الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُقدِّمة المحقِّق
إنَّ الحمدَ لله. نحمدُهُ، ونَستعِينُهُ، ونستغفِرُهُ. ونعُوذُ بالله من شُرُور أنفُسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنَا.
من يَهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هَادِي له.
وأشهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ، وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسُولُه.
أمَّا بعدُ،،
فإنَّ أُمَّتَنا أُمَّةٌ مجيدةٌ، الفُضلاءُ فيها كثيرون. من هؤلاء، حاملُ لواءِ الوَعظِ بلا مُدافَعةٍ، جمالُ الدِّين أبو الفَرَج ابنُ الجَوزِيِّ رحمه الله.
عُرِف عنه أنَّهُ كان ذا إِكبابٍ على الجَمعِ والتَّصنِيفِ، حتى ما عُرِف أحدٌ مثلُهُ في ذلك.
ومن الكُتُب التي صنَّفَها «فضائل بيت المَقدِس» ، والذي صنَّفَه في
أُخرَيات حياتِهِ، سنةَ 589 هـ، أي قبلَ وفاتِهِ بثمانِ سنواتٍ.
ولم يَكُن ابنُ الجَوزِيِّ بِدْعًا من العُلَماء في ذلك ، فقد صنَّفَ قبلَهُ في فضائل المَدِينَة المقدَّسَة كثيرٌ، كالوليد بنِ حمَّادٍ الرَّملِيِّ ، والفَضلِ بنِ عُبيدِ الله بنِ الفَضلِ الهاشمِيِّ ، والخطيبِ أبي بكرٍ مُحمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ مُحمَّدٍ الوَاسطِيِّ ، وأبي المَعالِي المُشرَّفِ بنِ المُرجَّى ، وأبي القاسِمِ مكِّيِّ بنِ عبدِ السَّلام الرُّمَيليِّ الشَّافعِيِّ ، والحافظِ ابنِ عساكر ، والحافظِ أبي طاهرٍ السِّلَفِيِّ ، وأبي المَواهِب ابنِ صَصْرَى.
كلُّ هؤُلاء صَنَّفُوا في فضائل هذه المدينة الشَّرِيفة قبل ابنِ الجَوزِيِّ.
وتلاه آخَرُون، مِن أشهَرِهم: القاسمُ بنُ عليِّ بنِ عساكر ، وضياءُ الدِّين المَقدِسِيُّ ، وأبُو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ يحيَى المِكنَاسِيُّ ، وشيخُ الإسلامِ ابنُ تَيمِيةَ ، وابنُ الفِركَاحِ الفَزَارِيُّ ، وابنُ هشَامٍ الأَنصَارِيُّ ، والحافظُ العَلَائِيُّ ، وشهابُ الدِّين المَقدِسِيُّ ، وغيرُهُم كثيرٌ.
حيثُ زادَت المُؤلَّفات في فضائِلِها على المِئَتَين حسبَ بعضِ التَّقدِيراتِ
(1)
.
(1)
بمُناسبة احتفاليَّة: القُدسُ عاصمةُ الثَّقافةِ العَربيَّةِ 2009 م ، صدر كتابانِ، هما عبارةٌ عن عملٍ تَكشِيفِيٍّ لتُراثِ القُدسِ ، يجمَعُ كلَّ ما يَصِحُّ أن يَدخُل تحت هذا المُسمَّى من كُتب التُّراث.
أحدُهُما: صَدَرَ عن مركز تحقيق التُّراث بدارِ الكُتُب والوثائِقِ القَومِيَّةِ بالقاهرة، بعُنوان:«القُدس في التُّراث العَرَبِيِّ: كشَّافٌ عامٌّ بالمخطُوطاتِ في مَكتَبات العالَم» ، إعداد: د. حُسام أحمد عبد الظَّاهر. تناوَلَ كِتابُهُ النُّسَخَ الخَطِّيَّةَ في مَكتَبات العالَم لـ:
1 -
الكُتُب المُباشِرة التي تختصُّ بالقُدس والمَسجِد الأقصَى.
2 -
الكُتُب التي تتناولُ بلادَ الشَّامِ وفضائِلَها.
3 -
كُتُب الجُغرَافيَا والرَّحَلات التي تتناولُ الحديثَ عن القُدس.
4 -
بعض المصادِرِ التَّارِيخيَّةِ التي تطرَّقَت إلى تاريخِ القُدسِ.
5 -
بعض كُتُب التَّراجِم والتي حَوَت تراجمَ لكثيرٍ من عُلماء القُدسِ ورجالِها.
6 -
الكُتُب التي تناوَلَت حادثةَ الإِسراءِ والمِعرَاجِ.
7 -
بعض الكُتُب التي تحدَّثَت عن المَساجِد والمَزَارَاتِ الدِّينِيَّة.
وقد احتَوَى هذا الإصدارُ على ما يقرُبُ من 250 كتابًا.
ثانيهما: صدَرَ عن مركز جُمعة المَاجِدِ للثَّقَافة والتُّراثِ بدُبَيّ، بعنوان:«مُعجَم ما أُلِّف في فضائِلِ وتاريخِ المَسجِد الأقصَى والقُدسِ وفِلسطينَ ومُدُنِها من القرن الثَّالِث الهِجرِيِّ إلى نَكبَة فِلسطينَ سنة 1367 هـ-1948 م» ، إعداد: شهاب الله بهادر. ذَكَرَ فيه 220 كتابًا، قال:«لا يَزَالُ قسمٌ كبيرٌ منها مخطُوطًا ، وقسمٌ منها مطبُوعٌ طباعةً غير مَرضيَّةٍ ، وقسمٌ آخَرُ مذكُورٌ في بُطُون الكُتُب ولم أَجِد لها نُسخَةً مذكُورَةً في فهارس مَكتَبَات المَخطُوطات التي اطَّلعتُ عليها» .
وسار ابنُ الجَوزِيِّ في تصنِيفِهِ لهذا الكتابِ على نَهجِ المُحدِّثين، من ذِكرِ الأحاديثِ والآثارِ والقِصَصِ بأسانِيدِها.
ومن أهمِّ المَصادِر التي اعتَمَدَ عليها المُؤلِّف في كتابِهِ: إسنادُهُ لكتاب «فضائل البَيتِ المُقدَّس» لأبي بَكرٍ مُحمَّدِ بنِ أحمدَ بن مُحمَّدٍ الخَطيبِ الوَاسِطِيِّ، والذي رَوَى مِن طريقه ما يَقرُبُ من ثُلَثَي الكِتَابِ
(1)
.
وقد توفَّرَت لديَّ ثلاثُ نُسخٍ خطِّيَّةٍ لهذا الكتابِ: نُسخةُ جامعةِ برِنِستُون، وهي نُسخةٌ ناقصةٌ ـ وعليها اعتَمَدَ الدُّكتور: جَبرائيل جبُّور في تحقيقِهِ لهذا
(1)
بحيثُ بَلَغَت رواياتُ كتاب ابنِ الجَوزِيِّ 67 روايةً، منها 44 روايةً رواها من طريق أبي بكرٍ الخطيبِ الوَاسِطِيِّ.
وكان هذا من أكبر أسباب تَحقِيقِي لهذا الكتابِ، حيثُ كنتُ قد حقَّقتُ كتابَ الوَاسِطِيِّ، وكنتُ أرجِعُ أثناءَ تحقِيقِه لكتابِ ابنِ الجَوزِيِّ طبعةِ الدُّكتور: جَبرائِيل جبُّور، وهي طبعةٌ حقَّقَها على مخطُوطةٍ ناقصةٍ، وعندما أتممتُ كتابَ الوَاسِطِيِّ كان ثُلثا كتابِ ابنِ الجَوزِيِّ مادَّةً جاهزةً عِندِي.
بالإضافةِ إلى ما كان قد طُلِب منَّا في الفصل الرَّابع من دبلُومة مَعهَد المخطُوطاتِ العربيَّة من تحقيقٍ لجُزءٍ من مخطُوطةٍ وتقدِيمِها كبحثٍ للأُستاذ: عصام الشَّنطيِّ ـ حفظه الله ـ، فوَقَعَ اختياري على هذا الكتاب.
الكتابِ ـ. بالإضافة إلى نُسخَتين كامِلَتَين: نُسخة تشِسْتر بِتِي، ونُسخةِ دارِ الكُتُب المِصريَّة.
وكان مَنهَجِي في تحقيق هذا الكِتَاب على النَّحوِ التَّالي:
1 -
دَرَستُ النُّسَخَ الخطِّيَّةَ، واخترتُ نُسخَةَ تشِسْتر بِتِي النُّسخَهَ الأَصلَ.
2 -
نسختُ هذه النُّسخة، وقابلتُها على النُّسخَتَين الأخريين [*]، وأثبتُ فُرُوقَ النُّسخ المُهمَّة بينهم.
3 -
خرَّجتُ نُصُوصَ الكتابِ، وحكمتُ عليها حسبما تقتضِيهِ قواعدُ علم الحديثِ ما استَطعتُ.
4 -
قدَّمتُ للنَّصِّ بدراسةٍ، اشتَمَلَت على:
ا- تَرجَمَة المُؤلِّف.
ب- عُنوان الكتاب، ونِسبته لمُؤلِّفه.
جـ- شُيُوخ ابنِ الجَوزِيِّ في هذا الكتاب.
د- طبعات الكِتابِ.
هـ- وصف النُّسَخ الخَطِّيَّة.
5 -
أردفتُ النَّصَّ بفهارسَ عامَّةٍ، اشتَمَلَت على:
ا- فهرس الآيات القُرآنيَّة.
ب- فهرس الأحاديث والآثار.
جـ- فهرس أسماء الصَّحابة.
د- فهرس الأعلام.
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع «الآخِرَتَين» ، والتصويب أرسله لنا محقق الكتاب، جزاه الله خيرا
هـ- فهرس الأماكن والبلدان.
و- فهرس الموضُوعاتِ.
وبعد تَمَام هذا العمل عرضتُهُ على الأُستَاذ عصام مُحمَّد الشَّنْطِيِّ، فنظر فيه، وأثنَى عليه خيرًا.
ولا يفُوتُنِي في ختام هذا العَمَل أن أَشكُر كُلَّ مَن أعانَنِي على إِخراجِهِ على هذه الصُّورَةِ التي أَرجُو أن تكُون مَرْضِيَّةً.
تنويهٌ:
ذكرت أثناء تحقيقي لكتاب «فضائل البيت المقدَّس» لأبي بكرٍ الواسِطِيِّ أنَّ «مُحمَّد بن النُعمان بن بَشيرٍ المَقدِسيَّ» ترجَمَهُ ابنُ عساكر في «تاريخ دمشقَ» ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وأثناء مثول هذا الكتاب للطبع وقفت على كلام الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب» حيث قال عنه: «محمد بن النُّعمان بن بَشيرٍ المَقدِسِيُّ. ثقةٌ متأخِّرٌ من الحادية عشرة. من شيوخ أبي عوانة والطَّحاويِّ. تمييزٌ» .
وكذلك، «أبو بكرٍ أحمدُ بنُ صالح بن عُمر» كنت ذكرت أني لم أقف له على ترجمة. وأثناء تحقيقي لهذا الكتاب وقفت على ترجمة له عند الخطيب في «تاريخه» ، وابن عساكر في «تاريخه» .
فأسأل الله تعالى أن يتجاوز عن تقصيري، إنه جواد كريم.
وختامًا ..
فأرغب إلى كرم الله تعالى أن يجعل سعيي فيه خالصًا لوجهِهِ الكَريم، وأن يتقبَّلَهُ ويجعلَهُ ذخيرةً لي عنده، يجزيني بها في الدَّار الآخِرة، فهُو العالِمُ بمُودَعات السَّرائر، وخفيَّات الضَّمائر، وأن يتغمَّدني بفضله ورحمتِهِ، ويتجاوز عنِّي بسعةِ مغفِرَتِهِ، إنَّه سميعٌ قريبٌ، وعليه أتوكَّلُ وإليه أُنيبُ.
وصلَّى اللهُ على سيِّدنا مُحمَّدٍ، وآله، وصحبِهِ، وسلِّم.
وكتب
أبُو المُنذِرِ الحُوَينِيُّ
عمرُو بنُ عبدِ العظيم بنِ نِيَازِى شريف
حُوَين/كفر الشَّيخ 27 من ربيع أوَّل 1432 هـ
2 من مارس 2011 م