

- ‌[الْإِخْبَارُ بِغُيُوبٍ مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبِلَةٍ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْإِخْبَارِ بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبِلَةِ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَا سَيَقَعُ مِنَ الْفِتَنِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْفِتَنِ الْوَاقِعَةِ فَى خِلَافَةِ عُثْمَانَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ خُرُوجِ الْخَوَارِجِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَقْتَلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَسِيَادَتُهُ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ غَزَاةِ الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُصَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ غَزْوَةِ الْهِنْدِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ]

- ‌[خَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَوْتِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَقْتَلِ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ]

- ‌[خَبَرُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ عليه الصلاة والسلام بِمَا وَقَعَ مِنَ الْفِتَنِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ عليه الصلاة والسلام بِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ]

- ‌[مِنْ مُعْجِزَةِ رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَجَّاجِ فَتَى ثَقِيفٍ]

- ‌[الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ إِلَى دَوْلَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ]

- ‌[مَدْحُ النَّبِيِّ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ وَذَمُّهُ لِغَيْلَانَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعِلْمِهِ]

- ‌[ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِانْخِرَامِ قَرْنِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ خُلَفَاءَ بَنِي أُمَيَّةَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمُورٍ وَقَعَتْ فِي دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشَّافِعِيِّ]

- ‌[مُعْجِزَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُمَاثِلَةٌ لِمُعْجِزَاتِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ]

- ‌[مِنْ أَعْظَمِ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ]

- ‌[الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ نُوحٌ عليه السلام]

- ‌[خَبَرُ أَوَّلِ مَنِ اقْتَحَمَ دِجْلَةَ]

- ‌[خَبَرُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ لَمَّا جَاءَ إِلَى دِجْلَةَ]

- ‌[مَا أُوتِيَ هُودٌ عليه السلام]

- ‌[الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ صَالِحٌ عليه السلام]

- ‌[مِنْ مُعْجِزَاتِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السلام]

- ‌[مِنْ آيَاتِ مُوسَى عليه السلام]

- ‌[أُعْطِيَ إِدْرِيسُ عليه السلام الرِّفْعَةَ]

- ‌[مَا أُوتِيَ دَاوُدُ عليه السلام]

- ‌[مَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليه السلام مِنَ الْمُعْجِزَاتِ]

- ‌[خَصَائِصُ وَمُعْجِزَاتُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام]

- ‌[مِنْ كَرَامَاتِ الْأَتْقِيَاءِ]

- ‌[الْأَعْمَى الَّذِي رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ بِدُعَاءِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فِي الزَّمَانِ وَوَفَيَاتُ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مُبَايَعَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ]

- ‌[خِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ]

- ‌[أَبُو بَكْرٍ يُنْفِذُ جَيْشَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ]

- ‌[مَقْتَلُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ]

- ‌[صِفَةُ خُرُوجِهِ وَتَمْلِيكِهِ وَمَقْتَلِهِ]

- ‌[خُرُوجُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ]

- ‌[تَصَدِّي الصِّدِّيقِ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ]

- ‌[خُرُوجُ أَبِي بَكْرٍ إِلَى ذِي الْقَصَّةِ]

- ‌[مَسِيرَةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ]

- ‌[قِتَالُ خَالِدٍ فِي بُزَاخَةَ]

- ‌[أَبُو بَكْرٍ يَقْتُلُ الْفُجَاءَةَ]

- ‌[سَجَاحِ بِنْتُ الْحَارِثِ تَدَّعِي النُّبُوَّةَ]

- ‌[خَبَرُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ الْيَرْبُوعِيِّ التَّمِيمِيِّ]

- ‌[مَقْتَلُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ لَعَنَهُ اللَّهُ]

- ‌[رِدَّةُ أَهْلِ الْبَحْرِينِ]

- ‌[رِدَّةُ أَهْلِ عُمَانَ]

- ‌[مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ]

- ‌[سَنَةُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[جُيُوشُ الصِّدِّيقِ وَأُمَرَاؤُهُ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ]

- ‌[بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الْعِرَاقِ]

- ‌[خَالِدٌ يُحَاصِرُ الْخَوَرْنَقَ وَالسَّدِيرَ وَالنَّجَفَ]

- ‌[غَزْوَةُ ذَاتِ الْعُيُونِ]

- ‌[وَقْعَةُ عَيْنِ التَّمْرِ]

- ‌[خَبَرُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ]

- ‌[وَقْعَتَيِ الْحُصَيْدِ وَالْمُصَيَّخِ]

- ‌[وَقْعَةُ الْفِرَاضِ]

- ‌[مَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[وَفَيَاتُ الْأَعْيَانِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ]

- ‌[سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[وَقْعَةُ الْيَرْمُوكِ]

- ‌[انْتِقَالُ إِمْرَةِ الشَّامِ مِنْ خَالِدٍ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ]

- ‌[وَقْعَةٌ جَرَتْ بِالْعِرَاقِ بَعْدَ مَجِيءِ خَالِدٍ إِلَى الشَّامِ]

- ‌[خِلَافَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ]

- ‌[بِدَايَةُ خِلَافَتِهِ رضي الله عنه]

- ‌[فَتْحُ دِمَشْقَ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ إِلَى أَهْلِ دِمَشْقَ]

- ‌[دِمَشْقُ هَلْ فُتِحَتْ صُلْحًا أَوْ عَنْوَةً]

- ‌[فَتْحُ الْبِقَاعِ]

- ‌[وَقْعَةُ فِحْلٍ]

- ‌[مَا وَقَعَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ]

- ‌[وَقْعَةُ النَّمَارِقِ]

- ‌[وَقْعَةُ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ]

- ‌[وَقْعَةُ الْبُوَيْبِ الَّتِي اقْتَصَّ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْفُرْسِ]

- ‌[بَعْثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى الْعِرَاقِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الْفُرْسِ عَلَى يَزْدَجِرْدَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَعْنِي سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْحَوَادِثِ]

- ‌[الْمُتَوَفَّوْنَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْقَادِسِيَّةُ]

- ‌[تَجْهِيزُ رُسْتُمَ لِلْخُرُوجِ لِسَعْدٍ]

- ‌[سَعْدٌ يَمْرَضُ فِي الْقَادِسِيَّةِ]

- ‌[مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذَا الْعَامِ مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[وَقْعَةُ حِمْصَ الْأُولَى]

- ‌[وَقْعَةُ قِنَّسْرِينَ]

- ‌[وَقْعَةُ قَيْسَارِيَّةَ]

- ‌[وَقْعَةُ أَجْنَادِينَ]

- ‌فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌[وَقْعَةُ بَهُرَسِيرَ]

الفصل: ‌[إخباره صلى الله عليه وسلم عن وقعة الحرة]

مَاذَا تَقُولُونَ إِنْ قَالَ النَّبِيُّ لَكُمْ

مَاذَا فَعَلْتُمْ وَأَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ

بِعِتْرَتِي وَبِأَهْلِي بَعْدَ مُفْتَقَدِي

مِنْهُمْ أُسَارَى وَقَتْلَى ضُرِّجُوا بِدَمِ

مَا كَانَ هَذَا جَزَائِي إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ

أَنْ تَخْلُفُونِي بِشَرٍّ فِي ذَوِي رَحِمِي

وَسَنُورِدُ هَذَا مُفَصَّلًا فِي مَوْضِعِهِ إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ، وَقَدْ رَثَاهُ النَّاسُ بِمَرَاثٍ كَثِيرَةٍ، وَمِنْ أَحْسَنِ ذَلِكَ مَا أَوْرَدَهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ:

جَاءُوا بِرَأْسِكَ يَا ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ

مُتَزَمِّلًا بِدِمَائِهِ تَزْمِيلَا

فَكَأَنَّمَا بِكَ يَا ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ

قَتَلُوا جِهَارًا عَامِدِينَ رَسُولَا

قَتَلُوكَ عَطْشَانًا وَلَمْ يَتَرَقَّبُوا

فِي قَتْلِكَ التَّنْزِيلَ وَالتَّأْوِيلَا

وَيُكَبِّرُونَ بِأَنْ قُتِلْتَ وَإِنَّمَا

قَتَلُوا بِكَ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَا

[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ]

ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ يَزِيدَ أَيْضًا

قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنِي ابْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ الْمُعَاوِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي سَفَرٍ مِنْ أَسْفَارِهِ، فَلَمَّا مَرَّ بِحَرَّةِ زُهْرَةَ وَقَفَ فَاسْتَرْجَعَ، فَسَاءَ ذَلِكَ مَنْ مَعَهُ، وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ سَفَرِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،

ص: 243

مَا الَّذِي رَأَيْتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ سَفَرِكُمْ هَذَا ". قَالُوا: فَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " يُقْتَلُ بِهَذِهِ الْحَرَّةِ خِيَارُ أُمَّتِي بَعْدَ أَصْحَابِي» . هَذَا مُرْسَلٌ.

وَقَدْ قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: قَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: قَالَتْ جُوَيْرِيَةُ: حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا} [الأحزاب: 14] . قَالَ: لَأَعْطَوْهَا. يَعْنِي إِدْخَالَ بَنِي حَارِثَةَ أَهْلَ الشَّامِ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَفْسِيرُ الصَّحَابِيِّ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ.

وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي كِتَابِ " الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ ": حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنِ النَّاسُ قُتِلُوا حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ، كَيْفَ أَنْتِ صَانِعٌ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " تَدْخُلُ بَيْتَكَ ". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ أَتَى عَلَيَّ؟ قَالَ: " تَأْتِي مَنْ أَنْتَ مِنْهُ ". قَالَ: قُلْتُ: وَأَحْمِلُ السِّلَاحَ؟ قَالَ: " إِذًا تُشْرَكَ مَعَهُمْ ". قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " إِنْ خِفْتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ طَائِفَةً مِنْ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ» وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي

ص: 244

" مُسْنَدِهِ " عَنْ مَرْحُومٍ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا.

قُلْتُ: وَكَانَ سَبَبُ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ أَنَّ وَفْدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَدِمُوا عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِدِمَشْقَ، فَأَكْرَمَهُمْ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُمْ، وَأَطْلَقَ لِأَمِيرِهِمْ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا لِأَهْلِيهِمْ عَنْ يَزِيدَ مَا كَانَ يَقَعُ مِنْهُ مِنَ الْقَبَائِحِ فِي شُرْبِهِ الْخَمْرَ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَاحِشِ الَّتِي مِنْ أَكْبَرِهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِسَبَبِ السُّكْرِ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى خَلْعِهِ، فَخَلَعُوهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ النَّبَوِيِّ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ سَرِيَّةً يَقْدُمُهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ. وَإِنَّمَا يُسَمِّيهِ السَّلَفُ مُسْرِفَ بْنَ عُقْبَةَ، فَلَمَّا وَرَدَ الْمَدِينَةَ اسْتَبَاحَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَتَلَ فِي غُبُونِ هَذِهِ الْأَيَّامَ بَشَرًا كَثِيرًا حَتَّى كَادَ لَا يَفْلِتُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَزَعَمَ بَعْضُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ أَنَّهُ افْتَضَّ فِي غُبُونِ ذَلِكَ أَلْفَ بِكْرٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ. حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ فِيهِمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمَازِنِيُّ، وَمَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ،

ص: 245

وَمُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَارِئُ، وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ.

قَالَ يَعْقُوبُ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: وَكَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.

ثُمَّ انْبَعَثَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَى مَكَّةَ قَاصِدًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ لِيَقْتُلَهُ بِهَا; لِأَنَّهُ فَرَّ مِنْ بَيْعَةِ يَزِيدَ، فَمَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي غُبُونِ ذَلِكَ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْخِلَافَةِ بِالْحِجَازِ، ثُمَّ أَخَذَ الْعِرَاقَ وَمِصْرَ، وَبُويِعَ بَعْدَ يَزِيدَ لِابْنِهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ; مَكَثَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ: عِشْرِينَ يَوْمًا. ثُمَّ مَاتَ، رحمه الله، فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَلَى الشَّامِ فَأَخْذَهَا، فَبَقِيَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ مَاتَ، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، فَنَازَعَهُ فِيهَا عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَشْدَقِ، وَكَانَ نَائِبًا عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ زَمَنِ مُعَاوِيَةَ وَأَيَّامِ يَزِيدَ، وَمَرْوَانَ، فَلَمَّا هَلَكَ مَرْوَانُ زَعَمَ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَضَاقَ بِهِ ذَرْعًا، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَخَذَهُ بَعْدَ مَا اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ بِدِمَشْقَ، فَقَتَلَهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وَيُقَالُ: فِي سَنَةِ سَبْعِينَ. وَاسْتَمَرَّتْ أَيَّامُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَتَّى ظَفِرَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَمْرِهِ بِمَكَّةَ، بَعْدَ مُحَاصَرَةٍ طَوِيلَةٍ اقْتَضَتْ أَنْ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى الْكَعْبَةِ; مِنْ أَجْلِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ، ثُمَّ عَهِدَ فِي الْأَمْرِ إِلَى بَنِيهِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ بَعْدِهِ; الْوَلِيدِ، ثُمَّ سُلَيْمَانَ، ثُمَّ يَزِيدَ، ثُمَّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثَنَا كَامِلٌ

ص: 246

أَبُو الْعَلَاءِ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ - وَهُوَ مَوْلَى ضُبَاعَةَ - الْمُؤَذِّنَ، وَاسْمُهُ مِينَاءُ قَالَ:«سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ ". وَقَالَ: " لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَصِيرَ لِلُكَعِ ابْنِ لُكَعٍ ". وَقَالَ الْأَسْوَدُ: يَعْنِي اللَّئِيمَ ابْنَ اللَّئِيمِ» . وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ كَامِلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " عُمُرُ أُمَّتِي مِنْ سِتِّينَ إِلَى سَبْعِينَ سَنَةً» . ثُمَّ قَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَفَّانَ وَعَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَيَرْتَقِيَنَّ - وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ فِي رِوَايَتِهِ: لَيَرْعُفَنَّ - جَبَّارٌ مِنْ جَبَابِرَةِ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا» . زَادَ عَبْدُ الصَّمَدِ: " يَسِيلُ رُعَافُهُ ". قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى عَمْرَو بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ رَعُفَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى سَالَ رُعَافُهُ. قُلْتُ: عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ فِي رِوَايَتِهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ، وَفِيهِ تَشَيُّعٌ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ هَذَا يُقَالُ لَهُ: الْأَشْدَقُ. كَانَ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ

ص: 247

وَأَشْرَافِهِمْ رَأَى النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ عُثْمَانَ فِي فَضْلِ الطَّهُورِ، وَكَانَ نَائِبًا عَلَى الْمَدِينَةِ لِمُعَاوِيَةَ وَلِابْنِهِ يَزِيدَ بَعْدَهُ، ثُمَّ اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ حَتَّى كَانَ يُصَاوِلُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، ثُمَّ خَدَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ، فَقَتَلَهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، أَوْ سَنَةِ سَبْعِينَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْمَكَارِمِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ، مِنْ أَحْسَنِهَا أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَاهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِبَنِيهِ، وَكَانُوا ثَلَاثَةً; عَمْرٌو هَذَا، وَأُمَيَّةُ، وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ يَتَحَمَّلُ مَا عَلَيَّ؟ فَبَدَرَ ابْنُهُ عَمْرٌو هَذَا وَقَالَ: أَنَا يَا أَبَهْ، وَمَا عَلَيْكَ؟ قَالَ: ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَخَوَاتُكَ لَا تُزَوِّجْهُنَّ إِلَّا بِالْأَكْفَاءِ وَلَوْ أَكَلْنَ خُبْزَ الشَّعِيرِ. قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَأَصْحَابِي مِنْ بَعْدِي، إِنْ فَقَدُوا وَجْهِي فَلَا يَفْقِدُوا مَعْرُوفِي. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ فَلَقَدْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ مِنْ حَمَالِيقِ وَجْهِكَ وَأَنْتَ فِي مَهْدِكَ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ

ص: 248