الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحمد، وهو على كل شيء قدير، غُفِرَت له ذنوبُه، ولو كانت مثلَ زبد البحر".
* حديث صحيح؛ دون قوله في آخره:
"غُفِرَت له ذنوبُه، ولو كانت مثلَ زبد البحر"، فإنها زيادة شاذة، والأقرب أنها مدرجة من حديث عطاء بن يزيد عن أبي هريرة.
سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 212/ 120). وانظر هناك تخريج أحاديث الباب، وأنواع التسبيح دبر الصلوات المكتوبات.
• وحديث عطاء بن يزيد عن أبي هريرة:
رواه خالد بن عبد الله، عن سهيل، عن أبي عبيد المذحجي - مولى سليمان بن عبد الملك -، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سبَّح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال: تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ غُفِرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".
أخرجه مسلم (597)، وسبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 211/ 120).
360 - باب ما يقول الرجل إذا سلم
1505 -
. . . أبو معاوية، عن الأعمش، عن المسيَّب بن رافع، عن ورَّاد مولى المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شعبة؛ كتب معاويةُ إلى المغيرة بن شعبة: أيُّ شيءٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلَّم من الصلاة؟ فأملاها المغيرةُ عليه، وكتب إلى معاوية، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منك الجَدُّ".
* حديث متفق على صحته
أخرجه مسلم (593)، وأبو عوانة (1/ 554/ 2071)(6/ 15/ 2115 - ط الجامعة الإسلامية)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 1313/190)، وابن حبان (5/ 345/ 2005)، وابن أبي شيبة (1/ 269/ 3096) و (6/ 32/ 29260)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 206/ 1560)، والطبراني في الكبير (20/ 392/ 925)، وفي الدعاء (695)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (73). [التحفة (8/ 199/ 11535)، الإتحاف (13/ 16985/444)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
رواه عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير [ثقة، من أثبت الثاس في الأعمش]: مسدد بن مسرهد، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وأبو كريب محمد بن العلاء، وعلي بن حرب الطائي، وأحمد بن سنان بن أسد الواسطي [وهم ثقات حفاظ]، ويحيى بن عبد الحميد الحماني [صدوق حافظ، اتهم بسرقة الحديث].
• ورواه مالك بن سُعير بن الخِمس [لا بأس به]، قال: ثنا الأعمش، عن عبد الملك بن عمير، والمسيب بن رافع، عن وراد، قال: أملى عليَّ المغيرة بن شعبة كتابًا إلى معاوية: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى صلاته قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه أبو عوانة (1/ 553/ 2070)(6/ 15/ 2114 - ط الجامعة الإسلامية)، وأبو حامد ابن بلال الخشاب في جزء من حديثه (1)، والطبراني في الكبير (20/ 389/ 920)، وفي الدعاء (691)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (456)، والدارقطني في المؤتلف (3/ 1177)، وعلقه في العلل (7/ 123/ 1247)، والبيهقي في السنن (2/ 185)، وفي الدعوات الكبير (113)، والخطيب في الرحلة في طلب الحديث (65)، وفي تاريخ بغداد (11/ 558 - ط الغرب)، وفي تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 208)، وفي المتفق والمفترق (3/ 2048/ 1707)، وابن عساكر في المعجم (1098). [الإتحاف (13/ 444/ 16985)].
قال ابن عساكر: "صحيح من حديث عبد الملك والمسيب، غريب من حديث الأعمش عن عبد الملك".
[وقد سبق تخريجه مجملًا في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 207/ 118)].
* وله طرق أخرى عن ورَّاد:
1 -
جرير بن عبد الحميد، وشعبة [وعنه: غندر محمد بن جعفر، ومعاذ بن معاذ، ووهب بن جرير، وهم ثقات]، وزائدة بن قدامة، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي [وهم ثقات]، وأبو الأشهب جعفر بن الحارث النخعي [ليس بحديثه بأس، كثير الخطأ]، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة] [وعنه: مخول بن إبراهيم، وهو: رافضي بغيض، صدَّقه أبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في الثقات، وله أفراد عن إسرائيل لا يتابع عليها، قال البيهقي:"مخول بن إبراهيم: من الشيعة، يأتي بأفراد عن إسرائيل لا يأتي بها غيره، والضعف على رواياته بيِّن". الجرح والتعديل (8/ 399)، الثقات (9/ 203)، ضعفاء العقيلي (4/ 262)، الكامل (6/ 439)، دلائل النبوة للبيهقي (7/ 279)، تاريخ الإسلام (15/ 404)، اللسان (8/ 19)]:
عن منصور بن المعتمر [ثقة ثبت]، عن المسيب بن رافع [تابعي، ثقة]، عن وراد مولى المغيرة بن شعبة، قال: كتب المغيرةُ إلى معاوية بن أبي سفيان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -
كان يقول في دبر كل صلاة إذا سلم [وفي رواية: كان إذا فرغ من الصلاة وسلم، قال]: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه البخاري (6330)، ومسلم (593)، وأبو عوانة (6/ 14/ 2113 - ط الجامعة الإسلامية)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 195/ 1312)، والنسائي في المجتبى (3/ 71/ 1342)، وفي الكبرى 97/ 21/ 1266)، وأحمد (4/ 250)، وعبد بن حميد (390)، وجعفر الفريابي في القدر (188)، وأبو العباس السراج في مسنده (839)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (652 و 2398)، وجعفر الخلدي في جزء من فوائده (4 1 1)، والطبراني في الكبير (20/ 386/ 906) و (20/ 392/ 926 - 928)، وفي الدعاء (696)، والبيهقي في السنن (2/ 185)، وفي القضاء والقدر (286)، وفي الشعب (11/ 508/ 7488)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 81)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 424). [التحفة (8/ 199/ 11535)، الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
• تنبيه: انفرد شيبان عن بقية أصحاب منصور بزيادة في أوسطه: "وهو حي لا يموت، بيده الخير"، فقال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر الصلاة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 392/ 926)، قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي [ثقة حافظ]: ثنا آدم بن أبي إياس [ثقة]: ثنا شيبان به.
وهذه زيادة شاذة؛ والوهم فيها ممن دون شيبان:
فقد رواه البيهقي في الشعب (7488)، بإسناد صحيح، إلى عبيد الله بن موسى [ثقة]، عن شيبان، عن منصور، عن المسيب بن رافع، عن وراد، عن المغيرة بن شعبة، أنه كتب إلى معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم من الصلاة، قال:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"، وقال:"إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال".
ولم يتابع الطبرانيَّ أحدٌ ممن روى الحديث عن شيبان، ولا ممن رواه عن منصور من الثقات، كما لم يأت بهذه الزيادة أحد ممن روى الحديث عن المسيب بن رافع، ولا ممن روى الحديث عن وراد، وهم جماعة من الثقات، مثل: عبد الملك بن عمير، وعامر بن شراحيل الشعبي، وعبدة بن أبي لبابة، ورجاء بن حيوة، والقاسم بن مخيمرة [وممن قال بشذوذها: العلامة المحدث الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة (12/ 209/ 5598)].
وانظر فيمن وهم في متنه بزيادة مدرجة: تاريخ دمشق (62/ 424).
2 -
سفيان الثوري [وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، ومحمد بن يوسف الفريابي، وهم ثقات]، وشعبة [وعنه: معاذ بن معاذ العنبري، وعمرو بن مرزوق، وهما ثقتان، وبكر بن بكار القيسي، وهو: ضعيف]، وهشيم بن بشير، وأبو عوانة، ومسعر بن كدام، وزائدة بن قدامة، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، وجرير بن عبد الحميد، ومعمر بن راشد، وأسباط بن محمد [وهم ثقات، أكثرهم أثبات]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]، وزيد بن أبي أنيسة [ثقة، ولا يثبت من حديثه، إذ الإسناد إليه ضعيف]، والحكم بن هشام [الثقفي الكوفي: صدوق] [وعنه: يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو صدوق حافظ، اتهم بسرقة الحديث]، وعمرو بن قيس الملائي [ثقة متقن] [وعنه: الحكم بن بشير بن سلمان، وهو: صدوق، وعنه: محمد بن حميد الرازي وهو: حافظ ضعيف، كثير المناكير]:
عن عبد الملك بن عمير [كوفي، تابعي، ثقة]، عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة [وفي رواية: حدثني وراد كاتب المغيرة بن شعبة]، قال: أملى عليَّ المغيرة بن شعبة في كتابٍ إلى معاوية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
زاد في رواية مسعر [عند السراج]: سمعت معاوية يقول بعد ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا.
أخرجه البخاري في الصحيح (844 و 6473 و 7292)، وفي الأدب المفرد (460)، والدارمي (1488 - ط البشائر)، وأبو عوانة (1/ 554/ 2073)، وابن خزيمة (1/ 365/ 742)(1/ 488/ 806 - ط التأصيل) و (1/ 489/ 808 - ط التأصيل)، وابن حبان (5/ 349/ 2007)، وعبد الرزاق (10/ 440/ 19638)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (1/ 323)، وعبد بن حميد (391)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 205/ 1556)، وجعفر الفريابي في القدر (185 و 186)، وأبو العباس السراج في مسنده (840 و 845 و 846 و 864 و 867)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (639 و 640 و 1295 - 1297 و 1351)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 225/ 1554)، وابن قانع في المعجم (3/ 87)، والطبراني في الكبير (20/ 386/ 908 - 912) و (20/ 388 - 389/ 915 - 919)، وفي الأوسط (4/ 102/ 3709)، وفي الدعاء (683 و 686 - 688 و 690 و 692 و 693)، وأبو العباس العصمي في جزئه (65)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 244)، والبيهقي في الأسماء والصفات (128)، وفي القضاء والقدر (308)، وفي الشعب (8/ 4627/62)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 225/ 715)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وفي التفسير (6/ 412)، وفي الشمائل (557)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 59) و (62/
424)، وفي المعجم (843 و 1005)، وابن حجر في التغليق (2/ 334)، وفي نتائج الأفكار (2/ 258 و 259). [التحفة (8/ 199/ 11535)، الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
° شذ معمر عن جماعة الثقات في لفظ هذا الحديث [كما عند: عبد الرزاق (10/ 440/ 19638)، وعبد بن حميد (391)، والبيهقي في الشعب (4627)، وابن حجر في النتائج (2/ 258)، ورواه الطبراني في الكبير (909) من طريق عبد الرزاق بدون الزيادة]: رواه معمر [ثقة ثبت في الزهري وابن طاووس، ويهم في حديث غيرهما]، عن عبد الملك بن عمير: حدثني وراد كاتب المغيرة بن شعبة، قال: كتب معاوية إلى المغيرة أن: اكتب إلي بشيء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكتب إليه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من ثلاثة: من عقوق الأمهات، ومن وأد البنات، ومن منع وهات، وسمعته ينهى عن ثلاث: عن قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، قال: وسمعته يقول: "اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا راد لما قضيت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
فلم يضبط الذكر الوارد، فلم يستوفه بتمامه، وزاد فيه ما ليس منه:"ولا راد لما قضيت"، وحذف مكانها:"ولا معطي لما منعت"، ولم يذكر محل الذكر، وأنه يقال دبر الصلوات، وتُقدَّم عليه روايةُ جماعة الثقات الأثبات، مثل: سفيان الثوري، وشعبة، والأعمش [وتقدم]، وهشيم بن بشير، وأبي عوانة، ومسعر بن كدام، وزائدة بن قدامة، وسفيان بن عيينة [ويأتي في الطريق الخامسة]، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، وجرير بن عبد الحميد.
ومعمر بن راشد: من أثبت الناس في الزهري وابن طاووس، وقد يهم في حديث غيرهما، وكان يضعَّف حديثه عن أهل الكوفة والبصرة [وانظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (4/ 19)، المقاصد الحسنة (1266)] [وممن قال بشذوذها: العلامة المحدث الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة (12/ 217/ 5598)].
° فإن قيل: لم ينفرد بذلك معمر، فقد تابعه عليه: مسعر بن كدام، وهو: ثقة ثبت، وهو الذي يقال له المصحف، والميزان، لشدة ضبطه وإتقانه.
فيقال: ثبت العرش ثم انقش:
فقد انفرد بهذه الزيادة من حديثه: الطبراني في الدعاء (686)[ومن طريقه: ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 259)]، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز [البغوي: ثقة حافظ]: ثنا أبو نعيم: ثنا مسعر، عن عبد الملك بن عمير: أخبرني وراد كاتب المغيرة، قال: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى المغيرة بن شعبة أن: اكتب إليَّ بشيء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا راد لما قضيت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
ويقال: هذه زيادة شاذة، لا يُدرى ممن الوهم فيها؛ وقد رواه الطبراني نفسه في الكبير
908 -
بنفس الإسناد، وبشقه الأول في الدعاء دون آخره المشتمل على هذه الزيادة. [ورواه أبو نعيم في الحلية (7/ 244)، من طريق الطبراني، ولم يسق لفظه، وإنما ساق لفظ يزيد بن هارون الآتي ذكره][وانظر: الفتح لابن حجر (11/ 513)، المقاصد الحسنة (1266)].
• ورواه أحمد بن منصور الرمادي [ثقة حافظ]، وأبو عبيدة [السري بن يحيى: ثقة]، وأبو أمية [محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي الطرسوسي: صدوق]، وإسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي [ثقة، لكن تكلم في كتابه لإلحاقات به.
سؤالات الحاكم (57)، تاريخ بغداد (6/ 382)، طبقات الحنابلة (1/ 112)، السير (13/ 410)، اللسان (2/ 53)]: ثنا أبو نعيم: ثنا مسعر، عن عبد الملك بن عمير: أخبرني وراد كاتب المغيرة بن شعبة، قال: كتب المغيرة إلى معاوية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر الصلاة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير".
سمعت معاوية يقول بعد ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا. [عند: السراج في مسنده (845)، وفي حديثه (1296)، وأبي عوانة (1/ 554/ 2073)، ولم يسق لفظه. وابن قانع في المعجم (3/ 87)].
• ورواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]: أنا مسعر بن كدام، عن عبد الملك بن عمير، عن وراد كاتب المغيرة، قال: كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية بن أبي سفيان: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". [عند: السراج في مسنده (845)، وفي حديثه (1295)، وأبي عوانة (1/ 554/ 2073)، وأبي نعيم في الحلية (7/ 244)، البيهقي في القضاء والقدر (308)].
فتبين بذلك أن المحفوظ من حديث مسعر بدون هذه اللفظة، والتي تفرد بها الطبراني في كتابه الدعاء، ولم يتابع عليها.
ولا تثبت الزيادات بمثل هذه الشذوذات، ومن أنكرها فلا تثريب عليه [انظر: المقاصد الحسنة (1266)] [وممن قال بشذوذها: العلامة المحدث الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة (12/ 217/ 5598)].
3 -
هشيم بن بشير [ثقة ثبت]: أخبرنا غير واحد منهم: مغيرةُ، وفلانٌ ورجلٌ ثالثٌ أيضًا [وفي رواية: أخبرنا غير واحد، منهم: المغيرة ومجالد ورجل ثالث أيضًا]، عن الشعبي، عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة؛ أن معاوية كتب إلى المغيرة أنِ: اكتب إليَّ بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكتب إليه المغيرة: إني سمعته يقول عند إنصرافه من الصلاة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" ثلاث مرات.
قال وكان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ومنْعٍ وهات، وعقوق الأمهات، ووأد البنات.
أخرجه البخاري (6473)، والنسائي في المجتبى (3/ 71/ 1343)، وفي الكبرى (2/ 97/ 1267) و (9/ 56/ 9880)، وابن خزيمة (1/ 365/ 742)(1/ 489/ 807 - ط التأصيل)، وأحمد (4/ 250)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (1/ 323)، وأبو العباس السراج في مسنده (844)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (644)، وابن عبد البر في الاستذكار (8/ 582)، وأبو طاهر السلفي في الثاني من المشيخة البغدادية (17). [التحفة (8/ 199/ 11535)، الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
تنبيه: أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، 22 - باب ما يكره من قيل وقال؛ يعني: أنه أراد الاحتجاج منه بشقه الثاني في المنهيات، لا بشقه الأول في الذكر الوارد، لا سيما وقد إنفرد هشيم في هذه الرواية بتثليث الذكر؛ كما أنه لم يذكره بتمامه.
هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن زيادة التثليث لم تثبت في رواية أبي ذر الهروي عن مشايخه الثلاثة: المستملي والحموي والكُشميهني، عن الفربري عن البخاري، وهي من أصح روايات الصحيح، وأكثرها انتشارًا، حتى قنع بها ابن حجر واقتصر عليها في شرحه فتح الباري، مما يعني أن البخاري قد حذفها عمدًا في إحدى رواياته للصحيح، لعلمه بشذوذها [انظر: طبعة المنهاج (8/ 100)، طبعة التأصيل (8/ 278/ 6481)، الفتح لابن حجر (11/ 307)، وقد ذكر في مقدمة الشرح أنه اعتمد أتقن الروايات، وهي رواية أبي ذر الهروي عن مشايخه الثلاثة، واقتصر عليها، لذا لم تقع الزيادة في نسخة البخاري من فتح الباري، ونبه ابن حجر في الشرح على أنه وقف عليها في نسخة الصغاني، فقال:"زاد في نسخة الصغاني هنا: ثلاث مرات"، فلم يعز الزيادة إلا إلى نسخة الصغاني، وهي ثابتة في رواية أبي الوقت عن الداوودي عن السرخسي عن الفربري عن البخاري، وهي النسخة التي ببن أيدينا الآن، والله أعلم].
• هكذا رواه عن هشيم: أبو عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن حنبل، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبو هاشم زياد بن أيوب [وهم أئمة ثقات حفاظ]، وعلي بن مسلم بن سعيد الطوسي [ثقة]، والحسن بن إسماعيل بن سليمان المجالدي المصيصي [ثقة].
وابن رجب لما شرح الحديث في الفتح (7/ 416) في الموضع الأول من الصحيح (844) من حديث عبد الملك بن عمير؛ قال: "وخرجه الإمام أحمد والنسائي من طريق مغيرة،
…
" فذكر الحديث إلى قوله: "ثلاث مرات"، ثم قال: "وهذه زيادة غريبة"، وهذا يدل على أن هذه الزيادة لم تكن في النسخ التي بين يدي الحافظ ابن رجب من صحيح البخاري.
قلت: وهو كما قال، زيادة التثليث زيادة شاذة، لكن لعل هشيمًا أُتي فيها من قِبل أحد شيوخه؛ فإنه قد روى هذا الحديث عن ثلاثة:
أحدهم: مغيرة بن مقسم الضبي، وهو: كوفي ثقة متقن، وكان يدلس.
والثاني: والذي كنى عنه بقوله: وفلان [كما في رواية البخاري]، هو: مجالد بن سعيد، وهو: ليس بالقوي، والأكثر على تضعيفه [التهذيب (4/ 24)].
والثالث: أبهمه بقوله: ورجل ثالث، وعادة الحفاظ، ومنهم هشيم، لا يكنون عن الثقات، ولا يبهمونهم، فإنه إن كان مرضيًا عندهم سموه، وإن كان غير مرضي أبهموه أو كنوا عنه، وهشيم في العادة لا ينسى من حدثه، فإنه حافظ ثبت، وقد قدمه بعضهم على سفيان الثوري وشعبة وأبي عوانة ويزيد بن هارون في حفظ الحديث، فإن قيل: قد يكون الأبهام من قبل بعض المصنفين كما فعل ابن حبان في الحديث الآتي، فيقال: نعم؛ يحتمل أن البخاري تعمد إبهام مجالد بن سعيد لكونه ليس من شرطه، وكذلك فعل النسائي، وذلك لكونه وقع مسمى في الإسناد في رواية جماعة، وأما الرجل الثالث، فإن إبهامه وقع من قِبل هشيم نفسه، والله أعلم.
والمقصود من هذا البيان: أنه يحتمل أن هشيمًا لم يأت فيه بلفظ المغيرة، وإنما رواه بلفظ مجالد، أو بلفظ هذا المبهم الثالث، بدليل أن أبا عوانة وعلي بن عاصم قد روياه عن مغيرة تامًا بدون التثليث، ورواه عاصم بن أبي النجود عن الشعبي بدون التثليث أيضًا، فدل على عدم ثبوت هذه الزيادة، وأنها ليست من حديث مغيرة، بل ليست من حديث الشعبي، ولا من حديث وراد، وهم فيها بعض الضعفاء، وقد روى هذا الحديث عن وراد جماعة من الثقات؛ فلم يأتوا فيه بهذه الزيادة، بتثليث العدد، مثل: المسيب بن رافع، وعبد الملك بن عمير، وعبدة بن أبي لبابة، ورجاء بن حيوة، والقاسم بن مخيمرة، والله أعلم [وممن قال بعدم ثبوت زيادة التثليث في حديث هشيم هذا: العلامة المحدث الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة (12/ 213/ 5598)].
• وقد رواه يحيى بن أبي بكير [الكرماني: ثقة]، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا داود بن أبي هند وغيره [وفي رواية الطبراني: عن داود ومجالد]، عن الشعبي، قال: أخبرني وراد؛ أن معاوية كتب إلى المغيرة أنِ: اكتب إليَّ بشيء سمعته من رسول الله صلى، فكتب إليه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاته: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه ابن حبان (5/ 347/ 2006)، والطبراني في الكبير (20/ 383/ 898)، وفي الدعاء (684). [الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
قال ابن حبان: "قال لنا أحمد بن يحيى بن زهير: داود بن أبي هند ومجالد عن الشعبي، وأنا قلت: وغيره؛ لأن مجالدًا تبرأنا من عهدته في كتاب المجروحين".
° وفي هذا الطريق فائدتان: الأولى: تسمية شيخ ثالث لهشيم في هذا الحديث، وهو داود بن أبي هند، وهو: ثقة متقن، من أصحاب الشعبي، ولا أظنه المبهم الثالث في الرواية السابقة؛ لما سبق تقريره.
والفائدة الثانية: لم يرد فيه تثليث الذكر.
• ورواه الحسن بن علي بن راشد الواسطي: ثنا هشيم، عن مغيرة، وزكريا، وإسماعيل، ومجالد، عن الشعبي، عن وراد، قال: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى المغيرة بن شعبة أن: اكتب إليَّ بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكتب إليه المغيرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند انصرافه من الصلاة:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وكان ينهى عن: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، وعن: منع وهات، وعقوق الأمهات، ووأد البنات.
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 383/ 897)، وفي الأوسط (4/ 102/ 3709)، وفي الدعاء (683).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن إسماعيل بن أبي خالد، إلا هشيم، تفرد به: الحسن بن علي".
قلت: هو غريب جدًا من حديث إسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، تفرد به: الحسن بن علي بن راشد الواسطي، وهو: لا بأس به، تكلم فيه عباس العنبري بجرح غير مفسر، فقد نظر عباس العنبري في جزء لعبدان عن الحسن هذا، فقال له:"اتقه"[التهذيب (1/ 403)]، لكن الحسن ساق الحديث بتمامه، وبدون التثليث، مع كون مجالد هو أحد شيوخ هشيم في هذه الرواية، وبقيتهم ثقات.
• ورواه علي بن عاصم [الواسطي: صدوق، كثير الغلط]: حدثنا المغيرة: أخبرنا عامر، عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة، قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: اكتب إليَّ بما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني المغيرة، قال: فكتب إليه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة، قال:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وسمعته ينهى عن: قيل وقال، وعن كثرة السؤال، وإضاعة المال، وعن: وأد البنات، وعقوق الأمهات، ومنع وهات.
أخرجه أحمد (4/ 254)، وأبو البركات النيسابوري في الأربعين (17)، وأبو سعد السمعاني في معجم شيوخه (517 - المنتخب)، وابن عساكر في المعجم (235). [الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
ورواية علي بن عاصم هذه تبين أن حديث المغيرة ليس فيه ذكر التثليث؛ كما أنه قد رواه بتمامه، مما يدل على أنه قد حفظه وضبطه.
وهو حديث صحيح.
• خولف فيه هشيم وعلي بن عاصم عن المغيرة:
• فقد رواه يحيى بن حماد [ثقة، ختن أبي عوانة، ومن أروى الناس عنه]، وعلي بن عثمان بن عبد الحميد بن لاحق [ثقة. طبقات ابن سعد (7/ 303)، الجرح والتعديل (6/ 196)، الثقات (8/ 465)، تاريخ الإسلام (5/ 636 - ط الغرب)، السير (10/ 568)، اللسان (5/ 563)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 224)]:
عن أبي عوانة [ثقة ثبت]، عن المغيرة، عن شِباكٍ، عن عامر، عن المغيرة بن شعبة؛ أن معاوية كتب إليه أن: اكتب إليَّ بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللُّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 57/ 9881)، وأبو علي الرفاء في فوائده (195). [التحفة (8/ 182/ 11506)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
قال الدارقطني في العلل (7/ 121/ 1247): "وخالفهما: أبو عوانة، فرواه عن مغيرة عن شباك عن الشعبي عن مغيرة، وزاد فيه شباكًا، وأسقط ورادًا".
• قلت: خالفهما: العباس بن طالب [وعنه: أبو يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي، وهو: ثقة]: ثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن شباك، عن عامر الشعبي، عن وراد مولى المغيرة، عن المغيرة بن شعبة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته، قال:
…
فذكره.
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 382/ 896)، وفي الدعاء (682).
وهذه الرواية عن أبي عوانة وهم؛ لا عبرة بها، فإن العباس بن طالب: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو زرعة:"ليس بذاك"، واتهم بسرقة حديث، وذمه ابن معين حيث شبه سعيد بن هبيرة به، وسعيد هذا قال فيه ابن حبان:"كان ممن رحل وكتب، ولكن كثيرًا ما يحدث بالموضوعات عن الثقات، كأنه كان يضعها، أو توضع له فيجيب فيها، لا يحل الاحتجاج به بحال"[انظر: اللسان (4/ 408)، الجرح والتعديل (6/ 216)، المجروحين (1/ 327)].
وإدخال شِبَاك في الإسناد لا يضره؛ فإن شِباكًا الضبي الكوفي: ثقة [الجرح والتعديل (4/ 390)، التهذيب (2/ 148)].
فإما أن يكون المغيرة سمعه أولًا من شباك، ثم استثبته بعد ذلك من الشعبي، كما رواه هشيم وعلي بن عاصم، وقد جاء التصريح بسماع المغيرة من الشعبي في رواية علي بن عاصم، وإما أن يقال بأن المغيرة دلسه عن الشعبي، ويخطَّأ علي بن عاصم في ذكر الخبر، فيقال: لا يضره ذلك، فإن الواسطة التي أسقطها ثقة، فلا يضر، والأول عندي أولى؛ لأن رواية علي بن عاصم تدل على ضبطه لإسناد الحديث ومتنه، وأنه لم يغلط فيه.
وأما إسقاط وراد من رواية أبي عوانة، فهو خطأ، فالحديث حديث وراد كاتب
المغيرة بن شعبة، وهو الذي حضر هذه الواقعة وكتبها ورواها؛ نعم الشعبي سمع المغيرة بن شعبة [وروايته عنه عند مسلم (189)]، لكن ثبته في هذا الحديث هو وراد كاتب الكتاب إلى معاوية، وراوي الواقعة، وتُقدَّمُ هنا رواية من زاد في الإسناد رجلًا، هشيم وعلي بن عاصم عن المغيرة، وعاصم بن أبي النجود، كلاهما عن الشعبي عن وراد.
وهنا يمكن القول: بأن هشيم بن بشير، وعلي بن عاصم قد حفظا وضبطا إسناد هذا الحديث، وقصر في متنه هشيم ولم يضبطه، بينما ضبط أبو عوانة وعلي بن عاصم المتن وأحكماه، ثم قصر أبو عوانة في ضبط الإسناد، فزاد فيه ونقص، وحديث عاصم بن أبي النجود عن الشعبي حكم بينهم في ذلك، والله أعلم.
• فقد رواه شيبان بن عبد الرحمن النحوي [ثقة]، وأبو حمزة السكري [محمد بن ميمون المروزي: ثقة ثبت]:
عن عاصم بن أبي النجود عن الشعبي، عن وراد، عن المغيرة بن شعبة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 384/ 899)، وفي الدعاء (685)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 371).
هكذا رواه عن أبي معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي: الحسن بن موسى الأشيب، وهو: ثقة، قال فيه أحمد:"هو من متثبتي أهل بغداد"[التهذيب (1/ 415)].
• خالفه فقصر بإسناده: أبو النضر [هاشم بن القاسم: ثقة ثبت]: ثنا أبو معاوية [هو: شيبان بن عبد الرحمن]، عن عاصم، عن وراد، عن المغيرة بن شعبة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة، قال:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وكره: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، ونهى عن وأد البنات، وعقوق الأمهات، ومنع وهات.
أخرجه أبو بكر النصيبي في فوائده (158)، قال: حدثنا الحارث [هو: ابن أبي أسامة: ثقة مصنف]: ثنا أبو النضر به.
هكذا أسقط من إسناده ذكر الشعبي، والحديث حديثه عن وراد.
* والحاصل: فإن اختيار البخاري لحديث هشيم عن المغيرة: لأجل اشتهار حديث هشيم هذا، حيث رواه عنه جماعة من كبار الحفاظ والمصنفين، وهو أشهر طرق حديث الشعبي هذا، ومن جهة أخرى: هشيم بن بشير هو أحفظ وأضبط من روى هذا الحديث عن المغيرة عن الشعبي، ولم ينفرد به عن المغيرة، فقد تابعه على إسناده: علي بن عاصم،
ورواه عن هشيم اثنان من أصحابه بدون ذكر التثليث، وقد عمد البخاري في بعض الروايات للصحيح إلى حذف زيادة التثليث، وقد روى الحديث تامًا وبحذف زيادة التثليث: علي بن عاصم، وأبو عوانة، لكن قصر أبو عوانة بإسناده، وزاد فيه رجلًا، كما يحتج أيضًا برواية عاصم بن أبي النجود لمن أسقط زبادة التثليث في المتن، ولمن أسقط زيادة شباك في الإسناد، ولمن زاد ورادًا في الإسناد، والله أعلم.
4 -
فليح بن سليمان [مدني، صدوق، كثير الخطأ، احتج البخاري بما صح من حديثه]، وابن جريج [ثقة ثبت، حافظ إمام]، والنعمان بن المنذر [دمشقي، صدوق، ضرب أبو مسهر على حديثه، وقال النسائي بعد حديثه في الحيض: "ليس بذاك القوي"][وفي الإسناد إليه: أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة: حدث عن أبيه عن جده عن مشايخ ثقات بأحاديث بواطيل لا يحتملونها، وكان يقبل التلقين، وقال أبو حاتم: "سمعت أحمد يقول: لم أسمع من أبي شيئًا". الثقات (9/ 74)، مسند أبي عوانة (5/ 138/ 8137)، فتح الباب (4471)، تاريخ دمشق (5/ 466)، تاريخ الإسلام (21/ 83)، اللسان (1/ 650)]:
حدثنا عبدة بن أبي لبابة [ثقة، تابعي جليل، من الطبقة الرابعة]، عن وراد مولى المغيرة بن شعبة، قال: كتب معاويةُ إلى المغيرة: اكتب إليَّ ما سمعتَ النبي صلى الله عليه وسلم يقول خلف الصلاة، فأملى عليَّ المغيرةُ، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول خلف الصلاة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". لفظ فليح [عند البخاري].
ولفظ ابن جريج [عند أحمد]: أخبرني عبدة بن أبي لبابة؛ أن ورادًا مولى المغيرة بن شعبة أخبره؛ أن المغيرة بن شعبة كتب إلى معاوية؛ كتبَ الكتابَ له ورادٌ: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول حين يسلم:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
قال وراد: ثم وفدت بعد ذلك على معاوية، فسمعته على المنبر يأمر الناس بذلك القول، ويعلمهموه.
أخرجه البخاري (6615)، ومسلم (593)، وأبو عوانة (1/ 554/ 2072)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 191/ 1314)، وأحمد (4/ 245)، وعبد الرزاق (2/ 244/ 3224)(2/ 526/ 3333 - ط التأصيل)، وأبو العباس السراج في مسنده (841 و 843 و 856)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (641 و 643 و 1307)، والطبراني في الكبير (20/ 391/ 924) و (20/ 393/ 931)، وفي الدعاء (694 و 703)، وفي مسند الشاميين (2/ 242/ 1269)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 80)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 425)، وابن حجر في التغليق (5/ 192 - 193)، وعزاه للإسماعيلي في مستخرجه من حديث ابن المبارك عن ابن جريج. [التحفة (8/ 199/ 11535)، الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
• خالف في إسناده ومتنه:
عمرو بن أبي سلمة [التنيسي الدمشقي: صدوق؛ إذا روى عن غير زهير بن محمد التميمي]: نا صدقة بن عبد الله، عن النعمان بن المنذر، عن عبدة بن أبي لبابة، قال: حدثني وراد مولى المغيرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم من صلاته، يقول قبل أن يقوم وقبل أن يتكلم:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه أبو الفضل الزهري في حديثه (163).
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به: صدقة بن عبد الله السمين، وهو: ضعيف، له أحاديث مناكير لا يتابع عليها، وشيخه النعمان بن المنذر: دمشقي، صدوق، ضرب أبو مسهر على حديثه، وقال النسائي بعد حديثه في الحيض:"ليس بذاك القوي".
وقد تفرد هنا في هذا الحديث بهذا القيد: يقول قبل أن يقوم وقبل أن يتكلم، مع إرساله للحديث، وهو متصل.
5 -
ابن أبي عمر المكي، والحميدي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر ابن أبي شيبة، ومحمد بن منصور، وعبد الله بن محمد الزهري، وإبراهيم بن بشار الرمادي [وهم ثقات، فيهم جماعة من أثبت الناس في ابن عيينة]:
حدثنا سفيان [هو: ابن عيينة]: حدثنا عبدة بن أبي لبابة، وعبد الملك بن عمير، [أنهما] سمعا ورادًا كاتب المغيرة بن شعبة، يقول: كتب معاوية أبن أبي سفيان، إلى المغيرة: اكتب إليَّ بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكتب إليه [المغيرة]: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول إذا قضى الصلاة:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". لفظ ابن أبي عمر [عند مسلم]، وبمثله رواه الحميدي، وما بين المعكوفين له.
منهم من أفرد عبدة، ومنهم من أفرد عبد الملك، وقد سمعه سفيان منهما جميعًا.
أخرجه مسلم (593)، وأبو عوانة (1/ 553/ 2069)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 191/ 1316)، والنسائي في المجتبى (3/ 70/ 1341)، وفي الكبرى (2/ 96/ 1265)، وابن خزيمة (1/ 365/ 742)(1/ 488/ 806 - ط التأصيل)، وأحمد (4/ 251)، والحميدي (780)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 206/ 1561)[وقع في روايته سقط جراء اختصار السند]، والطبراني في الكبير (20/ 388/ 914)، وفي الدعاء (689)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (115)، والبيهقي في المعرفة (14/ 491/ 20878). [التحفة (8/ 199/ 11535)، الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
• وانظر فيمن وهم في متنه فزاد فيه: "بيده الخير"، وهي زيادة شاذة: ما أخرجه
الخطيب في الكفاية (379)[والحمل فيه على الحسن بن علي بن شبيب المعمري، وهو: ثقة حافظ؛ إلا أنه رفع أحاديث وهي موقوفة، وزاد في المتون أشياء ليست فيها. انظر: الكامل (2/ 338)، تاريخ بغداد (7/ 369)، اللسان (3/ 71)، وغيرها].
6 -
بشر بن المفضل، وخالد بن الحارث، وإسماعيل ابن علية، وأزهر بن سعد السمان، وروح بن عبادة، وعثمان بن عمر بن فارس، وأبو داود الطيالسي، ومعتمر بن سليمان، ومحمد ابن أبي عدي [وهم ثقات، أكثرهم أثبات]، وغيرهم:
عن عبد الله بن عون [ثقة ثبت]، قال: أنبأني أبو سعيد، قال: أنبأني وراد كاتب المغيرة، قال: كتب معاويةُ إلى المغيرة أن: اكتب إليَّ بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:[فكتب إليه المغيرة: أنه، كان إذا صلى ففرغ؛ قال: "لا إله إلا الله" قال: وأظنه قال: "وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. لفظ روح [عند أحمد]، ولفظ خالد بن الحارث [عند الفريابي] بغير شك:"لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه مسلم (593)، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 85)، وأبو عوانة (1/ 554/ 2074)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 191/ 1315)، وأحمد (4/ 247)، وجعفر الفريابي في القدر (187)، وأبو العباس السراج في مسنده (842)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (642)، وابن الأعرابي في المعجم (38)، والطبراني في الكبير (20/ 394/ 934)، وفي الدعاء (698)، وأبو الحسن العيسوي في فوائده (47)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 80)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 257)، وذكره الدارقطني في العلل (7/ 123/ 1247)[من طريق ابن أبي عدي][التحفة (8/ 199/ 11535)، الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
[وانظر فيمن وهم فيه على ابن عون ما ذكره الدارقطني في العلل (7/ 124/ 1247)].
قال أبو بكر الفريابي: "أبو سعيد هو عندي: عمرو بن سعيد".
وقال أبو عوانة: "يقال: إن أبا سعيد هذا اسمه كثير، وهو رضيع عائشة، وبعض هؤلاء قال: أبو سعيد الشامي".
وقال أبو مسعود: أبو سعيد الذي روى عنه ابن عون: لا يُعرف اسمه، وقال غيره: اسمه عبد ربه، وقال أبو بكر ابن منجويه: أظنه: عمرو بن سعيد القرشي، ويقال: الثقفي. قاله المزي في تحفة الأشراف (8/ 200/ 11535).
ورجح ابن حجر في النكت (11535) أن أبا سعيد هو عبد ربه، وهو الصواب.
قلت: تصرف البخاري في التاريخ الكبير (6/ 80) يدل على جعلهما واحدًا، أعني:
أبا سعيد وعبد ربه، حيث ساق حديث خالد الواسطي عن الجريري عن عبد ربه، ثم أتبعه بحديث حماد بن سلمة عن الجريري وداود وابن عون عن أبي سعيد، ثم أتبعه بحديث ابن عون عن أبي سعيد، وتبعه على ذلك: أبو حاتم الرازي؛ فإنه لما ذكر عبد ربه، قال:"روى عنه: عبد الله بن عون، وداود بن أبي هند، والجريري"[الجرح والتعديل (6/ 42)]، وهذا يدل على أنه يراهما واحدًا.
وإلى هذا أيضًا ذهب ابن حبان، حيث قال في الثقات (7/ 155):"عبد ربه أبو سعيد الشامي: يروي عن وراد كاتب المغيرة، روى عنه عبد الله بن عون".
وقال الدارقطني في العلل (7/ 124/ 1247): "وقال خالد الواسطي، عن الجريري، عن عبد ربه، ولعله اسم أبي سعيد عن وراد".
• وهم في إسناده حماد بن سلمة، وقصر به، حيث أسقط الواسطة بين ابن عون والجريري عن وراد:
رواه حماد بن سلمة [وعنه: هدبة بن خالد، وهو: ثقة، من أصحاب حماد]، عن ابن عون والجريري، عن وراد، عن المغيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 205/ 1558)، والطبراني في الكبير (20/ 395/ 935).
وهذه الرواية وهم؛ والمحفوظ الأتي:
• قال الدارقطني في العلل (7/ 124/ 1247): "ورواه حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند وابن عون والجريري، عن أبي سعيد، عن وراد".
قلت: وصله البخاري في التاريخ الكبير (6/ 85)، وأبو العباس السراج في مسنده (866)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1353).
من طريق: موسى بن إسماعيل [أبي سلمة التبوذكي، وهو: ثقة ثبت، من أروى الناس عن حماد]: ثنا حماد بن سلمة، عن سعيد الجريري وداود وابن عون، عن أبي سعيد، عن وراد مولى المغيرة بن شعبة؛ أن معاوية كتب إلى المغيرة بن شعبة يسأله عما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة، فكتب إليه المغيرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وحماد بن سلمة: ثقة، سمع من الجريري قبل الاختلاط، ويستشهد بروايته هذه على أن شيخ الجريري في الطريق الآتية، وهو: عبد ربه، هو نفسه: أبو سعيد، شيخ ابن عون وداود بن أبي هند، كما دل على ذلك تصرف البخاري وأبي حاتم وابن حبان والدارقطني.
وهو حديث صحيح.
7 -
علي بن عاصم [الواسطي: صدوق، كثير الغلط، وهو من طبقة من سمع من الجريري بعد الاختلاط. التهذيب (3/ 173)، الميزان (3/ 135)، إكمال مغلطاي (9/
350)، الكواكب النيرات (24)]، وخالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت، ممن سمع من الجريري قبل اختلاطه، وروى له الشيخان من حديثه عن الجريري]:
عن الجريري، عن عبد ربه، عن وراد [كاتب المغيرة]، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قال:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت"، مثل حديث المغيرة إلا أنه لم يذكر وأد البنات. كذا عند أحمد.
وفي رواية خالد [عند الطبراني]: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر صلاته: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 80)، وأحمد (4/ 255)(8/ 4143/ 18522 - ط المكنز)(18233 - ط الرسالة)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 205/ 1557) [ووقع عنده: عبد الله، بدل: عبد ربه، وهو خطأ]. والطبراني في الكبير (20/ 395/ 936)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 81) [ووقع عنده: عبدة، بدل: عبد ربه، وهو خطأ] [الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
قلت: وهو حديث صحيح.
وقال الدارقطني في العلل (7/ 124/ 1247): "وقال خالد الواسطي، عن الجريري، عن عبد ربه، ولعله اسم أبي سعيد عن وراد"، وإلى هذا ذهب البخاري، وأبو حاتم الرازي، وابن حبان، كما سبق نقله.
ويتبين بذلك أن أبا سعيد اسمه عبد ربه، روى عنه: عبد الله بن عون، وداود بن أبي هند، وسعيد بن إياس الجريري، وأخرج حديثه مسلم في صحيحه، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقد توبع على روايته، تابعه جمع من الثقات، ممن رواه عن رواد كاتب المغيرة، ولم يخالف الثقات في شيء من حديثهم، فدل على أنه قد ضبط وحفظ؛ فحديثه صحيح.
8 -
سليمان بن بلال [مدني، ثقة، وعنه: إسماعيل بن أبي أويس، وهو: ليس به بأس، له غرائب لا يتابع عليها]، والقاسم بن معن [ثقة، وعنه: المعافى بن سليمان، وهو: ثقة]، وعمر بن علي المقدمي [ثقة، وعنه: محمد بن أبي بكر المقدمي، وهو: ثقة]:
عن محمد بن عجلان [مدني، ثقة]، عن رجاء بن حيوة [ثقة، من الثالثة]، عن [وراد] كاتب المغيرة، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 1559/205)، والطبراني في الكبير (02/ 395/ 937) و (20/ 396/ 938)، وفي الدعاء (700 و 701)، وفي مسند الشاميين (3/ 217/ 2119 و 2120)، وأبو طاهر المخلص في الخامس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (62)(942 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 176).
قال أبو نعيم: "رواه القاسم بن معن وسليمان بن بلال في آخرين، عن محمد بن عجلان".
رجاء بن حيوة؛ قيل: لم يسمع من وراد، ولا يثبت نسبة هذا القول لأحمد ولا لأبي زرعة ولا للبخاري، ولا لأحد من الأئمة النقاد، ورجاء من نفس طبقة وراد، قرين له [راجع: فضل الرحيم الودود (2/ 269/ 165)].
قلت: وهو حديث صحيح.
° قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 8/ 227): "سألت أبي عن حديث رواه حاتم بن إسماعيل، وحيوة بن شريح، عن ابن عجلان، عن رجاء بن حيوة، عن وراد، عن المغيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا سلم قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك
…
".
ورواه مبشر بن مكسر، عن ابن عجلان، عن مكحول، عن وراد، عن المغيرة؟
قال أبي: حديث رجاء بن حيوة أشبه عندي".
وقال في موضع آخر (317): "لا أعلم روى مكحول عن وراد".
• قلت: طريق مكحول عن وراد عن المغيرة:
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 394/ 932 و 933)، وفي الدعاء (702 و 704)، وفي مسند الشاميين (2/ 313/ 1407) و (4/ 375/ 3592).
من وجهين عن مكحول:
وشيخ الطبراني في الإسناد الأول: أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة: حدث عن أبيه عن جده عن مشايخ ثقات بأحاديث بواطيل لا يحتملونها، وكان يقبل التلقين، وقال أبو حاتم:"سمعت أحمد يقول: لم أسمع من أبي شيئًا". [الثقات (9/ 74)، مسند أبي عوانة (5/ 138/ 8137)، فتح الباب (4471)، تاريخ دمشق (5/ 466)، تاريخ الإسلام (21/ 83)، اللسان (1/ 650)]، ومحمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي: روى عن أبيه وجادة، وقال ابن حبان في الثقات:"ثقة في نفسه، يتقى حديثه ما روى عنه أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة وأخوه عبيد؛ فإنهما كانا يدخلان عليه كل شيء"[الثقات (9/ 74)، تاريخ الإسلام (17/ 349)، اللسان (7/ 576)].
والوجه الثاني: تفرد به عن ابن عجلان عن مكحول: مبشِّر بن مكسِّر القيسي، وهو: لا بأس به [تاريخ ابن معين للدوري (4/ 94/ 3321)، الجرح والتعديل (8/ 343)، المعرفة والتاريخ (2/ 75)]، ولا يحتمل تفرده عن ابن عجلان بهذا.
والصواب فيه عن ابن عجلان: ما رواه جماعة الثقات عنه، عن رجاء بن حيوة، عن وراد كاتب المغيرة، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
9 -
شعبة [وعنه: معاذ بن معاذ العنبري]: حدثني الحكم بن عتيبة [ثقة ثبت، من الطبقة الخامسة]، عن القاسم بن مخيمرة [ثقة، من الطبقة الثالثة]، عن وراد، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (865)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1352)،
وابن حبان (5/ 350/ 2007)، والطبراني في الكبير (20/ 386/ 907)، وفي الدعاء (699)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 84)، وابن حجر في التغليق (2/ 334)، وعلقه البخاري في الصحيح (844). [التحفة (8/ 199/ 11535)، الإتحاف (13/ 444/ 16985)، المسند المصنف (25/ 110/ 11262)].
وهو حديث صحيح.
10 -
الحسن بن علي المعمري [ابن شبيب: ثقة حافظ؛ إلا أنه رفع أحاديث وهي موقوفة، وزاد في المتون أشياء ليست فيها. انظر: الكامل (2/ 338)، تاريخ بغداد (7/ 369)، اللسان (3/ 71)، وغيرها]: ثنا محمود بن خالد الدمشقي [ثقة]: ثنا أبي [خالد بن يزيد السلمي: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات]: ثنا عيسى بن المسيب، عن سلم بن عبد الرحمن النخعي [الكوفي: ثقة]، عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة؛ أن معاوية كتب إلى المغيرة يسأله عن آخر ما كان يتكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه: أنه كان يقول إذا سلم: "لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد"، بعد أن يسلم عن يمينه وعن شماله، وكان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر.
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 393/ 929)، وفي الدعاء (697).
وهذا إسناد ضعيف، عيسى بن المسيب البجلي: ضعيف [التعجيل (838)، اللسان (6/ 280)]، ولا يثبت بهذه الزيادة.
11 -
محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي [ثقة]، قال: سمعت أبي [ثقة حافظ]، يقول: أخبرنا أبو حمزة [محمد بن ميمون السكري المروزي: ثقة ثبت]، عن جابر، عن أبي سفيان [طلحة بن نافع: صدوق، سمع المغيرة]، عن المغيرة بن شعبة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: "سمع الله لمن حمده"، قال:"اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 407/ 973)، وأبو طاهر المخلص في الثالث من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (168)(534 - المخلصيات).
قلت: هو حديث باطل؛ جابر بن يزيد الجعفي: متروك يكذب.
12 -
وله إسناد آخر غريب، أخرجه الدولابي في الكنى (2/ 851/ 1492).
* وروي من حديث معاوية، وابن عباس، وعائشة:
1 -
روى محمد بن فضيل، عن عثمان بن حكيم، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، قال: سمعت معاوية، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في دبر كل صلاة إذا انصرف:"اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه أحمد (4/ 97)، وأبو العباس السراج في مسنده (851)، وفي حديثه بانتقاء
الشحامي (1303). [الإتحاف (13/ 370/ 16864)، المسند المصنف (24/ 634/ 11162)].
قلت: هذا الحديث وهم فيه محمد بن فضيل، بتقييد هذا الذكر بدبر الصلوات عند الانصراف منها، من حديث معاوية بن أبي سفيان؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، وإنما الثابت في هذا: ما رواه جماعة من الثقات، منهم: المسيب بن رافع، وعبد الملك بن عمير، وعامر بن شراحيل الشعبي، وعبدة بن أبي لبابة، ورجاء بن حيوة، والقاسم بن مخيمرة:
عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة، قال: كتب معاويةُ إلى المغيرة بن شعبة: اكتب إليَّ بما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني المغيرة، قال: فكتب إليه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة، قال:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
قال وراد: ثم وفدت بعد ذلك على معاوية، فسمعته على المنبر يأمر الناس بذلك القول، ويعلمهموه. [تقدم].
والمحفوظ عن عثمان بن حكيم، ثم من حديث محمد بن كعب القرظي، أن معاوية بن أبي سفيان سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وهو يقول:"اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين".
• فقد رواه مروان بن معاوية، وعبد الله بن نمير، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وأبو بدر شجاع بن الوليد، وعبد الواحد بن زياد [وهم ثقات]:
حدثنا عثمان بن حكيم الأنصاري [ثقة] من الخامسة]: أخبرني محمد بن كعب القرظي؛ أن معاوية [قال يعلى وعبد الواحد في حديثهما: سمعت معاوية] قام على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذه الأعواد: "اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين".
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 240/ 31046)، وفي مسنده (6/ 487/ 6255 - إتحاف الخيرة)، وأحمد (4/ 95)، وابن منيع في مسنده (1/ 198/ 262 - إتحاف الخيرة)، وعبد بن حميد (416)، والبخاري في الأدب المفرد (666 م)، وابن أبي عاصم في السُّنَّة (385)، وأبو العباس السراج في مسنده (850)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1302)، والطحاوي في شرح المشكل (4/ 389/ 1685)، والطبراني في الكبير (19/ 340/ 787)، وابن عساكر في المعجم (1208). [الإتحاف (13/ 370/ 16864)، المسند المصنف (24/ 11162/634)].
وهذا حديث صحيح، إسناده صحيح متصل، رجاله كلهم ثقات.
• ولعثمان بن حكيم فيه إسناد آخر:
رواه شجاع بن الوليد [ثقة]، ويعلى بن عبيد [ثقة]:
عن عثمان بن حكيم، عن زياد بن أبي زياد [مولى الحارث بن عياش]، عن معاوية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذه الأعواد: "اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، من يرد الله به الخير يفقهه في الدين".
أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (6/ 487/ 6255 - إتحاف الخيرة)، وأحمد (4/ 93)، وابن منيع في مسنده (1/ 198/ 262 - إتحاف الخيرة)، وعبد بن حميد (417)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 79). [الإتحاف (13/ 370/ 16864)، المسند المصنف (24/ 637/ 11163)].
وزياد بن أبي زياد هذا: يغلب على ظني أنه المخزومي، واسم أبيه ميسرة، مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة القرشي المدني، وهو: ثقة، من الخامسة، لم يدرك معاوية بن أبي سفيان [انظر: التهذيب (1/ 1646)، المتفق والمفترق (2/ 978)].
• تابع مروان بن معاوية ومن معه على روايتهم.
يزيد بن زياد [مدني، ثقة][وعنه: مالك بن أنس، ومحمد بن عجلان، وأبو أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي، وهو: متروك. اللسان (2/ 186)]، ومحمد بن عجلان [مدني، ثقة][وعنه: يحيى بن سعيد القطان]، وأسامة بن زيد [صدوق، صحيح الكتاب، يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث. تقدمت ترجمته مفصلة عند الحديث رقم (394 و 600 و 619)][وعنه: وكيع بن الجراح، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن نافع الصائغ، وعثمان بن عمر بن فارس، وهم ثقات]:
عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال معاوية بن أبي سفيان وهو على المنبر: أيها الناس! "إنه لا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع الله، ولا ينفع ذا الجد منه الجد، من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"، ثم قال معاوية: سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأعواد. لفظ يزيد [وفي رواية ابن وهب عن مالك عند ابن منده، وفي رواية ابن بكير عند البيهقي: سمعت معاوية].
ورواه يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، قال: حدثني محمد بن كعب -يعني: القرظي-، قال: سمعت معاوية يخطب على هذا المنبر، يقول: تعلَّمُنَّ أنه: "لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع الله، ولا ينفع ذا الجد منه الجد، من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"، سمعت هذه الأحرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأعواد [عند أحمد (4/ 98)].
ولفظ أسامة [من رواية ابن وهب، والصائغ عنه]: عن محمد بن كعب، قال: سمعت معاوية، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر: "إنه لا مقدم لما أخرت، ولا مؤخر لما قدمت، ولا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين". وقد شذ أسامة بهذه الزيادة في أوله: "إنه لا مقدم لما أخرت، ولا مؤخر لما قدمت".
أخرجه مالك في الموطأ (2/ 482/ 2623 - رواية يحيى الليثي)(1878 - رواية أبي مصعب الزهري)(647 - رواية الحدثاني)، ووكيع في الزهد (230)، ومسدد في مسنده (1/ 198/ 262 - إتحاف الخيرة)، وأحمد (4/ 92 - 93 و 98)، والبخاري في الأدب المفرد (66 و 666 م)، وابن أبي عاصم في السُّنَّة (386)، وجعفر الفريابي في القدر (180)، وأبو العباس السراج في مسنده (849 و 852 و 853)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1301 و 1304 و 1305)، وفي البيتوتة (6)، والطحاوي في شرح المشكل (4/ 387 1684) و (4/ 391/ 1690)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 378)، والطبراني في الكبير (19/ 338/ 782) و (19/ 339/ 783 - 785)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (38)، والجوهري في مسند الموطأ (832). وابن بطة في إبطال الحيل (11)، وابن منده في التوحيد (2/ 184/ 326)، والقضاعي في مسند الشهاب (346)، والبيهقي في القضاء والقدر (496)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 79)، وفي جامع بيان العلم (83)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 78)، وفي المتفق والمفترق (3/ 2096/ 1782)، وفي الموضح (2/ 388)؛ [الإتحاف (13/ 370/ 16864)، المسند المصنف (24/ 634/ 11162)].
قلت: السماع الوارد في هذه الأسانيد سماع صحيح ثابت، لا يعارضه التأريخ، إن كانت وفاة محمد بن كعب القرظي المدني سنة عشرين ومائة، وولادته سنة أربعين [على ما رجح ابن حجر في التقريب (561)]، فإنه يكون قد أدرك عشرين عامًا من حياة معاوية بن أبي سفيان، والذي توفي سنة ستين.
وعليه: فهو حديث صحيح، احتج به مالك وأدخله في الموطأ، وصححه الدارقطني وابن عبد البر.
° فإن قيل: فما تقول فيما نقله العقيلي في ضعفائه، قال: "حدثني آدم بن موسى، قال: سمعت البخاري، قال: يزيد بن زياد مولى بني هاشم، عن محمد بن كعب: سمعت معاوية، ولا يتابع عليه، كان البخاري أحسب أنكر أن محمد بن كعب قد سمع معاوية.
وهذا الحديث رواه مالك بن أنس، عن يزيد بن زياد هذا، عن محمد بن كعب، فقال: قال معاوية. حدثنيه علي بن عبد العزيز، عن القعنبي، عنه.
وقال يحيى القطان: عن محمد بن عجلان، عن محمد بن كعب، سمعت معاوية، ورواه محمد بن فضيل، وشريك، عن عثمان بن حكيم، عن محمد بن كعب القرظي، فقال ابن فضيل فيه: سمعت معاوية، وقال شريك: عن معاوية، والصحيح من هذا الحديث الإرسال".
قلت: الذي أثبت السماع ثقة، تقبل زيادته، فقد ثبت السماع من طريق محمد بن عجلان، وعثمان بن حكيم الأنصاري، وهما مدنيان ثقتان.
ويشكل على هذا النقل الذي احتج به العقيلي، أنه لم يتابع عليه:
فقد قال ابن عدي في الكامل (9/ 175 - ط العلمية)(10/ 722 - ط الرشد): "يزيد بن زياد مولى بني هاشم، عن محمد بن كعب، عن معاوية، عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتابع عليه.
سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري، وهذا الحديث الذي ذكره البخاري لم أخرجه هاهنا، ويزيد بن زياد يعرف بالحديث الذي ذكره، إنما هو:"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين".
قلت: فلم يذكر ابن عدي السماع بين محمد بن كعب ومعاوية، ولم يفسر قول البخاري بما فسره به العقيلي، ثم إني لم أعثر على هذه الترجمة في تواريخ البخاري الثلاثة، ولا عند ابن أبي حاتم، ولا عند ابن حبان.
وإنما وجدت في التاريخ الكبير (8/ 333): "يزيد بن زياد القرظي: روى عنه عمرو بن الحارث".
ثم أتبعه بترجمة أخرى: "يزيد بن أبي زياد، واسم أبي زياد: ميسرة، مولى ابن عياش المخزومي: مدني، روى عنه محمد بن إسحاق".
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 263): "يزيد بن زياد القرظي: روى عن عبد الله بن رافع، ومحمد بن كعب، روى عنه: مالك بن أنس، وعمرو بن الحارث، ومحمد بن إسحاق. سمعت أبي يقول ذلك"، ثم قال:"سئل أبي عنه، فقال: ليس به بأس".
ثم أتبعه بترجمة أخرى: "يزيد بن زياد بن أبي زياد، واسم أبي زياد ميسرة مولى عبد الله بن عياش ابن أبي ربيعة المخزومي المديني، روى عن محمد بن كعب القرظي، روى عنه: محمد بن إسحاق. سمعت أبي يقول ذلك".
وترجم لهما ابن حبان في موضعين مفترقين، فقال في الأول:"يزيد بن زياد القرظي: يروي عن أبي ثعلبة بن أبي مالك، روى عنه عمرو بن الحارث"[الثقات (7/ 618)].
وقال في الثاني: "يزيد بن زياد بن أبي زياد، واسم أبي زياد ميسرة، مولى ابن عياش المخزومي، وقد قيل: مولى لبني هاشم، من أهل المدينة، يروي عن أبي حمزة محمد بن كعب والمدنيين، روى عنه: مالك وابن إسحاق وسليمان بن بلال"[الثقات (7/ 622)].
كذلك فإن الخطيب البغدادي لما ذكر ترجمة يزيد بن زياد في المتفق، قال بأنهم ثمانية، ثم ذكر منهم ممن يتعلق بترجمتنا اثنين فقط: الأول: "يزيد بن زياد، مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي المدني: حدث عن أبي رافع مولى رسول صلى الله عليه وسلم، روى عنه زيد بن أسلم"، والثاني:"يزيد بن زياد المدني القرظي، وقيل: مولى بني هاشم: حدث عن محمد بن كعب القرظي، روى عنه: محمد بن إسحاق بن يسار، ومالك بن أنس، وعمرو بن الحارث"، ثم أسند في ترجمته هذا الحديث من طريق مالك، ولم يذكر كلام البخاري الذي ساقه العقيلي وابن عدي.
والحاصل: فإذا كان أبو حاتم قال فيه: "ليس به بأس"، وقد ثبت عندنا أنه توبع على هذا الإسناد، ولم ينفرد به عن محمد بن كعب القرظي، تابعه: عثمان بن حكيم الأنصاري، ومحمد بن عجلان، وأسامة بن زيد الليثي، ثم إنه قد ثبت فيه سماع محمد بن كعب القرظي من معاوية من طريقين صحيحين، ثم إن مالكًا قد أدخله في موطئه واحتج به، وصححه الدارقطني وابن عبد البر؛ فهذه أدلة قوية تثبت صحة الحديث، واتصال إسناده، والله أعلم.
° وهذا الحديث قد سمعه ابن عجلان أولًا من يزيد بن زياد، ثم استثبته من محمد بن كعب، وسمعه منه، فصار يحدث به عنه، والله أعلم.
وانظر الاختلاف فيه على ابن عجلان: مسائل أبي داود لأحمد (2038)، والطحاوي في شرح المشكل (4/ 391/ 1690)، والدارقطني في العلل (7/ 60/ 1211)، ثم قال:"وكذلك رواه مالك عن يزيد بن زياد، وكذلك رواه عثمان بن حكيم، وأسامة بن زيد، عن محمد بن كعب، عن معاوية، وهو صحيح".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 78): "وهذا حديث مسند صحيح، وإن كان ظاهره في هذا الإسناد الانقطاع، وقد سمع ذلك محمد بن كعب من معاوية، ذكر ذلك بعض رواة مالك عن مالك، وهو محفوظ أيضًا من غير طريق مالك".
ثم قال: "لم تختلف الرواية - والله أعلم - في هذا الحديث عن محمد بن كعب عن معاوية أنه سمع هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي رواية أهل المدينة، وأما أهل العراق فيروون أن المغيرة بن شعبة كتب بهذا الحديث إلى معاوية، والله أعلم.
وقد يجوز أن يكون قوله: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" سمعه معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه؛ لأن ذلك ليس في حديث المغيرة، وسائره في حديث المغيرة، وعلى هذا التخريج تصح الأحاديث في ذلك؛ لأنها منقولة بأسانيد صحاح، والحمد لله".
وقال في الاستذكار (8/ 269): "هذا حديث صحيح، وإن كان ظاهره من رواية مالك في الموطأ الانقطاع، فقد روي عن مالك من سماع محمد بن كعب القرظي له من معاوية، وروي من غير طريق مالك أيضًا".
ثم قال: "وظاهر حديث مالك هذا أن معاوية سمع الحديث كله من النبي صلى الله عليه وسلم، وروى أهل العراق من الطرق الصحاح أن معاوية كتب إلى المغيرة بن شعبة
…
"، فذكر الحديث ثم قال: "وقد ذكرنا كثيرًا من طرقه في التمهيد، وليس في شيء منها:"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"، فدل ذلك أن معاوية لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوله:"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"، فهذه الكلمات هي التي سمعها معاوية من النبي صلى الله عليه وسلم على أعواد منبره، لا ما قبل هذه الكلمات من حديثه في هذا الباب، والله أعلم "أوانظر أيضًا: المسالك لابن العربي (7/ 236)].
قلت: وقد يجوز أيضًا: أن معاوية سمع هذا القدر المذكور في حديثه، وهو الشطر
الثاني من الذكر، مع الفقه في الدين، من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، بينما أخبره المغيرة بما كان يقوله صلى الله عليه وسلم دبر الصلاة، من هذا الذكر بتمامه، فتبين بذلك أن بينهما فرقًا، والله أعلم.
2 -
وروى مسلم بن إبراهيم الفراهيدي [ثقة ثبت]، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي [ثقة]، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب [ثقة]:
حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك: حدثني أبي، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته، قال:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد [زاد الحجبي: يحيي ويميت] [وزاد ابن أبي الشوارب: بيده الخير]، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
قال يحيى: فسمعت رجلًا قال لأبي: ما الجد؟، قال: قول الرجل للرجل: ما أعظم جدك، ما أعظم بختك.
أخرجه البزار (11/ 66/ 4765) و (11/ 440/ 5301)، وجعفر الفريابي في القدر (189)، والطبراني في الكبير (12/ 173/ 12796)، وفي الدعاء (679) وابن عدي في الكامل (9/ 38 - ط العلمية)(10/ 543/ 18326 - ط الرشد)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 261).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
وقال ابن عدي بعد أن عدَّ الحديث في مناكير يحيى بن عمرو: "وهذه الأحاديث التي ذكرتها، عن يحيى بن عمرو بن مالك، عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس: كلها غير محفوظة، يتفرد بها يحيى بن عمرو بن مالك بهذا الإسناد، وأحاديث أخر بهذا الإسناد عند يحيى بن عمرو بن مالك مما لم أذكرها، وليس ذلك بمحفوظ أيضًا".
وقال ابن حجر: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، أخرجه البزار، وقال: تفرد به يحيى بن عمرو، وهو ضعيف، وخالفه: أبان بن أبي عياش، وهو أضعف منه، فقال: عن أبي الجوزاء عن عائشة، وقال في المتن: بيده الخير، بدل قوله: يحيي ويميت، وكذا وقع في رواية البزار المذكورة، وكذا أخرجه جعفر الفريابي في كتاب الذكر"[نتائج الأفكار (2/ 261)، الفتوحات الربانية (3/ 34)].
قلت: هو حديث منكر؛ عمرو بن مالك النُّكري: قال عنه ابن عدي في الكامل (1/ 411)(2/ 331 - ط الرشد): "يحدث عن أبي الجوزاء عن ابن عباس: قدر عشرة أحاديث غير محفوظة"، وقد سبق أن فصلت القول فيه في موضعين سابقين [راجع ترجمته: فضل الرحيم الودود (8/ 342/ 757) و (14/ 456/ 1298)].
وحاصل ما قلت فيه: أنه صدوق، له أوهام وغرائب، لا يعتمد على حفظه، ولا يحتج بما ينفرد به من غرائب.
ويحيى بن عمرو بن مالك النكري البصري: ضعيف، رماه حماد بن زيد بالكذب، وروى له ابن عدي أحاديث، وقال:"كلها غير محفوظة"، وعدَّ هذا منها، وقال العقيلي:
"لا يتابع على حديثه"، ولا يصلح مثله في المتابعات [التهذيب (4/ 379)].
3 -
ورواه همام بن يحيى [ثقة]، عن أبان بن أبي عياش، عن أبي الجوزاء، عن عائشة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قال:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
أخرجه الطبراني في الدعاء (680).
وهذا حديث منكر؛ أبان بن أبي عياش: متروك، منكر الحديث، رماه شعبة بالكذب.
1506 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا ابن علية، عن الحجاج بن أبي عثمان، عن أبي الزبير، قال: سمعت عبد الله بن الزبير على المنبر يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة، يقول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله مخلصين له الدينَ، ولو كره الكافرون، أهلُ النعمةِ والفضلِ والثناءِ الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدينَ، ولو كره الكافرون".
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (594/ 140)، وقد سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 208/ 119)، مجملًا، وأفصل طرقه في الحديث الآتي.
* * *
1507 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: حدثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبي الزبير، قال: كان عبد الله بن الزبير يُهلِّل بهنَّ في دبر كل صلاة
…
، فذكر نحو هذا الدعاء، زاد فيه: "ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، له النعمة،
…
" وساق بقية الحديث.
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (594/ 140)، وقد سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 208/ 119)، مجملًا، وأفصل طرقه في هذا الموضع، فأقول، وبالله التوفيق:
* هذا الحديث مداره على أبي الزبير المكي، وقد رواه عنه جماعة:
1 -
رواه عبد الله بن نمير: حدثنا هشام، عن أبي الزبير، قال: كان ابن الزبير، يقول في دبر كل صلاةٍ حين يسلم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو
على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون". وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهنَّ دبر كل صلاة.
أخرجه مسلم (594/ 139)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 192/ 1317)، وأحمد (4/ 4)، والبزار (6/ 190/ 2230). [التحفة (4/ 218/ 5285)، الإتحاف (6/ 600/ 7040)، المسند المصنف (11/ 185/ 5282)].
قال أبو نعيم: "يهلل، أي: يصوِّت ويصيح".
رواه عن عبد الله بن نمير: ابنه محمد، وأحمد بن حنبل، وعلي بن شعيب بن عدي بن همام [وهم ثقات].
2 -
ورواه عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبي الزبير مولىً لهم؛ أن عبد الله بن الزبير كان يهلل دبر كل صلاة، يقول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون". ثم يقول ابن الزبير: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهنَّ دبر كل صلاة.
أخرجه مسلم (594/ 140)، وأبو عوانة (1/ 555/ 2075)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 192/ 1317)، وأبو داود (1507)، والنسائي في المجتبى (3/ 70/ 1340)، وفي الكبرى (2/ 96/ 1264) و (9/ 56/ 9879)، وابن حبان (5/ 350/ 2008)، وابن أبي شيبة (6/ 33/ 29262)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 236/ 761 - السفر الثالث)، والبزار (6/ 190/ 2231)، وأبو يعلى (12/ 184/ 6811)، وأبو الشيخ فيما رواه أبو الزبير عن غير جابر (28 و 29)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (339)، والبيهقي في السنن (2/ 185). [التحفة (4/ 218/ 5285)، الإتحاف (6/ 600/ 7040)، المسند المصنف (11/ 185/ 5282)].
رواه عن عبدة بن سليمان الكلابي: أبو بكر ابن أبي شيبة، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن سليمان الأنباري، وإسماعيل بن حفص الأبلي، وهارون بن سليمان، وهارون بن إسحاق الهمداني [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ]، وعثمان بن أبي شيبة [ثقة حافظ] [وعنه: عمران بن موسى بن مجاشع، وهو ثقة، وقد تفرد بزيادة:"له المن"، عند ابن حبان، وهي زيادة شاذة].
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى إلا عن ابن الزبير، بهذا اللفظ".
* هكذا رواه عن هشام بن عروة، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن الزبير: عبدة بن سليمان [ثقة ثبت]، وعبد الله بن نمير [ثقة ثبت].
• قصر به يحيى بن سعيد القطان، فأبهم أبا الزبير المكي:
رواه محمد بن أبي بكر المقدمي [ثقة]، ومسدد بن مسرهد [ثقة ثبت]:
حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة: حدثني رجل من أصحاب ابن الزبير - ولم يسمه، مولىً لهم -؛ أن عبد الله بن الزبير كان يهلل دبر كل صلاة
…
، فذكر الحديث.
وفي رواية: أن ابن الزبير كان إذا سلم من الصلاة، أو في الصلاة، قال:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له الفضل والنعماء، والثناء الحسن الجميل، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون". وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول ذلك في دبر الصلاة.
أخرجه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 192/ 1317)، والشجري في الأمالي الخميسية (1168 - ترتيبه).
• وخالفهم فوهم في إسناده: أبو معاوية، قال: نا هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن ابن الزبير، أنه كان يقول في دبر صلاته حين يسلم:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا هو مخلصين له الدين، ولو كره المشركون". قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يهلل بهنَّ في دبر كل صلاة.
أخرجه البزار (6/ 162/ 2201).
قال البزار: "وهذا الحديث إنما يروى عن هشام، عن أبي الزبير مولى لابن الزبير، عن ابن الزبير. ولا نعلم أحدًا رواه عن هشام، عن وهب، عن ابن الزبير، إلا أبو معاوية".
قلت: وهم في إسناده أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، صاحب الأعمش، وكان ثبتًا فيه؛ إلا أنه كان يهم في حديث غيره، وقد سأل الأثرمُ الإمامَ أحمد، فقال له: أبو معاوية صحيح الحديث عن هشام؟ فقال الإمام: "لا، ما هو بصحيح الحديث عنه"، وقال أبو داود: قلت لأحمد: كيف حديث أبي معاوية عن هشام بن عروة؟ قال: "فيها أحاديث مضطربة، يرفع منها أحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم"[شرح علل الترمذي (2/ 680)، التعديل والتجريح (2/ 631)، التهذيب (3/ 552)].
• وخالفهم أيضًا فأرسله: فيما رواه عبد الله بن شبيب [واهٍ، ذاهب الحديث، كان يسرق الحديث. الميزان (2/ 438)، اللسان (4/ 499)]: حدثني ابن أبي أويس [إسماعيل بن أبي أويس: ليس به بأس، له غرائب لا يتابع عليها]: حدثني محمد بن إسماعيل [محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك المدني: صدوق]: حدثني ابن أبي الزناد [عبد الرحمن بن أبي الزناد: كان صدوقًا ثبتًا في هشام بن عروة؛ إلا أن له أوهامًا كثيرة، وحديثه بالمدينة: صحيح]، عن هشام بن عروة؛ أن عبد الله بن الزبير كان يقول بمكة في إثر كل صلاة بعد أن يسلم وقبل أن يقوم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له
الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون". يصيح بذلك صياحًا عاليًا.
قال هشام بن عروة: وكان عبد الله بن الزبير يأثر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال هشام: وكان أبي إذا صلى المكتوبة تنحى عن مصلاه، فسبح.
أخرجه المحاملي في الأمالي (197).
قلت: إسناده ليس بشيء، ولا يُعرف هذا من حديث ابن أبي الزناد، ولا من حديث ابن أبي فديك.
• وخالفهم فزاد في متنه لفظة منكرة: فيما رواه أحمد بن الحسن المدائني بمصر، قال: حدثنا محمد بن أصبغ بن الفرج [قال القاضي عياض: "كان بمصر فقيهًا مفتيًا"، وقال الذهبي: "أحد الأئمة، تفقه على والده". ترتيب المدارك (4/ 303)، تاريخ الإسلام (6/ 604 - ط الغرب)]، قال: حدثنا أبي [مصري، ثقة فقيه]، قال: حدثنا المنذر بن عبد الله، عن هشام بن عروة، عن أبي الزبير المكي أنه حدثه، أن عبد الله بن الزبير كان يقول في دبر كل صلاة:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا نعبد إلا إياه، له المن، وله النعمة، وله الفضل، والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون". ويقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هؤلاء الكلمات دبر كل صلاة.
أخرجه ابن حبان (5/ 351/ 2009)[الإتحاف (6/ 600/ 7040)، المسند المصنف (11/ 185/ 5282)].
قلت: زيادة المن في هذا الحديث زيادة منكرة، لم يأت بها ثقات أصحاب هشام، والمنذر بن عبد الله الحزامي: روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في الثقاث، وأثنى عليه آخرون، وشيخ ابن حبان هو: أحمد بن علي بن الحسين بن شعيب المدائني المصري، ويعرف بابن أبي الحسن الصغير: قال الدارقطني: "لا بأس به"، وقال ابن يونس:"لم يكن بذاك"، وقال أيضًا:"وكان ذا دعابة، وكان جوادًا كريمًا، حسن الحفظ"، وقال مسلمة بن قاسم:"كان عيارًا، من الشطار، كثير المجون، ولا يجب أن يكتب عن مثله شيء"[سؤالات حمزة السهمي (122)، اللسان (1/ 545)، الثقات لابن قطلوبغا (1/ 423)].
3 -
ورواه ابن علية [ثقة ثبت، إليه المنتهى في التثبت بالبصرة]: حدثنا الحجاج بن أبي عثمان [الصواف: بصري، ثقة حافظ]: حدثني أبو الزبير، قال: سمعت عبد الله بن الزبير، يخطب على هذا المنبر وهو يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلم في دبر الصلاة أو الصلوات: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه، أهلُ النعمةِ والفضلِ، والثناءِ الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون".
أخرجه مسلم (594/ 140)، وأبو عوانة (1/ 555/ 2076)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 192/ 1318)، وأبو داود (1506)، والنسائي في المجتبى (3/ 69/ 1339)، وفي الكبرى (2/ 95/ 1263) و (10/ 243/ 11397)، وابن خزيمة (1/ 364/ 740)، وابن حبان (5/ 352/ 2010)، وأحمد (4/ 5)، وأبو يعلى (12/ 183/ 6810)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 224/ 1553)، والطبراني في الكبير (14/ 256/ 14891)، وأبو الشيخ فيما رواه أبو الزبير عن غير جابر (27)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1034)، وفي الدعوات الكبير (116). [التحفة (4/ 218/ 5285)، الإتحاف (6/ 600/ 7040)، المسند المصنف (11/ 185/ 5282)].
رواه عن إسماعيل ابن علية: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأحمد بن حنبل، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ومحمد بن عيسى بن نجيح [وهم ثقات حفاظ]، ومحمد بن شجاع المروذي، وسريج بن يونس، وإسماعيل بن سالم الصائغ [وهم ثقات].
4 -
ورواه يحيى بن عبد الله بن سالم [مدني، صدوق، وعنه: عبد الله بن وهب، وهو: ثقة حافظ]، وأبو عمر الصنعاني حفص بن ميسرة [عسقلاني، ثقة، وعنه: آدم بن أبي إياس، وهو: عسقلاني، ثقة]:
عن موسى بن عقبة؛ أن أبا الزبير المكي حدثه؛ أنه سمع عبد الله بن الزبير، وهو يقول في إثر الصلاة إذا سلم،
…
فذكر الحديث، وقال في آخره: وكان يذكر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. لفظ ابن سالم [عند مسلم].
ولفظ حفص بن ميسرة [عند ابن خزيمة والطبراني]، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير المكي، عن عبد الله بن الزبير، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند انقضاء صلاته قبل أن يقوم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين [ولو كره الكافرون] ".
أخرجه مسلم (594/ 140)، وأبو عوانة (1/ 555/ 2077)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 193/ 1319)، وابن خزيمة (1/ 364/ 741)، والطبراني في الكبير (14/ 257/ 14892) و (14/ 258/ 14894)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 73)، والبيهقي في المعرفة (3/ 106/ 3894). [التحفة (4/ 218/ 5285)، [الإتحاف (6/ 600/ 7040)، المسند المصنف (11/ 185/ 5282)].
• وقد روي من وجه آخر عن موسى بن عقبة: أخرجه الشافعي في الأم (1/ 150)، وفي المسند (44 - 45)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (3/ 105 - 106/ 3893)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 226/ 716)، وفي الشمائل (558)، [وفي سنده: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة].
• وهم فيه: جنادة بن سلم، فرواه عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن محمد بن
مسلم أبي الزبير، قال: سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة إذا سلم قبل أن يقوم يرفع بذلك صوته:
…
فذكره.
أخرجه الطبراني في الكبير (14/ 258/ 14893 و 14895)[وأسقط نافعًا، في الموضع الثاني، وهو اضطراب من جنادة]. وفي الدعاء (681).
وهذا باطل من حديث عبيد الله بن عمر العمري، إنما هو حديث موسى بن عقبة، فإن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة العامري السُّوائي، أبا الحكم الكوفي: ضعيف؛ قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، ما أقربه من أن يترك حديثه، عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة فحدث بها عن عبيد الله بن عمر"، وله عجائب [انظر: جامع الترمذي (3919)، علل الترمذي الكبير (703)، الجرح والتعديل (2/ 515)، الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (4/ 29)، تاريخ الإسلام (12/ 106)، الميزان (1/ 424)، التهذيب (1/ 317)].
والراوي عن جنادة: سهل بن عثمان العسكري، وهو: حافظ، له غرائب.
* * *
1508 -
قال أبو داود: حدثنا مسدد، وسليمان بن داود العتكي - وهذا حديث مسدد - قالا: حدثنا المعتمر: سمعت داود الطفاوي: حدثني أبو مسلم البجلي، عن زيد بن أرقم: سمعت نبى الله صلى الله عليه وسلم يقول:- وقال سليمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دبر صلاته:- "اللَّهُمَّ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ، أنا شهيدٌ أنَّك أنتَ الربُّ وحدَك لا شريك لك، اللَّهُمَّ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ، أنا شهيدٌ أنَّ محمدًا عبدُك ورسولُك، اللَّهُمَّ ربَّنا وربَّ كل شيءٍ، أنا شهيدٌّ أنَّ العبادَ كلَّهم إخوةٌ، اللَّهُمَّ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ، اجعلني مخلصًا لك وأهلي في كلِّ ساعةٍ في الدنيا والآخرة، يا ذا الجلال والإكرام اسمعْ واستجبْ، الله أكبرُ الأكبرُ، اللَّهُمَّ نورَ السماوات والأرض" - قال سليمان بن داود: "ربَّ السماوات والأرض" -، "الله أكبرُ الأكبرُ، حسبيَ الله ونعمَ الوكيل، الله أكبرُ الأكبرُ".
* حديث باطل
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في الدعوات الكبير (114). [التحفة (3/ 153/ 3692)، المسند المصنف (8/ 201/ 4055)].
• وأخرجه من طريق معتمر بن سليمان: النسائي في الكبرى (9/ 9849/44)، وأحمد (4/ 369)، وأبو يعلى (13/ 178/ 7216)، والطبراني في الكبير (5/ 210/ 5122)، وفي الدعاء (668)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (114)، والدارقطني في
الأفراد (1/ 394/ 2132 - أطرافه)، والبيهقي في الأسماء والصفات (272)، وفي الشعب (2/ 342/ 613)، والشجري في الأمالي (1163 - ترتيبه). [التحفة (3/ 153/ 3692)، الإتحاف (4/ 600/ 4719)، المسند المصنف (8/ 201/ 4055)].
رواه عن المعتمر: مسدد بن مسرهد، وسليمان بن داود العتكي، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عبد الأعلى، ونصر بن علي الجهضمي، وإبراهيم بن مهدي، وإسحاق بن أبي إسرائيل [وهم ثقات في الجملة].
قال الدارقطني: "تفرد به: معتمر بن سليمان، عن داود الطفاوي، عن أبي مسلم البجلي، عن زبد بن أرقم".
• ورواه جرير بن عبد الحميد، عن داود البصري، عن أبي مسلم البجلي، قال: سمعت زيد بن أرقم، يقول: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو في دبر الصلاة، وهو يقول:
…
فذكر مثله، أو نحوه.
أخرجه أبو يعلى (13/ 179/ 7217).
قلت: أبو مسلم البجلي: مجهول، لم يرو عنه سوى داود الطفاوي، وذكر ابن حبان له في الثقات لا يغني عنه شيئًا، وقال الذهبي:"لا يُعرف"[الكنى من التاريخ الكبير (68)، الجرح والتعديل (9/ 436)، الثقات (5/ 584)، الميزان (4/ 573)، المغني (7731)، التهذيب (4/ 588)].
وداود الطفاوي البصري: يترك، ليس له حديث قائم، قال الدارقطني:"وداود الطفاوي: بصري يترك"[سؤالات البرقاني (139)].
وفرق أبو حاتم بين داود الطفاوي؛ الذي روى عن أبي مسلم البجلي، وروى عنه: جرير ومعتمر، وهو صاحب حديثنا هذا، وبين: داود أبي بحر الكرماني؛ الذي روى عن مسلم بن مسلم، وروى عنه: أبو عبد الرحمن المقرئ وعمرو بن مرزوق.
لكن قال العقيلي في الضعفاء (2/ 38): "داود الطفاوي: بصري، حديثه باطل، لا أصل له، حدثنا محمد بن أحمد بن حماد، قال: حدثنا معاوية بن صالح، قال: سمعت يحيى بن معين، يقول: داود الطفاوي؛ الذي روى عنه المقرئ حديث القرآن، ليس بشيء"، فدل على أنهما واحد، والله أعلم [التاريخ الكبير (3/ 235)، كنى مسلم (422)، الجرح والتعديل (3/ 429)، الثقات (6/ 281)، فتح الباب (1286)، الميزان (2/ 7 و 22)، التهذيب (1/ 562)]، وعليه: فهو: متروك، ليس بشيء، حدث بحديث باطل، وكذلك حديثه هذا؛ حديث باطل؛ فإنه لم يتابع عليه، وفي بعض ألفاظه ما يستنكر؛ وفي بعضها ما يتعارض مع أصول الشريعة، كما أن سياقه لا يشبه عبارة النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه وثنائه على ربه سبحانه وتعالى بما هو له أهل، والله أعلم.
* * *
1509 -
قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ، قال: حدثنا أبي: حدثنا
عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عمه الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة، قال:"اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنتَ أعلم به مني، أنت المقدِّمُ والمؤخِّرُ، لا إله إلا أنت".
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (771)، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء برقم (79 و 86 و 94 و 109) وتحت الحديث رقم (90)، فانظره، وتقدم تخريج بعض طرقه في فضل الرحيم الودود (8/ 259/ 744)، وأما هذا الطريق بهذا اللفظ وبهذا الإسناد فقد تقدم تخريجه أيضًا في فضل الرحيم الودود (8/ 371/ 760).
* وقلت هناك في موضع الذكر:
وهذا لفظ عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن عمه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون.
وجاء في رواية يوسف بن يعقوب الماجشون عن أبيه زيادة في آخره، في بيان موضع الذكر الأخير، قال: ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: "اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنت، وما أسرفتُ، وما أنتَ أعلم به مني، أنتَ المقدمُ، وأنتَ المؤخِّرُ، لا إله إلا أنت".
أخرجه مسلم (771) ....
ثم قلت: ويوسف وعبد العزيز: ثقتان، ورواية يوسف مفسِّرة لرواية عبد العزيز المجملة، فإن قوله:"إذا سلَّم" لا يلزم منه الخروج من الصلاة، بدلالة الرواية الأخرى، وإنما أراد قربه من التسليم، وأنه إذا أراد أن يسلِّم قال هذا الذكر، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيتَ مضجعَك؛ فتوضأ
…
"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدُكم الخلاءَ؛ فليقل:
…
"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدَكم إذا أتى أهلَه قال:
…
"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدُكم الجمعة فليغتسل"، ونحو ذلك؛ يعني: إذا أراد الإتيان؛ يعني: قبل الشروع في الفعل، لا بعد الشروع فيه، وهو هنا كذلك، إذا أراد أن يسلم، لا بعد السلام، والله أعلم.
* وما وقع عند ابن خزيمة (743)، وابن الجارود (179)، والبيهقي (2/ 185)، من طريق عبد العزيز، بلفظ:"إذا فرغ من صلاته فسلَّم"، فهي رواية شاذة، حيث رواه عن عبد العزيز جماعة من الثقات الحفاظ باللفظ السابق، والله أعلم.
* * *
1510 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن طُلَيق بن قيس، عن ابن عباس، قال: كان
النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: "ربِّ أعني ولا تُعِنْ علي، وانصُرني ولا تنصُرْ علىَّ، وامكُر لي ولا تمكُر عليَّ، واهدِني ويسّر هُدايَ إلىَّ، وانصُرني على من بغى علىَّ، اللَّهُمَّ اجعلني لك شاكرًا، لك ذاكرًا، لك راهبًا، لك مِطواعًا، إليك مخبتًا،- أو: منيبًا -، ربِّ تقبَّلْ توبتي، واغسلْ حوبتي، وأَجِبْ دعوتي، وثبِّتْ حُجتي، واهدِ قلبي، وسدِّدْ لساني، واسلُلْ سخيمةَ قلبي".
* حديث صحيح
سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1132/ 580).
* * *
1511 -
قال أبو داود: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: سمعت عمرو بن مرة، بإسناده ومعناه، قال:"ويسِّر الهدى إلىَّ"، ولم يقل:"هداي".
* حديت صحيح
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (664 و 665) والترمذي (3551)، والنسائي في الكبرى (9/ 224/ 10368)، وابن ماجه (3830)، وابن حبان (3/ 227/ 947) و (3/ 229/ 948)، والحاكم (1/ 519 - 520)(3/ 68/ 1927 - ط المنهاج القويم)، وأحمد في المسند (1/ 227)، وفي العلل (3/ 155/ 4687)، وابن المديني في الخامس من الأحاديث المعللة (92)، ووكيع بن الجراح في الزهد (423)، وابن أبي شيبة (6/ 50/ 29390)، وهناد بن السري في الزهد (1394)، وعبد بن حميد (717)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 242)، وأبو زرعة الدمشقي في التاريخ (1/ 466/ 1199)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (39)، وابن أبي عاصم في السُّنَّة (384)، وابن نصر المروزي في الوتر (340 - مختصره)، والطبراني في الدعاء (1411)، وابن بطة في الإبانة (4/ 89/ 1501)، وابن المقرئ في المعجم (760)، وابن منده في التوحيد (2/ 185/ 329)، والقضاعي في مسند الشهاب (1496)، والبيهقي في الدعوات الكبير (195)، وفي القضاء والقدر (371)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1470/ 874)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 175/ 1375)، وفي الشمائل (1180)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (1266)، والضياء المقدسي في المختارة (11/ 72 - 75/ 65 - 69)، وغيرهم. [التحفة (4/ 440/ 5765)، الإتحاف (7/ 309/ 7884)، المسند المصنف (13/ 203/ 6340)][سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1132/ 580)].
هذا الحديث رواه عن سفيان الثوري: يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن كثير
العبدي، ووكيع بن الجراح، وأبو داود عمر بن سعد الحفري، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومحمد بن بشر العبدي، وقبيصة بن عقبة.
ولفظ أبي داود الحفري [عند الترمذي (3551)، وعبد بن حميد (717)]: "ربِّ أعني ولا تُعِنْ عليَّ، وانصرني ولا تنصر عليَّ، وامكر لي ولا تمكر عليَّ، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى علىَّ، ربِّ اجعلني لك شكَّارًا، لك ذكَارًا، لك رهَّابًا، لك مِطواعًا، لك مخبتًا، إليك أوَّاهًا منيبًا، ربِّ تقبَّل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبِّت حجتي، وسدِّد لساني، واهدِ قلبي، واسلل سخيمة صدري".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
وقال البغوي: "هذا حديث صحيح".
وانظر: السنن الكبرى للنسائي (9/ 224/ 10368) و (9/ 225/ 10369)[وقال: "حديث سفيان محفوظ"][الخامس من الأحاديث المعللة لابن المديني (92)][وقد صححه الترمذي وابن حبان والحاكم وغيرهم][وتصرفات الأئمة في هذا الحديث، وتصحيح من صححه، واحتجاج من احتج به، وتوثيقهم لطليق بن قيس، وعدم الحكم على روايته عن ابن عباس ولا عن غيره بالأرسال، كل ذلك يدل على اتصاله عندهم بين طليق بن قيس وابن عباس، والله أعلم].
* * *
1512 -
. . . شعبة، عن عاصم الأحول وخالد الحذاء، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم، قال:"اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
قال أبو داود: سمع سفيان من عمرو بن مرة، قالوا: ثمانيةَ عشرَ حديثًا.
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (592)، وأبو عوانة (1/ 552/ 2062)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 189/ 1311)، والنسائي في المجتبى (3/ 1338/69)، وفي الكبرى (2/ 95/ 1262) و (7/ 148/ 7670) و (9/ 42/ 9844 و 9845)، وأبو العباس السراج في مسنده (858)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1310)، والطبراني في الدعاء (644)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (72)، وابن منده في التوحيد (2/ 120/ 261) و (2/ 202/ 353). [التحفة (11/ 243/ 16187)، الإتحاف (17/ 7/ 21781)، المسند المصنف (37/ 121/ 17789)، [سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 206/ 117)].
رواه عن شعبة: مسلم بن إبراهيم، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وخالد بن
الحارث، وروح بن عبادة، ووهب بن جرير [وهم ثقات][ولم يذكر الثلاثة الآخرون خالدًا الحذاء].
• تابع شعبة عليه عن عاصم بن سليمان الأحول:
سفيان الثوري [وعنه: وكيع بن الجراح، ومحمد بن يوسف الفريابي]، ويزيد بن هارون، ومروان بن معاوية، وثابت بن يزيد الأحول أبو زيد البصري [وهم ثقات أثبات]، وجرير بن عبد الحميد، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وعبد الواحد بن زياد، وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر [وهم ثقات]:
عن عاصم الأحول، عن [أبي الوليد] عبد الله بن الحارث، عن عائشة، قالت: ما كان رسول ال صلى الله عليه وسلم ينتظر إذا سلم من الصلاة إلا أن يقول: "اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام". لفظ ثابت [عند الطيالسي].
ولفظ أبي معاوية [عند مسلم]: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: "اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام". وفي رواية: "يا ذا الجلال والإكرام". وبنحوه لفظ مروان بن معاوية.
وفي رواية يزيد بن هارون [عند النسائي]: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بعد الصلاة إلا قدر ما يقول: "اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
وفي رواية الثوري [عند أبي عوانة]: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد ما يسلم: اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
وفي رواية جرير [عند السراج]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من صلاته قال: "اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
أخرجه مسلم (592)، وأبو عوانة (1/ 552/ 2061 و 2063)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 189/ 1310)، والترمذي (298 و 299)، والنسائي في الكبرى (9/ 42/ 9843) و (9/ 143/ 10127)، وابن ماجه (924)، والدارمي (1486 - ط البشائر)، وابن حبان (5/ 340/ 2000)، وأحمد (6/ 62 و 235)، والطيالسي (3/ 139/ 1662)، وابن أبي شيبة (1/ 268/ 3085) و (1/ 270/ 3100)، وإسحاق بن راهويه (2/ 112/ 1362)، والدولابي في الكنى (3/ 1114/ 1942)، وأبو العباس السراج في مسنده (837 و 857)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (650 و 1308 و 1309 و 1911)، وابن المقرئ في الأربعين (46)، والبيهقي في السنن (2/ 183)، وفي الأسماء والصفات (269)، وفي الاعتقاد (78)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 224/ 713)، وفي الشمائل (554)، وابن عساكر في المعجم (1557)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 253 - 254). [التحفة (11/ 243/ 16187)، الإتحاف (17/ 7/ 21781)، المسند المصنف (37/ 121/ 17789)][سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 206/ 117)].
قال الترمذي: "حديث عائشة: حديث حسن صحيح".
وقال ابن حجر: "هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم".
• وانظر فيمن وهم فيه على أبي معاوية، فسلك في إسناده الجادة، فجعله عن الأعمش عن عمرو بن مرة: ما أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (11/ 55 - ط الغرب).
* واختلف فيه على عاصم الأحول:
أ - فرواه شعبة، وسفيان الثوري، ويزيد بن هارون، ومروان بن معاوية، وثابت بن يزيد الأحول، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الواحد بن زياد، وأبو معاوية الضرير، وأبو خالد الأحمر: عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة.
ب - وخالفهم سفيان بن عيينة [ثقة حافظ][وعنه: عبد الرزاق بن همام، وأحمد بن حرب، وهما ثقتان]، عن عاصم الأحول، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن عبد الرحمن بن الرماح، عن عائشة، قالت: كان رسول ال صلى الله عليه وسلم إذا قضى صلاته، قال:"اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام". كذا في رواية عبد الرزاق، وفي رواية أحمد بن حرب: عن رجل يقال له: عبد الرحمن بن الرماح، عن عبد الرحمن بن عوسجة؛ أحدهما عن الآخر.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 237/ 3197)، والنسائي في الكبرى (9/ 42/ 9842)، والطبراني في الدعاء (646). [التحفة (11/ 291/ 16300)، المسند المصنف (37/ 123/ 17790)].
قال النسائي بعد حديث ابن عيينة: "خالفه يزيد بن هارون، رواه عن عاصم عن أبي الوليد عن عائشة"، ثم قال بعد أخرجه من طريق شعبة أيضًا:"حديث شعبة ويزيد بن هارون: أولى عندنا بالصواب من الحديث الأول، والحديث الأول خطأ، والله أعلم"؛ يعني: حديث ابن عيينة.
وقال المزي في التهذيب (22/ 431): "كلاهما غير محفوظ، والمحفوظ ما تقدم ذكره، والوهم في ذلك من ابن عيينة، ولعله مما رواه بعد الاختلاط، فإنه لم يتابعه عليه أحد، ولا يعرف في رواة الحديث من اسمه عبد الرحمن بن الرماح، لا في هذا الحديث، ولا في غيره، والله أعلم".
وقال في التحفة (16300): "المحفوظ في هذا: حديث عاصم، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة.
وحديث عاصم، عن عوسجة بن الرماح، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن مسعود".
قلت: المحفوظ حديث الجماعة عن عاصم الأحول، لا سيما وفيهم جماعة من الحفاظ المتقنين الأثبات، وعلى رأسهم سفيان الثوري وشعبة.
كذلك فإن عاصمًا قد ثبت عنه أنه روى هذا الحديث بإسناد آخر؛ عن عوسجة بن الرماح، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن عبد الله بن مسعود، وهو حديث معلول، ويأتي ذكره وبيان علته في الشواهد.
قال ابن حبان بعد حديث عاصم عن عبد الله بن الحارث: "سمع هذا الخبر عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن عائشة، وسمعه عن عوسجة بن الرماح عن ابن أبي الهذيل عن ابن مسعود، الطريقان جميعًا محفوظان".
قلت: نعم؛ هما محفوظان عن عاصم بالوجهين، لكنه ليس محفوظًا من حديث ابن مسعود، وهم فيه عوسجة بن الرماح، وهو: مجهول، ويأتي بيان علته في الشواهد.
° والحاصل: فإن حديث ابن عيينة: حديث خطأ، وهم فيه ابن عيينة، ولم يكن يضبطه، فرواه عنه عبد الرزاق بوجه، ورواه عنه أحمد بن حرب الموصلي بوجه آخر، وعبارته تدل على عدم ضبط إسناده، حيث قال ابن عيينة: عن رجل يقال له: عبد الرحمن بن الرماح، عن عبد الرحمن بن عوسجة؛ أحدهما عن الآخر؛ فلم يكن يدري من الشيخ ومن الراوي عنه، ثم إن عبد الرحمن بن الرماح شخص لا وجود له، وإنما تركب لابن عيينة من شخص عوسجة بن الرماح شخصين متباينين، جعل أحدهما شيخًا للآخر، عبد الرحمن بن عوسجة، وهو: تابعي ثقة مشهور، وعبد الرحمن بن الرماح، ولا وجود له، أضف إلى ذلك أن الحديث لم يشتهر عن ابن عيينة، فلعله أمسك عن التحديث به، والله أعلم.
* تابع شعبة عليه عن خالد بن مهران الحذاء:
عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وخالد بن عبد الله الواسطي، وإسماعيل بن عليه [وهم ثقات أثبات]، وعبد الواحد بن زياد [ثقة]، وعلي بن عاصم [الواسطي: صدوق، كثير الغلط]:
نا خالد الحذاء، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال: "اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام".
أخرجه ابن حبان (5/ 341/ 2001)، وأحمد (6/ 184)، وإسحاق بن راهويه (2/ 111/ 1361)، وأبو يعلى (8/ 168/ 4721)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(2/ 174/ 282)، وأبو العباس السراج في مسنده (838)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (651 و 1306)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (109)، وابن المقرئ في الأربعين (47)، وابن منده في التوحيد (2/ 69/ 205)، وأبو العباس العصمي في جزئه (14)، والبيهقي في المعرفة (3/ 106/ 3895). [الإتحاف (17/ 7/ 21781)، المسند المصنف (37/ 121/ 17789)].
قال الطوسي: "وحديث عائشة: حديث حسن".
قلت: هو حديث صحيح، صححه مسلم والترمذي وابن حبان وغيرهم.
وعبد الله بن الحارث الأنصاري أبو الوليد البصري، نسيب ابن سيرين، وزوج أخته: ثقة، وكان قليل الحديث، وقد روى البخاري في التاريخ الكبير (5/ 65) بإسناد صحيح إلى ابن سيرين، قال: "حج بنا أبو الوليد عبد الله بن الحارث، ونحن ولد سيرين سبعة، فمر بنا على المدينة، فأدخلنا على زيد بن ثابت، فقال: هؤلاء ولد سيرين، فقال زيد: هذان
لأم، وهذان لأم، وهذان لأم، وهذا لأم، فما أخطأ، وكان يحيى أخو محمد لأمه"، وفي هذا النقل ما يدل على أن عبد الله بن الحارث الأنصاري كان كبيرًا معروفًا بالطلب، حيث إنه هو الذي أدخل ولد سيرين على زيد بن ثابت، فإن كان عبد الله بن الحارث أدرك زيد بن ثابت كبيرًا ودخل عليه، وزيد توفي بعد الخمسين وقيل: قبلها؛ يعني: أنه توفي قبل عائشة بما يقرب من سبع سنين أو أكثر، وعليه: فإن إدراك عبد الله بن الحارث لعائشة وسماعه منها غير مستبعد، حيث أدرك من هو أكبر من عائشة، كما أنه كان يدخل على الصحابة، ويدل الناس عليهم، حتى ينهلوا من علمهم، ولم يعرف عبد الله بتدليس ولم يشتهر بإرسال [الجرح والتعديل (5/ 31)، التهذيب (2/ 318)]، مع ثبوت حديثه هذا من حديث ثوبان، كما سيأتي، والله أعلم.
وقد ذهب ابن حبان إلى أن يحيى بن أبي كثير وهم في إسناد حديث رواه عن أبي قلابة، فقال: حدثني أبو قلابة؛ أن عبد الله بن نسيب أخبره؛ أن عائشة أخبرته؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وجع
…
، فذكر حديثًا في شدة البلاء على الصالحين [صحيح ابن حبان (7/ 182/ 2919)]، ثم قال ابن حبان:"يحيى بن أبي كثير واهم في قوله: عبد الله بن نسيب، إنما هو عبد الله بن الحارث، نسيب ابن سيرين، فسقط عليه الحارث، فقال: عبد الله بن نسيب"، فلو صح كلام ابن حبان، لكان دليلًا على ثبوت سماع عبد الله بن الحارث من عائشة في الأسانيد، والله أعلم [راجع: تخريج أحاديث الذكر والدعاء (4/ 1305/ 676)].
فإن قيل: ظاهر عبارة البخاري في التاريخ الكبير (5/ 64) تدل على عدم سماعه من عائشة، حيث قال:"عبد الله بن الحارث أبو الوليد البصري؛ هو الأنصاري، نسيب ابن سيرين: عن عائشة وابن عباس"، فيقال: وتدل أيضًا على عدم سماعه من ابن عباس، لكن البخاري قد احتج بحديثه عن ابن عباس في صحيحه، وفيه ما يدل على السماع، حيث أخرج من طريق: حماد، عن أيوب وعبد الحميد صاحب الزيادي وعاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم ردغ [صحيح البخاري (616)]، ثم أخرجه من طريق: حماد بن زيد، قال: حدثنا عبد الحميد صاحب الزيادي، قال: سمعت عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ [صحيح البخاري (668)]، ثم أخرجه من طريق: إسماعيل بن عليه، قال: أخبرني عبد الحميد صاحب الزيادي، قال: حدثنا عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين؛ قال ابن عباس لمؤذنه في يوم مطير صحيح البخاري (901)] [راجع تخريجه مفصلًا في فضل الرحيم الودود (11/ 332/ 1066)].
كذلك من الأدلة على أن عبد الله بن الحارث كان كبيرًا، يحتمل سماعه من عائشة: وفيات تلاميذه وطبقاتهم؛ فغالب من روى عنه إما تابعي من الطبقة الرابعة، أو من عاصروهم من الطبقة الخامسة، مثل: عاصم بن سليمان الأحول [ت (140)، من الرابعة]،
وخالد بن مهران الحذاء [ت (141)، من الخامسة]، وأيوب السختياني [ت (131)، من الخامسة]، وعبد الحميد بن دينار صاحب الزيادي [من الرابعة]، وغيرهم، والله أعلم.
وعلى هذا: فإن هذه القرائن تقوي سماع عبد الله بن الحارث من عائشة، وإن لم ينقل هذا السماع في الأسانيد الصحيحة، والله الموفق للصواب.
وقد سبق تقرير هذا المعنى مرارًا [انظر مثلًا: فضل الرحيم الودود (7/ 368/ 668) و (14/ 98/ 1273)، وحديث عثمان فيما تقدم برقم (1452)، وحديث النعمان بن بشير فيما تقدم برقم (1479)]، وهو أن عدم ذكر السماع في الأسانيد لا يعني حتمًا الانقطاع، فإذا دلت القرائن على الاتصال والسماع أعملناها وحكمنا بصحة الحديث، لا سيما مع تصحيح الأئمة له، وتلقيهم له بالقبول، والله أعلم.
• وانظر فيمن وهم في إسناده، فجعله عن خالد الحذاء عن عاصم الأحول، وإنما هما مقرونان في الإسناد: ما أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 35/ 4600)، وفي الدعاء (645)، وابن سمعون في الأمالي (22)، والآبنوسي في مشيخته (153)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (56/ 232)، [وفي إسناده: عتبة بن حميد البصري، وهو: صالح الحديث، لا بأس به، وإنما وقعت المناكير في حديثه من قبل الضعفاء الذين رووا عنه، انظر: فضل الرحيم الودود (12/ 263/ 1160)، والراوي عنه هنا: إسماعيل بن عياش، وروايته عن العراقيين غير مستقيمة، فلعل البلاء منه، وقد تفرد به؛ كما قال الطبراني، [تنبيه: زيد في متنه: وتعاليت، عند ابن سمعون، وابن عساكر، وهي زيادة منكرة].
• وقد سلك بعضهم في حديث عائشة هذا الجادة والطريق السهل:
أ - فقد رواه بكر بن محمد القزاز البصري: ثنا عبد الله بن معاوية الجمحي [ثقة]: ثنا وهيب بن خالد [ثقة ثبت]، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بعدما يسلم حتى يقول:
…
فذكره.
أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 327/ 3303)، وفي الصغير (306)، وفي الدعاء قال الطبراني في الأوسط:"لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا وهيب، ولا عن وهيب إلا عبد الله بن معاوية". وقال في الصغير: "لم يروه عن هشام إلا وهيب، تفرد به: عبد الله بن معاوية، وما كتبناه إلا عن أبي عمر القزاز من أصل كتابه".
قلت: لا يثبت هذا من حديث هشام بن عروة، ولا من حديث وهيب بن خالد، أظن التبعة فيه من شيخ الطبراني، وهو: أبو عمر بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز البصري، أحد شيوخ أبي بكر الإسماعيلي، وقد وثقه الدارقطني، كما في سؤالات السهمي (213)، لكنه عاد وبين أمره، وأنه ممن يهم في الحديث ويخطئ في الروايات، وهذا جرح مفسر، يقدم على التعديل المجمل، قال حمزة السهمي في سؤالاته للدارقطني (210): "سألت الدارقطني عن أبي محمد بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز البصري، فقال: صالح، ما
علمت منه إلا خيرًا إن شاء الله؛ ولكن ربما أخطأ في الحديث. سألت أبا محمد الحسن بن علي البصري عن بكر بن عبد الوهاب القزاز، فقال: ما سمعت فيه إلا خيرًا" [معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي (2/ 584)، سؤالات السهمي (210 و 213)].
ب - ورواه يحيى بن إسحاق السيلحيني [نزيل بغداد، ثقة]، قال: نا قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة قال:
…
فذكره.
أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 319/ 2094).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن المقدام بن شريح إلا قيس، تفرد به: يحيى بن إسحاق".
قلت: هو حديث منكر من حديث المقدام بن شريح، تفرد به: قيس بن الربيع، وهو: ليس بالقوي، ضعفه غير واحد، وابتلي بابنٍ له كان يُدخل عليه ما ليس من حديثه فيحدث به [التهذيب (3/ 447)، الميزان (3/ 393)].
* * *
1513 -
. . . الأوزاعي، عن أبي عمار، عن أبي أسماء، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر ثلاث مرات، ثم قال: "اللَّهُمَّ
…
" فذكر معنى حديث عائشة رضي الله عنها.
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (591)، وأبو عوانة (1/ 552/ 2064)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 189/ 1309)، والترمذي (300)، والنسائي في المجتبى (3/ 68/ 1337)، وفي الكبرى (2/ 94/ 1261) و (9/ 60/ 9891)، وابن ماجه (928)، والدارمي (1487 - ط البشائر)، وابن خزيمة (1/ 363/ 737)، وابن حبان (5/ 343/ 2003)، وأحمد (5/ 275 و 279)، وأبو مسهر في نسخته (43)[ووقع سقط أو تقصير في الرواية، حتى بدا موقوفًا، وهو مرفوع؛ كما عند ابن منده والبيهقي]، والبزار (15/ 114/ 4177)، والروياني (636)، وأبو العباس السراج في مسنده (863)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1316 و 1317 و 1912)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 224/ 1552)، وأبو علي محمد بن سعيد القشيري في تاريخ الرقة (315)، والطبراني في الدعاء (649)، وابن منده في التوحيد (2/ 68/ 204) و (2/ 120/ 260)، والبيهقي في السنن (2/ 183)، وفي الأسماء والصفات (55)، وفي الدعوات الكبير (112)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 224/ 714)، وفي الشمائل (555)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 252). [التحفة (2/ 162/ 2099)، الإتحاف (3/ 34/ 2487)، المسند المصنف (4/ 476/ 2247)، [سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 206/ 117)].
رواه عن الأوزاعي: الوليد بن مسلم [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، والوليد بن مزيد [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، وعبد الله بن المبارك [ثقة ثبت، إمام حجة، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، وإسماعيل بن عبد الله بن سماعة [ثقة فاضل، من أجل أصحاب الأوزاعي وأقدمهم وأثبتهم]، وعمر بن عبد الواحد [السلمي، أبو حفص الدمشقي: ثقة، من أثبت أصحاب الأوزاعي، قال مروان بن محمد الطاطري: "نظرنا في كتب أصحاب الأوزاعي فما رأينا أحدًا أصح حديثًا عن الأوزاعي من عمر بن عبد الواحد". التهذيب (3/ 242)]، وعيسى بن يونس [ثقة مأمون]، وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج [ثقة، من أصحاب الأوزاعي]، وبشر بن بكر التنيسي [ثقة، من أصحاب الأوزاعي]، وعبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين [كاتب الأوزاعي، صدوق، لينه جماعة، وكان يخالف في حديثه، ويخطئ في حديث الأوزاعي، لكن ذهب هشام بن عمار إلى القول بأنه أثبت أصحاب الأوزاعي. تاريخ دمشق (34/ 57)، شرح علل الترمذي (2/ 730)، التهذيب (2/ 474)، التقريب (564)]، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي [صدوق، من أصحاب الأوزاعي، منكر الحديث عن زهير بن محمد التميمي]، ويحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي الحراني [ضعيف، طعنوا في سماعه من الأوزاعي]، وغيرهم.
ولفظ الوليد بن مسلم [عند مسلم]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا، وقال:"اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام".
قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله، أستغفر الله.
ولفظ الوليد بن مزيد [عند ابن منده والبيهقي]، عن الأوزاعي، قال: حدثني شداد بن عبد الله أبو عمار: حدثني أبو أسماء الرحبي، قال: حدثني ثوبان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصرف من صلاته استغفر ثلاث مرات، ثم يقول:"اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
وقال ابن المبارك [عند أحمد والترمذي وغيرهما]: أخبرنا الأوزاعي، قال: حدثني شداد أبو عمار، قال: حدثني أبو أسماء الرحبي، قال: حدثني ثوبان، قال: جمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصرف من صلاته؛ قال: "أستغفر الله"، ثلاثًا، ثم يقول:"اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام".
وممن رواه أيضًا بالتصريح بسماع بعضهم من بعض في جميع طبقات السند: الوليد بن مسلم [عند النسائي]، وبشر بن بكر [عند ابن خزيمة والسراج وأبي عوانة وابن المنذر].
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا قال فيه أنه كان إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثًا قبل أن يقول: "اللَّهُمَّ أنت السلام"؛ إلا في هذا الحديث عن ثوبان، وإسناده حسن، شداد أبو عمار: مشهور، وسائر الإسناد معروفين، لا يحتاجون أن يُزكَّون".
• خالفهم في متنه:
عمرو بن هاشم البيروتي: حدثني الأوزاعي: حدثني أبو عمار، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يسلم من الصلاة استغفر ثلاثًا، ثم قال:"اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، ثم يسلم.
أخرجه ابن خزيمة (1/ 363/ 738)[الإتحاف (3/ 34/ 2487)، المسند المصنف (4/ 476/ 2247)].
قال ابن خزيمة: "وإن كان عمرو بن هاشم، أو محمد بن ميمون: لم يغلط في هذه اللفظة؛ أعني: قوله: قبل السلام، فإن هذا الباب يردُّ إلى الدعاء قبل السلام".
قلت: هي لفظة منكرة، تفرد بها: عمرو بن هاشم البيروتي، وهذا مما لا يحتمل منه بمخالفة جماعة الثقات من أصحاب الأوزاعي وأثبت الناس فيه، وعمرو هذا: مشاه ابن عدي فقال: "ليس به بأس"، وليَّنه غيره، فقال فيه ابن وارة:"كتبت عنه، وكان قليل الحديث، ليس بذاك، كان صغيرًا حين كتب عن الأوزاعي"، وقال العقيلي:"مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه"، وله أحاديث أنكرت عليه [انظر: التهذيب (3/ 309)، الميزان (3/ 290)، الجرح والتعديل (6/ 268)، علل ابن أبي حاتم (2/ 94/ 1775)، ضعفاء العقيلي (3/ 294)، تاريخ دمشق (46/ 451)].
فإن قيل: ألا تؤيدها رواية الجماعة عن الأوزاعي: كان إذا أراد أن ينصرف من صلاته؛ فيقال: رواية الوليد بن مسلم - وهو من أثبت الناس وأضبطهم لحديث الأوزاعي - هي على الوجه الموافق لحديث عائشة في بيان محل هذا الذكر، وهو أنه بعد السلام مباشرة، يقوله وهو مستقبل القبلة، قبل أن ينصرف بوجهه إلى الناس، وعلى هذا تحمل رواية الجماعة، والله أعلم.
• وله إسناد آخر، ولا يثبت.
رواه إبراهيم بن محمد بن عرق [شيخ الطبراني: إبراهيم بن محمد بن الحارث ابن عرق: مجهول الحال، قال الذهبي: "شيخ للطبراني غير معتمد". الميزان (1/ 63)، اللسان (1/ 355)]: ثنا عبد الوهاب بن الضحاك: ثنا إسماعيل بن عياش: حدثني راشد بن داود الصنعاني [ليس به بأس، وقد ضُعِّف]، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى صلاته استغفر ثلاثًا، ثم قال:"اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 1088/152).
قلت: هو حديث باطل بهذا الإسناد؛ تفرد به عن إسماعيل بن عياش: عبد الوهاب بن الضحاك، وهو: متروك متهم، كان يسرق الحديث، حدث بأحاديث موضوعة، كذبه أبو حاتم، وقال أبو داود:"كان يضع الحديث"، وله عن إسماعيل بن عياش وغيره: مقلوبات
وبواطيل وأوابد، وكان يأخذ فوائد أبي اليمان الحكم بن نافع فيحدث بها عن إسماعيل بن عياش [التاريخ الكبير (6/ 100)، الجرح والتعديل (6/ 74)، المجروحين (2/ 148)، تاريخ دمشق (37/ 322)، الميزان (2/ 679)، التهذيب (2/ 637)].
* وفي الباب مما في إسناده مقال:
1 -
عن ابن مسعود [أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 75). والنسائي في الكبرى (9/ 43/ 9846 و 9847) و (9/ 143/ 10126)، وابن خزيمة (1/ 362/ 736)، وابن حبان (5/ 342/ 2002)، والطيالسي (371)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 268/ 3086) و (1/ 270/ 3100 و 3103)، وفي المسند (206)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (191 - بغية الباحث)، وأبو يعلى (8/ 167/ 4720)، والدولابي في الكنى (3/ 1053/ 1856)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 224/ 1551)، والطبراني في الدعاء (648)][التحفة (6/ 334/ 9354)، الإتحاف (10/ 297/ 12796)، المسند المصنف (18/ 150/ 8469)][وقد اختلف في رفعه ووقفه، وفي وصله وإرساله][وفي إسناده: عوسجة بن الرماح، وهو: مجهول، قال فيه الدارقطني: "شبه المجهول، لا يروي عنه غير عاصم، لا يحتج به، لكن يعتبر به"، وهو وإن وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في ثقاته، فقد قال فيه علي بن المديني: "وما أظنه إلا كذا"، يلمزه بالتفرد عن عبد الله بن أبي الهذيل صاحب ابن مسعود المشهور. العلل لابن المديني (124)، التهذيب (3/ 335)، الميزان (3/ 304)][قال علي في حديث ابن مسعود؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يجلس إلا مقدار ما يقول: "اللَّهُمَّ أنت السلام": "رواه عاصم الأحول، عن رجل يقال له: عوسجة بن الرماح، ولا نعلم أحدًا روى عن عوسجة هذا إلا عاصمًا الأحول، وما أظنه إلا كذا [تحتمل أن تكون لمزًا وجرحًا، وتحتمل أن تكون تحرفت عن: كذابًا؛ كما ذهب إلى ذلك د. قلعجي]؛ لأنه يرويه عن ابن أبي الهذيل، وابن أبي الهذيل: كوفي من أصحاب عبد الله، واسمه عبد الله بن أبي الهذيل، ويكنى أبا المغيرة، ولا أحفظ هذا عن عبد الله بن مسعود إلا من هذا الطريق، وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم". العلل (124 - ط قلعجي)(203 - ط السرساوي)(13/ أ - مخطوط)].
[والصواب فيه: ما رواه أبو سنان ضرار بن مرة، وهو: ثقة ثبت، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: كانوا يحبون إذا قضى الرجل الصلاة أن يقول: اللَّهُمَّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. عند ابن أبي شيبة (3103)، وأبي يعلى (4720)].
2 -
وعن ابن عمر، وابن عمرو [أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 143/ 10125)، وابن أبي شيبة (1/ 269/ 3095) و (6/ 33/ 29261)، والطبراني في الكبير (12/ 339/ 13288)، وفي الدعاء (650)، وابن منده في التوحيد (2/ 121/ 262)][التحفة (5/ 301/ 7370)، المسند المصنف (17/ 65/ 7950)] [بثلاثة أسانيد، في أحدها مبهم،
والثاني ضعفه النسائي بيحيى بن أيوب الغافقي، قال:"يحيى بن أيوب: عنده أحاديث مناكير، وليس هو بذلك القوي في الحديث"، وفي الثالث: يوسف بن خالد السمتي، وهو: متروك، ذاهب الحديث، كذبه ابن معين والفلاس وأبو داود، ورماه ابن حبان بالوضع. انظر: التهذيب (4/ 454)].
* وفي الباب أيضًا:
أ - روى سفيان الثوري، وهشيم بن بشير، وحماد بن سلمة، وعلي بن عاصم، والحسين بن واقد، وغيرهم:
عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من الصلاة قال:"سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين".
أخرجه الطيالسي (3/ 651/ 2312)، وابن أبي شيبة (1/ 296/ 3097)، وعبد بن حميد (954 و 956)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (190 - بغية الباحث)، وأبو يعلى (2/ 363/ 1118)، والطبراني في الدعاء (651)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (119)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 31)، وفي فوائده بانتقاء ابن مردويه (119)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1162)، والبيهقي في الدعوات الكبير (128)، والخطيب في تاريخ بغداد (15/ 175 - ط الغرب)، وفي الموضح (2/ 485)، وأبو الحسن الواحدي في التفسير الوسيط (3/ 536)، والشجري في الأمالي (1190 و 1192 - ترتيبه)، وابن عساكر في الأربعين البلدانية (40)، وغيرهم [المسند المصنف (28/ 125/ 12589)].
وهذا حديث واهٍ؛ أبو هارون العبدي، عمارة بن جوين: متروك، كذبه جماعة [التهذيب (3/ 207)].
2 -
ورواه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين".
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 115/ 11221)، وفي الدعاء (652).
وهو حديث باطل؛ تفرد به: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي، وهو: متروك، منكر الحديث [اللسان (7/ 227 و 404)].
3 -
روت جسرة، قالت: حدثتني عائشة، قالت: دخلَتْ عليَّ امرأةٌ من اليهود، فقالت: إن عذاب القبر من البول، فقلت: كذبتِ، فقالت: بلى، إنا لنقرِضُ منه الجلد والثوب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا، فقال:"ما هذا؟ "، فأخبرته بما قالت، فقال:"صدقت"، فما صلى بعدَ يومئذٍ إلا قال فى دبر الصلاة:"رب جبريل وميكائيل وإسرافيل! أعذني من حر النار، وعذاب القبر".
وهو حديث منكر، سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1171/ 618).