الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجَمة المؤلِّف
(1)
هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامةُ الحافظُ المُفسِّرُ شيخُ الإِسلامِ مَفخَرَةُ العِراقِ ، جمالُ الدِّين أبُو الفَرَجِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عليِّ بنِ مُحمَّدِ بنِ عليِّ بنِ عُبيدِ الله، القُرَشِيُّ التَّيمِيُّ البَكرِيُّ البَغدَادِيُّ الحَنبَليُّ ، الواعظُ ، صاحبُ التَّصانِيف.
وُلد سنةَ تِسعٍ، أو عشرٍ، وخمسِ مئةٍ.
سَمِعَ من أبي القاسمِ ابنِ الحُصَين ، وأبي غالبٍ ابنِ البَنَّاءِ ، وأبي منصُورٍ ابنِ خَيرُونَ ، وعبدِ الوهَّابِ بنِ المُبارَك الأَنمَاطِيِّ الحافظِ ، وأبي الوَقتِ السِّجزِيِّ ، وابنِ ناصرٍ ، وابن البَطِّيِّ ، وطائفةٍ ، قد خَرَّج عنهم مَشيخَةً.
لم يَرحَل في الحديث ، لكنَّهُ عنده «مُسنَد الإمام أحمدَ» ، و «الطَّبَقات» لابنِ سعدٍ، و «تاريخ الخطيب» وأشياءُ عاليةٌ ، و «الصَّحيحان» ، و «السُّنَن» الأربعة ، و «الحِليَة» ، وعدَّةُ تواليفَ وأَجزاءَ.
وانتَفَعَ في الحديثِ بمُلَازَمةِ ابنِ ناصرٍ ، وفي القُرآنِ والأَدبِ بِسِبطِ الخَيَّاطِ ، وابنِ الجَوَالِيقِيِّ ، وفى الفِقهِ بطائِفَةٍ.
حدَّثَ عنه: وَلَدُهُ الصَّاحبُ العلَّامَةُ مُحيِي الدِّين يُوسُفُ ، ووَلَدُهُ الكبيرُ عليٌّ النَّاسِخُ، وسِبطُهُ الواعظُ شمسُ الدِّين صاحبُ «مِرآة الزَّمان» ، والحافظُ
(1)
بتصرُّفٍ من «سير أعلام النُّبلاء» للإمام الذَّهبِيِّ (21/ 365). وترجم لابنِ الجَوزِيِّ جُلُّ مَن ألَّف في التَّراجِم ممَّن جاء بعده ، ذَكَرَ الدُّكتُور: عبدُ الحكيم الأنيس في بحثٍ له بعُنوان: «كُتُب الفضائل: نظراتٌ تقِويمِيَّةٌ. «تاريخُ بيتِ المَقدِسِ» المنسُوبِ لابن الجَوزِيِّ نُموذجًا»، نشره معهد المخطوطات العربيَّة في «تراث القدس» (ص:194)، ذكر أكثر من خمسين مصدرًا من المصادر التي ترجَمَت له.
عبدُ الغَنِيِّ المَقدِسِيُّ ، والشَّيخُ مُوفَّقُ الدِّين ابنُ قُدَامَةَ ، وابنُ النَّجَّار ، وخلقٌ سِواهُم.
كان رأسًا في التَّذكِيرِ بلا مُدافَعةٍ ، يقُولُ النَّظمَ الرَّائقَ ، والنَّثرَ الفَائِقَ بديهًا. لم يَأتِ قَبلَهُ ولا بَعدَهُ مِثلُهُ ، فهو حاملُ لِواءِ الوَعظِ. كان بَحرًا في التَّفسِيرِ ، علَّامَةً في السِّيَرِ والتَّارِيخِ ، موصُوفًا بحُسنِ الحدِيثِ ، ومَعرِفَةِ فُنُونِهِ، فَقِيهًا ، علِيمًا بالإِجماعِ والاختِلَافِ ، جيِّدَ المُشارَكة في الطِّبِّ ، ذا تَفَنُّنٍ وفَهمٍ وذَكاءٍ وحِفظٍ واستِحضَارٍ وإِكبابٍ على الجَمعِ والتَّصنِيفِ. ما عُرِف أحدٌ مِثلُهُ في التَّصنيف.
تُوُفِّي أبُوهُ وَلَهُ ثلاثةُ أعوامٍ ، فربَّتهُ عمَّتُهُ. وأقاربُهُ كانُوا تُجَّارًا في النُّحاس.
بَلَغَت تآلِيفُهُ مِئَتَين وخَمسِين تَأليفًا، كما وُجد بخطِّهِ.
منها: «زادُ المَسِير» في التَّفسير ، و «التَّحقيق» في مسائِلِ الخِلاف ، و «الموضُوعاتُ» ، و «الضُّعَفاء» ، و «المنتظَم» في التَّاريخ ، و «المُدهِش» ، و «صيدُ الخاطر» ، و «صِفَةُ الصَّفْوَة» ، و «تلبِيسُ إِبليسَ» ، و «الأذكِياءُ» ، و «مِنهاجُ القَاصِدين» ، و «الوَفَا بفَضائِلِ المُصطفَى» ، و «النَّاسِخ والمنسُوخ» ، و «الثَّبَات عند المَمَات» ، وغيرُهُم كثيرٌ.
من غُرَرِ أَلفَاظِهِ:
وسألَهُ رجُلٌ: «أيُّما أفضلُ: أُسَبِّحُ أو أستَغفِرُ؟» ، فقال:«الثَّوبُ الوَسِخُ أَحوَجُ إلى الصَّابُون من البخُور» .
وقال: «من قَنَعَ طاب عَيشُهُ ، ومن طَمَعَ طال طَيشُهُ» .
وقد نالَتهُ مِحنَةٌ في أواخِرِ عُمرِهِ ، ووَشَوْا بِهِ إلى الخَلِيفَةِ بأمرٍ اختُلِف في حقيقَتِهِ ، فجاء مَن شَتَمَهُ وأَهَانَهُ ، وأَخذَهُ قَبضًا باليدِ ، وخَتَمَ على دارِهِ ، وشَتَّتَ عِيالَهُ ، ثُمَّ أُقعِد في سفينةٍ إلى مدينةِ وَاسِط ، فحُبِس بها في بيتٍ حَرِجٍ ، وبَقِي هو يَغسِلُ ثَوبَهُ ويَطبُخُ الشَّيءَ ، فبَقِي على ذلك خمسَ سِنين ما دَخَلَ فيها حمَّامًا.
وكان السَّببُ في خَلاصِهِ أنَّ وَلَدَهُ يُوسُفَ نشأ واشتَغَلَ وعَمِلَ في هذه المُدَّةِ الوَعظَ وهو صبِيٌّ ، وتَوَصَّلَ حتى شَفَعَت أُمُّ الخليفةِ ، وأَطلَقَت الشَّيخَ.
قال المُوفَّقُ عبدُ اللَّطيف: «كان كثيرَ الغَلَطِ فيما يُصَنِّفُه؛ فإنَّهُ كان يَفرَغُ من الكتاب ولا يَعتَبِرُهُ» .
قال الذَّهَبِيُّ: «قُلتُ: هكذا هو، له أوهامٌ وألوانٌ في تركِ المُراجَعة ، وأَخْذِ العِلمِ من صُحُفٍ. وصَنَّف شيئًا، لو عَاشَ عُمرًا ثانيًا لما لَحِقَ أن يُحرِّرَه ويُتقِنَه» .
مَرِضَ خمسةَ أيَّامٍ، وتُوُفِّي ليلة الجُمُعةِ بين العِشَاءَين، الثَّالثَ عَشرَ من رمضانَ سنة 597 هـ.