المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌(فصل في منزلة الشكر:

والثاني: أنّنا مأمورون أن نتحرّى رضا الله و رسوله قال تعالى: (وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ)[التوبة: 62]

مسألة: هل نحن مكلّفون أن نرضي الناس كلهم؟!!

لا، لسنا مكلّفين؛ لسببين:

أحدهما: لأنه غير ممكنٍ.

والثاني: لأننا مكلّفون بإرضاء الله و ليس بإرضاء الناس ..

(أقوال السلف رحمهم الله في الرضا:

[*] قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (إن الله إذا قضى قضاءً أحبَّ أن يُرضى به من قِبَل العباد) ..

[*] قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن الله بقسطه و عدله جعل الرَّوح و الفرح في اليقين و الرضا و جعل الهمّ و الحزن في الشكّ) ..

[*] قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (أصبحتُ و ما لي سرورٌ إلا في مواضع القضاء و القدر).

فينعكس هذا على نفسه انشراحاً و طمأنينةً، و من وصل إلى هذه الدرجة كان عيشه كله في نعيمٍ و سرورٍ قال تعالى:(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنّهُ حَيَاةً طَيّبَةً)[سورة: النحل - الأية: 97]

قال بعض السلف: (الحياة الطيبة هي الرضا و القناعة) ..

[*] قال عبد الواحد بن زيدٍ رحمه الله: (الرضا باب الله الأعظم و جنة الدنيا

و مُستراح العابدين) .. و ربما رضي المبتلى حتى لم يَعُدْ يشعر بالألم ..

عذابه فيك عذبُ

* * *

و بُعْدُه نَيْلُ قُرْبِ .. !

[*] وكذلك قال عمر بن الخطاب لأبي موسى رضي الله عنهما: (أما بعد: فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعتَ أن ترضى و إلا فاصبر) .. هذا مما تقدّم أن الرضا منزلةٌ أعلى من الصبر ..

[*] وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (إذا تُوُفِّي العبد المؤمن أرسل الله إليه مَلَكين و تحفةً من الجنة، فيقال: اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى رَوْحٍ و ريحانٍ و ربٍّ عنكِ راضٍ) ..

[*] وقال ميمون بن مهران رحمه الله: (من لم يرضَ بالقضاء فليس لحمقه دواءٌ))

[*] ونقل عبد الله بن المبارك رحمه الله عبارة: (يا بنيّ إنما تستدلّ على تقوى الرجل بثلاثة أشياءٍ: لحُسْن توكله على الله فيما نابَه، و لحُسْن رضاه فيما آتاه، و لحُسْن زهده فيما فاته) ..

فمنزلة الرضا هي التي تثمر محبة الله و النجاة من النار و الفوز بالجنة و رضوان الله وحُسْن ظنّ العبد بربه و النفس المطمئنّة و الحياة الطيبة ..

‌(فصلٌ في منزلة الشكر:

[*] (عناصر الفصل:

(تعريف الشكر:

(أقسام الشكر:

(فضائل الشكر:

(حقيقة الشكر:

(أقسام الخلق في شكر النعمة:

ص: 205

(نماذج من شكر السلف رحمهم الله تعالى:

(واجبنا نحو الله في النعم:

(الوسائل التي تؤدي إلى الشكر:

وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غير مُخِّل:

(تعريف الشكر:

(الشكر لغةً: الاعتراف بالإحسان، شكرت الله- شكرت لله- شكرت نعمة الله. فالشكر في اللغة هو ظهور أذر الغذاء في جسم الحيوان، والشكور من الدواب ما يكفيه العلف القليل أو الذي يسمن على العلف القليل. والشكر خلاف الكفر.

والشكر الثناء على المحسن بما أولاه من معروف، وتقول شكرته وشكرت له وقيل اللام أنصح، والشكران خلاف الكفران.

اشتكرت السماء أي اشتد وقع مطرها. واشتكر الضرع أي امتلأ لبناً.

والشكر الزيادة والنماء.

(الشكر اصطلاحا:

فصل الخطاب الشكر اصطلاحا: هو الثناء على المنعم بما أولاكه من معروف.

وشكر العبد يدور على ثلاثة أركان – لايكون شكراً إلا بمجموعهما وهي:

(1)

الاعتراف بالنعمة باطناً:

(2)

والتحدث بها ظاهراً:

(3)

والاستعانة بها على طاعة الله:

فالشكر يتعلق بالقلب واللسان، والجوارح، لاستعمالها في طاعة المشكور وكفها عن معاصيه.

(أقسام الشكر:

[*] قال الإمام إبن رجب: والشكر بالقلب واللسان والجوارح.

(أولاً الشكر بالقلب:

علم القلب وذلك بأن يعلم أن الله هو المنعم بكل النعم التي يتقلب فيها [الناس يشكرون المعبر ولا يشكرون المصدر!!]، وهذا مهم في تربية الأطفال، أن يُعرَّف من أين جاءت النعم قال تعالى:(يَأَيّهَا النّاسُ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللّهِ يَرْزُقُكُمْ مّنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ لَا إِلََهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّىَ تُؤْفَكُونَ)[فاطر: 3]

أول نعمة؛ نعمة الخلق والإيجاد، ورصد النعم والتعرف إليها مرحلة تمهيدية للشكر، وجاءت كثير من الآيات بإحصاء النعم ليكتشف الإنسان كثرتها فيعلم أن النعم لا يمكن حصرها قال تعالى:(وَإِن تَعُدّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لَا تُحْصُوهَآ إِنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ)[النحل: 18]

ولكن ذُكِر لنا أشياء فرعية وأصلية، والفروع نردها إلى أصولها، كالصحة فهي نعمة أصلية وما يتفرع منها من النعم (الحركة، المشي، العمل، الرياضة، النوم، الأكل، الشرب، السفر)، كذلك المال والوقت والعلم كلها نعم أصلية.

ص: 206

وتستطيع أن تضم النعم إلى ما يحاذيها ويشابهها، أنعم علينا بوصفنا مخلوقات بعد الخلق والإيجاد ثم نعمة الآدمية والإنسانية وأنعم علينا بوصفنا مسلمين من نعمة الهداية والإيمان. ونعمة التربية التي ترتقي بالفرد درجة بعد درجة وتعلم علماً بعد علم حتى يبلغ كماله، وفوق كل ذلك نعمة النبوة للذين اصطفاهم الله، والصديقين والشهداء و الصالحين.

إن عرض النعم على العامة أمر مهم جداً وهو قضية في الدعوة، فالله عز وجل خص الآدمي أنه خلقه بيده، قال تعالى:(قَالَ يَإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)[ص: 75]

قال تعالى: (اللّهُ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَرَاتِ رِزْقاً لّكُمْ وَسَخّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ * وَسَخّر لَكُمُ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخّرَ لَكُمُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ * وَآتَاكُم مّن كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ)[إبراهيم 32: 34]

وذكر في سورة النحل (سورة النعم): قال تعالى: (وَهُوَ الّذِي سَخّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَأَلْقَىَ فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لّعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلامَاتٍ وَبِالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ * أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكّرُونَ * قال تعالى: (وَإِن تَعُدّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لَا تُحْصُوهَآ إِنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ)[النحل 14: 18]

و قال تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّمّا خَلَقَ ظِلَالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلّكُمْ تُسْلِمُونَ)[النحل: 81]

ص: 207

هذه المنة للإيمان بعد الإسلام أو الإسلام أولاً قال تعالى: (يَمُنّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاّ تَمُنّواْ عَلَيّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللّهُ يَمُنّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِنُ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)[الحجرات: 17]

قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلَامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ)[المائدة: 3]

(ومن نعمة الهداية يكون الأمن والسكينة والفرج والمغفرة والرحمة والبركة والتيسير وسعة الرزق.

ومن مقاصد ووسائل الدعوة أنك تحدث المدعوين بنعم الله عليهم ليحصل الشكر قال تعالى: (إِنّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَلََكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)[غافر: 61].

فبعض الناس اتجهوا إلى أشياء غريبة في تفسير النعم أو نسبتها إلى مصادر باطلة ليست هي، مثل الذي فعله قارون لما ذكر بنعمة الله عليه فقال (قَالَ إِنّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىَ عِلْمٍ عِندِيَ) [القصص: 78]،

فالغرور يجعلهم ينسبون النعمة إلى غير المنعم، وهذا فعل الأشقياء فالله تعالى يقول:(وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ)[النحل: 53]

و قال تعالى: (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ)[الطارق: 5]

و قال تعالى: (فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَىَ طَعَامِهِ)[عبس: 24]

و قال تعالى: (أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ)[الواقعة: 69]

و قال تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)[الحجر: 22]

قال تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَآءَ الّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)[الواقعة 68: 70]

(ثانياً الشكر باللسان:

لسان المرء يُعْرِبُ عما في قلبه، فإذا امتلأ القلب بشكر الله لهج اللسان بحمده والثناء عليه وذكره، وتأمل ما في أذكار النبي صلى الله عليه وسلم من الحمد والشكر لرب العالمين ..

ص: 208

إن الذي يُمْعِن النظر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتقلب في حمد الله وذكره تعالى وكان يذكر الله تعالى على كل أحيانه قائماً وقاعداً وعلى جنب، وإليك بيان تفصيلي لذكر النبي صلى الله عليه وسلم على كل أحيانه من حيث يستيقظ إلى أن ينام.

(ذكر الاستيقاظ من النوم:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نائم ثلاث عقد يضرب على كل عقدةٍ مكانها عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ وذكر الله تعالى انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان".

قوله: على قافية رأس أحدكم: القافية آخر الرأس وقافية كل شيءٍ آخره ومن قافية الشعر.

وقوله صلى الله عليه وسلم: " فأصبح نشيطاً طيب النفس" معناه: لسروره بما وفقه الله الكريم له من الطاعة ووعده به من ثوابه مع ما يبارك في نفسه وتصرفه في كل أموره مع ما زال عنه من عقد الشيطان وتثبيطه.

انحلت عقده كلها: قال الألباني رحمه الله تعالى: قلت في تفسير "العقد" أقوال، والأقرب أنه على حقيقته بمعنى السحر للإنسان ومنعه من القيام، كما يعقد الساحر من سحره، كما أخبر بذلك المولى تعالى ذكره في كتابه الكريم {ومن شر النفاثات في العقد} فالذي خذل يعلم فيه، والذي وفق يصرف عنه، ومما يدل على أنه على الحقيقة ما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعاً " على قافية رأس أحدكم حبل فيه ثلاث عقد" الحديث، وما رواه ابن خزيمة وذكره المصنف في هذا الباب عن جابر رضي الله عنه " على رأس جرير معقود" وفسر الجرير بالحبل. أ. هـ. (1)

(حديث حذيفة في الصحيحين) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك اللهم أموت وأحيا، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استيقظَ أحدُكُم فليقُلْ: الحمدُ لله الذي ردَّ عليَّ رُوحي، وعافاني في جَسَدي، وأذِنَ لي بذِكْرِهِ.

(الذكر عند دخول الخلاء:

الذكر عند دخول الخلاء تقول: بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

(1) صحيح الترغيب (ص324).

ص: 209

(حديث علي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ستر ما بين أعين الجن و عورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله.

(حديث أنس في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخُبُثُ و الخبائث.

(الذكر بعد الخروج من الخلاء:

الذكر الذي نقوله بعد الخروج من الخلاء تقول: غفرانك.

(حديث عائشة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك.

(الذكر قبل الوضوء:

الذكر الذي نقوله قبل الوضوء: بسم الله.

(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاةَ لمن لا وضوء له و لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.

(الذكر بعد الفراغ من الوضوء:

الذكر الذي نقوله بعد الفراغ من الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين.

(حديث عمر في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحدٍ يتوضأ فيبلغ أو يسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء.

(حديث عمر صحيحي أبي داوود الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء.

(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مِنَ توضأَ ثمَّ قالَ: سبحانَك اللهمَّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنتَ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ، كُتِبَ في رقٍّ ثم طُبِعَ بطابِعٍ، فلم يُكسر إلى يوم القيامة.

(الذكر عند الخروج من المنزل:

الذكر الذي نقوله عند الخروج من المنزل: بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة، اللهم إني أعوذ بك أن أَضلَ أو أُضل أو أَزلَّ أو أُزلَّ أو أَظلم أو أُظلم أو أَجهل أو يُجْهَلَ عليَّ.

ص: 210

(حديث أنس في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله فيقال له: حسبك قد هديت و كفيت و وقيت فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي و كفي و وقي؟.

(حديث أم سلمة في صحيح السنن الأربعة) قالت: ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طَرْفَه إلى السماء فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أَضلَ أو أُضل أو أَزلَّ أو أُزلَّ أو أَظلم أو أُظلم أو أَجهل أو يُجْهَلَ عليَّ.

(الذكر عند دخول المنزل:

يُسلم على أهله ويصلي ركعتين:

(حديث أبي أمامة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثةٌ كلُّهمْ ضامنٌ على الله إن عاش رُزقِ وكُفِيَ، وإن ماتَ أدخلَهُ اللهُ الجنّة، من دخل بيتَه فَسَلَّمَ، فهو ضامنٌ على الله ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرَجت من مَنْزلك فَصَلّ ركعتين يمنعانكَ من مخرجِ السوءِ، وإذا دَخَلْتَ إلى منزلك فصَلّ ركعتين يمنعانكَ من مدخل السوء.

(ذكر الخروج إلى المسجد:

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) قال: فأتاه بلالاً فآذنه بالصلاة فقام ولم يتوضأ وكان في دعائه: اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، وفوقي نوراً، وتحتي نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً، واجعل لي نوراً).

(الذكر عند دخول المسجد:

(حديث عبد الله ابن عمرو الثابت في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قال أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم.

(حديث فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يقول بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج قال بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك.

ص: 211

اغفر لي: أي استر ذنوبي وتجاوز عن عيوبي، وأصل الغَفْر التغطية، والمغفرة: إلباس الله تعالى العفوَ للمذنبين.

(الذكر عند الخروج من المسجد:

(حديث فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يقول بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج قال بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم.

(الذكر عند لبس الثوب:

الذكر عند لبس الثوب أن تقول: الحمد لله الذي كساني هذا و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة.

(حديث معاذ بن أنس الجُهَني في صحيح السنن الأربعة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل طعاما ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه و من لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر.

(ذكر لبس الثوب الجديد:

الذكر عند لبس الثوب الجديد أن تقول: تقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره و خير ما صنع له و أعوذ بك من شره و شر ما صنع له

(حديث أبي سعيد في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره و خير ما صنع له و أعوذ بك من شره و شر ما صنع له.

(الدعاء لمن لبس ثوباً جديدا:

الدعاء عند لبس ثوباً جديدا تقول له: البس جديدا و عش حميدا و مت شهيدا.

(حديث ابن عمر في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عمر قميصاً أبيضاً فقال: ثوبك هذا غسيلٌ أم جديد؟ قال لا بل غسيل، قال: البس جديدا و عش حميدا و مت شهيدا.

ص: 212

(حديث أمِّ خالدٍ بِنتِ سعيد بن العاصِ ضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ُتِيَ بِكسوةٍ فِيهَا خميِصةٌ صغيرةٌ فقالَ: مَنْ ترونَ أحقَّ بهذهِ؟ فسكَتََ القومُ فقالَ: ائتُوني بأمِّ خالدٍ، فأُتِيَ بِهَا، فألْبَسَهَا إيَّاهَا، ثمَّ قالَ: أبْلِي وأَخْلِقِي مرَّتيِن.

(الذكر عند دخول المنزل:

الذكر الذي نقوله عند دخول المنزل: إني أسألك خير المولج و خير المخرج باسم الله ولجنا و باسم الله خرجنا و على الله ربنا توكلنا.

(حديث أبي موسى الأشعري في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج و خير المخرج باسم الله ولجنا و باسم الله خرجنا و على الله ربنا توكلنا ثم يسلم على أهله.

(الذكر عند دخول المسجد:

(حديث عبد الله بن عمرو في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم و بوجهه الكريم و سلطانه القديم من الشيطان الرجيم و قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان حُفِظ مني سائر اليوم.

(حديث فاطمة في صحيحي الترمذي وابن ماجة) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: بسم الله و السلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب رحمتك و إذا خرج قال: بسم الله و السلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب فضلك.

(الذكر عند الخروج من المسجد:

(حديث فاطمة في صحيحي الترمذي وابن ماجة) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: بسم الله و السلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب رحمتك و إذا خرج قال: بسم الله و السلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي و افتح لي أبواب فضلك.

[*] (أذكار الأذان:

(أذكار الأذان تقول مثل ما يقول المؤذن إلا في قوله {حي على الصلاة حي على الفلاح} تقول: لا حول و لا قوة إلا بالله.

(ثم تقول عقب تشهد المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رضيت بالله ربا و بمحمد رسولا و بالإسلام دينا

*ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغك من إجابة المؤذن

ص: 213

(ثم تقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة و الفضيلة و ابعثه مقاما محمودا الذي وعدته.

(ثم تدعو بين الأذان والإقامة فإن الدعاء بينهما لا يُرد.

(حديث أبي سعيد في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن.

(حديث عمر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله فقال أشهد أن محمدا رسول الله فقال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة فقال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر فقال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله فقال لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة.

(حديث معاوية في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح قال: لا حول و لا قوة إلا بالله.

(حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله و أرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة.

(حديث سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع النداء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رضيت بالله ربا و بمحمد رسولا و بالإسلام دينا غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

(حديث جابر في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة و الفضيلة و ابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفا عتي يوم القيامة.

(حديث أنس في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يُرَدُ الدعاء بين الأذان والإقامة.

[*] (الأذكار داخل الصلاة:

(دعاء الاستفتاح:

ص: 214

(ثبت في السنة الصحيحة أكثر من دعاء للاستفتاح وكلها صحيحة وليس بينها تعارض، والصواب فيها أن تقرأ أحدها تارةً والأخرى تارة لأن هذا من قبيل اختلاف التنوع وليس اختلاف التضاد ولذا فالأفضل في مثل هذه المواطن أن نأتي بالذكر هذا تارةً والثاني تارة.

(حديث أبي سعيد في صحيح السنن الأربعة) قال: كان إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم و بحمدك و تبارك اسمك و تعالى جدك و لا إله غيرك.

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتةً هُنَيهةَ فقلت بأبي وأمي يا رسول الله إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد.

(ذكر الركوع:

(حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ركع سبحان ربي العظيم ثلاث مرات وإذا سجد قال سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات.

(حديث عائشة في الصحيحين) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي.

(حديث عائشة في صحيح مسلم) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سبُّوحٌ قدوسٌ ربُ الملائكة والروح.

(ذكر الرفع من الركوع:

(حديث رفاعةَ بن رافعٍ الزُرقي في صحيح البخاري) قال كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده قال رجلٌ وراءه ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم؟ قال أنا، قال: رأيت بضعةً وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول.

(حديث أبي سعيدٍ في صحيح مسلم) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: ربنا لك الحمد ملئ السموات والأرض وما بينهما وملئ ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحقُ ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا مُعطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

(ذكر السجود:

(حديث عائشة في الصحيحين) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي.

ص: 215

(حديث عائشة في صحيح مسلم) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سبُّوحٌ قدوسٌ ربُ الملائكة والروح.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: "" اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره.

(حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم) قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فالتمسته بيدي فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك و أعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح النسائي) قالت فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فطلبته فإذا هو ساجد يقول: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي مَا أسررتُ ومَا أعلَنْتُ.

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح النسائي) فقدتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فإذا هو راكعٌ أو سَاجِدٌ يقول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحمدِكَ لا إلهَ إلا أنتَ.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح النسائي) قالَ كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: اللَّهُمَّ اجعلْ في قَلْبي نُوراً، واجْعَلْ في سَمْعِي نُوراً، واجْعَلْ في بَصَري نُوراً، واجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُوراً، واجْعَلْ مِنْ فَوقِي نُوراً، وعَنْ يميني نُوراً، وعَنْ يَساري نُوراً، واجْعَلْ أمَامِي نُوراً، واجْعَلْ خَلْفِي نُوراً، وأعْظِم لِي نُوراً.

(الذكر بين السجد تين:

(حديث حذيفة في صحيحي أبي داوود والنسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجد تين رب اغفر لي رب اغفر لي.

(حديث ابن عباس في صحيح أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجد تين اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني.

اغفر لي: أي استر ذنوبي وتجاوز عن عيوبي، وأصل الغَفْر التغطية، والمغفرة: إلباس الله تعالى العفوَ للمذنبين.

وارحمني: الرحمة هي الرقة والعطف.

وعافني: العَفْو هو التجاوزُ عن الذَّنْب وتركُ العِقَاب عليه، وأصله المَحْوُ والطَّمْسُ، فالعفو: محو الذنوب، والعافية: أن تسلم من الأسقام والبلايا.

وارزقني: أي انفعني وهب لي.

(الذكر بعد التشهد الأخير وقبل التسليم:

ص: 216

(حديث أبي بكرٍ الصديق في الصحيحين) أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاءاً أدعو به في صلاتي قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.

(حديث عليٍ في صحيح مسلم) قال كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدَّمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.

(حديث عائشة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في الصلاة يقول: "" اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم "" فقال له قائل ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله فقال: "" إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف.

(المأثم): هو الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه، وضعاً للمصدر موضع الاسم،

(المغرم): ويريد به الدين، بدليل تمام الحديث قالت عائشة: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

(إنَّ الرَّجل إذا غَرِمَ، حدَّث فكذَبَ، ووعَدَ فأخلَفَ)

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ ما تقول في الصلاة قال أتشهد ثم أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار أما والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ فقال حولها ندندن.

[*] (أذكار ختام الصلاة:

(تقول: " أستغفر الله، استغفر الله، اللهم أنت السلام، ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ". http://tholog.50webs.com/azkar.htm - _ftn15

( تقول: اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك

(وتقرأ آية الكرسي دبر كل صلاة.

(وتقرأ المُعَوِّذات دبر كل صلاة.

(وتقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضلُ وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.

(وتسبح الله تعالى ثلاثاً وثلاثين وتحمد الله تعالى ثلاثاً وثلاثين وتكبر الله تعالى ثلاثاً وثلاثين

ص: 217

(وتقول تمام المائة: لا لإله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

(وهاك الأدلة على ذلك:

(حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام.

(حديث معاذ في صحيحي أبي داوود والنسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معاذ! و الله إني لأحبك أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك.

(حديث أبي أمامة الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت.

(حديث عقبة بن عامر في صحيحي أبي داوود والترمذي) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المُعَوِّذات دبر كل صلاة.

(حديث عبد الله بن الزبير الثابت في صحيح مسلم) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضلُ وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا و ثلاثين و حمد الله ثلاثا و ثلاثين و كبر الله ثلاثا و ثلاثين فتلك تسع و تسعون و قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير غفرت خطاياه و إن كانت مثل زبد البحر.

(حديث المغيرة في الصحيحين) كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفعُ ذا الجد منك الجد.

(كيفية تسبيح النبي صلى الله?عليه و سلم:

(حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) قال: رأيت رسول الله صلى الله?عليه و سلم يعقد التسبيح بيمينه.

ص: 218

(حديث يُسَيْرَةَ بن ياسر رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر النساء اعقدن بالأنامل فإنهن مَسئُولاتٌ مُستنطَقَاتٌ.

[*] قال صاحب تحفة الأحوذي:

مَسئُولاتٌ مُستنطَقَاتٌ: يعني أنهن يشهدن بذلك فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى ويدل على جواز عد التسبيح بالنوى والحصى.

[تحفة الأحوذي (9/ 322)]

{تنبيه} : (فهذا هو السنة في عدّ الذكر المشروع عدّه، إنما هو باليد، وباليمنى فقط، فالعدّ باليسرى أو باليدين معاً، أو بالحصى كل ذلك خلاف السنة.

(ذكر سجود التلاوة:

(حديث عائشة الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل في السجدة مراراً سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فَسَجَدتُ فَسَجَدَتْ الشجرةُ لسجودي فسمعتُها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وضع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود قال الحسن قال لي بن جريج قال لي جدك قال بن عباس فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد قال فقال بن عباس فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة.

(حديث عائشة الثابت في الصحيحين) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي.

(حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح.

(الذكر في صلاة الاستسقاء:

(حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود) قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكي فقال اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل قال فأطبقت عليهم السماء.

(حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استَسقى قالَ: اللَّهمَّ اسقِ عِبادكَ وبهائمكَ، وانشر رحمَتَك، وأَحْيي بَلَدَكَ الَمِّيتَ.

(الذكر إذا رأى المطر:

ص: 219

(حديث عائشة الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: اللهم صيباً نافعاً.

(الذكر بعد نزول الغيث:

(حديث زيد بن خالد الجُهني الثابت في الصحيحين) قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثرِ سماءٍ كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال الله: أصبح من عبادي مؤمن بي و كافر فأما من قال: مطرنا بفضل الله و رحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب و أما من قال: مطرنا بنوء كذا و كذا فذلك كافر بي و مؤمن بالكواكب.

(ما يقول إذا زاد المطر وخِيف منه:

(حديث أنس الثابت في الصحيحين) قال أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة قام أعرابي فقال يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا أن يسقينا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وما في السماء قزعة قال فثار سحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته قال فمطرنا يومنا ذلك وفي الغد ومن بعد الغد والذي يليه إلى الجمعة الأخرى فقام ذلك الأعرابي أو رجل غيره فقال يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله لنا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا قال فما جعل يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا تفرجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة حتى سال الوادي وادي قناة شهرا ولم يجيء أحد من ناحية إلا حدث بالجود.

(الذكر عند رؤية الريح:

(حديث أبي بن كعب في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون، فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الريحُ من روحِ الله، تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذابِ، فإذا رأيتموها فلا تَسُبُّوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذُوا بالله من شرِّها.

ص: 220

(حديث عائشةرضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفتِ الريحُ قال: اللهمَّ إني أسألكَ خيرها، وخير ما فيها، وخيرَ ما أرسلتْ به، وأعوذ بكَ من شرها، وشرِّ ما فيها، وشرِّ ما أرسلتْ به.

(حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتدَّت الرِّيحُ قالَ: اللَّهمَّ لَقَحاً لا عَقيماً.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة) أن رجلاً نازعته الريح رداءه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلعنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعن الريح فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه.

(الذكر إذا سمع الرعد:

(حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه الثابت في صحيح الأدب المفرد) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع الرَّعد ترك الحديث وقال: سبحان الذي {يُسبِّح الرَّعد بحمده والملائكة مِن خيفتِه} [الرعد: 13]

(الذكر لمن رأى الهلال:

(حديث طلحة ابن عُبيد الله في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا باليمن و الإيمان و السلامة و الإسلام ربي و ربك الله.

(الاستعاذة عند روية القمر:

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيدها، فأشار بها إلى القمر، فقال: استعيذي باللهِ من هذا [يعني: القمر] ،فإنَّهُ الغاسقُ إذا وَقَبَ.

[*] قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

في الحديث دلالة على جواز الإشارة باليد إلى القمر، خلافاً لما نقل عن بعض المشايخ من كراهة ذلك، والحديث يردُّ عليه. أهـ

(الذكرعند صياح الديكة:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطانا).

(الاستعاذة عند سماع نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل:

ص: 221

(حديث جابر عبد الله رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله فإنهن يَرَيْنَ مالا ترون.

(الذكر لمن استصعب عليه أمر:

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهمَّ لا سهلَ إلا ما جعلتَه سهلاً، وأنتَ تجعلُ الحزنَ إذا شئتَ سهلاً.

(الذكر في المجلس:

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.

(حديث ابن عمر في صحيح الترمذي) قال قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلسٍ حتى يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا و بين معاصيك و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك و من اليقين ما تُهوِّنُ به علينا مصيبات الدنيا و متعنا بأسماعنا و أبصارنا و قوتنا ما أحييتنا و اجعله الوارث منا و اجعل ثأرنا على من ظلمنا و انصرنا على من عادانا و لا تجعل مصيبتنا في ديننا و لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا و لا تسلط علينا من لا يرحمنا.

(ذكر كفارة المجلس:

(حديث ابن مسعود في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفارة المجلس أن يقول العبد: سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك و أتوب إليك.

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم ربنا و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك

.

(حديث أبي مدينة الدارمي رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) قال: كان الرجلان من أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهُما على الآخر: {والعصرِ إنَّ الإنْسانَ لَفِي خُسْرِ} ثم يُسلّم أحدهما على الآخر.

(الذكر لذهاب الغضب:

ص: 222

(حديث سليمان بن صرد في الصحيحين) قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبَّاً قد احمر وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

(ذكر شراء الدابة أو السيارة:

(حديث أبي عبد الله ابن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه.

(ذكر شراء الدابة أو السيارة:

(حديث أبي عبد الله ابن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه.

[*] (أذكار الصباح والمساء:

(ينبغي لطالب العلم أن يتمسك بأذكار الصباح والمساء وأن لا يتركها ما دام حياً فإنها حِصنٌ حصين وحرزٌ متين، وقد حثنا الله تعالى على أذكار الصباح والمساء لقوله تعالى (فَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ){ق/39}

وقوله تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بالْعَشِيّ والإِبْكارِ)[غافر: 55] وقوله تعالى: (وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بالغُدُوّ والآصَالِ)[الأعراف: 205]

قال أهل اللغة: الآصال جمع أصيل: وهو ما بين العصر والمغرب.

وقوله تعالى: (وَلاتَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)[الأنعام: 52]

قال أهل اللغة: العشيّ: ما بين زوال الشمس وغروبها.

وقوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللَّهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ، يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بالْغُدُوّ والآصَالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ)[النور: 36]

وقوله تعالى: (إنَّا سَخَّرْنا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالْعَشِيّ وَالإِشْرَاقِ)[ص: 18]

ص: 223

(حديث ابن مسعود في صحيح مسلم) قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ربِّ أسألك خيرَ ما في هذه الليلة وخيرَ ما بعدها وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشرِ ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر، وإذا أصبح قال ذلك أيضاً: أصبحنا وأصبح الملك لله.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أصبحتم فقولوا اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإذا أمسيتم فقولوا اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير.

(حديث أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لفاطمة رضي الله تعالى عنها: ما يمنكِ أنْ تسمعي ما أُوصيكِ به؟ أنْ تقولي: إذا أصبحتِ وإذا أمسيتِ يا حيُّ يا قيومُ برحمتِكَ أستغيثُ، أصلحْ لي شأنيَ كلَّه، ولا تَكِلْني إلى نفسي طَرفةَ عين.

(حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) أنه قال: يارسول الله، مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت، وإذا أمسيت قال:"" قل: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شىء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه "" قال:"" قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك.

(حديث عبد الرحمن بن أبزى في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح و إذا أمسى قال: أصبحنا على فطرة الإسلام و كلمة الإخلاص و دين نبينا محمد و ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما و ما كان من المشركين.

(حديث شداد بن أوس في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيدُ الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا على عهدك و وعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي و أبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة و من قالها من الليل و هو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة.

ص: 224

(حديث عبد الله بن خُبيب في صحيح أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قل (قل هو الله أحد والمُعَوِّذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كلِ شيء)

(حديث عثمان في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد يقول في صباح كل يوم و مساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض و لا في السماء و هو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء.

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب و كتبت له مائة حسنة و محيت عنه مائة سيئة و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي و لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل عملا أكثر من ذلك.

(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير بعد ما يصلي الغداة عشر مرات كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان له بعدل عتق رقبتين من ولد إسماعيل، وإن قالها حين يمسي كان له مثل ذلك وكن له حجاباً من الشيطان حتى يصبح

.

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال: سبحان الله و بحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه و إن كانت مثل زبد البحر.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح و حين يمسي: سبحان الله العظيم و بحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ذلك و زاد عليه.

(حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) قال لم يكن رسول صلى الله عليه وسلم الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح {اللهم إني أسألك العفو و العافية الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي و أهلي و مالي، اللهم استر عوراتي و آمن روعاتي و احفظني من بين يدي و من خلفي و عن يميني و عن شمالي و من فوقي و أعوذ بك أن اغتال من تحتي.

(حديث أبي الدر داء في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى عليَّ حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة.

ص: 225

(حديث أبي بكرة في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: اللهم عافني في بدني اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري اللهم إني أعوذ بك من الكفر و الفقر اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) قال جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما لقيت من عقربٍ لدغتني البارحة، قال: أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك.

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يمسي ثلاث مرات {أعوذ بكلمات الله التامات ون شر ما خلق} لم يضره حَمَة تلك الليلة}

(معنى حَمة: أي ذوات السموم

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي إذا أصبحت و إذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) أن أبي بكرٍ رضي الله تعالى عنه قال يا رسول الله مُرْني بكلماتٍ أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال قل اللهم فاطر السموات و الأرض عالم الغيب و الشهادة رب كل شيء و مليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي و من شر الشيطان و شركه قلها إذا أصبحت و إذا أمسيت و إذا أخذت مضجعك.

(حديث أبي أيوب رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له بهن عشر حسنات ومحا بهن عشر سيئات ورفع له بهن عشر درجات وكن له عدل عتاقة أربع رقاب وكن له حرسا حتى يمسي ومن قالهن إذا صلى المغرب دبر صلاته فمثل ذلك حتى يصبح.

(حديث عبدِ الرحمنِ بنِ أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أنَّهُ قالَ لأبِيِه: يَا أبت ِإنِّي أسمعُكَ تدعُو كُلّ غَدَاةٍ: اللهمّ عَافِنِي في بَدَنِي، اللهُمَّ عَافِنِي في سَمعِي، اللَّهُمَّ عِافِنِي في بصَري، لا إلهَ إلا أنتَ. اللَّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ، وَ الفَقْرِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، لا إلهَ إلا أَنْتَ، تُعِيدُهَا ثَلاثاً حِينَ تُصْبحُ، وثَلاثاً حِينَ تُمسِي، فَتَدعُو بِهِنًَّ.

ص: 226

(حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يُصبحُ: لا إله إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمْدُ، يُحيي ويُميت، وهو على كُلّ شيء قديرٌ ـ عشرَ مرّاتٍ ـ كتب اللهُ له بكلّ واحدةٍ قالَها عَشر حسناتٍ وحطَ عنه بها عشرَ سيِّئات، ٍ ورفعه اللهُ بها عشرَ دَرَجاتٍ، وكُنَّ له كعشرِ رقاب، وكُنَّ له مَسلَحةً من أوّلِ النهار إلى آخره، ولم يَعْمل يومئذٍ عملاً يقْهَرُهُنّ، فإنْ قالها حين يُمْسي فكذلك.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه.

[*] قال النووي رحمه الله تعالى:

ظاهر إطلاق الحديث أنه يحصل هذا الأجر المذكور في هذا الحديث من قال هذا التهليل مائة مرة في يومه سواء قاله متوالية أو متفرقة في مجالس أو بعضها أول النهار وبعضها آخره لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية في أول النهار ليكون حرزاً له في جميع نهاره.

(حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال: سبحان الله مئةَ مرَّةٍ قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبلَ غُروبها، كان أفضلَ من مائة بَدَنَة ومن قال: الحمد الله مائةَ مرة قبلَ طلوعِ الشمسِ، وقبلَ غُروبها، كان أفضلَ مِن مائة فِرسٍ يُحمَلُ عليها في سبيل الله ومن قال الله أكبر مائة مرة، قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبلَ غُروبها، كان أفضلَ من عتقِ مائة رقبةٍ ومن قال لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير مائةَ مرة قبل طلوعِ الشمسِ وقبل غُروبها، لم يَجيء يومَ القيامة أحدٌ بعملٍِ أفضلَ من عملِه، إلا مَن قال مثلَ قوله، أو زاد عليه.

(حديث أبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) قال للجن فما يُنجينا منكم؟ قال: هذه الآية التي في سورة {البقرة} : {اللهُ لا إله إلا هو الحيُّ القَيُّومُ .... } من قالها حين يُمسي، أجيرَ منا حتى يُصبحَ، ومن قالها حين يُصبحُ أجيرَ منَا حتى يُمسي. فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال صلى الله عليه وسلم: صدق الخبيث.

(ما يقال في الصباح خاصة:

ص: 227

(حديث المنيذر رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) كان يكون بإفريقية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال إذا أصبح رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فأنا الزعيم لآخذن بيده حتى أدخله الجنة.

(حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا وجبت له الجنة.

(حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً".

(ذاق طعم الإيمان): يدل على أن للإيمان طَعْمًا. الطعم عادة إنما يكون باللسان، طعم العسل، وطعم التمر مثلا وحلاوة الطعام اللذيذ. ولكن للإيمان أيضا طعم، ليس خاصا باللسان ولا بالفم، ولكن بالبدن كله، يكون أثر الإيمان في البدن كله، يجد نشوة وحلاوة في بدنه كُلِّهِ؛ في رأسه، وفي قدميه، وفي يديه، وفي بطنه، وفي ظهره، يجد للإيمان طعما.

(من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، و بمحمد نبيا):

فإذا رضيت بالله ربا فإنك تعبده وتطيعه، وإذا رضيت بالإسلام دينا فإنك تطبقه وتعمل به، وإذا رضيت بنبوة محمد به نبيا، فإنك تتبعه وتطيعه وتسير على نهجه، وتجعله أسوتك وقدوتك. وإذا ظهر منك خلاف ذلك فذلك نقص في الرضا. إذا ظهر من الإنسان نقص في الاتباع، أو الطواعية، أو في التأسي، أو في العبادة -دل ذلك على نقصه في هذا الرضا، أنه لم يكن رضاه رضا كاملا، بل رضا ناقص.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود) قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند جويرية وكان اسمها برة فحول اسمها فخرج وهي في مصلاها ورجع وهي في مصلاها فقال لم تزالي في مصلاك هذا قالت نعم قال قد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أصبحتُ غداةً قط إلا استغفرتُ الله فيها مائةَ مرةٍ.

{تنبيه} : (ويستحب في أذكار الصباح أن يديم الذكر حتى تطلع الشمس فيُكتب له أجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ بإذن الله تعالى.

ص: 228

(حديث أنس في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ تامةٍ تامة.

(ما يقال عند المساء خاصة:

(حديث أنس في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجةٍ و عمرةٍ تامةٍ تامةٍ تامة.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) قال جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما لقيت من عقربٍ لدغتني البارحة، قال: أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك.

{تنبيه} : (وبعد أن يؤدي ذكر الله تعالى تجده صلى الله عليه وسلم يتقلب في نعمة ذكر الله تعالى في حركاته وسكناته وفي كل أحواله، فإذا أراد تناول الطعام ذكر الله وإذا ذهب للسوق ذكر الله وإذا رأى ما يحب ذكر الله وإذا رأى ما يكره ذكر الله وحال الكرب له ذكرٌ لله وإذا رأى مبتلى ذكر الله. وإليك غيضٌ من فيض مما ورد في السنة الصحيحة من هذه الأذكار.

[*] (ذكر الطعام:

(الذكر قبل تناول الطعام:

(حديث عمر بن أبي سلمى رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك). فما زالت تلك طعمتي بعد.

(حديث عائشة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أكل أحدكم طعاما فليقل باسم الله فإن نسي في أوله فليقل: بسم الله على أوله و آخره.

(حديث ابن عباس في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وارزقنا خيرا منه و من سقاه الله لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا و زدنا منه فإني لا أعلم ما يجزئ من الطعام و الشراب إلا اللبن.

(ما يقول إذا شرب اللبن:

(حديث ابن عباس في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وارزقنا خيرا منه و من سقاه الله لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا و زدنا منه فإني لا أعلم ما يجزئ من الطعام و الشراب إلا اللبن.

ص: 229

(الذكر بعد الفراغ من الطعام:

(حديث أبي أمامة في صحيح البخاري) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي كفانا وأرْوَانا غير مَكْفيٍّ ولا مكفور.

(معنى كفانا: من الكفاية الشاملة لجميع النعم وهذا عام، وذكر الري بعده من باب ذكر الخاص بعد العام.

(معنى غير مكفيٍّ: أي ما أكلناه ليس كافياً عما بعده

(معنى ولا مكفور: أي لا نكفر بنعم الله تعالى الذي أسبغها علينا سبحانه.

(حديث معاذ بن أنس الجُهَنِي في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل طعاما ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام و رزقَنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه و من لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر.

(حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال: الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا.

وسوغه: أي سهل كلاً من نزول اللقمة ونزول الشراب في الحلق.

(دعاء الضيف لأهل الطعام إذا فرغ من أكله:

(حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنهما الثابت في صحيح مسلم) قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قال فقربنا إليه طعاما ووطبة فأكل منها ثم أتي بتمر فكان يأكله ويلقي النوى بين إصبعيه ويجمع السبابة والوسطى قال شعبة هو ظني وهو فيه إن شاء الله إلقاء النوى بين الإصبعين ثم أتي بشراب فشربه ثم ناوله الذي عن يمينه قال فقال أبي وأخذ بلجام دابته ادع الله لنا فقال اللهم بارك لهم في ما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت فأكل ثم قال النبي أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة.

(حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمَّ أطعِم من أطعمني، وأسقِ من سقاني.

(دعاء الصائم إذا أفطر عند قوم:

ص: 230

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت فأكل ثم قال النبي أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة.

[*] قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

واعلم أن هذا الذكر ليس مقيداً بعد إفطاره، بل هو مطلق وقوله:((أفطر عندكم الصائمون)) ليس هو إخباراً، بل دعاء لصاحب الطعام بالتوفيق حتى يفطر الصائمون عنده

وليس في الحديث التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم كان صائماً فلا يجوز تخصيصه بالصائم. أهـ

(دعاء الصائم عند فطره:

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجرُ إن شاء الله)

(التسمية عند الشراب:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ في ثلاثة أنفاسٍ، إذا أَدنى الإناءَ إلى فمِهِ سمَّى اللهَ تعالى، وإذا أخَّرَه حمَدَ اللهَ تعالى، يَفْعَلُ ذلك ثلاثَ مراتٍ.

(ذكر المتزوج إذا دخل على زوجته ليلة العرس:

(حديث أبي عبد الله ابن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه.

(الدعاء للمتزوج:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج قال بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير.

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين) قالت: تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم، فأتتني أمي فأدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر.

(الذكر قبل الجماع:

(حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً.

ص: 231

قوله: لم يضره: أي لا يصيبه الشيطان بأذى.

وفيه استحباب التسمية والدعاء والمحافظة على ذلك حتى في حالة الجماع والاعتصام بذكر الله ودعائه من الشيطان والتبرك باسمه والاستعاذة به من جميع الأسماء، وفيه إشارة إلى أن الشيطان ملازم لابن آدم لا يفتر عنه إلا إذا ذكر الله تعالى.

(الذكر لمن خاف قوماً:

(حديث أبي موسى رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان إذا خافَ قوماً قالَ: اللَّهمَّ إنَّا نجعَلُكَ في نُحُورِهم، ونعُوذُ بكَ منْ شُرورهم.

(حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {حسبنا الله ونعم الوكيل} . قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا:{إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} .

(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) قال: قلنا يوم الخندق يا رسول الله! هل من شيء نقوله، قد بلغت القلوب الحناجر قال: نعم، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا)) قال: فضرب الله وجوه أعدائه بالريح فهزمهم الله.

(الذكر عند دخول القرية أو البلدة إذا أراد دخولها:

(حديث صهيب رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) قال كان إذا أرادَ دخولَ قريةٍ لم يدخلها حتى يقولَ: اللهمَّ ربَّ السماواتِ السبعِ وما أظلّتْ، وربّ الأرضين السبع وما أقلّت، وربَّ الشياطين وما أضلَّت، ورب الرياح وما ذرت، أسألُكَ خيرها وخير ما فيها وأعوذ بك من شرِّها وشرِّ ما فيها.

(الذكر لمن نزل منزلاً في سفر أو غيره:

(حديث خولة بنت حكيم السلمية رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك.

(ذكر ركوب الدابة:

ص: 232

(حديث علي بن ربيعة في صحيحي أبي داوود والترمذي) قال شهدت علي بن أبي طالب أتي بدابةٍ ليركبها، فلما وضع رجله على الركاب قال بسم الله، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، ثم قال: الحمد لله ثلاثاً، الله أكبر ثلاثاً، سبحانك إني ظلمتُ نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك.، فقلت من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعتُ ثم ضحك.

(ذكر دخول السوق:

(حديث ابن عمر في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يدخل السوق: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يُحيي ويُميت وهو حيٌ لا يموت بيده الخير و هو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحى عنه ألف ألف سيئةٍ وبنى له بيتاً في الجنة.

(الذكر إذا كان مسافراً وودَّع المقيم:

(حديث أبي هريرة في صحيح ابن ماجة) قال ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.

(ذكر المقيم للمسافر:

(حديث ابن عمر في صحيح ابن ماجة) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشخص السرايا يقول للشاخص: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.

(ذكر المسافر:

(حديث ابن عمر في صحيح مسلم) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال! سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون >! اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون.

(دعاء صلاة الاستخارة:

ص: 233

(حديثُ جابر في صحيح البخاري) قال كان رسولُ الله يُعلمُنا الاستخارة في الأمورِ كلها كالسورةِ من القرآن، إذا همَّ أحدكم بالأمرِ فليركع ركعتين من غيرِ الفريضةِ ثم يقول: اللهم إني أستخِيرُك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدرُ ولا أقدرُ وتعلمُ ولا أعلمُ وأنت علَاّمُ الغيوب، اللهم إن كنت تعلمُ أن هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري _ أو قال عاجل أمري وآجله _ فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمرَ شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري فاصرفْه عني واصرفني عنه ثم ارضِني به، ويُسَمِّي حاجته.

(الذكر إذا رأى الإنسان ما يحب:

(حديث عائشة في صحيح ابن ماجة) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال.

(الذكر إذا رأى الإنسان ما يكره:

(حديث عائشة في صحيح ابن ماجة) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال.

(الذكر عند الكرب:

(حديث ابن عباس في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث.

ص: 234

[*] قال المناوي رحمه الله تعالى: في تأثير هذا الدعاء في دفع هذا الهم والغم مناسبة بديعة فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال مستلزمة لها وصفة القيمومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا قيل إن اسمه الأعظم هو الحي القيوم والحياة التامة تضاد جميع الآلام والأجسام الجسمانية والروحانية، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ونقصان الحياة يضر بالأفعال وينافي القيمومية فكمال القيمومية بكمال الحياة فالحي المطلق التام الحياة لا يفوته صفة كمال البتة والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة فالتوصل بصفة الحياة والقيمومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة وتغير الأفعال فاستبان أن لاسم الحي القيوم تأثيراً خاصاً في كشف الكرب وإجابة الرب. اهـ.

(الذكر عند الهم والحزن:

(حديث أنس في الصحيحين) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن و العجز و الكسل و الجبن و البخل و ضلع الدين و غلبة الرجال.

(حديث ابن مسعود في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أصاب عبداً همٌ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِ اسمٌ هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدٌ من خلقك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبي ونورَ بصري وجلاء حزني وذهاب همِّي إلا أذهب الله همَّه وأبدله مكانه فرجاً.

(الذكر لمن رأى مبتلى:

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به و فضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء.

(كفارة المجلس:

(حديث ابن مسعود في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفارة المجلس أن يقول العبد: سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك و أتوب إليك.

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم ربنا و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك.

(ذكر سداد الدين:

ص: 235

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة). قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال:(أما إنه قد كذبك، وسيعود). فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنه سيعود). فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يا أباهريرة ما فعل أسيرك). قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله، قال:(أما إنه كذبك، وسيعود). فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي:{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} . حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما فعل أسيرك البارحة). قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال:(ما هي). قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم:{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} . وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة). قال: لا، قال:(ذاك شيطان).

(2)

(حديث عائشة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما (قل هو الله وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات.

ص: 237

(3)

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) قال: * كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول (اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.

(4)

(حديث حذيفة في الصحيحين) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك اللهم أموت وأحيا، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتتا وإليه النشور.

(5)

(حديث البراء في الصحيحين) قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوئك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة و رهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت و بنبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة و اجعلهن آخر ما تتكلم به.

(6)

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليضطجع على شقه الأيمن ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي و بك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها و إن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.

(7)

(حديث علي في الصحيحين) أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى – وبلغها أنه قد جاءه رقيق – فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة، قال فجاء وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم له فقال على مكانكما فقعد بيني وبيننا حتى وجدت برد قدمه على بطني فقال ألا أدلكما على خيرٍ مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما - أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبِّرا أربعاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم.

(حديث حفصة في صحيح أبي داود) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خَدِّه ثم يقول: اللهم قِني عذابك يوم تبعث عبادك.

ص: 238

(حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) أنه قال: يارسول الله، مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت، وإذا أمسيت قال:"" قل: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شىء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه "" قال:"" قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافيَ له ولا مُؤوي.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ن قالَ حين يأْوي إلى فراشِه: لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَه لا شريكَ لهُ، له الملْكُ، وله الحمْدُ، هو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، ولا حولَ ولا قوَّة إلا بالله، سبحانَ اللهِ، والحمدُ لله، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ ، غُفِرتْ ذنوبُه أو قالَ: خطاياهُ وأنْ كانَت مثْلَ زَبدِ البحْرِ.

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: منَ قالَ إذا أوَى إلى فِراشِه: الحمدُ لله الذي كفَاني وآواني، الحمدُ لله الذي أطْعمني وسقاني، الحمدُ لله الذي مَنَّ عليَّ وأفضلَ اللَّهُمَّ إنِّي أسألُك بعزَّتك أنْ تُنجيني من النَّار، فقدْ حَمِدَ اللهَ بجميعِ محامدِ الخلقِ كلِّهم.

(حديث أبي الأزهر الأنماري رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخَذَ مضجعَهُ منَ اللّيِل قالَ: ـسْمِ الله وضَعتُ جَنْبي، اللهمَّ اغفِرْ ليِ ذْنبي، وَاخسَأ شَيْطاني، وفُكَّ رِهَاني، وثَقِّلْ مِيزاني، واجعلْني في النَّديِّ الأعلى.

(حديث جابر في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك.

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الترمذي) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينامُ حتى يقرأ: {الزُّمَرَ} و {بني إسرائيلَ} .

((حديث العِرْبَاضِ بن سَارِيَةَ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ لا يَنَامُ حتَّى يَقْرَأَ المسبِّحَاتِ، ويقُولُ: فيها آيةٌ خيرٌ مِنْ ألْفِ آيَةِ.

والمسبِّحاتِ: هي السور التي تُفتتح بقولَ تعالى بـ {سَبَّح َ} أو

ص: 239

{يُسَبِّح} وهى: [حديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى]

(ذكر الفزع من النوم:

(حديث عبد الله بن عمرو في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا فزع أحدكم من النوم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه و عقابه و شر عباده و من همزات الشياطين و أن يحضرون فإنها لن تضره.

(حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) قال: كنت أُفْزَعُ بالليل، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أفزع بالليل فآخذ سيفي فلا ألقى شيئاً إلا ضربته بسيفي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ألا أعلمك كلماتٍ علّمني الروح الأمين؟ فقلت: بلى، فقال قل: أعوُذُ بكلماتِ الله التَّامَّاتِ التي لا يجاوزُهن برٌ ولا فاجرٌ، من شرِّ ما ينزُل من السماءِ وما يعرجُ فيها، ومن شرِّ فتن الليلِ والنّهارِ، ومِنْ كلّ طارقٍ، إلا طارق يطرُقُ بخيرٍ، يا رحمان.

(الذكر لمن تضَوَّر من الليل:

(حديث عائشة في صحيح الجامع) قالت كان إذا تضور من الليل قال: لا إله إلا الله الواحد القهار رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار.

(معنى تّضَوَّر: أي تلوى وتقلب ظهراً لبطن

(الذكر لمن تعارَّ من الليل:

(حديث عبادة بن الصامت الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير، سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة إلا بالله ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن فتوضأ و صلى قُبلت صلاته.

(معنى تعارَّ: بتشديد الراء أي استيقظ في أي ساعة من الليل.

(الذكر لمن قام من الليل يتهجد:

ص: 240

(حديث ابن عباس في الصحيحين) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل قال: اللهم لك الحمد أنت قيمُ السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق، والنبيون والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت المقدِّم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح صلاته إذا قام من الليل قالت كان إذا قام من الليل افتتح صلاته فقال اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

(ذكر التهجد:

(حديث الحسن بن علي في صحيح السنن الأربعة) قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر {اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت}

(حديث علي في صحيح أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك و أعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.

(ما يقول إذا وضع ثوبه لنوم ونحوه:

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سترُ ما بينَ أعْيُنِ الجنِّ وعوْراتِ بني آدمَ إذا وضعَ أحدهم ثوبهُ أنْ يقولَ: بسمِ الله.

(الذكر إذا رأى في منامه ما يكرهه:

(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدِّث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره.

ص: 241

(حديث أبي قتادة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات، ويتعوَّذ من شرها، فإنها لا تضره.

الحُلْم: بضم الحاء وسكون اللام وبضمها: هو الرؤيا وبالضم والسكون فقط هو رؤية الجماع في النوم، وهو المراد هنا.

فليتفُل بضم الفاء وكسرها أي: فليبزق.

وقيل: التفل أقل من البزق، والنفث أقل من التفل.

(الذكر إذا صعد شرفاً أو هبط في واد:

(حديث أبي موسى في الصحيحين) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاةٍ فجعلنا لا نصعد شرفاً ولا نعلو شرفاً ولا نهبطُ في وادٍ إلا رفعنا صوتنا بالتكبير فدنا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم ل تدعون أصمَّ ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً بصيرا، ثم قال: يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمةً هي من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله.

ومن هنا يتضح أن الإنسان إذا منحه الله تعالى التوفيق والسداد لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله تعالى في كل وقتٍ وحين.

ص: 242

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إبراهيم بن بشار، قال: كان إبراهيم بن أدهم يقول هذا الكلام في كل جمعة إذا أصبح عشر مرات، وإذا أمسى يقول مثل ذلك: مرحباً بيوم المزيد، والصبح الجديد، والكاتب الشهيد، يومنا هذا يوم عيد، اكتب لنا فيه ما نقول: بسم الله الحميد المجيد، الرفيع الودود، الفعال في خلقه ما يريد. أصبحت بالله مؤمناً وبلقاء الله مصدقاً، وبحجته معترفاً، ومن ذنبي مستغفراً، ولربوبية الله خاضعاً، ولسوى الله جاحداً، وإلى الله تعالى فقيراً، وعلى الله متوكلاً، وإلى الله منيباً، أشهد الله وأشهد ملائكته وأنبياءه ورسله وحملة عرشه، ومن خلق ومن هو خالق بأن الله لا الله الأ هو وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وأن الجنة حق، والنار حق، والحوض حق، والشفاعة حق، ومنكرا ونكيرا حق، ولقاءك حق، ووعدك حق، والساعة آتيه لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، على ذلك أحيا وعليه أموت وعليه أبعث أن شاء الله، اللهم أنت ربي لا رب لي الأ أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك اللهم من شر كل ذي شر.

ص: 243

اللهم أني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي أنه لا يغفر الذنوب الأ أنت، واهدني لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وأميرف عني سيئها فإنه لا يصرف سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله بيديك، وأنا لك أستغفرك وأتوب إليك، آمنت اللهم بما أرسلت من رسول وآمنت اللهم بما أنزلت من كتاب، صلى الله وسلم على محمد وعلى الله وسلم كثيرا خاتم كلامي ومفتاحه، وعلى أنبيائه ورسله أجمعين آمين يا رب العالمين، اللهم أوردنا حوضه، واسقنا بكأسه مشربا مريا سائغا هذهياً لا نظماً بعده أبدا، واحشرنا في زمرته غير خزايا ولا ناكسين ولا مرتأبين ولا مقبوحين ولا مغضوبا علينا ولا ضالين، اللهم أدهمني من فتن الدنيا ووفقني لما تحب من العمل وترضى، وأصلح لي شأني كله وثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولا تضلني وأن كنت ظالما سبحانك سبحانك يا علي يا عظيم يا باري يا رحيم يا عزيز يا جبار، سبحان من سبحت له السموات بأكنافها، وسبحان من سبحت له الجبال بأصواتها، وسبحان من سبحت له البحار بأمواجها وسبحان من سبحت له الحيتأن بلغاتها وسبحان من سبحت له النجوم في السماء بأبراقها، وسبحان من سبحت له الشجر بأصولها ونضارتها، وسبحان من سبحت له السموات السبع والأرضون السبع ومن فيهذه ومن عليهذه، سبحانك سبحانك يا حي يا حليم، سبحانك لا الله الأ أنت وحدك.

(ثالثاً الشكر بالجوارح:

[*] قال رجل لأبى حازم: ما شكر العينين يا أبا حازم؟

فقال: إني رأيت بهما خيراً أعلنته، وإن رأيت بها شراً سترته.

قال فما شكر الأذنين؟

قال: إن سمعت بهما خيراً وعيته، وإن سمعت بهما شراً دفعته.

قال: فما شكر اليدين؟

قال لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقاً لله هو فيهما.

قال: فما شكر البطن؟

أن يكون أسفله طعاما وأعلاه علماً.

قال: فما شكر الفرج؟

قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون} (المؤمنون: الآية 5 – 7).

قال: فما شكر الرجلين؟

قال: إن علمت ميتاً تغبطه استعملت بهما عمله، وإن مقته رغبت عن عمله وأنت شاكرالله.

وأما من شكر بلسانه، ولم يشكر بجميع أعضائه، فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه، فما ينفعه ذلك من الحر، والبرد، والثلج، والمطر.

ص: 244

وكتب بعض العلماء إلى أخ له: أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله مالا نحصيه من كثرة ما نعصيه، فما ندرى أيهما نشكر، أجميل ما يَسّر، أم قبيح ما ستر؟!.

(وفصل الخطاب في الشكر بالجوارح؛ العمل الصالح، فعند بلوغ الأربعين يجتهد الإنسان في عمل الصالحات، قال تعالى: (حَتّىَ إِذَا بَلَغَ أَشُدّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِيَ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ الّتِيَ أَنْعَمْتَ عَلَيّ وَعَلَىَ وَالِدَيّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ)[الأحقاف: 15]، فسأل الله العمل الصالح عقب سؤاله التوفيق على شكر نعمته يعني أن الشكر باللسان وحده لا يكفي.

ومن وسائل الشكر بالجوارح الحديث الآتي:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة و كل تحميدة صدقة و كل تهليلة صدقة و كل تكبيرة صدقة و أمر بالمعروف صدقة و نهي عن المنكر صدقة و يجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى.

فكيف يؤدي شكر ثلاث مائة وستين مفصل؟، كل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وعدد المفاصل ثلاث مائة وستين إذا شكرها المرء [أمسى يومه وقد زحزح عن النار].

والصدقات كثيرة جمعها ابن رجب في شرحه الأربعين النووية [الصدقات البدنية- المالية-الخبرة من تعليم صنعة أو تصنع لأخرق- التفهيم – التعليم – الوقت – الجاه

]، فذو القرنين مثلاً علم شعباً جاهلاً صناعة السدود حتى تقيهم شر أعدائهم.

المقصود أن المسلم عليه أن يشكر ربه بجوارحه بسائر أنواع الصدقات وكل معروف صدقة ولا يغني شكر يوم عن يوم آخر.

وليس هناك تعارض بين شكر الله وشكر الناس، لأن الله أمر بشكر الناس، وهو سبحانه الذي أرشدنا إلى شكر الناس إذا صنعوا لنا معروفاً أن نكافئهم وأولهم الوالدين قال تعالى:(أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)[لقمان: 14]

(حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لا يشكر الناس لا يشكر الله.

فليس شكر المخلوق قادحاً في شكر الخالق بل المشكلة فيمن يشكر المخلوق ولا يشكر الخالق وهذه هي المصيبة، وهناك فرق بين شكر العبد وشكر الرب، فشكر الرب فيه خضوع وذل وعبودية ولا يجوز لشكر العبد أن تعبده وإنما تعطيه شيء مقابل شيء، وتدعو له وتثني عليه ..

ص: 245

شكر الله أيضاً يختلف عن شكر الناس من جهة العبودية والدرجة ومافيه من أنواع الطاعات له سبحانه وتعالى ..

والإنسان الذي لا يشكر الناس إنسان لئيم وحريٌ به أن لا يشكر الله ..

والنعم تزيد بالشكر وتحفظ من الزوال بالشكر بالزيادة قال تعالي: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: الآية 7)

قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنّوْاْ مَا فَضّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىَ بَعْضٍ لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنّسَآءِ نَصِيبٌ مّمّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنّ اللّهَ كَانَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً)[النساء: 32]

مسألة: ما هو الفرق بين الحمد والشكر؟

الحمد يتضمن مدح المحمود والثناء عليه بذكر محاسنه ولو لم يحسن إليك بشيء لأنه مستحق للحمد بصفاته، ويكون باللسان أكثر ما يكون بغيره، والشكر لمن أحسن إليك و إحسان الشاكر إلى المشكور يكون بالقلب واللسان والجوارح.

(فضائل الشكر:

(1)

أمر الله تعالى عباده بشكره والاعتراف بفضله وقرن الله ذكره بشكره وكلاهما المراد بالخلق والأمر والصبر خادم لهما ووسيلة إليهما وعوناً عليهما، فقد قرن الله الشكر بالذكر فقال تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]

وقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]

(2)

قرن الله سبحانه وتعالى الشكر بالإيمان، وأخبر أنه لا غرض له في عذاب خلقه إن شكروا وآمنوا به، فقال تعالى:{مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ} (النساء: من الآية 147) أي وفيتم حقه وما خلقتم من أجله وهو الشكر بالإيمان.

(3)

وأخبر سبحانه عن أهل الشكر هم المخصوصون بمنته عليهم من بين عبادة فقال عز وجل: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} (الأنعام: الآية 53)

(4)

وقسم الناس إلى شكور وكفور، فأبغض الأشياء إليه الكفر وأهله، وأحب الأشياء إليه الشكر وأهله، قال تعالى:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (الإنسان: الآية 3)

ص: 246

وقال تعالى: إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر:7]

(5)

وأخبر سبحانه أن حفظ النعم واستمرارها وعدم زوالها وزيادتها مقرون بالشكر قال تعالي: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: الآية 7)

والمزيد منه لا نهاية له كما لا نهاية لشكره، أين إخوتي الشاكرين للنعم؟ أين الحافظون للذمم؟ أين أهل الفضل والكرم؟

(6)

الله يرضى عمل الشاكرين ويرضى الشكر قال تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الزمر: 7]

فيقارن الله بين الشكر والكفر وأنهما ضدّان قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]

والشاكرون في هذه الآيات الذين ثبتوا على نعمة الإيمان ولم ينقلبوا على أعقابهم. فمن الناس من لا يصمد عند الابتلاء والمحنة فيكفر ولا يثبت، ومنهم من يظهر لربه حقيقة ما في قلبه عند المحنة والابتلاء، فيتعالى لسانه بذكر ربه وحمده فيثبت ويشكر شكراً عملياً بالقلب واللسان والجوارح.

(7)

أخبر سبحانه وتعالى أن إبليس من مقاصده أن يمنع العباد من الشكر، فتعهد إبليس بأشياء قال تعالى:{ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17]، فإبليس يريد حرمانهم من الشكر والقعود بينهم وبينه.

ص: 247

(8)

وصف الله الشاكرين بأنهم قليل من عباده قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]، وذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رجلاً يقول:[اللهم اجعلني من الأقلين] فقال ما هذا؟ قال: [يا أمير المؤمنين: الله تعالى يقول {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَاّ قَلِيلٌ} [هود: 40] ويقول ((وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)) ويقول: (ق إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مّا هُمْ)[ص: 24] قال عمر: صدقت .. !!، وإذا كان الشكر من صفات الأنبياء والمؤمنين فإنه ليس كذلك عند كل الناس فإن كثيراً منهم يتمتعون بالنعم ولا يشكرونها.

(9)

أثنى الله على أول رسول بعثه إلى أهل الأرض بالشكر وهو نوح عليه السلام قال تعالى: (ذُرّيّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً)[الإسراء: 3] إشارة إلى الاقتداء به.

(10)

أخبر سبحانه أن الشاكرين هم أهل عبادته، وأن من لم يشكره لا يكون من أهل عبادته، فقال سبحانه: وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172]

(11)

أمر سبحانه وتعالى عبده موسى أن يتلقى ما آتاه من النبوة والرسالة والتكليف بالشكر قال تعالى: (قَالَ يَمُوسَىَ إِنّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ وَكُنْ مّنَ الشّاكِرِينَ)[الأعراف: 144]

(12)

أول وصية أوصى بها الإنسان بعدما عقل أن يشكر له ثم لوالديه قال تعالى: (وَوَصّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمّهُ وَهْناً عَلَىَ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيّ الْمَصِيرُ)[لقمان: 14]

(13)

أخبر الله أن رضاه في شكره قال تعالى: (وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ)[الزمر: 7]

(14)

وبيّن سبحانه أن الشكر هو أفضل الخصال وأعلاها، ولذلك أثنى به على خليله إبراهيم وجعله غاية صفاته، فقال تعالى:: (إِنّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِراً لأنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ)[النحل 120، 121].

فمن صفات الأمة القدوة الذي يؤتم به بالخير يعدل مثاقيل من أهل الأرض أنه كان قانتاً لله شاكراً لأنعمه فجعل الشكر غاية خليله.

ص: 248

(15)

الشكر هو الغاية من الخلق قال تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ)[النحل: 78].

فهذه غاية الخلق، أما غاية الأمر قال تعالى:(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلّةٌ فَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ)[آل عمران: 123]

فكما قضى الله لهم بالنصر فليشكروا هذه النعمة.

(16)

وأخبر سبحانه أنه لا يعذب الشاكرين من عباده فقال سبحانه: مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً [النساء:147]

(17)

وأطلق سبحانه جزاء الشاكرين إطلاقاً وهو أكرم الأكرمين، وجعله عليه سبحانه فقال عز وجل: وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ [آل عمران:145]. وقال سبحانه: وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144]

(وفصل الخطاب:

أن الشكر غاية الخلق وغاية الأمر فخلق ليشكر وأمر ليشكر قال تعالى: (فَاذْكُرُونِيَ أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)[البقرة: 152]،

والشكر مراد لنفسه والصبر مراد لغيره، أنت تصبر لأجل أن يحدث ما يترتب عليه وما يؤدي إليه من الأشياء، والشكر غاية في نفسه والصبر وسيلة إلى غيره وإلى ما يحمد وليس مقصوداً لنفسه.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن حذيفة المرعشي، قال: دخلنا مكة مع إبراهيم بن أدهم، فإذا شقيق البلخي قد حج في تلك السنة فاجتمعنا في شق الطواف فقال إبراهيم لشقيق: على أي شيء أصلتم أصلكم؟ قال: أصلنا أصلنا على أنا إذا رزقنا أكلنا وإذا منعنا صبرنا، فقال إبراهيم: هكذا تفعل كلاب بلخ، فقال له شقيق: فعلى ماذا أصلتم؟ قال: أصلنا على أنا إذا رزقنا آثرنا وإذا منعنا شكرنا وحمدنا، فقام شقيق فجلس بين يدي إبراهيم فقال: يا أستاذ أنت أستاذنا.

(16)

من أعظم فضائل الشكر التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عبدا شكوراً بنص السنة الصحيحة: وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

(حديث عائشة الثابت في الصحيحين) قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلتُ له لم تصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر، فقال أفلا أحبُ أن أكونَ عبدا شكوراً)

والله يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها:

ص: 249

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها.

فكان هذا الجزاء العظيم الذي هو أكبر أنواع الجزاء كما قال تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ} (التوبة: من الآية 72).

[*] قال عمر ابن عبد العزيز: " قيدوا نعم الله بشكر الله" وذكر ابن أبى الدنيا عن علىّ بن أبى طالب رضي الله عنه أنه قال لرجل من همذان: " أن النعمة موصولة بالشكر والشكر يتعلق بالمزيد، وهما مقرونان في قرن، فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد.

[*] وقال الحسن: أكثروا من ذكر هذه النعم، فإن ذكرها شكر، وقد أمر الله نبيه أن يحدث بنمعمة ربه فقال:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى: الآية 11).

والله تعالى يحب أن يرى أثرُ نعمته على عبده، فإن ذلك شكرها بلسان الحال.

(حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

[*] وكان أبو المغيرة إذا قيل له: كيف أصبحت يا أبا محمد؟ قال: " أصبحنا مغرقين في النعم، عاجزين عن الشكر، يتحبب إلينا ربنا وهو غنىٌ عنا، ونتمقت إليه ونحن إليه محتاجون ".

[*] وقال شريح: " ما أصيب عبدٌ بمصيبة إلا كان لله عليه فيها ثلاث نعم: ألا تكون كانت في دينه، وألا تكون أعظم مما كانت، وأنها لابد كائنة فقد كانت ".

[*] وقال يونس بن عبيد: قال رجل لأبى تميمة، كيف أصبحت؟ قال:" أصبحت بين نعمتين لا أدرى أيتها أفضل: ذنوب سترها الله علىّ فلا يستطيع أن يعيرنى بها أحد، ومودة قذفها الله في قلوب العباد لا يبلغه، ا عملى ".

[*] وعن سفيان في قوله تبارك وتعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} (القلم: من الآية 44).

قال: يسبغ عليهم النعم ويمنعهم الشكر، وقال غير واحد،:" كلما أحدثوا ذنبا أحدث لهم نعمة ".

(وفي منازل ((إياك نعبد وإياك نستعين)) ذكر ابن القيم في الشكر أيضاً سبعة عشر وجهاً وهي:

(1)

أنه من أعلى المنازل.

(2)

فوق منزلة الرضا والزيادة، فالرضا مندرج في الشكر ويستحيل وجود الشكر بدونه.

(3)

نصف الإيمان شكر ونصفه صبر.

(4)

أمر الله به ونهى عن ضده.

(5)

أثنى على أهله ووصفهم بخواص خلقه.

(6)

جعله غاية خلقه وأمره.

(7)

وعد أهله بأحسن الجزاء.

(8)

جعله سبباً للمزيد من فضله.

ص: 250

(9)

حارساً وحافظاً للنعمة.

(10)

أهل الشكر هم المنتفعون بآياته.

(11)

اشتق لهم اسماً من أسمائه (الشكور) وهو يوصل الشاكر إلى مشكوره بل يعيد الشاكر مشكوراً.

(12)

غاية الرب من عبده.

(13)

سمى نفسه شاكراً وشكوراً، وسمى الشاكرين بهذا الاسم فأعطاهم من وصفه وسماهم باسمه وحسبك بهذا محبة للشاكرين وفضلاً.

(14)

أخبر الله عن قلة الشاكرين في عباده.

(15)

الشكر لابد معه من مزيد.

الشكر عكوف القلب على محبة المنعم، والجوارح على طاعته وجريان اللسان بذكره والثناء عليه.

والشكر يتعلق بأمور ثلاث: القلب واللسان والجوارح، ومعنى الشكر ينطوي على معرفة ثلاثة أمور وهي معاني الشكر الثلاثة.

أولآً معرفة النعمة: استحضارها في الذهن وتمييزها والتيقن منها، فإذا عرف النعمة توصل إلى معرفتها بمعرفة المنعم بها ولو على وجه التفصيل، وهذا ما نجده في القرآن الكريم ليستحضر العبد هذه النعم فيشكر. وإذا عرف النعمة سيبحث العقل عن المنعم فإذا عرف المنعم أحبّه فإذا أحبه جد في طلبه وشكره ومن هنا تحصل العبادة لأنها طريق شكر المنعم وهو الله.

ثانياً قبول النعمة: تلقيها بإظهار الفقر إلى المنعم والحاجة إليه وأن وصول النعم تمّ بغير استحقاق، فالله أعطانا النعم منّة وتفضّل.

ثالثاً الثناء بها: الثناء على المنعم المتعلق بالنعمة نوعان:

عام: وهو أن تصفه بالجود والكرم والبر والإحسان وسعة العطاء ونحو ذلك.

خاص: أن تتحدث بنعمه عليك وتخبر بوصولها إليك قال تعالى: (وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ)[سوة: الضحى: 11]

والتحديث المأمور به هنا فيه قولان كما يلي:

القول الأول: أن تذكر وتعدد (أنعم الله علي بكذا وكذا

) ولذلك قال بعض المفسرين اشكر ما ذكره من النعم عليك في هذه السورة من جبرك يتيماً وهدايتك بعد الضلال وإغنائك بعد العيلة.

القول الثاني: أن تستعملها في طاعته.

فالتحدث بالنعمة من الثناء على الله، فتثني على الله بالأسماء المناسبة لمقام الشكر (المنان، الكريم، ذو الفضل العظيم، الله واسع، عطاؤه كثير).

(حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود والنسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استعاذكم بالله فأعيذوه و من سألكم بالله فأعطوه و من دعاكم فأجيبوه ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه.

(ومن الثناء كقول جزاك الله خير، و الدعاء أيضاً وسيلة للشكر.

ص: 251

(حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ.

[*] قال لعلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

(مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ) أَيْ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ إِثَابَتِهِ أَوْ مُطْلَقًا

(جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا) أَيْ خَيْرَ الْجَزَاءِ أَوْ أَعْطَاكَ خَيْرًا مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ) أَيْ بَالَغَ فِي أَدَاءِ شُكْرِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالتَّقْصِيرِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ عَجَزَ عَنْ جَزَائِهِ وَثَنَائِهِ فَفَوَّضَ جَزَاءَهُ إِلَى اللَّهِ لِيَجْزِيَهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا قَصُرَتْ يَدَاكَ بِالْمُكَافَأَةِ، فَلْيَطُلْ لِسَانُكَ بِالشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ.

[*] وقال ابن القيم: [الدين نصفان، نصف شكر ونصف صبر، فهو قاعدة كل خير، والشكر مما يحبه الله فهو يحب أن يُشكر عقلاً وشرعاً وفطرةُ]، فوجوب شكره أظهر من كل واجب، وقد فاوت الله بين عباده بالنسبة للنعم الظاهرة والباطنة وفي خلقهم وأخلاقهم و أديانهم وأرزاقهم ومعايشهم. لذلك فقد روى الإمام أحمد في كتاب الزهد:[قال موسى هلاّ سويت بين عبادك قال إني أحببت أن أشكر]، فالتفاوت بين العباد يؤدي إلى الشكر.

وقد تنازع أهل العلم بين الفقير الصابر والغني الشاكر، أيهما أفضل في كلام طويل، والظاهر أن كل واحد في حق صاحبه أفضل، فالشكر في حق الغني أفضل والصبر في حق الفقير أفضل.

(حقيقة الشكر:

أخي المسلم الموفق: الشكر من أعلى المنازل وأرقى المقامات، وهو نصف الإيمان، فالإيمان نصفان؛ نصف شكر ونصف صبر. والشكر مبني على خمس قواعد:

الأولى: خضوع الشاكر للمشكور.

الثانية: حبّه له.

الثالثة: اعترافه بنعمته.

الرابعة: ثناؤه عليه بها.

الخامسة: ألا يستعمل النعمة فيما يكره المنعم.

فالشكر إذن هو: الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع، وإضافة النعم إلى موليها، والثناء على المنعم بذكر إنعامه، وعكوف القلب على محبته، والجوارح على طاعته، وجريان اللسان بذكره.

(أقسام الخلق في شكر النعمة:

أقسام الخلق في شكر النعمة ثلاثة:

(1)

شاكر للنعمة مثني بها.

(2)

جاحد لها كاتم لها.

ص: 252

(3)

مظهر أنه من أهلها وهو ليس من أهلها، ومن المعلوم شرعاً أن المتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:

(حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الْمُتَشَبّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ، كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ".

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

قال العلماء: معناه المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور، قال أبو عبيد وآخرون: هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد والعبادة والورع ومقصوده أن يظهر للناس أنه متصف بتلك الصفة ويظهر من التخشع والزهد أكثر مما في قلبه، فهذه ثياب زور ورياء، وقيل هو كمن لبس ثوبين لغيره وأوهم أنهما له، وقيل هو من يلبس قميصاً واحداً ويصل بكميه كمين آخرين فيظهر أن عليه قميصين. وحكى الخطابي قولاً آخر أن المراد هنا بالثوب الحالة والمذهب والعرب تكنى بالثوب عن حال لابسه ومعناه أنه كالكاذب القائل ما لم يكن، وقولاً آخر أن المراد الرجل الذي تطلب منه شهادة زور فيلبس ثوبين يتجمل بهما فلا ترد شهادته لحسن هيئته والله أعلم.

والتحدث بالنعمة المأمور به ينبغي أن يكون ذلك في النفس وعند الآخرين ولكن إذا كان عند حاسديها فإن كتم ذكرها ليس من كفرها فهو لم يكتم ذكر النعمة شحاً بذلك وتقصيراً في حق الله لكن لدرء مفسدة وهي حسد صاحب العين وكيده وضرره ودفع الضرر من المقاصد الشرعية، وعليه يحمل الحديث الآتي:

(حديث معاذ في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان) بالكسر أي كونوا لها كاتمين عن الناس واستعينوا بالله على الظفر بها ثم علل طلب الكتمان لها بقوله

(فإن كل ذي نعمة محسود) يعني إن أظهرتم حوائجكم للناس حسدوكم فعارضوكم في مرامكم وموضع الخبر الوارد في التحدث بالنعمة ما بعد وقوعها وأمن الحسد وأخذ منه أن على العقلاء إذا أرادوا التشاور في أمر إخفاء التحاور فيه ويجتهدوا في طي سرهم

ص: 253

[*] قال بعض الحكماء: من كتم سره كان الخيار إليه ومن أفشاه كان الخيارعليه وكم من إظهار سر أراق دم صاحبه ومنع من بلوغ مأربه ولو كتمه كان من سطوته آمناً ومن عواقبه سالماً وبنجاح حوئجه فائزاً

[*] وقال بعضهم: سرك من دمك فإذا تكلمت فقد أرقته وقال أنو شروان من حصن سره فله بتحصينه خصلتان الظفر بحاجته والسلامة من السطوات. وفي منثور الحكم انفرد بسرك ولا تودعه حازماً فيزول ولا جاهلاً فيحول لكن من الأسرار ما لا يستغني فيه عن مطالعة صديق ومشورة ناصح فيتحرى له من يأتمنه عليه ويستودعه إياه فليس كل من كان على الأموال أميناً كان على الأسرار أميناً. والعفة عن الأموال أيسر من العفة عن إذاعة الأسرار قال الراغب: وإذاعة السر من قلة الصبر وضيق الصدور ويوصف به ضعف الرجال والنساء والصبيان والسبب في صعوبة كتمان السر أن للإنسان قوتين آخذة ومعطية وكلتاهما تتشوف إلى الفعل المختص بها ولولا أن الله وكل المعطية بإظهار ما عندها لما أتاك بالأخبار من لم تزوده فصارت هذه القوة تتشوف إلى فعلها الخاص بها فعلى الإنسان أن يمسكها ولا يطلقها إلا حيث يجب إطلاقها.

أما مقابلة النعمة فلايمكن في حق الله قال تعالى: (لَن يَنَالَ اللّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا)[الحج: 37]، فلا سبيل إلى المجازاة ويبقى في قضية الثناء عليه استعمالها فيما يرضيه، أما المجازاة فلا سبيل إليها ولا ينتفع الله بخلقه شيء.

(نماذج من شكر السلف رحمهم الله تعالى:

(شكر عمر أن رفع الله منزلته وقوله في الشكر والصبر:

وأَخرج ابن سعد وابن عساكر عن سليمان بن يسار قال: مرَّ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بضَجنانَ فقال: لقد رأَيتني وإني لأرعى على الخطاب في هذا المكان، وكان ـ والله ـ ما علمتُ فظاً عليظاً، ثم أصبحت إلى أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال متمثلاً:

لا شيء فيما ترى إلاّ بشاشته

يبقى الإِله ويُودي المالُ والولدُ

ثم قال لبعيره حَوْب. كذا في منتخب الكنز.

وأخرج ابن عساكر عن عمر رضي الله عنه قال: لو أَتيت براحلتين: راحلة شكر، وراحلة

صبر؛ لم أبالِ أيهما ركبت. كذا في المنتخب.

(قول عمر في رجل مبتلي وفي رجل آخر في هذا الأمر:

ص: 254

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال: مرّ عمر ابن الخطاب برجل مبتلى أعمى أصم وأبكم، فقال لمن معه: هل ترون في هذا من نعم الله شيئاً؟ قالوا: لا، قال: بلى ألا ترون يبول فلا يعتصر ولا يلتوي يخرج به بوله سهلاً، فهذه نعمة من الله. كذا في الكنز.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن إبراهيم قال: سمع عمر رضي الله عنه رجلاً يقول: اللهمَّ إني أستنفق نفسي ومالي في سبيلك، فقال عمر: أو لا يسكت أحدكم فإن ابتلي صبر وإن عوفي شكر. كذا في الكنز.

(قول عمر لرجل سلّم عليه وكتابه لأبي موسى وقوله في أهل الشكر:

وأخرج مالك وابن المبارك والبيهقي عن أنس رضي الله عنه أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وسلّم عليه رجل فردّ عليه السلام ثم سأله عمر: كيف أنت؟ فقال: أحمد إليك الله، فقال عمر: ذلك الذي أردتُ منك. كذا في الكنز. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن البصري قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: اقنع برزقك من الدنيا فإنَّ الرحمن فضَّل بعض عباده على بعض في الرزق، بلاء يبتلي به كلاً، فيبتلي به من بسط له كيف شكره، وشكره لله أداء للحق الذي افترض عليه فيما رزقه وخوَّله. كذا في الكنز؛ وأخرج الدينوري عن عمر قال: أهل الشكر مع مزيد من الله فالتمسوا الزيادة، وقد قال الله:{لَئِن شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ} (سورة إبراهيم: الآية: 7). كذا في الكنز.

(شكر عثمان أن لم يصادف قوماً كانوا على أمر قبيح:

وأخرج أبو نُعيم في الحلية عن سليمان بن موسى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دُعى إلى قوم كانوا على أمر قبيح، فخرج إليهم فوجدهم قد تفرقوا ورأى أثراً قبيحاً، فحمد الله إذ لم يصادفهم وأعتق رقبة.

(قول علي في النعمة والشكر:

ص: 255

وأخرج البيهقي عن علي رضي الله عنه قال: إنَّ النعمة موصولة بالشكر، والشكر متعلق بالمزيد، وهما مقرونان في قَرَن، ولن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع من العبد. وعند ابن ماجه والعسكري عن محمد بن كعب القرظي قال: قال علي بن أبي طالب: ما كان الله ليفتح باب الشكر ويخزن باب المزيد، وما كان الله ليفتح باب الدعاء ويخزن باب الإِجابة، وما كان الله ليفتح باب التوبة ويخزن باب المغفرة. أتلو عليكم من كتاب الله. قال الله تعالى:{ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (سورة غافر، الآية: 60)، وقال:{لَئِن شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ} (سورة إبراهيم، الآية: 7)، وقال:{اذكروني أذكركم} (سورة البقرة، الآية: 152)، وقال:{ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر ا يجد ا غفورا رحيما} (سورة النساء، الآية: 110). كذا في الكنز.

(قول أبي الدرداء وعائشة وأسماء في الشكر:

وأخرج ابن عساكر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ما أمسيت ليلة وأصبحت لم يرمني الناس فيها بداهية إلا رأيتها نعمة من الله عليَّ عظيمة. وعنده أيضاً عنه قال: من لم يرَ أن لله عليه نعمة إلا في الأكل والشرب فقد قلَّ فهمه وحَضَر عذابه. كذا في الكنز. وأخرجه أبو نعيم في الحلية (1220 و210) عنه نحوه بالوجهين.

وأخرجه ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما من عبد يشرب الماء القَرَاح فيدخل بغير أذى ويخرج بغير أذى إلا وجب عليه الشكر. كذا في الكنز. وأخرجه الطبراني في الكبير عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنه لما قتل ابن الزبير رضي الله عنهما كان عندها شيء أعطاها إياه النبي صلى الله عليه وسلم في سفَط ففقدته، فأخذت تطلبه، فلما وجدته خرّت ساجدة. قال الهيثمي: إسناده حسن وفي بعض رجاله كلام.

(واجبنا نحو الله في النعم:

(1)

الخضوع له، خضوع الشاكر للمشكور.

(2)

حبه له، حب الشاكر للمشكور.

(3)

اعترافه بنعمته عليه (الإقرار).

(4)

الثناء عليه بها.

(5)

أن لا يستعملها فيما يكره بل يستعملها فيما يرضيه.

وإذا كانت النعم تتفاضل فهل يتفاضل الشكر؟ نعم.

(الوسائل التي تؤدي إلى الشكر:

(1)

من الوسائل التي تؤدي إلى الشكر أنك تنظر إلى من هو دونك فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي: (

ص: 256

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(انظروا إلى من هو أسفل منكم) أي في أمور الدنيا أي الأحق والأولى ذلك

(ولا تنظروا إلى من هو فوقكم) فيها

(فهو أجدر) أي فالنظر إلى من هو أسفل لا إلى من هو فوق حقيق

(أن لا تزروا) أي بأن لا تحتقروا

(نعمة اللّه عليكم) فإن المرء إذا نظر إلى من فضل عليه في الدنيا طمحت له نفسه واستصغر ما عنده من نعم اللّه وحرص على الازدياد ليلحقه أو يقاربه وإذا نظر للدون شكر النعمة وتواضع وحمد. قال الغزالي: وعجب للمرء كيف لا يساوي دنياه بدينه أليس إذا لامته نفسه فارقها يعتذر إليها بأن في الفساق كثرة فينظر أبداً في الدين إلى من هو دونه لا لمن فوقه أفلا يكون في الدنيا كذلك. وقال الحكيم: لا يزال الإنسان يترقى في درجات النظر علواً علواً كلما نال درجة سما به حرصه إلى النظر إلى ما فوقها فإذا نظر إلى من دونه في درجات الدين اعتراه العجب فأعجب بنفسه فطال بتلك الدرجة على الخلق واستطال [ص 60] فرمى به من ذلك العلو فلا يبقى منه عضو إلا انكسر وتبدّد وكذا درجات الدنيا إذا رمى ببصره إلى من دونه تكبر عليه فتاه على اللّه بكبره وتجبر على عباده فخسر دينه وقد أخذ هذا الحديث محمود الورّاق فقال: لا تنظرن إلى ذوي الـ * مؤثل والرياش فتظل موصول النها * ر بحسرة قلق الفراش وانظر إلى من كان مثـ * لك أو نظيرك في المعاش تقنع بعيش كيف كا * ن وترض منه بانتعاش. أهـ

(فمما يحفظ العبد من ترك الشكر عندما ينظر إلى من هو فوقه أن هذه قسمة الله، قال تعالى: (وَهُوَ الّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنّ رَبّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنّهُ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ)[الأنعام: 165]

(2)

ومن الوسائل التي تؤدي إلى الشكر أن يعلم العبد أنه مسئول عن النعمة، قال تعالى:(ثُمّ لَتُسْأَلُنّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النّعِيمِ)[التكاثر: 8]، وهو كذلك محاسب عليها حتى الماء البارد، وليس أحدٌ يناقش الحساب يوم القيامة إلا عُذِّب بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي: (

ص: 257

(حديث عائشة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس أحدٌ يحاسب ُ يوم القيامة إلا هلك. فقلت يا رسول الله: أليس قد قال الله (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذلك العرض وليس أحدٌ يناقش الحساب يوم القيامة إلا عُذِّب.

ويشتط الناس في فهم شكر ما أسبغ الله عليهم من النعم لدرجة أنهم يحرمون أنفسهم منها، والله تعالى رضي لنا أن نستمتع وأن نشكر، قال تعالى:(يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ للّهِ إِن كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ)[البقرة: 172]

(فلا يمكن أن يكون الشكر بتحريم الحلال وهذا من مباديء الصوفية، فالله رضي لنا أن نستخدم النعم المباحات ونشكره عليها سبحانه وتعالى، ولو كان شرطاً في الانتفاع بالنعمة أداء ثمنها شكراً؛ ما وفّت كل أعمال العباد ولا على نعمة واحدة فتشكر الله وتعترف بالنعم وتستغفر من التقصير بشكر النعمة، فتقول أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الآتي:

(حديث شداد بن أوس في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيدُ الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا على عهدك و وعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي و أبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة و من قالها من الليل و هو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة.

(فالحل أن نستخدم النعم فيما يرضي الله ونثني عليه ونشكره ونستغفره من التقصير في الشكر وهو تعالى رضي منا بهذا ..

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها.

(حديث عمران بن حصين رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أفضل عباد الله يوم القيامة: الحَمَّادُون.

الحَمَّادُون: أي: الذين يكثرون حمد الله جل وعلا.

(وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عبداً شكوراً بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي: (

ص: 258

حديث عائشة الثابت في الصحيحين) قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلتُ له لم تصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر، فقال أفلا أحبُ أن أكونَ عبدا شكوراً)

(وتأمل في هذا الحديث بعين البصيرة كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً أعلى في شكره لله تعالى مع كونه صلى الله عليه وسلم غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر، فيشكر الله على المغفرة.

(3)

ومن الوسائل التي تؤدي إلى الشكر أن ندعو الله أن يعيننا على الشكر فتقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الآتي:

(حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و النسائي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

(4)

أن يرعى قلبه رعاية تامة حتى يكون قلبه شاكراً تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الآتي:

(حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة) قاله لما نزل في الذهب والفضة ما نزل فقالوا: فأي مال نتخذ فذكره قال حجة الإسلام: فأمر باقتناء القلب الشاكر وما معه بدلاً من المال.

{تنبيه} : (إن أمور الخير يمكن اكتسابها بترويض النفس عليها فإنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يُوَقَّه كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يُوَقَّه.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(إنما العلم) أي تحصيله

ص: 259

(بالتعلم) بضم اللام على الصواب كما قاله الزركشي ويروى بالتعليم أي ليس العلم المعتبر إلا المأخوذ عن الأنبياء وورثتهم على سبيل التعليم وتعلمه طلبه واكتسابه من أهله وأخذه عنهم حيث كانوا فلا علم إلا بتعلم من الشارع أو من ناب عنه منابه وما تفيده العبادة والتقوى والمجاهدة والرياضة إنما هو فهم يوافق الأصول ويشرح الصدور ويوسع العقول ثم هو ينقسم لما يدخل تحت دائرة الأحكام ومنه ما لا يدخل تحت دائرة العبادات وإن كان مما يتناوله الإشارة ومنه ما لا تفهمه الضمائر وإن أشارت إليه الحقائق في وضوحه عند مشاهده وتحققه عند متلقيه فافهم قال ابن مسعود تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه وقال ابن سعد ما سبقنا ابن شهاب للعلم إلا أنه كان يشد ثوبه عند صدره ويسأل وكنا تمنعنا الحداثة وقال الثوري من رق وجهه رق علمه وقال مجاهد لا يتعلم مستحي ولا متكبر وقيل لابن عباس بما نلت هذا العلم قال بلسان سؤول وقلب عقول

(وإنما الحلم بالتحلم) أي ببعث النفس وتنشيطها إليه قال الراغب: الحلم إمساك النفس عن هيجان الغضب والتحكم إمساكها عن قضاء الوطر إذا هاج الغضب

(ومن يتحر الخير يعطه) أي ومن يجتهد في تحصيل الخير يعطه اللّه تعالى إياه

(ومن يتق الشر يوقه) زاد الطبراني والبيهقي في روايتيهما ثلاث من كن فيه لم يسكن الدرجات العلى ولا أقول لكم الجنة من تكهن أو استقسم أو ردّه من سفر تطير

(تنبيه) قال بعضهم: ويحصل العلم بالفيض الإلهي لكنه نادر غير مطرد فلذا تمم الكلام نحو الغالب قال الراغب: الفضائل ضربان نظري وعملي وكل ضرب منها يحصل على وجهين أحدهما بتعلم بشرى يحتاج إلى زمان وتدرب وممارسة ويتقوى الإنسان فيه درجة فدرجة وإن فيهم من يكفيه أدنى ممارسة بحسب اختلاف الطبائع في الذكاء والبلادة، والثاني يحصل [ص 570] بفيض إلهي نحو أن يولد إنسان عالماً بغير تعلم كعيسى ويحيى عليهما الصلاة والسلام وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام الذين حصل لهم من المعارف بغير ممارسة ما لم يحصل لغيرهم وذكر بعض الحكماء أن ذلك قد يحصل لغير الأنبياء عليهم السلام في الفيئة بعد الفيئة وكلما كان يتدرب فقد يكون بالطبع كصبي يوجد صادق اللّهجة وسخياً وجريئاً وآخر بعكسه وقد يكون بالتعلم والعادة فمن صار فاضلاً طبعاً وعادة وتعلماً فهو كامل الفضيلة ومن كان رذلاً فهو كامل الرذيلة.

ص: 260

(وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أن يحمدوا الله على الأكلة أو الشربة كما في الحديث الآتي:

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها.

[*] قال الحسن البصري رحمه الله:

إن الله ليمتع بالنعمة ماشاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً ولهذا كانوا يسمون الشكر (الحافظ) لأنه يحفظ النعم الموجودة و (الجالب) لأنه يجلب النعم المفقودة.

هكذا يحفظ ويحصّل من علو منزلة الشكر وعظمه عند الله، ولا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد الذي هو قيد النعم، فهو يقيد النعمة ألا تنقلب ولا تهرب.

[*] قال عمر بن عبد العزيز:

قيدوا نعم الله بشكر الله، والشكر مع المعافاة عند بعض أهل العلم أعظم من الصبر على الابتلاء. فقال مطرف بن عبد الله: لأن أعافي فأشكر أحبُّ إليّ من أن أُبتلى فأصبر.

فإذا رزقت الشكر على النعمة فإن هذا لا يقل عن الصبر على المصيبة.

[*] قال الحسن: [أكثروا من ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكر وقد أمر الله تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه قال تعالى: (وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ) [الضحى: 11]

والله يحب من عبده أن يرى أثر نعمته على عبده فإن ذلك شكرها بلسان الحال كما في الحديث الآتي:

(حديث عمران بن حصين رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

{تنبيه} : (فصل الخطاب في مسألة أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده أن يكون لها ضابط وحد الشرعي، فإذا أردت أن تظهر نعم الله عليك فإن ذلك مقيد في عدم الخيلاء والإسراف كما في الحديث الآتي:

(حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة.

[*] وقال الحسن:

إذا أنعم الله على قوم سألهم الشكر فإذا شكروه كان قادراً على أن يزيدهم وإذا كفروه كان قادراً على أن يبعث عليهم عذاباً.

(وقد ذم الله الكنود وهو الذي لا يشكر نعمه، قال الحسن: (إِنّ الإِنسَانَ لِرَبّهِ لَكَنُودٌ)[العاديات: 6] أي يعد المصائب وينسى النعم.

ص: 261

وهذا في النساء أظهر، فلو أحسنت إلى إحداهن الدهر وطيلة العمر ثم رأت منك تقصيراً قالت مارأيت منك خيراً قط!، وهذا ظلم، والنساء أكثر أهل النار لأنهم يكفرن العشير، وإذا كان ترك شكر نعمة الزوج يؤدي إلى جهنم فما حال من يكفر نعمة الله .. ؟!!

مسألة: كيف نجمع بين قوله تعالى (وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ) وبين قوله صلى الله عليه وسلم استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود؟

[*] فصل الخطاب في هذه المسألة أنها على التفصيل الآتي:

الأصل أنه يجب علينا أن نكثر من ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكر وقد أمر الله تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه قال تعالى: (وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ)[الضحى: 11]

والله يحب من عبده أن يرى أثر نعمته على عبده فإن ذلك شكرها بلسان الحال كما في الحديث الآتي:

(حديث عمران بن حصين رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.

ويكون ذلك مقيد في عدم الخيلاء والإسراف كما في الحديث الآتي:

(حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة.

ولكن ينبغي أن يحدث بذلك عند أهل الصدق الذين يحبون لإخوانهم الخير ولا يحسدونهم على نعم الله تعالى فإن وُجد حاسد فله أن يكتم النعمة عنده فهذا خاص. فإذا وجد حاسد فكتمانها لأجل الحسد وليس كفران بالنعمة، وعليه يحمل الحديث الآتي:

(حديث معاذ في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود.

(5)

ومن الوسائل التي تؤدي إلى الشكر التحدث بنعمة الله:

فالتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:

(حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التحدث بنعمة الله شكر و تركها كفر و من لا يشكر القليل لا يشكر الكثير و من لا يشكر الناس لا يشكر الله و الجماعة بركة و الفرقة عذاب.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

ص: 262

(التحدث بنعمة اللّه شكر) أي إشاعتها من الشكر {وأما بنعمة ربك فحدث} والشكر ثلاثة أقسام شكر اللسان بالتحدث [ص 280] بالنعمة وشكر الأركان بالقيام بالخدمة وشكر الجنان بالاعتراف بأن كل نعمة منه تعالى

(وتركها كفر) أي ستر وتغطية لما حقه الإظهار والإذاعة قال بعض العارفين: ذكر النعم يورث الحب في اللّه ثم هذا الخبر موضعه ما لم يترتب على التحدث بها ضرر كحسد وإلا فالكتمان أولى كما يفيده قول الزمخشري: وإنما يجوز مثل هذا إذا قصد أن يقتدى به وأمن على نفسه الفتنة وإلا فالستر أفضل ولو لم يكن فيه إلا التشبه بأهل السمعة والرياء لكفى

(ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير) فاشكر لمن أعطى ولو سمسمة

(ومن لا يشكر الناس لا يشكر اللّه) أي من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان عادته كفران نعم اللّه وترك الشكر له أو المراد أن اللّه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس وينكر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر

(والجماعة بركة والفرقة عذاب) أي اجتماع جماعة المسلمين وانتظام شملهم زيادة خير وأو أجر وتفرقهم يترتب عليه من الفتن والحروب والقتل وغير ذلك مما هو أعظم من كل عذاب في الدنيا وأمر الآخرة إلى اللّه. (فائدة} أخرج في الحلية عن وهب أن بعض الأنبياء عليه السلام سأل ربه عن سبب سلب بلعام بعد تلك الآيات والكرامات فقال تعالى: إنه لم يشكرني يوماً على ما أعطيته ولو شكرني على ذلك مرة واحدة لما سلبته نعمتي.

كان عمر بن عبد العزيز إذا قلّب بصره في نعمة أنعمها الله عليه قال: [اللهم إني أعوذ بك أن أبدّل نعمتك كفراً وأن أكفرها بعد أن عرفتها وأن أنساها ولا أثني بها]، لأن الله ذم الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي كفانا وأرْوَانا غير مَكْفيٍّ ولا مكفور كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي أمامة في صحيح البخاري) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي كفانا وأرْوَانا غير مَكْفيٍّ ولا مكفور.

(6)

ومن الوسائل التي تؤدي إلى الشكر أن سجود الشكر تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي بكرة الثابت في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمرَ سرورٍ أو بُشِّر به خر ساجدا شكرا لله تعالى.

ص: 263