الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي التوكيد لَفْظِي ومعنوي
ص والتوكيد وَهُوَ إِمَّا لَفْظِي نَحْو أَخَاك أَخَاك إِن من لَا أَخا لَهُ وَنَحْو أَتَاك أَتَاك اللاحقون احْبِسْ احْبِسْ وَنَحْو لَا لَا أبوح بحب بثنة إِنَّهَا وَلَيْسَ مِنْهُ دكا دكا وَصفا صفا ش الثَّانِي من التوابع التوكيد وَيُقَال فِيهِ ايضا التَّأْكِيد بِالْهَمْزَةِ وبإبدالها ألفا على الْقيَاس فِي نَحْو فأس وَرَأس وَهُوَ ضَرْبَان لَفْظِي ومعنوي وَالْكَلَام الْآن فِي اللَّفْظِيّ وَهُوَ إِعَادَة اللَّفْظ الأول بِعَيْنِه سَوَاء كَانَ اسْما كَقَوْلِه أَخَاك أَخَاك إِن من لَا أَخا لَهُ كساع إِلَى الهيجا بِغَيْر سلَاح
وانتصاب أَخَاك الأول بإضمار احفظ أَو الزم أَو نَحْوهمَا وَالثَّانِي تَأْكِيد لَهُ أَو فعلا كَقَوْلِه فَأَيْنَ إِلَى أَيْن النجَاة ببغلتي أَتَاك أَتَاك اللاحقون احْبِسْ احْبِسْ
تَقْدِير الْبَيْت فَأَيْنَ تذْهب إِلَى أَيْن النجَاة ببغلتي فَحذف الْفِعْل الْعَامِل فِي أَيْن الأول وَكرر الْفِعْل وَالْمَفْعُول فِي قَوْله أَتَاك أَتَاك واللاحقون فَاعل بأتاك الأول وَلَا فَاعل للثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا ذكر للتَّأْكِيد لَا ليسند إِلَى شَيْء وَقيل إِنَّه فَاعل بهما مَعًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لما اتحدا لفظا وَمعنى نزلا منزلَة الْكَلِمَة الْوَاحِدَة وَقيل إنَّهُمَا تنَازعا قَوْله اللاحقون وَلَو كَانَ كَذَلِك لزم أَن يضمر فِي أَحدهمَا فَكَانَ يَقُول أتوك أَتَاك اللاحقون على إِعْمَال الثَّانِي وأتاك أتوك على إِعْمَال الأول وَقَوله احْبِسْ احْبِسْ تَكْرِير للجملة لِأَن الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي الْفِعْل فِي قُوَّة الملفوظ بِهِ أَو حرفا كَقَوْلِه لَا لَا أبوح بحب بثنة إِنَّهَا أخذت عَليّ مواثقا وعهودا
وَلَيْسَ من تَأْكِيد الِاسْم قَوْله تَعَالَى كلا إِذا دكت الأَرْض دكا دكا وَجَاء رَبك والمل صفا صفا خلافًا لكثير من النَّحْوِيين لِأَنَّهُ جَاءَ فِي التَّفْسِير أَن مَعْنَاهُ دكا بعد دك وَأَن الدك كرر عَلَيْهَا حَتَّى صَارَت هباء منبثا وَأَن معنى صفا صفا أَنه تنزل مَلَائِكَة كل سَمَاء فيصطفون صفا بعد صف محدقين بالجن وَالْإِنْس وعَلى هَذَا فَلَيْسَ الثَّانِي فِيهِ تَأْكِيدًا للْأولِ بل المُرَاد بِهِ التكرير كَمَا يُقَال عَلمته الْحساب بَابا بَابا وَكَذَلِكَ لَيْسَ من تَأْكِيد الْجُمْلَة قَول الْمُؤَذّن الله أكبر الله أكبر خلافًا لِابْنِ جني لِأَن الثَّانِي لم يُؤْت بِهِ لتأكيد الأول بل لإنشاء تَكْبِير ثَان بِخِلَاف قَوْله قد قَامَت الصَّلَاة قد قَامَت الصَّلَاة فَإِن الْجُمْلَة الثَّانِيَة خبر ثَان جِيءَ بِهِ لتأكيد الْخَبَر الأول ص أَو معنوي وَهُوَ بِالنَّفسِ وَالْعين مؤخرة عَنْهَا إِن اجتمعتا وتجمعان على أفعل مَعَ غير الْمُفْرد وَبِكُل لغير مثنى إِن تجزأ بِنَفسِهِ أَو بعامله وبكلا وكلتا لَهُ إِن صَحَّ وُقُوع الْمُفْرد موقعه واتحد معنى الْمسند ويضفن لضمير الْمُؤَكّد وبأجمع وجمعاء وجمعهما غير مُضَافَة ش النَّوْع الثَّانِي التَّأْكِيد الْمَعْنَوِيّ وَهُوَ بِأَلْفَاظ محصورة مِنْهَا النَّفس وَالْعين وهما لرفع الْمجَاز عَن الذَّات تَقول جَاءَ زيد
فَيحْتَمل مَجِيء ذَاته وَيحْتَمل مَجِيء خَبره أَو كِتَابه فَإِذا قلت نَفسه ارْتَفع الِاحْتِمَال الثَّانِي وَلَا بُد من اتصالهما بضمير عَائِد على الْمُؤَكّد وَذَلِكَ أَن تؤكد بِكُل مِنْهُمَا وَحده وَأَن تجمع بَينهمَا بِشَرْط أَن تبدأ بِالنَّفسِ تَقول جَاءَ زيد نَفسه عينه وَيمْتَنع جَاءَ زيد عينه نَفسه وَيجب إِفْرَاد النَّفس وَالْعين مَعَ الْمُفْرد وجمعهما على وزن أفعل مَعَ التَّثْنِيَة وَالْجمع تَقول جَاءَ الزيدان أَنفسهمَا أعينهما والزيدون أنفسهم أَعينهم والهندات أَنْفسهنَّ أعينهن وَمِنْهَا كل لرفع إِرَادَة الْخُصُوص بِلَفْظ الْعُمُوم تَقول جَاءَ الْقَوْم فَيحْتَمل مَجِيء جَمِيعهم وَيحْتَمل مَجِيء بَعضهم وَأَنَّك عبرت بِالْكُلِّ عَن الْبَعْض فَإِذا قلت كلهم رفعت هَذَا الِاحْتِمَال وَإِنَّمَا يُؤَكد بهَا بِشُرُوط أَحدهَا أَن يكون الْمُؤَكّد بهَا غير مثنى وَهُوَ الْمُفْرد وَالْجمع الثَّانِي أَن يكون متجزئا بِذَاتِهِ أَو بعامله فَالْأول كَقَوْلِه تَعَالَى فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ وَالثَّانِي كَقَوْلِك اشْتريت العَبْد كُله فَإِن العَبْد يتَجَزَّأ بِاعْتِبَار الشِّرَاء وَإِن كَانَ لَا يتَجَزَّأ بِاعْتِبَار ذَاته وَلَا يجوز جَاءَ زيد كُله لِأَنَّهُ لَا يتَجَزَّأ لَا بِذَاتِهِ وَلَا بعامله الثَّالِث أَن يتَّصل بهَا ضمير عَائِد على الْمُؤَكّد فَلَيْسَ من التَّأْكِيد قِرَاءَة بَعضهم إِنَّا كلا فِيهَا خلافًا للزمخشري والفرآء وَمِنْهَا كلا وكلتا وهما بِمَنْزِلَة كل فِي الْمَعْنى تَقول جَاءَ الزيدان فَيحْتَمل مجيئهما مَعًا وَهُوَ الظَّاهِر وَيحْتَمل مَجِيء أَحدهمَا وَأَن المُرَاد أحد الزيدين كَمَا قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتي عَظِيم إِن مَعْنَاهُ
على رجل من إِحْدَى القريتين فَإِذا قيل كِلَاهُمَا انْدفع الِاحْتِمَال وَإِنَّمَا يؤكده بهما بِشُرُوط أَحدهَا أَن يكون الْمُؤَكّد بهما دَالا على اثْنَتَيْنِ الثَّانِي أَن يَصح حُلُول الْوَاحِد مَحلهمَا فَلَا يجوز على الْمَذْهَب الصَّحِيح أَن يُقَال اخْتصم الزيدان كِلَاهُمَا لِأَنَّهُ لَا يحْتَمل أَن يكون المُرَاد اخْتصم أحد الزيدين فَلَا حَاجَة للتَّأْكِيد الثَّالِث أَن يكون مَا أسندته إِلَيْهِمَا غير مُخْتَلف فِي الْمَعْنى فَلَا يجوز مَاتَ زيد وعاش عَمْرو كِلَاهُمَا الرَّابِع أَن يتَّصل بهما ضمير عَائِد على الْمُؤَكّد بهما وَمِنْهَا أجمع وجمعاء وجمعهما وَهُوَ أَجْمَعُونَ وَجمع وَإِنَّمَا يُؤَكد بهَا غَالِبا بعد كل فَلهَذَا استغنت عَن أَن يتَّصل بهَا ضمير يعود على الْمُؤَكّد تَقول اشْتريت العَبْد كُله أجمع وَالْأمة كلهَا جَمْعَاء وَالْعَبِيد كلهم أَجْمَعِينَ وَالْإِمَاء كُلهنَّ جمع قَالَ الله تَعَالَى فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ وَيجوز التأكد بهَا وَإِن لم يتَقَدَّم كل قَالَ الله تَعَالَى لأغوينهم أَجْمَعِينَ وَإِن جَهَنَّم لموعدهم أَجْمَعِينَ وَفِي الحَدِيث إِذا صلى الإِمَام جَالِسا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ يرْوى بِالرَّفْع تَأْكِيدًا للضمير وَبِالنَّصبِ على الْحَال وَهُوَ ضَعِيف لاستلزامه تنكيرها وَهِي معرفَة بنية الْإِضَافَة وَقد فهم من قولي أجمع وجمعاء وجمعهما أَنَّهُمَا لَا يثنيان فَلَا يُقَال أجمعان وَلَا جمعاوان وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور الْبَصرِيين وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن ذَلِك لم يسمع ص وَهِي بِخِلَاف النعوت لَا يجوز أَن تتعاطف المؤكدات وَلَا أَن يتبعن نكرَة وندر
يَا لَيْت عدَّة حول كُله رَجَب ش ذكرت فِي هَذَا الْموضع مَسْأَلَتَيْنِ من مسَائِل بَاب النَّعْت إِحْدَاهمَا ان النعوت إِذا تَكَرَّرت فَأَنت فِيهَا مُخَيّر بَين الْمَجِيء بالْعَطْف وَتَركه فَالْأول كَقَوْلِه تَعَالَى سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى الَّذِي خلق فسوى وَالَّذِي قدر فهدى وَالَّذِي أخرج المرعى وكقول الشَّاعِر إِلَى الْملك القرم وَابْن الْهمام وَلَيْث الكتيبة فِي المزدحم
وَالثَّانِي كَقَوْلِه تَعَالَى وَلَا تُطِع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير مُعْتَد أثيم الْآيَة الثَّانِيَة أَن النَّعْت كَمَا يتبع الْمعرفَة كَذَلِك يتبع النكرَة وَذكرت أَن الفاظ التوكيد مُخَالفَة للنعوت فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تتعاطف إِذا اجْتمعت لَا يُقَال جَاءَ زيد نَفسه وعينه وَلَا جَاءَ الْقَوْم كلهم وأجمعون وَعلة ذَلِك أَنَّهَا بِمَعْنى وَاحِد وَالشَّيْء لَا يعْطف على نَفسه بِخِلَاف النعوت فَإِن مَعَانِيهَا متخالفة وَكَذَلِكَ لَا يجوز فِي أَلْفَاظ التوكيد أَن تتبع نكرَة لَا يُقَال جَاءَ رجل نَفسه لِأَن الفاظ التوكيد معارف فَلَا تجْرِي على النكرات وشذ قَول الشَّاعِر لكنه شاقه أَن قيل ذَا رَجَب يَا لَيْت عدَّة حول كُله رَجَب ص