الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا كان غير مطابق للواقع، وإنما ذُكر عَلَى سبيل المبالغة والادّعاء المجازيّ، سمَّوْهُ "حقيقيّاً ادّعائيّاً" أو مجازيّاً" مثل قولهم: لا سيف إلَاّ ذو الفقار.
الوجه الثاني: أن يكون المقصور عنه شيئاً خاصّاً يُرادُ بالْقَصْر بيانُ عَدَم صحَّةِ ما تصوَّرَهُ بشأنه أو ادَّعاهُ المقصودُ بالكلام، أو إزالة شكّه وتردّده، إذا الكلام كلُّه مُنْحَصِرٌ في دائرة خاصّة، ويسمَّى "قصراً إضافيّاً" أي: ليس قصراً حقيقيّاً عامّاً، وإنّما هو قَصْرٌ بالإِضافة إلى موضوع خاصٍّ يدور حول احتمالين أو أكثر من احتمالاتٍ محصورة بعَدَدٍ خاصّ، ويُسْتَدلُّ عليها بالقرائن.
مثل: {وَمَا مَحمَّدٌ إلَاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُل} [آل عمران: 144] لقد جاء هذا البيان لتصحيح تصوُّر الَّذِين يتوهَّمُونَ أنّ محمداً رسولٌ لَا يموتُ كما يموت سائر الناس.
فالموضوع الخاصّ الذي يدور الكلام حوله هو كون محمّدٍ رسولاً مبرَّءاً من أن يكون عرضةً للموت، فجاء النصّ مبيّناً قَصْرَهُ علَى كونه رسولاً فقط، والمقصورُ عنه أمْرٌ خاصٌّ هو كونه لا يموت، لا سائر الصفات غير صفة كونه رسولاً، إذْ له صفات كثيرة لا حصر لها، وهي لا تدخل في المقصور عنه.
إذن: فالقصر في هذا المثال هو من قبيل "القصر الإِضافي".
***
(2) أقسام القصر بحسب أحوال المقصور والمقصور عليه
كُلٌّ من القصر الحقيقيّ والقصر الإِضافي ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: قصر موصوف على صفةٍ دون غيرها.
ويكون قصراً حقيقاً، وقصراً إضافياً.
القسم الثاني: قصر صفةٍ على موصوفٍ دون غيره.
ويكون قصراً حقيقاً، وقصراً إضافياً.
وليس المقصود بالوصف في باب القصر النعتَ النحويَّ الذي يَتْبَعُ منعوتَه، بل هو كلُّ معنىً من المعاني يتّصف به موصوف ما، كالفعل يتصف به الفاعل باعتبار كونه فاعلاً، ويتصف به المفعول به باعتبار كونه مفعولاً به، كَالخبر يتَّصفُ به المبتدأ، وكالحال يتّصفُ به صاحبُ الحال، وكَفِعْلٍ مَا يتَّصفُ بكونه قد وقع في مكانٍ ما أو زمانٍ ما، وهكذا.
فقد يريد المتكلّم أن يَقْصُرَ مثلاً الفعلَ على الفاعل، أو على المفعول به، أو يقصر الخبر مثلاً على المبتدأ، أو الحال مثلاً على صاحب الحال، وهكذا.
وقد يريد المتكلّم أَنْ يقصر مثلاً الفاعل أو المفعول به على الفعل، أو المبتدأ مثلاً على الخبر، أو صاحب الحال على الحال، وهكذا.
الأمثلة: * حينما نقول: "لَا إلاه إِلَاّ الله" فإنّنا نقصر وصف الإِلَهيّة الحق على موصوف هو الله وحده "هذا من قصر الصفة على الموصوف - وهو قصر حقيقي".
* وحينما نقول: "ما لإِبليس من عمل في الناس إلَاّ الوسوسة والإِغواء" فإنَّنا نقصر عمل إبليس في الناس على صفتي الوسوسة والإِغواء.
عمل إبليس في النّاس موصوف، والوسوسة والإِغواء صفة "هذا من قصر الموصوف على الصفة".
فإذا كان لا صفة لعلمه في الناس بحسب الواقع إلَاّ الوسوسة والإِغواء كان قصراً حقيقيّاً، وإذا كان لعمله صفات أخرى غير الوسوسة والإِغواء كان قصراً إضافيّاً.