المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عَنْ أَبي عُبَيْدٍ خايِبِكَ عَلَيْنَا، وَوَصَلَ الْيَاءَ بِالْبَاءِ فِي الْكِتَابِ، - لسان العرب - جـ ١٥

[ابن منظور]

الفصل: عَنْ أَبي عُبَيْدٍ خايِبِكَ عَلَيْنَا، وَوَصَلَ الْيَاءَ بِالْبَاءِ فِي الْكِتَابِ،

عَنْ أَبي عُبَيْدٍ خايِبِكَ عَلَيْنَا، وَوَصَلَ الْيَاءَ بِالْبَاءِ فِي الْكِتَابِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ مَا كُتِب فِي كِتَابِ ابْنِ هَانِئٍ وخايِ بِكِ اعْجَلِي وخايِ بِكُنَّ اعْجَلْنَ، كُلُّ ذَلِكَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ إِلَّا الْكَافَ فإِنك تُثَنِّيها وتجمعُها. وخوو

الخُوّةُ: الأَرضُ الخاليةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَنِي تَمِيمٍ لأَبي العارِم الكِلابيّ وَكَانَ اسْتَرْشَدَهم فَقَالُوا له: إنّ أَمامَكَ خوو

خُوَّةً مِنَ الأَرض وَبِهَا ذِئْبٌ قَدْ أَكل إِنْسَانًا أَو إِنْسَانَيْنِ فِي خَبَرٍ له طويل. وخوو

خَوٌّ: كَثِيبٌ مَعْرُوفٌ بِنَجْدٍ. ويومُ خوو

خَوٍّ: يومٌ قَتل فِيهِ ذُؤابُ بْنُ رَبِيعَةَ عُتَيْبَةَ بْنِ الحَرِث بْنِ شِهَابِ.

‌ذا

: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ: ذَا يَكُونُ بِمَعْنَى هَذَا، وَمِنْهُ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ

؛ أَي مَنْ هَذَا الَّذِي يَشْفَع عِنده؛ قَالَا: وَيَكُونُ ذَا بِمَعْنَى الَّذِي، قَالَا: وَيُقَالُ هَذَا ذُو صَلاحٍ ورأَيتُ هَذَا ذَا صَلاحٍ وَمَرَرْتُ بِهَذَا ذِي صَلاحٍ، وَمَعْنَاهُ كُلُّهُ صاحِب صَلاح. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: ذَا اسمُ كلِّ مُشارٍ إِلَيْهِ مُعايَنٍ يَرَاهُ الْمُتَكَلِّمُ وَالْمُخَاطَبُ، قَالَ: وَالِاسْمُ فِيهَا الذَّالُ وَحْدَهَا مَفْتُوحَةً، وَقَالُوا الذَّالُ وَحْدَهَا هِيَ الِاسْمُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ، وَهُوَ اسْمٌ مُبْهَمٌ لَا يُعرَف مَا هُوَ حَتَّى يُفَسِّر مَا بَعْدَهُ كَقَوْلِكَ ذَا الرَّجلُ، ذَا الفرَسُ، فَهَذَا تَفْسِيرُ ذَا ونَصْبُه وَرَفْعُهُ وخفصه سَوَاءٌ، قَالَ: وَجَعَلُوا فَتْحَةَ الذَّالِ فَرْقًا بَيْنَ التَّذْكِيرِ والتأْنيث كَمَا قَالُوا ذَا أَخوك، وَقَالُوا ذِي أُخْتُك فَكَسَرُوا الذَّالَ فِي الأُنثى وَزَادُوا مَعَ فَتْحَةِ الذَّالِ فِي الْمُذَكِّرِ أَلفاً وَمَعَ كَسْرَتِهَا للأُنثى يَاءً كَمَا قَالُوا أَنْتَ وأَنْتِ. قَالَ الأَصمعي: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لَا أُكَلِّمُك فِي ذِي السَّنَةِ وَفِي هَذِي السَّنَةِ، وَلَا يُقَالُ فِي ذَا السَّنةِ، وَهُوَ خطأٌ، إِنما يُقَالُ فِي هَذِهِ السَّنةِ؛ وَفِي هَذِي السَّنَةِ وَفِي ذِي السَّنَة، وَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ ادْخُلْ ذَا الدارَ وَلَا الْبَسْ ذَا الجُبَّة، وَإِنَّمَا الصَّوَابُ ادْخُل ذِي الدارَ والْبَس ذِي الجُبَّةَ، وَلَا يَكُونُ ذَا إِلَّا لِلْمُذَكَّرِ. يُقَالُ: هَذِهِ الدارُ وَذِي المرأَةُ. وَيُقَالُ: دَخلت تِلْكَ الدَّار وتِيكَ الدَّار، وَلَا يُقَالُ ذِيك الدَّارَ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ذِيك البَتَّةَ، والعامَّة تُخْطِئ فِيهِ فَتَقُولُ كَيْفَ ذِيك المرأَةُ؟ وَالصَّوَابُ كَيْفَ تِيكَ المرأَةُ؟ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَا اسْمٌ يُشَارُ بِهِ إِلى الْمُذَكَّرِ، وَذِي بِكَسْرِ الذَّالِ لِلْمُؤَنَّثِ، تَقُولُ: ذِي أَمَةُ اللهِ، فإِن وَقَفْتَ عَلَيْهِ قُلْتَ ذِهْ، بِهَاءٍ مَوْقُوفَةٍ، وَهِيَ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ، وَلَيْسَتْ للتأْنيث، وَإِنَّمَا هِيَ صِلةٌ كَمَا أَبدلوا فِي هُنَيَّةٍ فَقَالُوا هُنَيْهة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ وَلَيْسَتْ للتأْنيث وَإِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ، قَالَ: فإِن أَدخلت عَلَيْهَا الْهَاءَ لِلتَّنْبِيهِ قُلْتَ هَذَا زيدٌ وَهَذِي أَمَةُ اللهِ وَهَذِهِ أَيضاً، بِتَحْرِيكِ الْهَاءِ، وَقَدِ اكْتَفَوْا بِهِ عَنْهُ، فإِن صَغَّرْت ذَا قُلْتَ ذَيًّا، بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، لأَنك تَقْلِب أَلف ذَا يَاءٍ لِمَكَانِ الْيَاءِ قَبْلَهَا فتُدْغِمها فِي الثَّانِيَةِ وَتَزِيدُ فِي آخِرِهِ أَلفاً لتَفْرُقَ بَيْنَ المُبْهَم وَالْمُعْرَبِ، وذَيّانِ فِي التَّثْنِيَةِ، وَتَصْغِيرُ هَذَا هَذَيًّا، وَلَا تُصَغَّر ذِي لِلْمُؤَنَّثِ وَإِنَّمَا تُصَغَّر تَا، وَقَدِ اكْتَفَوْا بِهِ عَنْهُ، وَإِنْ ثَنَّيْتَ ذَا قُلْتَ ذانِ لأَنه لَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُمَا لِسُكُونِهِمَا فتَسْقُط إِحْدَى الأَلفين، فَمَنْ أَسقط أَلف ذَا قرأَ إنَّ هذَينِ لَساحِرانِ فأَعْرَبَ، وَمَنْ أَسقط أَلف التَّثْنِيَةِ قرأَ

إنَّ هذانِ لساحِرانِ

لأَن أَلف ذَا لَا يَقَعُ فِيهَا إِعْرَابٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا على لغة بَلْحَرِثِ ابن كَعْبٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: مَنْ أَسقط أَلف التَّثْنِيَةِ قرأَ

إنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ

، قَالَ: هَذَا وَهْمٌ مِنَ الْجَوْهَرِيِّ لأَن أَلف التَّثْنِيَةِ حَرْفٌ زِيدَ لِمَعْنًى، فَلَا يَسْقُطُ وَتَبْقَى الأَلف الأَصلية كَمَا لَمْ يَسقُط التَّنْوِينُ فِي هَذَا قاضٍ وَتَبْقَى الْيَاءُ الأَصلية، لأَن التَّنْوِينَ زيدَ لِمَعْنًى فَلَا يَصِحُّ حَذْفُهُ، قَالَ: وَالْجَمْعُ أُولاء مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ، فَإِنْ خاطبْتَ جئْتَ بِالْكَافِ فَقُلْتَ ذاكَ وَذَلِكَ، فَاللَّامُ

ص: 449

زَائِدَةٌ وَالْكَافُ لِلْخِطَابِ، وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا يُومأُ إِليه بَعِيدٌ وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب، وتُدْخِلُ الْهَاءَ عَلَى ذَاكَ فَتَقُولُ هَذَاكَ زَيدٌ، وَلَا تُدْخِلُها عَلَى ذَلِكَ وَلَا عَلَى أُولئك كَمَا لَمْ تَدْخُل عَلَى تلْكَ، وَلَا تَدْخُل الكافُ عَلَى ذِي لِلْمُؤَنَّثِ، وَإِنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى تَا، تَقُولُ تِيكَ وتِلْك، وَلَا تَقُلْ ذِيك فإِنه خطأٌ، وَتَقُولُ فِي التَّثْنِيَةِ: رأَيت ذَيْنِكَ الرِّجُلين، وَجَاءَنِي ذانِكَ الرَّجُلانِ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا ذانِّك، بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مِنَ النَّحْوِيِّينَ مَنْ يَقُولُ ذانِّك، بِتَشْدِيدِ النُّونِ، تَثْنِيةَ ذَلِكَ قُلِبَتِ اللَّامُ نُونًا وأُدْغِمَت النُّونُ فِي النُّونِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ تشديدُ النُّونِ عِوضٌ مِنَ الأَلف الْمَحْذُوفَةِ مِنْ ذَا، وَكَذَلِكَ يَقُولُ فِي اللذانِّ إِنَّ تَشْدِيدَ النُّونِ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ مِنَ الَّذِي، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَإِنَّمَا شَدَّدُوا النُّونَ فِي ذَلِكَ تأْكيداً وَتَكْثِيرًا لِلِاسْمِ لأَنه بَقِيَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ كَمَا أَدخلوا اللَّامَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذَا فِي الأَسماء المُبْهَمة لِنُقْصَانِهَا، وَتَقُولُ لِلْمُؤَنَّثِ تانِكَ وتانِّك أَيضاً، بِالتَّشْدِيدِ، وَالْجَمْعُ أُولئك، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ حُكْمِ الْكَافِ فِي تَا، وَتَصْغِيرُ ذَاكَ ذَيّاك وَتَصْغِيرُ ذَلِكَ ذَيّالِك؛ وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ وقَدِمَ مِنْ سَفَره فَوَجَدَ امرأَته قَدْ وَلَدَتْ غُلَامًا فأَنكره فَقَالَ لَهَا:

لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَدَ القَصِيِّ

مِنِّي ذِي القاذُورةِ المَقْلِيِ

أَو تَحْلِفِي برَبِّكِ العَلِيِّ

أَنِّي أَبو ذَيّالِكِ الصَّبيِ

قَدْ رابَني بالنَّظَر التُّرْكِيِّ،

ومُقْلةٍ كمُقْلَةِ الكُرْكِيِ

فَقَالَتْ:

لَا وَالَّذِي رَدَّكَ يَا صَفِيِّي،

مَا مَسَّني بَعْدَك مِن إنْسِيِ

غيرِ غُلامٍ واحدٍ قَيْسِيِّ،

بَعْدَ امرأَيْنِ مِنْ بَني عَدِيِ

وآخَرَيْنِ مِنْ بَني بَلِيِّ،

وَخَمْسَةٍ كَانُوا عَلَى الطَّوِيِ

وسِتَّةٍ جاؤوا مَعَ العَشِيِّ،

وغيرِ تُرْكِيٍّ وبَصْرَوِيِ

وَتَصْغِيرُ تِلْك تَيَّاكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ تَيّالِكَ، فأَما تَيّاك فَتَصْغِيرُ تِيك. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ذَا إِشارة إِلى الْمُذَكَّرِ، يُقَالُ ذَا وَذَاكَ، وَقَدْ تُزَادُ اللَّامُ فَيُقَالُ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ الْكِتابُ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ هَذا الكتابُ، وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَى ذَا هَا الَّتِي للتَّنْبِيه فَيُقَالُ هَذا، قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وأَصله ذَيْ فأَبدلوا يَاءَهُ أَلفاً، وَإِنْ كَانَتْ سَاكِنَةً، وَلَمْ يَقُولُوا ذَيْ لِئَلَّا يُشْبِهَ كَيْ وأَيْ، فأَبدلوا يَاءَهُ أَلفاً لِيلْحَقَ بِبَابِ مَتَى وَإِذْ أَو يَخْرُجَ مِنْ شَبَه الحَرْفِ بعضَ الخُروج. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:

إنَّ هَذانِ لَساحِرانِ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَراد يَاءَ النَّصْبِ ثُمَّ حَذَفَهَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الأَلف قَبْلَها، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْقَوِيِّ، وذلِك أَن الْيَاءَ هِيَ الطَّارِئَةُ عَلَى الأَلف فَيَجِبُ أَن تُحْذَفَ الأَلف لِمَكَانِهَا، فأَما مَا أَنشده اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ لِجَمِيلٍ مِنْ قَوْلِهِ:

وأَتَى صَواحِبُها فَقُلْنَ: هَذَا الَّذي

مَنَحَ المَوَدَّةَ غَيْرَنا وجَفانا

فإِنه أَراد أَذا الَّذِي، فأَبدل الْهَاءَ مِنَ الْهَمْزَةِ. وَقَدِ استُعْمِلت ذَا مَكَانَ الَّذِي كَقَوْلِهِ تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ

؛ أَي مَا الَّذِي يُنْفِقُونَ فِيمَنْ رَفَعَ الْجَوَابَ فَرَفْعُ العَفْوِ يَدُلُّ عَلَى أَن مَا مَرْفُوعَةٌ بِالِابْتِدَاءِ وَذَا خَبَرُهَا ويُنْفِقُون صِلةُ ذَا، وأَنه لَيْسَ مَا وَذَا جَمِيعًا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، هَذَا هُوَ الْوَجْهُ عِنْدَ

ص: 450

سِيبَوَيْهِ، وإِن كَانَ قَدْ أَجاز الوجهَ الْآخَرَ مَعَ الرَّفْعِ. وَذِي، بِكَسْرِ الذَّالِ، لِلْمُؤَنَّثِ وَفِيهِ لُغاتٌ: ذِي وذِهْ، الْهَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ، الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي تَحْقِيرِ ذَا ذَيّا، وذِي إِنَّمَا هِيَ تأْنيث ذَا وَمِنْ لَفْظِهِ، فَكَمَا لَا تَجِب الْهَاءُ فِي الْمُذَكَّرِ أَصلًا فَكَذَلِكَ هِيَ أَيضاً فِي الْمُؤَنَّثِ بَدَلٌ غيرُ أَصْلٍ، وَلَيْسَتِ الْهَاءُ فِي هَذِه وَإِنِ اسْتُفِيدَ مِنْهَا التأْنيث بِمَنْزِلَةِ هَاءِ طَلْحَة وحَمْزَة لأَن الْهَاءَ فِي طَلْحَةَ وَحَمْزَةَ زَائِدَةٌ، وَالْهَاءُ فِي هَذا لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ إِنما هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ فِي هَذِي، وأَيضاً فإِنَّ الْهَاءَ فِي حَمْزَةَ نَجِدُهَا فِي الْوَصْلِ تَاءً وَالْهَاءُ فِي هَذِهِ ثابِتةٌ فِي الْوَصْلِ ثَباتَها فِي الْوَقْفِ. وَيُقَالُ: ذِهِي، الْيَاءُ لِبَيَانِ الْهَاءِ شَبَّهَهَا بِهَاءِ الإِضمار فِي بِهِي وهَذِي وهَذِهِي وهَذِهْ، الْهَاءُ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ ساكنةٌ إِذا لَمْ يَلْقَهَا سَاكِنٌ، وَهَذِهِ كُلُّهَا فِي مَعْنَى ذِي؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

قُلْتُ لَها: يَا هَذِهي هَذَا إِثِمْ،

هَلْ لَكِ فِي قاضٍ إِلَيْهِ نَحْتَكِمْ؟

وَيُوصَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِكَافِ الْمُخَاطَبَةِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَسماء الإِشارة هَذا وهذِه لَا يَصِحُّ تَثْنِيَةُ شَيْءٍ مِنْهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ التَّثْنِيَةَ لَا تَلْحَقُ إِلا النَّكِرَةَ، فَمَا لَا يَجُوزُ تَنْكِيرُهُ فَهُوَ بأَن لَا تَصِحَّ تَثْنِيَتُهُ أَجْدَرُ، فأَسْماء الإِشارة لَا يَجُوزُ أَن تُنَكَّر فَلَا يَجُوزُ أَن يُثَنَّى شَيْءٌ مِنْهَا، أَلا تَرَاهَا بَعْدَ التَّثْنِيَةِ عَلَى حَدِّ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّثْنِيَةِ، وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِكَ هَذانِ الزَّيْدانِ قائِمَيْن، فَنَصْبُ قائِمَيْن بِمَعْنَى الْفِعْلِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الإِشارةُ والتنبيهُ، كَمَا كُنْتَ تَقُولُ فِي الْوَاحِدِ هَذَا زَيْدٌ قَائِمًا، فَتَجِدُ الْحَالَ وَاحِدَةً قَبْلَ التثنيةِ وَبَعْدَهَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُكَ ضَرَبْتُ اللَّذَيْنِ قَامَا، تَعرَّفا بِالصِّلَةِ كَمَا يَتَعَرَّفُ بِهَا الْوَاحِدُ كَقَوْلِكَ ضَرَبْتُ الَّذِي قامَ، والأَمر فِي هَذِهِ الأَشياء بَعْدَ التَّثْنِيَةِ هُوَ الأَمر فِيهَا قَبْلَ التَّثْنِيَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ سائرُ الأَسماء الْمُثَنَّاةِ نَحْوَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، أَلا تَرَى أَن تَعْرِيفَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو إِنما هُوَ بِالْوَضْعِ وَالْعَلَمِيَّةِ؟ فإِذا ثَنَّيْتَهُمَا تَنَكَّرَا فَقُلْتَ عِنْدِي عَمْرانِ عاقِلانِ، فإِن آثَرْتَ التَّعْرِيفَ بالإِضافة أَو بِاللَّامِ فَقُلْتَ الزَّيْدانِ والعَمْرانِ وزَيْداكَ وعَمْراكَ، فَقَدْ تَعَرَّفا بَعْدَ التَّثْنِيَةِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ تَعَرُّفِهما قَبْلَهَا ولَحِقا بالأَجْناسِ وفارَقا مَا كَانَا عَلَيْهِ مِنْ تَعْرِيفِ العَلَمِيَّةِ والوَضْعِ، فإِذا صَحَّ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَن تعلمَ أَنَّ هذانِ وهاتانِ إِنما هِيَ أَسماء مَوْضُوعَةٌ لِلتَّثْنِيَةِ مُخْتَرعة لَهَا، وَلَيْسَتْ تَثْنِيَةً لِلْوَاحِدِ عَلَى حَدِّ زَيْدٍ وزَيْدانِ، إِلا أَنها صِيغت عَلَى صُورَةِ مَا هُوَ مُثَنًّى عَلَى الْحَقِيقَةِ فَقِيلَ هذانِ وهاتانِ لِئَلَّا تَخْتَلِفَ التَّثْنِيَةُ، وَذَلِكَ أَنهم يُحافِظون عَلَيْهَا مَا لَا يُحافِظون عَلَى الْجَمْعِ، أَلا تَرَى أَنك تَجِدُ فِي الأَسماء الْمُتَمَكِّنَةِ أَلفاظَ الجُموع مِنْ غَيْرِ أَلفاظِ الْآحَادِ، وَذَلِكَ نَحْوَ رَجُلٍ ونَفَرٍ وامرأَةٍ ونِسْوة وبَعير وإِبلٍ وَوَاحِدٍ وجماعةٍ، وَلَا تَجِدُ فِي التَّثْنِيَةِ شَيْئًا مِنْ هَذَا، إِنَّمَا هِيَ مِنْ لَفْظِ الْوَاحِدِ نَحْوَ زَيْدٍ وَزَيْدَيْنِ وَرَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَيضاً كَثِيرٌ مِنَ الْمَبْنِيَّاتِ عَلَى أَنها أَحق بِذَلِكَ مِنَ الْمُتَمَكِّنَةِ، وَذَلِكَ نَحْوَ ذَا وأُولَى وأُلات وذُو وأُلُو، وَلَا تَجِدُ ذَلِكَ فِي تَثْنِيَتِهَا نَحْوَ ذَا وذانِ وذُو وذَوانِ، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مُحَافَظَتِهِمْ عَلَى التَّثْنِيَةِ وَعِنَايَتِهِمْ بِهَا، أَعني أَن تَخْرُجَ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ لِئَلَّا تَخْتَلِفَ، وأَنهم بِهَا أَشدُّ عِناية مِنْهُمْ بِالْجَمْعِ، وَذَلِكَ لَمَّا صِيغَتْ لِلتَّثْنِيَةِ أَسْماء مُخْتَرَعة غَيْرُ مُثناة عَلَى الْحَقِيقَةِ كَانَتْ عَلَى أَلفاظ المُثناة تَثْنِيةً حَقِيقَةً، وَذَلِكَ ذانِ وتانِ، وَالْقَوْلُ فِي اللَّذانِ واللَّتانِ كَالْقَوْلِ فِي ذانِ وتانِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: فأَما قَوْلُهُمْ هذانِ وهاتانِ وَفَذَانِكَ فإِنما تُقْلَبُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لأَنهم عَوَّضوا مِنْ حَرْفٍ

ص: 451