الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنَاقِبُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ الأَشَجِّ وَالزَّارِعِ وَغَيْرِهِمَا
2746 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا مَطَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْنَقُ، حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنَّا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، يُقَالُ لَهَا: أُمُّ أَبَانٍ بِنْتُ الزَّارِعِ، عَنْ جَدِّهَا الزَّارِعِ: أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجَ مَعَهُ بِأَخِيهِ لأُمِّهِ يُقَالُ لَهُ: مَطَرُ بْنُ هِلالٍ مِنْ عَنْزَةَ، وَخَرَجَ بِابْنِ أَخٍ لَهُ مَجْنُونٍ، وَمَعَهُمُ الأَشَجُّ، وَكَانَ اسْمُهُ مُنْذِرُ بْنُ عَائِذٍ، فَقَالَ الْمُنْذِرِ، يَا زَارِعُ: خَرَجْتَ مَعَنَا بِرَجُلٍ مَجْنُونٍ وَفَتًى شَابٍّ لَيْسَ مِنَّا، وَافِدِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ الزَّارِعُ: أَمَّا الْمُصَابُ، فَآتِي بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو لَهُ، عَسَى أَنْ يُعَافِيَهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الْفَتَى الْعَنْزِيُّ، فَإِنَّهُ أَخِي لأُمِّي، وَأَرْجُو أَنْ يَدْعُوَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِدَعْوَةٍ، تُصِيبُهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَا عَدَا أَنْ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، قِيلَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا تَمَالَكْنَا أَنْ وَثَبْنَا عَنْ رَوَاحِلِنَا، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ سِرَاعًا، فَأَخَذْنَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ نُقَبْلِهُمَا، وَأَنَاخَ الْمُنْذِرُ رَاحِلَتَهُ، فَعَقَلَهَا، وَذَاكَ بِعَيْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَوَاحِلِنَا، فَأَنَاخَهَا رَاحِلَةً رَاحِلَةً، فَعَقَلَهَا كُلَّهَا، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى عَيْبَتِهِ فَفَتَحَهَا، فَوَضَعَ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ، ثُمَّ أَتَى يَمْشِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" يَا أَشَجُّ: إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ " قَالَ: وَمَا هُمَا بِأَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ: «الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ» قَالَ: فَأَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا، أَمِ اللَّهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا؟ قَالَ:«اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا» ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ الزَّارِعُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: بِأَبِي وَأُمِّي، جِئْتُ بِابْنِ أَخٍ لِي مُصَابٍ، لِتَدْعُوَ اللَّهَ لَهُ، وَهُوَ فِي الرِّكَابِ، قَالَ: «فَأْتِ
بِهِ» قَالَ: فَأَتَيْتُهُ ، وَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعَ الأَشَجَّ، فَأَخَذْتُ عَيْبَتِي، فَأَخْرَجْتُ مِنْهَا ثَوْبَيْنِ حَسَنَيْنِ، وَأَلْقَيْتُ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ، وَأَلْبَسْتُهُمَا إِيَّاهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَنْظُرُ، نَظَرَ الْمَجْنُونِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اجْعَلْ ظَهْرَهُ مِنْ قِبَلِي» فَأَقَمْتُهُ، فَجَعَلْتُ ظَهْرَهُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَوَجْهُهُ مِنْ قِبَلِي، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ جَرَّهُ بِمَجَامِعِ رِدَائِهِ فَرَفَعَ يَدَهُ، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِثَوْبِهِ ظَهْرَهُ، وَقَالَ:«اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ» فَالْتَفَتَ وَهُوَ يَنْظُرُ نَظَرَ الصَّحِيحِ، ثُمَّ أَقْعَدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَعَا لَهُ، وَمَسَحَ وَجْهَهُ، قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْمَسْحَةَ فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، كَأَنَّ وَجْهَهُ وَجْهَ عَذْرَاء شَبَابًا، وَمَا كَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يُفَضَّلُ عَلَيْهِ، بَعْدَ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ دَعَا لَنَا عَبْدَ الْقَيْسِ، فَقَالَ:«خَيْرُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، رَحِمَ اللَّهُ عَبْدَ الْقَيْسِ، إِذَا أَسْلَمُوا، غَيْرَ خَزَايَا، إِذْ أَبَى بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يُسْلِمُوا» قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَنَا، حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ، قَالَ الزَّارِعُ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنَّ مَعَنَا، ابْنَ أُخْتٍ لَنَا، لَيْسَ مِنَّا، قَالَ:«ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ، فَقَالَ الأَشَجُّ: أَنْتَ كُنْتَ يَا زَارِعُ: أَمْثَلَ رَأْيًا مِنِّي فِيهِمَا، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ جَهْمُ بْنُ قُثَمَ، كَانَ قَدْ شَرِبَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْبَحْرَيْنِ مَعَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ، فَضَرَبَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ فِي سَاقِهِ، قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي وَأُمِّي، إِنَّ أَرْضَنَا، ثَقِيلَةً، وَخمَةً، وَإِنَّا نَشْرَبُ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ عَلَى طَعَامِنَا، فَقَالَ:«لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَشْرَبَ الإِنَاءَ، ثُمَّ يَزْدَادَ إِلَيْهَا أُخْرَى، حَتَّى يَأْخُذَ فِيهِ الشَّرَابُ، فَيَقُومُ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ، فَيَضْرِبُ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ» فَجَعَلَ يُغَطِّي جَهْمُ بْنُ قُثَمَ سَاقَهُ، قَالَ: فَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ.