الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذ الجزية من المشركين
1092 -
وعن عاصم بن عمر عن أنس، وعن عثمان بن أبي سليمان رضي الله عنهم أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة الجندل، فأخذوه، فحقن دمه، وصالحه على الجزية. رواه أبو داود (1).
هو أبو عمرو عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي، أمه جميلة بنت أخت عاصم بن ثابت. وقيل: ابن بنت عاصم. والأول أكثر، ولد قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وكان وسيمًا جسيمًا، خيرًا فاضلًا، شاعرًا، مات سنة سبعين قبل موت أخيه عبد الله بأربع سنين، وهو جد عمر بن عبد العزيز لأمه، روى عنه أبو أمامة بن سهل بن خيف وعروة بن الزُّبير (2).
وعثمان هو عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم القرشي المكيِّ، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن، وعامر بن عبد الله بن الزُّبير، وابن أبي مليكة، وروى عنه ابن عيينة وإسماعيل بن أميَّة وابن جريج (3).
وقوله: بعث خالدا .. إلخ. بعثه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو بتبوك إلى أكيدر -مصغرًا- ابن عبد الملك الكندي، قال الشَّافعي رحمه الله تعالى (4): الكندي
(1) أبو داود، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في أخذ الجزية 3/ 164 ح 3037.
(2)
ينظر تهذيب الكمال 13/ 520.
(3)
ينظر تهذيب الكمال 19/ 384.
(4)
الأم 4/ 173.
والغساني صاحب دومة الجندل، بضم الدال، ويقال: دوماء الجندل بالضم أيضًا. وقال (1): "إنك تجده يصيد البقر". فمضى خالد حتَّى إذا كان من حصنه بمبصر العين في ليلة مقمرة أقام، وجاءت بقر الوحش حتَّى حكت قرونها بباب القصر، فخرج إليها أكيدر في جماعة من خاصته، فتلقتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا أكيدر، وقتلوا أخاه حسَّان، فحقن رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه، وكان نصرانيًّا، واستلب خالد حسَّان قباء من ديباج مخوصًا بالذهب وبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجار خالد أكيدر من القتل حتَّى يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يفتح له دومة الجندل ففعل، وصالحه على ألفي بعير وثمانمائة رأس، وأربعمائة درع وأربعمائة رمح، فعزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفيه خالصًا، ثم قسم الغنيمة وأخرج الخمس، فكان للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم قسم ما بقي في أصحابه، فصار لكل واحد منهم خمس فرائض، وكان مع خالد أربعمائة فارس ثم قدم به خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى الإسلام فأبى وأقر بالجزية (2). وفيه دلالة على أن الجزية تؤخذ من عربي كتابي، والخلاف فيه لأبي يوسف فقال (3): لا يقر العربي على الجزية ولو كان كتابيًّا. قال الشَّافعي (4): ولولا أنا نأثم بتمني باطل وددنا أن الذي قاله أبو يوسف كما قال، وألا يجرى صغار على عربي ولكن الله أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به. انتهى.
(1) أي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم.
(2)
سيرة ابن هشام 2/ 526، والطبقات الكبرى 2/ 166، ودلائل النبوة لأبي نعيم 2/ 526، 527.
(3)
الخراج لأبي يوسف ص 128، 129.
(4)
الأم 7/ 369.