الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركن الرابع: القولُ الْمَقصُورُ به.
(1)
ففي كلمة التوحيد: "لَا إلاه إِلَاّ الله" وهي من القصر الحقيقي بقصر صفةٍ على موصوف:
* المقصور: صفة الإلهية للمعبود بحقّ.
* المقصور عليه قصراً حقيقيّاً: الله عز وجل الموصوف بأنَّه الإله بحقّ.
* المقصورُ عنه: كلُّ ما سوى الله عز وجل.
* القول المقصور به: النفي والاستثناء في العبارة: "لا.. إلَاّ.. ".
(2)
وفي عبارة: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلَاّ رَسُولٌ} [آل عمران: 144] وهي من القصر الإِضافي بقصر موصوف على صفة:
* المقصور: "محمّد" الموصوف بأنه رسول.
* المقصور عليه قصراً إضافياً: صفة رسالته، المفهومة من "رسول".
* المقصور عنه قصراً إضافياً: صفة تبرُّئِه من أن يكون عرضةً للموت، لتصحيح تصوُّر متوهمي ذلك فيه، ظانين ظنّاً توهميّاً أنه لا يموت.
* القول المقصور به: النفي والاستثناء في العبارة: "مَا
…
إلَاّ
…
".
***
(4) أقسام الْقَصْر بحسب أحوال من يوجّه له الكلام
من المعلوم أنّ الكلام يوجّه لمن يراد إعلامه بمضمونه وهو خالي الذّهن، أو يراد تصحيح تصوّره الذي هو مخطىء فيه بحسب اعتقاد مُوَجِّه القول، أو يُرادُ رَفْعُ شَكِّه وتردّده، ويستخلص من هذا أربعة أقسام في القصر:
القسم الأول: أن يكون الكلام المشتمل على القصر موجّهاً لخالي الذّهن، أو إعلاناً عن اعتقاد المتكلم، أو اعترافه بمضمون ما يقول، أو تعبيره عما في نفسه لمجرّد الاعلام به، وأُسمِّيهِ:"قصراً إعلامياً ابتدائياً".
وأشير إلى أنَّ البلاغيين لم يذكروا هذا القسم اكتفاءً بالمفاهيم العامّة المعروفة من توجيه الكلام.
القسم الثاني: أن يكون الكلام المشتمل على القصر موجّهاً لمن يُرادُ إعلامُه بخطأِ تصوُّرِهِ مُشَارَكةَ غيرِ المقصور عليه في المقصور.
ويُسمِّي البلاغيُّون هذا "قَصْرَ إفراد".
مثالُه: يعتقد المشرك أنّ الأربابَ التي يُؤْمِنُ بها تَخْلُق، كما أنَّ اللهَ يخلُق، فنقول لَهُ:"لَا خَالِقَ إلَاّ الله".
هذا قصر حقيقيٌّ، من قصر الصفة على الموصوف، ويُرادُ منه إفراد الله عز وجل بالخلْقِ، ونَفْيُ صفةِ الخلْقِ عن كلّ ما سواه ومن سواه من الشركاء، لتعريف الخالفِ بأنه مخطىء في تصوّره مشاركةَ غَيْرِ اللهِ للهِ في الخلْق، فهو "قَصْرُ إفراد".
القسم الثالث: أن يكون الكلام المشتمل على القصر موجّهاً لمن يُرادُ إعلامه بخطأ تصوُّره نسْبَةَ المقصور إلى غَيْر المقصور عليه.
ويُسَمِّي البلاغيون هذا "قَصْرَ قَلْب".
مثاله: يعتقد الملحد الذي يَجْحَدُ وجُود اللهِ عز وجل، وينْسُبُ أحداثَ الكون المتقنة العجيبة إلى التطوّر الذاتيّ، وإلى المصادفات، فنقول له:"لا مُحْدِثَ لأحداث الكون إلَاّ الله".
هذا قصرٌ حقيقيٌّ، من قصر الصفة التي هي إِحْداثُ أَحْداثِ الكون، على موصوف واحدٍ هو الله عز وجل، ويُرادُ منه قلْبُ تصوُّر من يُوَجَّهُ له الخطاب،
وتعريفُهُ بأنَّ ما يَنْسُبُه إلى التطوُّر الذّاتي وإلى المصادفات هو لله وحده، فهو "قَصْر قلْب".
القسم الرابع: أن يكون الكلام المشتملُ على القصر موجَّهاً لمن يُرادُ إزالَةُ تردُّدِه وشكِّهِ، هل المقصورُ منسوبٌ إلى المقصور عليه أوْ إلى غَيْره.
ويُسمِّي البلاغيّون هذا "قَصْرَ تعْيين".
مثاله: يسأل متردّد شاكٌّ: هل لفظ الكسوف يُسْتَعْمَل لاختفاء ونقصان ضوء الشمس أو نور القمر، فنقول له:"لا يُسْتَعْمَل لفظ الكسوف إلَاّ للشمس، أمّا ما يحدث للقمر فيُسَمَّى الْخُسُوف".
هذا قصرٌ إضافي، لأنّ كلمة "الكسوف" تُسْتَعْمَلُ لمعانٍ أخرى غير ما يحدث للشمس، ومنها تنكيس الطَّرْف، وهو من قصر الصفة على الموصوف. وُيرَادُ منه إزالة شكِّ وتردّد من يوجّه له القول بتعيين المقصور عليه، فهو "قصْرُ تعيين".
ملاحظة:
يرى البلاغيّون أنّ "قَصْرَ الإِفراد، وقَصْرَ الْقَلْبِ، وقَصْر التَّعْيِين" أقسامٌ للقصر الإِضافِيّ فقط، إلَاّ أنّي لست أرَى هذا، ففي الأمثلة الّتي أَوْرَدْتُها للأقسام، منها ما هو قصْرٌ حقيقيٌ، منها ما هُو قَصْرٌ إضافي.
فالأقسام الأربعة السابقة نستطيعُ أن نعتبرها أقساماً للقَصْر بوجْهٍ عَامّ، وحَالُ المقصود بتوجيه الكلام له هي التي تحدّد كون الْقَصْر قَصْرَ إعلامٍ ابتدائي، أو قَصْرَ إفراد، أو قصر قلب، أو قصر تعيين.
***