المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مقتل مسيلمة الكذاب لعنه الله] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ٩

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانَاتِ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ]

- ‌[مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِىِّ]

- ‌[سُجُودُ الْغَنَمِ لَهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قِصَّةُ الذِّئْبِ وَشَهَادَتُهُ بِالرِّسَالَةِ]

- ‌[الْوَحْشُ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قِصَّةُ الْأَسَدِ]

- ‌[حَدِيثُ الْغَزَالَةِ]

- ‌[حَدِيثُ الضَّبِّ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ النَّكَارَةِ وَالْغَرَابَةِ]

- ‌[حَدِيثُ الْحِمَارِ]

- ‌[حَدِيثُ الْحُمَّرَةِ وَهِيَ طَائِرٌ مَشْهُورٌ]

- ‌[كَرَامَةٌ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ]

- ‌[كَرَامَةٌ لِوَلِيٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ]

- ‌[قِصَّةُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ]

- ‌[قِصَّةُ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ، وَكَلَامُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ]

- ‌[بَابٌ فِي كَلَامِ الْأَمْوَاتِ وَعَجَائِبِهِمْ]

- ‌[الصَّبِيُّ الَّذِي كَانَ يُصْرَعُ فَدَعَا لَهُ عليه السلام، فَبَرَأَ]

- ‌[دُعَاؤُهُ عليه الصلاة والسلام عَلَى بَعْضِ النَّاسِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجَابَ فِيهَا بِمَا يُطَابِقُ الْحَقَّ]

- ‌[مُطَابَقَةُ قَوْلِ النَّبِيِّ لِمَا تَشْهَدُ بِهِ الْكُتُبُ السَّابِقَةُ]

- ‌[دَعْوَةُ النَّصَارَى إِلَى الْمُبَاهَلَةِ]

- ‌[اعْتِرَافُ الْيَهُودِ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[اشْتِمَالُ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى بِشَارَةِ النَّبِيِّ]

- ‌[جَوَابُهُ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ سَأَلَ عَمَّا سَأَلَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ]

- ‌[مَا أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَائِنَاتِ الْمُسْتَقْبِلَةِ فِي حَيَّاتِهِ وَبَعْدِهِ]

- ‌[إِخْبَارٌ بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمُسْتَقْبَلَةِ]

- ‌[الْإِخْبَارُ بِغُيُوبٍ مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبِلَةٍ]

- ‌[تَرْتِيبُ الْإِخْبَارِ بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبِلَةِ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَا سَيَقَعُ مِنَ الْفِتَنِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْفِتَنِ الْوَاقِعَةِ فَى خِلَافَةِ عُثْمَانَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ خُرُوجِ الْخَوَارِجِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَقْتَلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَسِيَادَتُهُ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ غَزَاةِ الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُصَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ غَزْوَةِ الْهِنْدِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ]

- ‌[خَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَوْتِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَقْتَلِ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ]

- ‌[خَبَرُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ عليه الصلاة والسلام بِمَا وَقَعَ مِنَ الْفِتَنِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ عليه الصلاة والسلام بِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ]

- ‌[مِنْ مُعْجِزَةِ رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَجَّاجِ فَتَى ثَقِيفٍ]

- ‌[الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ إِلَى دَوْلَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ]

- ‌[مَدْحُ النَّبِيِّ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ وَذَمُّهُ لِغَيْلَانَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعِلْمِهِ]

- ‌[ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِانْخِرَامِ قَرْنِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ خُلَفَاءَ بَنِي أُمَيَّةَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُمُورٍ وَقَعَتْ فِي دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ]

- ‌[إِخْبَارُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشَّافِعِيِّ]

- ‌[مُعْجِزَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُمَاثِلَةٌ لِمُعْجِزَاتِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ]

- ‌[مِنْ أَعْظَمِ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ]

- ‌[الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ نُوحٌ عليه السلام]

- ‌[خَبَرُ أَوَّلِ مَنِ اقْتَحَمَ دِجْلَةَ]

- ‌[خَبَرُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ لَمَّا جَاءَ إِلَى دِجْلَةَ]

- ‌[مَا أُوتِيَ هُودٌ عليه السلام]

- ‌[الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ صَالِحٌ عليه السلام]

- ‌[مِنْ مُعْجِزَاتِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السلام]

- ‌[مِنْ آيَاتِ مُوسَى عليه السلام]

- ‌[أُعْطِيَ إِدْرِيسُ عليه السلام الرِّفْعَةَ]

- ‌[مَا أُوتِيَ دَاوُدُ عليه السلام]

- ‌[مَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليه السلام مِنَ الْمُعْجِزَاتِ]

- ‌[خَصَائِصُ وَمُعْجِزَاتُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام]

- ‌[مِنْ كَرَامَاتِ الْأَتْقِيَاءِ]

- ‌[الْأَعْمَى الَّذِي رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ بِدُعَاءِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فِي الزَّمَانِ وَوَفَيَاتُ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مُبَايَعَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ]

- ‌[خِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ]

- ‌[أَبُو بَكْرٍ يُنْفِذُ جَيْشَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ]

- ‌[مَقْتَلُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ]

- ‌[صِفَةُ خُرُوجِهِ وَتَمْلِيكِهِ وَمَقْتَلِهِ]

- ‌[خُرُوجُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ]

- ‌[تَصَدِّي الصِّدِّيقِ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ]

- ‌[خُرُوجُ أَبِي بَكْرٍ إِلَى ذِي الْقَصَّةِ]

- ‌[مَسِيرَةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ]

- ‌[قِتَالُ خَالِدٍ فِي بُزَاخَةَ]

- ‌[أَبُو بَكْرٍ يَقْتُلُ الْفُجَاءَةَ]

- ‌[سَجَاحِ بِنْتُ الْحَارِثِ تَدَّعِي النُّبُوَّةَ]

- ‌[خَبَرُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ الْيَرْبُوعِيِّ التَّمِيمِيِّ]

- ‌[مَقْتَلُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ لَعَنَهُ اللَّهُ]

- ‌[رِدَّةُ أَهْلِ الْبَحْرِينِ]

- ‌[رِدَّةُ أَهْلِ عُمَانَ]

- ‌[مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ]

- ‌[سَنَةُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[جُيُوشُ الصِّدِّيقِ وَأُمَرَاؤُهُ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ]

- ‌[بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الْعِرَاقِ]

- ‌[خَالِدٌ يُحَاصِرُ الْخَوَرْنَقَ وَالسَّدِيرَ وَالنَّجَفَ]

- ‌[غَزْوَةُ ذَاتِ الْعُيُونِ]

- ‌[وَقْعَةُ عَيْنِ التَّمْرِ]

- ‌[خَبَرُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ]

- ‌[وَقْعَتَيِ الْحُصَيْدِ وَالْمُصَيَّخِ]

- ‌[وَقْعَةُ الْفِرَاضِ]

- ‌[مَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[وَفَيَاتُ الْأَعْيَانِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ]

- ‌[سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[وَقْعَةُ الْيَرْمُوكِ]

- ‌[انْتِقَالُ إِمْرَةِ الشَّامِ مِنْ خَالِدٍ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ]

- ‌[وَقْعَةٌ جَرَتْ بِالْعِرَاقِ بَعْدَ مَجِيءِ خَالِدٍ إِلَى الشَّامِ]

- ‌[خِلَافَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ]

- ‌[بِدَايَةُ خِلَافَتِهِ رضي الله عنه]

- ‌[فَتْحُ دِمَشْقَ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ إِلَى أَهْلِ دِمَشْقَ]

- ‌[دِمَشْقُ هَلْ فُتِحَتْ صُلْحًا أَوْ عَنْوَةً]

- ‌[فَتْحُ الْبِقَاعِ]

- ‌[وَقْعَةُ فِحْلٍ]

- ‌[مَا وَقَعَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ]

- ‌[وَقْعَةُ النَّمَارِقِ]

- ‌[وَقْعَةُ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ]

- ‌[وَقْعَةُ الْبُوَيْبِ الَّتِي اقْتَصَّ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْفُرْسِ]

- ‌[بَعْثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى الْعِرَاقِ]

- ‌[اجْتِمَاعُ الْفُرْسِ عَلَى يَزْدَجِرْدَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَعْنِي سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْحَوَادِثِ]

- ‌[الْمُتَوَفَّوْنَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[سَنَةُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[غَزْوَةُ الْقَادِسِيَّةُ]

- ‌[تَجْهِيزُ رُسْتُمَ لِلْخُرُوجِ لِسَعْدٍ]

- ‌[سَعْدٌ يَمْرَضُ فِي الْقَادِسِيَّةِ]

- ‌[مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذَا الْعَامِ مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[وَقْعَةُ حِمْصَ الْأُولَى]

- ‌[وَقْعَةُ قِنَّسْرِينَ]

- ‌[وَقْعَةُ قَيْسَارِيَّةَ]

- ‌[وَقْعَةُ أَجْنَادِينَ]

- ‌فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌[وَقْعَةُ بَهُرَسِيرَ]

الفصل: ‌[مقتل مسيلمة الكذاب لعنه الله]

إِلَّا أَنَّ رَأْيَ الصِّدِّيقِ فِيهِ كَرَأْيِ عُمَرَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَعَذَرَهُ وَتَجَاوَزَ عَنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ، وَوَدَى مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَعُمَرُ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ خَالِدٌ: هَلُمَّ إِلَيَّ يَا ابْنَ أُمِّ شَمْلَةَ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَعَرَفَ أَنَّ الصِّدِّيقَ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ. وَاسْتَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ بِخَالِدٍ عَلَى الْإِمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدِ اجْتَهَدَ فِي قَتْلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وَأَخْطَأَ فِي قَتْلِهِ، كَمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَقَتَلَ أُولَئِكَ الْأُسَارَى الَّذِينَ قَالُوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا. وَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا. فَوَدَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَدَّ إِلَيْهِمْ مِيلَغَةَ الْكَلْبِ، وَرَفْعَ يَدَيْهِ وَقَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» . وَمَعَ هَذَا لَمْ يَعْزِلْ خَالِدًا عَنِ الْإِمْرَةِ.

[مَقْتَلُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ لَعَنَهُ اللَّهُ]

ُ وَأَخْزَاهُ.

لَمَّا رَضِيَ الصِّدِّيقُ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَذَرَهُ بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ، بَعَثَهُ إِلَى قِتَالِ بَنِي حَنِيفَةَ بِالْيَمَامَةِ، وَأَوْعَبَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَعَلَى الْأَنْصَارِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَسَارَ لَا يَمُرُّ بِأَحَدٍ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ إِلَّا نَكَّلَ بِهِمْ، وَقَدِ اجْتَازَ بِخُيُولٍ لِأَصْحَابِ سَجَاحِ فَشَرَّدَهُمْ، وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَرْدَفَ الصِّدِّيقُ خَالِدًا بِسَرِيَّةٍ ; لِتَكُونَ رِدْءًا لَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَدْ كَانَ بَعَثَ قَبْلَهُ إِلَى مُسَيْلِمَةَ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهِلٍ، وَشُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ، فَلَمْ يُقَاوِمَا بَنِي حَنِيفَةَ ; لِأَنَّهُمْ فِي نَحْوٍ مِنْ

ص: 465

أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، فَعَجِلَ عِكْرِمَةُ قَبْلَ مَجِيءِ صَاحِبِهِ شُرَحْبِيلَ، فَنَاجَزَهُمْ فَنُكِبَ، فَانْتَظَرَ خَالِدًا، فَلَمَّا سَمِعَ مُسَيْلِمَةُ بِقُدُومِ خَالِدٍ، عَسْكَرَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: عَقْرَبَاءُ. فِي طَرَفِ الْيَمَامَةِ، وَالرِّيفُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَنَدَبَ لَهُ النَّاسَ وَحَثَّهُمْ، فَحَشَدَ لَهُ أَهْلَ الْيَمَامَةِ، وَجَعَلَ عَلَى مُجَنِّبَتَيْ جَيْشِهِ الْمُحْكَمَ بْنَ الطُّفَيْلِ، وَالرَّجَّالَ بْنَ عُنْفُوَةَ بْنِ نَهْشَلٍ، وَكَانَ الرَّجَّالُ هَذَا صَدِيقُهُ الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ مَعَهُ مُسَيْلِمَةَ بْنَ حَبِيبٍ فِي الْأَمْرِ، فَكَانَ هَذَا الْمَلْعُونُ مِنْ أَكْبَرِ مَا أَضَلَّ أَهْلَ الْيَمَامَةِ، حَتَّى اتَّبَعُوا مُسَيْلِمَةَ، لَعَنَهُمَا اللَّهُ، وَقَدْ كَانَ الرَّجَّالُ هَذَا قَدْ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَرَأَ " الْبَقَرَةَ " وَجَاءَ زَمَنَ الرِّدَّةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَبَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ الْيَمَامَةِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيُثَبِّتُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَارْتَدَّ مَعَ مُسَيْلِمَةَ وَشَهِدَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ.

قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ، مَعَنَا الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ، فَقَالَ:«إِنْ فِيكُمْ لَرَجُلًا ضِرْسُهُ فِي النَّارِ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ» . فَهَلَكَ الْقَوْمُ وَبَقِيتُ أَنَا وَالرَّجَّالُ، وَكُنْتُ مُتَخَوِّفًا لَهَا، حَتَّى خَرَجَ الرَّجَّالُ مَعَ مُسَيْلِمَةَ وَشَهِدَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ، فَكَانَتْ فِتْنَةُ الرَّجَّالِ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ مُسَيْلِمَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شَيْخٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَاقْتَرَبَ خَالِدٌ وَقَدْ جَعَلَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ شُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ وَعَلَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ زَيْدًا وَأَبَا حُذَيْفَةَ، وَقَدْ مَرَّتِ الْمُقَدِّمَةُ فِي اللَّيْلِ بِنَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: سِتِّينَ

ص: 466

فَارِسًا، عَلَيْهِمْ مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ، وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ لِأَخْذِ ثَأْرٍ لَهُ فِي بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَامِرٍ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى قَوْمِهِ، فَأَخَذُوهُمْ فَلَمَّا جِيءَ بِهِمْ إِلَى خَالِدٍ، سَأَلَهُمْ عَنْ خَبَرِهِمْ فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ، وَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ كُلِّهِمْ سِوَى مُجَّاعَةَ فَإِنَّهُ اسْتَبْقَاهُ مُقَيَّدًا عِنْدَهُ ; لِعِلْمِهِ بِالْحَرْبِ وَالْمَكِيدَةِ، وَكَانَ سَيِّدًا فِي بَنِي حَنِيفَةَ شَرِيفًا مُطَاعًا. وَيُقَالُ: إِنَّ خَالِدًا لَمَّا عُرِضُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: مَاذَا تَقُولُونَ يَا بَنِي حَنِيفَةَ؟ قَالُوا: نَقُولُ: مِنَّا نَبِيٌّ وَمِنْكُمْ نَبِيٌّ. فَقَتَلَهُمْ إِلَّا وَاحِدًا اسْمُهُ سَارِيَةُ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ غَدًا بِعُدُولِ هَؤُلَاءِ خَيْرًا أَوْ شَرًّا فَاسْتَبْقِ هَذَا الرَّجُلَ. يَعْنِي مُجَّاعَةَ بْنَ مُرَارَةَ. فَاسْتَبْقَاهُ خَالِدٌ مُقَيَّدًا، وَجَعَلَهُ فِي الْخَيْمَةِ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَقَالَ: اسْتَوْصِي بِهِ خَيْرًا، فَلَمَّا تَوَاجَهَ الْجَيْشَانِ قَالَ مُسَيْلِمَةُ لِقَوْمِهِ: الْيَوْمُ يَوْمُ الْغَيْرَةِ، الْيَوْمُ إِنْ هُزِمْتُمْ تُسْتَرْدَفِ النِّسَاءُ سَبِيَّاتٍ، وَيُنْكَحْنَ غَيْرَ حَظِيَّاتٍ، فَقَاتِلُوا عَنْ أَحِسَابِكُمْ وَامْنَعُوا نِسَاءَكُمْ. وَتَقَدَّمَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ خَالِدٌ عَلَى كَثِيبٍ يُشْرِفُ عَلَى الْيَمَامَةِ. فَضَرَبَ بِهِ عَسْكَرَهُ، وَرَايَةُ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَرَايَةُ الْأَنْصَارِ مَعَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَالْعَرَبُ عَلَى رَايَاتِهَا، وَمُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ مُقَيَّدٌ فِي الْخَيْمَةِ مَعَ أُمِّ تَمِيمٍ امْرَأَةِ خَالِدٍ، فَاصْطَدَمَ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، فَكَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ وَانْهَزَمَتِ الْأَعْرَابُ حَتَّى دَخَلَتْ

ص: 467

بَنُو حَنِيفَةَ خَيْمَةَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَهَمُّوا بِقَتْلِ أُمِّ تَمِيمٍ، حَتَّى أَجَارَهَا مُجَّاعَةُ، وَقَالَ: نِعْمَتِ الْحُرَّةُ هَذِهِ. وَقَدْ قُتِلَ الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ، لَعَنَهُ اللَّهُ، فِي هَذِهِ الْجَوْلَةِ، قَتَلَهُ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ، ثُمَّ تَذَامَرَ الصَّحَابَةُ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ: بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ. وَنَادَوْا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ: اخْلُصْنَا يَا خَالِدُ. فَخَلَصَتْ ثُلَّةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَحَمِيَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ، وَكَانَ إِذَا رَأَى الْحَرْبَ أَخَذَتْهُ الْعُرَوَاءُ فَيَجْلِسُ عَلَى ظَهْرِهِ الرِّجَالُ وَيَنْتَفِضُ حَتَّى يَبُولَ فِي سَرَاوِيلِهِ، ثُمَّ يَثُورُ كَمَا يَثُورُ الْأَسَدُ، وَقَاتَلَتْ بَنُو حَنِيفَةَ قِتَالًا لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ، وَجَعَلَتِ الصَّحَابَةُ يَتَوَاصَوْنَ بَيْنَهُمْ وَيَقُولُونَ: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ. وَحَفَرَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لِقَدَمَيْهِ فِي الْأَرْضِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، وَهُوَ حَامِلُ لِوَاءِ الْأَنْصَارِ بَعْدَمَا تَحَنَّطَ وَتَكَفَّنَ، فَلَمْ يَزَلْ ثَابِتًا حَتَّى قُتِلَ هُنَاكَ، وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ: أَتَخْشَى أَنْ نُؤْتَى مِنْ قِبَلِكَ؟ فَقَالَ: بِئْسَ حَامِلُ الْقُرْآنِ أَنَا إِذًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيُّهَا النَّاسُ، عَضُّوا عَلَى أَضْرَاسِكُمْ، وَاضْرِبُوا فِي عَدُوِّكُمْ، وَامْضُوا قُدُمًا. وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَتَكَلَّمُ حَتَّى يَهْزِمَهُمُ اللَّهُ أَوْ أَلْقَى اللَّهَ فَأُكَلِّمَهُ بِحُجَّتِي. فَقُتِلَ شَهِيدًا، رضي الله عنه. وَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ: يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِالْفِعَالِ، وَحَمَلَ فِيهِمْ حَتَّى أَبْعَدَهُمْ وَأُصِيبَ، رضي الله عنه، وَحَمَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ حَتَّى جَاوَزَهُمْ وَسَارَ بِحِيَالِ مُسَيْلِمَةَ وَجَعَلَ يَتَرَقَّبُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ وَثَبَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَدَعَا إِلَى الْبِرَازِ، وَقَالَ:

ص: 468

أَنَا ابْنُ الْوَلِيدِ الْعَوْدِ، أَنَا ابْنُ عَامِرٍ وَزَيْدِ. ثُمَّ نَادَى بِشِعَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ شِعَارُهُمْ يَوْمَئِذٍ: يَا مُحَمَّدَاهْ. وَجَعَلَ لَا يَبْرُزُ لَهُمْ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلَهُ، وَلَا يَدْنُو مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا أَكَلَهُ، وَدَارَتْ رَحَى الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ اقْتَرَبَ مِنْ مُسَيْلِمَةَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ النَّصَفَ وَالرُّجُوعَ إِلَى الْحَقِّ، فَجَعَلَ شَيْطَانُ مُسَيْلِمَةَ يَلْوِي عُنُقَهُ، لَا يَقْبَلُ مِنْهُ شَيْئًا، وَكُلَّمَا أَرَادَ مُسَيْلِمَةُ يُقَارِبُ مِنَ الْأَمْرِ صَرَفَهُ عَنْهُ شَيْطَانُهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ خَالِدٌ، وَقَدْ مَيَّزَ خَالِدٌ الْمُهَاجِرِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَكُلُّ بَنِي أَبٍ عَلَى رَايَتِهِمْ، يُقَاتِلُونَ تَحْتَهَا، حَتَّى يَعْرِفَ النَّاسُ مِنْ أَيْنَ يُؤْتَوْنَ، وَصَبَرَتِ الصَّحَابَةُ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ صَبْرًا لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ، وَلَمْ يَزَالُوا يَتَقَدَّمُونَ إِلَى نُحُورِ عَدُّوِهِمْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَوَلَّى الْكُفَّارُ الْأَدْبَارَ، وَاتَّبَعُوهُمْ يُقَتِّلُونَ فِي أَقْفَائِهِمْ، وَيَضَعُونَ السُّيُوفَ فِي رِقَابِهِمْ حَيْثُ شَاءُوا، حَتَّى أَلْجَأُوهُمْ إِلَى حَدِيقَةِ الْمَوْتِ، وَقَدْ أَشَارَ عَلَيْهِمْ مُحَكَّمُ الْيَمَامَةِ، وَهُوَ مُحَكَّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ، لَعَنَهُ اللَّهُ بِدُخُولِهَا، فَدَخَلُوهَا وَفِيهَا عَدُوُّ اللَّهِ مُسَيْلِمَةُ، لَعَنَهُ اللَّهُ، وَأَدْرَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مُحَكَّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فِي عُنُقِهِ وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَتَلَهُ، وَأَغْلَقَتْ بَنُو حَنِيفَةَ الْحَدِيقَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَحَاطَ بِهِمُ الصَّحَابَةُ، وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَلْقُونِي عَلَيْهِمْ فِي الْحَدِيقَةِ. فَاحْتَمَلُوهُ فَوْقَ الْحَجَفِ وَرَفَعُوهَا بِالرِّمَاحِ حَتَّى أَلْقَوْهُ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِ سُورِهَا، فَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُهُمْ دُونَ بَابِهَا حَتَّى فَتَحَهُ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الْحَدِيقَةَ مِنْ حِيطَانِهَا وَأَبْوَابِهَا يَقْتُلُونَ مِنْ فِيهَا مِنَ الْمُرْتَدَّةِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، حَتَّى خَلَصُوا إِلَى مُسَيْلِمَةَ، لَعَنَهُ اللَّهُ، وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ فِي ثُلْمَةِ جِدَارٍ، كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ، وَهُوَ مُزْبِدٌ مُتَسَانِدٌ، لَا يَعْقِلُ مِنَ الْغَيْظِ، وَكَانَ إِذَا اعْتَرَاهُ شَيْطَانُهُ أَزَبَدَ حَتَّى يَخْرُجَ الزَّبَدُ مِنْ

ص: 469

شِدْقَيْهِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ مَوْلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَاتِلُ حَمْزَةَ، فَرَمَاهُ بِحَرْبَتِهِ فَأَصَابَهُ وَخَرَجَتْ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَسَارَعَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، فَضَرْبَهُ بِالسَّيْفِ فَسَقَطَ، فَنَادَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَصْرِ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَاهْ، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ. فَكَانَ جُمْلَةُ مَنْ قُتِلُوا فِي الْحَدِيقَةِ وَفِي الْمَعْرَكَةِ قَرِيبًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ - وَقِيلَ: أَحَدٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا - وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِتُّمِائَةٍ - وَقِيلَ: خَمْسُمِائَةٍ - فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِيهِمْ مِنْ سَادَاتِ الصَّحَابَةِ، وَأَعْيَانِ النَّاسِ مَنْ يُذْكَرُ بَعْدُ، وَخَرَجَ خَالِدٌ وَمَعَهُ مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ يَرْسِفُ فِي قُيُودِهِ، فَجَعَلَ يُرِيَهُ الْقَتْلَى لِيُعَرِّفَهُ بِمُسَيْلِمَةَ، فَلَمَّا مَرُّوا بِالرَّجَّالِ بْنِ عُنْفُوَةَ قَالَ لَهُ خَالِدٌ: أَهَذَا هُوَ؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ هَذَا خَيْرٌ مِنْهُ، هَذَا الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ.

قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ: ثُمَّ مَرُّوا بِرُوَيْجِلٍ أُصَيْفِرَ أُخَيْنِسَ، فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ. فَقَالَ خَالِدٌ: قَبَّحَكُمُ اللَّهُ عَلَى اتِّبَاعِكُمْ هَذَا. ثُمَّ بَعَثَ خَالِدٌ الْخُيُولَ حَوْلَ الْيَمَامَةِ يَلْتَقِطُونَ مَا حَوْلَ حُصُونِهَا مِنْ مَالٍ وَسَبْيٍ، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى غَزْوِ الْحُصُونِ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ فِيهَا إِلَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالشُّيُوخُ الْكِبَارُ، فَخَدَعَهُ

ص: 470

مُجَّاعَةُ فَقَالَ: إِنَّهَا مَلْأَى رِجَالًا وَمُقَاتِلَةً فَهَلُمَّ فَصَالِحْنِي عَنْهُمْ. فَصَالَحَهُ خَالِدٌ ; لِمَا رَأَى بِالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْجَهْدِ، وَقَدْ كَلُّوا مِنْ كَثْرَةِ الْحُرُوبِ وَالْقِتَالِ، فَقَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ إِلَيْهِمْ لِيُوَافِقُونِي عَلَى الصُّلْحِ. فَقَالَ: اذْهَبْ. فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُجَّاعَةُ، فَأَمَرَ النِّسَاءَ أَنْ يَلْبَسْنَ الْحَدِيدَ وَيَبْرُزْنَ عَلَى رُءُوسِ الْحُصُونِ، فَنَظَرَ خَالِدٌ فَإِذَا الشُّرُفَاتُ مُمْتَلِئَةٌ مِنْ رُءُوسِ النَّاسِ، فَظَنَّهُمْ كَمَا قَالَ مُجَّاعَةُ، فَانْتَظَمَ الصُّلْحُ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ وَالصَّفْرَاءِ وَالْحَلْقَةِ وَالْكُرَاعِ وَنِصْفِ الرَّقِيقِ. وَقِيلَ لِخَالِدٍ: إِنَّ مُجَّاعَةَ قَدْ خَدَعَكَ. فَقَالَ لَهُ: يَا مُجَّاعَةُ، خَدَعْتَنِي. فَقَالَ: إِنَّهُمْ قَوْمِي وَقَدْ أَفْنَيْتَهُمْ، فَلَا تَلُمْنِي عَلَى ذَلِكَ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ بَنِي حَنِيفَةَ، خَطَبَ إِلَى مُجَّاعَةَ ابْنَتَهُ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا، وَلَمَّا بَلَغَ أَبَا بَكْرٍ ذَلِكَ كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ لِفَارِغُ الْقَلْبِ ; تَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَحَوْلَ خِبَائِكَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ تَجِفَّ دِمَاؤُهُمْ؟ ! وَبَعْدُ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَالْحَقْ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ جُمُوعِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْعِرَاقِ. وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَقَالَ: لَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تُشَخِّصَهُ. فَلَمَّا قَرَأَ خَالِدٌ الْكِتَابَ قَالَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الْأُعَيْسِرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَدَعَاهُمْ خَالِدٌ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى الْحَقِّ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ خَالِدٌ بَعْضَ مَا كَانَ أَخَذَ مِنَ السَّبْيِ، وَسَاقَ الْبَاقِينَ إِلَى الصِّدِّيقِ، وَقَدْ تَسَرَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِجَارِيَةٍ مِنْهُمْ، وَهِيَ أَمُّ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي

ص: 471

يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. رضي الله عنه. وَقَدْ قَالَ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ فِي غَزْوَةِ الْيَمَامَةِ هَذِهِ:

وَلَوْ سُئِلَتْ عَنَّا جَنُوبُ لَأَخْبَرَتْ

عَشِيَّةَ سَالَتْ عَقْرَبَاءُ وَمَلْهَمُ

وَسَالَ بِفَرْعِ الْوَادِ حَتَّى تَرَقْرَقَتْ

حِجَارَتُهُ فِيهِ مِنَ الْقَوْمِ بِالدَّمِ

عَشِيَّةَ لَا تُغْنِي الرِّمَاحُ مَكَانَهَا

وَلَا النَّبْلُ إِلَّا الْمَشْرَفِيُّ الْمُصَمِّمُ

فَإِنْ تَبْتَغِي الْكُفَّارَ غَيْرَ مُلِيمَةٍ

جَنُوبُ فَإِنِّي تَابِعُ الدِّينِ مُسْلِمُ

أُجَاهِدُ إِذْ كَانَ الْجِهَادُ غَنِيمَةً

وَلَلَّهُ بِالْمَرْءِ الْمُجَاهِدِ أَعْلَمُ

وَقَدْ قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَخَلْقٌ مِنَ السَّلَفِ: كَانَتْ وَقْعَةُ الْيَمَامَةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: فِي آخِرِهَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَآخَرُونَ: كَانَتْ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ. وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا أَنَّ ابْتِدَاءَهَا فِي سِنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَالْفَرَاغَ مِنْهَا فِي سَنَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 472

وَلَمَّا قَدِمَتْ وُفُودُ بَنِي حَنِيفَةَ عَلَى الصِّدِّيقِ قَالَ لَهُمْ: أَسْمِعُونَا شَيْئًا مِنْ قُرْآنِ مُسَيْلِمَةَ. فَقَالُوا: أَوَتَعْفِينَا يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالُوا: كَانَ يَقُولُ: يَا ضِفْدَعُ بَنَتَ الضِّفْدَعِينْ، نَقِّي كَمْ تَنِقِّينْ، لَا الْمَاءَ تُكَدِّرِينْ، وَلَا الشَّارِبَ تَمْنَعِينْ، رَأْسُكِ فِي الْمَاءِ وَذَنَبُكِ فِي الطِّينْ. وَكَانَ يَقُولُ: وَالْمُبَذِّرَاتِ زَرْعًا، وَالْحَاصِدَاتِ حَصْدًا، وَالذَّارِيَاتِ قَمْحًا، وَالطَّاحِنَاتِ طِحْنًا، وَالْخَابِزَاتِ خَبْزًا، وَالثَّارِدَاتِ ثَرْدًا، وَاللَّاقِمَاتِ لَقْمًا، إِهَالَةً وَسَمْنًا، لَقَدْ فُضِّلْتُمْ عَلَى أَهْلِ الْوَبَرِ، وَمَا سَبَقَكُمْ أَهْلُ الْمَدَرِ، رَفِيقَكُمْ فَامْنَعُوهُ، وَالْمُعْتَرَّ فَآوُوهُ، وَالْبَاغِيَ فَنَاوِئُوهُ. وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ مِنْ هَذِهِ الْخُرَافَاتِ الَّتِي يَأْنَفُ مِنْ قَوْلِهَا الصِّبْيَانُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، فَيُقَالُ: إِنَّ الصِّدِّيقَ قَالَ لَهُمْ: وَيَحَكُمُ! أَيْنَ كَانَ يُذْهَبُ بِعُقُولِكُمْ؟ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ. وَكَانَ يَقُولُ: وَالْفِيلْ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلْ، لَهُ زَلُّومٌ طَوِيلْ. وَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّيْلُ الدَّامِسْ، وَالذِّئْبُ الْهَامِسْ، مَا قَطَعَتْ أَسَدٌ مِنْ رَطْبٍ وَلَا يَابِسْ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ: لَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْحُبْلَى، أَخْرَجَ مِنْهَا نَسَمَةً تَسْعَى، مِنْ بَيْنِ صِفَاقٍ وَحَشَا. وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ السَّخِيفِ الرَّكِيكِ الْبَارِدِ السَّمِجِ. وَقَدْ أَوْرَدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ، رحمه الله، فِي كِتَابِهِ " إِعْجَازِ الْقُرْآنِ " أَشْيَاءَ مِنْ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةِ الْمُتَنَبِّئِينَ كَمُسَيْلِمَةَ وَطُلَيْحَةَ وَالْأَسْوَدِ

ص: 473

وَسَجَاحِ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ عُقُولِهِمْ وَعُقُولِ مَنِ اتَّبَعَهُمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ وَمِحَالِهِمْ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَيَّامِ جَاهِلِيَّتِهِ، فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ: مَاذَا أُنْزِلَ عَلَى صَاحِبِكُمْ فِي هَذَا الْحِينِ؟ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ سُورَةٌ وَجِيزَةٌ بَلِيغَةٌ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1] قَالَ: فَفَكَّرَ مُسَيْلِمَةُ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: وَلَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيَّ مِثْلُهَا. فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَ مُسَيْلِمَةُ: يَا وَبَرُ يَا وَبَرُ، إِنَّمَا أَنْتِ أُذُنَانِ وَصَدْرٌ، وَسَائِرُكِ حَقْرٌ نَقْرٌ. ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَرَى يَا عَمْرُو؟ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي أَعْلَمُ إِنَّكَ لَتَكْذِبُ. وَذَكَرَ عُلَمَاءُ التَّارِيخِ أَنَّهُ كَانَ يَتَشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَصَقَ فِي بِئْرٍ، فَغَزُرَ مَاؤُهَا، فَبَصَقَ فِي بِئْرٍ فَغَاضَ مَاؤُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَفِي أُخْرَى فَصَارَ مَاؤُهَا أُجَاجًا، وَتَوَضَّأَ وَسَقَى بِوَضُوئِهِ نَخْلًا فَيَبِسَتْ وَهَلَكَتْ، وَأُتِيَ بِوِلْدَانٍ يَبَرِّكُ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ قُرِعَ رَأْسُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لُثِغَ لِسَانُهُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ دَعَا لِرَجُلٍ أَصَابَهُ وَجَعٌ فِي عَيْنَيْهِ فَمَسَحَهُمَا فَعَمِيَ.

وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ ذَفَرَةَ النَّمَرِيِّ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ طَلْحَةَ،

ص: 474