الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه عبد الرزاق (3/ 358/ 5965).
° وروى محمد بن عبيد الله الصنعاني [ليس بالمشهور، الجرح والتعديل (8/ 3)]: ثنا ابن جريج، قال: قال أنس رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكر حديثًا طويلًا، وموضع الشاهد منه:"تعلموا القرآن، واقرؤوا منه ما تيسر، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفصيًا من الإبل المعقلة".
أخرجه ابن نصر في قيام الليل (164 - مختصره).
وهذا منكر من حديث ابن جريج، تفرد به محمد بن عبيد الله الصنعاني هذا، وله ما ينكر، والله أعلم.
[357 - باب أُنزل القرآن على سبعة أحرف]
1475 -
. . . مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريِّ، قال: سمعتُ عمرَ بن الخطاب، يقول: سمعت هشامَ بن حكيم بن حزامٍ يقرأ سورةَ الفرقان على غير ما أقرؤُها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فكدتُ أن أعجلَ عليه، ثم أمهلتُه حتى انصرف، ثم لبَّبْتُه بردائه، فجئتُ به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسولَ الله! إني سمعتُ هذا يقرأ سورةَ الفرقانِ على غير ما أقرأتَنِيها، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اقرأ"، فقرأ القراءةَ التي سمعتُه يقرأ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هكذا أُنزلت"، ثم قال لى:"اقرأ"، فقرأتُ، فقال:"هكذا أُنزلت"، ثم قال:"إن هذا القرآنَ أنزل على سبعةِ أحرُفٍ، فاقرؤوا ما تيسَّرَ منه".
* حديث متفق على صحته
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 277/ 540 - رواية يحيى الليثي)(128 - رواية القعنبي)(242 - رواية أبي مصعب)(92 - رواية الحدثاني)، ومن طريقه: البخاري (2419)، ومسلم (818/ 270)، وأبو عوانة (2/ 466/ 3850)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 412/ 1851)، وأبو داود (1475)، والنسائي في المجتبى (2/ 150/ 937)، وفي الكبرى (1/ 482/ 1011) و (7/ 244/ 7931) و (10/ 203/ 11302)، وابن حبان (3/ 16/ 741)، وأحمد (1/ 40/ 277)، والشافعي في الرسالة (75) ، وفي السنن (103)، وفي المسند (237)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (2/ 642)، وفي فضائل القرآن (334)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 777 - مسند عمر)، وأبو القاسم البغوي في حديث مصعب الزبيري (44)، والطحاوي في المشكل (8/ 118 - 119/ 3104 و 3105)، والآجري في الشريعة (1/ 475/ 148)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك
219 -
، والجوهري في مسند الموطأ (169)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (1)(36 - جامع البيان)، وابن حزم في الإحكام (4/ 166)، والبيهقي في السنن (2/ 145)، وفي المعرفة (3/ 61/ 3693)، ويوسف بن علي الهذلي في الكامل في القراءات (88)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 502/ 1226). [التحفة (7/ 265/ 10591)، الإتحاف (12/ 305/ 15643)، المسند المصنف (402/ 147/ 10147)].
رواه عن مالك: الشافعي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وأبو مصعب الزهري، وعبد الرحمن بن القاسم، ويحيى بن يحيى الليثي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد الله بن وهب، وعثمان بن عمر بن فارس، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وسويد بن سعيد الحدثاني.
ولفظ عبد الله بن يوسف [عند البخاري]، ويحيى بن يحيى النيسابوري [عند مسلم]: سمعت هشام بن حكيم بن حزام، يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، وكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه، فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ على غير ما أقرأتنيها، فقال لى [رسول الله صلى الله عليه وسلم]:"أرسله"، ثم قال له:"اقرأ"، فقرأ [القراءة التى سمعته يقرأ]، قال:"هكذا أُنزلت"، ثم قال لى:"اقرأ"، فقرأت، فقال:"هكذا أُنزلت؛ إن القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا منه ما تيسر".
* تابع مالكًا عليه عن الزهري:
معمر بن راشد، وعقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد الأيلي [وهم من ثقات أصحاب الزهري، من الطبقة الأولى]، ومحمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري [صدوق، من الطبقة الثالثة من أصحاب الزهري]، وفليح بن سليمان الخزاعي [ليس به بأس، من الطبقة الثالثة من أصحاب الزهري]، وعبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري الأوسي المدني أليس بالقوي. انظر: التهذيب (2/ 528)، الميزان (2/ 577)]:
عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبدٍ القاري، أنهما سمعا عمر بن الخطاب، يقول: مررت بهشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت قراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أن أساوره في الصلاة، فنظرته حتى سلم [وفي رواية عقيل ويونس: فتصبرت حتى سلم]، فلما سلم لبَّبته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي أسمعك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت له: كذبت، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة التي تقرؤها، قال: فانطلقت أقوده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام"، فقرأ عليه القراءة التي سمعتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هكذا أُنزلت"، ثم قال:"اقرأ يا عمر"، فقرأت
القراءة التي أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"هكذا أُنزلت"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسَّر". لفظ معمر، وبمثله حديث عقيل وشعيب ويونس، وفي رواية الجماعة: "
…
، فاقرؤوا ما تيسَّر منه".
أخرجه البخاري (4992 و 5041 و 7550) موصولًا من طريق عقيل وشعيب، ومعلقًا من طريق يونس (6936)، ومسلم (818/ 271) من طريق يونس ومعمو، وأبو عوانة (2/ 466/ 3849) و (1/ 467/ 3852 - 3853)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 413/ 1852 و 1853)، والترمذي (2943)، والنسائي في المجتبى (2/ 150/ 936) و (2/ 151/ 938)، وفي الكبرى (1/ 482/ 1010) و (1/ 483/ 1012)، وأحمد (1/ 24/ 158) و (1/ 40/ 278) و (1/ 43/ 296 و 297) و (1/ 263/ 2375)، ومعمر في الجامع (11/ 218/ 20369)(10/ 261/ 21441 - ط التأصيل)، والطيالسي (39)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (335)، وابن أبي شيبة (6/ 138/ 30125)(16/ 453/ 32126 - ط الشثري)، وأبو عمر حفص بن عمر الدوري الضرير في قراءات النبي صلى الله عليه وسلم (89)، والبزار (1/ 425/ 300)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 24)، وفي تهذيب الآثار (2/ 776 و 77 - مسند عمر)، وابن الأعرابي في المعجم (85)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 207/ 3113)، والبيهقي في السنن (2/ 383)، وفي الخلافيات (3/ 233/ 2356)، وفي الشعب (4/ 368/ 2071). [التحفة (7/ 265/ 10591) و (7/ 295/ 10642)، الإتحاف (7/ 390/ 8041) و (12/ 305/ 15643) و (12/ 379/ 15795)، المسند المصنف (22/ 10147/ 402)][وانظر: علل الدارقطني 2291)].
قال الترمذي: "هذا حديث صحيح. وقد روى مالك بن أنس عن الزهري بهذا الإسناد نحوه؛ إلا أنه لم يذكر فيه المسور بن مخرمة".
وقال البزار: "وهذا الحديث إسناده حسن، ولا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه، وهذا الكلام قد روي عن أبي، وعن حذيفة، وعن أبي هريرة، وعن غيرهم، فذكرناه عن عمر لجلالة عمر، وحسن إسناده".
• وروي بعض هذه القصة لعمر بن الخطاب من حديث أبي طلحة الأنصاري، أو من حديث أبي جارية الأنصاري، وفيه:"يا عمر، إن القرآن كله صواب، ما لم يجعل عذابًا مغفرةً، أو مغفرةً عذابًا"[أخرجه أحمد (4/ 30)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 382) و (3/ 62)، وأعله، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 691/ 2871 - السفر الثاني)، وبحشل في تاريخ واسط (107)، وفيه بيان علة الحديث، وهي جهالة الراوي، مع نكارة في السياق. والروياني (1492)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 25)][الإتحاف (5/ 41/ 4923)، المسند المصنف (29/ 64/ 13213)][وانظر أيضًا: أسد الغابة (6/ 45)، تفسير ابن كثير (1/ 44)، الإصابة (7/ 54)، [وهو حديث منكر، انظر علته في تاريخ البخاري الكبير، وتاريخ واسط، والإصابة، وغيرها].
• كما رويت القصة أيضًا مختصرة من حديث ابن عمر، ولا يثبت [أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 26)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 213)، والخطيب في المبهمات (4/ 323)][وهو حديث باطل، تفرد به عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: عبد الله بن ميمون القداح، وهو: متروك، منكر الحديث][وقرن به مرة جعفر بن محمد عن أبيه، بعبيد الله بن عمر عن نافع، وجعله من مسند عمر: أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 226)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 256)].
° فائدة: انظر وجوه الاختلاف الوارد في سورة الفرقان من القراءات: التمهيد (5/ 616 - 634 - ط بشار)، الفتح لابن حجر (9/ 33 - 38)، وذكر ابن حجر أنه عد فيما نقل: نحوًا من مائة وثلاثين موضعًا، ليس في المشهور من القراءات منها شيء.
• ولابن شهاب فيه حديث آخر، يأتي ذكره في الحديث الآتي.
1476 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيي بن فارس: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، قال: قال الزهري: إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد، ليس يختلف في حلال ولا حرام.
* مقطوع على الزهري بإسناد صحيح.
أخرجه من طريق أبي داود: ابن عبد البر في التمهيد (8/ 291).
وفي جامع معمر الذي رواه عبد الرزاق:
عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أقرأني جبريل على حرفٍ فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدُني؛ حتى انتهى إلى سبعة أحرف".
قال الزهري: وإنما هذه الأحرف في الأمر الواحد الذي ليس فيه حلال ولا حرام.
وفي مسند أحمد: وإنما هذه الأحرف في الأمر الواحد، وليس يختلف في حلال ولا حرام.
أخرجه معمر في الجامع (11/ 219/ 20370)(10/ 262/ 21442 - ط التأصيل)، ومن طريقه: مسلم (819)، وأبو عوانة (2/ 465/ 3845)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 414/ 1854 م)، وأبو داود (1476)، وأحمد (1/ 313/ 2860)، والخطابي في أعلام الحديث (2/ 1211)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (173، والبيهقي في السنن (2/ 384)، وفي الخلافيات (3/ 233/ 2357)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 291)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 501/ 1225)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". [التحفة (4/ 482/ 5844)، الإتحاف (7/ 390/ 8041)، المسند المصنف (13/ 238/ 6367)].
• ورواه يونس بن يزيد الأيلي، وعقيل بن خالد، ومحمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري، وصالح بن أبي الأخضر [ضعيف]:
عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أقرأني جبريل على حرفٍ، فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف". لفظ يونس.
ولفظ عقيل بمثل حديث معمر: "أقرأني جبريل على حرفٍ فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف".
زاد يونس [عند مسلم]: قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدًا، لا يختلف في حلال ولا حرام.
وفي رواية ابن أخي الزهري [عند الطبراني]: قال ابن شهاب: السبعة الأحرف، إنما هي الأمر إذا كان واحدًا لا يختلف فيه حلال ولا حرام [وقال عند أبي الفضل الزهري: بلغني].
وفي رواية عقيل [عند الداني]: قال لى ابن شهاب في الأحرف السبعة: هي في الأمر الواحد الذي لا اختلاف فيه.
أخرجه البخاري (3219 و 4991)، ومسلم (819)، وأبو عوانة (2/ 465/ 3846 و 3847)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 413/ 1854)، وأحمد (1/ 263 / 2375) و (1/ 299/ 2717)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (338)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 27 و 28)، والطحاوي في المشكل (8/ 124/ 3116)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 573/ 1126)، والطبراني في الأوسط (2/ 220/ 1792)، وفي الصغير (88)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (71 و 72)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (112)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (2 و 10)(37 و 45 - جامع البيان)، والبيهقي في الشعب (4/ 371/ 2075)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 499). [التحفة (4/ 482/ 5844)، الإتحاف (7/ 390/ 8041)، المسند المصنف (13/ 238/ 6367)].
• وروى عباد بن يعقوب الأسدي: أنبا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن الكلبي [محمد بن السائب]، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نزل القرآن على سبعة أحرفٍ، فخمسةٌ منها في هوازن"، قيل: أي هوازن؟ قال: "عجزها، سعدها سعد وبكر وجشم ونصر، وحرفان في سائر الناس"، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئ من جاءه من العرب بلغةٍ واحدةٍ، فاشتد عليهم ذلك، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه قد وسِّع لى أن أقرئ كلَّ قومٍ بلغتهم".
أخرجه أبو أحمد الحاكم في فوائده (54).
وهذا حديث كذب موضوع.
قال العباس بن محمد الدوري: "سمعت يحيى [يعني: ابن معين]، يقول: الكلبي
محمد بن السائب، وأبو صالح الذي يروى عنه هو: باذام مولى أم هانئ" [تاريخ الدوري (3/ 543/ 2656)].
وقال يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري:"قال لى الكلبي: قال لى أبو صالح: كل شيء حدثتك فهو كذب"[التاريخ الأوسط (2/ 1758/51) ، التاريخ الكبير (1/ 101)، الضعفاء الصغير (337)، المجروحين (2/ 255)، الكامل لابن عدي (7/ 275 - ط العلمية)][وروي نحوه عن ابن مهدي عن الثوري، الكامل لابن عدي (7/ 276 - ط العلمية)].
وقال أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل: زعم لى سفيان الثوري، قال:"قال لنا الكلبي: ما حدثت عني عن أبي صالح عن ابن عباس: فهو كذب فلا تروه"[الجرح والتعديل (7/ 271)، الكامل لابن عدي (7/ 275 - ط العلمية)].
وقال أبو عاصم مرة: قال لى سفيان الثوري: "قال لى الكلبي: ما سمعته مني عن أبي صالح عن ابن عباس: فهو كذب"[المجروحين (2/ 254)].
وقال ابن حبان بعدما اتهم الكلبي بالكذب: "وأبو صالح: لم ير ابن عباس، ولا سمع منه شيئًا، ولا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف، فجعل لما احتيج إليه تخرج له الأرض أفلاذ كبدها، لا يحل ذكره في الكتب؛ فكيف الاحتجاج به! "[المجروحين (2/ 255)].
قلت: وأبو صالح مولى أم هانئ باذام: ضعيف.
ومحمد بن السائب بن بشر الكلبي: كذاب، لا يشتغل به، روى عن أبي صالح عن ابن عباس: أحاديث موضوعة [التهذيب (3/ 569)، تاريخ الإسلام (3/ 960 - ط الغرب)، السير (6/ 248)، الميزان (3/ 556)].
وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي: متروك، كذبه جماعة، وعباد بن يعقوب الرواجني الأسدي: رافضي صدوق.
• وروي عن ابن عباس من وجه آخر باطل، يأتي ذكره في طرق حديث أبي بن كعب، في الاختلاف الواقع على الحكم بن عتيبة، عند الحديث رقم (1478).
• ولا يصح حديث في تعيين اللغات السبع من لغات العرب، قال ابن الجوزي في فنون الأفنان (217):"والذي نراه أن التعيين من اللغات على شيء بعينه لا يصح لنا سنده، ولا يثبت عند جهابذة النقل طريقه".
1477 -
. . . همام بن يحيى، عن قتادة، عن يحيي بن يعمَر، عن سليمان بن صُرَد الخزاعي، عن أُبيِّ بن كعب، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أُبيُّ، إني أُقرئتُ القرآن، فقيل لى: على حرفٍ أو حرفين؟ فقال الملَكُ الذي معي: قل: على حرفين، قلت:
على حرفين، فقيل لى: على حرفين أو ثلاثةٍ؟ فقال الملَكُ الذي معي: قل: على ثلاثةٍ، قلت: على ثلاثةٍ، حتى بلغ سبعةَ أحرفٍ، ثم قال: ليس منها إلا شافٍ كافٍ، إن قلتَ: سميعًا عليمًا، عزيزًا حكيمًا، ما لم تختم آيةَ عذابٍ برحمةٍ، أو آيةَ رحمةٍ بعذابٍ".
* حديث صحيح
أخرجه أحمد (5/ 124)(9/ 4919 - 4920/ 21538 و 21539 - ط المكنز)، وابنه عبد الله في زياداته على المسند (5/ 124)(9/ 4920/ 21540 - ط المكنز)، والطحاوي في المشكل (8/ 122/ 3112 و 3113)، وأبو عمرو الداني في المكتفى في الوقف والابتدا (3)، والبيهقي (2/ 384)، والخطيب في المبهمات (3/ 166)، والضياء في المختارة (3/ 378 - 380/ 1173 - 1175). [التحفة (25)، الإتحاف (1/ 204/ 44)، المسند المصنف (1/ 134/ 48)].
رواه عن همام بن يحيى: أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك [واللفظ له]، وعفان بن مسلم، وعبد الرحمن بن مهدي، وبهز بن أسد، وهدبة بن خالد القيسي [وهم ثقات أثبات]، والخصيب بن ناصح الحارثي [وهو: صدوق، وقال في روايته: عن سليمان بن صرد، أن أبي بن كعب].
ولفظ ابن مهدي [عند أحمد]: عن أبي بن كعب، قال: قرأتُ آيةً، وقرأ ابن مسعود خلافها، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: "بلى"، فقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟ فقال: "بلى، كلاكما محسن مجمل"، قال: فقلت له [: ما كلانا أحسن، ولا أجمل]، [قال:] فضرب صدري، فقال:"يا أبي بن كعب، إني أقرئت القرآن، فقيل لي: على حرفٍ أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين، أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثةٍ، حتى بلغ سبعة أحرفٍ، ليس منها إلا شافٍ كافٍ، إن قلت: غفورًا رحيمًا، أو قلت: سميعًا عليمًا، أو عليمًا سميعًا؛ فالله كذلك، ما لم تختم آيةَ عذابٍ برحمةٍ، أو آيةَ رحمةٍ بعذابٍ".
° خالفه فقصر بإسناده:
معمر بن راشد، عن قتادة، قال: قال لي أبي بن كعب: اختلفت أنا ورجل من أصحابي في آية، فترافعنا فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اقرأ يا أبي"، فقرأت، ثم قال للآخر:"اقرأ"، فقرأ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كلاكما محسن مجمل"، فقلت: ما كلانا محسن مجمل؟، قال: فدفع النبي صلى الله عليه وسلم في صدري، فقال لى: "إن القرآن أنزل عليَّ، فقيل لى: على حرف أو على حرفين؛ قلت: بل على حرفين، ثم قيل لي: على حرفين أو ثلاثة؟ فقلت: بل على ثلاثة حتى انتهى إلى سبعة أحرفٍ، كلها شافٍ كافٍ، ما لم تخلط آية رحمةٍ
بآية عذابٍ، أو آية عذابٍ بآية رحمةٍ، فإذا كانت: عزيز حكيم، فقلت: سميع عليم، فإن الله سميع عليم".
أخرجه معمر في الجامع (11/ 219/ 20371)(10/ 262/ 21443 - ط التأصيل). [المسند المصنف (1/ 134/ 48)].
قلت: وهم فيه معمر بن راشد، وهو: ثقة ثبت في الزهري وابن طاووس، إلا أنه كان سيئ الحفظ لحديث قتادة؛ لأنه إنما جلس إليه وهو صغير فلم يحفظ عنه، وفي حديثه عن العراقيين -أهل الكوفة وأهل البصرة-: ضعف [انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 281)، علل الدارقطني (4/ ق 40)، تاريخ دمشق (59/ 414)، شرح علل الترمذي (2/ 698 و 774)].
وأما همام بن يحيى العوذي البصري، فهو: ثقة، من طبقة الشيوخ من أصحاب قتادة، وروايته عنه في الصحيحين، وهو أثبت من روى عنه هذا الحديث، وقوله عن قتادة في هذا الحديث هو الصواب، والله أعلم.
وعليه: فهو حديث صحيح؛ سليمان بن صرد: صحابي، قتل سنة (65)، ويحيى بن يعمر: سمع ابن عباس، وابن عمر، وروايته عن عائشة في صحيح البخاري (3474 و 5734 و 6619)، وفيه: أنه سمع منها، وسماعه منها ثابت بالأسانيد الصحيحة [راجع: فضل الرحيم الودود (3/ 103/ 226)]، مات قبل المائة، وقيل: بعدها، وقد سمع منه قتادة [قاله البخاري في التاريخ الكبير (8/ 311 - 312)].
فإن قيل: قال الفضل بن زياد [أحد أصحاب أحمد بن حنبل، وممن أكثر الرواية عنه، قال أبو بكر الخلال: "والفضل بن زياد من المتقدمين عند أبي عبد الله، وكان أبو عبد الله يعرف قدره، ويكرمه، ويصلي بأبي عبد الله". تاريخ بغداد (14/ 330)، طبقات الحنابلة (2/ 188)]: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: "لم يسمع قتادة من يحيى بن يعمر شيئًا"[المعرفة والتاريخ (2/ 141)].
قلت: قد روى من هو أثبت منه، وألصق باحمد؛ قولًا آخر، قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: قتادة سمع من يحيى بن يعمر؟ قال: "لا أدري، قد روى عنه، وقد روى عن رجل عنه [المراسيل (625)].
قلت: فكأن أحمد تردد فيه بعد ما جزم بعدم السماع؛ لزيادة علم وقف عليها أحمد، فكأنه أولًا كان يرجح إثبات الواسطة، ثم تردد لإمكان السماع مع انتفاء الواسطة، فإن وفاة قتادة كانت بين (110 - 125)، ومن أثبت سماع قتادة من يحيى بن يعمر فقد أتى بزيادة علم مقبولة، لا سيما إذا أتت من قبل أكثر النقاد حرصًا على تتبع السماع، وهو الإمام الناقد محمد بن إسماعيل البخاري، ويؤكد ما ذهب إليه البخاري؛ ثبوت السماع في غير هذا الحديث بسند صحيح في فوائد ابن ماسي (18)، والله أعلم [وانظر أيضًا: الجرح والتعديل (9/ 169)].
فإن قيل: ألم يثبت في الأسانيد أن بعضهم كان يدخل أحيانًا بين قتادة وبين يحيى بن
يعمر: عبد الله بن بريدة، وكثير بن أبي كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة [انظر مثلًا: مصنف ابن أبي شيبة (5/ 373/ 27057) و (5/ 374/ 27062)، التاريخ الكبير (5/ 74)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (2/ 2028/124 - السفر الثالث)، الديات لابن أبي عاصم (54)، شرح مشكل الآثار (14/ 143)، ضعفاء العقيلي (2/ 241)، المحلى (11/ 28 و 34)، السنن الكبرى للبيهقي (8/ 91)].
فيقال: بلى؛ لكنه لا يُثبت الانقطاع في حديثنا هذا؛ فقد جاء تصريح قتادة بسماع هذا الحديث بعينه من يحيى بن يعمر عند البيهقي في سننه الكبرى (2/ 384)، وفي سننه الصغرى (1/ 356/ 1009)، حيث رواه بإسناد صحيح إلى: عفان: ثنا همام: ثنا قتادة: حدثني يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب، قال: قرأتُ آيةً وقرأ ابن مسعود قراءة خلافها، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: "بلى"، قال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟ قال: "بلى"، قال:"كلاكما محسن مجمل"، قلت: ما كلانا أحسن ولا أجمل! قال: فضرب في صدري، وقال:"يا أبي! أقرئت القرآن فقيل لى: على حرف أم على حرفين؟ فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقيل لي: على حرفين أم ثلاثة؟ فقال لى الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف، قال: ليس فيها إلا شافٍ كافٍ، قلتَ: غفور رحيم، عليم حليم، سميع عليم، عزيز حكيم، نحو هذا، ما لم يختم آية عذاب برحمة، أو رحمة بعذاب".
فاتصل بذلك الإسناد، وصح الحديث، والحمد لله رب العالمين.
° فإن قيل: أليس في هذا الحديث ما يدل على الإذن أن يقولوا ذلك اجتهادًا من قبل أنفسهم، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث:"إن قلت: غفورًا رحيمًا، أو قلت: سميعًا عليمًا، أو عليمًا سميعًا؛ فالله كذلك، ما لم تختم آيةَ عذابٍ برحمةٍ، أو آيةَ رحمةٍ بعذابٍ"؟
فيقال: أول الحديث ينقض هذه الدعوى؛ فقد اتفق أبي وابن مسعود على أن كل واحد منهما سمع قراءته من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها لم تكن اجتهادًا من قبلهما، فقال أبيٌّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: "بلى"، وقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟ قال: "بلى"، فدل على أنهما لم يجتهدا من قبل أنفسهما، وإنما تلقيا القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن قول الملك في آخر الحديث:"ليس منها إلا شافٍ كافٍ"؛ يعني: المنزل من عند الله، فيما أقرأه جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم صحابته.
وهذا هو ما دل عليه حديث عمر حين قال لهشام بن حكيم: من أقرأك هذه السورة التي أسمعك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت له: كذبت، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة التي تقرؤها، قال: فانطلقت أقوده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام"، فقرأ عليه القراءة التي سمعتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هكذا أُنزلت"، ثم قال:"اقرأ يا عمر"، فقرأت
القراءة التي أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"هكذا أُنزلت"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسَّر".
ويدل عليه أيضًا حديث ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أقرأني جبريل على حرفٍ فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدُني؛ حثى انتهى إلى سبعة أحرف".
وبذلك يرد المتشابه إلى المحكم، والله أعلم.
• ورواه العوام بن حوشب [ثقة ثبت، وعنه: يزيد بن هارون، وهو: ثقة متقن]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]، ومحمد بن جابر بن سيار السحيمي اليمامي [ضعيف؛ وكان قد ذهبت كتبه في آخر عمره، وعمي، وساء حفظه، وكان يُلقَّن، ويُلحَق في كتابه. انظر: التهذيب (3/ 527)، الميزان (3/ 496)، راجع ترجمته تحت الحديث رقم (749)]:
عن أبي إسحاق السبيعي، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجلين قد اختلفا في القراءة،
…
ثم ذكر الحديث.
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 250/ 10437)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (336)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على مسند أبيه (5/ 125)(9/ 4920/ 21542 - ط المكنز)، وأبو القاسم البغوي في المعجم (3/ 76/ 1475)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (527)، والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 188)، والضياء في المختارة (3/ 385/ 1176). [التحفة (1/ 119/ 26)، الإتحاف (1/ 204/ 44)، المسند المصنف (1/ 136/ 49)].
وانظر فيمن وهم في إسناده على شريك: ما أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 28)، والطحاوي في المشكل (8/ 123/ 3114).
• ورواه إسحاق بن يوسف الأزرق [ثقة]، قال: حدثنا العوام، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صرد، قال: أتى أبي بن كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم برجلين اختلفا في القراءة،
…
فذكر نحوه.
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 250/ 10438)، وأحمد بن منيع في مسنده (6/ 320/ 5932 - إتحاف الخيرة)، وأبو القاسم البغوي في المعجم (3/ 76/ 1475)، وأبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (138)(382 - مجموع مصنفاته). [التحفة (3/ 575/ 4569)، المسند المصنف (1/ 136/ 49)].
• ورواه زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صرد، قال: أتى محمدًا الملكان، فقال أحدهما:"اقرأ القرآن على حرف، وقال الآخر: زده"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"زد"، فلم يزل يستزيده حتى قال:"اقرأ القرآن على سبعة أحرف".
أخرجه أبو القاسم البغوي في المعجم (3/ 76/ 1474)، والطحاوي في المشكل (8/ 124/ 3115)، والطبراني في الأوسط (2/ 39/ 1167).
وهذا الوجه وهم أيضًا على أبي إسحاق السبيعي، وزيد بن أبي أنيسة: ثقة؛ إلا أنه يثفرد عن أبي إسحاق بما لا يتابع عليه [راجع شيئًا مما وهم فيه زيد على أبي إسحاق: فضل الرحيم الودود (10/ 332/ 969) و (11/ 219/ 1044) و (14/ 212/ 1276)، السنن الكبرى للنسائي (5/ 432/ 5961) و (7/ 447/ 8440)، مسند البزار (5/ 242/ 1854)، علل الحديث لابن أبي حاتم (946)، علل الدارقطني (4/ 352/ 620) و (5/ 312/ 904) و (5/ 322/ 914) و (11/ 302/ 2298)، تاريخ دمشق (39/ 335)].
° والصواب في هذا الحديث عن أبي إسحاق السبيعى: ما رواه عنه حفيده إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وهو: ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق، قدمه بعضهم على الثوري وشعبة في أبي إسحاق، مع كونه متأخر السماع من جده، حتى إن شعبة قدمه على نفسه [انظر: التهذيب (1/ 133)، شرح علل الترمذي (2/ 712)].
• رواه حجاج بن محمد المصيصي، وعبيد الله بن موسى، ويحيى بن آدم، وأحمد بن خالد الوهبي [وهم ثقات]:
عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صقير [ويقال: سقير] العبدي، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اقرأه على سبعة أحرف".
ولفظ عبيد الله بن موسى [في زيادات المسند]: عن أبي بن كعب، قال: سمعت رجلًا يقرأ، فقلت: من أقرأك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: انطلق إليه، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: استقرئ هذا، فقال:"اقرَه"، فقرأ، فقال:"أحسنت"، فقلت له: أولم تقرئني كذا وكذا؟ قال: "بلى، وأنت قد أحسنت"، فقلت بيديَّ: قد أحسنت مرتين، قال: فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدري، ثم قال:"اللَّهُمَّ أذهب عن أبيٍّ الشكَّ"، ففِضتُ عرقًا، وامتلأ جوفي فرقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبي، إن ملكين أتياني، فقال أحدهما: اقرأ على حرف، فقال الآخر: زده، فقلت: زدني، قال: اقرأ على حرفين، فقال الآخر: زده، فقلت: زدني، قال: اقرأ على ثلاثة، فقال الآخر: زده، فقلت: زدني، قال: اقرأ على أربعة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال: اقرأ على خمسة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال: اقرأ على ستة، قال الآخر: زده، قال: اقرأ على سبعة أحرف، فالقرآن أنزل على سبعة أحرف".
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (336)، وابن أبي شيبة (16/ 452/ 32124 - ط الشثري)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على مسند أبيه (4/ 124)(9/ 4920/ 21541 - ط المكنز)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 29)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 330/ 1439)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (4)(39 - جامع البيان)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 285)(5/ 594 - ط بشار)، والخطيب في المبهمات (3/ 165). [الإتحاف (1/ 204/ 44)، المسند المصنف (1/ 136/ 49)].
وصقير أو: سقير العبدي: لا يُعرف بغير هذا الإسناد، تفرد بالرواية عنه: أبو إسحاق السبيعي، وذكره ابن حبان في الثقات على عادته في توثيق المجاهيل، وقال الحسيني:"ليس بالمشهور"، وهو أحد مشايخ أبي إسحاق المجاهيل [التاريخ الكبير (4/ 330)، الجرح والتعديل (4/ 318 و 452)، الثقات (4/ 385)، إكمال الحسيني (317)، التعجيل (390)، الثقات لابن قطلوبغا (5/ 339)].
وحديثه هذا صحيح، تابعه عليه: يحيى بن يعمر، كما تقدم، ورواه إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن جده، عن أبي بن كعب، بلفظ قريب من هذا [أخرجه مسلم (820)، ويأتي تحت الحديث الآتي (1478)].
وكذلك رواه حميد الطويل، عن أنس بن مالك، عن أبي بن كعب، بلفظ قريب من هذا [وهو حديث صحيح، ويأتي تحت الحديث الآتي (1478)].
ومثل هذا تغتفر فيه جهالة التابعي؛ حيث لم يرو منكرًا، وقد توبع على روايته [وقد سبق الكلام مرارًا عن حديث المجهول، وأن حديثه إذا كان مستقيمًا فإنه يكون مقبولًا صحيحًا؛ وذلك تحت الحديث رقم (759)، عند حديث هُلْب الطائي. وانظر أيضًا فيما قبلته أو رددته من حديث المجهول: ما تحت الحديث رقم (788)، الشاهد الرابع، حديث أم سلمة، وما تحت الحديث رقم (795)، وما تحت الحديث رقم (825)، وكذا الأحاديث الماضية برقم (991 و 1070 و 1100 و 1106 و 1184 و 1225 و 1368)]، والله أعلم.
• وممن وهم في إسناده على أبي إسحاق السبيعي، فسلك به جادة:
أيوب بن جابر [السحيمي، وهو: ضعيف، يروي عن أبي إسحاق ما لا يتابع عليه، والراوي عنه: يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو: صدوق حافظ؛ إلا أنه اتُّهم بسرقة الحديث. التهذيب (4/ 370)]، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ على حرف منها فلا يتحول إلى غيره رغبة عنه".
أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 148/ 10273)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (2/ 196/ 1594).
وهذا حديث منكر.
1478 -
. . . محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أبي بن كعب؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاةِ بني غفارٍ، فأتاه جبريل، فقال:"إن الله يأمرُك أن تُقرِئ أمَّتَك على حرفٍ"، قال:"أسألُ الله معافاتَه ومغفرتَه؛ إن أمتي لا تطيقُ ذلك"، ثم أتاه ثانيةً، فذكر نحو هذا، حتى بلغ سبعةَ
أحرفٍ، قال:"إن الله صلى الله عليه وسلم يأمرُك أن تُقرِئ أمَّتَك على سبعةِ أحرفٍ، فأيما حرفٍ قرؤوا عليه، فقد أصابوا".
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (821)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 414/ 1856)، والنسائي في المجتبى (2/ 152/ 939)، وفي الكبرى (1/ 13/ 10484)، وفي الرابع من الإغراب (106)، وأحمد (5/ 127)، وابنه عبد الله في زياداته على مسند أبيه (5/ 128)، وابن أبي شيبة (16/ 451/ 32125 - ط الشثري)، والفاكهي في أخبار مكة (/ 5/ 98 2904)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 135، وابن حزم في الإحكام (4/ 166). [التحفة (1/ 142/ 60)، الإتحاف (1/ 242/ 92)، المسند المصنف (1/ 132/ 47)].
رواه عن غندر محمد بن جعفر: أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن المثنى، وبندار محمد بن بشار [وهم ثقات حفاظ].
ولفظه بتمامه [عند مسلم]: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاةِ بني غفار، قال: فأتاه جبريل عليه السلام، فقال:"إن الله يأمرُك أن تَقرأَ أُمّتُك القرآن على حرف"، فقال:"أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك"، ثم أتاه الثانية، فقال:"إن الله يأمرُك أن تَقرأ أُمَّتُك القرآن على حرفين"، فقال:"أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك "، ثم جاءه الثالثة، فقال:"إن الله يأمرُك أن تَقرأَ أُمَّتُك القرآن على ثلاثة أحرف "، فقال:"أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك "، ثم جاءه الرابعة، فقال:"أن الله يأمرك أن تَقرأَ أمَّتُك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا".
ولفظه مختصرًا [عند ابن أبي شيبة]: " إن الله يأمرك أن تَقرأَ أمَّتُك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا".
* تابع غندرًا عليه عن شعبة:
معاذ بن معاذ العنبري، وأبو داود الطيالسي، وحجاج بن محمد المصيصي، وابن أبي عدي، وموسى بن داود الضبي، وشبابة بن سوار، وسعيد بن عامر الضبعي، وعبد الرحمن بن زياد الرصاصي، وخالد بن عبد الرحمن الخراساني، وأبو عباد يحيى بن عباد الضبعي [وهم ثقات]:
عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم فقال:"إن الله عز وجل يأمرك أن تُقرئ أمّتَك القرآن على حرف واحد"، قال:"أسأل الله معافاته ومغفرته؛ فإن أمتي لا تطيق ذلك "، ثم أتاه الثانية فقال:"إن الله عز وجل يأمرك أن تُقرئ أمَّتَك القرآن على حرفين "، قال:"أسأل الله معافاته ومغفرته؛ وإن أمتي لا تطيق ذلك "، ثم أتاه الثالثة فقال:"إن الله يأمرك أن تُقرئ أُمَّتَك القرآن على ثلاثة أحرف "، قال: "أسأل الله معافاته ومغفرته؛ وإن أمتي لا تطيق
ذلك "، ثم جاء الرابعة قال: "إن الله يأمرك أن تُقرئ أُمّتَك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا".
أخرجه مسلم (821)، وأبو عوانة (2/ 463/ 3840 - 3842)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 414/ 1856)، والطيالسي (1/ 452/ 559)[واللفظ له]؛ وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (337)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 35)، والطحاوي في المشكل (8/ 126/ 3117)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (/ 3/ 343 1455) و (3/ 344/ 1456)، والبيهقي في السنن (2/ 384)، وفي الخلافيات (3/ 232/ 2355)، وفي الأسماء والصفات (597). [التحفة (1/ 142/ 60)، الإتحاف (1/ 242/ 92)، المسند المصنف (1/ 132/ 47)].
* تابع شعبة عليه: محمد بن جحادة:
رواه عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]؛ عن محمد بن جحادة [ثقة، من الخامسة]؛ عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب؛ أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم-وهو بأضاة بني غفار، فقال:"إن الله يأمرك أن تُقرِئ أمَّتَك القرآن على حرف واحد"، فقال:"أسأل الله معافاته ومغفرته، سل لهم التخفيف، فإنهم لا يطيقون ذلك "،
…
فذكر الحديث، إلى أن قال:"إن الله يأمرك أن تُقرِئ أمَّتَك القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ حرفًا منها فهو كما قال ".
أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على مسند أبيه (5/ 128)(9/ 4928/ 21567 - ط المكنز)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 34 و 41)، وأبو عوانة (2/ 463/ 3843)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (5/ 3 57/ 34 4 1)، وابن حبان (3/ 13/ 738)، والطبراني في الكبير (1/ 199/ 535)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (28)، والدارقطني في الأفراد (614 - أطرافه)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (3)(38 - جامع البيان)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 287). [الإتحاف (1/ 242/ 92)، المسند المصنف (1/ 132/ 47)].
قال الدارقطني: "تفرد به عبد الوارث، عن محمد بن جحادة، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد عنه ".
وهو حديث صحيح.
* وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [وهو: ليس بالقوي] فوهم في إسناده على الحكم، فأسقط ذكر مجاهد من الإسناد، ووهم في متنه، وزاد فيه ألفاظًا انفرد بها: أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 33 و 34)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 342/ 1454).
* وممن وهم في إسناده على الحكم واضطرب فيه: الحسن بن عمارة، فمرة يجعله: عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، ومرة يجعله: عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن
عباس: أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 294)(3/ 446/ 4865 - ط الرشد)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (134) (749 - المخلصيات) [وهذا حديث باطل؛ لأجل الحسن بن عمارة؛ فإنه: متروك الحديث، واتهم، يحدث عن الحكم بن عتيبة بما ليس من حديثه، التهذيب (1/ 407)].
* قال النسائي: "هذا الحديث خولف فيه الحكم، خالفه منصور بن المعتمر، رواه عن مجاهد عن عبيد بن عمير مرسلًا".
قلت: هكذا ذكر النسائي الاختلاف فيه على مجاهد، ولم يسنده من طريق منصور، ولنم أقف على هذا الوجه مسندًا، ومثل هذا لا يُعل حديث الحكم عن مجاهد، فإن الحكم بن عتيبة: ثقة ثبت فقيه، متفق على توثيقه وإمامته، قال أحمد:"أثبت الناس في إبراهيم: الحكم ثم منصور"، وقد اتفق الشيخان على إخراج حديث الحكم عن مجاهد، لا سيما ما رواه شعبة عن الحكم، فإن شعبة لا يروي عن شيوخه إلا ما كان مسموعًا لهم، وهذا يرد دعوى رد الحديث اعتمادًا على قول يحيى بن سعيد القطان:"قال شعبة: أحاديث الحكم عن مجاهد كتاب إلا ما قال سمعت"[التاريخ الكبير (2/ 333)، الجرح والتعديل (1/ 130)]؛ ثم إن مسلمًا قد أخرجه في صحيحه من هذا الوجه، والله أعلم.
• ورواه يحيى بن آدم [ثقة ثبت حافظ]؛ عن قطبة بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن بكير بن الأخنس [ثقة]؛ عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن جبريل عليه السلام قال له: اقرأ القرآن على سبعة أحرف ".
أخرجه الطبراني في الصغير (105)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 257) و (4/ 220)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 161).
قال الطبراني: "لم يروه عن الأعمش إلا قطبة، تفرد به يحيى بن آدم ".
قلت: قطبة بن عبد العزيز: كوفي ثقة، صاحب كتاب، مشهور بالرواية عن الأعمش، وهو ثقة فيه، مقدَّم فيه على غيره [انظر: الطبقات للنسائي (59)، العلل ومعرفة الرجال (3100)، شرح العلل (5/ 622 و 717)].
وعليه فهو: حديث صحيح، غريب من حديث الأعمش.
* وله طرق أخرى عن أبي بن كعب:
1 -
عبد الله بن نمير، ومحمد بن بشر العبدي، ويحيى بن سعيد القطان، وخالد بن عبد الله الواسطي الطحان، ووكيع بن الجراح، ومحمد بن يزيد الواسطي الكلاعي، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وأخوه محمد بن عبيد [وهم ثقات]:
حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن جده، عن أبي بن كعب [وفي رواية خالد الطحان: حدثني أبي بن كعب]؛ قال: كنت في المسجد، فدخل رجل يصلي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ
قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرآ، فحسَّن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما [وفي رواية القطان: قال: "أصبتما"] [وفي رواية الطحان: "قد أحسنتم"]، فسُقِط في نفسي من التكذيب؛ ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري، ففِضتُ عرقًا وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقًا، فقال لي:"يا أُبيُّ! أُرسل إليَّ أن: اقرأ القرآن على حرف، فردَدتُ إليه أن: هوِّن على أمتي، فردُّ إليَّ الثانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه أن: هوِّن على أمتي، فردَّ إليَّ الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكل ردَّة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللَّهُمَّ اغفر لأمتي، اللَّهُمَّ اغفر لأمتي، وأخرتُ الثالثة ليوم يرفب إليَّ [فيه] الخلقُ كلُّهم، حتى إبراهيمُ صلى الله عليه وسلم".
لفظه بتمامه عند مسلم.
ولفظ ابن بشر مختصرًا [عند ابن أبي شيبة في الموضع الأول]: "إن ربي أرسل إليَّ أن اقرأ القرآن على سبعة أحرف ".
أخرجه مسلم (820)، وأبو عوانة (2/ 464/ 3844)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 414/ 1855)، وابن حبان (3/ 15/ 740)، وأحمد (5/ 127)، وابنه عبد الله في زياداته على المسند (5/ 128 - 129)، وابن أبي شيبة (6/ 138/ 30125)(16/ 451/ 32119 - ط الشثري) و (6/ 319/ 31743)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 32 و 33)، وابن بطة في الإبانة (2/ 615/ 800)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 587)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (624)، والبيهقي (2/ 383)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 504/ 1227)، وفي الشمائل (82)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 328). [التحفة (1/ 142/ 60)، الإتحاف (1/ 242/ 92)، المسند المصنف (1/ 130/ 46)].
تنبيه: وقع عند أبي عوانة: "وأخرت الرابعة"، بدل: الثالثة، وهي رواية شاذة، والسياق يدل على شذوذها، والله أعلم.
وانظر فيمن وهم في إسناده: ما أخرجه إسماعيل الأصبهاني في دلائل النبوة (73).
• خالف في بعض ألفاظه:
محمد بن فضيل، فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وقال: قال لي: "أعيذك بالله من الشك والتكذيب"، وقال أيضًا:"إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف، فقلت: اللَّهُمَّ رب خفف عن أمتي، قال: اقرأه على حرفين، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف، من سبعة أبواب من الجنة، كلها شافٍ كافٍ".
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 33 و 63).
قلت: وهذه رواية شاذة، تفرد بألفاظها دون جماعة الحفاظ ممن روى الحديث عن ابن أبي خالد: محمد بن فضيل، وهو: كوفي ثقة، يقع له الوهم أحيانًا، وهذا منه، والله أعلم.
2 -
محمد بن سليمان الأسدي لوين [مصيصي، ثقة]: حدثنا الحسن بن محمد بن
أعين [أبو علي الحراني: ثقة]: حدثنا عمر بن سالم الأفطس، عن أبيه [سالم بن عجلان الأفطس: ثقة، روى له البخاري، وروى عنه جماعة من الثقات]، عن زبيد أزبيد بن الحارث الإيامي: ثقة ثبت، من السادسة]؛ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب؛ أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أضاة بني غفار، فقال:"يا محمد! إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف، فلم يزل يزيده حتى بلغ سبعة أحرف".
أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على مسند أبيه (5/ 128)(9/ 4928/ 21565 - ط المكنز)، والدارقطني في الأفراد (614 - أطرافه)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 38)[وفيه سقط، دخل به حديث في حديث]. [الإتحاف (1/ 242/ 92)، المسند المصنف (1/ 47/132)].
قال الدارقطني: "رواه زبيد اليامي، وتفرد به: سالم بن عجلان الأفطس، عن زبيد، وتفرد عنه: ابنه عمر بن سالم، ولم يروه عنه غير الحسن بن محمد بن أعين ".
وقال أبو نعيم: "غريب من حديث زبيد، تفرد به ابن أعين، عن ابن سالم".
قلت: وهو كما قالا؛ حديث غريب، قلت: وهو وهم؛ الوهم فيه من عمر بن سالم الأفطس: ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه ثلاثة، فهو في عداد المجاهيل؛ وله أفراد وأوهام، وحديثه الوحيد في الكتب الستة عند النسائي في الكبرى (10700): وهم [التاريخ (6/ 161)، الجرح والتعديل (6/ 113)، الثقات (8/ 437)، التهذيب (6/ 55)، التقريب (718)، وقال: " مقبول "].
وقد رويت أوهام بهذه السلسلة، خولف فيها الثقات، انظر مثلًا: علل الدارقطني (2/ 91/ 133) و (8/ 276/ 1564).
• وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي من وجه آخر غريب جدًا، واشتمل على ألفاظ شاذة، وفي سنده اختلاف أيضًا، روي مرسلًا: أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 36 م و 37).
3 -
حماد بن سلمة [وعنه: أبو داود الطيالسي، وهو: ثقة حافظ]؛ وزائدة بن قدامة [وعنه: حسين بن علي الجعفي، وأبو سعيد مولى بني هاشم، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وهم ثقات]؛ وأبو عوانة [وعنه: أبو الوليد الطيالسي، وهو: ثقة ثبت، وأبو الربيع خالد بن يوسف السمتي، وهو: ضعيف]؛ وشيبان بن عبد الرحمن النحوي [وعنه: الحسن بن موسى الأشيب، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعبيد الله بن موسى، وهم ثقات]؛ وإبراهيم بن طهمان [ثقة يغرب]:
عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المرائي، فقال له:"إنك يعثت إلى أمة أمِّيين، فيهم الصغير، والشيخ الفاني، والعجوز، فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف ". لفظ ابن طهمان، وهو غريب، والمحفوظ حديث الجماعة.
ولفظ حماد: "يا جبريل إني بعثت إلى أمة أمية فيهم العجوز والشيخ، والغلام والجارية، والرجل الفاني؛ الذي لم يقرأ كتابًا قطُّ"، قال:"فقال جبريل: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف".
ولفظ زائدة [عند أحمد]: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل:"إني بعثت إلى أمة أميين، فيهم الشيخ العاسي، والعجوز الكبيرة، والغلام "، قال:"فمرهم، فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف ".
ولفظ شيبان [عند الشاشي]: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال:"يا جبريل اني بعثت إلى أمة أميين، فيهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل العاسي الذي لم يقرأ كتابًا قط "، فقال:"يا محمد القرآن أنزل على سبعة أحرف ".
أخرجه الترمذي (2944)، وابن حبان (3/ 14/ 739)، وأحمد (5/ 132)(9/ 4935/ 21595 - ط المكنز) و (9/ 4936/ 21596 - ط المكنز)، وابن طهمان في مشيخته (125)، والطيالسي (1/ 439/ 545)، وابن أبي شيبة (6/ 138/ 30126)(16/ 453/ 32127 - ط الشثري)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (1/ 84)، والبزار (7/ 311/ 2909)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 31)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 362/ 1480 و 1481)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (289)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 169)، والضياء في المختارة (3/ 373 و 374/ 1168 و 1169). [التحفة (20)، الإتحاف (1/ 200/ 37) و (1/ 242/ 92)، المسند المصنف (1/ 138/ 50)].
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، قد روي من غير وجه عن أبي بن كعب ".
• اختلف فيه على عاصم بن بهدلة:
أ- فرواه حماد بن سلمة [وعنه: أبو داود الطيالسي]؛ وزائدة بن قدامة، وأبو عوانة، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي [وعنه: الحسن بن موسى الأشيب، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعبيد الله بن موسى، وهم ثقات]؛ وإبراهيم بن طهمان:
عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وتقدم.
ب- ورواه شيبان بن عبد الرحمن النحوي [وعنه: أبو النضر هاشم بن القاسم]؛ وحماد بن سلمة [وعنه: عفان بن مسلم، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وهدبة بن خالد، وأبو سعيد مولى بني هاشم، ومنصور بن سقير، وهم ثقات؛ عدا الأخير فهو ضعيف]:
عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لقيت جبريل عند أحجار المراء، فقلت: يا جبريل، إني أرسلت إلى أمة أمية؛ الرجل والمرأة، والغلام والجارية، والشيخ العاسي الذي لم يقرأ كتابًا قط، فقال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف ".
ولفظ هدبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي جبريل عند أحجار المرى، فقال: " إني أرسلت
إلى أمة أمية، وإلى من لم يقرأ كتابًا قط، فقال جبريل: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف".
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (338)، وأحمد (5/ 132 و 391 و 405 و 405)، والبزار (7/ 310/ 2908)، والطحاوي في المشكل (8/ 110/ 3098)، وابن قانع في المعجم (1/ 191 - 192)، والطبراني في الكبير (3/ 167/ 3019)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (6)(41 - جامع البيان). [المسند المصنف (7/ 350/ 3692)].
قال البزار: "وهذا الحديث قد رواه أبو عوانة وشيبان، عن عاصم، عن زر، عن أبي بن كعب، وقال حماد بن سلمة: عن عاصم، عن زر، عن حذيفة".
قلت: والقول الأول أقرب للصواب؛ فإن الحديث مشهور عن أبي بن كعب، من طرق متعددة، تقدمٍ ذكر بعضها، ويأتي ذكر بقيتها، ولعل الوهم فيه من عاصم نفسه، فإنه كان يضطرب أحيانا في الأسانيد، وعليه: فالأشبه بالصواب أنه من مسند أبي؛ لا من مسند حذيفة بن اليمان.
وهو حديث جيد، قال فيه الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح، قد روي من غير وجه عن أبي بن كعب".
ولعاصم بن بهدلة في هذا الباب حديث آخر محفوظ عنه أيضًا، رواه عنه جماعة من ثقات أصحابه، ممن روى عنه حديث أبي المتقدم:
ج- فقد روى أبو بكر بن عياش، وحماد بن سلمة، وأبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري [وهم ثقات]؛ وأبو خالد الدالاني [هو: يزيد بن عبد الرحمن: كوفي، لا بأس به]؛ وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]:
عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة من الثلاثين، من آل حم، قال: يعني: الأحقاف، قال: وكانت السورة إذا كاثت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين، قال: فرحت إلى المسجد، فإذا رجل يقرؤها على غير ما أقرأني، فقلت: من أقرأك؛ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلت لآخر: اقرأها، فقرأها على غير قراءتي وقراءة صاحبي، فانطلقت بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن هذين يخالفاني في القراءة؟ قال: فغضب، وتمعَّر وجهه، وقال:"إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف "،- قال: قال زر: وعنده رجل- قال: فقال الرجل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما أقرئ، فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف، قال: قال عبد الله: فلا أدري أشيئًا أسره إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو علم ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: والرجل هو علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. لفظ أبي بكر بن عياش [عند أحمد].
وهو حديث جيد، تقدم تخريجه بطرقه تحت الحديث رقم (1400).
4 -
يزيد بن هارون، وهشيم بن بشير، ويحيى بن سعيد القطان، وبشر بن المفضل، وابن أبي عدي، وعبد الله بن بكر السهمي [وهم ثقات]؛ ومحمد بن ميمون الزعفراني [ليس بالقوي، قال البخاري والنسائي: "منكر الحديث"، ومشاه بعضهم فوثقوه. التهذيب (3/ 715)]، ويحيى بن أيوب الغافقي [لا بأس به]؛ والمعتمر بن سليمان [ثقة، رواه عنه: سويد بن سعيد، وهو: صدوق في نفسه؛ إلا أنه تغير بعدما عمي، وصار يتلقن، فضعّف بسبب ذلك]:
عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"نزل [وفي رواية: اقرأ] القرآن على سبعة أحرف، كلها كافٍ شافٍ ".
وفي رواية: عن أبي بن كعب، قال: ما حكَّ في صدري شيء منذ أسلمت إلا أني قرأت آيةً، وقرأها آخرُ غيرَ قراءتي، فقلت: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أقرأتني كذا وكذا، قال:"نعم "، وقال الآخر:[لم تقرئني كذا وكذا؟ قال: "نعم"، فقال: "إن جبريل وميكائيل أتياني، فقعد جبريل عن يميني، وقعد ميكائيل عن يساري، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعةَ أحرفٍ، كلُّ حرفٍ شافٍ كافٍ ". [لفظ أبي عبيد في الفضائل، وكذا النسائي].
ولفظه عند عبد بن حميد بنحوه وقال فيه: "إن جبريل وميكائيل أتياني، فجلس جبريل عن يميني، وميكائيل عن يساري، فقال جبريل: يا محمد، اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقلت: زدني، فقال: اقرأه على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، فقلت: زدني، فقال: اقرأه على ثلاثة أحرف، فقال ميكائيل: استزده، فقلت: زدني، كذلك حتى بلغ سبعة أحرف، كل ذلك جبريل يقول له: اقرأ، وميكائيل، يقول: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأه على سبعة أحرفي، كل شافٍ كافٍ".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 154/ 941)، وفي الكبرى (1/ 485/ 1015) و (7/ 245/ 7932)، وابن حبان (3/ 11/ 737)، وأحمد (5/ 114 و 122)، وابنه عبد الله في زياداته على المسند (5/ 122)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (2/ 642)، وفي فضائل القرآن (336)، وابن أبي شيبة (6/ 138/ 30123)(16/ 2352/ 3214 - ط الشثري)، وعبد بن حميد (164)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 811)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 30 و 31)، والطحاوي في المشكل (8/ 121/ 3111)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (1/ 30/ 31)، والضياء في المختارة (3/ 335 - 337/ 1129 و 1130). [التحفة (1/ 110/ 8)، الإتحاف (1/ 179/ 6)، المسند المصنف (1/ 140/ 52)].
وهذا حديث صحيح، وإسقاط عبادة بن الصامت من الإسناد لا يضر.
قال أحمد: "لم يذكر فيه عبادة".
• ورواه عفان بن مسلم [ثقة ثبت]؛ وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك [ثقة ثبت]:
قالا: حدثنا حماد، قال: أخبرنا حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت؛ أن أبي بن كعب [وفي رواية أبي الوليد: عن أبي بن كعب، وكذا في رواية عن عفان]؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف".
ثم رواه عفان مرة أخرى مطولًا: أن أبي بن كعب، قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم آية، وأقرأها آخر غير قراءة أبي، فقلت: من أقرأكها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: والله لقد أقرأنيها كذا وكذا، قال أبي: فما تخلَّج في نفسي من الإسلام ما تخلَّج يومئذ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال:"بلى"؛ قال: فإن هذا يدعي أنك أقرأته كذا وكذا، فضرب بيده في صدري، فذهب ذاك، فما وجدت منه شيئًا بعد، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتاني جبريل وميكائيل، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، قال: اقرأه على حرفين، قال: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، قال: كلٌّ شافٍ كافٍ ".
أخرجه أحمد (5/ 114)، وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة (58)[وسقط من إسناده أبي بن كعب]؛ وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 31)، والطحاوي في المشكل (8/ 109/ 3096) و (8/ 110/ 3097)، وابن حبان (3/ 17/ 742)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 321/ 1426 و 1427)، والطبراني في الأوسط (5/ 257/ 5250)، وابن عدي في الكامل (3/ 53 - ط العلمية)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (170)، وتمام في الفوائد (1706). [الاتحاف (1/ 217/ 61)، المسند المصنف (1/ 140/ 52)].
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حميد إلا حماد بن سلمة".
قلت: حماد بن سلمة هو أثبت الناس في حميد الطويل، وقد زاد في الإسناد رجلًا، وهو الصحابي عبادة بن الصامت، فدل على أن أنسًا إنما أخذه من عبادة، لا من أبي مباشرة، والله أعلم.
قال أبو حاتم مرجحًا رواية حماد: "روى هذا الحديث حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس، عن عبادة، عن أبي"[علل الحديث (4/ 697/ 1745)].
يعني أبو حاتم أن أثبت الناس في حميد هو حماد، وقد زاد في الإسناد رجلًا، وقوله مقدم.
وانظر: علل الدارقطني (12/ 62/ 2418).
وهو حديث صحيح، ويبدو أن حميدًا الطويل كان يسقط عبادة -بن الصامت من الإسناد أحيانًا، ومثل هذا لا يضر، فإنه صحابي بين صحابيين، ومرسل الصحابي حجة، ومن جعله أيضًا من مسند عبادة؛ فلا يضر، والحديث إنما هو لأبي بن كعب، وقد اشتهر عنه بأسانيد صحاح.
• قصر بإسناده، وسلك فيه الجادة:
مروان بن معاوية الفزاري [ثقة حافظ]؛ فرواه عني حميد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن جبريل عليه السلام أمره أن يقرأ القرآن على سبعة أحرف، كلٌّ شافٍ كافٍ.
أخرجه الضياء في المختارة (6/ 82/ 2068).
قال الدارقطني في العلل: "رواه مروان الفزاري عن حميد عن أنس، والصحيح: حميد عن أنس عن أبي بن كعب "[المختارة للضياء المقدسي (6/ 83)، علل الدارقطني (12/ 2418/62)، وفيه سقط، والمثبت من المختارة].
• ورواه عفان بن مسلم [ثقة ثبت]: حدثنا شعبة: أخبرني موسى بن أنس، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم -مثله وقبله-:"أنزل القرآن على سبعة أحرف".
أخرجه عفان في حديثه (37).
قلت: هو حديث صحيح، لكن أنسًا أرسله، إنما هو حديث أبي بن كعب، ورواية موسى بن أنس عن أبيه في الصحيحين.
5 -
أبو جعفر بن نفيل [عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني: ثقة حافظ]؛ قال: قرأت على معقل بن عبيد الله، عن عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورةً، فبينا أنا في المسجد جالس إذ سمعت رجلًا يقرؤها يخالف قراءتي، فقلت له: من علمك هذه السورة؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لا تفارقني حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته فقلت: يا رسول الله، هذا خالف قراءتي في السورة التي علمتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقرأ يا أبي "، فقرأتها، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحسنت "، ثم قال للرجل:"اقرأ"، فقرأ فخالف قراءتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحسنت "، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبي! إنه أنزل القرآن على سبعة أحرف، كلهنَّ شافٍ كافٍ".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 153/ 940)، وفي الكبرى (1/ 485/ 1014)، والطبراني في الأوسط (2/ 6/ 1044)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 485)، وفي التمهيد (8/ 286). [التحفة (1/ 132/ 46)، المسند المصنف (139/ 1/ 51)].
قال النسائي: "معقل بن عبيد الله: ليس بذاك القوي ".
قلت: أصله مروي بغير هذا اللفظ من حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، عند الشيخين [تقدم برقم (1476)]؛ وهو غريب من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس، ثم من حديث عكرمة بن خالد المخزومي، تفرد به: معقل بن عبيد الله، وهو: جزري حراني، لا بأس به [راجع ترجمته مفصلة في فضل الرحيم الودود (2/ 293/ 173]؛ وهو مقل من الرواية عن عكرمة بن خالد، ثم إنه ليس بلديًا له، بل هو من الغرباء؛ فهو حديث غريب من هذا الوجه.
* وفي الباب أيضًا:
1 -
عن أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري:
رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري [مدني، ثقة ثبت]؛ وسليمان بن بلال [مدني، ثقة]:
عن يزيد بن خصيفة [يزيد بن عبد الله بن خصيفة: مدني ثقة]؛ عن بسر [وفي رواية إسماعيل: مسلم، وقال في رواية له: عن بسر، بن سعيد مولى الحضرمي، عن أبي جهيم الأنصاري؛ أن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تماريا في آية من القرآن، كلاهما يزعم أنه تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشيا جميعًا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلاهما ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمعها منه، فذكر [أبو جهيم] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تتماروا في القرآن، فإن مراءً فيه كفرٌ".
وفي رواية سليمان: قال: حدثني يزيد بن خصيفة، قال: أخبرني بسر بن سعيد، قال: أخبرني أبو جهيم؛ أن رجلين اختلفا في آية من القرآن
…
، فذكر نحوه.
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (2/ 234)، وفي فضائل القرآن (337)، وأحمد (4/ 169)، وعلي بن حجر السعدي في أحاديثه عن إسماعيل بن جعفر (325)، والحارث بن أبي أسامة (725 و 726 - بغية الباحث)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 39)، وأبو بكر الخلال في السُّنَّة (4/ 165/ 1435) و (7/ 10/ 1969)، والطحاوي في المشكل (8/ 111/ 3099)، وابن قانع في المعجم (3/ 130)، وابن بطة في الإبانة (2/ 617/ 801)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1611/ 4057)، والبيهقي في الشعب (4/ 366/ 2069)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 282)(5/ 591 - ط بشار)، والخطيب في تالي التلخيص (1/ 91/ 29)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (168)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 505/ 1228). [الإتحاف 141/ 69/ 17438)، المسند المصنف (27/ 46/ 12111)].
قال البخاري في التاريخ الكبير (7/ 262): "مسلم بن سعيد، مولى ابن الحضرمي: عن أبي جهيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف". قاله إسماعيل بن جعفر، عن يزيد بن خصيفة.
وقال سليمان بن بلال: عن يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد، عن أبي جهيم" أوتبعه على هذه الترجمة: ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 184)، وابن حبان في الثقات (5/ 394)].
وفي المقابل فإن البخاري لما ترجم في التاريخ الكبير (2/ 123) لبسر بن سعيد مولى الحضرميين؛ ذكر فيمن روى عنه: يزيد بن خصيفة، وقال:"وسمع زيد بن خالد وأبا جهيم".
وهذا التصرف من البخاري يرجح كون راوي هذا الحديث هو بسر بن سعيد التابعي المشهور، وأن إسماعيل بن جعفر وهم فسماه مسلمًا، والله أعلم.
ورواه أبو عبيد عن إسماعيل بن جعفر، فقال فيه:"عن مسلم بن سعيد مولى ابن الحضرمي "، قال أبو عبيد:"وقال غيره: عن بسر بن سعيد".
قلت: الراجح أنه بسر بن سعيد مولى ابن الحضرمي، فإنه معروف بالرواية عن أبي الجهيم، ويروي عنه: يزيد بن خصيفة، وهم إسماعيل بن جعفر في اسمه، فقال: مسلم، وبسر بن سعيد: تابعي ثقة جليل، من الطبقة الثانية، روى عن جمع من الصحابة، وحديثه مبثوث في الموطأ والمصنفات والمسانيد والسنن والصحاح وغيرها، وروايته عند الشيخين من رواية ابن خصيفة وغيره عنه، كما أنه مشهور أيضًا بالرواية عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، وعنه: محمد بن إبراهيم بن الحارث بحديث: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران،
…
" [أخرجه البخاري (2 735)، ومسلم (1716)].
وبناء عليه: فهو حديث صحيح، رجاله كلهم ثقات مشهورون، سمع بعضهم من بعض.
• واختلف فيه على بسر بن سعيد:
أ- فرواه يزيد بن عبد الله بن خصيفة [مدني ثقة]؛ قال: أخبرني بسر بن سعيد، قال: أخبرني أبو جهيم؛ أن رجلين اختلفا في آية من القرآن
…
، فذكره.
ب- ورواه يزيد بن عبد الله بن الهاد [مدني، ثقة]؛ عن محمد بن إبراهيم بن الحارث [مدني، ثقة]؛ عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص؛ أن رجلًا قرأ آية من القرآن
…
، فذكر الحديث، وهو الحديث الآتي.
2 -
عن عمرو بن العاصي:
رواه عبد الله بن صالح [أبو صالح كاتب الليث: صدوق، كثير الغلط، وكانت فيه غفلة]؛ عن الليث، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، أن رجلًا قرأ آية من القرآن، فقال له عمرو بن العاص: إنما هي كذا وكذا بغير ما قرأ الرجل، فقال الرجل: هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتياه، فذكرا ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فأي ذلك قرأتم أصبتم، فلا تماروا في القرآن، فإن مراءً فيه كفر".
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القران (337 - 338)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (5)(40 - جامع البيان).
• رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر [ثقة، روايته عن الدراوردي عند مسلم (34)]: ثنا الدراوردي، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص؛ أن رجلًا قرأ آية من القرآن، فقال له عمرو: إنما هي كذا وكذا، لغير ما قرأها الرجل، قال الرجل: هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتياه، فقال: يا رسول الله، إنه قرأ كذا وكذا، فقرأها عليه، فقال:"صدقت"، فقال الآخر: أليس أقرأتنيها على نحو ما قرأها على
صاحبه، فرد صاحبه عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بلى؛ أنزل القرآن على سبعة أحرف، فأيَّ ذلك قرأتَ فقد أصبت، فلا تتماروا فيه فإن مراء فيه كفر".
أخرجه ابن أبي عمر في مسنده (6/ 318/ 5929 - إتحاف الخيرة).
• خالف الليثَ بن سعد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي [وهما ثقتان]:
عبدُ الله بن جعفر المخرمي، قال: حدثنا يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"القرآن نزل على سبعة أحرف، على أي حرف قرأتم، فقد أصبتم، فلا تتماروا فيه، فإن المراء فيه كفر".
وفي رواية: عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، قال: أخبرني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، قال: سمع عمرو بن العاص رجلًا يقرأ آية من القرآن، فقال: من أقرأكها؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على غير هذا، فذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله آية كذا وكذا ثم قرأها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هكذا أنزلت "، فقال الآخر: يا رسول الله، فقرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أليس هكذا يا رسول الله، قال:"هكذا أنزلت "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فأي ذلك قرأتم فقد أصبتم، ولا تماروا فيه، فإن المراء فيه كفر"، أو:"آية الكفر".
أخرجه أحمد (4/ 204)(7/ 4009/ 18098 - ط المكنز) و (4/ 205)(7/ 4010/ 8100) - ط المكنز)، والبيهقي في الشعب (4/ 367/ 2070). [الإتحاف (12/ 500/ 15995)، المسند المصنف (23/ 123/ 10333)].
قلت: عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة المخرَمي: مدني، ليسى به بأس، والحكم هنا لمن زاد في الإسناد رجلًا، وهما: الليث بن سعد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، حيث زادا في الإسثاد: محمد بن إبراهيم بن الحارث، بين ابن الهاد، وبسر بن سعيد، والقول قولهما.
كذلك فإن القول لمن زاد في الإسناد رجلًا فجعله من مسند عمرو بن العاص، لا لمن أرسله، حيث أرسله عبد الله بن صالح، وقد يكون قصر به وقد كانت فيه غفلة، بينما وصله ابن أبي عمر العدني، كذلك فقد اختلف على عبد الله بن جعفر، فوصله عنه: أبو سعيد مولى بني هاشم [عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري: ثقة]؛ وقال: عن عمرو بن العاص، بينما أرسله أبو سلمة الخزاعي [منصور بن سلمة: ثقة ثبت حافظ]؛ عن عبد الله بن جعفر، وقال فيه: عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، قال: سمع عمرو بن العاص رجلًا، فصار في صورة المرسل، وهو متصل، والله أعلم.
وعليه: فإن حديث عمرو بن العاص: حديث صحيح، والله أعلم.
وبسر بن سعيد: تابعي ثقة جليل، يحتمل من مثله التعدد في الأسانيد لثقته وضبطه،
وكثرة مروياته عن الصحابة، فرواه مرة عن أبي جهيم، ورواه مرة عن أبي قيس عن عمرو بن العاص، والله أعلم.
3 -
عن أم أيوب الأنصارية:
رواه الحميدي، وسعيد بن منصور، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه [وهم ثقات حفاظ أئمة، من أصحاب ابن عيينة المكثرين عنه]؛ وأبو غسان مالك بن إسماعيل [ثقة متقن]؛ ويونس بن عبد الأعلى الصدفي، والحارث بن مسكين، وأسد بن موسى [وهم مصريون، ثقات]؛ وغيرهم:
عن سفيان بن عيينة [ثقة حجة]؛ قال: ثنا عبيد الله بن أبي يزيد [تابعي مكي ثقة، حديثه عن ابن عباس في الصحيحين]؛ قال: سمعت أبي، يقول: نزلْتُ على أم أيوب الأنصارية، فأخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نزل القرآن على سبعة أحرف، أيها قرأت أصبت". وفي رواية: "أجزأك". ولفظ ابن راهويه: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ ".
أخرجه الحميدي (343)، وسعيد بن منصور في سننه (32)، وابن أبي شيبة (6/ 137/ 30117)، وأحمد (6/ 433 و 462)، وإسحاق في مسنده (2/ 413/ 2307)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 802/ 3472 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 104/ 3320)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 27 و 28)، والطحاوي في المشكل (8/ 112/ 3100)، وابن حيَّويه في من وافقت كنيته كنية زوجه (39 - 40)، والدارقطني في الأفراد (2/ 401/ 5908 - أطرافه)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3469/ 7877 و 7878)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (2/ 196/ 1595). [المسند المصنف (40/ 167/ 19161)].
قال الدارقطني: "تفرد به: عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عنها، حدث به عنه: سفيان بن عيينة، وأبو الربيع السمان ".
• ورواه أبو الربيع السمان، قال: حدثني عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه، عن أم أيوب، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"نزل القرآن على سبعة أحرف، فما قرأت أصبت ".
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 29).
وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ أشعث بن سعيد أبو الربيع السمان: متروك، قال هشيم:"كان يكذب "، وقال العقيلي بعد أن ساق في ترجمته حديثين:"وله غير حديث من هذا النحو، لا يُتابع على شيء منها"[التهذيب (1/ 178)، الميزان (1/ 263)].
والعمدة على رواية ابن عيينة، ولا يضره تفرده.
قلت: وهو حديث صحيح، وأبو يزيد المكي، حليف بني زهرة، مولى آل قارظ بن شيبة: روى عنه ابنه عبيد الله، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (4/ 609)، الميزان (4/ 588)]؛ وجهالة التابعي الكبير لا تضر، إذا لم يرو منكرًا، وكان حديثه مستقيمًا [وقد
سبق أن ذكرت أن حديث المجهول من التابعين صحيح مقبول إذا كان مستقيمًا.
راجع الحديث السابق قريبًا برقم (1477)، وذكرت هناك مواضع تأصيل هذه المسألة].
4 -
عن أبي هريرة:
أ- روى محمد بن بشر، وعبد الله بن نمير، وعيسى بن يونس، ويزيد بن هارون، وعبدة بن سليمان، وأسباط بن محمد، ويحيى بن سعيد القطان، وحماد بن أسامة، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وسليمان بن بلال، ومعتمر بن سليمان، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وكهمس بن الحسن، وعمر بن علي بن عطاء بن مقدم، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي [وهم ثقات]؛ وأسد بن عمرو البجلي أبو المنذر [ليس بالقوي. اللسان (2/ 90)]؛ وغيرهم:
عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرفٍ، ومراءُ في القرآن كفر".
وفي رواية: "نزل القرآن على سبعة أحرفٍ عليمًا حكيمًا، غفورًا رحيمًا ".
رواه جماعة بدون موضع الشاهد، منهم: يحيى القطان، وحماد بن أسامة، ومحمد بن عبيد، وأبو معاوية، وسليمان بن بلال، ومعتمر بن سليمان، وكهمس بن الحسن، وعمر بن علي بن مقدم، والمحاربي، عن محمد بن عمرو، بطرفه الثاني حسب:"مراءٌ في القرآن كفر"، أو اختصره بعض المصنفين اقتصاراً منه على إخراج موضع الشاهد عنده.
أخرجه أبو داود (4603)[مقتصرًا على شطره الثاني في المراء]؛ وابن حبان (3/ 18/ 743) و (4/ 324/ 1464)، والحاكم (2/ 223)(3/ 442/ 2918 - ط الميمان)، وأحمد (2/ 286 و 332 و 424 و 440 و 475 و 553 و 528)، وابن أبي شيبة (6/ 138/ 30119)(16/ 450/ 32118 - ط الشثري)، وأبو إسحاق العسكري في الثاني من مسند أبي هريرة (12)، والبزار (14/ 334/ 8009 و 8010)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 21)، وأبو بكر الخلال في السُّنَّة (4/ 164/ 1433) و (4/ 165/ 1434)، وأبو جعفر ابن البختري في الحادي عشر من حديثه (3)(499 - مجموع مصنفاته)، وأبو بكر الآجري في الشريعة (1/ 466)، والطبراني في الأوسط (3/ 61/ 2478)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (212)، والدارقطني في الأفراد (2/ 353/ 5615 - أطرافه)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (580)، وابن بطة في الإبانة (2/ 611/ 791 و 792) و (2/ 750/ 1042)، وأبو الحسن علي بن عمر الحربي في مشيخته (77)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (170)(785 - المخلصيات)، وأبو العباس العصمي في جزئه (7)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1/ 130/ 181 و 182)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 215) و (8/ 213)، وفي تاريخ أصبهان (1/ 324 و 345)، وابن بشران في الأمالي (967)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (241 و 242)، والبيهقي في
الشعب (4/ 360/ 2059)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 284)، والخطيب في تالي التلخيص (1/ 251/ 138). [التحفة (10/ 401/ 15115)، الإتحاف (16/ 148/ 20534) و (16/ 193/ 20632)، المسند المصنف (133/ 476/ 5666) و (33/ 480/ 15668)].
قال ابن حبان: "حكيمًا عليمًا، غفورًا رحيمًا؛ قول محمد بن عمرو، أدرجه في الخبر، والخبر إلى سبعة أحرف فقط ".
وقال الدارقطني: "غريب من حديث الثوري وأبيض بن الأغر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، تفرد به: أحمد بن محمد بن يحيى الطلحي، عن أبيه، عن سعيد بن أبي الهيفاء، عنهما"[وذلك بطرف: "مراة في القرآن كفر"، ولا يُعرف من حديث الثوري].
وقال الحاكم: "حديث المعتمر عن محمد بن عمرو: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وقال أبو نعيم: "مشهور من حديث محمد، رواه عنه جماعة".
قلت: هو حديث صحيح، وقد يسلَّم لابن حبان في دعوى الإدراج، ومحمد بن عمرو بن علقمة الليثي المدني: مكثر عن أبي سلمة، وهو: صدوق، حسن الحديث، أخرج له الشيخان، لكن لم يحتجا به، أخرج له البخاري مقرونًا بغيره وتعليقًا، وأخرج له مسلم متابعة [هدي الساري (2/ 1182)، التهذيب (3/ 663)، الميزان (3/ 673)].
ولم ينفرد بهذا الحديث عن أبي سلمة، فقد توبع عليه:
ب- رواه أنس بن عياض: حدثني أبو حازم، عن أبي سلمة، لا أعلمه إلا عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نزل القرآن على سبعة أحرف، المراء في القرآن كفر"، ثلاث مرات، "فما عرفتم منه فاعملوا، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه ".
أخرجه النسائي في الكبرى (7/ 289/ 8039)، وابن حبان (1/ 275/ 74)، وأحمد (2/ 300)، والبزار (15/ 193/ 8579)، وأبو يعلى (10/ 410/ 6016)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 21)، والمحاملي في الأمالي (11 - رواية ابن مهدي الفارسي)، والدارقطني في الأفراد (2/ 5 36/ 5663 - أطرافه)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 283 - ط الغرب)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (163 و 165). [التحفة (10/ 350/ 14961)، الإتحاف (16/ 193/ 20632)، المسند المصنف (33/ 479/ 15667)].
رواه عن أبي ضمرة أنس بن عياض [ثقة]: أحمد بن حنبل [ثقة حافظ، إمام حجة ناقد]؛ وخلاد بن أسلم [ثقة]؛ وعبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق البغدادي [ثقة]؛ وأحمد بن أبان القرشي أذكره ابن حبان في الثقات، وله مناكير. انظر ترجمته تحت الحديث رقم (652)]؛ وأبو خيثمة زهير بن حرب [ثقة حافظ][شك عند أبي يعلى]؛ وقتيبة بن سعيد [ثقة ثبت]؛ وصفوان بن صالح [الدمشقي، ثقة][ولم يشك الثلاثة الآخرون في روايته، رووه: عن أنس بن عياض، عن أبي حازم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا، بغير شك].
قال البزار: "ولا نعلم أسند أبو حازم عن أبي سلمة عن أبي هريرة؛ إلا هذا الحديث، ولا رواه غير أبي ضمرة".
وقال الدارقطني: "غريب من حديث أبي حازم عن أبي سلمة، تفرد به: أبو ضمرة".
• خالفهم: عمرو بن عثمان [هو: ابن سعيد الحمصي؛ ثقة]؛ فرواه عن أبي ضمرة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة؛ لم يذكر فيه أبا سلمة.
أخرجه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (164).
قلت: رواية الجماعة أولى بالصواب، وعليه: فهو حديث صحيح غريب.
ج- ورواه الليث بن سعد [وعنه: عبد الله بن صالح]؛ وسليمان بن بلال [وعنه: عبد الله بن وهب، وأبو بكر بن أبي أويس][وهم ثقات]:
عن محمد بن عجلان [ثقة: إلا أنه اختلطت عليه أحاديث المقبري عن أبي هريرة]، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرؤوا ولا حرج، غير أن لا تجمعوا بين ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة".
أخرجه الطحاوي في المشكل (8/ 113/ 3101)، وأبو جعفر النحاس في القطع والائتناف (13)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 288).
وهذا حديث صحيح، ولا يضره شأن ابن عجلان في سعيد المقبري، حيث توبع عليه، مما يدل على أنه حفظه وضبطه، فقد رواه محمد بن عمرو، وأبو حازم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا نحوه، والله أعلم.
* وله إسناد آخر لا يثبت: أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 40).
* وانظر في المناكير: ما أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (369).
* - عن أبي بكرة:
رواه عفان بن مسلم [ثقة ثبت]؛ وعبد الرحمن بن مهدي [ثقة حافظ، حجة إمام]؛ وزيد بن الحباب [ثقة]؛ ويحيى بن سلام [ليس بالقوي، له مناكير. انظر: ما تقدم تحت الحديث رقم (678)، الشاهد رقم (11)][وقرن في حديثه بين حماد بن سلمة، وبين الحسن بن دينار، وهو: متروك، كذبه جماعة من الأئمة النقاد. اللسان (3/ 40)]:
عن حماد بن سلمة [ثقة]: أخبرنا علي بن زيد [بن جدعان]؛ عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة؛ أن جبريل عليه السلام قال [للنبي صلى الله عليه وسلم]:"يا محمد! اقرأ القرآن على حرفٍ، قال ميكائيل عليه السلام: استزده، فاستز اده، قال: اقر أه على حرفين، قال ميكائيل: استزده، فاستزاده، حتى بلغ سبعة أحرف، قال: كلٌّ شاتٍ كافٍ، ما لم تختم أية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب، نحو قولك: تعال وأقبل، وهلم واذهب، وأسرع واعجل". لفظ عفان [عند أحمد].
ولفظ ابن مهدي [عند أحمد]: "أتاني جبريل وميكائيل، فقال جبريل: اقرأ القرآن على
حرف واحد، فقال ميكائيل: استزده، قال: اقرأه على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ، ما لم تختم آية رحمة بعذاب، أو آية عذاب برحمة".
أخرجه عفان في حديثه (38)، وابن أبي شيبة (6/ 138/ 30122)، وأحمد (5/ 41 و 51)، والبزار (9/ 91/ 3622)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 45)، والطحاوي في المشكل (8/ 126/ 3118)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (7 و 8)(42 و 43 - جامع البيان)، وفي المكتفى في الوقف والابتدا (1 و 2). [المسند المصنف (26/ 536/ 12054)].
• ورواه عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]؛ عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريل عليه السلام ومعه ميكائيل عليه السلام، فقال جبريل: خذ القرآن على حرف، فأومأ إليه ميكائيل أن استزده، فقال: زدني، قال: خذه على حرفين، فقال: استزده، فقال: زدني، قال: خذه على ثلاثة أحرف، قال ميكائيل: استزده، فقال: زدني، قال: خذه على أربعة أحرف، فكل مرة يومئ إليه أن استزده حتى بلغ سبعة أحرف، قال: فسكت ميكائيل، فقال جبريل: خذه على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ، كقول الرجل: هلم وأقبل، واذهب وأدبر، ما لم يختم رحمة بعذاب ولا عذابًا برحمة ".
أخرجه مسدد في مسنده (6/ 317/ 5927 - إتحاف الخيرة).
وهذا حديث ضعيف، علي بن زيد ابن جدعان: أحد علماء التابعين، ضعيف؛ وكان كثير الحديث واسع الرواية، فلم يوصف بأنه منكر الحديث، ولا حكموا على مجمل حديثه بالنكارة، وإنما وقعت المناكير في بعض حديثه، ولم يُترك، بل لينه كثير من النقاد بقولهم:"ليس بالقوي "، وهي أخف مراتب الجرح، بل هذا قريب من قول أحد المتشددين فيه، وهو أبو حاتم الرازي حيث قال عنه:"ليس بقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إليَّ من يزيد بن أبي زياد، وكان ضريرًا، وكان يتشيع "، وقال الترمذي:"وعلي بن زيد: صدوق؛ إلا أنه ربما يرفع الشيء الذي يوقفه غيره "، كذلك فلم يمتنع ابن مهدي من الرواية عنه، وقد روى عنه شعبة والسفيانان والجمادان والكبار، وأما ابن حبان فهو مع تعنته في الجرح ومبالغته في الحطِّ على من له جرحة؛ فإنه لم يزد على أن ختم كلامه فيه بقوله:"فاستحق ترك الاحتجاج به "؛ يعني: إذا تفرد، وروى له مسلم مقرونًا بثابت البناني في موضع واحد، وقد صحح له الترمذي جملة من حديثه مما توبع عليه، وقال الذهبي:"وكان من أوعية العلم، على تشيُّعٍ قليل فيه، وسوءُ حفظه يغُضُّه من درجة الإتقان "، وقال أيضًا:"صالح الحديث "[صحيح مسلم (1789)، جامع الترمذي (109 و 1146 و 2330 و 2678 و 3148 و 3168 و 3615 و 3902)، الجرح والتعديل (6/ 186)، المجروحين (2/ 103)، الكامل (5/ 195)، الميزان (3/ 127)، السير (5/ 206)، تذكرة الحفاظ (1/ 140)، تاريخ الإسلام (8/ 498)، المغني (2/ 447)، التهذيب (3/ 162)].
وهذا الحديث قد توبع عليه ابن جدعان في مجمله في قصة جبريل وميكائيل، وطلب
الاستزادة حتى انتهى به إلى سبعة أحرف، وقوله في آخره:"اقرأه على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ، ما لم تختم آية رحمة بعذاب، أو آية عذاب برحمة".
لكنه انفرد فيه بهذه الزيادة التي لم تات مرفوعة من غير حديث أبي بكرة هذا، وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الأحرف السبعة بقوله:"نحو قولك: تعال وأقبل، وهلم واذهب، وأسرع واعجل "، وإنما تُعرف هذه الزيادة من قول ابن مسعود رضي الله عنه، موقوفًا عليه، كما سيأتي بيانه في بيان معنى الأحرف السبعة.
6 -
عن حذيفة بن اليمان:
رواه سفيان الثوري [وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، ومزاحم بن زفر التيمي]؛ عن إبراهيم بن مهاجر، عن ربعي بن حراش، قال: حدثني من لم يكذبني؛ يعني: حذيفة، قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم جبريل وهو عند أحجار المراء، فقال:"إن أمتك يقرؤون القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم، ولا يرجع عنه"، وفي رواية:"إن من أمتك الضعيف، فمن قرأ على حرف فلا يتحول منه إلى غيره رغبةً عنه ".
اْخرجه أحمد (5/ 385 و 401)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1984/ 1618). [المسند المصنف (7/ 351/ 3693)].
وهذا حديث حسن غريب، إبراهيم بن مهاجر البجلي: لشى به بأس، ولا يتابع على بعض حديثه، وقد انتقى له مسلم حديثين مما توبع عليه [انظر ترجمته في فضل الرحيم الودود (4/ 47/ 316]؛ صحيح مسلم (332 و 655)]؛ وهو هنا تفرد بهذه اللفظة:"فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كلما علم، ولا يرجع عنه "، وفي رواية:"فمن قرأ على حرف فلا يتحول منه إلى فيره ركبة عنه "؟ فإن كان معناها: فلا يتحول عن الحرف الذي تعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم، إلى حرف آخر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه؛ رغبة عن هذا الحرف الذي تعلمه، وعزوفًا عنه، فكأنه في معنى الهجران للقرآن، وقد نهي عن هجر القرآن، فإن كان هذا هو معناه -وهو الأقرب عندي-، فهو معنى صحيح لا نكارة فيه، وفيه أيضًا التحذير من المفاضلة بين الأحرف؛ إذ كله قرآن منزل، فلا ينبغي للعبد أن يعزف عن حرف منزل عزوف رغبة عنه، حيث إن تنزيل القرآن على سبعة أحرف كان توسعة من الله على عباده، وإجازة لهم أن يقرؤوه بأي حرف شاؤوا، وقد ثبت في حديث أبي بن كعب مرفوعًا:"إن الله يأمرك أن تَقرأَ أمَّتُك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا"[أخرجه مسلم (821)، وتقدم برقم (1478)].
وعليه: فهو حديث لا بأس به، ولم يأت فيه إبراهيم بن مهاجر بما ينكر عليه، والله أعلم.
7 -
عن ابن مسعود:
وله طرق، منها:
أ- روى إبراهيم بن مسلم أبو إسحاق الهجري [ضعيف، كان يرفع الموقوفات، تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (550)]؛ عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نزل القرآن على سبعة أحرف".
أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 138/ 30121)(16/ 451/ 32121 - ط الشثري)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 23)، وجعفر الخلدي في جزء من فوائده (160)، والخطيب في الموضح (1/ 381 و 382). [المسند المصنف (19/ 26/ 8726)].
رواه عن أبي إسحاق الهجري: جعفر بن عون [كوفي، ثقة]؛ وسفيان الثوري [ولا يثبت من حديث الثوري؛ فقد تفرد به عنه: مهران بن أبي عمر الرازي، وهو: لا بأس به، يغلط في حديث الثوري. التهذيب (4/ 67 1)، الميزان (4/ 196)، الثقات (7/ 523]؛ الإرشاد (2/ 662)]؛ ويزيد بن عطاء [اليشكري: لين الحديث].
وهذا إسناد ضعيف.
ب- ورواه أيوب بن سليمان بن بلال [ثقة]؛ وإسماعيل بن أبي أويس [ليس به بأس، له غرائب لا يتابع عليها، [وعنه: إسحاق بن إبراهيم بن سويد الرملي، وهو: ثقة. وعلي بن أحمد بن سريج السواق: وثق. تاريخ بغداد (13/ 210 - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (6/ 370 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 185). وعبيد الله بن محمد العمري القاضي: قال النسائي: "قاضي، كذاب"، وقال الدارقطني: "كان ضعيفًا"، روى أحاديث باطلة. تاريخ دمشق (38/ 102)، تاريخ الإسلام (22/ 202)، اللسان (5/ 340)]:
عن أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أئزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ونهى أن يستلقي الرجل -أحسبه قال: في المسجد-، ويضع إحدى رجليه على الأخرى".
أخرجه البزار (5/ 442/ 2081)، والطحاوي في المشكل (8/ 87/ 3077)، ومحمد بن مخلد الدوري في المنتقى من حديثه (113)، وابن حبان (1/ 276/ 75)، والطبراني في الكبير (10/ 102/ 10090)، والدارقطني في الأفراد (2/ 44/ 3909 - أطرافه). [الإتحاف (10/ 437/ 13113)، المسند المصنف (19/ 26/ 8726)].
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى إلا من حديث الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله، ولا نعلم أن ابن عجلان روى عن الهجري غير هذا الحديث، ولا نعلم أن هذا الحديث يروى من حديث ابن عجلان عن أبي إسحاق إلا من هذا الوجه".
وقال الدارقطني: "تفرد به سليمان بن بلال عن ابن عجلان عن أبي إسحاق عنه ".
* رواه سهل بن زَنجلة الرازي [صدوق]: حدثنا ابن أبي أويس، عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر وبطن ".
أخرجه أبو يعلى (9/ 278/ 5403)(4/ 331/ 5415 - ط التأصيل). [المقصد العلي (1215)، إتحاف الخيرة (5930)، المطالب العالية (14/ 335/ 3479)، المسند المصنف (19/ 26/ 8726)].
قلت: قصر بإسناده فأسقط منه رجلين، "محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق "، والمحفوظ في هذا رواية الجماعة.
قلت: وقع في رواية ابن حبان من طريق إسماعيل بن أبي أويس: عن أبي إسحاق الهمداني، وهو وهم ممن نسبه؛ فإن هذا الحديث إنما يرويه ابن عجلان من حديث أبي إسحاق الهجري، كما نص على ذلك البزار في مسنده.
• ورواه أيوب بن سليمان بن بلال، قال: حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ألفين أحدكم يضع إحدى رجليه على الأخرى، يتغنى ويدع سورة البقرة يقرؤها، فإن الشيطان ينفر من البيت تقرأ فيه البقرة، وإن أصفر البيوت الجوف الصفر من كتاب الله عز وجل".
أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 353/ 10733)، والبيهقي في الشعب (4/ 448/ 2162). [التحفة (6/ 406/ 9523)، المسند المصنف (19/ 8/ 8716)].
• وقد رواه بهذا اللفظ الأخير موقوفًا على ابن مسعود:
جعفر بن عون [ثقة]: حدثنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال:"لا ألفين أحدكم يضع إحدى رجليه على الأخرى يتغنى، ويدع أن يقرأ سورة البقرة، فإن الشيطان يفر من البيت يقرأ فيه سورة البقرة، وإن أصفر البيوت الجوف يصفر من كتاب الله ". موقوف على ابن مسعود قوله.
أخرجه الدارمي (3824 - ط البشائر)، وابن الضريس في فضائل القرآن (164). [المسند المصنف (19/ 8/ 8716)].
• وقد وهم فيه بعضهم فرفعه: انظر ما أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 2248/366) و (7/ 374/ 7766)، وفي الصغير (141) [رواه عن أبي إسحاق: حلو بن السري الأودي: قال ابن حبان في الثقات: "يخطئ ويغرب على قلة روايته". الثقات (6/ 248)، تهذيب الكمال (3/ 238) و (27/ 87)، اللسان (3/ 265)، الثقات لابن قطلوبغا (4/ 1)] [ولا أستبعد أن يكون شيخ حلو هو إبراهيم بن مسلم الهجري، وليس هو بالسبيعي، والله أعلم].
* والحاصل: فإنه قد تبين أن هذا الحديث مداره على أبي إسحاق الهجري إبراهيم بن مسلم، وهو: ضعيف، كان يرفع الموقوفات [تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (550)].
فهو حديث منكر بهذا اللفظ: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية [وفي رواية: لكل حرف] منها ظهر وبطن ".
نعم؛ قد روى أبو إسحاق السبيعي حديث فضل سورة البقرة بهذا الإسناد [انظر: المسند المصنف (19/ 8/ 8716)]؛ لكن ابن عجلان إنما يرويه عن أبي إسحاق الهجري إبراهيم بن مسلم، كما نص على ذلك البزار، وكما هو مبين في طرق الحديث، وأبو إسحاق السبيعي لم يرو عن أبي الأحوص حديث:"لكل آية [أو: لكل حرف] منها ظهر وبطن ". والله أعلم.
ج- ورواه أبو غسان مالك بن إسماعيل [ثقة ثبت]؛ قال: حدثنا هريم [هو: ابن سفيان البجلي: ثقة]؛ عن أبي إسحاق [هو: الشيباني سليمان بن أبي سليمان، وهو: ثقة]؛ عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: نزل القرآن على سبعة أحرف. موقوفًا على ابن مسعود قوله.
أخرجه أبو جعفر ابن البختري في الحادي عشر من حديثه (133)(629 - مجموع مصنفاته)، قال: حدثنا أحمد [هو: ابن ملاعب بن حيان أبو الفضل المخرمي الحافظ الثقة. تاريخ بغداد (6/ 389 - ط الغرب)، السير (13/ 42)، تاريخ الإسلام (6/ 503 - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 116)]؛ قال: حدثنا أبو غسان به.
وهذا موقوف على ابن مسعود قوله بإسناد صحيح.
وليس فيه هذه الزيادة: "لكل آية [أو: لكل حرف، منها ظهر وبطن "، مما يدل على نكارتها، كما تدل هذه الرواية الصحيحة على أن حديث ابن مسعود في الأحرف السبعة إنما يروى موقوفًا عليه قوله، ومن رفعه عن ابن مسعود فقد وهم، والله أعلم.
د- ورواه أبو خيثمة زهير بن حرب، وموسى بن هارون، وإسحاق بن راهويه [وهم ثقات حفاظ]؛ ويوسف بن موسى القطان [ثقة]؛ ويحيى بن عبد الحميد الحماني [حافظ؛ إلا أنه اتهم بسرقة الحديث]؛ والفيض بن وثيق الثقفي [قال فيه ابن معين:"كذاب خبيث"، لكن روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم، وذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه، وأخرج له الحاكم محتجًا به، وذكره ابن حبان في الثقات، قلت: لم يوثقه معتبر، ومن روى عنه أو سكت عنه: فقد خفي عليه أمره، وكم احتج الحاكم بمن لا يصلح للاعتبار. انظر: سؤالات ابن الجنيد (699)، الجرح والتعديل (7/ 88)، الثقات (9/ 12)، ضعفاء العقيلي (1/ 249)، تاريخ بغداد (12/ 398)، الميزان (3/ 366)، وقال:"وهو مقارب الحال إن شاء الله تعالى". تاريخ الإسلام (16/ 319)، وقال:"والظاهر أنه صالح في الحديث ". اللسان (6/ 1364]؛ ومحمد بن حميد الرازي [الحافظ؛ أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير. راجع ما تحت الحديث رقم (1044)، والحديث رقم (1302)] [وأبهم عبد الله بن أبي الهذيل]:
عن جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن مقسم [كوفي، ثقة متقن، إثما تُكلم في حديثه عن إبراهيم النخعي]؛ عن واصل بن حيان [كوفي، ثقة ثبت]؛ عن عبد الله بن أبي الهذيل [كوفي، ثقة]؛ عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذًا من
أهل الأرض خليلًا لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلًا، ولكن صاحبكم خليل الله، وإن القرآن نزل على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع ".
ولفظ ابن حميد الرازي [عند ابن جرير]: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع ".
أخرجه أبو يعلى (9/ 80/ 5149)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 22)، والطحاوي في المشكل (8/ 109/ 3095)، والطبراني في الأوسط (1/ 236/ 773)، وفي الكبير (10/ 105/ 10107)، وأبو طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (101)(2256 - المخلصيات)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (30/ 235 - 236). [المسند المصنف (19/ 26/ 8726) و (19/ 200/ 8843)].
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن مغيرة إلا جرير".
* وهذا الحديث وهم بهذه الزيادة موضع الشاهد؛ فإنما يعرف بدونها:
• رواه غندر محمد بن جعفر، وعبد الرحمن بن مهدي، وعفان بن مسلم، وخالد بن الحارث، والنضر بن شميل، وأبو داود الطيالسي، وأبو النضر هاشم بن القاسم، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وشبابة بن سوار [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب شعبة]، وغيرهم: عن شعبة، عن إسماعيل بن رجاء [كوفي، ثقة]؛ قال: سمعت عبد الله بن أبي الهذيل، يحدث عن أبي الأحوص، قال: سمعت عبد الله بن مسعود، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد أتخذ الله عز وجل-صاحبَكم خليلًا".
أخرجه مسلم (2383/ 3)، وأبو عوانة (18/ 386/ 10504 و 10505) و (18/ 387/ 10506)، والنسائي في الكبرى (7/ 294/ 8050)، وابن حبان (15/ 272/ 6856)، وأحمد في المسند (1/ 439/ 4182) و (1/ 462 - 463/ 4413)، وفي فضائل الصحابة (193)، والطيالسي (312)، وابن أبي شيبة في المسند (325)، وأبو يعلى (9/ 161/ 5249)، والطحاوي في المشكل (3/ 35/ 1000)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (2/ 165/ 720) و (2/ 167/ 723 و 724)، والطبراني في الكبير (10/ 105/ 10106)، وأبو طاهر المخلص في الحادي عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (81)(2586 - المخلصيات)، وأبو نعيم في فضائل الخلفاء الراشدين (21)، وابن حزم في المحلى (1/ 57)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (35/ 234 و 235). [التحفة (6/ 397/ 9499)، الإتحاف (10/ 427/ 13084)، المسند المصنف (19/ 200/ 8843)].
• وقد رواه أيضًا بدون موضع الشاهد:
أبو إسحاق السبيعي [وعنه: سفيان الثوري، وشعبة، وإسرائيل، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وزكريا بن أبي زائدة، وورقاء بن عمر، والمغيرة بن مسلم، ومعمر بن راشد، وزيد بن أبي أنيسة]؛ وعبد الله بن مرة [وعنه: الأعمش]، وعدي بن ثابت [ولا يثبت عنه، ففي
الإسناد إليه: يوسف بن خالد السمتي، وهو: متروك، ذاهب الحديث، كذبه ابن معين والفلاس وأبو داود، ورماه ابن حبان بالوضع. انظر: التهذيب (4/ 454) وغيره]:
عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"لو كنت متخذًا من أمتي أحدًا خليلًا، لاتخذت أبا بكر". لفظ أبي إسحاق.
ولفظ عبد الله بن مرة: "ألا إني أبرأ إلى كل خلٍّ من خلِّه، ولو كنت متخذًا خليلًا، لاتخذت أبا بكر خليلًا، إن صاحبكم خليل الله ".
أخرجه مسلم (2383)، وأبو عوانة (18/ 388 - 390/ 1008 - 10513)، والترمذي (3655)، وقال:"هذا حديث حسن صحيح "، والنسائي في الكبرى (7/ 294/ 8051)، وابن ماجه (93)، وابن حبان (15/ 270/ 6855)، وأحمد في المسند (/ 1/ 377 3580) و (1/ 389/ 3689) و (1/ 408/ 3878) و (1/ 459/ 3880) و (1/ 412/ 3909) و (1/ 433/ 4121) و (1/ 434/ 4136) و (1/ 437/ 4161) و (1/ 455/ 4354)، وفي فضائل الصحابة (69 و 155 - 160 و 192)، وابنه عبد الله في زياداته على الفضائل (587 و 658 و 671)، والطيالسي (298)، وعبد الرزاق (11/ 228/ 20398)، والحميدي (113)، وعفان بن مسلم في حديثه (42)، وابن سعد في الطبقات (3/ 176)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 348/ 31923)، وفي المسند (248)، والبلاذري في أنساب الأشراف (10/ 65 و 66)، وابن أبي عاصم في السُّنَّة (1226)، والبزار (5/ 420/ 2053) و (5/ 435/ 2072)، وأبو يعلى (9/ 111/ 5180) و (9/ 208/ 5308)، والطحاوي في المشكل (3/ 35/ 99) و (3/ 38/ 1004 و 1055) و (3/ 40/ 1008)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (721 و 722 و 725 و 726)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 724/ 1468)، والطبراني في الأوسط (2/ 103/ 1393) و (8/ 185/ 8347)، وابن عدي في الكامل (8/ 496 - ط العلمية)، وأبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد (275)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (659)، والدارقطني في العلل (5/ 11/ 680)، وابن شاهين في شرح مذاهب أهل السُّنَّة (88)، وابن بطة في الإبانة (9/ 681 - 685/ 186 - 188) و (9/ 689/ 190)، وابن ثرثال في جزئه (74)(225 - الفوائد لابن منده)، وأبو نعيم في فضائل الخلفاء الراشدين (20)، والبغوي في شرح السُّنَّة (14/ 77/ 3866) و (14/ 78/ 38674)، وفي التفسير (2/ 292)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (30/ 230 - 234 و 236 - 240 و 253) و (41/ 458)، وفي المعجم (58 و 195 و 562 و 1887، وغيرهم. [وانظر: علل الدارقطني (5/ 318/ 10)] [التحفة (6/ 396/ 9498) و (6/ 403/ 9513)، الإتحاف (10/ 247/ 13084)، المسند المصنف (19/ 200/ 8843)].
* وانظر فيمن وهم في إسناده على شعبة والثوري: ما أخرجه الدارقطني في العلل (30/ 229/ 236)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 225)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (30/ 229 و 236).
* ولذلك فإن مسلمًا قد أخرج حديث جرير وحذف منه هذه الزيادة الشاذة عمدًا؛ لعدم ثبوتها:
قال مسلم في صحيحه (2383/ 6): حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم -قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران-: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن واصل بن حيان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا، لاتخذت ابن أبي قحافة خليلًا، ولكن صاحبكم خليل الله ".
• وأخرجه أيضًا بدون الزيادة: البزار (5/ 419/ 2052)، وأبو عوانة (18/ 387/ 10507)، وابن بطة في الإبانة (9/ 688/ 189)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (7/ 1349/ 2409). [التحفة (6/ 397/ 9499)، الإتحاف (10/ 427/ 13084)].
من طريق: أبي خيثمة زهير بن حرب، وزكريا بن عدي، ويوسف بن موسى القطان: عن جرير به، بدون الزيادة.
قال البزار: "ولا نعلم روى ابن أبي الهذيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله؛ إلا هذا الحديث".
قلت: جرير بن عبد الحميد: كوفي، ثقة، صحيح الكتاب، قال أبو الوليد الطيالسي بأنه لم ير أحدًا أروى عن مغيرة من جرير [التهذيب (1/ 297)، الجرح (2/ 507)].
قلت: تصرف مسلم يدل على شذوذ هذه الزيادة التي تفرد بها جرير، فقد حذفها مسلم عمداً، لتفرد جرير بها، وأنه لم يتابع عليها، لا عن شيخه مغيرة مع كثرة أصحابه، ولا عن واصل بن حيان، ولا عن عبد الله بن أبي الهذيل، بل رواه إسماعيل بن رجاء عن عبد الله بن أبي الهذيل بدونها، ثم رواه أبو إسحاق السبيعي، وعبد الله بن مرة: عن أبي الأحوص بدونها.
ولا أستبعد أن يكون دخل لجرير حديث في حديث، والله أعلم.
هـ- وروي موقوفًا على ابن مسعود، قوله: نزلت الكتب من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، وفي رواية: إن القرآن نزل على نبيكم صلى الله عليه وسلم من سبعة أبواب، على سبعة أحرف -أو قال: حروف-، وإن الكتاب قبله كان ينزل من باب واحد على حرف واحد [أخرجه النسائي في الكبرى 71/ 244/ 7930)، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 219) و (7/ 141)، وأحمد (1/ 445)، وابنه عبد الله في العلل ومعرفة الرجال (2/ 575 و 3723/ 576 - 3725)، وابن شبة في تاريخ المدينة (3/ 1006)، وابن أبي داود في المصاحف (82)، والطحاوي في شرح المشكل (8/ 108/ 3094)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (881)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 142)، [التحفة (6/ 410/ 9534)، الإتحاف (10/ 445/ 13140)، المسند المصنف (19/ 27/ 8727)، [وانظر: الجرح والتعديل (6/ 148)، علل الدارقطني (5/ 237/ 846)][وإسناده لا يحتمل هذا، فإن فلفلة الجعفي: فيه جهالة].
و- وروي عنه مرفوعًا بلفظ: "كان الكتاب الأول نزل من باب واحد، على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب، على سبعة أحرف: زاجر وآمر، وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا بالله، كل من عند ربنا" [أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (346)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 62)، والطحاوي في شرح المشكل (8/ 115/ 3102) و (8/ 116/ 3103)، وابن حبان (3/ 20/ 745)، والآجري في الأربعين (9)، والطبراني في الكبير (9/ 26/ 8296)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (80)(695 - المخلصيات)، والحاكم (1/ 553)(2/ 589/ 2054 - ط الميمان) و (2/ 289)(4/ 132/ 3181 - ط الميمان)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 275)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (557)، والشجري في الأمالي الخميسية (441 - ترتيبه)، [الإتحاف (10/ 518/ 13325)، المسند المصنف (19/ 29/ 8728)، [اختلف في إسناده على عقيل بن خالد، والصواب: إرساله، قال أبو عبيد:"وليس هذا من ذلك في شيء"، وقال الطحاوي:"وكان أهل العلم بالأسانيد يدفعون هذا الحديث لانقطاعه في إسناده، ولأن أبا سلمة لا يتهيأ في سنه لقاء عبد الله بن مسعود، ولا أخذه إياه عنه"، وقال الدارقطني في العلل (13/ 136/ 3011):"ومن قال فيه: عن سالم عن أبيه، فقد وهم "، وقال ابن عبد البر: "وهذا حديث عند أهل العلم لا يثبت؛ لأنه يرويه حيوة عن عقيل عن سلمة هكذا، ويرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم-مرسلًا، وأبو سلمة: لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة: ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر،
…
"؛ وقال ابن حجر في الإتحاف: " أخرجه ابن عبد البر في التمهيد من طريق: الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة مرسلًا، قال: وهو أشبه، قال: والأول لا يثبت؛ لأن أبا سلمة لم يدرك ابن مسعود"، ورد تصحيح ابن حبان والحاكم له في الفتح (9/ 29)، وقال: "وفي تصحيحه نظر؛ لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود"].
ز- وروي خلافه من قول ابن مسعود، ولا يثبت أيضًا [قال ابن مسعود: إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف: حلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فاحل الحلال، وحرم الحرام، واعمل بالمحكم، وآمن بالمتشابه، واعتبر بالأمثال] [أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (129)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 64)، وابن المنذر في التفسير (1/ 133/ 1 26)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (368)، [وفي إسناده: الأحوص بن حكيم، وهو: ضعيف، يروي مناكير، وهذا منها].
ح- كما قد روي من وجه آخر شديد الوهاء [أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 26)، [تفرد به عن زبيد عن علقمة عن ابن مسعود: علي بن أبي علي اللهبي المدني، وهو: متروك، منكر الحديث. اللسان (5/ 566)،
[وأخرجه مطولًا: أحمد (1/ 405/ 3845)، والطبراني في الكبير (10/ 119/ 10076)، والبيهقي في الشعب (4/ 371/ 2074)][المسند المصنف (19/ 35/ 8732)، [وفي إسناده رجل مبهم][ولفظه عند أحمد: لما أراد عبد الله أن يأتي المدينة جمع أصحابه، فقال: والله إني لأرجو أن يكون قد أصبح اليوم فيكم من أفضل ما أصبح في أجناد المسلمين من الدين والفقه والعلم بالقرآن، إن هذا القرآن أنزل على حروف، والله إن كان الرجلان ليختصمان أشد ما اختصما في شيء قط، فإذا قال القارئ: هذا أقرأني، قال: "أحسنت "، وإذا قال الآخر، قال: "كلاكما محسن"، فاقرأنا: لا إن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، والكدب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، واعتبروا ذاك بقول أحدكم لصاحبه: كذب وفجر، وبقوله إذا صدقه: صدقت وبررت "، إن هذا القرآن، لا يختلف ولا يستشن، ولا يتفه لكثرة الرد، فمن قرأه على حرف، فلا يدعه رغبة عنه، ومن قرأه على شيء من تلك الحروف، التي علم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدعه رغبة عنه، فإنه من يجحد بآية منه، يجحد به كله، فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه: اعجل، وحيَّ هلا، والله لو أعلم رجلًا أعلم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم مني لطلبته، حتى أزداد علمه إلى علمي، إنه سيكون قوم يميتون الصلاة، فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم تطوعاً، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعارض بالقرآن في كل رمضان، وإني عرضت في العام الذي قبض فيه مرتين، فأنبأني أني محسن، وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة].
ط- وأخرجه أيضًا من وجه آخر: الطبراني في الكببر (10/ 252/ 10473)[وفي سنده: محمد بن الفضل بن عطية، وهو: متروك الحديث، كذاب، روى أحاديث موضوعة. التهذيب (3/ 675)، الميزان (4/ 6)].
[والمحفوظ منه: ما رواه عبدة بن سليمان -واللفظ له-، وحفص بن غياث، وجرير بن عبد الحميد، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وزائدة بن قدامة، وعبد الواحد بن زياد، وعبد ربه بن نافع أبو شهاب الحناط، وغيرهم:
عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله، أنه قال:{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161]، ثم قال: على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟ فلقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحدًا أعلم مني لرحلت إليه، قال شقيق: فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فما سمعت أحدًا يرد ذلك عليه، ولا يعيبه. وألفاظهم متفاوتة، يزيد بعضهم على بعض.
وفي رواية: خطبنا ابن مسعود فقال: كيف تأمروني أقرأ على قراءة زيد بن ثابت بعدما قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة، وإن زيدًا مع الغلمان له ذؤابتان.
أخرجه البخاري (5050)، ومسلم (2462)، واللفظ له، وأبو عوانة (19/ 29 - 31/ 10821 - 10823)، والنسائي في المجتبى (8/ 134/ 5064)، وفي الكبرى (7/ 250/
7943) و (8/ 321/ 9279)، وأحمد (1/ 611/ 3904)، وابن سعد في الطبقات (2/ 343)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 537)، والبلاذري في أنساب الأشراف (11/ 211]؛ والبزار (5/ 124/ 11708، وابن أبي داود في المصاحف (77 و 78)، والطحاوي في المشكل (14/ 234 و 523/ 5595)، والهيثم بن كليب في مسنده (588)، والطبراني في الكبير (9/ 72 - 73/ 8427 و 8428) و (9/ 48/ 8477)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (418 و 419)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1768/ 4477)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 135 و 136)، [التحفة (6/ 295/ 9257)، الإتحاف (10/ 250/ 12678 و 12679)، المسند المصنف (29/ 214/ 8856)].
* وانظر أيضًا: ما أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 40)، والدارقطني في الأفراد (2/ 58/ 4010 - أطرافه).
وما أخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 65)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (42/ 400)، [وهو موضوع على ابن مسعود].
8 -
عن معاذ بن جبل:
رواه محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى [صاعقة: ثقة حافظ]: ثنا علي بن ثابت الدهان، عن أسباط بن نصر، عن السدي، عن عبد خير، عن معاذ بن جبل، قال: أنزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف كلها شاف كاف.
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 150/ 312).
قلت: إسناده ليس بالقائم، عبد خير صاحب علي: لا يُعرف له سماع من معاذ بن جبل، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي: ليس به بأس، وقد ضُعِّف [التهذيب (1/ 158)].
وأسباط بن نصر: ليس بالقوي، تكلم في روايته عن السدي [التهذيب (1/ 109)، الميزان (1/ 175)، وهو كثير الخطأ، يقلب الأسانيد.
وعلي بن ثابت الدهان: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال البزار:"كوفي، غالٍ في التشيع "، وروى عنه جمع من الثقات، وقال ابن حجر:" صدوق "[كشف الأستار (1622)، التهذيب (3/ 146)، التقريب (548)].
9 -
عن زيد بن أرقم [أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 24)، والطبراني في الكبير (5/ 198/ 5078)، [وهو حديث باطل، تفرد به: عيسى بن قرطاس، وهو: متروك، كذبه الساجي، وقال ابن حبان: "كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل الاحتجاج به " التهذيب (3/ 366)].
10 -
عن أبي سعيد الخدري [أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 142/ 6033)][وهو حديث باطل من حديث الحسن البصري عن أبي سعيد، تفرد به عن الحسن: أبو حمزة ميمون الأعور القصاب الكوفي الراعي، وهو: ضعيف، تركه بعضهم. التهذيب (4/ 200)].
11 -
عن أنس بن مالك [أخرجه تمام في الفوائد (1651)، [إسناده واهٍ بمرة: زيد بن الحواري العمي: ضعيف، ومحمد بن الفضل بن عطية: متروك الحديث، كذاب، ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني: ضعيف، يروي عن مشايخه ما لا يتابع عليه. انظر: اللسان (7/ 428)].
12 -
عن عثمان بن عفان [أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (6/ 321/ 5933 - إتحاف الخيرة)، وأبو يعلى (6/ 321/ 5933 - إتحاف الخيرة)، [ولا يثبت؛ فإنه معضل].
* قال أبو عبيد: "قد تواترت هذه الأحاديث كلها على الأحرف السبعة، إلا حديثًا واحداً يروى عن سمرة"[فضائل القرآن (339)].
13 -
حديث سمرة بن جندب:
رواه عفان بن مسلم، وحجاج بن المنهال، وعبيد الله بن موسى العيشي [وهم ثقات]:
عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"نزل القرآن على ثلاثة أحرف".
أخرجه عفان في حديثه (361)، وعنه: أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (339)، وابن أبي شيبة (6/ 138/ 30124)(16/ 453/ 32125 - ط الشثري)، وأحمد (5/ 22)، والبزار (10/ 416/ 4563)، والطحاوي في المشكل (8/ 135/ 3119)، والطبراني في الكبير (7/ 206/ 6853)، وابن عدي في الكامل (3/ 52 - ط العلمية)، والحاكم (2/ 223)(3/ 443/ 2920 - ط الميمان)، وتمام في الفوائد (742)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (367)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 458). [الإتحاف (6/ 6112/50)، المسند المصنف (9/ 521/ 4653)].
قال أبو عبيد: "ولا نرى المحفوظ إلا السبعة؛ لأنها المشهورة".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة إلا حماد بن سلمة، ولا نعلم يروى هذا اللفظ إلا عن سمرة".
وقال ابن عدي: "وهذا الحديث لا أعلم يرويه بهذا الإسناد غير حماد بن سلمة، وقال: على ثلاثة أحرف، ولم يقله غيره ".
وقال الحاكم: "قد احتج البخاري برواية الحسن عن سمرة، واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة، وهذا الحديث صحيح وليس له علة".
* قلت: بل له علة ظاهرة، فقد اختلف أصحاب حماد عليه:
فقد رواه بهز بن أسد [وهو: ثقة ثبت، قال أحمد: "إليه المنتهى في التثبت "، وقال العجلي: "بصري، ثقة ثبت في الحديث، وهو أثبت الناس في حماد بن سلمة". الجرح والتعديل (2/ 431)، التهذيب (1/ 251)]: حدثنا حماد بن سلمة: أخبرنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال:"نزل القرآن على سبعة أحرف".
أخرجه أحمد (5/ 16)(9/ 4658/ 20496 - ط المكنز). [الإتحاف (6/ 50/ 6112)، المسند المصنف (9/ 521/ 4653)].
قلت: لعل حمادأ روجع فيه فرجع، فإن قيل: يشكل عليه أنه روي من صحيفة سمرة التي رواها عنه بنوه باللفظ الأول:
• فقد رواه خالد بن يوسف: حدثني أبي:
ورواه مروان بن جعفر السمري: ثنا محمد بن إبراهيم بن خبيب:
عن جعفر بن سحد: ثثا خبيب بن سليمان، عن أبيه، عن سمرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نقرأ القرآن كما أقرأناه، وقال:"أنزل القرآن على ئلاثة أحرف، فلا تختلفوا فيه ولا تجافوا عنه، فإنه مبارك كله، اقرؤوه كلما أقرئتموه ".
أخرجه البزار (10/ 450/ 4612)، والطبراني في الكبير (7/ 254/ 7032).
قلت: يوسف بن خالد، هو: السمتي، متروك، ذاهب الحديث، كذبه غير واحد [انظر: التهذيب (4/ 454) وغيره]؛ وابنه خالد: أصلح حالًا منه؛ فقد ضُعِّف، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه"[انظر: اللسان (3/ 350) وغيره]، فهذه الطريق لا يعتمد عليها، ولا تصلح للاعتبار.
ومروان بن جعفر السَّمُري: روى صحيفة سمرة، روى عنه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، وقال أبو حاتم:"صدوق، صالح الحديث"، فلا عبرة بعد ذلك بقول الأزدي:"يتكلمون فيه"[الجرح والتعديل (8/ 276)، طبقات ابن سعد (6/ 417)، تاريخ الإسلام (17/ 360)، الميزان (4/ 89)، اللسان (8/ 128].
ومحمد بن إبراهيم بن خبيب بن سليمان بن سمرة: ترجم له البخاري وابن أبي حاتم بروايته لرسالة سمرة بهذا الإسناد، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات؛ إلا أنه قال:"لا يعتبر بما انفرد به من الإسناد"[التاريخ الكبير (1/ 26)، الجرح والتعديل (7/ 186)، الثقات (9/ 58)، المؤتلف للدارقطني (2/ 632)، اللسان (6/ 1477]؛ وعلى هذا فهو صالح فيما رواه بهذا الإسناد وتوبع عليه.
قلت: ففي الجملة: فهذا إسناد جيد في المتابعات، وقد سبق تفصيل الكلام عن إسناد صحيفة سمرة هذا، عند الحديث السابق برقم (456)، وذكرت هناك كلام العلماء في هذه الصحيفة وإسنادها، والحاصل: أن الذي يترجح عندي في هذا الإسناد: أنه إسناد صالح في الشواهد والمتابعات، لا ينهض على انفراده بإثبات حكم، أو تثبت به سنة، فإن جاء بمخالفة ما صح فهو منكر، وانظر أيضًا ما تقدم برقم (675 و 845 و 975 و 1001 و 1057)].
وعليه: فهو حديث منكر بلفظ الثلاث، ولعل المحفوظ فيه: رواية بهز عن حماد بلفظ السبع، حيث صحت الأحاديث بذلك، قال أبو عبيد:"ولا نرى المحفوظ إلا السبعة؛ لأنها المشهورة"، والله أعلم.
14 -
ثم وجدت في الباب حديثًا في الأحرف العشرة:
رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (4/ 448/ 1479)، بإسناد مجهول: إلى أبي حمزة السكري [محمد بن ميمون المروزي: ثقة مشهور، ذهب بصره في آخر عمره]؛ عن زكريا بن حكيم، عن الشعبي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على عشرة: بشيرًا ونذيرًا، وناسخًا ومنسوخًا، ومحكمًا ومتشابهًا، وعظةً ومثلًا، وحلالًا وحرامًا، فمن ابتشر ببشيره، وانتذر بنذيره، وعمل بناسخه، وآمن بمنسوخه، واقتصر على محكمه، ورد علم متشابهه إلى عالمه، واتعظ بعظته، واعتبر بمثله، وأحل حلاله، وحرم حرامه؛ فأولئك هم المؤمنون حقًا،
…
" في حديث طويل.
وهذا حديث باطل؛ تفرد به عن عامر بن شراحيل الشعبي دون بقية أصحابه على كثرتهم: زكريا بن حكيم الحبطي، وهو: هالك، ليس بشيء، ترك الناس حديثه [اللسان (3/ 505)].
* وانظر في المراسيل: ما أخرجه سعيد بن منصور (33 و 55). وابن أبي شيبة (6/ 137/ 30118)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 39 و 40 و 48 و 49)، وابن حزم في الإحكام (3/ 16)، [من مرسل عمرو بن دينار، وابن سيرين، وأبي العالية، وسعيد بن المسيب، والأعمش].
* ومما صح في اختلاف الصحابة في أحرف القرآن، لكن بدون موضع الشاهد:
1 -
روى أبو بكر بن عياش، وحماد بن سلمة، وأبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري [وهم ثقات]؛ وأبو خالد الدالاني [هو: يزيد بن عبد الرحمن: كوفي، لا بأس به]؛ وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]:
عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة من الثلاثين، من آل حم، قال: يعني: الأحقاف، قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين، قال: فرحت إلى المسجد، فإذا رجل يقرؤها على غير ما أقرأني، فقلت: من أقرأك؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلت لآخر: اقرأها، فقرأها على غير قراءتي وقراءة صاحبي، فانطلقت بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن هذين يخالفاني في القراءة؟ قال: فغضب، وتمعَّر وجهه، وقال:"إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف"، -قال: قال زر: وعنده رجل- قال: فقال الرجل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما أقرئ، فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف، قال: قال عبد الله: فلا أدري أشيئًا أسره إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو علم ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: والرجل هو علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. لفظ أبي بكر بن عياش [عند أحمد].
وفي لفظ لحماد [عند أحمد]: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الأحقاف، وأقرأها رجلًا
آخر، فخالفني في آية، فقلت له: من أقرأكها؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وهو في نفر، فقلت: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ فقال: بلى، قال: قلت: فإن هذا يزعم أنك أقرأتها إياه كذا وكذا؟ فتغير [وفي رواية: فتمعَّر، وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل الذي عنده: ليقرأ كل رجل منكم كما سمع، فإنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف، قال: فواللّه، ما أدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بذلك، أم هو قاله؟.
ولفظ شيبان [عند الشاشي]: أتيت المسجد فجلست إلى أناس، وجلسوا إليَّ، فاستقرأت رجلًا منهم سورة، ما هي إلا ثلاثون آية، وهي حم الأحقاف، فإذا هو يقرأ حروفًا لا أقرؤها، فقلت: من أقرأك؟ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقرأت الآخر فإذا هو يقرأ حروفًا لا أقرؤها أنا وصاحبي، فقلت: من أقرأك؟ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقنا إليه، فأخذت بأيديهما حتى أتيت بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده رجل -يعني: عليًا- فقلت: يا رسول الله، إنا اختلفنا في قراءتنا، قال: فتغير وجهه حين ذكرت الاختلاف، فقال:"إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف"، فقال علي -فلا أدري أسرَّ إليه ما لم أسمع أو علم الذي في نفسه فتكلم به؟ -: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما عُلِّم.
ولفظ إسرائيل [عند الحاكم]: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة حم، ورحت إلى المسجد عشية، فجلس إلي رهط، فقلت لرجل من الرهط: اقرأ علي، فإذا هو يقرأ حروفًا لا أقرؤها، فقلت له: من أقرأكها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا عنده رجل، فقلت: اختلفنا في قراءتنا، وإذا وجه رسول الله قد تغير، ووجد في نفسه حين ذكرت له الاختلاف، فقال:"إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف ". ثم أسرَّ إلى علي، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما علم، فانطلقنا وكل رجل منا يقرأ حروفًا لا يقرؤها صاحبه.
وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1400).
* وأصله عند البخاري:
فقد روى آدم بن أبي إياس، وغندر محمد بن جعفر، وخالد بن الحارث، وعفان بن مسلم، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وحجاج بن محمد، وسليمان بن حرب، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وأبو داود الطيالسي، وبهز بن أسد، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعلي بن الجعد، والنضر بن شميل، وعبد الرحمن بن زياد الرصاصي، وغيرهم:
حدثنا شعبة: حدثنا عبد الملك بن ميسرة، قال: سمعت النزال بن سبرة الهلالي، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: سمعت رجلًا قرأ آية، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها، فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال:"كلاكما محسن، ولا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا".
أخرجه البخاري (2410 و 3476 و 5062)، والنسائي في الكبرى (7/ 289/ 8040)،
وإحمد (1/ 393/ 3724) و (1/ 411/ 3907) و (1/ 412/ 3958) و (1/ 456/ 4364)، والطيالسي (387)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (351)، وسعيد بن منصور (35)، وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 142/ 30170)، وفي المسند (332)، وأبو يعلى (9/ 171/ 5262) و (9/ 234/ 5341)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (464)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (2/ 251/ 770) و (2/ 202/ 771)، وأبو بكر الأنباري في حديثه (103)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (60 و 61)(96 و 97 - جامع البيان)، وابن حزم في الإحكام (5/ 66)، والخطيب في تلخيص المتشابه (2/ 805)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (37 و 38)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 506/ 1229)، والضياء المقدسي في فضائل القرآن (21). [التحفة (6/ 432/ 9591)، الإتحاف (10/ 496/ 13275)، المسند المصنف (19/ 30/ 8729)].
2 -
وروى حماد بن زيد: حدثنا أبو عمران الجوني، قال: كتب إليَّ عبد الله بن رباح الأنصاري؛ أن عبد الله بن عمرو قال: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، قال: فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يُعرف في وجهه الغضب، فقال:"إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب".
أخرجه مسلم (2666)، وأبو عوانة (20/ 302/ 11701)، والنسائي في الكبرى (7/ 290/ 8041) و (10/ 399/ 11830)، وأحمد (2/ 192/ 6801)، وسعيد بن منصور (36)، والبزار (6/ 451/ 2489)، والمحاملي في الأمالي (49 - رواية ابن مهدي الفارسي)، وأبو بكر الآجري في الشريعة (1/ 467)، والطبراني في الكبير (13/ 603/ 14519)، وفي الأوسط (3/ 53/ 2451)، وابن بطة في الإبانة (2/ 612/ 795)، وابن حزم في الأحكام (5/ 66)، والبيهقي في الشعب (4/ 362/ 2063)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (54)، والبغوي في الشمائل (284)، وابن عساكر في المعجم (1574)، والضياء المقدسي في فضائل القرآن (23). [التحفة (6/ 94/ 8839)، الإتحاف (9/ 547/ 11895)، المسند المصنف (17/ 409/ 8244)].
• والأحاديث الواردة في ذم الاختلاف في القرآن كثيرة، لكني اقتصرت منها على ما يتعلق بالباب في اختلاف الصحابة في أحرف القرآن، والله أعلم.
* ومما يتصل بالباب:
• ما رواه أبو داود الطيالسي، وعفان بن مسلم، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل، وسليمان بن حرب، وأسد بن موسى:
حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس؛ أن رجلًا كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه:{سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} ، كتب:{سَمِيعًا عَلِيمًا (148)} ، فإذا كان:{سَمِيعًا عَلِيمًا (148)} ، كتب:{سَمِيعًا بَصِيرًا (58)} ، وكان قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان من قرأهما فقد قرأ قرآنًا كثيرًا، قال: فتنصَّر الرجل، وقال: إنما كنت أكتب ما شئتُ عند محمد، قال:
فمات فدفن فلفظته الأرض، ثم دفن فلفظته الأرض، قال أنس: قال أبو طلحة: فأنا رأيته منبوذًاعلى ظهر الأرض. لفظ الطيالسي.
وفي حديث عفان [عند أبي عوانة]: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أملى على كاتب: {سَمِيعًا عَلِيمًا (148)} ، فكتب:{سَمِيعًا بَصِيرًا (2)} ، أو أملى عليه {عَلِيمًا حَكِيمًا (24)} ، فكتب:{عَلِيمًا حَلِيمًا (51)} قال: "دعه".
أخرجه الطيالسي (3/ 509/ 2132)، وأحمد (3/ 245)، وعبد بن حميد (1355)، وأبو عوانة (2/ 466/ 3848)، وابن أبي داود في المصاحف (38). [الإتحاف (1/ 467/ 474)، المسند المصنف (89/ 3/ 1292)].
• ورواه يزيد بن هارون، وخالد بن الحارث، وعبد الله بن بكر السهمي، ومعتمر بن سليمان، ويحيى بن أيوب، وغيرهم:
عن حميد، عن أنس: أن رجلًا كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وكان قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدَّ فينا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه {عَلِيمًا حَكِيمًا (24)} ، فيقول: أكتب: {سَمِيعًا بَصِيرًا (2)} ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:"اكتب كيف شئت"، وكان يملي عليه:{غَفُورًا رَحِيمًا (23)} ، فيقول: أكتب: {عَلِيمًا حَكِيمًا (24)} ، فيقول له:"اكتب ما شئت "، فارتد ذلك عن الإسلام ولحق بالمشركين، وقال: أنا أعلم بمحمد، أن كنت لأكتب كيف شئت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الأرض لا تقبله "، فمات فدفن فلم تقبله الأرض. قال أبو طلحة: فقدمت الأرض التي مات فيها فوجدته منبوذًا، فقلت: ما شأن هذا؟! قالوا: قد دفناه مرارًا فلم تقبله الأرض؟.
أخرجه ابن وهب في الجامع (2/ 21/ 32 - تفسير القرآن، رواية سحنون)، وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده (4/ 231/ 3469 - إتحاف الخيرة)، وأحمد بن منيع (4/ 231/ 3469 - إتحاف الخيرة)، وأحمد بن حنبل (3/ 120 و 121)، والبزار (13/ 159/ 6576)، وابن حبان (3/ 19/ 744)، والطحاوي في المشكل (8/ 239/ 3211) و (8/ 240/ 3212)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة (2392)، وابن عدي في الكامل (9/ 72 - ط العلمية)، والبيهقي في السنن الصغرى (1/ 357/ 1010)، وفي إثبات عذاب القبر (54)، والبغوي في شرح السُّنة (13/ 306/ 3725)، وإسماعيل الأصبهاني في دلائل النبوة (35). [الإتحاف (5/ 42/ 4924)، المسند المصنف (3/ 92/ 1293)].
• ورواه سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق هاربًا حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه، قالوا: هذا قد كان يكتب لمحمد، فأعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم، فحفروا له فوارَوه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له فواروه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذًا.
وعبد بن حميد (1279 و 1281)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (53)، وفي الدلائل (7/ 126). [التحفة (425)، الإتحاف (1/ 526/ 631)، المسند المصنف (3/ 89/ 1292)].
• وأصله أيضًا في البخاري بدون موضع الشاهد:
رواه عبد الوارث بن سعيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رجل نصرانيًا فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيًا، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم، نبشوا عن صاحبنا، فألقوه، فحفروا له فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه، فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا: أنه ليس من الناس، فألقوه.
هكذا بقصة الدفن ولفظ الأرض له، بدون موضع الشاهد.
أخرجه البخاري (3617)، وأبو يعلى (7/ 22/ 3919)، والطحاوي في المشكل (8/ 259/ 3226)، والبيهقي في الدلائل (7/ 127). [التحفة (1/ 494/ 1051)، المسند المصنف (88/ 3/ 1291)].
* وقد تأوله الطحاوي بأن هذا الرجل لم يكن يكتب القرآن، وإنما كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الكتب إلى الأمصار يدعوهم إلى الإسلام، فقال في شرح المشكل (8/ 241): "يحتمل أن يكون فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمليه على ذلك الكاتب من كتبه إلى الناس في دعائه إياهم إلى الله عز وجل، وفي وصفهم له ما هو جل وعز عليه من الأشياء التي كان يأمر ذلك الكاتب بها ويكتب الكاتب خلافها مما معناها معناها، إذ كانت كلها من صفات الله صلى الله عليه وسلم.
وقال في موضع آخر (8/ 260): "فبان بهذا الحديث بحمد الله أنه لم يكن من قريش ولا من الأنصار، وأنه كان نصرانيًا. فقال قائل: قد ذكرت قبل هذا الباب في كتابك هذا ما دفعت أن يكون هذا الرجل كان الذي يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكتب خلافه يمضيه له رسول الله صلى الله عليه وسلم من معنى ما أملى عليه معنى ما كتبه، وفي هذا الحديث أن ذلك الرجل كان يقول: ما يقرأ محمد إلا ما كتبت له، ففي ذلك ما قد دل أن الذي كان يكتبه للنبي صلى الله عليه وسلم كان من القرآن. فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه ليس في هذا الذي ذكره ما يجب أن يكون الذي كان يكتبه للنبي صلى الله عليه وسلم كان قرآنًا، إذ كان قد يحتمل أن يكون غير قرآن، مما كان يكتبه إلى من يدعوه إلى الله عز وجل من أهل الكفر، ثم يقرؤه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس الذين يحضرونه ليسمعوه ويعلموه، وليس ذلك على أنه كان يقرؤه بنفسه، ولكنه كان يقرؤه بامره، فيكون ذلك قراءة له، وليس كل مقروء قرآنًا، قال الله تعالى:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)} [الحاقة: 19] وقال عز وجل: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ
حَسِيبًا (14)} [الإسراء: 14]، في نظائر لذلك في القرآن كثيرة، يغني ما ذكرناه منها عن ذكر بقيتها، فعاد معنى ما في هذا الحديث إلى ما في الحديث الأول، وليس في واحد منهما ما قد دل على أن الذي كان يمليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الرجل فيكتب ذلك الرجل خلافه مما معناه معنى القرآن في واحد من ذينك الحديثين من القرآن، والله صلى الله عليه وسلم نسأله التوفيق".
قلت: كلام الطحاوي محتمل، لكن ثبت أن الرجل كان من بني النجار؛ كما في رواية سليمان بن المغيرة عند مسلم، ولا يمنع أن يكون قد تنصر قبلُ، والله أعلم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول (123): "والأحاديث في ذلك منتشرة تدل على أن من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن أن تختم الآية الواحدة بعدة أسماء من أسماء الله على سبيل البدل، يخير القارئ في القراءة بأيها شاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخيره أن يكتب ما شاء من تلك الحروف، وربما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم بحرف من الحروف، فيقول له: أو أكتب كذا وكذا، لكثرة ما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخير بين الحرفين، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: نعم كلاهما سواء؛ لأن الآية نزلت بالحرفين، وربما كتب هو أحد الحرفين، ثم قرأه على النبي صلى الله عليه وسلم فأقره عليه؛ لأنه قد نزل كذلك أيضًا، وختم الآي بمثل {سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)} و {عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)} و {غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)} أو بمثل {سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)} أو {عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)} " أو {عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} كثير في القرآن، وكان نزول الآية على عدة من هذه الحروف أمرًا معتادًا، ثم إن الله نسخ بعض تلك الحروف، لما كان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل رمضان، وكانت العرضة الأخيرة هي حرف زيد بن ثابت، الذي يقرأ الناس به اليوم، وهو الذي جمع عثمان والصحابة رضي الله عنهم أجمعين عليه الناس".
قلت: الحاصل: أن هذه الواقعة من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، وأن الله تعالى تولى الدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم، والذب عنه، وعن أمانته في تبليغ كتابه سبحانه، وبيان كذب دعوى هذا الأفاك الأثيم، حين قال: أنا أعلم بمحمد، أن كنت لأكتب كيف شئت، فإنه لم يكن يكتب ما يشاء هو، وإنما كان يكتب ما أذن الله في كتابته مما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم من الأحرف السبعة، كما أن تأويل الطحاوي محتمل للصواب أيضًا، والله أعلم.
* وقبل الشروع في تفسير الأحرف السبعة، أحب أن ألخص ما صح من أحاديث الباب، ورواياته، حسب ورودها على ترتيبها في البحث، مما يعين على فهم الأحرف السبعة:
1 -
الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبدٍ القاري، أنهما سمعا عمر بن الخطاب، يقول: مررت بهشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت قراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أن أساوره في الصلاة، فنظرته حتى سلم [وفي رواية عقيل ويونس: فتصبرت حتى سلم]؛ فلما سلم لبَّبته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي أسمعك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت له: كذبت، فوالله إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة التي تقرؤها، قال: فانطلقت أقوده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام "، فقرأ عليه القراءة التي سمعتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هكذا أنزلت "، ثم قال:"اقرأ يا عمر"، فقرأت القراءة التي أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"هكذا أُنزلت "، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسَّر".
2 -
الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أقرأني جبريل على حرفٍ فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدُني؛ حتى انتهى إلى سبعة أحرف".
3 -
همام بن يحيى، عن قتادة، عن يحيي بن يعمَر، عن سليمان بن صُرَد الخزاعي، عن أُبيِّ بن كعب، قال: قرأتُ آيةً، وقرأ ابن مسعود خلافها، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: "بلى"، فقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟ فقال: "بلى، كلاكما محسن مجمل "، قال: فقلت له [: ما كلانا أحسن، ولا أجمل]، [قال:] فضرب صدري، فقال:"يا أبي بن كعب، إني أقرئت القرآن، فقيل لي: على حرفٍ أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين، أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شافٍ كافٍ، إن قلت: غفورًا رحيمًا، أو قلت: سميعًا عليمًا، أو عليمًا سميعًا؛ فالله كذلك، ما لم تختم آيةَ عذابٍ برحمةٍ، أو آيةَ رحمةٍ بعدابٍ ".
4 -
إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صقير [ويقال: سقير] العبدي، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اقرأه على سبعة أحرف".
وفي رواية: عن أبي بن كعب، قال: سمعت رجلًا يقرأ، فقلت: من أقرأك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: انطلق إليه، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: استقرئ هذا، فقال:"اقرَه"، فقرأ، فقال:"أحسنت "، فقلت له: أولم تقرئني كذا وكذا؟ قال: "بلى، وأنت قد أحسنت "، فقلت بيديَّ: قد أحسنت مرتين، قال: فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدري، ثم قال:"اللَّهُمَّ أذهب عن أبيٍّ الشَّك"، ففِضتُ عرقًا، وامتلأ جوفي فرقًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبي، إن ملكين أتياني، فقال أحدهما: اقرأ على حرف، فقال الآخر: زده، فقلت: زدني، قال: اقرأ على حرفين، فقال الآخر: زده، فقلت: زدني، قال: اقرأ على ثلاثة، فقال الآخر: زده، فقلت: زدني، قال: اقرأ على أربعة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال: اقرأ على خمسة أحرف، قال الآخر: زده، قلت: زدني، قال: اقرأ على ستة، قال الآخر: زده، قال: اقرأ على سبعة أحرف، فالقرآن أنزل على سبعة أحرف".
5 -
شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أبي بن كعب؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاةِ بني غفار، قال: فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: "إن الله صلى الله عليه وسلم يأمرُك أن تَقرأَ
أمَّتُك القرآن على حرف"، فقال: "أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك "، ثم أتاه الثانية، فقال: "إن الله صلى الله عليه وسلم يأمرُك أن تَقرأ أُمَّتُك القرآن على حرفين"، فقال: " أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك"، ثم جاءه الثالثة، فقال: "إن الله صلى الله عليه وسلم يأمرُك أن تَقرأَ أُمَّتُك القرآن على ثلاثة أحرف"، فقال: "أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك "، ثم جاءه الرابعة، فقال: "إن الله يأمرك أن تَقرأَ أُمَّتُك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا".
6 -
عبد الوارث بن سعيد، عن محمد بن جحادة، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب؛ أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بأضاة بني غفار، فقال:"إن الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تُقرِئ أمَّتَك القرآن على حرف واحد"، فقال:"أسأل الله معافاته ومغفرته، سل لهم التخفيف، فإنهم لا يطيقون ذلك"،
…
فذكر الحديث، إلى أن قال:"إن الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تُقرِئ أمَّتَك القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ حرفًا منها فهو كما قال ".
7 -
إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن جده، عن أبي بن كعب، قال: كنت في المسجد، فدخل رجل يصلي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرآ، فحسَّن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما [وفي رواية: قال: "أصبتما"، [وفي رواية:"قد أحسنتم "]؛ فسُقِط في نفسي من التكذيب؛ ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري، ففِضتُ عرقًا وكأنما أنظر إلى الله صلى الله عليه وسلم فرقًا، فقال لي:"يا أُبيُّ! أرسل إليَّ أن: اقرأ القرْآن على حرف، فردَدتُ إليه أن: هوِّن على أمتي، فردَّ إليَّ الثانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه أن: هوِّن على أمتي، فردَّ إليَّ الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكل ردَّة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللَّهُمَّ اغفر لأمتي، اللَّهُمَّ اغفر لأمتي، وأخرتُ الثالثة ليوم يرغب إليَّ [فيه] الخلقُ كلُّهم، حتى إبراهيمُ صلى الله عليه وسلم ".
8 -
عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المرائي، فقال:"يا جبريل إني بعثت إلي أمة أمية فيهم العجوز والشيخ، والغلام والجارية، والرجل الفاني؛ الذي لم يقرأ كتابًا قط "، قال:"فقال جبريل: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف".
وفي رواية: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال: لأيا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين، فيهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل العاسي الذي لم يقرأ كتابًا قط "، فقال: "يا محمد القرآن أنزل على سبعة أحرف ".
9 -
عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: أقرأني
رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة من الثلاثين، من آل حم، قال: يعني: الأحقاف، قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين، قال: فرحت إلى المسجد، فإذا رجل يقرؤها على غير ما أقرأني، فقلت: من أقرأك؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلت لآخر: اقرأها، فقرأها على غير قراءتي وقراءة صاحبي، فانطلقت بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن هذين يخالفاني في القراءة؟ قال: فغضب، وتمعَّر وجهه، وقال:" إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف "،- قال: قال زر: وعنده رجل -قال: فقال الرجل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما أقرئ، فإنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف، قال: قال عبد الله: فلا أدري أشيئًا أسره إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو علم ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: والرجل هو علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
10 -
حميد الطويل، عن أنس بن مالك، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"نزل [وفي رواية: اقرأ] القرآن على سبعة أحرف، كلها كافٍ شافٍ".
وفي رواية: عن أبي بن كعب، قال: ما حكَّ في صدري شيء منذ أسلمت إلا أني قرأت آيةً، وقرأها آخرُ غيرَ قراءتي، فقلت: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أقرأتني كذا وكذا، قال:"نعم "، وقال الآخر: ألم تقرئني كذا وكذا؟ قال: "نعم "، فقال:"إن جبريل وميكائيل أتياني، فقعد جبريل عن يميني، وقعد ميكائيل عن يساري، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعةَ أحرفٍ، كلّ حرفٍ شافٍ كافٍ ".
11 -
حماد، قال: أخبرنا حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت؛ أن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف".
وفي رواية: أن أبي بن كعب، قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم آية، وأقرأها آخر غير قراءة أبي، فقلت: من أقرأكها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: والله لقد أقرأنيها كذا وكذا، قال أبي: فما تخلَّج في نفسي من الإسلام ما تخلَّج يومئذ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال:"بلى"، قال: فإن هذا يدعي أنك أقرأته كذا وكذا، فضرب بيده في صدري، فذهب ذاك، فما وجدت منه شيئًا بعد، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أتاني جبريل وميكائيل، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، قال: اقرأه على حرفين، قال: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، قال: كلٌّ شافٍ كافٍ".
12 -
عفان بن مسلم: حدثنا شعبة: أخبرني موسى بن أنس، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنزل القرآن على سبعة أحرف".
13 -
يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد مولى الحضرمي، عن أبي جهيم الأنصاري؛ أن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تماريا في آية من القرآن، كلاهما يزعم أنه تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشيا جميعًا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلاهما ذكر
لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمعها منه، فذكر [أبو جهيم] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تتماروا في القرآن، فإن مراءً فيه كفرٌ".
14 -
يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص؛ أن رجلًا قرأ آية من القرآن، فقال له عمرو: إنما هي كذا وكذا، لغبر ما قرأها الرجل، قال الرجل: هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتياه، فقال: يا رسول الله، إنه قرأ كذا وكذا، فقرأها عليه، فقال:"صدقت "، فقال الآخر: أليس أقرأتنيها على نحو ما قرأها على صاحبه، فرد صاحبه عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بلى؛ أنزل القرآن على سبعة أحرف، فأيَّ ذلك قرأتَ فقد أصبت، فلا تتماروا فيه فإن مراء فيه كفر".
15 -
سفيان بن عيينة، قال: ثنا عبيد الله بن أبي يزيد، قال: سمعت أبي، يقول: نزلْتُ على أم أيوب الأنصارية، فأخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نزل القرآن على يبعة أحرف، أيها قرأت أصبت ". وفي رواية: "أجزأك".
16 -
محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُنزل القرآن على سبعة أحرفٍ، ومراءُ في القرآن كفر".
17 -
أنس بن عياض: حدثني أبو حازم، عن أبي سلمة، لا أعلمه إلا عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نزل القرآن على سبعة أحرف، المراء في القرآن كفر"، ثلاث مرات، "فما عرفتم منه فاعملوا، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه".
18 -
محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرؤوا ولا حرج، غير أن لا تجمعوا بين ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة".
19 -
سفيان الثوري، عن إبراهيم بن مهاجر، عن ربعي بن حراش، قال: حدثني من لم يكذبني؛ يعني: حذيفة، قال: لقي النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل وهو عند أحجار المراء، فقال:" إن أمتك يقرؤون القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم، ولا يرجع عنه "، وفي رواية:"إن من أمتك الضعيف، فمن قرأ على حرف فلا يتحول منه إلى غيره رغبةً عنه ".
20 -
أبو غسان مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا هريم بن سفيان البجلي، عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: نزل القرآن على سبعة أحرف. موقوفًا على ابن مسعود قوله.
* ومما قيل في تفسير الأحرف السبعة:
قال الزهري: "إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد، وليس يختلف في حلال ولا حرام "[تقدم برقم (1476)].
وقال سفيان بن عيينة: "السبعة الأحرف كقولهم: هلمَّ، أقبلْ، تعالَ، أيَّ ذلك قلت أجزاك "، وقاله ابن وهب [التمهيد (8/ 1293].
وقال أبو عبيد: "قوله: "سبعة أحرف" يعني: سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، هذا لم يسمع به قط، ولكن يقول: هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن: فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة.
ومما يبين لك ذلك قول ابن مسعود؛ [قال أبو عبيد]: حدثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: إني قد سمعت القراء، فوجدتهم متقاربين، فاقرؤوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم: هلم، وتعال.
وكذلك قال ابن سيرين: إنما هو كقولك: هلم، وتعال، وأقبل، ثم فسره ابن سيرين، فقال في قراءة ابن مسعود:"إن كانت إلا زَقيةً واحدة"، وفي قراءتنا:{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [يس: 29] والمعنى فيهما واحد، وعلى هذا سائر اللغات لا أغريب الحديث لأبي عبيد (2/ 642 - 644)، [وانظر كلامه أيضًا في فضائل القرآن (339 - 347)].
قلت: أثر ابن مسعود: أخرجه أيضًا عبد الرزاق في تفسيره (2/ 210/ 1293)] وسعيد بن منصور في السنن (34)، وابن أبي شيبة (6/ 127/ 30028)، وابن شبة في تاريخ المدينة (3/ 1007)، وأبو بكر ابن أبي مريم فيما رواه من حديث الفريابي عن الثوري (249)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 46) و (13/ 77)، وابن مجاهد في السبعة (47)، وابن أبي حاتم في تفسيره (7/ 2121/ 11465)، وأبو القاسم الزجاجي في أخباره (41)، والطبراني في الكبير (9/ 149/ 8680)، وفي الأوسط (2/ 109/ 1409)، والبيهقي في السنن (2/ 385)، وفي الشعب (4/ 369/ 2072)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 322 - ط الغرب)، وفي تلخيص المتشابه (2/ 878).
ولفظه عند البيهقي: سمعت القراء فوجدناهم متقاربين، اقرؤوا ما عُلِّمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، فإنما هو كقول أحدهم: هلم، وتعال، وأقبل.
أخرجوه من طريق: الثوري، وشعبة، وأبي معاوية، وحفص بن غياث، وزائدة بن قدامة، وعبد الله بن نمير، وسفيان بن عيينة، وحمزة الزيات، وعبد الرحمن بن مغراء، عن الأعمش به؛ فهو صحيح موقوفًا على ابن مسعود قوله، وهو أصح وأعلى ما في الباب في تفسير معنى الأحرف السبعة، وأنها: ألفاظٌ مختلفة بمعانٍ متقاربة، وفيه رد مفحم على زعم من زعم أن مصحف عثمان استوعب الأحرف السبعة، وابن مسعود يقول بأنه وجد ما مع القراء من الاختلاف في الأحرف مثل اختلاف العرب في استدعاء الشخص بقولهم: هلم، فإن قال: تعال، فهو بمعناه، وإن اختلفت حروف الكلمة ولفظها، وكذلك لو قال له: أقبل، فهو بمعناه أيضًا، والاختلاف في الأحرف على أصناف كثيرة، لكنه أراد أن يضرب مثالًا بأوضحها بيانًا في الاختلاف في الكلم، وأنه ليس فقط في الإعراب، أو الجمع والإفراد، أو التذكير والتأنيث، أو تبديل أدوات العطف، أو التشديد والتخفيف، أو التقديم والتأخير، أو الحذف والإثبات، أو النهي والنفي، أو الأمر والإخبار، أو التحريك
والتسكين، أو الإظهار والإدغام، أو المد والقصر، أو الفتح والإمالة، أو الإسكان والروم والأشمام وهاء السكت، أو الهمز والتسهيل والإبدال والنقل، ونحو ذلك من وجوه اختلاف القراءات، وكذلك هي لغات العرب، وعلى هذا فإن القول بان الأحرف السبعة هي ألفاظ مختلفة بمعان متقاربة، هو من باب تفسير الكل بالبعض، فإن هذه الأصناف التي اشتملت عليها وجوه القراءات المشهورة هي جزء من الأحرف السبعة، وهي تمثل أيضًا ضروب اختلاف لغات العرب ولهجاتهم، فليس الاختلاف في لغات العرب مقصورًا فقط على المترادفات اللفظية، بل هو يشمل جميع الوجوه المذكورة، فدل ذلك على صحة القولين جميعًا، والله أعلم.
كذلك فإن ما ثبت عن ابن مسعود وأبي الدرداء في سورة الليل يؤكد هذا المعنى، فقد روى علقمة، قال: لقيت أبا الدرداء، فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من أهل العراق، قال: من أيهم؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: هل تقرأ على قراءة عبد الله بن مسعود؟ قال: قلت: نعم، قال: فاقرأ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} ، قال: فقرأت "والليل إدْا يغشى والنهار إذا تجلى "والذكر والأنثى "، قال: فضحك، ثم قال: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها [وهو حديث متفق على صحته. أخرجه البخاري (3742 و 3743 و 3761 و 4943 و 4944 و 6278)، ومسلم (824)، [المسند المصنف (27/ 176/ 12212)]؛ وهذا من الاختلاف في الحذف والإثبات.
وقد صح عن ابن مسعود في حروف القرآن ما يخالف الرسم في مواضع من القرآن [انظر مثلًا: المسند المصنف (19/ 35 - 40/ 8732 - 8735)]؛ وكذلك ما نقل عنه وعن غيره من الصحابة مما يخالف رسم المصحف، وكذلك إنكار ابن مسعود لكون المعوذتين من القرآن [فقد روى زر بن حبيش، قال: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين، فقلت: يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يحكُّهما من المصحف، قال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "قيل لي: قل، فقلت "، فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم][تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1463)، وهو حديث صحيح]؛ وكذلك إنكاره على من يريد إلزامه بحرف زيد بن ثابت [فقد روى الأعمش، عن أبي وائل، قال: خطبنا ابن مسعود فقال: كيف تأمروني أقرأ على قراءة زيد بن ثابت بعدما قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة، وإن زيدًا مع الغلمان له ذؤابتان. تقدم ذكره في طرق حديث ابن مسعود، وأصله متفق عليه]؛ إضافة إلى قول مالك والذي يقتضي اختلاف رسم مصحف ابن مسعود عن مصحف عثمان في الرسم والحرف [كقوله: أنه لا يُقرأ بحرف ابن مسعود لأنه خلاف ما في مصحف عثمان، وقوله في المصحف بقراءة ابن مسعود: أرى أن يمنع الناس من بيعه ويضرب من قرأ به ويمنع من ذلك. راجع الاستذكار (2/ 486)، التمهيد (8/ 293)].
والجواب عن هذا كله، أن ابن مسعود قرأ لنفسه وخاصته بحرفه المخالف لحرف زيد بن ثابت، والمخالف لرسم مصحف عثمان، كما نقل ذلك عنه علقمة عندما لقي أبا
الدرداء بالشام، وكما هو مبثوث في كتب التفسير والقراءات من حرف ابن مسعود المغاير لحرف زيد ومصحف عثمان، لكنه لما أقرأ الناس القرآن أقرأهم بما يوافق خط زيد الذي كنبه في مصحف عثمان، ولم يخالف إجماع الصحابة، وذلك كما في قراءة شعبة -أبي بكر بن عياش- عن عاصم عن زر عن ابن مسعود، وكما في قراءة حمزة والكسائي وخلف، وبهذا يظهر أن هناك حروفًا تركت لأجل مصحف عثمان، لأجل جمع كلمة المسلمين على حرف واحد، ولئلا يقع بينهم الاختلاف والتنازع، ولكون المعنى الذي لأجله شرعت الأحرف السبعة قد ارتفع بسبب تعلم الناس الكتابة، وسهل عليهم تعلم لغة قريش والالتزام بها، بخلاف ما كان يشق عليهم وقت توسعة الله عليهم بأن يقرؤوا ما تيسر لهم من الأحرف السبعة المنزلة، وعلى هذا ينزل قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك "؛ يعني: وقت تنزل القرآن، ودخول قبائل العرب في الإسلام، والله أعلم.
وقال ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 41) بأن الأحرف السبعة اختلاف ألفاظ مع اتفاق المعاني، وقد أطال جدًا في التدليل على ذلك، وأن اختلاف الصحابة وترادهم لو كان يرجع إلى التحليل والتحريم، والوعد والوعيد، في الموضع الواحد لدل على التناقض المنزه عنه القرآن، والذي نفاه الله تعالى بقوله:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} [النساء: 82].
إلى أن قال بعد حديث أبي بكرة (1/ 45): "فقد أوضح نص هذا الخبر أن اختلاف الأحرف السبعة، إنما هو اختلاف ألفاظ، كقولك: هلم وتعال، باتفاق المعاني، لا باختلاف معانٍ موجبةٍ اختلافَ أحكام، وبمثل الذي قلنا في ذلك، صحت الأخبار عن جماعة من السلف والخلف ".
ولكون ابن جرير كان قد استوعب الآثار الواردة في هذا الباب، وأطال في الرد على مخالفيه، قال في تهذيب الآثار (2/ 778 - مسند عمر):"وهذا خبر قد بينا معناه، وذكرنا طرقه عن عمر وموافقيه، في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينا اختلاف المختلفين في معناه، والعلل المفسدة قولَ من خالف قولنا فيه، باستقصاء ذلك في كتابنا المسمى (جامع البيان عن تأويل آي القرآن "، فكرهنا تطويل الكتاب بإعادته في هذا الموضع، فمن أراد معرفة معانيه وما فيه فليلتمسه هناك يجده إن شاء الله مشروحًا".
وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (1/ 42): "وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولًا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي، نذكر منها في هذا الكتاب خمسة أقوال: الأول: وهو الذي عليه أكثر أهل العلم؛ كسفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، والطبري، والطحاوي، وغيرهم: أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم ".
وقال الآجري في الشريعة (1/ 471): "نزل هذا القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبعة
أحرف، ومعناها: على سبع لغات، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقن كل قبيلة من العرب القرآن على حسب ما يحتمل من لغتهم، تخفيفًا من الله تعالى بامة محمد صلى الله عليه وسلم ".
وقال مكي بن أبي طالب في الإبانة عن معاني القراءات (59): "فإن سأل سائل، فقال: ما الذي تفيد قراءة القرآن على أكثر من حرف لمن قرأ على أكثر من حرف؟
فالجواب: أن الله عز وجل لم يجعل على عباده حرجًا في دينهم، ولا ضيق عليهم فيما افترض عليهم، وكانت لغات من أنزل عليهم القرآن مختلفة، ولسان كل صاحب لغة لا يقدر على رده إلى لغة أخرى إلا بعد تكلف ومؤونة شديدة، فيسر الله عليهم أن أنزل كتابه على سبع لغات متفرقات في القرآن بمعان متفقة ومختلفة، ليقرأ كل قوم على لغتهم، وعلى ما يسهل عليهم من لغة غيرهم، وعلى ما جرت به عادتهم، فقوم جرت عادتهم بالهمز، وقوم بالتخفيف، وقوم بالفتح، وقوم بالإمالة، وكدلك الإعراب واختلافه في لغاتهم، والحركات واختلافها في لغاتهم، وغير ذلك، فتفصَّح كل قوم وقرؤوا على طبعهم ولغتهم ولغة من قرُب منهم، وكان في ذلك رفق عظيم بهم، وتيسير كثير لهم ".
وممن قال أيضًا بأنها سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة: ابن عبد البر، حيث قال في التمهيد (8/ 280 - 281):"وأنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" سبع لغات، وقالوا: هذا لا معنى له؛ لأنه لو كان ذلك لم ينكر القوم في أول الأمر بعضهم على بعض؛ لأنه من كانت لغته شيئًا قد جبل وطبع عليه وفطر به؛ لم ينكر عليه، وفي حديث مالك عن ابن شهاب المذكور في هذا الباب: رد قول من قال سبع لغات؛ لأن عمر بن الخطاب قرشي عدوي، وهشام بن حكيم بن حزام قرشي أسدي، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته كما محال أن يقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدًا منهما بغير ما يعرفه من لغته، والأحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدل على نحو ما يدل عليه حديث عمر هذا، وقالوا: إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا الكثير من أهل العلم ".
قلت: وهذا قول صحيح، في معنى الأحرف السبعة: أنها ألفاظ مختلفة بمعان متقاربة، وهذا من باب إطلاق البعض على الكل، ولا يتعارض هذا التفسير مع كلام أبي عبيد، والذي يمكن توجيهه بأن بعض المفردات من لغات العرب قد وقع لها الانتشار والشيوع بين بعض القبائل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأ عمر على وجه من وجوه العربية، وأقرأ هشامًا على وجه آخر من العربية باتفاق المعنى واختلاف اللفظ، مما كان معهودًا الكلام به عند قريش، كما سيأتي بيانه، والله أعلم.
وهذا الذي ذهبت إليه قال به ابن عطية في المحرر الوجيز (1/ 170) في رده على القاضي أبي بكر الباقلاني، حيث قال في بيان أن اختلاف لغات العرب ليس بالاختلاف الشديد، بل فيه من التداخل لبعض الاستعمالات أحيانًا، قال ابن عطية: "وهو اختلاف
ليس بشديد التباين حتى يجهل بعضهم ما عند بعض في الأكثر، وإنما هو أن قريشًا استعملت في عباراتها شيئًا، واستعملت هذيل شيئًا غيره في ذلك المعنى، وسعد بن بكر غيره، والجميع كلامهم في الجملة ولغتهم.
واستدلال القاضي رضي الله عنه بأن لغة عمر وأبيّ وهشام وابن مسعود واحدة فيه نظر؛ لأن ما استعملته قريش في عبارتها ومنهم عمر وهشام، وما استعملته الأنصار ومنهم أبيّ، وما استعملته هذيل ومنهم ابن مسعود، قد يختلف، ومن ذلك النحو من الاختلاف هو الاختلاف في كتاب الله سبحانه، فليست لغتهم واحدة في كل شيء، وأيضًا فلو كانت لغتهم واحدة بأن نفرضهم جميعًا من قبيلة واحدة، لما كان اختلافهم حجة على من قال: إن القرآن أنزل على سبع لغات؛ لأن مناكرتهم لم تكن لأن المنكِر سمع ما ليس في لغته فأنكره، وإنما كانت لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، وعساه قد أقرأه ما ليس من لغته واستعمال قبيلته ".
ومما قاله أيضًا ابن عبد البر (8/ 280): "قول من قال: إن القرآن نزل بلغة قريش معناه عندي: في الأغلب -والله أعلم-؛ لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات من تحقيق الهمزات ونحوها، وقريش لا تهمز".
قلت: فدل ذلك على أن الهمز والتسهيل والإبدال والنقل إنما هو من لغات العرب ولهجاتهم، كما يدخل في ذلك أيضًا: الفتح والإمالة، واختلاف وجوه الإعراب والحركات، وغير ذلك، وعليه فهي من جملة الأحرف السبعة أيضًا، كما سبق أن نص على ذلك مكي بن أبي طالب، وليس معناها مقتصراً فقط على: ألفاظ مختلفة بمعان متقاربة، ويقال مثله أيضًا في: اختلاف وجوه التصريف، أو الجمع والإفراد، أو التذكير والتأنيث، أو تبديل أدوات العطف، أو التشديد والتخفيف، أو التقديم والتأخير، أو النهي والنفي، أو الأمر والإخبار، أو الحذف والإثبات، أو التحريك والتسكين، أو الإظهار والإدغام، أو المد والقصر، أو الإسكان والروم والإشمام وهاء السكت، وغير ذلك.
ثم قال ابن عبد البر بعد حديث سليمان بن صرد عن أبي [تقدم برقم (1477)]؛ قال في التمهيد (8/ 283)(5/ 593 - ط بشار): "أما قوله في هذا الحديث: "قلت: سميعًا عليمًا وغفورًا رحيمًا وعليمًا حكيمًا" ونحو ذلك فإنما أراد به ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها؛ أنها معان متفقٌ مفهومُها، مختلفٌ مسموغها، لا يكون في شيء منها معثى وضده، ولا وجة يخالف معنى وجه خلافاً ينفيه ويضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده، وما أشبه ذلك، وهذا كله يعضد قول من قال: إن معنى السبعة الأحرف المذكورة في الحديث: سبعة أوجه من الكلام المتفق معناه المختلف لفظه، نحو: هلم وثعال، وعجل وأسرع، وانظِر وأخِّر، ونحو ذلك ".
ثم قال بعد حديث ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة (8/ 288): "وهذه الآثار كلها تدل على أنه لم يعن به سبع لغات والله أعلم على ما تقدم ذكرنا له،
وإنما هي أوجه تتفق معانيها وتتسع ضروب الألفاظ فيها؛ إلا أنه ليس منها ما يحيل معنى إلى ضده كالرحمة بالعذاب وشبهه ".
قلت: وابن عبد البر ومن كان معه، ممن لا يرى كون الأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب؛ إلا أنهم يرون أنها معانٍ متفقة بألفاظ مختلفة، فإن هذين القولين يقودان لنفس المعنى الذي قال به الجمهور، وهو أن مصحف عثمان منع من القراءة بما هو مغاير له في الخط من الأحرف السبعة؛ لا أن مصحف عثمان قد اشتمل على جميع الأحرف السبعة، ولم يجاوز منها شيئًا.
ثم ضرب ابن عبد البر على ذلك مثالًا، فقال (8/ 291): "وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب؛ أنه كان يقرأ: {لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا} [الحديد: 13]؛ للذين آمنوا أمهلونا، للذين آمنوا أخِّرونا، للذين آمنوا ارقبونا، وبهذا الإسناد عن أبي بن كعب؛ أنه كان يقرأ:{كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} [البقرة: 20]؛ مروا فيه، سعوا فيه.
كل هذه الأحرف كان يقرؤها أبي بن كعب، فهذا معنى الحروف المراد بهذا الحديث، والله أعلم؛ إلا أن مصحف عثمان الذي بأيدي الناس اليوم هو منها حرف واحد، وعلى هذا أهل العلم؛ فاعلم".
قلت: ومن ذلك أيضًا ما يتعلق بالحذف والإثبات، والزيادة والنقصان.
ولعل ما ذهب إليه ابن عطية في المحرر الوجيز (1/ 174) يعطي هذا المعنى الذي ذهبنا إليه قوة في الجمع بين هذين القولين، من جهة أن المراد باللغات استعمالات العرب وقبائلها مع وجود التداخل بينهم في هذه الاستعمالات أحيانًا، فقال:"فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، أي: فيه عبارات سبع قبائل؛ بلغة جملتها نزل القرآن، فيعبر عن المعنى فيه مرةً بعبارة قريش، ومرة بعبارة هذيل، ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة".
واختار ابن عطية قبائل وسط الجزيرة دون أطرافها ممن تأثر بمجاورة العجم، مثل: قريش، وبني سعد، وكنانة، وهذيل، وثقيف، وخزاعة، وأسد، وضبة، وتميم، وقيس، ومن نحا نحوهم من قبائل وسط الجزيرة دون أطرافها.
وقال ابن عطية (1/ 176): "فأباح الله تعالى لنبيه هذه الحروف السبعة، وعارضه بها جبريل في عرضاته، على الوجه الذي فيه الإعجاز وجودة الوصف، ولم تقع الإباحة في قوله عليه السلام: "فاقرؤوا ما تيسر منه" بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه، ولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن وكان معرَّضًا أن يبدِّل هذا وهذا حتى يكون غير الذي نزل من عند الله، وإنما وقعت الإباحة في الحروف السبعة للنبي صلى الله عليه وسلم ليوسع بها على أمته، فقرأ مرة لأبيّ بما عارضه به جبريل صلوات الله عليهما، ومرة لابن مسعود بما عارضه به أيضًا. وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف".
وعلى هذا تجيء قراءة عمر بن الخطاب لسورة الفرقان وقراءة هشام بن حكيم لها، وإلا فكيف يستقيم أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة كل منهما -وقد اختلفتا-:"هكذا أقرأني جبريل "، هل ذلك إلا لأنه أقرأه بهذه مرة وبهذه مرة".
وقال ابن الجوزي في فنون الأفنان (217): "نزل القرآن على سبع لغات فصيحة من لغات العرب. وقد كان بعض مشايخنا يقول: كله بلغة قريش، وهي تشتمل على أصول من القبائل هم أرباب الفصاحة، وما يخرج عن لغة قريش في الأصل لم يخرج عن لغتها في الاختيار".
قلت: يعني: أن قريشًا، والذي نزل القرآن بلغتها في الأصل، كان عندها علم وإلمام بلغات بعض القبائل من العرب، واستعمال لبعض مفرداتها وعباراتها، لقرب الدار منها أولًا، وثانيًا لكثرة ورودهم عليهم في الحج والعمرة، فكانوا يسمعونهم، ويخاطبونهم، فيعرفون بعض لغاتهم، وقد يقع الاستعمال لبعض ذلك بينهم، وعلى هذا فإن ما أقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم عمر وهشام بن حكيم من لغات العرب، وإن كانا قرشيين، إلا أنهما يعرفانه ولا ينكرانه، والقليل منه قد يغيب عنهما علمه، حتى يقفا عليه من كلام أهل القبائل، كما وقع لبعض الصحابة، في عدم معرفة معاني بعض العبارات حتى أوقفهم عليها أهل اللسان، مثل ما وقع لعمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، والله أعلم.
كذلك فإن قريشًا كانت تسترضع أولادها في قبائل العرب والبادية، كما استرضع النبي صلى الله عليه وسلم في بني سعد بن بكر بن هوازن، ونشأ فيهم حتى سمع وتعلم شيئًا من لغتهم، يضاف إلى ذلك أيضًا اجتماع قبائل العرب وشعرائهم في أسواقهم المشهورة مثل عكاظ ومجنة وذي المجاز، ومن ثم فإنه لم يكن يخفى على قريش لسان بعض القبائل لهذه الأسباب المذكورة، وبعد هذا التقرير تتضح الصورة وتنجلي في فهم المراد من الأحرف السبعة بمعناها الواسع، والذي يجمع بين القولين المشهورين في هذه المسألة، والله أعلم.
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل (1/ 80): "والذي نختاره أن المراد بالحرف اللغة، فالقرآن أنزل على سبع لغات فصيحة من لغات العرب، فبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وغيرهم من الفصحاء.
وقد يشكل على بعض الناس فيقول: هل كان جبريل يلفظ باللفظ الواحد سبع مرات؛ فيقال له: إنما يلزم هذا إذا قلنا إن السبعة الأحرف تجتمع في حرف واحد، ونحن قلنا: إن السبعة الأحرف تفرقت في القرآن، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة غيرهم، ولو قلنا: إنها اجتمعت في الحرف الواحد قلنا: كان جبريل يأتي في كل عرضة بحرف إلى أن تمت سبعة أحرف".
وقد استدل كثير من المصنفين في هذا الباب بآثار لا يثبت أكثرها، لذا أعرضت عن ذكرها، والاستدلال بها، لعدم ورودها بأسانيد صحيحة، والله أعلم.
وانظر: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (29)، شرح المشكل للطحاوي (8/ 116)، تهذيب اللغة (5/ 11)، الحجة للقراء السبعة (5 - المقدمة)، الإبانة لابن بطة (2/ 614)،
أعلام الحديث (2/ 1208)، الإبانة عن معاني القراءات (53 و 85)، الأحرف السبعة لأبي عمرو الداني (27 و 31)، شرح البخاري لابن بطال (10/ 228)، شعب الإيمان للبيهقي (4/ 373)، الاستذكار (2/ 480)، التمهيد (5/ 581 - 634 - ط بشار)، الكامل في القراءات (92)، شرح السُّنَّة (4/ 07 5)، المحرر الوجيز (1/ 165)، القبس شرح الموطأ (1/ 400)، المسالك شرح الموطأ (3/ 381)، إكمال المعلم (3/ 186)، فنون الأفنان في عيون القرآن (196)، النهاية لابن الأثير (1/ 369)، جمال القراء (326)، المرشد الوجيز لأبي شامة (89)، الجامع لأحكام القرآن (1/ 42)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (4/ 414)، مجموع الفتاوى (13/ 389)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (15/ 493) و (24/ 31) و (33/ 567)، النشر في القراءات العشر (1/ 20)، فتح الباري لابن حجر (9/ 23)، الإتقان للسيوطي (1/ 306 - 333)، وغيرها كثير.
* العرضة الأخيرة، ومصحف عثمان:
• روى حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة -رضي الله عن -، قال: عرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضات، فيقولون: إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة.
أخرجه الحاكم (2/ 230). [الإتحاف (6/ 50/ 6113)].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري بعضه، وبعضه على شرط مسلم، ولم يخرجاه ".
قلت: وهذا حديث صحيح، وقد سبق تحقيق القول في سماع الحسن من سمرة عند الحديث رقم (354) [وراجع أيضًا: الأحاديث رقم (27) و (777 - 780)]، وخلاصة ما قلت هناك: أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، والباقي كتاب غير مسموع؛ إلا أنه وجادة صحيحة معمول بها عند الأئمة.
وعليه: فإنه إذا صح الإسناد إلى الحسن البصري؛ فحديثه عن سمرة محمول على الاتصال، وهو صحيح.
• وروي مرسلًا عن ابن سيرين: أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (357)، وسعيد بن منصور في سننه (57)، وابن سعد في الطبقات (2/ 195)، وابن شبة في تاريخ المدينة (3/ 993)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (437).
وموضع الشاهد منه: ما رواه أيوب السختياني، ويزيد بن إبراهيم التستري، وعبد الله بن عون، ومنصور بن زاذان، وهشام بن حسان [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب ابن سيرين]؛ عن ابن سيرين، قال: فيرجون أن تكون قراءتنا هذه أحدث القراءتين عهدًا بالعرضة الأخيرة. وفي رواية: فيرجى أن تكون قراءتنا هذه على العرضة الأخيرة، وفي أخرى: فأرجو أن تكون قراءتنا هذه آخرتها عهدًا بالعرضة الأخيرة، وفي أخرى: فكأنهم يرون أن العرضة الأخيرة هي قراءة ابن عفان.
• وروي مرسلًا أيضًا عن عبيدة السلماني، بإسناد رجاله ثقات، وفيه انقطاع، قال عبيدة: القراءة التي عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم فيه [أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 154/ 30291) (16/ 497/ 32298 - ط الشثري)].
• وروي عن ابن مسعود أن قراءته هي العرضة الأخيرة، ولا يثبت لانقطاعه: أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (102).
• وروي عنه أيضًا من وجه آخر شديد الضعف: أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (420)[وهو حديث منكر، تفرد به عن ابن سيرين دون أصحابه الثقات: مجاعة بن الزبير، وهو: ضعيف. اللسان 61/ 463)، كنى مسلم (2399)، الجرح والتعديل (8/ 420) و (1/ 154)، الثقات (7/ 517)، وإنما يُعرف هذا عن ابن سيرين مرسلًا، راجع: مرسل ابن سيرين].
• وروى أبو معاوية الضرير، وسفيان الثوري [وهو غريب من حديثه، تفرد به عنه: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وهو: صدوق، كثير الوهم، ليس بذاك في الثوري]؛ ويعلى بن عبيد الطنافسي، وأخوه محمد، وجرير بن عبد الحميد، ووكيع بن الجراح، وزائدة بن قدامة، وسليمان التيمي، وشريك بن عبد الله النخعي:
عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس [وفي رواية زائدة والتيمي: قال لنا ابن عباس، وتابعهما شريك]؛ قال: أي القراءتين تعدُّون أول؟ قال: قلنا: قراءة عبد الله، أزاد جرير: قال: قراءتنا القراءة الأولى، وقراءة عبد الله القراءة الأخيرة]؛ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعرض عليه القرآن في كل رمضان مرة، إلا العام الذي قبض فيه فإنه عرض عليه مرتين، فحضره عبد الله بن مسعود فشهد ما نُسخَ منه وما بُدِّل.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (58)، وابن سعد في الطبقات (2/ 342)، وابن أبي شيبة (6/ 301/ 28854)، وأحمد (1/ 362/ 3422)، والبخاري في خلق أفعال العباد (382)، والنسائي في الكبرى (7/ 247/ 7940) و (7/ 353/ 8201)، وأبو يعلى (4/ 435/ 2562)، والدولابي في الكنى (1/ 301/ 527)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 356)، وفي شرح المشكل (1/ 264/ 286) و (8/ 138/ 3120) و (3/ 1131/ 2439) و (9/ 527/ 3625) و (14/ 229/ 5590)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 1131/ 2439)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (436)، وابن حزم في الإحكام (6/ 113)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 140)، والضياء في المختارة (9/ 542/ 533) و (9/ 543/ 534). [التحفة (4/ 279/ 58 54)، الإتحاف (7/ 44/ 7295) و (7/ 47/ 7303)، المسند المصنف (13/ 236/ 6365)].
* وانظر فيمن وهم في إسناده على شريك: ما أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 103/ 12602).
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ أبو ظبيان: حصين بن جندب: ثقة، من الثانية، سمع ابن عباس وجرير بن عبد الله البجلي، واختلف في سماعه من علي، وقد رآه وروى عنه، وقد سمع منه الأعمش [انظر: فضل الرحيم الودود (2/ 253/ 160)، التاريخ الكبير (3/ 3)، المراسيل (177)، تحفة التحصيل (78)].
• ورواه إسرائيل بن يونس [ثقة]؛ عن إبراهيم بن مهاجر [البجلي: ليس به بأس. تقدمت ترجمته قريبًا عند حديث حذيفة، في الشواهد]، عن مجاهد، عن ابن عباس؟ أنه قال لأصحابه: أي القراءتين ترون آخرًا؟ قالوا: قراءة زيد، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل في كل سنة، فلما كانت السنة التي قبض فيها عرضه عليه مرتين، فشهده ابن مسعود، فكانت قراءة عبد الله آخرًا.
أخرجه أحمد (1/ 275 و 325)، والبزار (11/ 181/ 4923)، والطحاوي في شرح المشكل (1/ 264/ 287) و (8/ 139/ 3122)، والحاكم (2/ 230).
وهذا إسناد لا بأس به.
* وحديث معارضة القرآن مرة كل عام، ومرتين في العام الذي قبض فيه:
ثبت من حديث ابن عباس؛ الذي رواه الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة [أخرجه البخاري (6 و 1902 و 3220 و 3554 و 4997)، ومسلم (2308)].
ومن حديث فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، الذي رواه فراس، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أقبلت فاطمة تمشي
…
، فذكرت الحديث بطوله، وفيه: فقالت: أسرَّ إليَّ: "إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أُراه إلا حضر أجلي، وإنكِ أول أهل بيتي لحاقًا بي "،
…
الحديث [أخرجه البخاري (3624 و 6286)، ومسلم (2450)].
ومن حديث أبي هريرة، الذي رواه أبو حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: كان يُعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآنُ كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه [أخرجه البخاري (4998)].
وليس في شيء منها تعيين من شهد هذه العرضة من الصحابة.
* والحاصل: فإن ما ذهب إليه ابن عباس في هذا الحديث من كون ابن مسعود حضر العرضة الأخيرة، وأن قراءتنا هذه هي القراءة الأولى، وقراءة ابن مسعود هي القراءة الأخيرة؛ يعارضه حديث سمرة رضي الله عنه، قال: عرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضات، فيقولون: إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة.
ويعارضه أيضًا: اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان لزيد بن ثابت في كتابة
المصحف وجمعه، مما يدل على اتفاق الصحابة على أن زيدًا كان أقرأ القوم، فإن كان كذلك فلا تخفى عليه العرضة الأخيرة؛ بل قيل: إنه هو الذي كتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهو أشهر كتاب الوحي، وأهل المدينة يسمونه: كاتب الوحي، وهو الذي قال له أبو بكر الصديق:"إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه"[أخرجه البخاري (4679 و 4986 و 7191)]، ويشهد له:
ما رواه ثابت البناني، وثمامة، عن أنس بن مالك، قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه. [أخرجه البخاري (5004)].
وما رواه قتادة، عن أنس رضي الله عنه: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت. قلت لأنس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. [أخرجه البخاري (3810 و 5003]، ومسلم (2465)].
قال البغوي في شرح السُّنَّة (4/ 525): "وروي عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: كانت قراءة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرؤون قراءة العامة، وهي القراءة التي قرأها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان على طول أيامه يقرأ مصحف عثمان، ويتخذه إمامًا.
ويقال: إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي عرضها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على جبريل، وهي التي بين فيها ما نسخ وما بقي.
قال أبو عبد الرحمن السلمي: قرأ زيد بن ثابت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفاه اللّه فيه مرتين، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت؛ لأنه كتبها لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وقرأها عليه، وشهد العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه، وولاه عثمان كتبة المصاحف رضي الله عنهم أجمعين".
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (4/ 418): "والعرضة الأخيرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي بكتابتها في المصاحف، وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف، أمر زيد بن ثابت بكتابتها، ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة علي وغيره".
قلت: وهذا القول عندي أشبه بالصواب، أن العرضة الأخيرة هي فراءة زيد بن ثابت، وهي المثبتة في مصحف عثمان الذي كتبه زيد، واللّه أعلم.
وهناك من جمع بين القولين، حيث قال ابن حجر في الفتح (9/ 45):"ويمكن الجمع بين القولين بأن تكون العرضتان الأخيرتان وقعتا بالحرفين المذكورين، فيصح إطلاق الآخرية على كل منهما".
وقد تأول الطحاوي حديث ابن عباس؛ فقد ترجم له بقوله: "باب بيان مشكل ما
روي في الحروف المتفقة في الخط، المختلفة في اللفظ"، ثم أسند حديث ابن عباس، ثم ذكر أمثلة على اختلاف القراء مما اتفق في الرسم، واختلف في اللفظ، مثل: فتبينوا، فتثبتوا، فلنبوئنهم، فلنثوينهم، ننشرها، ننشزها، مما يدل على أنه رأى اختلاف حرف ابن مسعود وحرف زيد إنما كان مما يحتمله خط مصحف عثمان الذي جمع عليه الأمة، وأجمع عليه الصحابة، ويؤيد ما ذهب إليه أن اختيار حمزة والكسائي وخلف كان يرجع أكثره لحرف ابن مسعود، وكذلك قراءة شعبة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود، قال أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ (484): "على أن حرف عبد الله الصحيح: أنه موافق لمصحفنا؛ يدلك على ذلك: أن أبا بكر بن عياش، قال: قرأت على عاصم، وقرأ عاصم على زر، وقرأ زر على عبد اللّه"، وقال علم الدين السخاوي في جمال القراء (521): "فقراءة حمزة ترجع إلى عثمان، وابن مسعود، وعلي بن أبى طالب رضي الله عنهم"، ونقل القرطبي في تفسيره (20/ 81) عن أبي بكر الأنباري: "أن حمزة وعاصمًا يرويان عن عبد اللّه بن مسعود ما عليه جماعة المسلمين" [انظر: شرح مشكل الآثار (1/ 309)، جامع البيان لأبي عمرو الداني (1/ 270)، جمال القراء (521)، غاية النهاية (1/ 262)]، والله أعلم.
وهذا يرجع إلى ما سبق تقريره في البحث السابق: أن ابن مسعود كان له حرف يقرأ به لنفسه، ويخص به بعض أصحابه [كما في قصة علقمة مع أبي الدرداء]، وكان يقرئ الناس من أهل الكوفة بما يوافق رسم مصحف عثمان حتى لا يخالف بذلك جماعة المسلمين، وانتشرت قراءته هذه عند أهل الكوفة: عاصم وحمزة والكسائي وخلف، واللّه أعلم.
مصحف عثمان، والأحرف السبعة.
• ثم جمع عثمان الناس على مصحف واحد، وحرف واحد، لما وقع الاختلاف بين أهل العراق وأهل الشام حين اجتمعوا في غزو إرمينية، صيانة للأمة من الافتراق، وجمعًا لها على حرف واحد، حتى عفت آثار الحروف الستة الباقية مما خالف خط مصحف عثمان، ولم يعد هناك سبيل إلى معرفتها، سوى الشيء بعد الشيء مما نقل لنا بإسناد صحيح، وما قرأ به أهل الأمصار على ما حفظوه من هذه الأحرف مما يوافق الرسم، فتركوا من حرفهم ما خالف رسم عثمان، وقرؤوا منه ما وافقه، سواء من الأصول أو الفرش، وأما ما كان من الأحرف السبعة مغايرًا في الكلمة والرسم، فهذا مما ارتفع حكم القراءة به، وصار في حكم المنسوخ، لإجماع الصحابة على ذلك، والله أعلم [راجع: جامع البيان].
° فقد روى ابن شهاب؛ أن أنس بن مالك حدثه؛ أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأقزع حذيفةَ اختلافُهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين! أدرك هذه الأمة، قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلافَ اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا
بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيدَ بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
أخرجه البخاري (4987).
وفي رواية أخرى: فأمر عثمانُ زيدَ بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبد اللّه بن الزبير، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم ففعلوا.
أخرجه البخاري (4984).
وفي هاتين الروايتين بيان تحذير حذيفة من اختلاف الأمة في كتابها كاختلاف اليهود والنصارى، وأمر عثمان بكتب المصحف على حرف واحد ليرفع هذا الاختلاف الواقع بين الناس، ودليل ذلك قوله في الرواية الأخرى: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، وفيه إشارة للأحرف السبعة التي نزل بها القرآن من لغات العرب، فإذا اختلفوا في حرف منها فإنهم يكتبونه بلسان قريش؛ يعني: على حرف واحد، وترك ما عداه، إذ ما كانوا فيه مختلفين قبل ذلك كان قرآنًا يتلى، لكنه أراد إلزامهم بحرف واحد فقط رفعًا للخلاف، وبدليل قول أنس في نهاية الحديث: وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق؛ يعني أن ما كان في هذه المصاحف مخالفًا لما في مصحف عثمان فإنه يمنع من القراءة به، وإظهاره بين الناس، جمعًا لكلمة المسلمين على حرف واحد، وأن هذه المصاحف كانت تختلف في رسمها وبعض كلمها عن بعض، وعن مصحف عثمان.
قال أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح: سألت سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين؛ هل تدخل في السبعة الأحرف؟ فقال: "لا، وإنما السبعة الأحرف كقولهم: هلمَّ، أقبلْ، تعالَ، أيَّ ذلك قلت أجزاك"، قال أبو الطاهر: وقاله ابن وهب [التمهيد (8/ 293)].
قال أبو بكر محمد بن عبد اللّه الأصبهاني المقرئ: "ومعنى قول سفيان هذا: أن اختلاف العراقيين والمدنيين راجع إلى حرف واحد من الأحرف السبعة"[التمهيد (8/ (293)].
وقال الطحاوي في شرح المشكل (8/ 125): "وكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف في عجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه، لما قد تقدم ذكرنا له
في هذا الباب، وكانوا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم[يعني: لسان قريش]، فقرؤوا بذلك على تحفظ القرآن بألفاظه التي نزل بها [يعني: ابتداءً]، فلم يسعهم حينئذ أن يقرؤوه بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد".
وقال أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ (482): "أراد عثمان رحمه الله أن يختار من السبعة حرفًا واحدًا هو أفصحها، ويزيل الستة، وهذا من أصح ما قيل فيه؛ لأنه مروي عن زيد بن ثابت أنه قال هذا".
وقال الخطابي في أعلام الحديث (2/ 1208): "وإنما وقعت هذه السهولة في القراءات إذ ذاك، لعجز كثير منهم عن أخذ القرآن على وجه واحد، وكانوا قومًا أميين، ولو كلفوا غير ذلك، وأخذوا بأن يقرؤوه على قراءة واحدة لشق عليهم، ولأدى ذلك إلى النفرة والنبوة عنه، فلما زالت الأمية التي كانت فيهم، وصاروا يقرؤون ويكتبون، وقدروا على حفظ القرآن؛ لم يسعهم أن يقرؤوه على خلاف ما أجمعت عليه الصحابة، وكتبوه في المصحف، وذلك لارتفاع الضرورة الداعية إليه، فلم يستجيزوا القرآن إلا على معنى خط المصحف المكتوب بإجماع الصحابة، واتفاق الإملاء منهم".
وقال مكي بن أبي طالب في الإبانة عن معاني القراءات (22): "فإن سأل سائل، فقال: هل القراءات التي يقرأ بها الناس اليوم، وتنسب إلى الأئمة السبعة، كنافع، وعاصم، وأبي عمرو، وشبههم، هي السبعة، التي أباح النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بها، وقال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرؤوا بما شئتم"؟ أو هي بعضها؟ أو هي واحدة؟.
فالجواب عن ذلك:
إن هذه القراءات كلها التي يقرأ بها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة، إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف، مصحف عثمان الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه، واطرح ما سواه مما يخالف خطه، فقرئ بذلك لموافقة الخط، لا يخرج شيء منها عن خط المصاحف التي نسخها عثمان رضي الله عنه، وبعث بها إلى الأمصار، وجمع المسلمين عليها، ومنع من القراءة بما خالف خطها،
…
، وصارت القراءة عند جميع العلماء بما يخالفه بدعة وخطأ، وإن صحت ورويت.
وكان المصحف قد كتب على لغة قريش، على حرف واحد، ليزول الاختلاف بين المسلمين في القرآن، ولم ينقط ولا ضُبط، فاحتمل التأويل لذلك.
وإذا كان المصحف بلا اختلاف كتب على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، على لغة واحدة، والقراءة التي يقرأ بها لا يخرج شيء منها عن خط المصحف، فليست هي إذًا هي السبعة الأحرف، التي نزل بها القرآن كلها".
إلى أن قال: "فالمصحف كتب على حرف واحد، وخطه محتمل لأكثر من حرف؛ إذ
لم يكن منقوطًا، ولا مضبوطًا، فذلك الاحتمال الذي احتمل الخط هو من الستة الأحرف الباقية، إذ لا يخلو أن يكون ما اختلف فيه من لفظ الحروف، التي تخالف الخط: إما هي مما أراد عثمان، أو مما لم يرده إذ كتب المصحف، فلا بد أن يكون إنما أراد لفظًا واحدًا أو حرفًا واحدًا، لكنا لا نعلم ذلك بعينه، فجاز لنا أن نقرأ بما صحت روايته، مما يحتمله ذلك الخط لنتحرى مراد عثمان رضي الله عنه، ومن تبعه من الصحابة وغيرهم".
وقد أطال الكلام في بطلان كون قراءة القراء السبعة المشهورين هي الأحرف السبعة، كيف يكون ذلك وأول من سبع السبعة ابن مجاهد في سنة (300) أو نحوها، وقال بأن الكسائي إنما أُلحق بالسبعة متأخرًا، وكان مكانه يعقوب الحضرمي عند من تقدَّم، كما أن الكسائي إنما قرأ على حمزة، وقرأ أبو عمرو على ابن كثير، وبين أن المصنفين قد اختلفوا في اختيار القراء، وذكر أمثلة لذلك، فمنها مثلًا: أن أبا حاتم وغيره قد ترك ذكر حمزة والكسائي وابن عامر، وزاد نحو عشرين رجلًا من الأئمة ممن هو فوق هؤلاء السبعة، وكذلك زاد الطبري في كتاب القراءات له على هؤلاء السبعة نحو خمسة عشر رجلًا، وكذلك فعل أبو عبيد وإسماعيل القاضي، إلى أن قال: "فحصل من جميع ما ذكرنا وبينا: أن الذي في أيدينا من القرآن: هو ما في مصحف عثمان الذي أجمع المسلمون عليه، وأخذناه بإجماع يقطع على صحة مغيبه وصدقه، والذي في أيدينا من القراءات: هو ما وافق خط ذلك المصحف من القراءات التي نزل بها القرآن، فهو من الإجماع أيضًا.
وسقط العمل بالقراءات التي تخالف خط المصحف، فكأنها منسوخة بالإجماع على خط المصحف".
ثم تتطرق إلى بيان السبب في وقوع الاختلاف بين القراء السبعة وغيرهم، فقال (37): "
…
، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم خرج جماعة من الصحابة في أيام أبي بكر وعمر إلى ما افتتح من الأمصار، ليعلموا الناس القرآن والدين، فعلم كل واحد منهم أهل مصره على ما كان يقرأ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فاختلفت قراءة أهل الأمصار على نحو ما اختلفت قراءة الصحابة الذين علموهم.
فلما كتب عثمان المصاحف ووجهها إلى الأمصار، وحملهم على ما فيها، وأمرهم بترك ما خالفها، قرأ أهل كل مصر مصحفهم الذي وجه إليهم على ما كانوا يقرؤون قبل وصول المصحف إليهم مما يوافق خط المصحف، وتركوا من قراءتهم التي كانوا عليها مما يخالف خط المصحف، فاختلفت قراءة أهل الأمصار لذلك بما لا يخالف الخط، وسقط من قراءتهم كلهم ما يخالف الخط.
ونقل ذلك الآخرُ عن الأول في كل مصر، فاختلف النقل لذلك، حتى وصل النقل إلى هؤلاء الأئمة السبعة على ذلك، فاختلفوا فيما نقلوا على حسب اختلاف أهل الأمصار، لم يخرج واحد منهم عن خط المصحف فيما نقل، كما لم يخرج واحد من أهل الأمصار عن خط المصحف، الذي وجه إليهم.
فلهذه العلة اختلفت رواية القراء فيما نقلوا، واختلفت أيضا قراءة من نقلوا عنه لذلك".
ثم قال: "واحتاج كل واحد من هؤلاء القراء أن يأخذ مما قرأ ويترك، فقد قال نافع: قرأت على سبعين من التابعين، فما اجتمع عليه اثنان أخذته، وما شذ فيه واحد تركته، حتى ألفت هذه القراءة. وقد قرأ الكسائي على حمزة، وهو يخالفه في نحو ثلاثمائة حرف؛ لأنه قرأ على غيره، فاختار من قراءة حمزة ومن قراءة غيره قراءة، وترك منها كثيرًا. وكذلك أبو عمرو قرأ على ابن كثير، وهو يخالفه في أكثر من ثلاثة آلاف حرف؛ لأنه قرأ على غيره، فاختار من قراءته ومن قراءة غيره قراءة. فهذا سبب الاختلاف الذي سألت عنه".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 293): "وهذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث: ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان المصحف".
وقال أيضًا (8/ 296): "وهذا يدلك على قول العلماء: أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها إلا حرف واحد، وهو صورة مصحف عثمان، وما دخل فيه ما يوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف".
وقال أيضًا (8/ 299): "وأما حرف زيد بن ثابت فهو الذي عليه الناس في مصاحفهم اليوم وقراءتهم من بين سائر الحروف؛ لأن عثمان جمع المصاحف عليه بمحضر جمهور الصحابة".
وذكر البغوي في شرح السُّنَّة (4/ 511) كلامًا طويلًا، كان منه: "فأمر عثمان بنسخه في المصاحف، وجمع القوم عليه، وأمر بتحريق ما سواه، قطعًا لمواد الخلاف، فكان ما يخالف الخط المتفق عليه في حكم المنسوخ والمرفوع؛ كسائر ما نسخ ورفع منه؛ باتفاق الصحابة.
والمكتوب بين اللوحين هو المحفوظ من اللّه عز وجل للعباد، وهو الإمام للأمة، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج من رسم الكتابة والسواد.
فأما القراءة باللغات المختلفة، فما يوافق الخط والكتاب، فالفسحة فيها باقية، والتوسعة قائمة بعد ثبوتها وصحتها بنقل العدول عن الرسول صلى الله عليه وسلم، على ما قرأ به القراء المعروفون بالنقل الصحيح عن الصحابة رضي الله عنهم ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول (126): "فإن القول المرضي عند علماء السلف الذي يدل عليه عامة الأحاديث وقراءات الصحابة: أن المصحف الذي جمع عثمان الناس عليه هو أحد الحروف السبعة، وهو العرضة الأخيرة، وأن الحروف الستة خارجة عن هذا المصحف، وأن الحروف السبعة كانت تختلف الكلمة؛ مع أن المعنى غير مختلف ولا متضاد"[وانظر: جامع المسائل (292 - المجموعة السابعة). مجموع الفتاوى (12/ 569) و (13/ 389)].
° وخالف في ذلك: أبو عمرو الداني وابن حزم حيث ذهبا إلى أن الأحرف السبعة موجودة في مصحف عثمان، لم ينقص منها شيء، وقد اشتمل عليها جميعًا لم يغادر منها حرفًا، وهي مبثوثة في القراءات المشهورة، وهذا القول مخالف للنصوص الواردة، ومخالف لقول جمهور الصحابة وعامة الأئمة، والصواب: قول الجمهور، وهو القول المرضي عند علماء السلف؛ كما قال شيخ الإسلام، ولا يهولنك تهويل ابن حزم؛ فإنه معروف بذلك؛ حتى وصل به الأمر إلى تجريم مخالفيه، ووصفهم بأقبح الأوصاف، بل وتكفيرهم عياذًا باللّه، وابن حزم كثير التجاوز في الرد على مخالفيه من أئمة الدين، وأعلام الأمة، ورميهم بأبشع الأوصاف، واتهامهم بأقذع الألفاظ.
° مسألة:
بيان ما هو قرآن يتلى ويتعبد به، وما هو قرآن لا يتلى ولا يتعبد به، وما ليس بقرآن: قال مكي بن أبي طالب في الإبانة (39): "جميع ما روي من القراءات على ثلاثة أقسام:
أمب بكيقرأ به اليوم، وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال، وهي:
أن ينقل عن الثقات إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن شائعًا.
ويكون موافقًا لخط المصحف.
فإذا اجتمعت فيه هذه الخلال الثلاث قرئ به، وقطع على مغيبه وصحته وصدقه؛ لأنه أخذ عن إجماع من جهة موافقته لخط المصحف، وكفر من جحده.
والقسم الثاني: ما صح نقله في الآحاد، وصح وجهه في العربية، وخالف لفظه خط المصحف. فهذا يقبل، ولا يقرأ به لعلتين:
إحداهما: أنه لم يؤخذ بإجماع، إنما أخذ بأخبار الآحاد، ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد.
والعلة الثانية: أنه مخالف لما قد أجمع عليه، فلا يقطع على مغيبه وصحته، وما لم يقطع على صحته لا تجوز القراءة به، ولا يكفر من جحده، وبئس ما صنع إذ جحده.
والقسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية.
فهذا لا يقبل وإن وافق خط المصحف".
° فائدة:
ومن فوائد جعل القرآن متشابهًا مثاني، قال مكي بن أبي طالب في الإبانة (60): "أن اللّه جل ذكره علم أن القرآن لا يجمعه كل إنسان في وقت نزوله، ولا يقف على ما نص فيه جميع العباد، فكرر القصص، والتحذير والتخويف، والتوحيد، والإخبار عن البعث والنشر، والحجج على جوازه، وغير ذلك في أكثر سور القرآن، ليكون من بلغه بعض السور وقف على ذلك أجمع، ومن بلغه البعض الآخر وقف فيه على نحو ذلك،
ومن بلغه سورة واحدة وقف على أكثر ذلك، فلا يفوت أحدًا منهم ما به الحاجة إليه، مما أراد الله إعلامه لخلقه، فكان في التكرير رفق عظيم، وهداية ظاهرة للحق، وذلك بلطف الله لخلقه، وهذا كثير من نعم اللّه على خلقه، ورفقه بهم".
مسألة:
هل تقوم ترجمة القرآن للأعجمي، مقام الأحرف السبعة للعربي؟
الجواب: ادعى بعضهم أن الله تعالى أنزل القرآن بلغة قريش ومن جاورهم من فصحاء العرب، ثم أباح للعرب المخاطبين به المنزل عليهم أن يقرؤوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب، ولم يكلف بعضهم الانتقال من لغة إلى غيرها لمشقة ذلك عليهم، ولأن العربي إذا فارق لغته التي طبع عليها يدخل عليه الحمية من ذلك، فتأخذه العزة، فجعلهم يقرؤونه على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم منًا منه عز وجل لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان [المرشد الوجيز لأبي شامة (95)]، وأن ذلك كان سائغًا قبل جمع الصحابة المصحف تسهيلًا على الأمة حفظه؛ لأنه نزل على قوم لم يعتادوا الدرس والتكرار وحفظ الشيء بلفظه، بل هم قوم عرب فصحاء يعبرون عما يسمعون باللفظ الفصيح [المرشد الوجيز لأبي شامة (89)].
واحتج بعضهم في ذلك بناء على التفسير السابق:
بما رواه شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أبي بن كعب؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاةِ بني غفار، قال: فأتاه جبريل عليه السلام، فقال:"إن الله يأمرُك أن تَقرأَ أُمَّتُك القرآن على حرف"، فقال:"أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك"، ثم أتاه الثانية، فقال:"إن الله يأمرُك أن تَقرأ أُمَّتُك القرآن على حرفين"، فقال:"أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك"، ثم جاءه الثالثة، فقال:"إن الله يأمرُك أن تَقرأَ أُمَّتُك القرآن على ثلاثة أحرف"، فقال:"أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك"، ثم جاءه الرابعة، فقال:"إن اللّه يأمرك أن تَقرأَ أُمَّتُك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا". [أخرجه مسلم (821)، وتقدم برقم (1478)].
يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للعربي أن يقرأ بما اعتاده من لغته ما فهمه من كلام اللّه تعالى، دون أن يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أن يتعلمه من صحابي أقرأه إياه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك من العربي كالترجمة للقرآن دون أن يتلقاه من في رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
فيقال: هذا قول باطل؛ لأنه على هذا القول لم يعد لتقييد الأحرف بكونها سبعة معنى، وذلك لكون قبائل العرب ولغاتها أكثر من سبعة بكثير، ولأن هذا المقروء به ليس قرآنًا منزلًا من عند اللّه، ولا يجوز لأحد من المكلفين من الإنس والجن أن يتعبد اللّه تعالى في صلاته إلا بالقرآن المنزل من عند الله تعالى، وبما أقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم صحابته، ثم بعد كتابة مصحف عثمان وجب على جميع الخلق أن يلتزموا خطه، ولا يجاوزوه بحال من الأحوال، والدليل على صحة ذلك، وأن ما وقع من الاختلاف بين الصحابة في القرآن في
زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إنما كان بما أقرأهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وبما أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم:
فقد روى الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبدٍ القاري، أنهما سمعا عمر بن الخطاب، يقول: مررت بهشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت قراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أن أساوره في الصلاة، فنظرته حتى سلم، فلما سلم لبَّبته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي أسمعك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت له: كذبت، فواللّه إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة التي تقرؤها، قال: فانطلقت أقوده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام"، فقرأ عليه القراءة التي سمعتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هكذا أُنزلت"، ثم قال:"اقرأ يا عمر"، فقرأت القراءة التي أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم،- ثم قال:"هكذا أُنزلت"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسَّر". [متفق عليه. وتقدم برقم (1475)].
ففي هذا الحديث قال عمر لهشام بن حكيم: من أقرأك هذه السورة التي أسمعك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعني: أنه لم يكن اجتهادًا من قِبل هشام نفسه، وإنما تلقاه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يؤكد ذلك: أنه لما قرأ هشام وعمر على النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل منهما: "هكذا أُنزلت"، فلم يكن أيضًا اجتهادًا من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هكذا سمعه من جبريل.
كما روى الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أقرأني جبريل على حرفٍ فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدُني؛ حتى انتهى إلى سبعة أحرف". [متفق عليه. وتقدم برقم (1476)]. يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى الأحرف السبعة حرفًا حرفًا من جبريل عليه السلام، والله أعلم.
وعلى هذا فمن قرأ في صلاته بترجمة القرآن فإنها لا تجزئه صلاته تلك؛ لأن الترجمة ليست بقرآن؛ لأنه لم يقرأ فيها بما تيسر من القرآن المنزل من الله الحكيم الحميد، والاستطراد في الاستدلال لهذه المسألة يطول جدًا، لكثرة الأدلة من القرآن والسُّنَّة على ذلك.
قال ابن عطية (1/ 176): "فأباح الله تعالى لنبيه هذه الحروف السبعة، وعارضه بها جبريل في عرضاته، على الوجه الذي فيه الإعجاز وجودة الوصف، ولم تقع الإباحة في قوله عليه السلام: "فاقرؤوا ما تيسر منه" بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه، ولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن وكان معرَّضًا أن يبدِّل هذا وهذا حتى يكون غير الذي نزل من عند الله، وإنما وقعت الإباحة في الحروف السبعة للنبي صلى الله عليه وسلم ليوسع بها على أمته، فقرأ مرة لأبيّ بما عارضه به جبريل صلوات الله عليهما، ومرة لابن مسعود بما عارضه به أيضًا.