الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) - (2) - بَابُ تَعْظِيمِ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالتَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ عَارَضَهُ
(10)
- 10 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ،
===
(2)
- (2) - (باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه)
أي: هذا باب معقود في ذكر الأحاديث الدالة على وجوب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ باتباعه والعمل به أمرًا أو نهيًا، وعلى تغليظ العقوبة وتشديدها على من عارض ودافع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا.
* * *
(10)
- 10 - (1)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
قال: (حدثنا زيد بن الحباب) - بضم أوله المهمل وبموحدتين - التميمي العكلي - بضم أوله وسكون ثانيه - نسبة إلى عكل؛ بطن من تميم، أبو الحسين الكوفي.
قال ابن المديني والعجلي: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث، وقال أحمد: كان صدوقًا، وقال في "التقريب": صدوق يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن معاوية بن صالح) بن حدير - مصغرًا - الحضرمي أبي عبد الرحمن
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَابرٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي
===
الحمصي، وثقه أحمد وابن معين والنسائي والعجلي وأبو زرعة، وقال في "التقريب": صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل بعد السبعين ومئة. يروي عنه:(م عم).
قال: (حدثني الحسن بن جابر) اللخمي - بفتح اللام وسكون المعجمة - نسبة إلى لخم؛ قبيلة من اليمن، أبو علي اليماني. روى عن: المقدام بن معدي كرب، ويروي عنه:(ت ق)، ومعاوية بن صالح.
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": مقبول، من الثالثة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ).
(عن المقدام بن معدي كرب) بن عمرو (الكندي) أبي يحيى الحمصي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة (87 هـ) سبع وثمانين على الصحيح، وله (91) إحدى وتسعون سنة، (خ عم).
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله اثنان منهم شاميان، واثنان كوفيان، وواحد يماني، وفيه: التحديث والعنعنة، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يوشك) مضارع أوشك الرباعي من أفعال المقاربة (الرجل) اسمها (متكئًا) حال من الضمير المستتر في يحدث الآتي (على أريكته) متعلق بمتكئًا، وفي بعض النسخ إسقاطه (يحدث) مضارع مبني للمجهول، ضميره يعود على الرجل، وهو على تقدير أن المصدرية؛ لأن خبر يوشك يكثر أن يكوانا مضارعًا مقرونًا بأن (بحديث) متعلق بيحدث (من حديثي) صفة لحديث.
فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ عز وجل، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ .. اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ .. حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ".
===
(فيقول) معطوف على (يحدث) وهو محط الفائدة، والتقدير: يوشك ويقرب الرجل منكم أن يُحدث ويَروي حالة كونه متكئًا ومتوسدًا على أريكته وسريره بحديث من أحاديثي، فيقول من حدثه الحاكم (بيننا وبينكم) أيها المحدثون (كتاب الله عز وجل، فهو كافينا في الفصل بيننا وبينكم لا ما حدثتموه، فلا نقبله، (فما وجدنا فيه) أي: في كتاب الله تعالى (من حلال .. استحللناه) أي: اعتقدنا وحكمنا بحله، ونعمل به؛ أي: اتخذناه حلالًا، (وما وجدنا فيه من حرام .. حرمناه) أي: اتخذناه حرامًا، وهذا الحديث الذي حدثتموه زائد على ما في القرآن، فلا نأخذ به ولا نقبله ولا نعمل به.
وهذا بيان لبلادته وسوء فهمه؛ أي: حماقته وسوء أدبه، كما هو دأب المتنعمين المغرورين بالمال والجاه، وقال الخطابي: أراد به أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت، ولم يطلبوا الحديث بالأسفار من أهله، فيقول؛ أي: في رد ذالك الحديث الذي حدث به حيث لا يوافق هواه أو مذهب إمامه الذي قلده: كتاب الله تعالى بيننا وبينكم؛ فهو كافينا في التحليل والتحريم، فلا نأخذ ولا نقبل ما حدثتموه.
(ألا) حرف تنبيه والواو في قوله: (وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم عاطفة على مقدر، تقديره: ألا، أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم؛ إن ما حرم الله تعالى في القرآن حق، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه حق (مثل ما حرم الله) تعالى في كتابه، وإن ما أحل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه حق مثل ما أحل الله تعالى في كتابه، ففي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الكلام اكتفاء، وإنما قلنا: معطوف على مقدر؛ لأن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عين ما حرم الله تعالى؛ فإن التحريم يضاف إلى الرسول باعتبار التبليغ، وإلا .. فهو في الحقيقة لله تعالى.
والمراد: أنه مثله في وجوب الطاعة ولزوم العمل به، قال الخطابي: يحذر بذالك مخالفة السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس له في القرآن ذكر على ما ذهب إليه الخوارج والروافض؛ فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن، وتركوا الأحاديث التي قد تضمنت بيان الكتاب، فتحيروا في أمرهم وضلوا عن الحق، وفي الحديث دليل على أنه لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حجة بنفسه.
قلت: كأنه أراد به العرض لقصد رد الحديث بمجرد أنه ذكر فيه ما ليس في الكتاب، وإلا .. فالعرض لقصد الفهم والجمع والتثبت .. لازم، ثم قال: وحديث "إذا جاءكم حديث .. فاعرضوه على القرآن كتاب الله، فإن وافقه .. فخذوه" .. حديث باطل لا أصل له، وروي عن يحيى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعه الزنادقة. انتهى من "السندي" بتصرف.
وفيه أيضًا قوله: "يوشك الرجل" هو مضارع أوشك، قال ابن مالك: هو أحد أفعال المقاربة يطلب اسمًا مرفوعًا وخبرًا يكون فعلًا مضارعًا مقرونًا بأن، حيث قال في "الخلاصة":
وألزموا اخلولق أن مثل حرى
…
وبعد أوشك انتفا أن نزرا
يعني أن الكثير اقتران خبرها بأن؛ كقول الشاعر:
ولو سئل الناس التراب لأوشكوا
…
إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا
(11)
- 11 - (2) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
===
وقال: ولا أعلم بتجرده من أن إلا في هذا الحديث وفي بعض الأشعار؛ كقوله:
يوشك من فر من منيته
…
في بعض غراته يوافقها
قال السيوطي: قلت: قد رواه الحاكم بلفظ: "يوشك أن يقعد الرجل على أريكته يحدث
…
" إلى آخره، أراد السيوطي أن لفظ الحديث قد غيره الرواة، وإلا .. فـ (أن) موجودة في الأصل، كما في رواية الحاكم: "متكئًا على أريكته" أي: جالسًا متوسدًا على سريره المزين، والظاهر أنه حال من ضمير (يحدث) العائد إلى الرجل، وهو مبني للمفعول، وجعله حالًا من الرجل بعيد معنىً. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب العلم، باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث رقم (2664).
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث المقدام بحديث أبي رافع رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(11)
- 11 - (2)(حدثنا نصربن علي) بن نصربن علي بن صهبان - بضم الصاد وسكون الهاء - الأزدي أبو عمر البصري (الجهضمي) نسبة إلى الجهاضمة؛ محلة في البصرة، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(قال: حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي أبو محمد الأعور الكوفي وهو
فِي بَيْتِهِ أَنَا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، ثُمَّ مَرَّ فِي الْحَدِيثِ قَالَ: أَوْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ
===
مريض (في بيته) أو متعلق بحدثنا؛ أي: حدثنا في بيته (أنا سألته عنه) أي: والحال أني سألت سفيان عن حال مرضه؛ أي: زرته للعيادة، أو المعنى: والحال أني سألت سفيان عن هذا الحديث الآتي، وفي بعض النسخ إسقاط لفظ (عنه).
وقوله: (عن سالم) متعلق بحدثنا سفيان؛ أي: حدثنا سفيان في بيته عن سالم بن أبي أمية القرشي التيمي مولاهم (أبي النضر) - بسكون الضاد المعجمة - المدني ثقة ثبت، وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(ع).
(ثم مر) أي: مر سفيان ومضى (في الحديث) أي: في التحديث لنا؛ أي: استمر إلى تمامه بأن قال: عن سالم عن عبيد الله عن أبيه
…
إلى آخره.
(قال) نصر بن علي: (أو) حدثنا سفيان، والشك من نصر بن علي.
(زيد بن أسلم) العدوي مولاهم، مولى عمر بن الخطاب أبي عبد الله المدني، ثقة عالم، وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ) في ذي الحجة. يروي عنه:(ع).
(عن عبيد الله بن أبي رافع) القرشي الهاشمي مولاهم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المدني، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) أبي رافع القبطي رضي الله تعالى عنه، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، اسم أبي رافع إبراهيم، وقيل: أسلم، وقيل: ثابت، وقيل: هرمز، ط ت في أول خلافة على على الصحيح. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم مدنيون، وواحد كوفي،
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللهِ اتَّبَعْنَاهُ".
===
وواحد بصري، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات، وفيه: التحديث والعنعنة والشك.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ألفين) بالنهي المؤكد بالنون الثقيلة؛ أي: لا أجدن أنا (أحدكم) أيها المسلمون (متكئًا) أي: متوسدًا (على أريكته) أي: على سريره المزين، حال كونه (يأتيه) أي: يأتي ذلك الأحد (الأمر مما أمرت به أو) النهي مما (نهيت عنه) أي: يأتيه الأمر بالأمور التي أمرت بها من الواجبات أو المندوبات، أو النهي عن الأمور التي نهيت عنها من المحرمات أو المكروهات، (فيقول: لا أدري) ولا أعلم هذا الأمر أو النهي في كتاب الله تعالى (ما وجدنا) أي: الأمر والنهي الذي وجدناه (في كتاب الله) تعالى .. (اتبعناه) أي: امتثلناه بالفعل أو الترك، وما لم نجده في كتاب الله .. فلا نسمعه ولا نقبله، فكتاب الله بأيدينا؛ فهو حسبنا في الاتباع، ولا نلتفت إلى غيره.
وقوله: (لا ألفين) لا ناهية، ألفين مضارع مسند إلى المتكلم مؤكد بالنون الثقيلة من ألفيت الشيء إذا وجدته، فهو من أخوات ظن ينصب مفعولين، نحو قوله تعالى:{إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} (1).
وظاهر هذا الكلام: نهي النبي صلى الله عليه وسلم نفسه عن أن يجدهم على تلك الحالة، والمراد: نهيهم عن أن يكونوا على تلك الحالة؛ فإنهم إذا كانوا عليها يجدهم عليها.
(1) سورة الصافات: (69).
(12)
- 12 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ،
===
وقوله: "يأتيه الأمر" جملة حالية من الضمير المستكن، ويحتمل أن يكون الأمر بمعنى الشأن، فيعم الأمر والنهي، فوافق البيان بقوله:"مما أمرت به، أو نهيت عنه".
"فيقول" ذلك الأحد إعراضًا عن ذلك الأمر "لا أدري" هذا الأمر "ما وجدنا" ما موصولة مبتدأ خبره "اتبعناه" أي: وليس هذا منه، فلا نتبعه، ويحتمل أن تكون (ما) نافية، والجملة كالتأكيد لقوله:(لا أدري)، وجملة (اتبعناه) حال من كتاب الله؛ أي: وقد اتبعنا كتاب الله، فلا نتبع غيره.
شارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، الحديث (4605)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما نُهي أن يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث (2663).
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث المقدام بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(12)
- 12 - (3)(حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان) بن خالد بن عمر بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان الأموي (العثماني) المدني نزيل مكة، قال أبو حاتم: ثقة، وقال صالح بن محمد الأسدي: ثقة صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(س ق).
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَحْدَثَ
===
قال: (حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري أبو إسحاق المدني نزيل بغداد وقاضيها.
وثقه أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم والعجلي، وقال في "التقريب": ثقة حجة، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري المدني قاضي المدينة.
قال شعبة: كان ثبتًا فاضلًا يصوم الدهر، ويختم في يوم وليلة، وقال في "التقريب": كان ثقة فاضلًا عابدًا، من الخامسة، مات سنة خمس وعشرين ومئة (125 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق التيمي أبي محمد المدني أحد الفقهاء السبعة.
قال ابن سعد: كان ثقة عالمًا فقيهًا إمامًا كثير الحديث، وقال في "التقريب": كان ثقة، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه: أن رجاله كلهم مدنيون، وفيه: التحديث والعنعنة.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحدث) وأبدع واخترع
فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ .. فَهُوَ رَدٌّ".
===
(في أمرنا هذا) أي: في ديننا هذا دين الإسلام (ما ليس منه) أي: شيئًا ليس من أمرنا؛ من البدع والخرافات .. (فهو) أي: فذالك الأمر الذي أحدثه (رد) أي: مردود عليه؛ أي: واجب على كافة المسلمين رد ذلك الأمر عليه.
قال السندي: قوله: "في أمرنا" أي: في شأننا؛ فالأمر واحد الأمور؛ بمعنى الشؤون، أو فيما أمرنا به؛ فالأمر حينئذ واحد الأوامر؛ بمعنى الطلبات، أطلق على المأمور به، والمراد به على الوجهين: الدين القيم، قال القاضي في "شرح المصابيح": المعنى: من أحدث في الإسلام رأيًا لم يكن له من الكتاب والسنة سند ظاهر أو خفي ملفوظ أو مستنبط .. فهو رد عليه؛ أي: مردود، والمراد: أن ذلك الأمر واجب الرد عليه، يجب على كافة الناس رده، ولا يجوز لأحد اتباعه ولا التقليد فيه، وقيل: يحتمل أن ضمير (فهو) عائد من؛ أي: فذاك الشخص المبتدع المحدث مردود مطرود. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور .. فالصلح مردود، رقم الحديث (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب (8)، رقم الحديث (4467 - 4468)، وأبو داوود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، رقم الحديث (4606)، كما في "التحفة".
فهذا الحديث: في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث المقدام بن معدي كرب بحديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(13)
- 13 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ الْمِصْرِيُّ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ
===
(13)
-13 - (4)(حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر) التجيبي أبو عبد الله (المصري)، وثقه أبو داوود، وقال النسائي: ما أخطأ في حديث قط، وقال في "التقريب": ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
قال: (أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبو الحارث المصري عالم مصر وفقيهها ورئيسها.
قال ابن بكير: هو أفقه من مالك، وقال في "التقريب": ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، من السابعة، مات في شعبان سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله (بن شهاب) الزهري أبي بكر المدني إمام متفق على جلالته عالم الحجاز والشام، ثقة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة (125 هـ)، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه:(ع).
(عن عروة بن الزبير) بن العوام بن خويلد الأسدي أبي عبد الله المدني أحد الفقهاء السبعة، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(أن عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي أبا خبيب المدني رضي الله تعالى عنهما، أول مولود في الإسلام بعد الهجرة، له ثلاثة وثلاثون حديثًا، قتل بمكة سنة ثلاث وسبعين (73 هـ) في ذي الحجة، ومولده بعد الهجرة بعشرين شهرًا. يروي عنه:(ع).
حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ
===
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم مدنيون، واثنان مصريان، وفيه: التحديث والإنباء والعنعنة.
(حدثه: أن رجلًا من الأنصار) قيل: اسمه ثابت بن قيس بن شماس، وقيل: حاطب بن أبي بلتعة، وقيل: ثعلبة بن حاطب، وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ
…
} الآية (1)، أنها نزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصمنا في ماء، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى، ثم الأسفل، قال ابن كثير: وهو مرسل، ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري. انتهى "القسطلاني".
(خاصم الزبير) بن العوام؛ أي: رافعه للخصومة (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة) أي: سواقيها وجداولها (التي يسقون بها النخل) والشراج - بكسر الشين المعجمة آخره جيم - جمع شرج - بفتح أوله وسكون الراء - بوزن بحر وبحار، ويجمع أيضًا على شروج، وإنما أضيفت إلى الحرة؛ لكونها فيها، والحرة - بفتح الحاء والراء المشددة المهملتين - موضع معروف بالمدينة ذو حجارة سود، والمراد بها هنا: مسايل الماء؛ وذالك لأن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري، فيحبسه الزبير في نخله لإكمال سقي أرضه، ثم يرسله إلى أرض جاره.
(فقال الأنصاري) للزبير ملتمسًا منه تعجيل ذلك: (سرح الماء) وأرسله - بفتح السين وكسر الراء المشددة وبالحاء المهملة - أي: أطلق الماء حالة
(1) سورة النساء: (65).
يَمُرُّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ"، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
===
كونه (يمر) عليك، ولا تحبسه في أرضك، (فأبى) من أبى يأبى إباء من باب (سعى) أي: امتنع الزبير من إرسال الماء (عليه) أي: على الذي خاصمه، (فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: ترافعا إليه؛ ليفصل الخصومة بينهما، (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير:(اسق يا زبير) نخلك، بهمزة قطع مفتوحة؛ لأنه من أسقى الرباعي الذي هو من مزيد الثلاثي، وثلاثيه: سقى يسقي من باب (رمى)، وقال العيني: بكسر الهمزة؛ لأنه أمر من سقى يسقي من باب (ضرب)، والمعنى: اسق شيئًا يسيرًا دون حقك، (ثم أرسل الماء إلى جارك) الأنصاري بهمزة قطع مفتوحة أيضًا؛ لأنه أمر من الإرسال.
(فغضب الأنصاري) لما قال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير، (فقال) الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم:(يا رسول الله؛ أن كان) الزبير بفتح الهمزة وسكون النون على أنها مصدرية أو مخففة من أن المشددة، على تقدير اللام المعللة لمحذوف، تقديره: أي: حكمت له بالتقديم عليّ؛ لكونه (ابن عمتك) صفية بنت عبد المطلب، وروي بكسر الهمزة على أنها مخففة من إن المكسورة، واسمها ضمير الشأن، وجملة كان خبرها، والجملة استئنافية في موضع التعليل.
(فتلون) أي: تغير (وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من البياض إلى الحمرة من قول الأنصاري، وظهر فيه آثار الغضب؛ لانتهاك حرمات النبوة
ثُمَّ قَالَ: "يَا زُبَيْرُ؛ اسْقِ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ"، قَالَ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللهِ؛ إِنِّي لَأَحْسَبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ
===
وقبيح كلام هذا الرجل، ولم يعاقبه لصبره على الأذى ومصلحة تألف الناس صلوات الله وسلامه عليه، (ثم قال) النبي صلى الله عليه وسلم:(يا زبير؛ اسق) نخلك بهمزة وصل مكسورة، (ثم احبس الماء) تحت الشجر بهمزة وصل أيضًا؛ أي: أمسك نفسك عن سقي غير تلك النخلة (حتى يرجع) أي: يصير الماء تحتها (إلى الجدر) - بفتح الجيم وسكون الدال المهملة - ما وضع بين شربات النخل كالجدار أو الحواجز التي تحبس الماء تحت الشجر، ويروى بكسر الجيم؛ وهو الجدار، والمراد به: جدران الشربات؛ وهي الحفر التي تحفر حول أصول النخل لتمسِك الماء تحتها ويروي.
قال في "شرح السنة": قوله صلى الله عليه وسلم في الأول: "اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك" كان أمرًا للزبير بالمعروف وأخذًا بالمسامحة وحسن الجوار لترك بعض حقه دون أن يكون حكمًا منه، فلما رأى الأنصاري صلى الله عليه وسلم يجهل موضع حقه .. أمر صلى الله عليه وسلم الزبير باستيفاء تمام حقه؛ فإنه أصلح له، وفي الزجر أبلغ، وقول الأنصاري ما قال وقع منه في شدة الغضب بلا اختيار منه إن كان مسلمًا، ويحتمل أنه كان منافقًا، وقيل له: أنصاري؛ لاتحاد القبيلة، وقد جاء في "النسائي" أنه حضر بدرًا.
(قال) عبد الله بن الزبير: (فقال الزبير) بن العوام رضي الله عنه: (والله) أي: أقسمت بالله الذي نفسي بيده؛ (إني لأحسب) وأظن (هذه الآية نزلت في ذلك) الخصام الذي وقع بيني وبين الأنصاري؛ يعني: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ} أي: فوربك فـ (لا) مزيدة لتأكيد القسم، لا لتظاهر (لا) في
لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
===
قوله: {لَا يُؤْمِنُونَ} لأنها تزاد أيضًا في الإثبات؛ كقوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (1).
{حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} أي: فيما اختلف واختلط، ومنه الشجر لتداخل أغصانه، {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا} أي: ضيقًا {مِمَّا قَضَيْتَ} أي: من قضائك بينهم؛ أي: لا تضيق صدورهم من حكمك، وقيل: شكا من أجله؛ فإن الشاك في ضيق من أمره حتى يلوح له اليقين، {وَيُسَلِّمُوا} أي: ينقادوا ويذعنوا لما تأتي به من قضائك لا يعارضونه بشيء و {تَسْلِيمًا} (2) مصدر مؤكد للفعل بمنزلة تكريره، كأنه قيل: وينقادوا لحكمه انقيادًا لا شبهة فيه بظاهرهم وباطنهم.
شارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المساقاة، باب سكر الأنهار، ومسلم في كتاب الفضائل، باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وأبو داوود في كتاب الأقضية، باب أبواب من القضاء، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء، والنسائي في كتاب آداب القضاة، باب إشارة الحاكم بالرفق، وابن ماجه في كتاب الرهون، باب الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء.
فالحديث: في أعلى درجات الصحة؛ لأنه اتفق على روايته أصحاب الأمهات الست، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به للحديث الأول.
* * *
(1) سورة البلد: (1).
(2)
سورة النساء: (65).
(14)
- 14 - (5) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
===
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث المقدام بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(14)
-14 - (5)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي (النيسابوري)، ثقة ثبت حافظ جليل، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).
قال: (حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ مصنف شهير، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).
قال: (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي أبو عروة البصري.
قال العجلي: ثقة مأمون، وضعفه ابن معين في ثابت، وقال في "التقريب": ثقة ثبت فاضل، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الزهري) محمد بن مسلم بن عبيد الله أبي بكر المدني، ثقة ثبت متفق على جلالته، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه:(ع).
(عن سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي أبي عمر المدني، ثقة ثبت عابد، من كبار الثالثة، مات في آخر سنة ست ومئة (106 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(عن) أبيه عبد الله (بن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته؛ رجاله اثنان منهم مدنيان، وواحد مكي، وواحد
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ أَنْ يُصَلِّينَ فِي الْمَسْجِدِ"، فَقَالَ ابْنٌ لَهُ: إِنَّا لَنَمْنَعُهُنَّ، فَقَالَ: فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ: إِنَّا لَنَمْنَعُهُنَّ! !
(15)
- 15 - (6) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ
===
بصري، وواحد صنعاني، وواحد نيسابوري وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تمنعوا) أيها الأزواج، أو كل من يلي أمرهن (إماء الله) يعني: النساء، إذا استأذنكم من (أن يصلين في المسجد)، وكذلك مواضع الجماعة من غير المسجد، إن لم يخفن الفتنة، (فقال ابن له) أي: لابن عمر اسمه بلال: (إنا) نحن (لنمنعهن) من حضور المساجد والجماعة؛ خوفًا عليهن، (فقال) سالم الراوي:(فغضب) عبد الله بن عمر على ذلك الابن (غضبًا شديدًا) لمعارضته حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، (وقال) ابن عمر لذلك الولد:(أحدثك) أنا حديثًا (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول: إنا لنمنعهن! ! ) وقد روي أنه سبه سبًا، وقطع الكلام معه إلى أن مات، وهذا الأثر دل على الترجمة بمنطوقه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد، الحديث (873).
ودرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث المقدام بحديث ابن مغفل رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(15)
- 15 - (6)(حدثنا أحمد بن ثابت الجحدري) - بفتح الجيم
وَأَبُو عَمْرٍو حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ،
===
وسكون الحاء وفتح الدال - نسبة إلى جحدر؛ أبو قبيلة، أبو بكر البصري. روى عن: عبد الوهاب الثقفي، وابن عيينة، والقطان، وغندر، ويروي عنه:(ق)، والبخاري في "التاريخ"، وابن صاعد، وابن خزيمة، وغيرهم.
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من العاشرة، مات بعد الخمسين ومئتين.
(وأبو عمرو) بفتح العين (حفص بن عمرو) بالرفع عطف بيان لأبي عمرو بن ربال - بفتح الراء وبموحدة - ابن إبراهيم بن عجلان الرقَاشي الربالي البصري. روى عن: عبد الوهاب الثقفي، وأبي بحر البكراوي، وأبي بكر الحنفي، وابن علية، وغيرهم، ويروي عنه:(ق)، وإبراهيم الحربي، وابن خزيمة، وموسى بن هارون، وغيرهم.
قال ابن أبي حاتم: صدوق، وقال الدارقطني وابن قانع: ثقة مأمون، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ).
(قالا) أي: قال كل من أحمد بن ثابت وحفص بن عمرو:
(حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد (الثقفي) أبو محمد البصري.
وثقه ابن معين، وقال في "التقريب": ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين، من الثامنة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).
قال: (حدثنا أيوب) بن أبي تميمة السختياني العنزي أبو بكر البصري.
ثقة ثبت حجة، قال ابن عيينة: ما لقيت مثله في التابعين، وقال في "التقريب": ثقة ثبت من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ)، وولد سنة ست وستين (66 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا إِلَى جَنْبِهِ ابْنُ أَخٍ لَهُ فَخَذَفَ فَنَهَاهُ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا
===
(عن سعيد بن جبير) الوالبي مولاهم أبي محمد الكوفي.
ثقة إمام حجة فقيه، من الثالثة، قتله الحجاج سنة خمس وتسعين (95 هـ)، فما أمهل بعده. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن مغفل) -بمعجمة وفاء مشددة مفتوحة على صيغة اسم المفعول- ابن عُبيد المزني أبي عبد الرحمن البصري الصحابي المشهور، بايع تحت الشجرة، ونزل البصرة، له ثلاثة وأربعون حديثًا؛ اتفقا على أربعة، وانفرد (خ) بحديث، و (م) بآخر، وقال الحسن: كان من نقباء الصحابة، مات سنة سبع وخمسين (57 هـ)، وقيل: سنة ستين (60 هـ). يروي عنه: (ع).
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله كلهم بصريون إلا سعيد بن جبير؛ فإنه كوفي، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات، وفيه: التحديث والعنعنة والمقارنة.
(أنه) أي: أن الشأن والحال (كان) ناقصة (جالسًا) خبرها (إلى جنبه) أي: إلى جانب عبد الله بن مغفل متعلق بجالسًا (ابن أخ) اسم كان مؤخرًا (له) أي: لعبد الله بن مغفل صفة لأخ، وجملة كان في محل الرفع خبر أن، والتقدير: روى سعيد بن جبير عن عبد الله بن مغفل أنه كان ابن أخ له جالسًا إلى جنب عبد الله، (فخذف) ذالك الابن ورمى الحصاة بالسبابتين؛ لأجل اللعب، مأخوذ من الخذف -بمعجمتين وفاء-، وهو أن يأخذ الحصاة أو النواة ويمسكها بين السبابتين ويرمي بها.
(فنهاه) أي: نهى عبد الله بن مغفل ذالك الابن وزجره عن الخذف، (وقال) عبد الله بن مغفل في بيان سبب نهيه عن الخذف:(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها) أي: عن هذه الفعلة، وأنث الضمير مع
وَقَالَ: "إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْدًا وَلَا تَنْكِي عَدُوًّا، وَإِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ"، قَالَ: فَعَادَ ابْنُ أَخِيهِ يَخْذِفُ فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا ثُمَّ عُدْتَ تَخْذِفُ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا.
===
عوده إلى الخذف؛ نظرًا إلى كونه بمعنى الفعلة الدنيئة، (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان حكمة النهي عنه:(إنها) أي: إن هذه الفعلة، أو إن هذه الحصاة المفهومة من الخذف (لا تصيد صيدًا) أي: لا تحصل ولا تكسب صيدًا، ولا تحبسه ليمسكه الصائد فتجلب له نفعًا، (ولا تنكي) من باب (رمى) أي: لا تنكل (عدوًا) ولا تجرحه، ولا تقتله فتدفع مضرة لصغرها، من نكيت العدو أنكي نكاية إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل، وقد يهمز لغة، فيقال: نكأ بوزن منع، (وإنها) أي: وإن تلك الحصاة (تكسر السن) أي: تسقط سن من أصابته، (وتفقأ) أي: تجرح وتطمس وتشدخ (العين) أي: عين من أصابته؛ أي: إنها ضرر لا نفع فيها بجلب مصلحة أو دفع مضرة، فنهيتكم عنها لذلك، وفي السنديِ:(وتفقأ) بهمز آخره؛ أي: تشق البصر.
(قال) سعيد بن جبير: (فعاد) من أخوات صار (ابن أخيه) اسمها وجملة (يخذف) خبرها؛ أي: فصار ابن أخي عبد الله يخذف ويرمي الحصاة بالسبابتين مرة ثانية، أو بمعنى رجع على تقدير أن المصدرية؛ أي: رجع إلى أن يخذف مرة ثانية، (فقال) عبد الله بن مغفل:(أحدثك) يا بن أخي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها) أي: عن هذه الفعلة، (ثم عدت) ورجعت يا بن أخي إلى أن (تخذف) وترمي الحصاة مرة ثانية؟ ! إذًا؛ أي: إذا أبيت الانتهاء وقبول نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم .. (لا أكلمك) برفع الفعل؛ لعدم توفر شروط عمل إذًا؛ لأن ما قبلها ليس مستقبلًا، وفي بعض النسخ إسقاط إذًا، و (أبدًا) ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان متعلق بما
(16)
- 16 - (7) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ قَبِيصَةَ،
===
قبله؛ أي: لا أكلمك مدة حياتي، وهذا محل الترجمة من هذا الأثر؛ لأن فيه تغليظًا على من عارض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: مسلم؛ في كتاب الصيد والذبائح، باب (10)، الحديث (5026)، وابن ماجه أيضًا في كتاب الصيد، باب النهي عن الخذف، الحديث (3170).
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث المقدام بحديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(16)
- 16 - (7)(حدثنا هشام بن عمار) السلمي الدمشقي الخطيب صدوق مقرئ كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ)، وله اثنتان وتسعون سنة. يروي عنه:(خ عم).
(قال: حدثنا يحيى بن حمزة) بن واقد الحضرمي أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي، ثقة رمي بالقدر، من الثامنة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ) على الصحيح، وله ثمانون سنة. يروي عنه:(ع).
(قال: حدثني برد بن سنان) -بضم الباء وسكون الراء وكسر السين وبنونين- أبو العلاء الدمشقي نزيل البصرة القرشي مولاهم، صدوق رمي بالقدر، من الخامسة. يروي عنه:(عم).
(عن إسحاق بن قبيصة) بن ذؤيب -مصغرًا- الخزاعي الشامي، صدوق
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيَّ النَّقِيبَ صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا مَعَ مُعَاوِيَةَ أَرْضَ الرُّومِ، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَبَايَعُونَ
===
يرسل الحديث، من الرابعة، وفي التقريب: من السادسة، ولعل الصواب ما أثبتناه، مات في حدود عشرين ومئة (120 هـ)، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له:(ق) حديثه أن عبادة غزا مع معاوية
…
الحديث في الصرف.
(عن أبيه) قبيصة بن ذؤيب -بالمعجمة مصغرًا- ابن حَلْحَلَة الخزاعي أبي سعيد المدني نزيل دمشق، من أولاد الصحابة، وله رؤية، ولد عام الفتح، قال العجلي: تابعي مدني ثقة، مات سنة بضع وثمانين (83 هـ). يروي عنه:(ع).
(أن عبادة بن الصامت) بن قيس (الأنصاري) الخزرجي أبا الوليد المدني رضي الله تعالى عنه (النقيب) أي: نقيب الأنصار ليلة العقبة؛ يعني: هو أحد النقباء والرؤساء ليلة العقبة، شهد العقبتين وبدرًا، له مئة وأحد وثمانون حديثًا؛ اتفقا منها على ستة، وانفرد (خ) بحديثين، وكذا (م)، وقال في "التقريب": بدري مشهور، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين (34 هـ)، وله اثنتان وسبعون سنة، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية. يروي عنه: (ع).
(صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: ملازمه سفرًا وحضرًا.
وهذا السند من سداسياته؛ رجاله أربعة منهم شاميون، واثنان مدنيان، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات أو صدوقون.
(غزا) وجاهد (مع معاوية) بن أبي سفيان على عهد عمر بن الخطاب (أرض الروم، فنظر) عبادة (إلى الناس وهم) أي: والحال أنهم (يتبايعون)
كِسَرَ الذَّهَبِ بِالدَّنَانِيرِ، وَكِسَرَ الْفِضَّةِ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا ألنَّاسُ؛ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ الرِّبَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا تَبْتَاعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لَا زِيَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَظِرَةَ"، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ؛ لَا أَرَى الرِّبَا فِي هَذَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ نَظِرَةٍ، فَقَالَ عُبَادَةُ: أُحَدِّثُكَ
===
أي: يبيع بعضهم لبعض (كسر الذهب) -بكسر الكاف وفتح السين- جمع كسرة نظير قطع وقطعة لفظًا ومعنىً؛ أي: يبيعون الذهب المكسر الذي لم يضرب بالسكة (بالدنانير) المضروبة بالسكة، والمراد: أنهم يتبايعونها عدًا لا وزنًا، وإلا .. فالبيع صحيح إن حصل التماثل في الوزن.
(و) ويتبايعون (كسر الفضة) أي: الفضة المقطعة التي لم تضرب بالسكة (بالدراهم) المسكوكة عدًا لا وزنًا، (فقال) عبادة بن الصامت:(يا أيها الناس؛ إنكم تأكلون الربا) أي: تأخذون الزيادة في أحد العوضين؛ لأن المماثلة إنما تعتبر في النقدين بالوزن لا بالعد؛ لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تبتاعوا) أي: لا تبيعوا (الذهب بالذهب إلا) أن يكون (مثلًا) مقابلًا (بمثل) حالة كون المثلين (لا زيادة بينهما) أي: لا زيادة لأحدهما على الآخر، (و) حالة كونهما إلا نظرة) -بفتح فكسر بينهما- أي: لا إنظار ولا تاخير ولا تأجيل لأحد العوضين؛ لأن شرط صحة البيع في بيع النقدين إذا اتحد الجنس المماثلة في الوزن والتقابض والحلول.
(فقال له) أي: لعبادة (معاوية) بن أبي سفيان أمير الجيش (يا أبا الوليد) كنية عبادة بن الصامت؛ (لا أرى) ولا أعلم أن يكون (الربا في هذا) أي: فيما ذكرت من الذهب والفضة (إلا ما كان من نظرة) أي: إلا في تبايع كان مع نظرة؛ أي: مع تأخير أحد العوضين، وإن لم تحصل المماثلة في الوزن.
(فقال عبادة) بن الصامت لمعاوية: (أحدثك) يا معاوية حديثًا
عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتُحَدِّثُنِي عَنْ رَأْيِكَ، لَئِنْ أَخْرَجَنِي اللهُ لَا أُسَاكِنْكَ بأَرْضٍ لَكَ عَلَيَّ فِيهَا إِمْرَة، فَلَمَّا قَفَلَ .. لَحِقَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: مَا أَقْدَمَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؛ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَمَا قَالَ مِنْ مُسَاكَنَتِهِ فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضكَ، فَقَبَحَ اللهُ أَرْضًا لَسْتَ فِيهَا وَأَمْثَالُكَ،
===
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني) أنت حديثًا (عن رأيك) واجتهادك فتعارض به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! وهذا موضع الترجمة من هذا الأثر، أقسمت لك بالله الذي نفسي بيده (لئن أخرجني الله) سبحانه وتعالى من هذه الغزوة وسلمني من حوادثها (لا أساكنك بأرض) أي: لا أسكن ولا أقيم معك في أرض (لك على فيها) أي: في تلك الأرض (إمرة) أي: سلطنة وولاية -بكسر الهمزة- أي: حكومة وولاية؛ أي: أخرج وأسافر من الأرض التي لك فيها ولاية عليَّ؛ لأنه لا خير في صحبتك؛ لأنك تعارض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيك.
(فلما قفل) ورجع عبادة من تلك الغزاة .. (الحق بالمدينة) المنورة؛ أي: ارتحل من الشام وسافر إليها ليسكنها، (فقال له) أي: لعبادة (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أمير المؤمنين: (ما أقدمك) وأحضرك؟ أي: أيُّ شيء وأي سبب أقدمك من الشام إلى المدينة بعدما نزلت في الشام (يا أبا الوليد؟ فقص) عبادة (عليه) أي: على عمر (القصة) التي جرت بينه وبين معاوية، (وما قال) عبادة (من) قسمه على ترك (مساكنته) مع معاوية في أرض واحدة.
(فقال) عمر لعبادة: (ارجع يا أبا الوليد إلى أرضك) وشامك التي كنت فيها أولًا، (فقبح الله) وشان (أرضًا لست) أنت ساكنًا (فيها) وقول (وأمثالك) بالرفع معطوف على اسم ليس؛ أي: لست أنت وأمثالك ساكنًا فيها، والنصب
وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: لَا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ، وَاحْمِلِ النَّاسَ عَلَى مَا قَالَ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْآمِرُ.
(17)
- 17 - (8) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ،
===
على المعية بعيد معنىً، (وكتب) عمر (إلى معاوية: لا إمرة) ولا سيطرة الك عليه) أي: على عبادة، (واحمل) يا معاوية (الناس) وحرضهم (على) سمع (ما قال) عبادة وطاعته؛ (فإنه) فإن عبادة (هو الآمر) بالمعروف والناهي عن المنكر؛ أي: اعتقدوا فيه ذالك.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به للحديث الأول.
* * *
ثم استأنس المؤلف للترجمة بأثر ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، فقال:(17) - 17 - (8)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) -بفتح المعجمة واللام المشددة- ابن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ القطان التميمي أبو سعيد البصري الأحول، ثقة متقن إمام حافظ قدوة، من كبار التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي أبي بسطام البصري، ثقة ثبت حجة حافظ متقن، من السابعة مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، أَنْبَأَنَا عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. فَظُنُّوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي هُوَ أَهْنَاهُ
===
(عن) محمد (بن عجلان) القرشي مولاهم مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة أبي عبد الله المدني، وثقه أحمد وابن معين، وقال في "التقريب": صدوق، من الخامسة، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
قال: (أنبأنا عون بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله الكوفي الزاهد، ويقال: روايته عن الصحابة مرسلة، قال أحمد، ويحيى بن معين، والعجلي، والنسائي: ثقة، وذكر الدارقطني أن روايته عن ابن مسعود مرسلة، وقال في "التقريب": ثقة عابد، من الرابعة، مات قبل سنة عشرين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله بن مسعود) الهذلي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته؛ رجاله ثلاثة منهم بصريون، واثنان كوفيان، وواحد مدني، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه انقطاعًا وإن كان رجاله ثقات.
(قال) عبد الله بن مسعود: (إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فظنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم واعتقدوا فيه الأمر (الذي هو أهناه) أي: أهنأ فيه صلى الله عليه وسلم وأسوغ عليه وأليق به؛ أي: اعتقدوا فيه الأمر اللائق به في معنى ذالك الحديث لا المعنى الذي لا يليق إلا به سبحانه وتعالى؛ كالأسماء المشتركة بينه تعالى وبينه صلى الله عليه وسلم؛ كالرؤوف والرحيم والهادي، والضمير فيه وفيما بعده عائد إلى الرسول صلى الله عليه
وَأَهْدَاهُ وَأَتْقَاهُ.
(18)
- 18 - (9) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
===
وسلم، أو ظنوا به صلى الله عليه وسلم الأمر الذي هو أسوغ وأجوز وأنسب فيه، وذالك بأن يُعتقد أن ذالك الحديث جاء به من عند الله تعالى لا من عند نفسه، وأن قوله صواب وحق ونصح واجب العمل به، وأهناه بالقصر هنا، وفي الأصل مهمز؛ لأنه اسم تفضيل من هنأ الطعام بالهمزة إذا ساغ أو جاء بلا تعب ولم يعقبه بلاء ومرض، لكن قلبت همزته ألفًا للازدواج والمشاكلة لما بعده؛ لأنه من المحسنات البديعية اللفظية.
(و) ظنوا به الأمر الذي هو (أهداه) أي: أوفق لهدايته وأليق لنظام شريعته، أو ظنوا به المعنى الأوفق لهدايته وشريعته المطهرة من الخرافات والبدع، (و) ظنوا به المعنى الذي هو (أتقاه) أي: أوفق وأنسب بكمال تقواه ونزاهته عن اتباع الهوى، وأتقى اسم تفضيل من الاتقاء على الشذوذ؛ لأن القياس بناء اسم التفضيل من الثلاثي المجرد، وهو مبني على توهم أن التاء حرف أصلي. انتهى من "السندي".
وهذا الأثر انفرد به ابن ماجه، ولكن ذكره في "سنن الدارمي" من طريق ابن عجلان (1/ 145).
ودرجته: أنه ضعيف منقطع (2)(2)؛ لأن عون بن عبد الله لم يسمع من ابن مسعود، كما مر عن الدارقطني، ويغني عنه أثر على المذكور بعده، وغرضه بسوقه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف سابعًا لحديث المقدام بأثر علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(18)
- 18 - (9)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ،
===
قال: (حدثنا يحيى بن سعيد) القطان البصري.
(عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري.
(عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق بن الحارث الهمداني المرادي الجملي -بفتح الجيم والميم- نسبة إلى جمل بن كنانة المرادي، أبي عبد الله الكوفي الأعمى.
وثقه ابن معين، وقال في "التقريب": ثقة عابد كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، من الخامسة، قال ابن المديني: له نحو مئتي حديث، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي البختري) -بفتح الموحدة والمثناة الفوقية بينهما معجمة ساكنة- سعيد بن فيروز بن أبي عمران الطائي مولاهم التابعي الكوفي.
وثقه أبو زرعة وابن معين، وقال في "التقريب": ثقة ثبت فيه تشيع قليل، كثير الإرسال، من الثالثة، مات في الجماجم سنة ثلاث وثمانين (83 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله بن حبيب بن ربيعة -بضم المهملة وفتح الموحدة وتشديد الياء المكسورة- (أبي عبد الرحمن السلمي) -بضم المهملة وفتح اللام- المقرئ الكوفي، أقرأ القرآن أربعين سنة، مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة.
وثقه النسائي، وقال في "التقريب": ثقة ثبت، من الثانية، مات بعد السبعين، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وقال حجاج بن محمد، عن شعبة: لم يسمع من ابن مسعود ولا من عثمان، ولكن سمع من علي، وقال البخاري
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا .. فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْنَاهُ وَأَهْدَاهُ وَأَتْقَاهُ.
(19)
- 19 - (15) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ،
===
في "تاريخه الكبير": سمع عليًّا وعثمان وابن مسعود، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لم يثبت روايته عن علي. انتهى من "التهذيب". يروي عنه: (ع).
(عن علي بن أبي طالب) عبد مناف بن عبد المطلب الهاشمي الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته؛ رجاله ثلاثة منهم كوفيون، وثلاثة بصريون، وواحد مدني، وحكمه: الصحة؛ لأن الأصح عدم الإرسال فيه كما عليه البخاري، والله أعلم، ومن لطائفه: أن فيه رواية تابعي عن تابعي.
(قال) علي رضي الله عنه: (إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا .. فظنوا به) صلى الله عليه وسلم الشأن (الذي هو أهناه) أي: أدل على هنئه وفرحه، (وأهداه) أي: أوفق لهداه وشرعه، (وأتقاه) أي: الذي أدل على تقواه، تقدم البحث عنه، فجدد العهد به إن شئت.
وهذا الأثر انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لأن الأصح في سنده الاتصال، كما مر آنفًا، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
وأثر علي هذا مذكور في "سنن الدارمي" من طريق عمرو بن مرة برقم (1/ 145 - 165)، وما بعد أثر على هذا إلى آخر الباب ساقط في بعض النسخ.
* * *
ثم استأنس المؤلف ثانيًا للترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقال:(19) - 19 - (10)(حدثنا علي بن المنذر) بن زيد الأودي، ويقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، حَدَّثَنَا الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَا أَعْرِفَنَّ
===
الأسدي أبو الحسن الكوفي الطريقي -بفتح المهملة وكسر الراء بعدها تحتية ساكنة ثم قاف- نسبة إلى الطريق؛ لأنه ولد في الطريق. روى عن: ابن الفضل، وابن عيينة.
قال أبو حاتم: محله الصدق، وقال النسائي: شيعي محض ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق يتشيع، من العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(ت س ق).
قال: (حدثنا محمد بن الفضيل) بن غزوان الضبي مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق عارف رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
قال: (حدثنا المقبري) عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري الليثي مولاهم أبو عباد المدني، اتفقوا على أنه منكر الحديث متروكه، ضعيف، من السابعة. يروي عنه:(ت ق).
(عن جده) أبي سعيد المقبري كيسان بن سعيد المدني مولى أم شريك، قال النسائي: لا بأس به، وقال في "التقريب": ثقة، من الثانية، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم مدنيون، واثنان كوفيان، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويًا متفقًا على ضعفه؛ وهو عبد الله بن سعيد المقبري.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا أعرفن) من المعرفة؛ أي: لا
مَا يُحَدَّثُ أَحَدُكُمْ عَنِّي الْحَدِيثَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَيَقُولُ: أَقْرَأُ قُرْآنًا؛ مَا قِيلَ مِنْ قَوْلٍ حَسَنٍ .. فَأَنَا قُلْتُهُ".
===
أجدن ولا أعلمن، هو مضارع أسند إلى المتكلم مؤكد بالنون الثقيلة ولا ناهية، وظاهره نهي النبي صلى الله عليه وسلم نفسه عن أن يعرفهم على هذه الحالة، والمراد: نهيهم عن أن يعرفهم على هذه الحالة، والمراد نهيهم عن أن يكونوا على هذه الحالة؛ فإنهم إذا كانوا عليها .. يجدهم عليها ويعرفهم بها، كما تقدم في قوله:"لا ألفين أحدكم".
(ما) مصدرية، و (يحدث) من التحديث مبني للمجهول (أحدكم) نائب فاعل له؛ أي: لا أعرفن أن يحدث أحدكم (عني الحديث وهو متكئ) أي: متوسد (على أريكته) أي: على سريره المزين، (فيقول) ذالك الأحد في رد ذالك الحديث:(أقرأ قرآنًا) بصيغة المتكلم؛ أي: أنا أقرأ القرآن وأعرفه، فإن وجدت حديثك الذي حدثته لي موافقًا للقرآن .. قلته وقبلته منك؛ لأنه (ما قيل من قول حسن) موافق لي .. (فأنا قلته) أي: أقبله ولا أرده، وإلا .. فأنا أنكره، ويحتمل كون " اقرأ قرآنًا" على صيغة الأمر لمن حدثه؛ أي: فيقول ذالك الأحد للراوي آمرًا له: اقرأ أيها المحدث قرآنًا؛ فإنه كافيك ولا حاجة لنا إلى حديثك؛ لأنه ما قيل من قول حسن موافق لنا .. فأنا قلته قبل حديثك، وفي بعض النسخ:(من قِيلٍ) وهو بمعنى القول، وهذا من كلام المتكئ؛ ذكره افتخارًا بمقاله وإعجابًا برأيه، وإن مقاله مما ينبغي للناس الرجوع إليه، أو هو من قوله صلى الله عليه وسلم ذكره ردًا على المتكئ بأن رد المتكئ لقوله صلى الله عليه وسلم مردود، وأن قوله قول حسن لا يصح رده بما ذكره المتكئ. انتهى من "السندي" بتصرف.
(25)
- 25 - (11) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو،
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حديث منكر موضوع (3)(3)، وغرضه بسوقه: الاسثئناس به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثامنًا لحديث المقدام بأثر أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(20)
-20 - (11)(حدثنا محمد بن عباد بن آدم) الهذلي أبو عبد الله. روى عن: أبيه، وأبي أحمد الزبيري، وعبد الوهاب الثقفي، وابن أبي عدي، وغندر، ومروان بن معاوية، ومعتمر بن سليمان، وغيرهم، ويروي عنه: النسائي، وابن ماجه، وعمرو بن محمد بن بجير، والحسن بن علي الفسوي، وآخرون، وقال في "التقريب": مقبول، من العاشرة، مات سنة ثمان وستين ومئتين (268 هـ). يروي عنه:(س ق).
قال: (حدثنا أبي) عباد بن آدم الهذلي البصري .. روى عن: شعبة، وحماد بن سلمة، ويروي عنه:(ق)، وابنه محمد فقط، وقال في "التقريب": مجهول، من التاسعة.
(عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، ثقة إمام متقن، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي أبي عبد الله المدني. روى عن: أبيه، وأبي سلمة بن عبد الرحمن.
قال النسائي: ليس به بأس، وقال مرة: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"،
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ح وَحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ،
===
وقال في "التقريب": صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة فقيه كثير الحديث، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) الدوسي المدني رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته؛ رجاله ثلاثة منهم مدنيون، وثلاثة بصريون، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عباد بن آدم وهو مجهول.
(ح) أي: حول المؤلف السند، (و) قال:
(حدثنا هناد بن السري) وهذه الحاء نحت من التحويل، فلا تُقرَأ؛ لأن النحت رمز إلى المنحوت عنه، فلا يُقرَأ، بل هو المَقْرُوء، نظير قولهم:(انتهى)، وقولهم:(إلخ)، فلا تغتر بما قاله المحدثون فيها، وقد بسطنا الكلام عليها في "الكوكب الوهاج على صحيح مسلم" فراجعه، وإن شئت .. قلت في تفسيرها: قال المؤلف حولت السند، وقلت:(حدثنا هناد بن السري) -بفتح المهملة وكسر الراء المخففة بعدها ياء مشددة- ابن مصعب التميمي الدارمي أبي السري الكوفي.
وثقه النسائي، وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م عم).
قال: (حدثنا عَبْدَةُ بن سليمان) الكلابي أبو محمد الكوفي، ثقة ثبت، من
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا بْنَ أَخِي؛ إِذَا حَدَّثْتُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا .. فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ.
===
صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عمرو) بن عَلْقمة بن وقاص الليثي المدني.
(عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن.
(أن أبا هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله اثنان منهم كوفيان، وثلاثة مدنيون، وحكمه: الصحة، وغرضه بسوقه: بيان متابعة عَبْدة بن سليمان لشعبة بن الحجاج في رواية هذا الحديث عن محمد بن عَمْرو، وفائدتها تقوية السند الأول.
(قال) أي: أبو هريرة (لرجل) أي: لابن عباس حين روى عن أبي هريرة حديث الوضوء مما مسته النار، فقال ابن عباس: أنتوضأ يا أبا هريرة من الحميم؛ أي: من الماء الحار؛ أي: ينبغي على مقتضى هذا الحديث أن الإنسان إذا توضأ بالماء الحار .. يتوضأ ثانيًا بالماء البارد، فردَّ عليه أبو هريرة، فقال:(يا بن أخي) في الدِّين أو في الحُنُوِّ؛ (إذا حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا .. فلا تضرب له) أي: لذالك الحديث؛ أي: لا تجعل له (الأمثال) أي: الأشباه والنظائر بقصد معارضته؛ فإن الحديث لا يعارض بمثل هذه المعارضة المدفوعة بالنظر فيما أريد بالحديث؛ فإن المراد أن أكل ما مسته النار يوجب الوضوء لا مسه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهذا الأثر انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لأن حكم السند
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ الْكَرَابِيسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ مِثْلَ حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه.
===
الثاني الصحة، وإن كان الأول ضعيفًا، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
وقوله: (قال أبو الحسن) إلى آخر الباب ساقط في أكثر النسخ، ولعله من زيادة بعض من روى هذا "السنن" عن أبي الحسن، ولذلك جعله في آخر الباب، ولو كان من وضع المؤلف .. لجعله بعد أثر علي بن أبي طالب متصلًا به؛ لأنه من المتابعة اللاحقة به، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(قال أبو الحسن) علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر القطان القزويني المتوفى سنة (345 هـ) وهو من أشهر رواة هذا "السنن" حتى قيل: إن رواية غيره قد اندرست قديمًا، والذي انتشر الان من هذا "السنن" من روايته؛ أي: قال أبو الحسن على سبيل التجريد البديعي، أو قال من روى:
(حدثنا يحيى بن عبد الله الكرابيسي) نسبة إلى بيع الكرابيس -بفتح الكاف والراء- وهي الثياب من القطن.
(حدثنا علي بن الجعد) بن عبيد الجوهري البغدادي، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة ثلاثين ومئتين (230 هـ). يروي عنه:(خ د).
(عن شعبة) بن الحجاج العتكي البصري، ثقة متقن، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمرو بن مرة) الهمداني الكوفي، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).
وقوله: (مثل حديث علي رضي الله عنه منصوب بقوله: حدثنا علي بن الجعد؛ لأنه العامل في المتابع؛ أي: حدثنا علي بن الجعد عن شعبة مثل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
حديث يحيى بن سعيد القطان عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وهذا السند من سباعيات تلميذ المصنف، وحكمه: الصحة، وغرضه بسوقه: بيان متابعة علي بن الجعد ليحيى القطان في رواية هذا الأثر عن شعبة.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أحد عشر حديثًا:
الأول للاستدلال، والثامن والعاشر للاستئناس، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم