المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌358 - باب الدعاء - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٨

[ياسر فتحي]

الفصل: ‌358 - باب الدعاء

وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف".

وعلى هذا تجيء قراءة عمر بن الخطاب لسورة الفرقان وقراءة هشام بن حكيم لها، وإلا فكيف يستقيم أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة كل منهما -وقد اختلفتا-:"هكذا أقرأني جبريل"، هل ذلك إلا لأنه أقرأه بهذه مرة وبهذه مرة".

وقد احتج البيهقي في الخلافيات (3/ 233) بحديثي الزهري في المسألة، ثم أعقبهما بقول زيد بن ثابت: القراءة سنة، ثم قال:"إنما أراد -والله أعلم-: أن اتباع من قبلنا في الحروف والقراءات سنة متبعة؛ لا يجوز مخالفة المصحف الذي هو إمام، ولا مخالفة القراءات التي هي مشهورة، وإن كان غير ذلك سائغًا في اللغة وأظهر فيها، وبالله التوفيق".

وقال أبو المعالي الجويني في نهاية المطلب (2/ 202): "ولو دعا بالفارسية، بطلت صلاته، وكذلك لو أتى بترجمة القرآن، وقد ذكرنا أن ترجمة القرآن لا تقوم مقام القراءة، وخلاف أبي حنيفة مشهور فيه".

وقد ساق الفخر الرازي خمس عشرة حجة على بطلان صلاة من قرأ بترجمة القرآن، وقد أجاد في ذلك وأفاد، وذلك في تفسيره المسمى: مفاتيح الغيب (1/ 183 - 186)، وابتدأ المسألة بقوله:"قال الشافعي: ترجمة القرآن لا تكفي في صحة الصلاة لا في حق من يحسن القراءة ولا في حق من لا يحسنها، وقال أبو حنيفة: إنها كافية في حق القادر والعاجز".

وانظر: الأصل (1/ 16 و 219)، المدونة (1/ 62)، الأم، (1/ 103)، مختصر اختلاف العلماء (1/ 260)، المبسوط (1/ 37)، الحاوي الكبير (2/ 97)، الخلافيات (3/ 232)، التعليقة للقاضي حسين (2/ 725)، نهاية المطلب (2/ 202)، أحكام القرآن لابن العربي (4/ 88)، مفاتيح الغيب للفخر الرازي (1/ 183)، الشرح الكبير للرافعي (1/ 539)، المجموع (3/ 340)، اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 520)، مجموع الفتاوى (22/ 477)، وغيرها كثير.

* * *

‌358 - باب الدعاء

1479 -

. . . شعبة، عن منصور، عن ذر، عن يسيع الحضرمي، عن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدعاء هو العبادة، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].

حديث صحيح

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (714)، والنسائي في الكبرى (10/ 244/

ص: 269

11400)، والحاكم (1/ 491)(2/ 462/ 1823 - ط الميمان)، وأحمد (4/ 277)، وابن المبارك في الزهد (1298)، وفي المسند (71)، والطيالسي (2/ 147/ 838)، وابن جرير الطبري في تفسيره (20/ 353)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 631/ 1249)، وأبو بكر بن خلاد النصيبي في فوائده (21)، والطبراني في الكبير (21/ 149/ 191)، وفي الدعاء (2)، والخطابي في شأن الدعاء (4 - 5)، والقضاعي في مسند الشهاب (29)، والبيهقي في الشعب (3/ 70/ 1070). [التحفة (8/ 259/ 11643)، الإتحاف (13/ 537/ 17105)، المسند المصنف (25/ 294/ 11388)].

رواه عن شعبة: حفص بن عمر الحوضي، وغندر محمد بن جعفر، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأبو داود الطيالسي، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو زيد سعيد بن الربيع الهروي [وهم ثقات، وفيهم أثبت الناس في شعبة].

تابع شعبة عليه:

سفيان الثوري [وعنه: أبو نعيم الفضل بن دكين، وعبد الله بن المبارك، ومحمد بن يوسف الفريابي، وقبيصة بن عقبة، وأبو داود الحفري عمر بن سعد، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق بن همام، وقرن الأخيران منصورًا بالأعمش]، وجرير بن عبد الحميد، وأبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي [وهم ثقات]، والسدي [إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة: ليس به بأس، وقد ضُعِّف. التهذيب (1/ 158)، والراوي عنه: أسباط بن نصر، وهو: ليس بالقوي، التهذيب (1/ 109)]:

عن منصور، عن ذر، عن يسيع، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الدعاء هو العبادة"، ثم قرأ:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر: 60].

أخرجه الترمذي (3247)، وابن حبان (3/ 172/ 890)، والحاكم (1/ 490 - 491 و 491)(2/ 462/ 1822 - ط الميمان) و (2/ 463/ 1824 - ط الميمان)(3/ 6/ 1820 و 1827 - ط التأصيل)(1818 و 1820 - ط دار المنهاج القويم)، وأحمد (4/ 267 و 276 - 277)، وابن المبارك في الزهد (1299)، وفي المسند (71)، وعبد الرزاق في تفسيره (3/ 147/ 2685)[وفي سنده سقط]، والعجلي في الثقات (1852)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (112)، وأبو بكر ابن أبي مريم فيما رواه من حديث الفريابي عن الثوري (256)، والبزار (8/ 205/ 3243)، وابن جرير الطبري في تفسيره (20/ 353 و 354)، والطبراني في الكبير (21/ 148/ 189 و 190) و (21/ 150/ 192)، وفي الدعاء (1 و 3)، وابن المقرئ في المعجم (868)، وابن منده في التوحيد (2/ 180/ 320)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 280)، والقضاعي في مسند الشهاب (29)، والبيهقي في الشعب (3/ 70/ 1070)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 184/ 1384)، وفي

ص: 270

التفسير (7/ 156)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 110/ 1258)، وغيرهم. [التحفة (8/ 259/ 11643)، الإتحاف (13/ 537/ 17105)، المسند المصنف (25/ 294/ 1388)].

° تنبيه: وهم أبو حذيفة فقلب متنه، وقال:"العبادة هي الدعاء"[عند الطبراني في الكبير (189)، وفي الدعاء (1)].

وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: صدوق، كثير الوهم، سيئ الحفظ، ليس بذاك في الثوري، وضعفه جماعة في سفيان [التقريب (619)، شرح علل الترمذي (2/ 726)، التهذيب (4/ 188)].

• ورواه سفيان الثوري [وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق بن همام، وقرنا الأعمش بمنصور]، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ووكيع بن الجراح، وعبد اللّه بن إدريس، وعبد الله بن نمير، ومروان بن معاوية، وعبد اللّه بن داود الخريبي، وأبو عوانة، وزهير بن معاوية، وعقبة بن خالد، والقاسم بن معن [وهم ثقات، وفيهم أثبت الناس في الأعمش]، وفضيل بن عياض [ثقة، وهو غريب من حديثه، رواه عنه: سويد بن سعيد الحدثاني، وهو: صدوق، لكنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه]، وحفص بن غياث [ثقة ثبت، ولا يثبت من حديثه، رواه عنه: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وهو: ضعيف]، وغيرهم:

عن الأعمش، عن ذر، عن يسيع، عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة"، ثم تلا:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} الآية.

أخرجه الترمذي (2969 و 3247 و 3372)، والنسائي في الكبرى (10/ 244/ 11400)، وابن ماجه (3828)، والحاكم (1/ 490 - 491)(2/ 462/ 1822 - ط الميمان)(3/ 6/ 1825 - ط التأصيل)(1818 - ط دار المنهاج القويم)، وأحمد (4/ 267 و 271 و 276 و 276 - 277)، وعبد الرزاق في تفسيره (3/ 147/ 2685)[وفي سنده سقط]، وابن أبي شيبة (6/ 21/ 29167)، والبزار (8/ 204/ 3242) و (8/ 205/ 3243)، وابن جرير الطبري في تفسيره (3/ 228) و (20/ 352 و 353)، وابن أبي حاتم في التفسير (5/ 1499/ 8590) و (10/ 3269/ 18444)، والطبراني في الكبير (21/ 150/ 193) و (21/ 151/ 194 و 195)، وفي الأوسط (4/ 170/ 3889)، وفي الصغير (1041)، وفي الدعاء (5 - 7)، وابن منده في التوحيد (2/ 180/ 320)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (8/ 280)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 120)، والقضاعي في مسند الشهاب (29 و 30)، والبيهقي في الشعب (3/ 70/ 1070)، وفي الدعوات الكبير (4)، وأبو الحسن الواحدي في التفسير الوسيط (4/ 19)، وعبد الغني المقدسي في نهاية المراد (51)، والضياء في المنتقى من مسموعاته بمرو (1180)[سقط من إسناده شيخ أحمد بن يونس]، وغيرهم. [التحفة (8/ 259/ 11643)، الإتحاف (13/ 537/ 17105)، المسند المصنف (25/ 294/ 11388)].

ص: 271

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

وزاد في الموضع الأخير: "وقد رواه منصور، والأعمش، عن ذر، ولا نعرفه إلا من حديث ذر".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

وجود إسناده ابن حجر في الفتح (1/ 49).

° هكذا رواه أصحاب الأعمش، وهكذا رواه عن عبد اللّه بن داود الخريبي: مسدد بن مسرهد، وعمرو بن علي الفلاس، وعبيد اللّه بن عمر القواريري [وهم ثقات أثبات][عند ابن جرير، والطبراني في الدعاء (6)، والقضاعي، وأبي طاهر السلفي].

خالفهم: محمد بن الحجاج بن سليمان الحضرمي المصري [قال ابن أبي حاتم: "كتبت عنه بمصر، وهو: صدوق ثقة"، وقال مسلمة: "مصري ثقة"، وقال ابن يونس: "كان رجلًا صالحًا"، الجرح والتعديل (7/ 235)، غنية الملتمس (476)، تاريخ الإسلام (6/ 398 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 231)]: ثنا الخصيب بن ناصح: ثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن داود، عن الأعمش، عن ذر، عن يسيع، عن النعمان بن بشير؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} ، قال:"عن دعائي"، {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} .

أخرجه أبو عوانة الإسفراييني في زياداته على سؤالات المروذي وغيره لأحمد بن حنبل "العلل ومعرفة الرجال"(533)، والطبراني في الكبير (21/ 151/ 195)، وفي الأوسط (4/ 170/ 3889)، وفي الدعاء (4)، وأبو موسى المديني في اللطائف (68).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سفيان؛ إلا الخصيب بن ناصح".

وقال أبو موسى المديني: "هذا حديث غريب من حديث ابن عيينة عن عبد الله بن داود، ولم يروه غير الخصيب، ولا عنه إلا محمد بن الحجاج، وهو مشهور من حديث ذر، ومن حديث الأعمش عنه أيضًا هكذا. ورواه علقمة بن مرثد عن يسيع بن معدان، قال: قال الأشعث بن قيس سمعت النعمان بهذا"؛ كذا في المطبوع، وأرى عبارة:"قال الأشعث بن قيس" مقحمة في السياق، لا معنى لها، والذي في تاريخ البخاري: ذكر سماع يسيع من النعمان بغير واسطة.

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن سفيان بن عيينة: الخصيب بن ناصح، ولم يكن من أصحابه، قال ابن أبي حاتم:"سألت أبا زرعة عن الخصيب بن ناصح، فقال: ما به بأس إن شاء الله"، وهو ممن يخطئ ويخالف، قال ابن حبان في الثقات:"ربما أخطأ"، وذكره ابن خلفون في جملة الثقات، وقال:"قال محمد بن وضاح: سألت أحمد بن سعد بن الحكم عن الخصيب بن ناصح؛ روى عنه علي بن معبد؟ قال: الخصيب ثقة". [الجرح والتعديل (3/ 397)، علل الحديث (6/ 413/ 2630)، الثقات (8/ 232)، علل الدارقطني (8/ 141/ 1460) و (13/ 94/ 2975) و (13/ 193/ 3085)، تاريخ الإسلام (5/

ص: 272

68 -

ط الغرب)، إكمال مغلطاي (4/ 191)، التهذيب (1/ 543)]. وانظر بعض أوهامه: علل الحديث لابن أبي حاتم (6/ 413/ 2630)، علل الدارقطني (8/ 141/ 1460) و (13/ 94/ 2975) و (13/ 193/ 3085).

° وانظر فيمن وهم في إسناده على الأعمش: ما أخرجه أبو يعلى في المعجم (328)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 214 - ط الغرب).

• وروي من حديث محمد بن جحادة عن يسيع، ولا يثبت من حديثه [أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (20/ 353)] [تفرد به عن محمد بن جحادة: الحسن بن أبي جعفر، وهو: ضعيف، يروي الغرائب عن محمد بن جحادة. التهذيب (1/ 386)، الميزان (1/ 482)] [والراوي عنه: يوسف بن الغرق: كذبه الأزدي، وقال صالح بن محمد جزرة:"منكر الحديث"، وقال أبو حاتم:"ليس بالقوي"، وقال محمود بن غيلان:"ضرب أحمد ويحيى بن معين وأبو خيثمة على حديثه وأسقطوه". الجرح والتعديل (9/ 227)، الثقات (9/ 279)، الكامل (7/ 167)، تاريخ بغداد (14/ 297)، تاريخ الإسلام (13/ 488)، اللسان (8/ 563)].

والحاصل: فإن هذا الحديث قد رواه إماما أهل الكوفة وحافظاها:

منصور بن المعتمر، والأعمش، كلاهما: عن ذر بن عبد اللّه المرهبي [وهو: ثقة عابد، من الطبقة السادسة، مات قبل المائة، وقيل: بعدها]، عن يسيعٍ بن معدان [الحضرمي الكوفي، وهو: ثقة، من الطبقة الثالثة]، عن النعمان بن بشير مرفوعًا.

وهذا حديث صحيح، صححه الترمذي وابن حبان والحاكم، فإن قيل: لم يثبت سماع يسيع بن معدان من النعمان بن بشير في الأسانيد، قال البخاري في التاريخ الكبير (8/ 426):"يسيع الحضرمي: يعد في الكوفيين، عن النعمان بن بشير، روى عنه ذر الهمداني، وسمع عليًا، يقال: عن سلمة بن صالح، عن علقمة بن مرثد، عن يسيع بن معدان، قال: سمعت النعمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم بطوله، يتكلمون في سلمة".

وما وقع هنا في التاريخ الكبير، وفيه إثبات سماع يسيع من النعمان، فإنما هو من رواية سلمة بن صالح، وعقبه البخاري بقوله:"يتكلمون في سلمة"، كالمعل لهذا السماع.

قلت: سلمة بن صالح الأحمر الواسطي: ضعفوه، وتركه بعضهم، وقد أغلظ بعضهم فيه القول، وقد روى عن حماد بن أبي سليمان ومحمد بن المنكدر مناكير، لكن قال البخاري في التاريخ (4/ 85):"غلطوه في حماد بن أبي سليمان"، وعليه: فيترك فيهما، ويكتب حديثه في غيرهما، لا سيما وقد حسن ابن عدي القول فيه، وقال أحمد عنه في رواية حنبل:"سلمة الأحمر يحدث عن أبي إسحاق أحاديث صحاح؛ إلا أنه عن حماد مختلط الحديث"؛ فدل ذلك على التفصيل في روايته، وعدم ترك حديثه بالكلية، وهو معروف بالرواية عن علقمة بن مرثد [الكامل (3/ 330)، تاريخ بغداد (10/ 188 - ط الغرب)، اللسان (4/ 118)][راجع ترجمته تحت الحديث رقم (622 و 746)].

ص: 273

ويقال أيضًا: عادة البخاري رحمه الله تعالى في التاريخ الكبير أنه يذكر الوارد في الأسانيد من السماع وغيره، وعدم ذكر السماع هنا لا يعني حتمًا الانقطاع، لا سيما وقد أثبت البخاري السماع ليسيع من علي بن أبي طالب، وعلي أقدم موتًا من النعمان بن بشير، ففد مات علي سنة (40)، وله ثلاث وستون سنة، وقتل النعمان سنة (65)، وله أربع وستون سنة، وكان قد ولي إمرة حضرموت والكوفة وحمص، وكان خطيبًا مفوَّهًا، وعليه: فإن النعمان قد بقي بعد علي خمسًا وعشرين سنة، وقد جرت العادة أن الأمير هو الذي يصلي بالناس، ويخطب بهم الجمع والأعياد، وهذا مما يبعد شبهة الانقطاع عن هذا الحديث، حيث كان النعمان واليًا على الكوفة زمن معاوية بن أبي سفيان تسعة أشهر [طبقات ابن سعد (6/ 53)، الجرح والتعديل (8/ 444)]، وكان وقتها يسيع كبيرًا يحضر الجمعة والجماعة، كما ولَّى معاويةُ النعمانَ قبل ذلك حضرموت [أنساب الأشراف (5/ 161)]، ويسيع حضرمي أيضًا، فإن لم يكن سمع منه بحضرموت، سمعه بالكوفة على المنبر، والله أعلم.

كذلك فإن يسيع بن معدان يعد من المقلين، لا سيما ولا يعرف له راو سوى ذر المرهبي، ومع ذلك فقد وثقه النسائي، وقال عنه ابن المديني:"معروف"؛ فلم يجهله، وفي هذا قبول ضمني لحديثه، وقد أخرج حديثه هذا النسائي، واحتج به أبو داود، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم.

وكما قلت: فإن عدم ذكر السماع في الإسناد لا يعني قطعًا الانقطاع، فقد سبق أن ذكرت قريبًا حديثًا جزم شعبة فيه بعدم سماع التابعي من الصحابي، ومع ذلك فقد أخرجه البخاري في صحيحه (5027)، وهو حديث أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، قال شعبة:"ولم يسمع أبو عبد الرحمن من عثمان"، وقال أبو حاتم:"أبو عبد الرحمن السلمي: ليس تثبت روايته عن علي، فقيل له: سمع من عثمان بن عفان؟ قال: قد روى عنه، ولم يذكر سماعًا"، وقد قلت في الموضع المشار إليه: لم يثبت في رواية هذا الحديث سماع أبي عبد الرحمن السلمي من عثمان، إذ لم يقل: سمعت عثمان، وهو كما قال أبو حاتم:"لم يذكر سماعًا"، لكن القرينة الواردة في هذا الحديث تدل على سماعه منه، وذلك أنه كان كبيرًا في زمن عثمان، حتى إنه جلس لإقراء القرآن في زمن عثمان، بل قد اشتهر واستفاض أنه قرأ القرآن على عثمان، بل جزم الإمام البخاري في التاريخ الكبير (5/ 73) بإثبات السماع مطلقًا، ولم يعتد بقول شعبة هذا، لاشتهار صحبة أبي عبد الرحمن السلمي لعثمان بن عفان وأخذه القرآن عنه، فلم يحتج لذكر السماع في الأسانيد، وإنما اكتفى بشهرة الصحبة، وأنه أخذ عنه القرآن، وهذا يدل على سماعه منه؛ وإن لم يقل في الإسناد: سمعت عثمان؛ لذا قال البخاري في التاريخ: "سمع عليًا وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم"[راجع كلامي مفصلًا على حديث عثمان فيما تقدم برقم (1452)].

وانظر أيضًا مثالًا آخر، فيما رواه شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال

ص: 274

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة"[أخرجه البخاري (723)، ومسلم (433)، راجع تخريجه في فضل الرحيم الودود (7/ 368/ 668)]، وقد قال علي بن المديني:"سمعت يحيى يقول: كل شيء حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس: فهو على السماع من أنس؛ إلا حديث إقامة الصف، قال: قلت ليحيى: شعبة أجمل هذا لك؟ قال: نعم"، ولم يكن يخفى على الشيخين قول شعبة في عدم سماع قتادة لهذا الحديث من أنس؛ إلا أنه لما ترجح لهما اتصال الحديث من وجه آخر أخرجاه، والله أعلم.

والأمثلة على هذا المعنى كثيرة في الصحيحين وخارجهما [وانظر مثلًا: فضل الرحيم الودود (14/ 98/ 1273)]، إذ العبرة ليست فقط بثبوت السماع في الأسانيد، ولكن إذا دلت القرائن على الاتصال والسماع أعملناها وحكمنا بصحة الحديث، لا سيما مع تصحيح الأئمة له، وتلقيهم له بالقبول.

كما أن متن الحديث ليس فيه نكارة، بل معناه مشتهر معروف في القرآن والسُّنَّة، لا سيما وقد قام مقام التفسير لكلام اللّه تعالى، وهو موافق لدلالة القرآن، وهذا الصنف من العلم مما يتسمح فيه البخاري نوعًا ما، والله أعلم.

هذا مع العلم بأنني لا أتسمح في إثبات الاتصال بمجرد ثبوت المعاصرة والإدراك، بل لا بد من ثبوت السماع في الأسانيد، أو تقوم قرائن قوية دالة على الاتصال، مع عدم وجود النفي الصريح للسماع من إمام معتبر، ولم يخالف فيه، والله أعلم.

° وله إسناد آخر شديد الوهاء [أخرجه الدارقطني في الأفراد (2/ 149/ 4430 - أطرافه)][وهو باطل موضوع؛ تفرد به: أبو مريم عبد الغفار بن القاسم، وهو: رافضي، متروك الحديث، بل كان يضع الحديث. اللسان (5/ 226)، ولم يحدث به غير عبيد بن إسحاق العطار، وهو: منكر الحديث. اللسان (5/ 349)، كنى مسلم (69)، أسامي الضعفاء (195)].

ومن شواهده:

حديث ابن عباس:

رواه أحمد بن عبد الله بن يونس [ثقة حافظ]: ثنا كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس.

وعن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: أفضل العبادة الدعاء. وقرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} .

أخرجه الحاكم (1/ 491)(2/ 463/ 1825 - ط الميمان)(3/ 7/ 1828 - ط التأصيل)(1821 - ط دار المنهاج القويم).

قلت: وهذا حديث منكر، تفرد به: أبو العلاء كامل بن العلاء، وهو: ضعيف، له أحاديث مناكير، وأباطيل تفرد بها عن الثقات المشاهير، فضلًا عن كونه كثير الوهم على حبيب بن أبي ثابت [راجع ترجمته مفصلة تحت الحديث رقم (1354)].

ص: 275

وتفرد به أيضًا: أبو العلاء عن أبي يحيى القتات، وهو: مكثر عن مجاهد، لكنه ليس بالقوي، وقد تفرد به عن مجاهد.

• وروي معناه من حديث أبي هريرة، ولا يثبت [أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 88)][وهو حديث غلط، سبق تخريجه في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 876/ 389)].

وقد روي بلفظ آخر من حديث أنس بن مالك:

رواه الوليد بن مسلم [دمشقي، ثقة ثبت]، وعبد اللّه بن يوسف [التنيسي: ثقة ثبت]:

عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر [مصري، ثقة فقيه]، عن أبان بن صالح، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"الدعاء مخ العبادة".

أخرجه الترمذي (3371)، والطبراني في الأوسط (3/ 293/ 3196)، وفي الدعاء (8)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (2/ 588/ 738).

قال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبان إلا عبيد الله، تفرد به ابن لهيعة".

قلت: أبان بن صالح بن عمير بن عبيد القرشي مولاهم: ثقة، يروي عن أنس بواسطة الحسن البصري [سنن ابن ماجه (4039)]، ولا يحتمل تفرد ابن لهيعة به، فإنه ضعيف.

فهو حديث غريب؛ كما قال الترمذي.

• وأخرج عبد الكريم القشيري في الرسالة القشيرية (2/ 421)، بإسناد صحيح إلى: محمد بن أحمد العودي، قال: حدثنا كامل، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"الدعاء مخ العبادة".

قلت: وهذا غريب جدًا من حديث ابن لهيعة، تفرد به عنه: كامل بن طلحة الجحدري البصري، نزيل بغداد، وهو: لا بأس به، ولا يُعرف من حديث كامل، ولا يثبت عنه، فهو كثير الأصحاب جدًا، روى عنه جماعة من الأئمة والمصنفين والنقاد، مثل: أبي داود السجستاني في كتاب المسائل، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وأبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، وأحمد بن علي الأبار، وأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، وحنبل بن إسحاق بن حنبل الشيباني، وأبي خيثمة زهير بن حرب، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وأبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، وأبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد بن عبد اللّه بن سليمان الحضرمي الحافظ مطين، وموسى بن هارون الحافظ، ويحيى بن معلى بن منصور الرازي، ويعقوب بن سفيان الفارسي، وغيرهم.

فكيف ينفرد دونهم: محمد بن أحمد بن هارون العودي: قال الدارقطني: "ثقة"[المؤتلف للدارقطني (3/ 1731)، سؤالات الحاكم (202)، الإكمال لابن ماكولا (6/ 336)، الأنساب (4/ 256)]، وليس هو بذاك المشهور.

والمعروف عن ابن لهيعة في هذا الحديث: هو ما رواه عنه أصحابه الثقات: الوليد بن

ص: 276

مسلم، وعبد اللّه بن يوسف، وانتشر حديثه في الآفاق، ورواه أصحاب الحديث في السنن والمعاجم وغيرها؛ ثم هو بعد ذلك حديث غريب لتفرد ابن لهيعة به، والله أعلم.

• وروي عن أنس بلفظ حديث النعمان بإسناد غريب، وفيه انقطاع [أخرجه ابن المقرئ في المعجم (1177)].

• وروي من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن، ولا يثبت [أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات" (845)، ومن طريقه: الشجري في الأمالي الخميسية (1022 - ترتيبه)]، [رواه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة: الهيثم بن جماز، وهو: متروك، منكر الحديث. اللسان (8/ 353)].

* * *

1480 -

. . . يحيى، عن شعبة، عن زياد بن مخراق، عن أبي نَعامة، عن ابنٍ لسعد، أنه قال: سمعني أبي، وأنا أقول: اللَّهُمَّ إني أسألك الجنة، ونعيمها، وبهجتها، وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار، وسلاسلها، وأغلالها، وكذا وكذا، فقال: يا بني، إني سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، يقول:"سيكون قومٌ يعتدون في الدعاء"، فإياك أن تكون منهم، إنك إن أُعطيتَ الجنةَ أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أُعذتَ من النار أُعذتَ منها، وما فيها من الشرِّ.

حديث معلول، صوابه من حديث عبد الله بن مغفل، ولا يثبت

سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء برقم (441 و 442)، وفي فضل الرحيم الودود (1/ 393/ 96).

* * *

1481 -

. . . عبد الله بن يزيد: حدثنا حيوة: أخبرني أبو هانئ [حميد بن هانئ]؛ أن أبا علي عمرو بن مالك حدثه؛ أنه سمع فضالة بن عبيد- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو في صلاته لم يمجِّدِ اللّه تعالى، ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:"عجِلَ هذا"، ثم دعاه، فقال له- أو لغيره-:"إذا صلى أحدكم، فليبدأ بتمجيد ربه، والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعدُ بما شاء".

حديث حسن

سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 930/ 412)، وهو حديث حسن. وانظر: فضل الرحيم الودود (10/ 402/ 982).

ص: 277

1482 -

. . . الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك.

حديث صحيح

أخرجه ابن حبان (3/ 149/ 867)، والحاكم (1/ 539)(2/ 557/ 2001 - ط الميمان)، وأحمد (6/ 148 و 189)، والطيالسي (3/ 94/ 1594)، وابن أبي شيبة (6/ 21/ 29165)(16/ 109 - 110/ 31123 - ط الشثري)، والطحاوي في المشكل (15/ 290/ 6029)، والطبراني في الأوسط (5/ 162/ 4946)، وفي الدعاء (50)، والبيهقي في الدعوات الكبير (327)، وعبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (74). [التحفة (11/ 814/ 17805)، الإتحاف (17/ 571/ 22815)، المسند المصنف (39/ 126/ 18699)].

رواه عن الأسود بن شيبان: يزيد بن هارون [واللفظ له]، وعبد الرحمن بن مهدي، وعفان بن مسلم، وأبو داود الطيالسي، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، ووهب بن جرير.

لفظ عبد الرحمن بن مهدي [عند أحمد]: عن الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل، قال: سألت عائشة: أكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يُتسامع عنده الشعر؟ فقالت: [قد] كان أبغض الحديث إليه. وقال: عن عائشة: كان [رسول الله صلى الله عليه وسلم] يعجبه الجوامع من الدعاء، ويدع ما بين ذلك.

• ولفظ عفان بن مسلم [عند ابن أبي شيبة والحاكم]، قال: حدثنا الأسود بن شيبان، قال: حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب [وفي المستدرك: يعجبه] الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك [وفي المستدرك: ويترك ما بين ذلك]. وكذا قال أبو الوليد ووهب [عند ابن حبان والطحاوي والطبراني]: عن أبي نوفل بن أبي عقرب.

قال الطبراني: "لا يروي هذا الحديث عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: الأسود بن شيبان".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

قلت: وهو كما قال، فإن رجاله ثقات رجال مسلم، وقد سمع أبو نوفل بن أبي عقرب من عائشة.

وقال النووي: "رواه أبو داود بإسناد جيد"[الأذكار (1162)، رياض الصالحين (1466)].

قلت: هو حديث صحيح [راجع: تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1183/ 623)].

وقد صح معناه عن عائشة من وجه آخر:

فقد روى النضر بن شميل [واللفظ له]، وغندر محمد بن جعفر، وآدم بن أبي إياس، وأبو داود الطيالسي، وعبد الصمد بن عبد الوارث [وهم ثقات]:

ص: 278

عن شعبة: نا جبر بن حبيب، قال: سمعت أم كلثوم بنت علي، تحدث عن عائشة؛ أن أبا بكر دخل على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ليكلمه في حاجة، وعائشة تصلي، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:"يا عائشة! عليك بالجوامع والكوامل، قولي: اللَّهُمَّ إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللَّهُمَّ إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللَّهُمَّ إني أسألك مما سألك منه محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك مما استعاذ منه محمد صلى الله عليه وسلم، اللَّهُمَّ ما قضيت لي من قضاء فاجعل عاقبته لي رشدًا".

أخرجه الحاكم (1/ 521 - 522)(2/ 522/ 1935 - ط الميمان)، وأحمد (6/ 146 - 147 و 147)، وإسحاق بن راهويه (2/ 45/ 1164)، والطيالسي (3/ 148/ 1674)، والطحاوي في المشكل (15/ 291/ 6024)، والبيهقي في الدعوات الكبير (202)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 112). [الإتحاف (17/ 808/ 23272)، المسند المصنف (39/ 127/ 18700)].

هكذا نسبها النضر بن شميل: أم كلثوم بنت علي، فوهم في ذلك، ولم ينسبها غندر، ونسبها آدم وعبد الصمد، فقالا: أم كلثوم بنت أبي بكر، وهو الصواب، وهي أخت عائشة من أبيها، ولدت بعد وفاة أبي بكر.

• ورواه بقية بن الوليد: حدثني شعبة: حدثني جبر بن حبيب، قال: نزلتُ على فاطمة ابنة أبي بكر بالمدينة، فحدثتني عن عائشة، قالت: دخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي، فكلمه بكلام كأنه كره أن أسمعه، فقال:"عليك بالجوامع الكوامل"،

فذكر الحديث بنحوه.

أخرجه الطحاوي في المشكل (15/ 290 /6023).

قلت: بقية بن الوليد: صدوق، وقد وهم في تسمية راوية الحديث عن عائشة: فاطمة؛ إنما هي أم كلثوم بنت أبي بكر، والله أعلم.

• ورواه عفان بن مسلم [ثقة ثبت]، وأبو عمر الضرير [حفص بن عمر: صدوق عالم]:

عن حماد بن سلمة، قال: أخبرنا جبر بن حبيب، عن أم كلثوم بنت أبي بكر، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء:"اللَّهُمَّ إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللَّهُمَّ إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبدك ونبيك، اللَّهُمَّ إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء تقضيه لي خيرًا".

أخرجه ابن ماجه (3846)، وأحمد (6/ 134 و 147)، وابن أبي شيبة (6/ 44/ 29345)، والطحاوي في المشكل (15/ 292/ 6025 و 26 60).

[التحفة (11/ 890/

ص: 279

17986)، الإتحاف (17/ 808/ 23272)، المسند المصنف (39/ 127/ 18700)].

• ورواه أبو عوانة [ثقة ثبت]، وموسى بن إسماعيل [أبو سلمة التبوذكي: ثقة ثبت، من أروى الناس عن حماد]:

حدثنا حماد بن سلمة، عن سعيد الجريرى، عن أم كلثوم ابنة أبي بكر، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علمها أن تقول:"اللهُمَّ إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللَّهُمَّ إني أسألك من الخير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من الشر ما عاذ به عبدك ونبيك، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا".

أخرجه ابن حبان (3/ 150/ 869)، والطحاوي في المشكل (15/ 293/ 6027). [المسند المصنف (139/ 127/ 18700)].

• ورواه إبراهيم بن الحجاج السامي [بصري، ثقة، مكثر عن حماد بن سلمة]، وموسى بن إسماعيل:

حدثنا حماد بن سلمة [ثقة، سمع من الجريري قبل الاختلاط]، عن جبر بن حبيب وسعيد الجريري، عن أم كلثوم بنت أبي بكر، عن عائشة، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علمها أن تقول: "اللَّهُمَّ أسألك من الخير كله، عاجله وآجله،

" فذكر الحديث.

أخرجه أبو يعلى (7/ 446/ 4473)، والطبراني في الدعاء (1347). [المسند المصنف (39/ 127/ 18700)].

قال الطحاوي: "فقوي في القلوب أن الصواب فيما اختلف فيه النضر وبقية، عن شعبة في اسم هذه المرأة أنها ابنة أبي بكر، لا ابنة علي".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

قلت: وبذا يظهر أن الحديث محفوظ عن حماد بن سلمة بالوجهين، عن جبر بن حبيب، وعن سعيد بن إياس الجريري، وقد رواه عنه بالوجهين جميعًا، وجمعهما في سياق واحد: اثنان من ثقات أصحابه المكثرين عنه: أبو سلمة التبوذكي، وإبراهيم بن الحجاج.

• خالفه: مهدي بن ميمون [بصري، ثقة]، فرواه عن الجريري، عن جبر بن حبيب، عن أم كلثوم ابنة أبي بكر، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي، وله حاجة، فأبطأت عليه، قال:"يا عائشة، عليك بجمل الدعاء وجوامعه"، فلما انصرفت قلت: يا رسول الله، وما جمل الدعاء وجوامعه؟ قال:"قولي: اللَّهُمَّ إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك مما سألك به محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك مما تعوذ منه محمد صلى الله عليه وسلم، وما قضيت لي من قضاء فاجعل عاقبته رشدًا".

ص: 280

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (639). [المسند المصنف (39/ 127/ 18700)].

قلت: الصواب فيما رواه حماد بن سلمة، وهو ممن سمع من الجريري قبل اختلاطه [تاريخ الثقات (531)، الكواكب النيرات (24)، التهذيب (2/ 6)، التقييد والإيضاح (426)، وغيرها]، وهو من المكثرين عن الجريري، وأعلم بحديثه من مهدي بن ميمون، واللّه أعلم.

° وانظر فيمن وهم فقلب إسناده، وجعل مكان أم كلثوم: القاسم بن محمد:

أبو نعامة عمرو بن عيسى العدوي [صدوق. التهذيب (3/ 297)]، رواه عن جبر بن حبيب، عن القاسم بن محمد، عن عائشة؛ أن أبا بكر استأذن على عائشة وهي تصلي، فجعلت تصفق، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهي على ذلك، قال:"ما يمنعك أن تأخذي بجوامع العلم، وفواتحه؟ "

وذكر الحديث.

أخرجه الطحاوي في المشكل (15/ 6028/294)، والحاكم (1/ 522)(2/ 523/ 1936 - ط الميمان). [الإتحاف (17/ 493/ 22680) و (17/ 808/ 23272)].

قال الدارقطني في العلل (14/ 246/ 3596): "والصحيح: قول شعبة ومن تابعه".

وقال الحاكم: "هكذا قاله أبو نعامة، وشعبة أحفظ منه، وإذا خالفه: فالقول قول شعبة".

قلت: وهو كما قالا، القول قول شعبة وحماد بن سلمة في هذا الحديث.

وهو حديث صحيح، رجاله ثقات، سمع بعضهم من بعض، وأم كلثوم بنت أبي بكر: تابعية، توفي أبو بكر وهي حمل، روت عن أختها عائشة، وروى عنها جابر بن عبد الله، وجمع من الثقات، واللّه أعلم [راجع: تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1135/ 582)].

* * *

1483 -

. . . مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا يقولَّنَّ أحدُكم: اللَّهُمَّ اغفر لي إن شئت، اللَّهُمَّ ارحمني إن شئت، لِيعزِم المسألة، فإنه لا مُكرِه له".

حديث صحيح

سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 903/ 403)، وهو حديث صحيح، أخرجه البخاري (6339). [المسند المصنف (33/ 370/ 15558)].

• وأخرجه البخاري (7477) من وجه آخر عن أبى هريرة. [المسند المصنف (33/ 371/ 15559)].

• وأخرجه مسلم (2679) من وجهين آخرين عن أبي هريرة. [المسند المصنف (33/ 372/ 15560) و (33/ 373/ 15561)].

ص: 281

وراجع طرق حديث أبي هريرة وألفاظه في الذكر والدعاء (3/ 903/ 403).

مع التنبيه على غرابة حديث: الثوري عن الأعمش عن الأعرج عن أبي هريرة.

وغرابة حديث: فضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة عن أبي حازم عن أبي هريرة.

• ورواه عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء، ولا يقل: اللَّهُمَّ إن شئت فأعطني، فإن الله لا مستكره له".

أخرجه البخاري (6338 و 7464)، ومسلم (2678)، وسبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 902/ 402). [المسند المصنف (3/ 19/ 1211)].

* * *

1484 -

. . . مالك، عن ابن شهاب، عن أبي عُبيد، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يُستجاب لأحدكم ما لم يَعجَلْ، فيقول: قد دعوتُ، فلم يُستَجَبْ لي".

حديث متفق على صحته

أخرجه البخاري (6340)، ومسلم (2735)، وقد سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 920/ 407). [المسند المصنف (33/ 369/ 15557)].

* * *

1485 -

قال أبو داود: حدثنا عبد اللّه بن مسلمة: حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن، عن عبد اللّه بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي: حدثني عبد اللّه بن عباس؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تستروا الجُدُرَ، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار، سلوا الله ببطون أكفِّكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهَكم".

قال أبو داود: رُوي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلُها، وهو ضعيف أيضًا.

حديث ضعيف

تقدم عند أبي داود بنفس إسناده وبطرف آخر منه، برقم (694)، راجع: فضل الرحيم الودود (7/ 545/ 694).

• وله طريق أخرى بموضع الشاهد، لم أذكرها في البحث السابق:

رواه سعيد بن سليمان [الضبي، أبو عثمان الواسطي البزاز، المعروف بسعدويه: ثقة حافظ]: ثنا عباد بن العوام [واسطي، ثقة]، عن محمد بن إسحاق [مدني، صدوق]، عن

ص: 282

خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا جعل باطن كفه إلى وجهه.

أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 435/ 12234)، وفي الأوسط (5/ 250/ 5226).

قال الطبراني: حدثنا محمد بن الفضل السقطي [صدوق. سؤالات الحاكم (197)، تاريخ بغداد (5/ 355)]: ثنا سعيد بن سليمان به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن خصيف إلا محمد بن إسحاق، تفرد به: عباد بن العوام".

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن سعيد بن جبير دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: خصيف بن عبد الرحمن الجزري، وهو: ليس بالقوي، سيئ الحفظ، ينفرد عن الثقات بما لا يتابع عليه؛ ثم إن الإسناد إليه غريب.

* * *

1486 -

قال أبو داود: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني، قال: قرأته في أصل إسماعيل -يعني: ابن عياش-: حدثني ضمضم، عن شريح: حدثنا أبو ظبية؛ أن أبا بحرية السكوني حدثه، عن مالك بن يسار السكوني ثم العوفي، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سألتم اللّه فاسألوه ببطون أكفِّكم، ولا تسألوه بظهورها".

قال أبو داود: وقال سليمان بن عبد الحميد: له عندنا صحبة؛ يعني: مالك بن يسار.

حديث حمصي غريب

سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 957/ 434)، وهو حديث غريب. وانظر شواهده هناك، وراجع: فضل الرحيم الودود (7/ 545/ 694).

[المسند المصنف (24/ 189/ 10831)].

أبو بحرية عبد اللّه بن قيس السكوني، صاحب معاذ، وقرأ عليه، مخضرم ثقة.

وأبو ظبية: من كبار التابعين شهد خطبة عمر بالجابية، وثقه ابن معين، وقال الدارقطني:"ليس به بأس"، وأثنى عليه شهر بن حوشب -وهو من علماء التابعين-، قال في رواية جرير عن الأعمش:"من أفضل رجل بالشام إلا رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "، وفي رواية أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش:"وكانوا لا يعدلون ول رجلًا إلا رجلًا صحب محمدًا صلى الله عليه وسلم "، وقد سمع معاذ بن جبل وعمرو بن عبسة [انظر: الكنى من التاريخ الكبير (47)، الجرح والتعديل (9/ 399)، التهذيب (4/ 543) وغيرها].

وشريح بن عبيد: حمصي تابعي ثقة، وضمضم بن زرعة الحمصي: قال ابن معين: "ثقة"، وقال أبو حاتم:"ضعيف"، وقال صاحب تاريخ الحمصيين:"ليس به بأس"، وذكره

ص: 283

ابن حبان في الثقات، ونقل ابن خلفون عن ابن نمير توثيقه [العلل لابن أبي حاتم (2760)، تاريخ دمشق (24/ 415)، إكمال مغلطاي (7/ 40)، التهذيب (2/ 230)].

ورواية إسماعيل عن أهل الشام مستقيمة، لكن هذا الحديث يُعدُّ من غرائبه [راجع: تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 957/ 434)].

* * *

1487 -

. . . سلم بن قتيبة، عن عمر بن نبهان، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يدعو هكذا: بباطن كفيه، وظاهرهما.

حديث منكر

تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (7/ 283/ 652).

والمعروف في هذا عن أنس:

ما رواه الحسن بن موسى الأشيب، وحجاج بن منهال، وموسى بن إسماعيل، وعفان بن مسلم، والأسود بن عامر شاذان، ويزيد بن هارون، ويونس بن محمد المؤدب، وسريج بن النعمان، وعلي بن عثمان اللاحقي [وهم ثقات]، ومؤمل بن إسماعيل [صدوق، كثير الغلط]:

عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء. لفظ الحسن [عند مسلم].

ولفظ عفان [عند أبي داود]: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقي هكذا -يعني:- ومدَّ يديه، وجعل بطونهما مما يلي الأرضَ، حتى رأيتُ بياضَ إبطيه.

ولفظ حجاج [عند أبي عوانة]: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى، فرفع يديه هكذا -بطونهما إلى الأرض-، حتى يُرى بياضُ إبطيه.

ولفظ يزيد [عند أحمد]: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه، وباطنهما مما يلي الأرض. وزاد علي بن عثمان: وهو على المنبر.

أخرجه مسلم (896/ 6)، وتقدم برقم (1171)، فضل الرحيم الودود (12/ 311/ 1171).

• ورواه سعيد، عن قتادة، عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يُرَى بياضُ إبطيه.

أخرجه البخاري (1031 و 3565)، ومسلم (896/ 7)، وتقدم برقم (1170)، فضل الرحيم الودود (12/ 310/ 1170).

• وانظر أيضًا: فضل الرحيم الودود (12/ 319/ 1175).

° تنبيه: ما روي عن يزيد بن هارون: حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ وعن عمرو بن دينار، عن مالك بن أوس، وعن ثابت البناني [وطاووس]، عن

ص: 284

أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه، وباطنهما مما يلي الأرض.

أخرجه أبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (61)، والضياء في المختارة (5/ 32/ 1636).

هذه الرواية من جملة الأوهام الواقعة في الأسانيد، والصواب عن يزيد بن هارون، وعن حماد بن سلمة، ما تقدم ذكره، راجع طرق الحديث في فضل الرحيم الودود (12/ 311/ 1171).

• وفي الباب أيضًا في كيفية رفع اليدين في الدعاء:

1 -

ما رواه ابن وهب، قال: أخبرنا حيوة، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عمير مولى آبي اللحم؛ أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت، قريبًا من الزوراء، قائمًا يدعو، يستسقي، رافعًا كفيه، لا يجاوز بهما رأسه، مقبلًا بباطن كفه إلى وجهه.

وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (12/ 304/ 1168).

2 -

وروى علي بن الجعد، وعفان بن مسلم، والحسن بن موسى الأشيب، وروح بن عبادة، ويونس بن محمد، وحجاج بن المنهال، وأبو داود الطيالسي، وسريج بن النعمان [وهم ثقات]:

عن حماد بن سلمة، عن بشر بن حرب، قال: سمعت أبا سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بعرفة هكذا، ورفع علي بن الجعد يديه إلى السماء؛ باطنهما إلى الأرض، وظاهر كفيه إلى السماء.

ولفظ الأشيب [عند ابن أبي شيبة]: أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعرفة، ويرفع يديه هكذا، يجعل ظاهرهما مما يلي وجهه، وباطنهما مما يلي الأرض.

ولفظ روح [عند أحمد]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفًا بعرفة يدعو هكذا، ورفع يديه حيال ثَندُوتَيه، وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض.

ولفظ يونس [عند أحمد]: وقف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعرفة، فجعل يدعو هكذا، وجعل ظهر كفيه مما يلي وجهه، ورفعهما فوق ثندوته، وأسفل من منكبيه.

ولفظ الطيالسي: أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دعا بعرفات، فقال بيديه هكذا، جعل ظهورهما إلى السماء، وبطونهما إلى الأرض.

أخرجه الطيالسي (3/ 2288/625)، وابن أبي شيبة (6/ 52/ 29407)، وأحمد بن حنبل (3/ 13 و 14 و 85 و 96)، وأحمد بن منيع (7/ 24 و 25/ 1243 - مطالب)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (3327)، والطحاوي (2/ 177). [المسند المصنف (28/ 271/ 12700)].

وهذا حديث منكر، لأجل بشر بن حرب الأزدي، أبي عمرو النَّدَبي البصري؛ فإنه

ص: 285

ضعيف، وقد اضطرب في هذا الحديث، فمرة يجعله عن ابن عمر، ومرة يجعله عن أبي سعيد [تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (8/ 256/ 741)].

* * *

1488 -

. . . جعفر -يعني: ابن ميمون، صاحب الأنماط-: حدثني أبو عثمان، عن سلمان، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم تبارك وتعالى حييٌ كريمٌ، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه، أن يردَّهما صفرًا".

حديث ضعيف، صوابه الوقف على سلمان؛ وجده في التوراة

سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (3/ 881/ 392)، وقلت هناك: الراجح وقف الحديث لا رفعه، فهو من كلام سلمان الفارسي أخذه من التوراة -كما في رواية البيهقي في الأسماء والصفات (156)، بإسناد صحيح-، وهو موقوف بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم [انظر: البخاري (3946)، مسلم (2753)].

وقد روي هذا الحديث من حديث: جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وابن عمر، ولا يثبت منها شيء، وقد كنت حسنت الحديث باجتماع شاهديه من حديث جابر وأنس في أحاديث الذكر والدعاء [وانظر: الأمالي الحلبية (4)]، ثم تبين لي أنها غرائب ومناكير، لا تصلح للاعتضاد والتقوية، إذ لا يحتمل تفرد من نفرد بها، ولا تقوم باجتماعها حجة، والله الموفق للصواب.

• أما الموقوف على سلمان:

فرواه سليمان بن طرخان التيمي [في المحفوظ عنه]، وثابت بن أسلم البناني، وحميد الطويل، وسعيد بن إياس الجريري، ويزيد بن أبي صالح، وأبو حبيب سنان بن حبيب [وهم ثقات]:

ستتهم عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، أنه قال: إن ربكم حيي كريم، يستحيي أن يمد عبده إليه يديه يسأله خيرًا، ثم يردهما صفرًا. لفظ حميد [عند علي بن حجر].

ولفظ التيمي [عند ابن أبي شيبة، وأحمد]: إن الله يستحيي أن يبسط إليه عبده يديه يسأله بهما خيرًا فيردهما خائبتين.

ورواه عفان بن مسلم [ثقة ثبت]: ثنا حماد بن سلمة [ثقة، أثبت الناس في ثابت وحميد، وسمع الجريري قبل الاختلاط]، عن ثابت، وحميد، وسعيد الجريري، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، أنه قال: أجد في التوراة؛ أن الله حيي كريم يستحيي أن يرد يدين خائبتين سئل بهما خيرًا.

أخرجه الحاكم (1/ 497)(2/ 476/ 1851 - ط الميمان)، وأحمد (5/ 438)، ووكيع في الزهد (504)، وابن أبي شيبة (6/ 72/ 29555) و (7/ 122/ 34677)، وأبو

ص: 286

جعفر البرجلاني في الكرم والجود (32)، وهناد في الزهد (2/ 629/ 1361)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (127)، والبيهقي في الأسماء والصفات (156 و 1013)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 468 - ط الغرب). [الإتحاف (5/ 563/ 5947)، المسند المصنف (9/ 318/ 4501)].

قال الحاكم: "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين".

وهذا هو المحفوظ عن سلمان موقوفًا عليه بإسناد صحيح، وقد أخذه عن التوراة.

• وأما حديث جابر:

فيرويه عبيد الله بن معاذ، قال: ذكر أبي [وفي رواية: حدثني أبي]، عن يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله تعالى حيي كريم، يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرًا، ليس فيهما شيء".

أخرجه أبو يعلى (3/ 391/ 1867)، والطبراني في الأوسط (5/ 31/ 4591)، وابن عدي في الكامل (7/ 156). [المسند المصنف (6/ 250/ 3129)].

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا ابنه يوسف، تفرد به: معاذ بن معاذ، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد".

قلت: والذي يظهر -والله أعلم-: أن رواية عبدان [عند الطبراني] في قول عبيد الله: حدثني أبي؛ خطأ، فقد صرح عبيد اللّه بأنه لم يسمع هذا الحديث من أبيه، فقد رواه ابن عدي عن أبي يعلى به، وقال في آخره:"قال عبيد الله: ولم أسمعه من أبي".

والثابت عن معاذ بن معاذ العنبري، أنه يروي هذا الحديث، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان قوله [عند ابن أبي شيبة (6/ 72/ 29555) و (7/ 122/ 34677)].

ثم هو حديث غريب؛ تفرد به عن ابن المنكدر دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: يوسف بن محمد بن المنكدر، وهو: ضعيف، روى عن أبيه ما لا يتابع عليه [التهذيب (4/ 460)].

• وأما حديث أنس:

فيرويه بشر بن الوليد القاضي: ثنا عامر بن يساف، عن حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري [هو: حفص ابن أخي أنس، وهو: صدوق]، قال: حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رحيم حيي كريم، يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه، ثم لا يضع فيهما خيرًا".

أخرجه الحاكم (1/ 498)(2/ 477/ 1853 - ط الميمان)، بإسناد صحيح إلى بشر. [الإتحاف (1/ 601/ 856)].

صحح إسناده الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله:"عامر ذو مناكير".

قلت: هذا حديث منكر، طرقه عن أنس كلها واهية [راجع تخريج أحاديث الذكر

ص: 287

والدعاء (3/ 884/ 392)]، وقد تفرد به هنا عن حفص بن عمر: عامر بن يساف، ويقال: عامر بن عبد الله بن يساف: مشاه جماعة، ووثقه بعضهم، وتسمحوا فيه، وقال فيه ابن عدي:"منكر الحديث عن الثقات"، ثم ذكر له شيئًا من مناكيره، ثم قال:"وهذه الأحاديث التي أمليتها لعامر بن يساف عن سعيد، وعن يحيى بن أبي كثير، وعن النضر بن عبيد: غير محفوظة، وإنما يرويها عامر بن يساف، ولعامر غير ما ذكرت من الأحاديث التي ينفرد بها، ومع ضعفه يكتب حديثه"[اللسان (4/ 378)، الجرح والتعديل (6/ 329)، الكامل (5/ 85)، علل الدارقطني (12/ 217 و 224)، التعجيل (510)].

والراوي عنه: بشر بن الوليد الكندي الفقيه: صدوق، لكنه خرف، وصار لا يعقل ما يحدث به [تاريخ بغداد (7/ 80)، اللسان (2/ 316)]، والله أعلم.

* * *

1489 -

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب -يعني: ابن خالد-: حدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: المسألةُ: أن تَرفعَ يديك حذوَ منكبَيْك، أو نحوَهما، والاستغفارُ: أن تُشيرَ بإِصبَعٍ واحدةٍ، والابتهالُ: أن تمدَّ يديَك جميعًا.

موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح

تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (10/ 435/ 991).

* * *

1490 -

. . . سفيان: حدثني عباس بن عبد اللّه بن معبد بن عباس،

بهذا الحديث، قال فيه: والابتهالُ هكذا، ورفع يديه، وجعلَ ظهورَهما مما يلي وجهه.

موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح

تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (10/ 435/ 991).

ولفظ ابن عيينة [عند عبد الرزاق (3247)]: الابتهال هكذا؛ وبسط يديه وظهورهما إلى وجهه، والدعاء هكذا؛ ورفع يديه حتى لحيته، والإخلاص هكذا؛ يشير بإصبعه.

• ورواه أبو خالد [سليمان بن حيان الأحمر: ثقة]، عن ابن عجلان [ثقة]، عن عباس بن عبد اللّه بن معبد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الإخلاص هكذا، وأشار أبو خالد بإصبعه السبابة.

أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (6/ 1939/ 10301)، قال: حدثنا أبو سعيد الأشج [عبد اللّه بن سعيد: ثقة حافظ]: ثنا أبو خالد به.

وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح.

ص: 288

• لكن أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 53/ 29408)(16/ 207/ 31380 - ط الشثري)، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن العباس بن ذريح، عن ابن عباس، قال: الإخلاص هكذا، وأشار بإصبعه، والدعاء هكذا؛ يعني: ببطون كفيه، والاستجارة هكذا، ورفع يديه، وولى ظهورهما وجهه.

وأخاف أن يكون وقع فيه سقط وتحريف قديم، وإسناد ابن أبي حاتم أقرب للصواب، وعباس بن ذَريح: ثقة، من السادسة، لم يدرك ابن عباس، وليس من طبقة شيوخ ابن عجلان، وإنما يُعرف هذا الأثر عن ابن عباس من رواية العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب، واللّه أعلم.

• وانظر فيمن وهم في إسناده على عكرمة فقصر به:

ما أخرجه ابن فضيل في الدعاء (16)[وهم فيه: إسماعيل بن مسلم المكي، وهو: ضعيف، يروي عن عكرمة بواسطة].

* * *

1491 -

. . . عبد العزيز بن محمد، عن العباس بن عبد اللّه بن معبد بن عباس، عن أخيه إبراهيم بن عبد اللّه، عن ابن عباس؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال:

فذكر نحوه.

حديث شاذ، والمحفوظ: عن عكرمة عن ابن عباس قوله، موقوفًا عليه

تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (10/ 435/ 991).

ولفظه بتمامه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هكذا الإخلاص"؛ يشير بإصبعه التي تلي الإبهام، "وهذا الدعاء"؛ فرفع يديه حذو منكبيه، "وهذا الابتهال"؛ فرفع يديه مدًا. لفظ سليمان بن بلال عن عباس.

وفي رواية للدراوردي: "الإخلاص هكذا"؛ ورفع إصبعًا واحدة من اليد اليمنى، "والابتهال هكذا"؛ ومد يديه وجعل بطن الكف مما يلي الأرض، "والدعاء هكذا"؛ وجعل يديه بطونهما مما يلي السماء.

* * *

1492 -

قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا ابن لهيعة، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه، مسح وجهه بيديه.

حديت ضعيف مضطرب

أخرجه من طريق قتيبة بن سعيد: أحمد (4/ 221)(7/ 4055/ 18226 - ط المكنز)،

ص: 289

وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 598/ 2497 - السفر الثاني)، ووكيع محمد بن خلف في أخبار القضاة (1/ 106)، والطبراني في الكبير (22/ 241/ 631)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2787/ 6614)، والبيهقي في الدعوات الكبير (310)، وعبد الغني المقدسي في نهاية المراد (58). [التحفة (8/ 359/ 1828)، الإتحاف (13/ 711/ 17335)، المسند المصنف (25/ 521/ 11557)].

رواه عن قتيبة به جماعة من كبار الأئمة، منهم: أحمد بن حنبل، وأبو داود، وابن أبي خيثمة، وجعفر بن محمد الفريابي، والحسن بن سفيان، وغيرهم.

قال عبد الله بن أحمد: "وقد خالفوا قتيبة في إسناد هذا الحديث، وأحسب قتيبة وهم فيه، يقولون: عن خلاد بن السائب عن أبيه".

وقال ابن حجر في التهذيب (1/ 460) في ترجمة حفص: "أظن الغلط فيه من ابن لهيعة؛ لأن يحيى بن إسحاق السيلحيني من قدماء أصحابه، وقد حفظ عنه حبان بن واسع، وأما حفص بن هاشم: فليس له ذكر في شيء من كتب التواريخ، ولا ذكر أحدٌ أن لابن عتبة ابنًا يسمى حفصًا".

قلت: وهو كما قال؛ الغلط فيه من ابن لهيعة، إنما حدث عنه قتيبة بما سمع، والعهدة فيه على من لا يضبط.

قلت: حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص القرشي الزهري: شخص مجهول، لا يدرى من هو؛ لم يأت ذكره إلا في هذا الإسناد، والذي انفرد به ابن لهيعة، وقد لا يكون له وجود أصلًا [انظر: التهذيب (1/ 460)، الميزان (1/ 569)]، قال المزي في التهذيب (7/ 77):"روي له أبو داود هذا الحديث الواحد، عن قتيبة عن ابن لهيعة، وهو شيخ مجهول، لم يذكره البخاري في تاريخه، ولا ابن أبي حاتم في كتابه"، وقال مغلطاي في إكمال التهذيب (156 - التراجم الساقطة):"لم أر ذكره في كتاب نسب ولا تاريخ، واللّه تعالى أعلم".

قلت: قد اختلف في إسناده ومتنه على ابن لهيعة:

أ- فرواه قتيبة بن سعيد [ثقة ثبت]: حدثنا ابن لهيعة، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد [ابن أخت النمر، الكندي: له ولأبيه صحبة]، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه، مسح وجهه بيديه.

تفرد فيه قتيبة بقوله في الإسناد: "عن السائب بن يزيد، عن أبيه"، وبقوله في المتن:"مسح وجهه بيديه".

ب- ورواه سعيد بن الحكم بن أبي مريم [مصري، ثقة ثبت فقيه]، عن ابن لهيعة، عن حَبان بن واسع [صدوق، سمع منه ابن لهيعة، ويروي عنه أيضًا بواسطة: جعفر بن ربيعة]، عن حفص بن هاشم بن عتبة [مجهول]، عن خلاد بن السائب [الخزرجي: تابعي ثقة، من الثالثة]، عن أبيه [السائب بن خلاد بن سويد الخزرجي: له صحبة]، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل راحتيه إلى وجهه.

ص: 290

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 54/ 12590)، وابن منده في معرفة الصحابة (2/ 748).

قال ابن منده: "رواه ابن وهب، ولم يذكر حبان بن واسع في الإسناد، ورواه موسى بن داود، ولم يقل: عن أبيه".

ج - ورواه عمرو بن خالد [الحراني: ثقة]، وعثمان بن سعيد بن كثير الحمصي [ثقة]، وعمرو بن هاشم [البيروتي: مشاه ابن عدي فقال: "ليس به بأس"، وليَّنه غيره، فقال فيه ابن وارة:"ليس بذاك"، وقال العقيلي:"مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه"، وله أحاديث أُنكرت عليه. انظر: التهذيب (3/ 309)، الميزان (3/ 290)، الجرح والتعديل (6/ 268)، علل ابن أبي حاتم (2/ 1775/94)، ضعفاء العقيلي (3/ 294)، تاريخ دمشق (46/ 451)]:

عن ابن لهيعة، عن حفص بن هاشم، عن خلاد بن السائب، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع راحتيه إلى وجهه.

أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 141/ 6625)، وتمام في الفوائد (1479)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 3463/1372).

قال أبو نعيم: "رواه ابن وهب مثله. ورواه سعيد بن أبي مريم، عن ابن لهيعة: حدثني حبان بن واسع، عن حفص بن عاصم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن خلاد، عن أبيه. ورواه موسى بن داود، عن ابن لهيعة، ولم يقل: عن أبيه".

د- ورواه يحيى بن إسحاق السيلحيني [وهو: ثقة يحفظ حديثه؛ إلا أن له غرائب وأوهامًا. التهذيب (4/ 338)، تذكرة الحفاظ (1/ 376)، السير (9/ 505)، علل الدارقطني (10/ 67)، علل ابن أبي حاتم (327 و 334)]، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن حبان بن واسع، عن خلاد بن السائب الأنصاري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل باطن كفيه إلى وجهه. مرسل؛ خلاد: تابعي.

وقال مرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه.

أخرجه أحمد (4/ 56). [الإتحاف (5/ 48/ 4931)، المسند المصنف (7/ 602/ 3903)].

هكذا اضطرب عبد الله بن لهيعة في إسناد هذا الحديث ومتنه، وابن لهيعة: ضعيف، وهذا الحديث من أمارات ضعفه، وسوء حفظه، واضطرابه في الأسانيد والمتون.

وابن لهيعة ممن كثرت المناكير في حديثه، بسبب: تدليسه، وسوء حفظه، وكثرة أوهامه، واضطرا به، وقبوله للتلقين [انظر: التهذيب (2/ 411)، الميزان (2/ 475)، التذييل على التهذيب (214)]، وهذا الحديث من مناكيره وعجائبه.

• وقد تقدم ذكر حديث ابن عباس؛ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال:: "سلوا الله ببطون أكفِّكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهَكم".

ص: 291

وهو حديث ضعيف، قال أبو داود:"رُوي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلُها، وهو ضعيف أيضًا".

تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (7/ 545/ 694)، وأعاده أبو داود هنا برقم (1485).

ومما روي في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء؛ غير ما تقدم ذكره:

1 -

روى حماد بن عيسى الجهني، عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء، لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه. وفي رواية: لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه.

أخرجه الترمذي (3386)، وعبد بن حميد (39)، والبزار (129)، وأبو بكر الخلال (1406 - العلل المتناهية)، والطبراني في الأوسط (7/ 124/ 7053)، وفي الدعاء (212)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (270)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (506)، والحاكم (1/ 536)، وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (27)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 49)، وأبو طاهر السلفي في معجم السفر (41). [التحفة (7/ 239/ 10531)، الإتحاف (12/ 287/ 15600)، المسند المصنف (22/ 393/ 10140)].

* رواه عن حماد به هكذا من مسند عمر: عبد بن حميد، وإبراهيم بن يعقوب الدورقي، وأبو موسى محمد بن المثنى، والحسن بن علي الحلواني، ونصر بن علي الجهضمي، وعباس بن محمد الدوري، ومحمد بن بكار بن الزبير العيشي، وإسحاق بن بهلول [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ]، وأبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي [ثقة متقن فيما حدث بالبصرة؛ إلا أنه تغير بعد أن تحول إلى بغداد، فكثر منه الخطأ في الأسانيد والمتون، والرواي عنه: حمزة بن القاسم بن عبد العزيز أبو عمر الهاشمي البغدادي. راجع ترجمته في فضل الرحيم الودود (7/ 185/ 630)] ومحمد بن موسى الحرشي [لين الحديث]، وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن محمد الطلحي [ليس بالقوي. التهذيب (1/ 165)]، ومحمد بن يونس الكديمي [كذاب، يضع الحديث].

* خالفهم: معلى بن مهدي الموصلي [قال عنه أبو حاتم: "يحدث أحيانًا بالحديث المنكر"، وقال الذهبي: "صدوق في نفسه". الجرح والتعديل (8/ 335)، اللسان (8/ 113)]، قال: ثنا حماد بن عيسى الجهني: ثنا حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنه قال: ما مد رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه في دعاء قط فقبضهما حتى يمسح بهما وجهه.

أخرجه الطبراني في الدعاء (213).

قال الطبراني: "لم يجاوز به المعلى بن مهدي: ابن عمر".

° قال ابن معين: "ما سمعنا من أحد؛ إلا أن حماد بن عيسى رواه، وهو: شيخ صالح".

ص: 292

وقال مرة أخرى: "هو حديث منكر"[العلل المتناهية (2/ 841)].

وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به، وهو قليل الحديث، وقد حدث عنه الناس، وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي: هو ثقة، وثقه يحيى بن سعيد القطان".

وقال أبو زرعة: "هو حديث منكر، أخاف أن لا يكون له أصل"[العلل لابن أبي حاتم (5/ 453/ 2106)].

وقال البزار: "وهذا الحديث إنما رواه عن حنظلة: حماد بن عيسى، وهو لين الحديث، وإنما ضعف حديثه بهذا الحديث، ولم نجد بُدًا من إخراجه إذ كان لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، أو من وجه دونه".

وقال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به: حماد بن عيسى الجهني".

وقال ابن الجوزي: "حديث لا يصح"، ونقل عن يحيى بن معين أنه قال:"هو حديث منكر"[العلل المتناهية (2/ 840 - 841)].

وقال النووي: "حديث ضعيف" أخلاصة الأحكام (1/ 462)].

وقال الذهبي: "وما هو بالثابت؛ لأنهم ضعفوا حمادًا"[تذكرة الحفاظ (3/ 68)].

وقال أيضًا: "أخرجه الحاكم في مستدركه، فلم يصب؛ حماد ضعيف [سير أعلام النبلاء (16/ 67)].

قلت: هو حديث باطل؛ ما رواه حنظلة بن أبي سفيان، ولا رواه سالم بن عبد اللّه، تفرد به: حماد بن عيسى الواسطي، وقيل: البصري، قال البخاري:"منكر الحديث"، لكن سماه: حماد بن سعيد، فتعقبه أبو حاتم وأبو زرعة في بيان الخطأ، وقد ضعفوه، وتسمح فيه ابن معين؛ فلم يخبر حاله [التاريخ الكبير (3/ 19)، بيان خطأ البخاري (100)، المؤتلف للدارقطني (3/ 1515)، التهذيب (1/ 484)].

2 -

وروى إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن الوليد بن عبد اللّه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رفع أحدكم يديه يدعو فإن الله عز وجل جاعل فيهما بركة ورحمة، فإذا فرغ من دعائه فليمسح بهما وجهه".

أخرجه الطبراني في الدعاء (214).

وهذا حديث منكر؛ مع إرساله، إبراهيم بن يزيد الخوزي: متروك، منكر الحديث، وشيخه: الوليد بن عبد اللّه بن أبي مغيث: ثقة، من السادسة، يروي عن التابعين.

3 -

وروى معمر بن راشد، عن الزهري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند صدره في الدعاء، ثم يمسح بهما وجهه.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 247/ 3234) و (3/ 122/ 5003).

وهذا من مراسيل الزهري، ومراسيل الزهري: من أوهى المراسيل، وهي شبه الريح،

ص: 293

ليست بشيء [تقدم الكلام عليها في فضل الرحيم الودود (11/ 371/ 1069)].

4 -

وروى إبراهيم بن المنذر [الحزامي المدني: صدوق]، قال: حدثنا محمد بن فليح، قال: أخبرني أبي، عن أبي نعيم -وهو وهب-[وهب بن كيسان المدني: ثقة، من الرابعة]، قال: رأيت ابن عمر وابن الزبير يدعوان، يديران بالراحتين على الوجه.

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (609).

قلت: إسناده ليس بالقوي؛ فليح بن سليمان: ليس بالقوي، له أوهام وغرائب كثيرة، وابنه محمد بن فليح: ما به بأس، ليس بذاك القوي [راجع الكلام عن هذا الإسناد تحت الحديث رقم (1431)، في الشواهد، الشاهد الثاني].

والحاصل: فانه لا يثبت حديث في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء، ولا يقوي بعضها بعضًا.

° نقل ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات (1/ 530) عن ابن القاسم: "عن مالك، في من يمسح وجهه بيديه في آخر دعائه، وقد بسط كفيه قبل ذلك، فأنكره، وقال: ما علمته".

وقال محمد بن نصر في صلاة الوتر (112): "ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث، وأما أحمد بن حنبل، فحدثني أبو داود، قال: سمعت أحمد، وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ في الوتر؟ فقال: لم أسمع فيه بشيء، ورأيت أحمد لا يفعله، قال: وعيسى بن ميمون هذا الذي روى حديث ابن عباس ليس هو ممن يحتج بحديثه، وكذلك صالح بن حسان"[وقول أحمد هذا في مسائل أبي داود برقم (486)].

وقال ابن المنذر في الأوسط (5/ 217/ 2740): "وكان أحمد بن حنبل يقول: لم أسمع فيه بشيء، ولم يكن يفعله أحمد".

وقال أحمد في رواية الأثرم: "لا يمسح الرجل وجهه في الوتر، ويرفع يديه في القنوت إلى صدره"[زاد المسافر (2/ 240/ 725)].

وقال أحمد أيضًا: "لا يعرف هذا -أنه كان يمسح وجهه بعد الدعاء- إلَّا عن الحسن"[العلل المتناهية (2/ 841)].

وقال البيهقي في السنن (2/ 212) في مسح الوجه تعليقًا على حديث ابن عباس المتقدم برقم (1485): "فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء: فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة، وقد روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث فيه ضعف، وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة، وأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح، ولا أثر ثابت، ولا قياس، فالأولى أن لا يفعله، ويقتصر على ما فعله السلف رضي الله عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة، وبالله التوفيق".

وقال في رسالته لأبي محمد الجويني (2/ 286 - المجموعة المنيرية): "أحمد بن حنبل ينكرها [يعني: أحاديث مسح الوجه باليدين بعد الدعاء]، وحكي عنه؛ أنه قال: في

ص: 294

الصلاة، ولا بأس به في غير الصلاة، وقال هذا؛ لما في استعماله في الصلاة من إدخال عمل عليها لم يثبت به أثر، وقد يدعو في آخر تشهده، ثم لا يرفع يديه، ولا يمسحهما بوجهه؛ إذ لم يرد بهما أثر، فكذا في دعاء القنوت يرفع يديه؛ لورود الأثر به، ولا يمسح بهما وجهه؛ إذ لم يثبت فيه أثر، وبالله التوفيق".

* * *

1493 -

قال أبو داود: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن مالك بن مغول: حدثنا عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللَّهُمَّ إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحدُ الصمدُ، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحدٌ، فقال:"لقد سألتَ الله بالاسم الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب".

حديث شاذ، صوابه من حديث محجن بن الأدرع

سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 202/ 114)، وهو حديث شاذ.

وانظر: فضل الرحيم الودود (10/ 413/ 985).

° سلك فيه مالك بن مغول الجادة والطريق السهل، وحفظه: عبد الوارث بن سعيد، فرواه عن حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، قال: حدثني حنظلة بن علي؛ أن محجن بن الأدرع حدثه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فإذا رجل قد قضى صلاته وهو يتشهد، فقال: اللَّهُمَّ إني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد؛ أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد غفر له" ثلاثًا.

قال أبو حاتم: "وحديث عبد الوارث أشبه"[علل الحديث (5/ 417/ 2082)]؛ يعني: أنه من مسند محجن بن الأدرع وليس من مسند بريدة بن الحصيب، وحديث محجن: حديث صحيح، راجع الكلام عليه مفصلًا في تخريج أحاديث الذكر والدعاء، والله أعلم.

* * *

1494 -

قال أبو داود: حدثنا عبد الرحمن بن خالد الرقي: حدثنا زيد بن الحباب: حدثنا مالك بن مغول بهذا الحديث، قال فيه:"لقد سأل اللّه عز وجل باسمه الأعظم".

حديت شاذ، صوابه من حديث محجن بن الأدرع

سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 202/ 114)، وهو حديث شاذ. وانظر: فضل الرحيم الودود (10/ 413/ 985).

ص: 295

1495 -

. . . خلف بن خليفة، عن حفص -يعني: ابن أخي أنس-، عن أنس، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا ورجلٌ يصلي، ثم دعا: اللَّهُمَّ إني أسألك بان لك الحمد، لا إله إلا أنتَ، المنانُ، بديعُ السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيومُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد دعا اللّه باسمه العظيم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى".

حديث صحيح

سبق تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 204/ 115)، وهو حديث صحيح، رواه عن خلف بن خليفة بعض من سمع منه قديمًا، وله متابعة جيدة.

رواه عن خلف بن خليفة: الحسين بن محمد بن بهرام، وعفان بن مسلم، وعلي بن عبد اللّه بن المديني، وعبد الرحمن بن عبيد اللّه الحلبي، ومحمد بن معاوية البغدادي، وقتيبة بن سعيد، وسعيد بن منصور، وأبو علي أحمد بن إبراهيم الموصلي، وأبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، وغيرهم أوانظر: فضل الرحيم الودود (8/ 383/ 763)].

* * *

1496 -

. . . عيسى بن يونس: حدثنا عبيد اللّه بن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اسمُ اللّه الأعظمُ في هاتين الآيتين: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} [البقرة: 163]، وفاتحة سورة آل عمران: {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} ".

حديث ضعيف

أخرجه الترمذي (3478)، وابن ماجه (3855)، وإسحاق بن راهويه (2/ 407/ 2296)[وأبهم الراوي عن ابن أبي زياد]، وابن أبي شيبة (6/ 47/ 29363) و (7/ 233/ 35606)، وابن الضريس في فضائل القرآن (182)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (46)، والطبراني في الكبير (24/ 174/ 441)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1138)[وفي روايته وهم] و (1141)، وأبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (26)، والشجري في الأمالي الخميسية (543 - ترتيبه)، والضياء المقدسي في العدة للكرب والشدة (26). [التحفة (11/ 33/ 15767)، الإتحاف (16/ 872/ 21351)، المسند المصنف (36/ 98/ 17354)].

رواه عن عيسى بن يونس [وهو: ثقة مأمون]: مسدد بن مسرهد، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وعلي بن خشرم، وعبد اللّه بن مسلمة القعنبي، ويوسف بن يعقوب الكوفي [وهم

ص: 296

ثقات]، وأبو هشام الرفاعي [محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي: ليس بالقوي] [ووهم في متنه]، وغيرهم.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

قال ابن حجر في الفتح (11/ 224): "أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي، وحسنه الترمذي، وفي نسخة صححه، وفيه نظر؛ لأنه من رواية شهر بن حوشب".

° تابعه:

1 -

مكي بن إبراهيم [البلخي: ثقة ثبت]: حدثنا عبيد الله بن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، أنها سمعت رسول الله عليه السلام يقول:"إن في هاتين الآيتين اسم الله الأعظم: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} ".

أخرجه أبو الحسن القطان في زياداته على ابن ماجه (3855)، والطحاوي في المشكل (178)، وابن أبي حاتم في التفسير (1/ 272/ 1460) و (2/ 583/ 3115)، والبيهقي في الشعب (4/ 451/ 2166)، والبغوي في شرح السُّنَّة (38/ 5/ 1260)، وفي التفسير (1/ 176).

2 -

أبو عاصم [النبيل الضحاك بن مخلد: ثقة ثبت]، قال: حدثنا عبيد اللّه بن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، قالت: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ

(55){وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} " الآية.

وفي رواية: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ".

أخرجه عبد بن حميد (1578)، والدارمي (3710 - ط البشائر)، وأبو الحسن القطان في زياداته على ابن ماجه (3855)، والطحاوي في المشكل (179)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (15)، والطبراني في الكبير (24/ 174/ 440)، وفي الدعاء (113)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3289/ 7508)، والبيهقي في الشعب (4/ 451/ 2166)، وفي الأسماء والصفات (184)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 38/ 1260)، وفي التفسير (1/ 176)، وعبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (57)، والضياء المقدسي في العدة للكرب والشدة (27). [الإتحاف (16/ 872/ 21351)، المسند المصنف (36/ 98/ 17354)].

قال البغوي: "هذا حديث غريب".

3 -

يحيى بن زكريا [هو: ابن أبي زائدة: ثقة متقن]، عن عبيد الله بن أبي زياد: حدثنا شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في هاتين الآيتين اسم اللّه الأعظم {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}، {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} ".

ص: 297

أخرجه أبو الحسن الواحدي في التفسير الوسيط (1/ 246)، بإسناد صحيح إلى يحيى.

* خالفهم:

1 -

محمد بن بكر البرساني [ثقة]: أخبرنا عبيد الله بن أبي زياد، قال: حدثنا شهر بن حوشب، عن أسماء بنت في يد، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في هاتين الآيتين {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ

(255)} [البقرة: 255]، {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} إن فيهما اسمَ اللّه الأعظم".

أخرجه أحمد (6/ 461)(12/ 6739/ 28259 - ط المكنز). [الإتحاف (16/ 872/ 21351)، المسند المصنف (36/ 98/ 17354)].

قلت: إسناده ليس بالقوي.

شهر بن حوشب: حسن الحديث إذا لم يخالِف، ولم ينفرد بأصل وسنة، أو لم يُختلف عليه في الإسناد والمتن بحيث يستدل بذلك على حفظه للحديث [انظر في شهر بن حوشب: ما تقدم من أحاديث برقم (44 و 45 و 134 و 677) وغيرها. علل ابن أبي حاتم (2/ 148/ 1940)].

وهذا الحديث لم يتابع عليه شهر بهذا اللفظ، ولم يشتهر عنه؛ فقد تفرد به عنه دون بقية أصحابه الثقات: عبيد الله بن أبي زياد القداح المكي، وهو: ليس بالقوي [التهذيب (3/ 10)، ضعفاء العقيلي (3/ 118)، التقريب (404)]، وقد اضطرب في متن الحديث، حيث لم يضبط موضع الآية من سورة البقرة.

فهو حديث ضعيف.

ومما روي أيضًا في اسم الله الأعظم:

1 -

روى هشام بن عمار [دمشقي صدوق، إلا أنه لما كبر صار يتلقَّن]، وداود بن رشيد [ثقة]، وعمار بن نصر [السعدي أبو ياسر الخراساني المروزي نزيل بغداد: صدوق]، وعمرو بن حفص بن شليلة الثقفي البزاز [صدوق. الجرح والتعديل (6/ 229)، الثقات (8/ 486)، اللسان (6/ 199)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 339)]، وعبد الرحمن بن عبيد الله بن حكيم الحلبي [صدوق]:

عن الوليد بن مسلم: حدثنا عبد اللّه بن العلاء؛ أنه سمع القاسم أبا عبد الرحمن، يحدث عن أبي أمامة، يرفعه [عن النبي صلى الله عليه وسلم]، قال:"اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في سورٍ ثلاث: البقرة، وآل عمران، وطه". قال القاسم: فالتمستها؛ إنه: الحي القيوم. لفظ هشام.

ولفظ داود: "اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن: البقرة، وآل عمران، وطه".

زاد في رواية عمار بن نصر، وابن شليلة، وعبد الرحمن الحلبي:[قال القاسم:] فالتمستها، فوجدت في سورة البقرة آية الكرسي:{الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)}

ص: 298

[البقرة: 255]، وفي سورة آل عمران:{الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} [آل عمران: 1، 2]، وفي سورة طه:{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111].

أخرجه جعفر الفريابي في فضائل القرآن (47)، والطحاوي في المشكل (176)، والطبراني في الكبير (8/ 237/ 7925)، وفي الأوسط (8/ 192/ 8371)، وفي مسند الشاميين (778)، وأبو طاهر المخلص في جزء ابن الطلاية (42)(2952 - المخلصيات)، والحاكم (1/ 505 و 506)(2/ 491/ 1882 - ط الميمان) و (2/ 493/ 1887 - ط الميمان)، وتمام في الفوائد (221)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (832)، والشجري في الأمالي الخميسية (1600 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/ 321) و (45/ 489) و (48/ 128 - 130). [الإتحاف (6/ 244/ 6433)].

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد اللّه بن العلاء إلا الوليد، تفرد به: هشام".

قلت: وهؤلاء وإن كانوا خمسة من أهل الصدق؛ إلا أنهم ليسوا من مشاهير أصحاب الوليد بن مسلم، ولا من ثقات أصحابه، وخالفهم حافظ جهبذ ناقد من أثبت أصحاب الوليد فأوقفه على القاسم، وقوله عندي أشبه بالصواب؛ لا سيما مع جزم الطبراني بتفرد هشام بن عمار به عن الوليد، وكان رواية هؤلاء لم تشتهر، ولم تعرف.

* فقد رواه عبد الرحمن بن إبراهيم [دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي، وهو: ثقة حافظ متقن، أحد أئمة الشام وعلمائهم]: نا الوليد بن مسلم:

ورواه عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي أيضًا [ثقة حافظ متقن]، ومحمد بن مهدي العطار [ثقة]، وخزيمة بن زرعة الخراساني [شيخ لابن معين، ليس بالمشهور]، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن سعيد ابن أبي مريم [ضعيف، حدث عن الفريابي بالبواطيل، إلا أنه أصاب هنا ووافق الثقات. اللسان (4/ 562)]، قالوا: حدثنا عمرو بن أبي سلمة:

كلاهما الوليد بن مسلم [دمشقي، ثقة ثبت]، وعمرو بن أبي سلمة [دمشقي، صدوق]:

روياه عن عبد اللّه بن العلاء، حدثني القاسم أبو عبد الرحمن، قال: إن اسم اللّه الأعظم [الذي إذا دعي به أجاب] في ثلاث سور من القرآن، في سورة البقرة، وآل عمران، وطه. مقطوعًا على القاسم قوله، ورواه خزيمة مرسلًا؛ فوهم.

قال الشيخ [أبو حفص عمرو بن أبي سلمة]: التمستها، فوجدت في البقرة آية الكرسي:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، وفاتحة آل عمران:{الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} [آل عمران:1، 2]، وفي طه:{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111].

أخرجه ابن ماجه (3856)، والحاكم (1/ 506)(2/ 494/ 1888 - ط الميمان)(3/ 34/ 1891 - ط التأصيل)(1884 - ط دار المنهاج القويم)، وابن معين في تاريخه (4/

ص: 299

420/ 5072 - رواية الدوري) [صححت إسناده من كنى الدولابي وتاريخ ابن عساكر]، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (48 و 49)[واللفظ له]، والدولابي في الكنى (2/ 569/ 1020)، والبيهقي في الأسماء والصفات (27)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 127 و 127 - 128). [التحفة (4/ 32/ 4921)، الإتحاف (6/ 244/ 6433)، المسند المصنف (26/ 118/ 11723)].

قال ابن عساكر: "رواه يحيى بن معين، عن خزيمة بن زرعة الخراساني، عن عمرو بن أبي سلمة، عن ابن زبر، عن القاسم؛ مرسلًا".

قلت: وهذا الوجه هو المحفوظ عن عبد الله بن العلاء، عن القاسم أبي عبد الرحمن، من قوله، مقطوعًا عليه.

* ورواه دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، وإبراهيم بن أبي داود [هو: إبراهيم بن سليمان بن داود الأسدي البرلسي، وهو: ثقة حافظ متقن. تاريخ دمشق (6/ 414)، الأنساب (1/ 328)، السير (12/ 612) و (13/ 393)]، ومحمد بن مهدي العطار، وأحمد بن الوليد بن برد [الأنطاكي، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات، الجرح والتعديل (2/ 43 و 74 و 79)، الثقات (8/ 38)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 84 و 126)]، وخزيمة بن زرعة الخراساني، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن سعيد ابن أبي مريم:

عن أبي حفص عمرو بن أبي سلمة الدمشقي، قال: سمعت عيسى بن موسى [- يكنى أبا محمد- في مجلس عبد اللّه بن العلاء بن زبر، يقول لعبد الله بن العلاء: يا أبا زبر

] يقول لابن زبر: يا أبا زبر سمعت غيلان بن أنس، قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن، يحدث عن أبي أمامة، عن النبي عليه السلام قال:"إن اسم الله الأعظم لفي ثلاث سور من القرآن: البقرة، و آل عمران، وطه".

قال أبو حفص [عمرو بن أبي سلمة]: فنظرت في هذه السور الثلاث فرأيت فيها أشياء ليس في القرآن مثلها آية الكرسي {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، وفي آل عمران {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} [آل عمران: 2]، وفي طه {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} .

وفي رواية دحيم، ومحمد بن مهدي، وخزيمة بن زرعة، وعبد اللّه بن أبي مريم، واللفظ لابن مهدي:

حدثنا عمرو بن أبي سلمة: ثنا ابن زبر -وهو: عبد الله بن العلاء-، قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن، يقول: إن اسم الله الأعظم لفي سورٍ من القرآن ثلاث؛ البقرة وآل عمران وطه. [أرسله خزيمة فوهم؛ إنما هو مقطوع على القاسم قوله].

فقال له رجلٌ - يقال له: عيسى بن موسى-، وأنا أسمع: يا أبا زبر، سمعتُ غيلان بن أنس، يقول: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن، يقول: سمعت أبا أمامة، يحدث

ص: 300

عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ "أن اسم الله الأعظم لفي سورٍ من القرآن ثلاث". ثم ذكره بنحوه.

أخرجه ابن ماجه (3856)، والحاكم (1/ 506)(2/ 494/ 1888 - ط الميمان)(3/ 34/ 1891 - ط التأصيل)(1884 - ط دار المنهاج القويم)، وابن معين في تاريخه (4/ 420/ 5072 - رواية الدوري)[صححت إسناده من كنى الدولابي وتاريخ ابن عساكر]، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (49)[وفي سنده سقط]، والدولابي في الكنى (2/ 569/ 1020)، والطحاوي في المشكل (177)، والطبراني في الكبير (8/ 183/ 7758)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1139 و 1140)، والبيهقي في الأسماء والصفات (27)، والشجري في الأمالي الخميسية (1599 - ترتيبه)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 127 و 127 - 128). [التحفة (4/ 32/ 4921)، الإتحاف (6/ 244/ 6433)، المسند المصنف (26/ 118/ 11723)].

* تنبيه:

رواه محمد بن حمدون بن خالد [أبو بكر النيسابوري: ثقة حافظ. الإرشاد (3/ 834)، تاريخ دمشق (52/ 365)، تاريخ الإسلام (7/ 374 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (258/ 8)]: حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن سعيد ابن أبي مريم: حدثنا عمرو -يعني: ابن أبي سلمة-: حدثنا ابن زبر، قال: سمعت غيلان بن أنس، قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن، يحدث عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:"إن اسم الله الأعظم لفي سورٍ من القرآن؛ البقرة وآل عمران وطه". ثم ذكر تمام القصة.

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 126)، بإسناد صحيح غريب إلى ابن حمدون.

هكذا اختصر بعض رواته القصة في الإسناد، فقلب الإسناد، وجعل عبد الله بن العلاء مكان عيسى بن موسى، في إسناد غيلان بن أنس، ويمكن أن تكون علته انتقال البصر، حيث دخل لأحد رواته إسناد في إسناد، وصوابه عند البيهقي من نفس الطريق.

قال ابن عساكر: "كذا رواه ابن حمدون، ورواه غيره عن ابن أبي مريم، عن عمرو، عن ابن زبر، ورواه ابن زبر عن القاسم من قوله، ورواه جليس له عن غيلان بن أنس عن القاسم مرفوعًا، ثم أخرجه من طريق البيهقي.

* فقد رواه البيهقي في الأسماء والصفات (27)، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران ببغداد: أنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري: ثنا عبد الله بن أبي مريم: حدثنا عمرو بن أبي سلمة: حدثنا عبد اللّه بن العلاء بن زبر، قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن، يقول: إن اسم الله الأعظم لفي سور من القرآن ثلاث: البقرة، وآل عمران، وطه.

فقال رجل -يقال له: عيسى بن موسى- لابن زبر، وأنا أسمع: يا أبا زبر سمعت غيلان بن أنس يحدث، قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن، يحدث عن أبي أمامة

ص: 301

الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"إن اسم الله الأعظم لفي سور من القرآن ثلاث: البقرة، و آل عمران، وطه".

وإسناده صحيح إلى ابن أبي مريم، ويحتمل أن يكون ابن أبي مريم نفسه اختصره لما حدث به ابن حمدون، فوقع له فيه الوهم، والله أعلم.

° قال الحاكم: "حديث عمرو بن أبي سلمة هذا لا يعلل حديث الوليد بن مسلم، فإن الوليد أحفظ وأتقن وأعرف بحديث بلده، على أن الشيخين لم يحتجا بالقاسم أبي عبد الرحمن".

قلت: وهو كما قال؛ لو كان الاتصال والرفع محفوظًا من حديث الوليد، لكن المحفوظ من حديث الوليد بن مسلم مقطوع على القاسم، مثل حديث عمرو سواء، والله أعلم.

والحاصل: فإن هذا الحديث قد وصله ورفعه غيلان بن أنس، بينما أوقفه على القاسم: أبو زبر عبد اللّه بن العلاء بن زبر الربعي، وهو: دمشقي، ثقة.

وغيلان بن أنس الدمشقي: مقل من الرواية، وذكره ابن حبان في الثقات، واشتهر برواية الأوزاعي عنه أثرًا لعمر بن عبد العزيز في رفع اليدين، وله حديث آخر عند أبي داود، وهم غيلان بوصله، وصوابه مرسل، فقد رواه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا، والمحفوظ فيه عن أيوب السختياني ويحيى بن أبي كثير، عن عكرمة مرسلًا [التاريخ الكبير (7/ 104)، رفع اليدين (111)، سنن أبي داود (2126 و 2127)، الجرح والتعديل (7/ 54)، الثقات (9/ 3)، تاريخ دمشق (48/ 126)، تاريخ الإسلام (3/ 479 - ط الغرب)، التهذيب (3/ 378)، [وانظر: مصنف عبد الرزاق (10429)، طبقات ابن سعد (8/ 20 - 22)، مصنف ابن أبي شيبة (3/ 499/ 16448)][المسند المصنف (21/ 276/ 9597)].

والحاصل: فإن غيلان بن أنس لا يحتمل مثله في الزيادات، ولا يقدم مثله في الترجيح عند الاختلاف، لا سيما مع الثقات والأثبات، فليس هو من جمال المحامل، والله أعلم.

° وعليه: فإن الأشبه بالصواب: أن هذا الحديث موقوف على القاسم أبي عبد الرحمن؛ مقطوعًا عليه قوله، وقد وهم جماعة غسلكوا به الجادة المشهورة، فجعلوه عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله الموفق للصواب.

2 -

وروى محمد بن سلمة، عن الفزاري، عن أبي شيبة، عن عبد الله بن عكيم الجهني، عن عائشة قالت: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُمَّ إني أسألك باسمك الطاهر الطيب المبارك الأحبِّ اليك، الذي إذا دُعيتَ به أجبتَ، وإذا سُئلتَ به أعطيتَ، وإذا اسُترحمتَ به رحمتَ، وإذا استُفرجتَ به فرَّجتَ".

قالت: وقال ذات يوم: "يا عائشة! هل علمتِ أن الله قد دلني على الاسم الذي إذا دُعي به أجاب؟ "، قالت: فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي فعلمنيه، قال: "إنه لا

ص: 302

ينبغي لكِ يا عائشة"، قالت: فتنحيتُ وجلستُ ساعةً، ثم قمت فقبلتُ رأسه، ثم قلت: يا رسول الله! علمنيه، قال: "إنه لا ينبغي لكِ يا عائشة أن أعلمكِ، إنه لا ينبغي لك أن تسألي به شيئًا من الدنيا"، قالت: فقمت فتوضأت، ثم صليت ركعتين، ثم قلت: اللَّهُمَّ إني أدعوك اللّه، وأدعوك البر الرحيم، وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها، ما علمتُ منها، وما لم أعلم، أن تغفر لي وترحمني، قالت: فاستُضحك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "إنه لفي الأسماء التي دعوت بها".

أخرجه ابن ماجه (3859). [التحفة (11/ 279/ 16272)، المسند المصنف (39/ 129/ 18701)].

قال ابن حجر في الفتح (11/ 224): "وسنده ضعيف، وفي الاستدلال به نظر لا يخفى".

قلت: عبد اللّه بن عكيم: مخضرم، أدرك زمان النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يعرف له سماع صحيح، وقيل: إنه توفي سنة ثمان وثمانين، قاله الذهبي، وقيل: توفي في ولاية الحجاج بن يوسف [التاريخ الكبير (5/ 39)، الجرح والتعديل (5/ 121)، الثقات (3/ 247)، تاريخ الإسلام (2/ 959 - ط الغرب)، إكمال مغلطاي (8/ 71)، التهذيب (2/ 387)].

وعلى هذا فلا يُدرى أدركه أبو شيبة المذكور في هذا الإسناد أم لا؟ وأبو شيبة هذا: لا يُدرى من هو، ومحمد بن سلمة بن عبد الله الباهلي الحراني: ثقة، وأما شيخه الفزاري، فليس هو أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد بن الحارث الحافظ الثقة المشهور [كما وقع تسميته في التحفة]؛ وإنما نعرفه من كلام ابن عدي، حيث ساق لمحمد بن سلمة عن الفزاري حديثًا آخر في مقدمة الكامل، ثم قال:"وهذا الفزاري هو محمد بن عبيد الله العرزمي الكوفي، هكذا يخبر عنه محمد بن سلمة الحراني في هذا الحديث وفي غيره، ولا يسميه لضعفه، ولا يروي هذا الحديث عن العرزمي وهو الفزاري؛ إلا محمد بن سلمة الحراني"[الكامل (1/ 84 - ط العلمية) (1/ 92 - ط الرشد)]، وقال في ترجمة العرزمي من الكامل (7/ 247 - ط العلمية) (9/ 20 - ط الرشد):"ومحمد بن سلمة الحراني في عامة ما يروي عن محمد بن عبيد الله العرزمي يقول: عن الفزاري، فيكني عنه، ولا يسميه لضعفه، وأحيانًا يسميه وينسبه".

وممن جزم أيضًا بأن الفزاري شيخ محمد بن سلمة هو: محمد بن عبيد الله العرزمي: الدارقطني [علل الدارقطني (5/ 283/ 886)، أطراف الغرائب والأفراد (2/ 38/ 3869)].

ومحمد بن عبيد الله العرزمي: متروك، منكر الحديث.

وعليه: فهو حديث منكر.

* ورواه محمد بن فضيل [ثقة]: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبيد الله القرشي، عن عبد الله بن عكيم، قال: أهديتُ لعائشة جرابًا من قسط عنبر، فدخلت به

ص: 303

عليها، فقلت: يا أمتاه، هذا جراب من قسط أهديته لك، قالت: يا جارية، خذيه منه، وأعطيه ذلك البرد الأحمر، فقلت: هذا خير من الذي جئتُ به، فقالت: إنك لذلك أهلٌ، فقلت: علميني دعاء سمعتيه من النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: نعم، دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال:"يا عائشة، شعرتِ أني عُلِّمتُ الاسم الذي دعا به صاحب سليمان؟ "، قالت: فما ملكت نفسي أن اعتنقت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: علمنيه، فقال:"لا يصلح يا عائشة، ثلاث مرات، قالت: فقمت، فتوضأت، ودخلت المسجد، فقلت: أدعوك اللَّهُمَّ، وأدعوك البر الرحيم، وأسألك بأسمائك الحسنى كلها، ما علمت منها، وما لم أعلم، أن تغفر لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصبت يا عائشة " ثلاث مرات.

أخرجه ابن فضيل في الدعاء (5).

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي به، وهو: ضعيف، منكر الحديث، يروي ما لا يتابع عليه [التهذيب (4/ 231)، راجع الحديثين المتقدمين برقم (756 و 844)].

وشيخه: عبيد الله القرشي: لم أهتد إليه، ووجدت في بعض المصادر بهذا الإسناد لابن فضيل حديثًا آخر، وفيه: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الله بن عبيد القرشي، عن عبد الله بن عكيم، ولم أهتد إليه أيضًا [انظر: ما أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 91/ 34431)، والحاكم (2/ 383)(3486 - ط دار المنهاج القويم)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 35)، والبيهقي في الشعب (15/ 120/ 5110 1)] [الإتحاف (8/ 218/ 9245)].

وقد رويت قصة عائشة في اسم الله الأعظم من وجوه أخرى، من مسندها، ومن مسند أنس بن مالك، ولا يصح من ذلك شيء:

* أما ما روي من مسند عائشة: فأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (9)[وهو حديث منكر، تفرد به: صالح بن بشير المري، وهو: متروك، منكر الحديث. التهذيب (2/ 189)، الميزان (2/ 289)][وموضع الشاهد منه: فقالت: اللَّهُمَّ إني أسألك بجميع أسمائك الحسنى كلها، ما علمنا منها وما لم نعلم، وأسألك باسمك العظيم الأعظم، الكبير الأكبر، الذي من دعاك به أجبته، ومن سألك به أعطيته، قال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أصبته، أصبته"][وروي نحوه عن صالح المري رؤبا رآها في المنام. أخرجه ابن أبي الدنيا في المنامات (139)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 168)].

* وأما ما روي من مسند أنس: فأخرجه الطبراني في الدعاء (118 و 120)، وفي الأوسط (514)، والقاضي أبو يعلى الفراء في ستة مجالس من حديثه (40)، [من ثلاثة طرق عن أنس، في أحدها: حبيب بن رزيق، وهو حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك، وهو: متروك، يضع الحديث التهذيب (1/ 349)، وفي الثاني: مبهم، والراوي عنه: إسحاق بن أسيد، قال أبو حاتم: "لا يشتغل به". التهذيب (1/ 117)، وفي الثالث: محمد بن عبد الله العصري، وهو: منكر الحديث. المجروحين (2/ 282)، اللسان (7/ 232)].

ص: 304

3 -

وروي من حديث سعد بن أبي وقاص، ولا يثبت [أخرجه الحاكم (1/ 506) (2/ 493/ 1886 - ط الميمان). وابن جرير الطبري في تفسيره (17/ 82)][راجع تخريجه في أحاديث الذكر والدعاء (1/ 370/ 180)].

4 -

وروى علي بن محمد الطنافسي [ثقة]: أنبا إسحاق بن سليمان [الرازي، كوفي الأصل: ثقة]، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال: اسم اللّه الأعظم: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} إلى قوله: {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 27].

أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (2/ 624/ 3353).

وتوبع عليه: عند ابن حبان في الثقات (8/ 185) تعليقًا [وانظر: الثقات لابن قطلوبغا (3/ 426)].

وهذا موقوف على ابن عباس، ومداره على عمرو بن مالك النكري.

وهو حديث غريب؛ عمرو بن مالك النُّكري: قال عنه ابن عدي في الكامل (1/ 411)(2/ 331 - ط الرشد): "يحدث عن أبي الجوزاء عن ابن عباس: قدر عشرة أحاديث غير محفوظة"، وقد سبق أن فصلت القول فيه في موضعين سابقين [راجع ترجمته: فضل الرحيم الودود (8/ 342/ 757) و (14/ 456/ 1298)].

وحاصل ما قلت فيه: أنه صدوق، له أوهام وغرائب، لا يعتمد على حفظه، ولا يحتج بما ينفرد به من غرائب.

* ورواه محمد بن زكريا الغلابي: ثنا جعفر بن جسر بن فرقد: ثنا أبي، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اسم اللّه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} "[آل عمران: 26]، إلى آخره.

أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 171/ 12792).

وهذا حديث باطل، جسر بن فرقد القصاب أبو جعفر البصري: ضعيف، تركه جماعة، وقال ابن عدي:"وأحاديثه عامتها غير محفوظة"[الكامل (2/ 168)، اللسان (2/ 435)]، وابنه جعفر: يروي عن أبيه أحاديث منكرة، وضعفه جماعة، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه منكر"[الكامل (2/ 150). اللسان (2/ 445)].

ومحمد بن زكريا الغلابي: متروك، متهم بالوضع [اللسان (7/ 139)، شعب الإيمان (1/ 247) دلائل النبوة للبيهقي (1/ 139) و (2/ 427)].

5 -

وروى أبو عبد الرحمن المقرئ [عبد الله بن يزيد: ثقة فاضل]، وعبد الله بن وهب [ثقة حافظ]:

عن سعيد بن أبي أيوب [ثقة ثبت]، قال: حدثني الحسن بن ثوبان [مصري، صدوق]، عن هشام بن أبي رقية، عن أبي الدرداء، وابن عباس؛ أنهما كانا يقولان: اسم الله الأكبر: ربِّ ربِّ.

ص: 305

أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 47/ 29365) و (7/ 233/ 35610)، والطبراني في الدعاء (119)[وفي سنده تحريف]، والحاكم (1/ 505)(2/ 491/ 1881 - ط الميمان)، والشجري في الأمالي الخميسية (1601 - ترتيبه (110 [الإتحاف (8/ 126/ 9054) و (12/ 600/ 16168)].

وهذا موقوف على أبي الدرداء وابن عباس بإسناد لا بأس به، هشام بن أبي رقية: يعد في المصريين، روى عنه جماعة من المصريين، منهم عمرو بن الحارث، قال العجلي:"مصري، تابعي، ثقة"، وعده يعقوب بن سفيان في ثقات التابعين من أهل مصر، وذكره ابن حبان في الثقات، وثبت سماعه من أبي الدرداء وابن عباس في رواية الطبراني، كما ثبت سماعه أيضًا في الأسانيد من مسلمة بن مخلد وعقبة بن عامر [التاريخ الكبير (8/ 192)، معرفة الثقات (1899)، المعرفة والتاريخ (2/ 506)، الجرح والتعديل (9/ 57)، الثقات (5/ 501)، المؤتلف للدارقطني (2/ 1059)، الإكمال لابن ماكولا (4/ 89)، تاريخ الإسلام (3/ 332 - ط الغرب)، التعجيل (1136)].

6 -

وروى محمد بن زياد بن معروف [مستقيم الحديث. الثقات (9/ 120)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 297)]: أنا جعفر بن جسر: أخبرني أبي: حدثني ثابت البناني، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "سألت اسم الله الأعظم، فجاءني جبريل عليه السلام مخزونًا مختومًا: اللَّهُم إني أسألك باسمك المخزون المكنون، الطهر الطاهر المطهر، المقدس المبارك، الحي القيوم"، قالت عائشة: بأبي وأمي يا رسول الله! علمنيه، فقال لها:"يا عائشة نهينا عن تعليمه النساء والصبيان والسفهاء".

أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 423 - 424 - ط العلمية)(3/ 150/ 3903 - ط الرشد)، وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 170).

قال ابن عدي: "لأن هذه الأحاديث التي أمليتها عن محمد بن زياد عن جعفر بن جسر عن أبيه؛ لا يرويها عن جسر غير ابنه جعفر، والأحاديث الأخرى التي أمليتها مما يرويه عنه غير ابنه فهي أحاديث صالحة مستقيمة، على أن جسرًا هو في الضعفاء وابنه مثله، ولجسر بن فرقد هذا غير ما ذكرت من الحديث، وليس بالكثير، وأحاديثه عامتها غير محفوظة".

وقال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وكذب عليه".

قلت: هو حديث باطل؛ تفرد به عن ثابت دون بقية أصحابه الثقات، جسر بن فرقد القصاب أبو جعفر البصري، وهو: ضعيف، تركه جماعة، وقال ابن عدي:"وأحاديثه عامتها غير محفوظة"[الكامل (2/ 168)، اللسان (2/ 435)]، وابنه جعفر: يروي عن أبيه أحاديث منكرة، وضعفه جماعة، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه منكر"[الكامل (2/ 150)، اللسان (2/ 445)].

7 -

عن ابن عباس؛ أن عثمان بن عفان سأل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ

ص: 306

الرَّحِيمِ (30)}؟ فقال: "هو اسم من أسماء الله تعالى، وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العينين وبياضهما من القرب"[أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 162)، وابن أبي حاتم في التفسير (1/ 25/ 5) و (8/ 2714/ 15301)، والحاكم (1/ 552) (2/ 585/ 2050 - ط الميمان)، والبيهقي في الشعب (4/ 411/ 2123)، وفي الخلافيات (2/ 314/ 1601)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 274 - ط الغرب)، والذهبي في الميزان (2/ 82 1)][الإتحاف 71/ 253/ 770)][وهو حديث باطل؛ تفرد به من حديث طاووس عن ابن عباس: سلام بن وهب الجندي، وهو: منكر الحديث، يروي عن الثقات الأباطيل. قال العقيلي: "لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به". وقال أبو حاتم: "هذا حديث منكر". العلل لابن أبي حاتم (5/ 342/ 2029)، وقال الذهبي: "عن ابن طاووس: بخبر منكر، بل كذب". قلت: وله بهذا الإسناد حديث موضوعِ في تفسير أبجد هوز، عند أبي نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1952/ 4911). وانظر أيضًا: المغني (2509)، اللسان (4/ 103)].

8 -

وروى يحيى بن ثعلبة: حدثني الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسم الله الأعظم في ست أيات في آخر سورة الحشر"[أخرجه الدارقطني في الأفراد (1/ 432/ 2343 - أطرافه)، وأبو الحسن الواحدي في التفسير الوسيط (4/ 280)، [وهو حديث باطل، تفرد به عن الحكم بن عتيبة الثقة الثبت دون بقية أصحابه على كثرتهم: يحيى بن ثعلبة، قال ابن معين: "ليس بشيء"، وضعفه الدارقطني. سؤالات ابن طهمان (283 و 365)، اللسان (8/ 422). وانظر: الإكمال لابن ماكولا (1/ 197)، توضيح المشتبه (8/ 251)، [وأخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس (2/ 72/ 469 - زهر الفردوس)، من نفس الوجه، لكن قلب إسناده، فجعل ميمون بن مهران، بدل سعيد بن جبير، وكلاهما باطل، لما تقدم بيانه، والله أعلم].

9 -

وروي من حديث أبي هريرة، ولا يثبت مثله [أخرجه أبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 289)][وروي من وجه آخر مع اتحاد المخرج من حديث عائشة، ولا يثبت أيضًا: أخرجه أبو يعلى الفراء في ستة مجالس من أماليه (40)].

10 -

وروي من حديث ابن مسعود، وهو حديث موضوع [أخرجه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1856)] [وآفته: موسى بن إبراهيم المروزي، وهو: متروك، منكر الحديث، يروي عن الثقات ما لا أصل له، كذبه يحيى بن معين. انظر: اللسان (8/ 187)، وغيره. وقد تفرد به عن وكيع بن الجراح].

* وروي عن ابن مسعود موقوفًا عليه، من وجه آخر ولا يثبت [أخرجه الدارمي (3714 - ط البشائر)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (44)][تفرد به عن أبي الضحى: جابر بن يزيد الجعفي، وهو: متروك، يكذب، وقد اختلف فيه على عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة][الإتحاف (10/ 479/ 13231].

11 -

وروي من حديث أنس بن مالك، وهو حديث موضوع [أخرجه الخطيب في

ص: 307

تاريخ بغداد (13/ 308 - ط الغرب)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (47/ 471). وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 170)] [وإسناده مجهول. قال ابن الجوزي:"هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعامة رواته مجاهيل لا يعرفون"، وقال ابن حجر في اللسان (4/ 343):"ضياء بن محمد الكوفي: عن الحسن بن مرزوق؛ بإسناد باطل، لمتن موضوع، وكلهم لا يعرفون"، وإنما يروى هذا من كلام معروف الكرخي في قصة اجتماع اليهود لقتل عيسى عليه السلام].

* * *

1497 -

. . . الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن عائشة، قالت: سُرِقَتْ مِلحَفةٌ لها، فجعلت تدعو على مَنْ سرقها، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقول:"لا تُسبِّخي عنه".

قال أبو داود: لا تسبِّخي؛ أي: لا تخفِّفي [عنه].

حديث ضعيف

أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 29577/74)، وإسحاق بن راهويه (2/ 64/ 1221)، وأحمد (6/ 45)، والبيهقي في الدعوات الكبير (656). [التحفة (11/ 629/ 17377)، الإتحاف (17/ 412/ 22523)، المسند المصنف (39/ 40/ 18626)].

رواه عن الأعمش: حفص بن غياث [واللفظ له]، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير.

* ولم ينفرد به الأعمش عن حبيب، تابعه سفيان الثوري:

فقد رواه معاذ بن معاذ، وعبد الرحمن بن مهدي [وعنه: أبو عبيد القاسم بن سلام، وعمرو بن علي الفلاس]، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان [وهم ثقات حفاظ]:

حدثنا سفيان الثوري، عن حبيب، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سُرق لها شيءٌ فجعلت تدعو عليه، فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:"لا تسبخي عنه".

ولفظ القطان: أن رجلًا سرق ثوبًا لها، فأقبلت تدعو عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تسبخي عنه".

أخرجه أبو داود (4909)، والنسائي في الكبرى (7/ 6/ 7318)، وأحمد (6/ 136)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (1/ 159)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 263)، وأبو أحمد العسكري في تصحيفات المحدثين (1/ 60)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 154/ 1354). التحفة (11/ 629/ 17377)، الإتحاف (17/ 412/ 22523)، المسند المصنف (39/ 40/ 18626)].

ص: 308

قال الأصمعى: ""لا تسبخي"، يقول: لا تخففى عنه بدعائك عليه".

* واختلف فيه على عبد الرحمن بن مهدي:

أ- فرواه عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وعمرو بن علي الفلاس [وهما إمامان حافظان كبيران، ثقتان جليلان] بهذا الإسناد، هكذا متصلًا كالجماعة.

ب- وخالفهما: محمد بن بشار [بندار: ثقة]، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب، عن عطاء، مرسلًا.

أخرجه النسائي في الكبرى (7/ 7/ 7319). [التحفة 11/ 629/ 17377)، المسند المصنف (39/ 40/ 18626)].

قلت: حبيب بن أبي ثابت: كوفي، عالم فقيه، ثقة، متفق على حديثه، لكن أحاديثه عن عطاء خاصة: ليست محفوظة.

° قال عبد الله بن أحمد: "حدثني أبو بكر ابن خلاد، قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان، يقول: حبيب بن أبي ثابت عن عطاء: ليس محفوظًا، سمعته يقول: إن كانت محفوظة لقد نزل عنها؛ يعني: عطاء نزل عنها"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 218/ 4948)، ضعفاء العقيلي (1/ 263)، شرح علل الترمذي (2/ 801)].

وقال العقيلي: "وله عن عطاء غير حديث لا يتابع عليه".

قلت: نعم؛ حبيب بن أبي ثابت: ثقة فقيه جليل، لكن قد وقع له بعض الأوهام، وقد تقدم معنا لحبيب بن أبي ثابت من الأوهام: حديث القبلة وحديث المستحاضة، واللذان لم يسمعهما حبيب من عروة بن الزبير، بل وأخطا فيهما أيضًا على عروة [راجع حديث القبلة في فضل الرحيم الودود (2/ 320/ 180)، وحديث المستحاضة في فضل الرحيم الودود (3/ 371/ 298)]، وحديثه عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا نساءَكم المساجد، وبيوتهن خيرٌ لَهُنَّ"، وهو حديث شاذ [راجع: فضل الرحيم الودود (6/ 403/ 567)]، وحديثه عن طاووس عن ابن عباس في صلاة الكسوف، وهو حديث خطأ، أخطأ فيه حبيب فجعل في كل ركعة أربع ركوعات [تقدم برقم (1183)]، وحديثه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر، حيث أخطأ في قوله: ولا مطر، والمحفوظ: ولا سفر [تقدم برقم (1211)].

الوجه الثالث: يحتمل أن يكون حبيب بن أبي ثابت قد أُتي في هذا الحديث من قِبل التدليس؛ فإنه لم يذكر سماعًا في هذا الحديث، وحبيب: معدود في المدلسين، فقد روى أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، قال: قال لي حبيب بن أبي ثابت: "لو أن رجلًا حدثني عنك، ما باليت أن أروبه عنك"، وقد وصفه بالتدليس: ابن خزيمة، وقال بعد أن روى قول حبيب هذا في التوحيد:"يريد: لم أبال أن أدلسه"، وظاهر كلامه في صحيحه يدل على أنه لا يحتج بحديث حبيب حتى يصرح بالسماع في كل حديث حديث، ووصفه

ص: 309

بالتدليس أيضاً: ابن حبان، والدارقطني، والبيهقي، وقد سبق أن فصلت الكلام عن تدليس حبيب عند الحديث رقم (567)، وقد تقدم معنا أيضاً لحبيب حديث القبلة (180)، وحديث المستحاضة (298)، واللذان لم يسمعهما حبيب من عروة بن الزبير، والله أعلم.

والحاصل: فهو حديث ضعيف، ليس بالمحفوظ.

وللحديث طرق أخرى عن عائشة:

1 -

رواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن علي بن صالح [ابن حي الهمداني الكوفي: ثقة]، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم، عن عائشة، قالت: سُرقت مخنَفَتي [وفي أكثر النسخ: مخنقتي، بالقاف]، فدعوتُ على صاحبها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تسبخي عليه، دعيه بذنبه".

أخرجه أحمد (6/ 215)(12/ 6217/ 26438 - ط المكنز). [الإتحاف (16/ 1007/ 21518)، المسند المصنف (39/ 41/ 18627)].

وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، ثم هو غريب جداً من حديث إبراهيم النخعي.

إبراهيم بن يزيد النخعي: دخل على عائشة وهو صغير، ولم يسمع منها شيئاً [المراسيل (1)، جامع التحصيل (13)، تحفة التحصيل (19). راجع: فضل الرحيم الودود (3/ 201/ 243)].

وقد تفرد برواية هذا الحديث عنه: إبراهيم بن مهاجر البجلي، وهو: ليس به بأس، ولا يتابع على بعض حديثه، وقد انتقى له مسلم حديثين مما توبع عليه [انظر ترجمته في فضل الرحيم الودود (4/ 47/ 316) صحيح مسلم (332 و 655)].

فلا يحتمل تفرد مثله عن إبراهيم النخعي، لا سيما وإبراهيم كثير الأصحاب، قد روى عنه جمع غفير من الثقات وغيرهم، مثل: الحكم بن عتيبة، وسليمان الأعمش، ومنصور بن المعتمر، وعبد الله بن عون، وعمرو بن مرة، وزبيد اليامي، وأبي معشر زياد بن كليب، والحسن بن عبيد الله النخعي، ومغيرة بن مقسم الضبي، وعبد الرحمن بن أبي الشعثاء المحاربي، وحماد بن أبي سليمان، وسماك بن حرب، وأبي حصين عثمان بن عاصم الأسدي، وفضيل بن عمرو الفقيمي، وواصل بن حيان الأحدب، وغيرهم.

2 -

ورواه محمد بن حماد الطهراني [ثقة حافظ]، قال: نا هشام بن عبيد الله الرازي، قال: نا أبو عوانة [ثقة ثبت]، عن إسماعيل بن سالم [الأسدي: ثقة ثبت]، عن مجاهد [سماع مجاهد من عائشة: ثابت صحيح. راجع: فضل الرحيم الودود (4/ 228)]، عن عائشة؛ أنه سُرق لها متاعٌ، فسمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم تدعو، فقال:"لا تسبخي عنه".

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 184/ 3925).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن مجاهد إلا إسماعيل بن سالم، ولا عن إسماعيل إلا أبو عوانة، ولا عن أبي عوانة إلا هشام بن عبيد الله، تفرد به: محمد بن حماد الطهراني".

ص: 310

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن أبي عوانة دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: هشام بن عبيد الله بن بلال الرازى السِّنِّي، وهو مختلف فيه، قال أبو بكر الأعين:"سألت أحمد بن حنبل: أكتب عن هشام بن عبيد الله؟ قال: لا، ولا كرامة"، وقال العجلي:"رازي، ضعيف"، وقال أبو حاتم:"صدوق"، وقال ابنه:"ثقة، يحتج بحديثه"، وقال ابن حبان:"وكان يهم في الروايات، ويخطئ إذا روى عن الأثبات، فلما كثر مخالفته الأثبات بطل الاحتجاج به"، وقال أبو إسحاق الشيرازي:"هو لين في الرواية"[معرفة الثقات (1905)، سؤالات البرذعي (2/ 757)، أخبار القضاة (1/ 8)، الجرح والتعديل (9/ 67)، علل الحديث (1614)، تاريخ جرجان (160)، المجروحين (3/ 90)، تعليقات الدارقطني على المجروحين (382)، علل الدارقطني (13/ 357/ 3243)، الإرشاد (2/ 653)، الموضح (2/ 532)، الأنساب (3/ 326)، طبقات الفقهاء (138)، السير (10/ 446)، تاريخ الإسلام (16/ 439)، اللسان (8/ 335)، التهذيب (4/ 274)].

3 -

ورواه سهل بن حر [كذا، ولعله: سهل بن بحر الجنديسابوري أبو محمد القناد: قال ابن أبي حاتم: "كان صدوقاً"، وذكره ابن حبان في الثقات. الجرح والتعديل (4/ 194)، الثقات (8/ 294)]، عن محمد بن الصباح [أياً كان الدولابي أو الجرجرائي، فهو ثقة]، عن هشيم [ابن بشير: ثقة ثبت]، عن حجاج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبخي عنه؛ حتى توفين أجرك يوم القيامة".

أخرجه أبو أحمد العسكري في تصحيفات المحدثين (1/ 61)، وجادة في كتاب عبدان القاضي في مسند عائشة.

قال أبو أحمد: "وهذا خطأ، وليس بشيء".

قلت: حجاج بن أرطأة: ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين، ولم يصرح بالسماع؛ فلا يحتمل تفرده بهذا عن ابن أبي مليكة دون بقية أصحابه الثقات، وحديثه هذا ليس بشيء؛ كما قال أبو أحمد العسكري، والله أعلم.

* والحاصل: فإن حديث عائشة هذا حديث ضعيف، وكثرة طرقه لا تزيده إلا ضعفاً، والله أعلم.

ومما جاء في معناه:

ما رواه أبو الأحوص [سلام بن سليم: ثقة متقن]، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا على من ظلمه؛ فقد انتصر".

أخرجه الترمذي في الجامع (3552)، وفي العلل الكبير (681)، وابن أبي شيبة (6/ 74/ 29576)، وأبو يعلى (7/ 433/ 4454) و (8/ 94/ 4631)، وابن عدي في الكامل (6/ 412)، وأبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد (307)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 397) و (2/ 50)، وابن السماك في التاسع من فوائده "جزء حنبل"(91)، والقضاعي في

ص: 311

مسند الشهاب (386 - 388). [التحفة (11/ 167/ 16003)، المسند المصنف (39/ 41/ 18628)].

قال الترمذي في الجامع: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي حمزة، وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي حمزة من قبل حفظه، وهو ميمون الأعور".

وقال في العلل: "سألت محمداً [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: لا أعلم أحداً روى هذا الحديث غير أبي الأحوص، ولكن هو عن أبي حمزة، وضعَّف أبا حمزة جداً".

وقال ابن عدي: "ولا أعلم يرويه عن أبي حمزة غير أبي الأحوص".

* وانظر فيمن وهم في إسناده على أبي الأحوص؛ فجوَّد إسناده: علل الدارقطني (14/ 259/ 3608).

* قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن إبراهيم النخعي دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: أبو حمزة ميمون الأعور القصاب الكوفي الراعي، وهو: ضعيف، تركه بعضهم، يروي عن إبراهيم النخعي ما لا يتابع عليه، قال ابن عدي:"وأحاديثه التي يرويها خاصة عن إبراهيم مما لا يتابع عليها"، وعدَّ هذا الحديث في جملة مناكيره [الكامل (6/ 413)، التهذيب (4/ 200)].

* قال أبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشفقاً على أمته، عطوفاً عليهم، رحيماً بهم، كما ذكر الله تعالى بقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128]، فمن شفقته عليهم ورأفته بهم كان يحب العفو من المظلوم عن الظالم، ويحب التجاوز، ويكره الانتصار والانتقام للنفس والخصومة لها، ويحب الستر على المؤمنين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ستر على مسلم ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة"، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزاً"،

".

وقال النووي في شرحه على مسلم (16/ 141): "ولا خلاف في جواز الانتصار، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسُّنَّة، قال الله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)} [الشورى: 41]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)} [الشورى: 39]، [قلت: بشرط عدم الاعتداء]، ومع هذا: فالصبر والعفو أفضل، قال الله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)} [الشورى: 43]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً"".

قلت: يغني عما تقدم في الحض على العفو والصفح عن الظالم:

ما رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير [مدني، ثقة ثبت]، وأخوه محمد بن جعفر [مدني، ثقة]، وشعبة [وعنه: غندر محمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد ابن أبي عدي]، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي [مدني، ثقة، صحيح الكتاب]، وروح بن

ص: 312

القاسم [ثقة]، وحفص بن ميسرة [الصنعاني، نزيل عسقلان: ثقة]، وعبد الرحمن بن إبراهيم [القاص المدني، نزيل كرمان: ليس بالقوي، وأُنكرت عليه أحاديث عن العلاء، ليس هذا منها. العلل ومعرفة الرجال (2/ 473/ 3103). وانظر: اللسان (5/ 80)، التعجيل (612)، المجروحين (2/ 60)]، وغيرهم:

قالوا: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"ما نقصت صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله عز وجل".

وفي رواية شعبة [عند أحمد والبزار وابن خزيمة]: "ولا عفا رجلٌ عن مظلمةٍ إلا زاده الله بها عزاً".

أخرجه مسلم (2588)، وأبو عوانة (20/ 22/ 11319 - 11321)، والترمذي (2029)، وقال:"وهذا حديث حسن صحيح"، والدارمي (1823 - ط البشائر)، وابن خزيمة (4/ 97/ 2438)(3/ 199/ 2492 و 2493 - ط التأصيل)، وابن حبان في الصحيح (8/ 40/ 3248)، وفي روضة العقلاء (154)، وأحمد (2/ 235 و 386 و 438)، وعلي بن حجر السعدي في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (271)، وابن أبي الدنيا في التواضع والخمول (74)، والبزار (15/ 75/ 8310)، وأبو يعلى (11/ 344/ 6458)، وابن زيدان في مسنده (49 - حديث السلفي عن حاكم الكوفة)، والطبراني في الأوسط (5/ 205/ 5092)، وفي مكارم الأخلاق (63)، وابن عدي في الكامل (3/ 498 - ط العلمية)، وأبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد (192)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (684)، وابن منده في التوحيد (2/ 129/ 273)، والبيهقي في السنن (4/ 187) و (10/ 235)، وفي الشعب (6/ 27/ 3138) و (12/ 125/ 7715) و (12/ 174/ 7782 و 7783) و (12/ 299/ 7975)، وصححه، وفي الآداب (132)، وفي الأربعين الصغرى (112)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 270 و 271)، وفي جامع بيان العلم (946)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 110)، والبغوي في شرح السُّنَّة (6/ 132 - 133/ 1633)، وقال:"هذا حديث صحيح"، وفي التفسير (6/ 403)، وابن عساكر في المعجم (93)، وغيرهم كثير. [التحفة (10/ 13/ 14003) و (10/ 30/ 14072)، الإتحاف (15/ 272/ 19293)، الحشد المصنف (31/ 353/ 14389)].

* وهذا الحديث قصر بإسناده مالك:

فرواه مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن؛ أنه سمعه يقول: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع عبدٌ إلا رفعه الله.

قال مالك: لا أدري أيُرفَعُ هذا الحديثُ عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟.

أخرجه مالك في الموطأ (2/ 600/ 2855 - رواية يحيى الليثي)(2112 - رواية أبي مصعب)(811 - رواية الحدثاني).

ص: 313

قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 269): "روى هذا الحديث جماعة الرواة عن مالك، منهم ابن وهب وابن القاسم والقعنبي ومعن بن عيسى وغيرهم، وهو حديث محفوظ للعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عنه جماعة هكذا، ومثله لا يقال من جهة الرأي".

وقال في الاستذكار (8/ 612): "هذا حديث محفوظ، مسند صحيح؛ عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وفد ذكرناها من طرق شتى كثيرة عن العلاء بإسناده كما وصفنا، ومثله لا يقال بالرأي".

* وروى نحوه البزار في مسنده (17/ 119/ 9697) من وجه آخر، قال: حدثنا روح بن حاتم [أبو غسان: ثقة مشهور، من شيوخ البزار. الجرح والتعديل (3/ 500)، وقال: "روى عنه أبي، وسئل عنه؟ فقال: صدوق". مسند البزار (15/ 253/ 8715)، وقال: "وكان من الفهماء الثقات]. الثقات (8/ 244)، وقال:"مستقيم الحديث"، وصحح له (6533)]: حدثنا عبد الله بن غالب [العبَّاداني: روى عنه جماعة، ولم أر فيه جرحاً ولا تعديلاً. التهذيب (2/ 402)]: حدثنا هشام بن عبد الرحمن الكوفي: حدثنا علقمة بن مرثد [كوفي، ثقة مشهور، روى له الجماعة]، عن أبي الربيع [مدني، صالح الحديث. التهذيب (4/ 521)]، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس أحد يظلم بمظلمة فيدعها إلا زاده الله بها عزاً، وتصدقوا فإنه ما نقصت صدقة من مال ولكن تزيد فيه".

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن علقمة عن أبي الربيع عن أبي هريرة رضي الله عنه، إلا هشام بن عبد الرحمن الكوفي، ولا حدث به عن هشام إلا عبد الله بن غالب العباداني، وقد حدث هذا الشيخ عن هشام بغير حديث عن الأعمش".

قلت: هو حديث غريب جداً بهذا الإسناد، تفرد به: هشام بن عبد الرحمن الكوفي، وهو: مجهول [التاريخ الكبير (8/ 199)]، وعلقمة بن مرثد الكوفي روى عنه جمع كبير من ثقات أهل الكوفة وحفاظهم، ومن الغرباء أيضاً، فلا يحتمل تفرد مثل هذا عنه، والله أعلم.

وأما ما رواه ابن عجلان، قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة؛ أن رجلاً شتم أبا وركر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام، فلحقه أبو بكر، فقال: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله، غضبت وقمت، قال:"إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله، وقع الشيطان، فلم كن لأقعد مع الشيطان".

ثم قال: "يا أبا بكر ثلاث كلهن حقٌّ: ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله عز وجل، إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة، إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة، إلا زاده الله عز وجل بها قلة".

ص: 314

أخرجه أبو داود (4897)، وأحمد (2/ 436)، والبزار (15/ 157/ 8495)، والقضاعي في مسند الشهاب (820)، والبيهقي في الشعب (6/ 29/ 3140) و (10/ 167/ 6242) و (12/ 126/ 7716)، وفي الآداب (130)، والخطيب في المبهمات (3/ 164)، وفي تالي تلخيص المتشابه (1/ 184)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (700)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 102). [التحفة (9/ 305/ 13050)، الإتحاف (14/ 717/ 18580)، المسند المصنف (33/ 128/ 15317)].

فقد وهم فيه ابن عجلان، وسلك فيه الجادة والطريق السهل.

وابن عجلان: ثقة؛ إلا أنه اختلطت عليه أحاديث المقبري عن أبي هريرة، وقد سبق أن فصلت الكلام على ابن عجلان [انظر مثلاً: الحديث رقم (796)]، ومما نقلت هناك، ما قاله النسائي في عمل اليوم والليلة (92):"وابن عجلان اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري: ما رواه سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وسعيد عن أخيه عن أبي هريرة، وغيرهما من مشايخ سعيد، فجعلها ابن عجلان كلها عن سعيد عن أبي هريرة، وابن عجلان: ثقة، والله أعلم".

* وانظر فيمن وهم في إسناده على ابن عيينة عن ابن عجلان: ما أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 189/ 7239)[حيث جعله: عن ابن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن علي بن زيد إلا سفيان بن عيينة، ولا رواه عن سفيان إلا حسين الجعفي، تفرد به: القاسم بن دينار، ورواه الناس عن سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، فإن كان حسين الجعفي حفظه، فهو غريب من حديث علي بن زيد، عن ابن المسيب"، [وانظر: علل الدراقطني (8/ 152/ 1472)].

* والصواب: ما رواه الليث بن سعد [ثقة ثبت، أثبت الناس في سعيد المقبري]، عن سعيد المقبري، عن بشير بن المحرر، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ومعه أصحابه وقع رجل بأبي بكر، فآذاه، فصمت عنه أبو بكر، ثم آذاه الثانية، فصمت عنه أبو بكر، ثم آذاه الثالثة، فانتصر منه أبو بكر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتصر أبو بكر، فقال أبو بكر: أوجدت عليَّ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك، فلما انتصرت وقع الشيطان، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 102)، وأبو داود (4896)، والبيهقي في الشعب (10/ 167/ 6242)، وفي الآداب (130). [التحفة (5/ 16/ 6597) و (9/ 305/ 13050) و (12/ 320/ 18695)، المسند المصنف (33/ 128/ 15317)].

وقد رجح البخاري في التاريخ مرسل الليث بن سعد على حديث ابن عجلان الموصول، وقال عن رواية الليث بأنها أصح، قال البيهقي في الشعب (7716):"قال البخاري: هذا أصح، وهو مرسل".

ص: 315

وقال الدارقطني في العلل (8/ 152/ 1472): "يرويه ابن عجلان، واختلف عنه؛

فرواه سليمان بن بلال، وابن عيينة، ويحيى القطان، والوليد بن مسلم، وصفوان بن عيسى، وبكر بن صدقة، والمغيرة بن عبد الرحمن، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.

وخالفهم الليث بن سعد؛ رواه عن سعيد المقبري، عن بشير بن المحرر، عن سعيد بن المسيب مرسلاً.

وكذلك رواه أبو بكر الحنفي، عن عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن بشير بن المحرر، عن سعيد بن المسيب؛ وهو الصواب.

ويشبه أن يكون ذلك من ابن عجلان؛ لأنه يقال: إنه كان قد اختلط عليه روايته عن سعيد المقبري.

والليث بن سعد - فيما ذكر يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل - أصح الناس رواية عن المقبري، وعن ابن عجلان عنه [يعني: وأصح الناس رواية عن ابن عجلان عن المقبري]، يقال: إنه أخذها عنه قديماً".

قلت: وهذا مرسل بإسناد فيه جهالة، بشير بن المحرر: ذكره ابن حبان في الثقات، وليس بالمشهور، قال الدارقطني:"يعتبر به"، وقال الذهبي:"لا يُعرف"، وقال ابن حجر:"مقبول"، وروى عنه جماعة [المؤتلف للدارقطني (4/ 2063)، سؤالات البرقاني (353)، إكمال ابن ماكولا (7/ 168)، الميزان (1/ 329)، إكمال مغلطاي (2/ 425)، التهذيب (1/ 235)، مغاني الأخيار (1/ 103)].

* وانظر بعض الفوائد في شرح حديث الباب في: معاملة الظالم السارق لابن رجب (2/ 639 - مجموع الرسائل).

1498 -

. . . شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه، قال: استأذنتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذِنَ لي، وقال:"لا تنسَنا يا أُخَيَّ من دُعائك"، فقال كلمةً ما يَسُرُّني أن لي بها الدنيا.

قال شعبة: ثم لقيتُ عاصماً بعدُ بالمدينة، فحدَّثنيه، وقال:"أَشرِكنا يا أُخَيَّ في دُعائك".

حديث منكر

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 273)، وأحمد (1/ 29/ 195)(1/ 71/ 200 - ط المكنز)، والبزار (119)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (1/ 520 - مسند الفاروق)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (385)، وابن عدي في الكامل (6/ 391 - ط العلمية)،

ص: 316

والبيهقي في السنن (5/ 251)، وفي الدعوات الكبير (653)، والضياء في المختارة (1/ 292/ 181) و (1/ 293/ 183) و (1/ 294/ 184).

[التحفة (7/ 236/ 10522)، الإتحاف (12/ 283/ 15588)، المسند المصنف (22/ 394/ 10142)].

رواه عن شعبة: سليمان بن حرب [واللفظ له، مطولاً]، وغندر محمد بن جعفر، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وعمرو بن مرزوق [وهم ثقات]، وحجاج بن نصير [ضعيف، وقلبه بعضهم عند البيهقي، فقال: حجاج بن منهال، وهو: ثقة].

انتهى أبو الوليد في حديثه إلى قوله: "لا تنسَنا يا أُخَيَّ من دُعائك".

وقال فيه غندر:

وقال بعدُ في المدينة: "يا أُخَيَّ، أشركنا في دعائك".

فقال عمر: ما أحبُّ أن لي بها ما طلعت عليه الشمس، لقوله:"يا أُخَيَّ".

خالفهم فجعله من مسند ابن عمر:

أبو داود الطيالسي، وعبد الرحمن بن مهدي [وعنه: أبو بشر بكر بن خلف، وهو: بصري، ثقة]، وآدم بن أبي إياس، وسلم بن قتيبة الشعيري [وهم ثقات]:

فرووه عن شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، قال: سمعت سالم بن عبد الله، يحدث عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة، فأذن له وقال له:"يا أخي أشركنا في دعائك"، أو:"لا تنسنا من دعائك". لفظ الطيالسي. وقال آدم: في الحج. وزاد سلم في آخره: فقال عمر: هي أحب إلي من الدنيا.

ولفظ ابن مهدي [عند الفاكهي]: إن عمر رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن له، وقال:"لا تنسنا من دعائك يا أخي".

أخرجه الطيالسي (10)، وعبد بن حميد (740)، والفاكهي في أخبار مكة (875)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (785)، والبيهقي في الشعب (13/ 219/ 8641). [المسند المصنف (22/ 394/ 10142)].

تابع شعبة عليه:

سفيان الثوري، واختلف عليه:

أ - فرواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ، من أثبت أصحاب الثوري]، عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر، أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم العمرة، فأَذِن له، وقال له:"يا أُخَيَّ أشركنا في شيء من دعائك، ولا تنسنا".

أخرجه الترمذي (3562)، وابن ماجه (2894). [التحفة (7/ 236/ 10522)، المسند المصنف (22/ 394/ 10142)].

* تابعه على هذا الوجه:

مؤمل بن إسماعيل [صدوق، كثير الغلط، كان سيئ الحفظ][وعنه: محمد بن المثنى، وهو: ثقة ثبت]، وعبيد الله بن موسى [كوفي، ثقة]:

حدثنا سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن أبيه، عن عمر؛ أنه استأذن

ص: 317

النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فقال:"يا أخي أشركنا في صالح دعائك، ولا تنسنا".

أخرجه البزار (120)، وأبو بكر ابن لال في حديثه عن شيوخه (33).

قال البزار: "وقد رواه غير مؤمل فلم يقل: عن عمر".

* رواه عن وكيع به هكذا من مسند عمر: أبو بكر ابن أبي شيبة [ثقة حافظ مصنف]، وسفيان بن وكيع [ضعيف، واتُّهم].

* خالفهما فجعلوه من مسند ابن عمر: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وعبيد الله بن عمر القواريري [وهم ثقات حفاظ]:

فرووه عن وكيع، عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمر؛ أن عمر استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن له، وقال:"يا أُخَيَّ أشركنا في صالح دعائك، ولا تنسنا".

أخرجه أحمد (2/ 59/ 5229)، وأبو يعلى (9/ 405/ 5550)، والضياء في المختارة (1/ 292/ 182). الإتحاف (8/ 340/ 9513)، المسند المصنف (22/ 394/ 10142)].

ب - ورواه قبيصة بن عقبة [ثقة، كثير الغلط في حديث الثوري. وعنه: حفص بن عمر بن الصباح الرقي، المعروف بسنجة ألف، قال عنه أبو أحمد الحاكم: "حدث بغير حديث لم يتابع عليه"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "ربما أخطأ"، وقال الخليلي: "وكان يحفظ، وينفرد برفع حديث"، وقال الذهبي: "وهو صدوق في نفسه، وليس بمتقن". الثقات (8/ 201)، الإرشاد (2/ 473)، تاريخ الإسلام (20/ 339)، السير (13/ 405)، اللسان (3/ 236)]، ومحمد بن يوسف الفريابي [ثقة، يخطئ على الثوري. وعنه: حميد بن زنجويه، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ، من أصحاب الثوري]، وأبو أحمد محمد بن عبد الله الأسدي الزبيري [ثقة ثبت، يخطئا في حديث الثوري]، وقاسم بن يزيد الجرمي [ثقة]:

عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمر؛ قال: استأذن عمر النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فقال:"يا أخي، أشركنا في صالح دعائك، ولا تنسنا".

زاد عبد الرزاق: فقال عمر: ما أحب أن لي بها ما طلعت عليه الشمس.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 273)، وأحمد (2/ 59/ 5229)، والبلاذري في أنساب الأشراف (10/ 303)، وأبو يعلى (9/ 376/ 5501)، وابن حبان في المجروحين (2/ 128)(2/ 110 - ط الصميعي)، والبيهقي (5/ 251)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 336 - ط الغرب). [الإتحاف (8/ 340/ 9513)، المسند المصنف (22/ 394/ 10142)].

* ورواه حميد بن عياش الرملي [صدوق. الجرح والتعديل (3/ 227)، الثقات لابن قطلوبغا (4/ 53)]: حدثنا مؤمل بن إسماعيل [صدوق، كثير الغلط، كان سيئ الحفظ، وقد رواه عنه محمد بن المثنى فأفرد الثوري]: حدثنا شعبة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه؛ أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في

ص: 318

العمرة، فأذن له، فأتى النبي يودعه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أخي! اذكرنا في صالح دعائك".

أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير (653)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 336 - ط الغرب).

وهذا غريب من حديث ابن عيينة.

* هكذا رواه أصحاب الثوري، وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري: ما أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (13/ 335 - ط الغرب). وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(65). [وهم فيه: أسباط بن محمد، وهو: ثقة، يضعَّف في الثوري، فجعله: عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، وإن كان بعضهم قد عصب الجناية بغيره ممن هو دونه في السند].

* قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن عمر بهذا الإسناد، ورواه شعبة والثوري عن عاصم بن عبيد الله".

وقال ابن كثير في مسند الفاروق (1/ 520): "وهكذا رواه علي بن المديني، عن غندر وأبي الوليد، كلاهما عن شعبة به، وقال: لا نحفظه إلا من هذا الوجه، وعاصم بن عبيد الله: فيه ضعف، روى أحاديث مسندة".

وتساهل النووي فقال في المجموع (4/ 388): "رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة، قال الترمذي: هو حديث حسن صحيح".

وقال في رياض الصالحين (373 و 713): "حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح".

* قلت: هذا حديث منكر؛ تفرد به عن سالم بن عبد الله دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم: عاصم بن عبيد الله العمري، وهو: منكر الحديث، كان عبد الرحمن بن مهدي ينكر حديثه أشد الإنكار، وقال البخاري وأبو حاتم:"منكر الحديث"، زاد أبو حاتم:"مضطرب الحديث، ليس له حديث يعتمد عليه"، وأنكر عليه أبو حاتم عدة أحاديث، وقال بأنها باطلة، أو منكرة، أو ليس لها أصل، ونقل هو عن أهل العلم إنكارهم عليه جملة من أحاديثه المنكرة التي لا أصل لها، وغمزه الدارقطني في عدة مواضع من العلل، والجمهور على تضعيفه، مثل: ابن مهدي ويحيى القطان وأحمد وابن معين وابن نمير وابن سعد وابن المديني والبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة الرازي ويعقوب بن شيبة والجوزجاني وأبي داود والبزار والنسائي وابن خراش وابن حبان والساجي والدارقطني وابن عدي وغيرهم، وقال ابن عيينة:"كان الأشياخ يتقون حديث عاصم بن عبيد الله"، وكان ابن عيينة يستضعفه، وقد غمزه شعبة ومالك، بل أنكر مالك على شعبة روايته عنه، قال مالك:"شعبتكم يشدّد في الرجال، ويروي عن عاصم بن عبيد الله" [التهذيب (2/ 254)، الميزان (2/ 353)، سؤالات أبي داود لأحمد (153)،

ص: 319

الجامع في العلل ومعرفة الرجال (188 و 1846 و 2038 و 4923)، سؤالات المروذي (120 و 267)، الجرح والتعديل (1/ 22) و (5/ 154) و (6/ 347)، ضعفاء أبي زرعة (2/ 646)، علل الحديث (11 و 873 و 900 و 1276 و 1460 و 1470)، أحوال الرجال (236)، المعرفة والتاريخ (2/ 778)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 282/ 994 - السفر الثالث) و (2/ 303/ 3037 - السفر الثالث) و (2/ 892/ 3768 - 3772 - السفر الثاني)، علل الترمذي الكبير (694 و 695) وص (391)، التاريخ وأسماء المحدثين وكناهم للمقدمي (995)، ضعفاء العقيلي (3/ 229 و 333)، سؤالات الحاكم (523)، سؤالات البرقاني (339)، علل الدارقطني (2/ 9/ 83) و (2/ 22/ 92) و (2/ 127/ 159) و (2/ 184/ 206)، وغيرها كثير، [راجع: فضل الرحيم الودود (8/ 399/ 774)، بحوث حديثية في كتاب الحج (339)].

* فإن قيل: قد صححه الترمذي؛ فقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وأنت ممن يحتج بتصحيح الترمذي.

قلت: نعم؛ لكن أنى له الصحة، وقد تفرد به عاصم بن عبيد الله، وهو منكر الحديث، قد تفرد بغير حديث منكر، أو باطل؛ لم يتابع على أصله، مثل حديث الزواج على نعلين، وحديث قتل ابن عمر بعيره لما استعصى عليه وهو محرم، وحديث الأذان في أذن المولود، وعادة الترمذي في مثل هذه الأسانيد أن يصفها بالغرابة مع الحسن، أو على الأقل يكتفي بتحسينه، لا سيما مع مثل هؤلاء الذين تكلم فيهم النقاد، لكن يبدو أن الترمذي كان حسن الرأي في عاصم، يحتج بحديثه، ويحتمل تفرده عمن روى عنهم من الثقات، ولعله صحح له لرواية الكبار عنه كمالك والثوري وشعبة؛ ثم تبين لي أنه سأل البخاري عنه، وعمل فيه بما رآه البخاري في وقته، قال البخاري:"عاصم بن عبيد الله: صدوق، روى عنه مالك بن أنس حديثين مرسلين، وروى عنه شعبة والثوري"[علل الترمذي الكبير (391) (2/ 972 - ط حمزة ديب)]؛ فهذا الذي اعتمد عليه الترمذي في تقوية عاصم، إلا أن البخاري لما أمعن النظر في حديث عاصم جرحه جرحاً شديداً، وقال عنه:"منكر الحديث"، وهذا هو الثابت عن البخاري في ضعفائه (294)، والله أعلم.

والترمذي قد حسن لعاصم حديثاً في السواك للصائم (725)، وليس في إسناده من تكلم فيه سوى عاصم، بل رجاله كلهم سوى عاصم: ثقات أثبات، وصحح له حديثاً في تقبيل الميت (989)، ورجاله كلهم سوى عاصم: ثقات أثبات، وصحح له حديثاً في مهور النساء (1113)، ورجاله كلهم سوى عاصم: ثقات أثبات، وصحح له حديثاً في الأذان في أذن المولود (1514)، ورجاله كلهم سوى عاصم: ثقات أثبات، وصحح له حديثاً في الشقاوة والسعادة (2135)، ورجاله كلهم سوى عاصم: ثقات أثبات، مع ملاحظة أن بعض هذه الأحاديث لها شواهد.

ولم يتابع الترمذي على ذلك؛ فهذا أبو حاتم الرازي قد أنكر على عاصم حديث

ص: 320

مهور النساء، وعصب الجناية بعاصم [علل الحديث (873 و 1276)]، وأنكر ابن حبان عليه حديث الأذان في أذن المولود، وحديث عمر هذا في طلب الدعاء المجروحين (2/ 127)]، وعدَّ له ابن عدي في جملة مناكيره: حديث السواك، وحديث الزواج على نعلين، وحديث عمر هذا في طلب الدعاء [الكامل (6/ 387 - 393 - ط العلمية)].

وهذا ابن خزيمة وابن حبان مع تساهلهما في تصحيح أحاديث المجاهيل، فإنهما لم يحتجا بحديث عاصم، فقال ابن خزيمة:"لست أحتج به؛ لسوء حفظه"، وقال ابن حبان:"كان سيء الحفظ، كثير الوهم، فاحش الخطأ، فترك من أجل كثرة خطئه" المجروحين (2/ 127)]، وكذلك ابن سعد؛ فمع تسامحه في التوثيق أحياناً، فقد قال:"لا يحتج به"[الطبقات الكبرى (5/ 373 - ط العلمية)].

فإن قيل: أخرج له النسائي مع كونه متشدداً في الرجال، فيقال: النسائي ممن ضعَّف عاصماً [الضعفاء والمتروكون (461)]، بل أنكر على مالك روايته عنه مع كونه مشهوراً بالضعف، ولم يخرج له النسائي محتجاً به، وإنما أخرج له في موضعين، أحدهما: في ذكر الاختلاف، والثاني: في المتابعات [السنن الكبرى (8/ 161/ 8863) و (9/ 23/ 9786 و 9787)].

والمقام يطول بذكر أقوال من ضعفه من الأئمة، وإنكارهم عليه، وإيراد المصنفين له في كتب الضعفاء، مستدلين على ضعفه بجملة وافرة من مناكيره التي تفرد بها عن الثقات، ولم يتابع عليها؛ لكني أحببت أن أنبه على خطأ الترمذي في تصحيح جملة من حديث عاصم، وأنه لم يتابع على ذلك، والله أعلم.

وله إسناد آخر:

* فقد رواه سعيد بن محمد الثقفي، عن المغيرة بن زياد الموصلي، عن الوليد بن أبي هشام، قال: استأذن عمر بن الخطاب النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، وقال: إني أريد المشي، فأذن له، قال: فلما ولى دعاه فقال: "يا أُخَيَّ، شِبْنا بشيء من دعائك، ولا تنسنا".

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 273).

قلت: وهذا معضل، الوليد بن أبي هشام: ثقة، من السادسة، يروي عن نافع، والقاسم، والحسن البصري، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وغيرهم من التابعين.

وهو حديث منكر، المغيرة بن زياد البجلي الموصلي: ليس بالقوي، له أحاديث أُنكرت عليه، حتى ضعفه بسببها بعضهم، وقالوا بأنه منكر الحديث، بل قال أحمد:"كل حديث رفعه مغيرة فهو منكر"، ونظر بعضهم إلى أحاديثه المستقيمة التي وافق فيها الثقات فقووه بها، وهو عندي ليس ممن يحتج به، لا سيما إذا خالف الثقات، أو انفرد عنهم [التهذيب (4/ 132)، الميزان (4/ 160)، العلل ومعرفة الرجال (1/ 400/ 815) و (2/ 45/ 1501) و (2/ 510/ 3361) و (3/ 29/ 4012) و (3/ 35/ 4054 - 4056) و (3/ 163/ 4729)، تاريخ دمشق (60/ 4)][راجع ما تقدم ذكره في فضل الرحيم الودود (12/ 490/ 11200].

ص: 321

والراوي عنه: سعيد بن محمد الوراق الثقفي: ضعيف، روى أحاديث لم يتابع عليها [التهذيب (2/ 40)].

1499 -

. . . أبو معاوية: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد بن أبي وقاص، قال: مرَّ عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأنا أدعو بإِصبَعيَّ، فقال:"أحِّدْ، أحِّدْ"، وأشار بالسبابة.

حديث ضعيف، صوابه مرسل

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 38/ 1273)، وفي الكبرى (2/ 66/ 1197)، والحاكم (1/ 536)(2/ 549/ 1987 - ط الميمان)(3/ 99/ 1983 - ط المنهاج القويم)، والدورقي في مسند سعد (126)، وأبو بكر القاسم بن زكريا المطرز في فوائده (86)، وأبو يعلى (2/ 123/ 793)(1/ 535/ 790 - ط التأصيل)، والطبراني في الدعاء (216)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 538)، والضياء في المختارة (3/ 149/ 947). [التحفة (3/ 241/ 3850)، الإتحاف (5/ 122/ 5037)، المسند المصنف (9/ 24/ 4271)].

رواه عن أبي معاوية: أبو خيثمة زهير بن حرب، وأبو غريب محمد بن العلاء، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ومحمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي [وهم ثقات حفاظ]، وإبراهيم بن أبي معاوية [صدوق].

هكذا رواه أبو معاوية [محمد بن خازم الضرير: ثقة، من أثبت الناس في الأعمش]، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد مرفوعاً، هكذا من مسند سعد بن أبي وقاص.

قال الحاكم بعد هذا الحديث، وحديث القعقاع عن أبي صالح الآتي:"هذا حديث صحيح بالإسنادين جميعاً، فأما حديث أبي معاوية: فهو صحيح على شرطهما؛ إن كان أبو صالح السمان سمع من سعد".

* تابع أبا معاوية عليه:

عبد الله بن داود الخريبي [ثقة]، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد؛ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يشير بإِصبَعيه، فقال:"أحِّدْ، أحِّدْ".

أخرجه البزار (4/ 69 - 70/ 1236)، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد التيمي [هو: إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن معمر التيمي المعمري أبو إسحاق البصري، القاضي: ثقة، معروف بالرواية عن الخريبي]، قال: نا عبد الله بن داود به.

قال البزار: "هكذا رواه أبو معاوية وعبد الله بن داود، ورواه حفص عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة".

ص: 322

خالفهما:

حفص بن غياث [ثقة، من أثبت أصحاب الأعمش، قدمه فيه يحيى القطان وابن مهدي. شرح العلل (2/ 719)]، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: أبصر النبي صلى الله عليه وسلم سعداً وهو يدعو بإصبعيه، فقال:"يا سعد! أحِّدْ أحِّدْ".

وفي رواية [عند ابن أبي شيبة في الموضع الأول]: أبصر النبي صلى الله عليه وسلم سعداً وهو يدعو بإصبعيه كلتيهما، فنهاه، وقال:"بإصبع واحدة باليمنى".

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 229/ 8426) و (6/ 87/ 29682)، وأحمد في المسند (2/ 420)، وابنه عبد الله في زياداته على المسند (2/ 420)، والبزار (16/ 117/ 9199) و (16/ 139/ 9232)، وأبو بكر القاسم بن زكريا المطرز في فوائده (85)، والطبراني في الدعاء (215)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (156). [المسند المصنف (33/ 365/ 15553)].

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ إلا حفص، ورواه غير حفص: عن الأعمش عن أبي صالح عن سعد رضي الله عنه ".

قلت: وهم فيه حفص بن غياث، وسلك فيه الجادة والطريق السهل، حيث جعله من مسند أبي هريرة، والأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: جادة مشهورة.

* لكن اختلف أصحاب الأعمش بعد ذلك في وصله وإرساله:

أ - فرواه أبو معاوية [محمد بن خازم الضرير: ثقة، من أثبت الناس في الأعمش]، وعبد الله بن داود الخريبي [ثقة]:

عن الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد بن أبي وقاص، قال: مرَّ عليَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأنا أدعو بإِصبَعيَّ، فقال:"أحِّدْ، أحِّدْ"، وأشار بالسبابة.

لفظ أبي معاوية.

ولفظ الخريبي: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يشير بإِصبَعيه، فقال:"أحِّدْ، أحِّدْ".

ب - ورواه وكيع بن الجراح، ومحمد بن فضيل، وجرير بن عبد الحميد: عن الأعمش، عن أبي صالح مرسلاً.

* رواه محمد بن فضيل [كوفي، ثقة، من ثقات أصحاب الأعمش المقدَّمين فيه.

راجع: فضل الرحيم الودود (10/ 114/ 923)]: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، قال: كان سعد يدعو ويشير بإصبعيه، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سعد! أحِّدْ أحِّدْ".

أخرجه ابن فضيل في الدعاء (18).

* ورواه وكيع بن الجراح [كوفي، ثقة حافظ، وهو من أثبت أصحاب الأعمش، قال فيه أحمد: "كان مطبوع الحفظ، وكان وكيع حافظاً حافظاً، وكان أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيراً كثيراً"، وقال فيه أيضاً: "ما رأيت مثل وكيع في الحفظ والإسناد والأبواب، مع خشوع وورع"]، عن الأعمش، عن أبي صالح، قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم سعداً، يدعو بإصبعيه في الصلاة، فقال:"أحِّدْ، أحِّدْ".

ص: 323

رواه وكيع في نسخته (36)، وعنه: ابن أبي شيبة (2/ 230/ 8440)، والبيهقي في الدعوات الكبير (315). [المسند المصنف (9/ 24/ 4271) و (33/ 365/ 15553)].

* ورواه أيضاً: جرير بن عبد الحميد [كوفي، ثقة، صحيح الكتاب]، عن الأعمش، عن أبي صالح مرسلاً.

ذكره ابن المديني في العلل (94 - ط قلعجي)(10/ أ - مخطوط).

قلت: ورواية هؤلاء الثلاثة عندي أشبه بالصواب من رواية أبي معاوية وعبد الله بن داود، فلعله اشتبه عليهما الوصل؛ ورواية وكيع ومن معه فيها زيادة تفصيل؛ حيث رووه على سبيل الحكاية لا الرواية بما ظاهره الإرسال، وأبو صالح تابعي لم يدرك الواقعة ولم يشهدها، وعليه: فالمحفوظ عن الأعمش: مرسل، والله أعلم.

* وقد رواه أيضاً: قاسم بن زكريا المطرز [ثقة حافظ]، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد [الكندي، أبو سعيد الأشج: ثقة، مشهور بالرواية عن عقبة في الصحاح والسنن والمسانيد]، قال: حدثني عقبة بن خالد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يدعو، يشير بإصبعيه، فقال:"يا سعد أَحِّدْ"، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام.

أخرجه أبو بكر القاسم بن زكريا المطرز في فوائده (87)، ومن طريقه: الخطيب في المبهمات (2/ 99).

قلت: عقبة بن خالد السكوني: ثقة، وتابعه على هذا الوجه:

* علي بن هاشم بن البريد [ثقة]، رواه عن الأعمش، عن أبي صالح، عن رجل من أصحاب محمد، قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم سعداً يشير بإصبعيه، فقال:"أحِّدْ، أحِّدْ".

ذكره ابن معين في سؤالات ابن محرز (2/ 58/ 107).

قلت: وكيع بن الجراح هو أحفظ من روى هذا الحديث عن الأعمش، وعليه: فإن رواية جماعة الثقات عن الأعمش مرسلاً: أشبه بالصواب، والله أعلم.

فإن قيل: ألم يقدم ابن معين أبا معاوية في الأعمش على وكيع؟، فقد قال عثمان بن سعيد الدارمي لابن معين في تاريخه (49):"قلت: فأبو معاوية أحب إليك فيه [يعني: في الأعمش]، أم وكيع؟ فقال: أبو معاوية أعلم به، ووكيع ثقة".

قلت: نعم؛ لكن لكل حديث نقده الخاص، فهذا ابن معين هنا وفي هذا الحديث بعينه يقدم رواية علي بن هاشم على رواية أبي معاوية [وقد عينته هنا، لكون الذي حكى هذا الوجه هو أبو خيثمة زهير بن حرب، وهو ممن روى هذا الوجه عن أبي معاوية]!

* قال ابن محرز في سؤالاته (2/ 58/ 107): "سمعت يحيى بن معين يقول لأبى خيثمة: كيف تعرفون هذا؛ عن الأعمش عن أبى صالح؛ رأى النبي صلى الله عليه وسلم سعداً؟ فقال له أبو خيثمة وغيره ممن كان بحضرته جالس في المسجد الجامع: عن الأعمش عن أبي صالح عن سعد، فقال يحيى بن معين: لا؛ ولكن: الأعمش عن أبي صالح عن رجل من

ص: 324

أصحاب محمد، قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم سعداً يشير بإصبعيه، فقال:"أحِّدْ، أحِّدْ"، فقالوا ليحيى بن معين: من هذا؟ قال: علي بن هاشم".

* وقال ابن المديني في العلل (94 - ط قلعجي)(10/ أ - مخطوط)(123 - ط السرساوي): "حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يدعو رافعاً يديه.

عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

ورواه جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح مرسلاً.

ورواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد.

ورواه وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى سعداً.

والحديث عندي: حديث العقعاع، وكان أبو معاوية يقول في الحديث: أن

[كلمة غير واضحة] ".

* وقال الدارقطني في العلل (4/ 397/ 655) عندما سئل عن هذا الحديث: "يرويه الأعمش، واختلف عنه؛

فرواه أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد.

وخالفه عقبة بن خالد، فرواه عن الأعمش، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بسعد.

وقال حفص بن غياث: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى سعداً.

ولم يتابع حفص على قوله، وقول أبي معاوية: أشبه بالصواب".

قلت: لكنه لم يذكر من الاختلاف سوى رواية أبي معاوية، ورواية عقبة بن خالد، ورواية حفص، ثم رجح رواية أبي معاوية، ولو كان الأمر كذلك؛ لكانت رواية أبي معاوية هي الأرجح بلا ريب، لكن الحديث أرسله عن الأعمش ثلاثة من ثقات أصحابه.

وكلام ابن معين يؤيد الوجه المرسل من جهة عدم اعتماد رواية أبي معاوية وعبد الله بن داود الخريبي، واللذان قالا فيه: عن الأعمش عن أبي صالح عن سعد، وأعلها برواية عقبة بن خالد، وعلي بن هاشم بن البريد، كلاهما عن الأعمش عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ولو فرضنا جدلاً صحة ما ذهب إليه ابن معين، حيث زاد عقبة وعلي بن هاشم في الإسناد صحابياً مبهماً، فيقال: يبقى حديث الأعمش أيضاً على ضعفه: فإنه لا يدرى من هذا الصحابي المبهم، فقد يكون أبو صالح لم يدركه، أو لم يسمع منه، وأبو صالح هنا لم يذكر فيه سماعاً يدل على اتصاله.

ولو أعدنا النظر في كلام هؤلاء النقاد الثلاثة الذين ذكروا الاختلاف الوارد في هذا الحديث على الأعمش، لوجدناه يكمل بعضه بعضاً في ذكر وجوه الاختلاف على الأعمش، فابن معين ذكر ثلاثة أوجه وترك ذكر رواية حفص بن غياث من مسند أبي

ص: 325

هريرة، وابن المديني ذكر وجهين، وترك ذكر رواية حفص، ورواية عقبة وعلي بن هاشم عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والدارقطني ذكر ثلاثة أوجه، وترك ذكر الرواية المرسلة.

فإن أصحاب الأعمش اختلفوا عليه على أربعة أوجه:

الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد بن أبي وقاص [قاله: أبو معاوية والخريبي].

الأعمش، عن أبي صالح مرسلاً [قاله: وكيع، وابن فضيل، وجرير].

الأعمش، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم[قاله: عقبة، وعلي بن هاشم].

الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة [تفرد به حفص بن غياث].

ورواية حفص هي أضعف هذه الوجوه لسلوك الجادة، وتفرده به، ورواية أبي معاوية والخريبي فيها وصل ما ظاهره الإرسال، يبقى الترجيح بين رواية من أرسله، ورواية الصحابي المبهم، والرواية المرسلة أشبه؛ لتقدم أصحابها في الأعمش، لكن لو قلنا بترجيح رواية عقبة وعلي بن هاشم، لما صح الحديث أيضاً لعدم توفر شرط الاتصال فيه، والله أعلم.

* وانظر أيضاً فيمن وهم فيه على الأعمش من المتروكين: ما أخرجه ابن عساكر في المعجم (1099)[وفي إسناده: الربيع بن بدر، وهو: متروك].

وله أسانيد أخرى:

أ - روى صفوان بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة؛ أن رجلاً كان يدعو بإصبعيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحِّدْ، أحِّدْ" أخرجه الترمذي (3557)، والنسائي في المجتبى (3/ 38/ 1272)، وفي الكبرى (2/ 66/ 1196)، والحاكم (1/ 536)(2/ 549/ 1986 - ط الميمان)(3/ 98/ 1982 - ط المنهاج القويم)، وأحمد (2/ 520)، والبزار (15/ 357/ 8931)، والبيهقي في الدعوات الكبير (316). [التحفة (9/ 234/ 12865)، الإتحاف (14/ 513/ 18121)، المسند المصنف (33/ 365/ 15553)].

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، ومعنى هذا الحديث: إذا أشار الرجل بإصبعيه في الدعاء عند الشهادة؛ لا يشير إلا بإصبع واحدة".

قلت: نعم؛ هو حديث غريب من حديث ابن عجلان، تفرد به عنه: صفوان بن عيسى، وهو: بصري ثقة، ليس بلدياً لابن عجلان المدني، كما أنه يخالف أحياناً الليث بن سعد في ابن عجلان [انظر: فضل الرحيم الودود (4/ 184/ 351)]، ويختلف عليه الحفاظ أحياناً [انظر: فضل الرحيم الودود (8/ 599/ 796)]. وانظر في أوهامه في الأسانيد أيضاً: علل الدارقطني (3/ 219/ 371) و (3/ 222/ 374) و (8/ 227/ 1535) و (10/ 117/ 1905) و (10/ 389/ 2074).

ولم يتابعه عليه أحد من أصحاب ابن عجلان على كثرتهم، مثل: الليث بن سعد،

ص: 326

وإسماعيل بن جعفر، وبكر بن مضر، وسليمان بن بلال، وحاتم بن إسماعيل، وداود بن قيس الفراء، وصالح بن كيسان، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، ومالك بن أنس، ومنصور بن المعتمر، وبشر بن المفضل، وخالد بن الحارث، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس، وعبيد الله بن عمر العمري، وأبي عاصم الضحاك بن مخلد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، والحسن بن الحر، وإبراهيم بن أبي عبلة، وأسباط بن محمد القرشي، وحيوة بن شريح المصري، وروح بن القاسم، وزياد بن سعد، وزيد بن أبي أنيسة، وسعيد بن أبي أيوب، وأبي خالد سليمان بن حيان الأحمر، وعبد العزيز بن مسلم، وعبد الله بن رجاء المكي، وعبد الوهاب بن بخت، وفضيل بن سليمان، ومحمد بن سعد الأشهلي، ومحمد بن سلمة الحراني، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، والوليد بن مسلم، ويحيى بن أيوب المصري، ويعقوب بن عبد الرحمن القاري الإسكندراني، وغيرهم.

* وانظر فيمن سرق هذا الحديث فقلبه، وجعله عن معدان بن عيسى عن ابن عجلان به، وإنما هو عن صفوان بن عيسى، ولا يُعرف إلا به: ما أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 465)(8/ 226 - ط العلمية)[معدان بن عيسى: مجهول، سرقه خالد بن غسان بن مالك أبو عبس الدارمي، وقلب إسناده، وخالد: متروك، يسرق الحديث. انظر: الكامل (3/ 46) (3/ 483 - ط العلمية)، اللسان (3/ 332) و (8/ 106)].

* فإن قيل: لم ينفرد به صفوان بن عيسى، تابعه أثبت الناس في ابن عجلان: الليث بن سعد:

* قال البيهقي في الشعب (3/ 91/ 1094): أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان [شيرازي، ثقة حافظ، وهو راوية مسند أحمد بن عبيد الصفار. تاريخ بغداد (11/ 229)، المنتخب من السياق (1247)، السير (17/ 397)]: أخبرنا أحمد بن عبيد [الصفار: بصري، ثقة ثبت. تاريخ بغداد (4/ 261)، السير (15/ 439)]: حدثنا عبيد بن شريك: حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، قال: حسبت أنه عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى رجلاً يدعو، وهو يشير بإصبعيه، فأخذ بإحدى يديه، وقال:"أحِّدْ، أحِّدْ".

قلت: يحيى بن عبد الله بن بكير: مصري، ثقة، من أثبت النابس في الليث بن سعد، ومن المكثرين عنه، وممن يحتمل تفرده عنه، لكن الشأن في تفرد عبيد بن عبد الواحد بن شريك البزار، وهو: بغدادي صدوق، حدث عن جماعة من أهل مصر، وله أوهام، تغير في آخر أيامه [الثقات (8/ 434)، سؤالات الحاكم (154)، تاريخ بغداد (12/ 392 - ط الغرب)، تاريخ دمشق (38/ 208)، سير أعلام النبلاء (13/ 385)، اللسان (5/ 355)، [وانطر بعض أوهامه: علل الدارقطني (9/ 161/ 1692)، فضل الرحيم الودود (7/ 42/ 605)].

ص: 327

والعجيب كيف اشتهر حديث صفوان بن عيسى، فرواه أصحاب المسانيد والسنن والصحاح، مثل أحمد والبزار في مسنديهما، والترمذي والنسائي في سننهما، والحاكم في مستدركه على الصحيح، بينما لم يُعرف حديث الليث، إلا من حديث ابن بكير؛ تفرد به عنه: عبيد بن شريك، ولا يحتمل تفرده، فهو حديث غريب جداً، ولم يخرجه أحد من أصحاب السنن والمسانيد والصحاح؛ حتى عثر عليه البيهقي في القرن الخامس، ولو كان حديث الليث معروفاً في الزمن الأول لما عدلوا عنه إلى حديث صفوان، وأين صفوان من الليث في ابن عجلان؟!!.

وعلى هذا: فيبقى صفوان بن عيسى هو المتفرد بهذا الحديث عن ابن عجلان.

* قال الخطيب في المبهمات (2/ 99): أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدِّل [أبو الحسين ابن بشران: ثقة ثبت مكثر. تاريخ بغداد (13/ 580 - ط الغرب)، السير (17/ 311)، تاريخ الإسلام (9/ 258 - ط الغرب)]، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز [ثقة ثبت مكثر. تاريخ بغداد (4/ 222 - ط الغرب)، السير (15/ 385)، تاريخ الإسلام (7/ 730 - ط الغرب)]، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق [القاضي، الإمام الكبير، شيخ الإسلام، الحافظ المتقن، الفقيه المتفنن. تاريخ بغداد (7/ 272 - ط الغرب)، السير (13/ 339)]، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثني سليمان - هو: ابن بلال -، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح السمان؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يدعو، ويشير بإصبعيه اللتين تليان الإبهام، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبض إحدى إصبعيه، وقال:"أحِّدْ، أحِّدْ".

قلت: وهذا مرسل بإسناد لا بأس به، وهو أولى من حديث صفوان بن عيسى.

سليمان بن بلال: مدني، ثقة، مكثر عن ابن عجلان، والراوي عنه في الإسناد: إسماعيل بن أبي أويس: ليس به بأس، لكنه في العادة يروي عن سليمان بن بلال بواسطة أخيه أبي بكر عبد الحميد بن أبي أويس، وهو: ثقة، أو بواسطة أبيه عبد الله بن عبد الله بن أويس، وهو: ليس به بأس.

وهذه الرواية أشبه بالصواب، والله أعلم.

فإن قيل: حديث سليمان بن بلال غريب، بينما حديث صفوان مشهور، فيقال: النفوس تشتهي المسند، فتتوفر الهمم والدواعي إلى تحمله وروايته؛ بخلاف المرسل، فإنهم في العادة يعرضون عن تحمله وروايته، والله أعلم.

* ورواه عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن عجلان، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يدعو بإصبعيه، فقبض إحداهما، أو: أمره بقبض إحداهما، وقال:"أحِّدْ، أحِّدْ"؛ يعني: الله واحد.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 252/ 3255)(2/ 534/ 3363 - ط التأصيل).

ص: 328

وهذا معضل؛ وإسناده صحيح إلى ابن عجلان، وهو أيضاً يضعف رواية صفوان بن عيسى عن ابن عجلان، ويزيدها غرابة، والله أعلم.

ولابن عجلان في الإشارة بالسبابة اليمنى حديث آخر، لكنه صحيح، مشهور عنه، تداوله الثقات، وأخرجه أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد والمصنفات والمعاجم:

يرويه الليث بن سعد، وأبو خالد الأحمر، وسليمان بن بلال، وروح بن القاسم، وسفيان بن عيينة، ووهيب بن خالد [وهم ثقات]، وزيد بن حبان الرقي [وعنه: معمَّر بن سليمان الرقي، وقد سمع منه قبل أن يفسد حديثه ويتغير. التهذيب (1/ 662)]:

عن ابن عجلان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بإصبعه السبابة، ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويلقم كفه اليسرى ركبته [وفي رواية: ويلقي كفه اليسرى على ركبته].

أخرجه مسلم (579/ 113)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (10/ 425/ 989).

ب - وروى مسلم بن أبي مسلم الجرمي: ثنا مخلد بن الحسين، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل يدعو بإصبعيه، قال: فقبض على أحدهما، وقال:"أحِّدْ، أحِّدْ".

أخرجه البزار (17/ 313/ 10077)، وأبو العباس السراج في مسنده (1214)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1014)، والطبراني في الأوسط (4/ 37/ 3550).

قال البزار: "ولا نعلم روى هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا مخلد بن حسين".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا مخلد بن الحسين، تفرد به: مسلم الجرمي".

قلت: هو حديث منكر؛ حيث تفرد به: مسلم بن عبد الرحمن الجرمي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، وقال الأزدي:"حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وكان إماماً بطرسوس"، وقال الخطيب:"وكان ثقة" وقال ابن حجر: "وأورد له البيهقي من وجهين: عنه عن مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "لا يقل أحدكم زرعت، ولكن ليقل: حرثت"، وقال: إنه غير قوي. قلت: وليس في إسناده من ينظر فيه غير مسلم هذا"[الجرح والتعديل (8/ 188)، الثقات (9/ 158)، سنن البيهقي (6/ 138)، المتفق والمفترق (3/ 1908)، تاريخ بغداد (15/ 120 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (5/ 703 و 945 - ط الغرب)، نصب الراية (3/ 188)، اللسان (8/ 56)].

ثم هل يحتمل تفرد مخلد بن الحسين البصري نزيل المصيصة به عن هشام بن حسان، فيقال:"هو ابن امرأة هشام بن حسان، وكان راويةً عنه، وكان ثقة فاضلاً"، قاله

ص: 329

ابن سعد، وقال ابن معين والعجلي:"ثقة"، وقال الحسن بن سفيان:"سألت يحيى بن معين عن رواية مخلد بن حسين عن هشام بن حسان؟ فقال: ثقة"، وقد أثنى عليه خيراً في دينه وعقله: ابن المبارك وابن معين والعجلي وأبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات، وسأل ابن أبي حاتم أباه عنه فقال:"هو أحب إليَّ من عمر بن المغيرة، وأشهر منه"، قلت: وقد قال أبو حاتم في عمر بن المغيرة: "شيخ"، مما يعني أن مخلداً لم يكن عنده ممن يحتج به، وقد وهمه في بعض ما يروي عن هشام بن حسان، كما ذكر الدارقطني له في العلل أربعة أوهام أخرى عن هشام، وقد أعرضت عن الأوهام والمناكير التي وقعت في حديثه من قبل الضعفاء الذين رووا عنه، وهي كثيرة [انظر: الطبقات الكبرى (7/ 489)، سؤالات ابن محرز (1/ 95/ 381)(1/ 119/ 581)، سؤالات ابن الجنيد (499)، التاريخ الكبير (7/ 347)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (3/ 258/ 4743)، الجرح والتعديل (8/ 347)، علل ابن أبي حاتم (4/ 459/ 1565)، الثقات (9/ 185)، تاريخ أسماء الثقات (1428)، علل الدارقطني (7/ 153/ 1265) و (8/ 118/ 1444) و (8/ 259/ 1556) و (15/ 250/ 3998)، سنن البيهقي (7/ 110)، تهذيب الكمال (27/ 333)، تاريخ الإسلام (4/ 1203)، السير (9/ 236)، إكمال مغلطاي (11/ 110)، التهذيب (4/ 40)].

وانظر في مناكير مسلم بن أبي مسلم الجرمي: ما تقدم تحت الحديث رقم (1406).

* فإن قيل: لم ينفرد به مخلد بن الحسين عن هشام، بل تابعه: حفص بن غياث:

* فقد رواه أبو همام الوليد بن شجاع [ثقة]، وعبد الله بن عمر بن أبان [الجعفي الكوفي، لقبه مشكدانة: ثقة]:

حدثنا حفص بن غياث، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلاً يدعو بإصبعيه جميعاً، فنهاه، وقال:"بإحداهما، باليمين". وفي رواية [عند الطبراني]: "ادعُ بأحدهما، باليمنى".

أخرجه أبو يعلى (10/ 421/ 6033)، وابن حبان (3/ 166/ 884)، والطبراني في الأوسط (1/ 218/ 713). [الإتحاف (15/ 528/ 19822)، المسند المصنف (33/ 367/ 15554)].

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا حفص".

قلت: الأقرب عندي أن هذا موقوف من حديث حفص بن غياث:

* فقد رواه أبو بكر ابن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، أنه رأى رجلاً يدعو بإصبعيه كليهما فنهاه، وقال: بإصبع واحد باليمنى.

أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 87/ 29687)(5/ 343/ 8652 - ط الشثري) و (16/ 309/ 31668 - ط الشثري). [المسند المصنف (33/ 367/ 15554)].

هكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن حفص به موقوفاً على أبي هريرة، وابن أبي

ص: 330

شيبة: كوفي، ثقة حافظ، مصنف إمام، مكثر من الرواية عن حفص، وهو أعلم بحديثه من الذين رفعوه، وأحفظ منهم وأضبط، وكان أحفظ أهل زمانه؛ لا سيما مع جزم البزار والطبراني بتفرد مخلد بن حسين به عن هشام بن حسان، دون الالتفات إلى حديث حفص، مما يدل على أنه كان عندهما موقوفاً، والله أعلم.

وعلى هذا: فالموقوف من حديث هشام بن حسان أشبه بالصواب.

وهشام بن حسان: بصري ثقة، ثبت في ابن سيرين، وتُكُلِّم في حديثه عن عطاء والحسن [التهذيب (4/ 268)]، وقد خولف فيه عن ابن سيرين:

* فقد رواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن ابن عون، عن ابن سيرين، قال: كانوا إذا رأوا إنساناً يدعو بإصبعيه ضربوا إحداهما، وقالوا: إنما هو إله واحد.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 230/ 8435) و (6/ 87/ 29693).

قلت: وهذا أشبه بالصواب، وعبد الله بن عون: ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن سيرين.

* ورواه علي بن عبد العزيز [البغوي: ثقة حافظ]: ثنا عارم أبو النعمان [محمد بن الفضل السدوسي: ثقة ثبت، من أثبت الناس في حماد بن زيد]: ثنا حماد بن زيد [ثقة ثبت، أثبت الناس في أيوب]: ثنا أيوب، عن محمد بن سيرين؛ أن ابن عمر رأى رجلاً يدعو بإصبعيه فقبض بإحدى إصبعيه، وقال: إنما الله إله واحد.

أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 204/ 13057)[تنبيه: سقط من إسناد المطبوع: حماد بن زيد، وهو مثبت في الإسناد قبله وبعده، وهو ما تقتضيه السلسلة الإسنادية].

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح؛ إن كان ابن سيرين قد شهد الواقعة، وإن كان علي بن عبد العزيز البغوي سمعه من عارم قبل الاختلاط؛ فقد قال العقيلي تبعاً لأبي داود السجستاني بأن علي بن عبد العزيز البغوي هو ممن سمع من عارم بعد الاختلاط، قال العقيلي:"وسمع منه علي بن عبد العزيز في نفس الاختلاط"، لكن قال أبو حاتم:"اختلط عارم في آخر عمره وزال عقله، فمن كتب عنه قبل سنة عشرين ومائتين فسماعه جيد"، وسماع البغوي منه كان سنة سبع عشرة، وقال الدارقطني في عارم:"ثقة، وتغير بأخرة، وما ظهر عنه بعد اختلاطه حديث منكر"[الثقات للعجلي (735)، ضعفاء العقيلي (4/ 121) (3/ 534 - ط التأصيل)، الجرح والتعديل (8/ 58)، المجروحين (2/ 294)، سؤالات السلمي (390)، تاريخ الإسلام (5/ 685 - ط الغرب)، السير (10/ 265)، الميزان (4/ 7)، التهذيب (3/ 675)، الكواكب النيرات (53)].

* وهذا مروي عن ابن عمر من وجه آخر:

رواه مالك، عن عبد الله بن دينار، قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أدعو وأشير بإصبعين، إصبع من كل يد، فنهاني.

ص: 331