الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم تف كتب التراجم بترجمة شاملة للحافظ الناجي، فلم تذكر شيئاً عن نشأته ولا أسرته ولا بداية طلبه للعلم
…
إلى غير ذلك من الأمور المهمة المتعلقة بشخصيته، وليس فيها سوى نتفٍ يسيرة، تناقلها بعضهم عن بعض حتى لا تكاد تجد فرقاً بين ترجمة وأخرى إلا لماماً.
وهذا النقص في ترجمته له أثر بالغ في عدم فهمنا لشخصيته من جوانبها المختلفة.
ورغم هذا الغموض المحيط بشخصيته، فسنحاول عرض جوانب من حياته على ضوء ما ورد في ترجمته في تلك الكتب، إضافة إلى ما استفدناه من الكتاب موضوع البحث.
هذا وقد ذكر الحافظ محمد بن علي بن طولون المتوفى سنة 953 هـ أن تلميذ الشيخ الناجي عبد القادر بن محمد النعيمي (1)، قد أفرد شيخه الناجي بترجمة مستقلة نقل ذلك الدكتور صلاح الدين المنجد، ثم قال:"لم تصل إلينا تلك الترجمة"(2).
قلت: ولم أقف على تلك الترجمة بعد طول بحث وتنقيب، وفي توقعي أنها ترجمة شاملة وافية، لأنها من تلميذ ملازم، وهو في نفس الوقت مؤرخ مشهور، ولكن بكل أسف لم أظفر بها.
أولاً: عصره:
مما لا ريب فيه أن للظروف التي تحيط بالإنسان، وللوسط الذي يعيش فيه دوراً كبيراً، وأثراً بالغاً في تكوين شخصيته، لأن الإنسان يتأثر بالبيئة التي ولد فيها، وعاش ومارس أحداثها؛ ونظراً لهذه الأهمية، رأيت أن أقدم دراسة موجزة سريعة عن عصر المؤلف متناولاً ما يلي:
أ- الحالة السياسية والاجتماعية:
عاش المؤلف في الفترة ما بين سنة 810 - 900 هـ، وهذه الحقبة من الزمن كان الحكم فيها لدولة المماليك، تلك الدولة التي حكمت جزءاً كبيراً
(1) انظر ترجمته في ص: 67.
(2)
معجم المؤرخين الدمشقيين ص: 282.
من العالم الإسلامي قرابة ثلاثة قرون، فقد امتدت فترتهم من سنة 648 إلى سنة 923 هـ.
وقد قسم المؤرخون المماليك إلى بحرية، ومدة حكمهم من سنة 648 إلى سنة 784 هـ، وجركسية أو برجية ومدة حكمهم من سنة 784 إلى سنة 923 هـ (1).
وتميز هذا العصر بكثرة القلاقل والاضطرابات والفتن الداخلية نتيجة تطلع الأمراء إلى الاستئثار بالسلطة، وحب الوصول إلى مراكز القيادة بأي ثمن، حيث كان الأمراء في نزاع مستمر في تدبير الاغتيالات والإطاحة بالسلطان لاستلام محله، وكان ذلك لا يتم إلا باستعمال العنف، فينجم عن ذلك التصادم والقتل والفتك (2).
ونتيجة للتنافس على السلطة كثر المتعاقبون على الحكم، فقد تعاقب على حكم المماليك البحرية ابتداء من الملك عز الدين أيبك سنة 648 هـ، وانتهاء بالملك الصالح أمير حاج شعبان سنة 483 - 784 هـ، خمسة وعشرون سلطاناً (3).
ولما آل الأمر إلى المماليك الجراكسة، تعاقب على الحكم منهم أكثر من ثمانية عشر سلطاناً، ابتداء بالظاهر برقوق العثماني 784 - 790 هـ، وانتهاء بالأشرف قانصوه الغوري سنة 923 هـ (4).
ورغم ذلك كله، فقد قام المماليك بأعمال جليلة، حفظوا بها ديار الإسلام من الدمار والخراب، فقد صدوا عنها هجمات التتار، وأعادوا وحدة مصر والشام، وكانوا يظهرون بمظهر الدين، ويقيمون الحدود ويقربون العلماء، ويشيدون المساجد والمدارس والمستشفيات والقلاع الحربية وغيرها (5).
(1) انظر: عصر سلاطين المماليك 1/ 22.
(2)
المصدر السابق 1/ 41 وما بعدها.
(3)
انظر: ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته 1/ 48.
(4)
المصدر السابق 1/ 48.
(5)
انظر: عصر سلاطين المماليك 3/ 20، الأدب في العصر المملوكي 1/ 16.