الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11) - (1) - فَضْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه
-
(91)
- 91 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ،
===
(11)
- (1) - (فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه)
اسمه عبد الله بن عثمان أبي قحافة بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب، ثم سماه النبي صلى الله عليه وسلم بالصديق؛ لكثرة تصديقه، ويسمى أيضًا بعتيق، واختلف في وجه تسميته بذلك: فقيل: لحديث: "من أراد أن ينظر إلى عتيق من النار .. فلينظر إلى أبي بكر"، وقيل: لأن أمه سمته بذلك، وقيل: سمي بذلك لجمال وجهه، وهو أول من أسلم من الرجال، ثم أسلم على يديه من العشرة المشهود لهم بالجنة خمسة: عثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص. انتهى.
ومن المقطوع به أنه حفظ من الأحاديث ما لم يحفظ غيره، وحصل له من العلم ما لم يحصل لغيره؛ لأنه الصفي والملازم في الحضر والسفر والليل والنهار، وإنما لم يتفرغ للحديث والرواية؛ لاشتغاله بالأهم، ولأن غيره قام عنه بذلك. انتهى (ط).
* * *
(91)
- 91 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.
(حدثنا وكيع) بن الجراح الكوفي.
(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا
===
(عن عبد الله بن مرة) الهمداني الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة مئة، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي الأحوص) عوف بن مالك بن نضلة الجشمي الكوفي، ثقة، من الثالثة، قتل في ولاية الحجاج على العراق. يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي -رضي الله تعالى عنه-.
وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه: أن رجاله كلهم كوفيون، وأنه اجتمع فيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض؛ الأعمش عن ابن مرة عن أبي الأحوص.
(قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) حرف تنبيه واستفتاح؛ أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (إني أبرأ) مضارع برئ من باب فرح، بمعنى: أتبرأ وأتخلص وأرُدّ (إلى كل خليل) وصديق (من خلته) أي: صداقته؛ أي: أتبرّأ من صداقة كل من يزعم أني اتخذته خليلًا، فلا يشمل عمومه الرب الجليل سبحانه وتعالى حتى يحتاج إلى استثناء، (من خلته) -بضم الخاء- أي: أتبرَّأ من اتخاذي إياه خليلًا، وهذا هو المعنى الموافق للسياق، والخلة -بالضم-: الصداقة والمحبة التي تخللت قلب المحب وتدعو إلى اطلاع المحبوب على سره، أو بمعنى الحاجة، والخليل حينئذ فعيل بمعنى المحتاج إليه.
ومعنى قوله: (ولو كنت متخذًا خليلًا) على الأول: لو جاز لي أن أتخذ صديقًا من الخلق تتخلل محبته في باطني وقلبي ويكون مطلعًا على سري ..
لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا؛ إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ"، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي نَفْسَهُ.
===
(لاتخذت أبا بكر خليلًا)، لكن محبوبي بهذه الصفة هو الله سبحانه، وعلى الثاني: لو اتخذت خليلًا أرجع إليه في الحاجات واعتمدت عليه في المهمات .. لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن اعتمادي في الجميع على الله سبحانه وهو سبحانه ملجئي وملاذي.
والمراد بقوله: (إن صاحبكم خليل الله) يريد نفسه أن صاحبكم قد اتخذ الله خليلًا، فليس له أن يتخذ غيره خليلًا احترازًا عن الشركة، لكن المتبادر إلى الأفهام أن الله اتخذ صاحبكم خليلًا، فيجب عليه أن ينقطع إليه، فكيف يتخذ غيره خليلًا؟ ! وعلى الثاني: يفهم من الحديث أن الله تعالى قد اتخذ نبينا صلى الله عليه وسلم خليلًا كما اتخذه حبيبًا، والخلة ليست مخصوصة بإبراهيم عليه السلام، بل حاصلة لنبينا صلى الله عليه وسلم بأكمل وجه وأتم مقام، ولا يخفى ما في هذا الحديث من الدلالة على فضل الصديق، وأنه يصلح أن يكون خليلًا لمثله صلى الله عليه وسلم لو جاز له اتخاذ أحد خليلًا سوى الله تعالى، وهل يعقل في العقل ويتصور في النقل درجة فوق هذا؟ !
(قال وكيع) بالسند السابق: (يعني) صلى الله عليه وسلم؛ أي: يقصد بقوله: إن صاحبكم (نفسه) الشريفة عليها أفضل الصلوات وأزكى التحيات.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب (47)، الحديث (6126)، والترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق الحديث (3655).
فدرجته: أنه صحيح، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
(92)
- 92 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ"، قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ.
===
ثم استشهد المؤلف رحمه الله لحديث ابن مسعود بحديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنهما-، فقال:
(92)
- 92 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) الطنافسي.
(قالا: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم التميمي.
قال: (حدثنا الأعمش عن أبي صالح) السمان ذكوان المدني.
(عن أبي هريرة) -رضي الله تعالى عنه-.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم كوفيون، واثنان مدنيان، وحكمه: الصحة.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نفعني مال) أحد (قط) ظرف مستغرق لما مضى من الزمان ملازم للنفي؛ أي: ما نفعني مال أحد من الناس في زمن من الأزمنة الماضية (ما نفعني) أي: مثل ما نفعني (مال أبي بكر) -رضي الله تعالى عنه-؛ لأنه خرج من نفسه وماله لله وأنفقه في طريق الهجرة، فكان ماله فداء لنفس الرسول صلى الله عليه وسلم، والكلام على التشبيه البليغ.
(قال) أبو هريرة: (فبكى أبو بكر) -رضي الله تعالى عنه- فرحًا به، (وقال: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله) أي: ليست نفسي ولا مالي إلا لله ولك يا رسول الله؛ فإني خرجت منهما لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، انظر إلى
(93)
- 93 - (3) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ،
===
مراعاة تأدبه وتواضعه في حضرته صلى الله عليه وسلم؛ فقد جعل نفسه كالعبد وكذلك الأدب؛ فالنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه. انتهى "تحفة الأشراف"، وفي "الزوائد": قلت: أخرجه الترمذي إلى قوله: (فبكى أبو بكر)، ورواه النسائي من هذا الوجه في المناقب.
قلت: مضمونه إلى قوله: (فبكى أبو بكر) في الصحيح، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله ثانيًا لحديث ابن مسعود بحديث علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهما-، فقال:
(93)
- 93 - (3)(حدثنا هشام بن عمار) السلمي الدمشقي، صدوق، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه (خ عم).
قال: (حدثنا سفيان) بن عيينة الهلالي أبو محمد الأعور الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الحسن بن عمارة) بن المُضرِّب - بميم مضمومة وفتح ضاد معجمة وكسر راء مشددة آخره موحدة -البجلي- بموحدة وجيم مفتوحتين- منسوب إلى بَجيلة؛ وهي أم والد أنمار بن راش، مولاهم، أبي محمد الكوفي.
قال أبو بكر المروزي عن أحمد: متروك الحديث، وقال أبو طالب عنه: كان منكر الحديث وأحاديثه موضوعة لا يكتب حديثه، وقال ابن معين: ضعيف،
عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
===
وقال الساجي: ضعيف متروك، أجمع أهل الحديث على ترك حديثه، وقال في "التقريب": متروك، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(عن فراس) -بكسر الفاء وبالسين المهملة- ابن يحيى الهمداني الخارفي أبي يحيى الكوفي، له نحو أربعين حديثًا، صدوق ربما وهم.
وقال العجلي: كوفي ثقة من أصحاب الشعبي، وقال ابن عمار: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان متقنًا من السادسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن الشعبي) عامر بن شراحيل الحميري الكوفي.
(عن الحارث) الأعور بن عبد الله الهمداني أبي زهير الكوفي، كان فقيهًا فرضيًّا ويفضل عليًّا على أبي بكر متشيعًا غاليًا، والعلة عند من ردّه التشيع.
وقد وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما، وضعفه الثوري وابن المديني وأبو زرعة والدارقطني وابن سعد وأبو حاتم وغيرهم، فهو مختلف فيه، من الثانية. يروي عنه:(عم).
(عن علي) بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-.
وهذا السند من سباعياته؛ رجاله خمسة منهم كوفيون، وواحد مدني، وواحد دمشقي، وحكمه: الضعف؛ لأن الحسن بن عُمارة اتفقوا على ضعفه.
(قال) علي بن أبي طالب: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة) -بضم الكاف- جمع كَهْل؛ كفلس وفلوس؛ وهو من خالطه الشيب، قال الطيبي: عبر به باعتبار ما كانوا عليه في الدنيا،
مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ مَا دَامَا حَيَّيْنِ".
(94)
- 94 - (4) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ
===
وإلا .. فليس في الجنة كهل؛ كقوله: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} (1) قيل: فالمعنى: هما سيدا من مات كهلًا من المسلمين، وإذا كانا سيدي الكهول .. فبالأولى أن يكونا سيدي الشباب، كذا قالوا، وقيل: أراد بالكهل هنا: الحليم العاقل، والله تعالى يدخل الجنة أهلها الحكماء العقلاء. انتهى "سندي".
(من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين)، ولكن (لا تخبرهما) أي: لا تخبر العُمرين (يا على) هذه المزية الثابتة لهما (ما داما حيين) أي: مدة بقائهما في الدنيا؛ والغرض من هذا إفادة التأبيد لئلا يُظن تخصيص النهي بالحال، وإلا .. فلا يتصور الإخبار بعد الموت.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب المناقب، باب في مناقب أبي بكر وعمر، وحسنه من بعض الوجوه.
فدرجة الحديث: أنه حسن لغيره؛ لأنّ له شاهدًا من حديث الترمذي، وإن كان سنده ضعيفًا .. فهو ضعيف السند، حسن المتن، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث ابن مسعود بحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنهما-، فقال:
(94)
- 94 - (4)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي، ثقة، من
(1) سورة النساء: (2).
وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
===
العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه:(ق).
(وعمرو بن عبد الله) بن حنش -بفتح المهملة والنون بعدها معجمة- ويقال: ابن محمد بن حنش الأودي. روى: عن أبيه، ووكيع، ويروي عنه:(ق)، وأبو حاتم، وابن خزيمة.
قال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، وذكره ابن حِبان في "الثقات".
(قالا) أي: قال على وعمرو: (حدثنا وكيع) بن الجراح.
(حدثنا الأعمش عن عطية بن سعد) بن جنادة -بضم الجيم بعدها نون خفيفة -الجدلي -بفتح الجيم والمهملة- أبي الحسن الكوفي.
ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وهُشيم، وقال أبو زرعة: لين، وقال أبو داوود: ليس ممن يعتمد عليه، وذكره ابن حبان في "الضعفاء"، وقال ابن معين: صالح، وقال ابن حبان: سمع من أبي سعيد أحاديث، وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله تعالى، وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به. انتهى "تهذيب"، وقال في "التقريب: صدوق يخطئ كثيرًا كان شيعيًا مدلسًا، من الثالثة، مات سنة إحدى عشرة ومئة (111 هـ). يروي عنه:(د ت ق).
(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك بن سنان الأنصاري المدني -رضي الله تعالى عنه-.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله كلهم كوفيون، إلا أبا سعيد الخدري؛ فإنه مدني، وحكمه: الحسن؛ لأن عطية العوفي مختلف فيه.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا يَرَاهُمْ مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ كَمَا يُرَى الْكَوْكَبُ الطَّالِعُ فِي الْأُفُقِ مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا".
===
(قال) أبو سعيد الخدري: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهل الدرجات) جمع الدرجة وهي المرتبة والطبقة (العلا) جمع عُليا كالكبرى؛ أي: من أهل الجنة (يراهم) وفي رواية الترمذي: (ليراهم) مؤكدة باللام، وهي بصرية، و (من) اسم موصول فاعل الرؤية (أسفل) ظرف منصوب صلة لمن الموصولة؛ أي: ليبصرهم وينظر إليهم الذين كانوا أسفل (منهم) أي: أسفل من أهل الدرجات العلا في المنزلة (كما يُرى) بالبناء للمفعول؛ أي: كما يرى أهل الأرض (الكوكب) أي: النجم (الطالع في الأفق) أي: في أفق (من آفاق السماء) أي: في ناحية من نواحي السماء.
(وإن أبا بكر وعمر منهم) أي: من أهل الدرجات العلا، وقوله:(وأنعما) فعل ماض اتصل به ألف الاثنين من باب أفعل الرباعي اللازم؛ مثل أبرع وأورق؛ أي: بل زادا على تلك المنزلة والمرتبة؛ من أنعم زيدٌ إذا زاد على غيره في النعمة، أو أنعما؛ أي: دخل أبو بكر وعمر في النعيم الأبدي؛ من قولهم: أنعم زيد إذا دخل في النعيم، وقيل: معناه صارا إلى النعيم الأبدي ودخلا فيه؛ كقوله: أشمل إذا دخل في الشمال، كذا في "النهاية".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- (3658)، وأبو داوود أيضًا، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
(95)
- 95 - (5) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ،
===
وحينئذ فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ ولأن له شاهدًا من رواية الترمذي وأبي داوود من هذا الطريق، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن مسعود بحديث حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنهم-، فقال:
(95)
- 95 - (5)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.
(حدثنا وكيع) بن الجراح الكوفي.
(ح وحدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي أبو بكر البصري.
(حدثنا مُؤَمَّلٌ) -بوزن محمد بهمزة- ابن إسماعيل العدوي مولى آل الخطاب أبو عبد الرحمن البصري. روى عن: سفيان الثوري. وروى عنه: (ت س ق)، وبندار.
وثّقه ابن معين، وقال ابن سعد: ثقة كثير الغلط، وقال الدارقطني: ثقة كثير الخطأ، ووثقه ابن راهويه، وقال أبو حاتم: صدوق شديد في السنة كثير الخطأ، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الساجي: صدوق كثير الخطأ، وله أوهام يطول ذكرها، من صغار التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ).
(قالا) أي: كل من وكيع ومؤمل: (حدثنا سُفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي.
(عن عبد الملك بن عمير) الفرسي اللخمي أبو عمر القبطي الكوفي،
عَنْ مَوْلىً لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَا أَدْرِي مَا قُدِّرَ بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي"،
===
ثقة فقيه تغير حفظه وربما دلس، من الرابعة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ)، وقد جاوز المئة. يروي عنه:(ع).
(عن مولىً لربعي بن حراش) اسمه هلال الكوفي. روى عن: مولاه حديث: "اقتدوا باللذين من بعدي؛ أبي بكر وعمر"، ويروي عنه: عبد الملك بن عمير.
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه:(ت ق)، ولم يُسمِّياه، وأشار الترمذي إلى تسميته تطبيقًا من رواية إبراهيم بن سعد عن الثوري عن عبد الملك. انتهى "تهذيب"، وقال في "التقريب": مقبول، من السادسة.
(عن ربعي بن حراش) -بكسر المهملة- العبسي أبي مريم الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات سنة مئة (100 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن حذيفة بن اليمان) العبسي أبي عبد الله الكوفي حليف الأنصار -رضي الله تعالى عنهما-.
وهذان السندان من سباعياته؛ الأول منهما من لطائفه: أن رجاله كلهم كوفيون، والثاني منهما من لطائفه: أن رجاله خمسة منهم كوفيون، واثنان بصريان، وحكمهما: الصحة، ولا يقدح كون مؤمل مختلفًا فيه؛ لأنه إنما ذكره على سبيل المقارنة.
(قال) حذيفة بن اليمان: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أدري ما قُدر بقائي فيكم) وما استفهامية؛ أي: لا أعلم كم مدة مقامي فيكم أقليلٌ أم كثير؟ (فاقتدوا باللذين) بالتثنية، وفيه تنبيه على خلافتهما بعده صلى الله عليه وسلم؛ أي: فأتموا بالخليفتين اللذين يقومان (من بعدي)
وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
(96)
-96 - (6) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ،
===
لصدق سريرتهما وحسن سيرتهما، وفيه إشارة لأمر الخلافة، قال المناوي: وقوله: "أبي بكر وعمر" بدل من اللذين، (وأشار) بيده الشريفة عند قوله: باللذين (إلى أبي بكر وعمر) رضي الله تعالى عنهما.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وقال: هذا حديث حسن، وأحمد في "مسنده"
قلت: ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث ابن مسعود بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(96)
- 96 - (6)) حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.
(حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الكوفي الأموي، ثقة فاضل، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروى عنه:(ع).
قال: (حدثنا) عبد الله (بن المبارك) الحنظلي مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة إحدى وثمانين ومئة (181 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمر بن سعيد بن أبي حسين) النوفلي المكي، ثقة، من السادسة.
يروي عنه: (خ م ت س ق).
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمَّا وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ .. اكْتَنَفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ، أَوْ قَالَ: يُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ قَدْ زَحَمَنِي وَأَخَذَ بِمَنْكِبِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالبٍ، فَتَرَحَّمَ
===
(عن) عبد الله بن عبيد الله (بن أبي مُليكة) -بالتصغير- زهير بن عبد الله بن جُدعان التيمي أبي بكر المكي، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
(قال: سمعت) عبد الله (بن عباس) الهاشمي أبا العباس الطائفي رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته؛ رجاله اثنان منهم مكيان، واثنان كوفيان، وواحد طائفي، وواحد مروزي، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
حالة كون ابن عباس (يقول: لما وُضع عمر) بن الخطاب (على سريره) .. قيل: للغسل بعد موته، قلت: أو على نعشه للحمل إلى المقبرة، وهو الأوفق بقوله: قبل أن يُرفع .. (اكتنفه الناس) أي: أحاطوا بأكنافه؛ أي: بجهاته كلها حالة كونهم (يدعون) له بالمغفرة (ويُصلون) له؛ أي: يترحمون له، ويحتمل على بعد صلاة الجنازة.
(أو قال) ابن عباس (يُثنون) عليه؛ أي: يذكرونه بالخير (ويُصلون عليه) أي: يترحمون عليه (قبل أن يُرفع) من موضعه ويُحمل إلى القبر، والشك من ابن أبي مليكة (وأنا فيهم) أي: قال ابن عباس: اكتنفوا به والحال أني فيهم، (فلم يَرُعْنِي) -بفتح الياء وضم الراء- من باب قال من الورع وهو الفزع؛ أي: لم يفزعني ولم يفجأني (إلا رجل قد زحمني) أي: ازدحم عليّ، (وأخذ) بيده (بمنكبي) بالإفراد؛ والمنكب: ما بين رأس العضد والعُنق، ويُسمى بالكاهل.
(فالتفت) إليه، (فإذا) هو (علي بن أبي طالب، فترحم) ذلك الرجل؛
عَلَى عُمَرَ ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللهِ؛ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللهُ عز وجل مَعَ صَاحِبَيْكَ؛ وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ أَكْثَرُ أَنْ أَسْمَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
===
يعني: عليًّا؛ أي: قال: رحمة الله (على عمر، ثم قال) عليّ مخاطبًا لعمر: (ما خلفت) -بفتح التاء- خطابًا لعمر؛ أي: ما تركت يا عمر في الدنيا (أحدًا أحب إلي) أي: أكثر محبوبية عندي (أن ألقى الله) سبحانه وتعالى (بمثل عمله منك) يا عمر، وفي هذا دلالة على أنه لا يعتقد أن لأحد عملًا في ذلك الوقت أفضل من عمل عمر، قال القرطبي: كانت الشيعة تنسب إلى عليّ أنه كان يبغض الخليفتين ينسبهما إلى الجَوْر في الإمامة، قال القاضي عياض: والحديث يرد عليهم ويكذبهم بل المعلوم منه في حقهما ما دل عليه الحديث من محبته لهما واعترافه بفضلهما عليه وعلى غيره وثنائه عليهما.
(وايم الله) أي: اسم الله قسمي؛ (إن) مخففة من الثقيلة بدليل ذكر اللام الفارقة بعدها؛ أي: إنه (كنت لأظن) اللام فيه لام الابتداء، وفي قوله:(ليجعلنك الله عز وجل مع صاحبيك) رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله تعالى عنه في المدفن، وقيل: في عالم القدس .. لام القسم، وفي رواية مسلم:(إن كنتُ لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك) قال القاضي عياض: وأوضح فيه صدق ظنه في دفنه معهما كما ذكر، قال الأبي: قلت: ولا يقال فيه الحلف على الظن؛ لأن حلفه إنما هو على وقوع الظن منه لا على المظنون صدقه الذي جعله ابن المواز اليمين الغموس. انتهى.
(وذلك) أي: وسبب ذلك الظن (أني كنت أكثر) بالرفع مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا؛ لقيام الحال مقامه، من قبيل قولهم: أخطب ما يكون الأمير قائمًا، وجملة قوله: (أن أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأويل
يَقُولُ: "ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"، فَكُنْتُ أَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ.
(97)
-97 - (7) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ،
===
مصدر مضاف إليه لأكثر، وجملة (يقول) حال قامت مقام الخبر، والجملة الاسمية خبر كنت، ولا يصح أن يكون لفظ (أكثر) خبرًا لكنت؛ إذ لا يصح أن يوصف الشخص بكونه أكثر سماعه، والتقدير: وذلك أني كنت أكثر سماعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلًا؛ أي: حاصلٌ إذا كان ووجد حالة كونه قائلًا: (ذهبت أنا) تأكيد لضمير الرفع المتصل؛ ليصح العطف عليه.
وقوله: (وأبو بكر وعمر) معطوف على ضمير الفاعل؛ أي: ذهبنا إلى كذا وكذا، (ودخلت أنا وأبو بكر وعمر) على كذا وكذا، (وخرجت أنا وأبو بكر وعمر) إلى كذا وكذا؛ أي: لا يصفُ نفسَه بشيء من الأفعال إلا ذكرهما معه، (فـ) بسبب كثرة سماعي ذلك منه صلى الله عليه وسلم (كنت أظن) والله (ليجعلنك الله مع صاحبيك) رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله تعالى عنه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم؛ روياه في كتاب فضائل الصحابة رضوان الله عليهم وعلينا أجمعين.
فدرجته: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(97)
-97 - (7)) حدثنا علي بن ميمون الرقي) نسبة إلى الرقة؛ اسم بلدة، أبو الحسن العطار.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
===
قال أبو حاتم: ثقة، وقال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة ست وأربعين ومئتين (246 هـ). يروي عنه:(س ق).
قال: (حدثنا سعيد بن مسلمة) بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي نزيل الجزيرة.
قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ضعيف، وقال الدارقطني: ضعيف يعتبر به، وقال ابن حبان في "الثقات": يخطئ.
قلت: وذكره في "الضعفاء"، فقال: فاحشُ الخطأ منكر الحديث جدًّا، وقال السَّاجيُّ: صدوق منكر الحديث، وقال في "التقريب": ضعيف، من الثامنة، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ت ق).
(عن إسماعيل بن أمية) بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن نافع) الفقيه العدوي مولاهم أبي عبد الله المدني، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله (بن عمر) العدوي أبي عبد الرحمن المكي رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله اثنان منهم مكيان، وواحد مدني، وواحد جزري، وواحد رقيّ، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويًا متفقًا على ضعفه؛ وهو سعيد بن مسلمة.
(قال) ابن عمر: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجرة
بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: "هكَذَا نُبْعَثُ".
(98)
- 98 - (8) حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ،
===
الشريفة إلى المسجد حالة كونه ماشيًا (بين أبي بكر وعمر، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هكذا نُبعث) يوم القيامة؛ أي: نبعث يوم القيامة من قبورنا حالة كوننا ماشيين؛ أي: أنا بينكما.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر وعمر، وقال: هذا حديث غريب، ولفظه بهذا السند المذكور هنا:(أن رسول الله خرج ذات يوم) أي: من الحجرة الشريفة، أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره (وهو آخذ بأيديهما هكذا) بالوصف المذكور من الاجتماع المُسطر، (نُبعث) أي: نُخرج من القبور، وقد روي بغير هذا الوجه.
ودرجته: أنه ضعيف (16)(16)؛ لأن في رجاله راويًا متفقًا على ضعفه؛ وهو سعيد بن مسلمة، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث أبي سعيد بحديث أبي جحيفة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(98)
-98 - (8)(حدثنا أبو شعيب صالح بن الهيثم الواسطي) الصيرفي الطحان، صدوق، من العاشرة. يروي عنه:(ق).
قال: (حدثنا عبد القدُّوس بن بكر بن خُنيس) -مصغرًا- أبو الجهم الكوفي. قال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات".
قلت: وذكر محمود بن غيلان عن أحمد وابن معين وأبي خيثمة أنهم ضربوا على حديثه، من التاسعة. يروي عنه:(ت ق).
حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ".
===
قال: (حدثنا مالك بن مِغْوَل) -بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو- البجلي أبو عبد الله الكوفي أحد علماء الكوفة.
وثقه أحمد وابن معين، وقال في "التقريب": ثقة ثبت، من كبار السابعة، مات سنة تسع وخمسين ومئة (159 هـ). يروي عنه (ع).
(عن عون بن أبي جُحيفة) وهب بن عبد الله السُّوائي -بضم المهملة- الكوفي أحد علماء الكوفة.
وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من الرابعة، مات سنة ست عشرة ومئة (116 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) وهب بن عبد الله السُّوائي -بضم المهملة ومد الواو- أبي جحيفة الكوفي مشهور بكنيته، ويقال له: وهب الخير، صحابي معروف كان من صغار الصحابة رضي الله تعالى عنه وعنهم أجمعين، مات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبلغ الحلم، له خمسة وأربعون حديثًا؛ اتفقا على حديثين، وانفرد (خ) بحديثين، و (م) بثلاثة، مات سنة أربع وسبعين (74 هـ).
وهذا السند من خماسياته؛ ورجاله كلهم ثقات، كلهم كوفيون إلا صالح بن الهيثم؛ فإنه واسطي، وحكمه: الصحة.
(قال) أبو جحيفة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين") تقدم تخريجه من حديث على رضي الله تعالى عنه.
(99)
- 99 - (9) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
والكهول جمع كهل؛ كفلس وفلوس، والكهل على ما في "القاموس": من جاوز الثلاثين أو أربعًا وثلاثين إلى إحدى وخمسين، فاعتبر ما كانوا عليه حال هذا الحديث، وإلا .. لم يكن في الجنة كهل؛ كقول تعالى:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} (1)، وقيل: سيدا من مات كهلًا من المسلمين فدخل الجنة؛ لأنه ليس فيها كهل، بل كل من يدخلها ابن ثلاث وثلاثين سنة، وإذا كانا سيدي الكهول .. فمن باب أولى أن يكونا سيدي شباب أهلها.
قلت: وقع في رواية أحمد: "هذان سيدا كهول أهل الجنة وشبابها بعد النبيين والمرسلين".
قال الجزري في "النهاية": الكهل من الرجال: من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين، وقيل: من ثلاثٍ وثلاثين سنة إلى تمام الخمسين، وقد اكتهل الرجل وكاهل إذا بلغ الكهولة فصار كهلًا، وقيل: أراد بالكهل ها هنا: الحليم العاقل؛ أي: إن الله يدخل أهل الجنة الجنة حلماء عقلاء. انتهى.
وقوله: "من الأولين والآخرين" أي: من الناس أجمعين. انتهى تحفة "الأحوذي".
* * *
ثم استشهد المؤلف سابعًا لحديث ابن مسعود بحديث أنس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(99)
- 99 - (9)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري.
(1) سورة النساء: (2).
وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؟ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ"،
===
وثقه أبو حاتم والنسائي، وقال في "التقريب": ثقة رمي بالنصب، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).
(والحسين بن الحسن المروزي) أبو عبد الله المكي، صدوق، من العاشرة، مات سنة ست وأربعين ومئتين (246 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(قالا: حدّثنا المُعتمرُ بن سليمان) التيمي أبو محمد البصري.
وثقه أبو حاتم وابن معين وابن سعد، وقال في "التقريب": ثقة، من كبار التاسعة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن حُميد) بن أبي حُميد -اسمه تَيرٌ أو تيرويه- مولى طلحة الطلحات، أبي عبيدة البصري الطويل.
(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته؛ رجاله كلهم بصريون، وحكمه: الصحة.
(قال) أنس: (قيل: يا رسول الله؛ أيُّ) أفراد (الناس أحب إليك؟ ) يا رسول الله؛ أي: أشد محبوبية عندك يا رسول الله، والسائل هو عمرو بن العاص كما هو مصرح في رواية الترمذي، وسبب سؤاله عن ذلك أنه وقع في نفس عمرو لما أمَّره النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل على الجيش وفيهم أبو بكر وعمر أنه مقدّم عنده في المنزلة عليهم، فسأله لذلك.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبُّهم عنده (عائشة) بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين، وهذه المحبة كانت باعتبار بعض الوجوه، فمرجعها إلى
قِيلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا".
===
الفضل الجزئي، فلا يدل على الفضل الكلي، ولذلك جاء فيها تقديم أبي عبيدة على عثمان وعلي. انتهى.
(قيل) له صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناس أحب إليه (من الرجال؟ قال: أبوها) أبو بكر الصديق رضي الله عنهما، زاد البخاري في المغازي: قلت: ثم من؟ قال: عمر، فعدّ رجالًا، فسكتُّ مخافة أن يجعلني في آخرهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب المناقب، باب فضل عائشة بطريق عمرو بن العاص، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والبخاري أيضًا من طريق عمرو بن العاص في كتاب المغازي.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف من الأحاديث في هذا الباب: تسعة:
الأول للاستدلال، والسابع للاستئناس؛ لأنه ضعيف، وهو الحديث السابع في الباب، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم