الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما يطابق حالَ المخاطب أو المتلقّي من الكلام مع فصاحة مفرادته، وفصاحة جُمَلِهِ المركَّبةِ هو الكلام البليغ.
والمتكلّم الذي يكون كلامه من هذا القبيل يقال له: متكلّمٌ بليغ.
ويرتقي الكلام البليغ بأساليبه في سُلَّمٍ ذي درجات متفاوتاتٍ فيكونُ بعضُه أبلغ من بعض، ضمْنَ الطبقة التي هو منها، والملائمة للْمُتَلَقِّي الذي يُراد إبلاغ المعاني المراد توصيلها إليه، مزيَّنةً بزيناتها التي تُعْجبُهُ وتُمْتِعُه، وتَهُزُّ مَشَاعِرَه، وتَسْتَأْثِرُ بجوانِب فكرِهِ ونفسه من الداخِلِ والخارجِ.
فيختلف الإِعجابُ بالكلام من كلامٍ بليغٍ إلى كلامٍ بليغٍ آخَرَ، بحَسَبِ نِسْبَهِ ما فيه من مرضياتٍ للفكر والمشاعِرِ والأحاسيس.
وهنا تبرز بلاغةُ الكلام، ومستوياتُ درجات هذه البلاغَةِ صعوداً ونزولاً.
ولا يكون الكلامُ بليغاً في اللِّسَانِ العربيّ لدى علماء البلاغة، ما لم يكن مع تأثيره في المخاطب بِهِ تأثيراً بالغاً، كلاماً فصيحاً في مفرداته وجمله.
***
(3) أسس البلاغة العالية والأدب الرفيع وشرحها في ثلاثة فصول
باستطاعة الباحث المتفكر اكتشاف أنّ مقادير الارتقاء في درجات سلّم البلاغة العالية والأدب الرفيع في اللّسان العربي تعتمد على نصيب الكلام من عناصر الأسس الثلاثة التالية:
الأساس الأول: الجمالُ المؤثر في النفس الإِنسانية، المفطورة على الميل إلى الأشياء الجميلة، وحُبّها، والارتياح لها، والتأثّر بها، والانفعال السّارّ بمؤثراتها.
الأساس الثاني: كون الكلام في مفرداته وجُمَلِهِ فصيحاً وفْقَ ضوابط وقواعد ومنهج اللّسان العربي، ولا يخلو هذا الأساس من مؤثرات جماليّة أيضاً.
الأساس الثالث: كون الكلام بليغاً، أي: مطابقاً لمقتضَى حال المخاطب به فرداً كان أو جماعة، وبالغاً التأثير المرجوَّ في نفسه، ولا يخلو هذا أيضاً من مؤثراتٍ جمالية.
ولشرح هذه الأسس الثلاثة يتطلَّبُ الْبَحْثُ المتأنيِّ عقْدَ ثلاثةَ فصول:
الفصل الأول: الجمال في الكلام.
الفصل الثاني: الفصاحة.
الفصل الثالث: البلاغة.
***