الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو في حال الصحة يصعب عليه إخراج المال غالباً؛ لما يخوفه به الشيطان، ويزين له من إمكان طول العمر والحاجة إلى المال؛ ولهذا قال بعض السلف عن بعض أهل الترف: يعصون الله في أموالهم مرتين:
يبخلون بها وهي في أيديهم - يعني في الحياة - ويسرفون فيها إذا خرجت عن أيديهم - يعني بعد الموت (1).
وذُكِرَ في الخبر عن أبي الدرداء مرفوعاً: ((مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعدما يشبع)) (2). وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول عن الصدقة في حال الصحة والشح: ((وهذا يدل على أن الصدقة في حال الصحة والشح أفضل، وهذا يدل على قوة الرغبة فيما عند الله، أما المريض فإنه يجود في حال مرضه؛ لأنه أيس من حياته، وصدقته مقبولة، لكن الأفضل أن تكون في حال الصحة)) (3).
4 - ومن أفضل الصدقة جهد المقل الذي هو قدر ما يحتمله حال قليل المال
، فيكون من أفضل الصدقات؛ لحديث عبد الله بن حبشي الخثعمي أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل أي الأعمال أفضل؟ قال: ((إيمان لا شك فيه،
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 5/ 374.
(2)
النسائي، كتاب الوصايا، باب الكراهية في تأخير الوصية، برقم 3615، والترمذي، كتاب الوصايا، باب ما جاء في الرجل يتصدق أو يعتق عند الموت، برقم 2123، وأبو داود، في كتاب العتق، برقم 3968، والحاكم، 2/ 213، وصححه ووافقه الذهبي. والبيهقي، 4/ 190، وقال الترمذي:((هذا حديث حسن صحيح)). وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح، 5/ 374، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي، ص 206؛ لأن في إسناده أبا حبيبة الطائي، لم يوثقه غير ابن حبان، ولا يعرف إلا بهذا الحديث. وقد صحح حديثه: الترمذي، والحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ في الفتح، 5/ 374.
(3)
سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 2748.
وجهاد لا غلول فيه، وحجة مبرورة)). قيل: فأيُّ الصلاة أفضل؟ قال: ((طول القنوت)). قيل: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقلِّ)) (1). قيل:
فأيُّ الهجرة أفضل؟ قال: ((من هجر ما حرم الله عز وجل)). قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: ((من جاهد المشركين بماله ونفسه)). قيل: فأيُّ القتل أشرف؟ قال: ((من أهريق دمه وعُقِر جواده)) (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبق درهم مائة ألف [درهم])) قالوا: يا رسول الله وكيف؟ قال: ((رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به، ورجل له مالٌ كثير فأخذ من عُرضِ ماله مائة ألف [درهم] فتصدق بها)) (3). وظاهر الأحاديث أن الأجر على قدر حال المعطي لا على قدر المال المعطى، فصاحب الدرهمين أعطى نصف ماله، في حال لا يعطي فيها إلا الأقوياء، يكون أجره على قدر همته بخلاف الغني؛ فإنه ما أعطى نصف ماله، ولا في حال لا يعطي فيها عادة)) (4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يا رسول الله! أيُّ الصدقة أفضل؟ قال: ((جُهْدُ المقلِّ، وابدأ بمن تعول)) (5).
(1) جهد المقل: هو قدر ما يحتمله حال قليل المال، [النهاية في غريب الحديث، 1/ 320] ، والمراد ما يعطيه المقل على قدر طاقته، ولا ينافيه حديث:((خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى))؛ لعموم الغنى القلبي، وغنى اليد. [حاشية السندي على سنن النسائي، 5/ 58].
(2)
النسائي، الزكاة، باب جهد المقل، برقم 2525، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 203.
(3)
النسائي، كتاب الزكاة، باب جهد المقل، برقم 2526، 2527، وحسنه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 203.
(4)
حاشية السندي على سنن النسائي، 5/ 58.
(5)
أبو داود، كتاب الزكاة، بابٌ في الرخصة في ذلك، برقم 1677، وأحمد، 2/ 358، وصححه ابن خزيمة، برقم 2444، وابن حبان، برقم 3335، والحاكم، 1/ 414، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 465.