الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: مقدّمات حول الكلمة والجملة
(1)
مقدمة
* النحويّ يبحث في الكلام العربي من جهة إعراب مفرداته وجُمْله، وما يجب في تراكيب الجمل البسيطة والْمُرَكّبَةِ كجُمَلِ الشرط، وما يجوز فيها من تقديم أو تأخير، وما يجوز في الكلام من ذكر أو حذف أو نيابة، مع تحديد أصول المعاني التي تدلُّ عليها صِيَغُ الأسماء والأفعال ومشتقّاتها، ومتعلقات الفعل، وأصول المعاني التي تدلُّ عليها حروفُ المعاني.
* والصَّرْفيّ يبحث في الكلمة العربيّة من جهة بنائها وضوابطه في اللّسان العربي، وفي المعاني الأصول التي وُضعت صِيغُ الكلمات للدَّلالة عليها.
* ويشارِكُ النّحويُّ الصرفيَّ في بعض ما هو مختصٌّ به، وقد يشارك الصّرْفيُّ النحويّ في بعض مسائله الخاصة به.
* أمّا عالم البلاغة فيوجّه اهتمامَه حَوْلَ الكلمة والجملة العربية للمعاني التي تدلُّ عليها صِيَغُ الكلمات، وأُصُول التراكيب وفروعها، وللمعاني الّتي يَدُلُّ عليها التقديم والتأخير في مواضع الكلماتِ عمّا هو الأصْلُ في التراكيب، وللمعاني التي
يَدُلُّ عليها الذّكْرُ والحذف، والاقتصارُ، وَوَضْعُ نوع من الكلام بدَلَ نوعٍ آخر، كظاهر بدل مضمر، ومُضمَرٍ بدَلَ ظاهر، واسْمِ موصول بدل اسم جنس، أو اسْمٍ عَلَمٍ، وغير ذلك ممّا فيه دلَالَةٌ على معنىً يمكن بحسب الاستعمال العربيّ أنْ يُدَلَّ به عليه، ممّا قَصَد به بُلَغاءُ أهل اللّسان الدلالةَ به عليه.
وقد وجّه علماء البلاغة اهتمامهم لهذه الأمور ضِمْن أمور أخرى احتفلوا بها، بغية التنبيه على معالم المنهج الأمثل للناطق العربي، كَيْما يُحْسِنَ تدبُّر النصوص الرفيعة، وفَهْمَ صُوَرِ الآداب الراقية ونقْدَها، وكيْمَا يتدرّبَ المؤهَّلُ للارتقاء في إنْشاء وارتجال الكلام الفصيح البليغ الراقي بعناصره الأدبيَّة، حتى يكون أديباً فصيحاً بليغاً منضبطاً مع أساليب اللّسان العربيّ، في الذكر والحذف، والتقديم والتأخير، والإِظهار والإِضمار، واختيار نوع دون غيره من أنواع الكلام، وانتقاء المفردات بعناية، وتجويد التراكيب وتَحْسِينها، وتصفيف الكلمات والْجُمَل بدقة، لتَبْلُغَ الْمَبْلَغ المطلوبَ من التأثير في الّذين يَتَلَقَّوْنَ كلامه، معَ دلالته على ما يريد من معانٍ بحسَب قواعد دلالاتها الصريحة أو الضمنيّة أو اللُّزومية، حتَّى مُسْتَوى الإِشارَةِ والرّمْزِيّة.
ومن هذا نشأ عند البلاغيين ما يسمَّى بعلم المعاني.
***
(2)
تعريف علم المعاني
هو علْمٌ يعرف به أحوال الكلام العربيّ التي تهدي العالمَ بها إلى اختيار ما يُطَابقُ منها مقتضى أحوال المخاطبين، رجاء أن يكون ما يُنْشِىءُ من كلامٍ أدبيٍّ بَلِيغاً.
ويدور هذا العلم حول تحليل الجملة المفيدة إلى عناصرها، والبحث في أحوال كلّ عنصر منها في اللّسان العربيّ، ومواقع ذكره وحذفه، وتقديمه وتأخيره، ومواقع التعريف والتنكير، والإِطلاق والتَّقْيِيد، والتأكيد وعدمه، ومواقع الْقَصرِ وعَدَمه، وحَوْلَ اقتران الجمل المفيدة ببعضها، بعطف أو بغير عطف، ومواقع كلٍّ منهما ومقتضياته، وحول كون الجملة مساوية في ألفاظها لمعناها، أو أقلَّ منه، أو زائداً عليه، ونحو ذلك.
***