المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌359 - باب التسبيح بالحصى - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٨

[ياسر فتحي]

الفصل: ‌359 - باب التسبيح بالحصى

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 298/ 577 - رواية يحيى الليثي)(626 - رواية أبي مصعب الزهري)(205 - رواية الحدثاني).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

* وروي عن ابن عمر بإسناد آخر فيه ضعف يسير [أخرجه عبد الرزاق (2/ 249/ 3241) (2/ 531/ 3349 - ط التأصيل)].

* والحاصل: فإن حديث ابن عون وأيوب عن ابن سيرين هو الصواب، وحديث هشام بن حسان وهم، والله أعلم.

ج - عبيد الله بن موسى [كوفي ثقة، قال أبو حاتم: "عبيد الله أثبتهم في إسرائيل"، واعتمده الشيخان في إسرائيل. التهذيب (3/ 28)، الجرح والتعديل (5/ 335)]، عن إسرائيل [ابن يونس بن أبي إسحاق: ثقة]، عن أشعث بن أبي الشعثاء [كوفي، ثقة، من السادسة]، عن رجل من الأنصار حدثه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه وهو يدعو بيديه، فقال:"أحِّدْ؛ فإنه أحِّدٌ".

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 87/ 29694)(16/ 311/ 31676 - ط الشثري)، وفي المسند (669). [المسند المصنف (35/ 436/ 17220)].

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل إبهام التابعي، وعدم معرفة اتصاله بين المبهم وجده.

* خالفه: أبو الأحوص [سلام بن سليم: ثقة متقن]: ثنا أشعث بن سليم، عن رجل من الأنصار؛ مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو باسط كفيه، فقال:"أحِّدْ؛ فإنه أحَدٌ".

أخرجه مسدد في مسنده (6/ 458/ 6198 - إتحاف الخيرة)(13/ 860/ 3355 - مطالب).

هكذا أسقط من الإسناد رجلاً، ولا يثبت الحديث، ولا يتقوى بمرسل أبي صالح، إنما يثبت عن الصحابة إنكاره، كما في رواية ابن عون عن ابن سيرين، وقد ثبت من فعل ابن عمر، والله أعلم.

‌359 - باب التسبيح بالحصى

1500 -

. . . عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو؛ أن سعيد بن أبي هلال حدثه، عن خزيمة، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، عن أبيها؛ أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى -أو: حصى- تُسَبِّح به، فقال:"أخبرك بما هو أيسرُ عليكِ من هذا" أو: "أفضل"، فقال: "سبحان الله عددَ ما خَلق في السماء، وسبحان الله عددَ ما خلق في الأرض، وسبحان الله عددَ ما خلق بين ذلك،

ص: 332

وسبحان الله عددَ ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك".

حديث منكر

أخرجه الترمذي (3568)، والنسائي فى الكبرى (9/ 73/ 9922)، وابن حبان (3/ 118/ 837)، والحاكم (1/ 48)(2/ 575/ 2032 - ط الميمان (3/ 125/ 2028 - ط المنهاج القويم)، والدورقي في مسند سعد (88)، والبزار (4/ 39/ 1201)[سقط من إسناده خزيمة، وهو من طريق أصبغ]، وأبو يعلى (2/ 67/ 710)، والطبراني في الدعاء (1738)، وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (165)(2052 - المخلصيات)، والبيهقي في الدعوات الكبير (323)، وفي الشعب (2/ 318/ 595)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 61/ 1279)، والضياء في المختارة (3/ 209/ 1010) و (3/ 210/ 1011)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 81).

[التحفة (3/ 293/ 3954)، الإتحاف (5/ 146/ 5594)، المسند المصنف (9/ 108/ 4333)].

رواه عن عبد الله بن وهب جماعة من ثقات أصحابه، منهم: أحمد بن صالح، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وحرملة بن يحيى، ويونس بن عبد الأعلى، وهارون بن معروف، وأصبغ بن الفرج، وأحمد بن عيسى بن حسان المصري.

تنبيه: سقط ذكر خزيمة من الإسناد في رواية حرملة بن يحيى [عند ابن حبان والحاكم، وهو مثبت في الإتحاف].

وسقط ذكر خزيمة أيضاً من رواية هارون بن معروف [عند أبي يعلى].

وسقط ذكره أيضاً من رواية أصبغ بن الفرج عند البزار، وهو ثابت من طريقه: عند الترمذي والطبراني والبغوي.

والمحفوظ: ذكر خزيمة في الإسناد، وهي رواية الجماعة، وإسقاطه وهم ظاهر.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من حديث سعد".

وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن سعد إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".

وقال البغوي: "هذا حديث حسن غريب".

وقال ابن حجر: "هذا حديث حسن".

قلت: رجاله رجال الصحيح، كلهم ممن دون خزيمة: مصريون ثقات، سعيد بن أبي هلال: صدوق، مصري، نشأ بالمدينة، وعمرو بن الحارث وعبد الله بن وهب: ثقتان حافظان.

لكن الإسناد ضعيف؛ لأجل خزيمة، فإنه: مجهول، ولم ينسب، ولا يُعرف له ذكر إلا بهذا الإسناد، قال الذهبي: "لا يعرف، عن عائشة بنت سعد، تفرد عنه: سعيد بن أبي

ص: 333

هلال، حديثه في التسبيح" [التاريخ الكبير (3/ 208)، الجرح والتعديل (3/ 382)، الثقات (6/ 268)، التهذيب (1/ 542)].

وحديث هذا المجهول: حديث منكر؛ لاشتماله على زيادة منكرة، وهي التسبيح بالنوى أو الحصى، ولا يثبت في هذا الباب حديث، كما سيأتي بيانه، كما أنه لم يتابع على لفظ الدعاء [وقد سبق الكلام مراراً عن حديث المجهول، وأن حديثه إذا كان مستقيماً فإنه يكون مقبولاً صحيحاً؛ وذلك تحت الحديث رقم (759)، عند حديث هُلْب الطائي. وانظر أيضاً فيما قبلته أو رددته من حديث المجهول: ما تحت الحديث رقم (788)، الشاهد الرابع، حديث أم سلمة، وما تحت الحديث رقم (795)، وما تحت الحديث رقم (825)، وكذا الأحاديث الماضية برقم (991 و 1070 و 1100 و 1106 و 1184 و 1225 و 1368 و 1477)].

وقد روي نحوه من حديث أبي أمامة وأبي الدرداء، دون موضع الشاهد في التسبيح بالحصى:

1 -

أما حديث أبي أمامة:

فيرويه سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم [ثقة ثبت]، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني ابن عجلان [مدني، ثقة]، عن مصعب بن محمد بن شرحبيل [مكي، لا بأس به]، عن محمد بن سعد بن زرارة، عن أبي أمامة الباهلي؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يحرِّك شفتيه، فقال:"ماذا تقول يا أبا أمامة؟ "، قال: أذكر ربي، قال:"ألا أخبرك بأفضل أو كثر من ذكرك الليل مع النهار والنهار مع الليل، أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء ما في السماء والأرض، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله ملء كل شيء، وتقول: الحمد لله مثل ذلك".

أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 73/ 9921)، وابن خزيمة (1/ 371/ 754)، وابن حبان (3/ 112/ 830)، والروياني (1235)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 84)، وقال:"حديث حسن". [التحفة (4/ 34/ 4929)، الإتحاف (6/ 258/ 6479)، المسند المصنف (26/ 115/ 11719)].

قلت: إسناده منقطع؛ محمد بن سعد بن زرارة، هو: محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، ويقال: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وهو: ثقة، من السادسة، وروايته عن الصحابة مرسلة [تقدم الكلام عليه عند الحديث رقم (1100)].

وهو غريب من حديث محمد بن عجلان، تفرد به عنه: يحيى بن أيوب الغافقي المصري، وهو: صدوق سيئ الحفظ، يخطئ كثيراً، له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح، وينتقون من حديثه ما أصاب فيه [وقد سبق ذكره مراراً في فضل الرحيم الودود،

ص: 334

وانظر في أوهامه فيما تقدم معنا في السنن على سبيل المثال: الحديث رقم (158 و 718 و 1333)، وما تحت الحديث رقم (228 و 335). وانظر هناك ترجمته موسعة].

* وروي من وجه آخر، وإسناده ليس بالقائم: أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 292/ 8122).

* ورواه أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك [ثقة ثبت]: حدثنا أبو عوانة [الوضاح بن عبد الله اليشكري: ثقة ثبت]، عن حصين [هو: ابن عبد الرحمن السلمي: كوفي، ثقة]، عن سالم، أن أبا أمامة حدَّث [وقع في رواية الحاكم وعنه البيهقي بإسناد صحيح: عن سالم بن أبي الجعد: حدثني أبو أمامة]، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من قال: الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في السماوات والأرض، والحمد لله ملء ما في السماوات والأرض، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، وسبحان الله مثلها" فأعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.

أخرجه أحمد (5/ 249)، والحاكم (1/ 513)(2/ 507/ 1912 - ط الميمان)(3/ 55/ 1908 - ط المنهاج القويم)، والبيهقي في الدعوات الكبير (152). [الإتحاف (6/ 217/ 6366)، المسند المصنف (26/ 116/ 11720)].

* ورواه محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي [متروك]: ثنا أبي [ثقة ثبت]، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي أمامة مرفوعاً بنحوه.

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 253/ 7987).

قال الترمذي: "سألت محمداً -يعني: البخاري -، قلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من أبي أمامة؟ فقال: ما أُرى"[ترتيب علل الترمذي الكبير (2/ 963)].

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

قال أبو حاتم قال في المراسيل (290): "سالم بن أبي الجعد: أدرك أبا أمامة".

قلت: يقال: المثبت مقدَّم على النافي؛ لما معه من زيادة علم، لكن البخاري لم ينف الإدراك؛ لتحققه، ولم يجزم بنفي السماع؛ لاحتماله، وأبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي: صحابي مشهور، سكن الشام، ومات بها سنة (86)، وسالم بن أبي الجعد: كوفي ثقة، مات سنة (97) أو (98) أو (99) أو (100)، وعليه: فقد أدرك أبا أمامة كبيراً، حيث توفي بعده بما لا يزيد على أربع عشرة سنة، وعلى قولٍ: أحد عشر، وعليه: فلا يستبعد السماع الوارد في هذا الإسناد، لا سيما مع صحة إسناده وتثبت رجاله.

والحاصل: فهو إسناد صحيح متصل، رجاله كلهم ثقات أثبات.

* وروي من وجه آخر صالح في المتابعات:

رواه سفيان بن عقبة العامري [أخو قبيصة: صدوق]، وعفان بن سيار [شيخ، قليل الحديث، ويهم فيه. انظر: التهذيب (3/ 116)]:

ص: 335

عن مسعر [هو: ابن كدام: ثقة ثبت]، عن مجاهد بن رومي، عن أبي أمامة، قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أحرك شفتي، فقال:"ما تقول يا أبا أمامة؟ "، فقلت: أذكر الله عز وجل، فقال:"ألا أدلك على ما هو أفضل من ذكر الله الليل مع النهار، والنهار مع الليل"، قلت: بلى يا رسول الله، قال:"تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله عدد ما في السموات والأرض، والحمد لله ملء ما في السموات والأرض، وسبحان الله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، والله أكبر مثل ذلك".

أخرجه الطبراني في الدعاء (1743)، والسهمي في تاريخ جرجان (159)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 560)، وإسماعيل الأصبهاني في التركيب والترهيب (1/ 430/ 754).

قلت: وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات، رجاله ثقات؛ لكنه منقطع، قال ابن حجر في الإتحاف (6/ 258/ 6479)، بعد حديث محمد بن سعد بن زرارة عن أبي أمامة:"قلت: له متابع عن أبي أمامة بسند حسن، أخرجه الطبراني في الدعاء"، ثم ذكر حديث مجاهد بن رومي هذا.

قلت: مجاهد بن رومي: كوفي، وقيل: مكي، ثقة، روى عنه: سفيان الثوري، ومسعر، وأبو إسرائيل الملائي، سمع عطاء بن أبي رباح، قال ابن معين:"ثقة"، وذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين [تاريخ ابن معين للدوري (3/ 432/ 2121) و (3/ 494/ 2416) و (3/ 528/ 2578)، تاريخ ابن معين للدارمي (747)، التاريخ الكبير (7/ 412)، المعرفة والتاريخ (2/ 230)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 258/ 887 - السفر الثالث) و (3/ 154/ 4242 - السفر الثالث)، أحكام أهل الملل (1/ 129)، الجرح والتعديل (3/ 124) و (8/ 320)، المراسيل (725)، الثقات (7/ 499)، سؤالات السلمي (122)].

وعليه: فهو منقطع، إذ ليس لمجاهد بن رومي رواية عن الصحابة، يؤيد ذلك:

ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 305/ 14452)، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن المجاهد بن رومي - وكان ثقة -، قال: سألت سعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الله بن معقل، عن رجل مات ولم يحج وهو موسر

وذكر مسألته، فدل على أنه لم يلق أحداً من الصحابة يسأله، ويتفقه عليه [ورواه أبو بكر الخلال أيضاً في السُّنَّة (5/ 46/ 1576) عن الإمام أحمد عن وكيع به. ورواه ابن الجوزي في مثير العزم الساكن (8)، من طريق أبي عامر العقدي عن الثوري به].

* وله طرق أخرى لا يثبت منها شيء، وبعض أسانيدها واهية جداً، أو منكرة [أخرجها: أبو يوسف في الآثار (218)، والروياني (1225)، والبيهقي في الدعوات الكبير (151)] [وانظر: علل الدارقطني (12/ 274/ 2711)].

2 -

وأما حديث أبي الدرداء:

فيرويه محمد بن عثمان بن كرامة [ثقة]، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى [كوفي ثقة]،

ص: 336

قال: حدثنا أبو إسرائيل، عن ليث، عن يزيد بن الأصم، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: أبصرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أحرِّك شفتي، فقال: يا أبا الدرداء ما تقول؟ قلت: أذكر الله، قال:"أعلمك شيئاً هو أفضل من ذكر الله الليل مع النهار، والنهار مع الليل"، قلت: بلى، قال:"قل: سبحان الله عددَ ما خلق، وسبحان الله ملء ما خلق، وسبحان الله عدد كل شيء، وسبحان الله ملء كل شيء، وسبحان الله عدد ما أحصى كتابُه، وسبحان الله ملءَ ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله ملء كل شيء، والحمد لله عددَ ما أحصى كتابُه، والحمد لله ملءَ ما أحصى كتابُه".

أخرجه البزار (10/ 23/ 4083).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وإسناده حسن؛ إلا أبو إسرائيل وحده، فإنه قد تكلم فيه أهل العلم وضعفوه، وروى عنه الثوري فمن دونه، واحتمل الناس حديثه على ما فيه، وإنما كتبناه لأنا لا نحفظ هذا الحديث عن غيره، ولا نعلم يزيد بن الأصم روى عن أبي الدرداء غير هذا الحديث".

* واختلف فيه على ليث بن أبي سليم:

أ - فرواه أبو إسرائيل [إسماعيل بن أبي إسحاق خليفة العبسي الكوفي الملائي: ليس بالقوي، سيئ الحفظ، له أغاليط، يخالف الناس في حديثه، وكان غالياً في التشيع والرفض، يكفر عثمان رضي الله عنه] عن ليث، عن يزيد بن الأصم، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء.

ب - ورواه جرير بن عبد الحميد [ثقة]، ومعتمر بن سليمان [ثقة]:

عن ليث [هو: ابن أبي سليم: ضعيف، لاختلاطه وعدم تميز حديثه]، عن عبد الكريم بن أبي المخارق [مجمع على ضعفه، وقال النسائي والدارقطني: متروك]، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة، قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أحرك شفتي،

فذكر الحديث بنحوه.

أخرجه الروياني (1233)، والطبراني في الكبير (8/ 238/ 7930)، وفي الدعاء (1744)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (24/ 66).

فعاد الحديث مرة أخرى إلى حديث أبي أمامة، لكنه ضعيف جداً من هذا الوجه، والعمدة على ما تقدم ذكره:

من حديث سالم بن أبي الجعد، ومجاهد بن رومي، عن أبي أمامة، وهو حديث صحيح، وليس فيه ذكر العد بالحصى أو النوى، والله أعلم.

ومما روي في العد بالنوى، أو بالحصى:

1 -

روى عبد الصمد بن عبد الوارث [ثقة]، وشاذ بن فياض [صدوق]، ويزيد بن مغلس بن عبد الله بن يزيد الباهلي [شيخ، ليس بالمشهور، ينفرد عن الثقات بما لا يتابع

ص: 337

عليه. الجرح والتعديل (9/ 289)، المجروحين (3/ 109)، التهذيب (4/ 429)]:

عن هاشم بن سعيد الكوفي: حدثنا كنانة [بن نبيه][مولى صفية]، قال: حدثتني صفية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل عتقها مهرها، وأنه صلى الله عليه وسلم دخل عليها، وبيدها أربعة آلاف نواة تسبح بها، فقال:"لقد سبَّحتُ مند قمتُ عليكِ [وفي رواية: على رأسك] أكثر مما سبَّحتِ"، قالت: قلت: علمني يا رسول الله، قال:"قولي: سبحان الله عدد ما خلق [من شيء] "، وفي رواية:"قولي: سبحان الله عدد خلقه".

أخرجه الترمذي (3554)، والحاكم (1/ 547)(2/ 574/ 2031 - ط الميمان)(3/ 124/ 2027 - ط المنهاج القويم)، وأبو يعلى (13/ 35/ 7118)، والطبراني في الكبير (24/ 73/ 194) و (24/ 74/ 195)، وفي الأوسط (8/ 236/ 8502 و 8504)، وفي الدعاء (1739)، وابن عدي في الكامل (8/ 419 - ط العلمية)(10/ 349/ 17668 و 17669 - ط الرشد)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3232/ 7446)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 82). [التحفة (11/ 121/ 15904)، الإتحاف (16/ 993/ 21494)، المسند المصنف (36/ 315/ 17492)].

قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث صفية إلا من هذا الوجه، من حديث هاشم بن سعيد الكوفي، وليس إسناده بمعروف".

وقال الطبراني: "لم يرو هذه الأحاديث عن كنانة عن صفية؛ إلا هاشم بن سعيد الكوفي، تفرد بها: شاذ".

وقال ابن عدي: "وهاشم بن سعيد: له من الحديث غير ما ذكرت، ومقدار ما يرويه لا يتابع عليه".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد من حديث المصريين بإسناد أصح من هذا"، ثم أسند حديث سعد بن أبي وقاص.

وقال ابن حجر: "هذا حديث حسن".

قلت: هو حديث منكر؛ كنانة مولى صفية: ليس بذاك القوي [التهذيب (3/ 476)، معرفة الثقات (1560)، الجرح والتعديل (7/ 169)، الثقات (5/ 339)].

وقد تفرد به: هاشم بن سعيد الكوفي نزيل البصرة، وهو: ضعيف، قال ابن عدي:"مقدار ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال أبو زرعة الرازي:"شيخ، حدث عن محمد بن زياد بحديثين منكرين"[التهذيب (4/ 260)، الميزان (4/ 289)، سؤالات البرذعي (2/ 418)].

* وانظر فيمن قلب إسناده، وجعله عن هاشم بن البريد، بدل: هاشم بن سعيد: ما أخرجه ابن عدي في الكامل (8/ 421 - ط العلمية)(10/ 352/ 17676 - ط الرشد).

* وقد ادعى ابن حجر في نتائج الأفكار أن هاشم بن سعيد توبع على هذا الحديث:

ثم ساق من طريق: أبي عبد الله شعيب بن عبد الله بن أحمد بن المنهال [روى عنه جماعة من المصنفين، ترجم له أبو إسحاق الحبال في وفيات المصريين (301)، وقال:

ص: 338

"يُتكلم في مذهبه"، قال الذهبي:"كأنه يريد الرفض"، وقال الذهبي:"وكان أسند من بقي بديار مصر". تاريخ الإسلام (9/ 539 - ط الغرب)، السير (17/ 513)، اللسان (4/ 251)]: ثنا أحمد بن إسحاق بن عتبة [أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة، أبو العباس الرازي ثم المصري: صدوق. الإكمال لابن ماكولا (2/ 326)، تاريخ الإسلام (8/ 110 - ط الغرب)، السير (16/ 113)]: ثنا روح بن الفرج [أبو الزنباع القطان المصري: ثقة، وقد يتفرد بما لا يتابع عليه. راجع ترجمته تحت الحديث رقم (436)]: ثنا عمرو بن خالد [الحراني: ثقة]: ثنا حديج بن معاوية: ثنا كنانة مولى صفية، عن صفية بنت حيي رضي الله عنهما . . . فذكر الحديث بنحوه.

أخرجه ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 83)، من طريق علي بن الحسن الخلعي عن شعيب به.

قلت: حديج بن معاوية: ليس بالقوي [التهذيب (1/ 366)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1420)]، وهو أشهر بكثير من هاشم بن سعيد، كما أنه كثير الأصحاب، روى عنه جمع غفير، فهو غريب جداً من حديثه، ثم من حديث عمرو بن خالد الحراني، وهو أيضاً كثير الأصحاب، فكيف يشتهر حديث هاشم بن سعيد، ويرويه عنه ثلاثة، ويخرجه أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم والصحاح، ولا يُعرف حديث حديج بن معاوية، ولا حديث عمرو بن خالد الحراني، حتى يروى من هذا الوجه الغريب جداً، ولا يستبعد أن يكون دخل لأحدهم حديث في حديث، ثم لا يرويه بعد ذلك من المصنفين سوى الخلعي مع تأخر طبقته.

بل يمكن الجزم بأنه حديث باطل؛ لم يروه حديج، ولا عمرو بن خالد، حيث تتابع عدد من النقاد على الجزم بتفرد هاشم بن سعيد بحديث صفية هذا، وأنه لا يُعرف إلا من حديثه:

فقد قال الترمذي في حديث هاشم: "لا نعرفه من حديث صفية إلا من هذا الوجه، من حديث هاشم بن سعيد الكوفي، وليس إسناده بمعروف".

وقال الطبراني: "لم يرو هذه الأحاديث عن كنانة عن صفية؛ إلا هاشم بن سعيد الكوفي". ومسلك ابن عدي أيضاً يدل على أن هذا الحديث لا يُعرف إلا بهاشم؛ بل إنه لما وهم بعضهم فجعله عن هاشم بن البريد، قال ابن عدي:"وهو بهاشم بن سعيد أشبه".

فأين هؤلاء الأئمة النقاد مع تقدمهم في هذا الفن عن حديث حديج، ثم عن حديث عمرو بن خالد الحراني، أين الترمذي وأبو يعلى والطبراني وابن عدي والحاكم؟ فكيف يفوتهم حديثه؟ ولا يقفون عليه، ثم يلتفتون إلى حديث هاشم، فيخرجونه في مصنفاتهم، غير ساكتين عليه، بل جازمين بتفرده بهذا الحديث، حيث لم يجدوا الحديث إلا عنده، نسال الله التوفيق والسداد.

ص: 339

* وقد روي نحو حديث هاشم من وجه آخر:

يرويه محمد بن أبي شيبة [محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم: ثقة]: ثنا مستلم بن سعيد [صدوق]، عن منصور بن زاذان [ثقة ثبت]، عن يزيد بن معتب مولى صفية بنت حيي، عن صفية بنت حيي رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليها وبين يديها كوم من نوى

، فذكر الحديث بنحوه.

أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 333/ 5472)، وفى الدعاء (1740)، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة [حافظ صدوق، له غرائب]، قال: حدثنا أبي [ثقة حافظ، له أوهام]، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه، به.

قال الطبراني: "لم يرو هذه الأحاديث عن منصور بن زاذان إلا مستلم بن سعيد، تفرد بها: محمد بن أبي شيبة".

قلت: هو حديث غريب جداً من حديث منصور بن زاذان، ويزيد بن معتب مولى صفية: مجهول.

2 -

وروى عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي: حدثنا ابن المبارك، عن سفيان الثوري، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح بالحصى.

أخرجه السهمي في تاريخ جرجان (108).

وهذا حديث باطل؛ تفرد به عن ابن المبارك، ثم عن الثوري، ثم عن سمي: أحد الهلكى، وهو: عبد الله بن محمد بن ربيعة بن قدامة القدامي المصيصي، وهو: متروك، روى عن مالك أحاديث موضوعة، وقال ابن عدي:"وعامة حديثه غير محفوظة، وهو ضعيف على ما تبين لي من رواياته واضطرابه فيها"، وقال ابن حبان:"لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار"، وقال الحاكم والنقاش:"روى عن مالك أحاديث موضوعة"[انظر: اللسان (4/ 557)، المجروحين (2/ 39)، الكامل لابن عدي (4/ 258) (7/ 84 - ط الرشد)، الإرشاد (1/ 280 و 422)، المتفق والمفترق (3/ 1434)، وغيرها كثير].

* فلا يثبت حديث في التسبيح بالنوى أو بالحصى.

وقد رويت آثار عن الصحابة في الإقرار أو الإنكار:

روي عن عمر بن الخطاب، وعن علي بن أبي طالب، وعن سعد بن أبي وقاص، وعن ابن مسعود، وعن أبي هريرة، وعن أبي سعيد الخدري، وعن أبي الدرداء، وعن عائشة، وعن أبي صفية رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يثبت منها شيء [أخرجها: ابن سعد في الطبقات (3/ 143) و (7/ 60)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (5/ 229)، وابن أبي شيبة (2/ 161/ 7657 - 7662) و (2/ 162/ 7669) و (6/ 60/ 29478)(5/ 149 - 151/ 7867 - 7872 - ط الشثري) و (5/ 153/ 7879 - ط الشثري)، وأحمد في العلل ومعرفة الرجال (2/ 137/ 1796) و (3/ 272/ 5205 و 5206)، وفي

ص: 340

الزهد (758)، والبخاري في الكنى (44)، والبلاذري في أنساب الأشراف (10/ 15)، وابن وضاح في البدع (16 و 17 و 21 و 23 و 24)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (7/ 187 - الإصابة)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 395) معلقاً، وابن شاهين في فوائده (29)، وابن منده في معرفة الصحابة (2/ 925) معلقاً. وفي فتح الباب (4002) معلقاً، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2938) معلقاً].

وعن أبي هريرة أيضاً موقوفاً عليه، ضمن حديث مرفوع طويل، ولا يثبت [راجع تخريجه في فضل الرحيم الودود (10/ 196/ 939)].

ومما ثبت في إنكار الصحابة:

ما رواه عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة بن الخَرِب الهمداني [ثقة؛ قاله ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، التاريخ الكبير (6/ 382)، الجرح والتعديل (6/ 269)، الثقات (8/ 480)، الإكمال (2/ 438)، الأنساب (2/ 340)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 373)، والأقرب عندي أنه ليس الذي ترجم له ابن عدي في الكامل (5/ 122)، اللسان (6/ 232)، وعلى فرض أنه هو؛ فإن قول إسحاق بن منصور الكوسج الذي روى عن ابن معين التوثيق، مقدَّم على قول من روى عنه الجرح، مثل: الليث بن عبدة، وليس بالمشهور، وأحمد بن أبي يحيى الأنماطي؛ فإنه: كذاب، اللسان (1/ 691)]، قال: سمعت أبي، يحدث عن أبيه، قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فهذا خرج مشَينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرَجَ إليكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: بعدُ لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفا أمراً أنكرتُه، ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشتَ فستراه، قال: ما رأيتَ؟ قال: رأيتُ في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصاً، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مئة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك، وانتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدُّوا سيئاتهم، وضمنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم؟!، ثم مضى، ومضينا معه حتى أتى حَلْقة من تلك الحِلَق فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصاً نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدُّوا سيئاتكم، فأنا ضامنٌ أن لا يضيع من حسناتكم شيءٌ، ويحكم يا أمة محمد ما أسرعَ هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبْلَ، وآنيته لم تُكسَر، والذي نفسي بيده! إنكم لعلى ملةٍ هي أهدى من ملة محمد، أو مُفتتِحوا باب ضلالةٍ! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا:"أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم"، وايمُ الله ما أدري لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم.

ص: 341

[وفي رواية: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا: "إن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية"].

قال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.

أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 553/ 37890)، والدارمي (222 و 223 - ط البشائر)، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 337)، وابن وضاح في البدع (258)، وبحشل في تاريخ واسط (198)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 59 - ط الغرب)، وفي الموضح (1/ 333). [الإتحاف (10/ 399/ 13026)، المسند المصنف (19/ 269/ 8906)].

وهذا حديث صحيح.

قال العجلي: "يحيى بن عمرو بن سلمة: كوفي ثقة، وأبوه: كوفي تابعي ثقة"، وقال في موضع آخر:"عمرو بن سلمة: كوفي، تابعي، ثقة"، وقد وثقه أيضاً: ابن سعد في الطبقات، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الخطيب:"سمع علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وسلمان بن ربيعة، روى عنه: ابنه يحيى، والشعبي، ويزيد بن أبي زياد، وكان ممن حضر حرب الخوارج بالنهروان، وورد المدائن".

وقال يعقوب بن سفيان في يحيى بن عمرو بن سلمة: "لا بأس به"، وقد وثقه العجلي كما تقدم، وقد روى عنه: شعبة والثوري ومسعر والمسعودي وقيس بن الربيع وابنه عمرو بن يحيى [طبقات ابن سعد (6/ 171)، التاريخ الكبير (6/ 337)، التاريخ الأوسط (1/ 189/ 887)، معرفة الثقات (1263 و 1990)، المعرفة والتاريخ (3/ 104)، الجرح والتعديل (9/ 176)، الثقات (5/ 172)، مشاهير علماء الأمصار (761)، تاريخ بغداد (14/ 59 - ط الغرب)، غنية الملتمس (659)، الإكمال لابن ماكولا (2/ 438) و (4/ 335)، الأنساب (2/ 340)، الإكمال لمغلطاي (10/ 177)، توضيح المشتبه (2/ 265) و (5/ 137)، التهذيب (3/ 274)].

وانظر: ما أخرجه من طرق هذا الحديث: عبد الرزاق (5408 - 5410)، وابن وضاح في البدع (9 و 16 - 19 و 22 و 52)، وابن أبي عمر العدني في مسنده (2983 - مطالب)، والطبراني في الكبير (9/ 125 - 128/ 8628 - 8639)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (261)(1280 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 380)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 15).

وبعد هذا التقرير؛ فإنه لا يثبت في العد بالنوى أو الحصى حديث ولا أثر، ولا يثبت فعله عن صحابي واحد، بل ثبت إنكاره عن ابن مسعود، وهو أحد علماء الصحابة وفقهائهم، فضلاً عن كون المسبحة دخيلة على أهل الإسلام، لم تعرف أصلاً لا في العهد النبوي، ولا في عهد الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي بدعة هندية بوذية قديمة، أدخلها الصوفية على أهل الإسلام، وليس هذا موضع بحث ذلك، فمن أراده فليراجع البحوث المفردة في تاريخ السُّبحة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ص: 342

1501 -

. . . عبد الله بن داود، عن هانئ بن عثمان، عن حُميْضة بنت ياسر، عن يُسَيرة؛ أخبرتها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهنَّ أن يُراعِينَ بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعْقِدْنَ بالأنامل، فإنهنَّ مسؤولاتٌ مستنطقاتٌ.

حديث غريب؛ لا يُعرف إلا من حديث هانئ بن عثمان

أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(687)، والطبراني في الكبير (25/ 74/ 181)، وفي الدعاء (1772)، وأبو طاهر المخلص في الخامس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (123)(1003 - المخلصيات)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3465/ 7873)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 44 - ط الغرب) و (11/ 374 - ط الغرب)، والشجري في الأمالي (1164 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 20)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 87). [التحفة (12/ 169/ 18301)، المسند المصنف (40/ 162/ 19156)].

رواه عن عبد الله بن داود الخريبي [ثقة، من الطبقة التاسعة]، بهذا اللفظ أو قريباً منه: مسدد بن مسرهد [ثقة ثبت][وهذا لفظه]، ومحمد بن يحيى الذهلي [ثقة ثبت إمام]، ونصر بن علي الجهضمي [ثقة ثبت][مقروناً بمسدد، ورواه عنهما: يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي الثقة الحافظ. عند أبي نعيم والخطيب وابن عساكر]، وإسحاق بن سيار بن محمد النصيبي [ثقة. الجرح والتعديل (2/ 223)، الثقات (8/ 121)، تاريخ الإسلام (6/ 513)، السير (13/ 194)، ونعته بالإمام الحافظ الثبت. الثقات لابن قطلوبغا (2/ 325)]، وزبد بن أخزم الطائي [ثقة حافظ]، وإبراهيم بن مكتوم [وراق المصاحف: صدوق. الجرح والتعديل (2/ 139)، الثقات (8/ 84)، تاريخ بغداد (7/ 128)، الأنساب (5/ 584)، تاريخ الإسلام (5/ 1082)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 251)]، وإبراهيم بن محمد الحلبي نزيل البصرة [صدوق]، والفضل بن يعقوب الجزري [البصري، صدوق]، وعبد الرحمن بن عبد الله بن الفزر [عبد الرحمن بن عبد الله بن مسلم الجزري، نزيل البصرة، لقبه عبويه: روى عنه جماعة، ولم يوثق. تهذيب الكمال (17/ 241)، تاريخ الإسلام (6/ 357)، التهذيب (2/ 527)]، ومحمد بن الحسن بن تسنيم [البصري، نزيل الكوفة: ثقة].

ولفظ الذهلي: ثنا عبد الله بن داود، قال: سمعت هانئ بن عثمان الجهني، قال: أخبرتني حميضة بنت ياسر، عن يسيرة أخبرتها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهنَّ أن يراعِينَ بالتسبيح والتهليل والتقديس، ويعقدن بالأنامل، فإنهنَّ مسؤولاتٌ ومستنطقاتٌ.

زاد إسحاق بن سيار في آخره: "قال عبد الله بن داود: وأخبرني شهاب رجل من قوم محمد بن قيس [وفي نسخة: محمد بن بشر]، أن الشعبي سمع هذا الحديث من هانئ".

ص: 343

وفي رواية ابن مكتوم: "قال ابن داود: بلغني أن الثوري سأل هانئ عن هذا الحديث".

وزاد زيد بن أخزم في آخره: "قال لنا ابن داود: هذا الحديث بعشرة أحاديث".

* ورواه عبد الملك بن محمد الرقاشي [أبو قلابة: ثقة متقن فيما حدث بالبصرة؛ إلا أنه تغير بعد أن تحول إلى بغداد، فكثر منه الخطأ في الأسانيد والمتون، توفي سنة (276)، والراوي عنه هنا بغدادي متأخر الوفاة. راجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (7/ 185/ 630)]: ثنا عبد الله بن داود الخريبي: ثنا هانئ بن عثمان، عن حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة رضي الله عنهما وكانت إحدى المهاجرات، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكُنَّ بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفُلْنَ فتنسَيْنَ التوحيد، واعقِدْنَ بالأنامل؛ فإنهن مسؤولات ومستنطقاتٌ". ووقع في الدعوات للبيهقي: "ولا تغفلن فتنسين الرحمة"، وكذا هي في رواية محمد بن بشر الآتية.

أخرجه الحاكم (1/ 547)(2/ 574/ 2030 - ط الميمان)(3/ 124/ 2026 - ط المنهاج القويم). وعنه: البيهقي في الدعوات الكبير (333). [الإتحاف (18/ 229/ 23603)].

والمعروف من رواية الثقات عن الخريبي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهنَّ أن يُراعِينَ بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعْقِدْنَ بالأنامل، فإنهنَّ مسؤولاتٌ مستنطقاتٌ.

خالفهم: الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر المدني ألا بأس به، وقد تكلموا فيه. التهذيب (1/ 393)]، ونصر بن علي [الجهضمي: ثقة ثبت، لكن الراوي عنه هنا: الحكيم الترمذي، وقد تكلم فيه ابن العديم صاحب تاريخ حلب، وكان مما قال فيه:"لم يكن من أهل الحديث وروايته، ولا علمَ له بطرقه ولا صناعته". اللسان (7/ 388)]:

قالا: حدثنا عبد الله بن داود الخريبي، عن هانئ بن عثمان، عن حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة أخبرتها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يُراعينَ الشمسَ بالتسبيح والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، فإنهن مسئولاتٌ ومستنطقاتٌ.

أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (2/ 82/ 402).

قلت: وذكر الشمس منكر في هذا الحديث، حيث تفرد به المنكدري، ولا يحتمل منه، وأغلب الظن أن الحكيم الترمذي حمل لفظ الجهضمي على لفظ المنكدري، فقد رواه يوسف بن يعقوب القاضي [وهو: ثقة حافظ] [عند أبي نعيم والخطيب وابن عساكر]، عن نصر بن علي كالجماعة؛ بدون هذه الزيادة، وقد تقدم ذكره.

وخالفهم أيضاً: عبد القدوس بن محمد بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب الأزدي [ثقة]، قال: حدثنا عبد الله بن داود، عن هانئ بن عثمان، عن حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبِّحُ بالسُّبَح [وفي بعض النسخ: بالتسبيح]، فقال:"أَلقِينَ أو: دعْنَ عنكنَّ، وعليكنَّ بالأنامل، فسبِّحنَ بها، فإنهنَّ مسؤولاتٌ مستنطقاتٌ".

أخرجه الحكيم الترمدي في نوادر الأصول (2/ 83/ 403).

ص: 344

قلت: وهذا حديث شاذ، بهذا السياق، وبهذه الألفاظ، لم يتابع عليه عبد القدوس، ممن روى الحديث عن الخريبي من الثقات الأثبات وغيرهم، حيث ذكر السُّبح، وذكرها منكر جداً، حيث لا تُعرف السُّبحة في العهد النبوي، ولا في عهد الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قوله في المرفوع:"أَلقِينَ أو: دعْنَ عنكنَّ"؛ يعني: التسبيح بالسُّبح.

* ورواه محمد بن بشر العبدي [كوفي، ثقة حافظ، من الطبقة التاسعة]: حدثني هانئ بن عثمان، عن حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة - وكانت إحدى المهاجرات -، قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا نساء المؤمنين! عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس، ولا تغفُلْنَ فتنسَينَ الرحمةَ، واعقِدْنَ بالأنامل؛ فإنهنَّ مسئولاتٌ مستنطقاتٌ".

أخرجه الترمذي (3583)، وابن حبان (3/ 122/ 842)، وأحمد (6/ 370)، وا بن سعد في الطبقات (8/ 310)، وابن أبي شيبة (2/ 160/ 7656) و (6/ 53/ 29414) و (7/ 168/ 35038)، وإسحاق بن راهويه (2/ 428/ 2351)، وعبد بن حميد (1570)، وعباس بن محمد الدوري في تاريخ ابن معين (3/ 51/ 206)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 843/ 3586 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 73/ 3285)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (2/ 83/ 404)، والطبراني في الكبير (25/ 74/ 180)، وفي الأوسط (5/ 182/ 5016)، وفي الدعاء (1771)، وأبو طاهر المخلص في الخامس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (124)(1004 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 68)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 87). [التحفة (12/ 169/ 18301)، الإتحاف (18/ 229/ 23603)، المسند المصنف (40/ 162/ 19156)].

رواه عن محمد بن بشر: أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد بن حميد، والعباس بن محمد الدوري، وقتيبة بن سعيد، وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، وأبو كريب محمد بن العلاء [وهم ثقات حفاظ]، ومحمد بن سعد [كاتب الواقدي: مصنف صدوق]، وموسى بن حزام الترمذي [ثقة فقيه]، وأحمد بن عبد الحميد الحارثي [كوفي، ثقة. الثقات (8/ 51)، سؤالات الحاكم (2)، السير (12/ 508)، الثقات لابن قطلوبغا (1/ 389)]، ويحيى بن عبد الحميد الحماني [كوفي، صدوق حافظ؛ إلا أنه اتُّهم بسرقة الحديث. التهذيب (4/ 370)].

وفي رواية ابن أبي شيبة: "عليكن بالتسبيح، والتكبير، والتقديس،

"، ثم ساقه بتقديم وتأخير.

وقد أخطأ الطبراني حين جزم بتفرد محمد بن بشر عن هانئ به، قال الطبراني:"لا يروى هذا الحديث عن يسيرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: محمد بن بشر".

فقد تابعه: عبد الله بن داود الخريبي [واشتهر عنه، نحو شهرة الحديث عن محمد بن بشر]، ومحمد بن ربيعة الكلابي، والقاسم بن مالك المزني، لكن يمكن الاحتجاج بكلام الطبراني على تفرد هانئ بن عثمان به.

ص: 345

* فقد رواه محمد بن ربيعة الكلابي [كوفي ثقة، من التاسعة]، والقاسم بن مالك المزني [صدوق، ليَّنه أبو حاتم، من صغار الثامنة. التهذيب (3/ 419)]:

عن هانئ بن عثمان، قال: حدثتني حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة أم ياسر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.

أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 844/ 3587 - السفر الثاني). والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (2/ 84/ 405).

* قال ابن معين: "حديث حميضة بنت ياسر عن جدتها يسيرة وهي أم ياسر"[تاريخ ابن معين للدوري (3/ 50/ 205)].

وقال ابن الجنيد: "سمعت يحيى بن معين، يقول: هانئ بن عثمان: كوفي، روى عنه عبد الله بن داود وغيره حديث التسبيح بالأنامل؛ فإنها مستنطقات"[سؤالات ابن الجنيد (779)].

وقال الترمذي: "هذا حديث إنما نعرفه من حديث هانئ بن عثمان، وقد رواه محمد بن ربيعة، عن هانئ بن عثمان".

وقال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن يسيرة إلا بهذا الإسناد".

وقد حسن إسناده النووي في الأذكار (27)، وفي الخلاصة (1559).

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 87): "هذا حديث حسن".

* قلت: هانئ بن عثمان، وأمه حميضة بنت ياسر، وجدتها يسيرة: لا يعرفون إلا بهذا الحديث، وذكر ابن حبان لهم في ثقاته لا يرفع عنهم الجهالة، وإخراج حديثهم في صحيحه مبني على قاعدته في قبول حديث المجهول؛ إذا لم يكن منكراً عنده [انظر: التاريخ الكبير (8/ 232)، الكنى لمسلم (2192)، الجرح والتعديل (9/ 102)، الثقات (3/ 450) و (4/ 196) و (7/ 583)، المؤتلف للدارقطني (2/ 640) و (4/ 2276)، الاستيعاب (4/ 1788 و 1924)، الإكمال لابن ماكولا (2/ 537) و (7/ 332)].

ولم يرو عن هانئ هذا الحديث سوى أربعة فقط من الطبقة التاسعة، ولو صح أن الشعبي والثوري سمعا هذا الحديث من هانئ [كما جاء في رواية إسحاق بن سيار عن الخريبي:"قال عبد الله بن داود: وأخبرني شهاب رجل من قوم محمد بن قيس [وفي نسخة: محمد بن بشر]، أن الشعبي سمع هذا الحديث من هانئ"، وكما جاء في رواية ابن مكتوم عن الخريبي:"قال ابن داود: بلغني أن الثوري سأل هانئ عن هذا الحديث"]؛ فإن هذا لمما يقدح في ثبوت هذا الحديث؛ حيث أعرض الشعبي والثوري عن التحديث به، وكأنهما امتنعا من ذلك لاستغرابهما إياه، والشعبي كان لا يحدث إلا عن ثقة، ولا يرسل إلا صحيحاً، والثوري مشهور بالرواية عن الثقات.

* لكن هذا الحديث نص على نطق الجوارح في الطاعات، والذي جاء به القرآن هو نطق الجوارح على العصاة بما اقترفوا من المعاصي:

ص: 346

ففي سورة النور: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 23 - 25].

وفي سورة يس: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)} . وفي سورة فصلت: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [فصلت: 19 - 23].

فالمنافق والكافر في الآخرة يجادل عن نفسه، كما دل على ذلك القرآن في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى في سورة المجادلة:{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)} .

وقد روى عبيد الله بن عبيد الله الأشجعي [ثقة مأمون، أثبت الناس كتاباً في الثوري]، وأبو عامر القاسم بن محمد الأسدي [ليس بالمشهور، روى عنه: أبو تميلة يحيى بن واضح، ومنجاب بن الحارث. التاريخ الكبير (7/ 164)، كنى مسلم (2382)، الجرح والتعديل (7/ 119)]، ومهران بن أبي عمر [الرازي: لا بأس به، يغلط في حديث الثوري، التهذيب (4/ 167)، الميزان (4/ 196)، الثقات (7/ 523)، الإرشاد (2/ 662)]:

عن سفيان الثوري، عن عبيد المكتب، عن فضيل بن عمرو، عن الشعبي، عن أنس بن مالك، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال:"هل تدرون مم أضحك؟ "، قال قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:"من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بعداً لكُنَّ وسحقاً، فعنكنَّ كنتُ أناضل".

أخرجه مسلم (2969)، وأبو عوانة (2/ 67/ 1241 - إتحاف)، والنسائي في الكبرى (10/ 326/ 11589)، وابن حبان (16/ 358/ 7358)، وأحمد في مسائل ابنه صالح (915)، وابن أبي الدنيا في التوبة (18)، والبزار (14/ 45/ 7477)، وأبو يعلى (7/ 57/ 3977)، وابن جرير الطبري في التفسير (20/ 407)، وابن أبي حاتم في التفسير (8/ 2559/ 14301)، وابن منده في التوحيد (683)، والحاكم في المعرفة (38)، والبيهقي في الشعب (1/ 441/ 262)، وفي الأسماء والصفات (467)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1821)، والبغوي في التفسير (7/ 25)، وإسماعيل الأصبهاني في الحجة (122).

ص: 347

[التحفة (1/ 452/ 938)، الإتحاف (2/ 67/ 1241)، المسند المصنف (3/ 639/ 1850)].

قال النسائي: "ما أعلم أحداً روى هذا الحديث عن سفيان غير الأشجعي، وهو حديث غريب، والله أعلم"، قلت: لم ينفرد به الأشجعي عن الثوري، فقد توبع عليه.

قلت: وقد اختلف فيه على عبيد المكتب [انظر: ما أخرجه البزار (14/ 44/ 7476)، وأبو يعلى (7/ 55/ 3975)، وابن جرير الطبري في التفسير (20/ 407)، وابن أبي حاتم في التفسير (10/ 3271/ 18454)، والحاكم (4/ 601) (10/ 541/ 8992 - ط الميمان) (9/ 673/ 9033 - ط المنهاج القويم)، وابن بشران في الأمالي (380) و (1280)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 291)، وأبو الحسن الواحدي في التفسير الوسيط (4/ 30)، [الإتحاف (2/ 67/ 1241)، المسند المصنف (3/ 639/ 1850)]، والصحيح ما رواه عنه سفيان الثوري، كما قال أبو زرعة في العلل (2168)، وقال الدارقطني في العلل (12/ 112/ 2493) عن رواية الثوري:"وهو الصحيح"[ينتبه للسقط الواقع في العلل، ويصحح من المصادر السابق ذكرها، ومن حاشية المحقق]، وقد أقر مسلماً على تصحيحه: الحاكم والبيهقي.

وروى أيضاً: سفيان بن عيينة، وروح بن القاسم:

عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟

فذكر حديث الرؤية، ثم قال:"فيلقى العبد، فيقول: أي فُلْ ألم أكرمْك، وأسوِّدْك، وأزوِّجْك، وأسخِّرْ لك الخيل والإبل، وأذرْك ترأَسُ وتربَعُ؟ فيقول: بلى، قال: فيقول: أفظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كلما نسيتني، ثم يلقى الثاني فيقول: أي فُلْ ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع، فيقول: بلى، أي ربِّ، فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثالث، فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب آمنت بك، وبكتابك، وبرسلك، وصليت، وصمت، وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: هاهنا إذاً، قال: ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، ويتفكر في نفسه: من ذا الذي يشهد عليَّ؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك ليُعذِرَ من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط الله عليه".

أخرجه مسلم (2968)، وأبو عوانة (14/ 557/ 18216 - إتحاف)، وأبو داود (4730)[مختصراً بأوله]، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 369 و 371)، وابن حبان (10/ 499/ 4642) و (16/ 367/ 7367) و (16/ 478/ 7445)، والحميدي (1212)، وأبو إسحاق العسكري في الثاني من مسند أبي هريرة (99)، وابن أبي عاصم في السُّنَّة (445 و 632)، وعبد الله بن أحمد في السُّنَّة (422 و 423)، وأبو يعلى (12/ 45/ 6689)[مختصراً بأوله]، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (825 و 1394)، وابن

ص: 348

أبي حاتم في التفسير (2/ 406/ 2142) و (4/ 1280/ 7222)، والآجري في الشريعة (596)، وفي التصديق بالنظر (27)، والدارقطني في الرؤية (17 - 9 1)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (561)، وابن منده في الإيمان (809)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (819 - 823) و (6/ 1238/ 2197)، والبيهقي في الشعب (1/ 442/ 263)، وفي الأسماء والصفات (466)، والبغوي في شرح السُّنَّة (15/ 146/ 4328)، وفي التفسير (7/ 24)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (30/ 100)، وغيرهم. [التحفة (9/ 174/ 12666)، الإتحاف (14/ 557/ 18216)، المسند المصنف (34/ 605/ 16535)].

وانظر: جامع الترمذي (2428)، مسند أحمد (2/ 492)، التحفة (3/ 321/ 4013).

* وقد روي عن عبد الله بن مسعود قال: "يجادل المنافق عند الميزان، ولدفع الحق ويدعي الباطل، فيختم على فيه، ثم تستنطق جوارحه فتشهد عليه، ثم يطلق عنه، فيقول: بُعداً لكُنَّ وسُحقاً؛ إنما كنت أجادل عنكنَّ"[معاني القرآن للنحاس (6/ 257)].

* والحاصل: فإن الله تعالى من فضله وإنعامه على عباده المؤمنين لا يحوجهم إلى استنطاق جوارحهم لتشهد لهم بأعمالهم الصالحة؛ فالمؤمن مستيقن أنه لا يخفى على ربه وزن خردلة ولا مثقال ذرة في برها وبحرها، وفي ظلمات الأرض من لحظة أو طرفة أو فكرة أو حركة، وهو يعامل عباده المؤمنين بلطفه وإحسانه، وفضله وإنعامه، يجازي بالحسنة عشرة إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ويجازي بالسيئة مثلها ويعفو ويغفر، بخلاف المنافق والكافر الجاحد؛ فإنه ينكر علم الله تعالى واطلاعه على معاصيه التي عملها في السر، فينكر ذلك يوم القيامة؛ لذا فإن الله يختم على أفواههم، وُينطق جوارحهم لتشهد عليهم بأعمالهم، والله أعلم.

1502 -

قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، ومحمد بن قدامة، في آخرين، قالوا: حدثنا عثام، عن الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح، قال ابن قدامة: بيمينه.

حديث صحيح دون زيادة: بيمينه؛ فإنها شاذة

* أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في السنن (2/ 253)، وفي الدعوات الكبير (332). [التحفة (6/ 23/ 8637)، المسند المصنف (17/ 61/ 7949)].

* وأخرجه من طريق عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري [ثقة ثبت]: الطبراني في الأوسط (8/ 258/ 8568).

* وأخرجه من طريق محمد بن قدامة بن أعين [ثقة]: البيهقي في السنن (2/ 187).

هكذا رواه عن ابن قدامة: أبو داود السجستاني [ثقة حافظ، إمام مصنف]، وأبو

ص: 349

حفيص عمر بن الحسن بن نصر الحلبي [ثقة. سؤالات الحاكم (157)، تاريخ بغداد (13/ 67 - ط الغرب)، السير (14/ 254)، تاريخ الإسلام (7/ 121)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 276)].

وقالا فيه: يعقد التسبيح بيمينه.

وزيادة: بيمينه في هذا الحديث: زيادة شاذة؛ حيث تفرد بها ابن قدامة دون بقية من روى الحديث من الثقات عن عثام بن علي؛ فضلاً عن كون ابن قدامة كان أحياناً يرويه بدون الزيادة:

* فقد رواه محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، والحسين بن محمد بن أيوب الذارع، ومسدد بن مسرهد، وأبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي، ومحمد بن عبد الله بن بزيع، ومحمد بن أبي بكر بن علي المقدمي [وهم بصريون ثقات]، ويوسف بن عدي [كوفي، ثقة]، وعلي بن عثام [كوفي، ثقة]، ومحمد بن قدامة [مصيصي، ثقة][وعنه بهذا الوجه بدون زيادة: بيمينه؛ إسحاق بن إبراهيم بن يونس بن موسى البغدادي المنجنيقي، وهو: ثقة. التهذيب (1/ 114)، مغاني الأخيار (1/ 39)]:

حدثنا عثام بن علي، عن الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح.

وفي رواية محمد بن عبد الأعلى الصنعاني [عند الترمذي (3486)]: يعقد التسبيح بيده.

وفي رواية أحمد بن المقدام [عند ابن حبان]: يعقد التسبيح بيده. وفي رواية له عند البيهقي: يعقد التسبيح في الصلاة. وروايته عند البغوي كالجماعة، وزيادة: بيده عنه محفوظة؛ حيث رواها عنه: أحمد بن يحيى بن زهير التستري، وهو: ثقة حافظ حجة [السير (14/ 362)، التذكرة (2/ 757)]، وذكر اليد في هاتين الروايتين زيادة بيانية تفسيرية، فإن التسبيح لا يعقد إلا باليد.

أخرجه الترمذي (3411 و 3486)، والنسائي في المجتبى (3/ 79/ 1355)، وفي الكبرى (2/ 104/ 1280)، وابن حبان (3/ 123/ 843)، والحاكم (1/ 547)(2/ 574/ 2029 - ط الميمان)(3/ 123/ 2025 - ط المنهاج القويم)، والبزار (6/ 287/ 2406)، وأبو العباس السراج في مسنده (384)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (370)، والطحاوي في المشكل (10/ 284/ 4092)، والطبراني في الأوسط (8/ 258/ 8568)، وفي الدعاء (1773)، والبيهقي في السنن (2/ 253)، وفي الدعوات الكبير (331)، والبغوي في الشمائل (1152)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 89). [التحفة (6/ 23/ 8637)، الإتحاف (9/ 461/ 11675)، المسند المصنف (17/ 61/ 7949)].

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من حديث الأعمش"[طبعة التأصيل (4/ 441/ 3696)].

ص: 350

وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، من حديث الأعمش عن عطاء بن السائب. وروى شعبة والثوري هذا الحديث عن عطاء بن السائب بطوله.

وفي الباب: عن يسيرة بنت ياسر".

وقال البزار: "ولا نعلم أسند الأعمش عن عطاء بن السائب إلا هذا الحديث، ولا رواه عن الأعمش، إلا عثام بن علي".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا عثام بن علي".

وحسن إسناده النووي في الأذكار (28)، وصحح إسناده في الخلاصة (1560).

وقال ابن حجر: "هذا حديث حسن".

ثم قال: "رجال هذا الإسناد غالبهم كوفيون، وكلهم ثقات، إلا أن عطاء بن السائب اختلط، ورواية الأعمش عنه قديمة؛ فإنه من أقرانه، والسائب والد عطاء هو: ابن مالك، وثقه ابن معين والعجلي".

قلت: هذا الحديث مداره على عطاء بن السائب، وكان قد اختلط، فمن سمع منه قديماً فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشيء، وممن سمع منه قديماً: شعبة، وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وأيوب السختياني، وسفيان بن عيينة، وهشام الدستوائي، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية.

وممن سمع منه بأخرة بعد الاختلاط: جرير بن عبد الحميد، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد الوارث بن سعيد، ومحمد بن فضيل، وعبد العزيز بن عبد الصمد، وبالجملة: أهل البصرة، قال أبو حاتم:"وفي حديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة لأنه قدم عليهم في آخر عمره"[راجع الكللام عن عطاء بن السائب، ومن روى عنه قبل وبعد الاختلاط: فضل الرحيم الودود (3/ 216/ 249) و (9/ 434/ 863)][تخريج أحاديث الذكر والدعاء (1/ 62/ 36)].

والأعمش أكبر من هؤلاء، وأقدم منهم موتاً.

وعثام بن علي العامري: كوفي، ثقة، من أصحاب الأعمش.

* قلت: وقد ثبت عندي أن عثام بن علي لم ينفرد بهذا الحديث عن الأعمش، فقد توبع عليه بإسناد صحيح عالٍ:

فقد روى جعفر الخلدي [توفي سنة (348)] في جزء من فوائده (233)، قال: حدثنا محمد: حدثنا يزيد بن هارون: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح.

قلت: وهذا إسناد صحيح عالٍ إلى الأعمش، وبه ثبتت متابعة عثام بن علي، من قبل أحد أصحاب الأعمش المكثرين عنه: أبي بكر بن عياش [ثقة، صحيح الكتاب، مكثر عن الأعمش].

ص: 351

ويزيد بن هارون: ثقة متقن، والراوي عنه: أحد كبار الحفاظ المتقنين: محمد بن عبد الله بن سليمان، المعروف بحطين، وهو: ثقة حافظ متقن، وجعفر بن محمد بن نصير الخلدي: ثقة [تاريخ بغداد (8/ 145 - ط الغرب)، الأنساب (2/ 389)، السير (15/ 558)، تاريخ الإسلام (7/ 862 - ط الغرب)].

وقد روى مطين: ثنا مالك بن فديك: ثنا الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن؛ أنه كان يعد الآي في الصلاة ويعقد. من قول أبي عبد الرحمن السلمي.

أخرجه جعفر الخلدي في جزء من فوائده (234)، والبيهقي في السنن (2/ 253).

* وللأعمش في عد الآي أسانيد أخرى عن جماعة من التابعين:

انظر ما أخرجه: ابن أبي شيبة (1/ 426/ 4896)، وجعفر الخلدي في جزء من فوائده (235 و 236)، وأبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (43)، والبيهقي في السنن (2/ 253).

ومالك بن فديك: ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 165)، وقال:"يروي عن زفر بن الهذيل، مستقيم الحديث، روى عنه الكوفيون"، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (5/ 457 - ط الغرب):"سمع من الأعمش، لقيه مطين، خرج له البيهقي في الصلاة، لم أره في كتاب ابن أبي حاتم، ولا غيره".

* قلت: لا يُعلُّ هذا حديث عثام بن علي وأبي بكر بن عياش عن الأعمش، فإن الأعمش واسع الرواية، يحتمل منه التعدد في الأسانيد، ويؤكد ذلك:

أن وكيع بن الجراح، رواه عن سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، قال: رأيت أبا عبد الرحمن يعد الآي في الصلاة.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 426/ 4901).

وهذا صحيح عن أبي عبد الرحمن السلمي، مقطوعاً عليه.

ثم إن الأعمش لم ينفرد بهذا الحديث عن عطاء:

* فقد رواه أبو داود الطيالسي، وعفان بن مسلم، وآدم بن أبي إياس [وهم ثقات، من أصحاب شعبة]:

ثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح.

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (381)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (367)، والحاكم (1/ 547)(2/ 573/ 2028 - ط الميمان)(3/ 123/ 2024 - ط المنهاج القويم)، والبيهقي في السنن (2/ 253). [الإتحاف (9/ 461/ 11675)].

* ورواه عبد الرحمن بن مهدي [ثقة حافظ، حجة إمام، من أثبت أصحاب الثوري وشعبة]: ثنا سفيان [وشعبة]، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن؛ يعني: التسبيح.

ص: 352

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (380)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (366).

وهذا حديث صحيح، قد رواه عن عطاء بن السائب قدماء أصحابه، الثوري وشعبة وغيرهما، كما يأتي بيانه.

* ورواه محمد بن فضيل [ثقة، ممن روى عن عطاء بعد الاختلاط]، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقده بيده؛ يعني: التسبيح.

كذا رواه ابن أبي شيبة، وهو المحفوظ، ورواه يحيى بن سليمان الجعفي بلفظ: يعقد التسبيح بيده بعد الصلاة، وهي رواية شاذة.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 161/ 7663)؛ وأبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (64)؛ [المسند المصنف (17/ 61/ 7949)].

قلت: يحيى بن سليمان بن يحيى بن سعيد الجعفي، أبو سعيد الكوفي المقرئ؛ سكن مصر ومات بها، روى عنه البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم، وقال:"شيخ"، وقال الدارقطني ومحمد بن عبد الله بن أبي دُليم:"ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أغرب"، وقال مغلطاي في آخر ترجمته:"وقال مسلمة في الصلة: لا بأس به، وكان عند العقيلي ثقة، وله أحاديث مناكير رواها"، ولم يخرج له البخاري في صحيحه شيئاً عن أهل الكوفة، ولا عن أهل العراق عامة، ولا عن أهل الحجاز، ما أخرج له إلا من روايته عن عبد الله بن وهب المصري وحده، وقال النسائي:"ليس بثقة"[التعديل والتجريح (3/ 1220/ 1478)، ترتيب المدارك (2/ 192/ 207 - ط الرسالة)، تاريخ الإسلام (17/ 399)، إكمال مغلطاي (12/ 324)، التهذيب (4/ 363)، غاية النهاية (2/ 373)]. وانظر في أوهامه: علل الدارقطني (4/ 166/ 490) و (7/ 221/ 1305) و (10/ 169/ 1961) و (14/ 382/ 3731)؛ فلا يحتمل تفرد مثله، والله أعلم.

* ورواه أبو المنذر: ثنا المسعودي، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن، يعني: التسبيح.

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (382)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (368).

وهذا حديث صحيح، عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي: ثقة، اختلط قبل موته، وقد رواه عنه: أبو المنذر إسماعيل بن عمر الواسطي نزيل بغداد، وهو: ثقة، ولم أجد من نص على سماعه من المسعودي قبل الاختلاط؛ إلا أن روايته محفوظة، موافقة لرواية الجماعة [انظر: التهذيب (2/ 523)، شرح العلل (2/ 747)، التقييد والإيضاح (430)، الكواكب النيرات (35)، تاريخ بغداد (10/ 218)].

* ورواه محمد بن الأعجم الصنعاني: ثنا حريز بن المسلم: ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح.

ص: 353

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 121/ 7035).

وعبد العزيز بن أبي رواد، وابنه عبد المجيد: صدوقان، لهما أوهام ومناكير، وما أنكروه على عبد المجيد أكثر، ولا تصح هذه المتابعة، ولا تثبت عن عبد المجيد بن أبي رواد المكي، حيث تفرد بها عنه أحد الغرباء من أهل اليمن: حريز بن المسلَّم، وهو: رجل مجهول من أهل صنعاء، ترجم له ابن حبان في الثقات، فقال:"حريز بن مسلم بن حريز الصنعاني: يروي عن سفيان بن عيينة، روى عنه أهل اليمن"[الثقات (8/ 213)]، وترجم له ابن ماكولا في الإكمال (7/ 244) فقال:"يروي عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وغيره، روى عنه الفاكهي"، وله ترجمة في المؤتلف والمختلف للدراقطني (4/ 2002)، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين الدمشقي (2/ 291) و (8/ 148)، وقال الهيثمي في المجمع (5/ 175) و (7/ 281):"لم أعرفه"، ثم إن الراوي عنه: محمد بن الأعجم الصنعاني، شيخ الطبراني: لم أعثر له على ترجمة، وهو في عداد المجاهيل.

وهذا الحديث في عقد التسبيح هو طرف من حديث طويل:

رواه سفيان الثوري [وعنه: أبو نعيم الفضل بن دكين، وعبيد الله بن عبيد الله الأشجعي، وقبيصة بن عقبة، وعبد الرزاق بن همام، والحسين بن حفص الأصبهاني، ومهران بن أبي عمر، وهم ثقات من أصحاب الثوري؛ عدا الأخير، فهو متكلَّم في روايته عن الثوري]، وشعبة [وعنه: غندر محمد بن جعفر، وحفص بن عمر الحوضي، وأبو الوليد الطيالسي، وهم ثقات من أصحاب شعبة]، وأيوب السختياني، وحماد بن زيد، وزائدة بن قدامة، وسفيان بن عيينة [وعنه: الحميدي، وابن المقرئ محمد بن عبد الله بن يزيد، وحامد بن يحيى البلخي، وهم ثقات، [وهؤلاء ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط].

وإسماعيل بن أبي خالد [ثقة ثبت، وعنه: أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وهو: كوفي ثقة، [وإسماعيل من القدماء، من طبقة عطاء أو أكبر منه، وهو أقدم وفاة من الأعمش، توفي سنة (146)؛ فهو أقدم وفاة بكثير من سفيان وشعبة].

وأبان بن صالح [ثقة، قديم الموت، وفي الإسناد إليه: زمعة بن صالح، وهو: ضعيف].

ومسعر بن كدام [ثقة ثبت] [وعنه: أبو أسامة حماد بن أسامة، وهو: ثقة ثبت، وعبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي، نزيل مصر، وهو: منكر الحديث.

اللسان (4/ 554)] [ومسعر من طبقة من سمع من عطاء قبل الاختلاط، وهو أقدم وفاة من الثوري وشعبة].

وإبراهيم بن طهمان [ثقة، وعنه: يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد المكي، نزيل القلزم، وهو: لا بأس به، وثقه ابن يونس. الجرح والتعديل (9/ 203)، الثقات (9/ 285)، تاريخ الإسلام (5/ 484 - ط الغرب)، مغاني الأخيار (3/ 253). وعنه: أبو يزيد يوسف بن يزيد بن كامل القراطيسي، وهو: ثقة][وإبراهيم من طبقة من سمع من عطاء قبل الاختلاط].

ص: 354

ومالك بن مغول [وعنه: الفرات بن خالد، وهو: ثقة، ومحمد بن سابق، وهو: لا بأس به، [ومالك من طبقة من سمع من عطاء قبل الاختلاط].

ومعمر بن راشد [ثقة ثبت في الزهري وابن طاووس، ويهم في حديث غيرهما][وهو من طبقة من سمع من عطاء قبل الاختلاط].

وأبو بكر النهشلي [كوفي، ثقة]، وورقاء بن عمر اليشكري [ثقة][وهما من طبقة من سمع من عطاء قبل الاختلاط].

وحماد بن سلمة [حماد بن سلمة شأنه شأن أبي عوانة: سمع من عطاء بن السائب في حال الصحة والاختلاط، ولم يفصل هذا من هذا، كما قال الإمام الناقد يحيى بن سعيد القطان، وله عنه أحاديث مستقيمة كما قال ابن معين وغيره، والأصل في هذه الأحاديث أنه لم ينفرد بها دون من روى عن عطاء قبل الاختلاط، أو قامت القرائن على أنه حمله عنه حال الصحة دون الاختلاط. راجع: فضل الرحيم الودود (3/ 215/ 249) و (9/ 434/ 863) و (12/ 413/ 1194)].

وإسماعيل بن عليه [ثقة ثبت]، وجرير بن عبد الحميد [ثقة]، وعلي بن عاصم [الواسطي: كثير الغلط والوهم، فإذا روجع أصر ولم يرجع، لذا فقد تركه بعضهم]، ومحمد بن فضيل [وعنه: أبو بكر ابن أبي شيبة، وأبو كريب محمد بن العلاء، وهما ثقتان حافظان، وأبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي، وهو: ضعيف]، [وهم ممن سمع من عطاء بعد الاختلاط] [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 736)، الكواكب النيرات (39)، التهذيب (3/ 103)، وغيرها].

وأبو الأحوص سلام بن سليم [ثقة متقن]، وشجاع بن الوليد [ثقة، وعنه: أحمد بن عيسى الكراجكي، وليس بالمشهور، انظر: الأنساب (5/ 42)، وعليه: فهو من غريب حديث أبي بدر شجاع بن الوليد]، وموسى بن أعين [جزري ثقة]، وعبد الله بن الأجلح [صدوق]، وأبو يحيى التيمي إسماعيل بن إبراهيم الأحول [ضعيف]، وأبو إسحاق الحميسي خازم بن الحسين [ضعيف، له غرائب كثيرة][وعنه: يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو: صدوق حافظ، اتهم بسرقة الحديث].

[وهؤلاء ممن لم يُذكر اسمه فيمن سمع من عطاء قبل الاختلاط، وهم من طبقة من سمع منه بعد الاختلاط. انظر: شرح العلل (2/ 735)، الكواكب النيرات (39)، وغيرها].

[راجع الكلام عن عطاء بن السائب، ومن سمع منه قبل وبعد الاختلاط: فضل الرحيم الودود (3/ 216/ 249) و (9/ 434/ 863)][وقد سمع منه قديماً: سفيان الثوري، وشعبة، وأيوب السختياني، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وهشام الدستوائي، وزهير بن معاوية، وزائدة بن قدامة]:

رواه كلهم [وهم خمسة وعشرون رجلاً]، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن

ص: 355

عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلتان لا يحصيهما رجلٌ مسلم إلا دخل الجنة، ألا وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله في دبر كل صلاة [مكتوبة] عشراً، ويحمده عشراً، ويكبره عشراً".

قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده [وفي رواية عبد الرزاق عن الثوري: يعدُّهنَ هكذا، وعدَّ بأصابعه، وفي رواية أبي نعيم عنه: يعدُّهن بيده].

قال: "فتلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمس مائة في الميزان، وإذا أخذت مضجعك تسبحه وتكبره وتحمده مائة [وفي رواية صحيحة: سبح ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وكبر أربعاً وثلاثين]، فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ ".

قالوا: فكيف لا نحصيها؟ قال: "يأتي أحدَكم الشيطانُ وهو في صلاته، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، حتى ينفتل، فلعله ألا يفعل [وفي رواية: ولعله أن لا يعقل، [وفي رواية: حتى ينصرف ولا يذكرها]، ويأتيه وهو في مضجعه، فلا يزال ينومه حتى ينام".

وفي رواية حماد بن زيد [عند النسائي]: "خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل"، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس؛ يسبح الله أحدُكم في دبر كل صلاة عشراً، ويحمد محشراً، ويكبر عشراً، فهي خمسون ومائة على اللسان، وألف وخمسمائة في الميزان".

فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده.

"فإذا أوى أحدكم إلى فراشه أو مضجعه سبح ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وكبر أربعاً وثلاثين، فهي مائة على اللسان وألف في الميزان"، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأيكم يعمل في كل يوم وليلة بألفين وخمسمائة سيئة؟ "، قيل: يا رسول الله، وكيف لا نحصيهما؟، قال:"إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته]: فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، ويأتيه عند منامه فينيمه".

ولفظ ابن عيينة [عند الحميدي]: ثنا عطاء بن السائب، قال: أخبرني أبي: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خصلتان هما يسير، ومن يعمل بهما قليل، ولا يحافظ عليهما مسلم إلا دخل الجنة"، قالوا: وما هما يا رسول الله؟ قال: "تسبح دبر كل صلاة عشراً، وتكبر عشراً، وتحمد عشراً، وتسبح عند منامك ثلاثة وثلاثين، وتحمد ثلاثة وثلاثين، وتكبر أربعاً وثلاثين"، ثم قال سفيان: أحدهن أربعاً وثلاثين، "فذلك مائتان وخمسين باللسان، وألفان وخمسمائة في الميزان".

قال عبد الله بن عمرو: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده.

ثم قال: "فأيكم يعمل في يومه وليله ألفي سيئة وخمسمائة سيئة"، قالوا: يا رسول الله فكيف لا يحافظ عليهما، قال:"يأتي الشيطانُ أحدكم فيقول له: اذكر كدا اذكر كذا، حتى يقوم ولم يقلها".

ص: 356

قال سفيان: هذا أول شيء سألنا عطاء عنه، وكان أيوب أمر الناس حين قدم عطاء البصرة أن يأتوه فيسألوه عن هذا الحديث.

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1216)، وأبو داود (5065)، والترمذي (3410)، والنسائي في المجتبى (3/ 74/ 1348)، وفي الكبرى (2/ 100/ 1272) و (9/ 299/ 10580) و (9/ 302/ 10586)، وابن ماجه (926)، وابن حبان (5/ 354/ 2012) و (5/ 361/ 2018)، وأحمد (2/ 165 و 205)، وعبد الرزاق (2/ 233/ 3189) و (2/ 234/ 3190)(2/ 516/ 3297 - ط التأصيل) و (2/ 517/ 3298 - ط التأصيل)، والحميدي (594)، وابن أبي شيبة (6/ 33/ 29264)، وعبد بن حميد (356)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (165)، والبزار (6/ 384 - 386/ 2403 - 2405) و (6/ 442/ 2479)، وابن جرير الطبري في تفسيره (23/ 395)، وأبو العباس السراج في مسنده (383 و 865)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (369 و 1312 و 1313 و 1908)، والطحاوي في المشكل (10/ 281/ 4088) و (10/ 282/ 4089) و (10/ 283/ 4090) و (10/ 284/ 4091) و (10/ 281/ 4093)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (954)، والطبراني في الكبير (13/ 579 - 581/ 14489 - 14491)، وفي الأوسط (3/ 214/ 2953) و (6/ 211/ 6215) و (7/ 275/ 7485)، وفي الدعاء (726 - 729)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (741)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (4/ 43)، والبيهقي في الشعب. (2/ 331/ 605)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (737)، وابن الفاخر في موجبات الجنة (171)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 281 و 284). [التحفة (6/ 24/ 8638)، الإتحاف (9/ 460/ 11674)، المسند المصنف (17/ 61/ 7949)].

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح.

وقد روى شعبة، والثوري، عن عطاء بن السائب، هذا الحديث، وروى الأعمش، هذا الحديث عن عطاء بن السائب مختصراً.

وفي الباب عن زيد بن ثابت، وأنس، وابن عباس".

وفي الموضع الثاني من المسند: قال عبد الله بن أحمد: "سمعت عبيد الله القواريري، سمعت حماد بن زيد، يقول: قدم علينا عطاء بن السائب البصرة، فقال لنا أيوب: ائتوه فاسألوه عن حديث التسبيح؟ يعني: هذا الحديث".

وفي رواية عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، مرفوعاً، ثم قال بعده: قال حماد بن زيد: كان أيوب حدثنا عن عطاء بن السائب بهذا الحديث، فلما قدم عطاء البصرة، قال لنا أيوب: قد قدم صاحب حديث التسبيح، فاذهبوا فاسمعوه منه [صحيح ابن حبان (2018)، الدعاء للطبراني (729)].

ص: 357

وفي مسند الحميدي: قال سفيان: هذا أول شيء سألنا عطاء عنه، وكان أيوب أمر الناس حين قدم عطاء البصرة أن يأتوه فيسألوه عن هذا الحديث.

قلت: وأيوب السختياني قد مات سنة (131)، وهذا يدل على أن حماد بن زيد وسفيان بن عيينة قد سمعاه من عطاء قبل اختلاطه، وأن أيوب كان سمعه من عطاء قديماً، ثم حدث به في حياة عطاء، وهذا مما يؤكد على كون هذا الحديث من صحيح حديث عطاء، والله أعلم.

وقال النووي في الأذكار (190)(2/ 279 - نتائج الأفكار): "إسناده صحيح؛ إلا أن فيه عطاء بن السائب، وفيه اختلاف بسبب اختلاطه، وقد أشار أيوب إلى صحة حديثه هذا".

وقال ابن حجر: "هذا حديث صحيح"، ثم تعقب كلام النووي في اختلاط عطاء بقوله:"لا أثر لذلك؛ لأن شعبة والثوري وحماد بن زيد سمعوا منه قبل اختلاطه، وقد اتفقوا على أن الثقة إذا تميز ما حدث به قبل اختلاطه مما بعده؛ قُبِل، وهذا من ذاك".

ثم ذكر قصة دلالة أيوب الناس على عطاء حين قدم البصرة؛ ليسمعوا منه هذا الحديث، ثم قال:"فدل هذا على أن عطاء حدث به قديماً، بحيث حدث به عنه أيوب في حياته، وهو من أقرانه أو أكبر منه، لكن في كون هذا حكماً من أيوب بصحة هذا الحديث نظر؛ لأن الظاهر أنه قصد له على علو الإسناد".

قلت: حديث عبد الله بن عمرو هذا: حديث صحيح، إسناده صحيح متصل، رجاله ثقات، سمع بعضهم من بعض، والسائب بن مالك والد عطاء: قد سمع عبد الله بن عمرو [انظر: التاريخ الكبير (4/ 154)].

ومن الأوهام الواقعة في حديث عبد الله بن عمرو هذا:

أ - خالفهم فقصر بإسناده ومتنه: العوام بن حوشب [ثقة ثبت، من طبقة من سمع من عطاء قبل الاختلاط، وأقدم وفاة من الثوري وشعبة]، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: من قال في دبر كل صلاة مكتوبة عشر تحميدات، وعشر تسبيحات، وعشر تكبيرات، وإذا أراد أن ينام ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وأربعاً وثلاثين تكبيرة، وداوم عليهن دخل الجنة.

أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 302/ 10587). [التحفة (6/ 24/ 8638)، المسند المصنف (17/ 64/ 7949)].

قلت: قصر به، ومثله لا يُقال من قبل الرأي والاجتهاد.

* وانظر أيضاً: ما أخرجه البزار (6/ 384/ 2403) و (6/ 442/ 2479).

ب - ورواه أحمد بن عمران الأخنسي، قال: سمعت أبا خالد الأحمر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الخير كثير، وقليل فاعله".

ص: 358

أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 279 - ط العلمية)، وأبو الشيخ في أمثال الحديث (21)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (208)، والدارقطني في الأفراد (1/ 610/ 3566 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (61)(1080 - المخلصيات)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 245)، والبيهقي في الشعب (1/ 349/ 7301)، والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 50 - ط الغرب)، وأبو طاهر السلفي في الثاني من المشيخة البغدادية (30)، وفي الرابع والثلاثين من المشيخة البغدادية (15).

قال ابن عدي: "لا أعلم يرويه عن إسماعيل غير أبي خالد الأحمر".

وقال الدارقطني: "غريب من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن عطاء، تفرد به: أبو خالد الأحمر عنه".

وقال ابن شاهين: "تفرد به أبو خالد عن إسماعيل، وهو حديث حسن غريب، حدث به القدماء عن أبى خالد".

قلت: هو حديث منكر بهذا اللفظ، رواه عن أبي خالد الأحمر: أحمد بن عمران الأخنسي، سماه البخاري محمداً، وقال:"يتكلمون فيه، منكر الحديث"، وقال أبو زرعة:"تركوه"، ومشاه بعضهم مثل: العجلي وابن حبان وابن عدي [انظر: التاريخ الكبير (1/ 202)، معرفة الثقات للعجلي (9)، الضعفاء للعقيلي (1/ 127)، الجرح والتعديل (2/ 64)، الثقات (8/ 13)، الكامل (6/ 277)، تاريخ بغداد (5/ 544 - ط الغرب)، اللسان (1/ 559)].

* قلت: ولم يتابعه عليه إلا من هو أسوأ منه حالاً:

رواه حسين بن عبد الأول الأحول: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "الخير كثير، ومن يعمل به قليل".

أخرجه ابن أبي عاصم في السُّنَّة (40)، والبزار (6/ 386/ 2405)، والطبراني في الأوسط (5/ 377/ 5608)، والبيهقي في الشعب (11/ 349/ 7301) و (15/ 559/ 10752).

قال البزار: "ولا نعلم أسند إسماعيل بن أبي خالد عن عطاء بن السائب إلا هذا الحديث، ولا رواه عن إسماعيل إلا أبو خالد".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن إسماعيل بن أبي خالد إلا أبو خالد الأحمر، ولا رواه عن أبي خالد إلا الحسين بن عبد الأول وأسد بن موسى".

وهذا حديث منكر؛ حسين بن عبد الأول: قال ابن معين: "لم يكن بثقة"، وسئل عنه أبو داود فوهاه وضعفه، وقال أبو حاتم:"تكلم الناس فيه"، وقال أبو زرعة:"روى أحاديث لا أدرى ما هي، ولست أحدث عنه"، قال ابن أبي حاتم: "ولم يقرأ علينا

ص: 359

حديثه"، ونقل الذهبي عن ابن معين تكذيبه إياه، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات [سؤالات ابن الجنيد (750)، التاريخ الكبير (2/ 393)، معرفة الثقات (309)، سؤالات البرذعي (2/ 680)، سؤالات الآجري (228)، الجرح والتعديل (3/ 59)، الثقات (8/ 187)، تاريخ الإسلام (5/ 556 - ط الغرب)، الميزان (1/ 539)، اللسان (3/ 180)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 424)].

• وهذا الحديث قد رواه أسد بن موسى [ثقة، مصري]، عن أبي خالد به نحو رواية الجماعة عن عطاء؛ إلا أنه قال في أوله: "خير كثير ومن يفعله قليل، في دبر كل صلاة مكتوبة عشر تكبيرات،

"، فذكر الحديث. [سنن النسائي الكبرى (10580)، مشكل الآثار (4088)].

وهذا بمعنى حديث الجماعة: "وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل"، وذلك في وصف الخصلتين من أبواب الخير، في الذكر الوارد دبر الصلوات المفروضة وقبل النوم.

فدل على أن الجملة الأولى ليست عامة، وإنما أطلقت مقيدة بالذكر الوارد دبر الصلاة، وقبل النوم، بخلاف اللفظ الأول الذي رواه هذان الضعيفان عن أبي خالد، فإنه عام؛ يقوم مقام القاعدة التي تندرج تحتها فروع كثيرة.

ج - روى عبد الله بن يزيد البكري، عن نصر بن طريف، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد الأي في الصلاة.

أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 577/ 14486)، وابن عدي في الكامل (7/ 34).

قال ابن عدي: "وهذا عن عطاء غير محفوظ، ويرويه عنه نصر بن طريف".

قلت: هذا حديث باطل؛ نصر بن طريف: متروك، معروف بالوضع [اللسان (8/ 261)]، وعبد الله بن يزيد البكري: ذاهب الحديث. قاله أبو حاتم [الجرح والتعديل (5/ 251)، علل الحديث لابن أبي حاتم (2363)، الميزان (2/ 526)، اللسان (5/ 42)].

• وإنما يُعرف هذا من فعل أبي عبد الرحمن السلمي: فقد روى سفيان الثوري، والأعمش: عن عطاء بن السائب، قال: رأيت أبا عبد الرحمن يعد الآي في الصلاة.

وهذا صحيح عن أبي عبد الرحمن السلمي، مقطوعًا عليه، وتقدم تخريجه في أول البحث.

* وقد روي نحو حديث عبد الله بن عمرو، من حديث سعد بن أبي وقاص، لكن بدون ذكر العقد في التسبيح:

رواه المبارك بن سعيد - أخو سفيان الثوري -، عن موسى الجهني، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيمنع أحدكم أن يكبر في دبر كل صلاة عشرًا، ويسبح عشرًا، ويحمد عشرًا، فذلك في خمس صلوات خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وإذا أوى إلى فراشه كبر أربعًا وثلاثين، وحمد ثلاثًا

ص: 360

وثلاثين، وسبح ثلاثًا وثلاثين، فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان"، قال: ثم قال: "وأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ ".

أخرجه ابن عرفة في جزئه (79)، ومن طريقه النسائي في الكبرى (9/ 67/ 9907)(153 - عمل اليوم والليلة)، والطبراني في الدعاء (724)، والبيهقي في الدعوات الكبير (391)، والخطيب في تاريخ بغداد (15/ 286 - ط الغرب)، وأبو الفتوح الطائي في الأربعين (7)، وابن عساكر في الأربعين الأبدال (42)، وفي تاريخ دمشق (52/ 108)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 285 - 286)، وحسنه. وفي الأربعين المتباينة السماع (8)، وغيرهم. [التحفة (3/ 289/ 3943)، المسند المصنف (9/ 30/ 4274)].

قال ابن حجر في الأربعين: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث المبارك بن سعيد، تفرد به: الحسن بن عرفة عنه".

• وهذه الرواية وهم؛ وهم فيها مبارك بن سعيد الثوري، وهو: ليس به بأس، وله أوهام [التهذيب (4/ 18)، الميزان (3/ 431)، الإكمال لمغلطاي (11/ 58)]:

إنما رواه شعبة، ويحيى بن سعيد القطان، وأبو عوانة، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومروان بن معاوية، وعبد الله بن نمير، وسفيان بن عيينة، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وأخوه محمد بن عبيد، وعلي بن مسهر، وجعفر بن عون، وعمر بن علي المقدمي، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي [وهم ثقات، أغلبهم حفاظ]، وغيرهم: عن موسى الجهني، عن مصعب بن سعد: حدثني أبي، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ "، فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: "يسبح مائة تسبيحة، فتكتب له ألف حسنة، وتحط عنه ألف خطيئة". وقال بعضهم: "يسبح مائة تسبيحة، فتكتب له ألف حسنة، وتحط عنه ألف خطيئة".

أخرجه مسلم (2698)، وأبو عوانة (20/ 414/ 11840) و (20/ 415/ 11841)، والترمذي (3463)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في الكبرى (9/ 67/ 9905 و 9906)(152 - عمل اليوم والليلة)، وابن حبان (3/ 108/ 825)، وأحمد (1/ 174 و 180 و 185)(1496 و 1563 و 1612 و 1613)، والحميدي (80)، وابن أبي شيبة (10/ 294)، والدورقي في مسند سعد (45)، وعبد بن حميد (134)، والبزار (3/ 360/ 1160)، وأبو يعلى (723 و 829)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (65 و 66)، والطبراني في الدعاء (1702 - 1706)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (62)(677 - المخلصيات)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 83 و 117)، والبيهقي في الدعوات الكبير (149)، وفي الشعب (2/ 316/ 593)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 44/ 1266)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (731)، وابن عساكر في الأربعين البلدانية (23)، وفي المعجم (286)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 286)،

ص: 361

وصححه. [التحفة (3/ 285/ 3933)، الإتحاف (5/ 124/ 5041)، المسند المصنف (9/ 110/ 4335)][وهو مخرج في أحاديث الذكر والدعاء برقم (28)].

وانظر فيمن وهم في إسناده: ما أخرجه الدورقي في مسند سعد (46).

• وقد روي عن موسى الجهني من وجه آخر من حديث أبي هريرة موقوفًا عليه، ولا يثبت لجهالة راويه:

رواه يعلى بن عبيد الطنافسي، عن موسى الجهني، عن موسى [ولم ينسب]، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال:

فذكره بمثل حديث المبارك بن سعيد، موقوفًا على أبي هريرة.

أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 68/ 9908)(10/ 72/ 10092 - ط التأصيل). [التحفة (3/ 289/ 3943) (10/ 333/ 14923)، المسند المصنف (9/ 30/ 4274)].

قال النسائي: "الصواب: حديث يعلى"[انظر: حاشية التحفة (3/ 321/ 3943 - ط المكتب الإسلامي)، الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع (8)].

وعلى هذا: فإن الراجح عند النسائي: حديث أبي هريرة الموقوف، ولا يثبت لجهالة موسى، راويه عن أبي زرعة، ووقع في حاشية التحفة (3/ 321/ 3943 - ط المكتب الإسلامي):"موسى الثاني: لا أعرفه"، ويحتمل أن يكون نقلًا عن النسائي؛ لاتصال الكلام والحكاية عنه، ويحتمل أن يكون من كلام المزي، وأيًا كان فإنه: لا يُعرف، والله أعلم.

[انظر: تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (28) و (120) (1/ 218)، فيما ورد في التسبيح عشرًا عشرًا].

° قال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 90): "ومعنى العقد المذكور في الحديث: إحصاء العدد، وهو اصطلاح للعرب، بوضع بعض الأنامل على بعض عقد الأنملة الأخرى، فالآحاد والعشرات باليمين، والمئون والآلاف باليسار، والله أعلم".

* * *

1503 -

. . . سفيان بن عيينة، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند جويرية، وكان اسمها برة، فحوَّل اسمها، فخرج وهي في مُصلاها، ورجع وهي في مُصلاها، فقال:"لم تزالي في مُصلاك هذا؟ "، قالت: نعم، قال:"قد قلتُ بعدكِ أربعَ كلماتٍ، ثلاثَ مراتٍ، لو وُزِنتْ بما قلتِ لوزَنَتْهنَّ، سبحان الله وبحمده عددَ خلقه، ورضا نفسه، وزِنةَ عرشه، ومِدادَ كلماته".

* حديث صحيح

أخرجه مسلم (2726)، وسبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 284/ 149).

ص: 362

ولفظ الحميدي (504): ثنا سفيان، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، قال: ثنا كريب أبو رشدين، قال: سمعت ابن عباس، يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت جويرية حين صلى الصبح، وكان اسمها برة، فسماها جويرية، كره أن يقال: خرج من عند برة، قال ابن عباس: فخرج من عندها حين صلى الصبح، ثم رجع إليها بعدما تعالى النهار، وهي جالسة في مصلاها، فقال لها:"لم تزالي في مجلسك هذا؟ "، قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد قلت بعدك أربع كلماتٍ ثلاث مراتٍ لو وزن بجميع ما قلت لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضى نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته".

° وهذا الحديث كان ابن عيينة يقول فيه مرة: عن ابن عباس: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت جويرية [كذا قال الحميدي عن ابن عيينة، وتابعه على ذلك في جعله من مسند ابن عباس: ابن المقرئ محمد بن عبد الله بن يزيد، وعبد الجبار بن العلاء، وداود بن أمية، وشعيب بن عمرو الدمشقي، وغيرهم. عند: أبي داود (1503)، والنسائي في الكبرى (9/ 71/ 9916)، وأبي عوانة (17/ 172/ 9363) و (17/ 173/ 9364) و (20/ 409/ 11832)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 17 و 394)، وفي الصحيح (753)، وابن حبان (832)، والطحاوي في المشكل (15/ 298/ 6033)، والبيهقي في الأسماء والصفات (400)، وفي الدعوات الكبير (127)، وأبي إسماعيل الهروي في الأربعين في دلائل التوحيد (10)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (760)، [التحفة (6358)، الإتحاف (8744 و 8755)، المسند المصنف (36/ 146/ 17381)].

• ومرة يقول: عن ابن عباس، قال: قالت جويرية بنت الحارث [كما عند ابن خزيمة (753)، من رواية يحيى بن حكيم عن ابن عيينة][الإتحاف (16/ 893/ 21369)].

ومرة يقول: عن ابن عباس، عن جويرية؛ أن النبي خرج من عندها [كما في رواية ابن المديني عن ابن عيينة، عند: البخاري في الأدب المفرد (647)، وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (300)، والبيهقي في الشعب (596)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 1267/45)، وفي التفسير (6/ 265)، وفي الشمائل (1151)]، وفي آخره: قال ابن المديني: "حدثنا به سفيان غير مرة، قال: حدثنا محمد، عن كريب، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عند جويرية، ولم يقل: عن جويرية إلا مرة"[وكذا وقع من مسند جويرية: في رواية قتيبة بن سعيد، وعمرو بن محمد الناقد، وابن أبي عمر العدني، عند: مسلم (2726) و (2140)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3108)، والطبراني في الكبير (24/ 62/ 163)، وفي الدعاء (1742)][التحفة (15788)، المسند المصنف (36/ 146/ 17381)].

* ورواه مسعر بن كدام: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن أبي رشدين، عن ابن عباس، عن جويرية، قالت: مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، أو بعدما صلى الغداة، وهي تذكر الله، فرجع حين ارتفع النهار، أو قال: انتصف النهار، وهي كذلك، فقال:

ص: 363

"لقد قلتُ منذ قمتُ عنكِ أربع كلماتٍ ثلاث مراتٍ، هي أكثر وأرجح، أو: أوزن مما قلتِ: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته". [عند مسلم (2726)، وأبي عوانة (20/ 411/ 11833)، والنسائي في الكبرى (9/ 72/ 9920)، وابن ماجه (3808)، وابن أبي شيبة (6/ 51/ 29395)، وإسحاق بن راهويه (2045 - ط التأصيل)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3106)، والطبراني في الكبير (24/ 62/ 161)، وفي الدعاء (1741)، وابن منده في معرفة الصحابة (2/ 964)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3230/ 7440)، والبيهقي في الأسماء والصفات (628)][التحفة (15788)، الإتحاف (16/ 893/ 21369)، المسند المصنف (36/ 146/ 17381)].

* ورواه شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن مولى طلحة، قال: سمعت كريبًا، يحدث عن ابن عباس، عن جويرية، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على جويرية باكرًا وهي في المسجد، تدعو ثم مر عليها قريبًا من نصف النهار، فقال:"ما زلت على حالك؟ "، قالت: نعم، قال صلى الله عليه وسلم:"ألا أعلمك كلمات تعدلهن بهن ولو وُزِنَّ بهنَّ وُزِنَّ، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله رنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كللماته". وكان اسمها برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية. [عند: الترمذي (3555)، والنسائي في المجتبى (3/ 77/ 1352)، وفي الكبرى (2/ 102/ 1277) و (9/ 72/ 9918 و 9919)، وأبي عوانة (17/ 174/ 9366)، وابن حبان (828 و 5829)، وأحمد (6/ 325 و 429)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3157)، وأبي يعلى (12/ 492/ 7068)، والطحاوي في المشكل (15/ 299/ 6535)، وابن أبي حاتم في العلل (2111)، والطبراني في الكبير (24/ 61/ 160)، وفي الدعاء (1742)، وأبي نعيم في الحلية (7/ 162)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (742)، وفي الحجة (89)][التحفة (6358) و (15788)، الإتحاف (8755) و (21369)، المسند المصنف (36/ 146/ 17381)، أوقد اختلف أصحاب شعبة، فمنهم من جعله من مسند ابن عباس، ومنهم من جعله من مسند جويرية، وهو الصواب].

* ورواه سفيان الثوري، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: كان اسم جويرية برة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية، وقال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، ثم خرج من عندها حين صلى الفجر، فجلس حتى ارتفع الضحى، ثم جاء وهي في مصلاها، فقالت: ما زلت بعدك يا رسول الله دائبةً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد قلتُ كلماتٍ يعدكِ لو وُزِنَّ به لرجحنَ بما قلتِ: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، ثلاث مرات". [عند: ابن سعد في

ص: 364

الطبقات (8/ 119)، وأحمد (1/ 258)، وعبد بن حميد (704)، والبخاري في الأدب المفرد (831)، وأبي عوانة (17/ 173/ 9365)، والطحاوي في المشكل (15/ 299/ 6034)، والطبراني في الدعاء (1742)، والبيهقي في الدعوات الكبير (322)، [الإتحاف (8755)، المسند المصنف (36/ 146/ 17381)].

* ورواه المسعودي [ورواه عنه ممن سمع منه قبل الاختلاط: خالد بن الحارث، وأبو نعيم الفضل بن دكين]، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان اسم جويرية بنت الحارث: برة، فحول النبي صلى الله عليه وسلم اسمها، فسماها جويرية، فمر بها تقرأ وهي في مصلاها تسبح وتذكر الله، ثم إنه مر بها بعدما ارتفع النهار، فقال:"يا جويرية ما زلتِ في مكانك؟ "، قالت: ما زلت في مكاني منذ تعلم، قال:"لقد تكلمت بأربع كلمات أعدتهن ثلاث مرات، هنَّ أفضل مما قلتِ"، أقالت: قلت: كيف؟ قال: "قلتُ]: سبحان الله عدد خلقه، [سبحان الله رضى نفسه]، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، والحمد لله مثل ذلك". [عند: النسائي في الكبرى (9/ 71/ 9917)، وأحمد (1/ 316 و 326 و 353)، وابن أبي شيبة (5/ 262/ 25897)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 84/ 1841 - السفر الثالث)، والبزار (11/ 379/ 5211)، والطحاوي في المشكل (15/ 300/ 6036 و 6037)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 233) [التحفة (6358)، الإتحاف (8755)، المسند المصنف (36/ 146/ 17381)].

قال النسائي: "جوَّده شعبة، رواه عن محمد بن عبد الرحمن، عن كريب، عن ابن عباس، عن جويرية"، فمال بذلك إلى أن الحديث من مسند جويرية، ومن جعله من مسند ابن عباس فقد قصر به، بينما حكم أبو زرعة لمن جعله من مسند ابن عباس، فقال:"الصحيح: عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم"[العلل (2111)].

* * *

1504 قال أبو داود: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية، قال: حدثني محمد بن أبي عائشة، قال: حدثني أبو هريرة، قال: قال أبو ذر: يا رسولَ الله، ذهب أصحابُ الدُّثورِ بالأجورِ، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فُضولُ أموالٍ يتصدَّقون بها، وليس لنا مالٌ نتصدَّقُ به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا ذر، ألا أعلِّمُك كلماتٍ تُدركُ بهنَّ من سبقك، ولا يلحقُك مَن خَلفَك إلا من أخد بمثل عملك؟ "، قال: بلى، يا رسول الله! قال: "تكبر الله عز وجل دُبرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين، وتحمده ثلاثًا وثلاثين، وتسبِحُه ثلاثًا وثلاثين، وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله

ص: 365