المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل ومن أحسن ما كتبوا في التقديم إلى أحكام مدينة - كنز الكتاب ومنتخب الأدب - جـ ١

[البونسي]

الفصل: ‌فصل ومن أحسن ما كتبوا في التقديم إلى أحكام مدينة

‌فصل ومن أحسن ما كتبوا في التقديم إلى أحكام مدينة

قَلَّدنا فلانٌ بنُ فلان، سلَّمه الله، الأحكام بفلانة وجهاتها، وتَخَيَّرنَاهُ لذلك بعد أنْ خَبَرْناه، واسْتَخْلَفْناه

عليها وقد عَرَفْناه، ووَثِقْنا بدينه، ورَجَوْنا حُسْنَ تَحْصينه، لأَنَّه إن احتاط سلِمَ، وإنْ أضاعَ أَثِمَ، فلْيُقِم

الحَقَّ على أرْكانِه، ولْيَضعِ العدْل في ميزانه، ولْيُساوِ بينَ خُصومه، ولْيأْخُذْ من الظالمِ إلى مظلومه،

ولْيَقِفْ في الأمر عند اشْتِباهه، ولْيُنَفِّذْهُ عند اتجاهه. ولا يَقْبَل غير المرضيِّ في شهادَته، ولا يَتَعَرَّفْ

سوى الاسْتِقامة من عادته، ولْيَعْلَمْ أن الله مُطَّلِعٌ على خَفِياته، وَسائِلُهُ يومَ مُلَاقاتِه.

وفي المعنى لأبي نصر كتابُ تقليدٍ وتَوْليَةٍ، وَتَشْييد رُتْبَةٍ علِيَّةٍ. أَمرَ بإنْفاذِه فلانٌ - أيَّدَهُ الله - لفلان

بن فلان أَبْقاه الله، لِيَنْظُرَ في أحكامِ المدينة بفلانة وأقْطارها، ويَحْسِمَ عنها أَدواء مردَتِها ودُعَّارها ويَعُمَّ

بالحِماية كلَّ جهة منها وناحية، ويُظلَّ من هِجِّير الإباحة أكْنافها الضَّاحية، وأَمره أنْ يَتَّقي الله حَقَّ

تُقاته ويَخْشى يوماً يأتي فيه لِميقاته، وأنْ يحْذَرَ ما أعَدَّ منَ العذاب الأليم، (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وحَدَّ لهُ رَعْيَ منْ

ص: 234

يَجِبُ رَعْيُه، ويُعْلَمَ جَرْيُهُ في ذات الله وسَعْيُهُ، وَمشَاوَرةَ الفُقهاء فيما أَشْكل، والاعْتِضاد بهم فيما حَامَ عنه

ونَكَلَ، واسْتِفْتاءهم فيما يَقَعُ من الأمورالشَّرْعِيَّة، والقوانين المَرْعية، وأنْ يكونَ لأهل الشَّرِّ بِمَرْصدٍ،

ويقفَ لهم في ثَنِيَّةِ كلِّ مَقْصِدٍ، ويفتح منْ تواريهم كُلَّ بابٍ مُوصِدٍ، وأنْ يَكْتَحل بالسهاد، وألَاّ يَنْتَحِل

غير الجد والاجْتِهاد، وألاّ يُصيخَ إلى افتراء مُفْتَر، ولا يَقْضِيَ على اجْتِراء مُجْتَرٍ، وأَنْ يعمَّ الجِهةَ

بالاحتراس، ويَضُمَّ إلى البَحْثِ عنِ الفُجَّار كلَّ عالِمٍ بالانتهازِ والافْتِراس، ممن لا يَعْلَقُ به اتَّهامٌ، ولا

يقعُ عليه إبْهامٌ، ولِيَتَنَزَّه عنِ الرُّشى، ولا تَعْلَقْ له بِدلْوٍ ولا رشا، ولْيُقِم الحُدودَ، ولايَعْدُها باجتهاد غير

مِحْدودٍ.

فَمَنْ قَرَأَهُ، فلْيَقِفْ عِنَدَهُ ولا يَتَعَدَّه، ومَنْ عارضه بِتَعَدِّيه، أوْ ناقَضَه فيما يُعيدُه منْ إنْكاره ويُبْديه، فقد

تَعَرَّضَ لنكالٍ يَسْتَقْبِلُه، وعِقابٍ يَسْتَوْبله.

وله في المعنى:

كتاب تأْكيدٍ واعْتِناءٍ، وتَقْليدِ ذي مِنَّةٍ وغَناء، أمَرَ بإنْفاذِه فلان، أَيّدَهُ الله، لفلان بن فلان، صَانَه الله،

ليتَقَدَّمَ لِوِلايَةِ المدينة بفلانة وجهاتها، ويضرح ما تكاثَفَ منَ العُدْوان،

ص: 235

في جَنَباتِها، تَنْويهاً أحْظاه

بِعَلائهِ، وكَساهُ رائقَ ملائه، لِما عَلِمَهُ منْ سَنائِه، وتَوَسُّمَهُ منْ غنائهِ، ورَجَاه منْ حُسْنِ منَابِهِ، وتَحَقَّقَهُ

منْ طهارة ساحَتِه وجنابه، وتَيَقَّنَ، - أيَّدَه الله - أنَّه مُسْتَحِقٌّ بما ولاّه، مُسْتَقلٌّ بما تَوَلاّه، لا يَعْتريه

كَسَلٌ، ولا يُثْنيه عن إمضاء صوارمُ ولا أَسَل، لمْ يكِل الأمر منه وإلى وَكِلٍ، ولا ناطهُ بِمناطِ عَجْزٍ ولا

فشَلٍ، وأمَرَه أن يراقب الله تعالى في أوامره ونواهيه، ولْيَعلمْ أنَّه زاجرُه عنِ الجور وناهيه، وسائلُه

كمّا حَكَمَ به وقضاه، (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ).

فَلْيَتَقَدَّمْ إلى ذلك بِحَزْمٍ لا يَخْمدُ تَوَقُّده، وعزْمٍ لا يُقَدُّ تَعَقُّده، ونفسٍ مع الخير ذاهبة، وعلى سَنَن البرِّ

والتقوى راكبَة. ويُقَدِّمُ للاحتراس منْ عُرف اجتهاده، وعُلِمَ أرقُهُ في البَحْثِ وسُهاده، وحُمِدتْ أعماله،

وأمِنَ تَفْريطُه وإهماله، ويَضُمَّ إليهم منْ يَحْذو حَذْوَهم، ويَقْفو شأْوهم، ممّنْ لا يُستراب بمناحيه، ولا

يُصابُ خَلَلٌ في ناحِيَةٍ منْ نواحيه، وأنْ يُذْكي العيونَ على الجناةِ، ويَنْفِيَ عنها لذيذَ السنات، وأَنْ

يَفْحَصَ عنْ مكامِنِهم، حتّى يُغَصَّ بالرَّوْع نفسُ آمنهم، فلا يستَقِرَّ بهم مَوضِعٌ، ولا يَقِرَّ منهم مُخِبٌّ ولا

مَوْضَع فإذا ظَفِرَ

ص: 236

منهم بمَنْ ظَفَرَ، بحثَ عنْ باطنه، وبَثَّ السؤال في مواضعِ تصرُّفه ومواطنه، فإنْ

لاحَتْ شبْهةٌ أبداها الكشفُ والاسْتِبْراءُ، وَتَعَدّاها البغْيُ والافْتراء، نَكَلَهُ بالعُقوبة أشدَّ نكالٍ، وأوضحَ له

منها ما كانَ ذا إشْكال، بعدَ أَنْ يَبْلُغَ أناه، ويقفَ على طرفِ مداه، وحدَّ لهُ ألا يَكْشِفَ بَشرةَ بشرٍ إلا في

حدٍّ يتعينُ، وإنْ جاءه فاسقٌ بنبأ أَنْ يتَبَيَّن، وأنْ لا يطمعَ في صاحب مالٍ موفُور، وأنْ لَا يسمع مِنْ

مكشوف في مستور، وأنْ يسْلُكَ السَّننَ المحمودِ، ويُنَزِّهَ عقوبته من الإفراط، وعفوه من تعطيل

الحدود، وإذا انْتهت إليه قصَّة مشكلة أخَّرها إلى غَدِه، فهو على العقاب أقدَرُ منه على رده، فقدْ يَبينُ

في وقْتنا ما لا يبينُ في وقْتٍ، والمعالجة بالعقوبة من المقت، وأنْ يَتَعَهَّدَ هفواتِ ذوي الهناتِ، وأنْ

يَسْتَشْعِرَ الإشْفاقَ، ويَخْلعَ التَّكَبُّر، فإنَّه منْ ملابِسِ أهلِ النِّفاقِ، ولْيُحْسِن لعباد الله اعْتِقادهُ، ولا يَرْفُضْ

زمامَ العدلِ ومَقَادَه، وأنْ يعاقب المجرم على قدر زَلَّتِهِ. ولا يَغْتَرَّ عنْدَ ذَلَّتِه. ولْيعلم أنّ الشيطانَ أغْواه،

وزَيَّنَ له هواه، فيُشْفق منْ عَثَاره، وسوء آثاره، وسَيَشْكُرُ الله على ما وهبَ له منَ العافية، وأَلْبَسَهُ من

ملابِسها الضَّافية، ويَذْكُرَهُ جَلَّ وتعالى في جميع أحواله، يُفَكِّرَ في الحشر وأهواله، ويَتَذَكَّر وعداً يُنْجَزُ

فيه ووعيداً (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا)، والأمير -

ص: 237

أيده الله - وليٌّ له ما مدَّ عَدْلاً وبَسَطَ، وبَريء منه إنْ جارَ وقَسَطَ، فمَنْ

قرأهُ فَلْيَقِفْ عند حدِّه ورسْمه، ولْيَعرف لهُ حَقَّ قطْعِ الشرِّ وحَسْمِه، ومنْ وافقَهُ منْ شريف أوْ مشروفٍ،

وخالَفَهُ في نهيِ عنْ مُنْكرٍ أوْ أَمْرٍ بِمَعْروفٍ، فقد تعرض مِنَ العقابِ إلى ما يُذيقه وبالَ جهْلِه (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ).

وفي المعنى لأبي مروان بن أبي الخصال:

كتابُ مَبَرَّةٍ مُجَدَّدَةٍ، وأثْرَةٍ مؤكدة، وحُرْمَةٍ مُتَّصِلَةٍ الأسبابِ ممُهّدَة، أمر به أبو فلان - أيده الله - لفلان

ابن فلان صانه الله، وأمَدَّه بتقواه. قَدَّمه به إلى خُطَّةِ أحكام المدينة بحاضرة فلانة، حينَ أُخيفتْ سبل

السيَّارَة، وظهر فيها أهل الفِسْق والدَّعارة، وصدُّوا المسلمين عنْ وجوه المعيشة والتِّجارة، لما رجاه

من قيامه بالخُطَّةِ واضطلاعه، وتَوَقُّده على حسمِ الشَّرِّ واجتماعه، مع ما بلاهُ قديماً وحديثاً منْ حميد

أثره، وَرَضِيِّه على الامتحان من مختبره، وتحققه من حُسْنِ مذاهبه وسِيَره، واعتقد فيه تَغْييرَ

المُنْكراتِ، وقَطْعَ المُسكرات، وَكَفَّ أهل العدوان والاسْتطالاتِ، ورَدَّ الجائرينَ عنْ القصد إلى سواء

الطريق. وعهِدَ إليه أنْ يَبُثَّ الاحتراس في سُبُلِ المسلمينَ ومسالكهم، ويُذْكيَ العيون في طُرُقِهم

ومنَاكِبِهم، إرْصاداً للمحاربينَ، وأخْذاً فوق أيدي المُفْسدينَ، ليَتَصَرَّفَ الناسُ في معائشهم آمنين،

ويمشوا في مناكبِ الأرضِ مطْمَئنينَ، وجعل عليه إقامة الحُدود، وإنفاذَ الأحكام فيها على واجب حقها

المحدود، إلاّ ما كانَ قَتْلاً أوْ رَفْعاً، فإنه مأمورٌ فيه بردِّه إليه - أيده الله - يُشاملُهُ بِحُسْنِ نظره، وَيُقَابِلُ

كُلَّ

ص: 238

إجْرَامٍ منَ العِقاب بقدرِهِ، حَذَراً أنْ تُوقِعَ الحدود في غير مواقِعِها، أوْ يُصابَ بها غيْرُ مواضعِها،

فلْيَمْضِ أبو فلان في غَيْر ما استَثْناهُ عليه من الحدود ظاهرَ القنا والأيدِ، ولْيَتَولها غير ضعيف الكَيْدِ،

دونَ أنْ يَرْعى في فاسقٍ شفاعة مثيل، وأنْ يَخِلَّ من حدود الله بِفتيلٍ، وأجْرى له منَ الوَرِق عشرة

دنانير، يقبضها مشاهَرَةً من الخراج، ليرفع منْ همَّته، ويعفَّ بها في طُعْمَتِه، ولْيَسْتَمِرَّ على صيانته،

ويزيدَ نزاهةً إلى نزاهَتِهِ، ولئلا يجِدَ ذُو الظِّنِّ لسوء ظنِّه مَسْلكاً، وَلَا يجْعَلَ على نفسه للإساءةِ دَرَكاً.

فمَنْ قرأَ هذا الكتابَ أوْ أَُقْرِئَهُ منْ جميع العمَّال وذوي الأمر، وأتباعِهم وكافَّة الناس على طبقاتهم

وأصنافهم، فَلْيَقِفْ عندما يَسْمعُهُ، ولا يتَعَرَّضْ لعقابِ يكفُّ عناهُ ويَرْدَعُهُ، والله المُوفِّقُ.

لا ربَّ غيرهُ.

تجديد ولاية في المعنى:

كِتابُنا أدامَ اللهُ احْتِماءَكَ، وأنارَ لِنُجومِ السَّعْد سماءكَ، وجعل إلى طاعَتِه اعْتِزاءكَ وانتماءك. وقدْ وردَ

كتابُكَ الأثير، ووَقَفْنا على ما حواه، وعَرَفنا سرَّه ونجْواه، وما كانَ لفلانٍ أنْ يعْتَرِضَكَ ويَرْمي

غَرَضكَ. وقدْ وجَّهْنا إليه ما يَكُفُّ اعتداءهُ، ويصْرفُ عنك إعادته بِمَكْروه وابتداءه، فشمِّرْ عنْ ساعِدِ

الاكتفاء، وهُبَّ منْ ذلكَ الإغْفاء، وأرِنا مُنْتَهى غنائكَ، وتَوَخَّ بالاجتهادِ مُعارَضة تَقْريبكَ وإدْنائكَ،

وشِفَّ الشِّدَّة ببَنَانٍ، ولا تَقْطعْ بأثر دونَ عيانٍ، وسُدَّ سَمْعكَ عن النمائم، ولا تَغْمِد النَّصل قبل شقِّ

الكمائم، وأَقِلْ عثرات ذوي الهيآت، وادْرَإِ الحدود بالشُّبُهات، وتجاوزْ عنهم غير مُرْتابٍ، وخُذْ فيهم

بِرُخُصِ السنَّة

ص: 239

والكتاب، وامزجْ لسواهم الصَّابَ بالضَّرَب، واقرعْ في نَكَالهم النَّبْعَ بالغَرَب، والله المستعانُ.

وفي المعنى:

ما وَقع بتِلكَ الجهة نَعْلَمُهُ، ولمْ يخْفَ عنكَ توَجُّعُ السلْطانِ منه وتَأَلُّمُهُ، فَانْهَدْ لتلافي الأمرِ، وإطْفاء

ذلكَ الجمرِ، وَاسْعَ في حسْمِ عِلَلِهِ، وَرَمِّ خَلَلِهُ، واجْرِ إلى ما يُتَعَرَّفُ به حميدُ أثركَ، ويُعْرَفُ به حُسْنُ

نَظَرِكَ، ولا يَغُرُّكَ عَرَضٌ ولا يكونُ لكَ في غير تهدينِ ما نشاءُ غَرَضٌ، وإياكَ أنْ يَرْتَفِعَ عليكَ أمْرٌ

يُنْعى، أوْ يَبْلُغَ عندكَ ما يُلْقى به ما يُحْفَظُ لك ويُرْعى.

وكتب أبو نصر بتولية مواريث، وهو مما أحسن فيه:

كتابُ توجيهٍ وتَكريمٍ وتقْليدٍ وتَقْديمٍ. أمَرَ بإنْفاذِهِ فلان - أيده الله - لفلان - أبقاه الله - ليتقدَّمَ

للمواريثِ بفلانة وأعمالها، ويَرُمَّ ما وجَدَ من اخْتلالها، ويَنْظِمَ ما تناثرَ منْ عقد فوائد اسْتِقْلالها، إحْظاءً

أفاضَ عليه ملْبَسَه، وأوْرى لهُ زَنْدَه فاقْتَبَسَه، لِما عَهِدَه منْ حُسْنِ يقينِهِ، وعلِمَهُ منْ ورَعِهِ ودينِه،

وتَحَقَّقَهُ منْ حياطَتِه وتَحْصينِه، فلْيتقدَّم إلى ذلكَ معظَّمَ القدر، منشرحَ الصدرِ، موثِراً للأمانةِ، مُسْتَكْثِراً

للصيانَةِ، مُجْتَهداً فيما يعودُ على بيتِ المال بنَفعٍ، مدافعاً عنْ تَحَيُّفِهِ

ص: 240

أشدَّ دفع. لا يغْفَلُ منْ واجباته واجباً، ولا يُهْمِل من جَنَبَاتِ ارْتفاقِهِ جانباً،

ولا يدعُ رسماً منْ رسومِهِ داثِراً، ولا يَتْرُكُ أحداً بحَقٍّ منْ

حُقوقِه مُسْتَأثراً، وأنْ يَبْحَثَ عَمَّنْ يُتَوَفَّى بحْثاً يعْلَمُ به حقيقَةَ وارثِهِ وعاصبهِ، ويَسْلَمَ بِسَبَبِهِ بيتُ المال

منْ غاصبِه. فإنْ وجَدَ مالاً لا وَارِثَ لَهُ ولا مُدَّعياً، ولا باحثَ عنْ وجوبِهِ له ولا مُسْتَدْعياً، رفعه إلى

بيت المال، وحمله إليه أحقَّ احْتمال. وإنْ وَجَدَ مالاً يَدَّعيه مُدَّعٍ، وله شبهةٌ ربَّما اقتضتْ صدْقهُ،

وأَمْضت له حقَّه، جعله في ثقافٍ، وصيره في جُمْلةِ الأوقاف، بعد الإشهاد على وزْنِه إنْ كانَ عيْناً، أوْ

مبْلغه إنْ كانَ ديناً، حتّى يبينَ حقُّ مدَّعيه ويتَّضحَ، أوْ تثْبُتَ دعواهُ وتَفْتَضح. وحدَّ له افتقاد أراضيها،

وارْتِجاع ذاهبها - بتعدٍّ إنْ كانَ - وماضيها، وتَثْمير عامرِها، وإنْفاذَ مبيعِ غامرها، بعد الشهادة فيها

بالسداد، والمبالغة في الإشادة في تسويقها، والإنْشادِ، حتّى لا يُدْرَكَ فيها غَبْنٌ، ولا يَشْتَرِكَ في تَرْقيدها

أبٌ وابنٌ، مُجَوِّزاً له في ذلكَ ما يُنَفِّذُهُ ويُمْضيه، مَحْمولاً فيه على ما تقتضيه صحَّةُ تقويمه وتقتضيه.

لا اعتراض عليه فيما بدأه من ذلك أوْ تمَّمَهُ، ولا انتقاض لما عقده منه وأَبْرمه، ما لم تخْتَلَّ أعْمالُهُ،

ولم يبِنِ انْهماله.

فمنْ قرأه فلْيَسْلُكْ معه السَّنن القويم، ولْيتَقبَْلْ فيه الرأي الكريم. إن شاء الله.

ص: 241