الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي تكون قادرة بذكائها على أن تزج بطاقات حلفائها كلهم في المعركة طالما أن بينهم النصر على من حارب هذه الصحيفة.
45 -
((وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم)) إنها المشاورات السياسية الدائمة والتخطيط الدائم والاستفادة من الطاقات، والثقة المتبادلة. فلا يمكن أن يتم تحالف بدون هذه الروح، وإلا فهو غدر وخيانة. وهذا يقتضي يقظة المفاوض الإسلامي وهو يفاوض هذا الحليف فيعرف مدى صدقه ومدى إخلاصه، ومدى جديته في هذا الأمر. وإلا فلا يستحق هذه التسمية. وهذا البند خط إسلامي أصيل في أي تفاوض أو محالفة سياسية.
مع الباب الرابع:
أحكام عامة
46 -
((وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه)) فخطيئة الحليف لا يحملها حليفه الآخر. فكل فريق حالف يحمل مسؤوليته الشخصية ولا يحمل مسؤولية غدر الحلفاء الآخرين. لقد رأينا بعض بني قريظة يغادرون حصنهم عندما نقضوا العهد معلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم براءته من غدر قومه. فحفظ دمه وماله وعرضه. وهو حكم عام يشمل كل الحلفاء. فكل فريق مسؤول عن جماعته وتجمعه.
47 -
((وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم)) فحق الجوار في الإسلام يرتفع إلى حق النفس. على أن لا يقدم هذا الجار ضرارا ولا إثما. وبذلك يكون التكافل في أعلى درجات القوة.
48 -
((وإن النصر للمظلوم)) مبدأ عام يدخل في إطاره آلاف البنود أثناء التفاوض. فكل تخوف قد يبديه المفاوض غير الإسلامي من ظلم في المستقبل فمن واجب المفاوض الإسلامي أن يتعهد له بعدم وقوعه. فلا ظلم في الإسلام. والنصر للمظلوم مهما كان جنسه أو دينه
…
49 -
((وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة)) ويقابل هذا اليوم أن
سورية حرام جوفها لمن أقر بهذا العهد، فلا تنتهك حرمة، ولا يعتدى على عرض، ولا يصادر مال
…
إلا بحق الإسلام. وكل مواطن يخضع للإسلام فهو آمن.
50 -
وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها.
51 -
((وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا يعني بتعبير اليوم أن الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع، وأن الحاكمية إنما هي لله سبحانه.
52 -
((وأن الله تعالى على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره)) فهو عهد الله وميثاقه على الوفاء بها.
53 -
((وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها)) فالحلفاء يحددون موقفهم من العدو المشترك. وأي جوار لقريش أو صلة بها نقض للميثاق. بل لا يجوز إجارة من نصر قريشا كذلك.
فالحرب المعلنة بين قريش والمسلمين لا بد أن يكون الصف الداخلي كله ضدها. ولا بد أن تكون كل الفئات ذات موقف واحد منها. وكذلك الأمر اليوم مع الحركة الإسلامية التي حددت عدوها الأصلي، والتي تنطلق في كل تحالفاتها على حرب هذا العدو.
54 -
((وأن بينهم النصر علما من دهم يثرب)) لنا عدوان. الأول هو الذي نحاربه بوصفه الطاغوت الذي يحكم أرض الشام اليوم. والثاني كل عدو يريد أن ينال من سيادة هذه العقيدة على هذه الأرض فكل اعتداء خارجي يجعل الجميع في تناصر لرد هذا العدوان.
55 -
((وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه، ويلبسونه، فإنهم يصالحونه ويلبسونه)) وحتى تكون سلطة الجماعة المسلمة قائمة فمن حقها أن تشترط على حلفائها أن
يستجيبوا لأي صلح رأت هي ذلك. فلا بد أن يكون الموقف واحدا واضحا. وتعني هذه الفقرة أن من صلاحيات المفاوض الإسلامي أن يجعل أي صلح مع عدو لا يتم إلا بالأكثرية، أولا يتم إلا بالإجماع. فالمشاورات السياسية مستمرة لتحديد الموقف الأفضل من العدو.
56 -
ولقد أعطى ميثاق المدينة الحق لليهود أن يجابوا إلى صلح يطلبونه مثل ما اشترط عليهم قبول هذا الصلح، لأن المصلحة المشتركة للحلفاء تدرس، وتقرر على ضوء هذا الصلح.
57 -
غير أنه وضع قيدا خاصا بأن هذه الاستجابة مرهونة ممن لا يشن حربا على الدين وأهله، فليس حقا مطلقا، بل هو حق مقيد بالموقف الأساسي من الإسلام، والحركة الإسلامية.
58 -
على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم، فرغم الحلف القائم، فلا يمنع هذا الحلف أن تقوم أحلاف جانبية لصالحه العام، وكل طرف يضمن حليفه الآخر ليصب في المصب النهائي من مصلحة الدولة، والأمة. وإذا اقتضى هذا الصلح دفع تكاليف مالية، فكل طرف مسؤول عن تلبية هذا الجانب، ونذكر أن من أسباب حرب بني النضير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مضى مع بعض أصحابه ليطالب اليهود بالاشتراك في دفع دية قتيلين قتلا خطأ، فحاولوا اغتياله ونشبت الحرب!
…
59 -
وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم، أو آثم، فسلطة الدولة قائمة في حفظ أمنها، والضرب على يد الخارجين على سلطانها، وتطبيق حدود الله فيمن يخل في استقرارها، فإنه ولو كان سلطان اليهود قائما على أرضهم، وشعبهم. غير أن هذا يبقى ضمن السلطان العام للدولة، فلا يلجأ المجرم إليهم ليحتمي بسلطانهم. وقد كان الأمر في هذا العهد من حيث أحكام الإسلام فيهم أن ترك رسول الله صلى