الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفِعْل الْمُضَارع
وَلما فرغت من ذكر أَمر وَحكمه وَبَيَان مَا اخْتلف فِيهِ مِنْهُ ثلثت بالمضارع فَذكرت أَن علامته أَن يصلح دُخُول لم عَلَيْهِ نَحْو لم يلد
وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد وَذكرت أَنه لَا بُد أَن يكون فِي أَوله حرف من حُرُوف نأيت وَهِي النُّون وَالْألف وَالْيَاء وَالتَّاء نَحْو نقوم وأقوم وَيقوم وَتقوم وَتسَمى هَذِه الْأَرْبَعَة أحرف المضارعة وَإِنَّمَا ذكرت هَذِه الأحرف بساطا وتمهيدا للْحكم الَّذِي بعْدهَا لَا لأعرف بهَا الْفِعْل الْمُضَارع لأَنا وجدناها تدخل فِي أول الْفِعْل الْمَاضِي نَحْو أكرمت زيدا وتعلمت الْمَسْأَلَة ونرجست الدَّوَاء إِذا جعلت فِيهِ نرجسا ويرنأت الشيب إِذا خضبته باليرناء وَهُوَ الْحِنَّاء وَإِنَّمَا الْعُمْدَة فِي تَعْرِيف الْمُضَارع دُخُول لم عَلَيْهِ وَمَا فرغت من ذكر عَلَامَات الْمُضَارع شرعت فِي ذكر حكمه فَذكرت أَن لَهُ حكمين حكما بِاعْتِبَار أَوله وَحكما بِاعْتِبَار آخِره فَأَما حكمه بِاعْتِبَار أَوله فَإِنَّهُ يضم تَارَة وَيفتح أُخْرَى فيضم إِن كَانَ الْمَاضِي اربعة أحرف سَوَاء كَانَت كلهَا أصولا نَحْو دحرج يدحرج أَو كَانَ بَعْضهَا أصلا وَبَعضهَا زَائِدا نَحْو اكرم يكرم فَإِن الْهمزَة فِيهِ زَائِدَة لِأَن أَصله كرم وَيفتح إِن كَانَ الْمَاضِي أقل من الْأَرْبَعَة أَو أَكثر مِنْهَا
فَالْأول نَحْو ضرب يضْرب وَذهب يذهب وَدخل يدْخل وَالثَّانِي نَحْو انْطلق ينْطَلق واستخرج يسْتَخْرج وَأما حكمه بِاعْتِبَار آخِره فَإِنَّهُ تَارَة يبْنى على السّكُون وَتارَة يبْنى على الْفَتْح وَتارَة يعرب فَهَذِهِ ثَلَاث حالات لآخره كَمَا أَن لآخر الْمَاضِي ثَلَاث حالات وَلآخر الْأَمر ثَلَاث حالات فَأَما بِنَاؤُه على السّكُون فشروط بِأَن يتَّصل بِهِ نون الْإِنَاث نَحْو النسْوَة يقمن ووالوالدات يرضعن والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ وَمِنْه إِلَّا أَن يعفون لِأَن الْوَاو أَصْلِيَّة وَهِي وَاو عَفا يعْفُو وَالْفِعْل مَبْنِيّ على السّكُون لاتصاله بالنُّون وَالنُّون فَاعل مُضْمر عَائِد على المطلقات ووزنه يفعلن وَلَيْسَ هَذَا كيعفون فِي قَوْلك الرِّجَال يعفون لِأَن تِلْكَ الْوَاو ضمير لجَماعَة المذكرين كالواو فِي قَوْلك يقومُونَ وواو الْفِعْل حذفت وَالنُّون عَلامَة الرّفْع ووزنه يعفرن وَهَذَا يُقَال فِيهِ إِلَّا أَن يعفوا بِحَذْف نونه كَمَا تَقول إِلَّا أَن يقومُوا وَسَيَأْتِي شرح ذَلِك كُله وَأما بِنَاؤُه على الْفَتْح فمشروط بِأَن تباشره نون التوكيد لفظا وتقديرا نَحْو كلا لينبذن واحترزت بِذكر الْمُبَاشرَة من نَحْو قَوْله تَعَالَى وَلَا تتبعان سَبِيل الَّذين لَا يعلمُونَ لتبلون فِي أَمْوَالكُم فإمَّا تَرين من الْبشر أحدا فَإِن الْألف فِي الأول وَالْوَاو الثَّانِي وَالْيَاء فِي الثَّالِث فاصلة بَين الْفِعْل وَالنُّون فَهُوَ مُعرب لَا مَبْنِيّ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْفَاصِل بَينهمَا مُقَدرا كَانَ الْفِعْل أَيْضا معربا وَذَلِكَ كَقَوْلِه