الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 -
أورد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "إن الله تبارك وتعالى ليس بتارك أحداً من المسلمين يوم الجمعة إلا غفر له".
وقال:"رواه الطبراني في الأوسط مرفوعاً بإسناد حسن"(1).
الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين 1/ ق/ 86.
قال: حدثنا عبد الله بن يحيى بن بكير حدثني أبي ثنا مفضل بن فضالة عن أبي عروة عن أبي عمار عن أنس مرفوعاً.
قال الطبراني:"لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد" وفي هذا الإسناد أبو عمار وهو زياد بن ميمون البصري، قال ابن معين: ليس يسوى قليلاً ولا كثيراً، وقال يزيد بن هارون: كان كذاباً، وقال البخاري: تركوه، وذكره ابن عدي وساق له أحاديث مناكير، هذا أحدها، وتبعه الذهبي (2).
هذه أمثلة يسيرة وقفت عليها بعد تتبع سريع للأحاديث التي صرح الإمام المنذري بتصحيح أو تحسين أسانيدها، أو توثيق رجال أسانيدها من أول الكتاب إلى آخر كتاب الصلاة، وهي تكشف عن تساهل الحافظ المنذري، وحصول الأوهام له في حكمه على الأحاديث، وهذا فيما صرح فيه، فكيف بما اكتفى فيه بالإشارة حسب اصطلاحه، أو تبع في ذلك من عرف بالتساهل كالترمذي وابن حبان والحاكم.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المؤلف الناجي رحمه الله لم يلتفت إلى هذه الناحية إلا قليلاً، أعني تتبع الحافظ المنذري فيما حصل له من تساهل وأوهام في حكمه على الأحاديث، لكنه عُني بجوانب أخرى، وسيأتي تفصيلها -إن شاء الله تعالى- عند الحديث عن الكتاب موضوع الرسالة.
سادساً: القيمة العلمية للكتاب:
لقد اشتمل كتاب الترغيب والترهيب على ميزات عديدة، واتصف
(1) الترغيب 1/ 492.
(2)
انظر: الكامل 3/ 1043، الميزان 2/ 94، اللسان 2/ 497 وحكم بوضع الحديث الألباني كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/ 466.
بصفات مهمة جعلته رائداً في بابه، فرداً في فنه، فاستحق بذلك أن يصفه الحافظ الذهبي النقاد: بأنه كتاب نفيس، كما نقله عنه ابن العماد (1).
وقد وصفه المؤلف بقوله: "أجاد ترتيبه وتصنيفه، وأحسن جمعه وتأليفه فهو فرد في فنه، منقطع القرين في حسنه"(2).
ونعته الكتاني بقوله: "وهو كتاب عظيم الفائدة"(3).
ووصفه مؤلفه بقوله: "وأمليتُ هذا الكتاب: صغير الحجم غزير العلم حاوياً لما تفرق في غيره من الكتب"(4).
وقال الشيخ محمد أبو زهرة -وهو بصدد الحديث عن الكتاب- "هو من أحسن الكتب في جمع الحديث، وبيان درجته، وعليه جل اعتماد الوعاظ والمرشدين في عصرنا الحاضر"(5).
وأصبح هذا الكتاب من الكتب المروية، فأخذ الطلبة والعلماء بقراءته على الشيوخ باعتباره أحسن ما كتب في هذا الفن (6).
وأود هنا أن أبرز أهم الميزات العلمية لهذا الكتاب -في نظري-، وقد جعلتُها في نقاط:
1 -
حسن التبويب والترتيب والتصنيف للأحاديث، واشتماله على أحاديث الترغيب والترهيب، على حين أن بعض من ألف في هذا الفن اقتصر على أحاديث الترغيب.
2 -
الالتزام بإيراد الأحاديث الصريحة في الترغيب والترهيب وترك ما سوى ذلك.
3 -
اهتمامه بشرح الغريب، وتفسير المراد، وضبط ما يشكل من الألفاظ والأماكن والرواة.
(1) شذرات الذهب 5/ 278.
(2)
انظر ص: 131.
(3)
فهرس الفهارس 2/ 563.
(4)
مقدمة الترغيب 1/ 36.
(5)
الحديث والمحدثون ص: 433.
(6)
انظر: المنذري وكتابه التكملة ص: 182.
قال الدكتور بشار عواد: "قد جمعتُ ما أورده من الشروح، والنكت اللغوية في كتابه الترغيب والترهيب، فجاء في كتيب ليس بالصغير"(1).
4 -
العناية ببيان مرتبة الأحاديث حسب اصطلاحه الذي قرره في مقدمته، وتلك الأحكام التي أصدرها المؤلف على الأحاديث، والعلل التي أوضحها كالإرسال والانقطاع والإعضال وغير ذلك، لها قيمة وأهمية كبيرة في جملتها ولا أدل على ذلك من اهتمام من جاء بعده بأقواله وأحكامه على الأحاديث وهم كثير، ومنهم من يصرح باستفادته منه، ومنهم من لم يصرح، ومن الذين استفادوا منه من غير أن يصرحوا بذلك -فيما ظهر لي- الحافظ الدمياطي في كتابه "المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح"، والهيثمي في "مجمع الزوائد".
فإن من يلقي نظرةً على الكتابين يلاحظ المطابقة في أحاديث كثيرة بين حكمهما وحكم المنذري في كتابه "الترغيب والترهيب"، مما يجعل المطلع يكاد يجزم بأنهما قد تبعا المنذري رحمه الله.
وفي الحقيقة أن من يقرأ هذا الكتاب يظهر له بوضوح إمامة المنذري ورسوخ قدمه في هذا العلم الشريف، وبراعته في النقد.
5 -
كثرة المصادر التي اعتمد عليها في تخريج أحاديث الكتاب، وقد بلغ ما نص عليه في المقدمة واحداً وعشرين مصدراً كلها مصادر أساسية أصيلة تروي الأحاديث بالأسناد، إضافة إلى مصادر أخرى عزا إليها في أثناء الكتاب من غير أن يشير إليها في مقدمته، وقد سبق تفصيل القول في ذلك.
6 -
استيعابه لعدد كبير من أحاديث الترغيب والترهيب، وقد بلغتْ بالمكرر خمسة آلاف وأربعمائة واثنين وسبعين حديثاً (2).
7 -
أفرد المؤلف لرواة المختلف فيهم المشار إليهم في كتابه، باباً جعله في آخر الكتاب، ورتبهم على حروف المعجم، وقد بلغ عددهم مائة وثلاثاً وثمانين راوياً، وأورد ما ذكره الأئمة فيهم من جرح وتعديل على سبيل الإيجاز
(1) المنذري وكتابه التكملة ص: 160.
(2)
وهذا حسب ترقيم محيي الدين عبد الحميد في طبعته للكتاب.