المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الطهارة - عجالة الإملاء على الترغيب والترهيب - ط المعارف - ناقصة - جـ ١

[برهان الدين الناجي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأولترجمة موجزة للحافظ المنذري

- ‌أولاً: اسمه ونسبه:

- ‌ثانياً: مولده ونشأته:

- ‌ثالثاً: أهم شيوخه:

- ‌ومن أهم شيوخه:

- ‌رابعاً: أهم تلاميذه:

- ‌ومن أهم تلاميذه:

- ‌خامساً: مكانته وثناء العلماء عليه:

- ‌سادساً: أهم مؤلفاته:

- ‌سابعاً وفاته:

- ‌المبحث الثانيدارسة عامة لكتاب الترغيب والترهيب للمنذري

- ‌أولاً: الباعث على تأليفه:

- ‌ثانياً: موضوعه:

- ‌ثالثاً: مصادره وكيفية عزوه إليها:

- ‌رابعاً: اصطلاحه في الكتاب ومناقشته:

- ‌خامساً: حكمه على الحديث:

- ‌سادساً: القيمة العلمية للكتاب:

- ‌سابعاً: الكتب المؤلفة في هذا الفن:

- ‌المبحث الثالثترجمة للحافظ الناجي

- ‌أولاً: عصره:

- ‌أ- الحالة السياسية والاجتماعية:

- ‌ب- الحالة العلمية والثقافية:

- ‌ثانياً: اسمه ونسبه ولقبه:

- ‌ثالثاً: ميلاده ونشأته:

- ‌رابعاً: شيوخه:

- ‌خامساً: تلاميذه:

- ‌سادساً: مكانته وثناء العلماء عليه:

- ‌سابعاً: مؤلفاته:

- ‌ثامناً: وفاته:

- ‌المبحث الرابعدراسة مفصلة لكتاب "العجالة" في القسم المحقق

- ‌أولاً: تحقيق اسم الكتاب، وإثبات نسبته للمؤلف:

- ‌ثانياً: موضوع الكتاب:

- ‌ثالثاً: منهجه في الكتاب:

- ‌رابعاً: تعقبات المؤلف على كتاب الترغيب وتقويمها:

- ‌خامساً: مميزات الكتاب:

- ‌سادساً: أهم المآخذ عليه:

- ‌سابعاً: موارده في الكتاب:

- ‌المبحث الخامسوصف النسخ الخطية المعتمد عليها في التحقيق

- ‌الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌المبحث السادسمنهجي في تحقيق الكتاب والتعليق عليه

- ‌ كتاب الطهارة

الفصل: ‌ كتاب الطهارة

ذم الجدال أنه أبو هريرة تصحيف وغلط وتحريف، وإنما هو أبو أمامة الباهلي قطعاً كما أوضحته كالشمس بما لا مزيد عليه، والله المحمود على ذلك وعلى جميع نعمه التي لا تحصى.

101 -

قوله أول‌

‌ كتاب الطهارة

في الترهيب من التخلي على طرق الناس عن حذيفة بن أَسِيد هو بفتح أوله وكسر ثانيه وهو صحابي مشهور.

102 -

قوله في الحديث الذي بعده "يوشك أن تفتينا في الخِرَاء".

ص: 257

كذا وُجد في نسخ الترغيب، وهو الظاهر من سياق الحديث:"من سل سخيمته" والمراد بهما نفس النجو، ووجدت بخط شيخنا ابن حجر في مجمع الهيثمي "الخِراءَة" والاسم الخِراء بكسر الخاء مع المد، ويقال: خَرِىءَ يَخْرأ خرْأ وخَرَاءَة وتُكسَر وخُرُوءة.

(قاله صاحب القاموس ولم يذكر فتح الخاء مع التذكير.

(وقال أبو العباس القرطبي في شرح مسلم:

"الخِرَاءة بكسر الخاء ممدود مهموز اسم فعل الحدث، وأما الحدث فبغير تاء ممدود وتفتح خاؤه، وتكسر ويقال بفتحها، وسكون الراء والقصر من غير مد" انتهى.

والموضع مَخْرَأَة ومَخْرُؤَة، مثل: مَزْبَلَة ومَزْبُلَة، ومَقْبَرَة ومَقْبُرَة.

في نظائر ذكرها ابن قتيبة في كتابه "أدب الكاتب" وغيره من الأئمة، واسم الفاعل خَارئٌ، واسم المفعول مَخرِيٌّ.

وقال ابن الأثير في "النهاية" في حديث سلمان:

ص: 258

"علمكم نبيكم كل شيء حتى الخِراءَة": هي بالكسر والمد: التخلي والقعود للحاجة.

قال الخطابي: وأكثر الرواة يفتحونها ثم ذكر كلام الجوهري أنها بالفتح، وأنه يقال: خَرِىء خَرَاءة مثل: كرِه كَراهَة.

قال: ويحتمل أن يكون بالفتح المصدر وبالكسر الاسم.

103 -

أعاد حديث جابر "إيَّاكم والتعرِيْس" في

ص: 259

محله أخيراً وفسَّر التعرِيْس وكذا في إجابة المؤذن فليراجَعْ من ثَمَّ).

104 -

قوله في الترهيب من البول في الماء والمغتسل "بول منتَقع" هو بفتح القاف.

105 -

قوله في حديث حميد بن عبد الرحمن وهو الحميري عن رجل من الصحابة غير مسمى في النهي عن الامتشاط كل يوم والبول في المغتسل إن النسائي رواه. كذا في أكثر النسخ وهو الذي في مختصر السنن للمصنف، والصواب

ص: 260

أيضاً وفي بعضها بدلَه الترمذي، وذلك خطأ، إذ لم يخرج الترمذي الحديث المذكور، إنما أشار إليه فقال: بعد تخريج حديث ابن مُغفَّل المذكور بعده هنا "وفي الباب عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى.

106 -

ثم قول المصنف رواه أبو داود والنسائي في أول حديث.

اعلم أن هذا هو كل الحديث برمته عند أبي داود وزاد النسائي بعد "أو يبول في مغتسله أو يغتسل الرجل بفضل المرأة والمرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعاً. وقد أفرد أبو داود (7) هذه الزيادة في موضع آخر، وطريقهما واحد وقد رواهما الإمام أحمد

ص: 261

وغيره.

107 -

(وسَرْجِس بسين مهملة مفتوحة ثم راء ساكنة ثم جيم مكسورة ثم سين أخرى غير مصروف).

108 -

قوله في الترهيب من

ص: 262

الكلام على الخلاء وهو بالمد: ("لا يخرجِ الرجلان" وفي اللفظ الآخر: "لا يخرج اثنان" هو بكسر الجيم فيهما لالتقاء الساكنين) و"يمقُتُ"، أي: يُبْغِض.

109 -

(وأبو عمر صاحب ثعلب هو اللغوي يقال له: الزاهد، ويقال له: غلام ثعلب وشيخه الإمام المشهور أحمد بن يحيى الملقب بثعلب صاحب الفصيح الذي شرحه أبو عمر المذكور.

قال: "يقال ضربتُ الأرض إذا أتيتَ الخلاء وضربتُ في الأرض إذا سافرتَ" أولهما: بضم التاء بلا إشكال، وبفتحها في أتيت وسافرت؛ لكونهما جاءتا بعد إذا، وأما إذا جاءت "أي" بدل إذا فإن التاء تضم كما قيل نظماً:

إذا كَنَيْتَ بأيْ فِعْلاً تفسِّرُهُ

فضُمَّ تاءَكَ فِيهِ ضَمَّ مُعْتَرِف

ص: 263

وإنْ تكنْ بإذا يَوْماً تُفَسِّرُهُ

فَفَتْحَةُ التَّاءِ أمْرٌ غَيْرُ مُخْتَلِف

وهذه قاعدة مهمة قررها الإمام ابن هشام في لفظة "أي" من "مغنيه" وذكر هذين البيتين).

110 -

قوله في الترهيب من إصابة البول الثوب "القتات"

ص: 264

هو بالقاف بياع القتِّ المعروف.

111 -

قوله: بَحر هو ضد البر ابن مَرَّار بفتح الميم وتشديد الراء المهملة من المرور.

112 -

(والأَلْهَاني بفتح الهمزة والهاء بينهما لام ساكنة

ص: 265

وآخره نون).

113 -

قوله في هذا الباب وكذا في باب النميمة الآتي في حديث أبي أمامة: "لَيُخَفَّفَن عنهما" كذا وجد بالنون والصواب "لَيُخَفَّف" بحذفها وهو ظاهر لا خفاء به.

114 -

وقوله فيه هنا وفي النميمة وكذا في

ص: 266

الغيبة في موضعين "ولولا تَمَزُّع قلوبكم".

كذا وجد في بعض النسخ في هذه المواضع، وفي أكثرها هنا، وفي النميمة "تَمَزُّع" بفتح الميم وضم الزاي المعجمة المشددة آخره عين مهملة، وفي الغيبة "تَمْرِيج" بإسكان الميم والياء وكسر الراء المهملة آخره جيم، وفي بعضها كذلك في الجميع، وكذا في غير هذا الكتاب وهو الظاهر بل الصواب الذي لا شك فيه، لكن تصحفت بما قبلها لقربها منها وشبهها بها، وذلك يقع كثيراً لا سيَّما من النساخ غير المتقنين، ومن ذلك قول الله تعالى:{فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} ، أي: مُختلطِ ملتبس، ويقال مَرجَ الدين والأمر بكسر الراء، أي: فَسَد واختلط واضطرب، وقلِقَتْ أسبابه ومنه الهَرْج والمَرْج، قيل: سكن المَرْج لأجل الهَرْج ازدواجاً للكلام، ومَرِجَت أمانات الناس فَسَدت، ومَرِجَ الشيء إذا قَلِق فلم يثبت، ويقال: مَرَجتهُ إذا خلطته مع أن ابن الأثير وغيره من أهل الغريب واللغة لم يذكروا اللفظة المذكورة بعينها في هذه

ص: 267

المادة ولا في مادة "مزع" والظاهر أنهم تركوا ذلك لشهرته وظهوره جرياً على العادة والله أعلم بالصواب.

115 -

(عبد الرحمن ابن حَسنةَ أخو شُرحبيل الآتي قريباً صحابيَّانِ ينسبان إلى أمهما حسنة الصحابية، وقد عزا المصنف حديث عبد الرحمن إلى ابن ماجة وابن حبان.

وقد رواه أبو داود والنسائي

ص: 268

وغيرهما).

116 -

ورُعِدَ: مبني لما لم يسم فاعله حيث جاء.

قال الجوهري: "أُرعِدَ الرجل أخذته الرِعْدَة، أي: الاضطراب وأرْعِدَتْ فرائصه عند الفزع".

117 -

قوله في حديث

ص: 269

شُفي: "ثم قال للرجل يجر أمْعَاءَه".

كذا وجد هنا وإنما هو "يقال" ولكن سقطت الياء، وهو ظاهر، وسيأتي الحديث بتمامه في الغيبة بلفظ "يقال" في مواضع.

وشُفَيّ بضم الشين المعجمة وفتح الفاء المخففة وتشديد الياء التحتانية بوزن أُبيّ وشبهه وأبوه ماتع بالمثناة الفوقانية بوزن راتع والأَصْبَحِي بفتح الهمزة والموحدة وإسكان الصاد وكسر الحاء المهملتين.

118 -

قوله في دخول الحمام: أبو

ص: 270

عُذرة هو بضم العين وإسكان الذال المعجمة.

119 -

وقاصُّ الأجناد الذي كان يقص عليهم بالقُسْطُنْطِيْنْية.

قال النووي: هي بضم القاف والطاء الأولى، وإسكان السين وكسر الطاء الثانية، وبعدها ياء ساكنة، ثم نون.

قال في كتاب الفتن أواخر شرح مسلم هكذا ضبطناه هنا وهو المشهور.

قلت: وعليه اقتصر ابن السمعاني وأقره ابن الأثير ونقله القاضي عياض في المشارق عن المتقنين والأكثرين، أي: القسطنطينة آخرها طينة، وعن بعضهم زيادة ياء بعد النون مشددة.

ص: 271

كذا ذكروا والصواب تخفيفها مثل رومية وأرمينية وإفريقية وعَمُّورية وأنطاكية وهذا الثاني موافق لما في الأصل وبه جزم صاحب المطالع، وهي مدينة مشهورة من أعظم مدائن الروم، وهي منسوبة إلى بانيها قُسْطُنطينَ أول من تنصر من ملوك الروم.

وقد قال ابن الجوزي في كتابه "تقويم اللسان" وابن مكي في "تثقيفه" العامة تقول: القسطنيطينية بتشديد الياء والصواب تخفيفها.

ص: 272

وقاصُّ الأجناد وأمراء الأجناد الذين اقتسموا مدن الشام الخمس: فلسطين وهي ناحية بيت المقدس والأردُن: وهي ناحية بَيسان وطبرية وما يتعلق بهما، ودمشق وحمص وقِنسرين: بكسر القاف، وتشديد النون وفتحها وتكسر أيضاً، وإسكان السين وهي بلدة عند حلب، وكان الجند ينزلها في ابتداء الإسلام، ولم يكن لحلب معها ذكر، ففتح الأمراء الخمسة: خالدُ بن الوليد، ويزيدُ بن أبي

ص: 273

سفيان أخو معاوية، وعمرُو بن العاص، وشُرحبيلُ ابن حَسنة وأبو عبيدةَ بن الجراح، -وهو أمير الجميع- هذه المدن، وكل واحدة منها جند. والشأم ما بين عريش مصر والفرات، والجند الأعوان والأنصار.

ويأتي في عدم إتمام الركوع والسجود حديث ذكر فيه من أمراء الأجناد ثلاثة سمعوا ذاك الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

120 -

حديث

ص: 274

أُم الدرداء وهي الكُبرى: خرجتُ من الحمام فلقِيَني النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في بعض النسخ دون بعض قد عزاه إلى أحمد والطبراني، وذكر أنه بأسانيد ورجالهما يعني أحمد والطبراني رجال الصحيح، فإن كان ذكر الأسانيد يعود إلى الطبراني دون أحمد وإلا فهو غير مُسَلَّمٍ، وقد عزاه الشيخ نور الدين الهيثمي في كتابه

ص: 275

"مجمع الزوائد" إليهما لكن لم يذكر الأسانيد وقال: رجالهما ثقات. وعزاه شيخنا الحافظ ابن حجر في مصنفه في "أسماء الصحابة" في ترجمة أم الدرداء الكبرى إلى أبي يعلى والطبراني

ص: 276

وذكر أنهما أخرجاه من طريق زَبّان -بالمعجمة والموحدة- ابن فائد -بالفاء والمد- عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه الصحابي عنها ثم قال: وسنده ضعيف جداً" انتهى.

فإن كان الطبراني أخرجه من غير هذا الطريق وما أظن ذلك لا سيما رواية ابن لهيعة له عن زبان عن سهل وإلا فما قاله المصنف والهيثمي مردود إذ زبان وشيخه سهل من الرواة المختلف فيهم الذين أفردهم المصنف في آخر هذا الكتاب فقال في زبان: "ضعفه ابن معين وقال أحمد أحاديثه مناكير ووثقه، أبو حاتم

ص: 277

وقال في سهل: ضعيف وحَسَّن له الترمذي وصحح أيضاً، واحتج به ابن خزيمة والحاكم وغيرهما، وذكره ابن حبان في الثقات" انتهى.

قال الحافظ المزي وغيره روى زبان عن سهل نسخة.

قلت: وعنه ابن لَهِيعة وغيره وهو ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته.

قال ابن معين: زبان شيخ ضعيف، وقال الساجي: عنده مناكير، وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً يَنفرِد عن سهل بن معاذ بنسخة كأنها موضوعة لا يُحتجُّ به، انتهى.

وسهل بن معاذ قال شيخنا ابن حجر في "تقريبه لتهذيبه" لا بأس به إلا في روايات زبان عنه.

وقال العجلي: مصري تابعي ثقة، وقال أبو

ص: 278

بكر بن أبي خيثمة عن ابن معين ضعيف وقد ذكر المصنف وكذا المزي وغيرهما أن ابن حبان ذكره في الثقات.

قلت: لكن قال لا يعتبر حديثه ما كان من رواية زبان عنه.

وذكره أيضاً في الضعفاء فقال: "منكر الحديث جداً، فلست أدري أوقع التخليط في حديثه منه أو من صاحبه زبان" قال: "فإن كان من أحدهما فالأخبار التي رواها ساقطة. قال: "وإنما اشتبه هذا لأن راويها عن سهل زبان إلا الشيء بعد الشيء وزبان ليس بشيء" انتهى.

(ومقتضى الحديث المذكور أنه كان في زمنه عليه الصلاة والسلام بالمدينة حمام والوارد خلافه، وأنه أخبر بفتح بلاد الشام من

ص: 279

ذوات الحمام بعده، ودخولهم إليها، وقد دخلها جماعات من الصحابة حينئذ، وهكذا قالت عائشة وأم سلمة، لأولئك النسوة دخلن عليها بعد موته ممن يدخلها ،

ص: 280

وهذا كله ظاهر غير خاف).

ص: 281

121 -

قوله في أول الترغيب في الوضوء وإسباغه في حديث ابن عُمر في سؤال جبريل عن الإسلام وفيه "وتَحُجَّ وتَعْتَمِر وتغتسل من الجنابة وأن تُتِمَّ الوضوء" ثم عزاه إلى صحيح ابن خزيمة وقال: وهو في الصحيحين وغيرهما بنحوه بغير هذا السياق.

كذا وقع هنا وفي أوائل الحج أيضاً من هذا الكتاب توهماً وإيهاماً أن هذا اللفظ المذكور من رواية ابن عُمر نفسِه، وليس كذلك بلا شك كما ستعرفه، وإنما هو من روايته عن أبيه عمر بن الخطاب.

كذلك رواه ابن خزيمة في صحيحه وفي غيره أيضاً، وكذا ابن حبان في صحيحه والدارقطني في سننه وغيرهم من طريق سليمان التيمي عن يحيى بن يَعْمَرَ عن ابن عمر عن أبيه عمر.

ص: 282

بل قد رواه مسلم في الصحيح من هذا الطريق أيضاً إلا أنه لم يذكر لفظه، بل أحال على سياق اللفظ المشهور الآتي بعضه في الترغيب في الصلوات الخمس من هذا الكتاب الذي أخرجه من طريق كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يَعْمَر عن ابن عمر عن أبيه عمر بتمامه، وقد رواه عن كَهْمَس جماعة من الحفاظ ثم ساقه مسلم.

وكذا البخاري في كتابه "خلق أفعال العباد". من طريق مَطر الوراق عن عبد الله بن بريدة، ثم ساقه مسلم من طريق عثمان بن غِياث عن عبد الله بن بريدة، لكنه قال عن يحيي بن

ص: 283

يَعْمَر وحميد بن عبد الرحمن معاً، ثم ساقه من طريق سليمان التيمي (رواية ابنه المعتمر عنه) عن يحيى بن يَعْمَر عن ابن عمر عن عمر.

محيلاً لهذه الطرق الثلاث على طريق كَهْمَس وهي المشهورة منها، وعليها اقتصر الترمذي وابن ماجة فلم يذكرا غيرها وقد رواها النسائي، وروى أيضاً من طريق شَرِيك، عن الرُكين بن الربيع، عن يحيى بن يَعْمَر، وعن عطاء بن

ص: 284

السائب، عن ابن بريدة وهو عبد الله ذكره المزي في ترجمته من الأطراف كلاهما، عن ابن عمر "بَيْنا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال المِزيُّ: المحفوظ حديث عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يَعْمَر عن ابن عمر عن عمر. ومن طريق سليمان التيمي التي ساقها مسلم رواه أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب السنة عن شيخ شيخ مسلم أيضاً، وبين الطرق المذكورة اختلاف كثير على بعض رواته أشار إليه مسلم وأبو داود، فرواية سليمان التيمي هذه قد عزوناها.

ورواية مَطر الوراق رواها البخاري في خلق الأفعال وأبو عوانة في صحيحه.

(والحاكم وعنه تلميذه البيهقي في البعث والنشور).

ص: 285

ورواية عثمان بن غياث رواها أحمد بن حنبل في مسنده مع زيادة في القدر، وكذا أبو داود في سننه بالقصة لكن أحال فيها على رواية كَهْمَس، ثم رواه من طريق عَلْقمة بن مَرْثد عن سليمان بن بريدة أخي عبد الله المذكور قبله عن يحيى بن يَعْمَر قال بهذا الحديث يزيد وينقص قال: فما الإسلام؟ قال: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والاغتسال من الجنابة.

قلت: ولهذا الاختلاف فيه لم يخرجه البخاري في صحيحه بلا نزاع، وإن كان المصنف -عفا الله عنه- قد وَهِمَ في كتاب الصلاة، فعزاه إليه وهو مما انفرد به مسلم عنه كما نبهت عليه هناك، وذكرت من روى أصل الحديث من الصحابة في الجملة كما أشار إليه المصنف أيضاً.

ثم قد خالف كهمساً ومطراً والتيمي في حديث عمر المذكور سليمان بن بريدة أخو عبد الله السابق فرواه عن يحيى بن يَعْمَر، عن

ص: 286

عبد الله بن عمر "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم".

فجعله من مسند ابن عمر، لا من روايته عن أبيه.

كذا رواه الإمام أحمد وغيره، وفي لفظ عن ابن عمر قال:"كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم"، وكذا رواه النسائي مطولاً ومختصراً، وكذا رواه أيضاً مطولاً من طريق شَرِيك، عن الرُكين بن الربيع عن يحيى بن يَعْمَر، وعن عطاء بن السائب، عن ابن بريدة وهو عبد الله كلاهما عن ابن عمر نفسه.

ورواه أبو نُعيم في "الحلية" من طريق عطاء الخراساني -وهو صدوق يهم كثيراً ويرسل ويدلس- عن يحيى بن يَعْمَر عن ابن عمر.

ص: 287

ورواه أحمد أيضاً من طريق علي بن زيد بن جُدْعان -وهو ضعيف- عن يحيى بن يعمر عنه.

ورواه الطبراني في المعجم الكبير من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر. ورواه محمد بن هارون الروْياني -وهو بإسكان الواو من غيرهم- في مسنده من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر.

ولهذا قال الترمذي بعد أن ساق حديث عمر بتمامه من طريق

ص: 288

كَهْمَس -المشار إليها أولاً- "وقد روي من غير وجه نحو هذا" قال "وقد روى هذا الحديث عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال: والصحيح هو عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم) ".

قلت: وقد قدمنا عن الحافظ المِزي أنه المحفوظ.

قال الترمذي: "وفي الباب عن طلحة بن عبيد الله وأنس بن مالك وأبي هريرة" هذا كلامه بحروفه وقد كفانا المؤنة.

فالحاصل: أن حديث الأصل المذكور من صحيح ابن خزيمة هنا، وفي كتاب الحج معاداً بعينه إنما هو من رواية عمر بن الخطاب رواه عنه ابنه وأنه روي أيضاً من حديث ابن عمر نفسه، لكن ليس هو المراد هنا، بل ولا الصحيح كما نقلناه قريباً عن الترمذي، فالصواب قطعاً أن يقال في الموضعين المذكورين بدل ابن عمر عن عمر لا غير، وهذا ظاهر والله سبحانه وتعالى أعلم.

122 -

ذكر حديث أبي هريرة المتفق

ص: 289

عليه من طريق نعيم المُجْمر -وهو بإسكان الجيم وتخفيف الميم ويقال: بفتح الجيم وتشديد الميم (وهو صفة لأبيه ويطلق عليه مجازاً) - في إطالة الغُرَّة.

وقد روى مسلم بعده من رواية نعيم أيضاً عنه مرفوعاً "فليطل غرته وتحجيله"(وفي مسند أحمد في هذا الحديث قال نعيم: "فلا أدري قوله: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" من تمام كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة من عنده").

وللبخاري في باب التصاوير عن أبي زرعة عنه ثم دعا بتَور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطيه قال: فقلت يا أبا هريرة أشيء

ص: 290

سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منتهى الحلية.

وهذه الرواية تدل على أن آخره ليس بمرفوع أيضاً.

123 -

قوله في رواية أبي حازم عند مسلم: "يا بني فرُّوخ" غير مصروف للعجمة والعلمية.

124 -

قوله فيه وعن زِرٍّ هو ابن

ص: 291

حبيش التابعي عن عبد الله، هو ابن مسعود الصحابي وهو مبين في رواية ابن ماجة وغيره وكذا زِرٌّ.

125 -

قوله فيه وعن عبد الله الصُنابِحي حديث: "إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه" ثم قال بعد عزوه إلى مالك وغيره: "والصُنابِحي صحابي

ص: 292

مشهور" فقوله أولاً عن عبد الله الصُنابِحي.

كذا وقعت تسميته هكذا في كتاب الموطأ من رواية يحيي بن يحيى والقعنبي وقتيبة، وجمهور الرواة عن مالك في هذا الحديث المذكور في ثواب الوضوء، وكذا في الحديث الآخر: في النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس واستوائها وغروبها وأنها تطلع مع قرني الشيطان فرواهما مالك فيه عن زيد بن أسلم عن

ص: 293

عطاء بن يسار عن عبد الله الصُنابِحي.

ومن طريق مالك رواهما كذلك النسائي وغيره.

وقد روى النسائي الحديث الأول عن قتيبة بن سعيد وعتبة بن عبد الله عن مالك به، وقال عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال في آخره: قال قتيبة عن الصنابحي أن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 294

وقد تابع مالكاً في الحديث المذكور عن زيد بن أسلم بن ميسرة كما أخرجه ابن ماجة. عن سويد بن سعيد عنه.

وأبو غسان محمد بن مطرف كما أخرجه ابن منده.

وقد وقع على الصواب عند ابن أخت مالك مطرف وإسحاق بن الطبَّاع في غير الموطأ عن مالك بالسند المذكور عن

ص: 295

أبي عبد الله الصنابحي بزيادة أداة الكنية لكن شذ بذلك عن أكثر رواة الموطأ إذ المشهور عن مالك عبد الله لا أبو عبد الله.

وتابع مالكاً في الحديث الثاني عن زيد بن أسلم زهير بن محمد كما أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق إسماعيل بن أبي الحارث -وهو ثقة- عن روح بن عبادة.

وابن مندة من طريق محمد بن إسماعيل الصائغ كلاهما عن

ص: 296

مالك وزهير بن محمد، قالا: حدثنا زيد بن أسلم، به.

وقال ابن مندة رواه محمد بن جعفر بن أبي كثير وخارجه بن مصعب عن زيد بن أسلم.

وخالف الدارقطني الحارث بن أبي أسامة فرواه في مسنده عن روح بإسناده، وقال عن أبي عبد الله الصنابحي.

وكذا رواه ابن ماجة من طريق عبد الرزاق عن

ص: 297

معمر عن زيد بن أسلم بزيادة أداة الكنية.

وروى أبو دواد من طريق أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصُنابِحي. قال: زعم أبو محمد -يعني: المُخدَجي- أن الوتر واجب فقال عبادة بن الصامت كذب أبو محمد أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات افترضهن الله

الحديث".

ص: 298

وهكذا رواه زهير بن محمد بن زيد بن أسلم فاتفق حفص بن ميسرة وأبو غسان وزهير على قولهم عبد الله الصُنابحي.

وهكذا رواه زهير بن محمد عن زيد بن أسلم فاتفق حفص بن ميسرة وأبو غسان وزهير على قولهم عبد الله الصُنابحي.

لكن قال ابن عبد البرّ في "التمهيد" بعد إشارته إلى ما قدمناه في حديث الموطأ: وما أظن هذا الاضطراب جاء إلا من زيد بن أسلم.

(قال: والصواب قول من قال فيه أبو عبد الله، وهو عبد الرحمن بن عسيلة تابعي ثقة ليست له صحبة قال: وروى زهير بن محمد هذا الحديث عن زيد بن أسلم).

عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم. فذكره.

قال: وهو خطأ عند أهل العلم والصنابحي لم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه باختصار.

(وقال في "الاستيعاب": عبد الله الصنابحي روى عنه عطاء بن يسار، واختلف على عطاء فيه، فبعضهم قال عنه:

ص: 299

عبد الله الصنابحي، وبعضهم قال عنه: عن أبي عبد الله الصنابحي، قال: وهو الصواب -إن شاء الله- قال: وأبو عبد الله الصنابحي من كبار التابعين، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله الصنابحي معروف في الصحابة، وقد اختلف قول ابن معين فيه فمرة قال: حديثه مرسل، ومرة قال: أبو عبد الله الذي يروي عنه المدنيون يشبه أن تكون له صحبة قال: والصواب عندي أنه أبو عبد الله لا عبد الله على ما ذكرناه انتهى).

وقال القاضي عياض في المشارق بعد أن ذكر أن يحيى بن يحيى والقعنبي وقتيبة، وأكثر رواة الموطأ. قالوا عن مالك عن عبد الله الصنابحي "قال البخاري وَهِمَ فيه مالك إنما هو أبو عبد الله الصنابحي عبد الرحمن بن عسيلة تابعي أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال القاضي:"قد رواه غير مالك عن زيد كما رواه مالك وليس الوهم فيه من مالك وقد رواه بعضهم عن الصنابحي غير مسمى ولا مكنى".

وقال الحافظ المزي في الأطراف في ترجمة حديثي الموطأ المصدر بهما ومن مسند عبد الله الصنابحي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: إنه أبو عبد الله الصنابحي عبد الرحمن بن عسيلة ثم أطرفهما من النسائي وابن ماجه.

وأورد حديث المخدجي في رواية أبي عبد الله عبد

ص: 300

الرحمن بن عسيلة الصنابحي الآتي ذكره عن عبادة.

ورأيت على اسم عبد الله مضبباً ثم قال المزي "كذا قال".

وكذا قال المصنف الشيخ زكي الدين المنذري في حواشي مختصره لسنن أبي داود هنا الصنابحي هو عبد الرحمن بن عسيلة، ويقال فيه عبد الله كما ذكرها هنا قال، وهو منسوب إلى صنابح بن زاهر بطن من مراد انتهى، فخالف ما جزم به في الترغيب في حديث الوضوء السالف.

وقال المصنف أيضاً في حاشية مسلم عند رواية ابن محيريز أنه دخل على عبادة بن الصامت، وهو في الموت فبكى

الحديث، في فضل الشهادتين ما نصه: الصنابحي هو أبو عبد الله

ص: 301

عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي أصله من اليمن قدم المدينة بعدما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أيام. انتهى.

وهو أصرح مما قبله، وكذلك ذكر في موضع آخر من حواشي السنن مثل هذا أو أبسط منه. وقال: أبو علي بن السكن في الصحابة عبد الله الصنابحي يقال: له صحبة معدود في المدنيين روى عنه عطاء بن يسار.

قال وأبو عبد الله الصنابحي أيضاً مشهور روى عن أبي بكر الصديق وعبادة بن الصامت ليست له صحبة. انتهى.

وروى عباس الدُّوري عن يحيى بن معين، قال:"عبد الله الصنابحي روى عنه المدنيون يُشبه أن يكون له صحبة ويقال: أبو عبد الله" وقال: غير ابن معين هذا هو عبد الله، وأما أبو عبد الله فاسمه عبد الرحمن بن عسيلة التابعي.

ص: 302

وكذا مال أبو الحسن بن القطان وغيره إلى أنهما اثنان وصَوَّبه الشيخ سراج الدين البلقيني.

وقد حكى ابن عبد البر عن ابن معين ما سبق ثم قال: "وأصح من هذا عنه أنه سئل عن أحاديث الصنابحي عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال مرسله: ليست له صحبة".

ثم قال: "صدق ابن معين ليس في الصحابة أحد يقال له عبد الله الصنابحي وإنما في الصحابة الصنابح الأحمسي، يعني: الآتي، ولا في التابعين أيضاً أحد يقال له: عبد الله الصنابحي".

ثم قال: "فبهذا صح قول من قال إنه أبو عبد الله، لأن أبا عبد الله الصنابحي مشهور في التابعين كبير من كبرائهم، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة وهو جليل إلى أن قال: "وهو معدود في تابعي أهل الشام وبها توفي قال: وأحاديثه التي في الموطأ مشهورة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق شتى من حديث أهل الشام" انتهى.

ص: 303

وبالجملة فلو حذف المصنف قوله: والصُنابحي صحابي مشهور، لكان أولى وأسلم، بل وأصوب إذ عبد الله الصنابحي مختلف في صحبته بل وفي وجوده، وقد اختلف في حديثه على عطاء بن يسار، وإنما المشهور الذي لا خلاف فيه أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة بن عسل بن عسال الصنابحي المراوي منسوب إلى صنابح بن زاهر بن عَوْثَبَان بن زَاهِر بن يُحَابِرَ وهو مراد.

كذا نسبه ابن الكلبي ثم قال: ويقال: إنه من طيء من بني عمرو بن الغوث وهو تابعي كبير مخضرم لا صحبة له ولا رؤية فإنه هاجر من اليمن يريد لقاء النبي وصحبته فبلغته وفاته وهو بالجُحفة قبل أن يصل إلى المدينة بخمس أو ست أو دون ذلك، وقدم المدينة فصلى وراء أبي بكر الصديق المغرب كما في الموطأ، وسأل بلالاً عن ليلة القدر كما رواه

ص: 304

البخاري وغيره.

وروى عن جماعة من الصحابة وشهد فتح مصر وسأله أبو الخير اليَزَني المصري: متى هاجرت؟ فأخبره، والحديث بذلك مشهور في آخر باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من صحيح البخاري، ثم نزل الشام، وتوفي بدمشق وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عنه جماعات من التابعين منهم عطاء بن يسار.

ذكره ابن سعد كاتب الواقدي في

ص: 305

الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام. وفي الثقات للعِجْلي: "الصنابحي شامي ثقة تابعي من خيار التابعين".

وروى ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عنه قال: "ما فاتني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بخمس ليالٍ توفي وأنا بالجُحفة، وقدمت على أصحابه وهم متوافرون".

مناقبه كثيرة شهيرة ليس هذا محل ذكرها.

وقد قال غير واحد منهم الترمذي إنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فإنه بعد أن ذكر حديث عمر في النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر قال: "وفي الباب عن فلان وفلان جماعات عددهم، منهم الصُنابحي، قال: ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم " فأشار إلى أحد حديثيه المذكور أولاً، وقال في حديث عبد الله الصنابحي الذي رواه مالك: "سألت محمد بن إسماعيل، يعني: البخاري، فقال: وَهِمَ مالك، فقال: عبد الله الصُنابحي وهو أبو عبد الله الصُنابحي، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم والحديث

ص: 306

مرسل" انتهى.

لكن لم ينفرد مالك بالوهم فيه، بل تابعه عليه عن زيد بن أسلم من ذكرنا فيما مضى، وكأن البخاري خصَّ مالكاً بالذكر لشهرته، وقد وَهِمَ الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" وهماً فاحشاً في اسم والد الصُنابحي هذا عند حديثه المشار إليه آنفاً من البخاري عن أبي الخير وفي آخره أنه قال له: هل سمعت في ليلة القدر شيئاً

الحديث.

فسماه: عبد الرحمن بن عبيد، وإنما هو ابن عُسيلة، لكن تَصَحَّفت إحدى اللفظتين بالأخرى؛ لقربهما في الخط منها.

وَوِهِم ابن قانع في الصنابحي المذكور وهماً أفحش مما قبله، فزعم أنه ابن الأعسر وكأنه توهَّمَ أنه الصُنابح بن الأعسر الكوفي وليس كما توهم ذاك صحابي بَجَلي أحمسي سكن الكوفة، وروى عنه قيس بن أبي حازم البجلي الكوفي المخضرم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إنّي فَرطُكُم على الحوض وإني مكاثِر بكم الأمم فلا تَقتَتِلُنَّ بعدي".

ص: 307

أخرجه الإمام أحمد وابن ماجة وغيرهما وإسناده صحيح.

لكن ليس في آخر اسم الصُنابح هذا ياء كياء النسب.

قال المنذري في حواشي مختصر السنن "وهو اسم له لا نسب" انتهى.

قال البخاري: قال ابن عيينة ويحيي ومروان وابن

ص: 308

نُمير عن إسماعيل عن قيس عن الصُنابح، قال: وكيع وابن المبارك -زاد في "التلقيح" وجرير- عن الصُنابِحي قال الترمذي في "أسماء الصحابة": له والأول أصح.

وقال الدارقطني إن إثبات الياء في آخر اسمه وهم.

ولم يحك مسلم وغيره فيه خلافاً.

وقال ابن المديني، ويعقوب بن

ص: 309

شيبة، وابن السكن:"من قال فيه الصنابحي فقد أخطأ ولم يرو عنه إلا قيس بن أبي حازم".

قال يعقوب بن شيبة: "هؤلاء الصنابحيون الذين يروى عنهم في العدد ستة، وإنما هما اثنان فقط الصُنابح الأحمسي وهو الصُنابحي الأحمسي هذان واحد، ومن قال فيه: الصنابحي فقد أخطأ، وهو الذي يَرْوي عنه الكوفيون، والثاني عبد الرحمن بن عُسَيْلة كُنيتُه أبو عبد الله، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم بل أرسل عنه وروى عن أبي بكر وغيره، وفي لفظٍ:(يَرْوي عنه أهلُ الحجاز وأهلُ الشام لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم) ويَرْوي عنه أحاديث يُرسِلها قال: فمن قال عن عبد الرحمن الصنابحي (فقد أصَاب اسمه، ومن قال عن أبي عبد الله الصنابحي فقد أصاب كنيته، وهو رجل واحد عبد الرحمن، وأبو عبد الله ومن قال عن أبي عبد الرحمن الصنابحي) فقد أخطأ قَلَب اسمه فجَعَلَه كنيته، ومن قال عن عبد الله الصُنابحي، فقد أخطأ قلب كنيته، فجعلها اسمه قال: هذا قول علي بن المديني ومن تابعه وهو الصواب عندي.

وقال ابن أبي حاتم في كتابه

ص: 310

"المراسيل" سمعت أبي يقول الصُنابحي الذي يروي عنه عطاء بن يسار، فهو عبد الله الصنابحي لم تصح صحبته، والذي روى عنه أبو الخير فهو عبد الرحمن بن عُسيْلَة الصُنابحي يروي عن أبي بكر الصديق وبلال يقول: قدمتُ المدينة، وقد قبض النبي صلى الله عليه وسلم قبْلُ بخمس ليال ليست له صحبه، والصُنابح بن الأعسر له صحبه روى عنه قيس بن أبي حازم.

قال: ومن قال في هذا الصُنابحي فقد وَهِم انتهى والله أعلم بالصواب.

(وقال الحافظ أبو بكر الحازمي في "عجالة النسب":

"إن الصُنابح بن الأعسر لا مدخل له مع الصنابحي في الباب ذاك أحمسي له صحبة وهذا صُنابِحي وهو تابعي لا صحبةَ له" انتهى).

ص: 311

وإنما أطلت النفس في هذا، لأنه من المهمات الضرورية، وقد وقع في أوائله الإشارة إلى رواة الموطأ، وتسمية بعضهم، وكذا سيأتي في صدقة السر من هذه الحاشية شيء من ذلك لابن عبد البر، وقد لخصتهم مرتبين على حروف المعجم في جزء لطيف نفيس سميته:"تقريب المبطأ بترتيب رواة الموطأ" جاوزت بهم الثمانين.

126 -

قوله في حديث عمرو بن عَبَسة -وتقدم ضبطه في كتم

ص: 312

العلم- "إلا خَرَّتْ خطايا فِيه كُلِّه".

قال النووي في شرح مسلم "هكذا ضبطناه خَرَّتْ بالخاء المعجمة" يعني: وتشديد الراء، أي: سقطت قال: "وكذا نقله القاضي عياض عن جميع الرواة إلا ابن أبي جعفر فرواه جَرَتْ بالجيم" أي: وتخفيف الراء من الجريان.

127 -

وبَهرام الآتي غير مصروف للعجمة والعلمية، وهو بفتح الموحدة كما رأيته مضبوطاً بالقلم في "المشارق" للقاضي عياض.

ص: 313

وكذا ذكر الإمام ابن مكي في كتابه "تثقيف اللسان من اللحن" قول بِهرام بالكسر ثم قال: "والصواب فتح الباء قال: وهو فارسي" انتهى.

وقد وقع للعلامة النووي في جزئه في القيام لأهل الفضل ضبطها بالكسر، وهو وهم نبهتُ عليه؛ لئلا يغتر به، وقد بسطتُه في حواشي شرح مسلم له في باب الإسناد من الدين، (ثم في فضل الإحسان إلى البنات، وفي هذا الثاني وقع هذا الاسم في صحيح مسلم فقال الشيخ في الشرح": بفتح الباء وكسرها" وجزم في الجزء المذكور بالكسر فاعلمه).

128 -

قوله: وعن

ص: 314

ثَعلَبة بن عِبَاد، لم يقيده، وهو بكسر العين، وتخفيف الباء الموحدة كذا قيده عبد الغني الأزدي، وابن عبد البر، وابن ماكولا، وغيرهم، وذكره ابن منده، وابن الجوزي بالفتح والتشديد وذكره الذهبي في التجريد مشدداً ومخففاً ولم يذكر في المشتبه فيه غير التخفيف وهو عبدي كوفي.

ص: 315

129 -

قوله فيه في حديث "الطُّهورُ شطر الإيمان" ورواه النسائي.

أي: بلفظ ابن ماجة سِوَى آخره وعندهما: "والتسبيح والتكبير يَملأُ السمواتِ والأرض، والصلاةُ نور، والزكاة بُرهان".

ورواه الترمذي بتمامه كمسلم وأَولُه عنده: "الوضوء شطر الإيمان".

("وتملآن" بالمثناه الفوقانية لا التحتانية، وقد قررتهُ بشواهده مبسوطاً في أواخر هذا الإملاء فراجعه).

130 -

قوله فيه بعد عَزْو حديث أبي هريرة: "ألا أدُلّكم على

ص: 316

ما يمحو الله به الخطايا" "وابن ماجة بمعناه".

قد ساق المصنف لفظ ابن ماجة المشار إليه في المشي إلى المساجد فَلْيُنظَرْ من هناك (والتعقب الذي فيه).

131 -

قوله السَبَرات جمع سَبْره لم يقيد جمع هذه اللفظة هنا، وقيده في الترغيب في صلاة الجماعة بإسكان الموحدة، فأخطأ، وسيأتي التنبيه على جمعها وإفرادها هناك إن شاء الله.

132 -

وهذا سياق الحديث الذي وعدتُ في ديباجة هذا الإملاء بذكره هنا ملخصاً؛ لكون المصنف أخل به أصلاً، وفيه اثنا

ص: 317

عشر نوعاً من موضوع كتاب تدخل فيه، وقد رَوى أصلَه ومعناه جماعةٌ بزيادة ونقصان، وتقديم وتأخير.

منهم أبو القاسم البغوي والطبراني في الكبير، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، والحافظ أبو موسى المديني في ترغيبه وترهيبه، وبناهُ عليه فجعله شرحاً له، وقال فيه حديث حسن، وأبو منصور الديلمي في مسند الفردوس وابنُ الجوزي في كتابه الوفا، وأبو القاسم الأصبهاني في كتابه الترغيب والترهيب والقاضي أبو المحاسن الرُوياني في كتابه الألف حديث عن مائة

ص: 318

شيخ، وغيرهم فاستدركتُه وسُقتُه.

ص: 319

فأقول روي عن عبد الرحمن بن

ص: 320

سمرة القرشي العَبْشَمِي (بفتح العين المهملة، والشين المعجمة بينهما موحدة ساكنة، وآخره ميم مكسورة إلى بني عبد شمس، وقد ذكرتُ هذه النسبة مع نظائر لها، وعدم صرف عبد شمس في الترهيب من الظلم من هذا الإملاء وهذا الصحابي) هو الذي قال له الشارع: لا تَسألْ الإمارة

الحديث (إلى آخره، وأخوه عمرو بن سمرة قطع في سرقة لكنه وصل بإقامة الحد والتوبة

ص: 321

الصادقة المحققة). قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة فقال: "إني رأيت البارحَةَ، وفي لفظٍ الليلةَ -يعني في المنام- عجباً قالوا: وما هو يا رسول؟ الله قال: "رأيتُ رجلاً من أمتي جاءه ملكُ الموتِ لِيقبضَ رُوحَه، فجاءه بِرُّه بَوالدَيه فردَّه عنه، ورأيتُ رجلاً من أمتي قد بُسط عليه عذابُ القبرِ فجاءَهُ وضوؤه فاستنقَذه من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشتْه الشياطين، فجاءه ذكرُ الله فخلَّصه من بينهم، وفي لفظٍ: من أيديهم، ورأيتُ رجلاً من أمتي قد احتوشَتْه ملائكة العذاب فجاءتْهُ صلاتُهُ فاسْتنقذتْهُ من أيديهم، ورأيتُ رجلاً من أمتي يَلْهَثُ عطشاً كلما ورد حوضاً مُنع منه فجاءَه صيامُهُ في رمضانَ فسقاه وأرواه، ورأيتُ رجلاً من أمتي والنبيّون قعوداً حِلَقاً حِلَقاً كُلَّما دنا إلى حَلْقَةٍ طُرِدَ منها، فجاءه اغتسالُه مِن الجنابة، فأخذ بيده، وأقعَدُه إلى جنبي، وفي لفظٍ: جانبي، ورأيتُ رجلاً من أمتي من بين يديه ظُلْمةٌ ومن خلفه ظلْمةٌ، وعن يمينه ظلمة، وعن شماله ظلمة ومن فوقه ظلمة، ومن تحته ظلمة، وهو متحير فيها، وفي لفظٍ: أحاطتْ به الظلمات من كل جانب فتحيَّر فيها، فجاءَه حَجُّهُ وعُمرتُه فاستخرجاه من الظلمة، وأدخَلَاه النور، ورأيتُ رجلاً من أمتي يُكّلمُ المؤمنيِن ولا يكلمونه، فجاءتْهُ صِلتُه الرحم فقالت: يا معشَر المؤمنين كلموه، فإنه كان واصلاً لرحمه، فكلمه المؤمنون وصافحُوه وصَار معهم، ورأيتُ رجلاً من أمتي يَتَّقي وَهَجَ النار

ص: 322

وشَرَرَها بيده عن وجهه، فجاءتْه صدقتُهُ فصارتْ سِتْراً على وَجْهِه وظلاً على رأسه، وفي لفظٍ: بالعكس. وفي رواية: يَلْفَحُ وجهه شَرَر النار فاستنقذتْه صدقتُه، ورأيتُ رجلاً من أمتي قد أخذتْه الزبانيةُ من كل مكان، فجاءَه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فاستنقذاه من أيديهم، وأدخلاه في ملائكة الرحمة فصار معهم، ورأيتُ رجلاً من أمتي جَاثِياً على ركبتيه بينه وبين الله حجاب، فجاءه حسن خُلُقه، فَأخذ بيده فأَدْخَلَه على الله، ورأيتُ رجلاً من أمتي قد هَوت صحيفتُه قِبَلَ شمالِه، فجاءه خوفُه من الله، فَأخذ صحيفتَه فجعلَها في يمينه. وفي رواية: أُعطِيَ كتابَه بشماله، فاستنْقذه خوفُه من الله فأعطِيه بيمينه، ورأيت رجلاً من أمتي قد خفّ ميزانه، فجاءه أفراطُهُ فثقلوا ميزانَه، ورأيت رجلاً من أمتي قائماً على شفير جهنم، فجاءه وجَلُه من الله فاستنقذه من ذلك ومضى، ورأيتُ رجلاً من أمتي قد هَوى في النار، فجاءَتهُ دموعُه التي بكاها في الدُّنْيا من خشية الله فاستخرجته من النار، وفي رواية: هوى من الصراط في جَهنَّم فاستنقذته دموعُه من خوف الله، وفي لفظٍ: فجاءه دمعُهُ الذي سَالَ من خشية الله، ورأيتُ رجلاً من أمتي قائماً على الصراط يُرْعَدُ كما تُرْعَد السَعَفَةُ في يوم ريح عاصف، فجاءَه حُسنُ ظنِّه بالله فسكَّن رِعْدَتَهُ، ومضى، ورأيتُ رجلاً من أمتي على الصراط يزحف أحْيَاناً ويَحْبُو أحياناً ويتعلق أحياناً وفي لفظٍ بَدَلَ أحياناً: مَرةً فجاءتْه صلاتُه عليّ فأخذتْ بيده، وأَقامتْه على الصراط حتى جاز، ورأيتُ رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنَّة، فَغُلِّقتْ الأبوابُ دونَه فجاءَته شهادةُ أن لا إله إلا الله ففتحتْ له الأبوابَ وأدخلتْه الجنَّة".

وزاد الأصبهاني في بعض طرقه من طريق أبي عبد الله بن

ص: 323

منده: "ورأيتُ أعجب العجب ناساً تُقْرضُ شِفَاهُهُمْ، فقلتُ: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المشاؤون بالنميمة بين الناس، ورأيت رجالاً مُعلقين بألسنتهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يرمون المحصنات والمؤمنات بغير ما اكتسبوا.

(وفي سياق هذا الحديث ألفاظ منها: احتوشته، أي: جعلوه وسطهم والحِلَق: بفتح الحاء وكسرها وفتح اللام جمع حلْقه بإسكانها وسيأتي بسطُها في كتاب الذكر، ووَهَج النار: بالتحريك: حرها، والوجل: الخوف، وهَوى يَهْوِي بكسرها هَوياً بفتح الهاء، أي: سقط إلى أسفل، قاله الأصمعي، ويُرْعَدكما تُرْعَد مبنيان للمفعول، وأُرعِدت فرائصه عند الفزع والارتعاد إلاضطراب والاسم الرعدة بالكسر والسَعَفَة بالتحريك غُصْنُ النخلة والجمع سُعف بالتحريك أيضاً).

ص: 324

133 -

قوله في الترغيب في المحافظة على الوضوء أول حديث فيه: وهو حديث ثوبان الذي فيه "ولنْ يَحافظَ على الوضوء إلا مؤمن"- "رواه ابن ماجة بإسناد صحيح".

ص: 325

قلت: هو من رواية سالم بن أبي الجعد عن ثوبان وله علة عقبه بها صاحب الأطراف فيه بعد أن ذكره وكفانا المؤنة.

فقال: "قال أحمد بن حنبل لم يسمع سالم من ثَوْبان بينهما معدان".

يعني: ابن أبي طلحة اليعمري، أي: أنه أرسله عنه.

وقال في "تهذيب الكمال" في ترجمته سالم هذا "قال

ص: 326

الذهلي عن أحمد لم يسمع سالم من ثَوْبان، ولم يَلْقَهُ بينهما معدان بن أبي طلحة، وليست هذه الأحاديث بصحاح" انتهى.

وسأشبع الكلام في نحو هذا في الترهيب من الدَين أثناء كتاب البيوع من هذا الكتاب في شيء وقع للمصنف تخيله من كلام الترمذي في نظير هذا الحديث المذكور بعينه عن ثوبان في ذكر الغُلُول والدَّين والكبر، حيث رواه من طريقين أحدهما عن سالم وعن ثوبان كهذه، والثانية وهي الصحيحة المشهورة التي رواها النسائي وابن ماجة وغير واحد بإدخال معدان بينهما، وبمراجعة كلام أئمة هذا الفن في ذلك تظهر هذه العِلَّة المذكورة. وبالله التوفيق.

134 -

وقوله وربيعة الجُرَشِي هو بالجيم المضمومة، والراء

ص: 327

المفتوحة، والشين المكسورة.

("ومَرْج رَاهِط" براء مهملة مفتوحة، ثم ألف ساكنة، ثم هاء مكسورة ثم طاء مهملة موضع معروف).

135 -

قوله فيه هنا، وفي صلاة التوبة في حديث بريدة وذكر بلال- "رواه ابن خزيمة".

كذلك رواه بنحوه جماعة منهم أحمد ولفظه "ما أحدثتُ إلا

ص: 328

توضأتُ وصليتُ ركعتين".

وسيأتي التنبيه على ذاك هناك بزيادة وعلى ما وقع له.

136 -

قوله فيه: حديث "الوضوء على الوضوء" المتداول بين الناس إنه لا يستحضر له أصلاً مرفوعاً.

قلت: (وكذا أورده الغزالي في "الإحياء" مرفوعاً.

فقال الحافظ العراقي في تخريجه: "لم أجد له أصلاً".

ص: 329

وقد أورده القرطبي في تفسيره بلفظ: رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن سبع في كتابه "شفاء الصدور" بعد إيراد حديث "من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات" وفي حديث آخر "الوضوء على الوضوء نور على نور") ونقله شيخنا حافظ عصره ابن حجر في شرحه للبخاري دليلاً عن بعض الحنفية فقال: للحديث الوارد وذكره، ثم قال شيخنا:"وهو حديث ضعيف" انتهتْ عبارته.

ص: 330

وذكر الحافظ رَزِين العَبْدري في جامعه "تجريد الصحاح"، عن عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "توضأ مرتين مرتين" وقال:"هو نور على نور" وهذا غريب، ليس في الأصول التي جمعها، وخرَّج منها.

137 -

(

ص: 331

ورَباح -في ترك التسمية على الوضوء -بفتح الراء والموحدة.

138 -

وقوله فيه: ذهب الحسن، وإسحاق بن راهويه.

أما الحسن فهو البَصري بفتح الباء وكسرها ولم يقولوا بضمها، وإن ضُمتْ البصرة التي نُسبَ إليها على لغة.

وإنما تضم الباء في النسبة إلى بُصرى مدينة حوران فيقال: بُصرَوِي بضم الباء مع فتح الراء، وكسر الواو كما قاله السمعاني وغيره وهو مُسلَّم.

ص: 332

وأما ابن راهَوَيهْ فهو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد. وفي راهويه وجهان: بفتح الهاء والواو في الوصل، وهذا مذهب النحويين، وأهل الأدب.

وراهُوْيَه: بضم الهاء وإسكان الواو وفتح الياء، وآخره هاء تأنيث وهذا مذهب المحدثين.

كذا حرر هذا النووي الإمام النِحْرِيُر في ترجمة أبي عبيد بن حربويه من "تهذيبه" وقال: "ويجري هذان الوجهان في كل نظرائه كسيبويه، ونفطويه وراهويه، وعمرويه".

قلت: وتِيْرويه، ومردويه، ورِزْقويه، وزنجويه، وحمدويه، ومندويه، وسعدويه وأشباه ذلك مما يطول تعداده.

وقال ابن مالك في شرح التسهيل: "إن كان المركب كسيبويه كسر"، أي: آخره. قال: وربما أعرب غَيْرَ مصروف، أي: فيقال هذا سيبويهُ، ورأيتُ سيبويهَ، ومررتُ بسيبويهَ).

139 -

قوله في ثاني حديث في الترغيب في السواك، وهو

ص: 333

حديث علي: "لولا أن أشق على أمتي -لأَمرتهم بالسواك مع كل وضوء" رواه الطبراني.

كذا رواه أحمد لكن بلفظ "عند كل صلاة" وزاد فيه "ولأَخَّرْتُ العشاء الآخره إلى ثلث الليل الأول". ورواه عبد الله في زوائده بذكر السواك فقط.

ص: 334

140 -

(مَطْهَرَة ومَرضَاة ومَجْلاة ومَطْيَبه بفتح أوائلها.

وقال الماوردي في "الحاوي الكبير" رُوي "مثراة للمال،

ص: 335

منماة للعدد" لكنه ذكره بغير إسناد).

141 -

قوله هنا، وفي الترغيب في النكاح، في حديث أبي أيوب:"أربع من سنن المرسلين الحنَّا "زاد في كتاب النكاح وقال بعض الرواة يعني: لكتاب الترمذي "الحَيَا" بالياء.

قلت: والأول: بكسر أوله وبالنون المشددة المفتوحة ممدوداً.

والثاني: بالفتح وبالمثناة التحتانية ممدوداً أيضاً مخففاً، وكلاهما ظاهر.

قال ابن القيم الحنبلي في كتابه "أحكام المولود" سمعت

ص: 336

شيخنا أبا الحجاج الحافظ -يعني: المِزي- يقول: وكلاهما غلط، وإنما هو الختان، فوقعت النون في الهامش، فذهبت، فاختلف في اللفظة قال: وكذلك رواه المحاملي عن الشيخ الذي رواه عنه الترمذي بعينه فقال: الختان، قال: قال: هذا أولى من الحيا والحنا، فإن الحياء خلق، والحناء ليس من السنن، ولا ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في خصال الفطرة، ولا ندب إليه بخلاف الختان" انتهى.

وقد ذكر المِزي في الأطراف هذا الحديث الذي انفرد به الترمذي، عن بقية أصحاب الكتب الستة أنه رواه في النكاح، عن سفيان بن وكيع، عن حفص بن غِياث، ثم عن محمود بن

ص: 337

خداش، عن عباد بن العوام، كلاهما عن الحجاج بن أرْطَاةَ عن مكحول عن، أبي الشِمال -أي: بوزن ضد اليمين وهو ابن

ص: 338

ضِبَاب بوزن ما قبله وبالضاد المعجمة وتكرير الموحدتين -عن أبي أيوب به.

ثم قال الترمذي: "روى هذا الحديث هُشَيم، ومحمد بن يزيد الواسطي، وأبو معاوية وغير واحد، عن

ص: 339

الحجاج، عن مكحول، عن أبي أيوب، ولم يذكروا فيه، عن أبي الشِمَال، قال: وحديث حفص وعباد أصح" انتهى.

قال المِزي من زيادته رواه محمد بن عبيد الله العرزمي (-يعني: بفتح العين المهملة- والزاي المعجمة -وإسكان الراء المهملة بينهما وبالميم-) عن مكحول، عن النبي-صلى الله عليه وسلم -مرسلاً" انتهى.

وقال محيى السنة البغوي بعد أن أورد في "مصابيحه" الحديث من الترمذي "ويروى الختان".

قال شيخنا ابن حجر في تخريج المصابيح له قلت: وقع في الترمذي في الحديث المذكور "الحِنَّا" -بكسر المهملة وتشديد النون وبفتحها وتحتانية خفيفة- بدل النون، وأما لفظة الختان فلم أرها في الترمذي" انتهى.

قال صاحب "المفاتيح في شرح المصابيح" في هذه اللفظة ثلاث روايات: إحداها: الحيا بالحاء غير المعجمة والياء، يعني: به الحياء الذي يكون من الدين كستر العورة، وترك الفواحش، وغير ذلك، لا الحياء الجبلي، فإن جميع الناس في الحياء الجبلي مشتركون.

ص: 340

والرواية الثانية: الختان بالخاء المعجمة وبالتاء -أي: وبزيادة نون في آخره- وهو من سنة الأنبياء، من زمان إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام إلى زماننا. والرواية الثالثة: الحِنَّا بالحاء غير المعجمة وبنون مشددة، وهو ما يخضب به قال: وهذه الرواية غير صحيحة ولعلها تصحيف: لأن الحِنَّاء يحرم الخضاب به في اليد والرجل في حق الرجال؛ لأن فيه تشبهاً بالنساء، وأما خضاب الشعر به فلم يكن قبل نبينا هذا بل صار سنةً من فعل نبينا وأمره صلى الله عليه وسلم به، وإذا كان كذلك فكيف يكون من سنن المرسلين؟ " انتهى ملخصاً.

وقال الشيخ محيي الدين النووي في "شرح المهذب"(1)"إن الحياء بالياء لا بالنون قال: وإنما ضبطته، لأني رأيت من صحفه في عصرنا، وقد سبق بتصحيفه. قال: وقد ذكر الإمام الحافظ أبو موسى الأصبهاني هذا الحديث في كتابه: "الاستغناء في استعمال الحناء"، وأوضحه وقال: وهو مختلف في إسناده ومتنه، يروى عن عائشة وابن عباس، وأنس، وجد مَلِيح (2) -يعني: بفتح أوله، وكسر ثانيه- كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: واتفقوا على لفظ "الحياء".

قال: وكذا أورده الطبراني (3)، والدارقطني، وأبو الشيخ، وابن منده (4) ، .........................

(1) شرح المهذب 1/ 274 - 275.

(2)

هو: مليح بن عبد الله الخطمي، ذكره ابن حبان في الثقات، روى عن أبيه وروى عنه عمر بن محمد الأسلمي، وجده صحابي يعرف بهذا الحديث.

التاريخ الكبير 3/ 107، الجرح والتعديل 8/ 367، ثقات ابن حبان 7/ 526، أسد الغابة 5/ 338، التجريد 2/ 218.

(3)

المعجم الكبير 4/ 219 ح 4085 من طريق الحجاج بن أرطأة عن مكحول عن أبي الشمال عن أبي أيوب، وعنده:"الحياء" وأخرجه من حديث ابن عباس، ومليح الخطمي كما سيأتي.

(4)

ذكره ابن الأثير في الأسد 1/ 168، وعزاه لابن منده وأبي نعيم من حديث مليح =

ص: 341

وأبو نعيم وغيرهم من الحفاظ والأئمة.

قال: وكذا هو في مسند الإمام أحمد وغيره "من الكتب" انتهى ما نقله عن أبي موسى وهو المديني.

وقال شيخنا ابن حجر في شرحه للبخاري بعد أن أورد الحديث المذكور من الترمذي "واختلف في ضبط الحياء، فقيل: بفتح المهملة والتحتانية الخفيفة، وقد ثبت في الصحيحين أن "الحياء من الإيمان" وقيل: بكسر المهملة، وتشديد النون فعلى الأول هي خصلة معنوية تتعلق بتحسين الخلق، وعلى الثاني هي خصلة حسية تتعلق بتحسين البدن".

قال: "وأخرج البزار والطبراني

ص: 342

وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" -أي: في الأصل السادس والستين بعد المائة- من طريق مليح بن عبد الله الخطمي عن أبيه عن جده رفعه "خمس من سنن المرسلين" فذكر الأربعة المذكورة إلا النكاح وزاد الحلم والحجامة".

(قلت واسم جده بَدْر قاله ابن طاهر المقدسي في "إيضاح الإشكال" قال: ويقال: بُدير، هكذا سماه أبو الربيع الحارثي.

ص: 343

وقال البغوي: حُصين).

قال شيخنا "وأخرجه الطبراني أيضاً، وغيره من حديث ابن عباس مرفوعاً "خمس من سنن المرسلين الحياء والحِلْم والحجامة والتعطر والنكاح". والحِلْم بكسر المهملة وسكون اللام، قال: وهو مما يقوي الضبط الأول في حديث أبي أيوب" انتهى.

142 -

قوله في حديث ابن عباس كان يُصَلي بالليل ركعتين ركعتين، ثم ينصَرِف، فيستاك، رواه النسائي وابن ماجة

ص: 344

ورواته ثقات.

كذا رواه مسلم بنحوه من طريق آخر، ولفظه فاستيقظ فتسوك، وتوضأ وهو يقرأ:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نَفَخَ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات كل ذلك يستاك ويتوضأ، ويقرأ هؤلاء الآيات

الحديث".

وفي رواية أخرى له وللبخاري ثم قام فتوضأ واسْتَنَّ.

ص: 345

143 -

(قوله: "خشيت أن يُدْرِدَ فيَّ" هو بكسر الفاء وتشديد الياء وفتحها.

144 -

قوله في حديث عائشة فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك "سبعين ضعفاً".

قال أبو البقاء العُكْبَرِي الحنبلي صاحب إعراب القرآن في

ص: 346

"إعراب الحديث" له "كذا وقع في هذه الرواية، والصواب "سبعون" والتقدير "فضل سبعين"؛ لأنه خبر فضل" انتهى.

قلت: ويصح على مذهب من يحذف المضاف، ويبقى المضاف إليه على جَرِّه فيكون التقدير: أجر سبعين ضعفاً. والله أعلم).

145 -

(قوله في الباب بعده في الترغيب في تخليل الأصابع، والترهيب من تركه، وترك الإسباغ "الرَقاشي" حيث جاء

ص: 347

بتخفيف القاف).

146 -

قوله في حديث ابن مسعود "لَتَنْتَهِكُنَّ الأَصابعَ بالطَّهُورِ، أَوْ لتنْتَهِكَنَّها النَّارُ" وتفسيره لذلك بزيادة تاء، وكسر الهاء من الانتهاك، وليس مراداً هنا قطعاً ثم قوله:"والنهك: المبالغة في كل شيء".

تناقض عجيب وتصحيف وقد رأيته في الحديث المذكور كذلك في "مجمع الزوائد" للهيثمي، ولعله قلده أو وقع كذلك في نسختهما بالأصل وليس كذلك بلا إشكال.

ص: 348

وإنما هو: "لَتَنْهَكُنَّ أو لتنْهَكَنَّها" بلا تاء أخرى وبفتح الهاء، مأخوذ من النهك الذي ذكره بعد، وهكذا ذكره أهل اللغة والغريب بلا نزاع بينهم وقد أعاد المصنف في الجهاد، والترغيب في الشهادة تفسير النهك، ووقع له وهم في ضبطه قوله "انهكوا" أشبعنا الكلام عليه هناك وبالله المستعان.

147 -

قوله هنا بعده في حديث أبي هريرة: رَأَى رجلاً لم يَغْسِلْ عَقِبَيْه. ثم قال، وفي رواية: أن أبا هُريرة رأى قوماً يَتَوضَّؤون من المِطهرة

إلى آخره. ثم قال: رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة مختصراً.

قلت: المِطهرة بكسر الميم واللفظ الأول لمسلم دون

ص: 349

الباقين، والثاني رواه أيضاً، وعنده في آخره "ويل للعَراقِيب من النَّار" وكذا رواه البخاري، لكن عنده "ويل للأَعقاب من النار".

والمصنف جمع بينهما وليس بجيد، ورواه النسائي مختصراً "ويل لِلعُقب من النار" وكذا رواه مسلم أيضاً والترمذي -كما أشار إليه المصنف عَقِبه- وابن ماجة من طريق آخر مختصراً" ويل للأَعقاب من النَّار".

والظاهر أنه أراد عزو الحديث باللفظين المذكورين إلى البخاري ومسلم ومختصراً إلى النسائي وابن ماجة والتحرير هو ما ذكرته، وكثيراً ما يذكر المصنف في هذا الكتاب وغيره روايتين، فأكثر ويكون ذلك من طريقين مختلفين، فصاعداً، ثم يقول: رواه فلان وفلان من غير تفصيل، وكذا يفعل غيره من المصنفين.

148 -

(قوله في حديث أبي الهَيْثَم "بَطْنَ القَدَمِ" هو بنصب النون.

ص: 350

149 -

وابن جَزْء بجيم مفتوحة ثم زاي معجمة ساكنة ثم همزة والزُبيدي بضم الزاي وفتح الياء.

150 -

والكَلاعي، وكذا ذو الكَلاع بفتح

ص: 351

الكاف و"اللَبْس" مصدر لَبَسَ عليه الأَمر بالفتح يَلبسه بالكسر لَبْساً بالإسكان من باب ضرب).

151 -

وكان ينبغي له رحمه الله أن يزيد في تَرجمة هذا الباب ذكر الوضوء والغسل عند قوله: "وترك الإسباغ" في الوضوء والغسل "إذا أخل بشيء من القدر الواجب"، إذ لم يفردْهُ ويذكر الحديثين اللذين ذكرهما في مختصره لسنن أبي دواد، وهما حديث علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ تَركَ مَوضع شَعْرة من جَنَابة لم يَغْسِلْها فُعِل به -وفي نسخة: بها- كذا وكذا من النَّار" قال علي: "فمن ثَمَّ عاديتُ رأسي قالها ثلاثاً" قال: "وكان يَجز شَعْرَه" رواه أبو داود واللفظ له وابن ماجة بنحوه كلاهما من طريق حماد بن سلمة عن

ص: 352

عطاء بن السايب عن زاذان الكندي عنه.

وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن تَحْتَ كُلِّ شَعْرة جَنابة فاغسِلوا الشَعَر وأنْقُوا البشرة" رواه أبو داود والترمذي

ص: 353

وابن ماجة ثلاثتهم عن نَصْر بن علي الجَهْضَمي عن الحارث بن وَجِيْه عن مالك بن دينار عن ابن سيرين عنه.

وقد روي عن الحسن مرسلاً. وكذا موقوفاً على أبي هريرة. وقد قال أبو دواد: "الحارث حديثه منكر، وهو

ص: 354

ضعيف" وقال الترمذي: "حديث الحارث حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه، وهو شيخ ليس بذاك (وقد روى عنه غير واحد من الأئمة، وقد تفرد بهذا الحديث عن مالك بن دينار) قال: "ويقال الحارث بن وَجْبَه" يعني: بإسكان الجيم وفتح الموحدة بعدها هاء تأنيث.

قال: "ويقال ابن وجِيْه" يعني: بكسر الجيم، وإسكان الياء الأخيرة تليها هاء والواو مفتوحة فيهما.

كذا حكى هذين القولين الترمذي، وغيره ولم يُنبه على ذلك ابن ماكولاء، ولا من بعده إنما ذكروه بالثاني، والله أعلم.

152 -

("والشَعْرة" بإسكان العين لا بفتحها مثل البعْرَة جمعها بَعْر، مثل تَمْرة وتَمْر وقَمْلة وقمْل، وكذا مصدرها بالإسكان أيضاً.

وذكر ابن الملقن في "لغات منهاج النووي" أنه رأى بخط

ص: 355

مؤلفه قوله: "ولا استنجاء لدود بعَر" بفتح العين، وكأنه أخذه من كتاب "أدب الكاتب" لابن قتيبة وغيره لكن الفتح في الشعر مشهور دون البعر.

وقد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن الإمام نَشْوان بن سعيد الحميري في باب فَعْل بإسكان العين من كتابه "ضياء الحلوم" الذي اختصره مقتصراً فيه على اللغة دون غيرها من كتاب والده نشوان" شمس العلوم: "بَعْر البعير معروف واحدته: بعرة بالهاء" انتهى.

وقال الجوهري: "البَعْرَة: واحدة البَعْر والأبعار. وقد بعَر البعيرُ والشاةُ تَبعر بَعراً".

153 -

صَدَّر القولَ بعد الوضوء بحديث عمر "ما مِنْكُم من أَحدٍ

ص: 356

يَتَوضَّأ فيُبْلغُ أَوْ فَيُسْبغُ الوُضُوءَ، ثُم يقولُ أَشْهَدُ أَنْ لا إله إلَاّ الله وحدَهُ لا شَريكَ لهُ، وأَشْهدُ أَنَّ مُحمَّداً عبدُهُ ورَسولُه إلَاّ فُتِّحتْ له أبوابُ الجنَّةِ الثَّمانيةُ يَدْخُلُ من أَيِّها شَاءَ" ثم قال: رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة وقالا: "فيحسن الوضوء" زاد أبو داود: "ثم يرفع طَرْفه إلى السَّماء" ثم يقول: فذكره قال: ورواه الترمذي كأبي داود وزاد: "اللَّهمَّ اجْعلْنِي من التَّوَّابينَ واجْعَلْنِي مِن المُتَطَهِّرين" الحديث، وتكلم فيه. انتهتْ عبارتُه.

وإذا قيل الحديث أو الآية، فهو بنصب آخره.

وفي هذا السياق والعزو أمور ستعرفها وتعرف تصرف وما أخل به وإيهامه اتحاد الإسناد والمتن وأنه من رواية عمر بن الخطاب وحده، ومعنى كلام الترمذي فيه مفصلاً.

فالحديث رواه مسلم من طريق ابن مهدي، وأبو داود

ص: 357

من طريق ابن وهب، كلاهما عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني، وعن ربيعة عن أبي عثمان النهدي عن جبير بن نُفَير، كلاهما عن عقبة بن عامر

ص: 358

الجهني بقصة في آخرها أن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له

" الحديث.

ثم رواه مسلم معطوفاً على ما قبله من طريق زيد بن الحباب، عن معاوية، عن ربيعة، عن أبي إدريس وأبي عثمان، عن جبير عن عقبة نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكر مثله غير أنه قال:"من توضأ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".

ورواه أبو داود معطوفاً على السياق الأول من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ عن

ص: 359

حَيْوَة بن شريح، عن زُهْرَة بن مَعْبَد أبي عقيل، عن ابن عمه لَحّاً ولم يسمّ عن عقبة عن النبي- صلى الله عليه وسلم-نحوه لم يذكر القصة قال: "وأحسن الوضوء ثم رفع نظره إلى السماء فقال: وساق الحديث بمعنى الأول.

وكذا رواه النسائي في اليوم والليلة من طريق ابن المبارك، عن حَيْوَة عن زُهْرَة عن ابن عمه، عن عقبة أنه حدثه قال: قال لي عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده "ثم رفع بصره".

ورواه في السنن من طريق الحباب، عن معاوية بن صالح، ربيعة عن أبي إدريس وأبي عثمان، عن عقبة عن عمر وعنده: حسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" وذكره.

ص: 360

ومن هذا الطريق رواه الترمذي لكن عنده "وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله اللهم اجعلني" إلى آخره، وعنده وعند النسائي في كتابيه المذكورين "ثمانية أبواب من الجنة" الحديث، ثم قال الترمذي بعد أن ساق الحديث من رواية عقبة بن عامر عن عمر: وفي الباب عن عقبة بن عامر، أي: من روايته نفسه دون عمر ثم أشار إلى ذلك وقال: "هذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء" وقال: "قال محمد -يعني: البخاري- وأبو إدريس لم يسمع من

ص: 361

عمر شيئاً" "وفي الباب عن أنس" أيضاً يشير إلى ما رواه ابن ماجة بسند ضعيف كما سنذكره بعد تخريج حديث الأصل، فإنه رواه من طريق أبي إسحاق السبيعي عن عبد الله بن عطاء البجلي عن عقبة بن عامر عن عمر مرفوعاً "ما من مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة" الحديث.

وروى ابن ماجة من طريق زيد العَمِّي عن أنس مرفوعاً:

ص: 362

"من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ثلاث مرات: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فتح له ثمانية أبواب الجنة من أيها شاء دخل" وهذا فات المصنف وكذا جميع ما ذكرناه مفصلاً، كما ترى وتشاهد وبالله المستعان).

154 -

قوله بعده عن أبي سعيد حديث "من قرأ سورة الكهف، ومن توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك" وقال رواه الطبراني ، أي: هكذا ثم قال ورواه النسائى ، أي: في اليوم

ص: 363

والليلة على ما قد عُرِفَ من عادته وقال في آخره كذا وكذا وصوَّب وقفَه على أبي سعيد.

كذا ساقه في قراءة الكهف بالفصلين المذكورين مرفوعاً من

ص: 364

المستدرك بنحو لفظ النسائي لكن غفل فلم يَعْزُه إليه، وذكر هناك عن الحاكم أنه روي موقوفاً، وذكره آخِرَ كتاب الجمعة بمعناه في قراءة الكهف فيها مرفوعاً، وجزم بأن النسائي والبيهقي رَوَياه كذلك، وبأن الحاكم رواه موقوفاً ومرفوعاً، ولا شك أن النسائي في اليوم والليلة إنما له في أصل قراءة الكهف والعشر الأواخر منها من غير تقييد روايتان: مرفوعة وموقوفة ويأتي التنبيه على ذلك في الموضعين، وعلى الوهم الذي وقع للمصنف فيه في كتاب الجمعة أيضاً، لضيق الهامش هنا.

155 -

وقوله في هذا الحديث: "ثُم جُعِلَ في طَابع" هو بفتح الباء وكسرها لغة فيه وهو الخاتم، يقال: طبعت على الكتاب ونحوه، أي: ختمت والطبع والختم وهو: التأثير في الطين الرطب ونحوه. وهذه اللفظة تتكرر كثيراً.

156 -

قوله في الترغيب في ركعتين بعد الوضوء "أَرْجَى" هو بلا همز.

ص: 365

157 -

وقوله تفسيراً لقوله لبلال: سمعت دَفَّ نعليك "الدُف بالضم صوتُ النعل حَال المشي".

كذا ضبطه فَوهِم، إذ لا نزاع بين أهل اللغة والغريب، أنه بفتح الدال وإنما المضموم الدف: الذي يُضرَب به كذا قال الجوهري ثم قال: وحكى أبو عبيد عن بعضهم "أن الفتح لغة فيه" يعني: في الثاني وقال ابن دَرَسْتُويَه "هو مضموم في لغة الحجاز، مفتوح في سائر اللغات" انتهى وكذا الشُهد والسُم

ص: 366

ثم الفاء مشددة فيهما والدال مهملة.

(وذكر أبو موسى المديني في كتابه "المغيث في غريبي القرآن والحديث" في مادة ذفف بالذال المعجمة.

"قوله" سمعت دف نعليك "وأن بعض علماء خراسان بعد الخمسين والأربعمائة المبهمين ذكرها بالمعجمة في كراسة كالتتمة لغريبي أبي عبيد الهروي قال المديني: وأصله السير السريع إلى أن قال، وقد يقال: دف نعليك بالدال المهملة ومعناهما قريبان" انتهى).

وكذا قال المُحِب الطبري: أنها بالمعجمة قال: وتُروَى بالمهملة انتهى.

وقال ابن التِين: "دفّ نعليك خفقهما وما يسمع من صوتهما والدَّفُ السير السريع" وفسر البخاري في رواية كريمة الدَفَّ" بالتحريك "وقال الخليل" دَفَّ الطائر إذا حرَّك جناحيه

ص: 367

وهو قائم على رجليه".

وقال الحُميدي صاحب الجمع بين الصحيحين "الدَفُّ الحركة الخفيفة والسير اللين" ووقع في رواية ابن السكن "دُويَّ نَعْلَيْك" بضم المهملة.

كذا نقله عنه صاحب المشارق وغيره.

(قال في المشارق والمطالع" وجاء عندنا في كتاب البخاري -أي: دون مسلم- في الحديث الآخر "يسمع دَوي صوته" بضم الدال والصواب فتحها) وعند الإسماعيلي "خُفوقَ نعليك" وعند مسلم "خَشْفَ نعليك" بفتح الخاء

ص: 368

وسكون الشين المعجمتين وبالفاء.

وقال أبو عبيد وغيره: "الخشفُ: الحركة الخفيفة".

ووقع في حديث بريدة الذي عزاه المصنف في المحافظة على الوضوء وتجديده، وفي صلاة التوبة إلى ابن خزيمة، وقد رواه أحمد والترمذي "فسمعت خَشْخَشَتَك أَمامي" بالمعجمتين المكررتين، وهو بمعنى الحركة أيضاً.

وقد قال الجوهري في مادة دَفَفَ بالمهملة "الدفيف الدبيب وهو السير اللين، ودفيف الطائر مَرُّهُ فُوَيق الأرض".

158 -

قوله في الترغيب في الأذان في حديث ابن عمر رابع حديث "يُغْفَرُ للمؤذن مُنتهى أَذانِه" إنه مروي بإسنادٍ صحيح، وعبارة الهيثمي في "مجمع الزوائد""رجالُه رجال الصحيح"،

ص: 369

ليس كما قالاه بل هو معل، فإنه من رواية مجاهد عن ابن عمر وقد اختُلف عليه فيه.

ص: 370

159 -

("مدَّ صوته بنصب الدال المشددة).

160 -

قوله في تفسير التثويب قال الخطابي، أي: في

ص: 371

"معالم سنن أبي داود".

161 -

(قوله "حتى يَخْطُر" هو بضم الطاء وكسرها.

162 -

قوله "لَبَرِرْتُ" بكسر الراء الأولى).

163 -

قوله في حديث

ص: 372

ابن أبي أوفى: "يُرَاعُون الشَّمسَ والقمرَ والنّجُومَ" أن الحاكم رواه، قلت: وزاد: "والأَظلة".

164 -

قوله في حديث أنس قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً وهو في مسيرٍ له رواه ابن خزيمة.

كذا رواه النسائي في اليوم والليلة ،

ص: 373

وكذا رواه فيه أيضاً من حديث ابن مسعود.

ص: 374

165 -

(قوله ابن رُسْتم هو غير مصروف للعجمة والعلمية.

ص: 375

166 -

قوله عن ابن التيمى: هو معتمر عن أبيه هو سليمان التيمي).

* * *

ص: 376

167 -

قوله في الترغيب في إجابة المؤذن في حديث عمر:

"إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر" أن النسائي رواه في اليوم والليلة لا في السنن الصغرى.

168 -

قوله بعده في حديث جابر: "اللهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ

ص: 377

التَّامَةِ" أن البيهقي رواه في سننه الكبرى بزيادة "إنك لا تخلف الميعاد" في آخره. كذا رواه في "الدعوات" عن شيخه الحاكم من طريق علي بن عياش، الذي رووه كلهم عنه لكن عنده في أوله "اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة التامة" وعنده وعند غيره "المقام المحمود" معرفاً، وفي آخره الزيادة المذكورة.

169 -

(قوله

ص: 378

ابن يسَاف هو بكسر الياء آخر الحروف، ويقال فيه إساف بهمزة مكسورة بدل الياء ويقال يَسَاف بفتح الياء).

170 -

قوله في حديث عبد الله بن عمرو "إنَّ المؤذِّنِينَ يَفْضُلُوننَا" إن النسائي رواه، أي: في اليوم الليلة، وكذا في كثيرٍ من هذا الكتاب يشق تبيينه، كلَّما وقع لكنه مرموز إليه في نسختي، ثم ذكرتُه في سؤال الجنَّة والاستعاذة من النَّار آخر الكتاب،

ص: 379

مجموعاً هناك وبالله المستعان.

171 -

قوله في الدعاء بين الأذان والإقامة في حديث سَهْل: "حِيْنَ يُلْحِم بعضُهم بَعْضاً" وكذا ذكره في الجهاد.

الذي في أصل أبي داود ومختصره للمصنف "بعضه بعضاً".

رواه أبو داود من طريق موسى بن يعقوب الزَمْعِي

ص: 380

-بسكون الميم- عن أبي حازم عنه به.

ثم قال: قال موسى وحدثني

ص: 381

رِزْق بن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم، عن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ووقتَ المَطَر" فالعَجَبُ من المصنف كيف أسقط هذه الزيادة في الموضعين وهي من موضوع كتابه مع ذكره لها في مختصره.

172 -

وتفسيره هنا وفي الجهاد لفظه "يُلْحِم" وهي: بضم أولها وكسر ثالثها رباعية يَنْشَبُ، أي: يعلق بعضهم ببعض ويلتحم في الحرب.

عبارة الخطابي في "المعالم" وابن الأثير في "النهاية""حين تشتبك الحرب بينهم، ويَلْزَم بعضُهم بعضاً".

وقال في جامع الأصول هنا "الملحمة""موضع الحرب والقتال، لأن الأقران يتصل بعضهم ببعض كما تصل لحمة الثوب أجزاءه بعضها ببعض".

وضَبْطُه في الموضعين هذه اللفظة بالحاء المهملة هو المتعين قطعاً

ص: 382

الذي ما سمع غيره، ولا ذكر أهل هذا الفن كالجوهري، والهروي والخطابي، وابن الأثير في "نهايته" وجامعه، وصاحب سلاح المؤمن وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين سواه، وأما ما وقع للشيخ محيي الدين النووي في "أذكاره" وغيره من أن هذه اللفظة في بعض النسخ المعتمدة بالحاء، وفي بعضها بالجيم، وإن كلاهما ظاهر، فلا يغتر به، إنما هي بالحاء لغةً وروايةً لا بالجيم، وهذه الأشياء موقوفة على السماع، وليس من عادة الشيخ تقليد نقطه، وترك تحقيق الشيء من مظانه، وقد بسطتُ هذا في الحواشي التي كتبتها على كتاب الأذكار له.

173 -

(

ص: 383

وعفير المذكور في آخر هذا الباب، وحيث جاء في أسماء الرجال، وكذا في اسم حمار النبي صلى الله عليه وسلم الذي أَردَفَ عليه معاذ بن جبل، وهو في الصحيحين، فالجميع بالتصغير، وأوله عين مهملة بلا شكٍ ولا خفاء.

وأما ما وقع للقاضي عياض في "المشارق" أنه بالغين المعجمة فغلط فاشح وتصحيف قبيح شَذّ به، فأُنكر عليه، وغُلط فيه.

فقال ابن الصلاح: هو "متروك عليه" وقال ابن في دحية: "ما رواه أحد إلا بالمهملة". وقال النووي في أوائل "تهذيبه": "اتفقوا على تغليطه فيه" بل روى أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم كان له حمار اسمه يعفور بالمهملة أيضاً، وهذا لا يختلف فيه اثنان.

ص: 384

ونظيرُ هذا الوهم ما وقع له في كتابه "الشفا" من إبدال بحيرة "ساوَةَ" التي غاضت لما ولد نبينا ببحيرة طبرية، ولم يَقُلْ هذا أيضاً أحد سواه، وأين "ساوة" المدينة المعروفة بين الرَيِّ

ص: 385

وهَمَذان، من طبرية الشام المدينة المعروفة بالأُردُن، وينسب إليها طبراني وإلى طبرستان طبري).

174 -

قوله في بناء المساجد "كَبد حَرَّى" هي: بفتح الحاء وتشديد المهملتين مقصورة، أي: عَطْشى، "والمَفْحَص" بفتح أوله وثالثه كما ضبطه ،

ص: 386

"والمَجْثِم" بكسر ثالثه.

175 -

(قوله أول حديث واثلة بن الأسقع الذي ذكره من المسند والمعجم. وروي عن بِشْر بن حبان قال جاء واثلة ونحن نبني مسجداً فوقف علينا فسلم ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره.

ص: 387

لم يتعرض لضبط هذا الراوي لشهرته، وهو بشر بالكسر والإعجام، بل ولم يضبط أباه حبان، وهو من الأسماء الخفية التي قل من تنبه لها، أو نبَّه عليها، والموجود في نسخ الترغيب، وغيرها من الكتب المذكور فيها هذا الحديث، أو الاسم ابن حيان بفتح المهملة وبالياء الأخيرة، وكأنه من المشي على الظاهر، وإنما هو حِبَّان بكسر أوله وبالموحدة، كما أفاده إمام هذا الفن الأمير ابن ماكولاء في كتابه، ونقله عنه شيخنا ابن حجر في تحريره لمشتبه الذهبي، لكن غفل شيخنا فلم يذكر لبشر ترجمة في كتابه رجال الأربعة، وكذا جَرى الشريف الحسيني فأخل بذكره في رجال المسند، وذلك عجب منهما، نعم أخوه زيد بن حبان، من رجال النسائي وابن ماجة.

والحديث المذكور رواه البخاري في "تاريخه الكبير" والإمام أحمد في مسنده عن الهيثم بن خارجة قال ابنه عبد الله

ص: 388

وسمعته أنا من الهيثم عن الحسن بن يحيى الخُشَني -بالخاء المضمومة والشين المعجمتين والنون- عن بشر.

وقال الذهبي في ترجمة الخشني المذكور في "ميزانه" أنه رواه عنه هشام بن عمار ، والهيثم بن خارجة. والله أعلم بالصواب).

ص: 389

176 -

ذكر في تنظيف المساجد حديث أبي قِرْصافة، وأن اسمه جَنْدَرَة بن خَيْشَنه. أما قِرْصَافة: فبكسر القاف، وإسكان الراء، وفتح الصاد المهملتين، والفاء آخرها هاء تأنيث، وكذا آخر الثنتين بعدها.

(وَجنْدَرَة: بفتح الجيم وإسكان النون وفتح الدال والراء المهملتين).

وخَيْشَنَة: بفتح الخاء المعجمة وإسكان الياء آخر الحروف، وتحريك الشين المعجمة، والنون من أولِيَاء الصحابة رضي الله عنهم سكن الشام، ومات بها يُعَدُّ في أهل فِلَسطِين، وقبره بقريةٍ من قُرى عَسْقلان تسمى سَنَاجِية -بسين مهملة ثم نون مفتوحتين

ص: 390

مخففتين ثم ألف ساكنة ثم جيم مكسورة ثم مثناة تحت مفتوحة خفيفة ثم هاء تأنيث على وزن ثمانية - (ينسب إليها سناجيّ قاله السمعاني وغيره).

ولكن قد اشتَهر في هذه الأزمنة بين أهل الشام وغيرهم، أن هذا القبر المذكور قبرُ سيدنا أبي هريرة، (وعقد عليه الملك الأشرف بن المنصور قبة) وهو باطل ليس بصحيح، وإنما هو قبر هذا الصحابي، كما نصَّ عليه الحافظ بن حبان في الصحابة أول "كتاب الثقات"(نقله عنه ابن العطار وابن الملقن في شرحيهما "لعمدة الأحكام" ونبَّها عليه).

وكذا شيخنا ابن ناصر الدين في كلامه على آخر حديث في البخاري "كَلِمتانِ حبيبتان إلى الرَّحمن".

ص: 391

(وكذا في آخر "أربعينة المتباينة" في هذا الحديث وقال: فقبره بالبقيع لا بعسقلان) فتنبَّهْ له ولا تُقلِّد فتغلط وَاجزِمْ بأن أبا هريرة مات بالمدينة لا بعسقلان.

(وقيل بالعقيق، وقيل بذي الحليفة منها) ومشى في جنازته أبو سعيد الخدري وابن عمر ومروان الأمير وغيرهم من أعيان أهل المدينة، (وصلى عليه أميرها يومئذ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وكان ابن عمر يكثر الترحم عليه، وهو ماشٍ أمام

ص: 392

الجنازة، ويقول: كان يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين).

وكان ولد عثمان بن عفان هم الذين يحملون نَعْشَه، حتى بلغوا البقيع فدفنوه به.

"نعم روى ابن ماجة في الأطعمة أن أبا هريرة زار قومه

ص: 393

"بيُبْنى" وهو اسم القرية، وروى في الجهاد تسميتها اُبْنى قال في السياق الأول يعني: قرية، فأتوه برقاق من رقاق الأوَل فبكى وقال:"ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بعينه قط".

قلت: وفي أسماء الرجال من رواة النسائي وابن ماجة المحرر- كالمعظم بحاء وراءين

ص: 394

مهملات- ابن أبي هريرة تابعي مدني كأبيه، روى عن أبيه وغيره.

وفي الرواة أيضاً من رجال أبي داود وابن ماجة أبو عبد الله الدوسي ابن عم أبي هريرة تابعيّ سمعه وروى عنه.

وقد ذكر الحافظ أبو محمود المقدسي في مصنفه في "القدس" ممن ورده من الأعيان أبا هريرة، وأنه مات بالمدينة، قال:"وليس هو المدفون بِيُبْنى إنما بها بعض ولده" كذا قال.

والحاصل: أن هذا القبر المنسوب إليه ثَمَّ، ليس بصحيح، وإنما هو مدفون بالمدينة النبوية، لا بالقرية المذكورة) فاستفدْ هذه المهمات، وادع لمفيدها.

177 -

ذكر بعد أبي قِرْصَافة بن

ص: 395

حَنْطَب وهو بفتح الحاء والطاء المهملتين بينهما نون ساكنة وآخره موحدة وهو مصروف.

178 -

قول عائشة أَمَرَ ببنَاء المساجد في الدور، أي: المحال.

ص: 396

ومنه الحديث "خيرُ دورِ الأنصار دارُ بني النجار ثم دار بني فلان" إلي آخره.

(ثم رأيتُ الترمذي قد نقل في حديث الأصل عن ابن عيينة: أن الدور القبائل).

179 -

(قوله الترهيب من البصاق في المسجد وإنشاد الضالة فيه، يُنكر عليه قوله، أي: في الترجمة "إنشاد" رباعياً، وكذا يُنكر ذلك على أبي داود وابن ماجة.

ص: 397

وقد زاد فروى ذلك مرفوعاً من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

ص: 398

وجمع الترمذي في التبويب بين إنشاد الضالة والشعر.

وهذا كله من التصرف في العبارة، والجري على التداول، وإنما هو نَشد ثلاثي. ويدل عليه حديث بريدة الذي ساقه المصنف في أثناء الباب. أن رجلاً نَشَدَ في المسجد، ولم يقل أَنْشَد.

ص: 399

قال أهل اللغة: يقال نَشَدَ، الضالة يَنْشُدها بفتح أوله وضم ثالثه نِشْدَةً ونِشْدَاناً بكسر أولها، أي: طلبها؛ فهو نَاشِدٌ، وهذا هو المراد هنا قطعاً وأنشدها، أي: عرَّفها فهو مُنشِد، ومنه حديث لقطة مكة "لا تحل إلا لمُنْشِد" وليس هذا مراداً هنا.

وقال الشاعر:

................

إصَاخةَ الناشد للمُنْشِد

أي استماعَ الطالبِ للواجدِ

ويقال أيضاً: أنشد الشعر ينشده إنشاداً.

وقد أجاد النووي في شرح مسلم فقال: باب النهي عن نَشْدِ

ص: 400

الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، ثم ذكر حاصل ما قررتُه في لفظة الباب، وكذا ذكر المصنف في حاشية مختصره لمسلم الفرق بين نشدتُ الضالة وأنشدتُها، وأنشد قوله الشاعر السابق، وفسَّر الإصاخة، وبَوَّب عليه باب النهي أن تنشد الضالة في المسجد، فليتَه فعل هنا مثل ذلك).

180 -

قوله في الترهيب: البُصَاق في المسجد ثاني حديثٍ وروى ابن ماجة عن القاسم بن مِهران، وهو مجهول عن أبي رافع عن أبي هريرة حديث رؤية النخامة في قبلة المسجد.

ظنَّ المصنف أن هذا الحديث من أفراد ابن ماجة، فاقتصر في عزوه إليه فقط، وهو في مسلم به، وفي النسائي بمعناه أيضاً، واشتبه عليه راويه عن التابعي أبي رافع وهو الصايغ واسمه نفيع

ص: 401

بالفاء مصغراً.

أعني القاسم بن مهران بغيره ممن يشاركه في اسمه واسم أبيه، فتوهّم أنه مجهول، وهو ثقة معروف من رجال الصحيح روى عنه شعبة وعبد الوارث وهشيم وإسماعيل بن عُلَيَّة كما سأذكره.

وقد حَرَّر أئمة هذا الفن، فذكر الذهبي في "ميزانه" القاسم بن مهران جماعةً منهم القاسم بن مهران قاضي هِيت

ص: 402

يكنى أبا حمدان يروي عن أبي الزبير وعنه الحسن بن عبد الله الرقي قال الأزدي: مجهول.

والقاسم بن مهران عن عمرو بن شعيب وعنه سليمان بن عمرو النخعي فقط: لا يُعرف، والقاسم بن مهران عن عمران بن حصين ولا يثبت سماعه منه قاله العقيلي وعنه موسى بن

ص: 403

عبيدة الرَبَذِي من أفراد ابن ماجة.

حديثه "إن الله يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف أبا العيال" أخرجه في أثناء أبواب الزهد أواخر الكتاب.

ص: 404

ثم قال الذهبي أما القاسم بن مهران القيسي خال هشيم فثقة وثقه ابن معين حديثه في الزجر عن النخامة في القبلة، انتهى ملخصاً بزيادة، وهذا الأخير هو المقصود بلا شك ولا خفاء ولفظ ابن ماجة مذكور في الأصل كما تراه، ولفظ مسلم مثله إلى قوله: فَيُتَنَخَّعَ في وجهه وبعده: فإذا تَنخَّع أحدُكم فَلْيَتَنَخَّعْ عن يساره. تحت قدمه، فإن لم يجد فَلْيقل هكذا "ووصف القاسم فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه على بعض.

رواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة، زاد مسلم

ص: 405

وزهير بن حرب جميعاً عن أبي عُليَّة به.

ثم رواه مسلم عن شيبان بن فَرُّوخ، عن عبد الوارث، وعن يحيى بن يحيى عن هُشَيم، وعن محمد بن مثنى، عن محمد بن جعفر عن شعبة قال مسلم كلهم عن القاسم بن مهران

ص: 406

نحو حديث ابن عُليّة قال: وزاد في حديث هشيم قال أبو هريرة: كأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ ثوبَه بعضَه على بعض. وقد رواه النسائي مختصراً: "إذا صلى أحدكم فلا يبزقنَّ بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن يساره. أو تحت قدمه وبزق النبي صلى الله عليه وسلم هكذا في ثوبه ودلكه".

عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن القاسم. فيتعين تصدير الحديث بعَن وعزوه إلى مسلم، وحذف استجهال راويه القاسم لما قررناه وحررناه.

181 -

قوله فيه في حديث جابر "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه أبو داود وغيره.

العَجَبُ من المصنف كيف يخفى عليه مثل هذا أيضاً، والحديث قد رواه مسلم في آخر صحيحه من ذلك الطريق بعينه نحوه وأَتمَّ مِنه لكن بسياق مطوَّل جِداً مشتمل على قِصص، وفي أوله

ص: 407

أيضاً ذكره أبا اليَسر الصحابي وقصته مع غريمه وغلامه، وستأتي الإشارة إليه في التيسير على المعسر من هذه الحاشية.

فإن المصنف خَفِيَ عليه ذلك هناك فعزاه إلى ابن ماجة والحاكم، بل وخَفِيَ على الحاكم فاستدركه وقال: صحيح على شرط مسلم.

وقد روى أبو داود بعض السياق المذكور مفرقاً في موضعين مختصراً عن جابر وحده بإسنادٍ واحد.

وفي المستدرك جملة استدركها ذهولاً على الشيخين، وهي في الصحيحين، أو في أحدهما، وهذا من جُملتها ونُقل عن

ص: 408

الحافظ الذهبي: أن فيه جملة وافرة على شرطهما، وكذا على شرط أحدهما لعل مجموع ذلك نحو نصف الكتاب، وفيه نحو الربع مما صَحَّ سندُه، وفيه بعض الشيء مُعَلّ، وما بقي وهو الربع مناكير وواهيات، لا تصح وفي ذلك بعض موضوعاتٍ قد أَعلم عليها لمّا اختصره. انتهى النقل.

(وذكر الحافظ ابن كثير في كتابه "علوم الحديث" أن شيخه الذهبي جمع منه جزءاً كبيراً مما وقع فيه من الموضوعات، وذلك يقارب مائة حديث، وذكر أن الحاكم يلزم الشيخين بإخراج أحاديث لا تلزمهما لضعف رواتها عندهما أو لتعليلهما ذلك، وقال إن الصحيح المستدرك فيه قليل).

ص: 409

182 -

(قوله في حديث أبي هريرة الذي أوله: "إذا رأيتم مَنْ يَبيع"، وبعده في حديث بريدة إن النسائي رواهما، أي: في عمل اليوم والليلة).

183 -

قوله فلم يَفْطَنْ (لإشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: لم

ص: 410

يفهمها. قال الجوهري: "الفِطنة كالفهم تقول فَطَنْت للشيء بالفتح".

وقال ابن القطَّاع وابن طريف كلاهما في كتاب "الأفعال""فَطَنَ للأمرِ فطنةً علمَه وفَطِن بكسر الطاء صار فَطِناً".

وأما صاحب القاموس فقال: "الفِطنَة الحذِق فَطِنَ به وإليه وله كَفِرَح ونَصَر وكَرُمَ" انتهى ملخصاً والاعتماد على كلام من قبله وأنه بفتح ماضيه وضم مضارعه).

ص: 411

184 -

قوله في أول الترغيب في المشي إلى المساجد في حديث أبي هريرة "صلاة الرجل في الجماعة تُضعَّفُ على صلاته في بيته، وفي سوقه خمساً وعشرين درجة" الحديث. رواه الترمذي وابن ماجة باختصار.

وهذا الضمير عائد إليهما معاً لا إلى ابن ماجة وحده، وإنما رويا أوله فقط وقد روى الشيخان وأبو داود حديث الأصل بطوله

ص: 412

من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.

وكذا روى ابن ماجة أوله باللفظ الأول الآتي، ورواه باللفظ الثاني من طريق الزهري عن ابن المسيب عنه.

وكذا رواه الترمذي: ولفظه: "إن صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده بخمس وعشرين جزءاً" لم يزد على هذا.

ولفظ ابن ماجة: "تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعاً وعشرين درجة" وفي الرواية الأخرى له "فضل الجماعة على صلاة أحدكم وحده خمس وعشرون جزءاً" ولفظ النسائي "صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده خمسة وعشرين جزءاً" وقد فَرَّق ابن ماجة طريق الأعمش عن ابن صالح عن أبي هريرة في أربعة

ص: 413

مواضع بسندٍ واحد أحدها: اللفظ الذي قبل هذا، والثاني:"لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام"، والثالث:"إن أثقل الصلاة على المنافقين"، والرابع:"إن أحدكم إذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه" إلى آخره.

وقد عزاه المصنف في صلاة الجماعة بنحو هذا اللفظ إلى الأئمة الخمسة المذكورين هنا.

وليس هو لغير البخاري في باب فضل صلاة الجماعة، وله نحوه في أواخر المساجد، وذاك محله لا هنا لكن نبَّهنا بهذا على تساهل المصنف في العزو وإيهامه في العبارة، وأكثر هذا الكتاب كذلك.

185 -

والحديث الذي عزاه إلى النسائي

ص: 414

والحاكم معطوفاً على لفظ ابن حبان، وذكره آخر ألفاظ هذا الحديث.

رواه النسائي في الكبير دون المجتبي من طريق ابن أبي ذئب عن الأسود بن العلاء بن جاريةَ الثقفي -وهو من رجال مسلم- عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً "من حين يخرج الرجل من بيته إلى مسجدي، فرجل تكتب حسنة ورجل تمحو سيئة" وبوَّب عليه الفضل في إتيان المساجد. والله أعلم.

186 -

قوله أولاً ومالك في الموطأ، ولفظه كذا وكذا.

ص: 415

وإنما رواه هكذا من طريق أخرى عن نُعَيم المُجْمِر عنه موقوفاً أيضاً.

187 -

قوله "على كل مِيسَم" هو بكسر الميم وفتح السين، وأصله المِكْوَاة، وهو مأخوذ من الوسْم وهو العلامة قيل والمراد به هنا العُضْو وفيه "هذا مِنْ أشد ما ابتلينا به".

كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها، وكذا في غير هذا الكتاب، وهو الصواب "أتيتنا به".

188 -

قوله هنا وفي صلاة الجماعة حديث عثمان "من

ص: 416

توضأ فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة" رواه ابن خزيمة.

كذا رواه مسلم وعنده: "فصلَاّها مع الناس، أو في الجماعة، أو في المسجد غَفر الله له ذنوبَه".

189 -

قوله في حديث جابر في بني سلمة رواه مسلم.

هو من أفراده عن البخاري، نعم رواه البخاري بنحوه وأخصر منه من حديث أنس منفرداً به عن مسلم.

190 -

(وبنو سَلِمة. بكسر اللام قبيلة معروفة من الأنصار.

ص: 417

191 -

وقوله بني سَلِمة في هذه الرواية بإسقاط حرف النداء، كما هو في الرواية الأخرى.

192 -

وقوله "دِيارَكُم" بفتح الراء منصوب على الإغراء "تكتبْ" بجزم الموحدة "أثارُكم" بضم الراء).

193 -

قوله في حديث أُبيٍّ "فحملتُ به حِمْلاً" هو بكسر الحاء.

قال القاضي عياض في "المشارق" معناه: "أنه عظم عليّ وثقل واستعظمته لشناعة لفظه، وهمني ذلك، (وليس المراد به الحمل على الظهر") وقال المصنف في حاشية مختصره

ص: 418

لمسلم، أي: حملتُ بهذا الكلام حمْلاً، يقول الرجل إذا سمع ما يسوؤه حملتُ بهذا الكلام حِمْلاً، أي: شق عليّ حتى كأني حامل جبل قال: والحِمل بالكسر ما حمل على الظهر، وبالفتح ما كان في البطن، وفي ثمر الشجر لغتان، انتهى.

194 -

(عزا حديث أبي هريرة "فذلكم الرباط" إلى مالك ومسلم والترمذي والنسائي وذكر لفظ ابن ماجة بمعناه لكن ليس في آخره "وانتظار الصلاة" وسنده من غير طريق سندهم أيضاً).

195 -

قوله "بَشِّر المُدَّلِجين" يقال: ادَّلج بتشديد الدال، إذا

ص: 419

سار من آخر الليل وأدلج بتخفيفها، إذا سار من أوله، والظاهر أن المراد هنا الأول. والله أعلم.

196 -

قوله "لِيَبْشَر المشَّاؤون" هو بفتح الياء والشين (مثل ليَفْرَحَ وزناً ومعنىً وتصريفاً).

قال الجوهري وغيره "بَشِرْتُ بكذا بالكسر أَبْشَر بالفتح، أي: سُرِرْتُ به واستبْشرتُ" وذكر في "الغريبين" حديث ابن مسعود "مَنْ أَحبَّ القرآن فَلْيَبشَرْ " ثم قال: فَلْيَفْرح ولْيُسَرَّ.

وإنما ضبطت هذه اللفظة المشكلة: لئلا يقرأها أحدٌ بغير هذا

ص: 420

الضبط فيقعَ في اللحن والتصحيف والكذب.

197 -

قوله "وخرجتُ اتِّقاءَ سخطِك" الواو ثابتة في رواية ابن ماجة هنا وفي كتاب الذكر.

198 -

قوله ثاني حديث في الترغيب في لزوم المساجد وهو حديث أبي سعيد "إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد" رواه الترمذي واللفظ له.

قلت: للترمذي فيه لفظان. هذا أحدهما أورده في تفسير

ص: 421

براءه، وابن ماجة في باب لزوم المساجد في كتاب الصلاة، كلاهما، عن أبي كريب عن رِشْدِين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دَرّاج عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد بلفظ "يعتاد".

ص: 422

ثم رواه الترمذي بعده، وكذا قبله بجانب كبير في كتاب الإيمان -بكسر الهمزة- عن ابن أبي عمر عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث.

إلا أنه قال: "يتعاهد المسجد" وهذا لم يستحضره المصنف.

199 -

(قوله فيه في حديث "إلا تبشبش الله إليه كما

ص: 423

يتبشبش" رواه ابن أبي شيبة وابن ماجة.

أي: عنه إلى أن قال وفي رواية لابن خزيمة: "إلا يستبشر الله إليه كما يستبشر".

كذا في أكثر النسخ وإنما "يتبشبش" فيهما وكذلك كان في نسختي أولاً، لكن صُحفتْ بها لقربها منها، ومعنى التبشبش في حق الله تعالى الرضى واللطف والإقبال.

قال صاحب الغريبين: "هذا مثل ضربه لتلقيه سبحانه ببره وإكرامه وتقريبه".

وقالى ابن الأعرابي: "التبشبش من الله الرضى، يقال

ص: 424

تبشبش فلان بفلان إذا آنسه، وأصله من البشاشة، وهي طلاقة الوجه قال:"والبَشُّ: فرح الصديق بالصديق". وقال الليث اللغوي: "البَشُّ اللطف في المسألة والإقبال على أخيك" قال الجوهري: "ورجل هشٌّ بشٌّ، أي: طلق الوجه، طيب الخلق" وقال ابن السكيت: "يقال لقيته فتبشبش بي، وأصله تبشش".

200 -

والفُجل في الترجمة بعده والحديث بضم الفاء جمعه

ص: 425

ومفرده لا بكسرها. وقد روى الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في "الطب" عن ابن المسيب قال: "مَنْ أَكل الفُجل فسرَّه أن لا يوجد ريحُه، إنما إذا تجشأه، فليذكر النبي صلى الله عليه وسلم أول قضمة".

201 -

وقوله فيه: (وفي رواية مسلم "فلا يقربنَّ مساجدنا"

ص: 426

تتمتها: "حتى يذهبَ ريحُها يعني الثوم" انتهتْ.

202 -

وقوله في حديث أنس) "فلا يقرَبنَّ" هو بفتح الموحدة وتشديد النون وكذا قوله: "يُؤذِيَنَّ" بفتح الياء الثانية، والتشديد، قالهما النووي في شرح مسلم. وقال في الثاني:"إنما نبَّهتُ على أنه مشدد النون، لأني رأيتُ من خففه -أي: مع إسكان الياء- ثم استشكل إثباتُها مع أن إثباتُها مخففة جائز على إرادة الخبر" انتهى ملخصاً).

ص: 427

203 -

قوله آخر ترغيب النساء في الصلاة في بيوتهن (في تفسير يَستشرِفُها "ويَهُم بها" هو بضم الهاء لا بكسرها (1).

204 -

قوله عَقِبَه) وعن أبي عَمرو الشَيباني هو: بفتح المعجمة وبالموحدة واسمه سعد بن إياس تابعي مخضرم مشهور أنه رأى عبد الله هو ابن مسعود الصحابي السابق قبله في الأصل.

205 -

قوله أو الترغيب في الصلوات الخمس "فيه حديث ابن

ص: 428

عمر وغيره" "بني الإسلام على خمس" ثم قال رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن غير واحدٍ من الصحابة انتهى.

قلت: ليس هو في الصحيحين وغيرهما من الكتب المشهورة إلا من رواية ابن عمر، وله طرق وألفاظ، نعم رواه الإمام أحمد، وأبو يعلى في مسنديهما، والطبراني في معجميه الكبير والصغير، من حديث جرير بن عبد الله البجلي، قال

ص: 429

الهيثمي في مجمعه "وإسناد أحمد صحيح".

ورواه أيضاً أحمد والطبراني في الكبير من حديث ابن عباس ولفظه: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة والصيام، فمن ترك واحدة منهن كان كافراً حلال الدم".

قال الهيثمي: "وإسناده حسن".

وكذا عزا المصنف في كتاب الصيام نحوه إلى أبي يعلى وذكر أن إسناده حسن. عن ابن عباس قال حماد بن زيد ولا أعلمه إلا قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرى الإسلام، وقواعد الدين،

ص: 430

ثلاثة عليهن أسس الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة المكتوبة وصوم رمضان".

ثم قال المصنف وفي رواية "من ترك منهن واحدة فهو بالله كافر، ولا يقبل منه صرف ولا عدل وقد حلَّ دمه وماله".

فلو حذف المصنف هنا أولاً لفظة "وغيره" وحذف قوله "عن غير واحد من الصحابة" كما فعل في كتاب الزكاة لسلم.

206 -

قوله بعده في حديث عمر بن الخطاب في سؤال جبريل. رواه البخاري ومسلم ذكر البخاري هنا وهم بلا شك، إذ حديث عمر مما انفرد به عنه مسلم، فرواه هو، وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني وأبو الشيخ الأصبهاني وغيرهم -بزيادة ونقص- من

ص: 431

طُرُقٍ لخصتُها مشيراً إليها في إسباغ الوضوء من هذا الكتاب، وذكرتُ هناك تمييزاً أن أصل الحديث رواه أحمد وأبو داود والنسائي والطبراني وأبو نعيم ومحمد بن هارون من رواية ابن عمر نفسه أيضاً.

ورواه أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة وغيرهم من طريق أبي زرعة بن عمرو عن أبي هريرة وعلى هذه الرواية اتفق الشيخان.

ورواه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد، وأبو داود والنسائي وغيرهم من طريق أبي زرعة عن أبي

ص: 432

ذر وأبي هريرة معاً.

ورواه أحمد من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس.

ورواه أيضاً من طريق شهر عن

ص: 433

ابن عامر أو أبي عامر أو أبي مالك الأشعريين هكذا بالشك.

ورواه البخاري في أفعال العباد، والبزار في مسنده من طريق الضحاك بن نِبْرَاس - (بكسر النون، وإسكان الموحدة، وفتح الراء المهملة بعدها ألف، ثم سين مهملة) والنبراس

ص: 434

المصباح وزناً ومعنًى) وهو لين الحديث - عن ثابت البناني عن أنس عن ابن مالك.

ورواه أبو عوانة في صحيحه من حديث جرير البجلي لكن في إسناده خالد بن يزيد العُمري، ولا يصلح للصحيح فإنه واهٍ مجروح.

ورواه أبو القاسم الأصبهاني في كتابه الترغيب والترهيب من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود.

ص: 435

وقد أشار الترمذي في جامعه إلى أنه روى أيضاً من حديث طلحة بن عبيد الله فقال بعد أن ساق حديث عمر المُبدَّأ بذكره بطوله ثم أشار إلى أنه روى عن ابن عمر نفسه وصحح الأول "وفي الباب عن طلحة بن عبيد الله وأنس بن مالك وأبي هريرة" هذا كلامه وقد حكيناه أيضاً في إسباغ الوضوء وبالله التوفيق.

207 -

قوله في حديث "لو أن نَهراً""فكذلك مَثلُ الصلواتِ".

كذا وجُد بإقحام الكاف، وصوابُه ولفظ الحديث "فذلك" وفي القرآن العزيز {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} {ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ} وهذا واضح معلوم.

ص: 436

(وقد ضبط الغمر وفسَّرَه بأنه الكثير، أي: الغامر).

208 -

قوله وعن أبي مُسْلم الثعلبيِّ هو: بالمثلثة وبالمهملة.

209 -

قوله في حديث عثمان بن عفان حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم -

ص: 437

عند انصرافنا من صلاتنا:

الحديث، ثم قال: وفي رواية أن عثمان قال والله لأحدثنكم حديثاً ثم قال:

الحديث. رواه البخاري ومسلم.

هذا يُوهم أن هاتين الروايتين عند الشيخين، وليس كذلك بلا ريب بل الرواية الأولى لمسلم وحده دون البخاري، والثانية لهما: وكان يتعين أن يعكسَ فيصدَر بها، وتعزى إليهما ثم قال: وفي رواية لمسلم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية له أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أخرى له أيضاً ثم قال سمعت

إلي آخره.

210 -

ذكَرَ (المصنف بعد هذا بأربعة أحاديث) من مسند أبي يعلى حديث أنس إن أَوَّل ما افترض الله على الناس من دينهم

ص: 438

الصلاة، وآخر ما يَبْقى الصلاة وأول ما يحاسب به العبد الصلاة، يقول الله عز وجل: (انظروا في صلاة عبدي

إلى آخره).

كذا اقتصر هنا على هذا السياق، وقد ذكر في أثناء الترهيب من عدم إتمام الركوع والسجود من الترمذي عن حريث -تصغير حارث- ابن قبيصة عن أبي هريرة مرفوعاً: "أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحتْ فقد أَفلح وأَنجح، وإن فسدتْ فقد خاب وخسر، وإن انتقص من فريضته شيئاً قال الرب جلّ وعلا: انظروا هل لعبدي من تطوع، فَيُكْمَل بها ما انتُقِص

ص: 439

من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك".

وقال رواه الترمذي.

قلت: والنسائي من طريق هَمَّام عن قتادة عن الحسن عن حريث. بقصة في أوله مذكورة في نفس الحديث.

ص: 440

وقال الترمذي: "حسن غريب من هذا الوجه" قال: "وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي هريرة قال: "وقد روى بعض أصحاب الحسن عن الحسن عن قُبيصة بن حريث غير هذا الحديث، والمشهور هو قبيصة بن حريث.

قال: وروى عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا قال: "وفي الباب عن تميم الداري" انتهى.

ثم روى النسائي من طريق أبي العوَّام عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع.

عن أبي هريرة مرفوعاً: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن وُجدتْ تامة كتبت تامّة، وإن كان انتقص منها شيئاً قيل انظروا هل تجدون له من تطوع تُكمِلُوا له ما ضيَّع من فريضته من

ص: 441

تطوعه، ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك".

ثم رواه النسائي من طريق النَضْرِ بن شُميل عن حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يَعْمَر عن أبي هريرة (أخصر منه ورواه أبو داود من طريق إسماعيل بن عُليَّة عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري عن أنس بن حكيم الضبي عن أبي هريرة بقصة).

في أوله ولفظه " إن أول ما يحاسب به الناس يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال: يقول ربنا عز وجل لملائكته وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها

الحديث" وفي آخره "ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم".

ورواه ابن ماجة أخصر منه وبدون القصة من طريق يزيد بن

ص: 442

هارون عن سفيان بن حسين عن علي بن زيد بن جُدْعان عن أنس بن حكيم قال: قال لي أبو هريرة: إذا أتيتَ أهل مصر فأخبرهم أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وذكره بمعناه وقال في آخره" ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك".

ثم روى أبو داود من طريق حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن رجل من بني سُليط عن أبي هريرة نحوه وكذا رواه ابن ماجة به لكن لم يقلْ بني سليط.

وروياه أيضاً من طريق حماد عن داود بن أبي هند عن

ص: 443

زرارة بن أوفى عن تميم الداري مرفوعاً وقد ساقه ابن ماجة بتمامه وفيه "فإن أكملها كتبت له نافلة فإن لم يكن أكملها قال الله لملائكته (انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فأكملوا به ما ضَيَّع من فريضة".

وأشار أبو داود إلى متن هذا الحديث وزاد "ثم الزكاة مثل ذلك" واتفقا فقالا: "ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك". وإسناده صحيح.

211 -

قوله في حديث سعد بن أبي وقاص "كان رجلان

ص: 444

أخوان" رواه مالك.

إنما رواه بلاغاً عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه كان يحدث عن أبيه ولفظه "فما ترون ذلك" ليس بينهما لفظة "في" والظاهر أنها مُقْحَمة ولم تك في نسختي قبل إنما ألحقتْ.

212 -

(وقوله فيه نهر عذب غَمْر هو بفتح الغين وإسكان الميم وهو الماء الكثير).

213 -

(قوله: من بَلِيِّ هو بفتح الموحدة وكسر اللام المخففة وتشديد ياء النسبة بوزن عليّ (منسوب إلى قبيلة من قضاعة) مثل علوي.

ص: 445

214 -

قوله تَفرَّد به الحسين بن الحكم الحِبَري هو بكسر الحاء والراء المهملتين، وفتح الباء الموحدة المخففة.

215 -

(قوله "اكْفُلُوا لي اكْفُلُ لكم" بضم الفاء فيهما من باب نصر ينصُر).

ص: 446

216 -

قوله في الترغيب في الصلاة مطلقاً وفضل الركوع والسجود في حديث ربيعة بن كعب الذي في آخره "فأعني على نفسك بكثرة السجود" إن الطبراني رواه من رواية ابن إسحاق.

قال الهيثمي في مجمعه "وهو ثقة ولكنه مدلس".

قلت: وقد رواه الإمام أحمد بنحوه، وأتم منه من طريق ابن إسحاق أيضاً لكنه صرح فيه بالتحديث عنده، فزال المحذور، عن محمد بن عمرو بن عطاء عن

ص: 447

نعيم المجمر عن ربيعة.

ورواه مسلم والأربعة من غير طريق بل من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه.

217 -

وقوله في لفظ مسلم "أو غير ذلك".

قال أبو العباس القرطبي في شرح مختصره لمسلم "ورويناه بإسكان الواو من "أو" ونَصَبَ "غير" أي، أو سل غير ذلك، يعني: غير مرافقته في الجنة" انتهى.

ووقع للنووي في شرحه أن "أو" بفتح الواو، ولعله أراد فتح الراء من "غير" أو أراد أن يكتب بإسكان الواو، فسبق قلمه إلى الفتح. والله أعلم.

ص: 448

ثم رأيت القاضي عياضاً، قد قال في المشارق في قوله لعائشة حين قالت: عصفور من عصافير الجنة "أو غير ذلك" أو بالسكون، ومن فتحها في هذا ومثله، أحال المعنى وأفسده.

وذكر قبله قوله لسعد حين قال: "فوالله إني لأراه مؤمناً" فقال: "أو مسلماً" أو بسكون الواو، وقال:"ولا يصح فتحها ها هنا جملة" ثم قال: "ومثله وقولُهُ لعائشة أو غير ذلك". انتهى.

218 -

وليس لربيعة عندهم سوى هذا الحديث.

ص: 449

وله عند أبي يعلى حديث آخر في زواجه، وفيه قصة من طريق مبارك بن فضالة عن أبي عمران الجَوْني عنه.

219 -

(فسَّر قوله "أَلَوْتُ" بقصَّرتُ، وهو كذلك،

ص: 450

لكن) يقال: أَلوتُ غير ممدود في الماضي، آلو ممدوداً في المستقبل (ومن الأول هذا الحديث.

ومن الثاني: (قول أنس بن مالك "لا آلو أن أصلي بكم".

وقول سعد بن أبي وقاص: "ولا آلوا ما اقتديتُ به".

ص: 451

والحديث الآتي في حق الزوج "ما آلُوهُ إلا ما عجزتُ عنه" والقرآن والحديث في بطانة السوء).

220 -

قوله في أول حديث في

ص: 452

الترغيب في الصلاة أول وقتها "إن أحب العلم إلى الله الصلاة على وقتها".

في لفظ لمسلم قلت: يا نبي الله أي الأعمال أقرب إلى الجنة؟ قال: "الصلاة على مواقيتها".

221 -

(الثوب الخَلَق: بفتح اللام لا بكسرها).

222 -

قوله أول الترغيب في صلاة الجماعة في حديث أبي هريرة "تضعف على صلاته" إن الستة غير النسائي رووه.

ص: 453

تقدم في المشي إلى المساجد التنبيه على ما وقع للمصنف في نحو هذا العزو إليهم، وأن هذا اللفظ للبخاري دون غيره، والظاهر أنه إنما يقصد عزو أصل الحديث في الجملة، وأيضاً ليس عند ابن ماجة من هذا الحديث سوى أوله فقط كما بيناه ثَمَّ.

223 -

وبيَّنا أيضاً هناك حديث عثمان المذكور هنا سادس حديث "من توضأ فأسبغ الوضوء" المعْزُوَّ إلى ابن خزيمة أن مسلماً رواه بنحوه بلفظ ذكرناه.

224 -

ذكره هنا وفي انتظار الصلاة (وفي الترغيب في

ص: 454

الفقر) أخصر حديث اختصام الملأ الأعلى من الترمذي من رواية ابن عباس ثم نقله عنه أنه قال فيه حسن غريب.

وقوله في أوله "أتاني الليلة آت""من ربي"، ثم قال: وفي رواية: "رأيت ربي في أحسن صورة".

إيهام أنه كذلك عنده بهذا اللفظ، وإنما هو على عادة المصنف، وتصرفه في السياق بالمعنى والخلْظ والتلفيق والحذف والإبدال والزيادة والنقصان وعدم التفصيل.

فإن الترمذي رواه في تفسير سورة ص من طريق معمر عن أيوب عن أبي قِلابة عن ابن عباس بلفظ: "أتاني الليلة ربي في

ص: 455

أحسن صورة قال: أحسبه قال في المنام فقال لي يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال قلتُ: لا فوضع يده" إلى قوله: "فعلمتُ ما في السموات وما في الأرض" قال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم في الكفارات والكفارات المكثُ في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير" وقال فيه: "وكان من خطيئته" وقال: "يا محمد إذا صليتَ فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات" إلى آخره.

ثم قال الترمذي وقد ذكروا بين أبي قِلابة وبين ابن عباس في هذا الحديث رجلاً. ثم رواه من طريق هشام الدستوائي عن قتادة عن أبي قِلابة عن خالد بن اللَجْلاج عن ابن عباس وفيه "أتاني ربي

ص: 456

في أحسن صورة فقال يا محمد، قلت: لبيك وسعديك وقال: وفيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: ربي لا أدري فوضع يده بين كتفيّ فوجدتُ بردها بين ثديي فعلمتُ ما بين المشرق والمغرب، فقال: يا محمد، قلتُ: لبيك وسعديك قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الدرجات والكفارات ونقل الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكروهات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن". وآخره "وكان من ذنوبه كيوم ولدتُه أمه".

ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه قال: وفي الباب عن معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عائش قلتُ: وهو بالياء الأخيرة والشين المعجمة ممدود. قال: وقد روى هذا الحديث عن معاذ بن جبل بطوله وقال: "إني نَعَسْتُ فاستَثْقَلتُ نوماً فرأيتُ ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى". انتهى ما عند الترمذي ملخصاً.

فانظُره، وانظر سياق الأصل تتحقق موضوع هذا الكتاب، وتعذرني في وضع المتيسر من هذه الكلمات تنبيهاً على غيره، وإشارةً إلى أمثاله، وتعريفاً أن الطالب لا يقدر أن ينقل منه إلا النادر وبالمعنى. فإن لفظ "السَبَرات" ليس في الترمذي بلا شك بل هو في غيره ولا عنده في أوله "أتاني الليلة آتٍ من ربي".

ص: 457

إنما ذكر الآتي ابن الجوزيّ في كتابه دفع التشبيه من حديث أبي هريرة بلفظ: "أتاني آتٍ في أحسن صورة".

والذي في كتاب المعرفة للحافظ أبي أحمد العَسَّال في هذه الرواية "رأيتُ ربي في منامي" وقد ساق العسال في كتابه المذكور هذا الحديث من عدة طرق وألفاظ، ومن رواية جماعة من الصحابة وأكثرها مُصَرِّح بأن ذلك كان في المنام، وفي بعضها أنه كان في الإسراء، وفي بعضها "تراءى لي ربي تعالى بأحسن صورة" وفي بعضها "تجلى لي في أحسن صورة"، وقال عماد الدين بن كثير في تفسيره بعد أن ساقه بنحوه من مسند أحمد من حديث معاذ

ص: 458

"وهو حديث المنام المشهور، ومن جعلَه يقظة فقط غَلِط" انتهى.

وتكلم البيهقي في كتابه "الأسماء والصفات" وابن الجوزي في كتابه المشار إليه، والقاضي بدر الدين ابن جماعة في كتابه

ص: 459

"إبطال حجة التشبيه" على هذا الحديث وتأويله بما يضيق هذا الهامش عن تلخيصه لكن تتعيَّن مراجعته.

ولنذكر سياق رزين لحديث الأصل، إذ به يتبين تصرف ابن الأثير فيه، وتقليد المصنف له وزيادته عليه، فإني بعد تلخيصي لهذا وقفتُ على سياقه آخر "تجريده" وهو غالباً لا يرمز إلا لمالك ومسلم، فذكر حديث ابن عباس:"أتاني الليلة آتٍ من ربي" وفي

ص: 460

أخرى "ربي في أحسن صورة في المنام" وفي أخرى قال: "إني نَعَسْتُ واستَثْقَلتُ نوماَ فرأيت ربي في أحسن صورة".

قال: وهذه رواية معاذ بن جبل: "فقال لي: يا محمد" إلى أن قال: "فيم يختصم الملأ الأعلى قلت: لا" إلى أن قال: "يا محمد تدري وعنده" إلى الجمعات إلى أن قال: من حافظ

" وما كان من زيادة عليه فهو من سياق ابن الأثير، وزيادة المصنف، فاعلم ذلك ولا تغتَر فتقلِد.

225 -

(و "نَعَسْت" و"استَثْقلتُ" بفتحهما، وماضي نعس بالفتح ومضارعه بالضم من باب نصر).

226 -

وقوله بعده في تفسير "السَّبَرات" إنها بإسكان الموحدة جمع سبرة ولم يضبطها مفردة.

لا شك أن الإسكان خطأ، وأن الصواب الفتح في الجميع والإسكان في الإفراد؛ لأن كل اسم ثلاثي مؤنث صحيح العين

ص: 461

(ساكنها إذا كان مفتوح الفاء) على فَعْلَه (إذا جمع بالألف والتاء) وجب تحريك عينه بحركتها كهذه اللفظة، ونظائرها وهي كثيرة شهيرة (كنَخَلات وثَمَرات وأكَلَات وسَكَتات ومرَوات ورَكَعَات وسَجَدَات وخَطَرَات وسَطَوَات وضَرَبَات وطَعَنَات وجَلَدَات، ونَفَحات ولَحَظَات، وطَلَقات ونَفَجَات وجَفَنَات وحَثَيَات وجَمَرَات وشَعَرَات وأَلَيات وعَثَرات وسَكَرات ودَعَوَات وفي القرآن: شهوات وغمرات وحسرات إلى ما لا يحصى) ولا يجوز إسكان ذلك إلا في ضرورة الشعر، وإذا كان صفة مثل (امرأة عَبْلة، أي: تامّة الخَلْق، ونسوة عَبْلات) وضَخْمة وضَخْمات وصَعْبة وصَعْبات (قال ابن مالك في شرح كافيته "فهذا لا خلاف في تسكين عينه على أن قطربًا أجاز فتحها قياساً على ما ليس بصفة،

ص: 462

لكنه أشار إليه في متنها بقوله:

"ومَنْ يَقِسْ فَليْس ذا إثبات".

وكذا يسكن معتل العين مثل جوزات وخيرات وبيضات وعورات وروعات مع أن بني هذيل يفتحون الواو والياء فيها، وكذا حكى الفراء أن لغة قيس أيضاً فتح واو "العورات"، ولهذا قرئ شاذاً {عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} و {عَوْرَاتٍ لَكُمْ} بفتح الواو.

وقد ذكر ابن مالك في الكافية أصل ما ذكرناه فقال:

وبَعْدَ فتحٍ للسكون لا تُجزْ

إلا اضطراراً منه قول المرتجزْ

والزَمْ سكون العينِ في الصفَاتِ

كضَخْمةٍ مِن نسوة صَخْماتِ

وما كبْيضةٍ وجوزَةٍ فعَنْ

هُذيْلٍ افتح ولغيرهم سَكنْ

وقال الجوهري في صحاحه: "الجفنة كالقصعة والجمع الجفان والجفنات بالتحريك قال: لأن ثاني فَعْله يحرك في الجمع إذا كان اسْماً إلا أن يكون ياءً أو واواً فيُسكن حينئذ".

وقال: "امرأة صَعْبة، ونساء صَعْبات بالتسكين لأنه صفة".

وذكر في ضَخْمه نحو ذلك وزاد "وإنما يحرك -يعني جمعه- إذا كان اسماً مثل جفنات وتمرات" انتهى كلامه.

ص: 463

وقد أشار الإمام الثعلبي في تفسير قوله تعالى: {حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} إلى أصل هذه القاعدة المقررة.

والحاصل: أن جمع السَبَرات بالفتح) ومفردها بالإسكان بلا خلاف، قال أبو عبيد في "غريب الحديث" له وغيره وبها سُمي الرجل سبرة.

مع أن تفسير هذه اللفظة هنا يتعين إسقاطه؛ لكونها من تصرف المصنف، لا من الترمذي بلا ريب، وإنما لفظه الواحد في "المكاره" والآخر في "المكروهات". كما حررناه وقررناه، ولا شك أن هذه اللفظة وردتْ في بعض طرق هذا الحديث وغيره، لكن في غير الترمذي المساق منه اللفظ المذكور، وقد تعقبنا عليه ضبط جمعها خطأ، وأفدناه جمعاً وإفراداً بقاعدته المقررة. وفي انتظار الصلاة سَلِم رحمه الله من تقييد نفسه بتقييدها غير أن التعقيب عليه في إيراد هذا الحديث من الترمذي أيضاً، وإبداله ألفاظه بغيرها ومن جملتها هذه اللفظة وإيهامه ما أوهمه بحاله.

ص: 464

نعم ذكر هناك حديثاً آخر غير هذا فيه ذكر السبرات، ثم فسَّرها، وإنما الكلام في هذا الحديث بخصوصه، وقد اقتصرنا على التنبيه على هذا كله هنا، ولم نتعرض لشيء منه هناك للعجلة، وضيق الهامش والوقت، ولزوم التكرار في التنبيه والتعقيب وهو شيء يطول ويشق فاعلمه -إن شاء الله- إذا انتهيتَ إليه قبل الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر.

ثم بعد هذا التعقيب، وجدتُ أصله لابن الأثير في كتابه جامع الأصول فإنه ذكر هذا السياق بلفظ:"أتاني الليلة آتٍ من ربي" قال: وفي رواية "ربي" إلى آخره وفيه "في السبرات" ورمز عليه الترمذي، ثم فسرها فيما بعد على عادته "السبرات" ولم يقيدها لشهرتها وأول إتيانه -سبحانه- في أحسن صورة والمصنف تصرف من عنده فزاد "رأيت" قبل "ربي".

وإنما قصد ابن الأثير "أتاني" لكن حذفها اكتفاء بالأول، وقلده المصنف في الباقي فحصل ما ترى، وهذا أحد المواضع التي قلد فيها ابن الأثير في هذا الكتاب، والله المستعان.

227 -

(

ص: 465

سَلْم بفتح السين، وإسكان اللام، وطُعمة بضم الطاء).

228 -

(قوله في الترغيب) في كثرة الجماعة.

(الذُهْلي: بضم الذال المعجمة وإسكان الهاء).

ص: 466

229 -

وقُباث: بضم القاف وفتح الموحدة المخففة آخره مثلثة، وابن أَشْيَم: بفتح الهمزة والمثناة التحتانية، بينهما شين معجمة ساكنة، وآخره (غير مصروف.

وتترى، أي: واحد بعد واحد).

230 -

قوله أول الترغيب في الصلاة في الفلاة، في حديث

ص: 467

أبي سعيد المعزو إلى أبي داود إن الحاكم استدركه وقال صحيح على شرطهما.

إقرار المصنف له على ذلك تقليداً، وعدم التنبيه لما بعده مما استدركه وهماً على الشيخين عجيب جداً يَسْتَدركه على الحاكم، ثم على المصنف مَنْ له إلمام بهذا الفن، فإن الحاكم بعد أن استدركه قال:"وقد اتفقا على الحجة بروايات هلال بن أبي هلال، ويقال ابن أبي ميمونة، ويقال ابن عليّ، ويقال ابن أسامة كله واحد" انتهى كلام الحاكم.

وهذا خطأ فاحش، ووهم قبيح ظاهر، فإن هلالاً الذي رَوى حديث الأصل انفرد بالرواية عنه أبو داود وابن ماجة دون بقية الجماعة وهو مبين في نفس الرواية، هلال بن ميمون بدون أداة الكنية في أبيه كما تخيله الحاكمُ وهماً من وجوه، وظناً أنه هلال بن

ص: 468

أبي ميمونة بهاء التأنيث الآتي، وإنما هو هلال بن ميمون الجهني ويقال الهذلي أبو علي ويقال أبو المغيرة، ويقال أبو معبد الفلسطيني الرملي نزل الكوفة رَوى عن عطاء بن يزيد الليثي وغيره روى عنه أبو معاوية الضرير وعبد الواحد بن زياد وغيرهما، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين "ثقة" وقال النسائي:"ليس به بأس".

وقال أبو حاتم الرازي "ليس بالقوي يكتب حديثه" وقال الذهبي في الكاشف: صدوق.

وقد روى أبو داود وابن ماجة الحديث المذكور من طريقه.

ص: 469

فرواه أبو داود عن محمد بن عيسى وهو ابن الطباع، وابن ماجة عن أبي كُريب قالا: حدثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد، لكنه عند ابن ماجة مختصر، ولفظه:"صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته خمساً وعشرين درجة".

ولفظ أبي داود مذكور في الأصل لكن بقي منه بعد ذكره لفظ عبد الواحد وساق الحديث. ويُنكر على المصنف قوله صدر الحديث عند البخاري وغيره.

فإنه إنما رواه من طريق الليث عن ابن الهاد عن عبد الله بن خَبَّاب عن أبي سعيد ولفظه: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة" وكان ينبغي له أن يُبدلَ البخاري

ص: 470

بابن ماجة لموافقته لأبي داود في ذاك الطريق دون بقية أصحاب الكتب الستة.

وأما هلال الذي روى له البخاري ومسلم بل وبقية الجماعة فهو أقدم من راوي حديث الأصل.

وهو هلال بن علي بن أسامة ويقال هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال العامري مولاهم الفهري المدني وقد يُنسب إلى جده أسامة، (رَوى في الكتب الستة غير ابن ماجة، عن عطاء بن يسار، لا عن عطاء بن يزيد) وترجمته مشهورة، لا نطيل بذكرها، (فافترقا وتميزا، كما ترى من هذه الجهات).

231 -

(قوله: "وفَخَرَتْ" هو بفتح الخاء).

232 -

عزوه أول الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في

ص: 471

جماعة حديث سيدنا عثمان المرفوع "من صلى العشاء في جماعة" إلى مالك.

ليس بجيد، إذ ليس عنده ذكر رفعه بخلاف غيره من المذكورين، أو كان بيَّنه.

233 -

قوله فيه عن رجل من النخَع هو بفتح الخاء المعجمة، لا بإسكانها وهم رهط إبراهيم النخعي قبيلة من اليمن قاله الجوهري في "صحاحه".

وقال السمعاني في "الأنساب": النَخَع قبيلة كبيرة من مَذْحِج ينسب إليهم من العلماء الجمُّ الغفير، واسم أبي القبيلة

ص: 472

(المذكورة جَسْر، ولقبه النَخَع)(ومَذْحِج من اليمن أيضاً، وهو جد أبي النَخَع).

234 -

قوله بعده في حديث أبي أمامة "مَنْ صلى العشاء في جماعة فقد أخذ بحظِه مِنْ ليلةٍ القَدْر".

كذا وُجِدَ مطلقاً غير مقيَّد برمضان ليلتئذٍ، والظاهر التقييد، فقد روى البيهقي في فضائل الأوقات، وأبو الشيخ الأصبهاني،

ص: 473

ومن طريقه أبو موسى المديني من حديث أبي هريرة مرفوعاً "من صلى العشاء الآخرة في جماعة في رمضان، فقد أدرك ليلة القدر" وقد روي من حديث علي بن أبي طالب مرفوعاً أيضاً لكن إسناده ضعيف جداً، وقال الإمام مالك في "موطئه" بلغني أن ابن المسيب قال:"من شهد العشاء ليلة القدر -يعني: في جماعة- فقد أخذ بحظه منها".

وروى البيهقي أيضاً من حديث أنس رفعه "من صلى المغرب والعشاء في جماعة حتى ينقضي شهر رمضان فقد أصاب من ليلة القدر بحظ وافر" وفي لفظ آخر "من صلى العشاء الآخرة من

ص: 474

شهر رمضان الشهر كله في جماعة فقد وافق ليلة القدر" رواه بنحوه الطبراني وأبو نعيم.

وروى ابن أبي الدنيا من حديث أبي جعفر الباقر مرسلاً معضلاً: "من أتى عليه رمضان صحيحاً مسلماً صام نهاره وصلى ورْداً مِنْ ليله، وغضَّ بَصَره وحَفِظَ فرجَه ولسانَه، وحافظ على صلاته في الجماعة، وبكَّر إلى جُمعة فقد صام الشهر واستكمل الأجر وأدرك ليلة القدر وفاز بجائزة الرب".

قال أبو جعفر: جائزة لا تُشْبه جوائز الأمراء، وقال الشافعي في القديم:"مَنْ شهد العشاء والصبح ليلة القدر في جماعة، فقد أخذ بحظه منها".

وهذا كله يؤيد ما قررتهُ، هذا إن كانت رواية الأصل المطلقة محفوظة، وأنى لها بذلك. وفيها مسلمة بن عليّ الخشني الدمشقي البلاطي من رجال ابن ماجة واهٍ جداً متروك، وله عدة مناكير. والله أعلم.

235 -

قوله عن مِيْثَم: هو بميم مكسورة أوله ثم ياء مثناة

ص: 475

تحت ساكنه ثم مثلثة مفتوحة ثم ميم آخره وهو صحابي فَرْد فيهم غير منسوب.

236 -

قوله ابن أبي حَثْمة هو بالحاء المهملة والمثلثة (والشِفَاء بِكَسْر المعجمة وتخفيف الفاء مع المد).

ص: 476

237 -

قوله في الترهيب من ترك حضور الجماعة لغير عذر (بِحَسْبِ المؤمن هو بإسكان السين، أي: يكفيه).

238 -

قوله في حديث ابن مسعود، وفي رواية لأبي داود:"ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم".

كذا وُجِدَ، ومقتضاه أن لأبي داود فيه، رواية أخرى، وإنما

ص: 477

له الرواية المذكورة لا غير، وهي "لكفرتم".

فصوابه أن يقال وفي رواية أبي داود بالإضافة.

239 -

قوله في حديث ابن أم مكتوم "لا يُلَائِمُنِي" قال: "وفي نسخ أبي داود لا يُلاومُنِي".

كذا رأيتُه أيضاً في ابن ماجة.

قال المصنف "وليس بصواب قاله الخطابِيُّ وغيره".

أقولُ: قال في المعالم هنا قوله: "لا يلاومني هكذا يروى في الحديث، والصواب لا يلائمني، أي: لا يوافقني،

ص: 478

ولا يساعدني، وأما الملاومة فإنه مفاعلة من اللوم، وليس هذا موضعه" انتهى.

وقال الجوهري في مادة لأم: "إذا اتفق شيئان فقد التأما قال: فيه قولهم: هذا طعام لا يلائمني، ولا تقل يلاومني، فإنّما هذا من اللوم".

وكذا قال الجعد اللغوي في باب المهموز من زيادته على فصيح ثعلب "هذا الشيء يلائمني، ولا يقال يلاومني، إنما ذلك إذا كان يلومك وتلومه" وسيأتي في الترغيب في الشفقة على خلق الله الحديث الذي رواه أبو داود من لاءمكن من مملوكيكم ومن لم يلايمكم منهم، وقول المصنف هناك في حواشيه على مختصر السنن "يلائمكم أصله الهمز من الملاءمة، وهي الموافقة يقال، هو لا يلائمني ثم تخفف فتصير ياء وأما يلاومني بالواو فلا وجه له

ص: 479

ها هنا، لأنه من اللوم".

240 -

(قوله: الزِبْرِقان هو بكسر الزاي والراء، بينهما موحدة ساكنة.

241 -

المملي بلا همز في آخره وكذلك "المملل" بلامين لغتان جاء بهما القرآن العزيز).

ص: 480

242 -

قوله في الترغيب في صلاة النافلة في البيوت في حديث أبي موسى "مَثَلُ البيتِ الذي يُذْكَرُ الله فيه، والبيتِ الذي لا يُذْكَر الله فيه". إنما رواه بهذا اللفظ مسلم دون البخاري، فكان يَتعيَّن الاقتصار على عزوه إليه فقط، إذ لفظ البخاري "مثل الذي يَذْكُر ربَّه، والذي لا يذكر ربه" من غير ذكر البيت، وهو مذكور على الصواب مفصلاً في كتاب الذكر من هذا الكتاب.

243 -

قوله، بعده وعن عبد الله بن

ص: 481

مسعود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما أفضل الصلاة في بيتي أو في المسجد؟ ".

هذا غلط وتصحيف في اسم هذا الصحابي بلا نزاع، وإنما هو عبد الله بن سَعْد -بفتح السين، وإسكان العين- الأنصاري الحَرَاميُّ من بني حَرَام -بمهملتين مفتوحتين- ويقال القُرشيُّ الأُمويُّ، صحابي نزل الشام، وحديثه عند أهلها وسكن دمشق، ويقال: إنه شهد القادسية، وكان من أُمرائها، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه ابن أخيه حرام -بالمهملتين المفتوحتين- ابن حكيم بن خالد بن سَعْد بن الحكم الأنصاريُّ ويقال: العَنْسِيُّ -بالنون- الدمشقي وخالد بن معدان، وزعم أبوا لفتح الأزديّ أنه تفرد بالرواية عنه حرام وليس كذلك.

وقد روى الترمذي في الشمائل وابن

ص: 482

ماجة حديث الأصل بالفصل المذكور فقط. وعند الإمام أحمد فيه أنه سأل عن ما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء -يعني المذي- وعن الصلاة في المسجد أو البيت، وعن مُؤاكَلة الحائض، وأُجِيب عن ذلك. وروى أبو داود منه ما يوجب الغُسْل والماء بعد الماء، ثم روى بعده سؤاله عن مؤاكلة الحائض، وما يحل له منها. وروى الترمذي وابن ماجة في سننهما منه مؤاكلتها فقط.

والكل رووه من طريق معاوية بن صالح خلا الرواية الثانية لأبي داود فإنها من طريق الهيثم بن حميد كلاهما عن

ص: 483

العلاء بن الحارث الدمشقي، عن حرام بن حكيم عن عمه الصحابي المذكور قبلُ مبيَّناً في نفس الحديث فكيف يتصحف بعد ذلك بابن مسعود أو يلتبس.

هذا من أعجب ما يكون، والصوابُ الذي لا شك فيه أن يقال، وعن عبد الله بن سعد، ثم يميز؛ لأن في الصحابة جماعة يشاركونه في اسمه واسم أبيه، والله أعلم.

244 -

قوله بعده (وعن أبي موسى قال) خرج نَفَر من أهل

ص: 484

العراق إلى عمر في صلاة الرجل في بيته، وعزوه له إلى ابن خزيمة.

(كذا وُجِد عن أبي موسى -وكأنه تحريف بسبب انتقال النظر والفكر إلى حديث أبي موسى: "مَثَل البيتِ الذي يُذْكر الله فيه".

وإنما هو عن رجل) رواه أحمد من طريق شعبة عن عاصم بن عمرو البجلي عن رجل عن القوم الذين سألوا عمر فقالوا: إنا أتيناك نسألك عن ثلاثة عن صلاة الرجل في بيته تطوعاً، وعن الغُسْلِ من الجنابة، وعن الرجل ما يصلح له من امرأته، إذا كانتْ حائضاً

الحديث، وفيه فقال: "صلاة الرجل في بيته تطوعاً نور فمن شاء نوَّر بيته

" وذكر باقيه (أو يكون عن أبي إسحاق وهو السبيعي الآتي وسقط بعده شيء).

ورواه ابن ماجة نحو لفظ ابن خزيمة من طريق طارق بن

ص: 485

عبد الرحمن البَجَلي عن عاصم قال خرج نفر من أهل العراق إلى عمر الحديث في الصلاة في البيت فقط.

قال الحافظ المزي في الأطراف في رواية عاصم عن عمر هذه "ولم يدركه والصحيح أن بينهما عميراً مولى عمر".

ثم رواه ابن ماجة معطوفاً عليه من طريق أبي إسحاق السبيعي عن عاصم عن عمير مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال البخاري في عاصم هذا "لم يثبتْ حديثُه" ورواه أبو الحسن العسكري في كتابه "السرائر" من طريق أبي إسحاق عن عاصم الشاميّ، قال: سألتُ عمرَ عن صلاة الرجل في بيته، فقال: نور ينوِّر به بيته.

والرجل المبهم في رواية أحمد وابن خزيمة هو عمير مولى عمر المسمى عند ابن ماجة والطبراني وغيرهما وقد ذكره البخاري

ص: 486

في تاريخه فقال: "عمير أو ابن عمير". وكذا ذكره ابن حبان وذكره وعاصماً في الثقات.

ص: 487

245 -

قوله بعده في حديث زيد بن ثابت: "صلوا أيها النَّاسُ في بيوتكم" وعَزْوهُ له إلى النسائي وابن خزيمة.

قد رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم في حديث ورواه أبو دواد والترمذي والنسائي مختصراً.

فلو أنّ المصنف اطَّلع على هذا لم يُبْعِد النُجعة، والله أعلم.

246 -

قوله في انتظار الصلاة "أو يَضْرِطُ"

ص: 488

هو بكسر الراء لا بضمها، وقد نَصَّ النووي في شرحه على الكسر، مخافة أن يضمها القارئ فيلحنَ ويخطىء.

247 -

(المراغيّ هنا: بفتح الميم والراء بعد الألف غين معجمة منسوب إلى المراغ قبيلة من الأزد.

ص: 489

والعتكيُّ: بفتح العين والمثناة الفوقانية وبالكاف.

248 -

و"الكَشْح" بفتح الكاف وإسكان الشين المعجمة بعدها حاء، ما بين الخاصرة إلى الضِلَع الخلف، وقد فسره المصنف بالخَصْر في الصدقة على الزوج والأقارب).

249 -

قوله في الترغيب في المحافظة على الصبح والعصر ابن رُوبية.

ص: 490

وهو مصغر بلا همز عند ابن الأثير، وقال في المشارق هو مهموز (وقال في رؤبة هو بسكون الهمزة.

وقال ابن الأنباري في كتابه "الزاهر""رؤبة يهمز، ولا يهمز" ثم وجهها.

وروى عن رؤبة أنه سئل عن اسمه فقال: أنا رؤبة مهموز في "المجالسة".

250 -

(وأبو

ص: 491

بصرة (1) الصاحبي بالموحدة والصاد المهملة.

251 -

ضبط "المُخَمَّصُ" بوزن المُعرَّس وعليه اقتصر صاحبا المشارق والمطالع وغيرهما، ثم ذكر أنه قيل فيه "المَخْمِص" بوزن المَجْلِس، ولم أر من ذكره وأخشى أن يكون تصحيفاً، وليتَه اقتصر على الأول، والمُخَمَّص "في طريق جبل عَيْر إلى مكة.

252 -

قوله بعد المُخَمَّص) وعن أبي بكر، يعني: الصديق كما هو مبيَّن عند ابن ماجة لكن ليس فيه "في جماعة"،

ص: 492

وقد بيَّنه المصنف قبلُ بأربعة أبواب.

253 -

(الحِمَّانِي بكسر المهملة، وتشديد الميم، وآخره نون).

254 -

قوله في الترغيب في جلوس المرء في مصلاه (في

ص: 493

حديث معاذ بن أنس "غُفِر له خطاياه" هو بلا تاء.

255 -

وقوله) وعن عبد الله بن غابر هو بالغين المعجمة أوله، وبالباء الموحدة المكسورة، هو أبو عامر بالعين المهملة، والميم الألهانيّ (وقد تصحّف على شيخنا ابن ناصر الدين اسم أبيه غابر بعامر في هذا الكتاب.

ص: 494