المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ماوِيَّةٌ كَانَتْ فِي الأَصل مَائِيَّةً، فَقُلِبَتِ المدَّة وَاوًا فَقِيلَ مَاوِيَّةٌ، - لسان العرب - جـ ١٥

[ابن منظور]

الفصل: ماوِيَّةٌ كَانَتْ فِي الأَصل مَائِيَّةً، فَقُلِبَتِ المدَّة وَاوًا فَقِيلَ مَاوِيَّةٌ،

ماوِيَّةٌ كَانَتْ فِي الأَصل مَائِيَّةً، فَقُلِبَتِ المدَّة وَاوًا فَقِيلَ مَاوِيَّةٌ، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ شاوِيٌّ. وماوِيَّة: اسْمُ امرأَة، وَهُوَ مِنْ أَسماء النِّسَاءِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

ماوِيّ، يَا رُبَّتَما غارةٍ

شَعْواء، كاللَّذْعةِ بالمِيسَمِ

أَراد يَا ماوِيَّة فَرخَّم. قَالَ الأَزهري: رأَيت فِي الْبَادِيَةِ عَلَى جادَّة الْبَصْرَةِ إِلى مَكَّةَ مَنْهلةً بَيْنَ حَفَرِ أَبي مُوسَى ويَنْسُوعةَ يُقَالُ لها ماوِيَّة.

مومي: الْجَوْهَرِيُّ: المَوْمَاةُ وَاحِدَةُ المَوَامي وَهِيَ المَفاوِزُ. وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: الْمَوْمَاةُ أَصله مَوْمَوة، عَلَى فَعْلَلةٍ، وَهُوَ مُضَاعَفٌ قُلِبَتْ وَاوُهُ أَلفاً لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا.

ميا: مَيَّةُ: اسْمُ امرأَة، ومَيٌّ أَيضاً، وَقِيلَ: مَيَّةُ مِنْ أَسماء القِرَدةِ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة. اللَّيْثُ: مَيَّةُ اسْمُ امرأَة، قَالَ: زَعَمُوا أَن القِرْدةَ الأُنثى تُسَمَّى مَيَّةَ، وَيُقَالُ منَّة. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَيَّةُ القِرْدةُ؛ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ. وأَما قَوْلُهُمْ مَيَّ فَفِي الشِّعْرِ خَاصَّةً، فإِما أَن يَكُونَ اللَّفْظُ فِي أَصله هَكَذَا، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ أَمال. ابْنُ حَنْظَل: والمايِيَّةُ حِنْطة بَيْضَاءُ إِلى الصُّفْرَةِ وَحَبُّهَا دُونَ حَبِّ البُرْثجانِيَّة؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ.

‌فصل النون

نأي: النَّأْيُ: البُعدُ. نَأَى يَنْأَى: بَعُدَ، بِوَزْنِ نَعى يَنْعَى. ونَأَوْتُ: بَعُدْت، لُغَةٌ فِي نأَيْتُ. والنَّأْي: المُفارقة؛ وَقَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:

وهِنْدٌ أَتى مِنْ دُونِها النَّأْيُ والبُعْدُ

إِنما أَراد المُفارقةَ، وَلَوْ أَراد البُعْدَ لَمَا جَمع بَيْنَهُمَا. نَأَى عَنْهُ، وَنَاءَ وَنَآهُ يَنْأَى نَأْياً وانْتَأَى، وأَنْأَيْتُه أَنا فانْتَأَى: أَبْعَدْتُه فبَعُد. الْجَوْهَرِيُّ: أَنأَيْته ونَأَيْتُ عَنْهُ نأْياً بِمَعْنًى أَي بَعُدْت. وتَنَاءَوا: تباعَدُوا. والمُنْتَأَى: الْمَوْضِعُ الْبَعِيدُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

فإِنَّك كاللَّيْل الَّذِي هُوَ مُدْرِكِي،

وإِنْ خِلْتُ أَنَّ المُنْتَأَى عَنْكَ واسِعُ

الْكِسَائِيُّ: نَاءَيْتُ عَنْكَ الشرَّ عَلَى فاعَلْت أَي دَافَعْتُ؛ وأَنشد:

وأَطْفَأْتُ نِيرانَ الحُروبِ وَقَدْ عَلَتْ،

وناءَيْتُ عَنهمْ حَرْبَهُمْ فتَقَرَّبُوا

ويقال للرجل إِذا تَكَبَّرَ وأعْرِض بِوَجْهِهِ: نَأَى بِجَانِبِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنه نأَى جانِبَه مِنْ وَراء أَي نَحّاه. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ*

؛ أَي أَنْأَى جانِبَه عَنْ خالِقه مُتَغانياً مُعْرضاً عَنْ عِبَادَتِهِ وَدُعَائِهِ، وَقِيلَ: نأَى بِجَانِبِهِ أَي تباعَدَ عَنِ الْقَبُولِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وقرأَ ابْنُ عَامِرٍ

ناءَ بجانِبه

، عَلَى الْقَلْبِ؛ وأَنشد:

أَقولُ، وَقَدْ ناءتْ بِهَا غُرْبَةُ النَّوَى:

نَوًى خَيْتَعُورٌ لَا تَشِطُّ دِيارُكِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: أَنشدني الْمُبَرِّدُ:

أَعاذِل، إِنْ يُصْبِحْ صَدايَ بِقَفْرةٍ

بَعِيداً، نَآنِي زائِرِي وقَريبي

قَالَ الْمُبَرِّدُ: قَوْلُهُ نَآنِي فِيهِ وَجْهَانِ: أَحدهما أَنه بِمَعْنَى أَبعدني كَقَوْلِكَ زِدْته فَزَادَ وَنَقَصْتُهُ فَنَقَصَ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ فِي نَآنِي أَنه بِمَعْنَى نَأَى عَنِّي، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الصَّحِيحُ. وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ: نَأَيتُ الدمعَ عَنْ خَدِّي بِإِصْبَعي نَأْياً؛ وأَنشد:

إِذا مَا التَقَيْنا سالَ مِنْ عَبَراتِنا

شآبِيبُ، يُنْأَى سَيْلُها بالأَصابِع

ص: 300

قَالَ: والانْتِيَاء بِوَزْنِ الابْتِغاء افْتِعَالٌ مِنَ النَّأْي. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَأَى فُلَانٌ عَنِّي يَنْأَى إِذا بَعُد، وَنَاءَ عَنِّي بِوَزْنِ بَاعَ، عَلَى الْقَلْبِ، وَمِثْلُهُ رَآنِي فُلَانٌ بِوَزْنِ رَعاني، وَرَاءَنِي بِوَزْنِ راعَني، وَمِنْهُمْ مَنْ يُميل أَوَّله فَيَقُولُ نَأَى ورَأَى. والنُّؤْي والنِّئْي والنَّأْيُ والنُّؤَى، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى مِثَالِ النُّفَى؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: الحَفِير حَوْلَ الخِباء أَو الخَيْمة يَدْفَع عَنْهَا السيلَ يَمِينًا وَشِمَالًا ويُبْعِدُه؛ قَالَ:

ومُوقَدُ فِتْيَةٍ ونُؤَى رَمادٍ،

وأَشْذابُ الخِيامِ وقَد بَلِينا

وَقَالَ:

عَليها مَوْقِدٌ ونُؤَى رَمادٍ

وَالْجُمَعُ أَنْآء، ثُمَّ يُقَدِّمُونَ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُونَ آنَاء، عَلَى الْقَلْبِ، مِثْلُ أَبْآرٍ وآبارٍ، ونُؤُيٌّ عَلَى فُعُول ونِئِيٌّ تتبع الْكَسْرَةَ. التَّهْذِيبُ: النُّؤْي الْحَاجِزُ حَوْلَ الْخَيْمَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: النُّؤْي حُفرة حَوْلَ الخِباء لِئَلَّا يَدْخُلَهُ مَاءُ الْمَطَرِ. وأَنْأَيْتُ الخِباء: عَمِلْتُ لَهُ نُؤْياً. ونَأَيْتُ النُّؤْيَ أَنْآه وأَنْأَيْتُه: عَمِلْتُهُ. وانْتَأَى نُؤْياً: اتَّخَذَهُ، تَقُولُ مِنْهُ: نأَيْتُ نُؤْياً؛ وأَنشد الْخَلِيلُ:

شَآبيبُ يُنْأَى سيلُها بالأَصابع

قَالَ: وَكَذَلِكَ انْتَأَيْتُ نُؤْياً، والمُنْتَأَى مِثْلُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

ذَكَرْتَ فاهْتاجَ السَّقامُ المُضْمَرُ

مَيّاً، وشاقَتْكَ الرُّسُومُ الدُّثَّرُ

آرِيُّها والمُنْتَأَى المُدَعْثَرُ

وَتَقُولُ إِذا أَمرت مِنْهُ: نَ نُؤْيَك أَي أَصْلِحْه، فإِذا وَقَفْتَ عَلَيْهِ قُلْتَ نَهْ، مِثْلُ رَ زَيْدًا، فإِذا وقَفت عَلَيْهِ قُلْتَ رَهْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا إِنما يَصِحُّ إِذا قدَّرت فعلَه نأَيتُه أَنْآه فَيَكُونَ الْمُسْتَقْبَلُ يَنْأَى، ثُمَّ تُخَفَّفُ الْهَمْزَةُ عَلَى حدِّ يَرى، فَتَقُولُ نَ نُؤْيَك، كَمَا تَقُولُ رَ زَيْدًا، وَيُقَالُ انْأَ نُؤيك، كَقَوْلِكَ انْعَ نُعْيَك إِذا أَمرته أَن يُسوِّي حولَ خِبائه نُؤياً مُطيفاً بِهِ كالطَّوْف يَصْرِفُ عَنْهُ مَاءَ الْمَطَرِ. والنُّهَيْر الَّذِي دُونَ النُّؤْي: هُوَ الأَتيُّ، وَمَنْ تَرَكَ الْهَمْزَ فِيهِ قَالَ نَ نُؤْيَك، وَلِلِاثْنَيْنِ نَيا نُؤْيكما، وَلِلْجَمَاعَةِ نَوْا نُؤْيَكم، وَيُجْمَعُ نُؤْي الخِباء نُؤًى، عَلَى فُعَلٍ. وَقَدْ تَنَأَّيْتُ نُؤياً، والمُنْتَأَى: مَوْضِعُهُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

مُنْتَأًى كالقَرْوِ رَهْنَ انْثِلامِ

وَمَنْ قَالَ النُّؤي الأَتِيُّ الَّذِي هُوَ دُونَ الْحَاجِزِ فَقَدْ غَلِطَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

ونُؤْيٌ كَجِذْمِ الحَوْضِ أَثْلَمُ خاشِعُ

فإِنما يَنْثَلِمُ الحاجزُ لَا الأَتِيُّ؛ وَكَذَلِكَ قوْله:

وسَفْع عَلَى آسٍ ونُؤْي مُعَثْلَب

والمُعَثْلَبُ: المَهْدُوم، وَلَا يَنْهَدِم إِلا مَا كَانَ شَاخِصًا. والمَنْأَى: لُغَةٌ فِي نُؤْيِ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ النِّئْيُ مِثْلُ نِعْيٍ، وَيُجْمَعُ النُّؤْي نُؤْياناً بوزن نُعْياناً وأَنْآء.

نبا: نَبا بَصَرُهُ عَنِ الشَّيْءِ نُبُوًّا ونُبِيّاً؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:

لمَّا نَبَا بِي صاحِبي نُبِيّا

ونَبْوة مَرَّةً وَاحِدَةً. وَفِي حَدِيثِ

الأَحنف: قَدِمْنا عَلَى عُمر معَ وفْد فَنَبَتْ عَيناه عَنْهُمْ ووقعَتا عليَ

؛ يُقَالُ: نَبا عَنْهُ بَصَرهُ يَنْبُو أَي تَجافَى وَلَمْ يَنْظُرْ إِليه، كأَنه حَقَرَهم وَلَمْ يَرْفَع بِهِمْ رأْساً. ونَبَا السيفُ عَنِ الضَّريبة نَبْواً ونَبْوة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ لَا يُرَادُ بالنَّبْوة المرَّة الْوَاحِدَةُ: كَلَّ وَلَمْ يَحِكْ فِيهَا. ونَبا

ص: 301

حَدُّ السيفِ إِذا لَمْ يَقطع. ونَبَتْ صُورته: قَبُحَت فَلَمْ تَقبلها الْعَيْنُ. ونَبَا بهِ مَنْزِله: لَمْ يوافِقْه، وَكَذَلِكَ فِراشُه؛ قَالَ:

وإِذا نَبا بِكَ مَنْزِلٌ فَتَحَوَّلِ

ونَبَتْ بِي تِلْكَ الأَرضُ أَي لَمْ أَجد بِهَا قَراراً. ونَبا فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ: لَمْ يَنْقَدْ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ

طَلْحَةَ: قَالَ لِعُمَرَ أنتَ ولِيُّ مَا وَلِيتَ لَا نَنْبُو فِي يَدَيْكَ

أَي ننْقاد لَكَ وَلَا نَمْتَنع عَمَّا تُرِيدُ مِنَّا. ونَبَا جَنْبِي عَنِ الفِراش: لَمْ يَطْمئنّ عَلَيْهِ. التَّهْذِيبُ: نَبَا الشيءُ عَنِّي يَنْبُو أَي تَجافَى وتَباعَد. وأَنْبَيْتُه أَنا أَي دَفَعْتُهُ عَنْ نَفْسِي. وَفِي الْمَثَلِ:

الصِّدْقُ يُنْبِي عنكَ لَا الوعيدُ

أَي أَنَّ الصِّدقَ يَدفَع عَنْكَ الْغَائِلَةَ فِي الحَرب دُونَ التهْديد. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ يُنْبِي، بِغَيْرِ هَمْزٍ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:

صَبَّ اللَّهِيفُ لهَا السُّبُوبَ بِطَغْيةٍ

تُنْبي العُقابَ، كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ

وَيُقَالُ: أَصله الْهَمْزُ مِنَ الإِنْبَاء أَي أَن الفِعل يُخبر عَنْ حَقِيقتك لَا الْقَوْلَ. ونَبا السَّهم عَنِ الهَدَف نَبْواً: قَصَّر. ونَبَا عَنِ الشَّيْءِ نَبْواً ونَبْوةً: زايَلَه، وإِذا لَمْ يَسْتَمكِن السَّرْج أَو الرَّحْل مِنَ الظَّهْرِ قِيلَ نَبَا؛ وأَنشد:

عُذافِرُ يَنْبُو بأَحْنا القَتَب

ابْنُ بُزُرْجَ: أَكل الرَّجل أَكْلة إِنْ أَصْبَح مِنْهَا لَنابياً، وَلَقَدْ نَبَوْت مِنْ أَكلة أَكلْتُها بقول سَمِنت مِنْهَا، وأَكل أَكْلة ظَهَر مِنْهَا ظَهْرةً أَي سَمِنَ مِنْهَا. ونَبا بِي فُلَانٌ نَبْواً إِذا جَفاني. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَنْبُو فِي يَدَيْكَ إِن سأَلتَه أَي لَا يَمْنَعُك. ابْنُ الأَعرابي: والنَّابِيَةُ القَوْس الَّتِي نَبَتْ عَنْ وتَرها أَي تَجافَتْ. والنَّبْوَة: الجَفْوةُ. والنَّبْوَةُ: الإِقامة. والنَّبْوَةُ: الارْتِفاع. ابْنُ سِيدَهْ: النَّبْوُ العُلُوُّ والارْتِفاعُ، وَقَدْ نَبا. والنَّبْوَةُ والنَّبَاوَةُ والنبيُّ: مَا ارْتَفَع مِنَ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:

فأُتِي بِثَلَاثَةِ قِرَصةٍ فَوُضعت عَلَى نَبيّ

أَي عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ مِنَ الأَرض، مِنَ النَّباوَة والنَّبْوةِ الشرَفِ المُرْتَفِع مِنَ الأَرض؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

لَا تُصلُّوا عَلَى النَّبيِ

أَي عَلَى الأَرض الْمُرْتَفِعَةِ المُحْدَوْدِبةِ. والنبيُّ: العَلَم مِنْ أَعْلام الأَرض الَّتِي يُهتَدَى بِهَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ النَبِيّ لأَنه أَرفع خَلْقِ اللَّهِ، وَذَلِكَ لأَنه يُهْتَدَى بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ النَّبِيّ فِي الْهَمْزِ، وَهُمْ أَهل بَيْتِ النُّبُوَّة. ابْنُ السِّكِّيتِ: النَّبيّ هُوَ الَّذِي أَنْبأَ عَنِ اللَّهِ، فترك همزه، قال: وإِن أَخَذْتَ النَّبِيَّ مِنَ النَّبْوة والنَّبَاوَةِ، وَهِيَ الارتفاعُ مِنَ الأَرض، لارْتِفاع قَدْره ولأَنه شُرِّف عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ، فأَصله غَيْرُ الْهَمْزِ، وَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعول، وَتَصْغِيرُهُ نُبَيٌّ، وَالْجَمْعُ أَنْبِيَاء؛ وأَما قَوْلُ أَوس ابْنِ حَجر يَرْثي فُضالةَ بْنَ كَلْدةَ الأَسَدِيّ:

عَلَى السَّيِّدِ الصَّعْب، لَو أَنَّه

يَقُومُ عَلَى ذِرْوةِ الصَّاقِبِ،

لأَصْبَح رَتْماً دُقاقَ الحَصى،

مَكانَ النَّبِيِّ مِنَ الكاثِبِ

قَالَ: النَّبِيُّ المكان المُرْتَفِعُ، والكاثِبُ: الرَّمْلُ الْمُجْتَمِعُ، وَقِيلَ: النَّبِيُّ مَا نَبا مِنَ الْحِجَارَةِ إِذا نَجَلَتْها الحَوافِرُ، وَيُقَالُ: الكاثِبُ جَبَلٌ وحَوله رَوابٍ يُقَالُ لَهَا النَّبيُّ، الْوَاحِدُ نابٍ مِثْلُ غازٍ وغَزيٍّ، يَقُولُ: لَوْ قَامَ فُضالةُ عَلَى الصاقِب، وَهُوَ جَبَل، لذَلَّلَه وتَسَهَّل لَهُ حَتَّى يَصِيرَ كالرَّمْلِ الَّذِي

ص: 302

فِي الْكَاثِبِ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ فِي النَّبِيّ هاهنا أَنه اسْمُ رَمْلٍ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: الكاثِبُ اسْمُ قُنَّةٍ فِي الصاقِب، وَقِيلَ: يَقُومُ بِمَعْنَى يُقاوِمُ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي سَلَمَةَ التَّبُوذَكيّ قَالَ: قَالَ أَبو هِلال قَالَ قَتادة مَا كَانَ بالبَصْرة رَجُلٌ أَعْلَمُ مِنْ حُمَيْد بْنِ هِلال غَيْرَ أَنَّ النَّبَاوَةَ أَضَرَّتْ بِهِ

أَي طَلَبَ الشَّرَفِ والرِّياسةِ وحُرْمةَ التَّقَدُّم فِي العِلم أَضَرَّ بِهِ، وَيُرْوَى بِالتَّاءِ وَالنُّونِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: النَّبِيُّ الطَّريقُ، والأَنْبِياء طُرُق الهُدَى. قَالَ أَبو مُعاذ النَّحْوِيُّ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ مَن يَدُلُّني عَلَى النَّبِيِّ أَي عَلَى الطَّريق. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْقِرَاءَةُ الْمُجْتَمِعُ عَلَيْهَا فِي النَّبِيِّينَ والأَنبياء طَرْحُ الْهَمْزِ، وَقَدْ هَمَزَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ جَمِيعَ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ هَذَا، وَاشْتِقَاقُهُ من نَبَّأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر، قَالَ: والأَجود تَرْكُ الْهَمْزِ لأَن الِاسْتِعْمَالَ يُوجب أَنَّ مَا كَانَ مهمُوزاً مِنْ فَعِيل فَجَمْعُهُ فُعَلاء مِثْلُ ظَريف وظُرَفاء، فإِذا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ فَجَمْعُهُ أَفْعِلاء نَحْوُ غَنِيٍّ وأَغْنِياء ونَبيٍّ وأَنْبِياء، بِغَيْرِ هَمْزٍ، فإِذا هَمَزْت قُلْتَ نَبيء ونُبَآء كَمَا تَقُولُ فِي الصَّحِيحِ، قَالَ: وَقَدْ جاءَ أَفعلاء فِي الصَّحيح، وَهُوَ قَلِيلٌ، قَالُوا خَمِيسٌ وأَخْمِساء ونَصِيبٌ وأَنْصِباء، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ نَبِيّ مِنْ أَنبأْت مِمَّا تُرِكَ هَمَزُهُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ نَبا يَنْبُو إِذا ارْتَفَعَ، فَيَكُونَ فَعِيلًا مِنَ الرِّفْعة. وتَنَبَّى الكَذَّابُ إِذا ادَّعى النُّبُوَّة وَلَيْسَ بنَبيٍّ، كَمَا تنَبَّى مُسيْلِمة الكَذَّاب وَغَيْرُهُ مِنَ الدَّجَّالِينَ المُتَنَبِّينَ. والنَّبَاوَةُ والنَبِيُّ: الرَّمْل. ونَبَاةُ، مَقْصُورٌ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ الأَخفش؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

فالسِّدْرُ مُخْتَلَجٌ وغُودِرَ طافِياً،

مَا بَيْنَ عَيْنَ إِلى نَبَاةَ، الأَثْأَبُ

وَرُوِيَ: نَباتى، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ونُبَيٌّ: مَكَانٌ بِالشَّامِ «3» دُونَ السِّرِّ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

لَمَّا وَرَدْنَ نُبَيّاً، واسْتَتَبَّ بِنا

مُسْحَنْفِرٌ، كخُطوطِ النَّسْجِ، مُنْسَحِلُ

والنَبِيُّ: مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ. والنَّبَوَانُ: مَاءٌ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ:

شَرْجٌ رَواءٌ لَكُما وزُنْقُبُ،

والنَّبَوانُ قَصَبٌ مُثَقَّبُ

يَعْنِي بالقَصب مَخارجَ مَاءِ الْعُيُونِ، ومُثَقَّب: مَفْتُوحٌ بِالْمَاءِ. والنَّبَاوةُ: مَوْضِعٌ بِالطَّائِفِ مَعْرُوفٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

خَطَبَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، يَوماً بالنَّبَاوَة مِنَ الطَّائِفِ

، وَاللَّهُ أَعلم.

نتا: نَتا الشيءُ نَتْواً ونُتُوًّا: وَرِمَ. ونَتا عُضْوٌ مِنْ أَعْضائه يَنْتُو نُتُوًّا، فَهُوَ ناتٍ إِذا وَرِمَ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَقَدْ تقدَّمَ أَيضاً فِي الْهَمْزِ. اللِّحْيَانِيُّ: تَحْقِرُه ويَنْتُو أَي تَسْتَصْغِره ويَعظم، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَحقِرُه ويَنْدَرِئُ عَلَيْكَ بِالْكَلَامِ، قَالَ: يُضْرب هَذَا لِلَّذِي لَيْسَ لَهُ ظَاهِرُ مَنْظَر وَلَهُ باطِن مَخْبَر، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهَمْزِ لأَنَّ هَذَا الْمَثَلَ يُقَالُ فِيهِ يَنْتُو ويَنْتَأُ، بِهَمْزٍ وَبِغَيْرِ هَمْزٍ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْتَى إِذا تأَخر، وأَنْتَى إِذا كسَرَ أَنْفَ إِنسان فوَرَّمَه، وأَنْتَى إِذا وافَقَ شَكْلَه فِي الخَلْق والخُلُق، مأْخوذ مِنَ التِّنِّ. والنَّواتِي: المَلَّاحُون، وَاحِدُهُمْ نُوتِيٌّ.

نثا: نَثا الحَديثَ والخَبر نَثْواً: حَدَّث بِهِ وأَشاعَه وأَظْهَره؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْخَنْسَاءِ:

قامَ يَنْثُو رَجْعَ أَخْباري

(3). قوله [ونبي مكان بالشام] كذا ضبط بالأصل مصغراً، وفي ياقوت مكبراً وأورد الشاهد كذلك، وفيه أيضاً: كخطوط السيح منسحل.

ص: 303

وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: فجاءَ خالُنا فنَثا عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ لَهُ

أَي أَظْهَرَه إِلينا وحَدَّثَنا بِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ

مازِنٍ:

وكُلُّكُمْ حِينَ يُنْثَى عَيْبُنا فَطِن

وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء:

يَا مَن تُنْثَى عِنْدَهُ بَواطِنُ الأَخبار.

والنَّثَا: مَا أَخْبَرْتَ بِهِ عَنِ الرَّجُلِ مِنْ حَسَن أَو سَيِء، وتَثْنِيتُه نَثَوانِ ونَثَيانِ، يُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ النَّثَا وقَبيح النَّثا، وَلَا يَشْتَقُّ مِنَ النَّثَا فَعَلَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الَّذِي قَالَ إِنه لَا يشتق من النَّثا فعل لَمْ نَعْرِفْهُ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ أَبي هَالَةَ فِي صِفَةِ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: وَلَا تُنْثَى فَلَتَاتُه

أَي لا تُشاعُ ولا تُذاعُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ لَا يُتَحدَّث بِتِلْكَ الفَلَتات، يُقَالُ مِنْهُ: نَثَوْتُ الْحَدِيثَ أَنْثُوه نَثْواً، وَالِاسْمُ مِنْهُ النَّثا؛ وَقَالَ أَحمد بْنُ جَبَلة فِيمَا أَخبر عَنْهُ ابْنُ هاجَك: مَعْنَاهُ أَنه لَمْ يَكُنْ لِمَجْلِسِهِ فَلَتات فَتُنْثى؛ قَالَ: والفَلَتاتُ السَّقَطات والزَّلَّات. ونَثا عَلَيْهِ قَوْلًا: أَخْبَر بِهِ عَنْهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: نَثا يَنْثُو نَثاء ونَثاً كَمَا قَالُوا بَذَا يَبْذُو بَذَاءً وبَذاً، ونَثَوْتُ الْحَدِيثَ ونَثَيْتُه. والنَّثْوَة: الوَقِيعة فِي النَّاسِ. والنَّثَا فِي الْكَلَامِ يُطْلق عَلَى القَبيح والحَسن، يُقَالُ: مَا أَقبح نَثاه وَمَا أَحسن نَثاه ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَنْثَى إِذا قَالَ خَيْرًا أَو شَرًّا، وأَنثى إِذا اغْتاب. والنَّاثِي: المُغْتابُ، وَقَدْ نَثا يَنْثُو. قَالَ ابْنُ الأَنباري: سَمِعْتُ أَبا الْعَبَّاسِ يَقُولُ النَّثَا يَكُونُ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ، يُقَالُ: هُوَ يَنْثو عَلَيْهِ ذُنُوبه، وَيُكْتَبُ بالأَلف؛ وأَنشد:

فاضِلٌ كامِلٌ جَمِيلٌ نَثَاهُ،

أَرْيَحِيٌّ مُهَذَّبٌ مَنْصُورُ

شَمِرٌ: يُقَالُ مَا أَقْبَح نَثاه؛ وَقَالَ: قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي. وَيُقَالُ: هُمْ يَتَنَاثَوْنَ الأَخبار أَي يُشِيعُونها ويَذْكُرونها. وَيُقَالُ: الْقَوْمُ يَتَنَاثَوْن أَيامهم الماضِيةَ أَي يَذْكُرُونَهَا. وتَنَاثَى القومُ قَبائحَهم أَي تَذاكَرُوها؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

بِمَا قَدْ أَرى لَيْلى، ولَيْلى مُقِيمَةٌ،

بهِ فِي جَمِيعٍ لَا تُنَاثَى جَرائرُهْ

الْجَوْهَرِيُّ: النَّثَا، مَقْصُورٌ، مِثْلُ الثَّنا إِلا أَنه فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ والثَّنا فِي الْخَيْرِ خَاصَّةً. وأَنْثَى الرجلُ إِذا أَنِفَ مِنَ الشَّيْءِ إِنْثَاءً. ونَثَا الشيءَ يَنْثُوه، فَهُوَ نَثِيٌّ ومَنْثِيٌّ: أَعادَه. والنَّثِيُّ والنَّفِيُّ: مَا نَثاه الرِّشاء مِنَ الْمَاءِ عِنْدَ الِاسْتِقَاءِ، وَلَيْسَ أَحدهما بَدَلًا عَنِ الْآخَرِ، بَلْ هُمَا أَصلان لأَنَّا نَجِد لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصلًا نَرُدُّهُ إِليه وَاشْتِقَاقًا نَحْمِلُهُ عَلَيْهِ، فأَما نَثِيٌّ فَفَعِيل مِنْ نَثا الشيءَ يَنْثُوه إِذا أَذاعَه وفَرَّقَه لأَن الرِّشاء يُفَرِّقه ويَنْشُره، قَالَ: وَلَامُ الْفِعْلِ وَاوٌ لأَنها لَامَ نَثَوْتُ بِمَنْزِلَةِ سَرِيٍّ وقَصِيٍّ، والنَّفِيُّ فَعِيل مِنْ نَفَيْتُ لأَنَّ الرِّشاء يَنْفِيه، وَلَامُهُ يَاءٌ بِمَنْزِلَةِ رَمِيٍّ وعَصِيٍّ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْفَاءُ بَدَلًا مِنَ الثَّاءِ؛ وَيُؤْنِسُكَ لِنَحْوِ ذَلِكَ إِجْماعُهم فِي بَيْتِ إمْرئ الْقَيْسِ:

ومَرَّ عَلَى القَنانِ منْ نَفَيانِه،

فأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كلِّ مَنْزِلِ

فإِنهم أَجمعوا عَلَى الفاءِ، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا نَثَيانِه. والنُّثَاءَة، مَمْدُودٌ: مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَنها يَاءٌ لأَنها لَامٌ وَلَمْ نَجْعَلْهُ مِنَ الْهَمْزِ لِعَدَمِ نَ ثء، والله أَعلم.

نجا: النَّجَاءُ: الخَلاص مِنَ الشَّيْءِ، نَجا يَنْجُو نَجْواً ونَجاءً، مَمْدُودٌ، ونَجاةً، مَقْصُورٌ، ونَجَّى واسْتَنْجَى كنَجَا؛ قَالَ الرَّاعِي:

ص: 304

فإِلَّا تَنَلْني منْ يَزيدَ كَرامةٌ،

أُنَجِّ وأُصْبحْ مِنْ قُرى الشَّامِ خالِيا

وَقَالَ أَبو زُبيد الطَّائِيُّ:

أَمِ اللَّيْثُ فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكُمْ؟

فَهذا، ورَبِّ الرَّاقِصاتِ، المُزَعْفَرُ

ونَجَوْت مِنْ كَذَا. والصِّدْقُ مَنْجاةٌ. وأَنْجَيْتُ غَيْرِي ونجَّيْته، وقرئَ بِهِمَا قَوْلَهُ تَعَالَى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ

؛ الْمَعْنَى نُنَجِّيك لَا بفِعْل بَلْ نُهْلِكُكَ، فأَضْمَر قَوْلَهُ لَا بفِعْل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ لَا بِفِعْلٍ يُرِيدُ أَنه إِذا نَجَا الإِنسان بِبَدَنِهِ عَلَى الْمَاءِ بِلَا فِعْلٍ فإِنه هَالِكٌ، لأَنه لَمْ يَفعل طَفْوَه عَلَى الْمَاءِ، وإِنما يطفُو عَلَى الماءِ حَيًّا بِفِعْلِهِ إِذا كَانَ حَاذِقًا بالعَوْم، ونَجَّاهُ اللَّهُ وأَنْجَاه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ

، وأَما قراءَة مَنْ قرأَ: وَكَذَلِكَ نُجِّي المؤْمِنين، فَلَيْسَ عَلَى إِقامة الْمَصْدَرِ مَوْضِعَ الْفَاعِلِ وَنَصْبِ الْمَفْعُولِ الصَّرِيحِ، لأَنه عَلَى حَذْفِ أَحد نُونَيْ نُنْجِي، كَمَا حُذِفَ مَا بَعْدَ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: تَذَكَّرُونَ*

، أَي تَتَذَكَّرون، وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ أَيضاً سُكُونُ لَامِ نُجِّي، وَلَوْ كَانَ مَاضِيًا لَانْفَتَحَتِ اللَّامُ إِلا فِي الضَّرُورَةِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ المُثَقَّب:

لِمَنْ ظُعُنٌ تَطالَعُ مِن صُنَيْبٍ؟

فَمَا خَرَجتْ مِن الْوَادِي لِحِينِ «4»

أَي تتَطالَع، فَحَذَفَ الثَّانِيَةَ عَلَى مَا مَضَى، ونجَوْت بِهِ ونَجَوْتُه؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:

نَجا عامِرٌ والنَّفْسُ مِنه بشِدْقِه،

وَلَمْ يَنْجُ إِلَّا جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرا

أَراد: إِلَّا بجَفْنِ سَيفٍ، فَحَذَفَ وأَوْصل. أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ

؛ أَي نُخَلِّصُك مِنَ الْعَذَابِ وأَهْلَك. واستَنْجَى مِنْهُ حَاجَتَهُ: تخَلَّصها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وانْتَجَى مَتاعَه: تَخلَّصه وسَلبَه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَمَعْنَى نجَوْت الشيءَ فِي اللُّغَةِ: خَلَّصته وأَلْقَيْته. والنَّجْوَةُ والنَّجَاةُ: مَا ارتفَع مِنَ الأَرض فَلَمْ يَعْلُه السَّيلُ فَظَنَنْتُهُ نَجاءَك، وَالْجَمْعُ نِجاءٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ

؛ أَي نَجْعَلُكَ فَوْقَ نَجْوةٍ مِنَ الأَرض فنُظْهِرك أَو نُلْقِيك عَلَيْهَا لتُعْرَفَ، لأَنه قَالَ بِبَدَنِكَ وَلَمْ يَقُلْ برُوحِك؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ نُلْقِيكَ عُرياناً لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَك عِبْرَةً. أَبو زَيْدٍ: والنَّجْوةُ المَكان المُرْتَفِع الَّذِي تَظُنُّ أَنه نَجَاؤُكَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للوادِي نَجْوة وَلِلْجَبَلِ نَجْوةٌ، فأَما نَجْوة الْوَادِي فسَنداه جَمِيعًا مُستَقِيماً ومُسْتَلْقِياً، كلُّ سَنَدٍ نَجْوةٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الأَكَمةِ، وكلُّ سَنَدٍ مُشْرِفٍ لَا يَعْلُوهُ السَّيْلُ فَهُوَ نَجْوة لأَنه لَا يَكُونُ فِيهِ سَيْل أَبداً، ونَجْوَةُ الجبَل مَنْبِتُ البَقْل. والنَّجَاةُ: هِيَ النَّجْوَة مِنَ الأَرض لَا يَعلوها السَّيْلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فأَصُونُ عِرْضِي أَنْ يُنالَ بنَجْوةٍ،

إِنَّ البَرِيَّ مِن الهَناةِ سَعِيدُ

وَقَالَ زُهَير بْنُ أَبي سُلْمى:

أَلم تَرَيا النُّعمانَ كَانَ بنَجْوةٍ،

مِنَ الشَّرِّ، لَوْ أَنَّ امْرَأً كَانَ ناجِيا؟

وَيُقَالُ: نَجَّى فُلَانٌ أَرضَه تَنْجِيةً إِذا كبَسها مَخَافَةَ الغَرَقِ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْجى عَرِقَ، وأَنْجَى إِذا شَلَّح، يُقَالُ للِّصِّ مُشَلِّح لأَنه يُعَرِّي الإِنسانَ مِنْ ثِيَابِهِ. وأَنْجَى: كشَفَ الجُلَّ عَنْ ظَهْرِ فَرَسِهِ. أَبو حَنِيفَةَ: المَنْجَى المَوْضع الَّذِي لَا يَبْلُغه السيلُ. والنَّجَاء: السُّرْعةُ فِي السَّيْرِ، وَقَدْ نَجَا نَجَاءً، ممدود،

(4). قوله [صنيب] هو هكذا في الأصل والمحكم مضبوطاً

ص: 305

وَهُوَ يَنْجُو فِي السُّرْعة نَجَاءً، وَهُوَ نَاجٍ: سَريعٌ. ونَجَوْتُ نَجَاء أَي أَسرَعْتُ وسَبَقْتُ. وَقَالُوا: النَّجَاءَ النَّجَاءَ والنَّجَا النَّجا، فَمَدُّوا وقَصَرُوا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنَّجَا النَّجَا

وَقَالُوا: النَّجَاكَ فأَدخلوا الْكَافَ لِلتَّخْصِيصِ بِالْخِطَابِ، وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الإِعراب لأَن الأَلف وَاللَّامَ مُعاقِبة للإِضافة، فَثَبَتَ أَنها كَكَافِ ذَلِكَ وأَرَيْتُك زَيْدًا أَبو مَنْ هُوَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وأَنا النَّذِيرُ العُرْيان فالنَّجَاءَ النَّجاءَ

أَي انْجُوا بأَنفسكم، وَهُوَ مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَي انْجُوا النَّجاء. والنَّجاءُ: السُّرعة. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنما يأْخذ الذِّئْبُ القاصِيةَ والشاذَّة الناجِيةَ

أَي السَّرِيعَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ عَنِ الْحَرْبِيِّ بِالْجِيمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَتَوْكَ عَلَى قُلُصٍ نَواجٍ

أَي مُسْرِعاتٍ. وَنَاقَةٌ نَاجِيةٌ ونَجَاة: سَرِيعَةٌ، وَقِيلَ: تَقطع الأَرض بِسَيْرِهَا، وَلَا يُوصف بِذَلِكَ الْبَعِيرُ. الْجَوْهَرِيُّ: الناجِيةُ والنَّجاة النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ تَنْجُو بِمَنْ ركبها؛ قال: والبَعير ناجٍ؛ وَقَالَ:

أَيّ قَلُوصِ راكِبٍ تَراها

ناجِيةً وناجِياً أَباها

وَقَوْلُ الأَعشى:

تَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوْكِبَ وخْداً

بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغالِ

أَي بقوائمَ سِراعٍ. واسْتَنْجَى أَي أَسْرَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا سافَرْتُمْ فِي الجَدْب فاسْتَنْجُوا

؛ مَعْنَاهُ أَسْرِعُوا السيرَ وانْجُوا. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا انْهَزَمُوا: قَدِ اسْتَنْجَوْا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لُقْمَانَ بْنِ عَادَ: أَوَّلُنا إِذا نَجَوْنا وآخِرُنا إِذا اسْتَنْجَيْنا أَي هُوَ حامِيَتُنا إِذا انْهَزَمْنا يَدفع عنَّا. والنَّجْوُ: السَّحاب الَّذِي قَدْ هَراقَ مَاءَهُ ثُمَّ مَضَى، وَقِيلَ: هُوَ السَّحَابُ أَوَّل مَا يَنشأُ، وَالْجَمْعُ نِجاء ونُجُوٌّ؛ قَالَ جَمِيلٌ:

أَليسَ مِنَ الشَّقاءِ وَجِيبُ قَلْبي،

وإِيضاعي الهُمُومَ مَعَ النُّجُوِّ

فأَحْزَنُ أَنْ تَكُونَ عَلَى صَدِيقٍ،

وأَفْرَحُ أَن تَكُونَ عَلَى عَدُوِّ

يَقُولُ: نَحْنُ نَنْتَجِعُ الغَيْثَ، فإِذا كَانَتْ عَلَى صدِيقٍ حَزِنْت لأَني لَا أُصيب ثَمَّ بُثَيْنَة، دَعَا لَهَا بالسُّقْيا. وأَنْجَتِ السحابةُ: وَلَّتْ. وَحُكِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: أَين أَنْجَتْكَ السَّمَاءُ أَي أَينَ أَمطَرَتْكَ. وأُنْجِيناها بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَي أُمْطِرْناها. ونَجْوُ السبُع: جَعْره. والنَّجْوُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَطْنِ مِنْ رِيحٍ وَغَائِطٍ، وَقَدْ نَجا الإِنسانُ والكلبُ نَجْواً. والاسْتِنْجاء: الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ مِنَ النَّجْوِ والتَّمَسُّحُ بِالْحِجَارَةِ مِنْهُ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ قَطْعُ الأَذَى بأَيِّهما كَانَ. واسْتَنْجَيْتُ بالماءِ وَالْحِجَارَةِ أَي تَطَهَّرْت بِهَا. الْكِسَائِيُّ: جلَست عَلَى الْغَائِطِ فَمَا أَنْجَيْتُ. الزَّجَّاجُ: يُقَالُ مَا أَنْجَى فُلَانٌ شَيْئًا، وَمَا نَجَا مُنْذُ أَيام أَي لَمْ يأْتِ الغائطَ. والاسْتِنجاء: التَّنَظُّف بمدَر أَو مَاءٍ. واسْتَنجَى أَي مَسْحَ مَوْضِعَ النَّجْو أَو غَسَله. وَيُقَالُ: أَنْجَى أَي أَحدَث. وَشَرِبَ دَواء فَمَا أَنْجَاه أَي مَا أَقامه. الأَصمعي: أَنْجَى فُلَانٌ إِذا جَلَسَ عَلَى الْغَائِطِ يَتَغَوَّط. وَيُقَالُ: أَنْجَى الغائطُ نَفْسُه يَنجُو، وَفِي الصِّحَاحِ: نَجا الغائطُ نَفْسُه. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: أَقلُّ الطعامِ نَجْواً اللَّحم. والنَّجْوُ: العَذِرة نَفْسُه. واسْتَنْجَيْتُ النخلةَ إِذا أَلقَطْتَها؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا لقطتَ رُطبَها.

ص: 306

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ سَلَامٍ: وإِني لَفِي عَذْقٍ أُنْجِي مِنْهُ رُطَباً

أَي أَلتَقِطُ، وَفِي رِوَايَةٍ:

أَسْتَنْجِي مِنْهُ

بِمَعْنَاهُ. وأَنْجَيْت قَضِيباً مِنَ الشَّجَرَةِ فَقَطَعْتُه، واسْتَنْجَيْت الشجرةَ: قَطَعْتُها مِنْ أَصلها. ونَجَا غُصونَ الشَّجَرَةِ نَجْواً واسْتَنْجَاها: قَطَعها. قَالَ شَمِرٌ: وأُرى الاسْتِنْجاءَ فِي الوُضوء مِنْ هَذَا لِقَطْعِه العَذِرةَ بالماءِ؛ وأَنْجَيت غَيْرِي. واسْتَنجَيت الشَّجَرَ: قَطَعْتُهُ مِنْ أُصوله. وأَنْجَيْتُ قَضِيبًا مِنَ الشَّجَرِ أَي قَطَعْتُ. وَشَجَرَةٌ جَيِّدة النَّجا أَي الْعُودِ. والنَّجا: الْعَصَا، وَكُلُّهُ مِنَ الْقَطْعِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النَّجا الغُصونُ، وَاحِدَتُهُ نَجاةٌ. وفُلان فِي أَرضِ نَجاةٍ: يَسْتَنجِي مِنْ شَجَرِهَا العِصِيَّ والقِسِيَّ. وأَنْجِنِي غُصناً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَي اقْطَعْ لِي مِنْهَا غُصْناً. والنَّجا: عِيدانُ الهَوْدَج. ونَجَوْتُ الوَتَر واسْتَنجَيتُه إِذا خَلَّصته. واسْتَنْجَى الجازِرُ وتَرَ المَتْنِ: قَطَعه؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:

فَتَبازَتْ فَتَبازَخْتُ لهَا،

جِلْسةَ الجازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَرْ

وَيُرْوَى: جِلْسةَ الأَعْسَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: اسْتَنْجَى الوَتَر أَي مَدَّ الْقَوْسَ، وأَنشد بَيْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: وأَصله الَّذِي يَتَّخذ أَوْتارَ القِسِيّ لأَنه يُخرج مَا فِي المَصارِين مِنَ النَّجْو. وَفِي حَدِيثِ بِئْرِ بُضاعةَ:

تُلقَى فِيهَا المَحايِضُ وَمَا يُنْجِي الناسُ

أَي يُلقُونه مِنَ الْعَذَرَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ مِنْهُ أَنْجَى يُنْجِي إِذا أَلقَى نَجْوه، ونَجا وأَنْجَى إِذا قَضَى حَاجَتَهُ مِنْهُ. والاسْتِنجاءُ: اسْتِخْراج النَّجْو مِنَ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: هُوَ إِزالته عَنْ بَدَنِهِ بالغَسْل والمَسْح، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ وأَنْجَيْتُها إِذا قَطَعْتَهَا، كأَنه قَطَعَ الأَذَى عَنْ نَفْسِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النَّجْوَة، وَهُوَ مَا ارْتَفع مِنَ الأَرض كأَنه يَطلُبها لِيَجْلِسَ تَحْتَهَا. وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ كيفَ تجِدُك؟ قَالَ: أَجِدُ نَجْوِي أَكثرَ مِن رُزْئي

أَي مَا يَخْرُجُ مِنِّي أَكثَرَ مِمَّا يَدْخُلُ. والنَّجَا، مَقْصُورٌ: مِنْ قَوْلِكَ نَجَوْتُ جِلدَ الْبَعِيرِ عَنْهُ وأَنْجَيْتُه إِذا سَلَخْتَه. ونَجا جِلدَ الْبَعِيرِ والناقةِ نَجْواً ونَجاً وأَنْجَاه: كشَطَه عَنْهُ. والنَّجْوُ والنَّجَا: اسْمُ المَنْجُوّ؛ قَالَ يُخَاطِبُ ضَيْفَينِ طَرَقاه:

فقُلْتُ: انْجُوَا عَنْهَا نَجا الجِلدِ، إِنَّه

سَيُرْضِيكما مِنها سَنامٌ وغارِبُهْ

قَالَ الْفَرَّاءُ: أَضافَ النَّجَا إِلى الجِلد لأَن الْعَرَبُ تُضيف الشَّيْءَ إِلى نَفْسِهِ إِذا اخْتَلَفَ اللَّفْظَانِ، كَقَوْلِهِ تعالى: لَحَقُّ الْيَقِينِ ولَدارُ الْآخِرَةِ. والجِلدُ نَجاً، مَقْصُورٌ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِيَزِيدَ بْنِ الْحَكَمِ:

تُفاوضُ مَنْ أَطْوِي طَوَى الكَشْحِ دُونه،

ومِنْ دُونِ مَنْ صافَيْتُه أَنتَ مُنْطَوِي

قَالَ: ويُقَوِّي قَوْلَ الْفَرَّاءِ بَعْدَ الْبَيْتِ قَوْلُهُمْ عِرْقُ النَّسا وحَبْل الوَرِيد وَثَابِتُ قُطْنةَ وسعِيد كُرْزٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: يُقَالُ نَجَوْت جِلدَ الْبَعِيرِ، وَلَا يُقَالُ سَلَخته، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو زَيْدٍ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ سَلَخته إِلا فِي عُنُقه خَاصَّةً دُونَ سَائِرِ جَسَدِهِ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي آخِرِ كِتَابِهِ إِصلاح الْمَنْطِقِ: جَلَّدَ جَزُوره وَلَا يُقَالُ سَلَخه. الزَّجَّاجِيُّ: النَّجا مَا سُلخ عَنِ الشَّاةِ أَو الْبَعِيرِ، والنَّجا أَيضاً مَا أُلقي عَنِ الرَّجل مِنَ اللِّبَاسِ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ نَجَوْت الجِلد إِذا أَلقَيْته عَنِ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: أَصل هَذَا كُلِّهِ مِنَ النَّجْوة، وَهُوَ مَا ارْتَفع مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: إِن الاستِنْجاء مِنَ الحَدث مأْخوذ مِنْ هَذَا لأَنه إِذا أَراد قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتَتَرَ بنَجْوةٍ مِنَ الأَرض؛ قَالَ عَبِيدٌ:

ص: 307

فَمَنْ بِنَجْوَتِه كمَنْ بِعَقْوته،

والمُستَكِنُّ كمَنْ يَمْشِي بقِرواحِ

ابْنُ الأَعرابي: بَيْني وَبَيْنَ فُلَانٍ نَجَاوَةٌ مِنَ الأَرض أَي سَعة. الْفَرَّاءُ: نَجَوْتُ الدَّواءَ شَربته، وَقَالَ: إِنما كُنْتُ أَسمع مِنَ الدَّوَاءِ مَا أَنْجَيْته، ونَجَوْتُ الجِلد وأَنْجَيْتُه. ابْنُ الأَعرابي: أَنْجَانِي الدَّواءُ أَقْعدَني. ونَجَا فُلَانٌ يَنْجُو إِذا أَحْدَث ذَنْباً أَو غَيْرَ ذَلِكَ. ونَجَاهُ نَجْواً ونَجْوَى: سارَّه. والنَّجْوَى والنَّجِيُّ: السِّرُّ. والنَّجْوُ: السِّرُّ بَيْنَ اثْنَيْنِ، يُقَالُ: نَجَوْتُه نَجْواً أَي سارَرْته، وَكَذَلِكَ ناجَيْتُه، وَالِاسْمُ النَّجْوى؛ وَقَالَ:

فبِتُّ أَنْجُو بِهَا نَفْساً تُكَلِّفُني

مَا لَا يَهُمُّ بِهِ الجَثَّامةُ الوَرَعُ

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذْ هُمْ نَجْوى

؛ فَجَعَلَهُمْ هُمُ النَّجْوى، وإِنما النَّجْوى فِعلهم، كَمَا تَقُولُ قَوْمٌ رِضاً، وإِنما رِضاً فِعْلهم. والنَّجِيُّ، عَلَى فَعِيل: الَّذِي تُسارُّه، وَالْجَمْعُ الأَنْجِيَة. قَالَ الأَخفش: وَقَدْ يَكُونُ النَّجِيُّ جَماعة مِثْلُ الصدِيق، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: خَلَصُوا نَجِيًّا

. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَدْ يَكُونُ النَّجِيُّ والنَّجْوى اسْمًا وَمَصْدَرًا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء:

اللَّهُمَّ بمُحمد نبيِّك وبمُوسى نَجِيِّك

؛ هُوَ المُناجِي المُخاطِب للإِنسان والمحدِّث لَهُ، وَقَدْ تنَاجَيا مُناجاة وانْتِجاء. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَتَنَاجى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

لَا يَنْتَجِي اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا

أَي لَا يَتَسارَران مُنْفَردَيْن عَنْهُ لأَن ذَلِكَ يَسوءُه. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: دعاهُ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يومَ الطَّائِفِ فانْتَجاه فَقَالَ الناسُ: لَقَدْ طالَ نَجْواهُ فَقَالَ: مَا انْتَجَيْتُه ولكنَّ اللهَ انْتَجَاه

أَي أَمَرَني أَن أُناجِيه. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: قِيلَ لَهُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي النَّجْوَى؟

يُريد مناجاةَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَفِي حَدِيثٍ

الشَّعْبِيُّ: إِذا عَظُمت الحَلْقة فَهِيَ بِذاء ونِجاء

أَي مُناجاة، يَعْنِي يَكْثُرُ فِيهَا ذَلِكَ. والنَّجْوَى والنَّجِيُّ: المُتسارُّون. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذْ هُمْ نَجْوى

؛ قَالَ: هَذَا فِي مَعْنَى الْمَصْدَرِ، وإِذْ هُمْ ذَوُو نَجْوى، والنَّجْوى اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ

؛ يَكُونُ عَلَى الصِّفَةِ والإِضافة. ونَاجَى الرجلَ مُنَاجَاةً ونِجَاءً: سارَّه. وانْتَجَى القومُ وتَناجَوْا: تَسارُّوا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

قَالَتْ جَواري الحَيِّ لَمَّا جِينا،

وهنَّ يَلْعَبْنَ ويَنْتَجِينا:

مَا لِمَطايا القَوْمِ قَدْ وَجِينا؟

والنَّجِيُّ: المُتناجون. وَفُلَانٌ نجِيُّ فُلَانٍ أَي يُنَاجِيهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا

؛ أَي اعْتَزَلُوا مُتَناجين، وَالْجَمْعُ أَنْجِيَةٌ؛ قَالَ:

وَمَا نَطَقُوا بأَنْجِيَةِ الخُصومِ

وَقَالَ سُحَيْم بْنُ وَثِيل اليَرْبُوعِي:

إِني إِذا مَا القَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ،

واضْطرب القَوْمُ اضْطرابَ الأَرْشِيَهْ،

هُناكِ أَوْصِيني وَلَا تُوصي بِيَهْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى الْقَاضِي الْجُرْجَانِيُّ عَنِ الأَصمعي وَغَيْرِهِ أَنه يَصِفُ قَوْمًا أَتعبهم السَّيْرُ وَالسَّفَرُ، فَرَقَدُوا عَلَى رِكابهم وَاضْطَرَبُوا عَلَيْهَا وشُدَّ بَعْضُهُمْ عَلَى نَاقَتِهِ حِذارَ سُقُوطِهِ مِنْ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: إِنما ضَرَبَهُ مَثَلًا لِنُزُولِ الأَمر الْمُهِمِّ، وَبِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ: هُناكِ، بِكَسْرِ

ص: 308

الْكَافِ، وَبِخَطِّهِ أَيضاً: أَوْصِيني وَلَا تُوصِي، بإِثبات الْيَاءِ، لأَنه يُخَاطِبُ مُؤَنَّثًا؛ وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه يَرْوِيهِ:

واخْتَلَفَ القومُ اخْتلافَ الأَرْشِيَهْ

قَالَ: وَهُوَ الأَشهر فِي الرِّوَايَةِ؛ وَرُوِيَ أَيضاً:

والْتَبَسَ القومُ الْتِباسَ الأَرشيه

وَرَوَاهُ الزَّجَّاجُ: وَاخْتَلَفَ الْقَوْلُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِسُحَيْمٍ أَيضاً:

قالتْ نِساؤُهم، والقومُ أَنْجِيَةٌ

يُعْدَى عَلَيْهَا، كَمَا يُعْدى عَلَى النّعَمِ

قَالَ أَبو إِسحاق: نجِيٌّ لَفْظٌ وَاحِدٌ فِي مَعْنَى جَمِيعٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ هُمْ نَجْوى

؛ وَيَجُوزُ: قومٌ نَجِيٌّ وقومٌ أَنْجِيةٌ وقومٌ نَجْوى. وانْتَجاه إِذا اختصَّه بمُناجاته. ونَجَوْتُ الرَّجُلَ أَنْجُوه إِذا ناجَيْتَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى النَّجْوى فِي الْكَلَامِ مَا يَنْفَرِد بِهِ الْجَمَاعَةُ وَالِاثْنَانِ، سِرّاً كَانَ أَو ظَاهِرًا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

يَخْرُجْنَ منْ نَجِيِّه لِلشَّاطِي

فَسَّرَهُ فَقَالَ: نجِيُّه هُنَا صَوْتُهُ، وإِنما يَصِفُ حَادِيًا سَوَّاقاً مُصَوِّتاً. ونَجاه: نكَهه. ونَجَوْت فُلَانًا إِذا استَنْكَهْته؛ قَالَ:

نَجَوْتُ مُجالِداً، فوَجَدْتُ مِنْهُ

كَرِيحِ الْكَلْبِ ماتَ حَديثَ عَهْدِ

فقُلْتُ لَهُ: مَتى استَحْدَثْتَ هَذَا؟

فَقَالَ: أَصابَني فِي جَوْفِ مَهْدي

وَرَوَى الْفَرَّاءُ أَن الْكِسَائِيَّ أَنشده:

أَقولُ لِصاحِبَيَّ وَقَدْ بَدا لِي

مَعالمُ مِنْهُما، وهُما نَجِيَّا

أَراد نَجِيَّانِ فَحَذَفَ النُّونَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَي هُمَا بِمَوْضِعِ نَجْوَى، فَنَصَبَ نَجِيّاً عَلَى مَذْهَبِ الصِّفَةِ. وأَنْجَت النَّخْلَةُ فأَجْنَتْ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. واسْتَنْجَى الناسُ فِي كُلِّ وَجْهٍ: أَصابُوا الرُّطب، وَقِيلَ: أَكلوا الرُّطَبَ. قَالَ: وَقَالَ غَيْرُ الأَصمعي كُلُّ اجْتِنَاءٍ استِنْجاءٌ، يُقَالُ: نَجوْتُك إِياه؛ وأَنشد:

ولقَدْ نَجَوْتُك أَكْمُؤاً وعَساقِلًا،

وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بَناتِ الأَوْبَرِ

وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ جَنيْتُك، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والنُّجَوَاءُ: التَّمَطِّي مِثْلَ المُطَواء؛ وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ البرْصاء:

وهَمٌّ تأْخُذُ النجَواء مِنه،

يُعَلُّ بصالِبٍ أَو بالمُلالِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ النُّحَواء، بِحَاءٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، وَهِيَ الرِّعْدة، قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ وَابْنِ ولَّاد وأَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَغَيْرِهِ، والمُلالُ: حَرَارَةُ الحمَّى الَّتِي لَيْسَتْ بصالبٍ، وَقَالَ المُهَلَّبي: يُرْوَى يُعَكُّ بصالِبٍ. وناجِيةُ: اسْمٌ. وَبَنُو ناجيةَ: قَبِيلَةٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: بَنُو ناجيةَ قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم ناجِيٌّ، حُذِفَ مِنْهُ الْهَاءُ وَالْيَاءُ، والله أَعلم.

نحا: الأَزهري: ثَبَتَ عَنْ أَهل يُونانَ، فِيمَا يَذْكُر المُتَرْجِمُون العارِفُون بِلِسَانِهِمْ وَلُغَتِهِمْ، أَنهم يُسَمُّونَ عِلْمَ الأَلفاظ والعِنايةَ بالبحثْ عَنْهُ نَحْواً، وَيَقُولُونَ كَانَ فُلَانٌ مِنَ النَّحْوِيينَ، وَلِذَلِكَ سُمي يُوحنَّا الإِسكَنْدَرانيُّ يَحْيَى النَّحْوِيَّ لِلَّذِي كَانَ حَصَلَ لَهُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِلُغَةِ اليُونانِيِّين. والنَّحْوُ: إِعراب الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ. والنَّحْوُ: القَصدُ والطَّرِيقُ، يَكُونُ ظَرْفًا وَيَكُونُ اسْمًا، نَحاه يَنْحُوه ويَنْحاه

ص: 309

نَحْواً وانْتَحاه، ونَحْوُ الْعَرَبِيَّةِ مِنْهُ، إِنما هُوَ انْتِحَاء سَمْتِ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي تَصَرُّفه مِنْ إِعراب وَغَيْرِهِ كَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَالتَّحْقِيرِ وَالتَّكْبِيرِ والإِضافة وَالنَّسَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ليَلْحَق مَن لَيْسَ مِنْ أَهل اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بأَهلها فِي الْفَصَاحَةِ فيَنطِق بِهَا وإِن لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ، أَو إِن شَذَّ بَعْضُهُمْ عَنْهَا رُدَّ بِهِ إِليها، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ شَائِعٌ أَي نَحَوْتُ نَحْواً كَقَوْلِكَ قَصَدْت قَصْداً، ثُمَّ خُص بِهِ انْتِحاء هَذَا القَبيل مِنَ الْعِلْمِ، كَمَا أَن الفِقه فِي الأَصل مَصْدَرُ فَقِهْت الشَّيْءَ أَي عَرَفته، ثُمَّ خُص بِهِ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ مِنَ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، وَكَمَا أَن بَيْتَ اللَّهِ عز وجل خُص بِهِ الْكَعْبَةُ، وَإِنْ كَانَتِ الْبُيُوتُ كُلُّهَا لِلَّهِ عز وجل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَهُ نَظَائِرُ فِي قَصْرِ مَا كَانَ شَائِعًا فِي جِنْسِهِ عَلَى أَحد أَنواعه، وَقَدِ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ ظَرْفاً، وأَصله الْمَصْدَرُ؛ وأَنشد أَبو الْحَسَنِ:

تَرْمِي الأَماعِيزَ بمُجْمَراتِ،

بأَرْجُلٍ رُوحٍ مُجَنَّباتِ

يَحْدُو بِهَا كلُّ فَتًى هَيّاتٍ،

وهُنَّ نَحْوَ البيتِ عامِداتِ

وَالْجَمْعُ أَنْحاء ونُحُوٌّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: شَبَّهُوهَا بعُتُوٍّ وَهَذَا قَلِيلٌ. وَفِي بَعْضِ كَلَامِ الْعَرَبِ: إِنَّكم لَتَنْظُرون فِي نُحُوٍّ كَثِيرَةٍ أَي فِي ضُروب مِنَ النَّحو، شَبَّهَهَا بعُتُوٍّ، وَالْوَجْهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْوَاوَاتِ إِذا جَاءَتْ فِي جمعٍ الياءُ كَقَوْلِهِمْ فِي جَمْعِ ثَدْي ثُدِيٌّ وعُصِيٌّ وحُقِيٌّ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ نَحَوْتُ نَحْوَك أَي قَصَدْتُ قَصْدَك. التَّهْذِيبُ: وبَلَغنا أَنّ أَبا الأَسود الدُّؤليَّ وَضَعَ وجُوه الْعَرَبِيَّةِ وَقَالَ لِلنَّاسِ انْحُوا نحْوه فَسُمِّيَ نَحْواً. ابْنُ السِّكِّيتِ: نَحا نَحْوَه إِذا قَصَدَهُ، ونَحا الشيءَ يَنْحاه ويَنْحُوه إِذا حَرَّفه، وَمِنْهُ سُمِّيَ النَّحْوِيُّ لأَنه يُحرّف الْكَلَامَ إِلى وُجُوهِ الإِعراب. ابْنُ بَزْرَجٍ: نَحَوْت الشَّيْءَ أَمَمْتُه أَنْحُوه وأَنْحاه. ونَحَّيْتُ الشيءَ «5» ونَحَوْته؛ وأَنشد:

فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَن تَرَى، فِي مَحَلِّه،

رَماداً نَحَتْ عَنْهُ السُّيولَ جَنادِلُهْ

وَرَجُلٌ ناحٍ مِنْ قَوْمٍ نُحاةٍ: نَحْوِيٌّ، وكأَنَّ هَذَا إِنما هُوَ عَلَى النَّسَبِ كَقَوْلِكَ تامرٌ ولابِنٌ. اللَّيْثُ: النَّحْوُ القَصْدُ نَحْوَ الشَّيْءِ. وأَنْحَىْ عَلَيْهِ وانْتَحَى عَلَيْهِ إِذا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْحَى ونَحَى وانْتَحَى أَي اعْتَمَدَ عَلَى الشَّيْءِ. وانْتَحَى لَهُ وتَنَحَّى لَهُ: اعْتَمَدَ. وتَنَحَّى لَهُ بِمَعْنَى نَحا لَهُ وانْتَحَى؛ وأَنشد:

تَنحَّى لَهُ عَمْرٌو فَشَكَّ ضُلُوعَه

بِمُدْرَنْفِقِ الخَلْجاء، والنَّقْعُ ساطِعُ

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: أَنه رأْى رَجُلًا تَنَحَّى فِي سُجُوده فَقَالَ لَا تَشِينَنَّ صُورَتَكَ

؛ قَالَ شَمِرٌ: الانْتِحَاء فِي السُّجُودِ الاعْتِمادُ عَلَى الْجَبْهَةِ والأَنف حَتَّى يُؤثِّر فِيهِمَا ذَلِكَ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ تَرَحَ: ابْنُ مُناذر التَّرَحُ الهَبوط، «6»؛ وأَنشد:

كأَنَّ جَرْسَ القَتَبِ المُضَبَّبِ،

إِذا انْتَحَى بالتَّرَحِ المُصَوَّبِ

قَالَ: الانْتِحَاء أَن يَسْقُط هَكَذَا، وَقَالَ بِيَدِهِ، بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ، وَهُوَ فِي السُّجُودِ أَن يُسْقِطَ جَبِينَهُ إِلى الأَرض ويشدَّه وَلَا يَعْتَمِدَ عَلَى رَاحَتَيْهِ وَلَكِنْ يَعْتَمِدُ عَلَى جَبِينِهِ، قَالَ الأَزهري: حَكَى شَمِرٌ هَذَا عَنْ عَبْدِ

(5). قوله [ونَحَّيْتُ الشيءَ] كذا في الأصل مضبوطاً، وفي التهذيب: نَحَّيْتُ عن الشيءِ، بشد الحاء وزيادة عن.

(6)

. قوله [الترح الهبوط إلخ] هذا الضبط هو الصواب كما ضبط في مادة ترح من التكملة، وتقدم ضبط الهبوط بالضم وانتحى بضم التاء في ترح من اللسان خطأ.

ص: 310

الصَّمَدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ، قَالَ شَمِرٌ: وَكُنْتُ سأَلت ابْنَ مُنَاذِرٍ عَنِ الانْتِحَاء فِي السُّجُودِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، قَالَ: فَذَكَرْتُ لَهُ مَا سَمِعْتُ فدَعا بِدَوَاتِهِ فَكَتَبَهُ بِيَدِهِ. وانْتَحَيْت لِفُلَانٍ أَي عَرَضْت لَهُ. وَفِي حَدِيثِ

حَرَامِ بْنِ مِلْحان: فانْتَحَى لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيل فقَتَله

أَي عَرَضَ لَهُ وقَصَد. وَفِي الْحَدِيثِ:

فانْتَحَاه رَبيعَةُ

أَي اعْتَمَدَه بِالْكَلَامِ وقَصَده. وَفِي حَدِيثِ

الْخَضِرِ. عليه السلام: وتَنَحِّى لَهُ

أَي اعْتَمَد خَرْقَ السًّفينةِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: فَلَمْ أَنْشَبْ حَتَّى أَنْحَيْتُ عليها.

وَقَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ. وَفِي حَدِيثِ

الْحَسَنِ: قَدْ تَنَحَّى فِي بُرْنُسِه وقامَ الليلَ فِي حِنْدِسِه

أَي تَعَمَّدَ العِبادة وتوجَّه لَهَا وَصَارَ فِي ناحِيتها وتَجَنَّب النَّاسَ وَصَارَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُمْ. وأَنْحَيْتُ عَلَى حَلقه السِّكين أَي عَرَضْتُ؛ وأَنشد ابْنَ بَرِّيٍّ:

أَنْحَى عَلَى وَدَجَيْ أُنْثَى مُرَهَّفةً

مَشْحُوذةً، وكذاكَ الإِثْمُ يُقْتَرَفُ

وأَنْحَى عَلَيْهِ ضَرْبًا: أَقبَلَ. وأَنْحَى لَهُ السِّلاح: ضَرَبه بِهَا أَو طَعَنَه أَو رَماه، وأَنْحَى لَهُ بِسَهْم أَو غَيْرِهِ مِنَ السِّلَاحِ. وتَنَحَّى وانْتَحَى: اعْتَمَدَ. يُقَالُ: انْتَحَى لَهُ بِسَهْمٍ ونَحا عَلَيْهِ بشُفْرته، ونَحَا لَهُ بِسَهْمٍ. ونَحَا الرَّجلُ وانْتَحَى: مالَ عَلَى أَحد شِقَّيْهِ أَو انْحَنى فِي قَوْسِه. وأَنْحَى فِي سَيره أَي اعْتَمَد عَلَى الْجَانِبِ الأَيسر. قَالَ الأَصمعي: الانْتِحَاء فِي السَّيْرِ الاعْتماد عَلَى الْجَانِبِ الأَيسر، ثُمَّ صَارَ الِاعْتِمَادُ فِي كُلِّ وَجْهٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

مُنْتَحِياً مِنْ نَحْوِه عَلَى وُفَقْ

ابْنُ سِيدَهْ: والانْتِحاءُ اعْتِمادُ الإِبل فِي سَيْرِهَا عَلَى الْجَانِبِ الأَيسر، ثُمَّ صَارَ الانْتِحَاء المَيلُ والاعْتماد فِي كُلِّ وَجْهٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِكَعْبِ بْنُ زُهَيْرٍ:

إِذَا مَا انْتَحَاهُنَّ شُؤْبُوبُه

أَي اعْتَمَدهن. ونَحَوْتُ بَصَرِي إِلَيْهِ أَي صرَفْت. ونَحَا إِلَيْهِ بصَره يَنْحُوه ويَنْحَاه: صرَفه. وأَنْحَيْتُ إِلَيْهِ بصَري: عَدَلْتُه؛ وَقَوْلُ طَرِيفٍ الْعَبْسِيِّ:

نَحاهُ لِلَحْدٍ زبْرِقانُ وحرِثٌ،

وَفِي الأَرض لِلأَقْوامِ بَعْدَكَ غُولُ

أَي صَيَّرا هَذَا الْمَيِّتَ فِي نَاحِيَةِ الْقَبْرِ. ونَحَيْتُ بَصَري إِلَيْهِ: صَرَفْته. التَّهْذِيبُ: شَمِرٌ انْتَحَى لِي ذَلِكَ الشيءُ إِذَا اعتَرَض لَهُ واعتمدَه؛ وأَنشد للأَخطل:

وأَهْجُرْكَ هِجْراناً جَمِيلًا ويَنْتَحِي

لَنَا، مِنْ لَيالِينا العَوارِمِ أَوَّلُ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَنْتَحِي لَنَا يَعودُ لَنَا، والعَوارِمُ: القِباحُ. ونَحَى الرجلَ: صَرَفَه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

لَقَدْ نَحَاهُم جَدُّنا وَالنَّاحِي

ابْنُ سِيدَهْ: والنُّحَواء الرِّعْدة، وَهِيَ أَيضاً التَّمَطِّي؛ قَالَ شَبِيب بْنُ البَرْصاء:

وهَمٌّ تأْخُذُ النُّحَواءُ مِنْهُ،

يُعَلُّ بصالِبٍ أَو بالمُلالِ

وانْتَحَى فِي الشَّيْءِ: جَدَّ. وانْتَحَى الفرَسُ فِي جَرْيه أَي جَدَّ. والنِّحْيُ والنَّحْيُ والنَّحَى: الزِّقُّ، وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَ للسمْن خَاصَّةً. الأَزهري: النِّحْيُ عِنْدَ الْعَرَبِ الزِّقُ الَّذِي فِيهِ السَّمْنُ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ قَالَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ: النَّحْيُ الزَّقُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ السَّمْنُ خَاصَّةً؛

ص: 311

وَمِنْهُ قِصَّةُ ذاتِ النِّحْيَيْنِ المَثَلِ الْمَشْهُورِ: أَشْغَلُ مِن ذاتِ النِّحْيَيْن؛ وَهِيَ امرأَة مِنْ تَيْمِ اللَّهِ بْنُ ثعْلَبةَ وَكَانَتْ تَبِيع السَّمْنَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فأَتى خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْر الأَنصاري يَبتاع مِنْهَا سَمناً فساوَمَها، فحلَّت نِحْياً مَمْلُوءاً، فَقَالَ: أَمْسِكِيه حَتَّى أَنظر غَيْرَهُ، ثُمَّ حلَّ آخَرَ وَقَالَ لَهَا: أَمسكيه، فَلَمَّا شَغل يَدَيْهَا ساوَرَها حَتَّى قَضى مَا أَراد وهرَب فَقَالَ فِي ذَلِكَ:

وذاتِ عِيالٍ، واثقِينَ بِعَقْلِها،

خَلَجْتُ لَهَا جارَ اسْتِها خَلَجاتِ

وشَدَّتْ يَدَيْها، إِذْ أَرَدْتُ خِلاطَها،

بنِحْيَيْنِ مِن سَمْنٍ ذَوَي عُجَراتِ

فكانتْ لَهَا الوَيْلاتُ مِنْ تَرْكِ سَمْنِها،

ورَجْعَتِها صِفْراً بِغَيْرِ بتاتِ

فشَدَّتْ عَلَى النِّحْيَيْنِ كَفّاً شَحِيحةً

عَلَى سَمْنِها، والفَتْكُ مِن فَعَلاتي

قَالَ

ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الصَّحِيحُ فِي رِوَايَةِ خَوَّات بْنِ جُبَيْر:

فشدَّت عَلَى النِّحْيَيْنِ كَفَّيْ شَحيحةٍ

تَثْنِيَةُ كَفٍّ، ثُمَّ أَسْلم خَوَّاتٌ وَشَهِدَ بَدْرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ شِرادُك؟ وتَبَسَّمَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَزَقَ اللَّهُ خَيْرًا وأَعوذ بِاللَّهِ مِنَ الحَوْرِ بَعدَ الكَوْرِ

وهَجا العُدَيلُ بْنُ الفَرْخِ بَنِي تَيمِ اللهِ فَقَالَ:

تَزَحْزَحْ، يَا ابنَ تَيْمِ اللهِ، عَنَّا

فَما بَكْرٌ أَبُوكَ، وَلَا تَمِيمُ

لكُلِّ قَبِيلةٍ بَدرٌ ونجْمٌ،

وتَيْمُ اللَّهِ لَيْسَ لَهَا نُجُومُ

أُناسٌ رَبَّةُ النِّحْيَيْنِ مِنْهُمْ،

فُعُدُّوها إِذَا عُدَّ الصَّمِيمُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ الصَّحِيحُ أَنها امرأَة مِنْ هُذَيْلٍ، وَهِيَ خَوْلة أُم بِشْرِ بْنِ عَائِذٍ، وَيُحْكَى أَن أَسَدِيًّا وهُذَليًّا افْتَخَرَا وَرَضِيَا بإِنسان يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: يَا أَخا هُذَيْلٍ كَيْفَ تُفاخِرُون الْعَرَبَ وَفِيكُمْ خِلال ثَلَاثٌ: مِنْكُمْ دَلِيلُ الحَبَشة عَلَى الْكَعْبَةِ، وَمِنْكُمْ خَولةُ ذاتُ النِّحيين، وسأَلتم رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَن يُحلِّلَ لَكُمُ الزِّنَا؟ قَالَ: ويُقَوِّي قَوْلَ الْجَوْهَرِيِّ إِنَّهَا مِنْ تَيْمِ اللَّهِ مَا أَنشده فِي هِجَائِهِمْ:

أُناس رَبَّةُ النِّحْيَيْنِ مِنْهُمْ

وَجَمْعُ النِّحْي أَنْحَاء ونُحِيٌّ ونِحاء؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. والنِّحْي أَيضاً: جَرْةُ فَخّار يُجْعَلُ فِيهَا اللَّبَنُ ليُمخض. وَفِي التَّهْذِيبِ: يُجْعَلُ فِيهَا اللَّبَنُ المَمْخُوض. الأَزهري: الْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ النِّحْيَ غَيْرَ الزَّقِّ، وَالَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ إِنَّهُ الجَرَّةُ يُمْخَض فِيهَا اللَّبَنُ غَيْرُ صَحِيحٍ. ونَحَى اللبنَ يَنْحِيهِ ويَنْحَاه: مَخَضه؛ وأَنشد:

فِي قَعْرِ نِحْيٍ أَستَثيرُ حُمَّهْ

والنِّحْيُ: ضَرْب مِنَ الرُّطَب؛ عَنْ كُرَاعٍ. ونَحَى الشيءَ يَنْحَاه نَحْياً ونَحَّاه فتَنَحَّى: أَزاله. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ نَحَّيْت فُلَانًا فتَنَحَّى، وَفِي لُغَةٍ: نَحَيْتُه وأَنا أَنْحَاه نَحْياً بِمَعْنَاهُ؛ وأَنشد:

أَلا أَيُّهذا الباخِعُ الوَجْدُ نفْسَه

لِشيءٍ نَحَتْهُ، عَنْ يَدَيْهِ، المَقادِرُ

أَي باعَدَتْه. ونَحَّيْته عَنْ مَوْضِعِهِ تَنْحِيَةً فتَنَحَّى، وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:

أُمِرَّ ونُحِّيَ عَنْ زَوْرِه،

كتَنْحِيَةِ القَتَبِ المُجْلَبِ

وَيُقَالُ: فُلَانٌ نَحِيَّةُ القَوارِعِ إِذَا كَانَتِ الشَّدائد

ص: 312

تَنْتَحِيه؛ وأَنْشد:

نَحِيَّةُ أَحْزانٍ جَرَتْ مِنْ جُفُونِه

نُضاضةُ دَمْعٍ، مِثْلُ مَا دَمَعَ الوَشَلْ

وَيُقَالُ: استَخَذَ فلانٌ فُلَانًا أُنْحِيَّةً أَي انْتَحى عليه حتى أَهلَك مالَه أَوْ ضَرّه أَو جَعلَ بِهِ شَرًّا؛ وأَنشد:

إِنِّي إِذَا مَا القوْمُ كَانُوا أُنْحِيَهْ

أَي انْتَحَوْا عَنْ عَمَلٍ يَعملونه. اللَّيْثُ: كُلُّ مَن جدَّ فِي أَمرٍ فَقَدِ انْتَحَى فِيهِ، كَالْفَرَسِ يَنْتَحِي فِي عَدْوه. والنَّاحِيةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: جانِبه. والنَّاحِيَة: وَاحِدَةُ النَّوَاحِي؛ وَقَوْلُ عُتيِّ بْنِ مَالِكٍ:

لَقَدْ صَبَرَتْ حَنيفة صَبْرَ قَوْمٍ

كِرامٍ، تَحتَ أَظْلال النَّوَاحِي

فَإِنَّمَا يُرِيدُ نَوَاحي السُّيوف، وَقِيلَ: أَراد النَّوائح فَقَلَبَ، يَعْنِي الرَّايات المُتقابلات. وَيُقَالُ: الْجَبَلَانِ يَتَنَاوَحانِ إِذَا كَانَا مُتَقَابِلَيْنِ. والنَّاحِيَةُ والنَّاحَاة: كُلُّ جَانِبٍ تَنَحَّى عَنِ القَرار كناصِيةٍ وناصاةٍ؛ وَقَوْلُهُ:

أَلِكْني إلَيْها، وخَيْرُ الرَّسُولِ

أَعْلَمُهمْ بنَواحِي الخَبَرْ

إِنَّمَا يَعْني أَعلَمهم بنَواحي الْكَلَامِ. وإبِل نَحِيٌّ: مُتَنَحِّيةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

ظَلَّ وظَلَّتْ عُصَباً نَحِيَّا،

مثْلَ النَّجيِّ اسْتَبْرَزَ النَّجِيَّا

والنِّحي مِنَ السِّهام: العريضُ النَّصْل الَّذِي إِذَا أَردت أَن تَرمي بِهِ اضْطَجَعْته حَتَّى تُرْسله. والمَنْحَاة: مَا بَيْنَ الْبِئْرِ إِلَى مُنْتَهَى السَّانيِة؛ قَالَ جَرِيرٌ:

لَقَدْ ولدَتْ أُمُّ الفَرَزدَقِ فَخَّةً،

تَرَى بَيْنَ فَخْذَيْها مَنَاحِيَ أَرْبَعا

الأَزهري: المَنْحَاةُ مُنتهى مَذْهَبِ السَّانِية، وَرُبَّمَا وُضِع عِنْدَهُ حَجَرٌ ليَعلم قائدُ السَّانِيَةِ أَنه المُنتَهَى فيَتَيَسَّر مُنْعَطِفاً لأَنه إِذَا جاوَزه تقطَّع الغَرْبُ وأَداتُه. الْجَوْهَرِيُّ: والمَنْحَاةُ طَرِيقُ السانيِة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

كأَنَّ عَينَيَّ، وَقَدْ بانُوني،

غَرْبانِ فِي مَنْحَاةِ مَنْجَنُونِ

وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَنْحَاة مَسِيلُ الْمَاءِ إِذَا كَانَ مُلْتَوِياً؛ وأَنشد:

وَفِي أَيْمانِهِمْ بِيضٌ رِقاقٌ،

كباقِي السَّيلِ أَصْبَحَ فِي المَنَاحِي

وأَهْلُ المَنْحَاةِ: الْقَوْمُ البُعداء الَّذِينَ لَيْسُوا بأَقارِب. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

يأْتيني أَنْحَاء مِن الْمَلَائِكَةِ

أَي ضُرُوبٌ مِنْهُمْ، وَاحِدُهُمْ نَحْوٌ، يَعْنِي أَن الملائكةَ كَانُوا يَزُورُونه سِوَى جبريلَ، عليه السلام. وَبَنُو نَحْوٍ: بَطْنٌ مِنَ الأَزْد، وَفِي الصِّحَاحِ: قَوْمٌ مِنَ العرب.

نخا: النَّخْوَةُ: العَظَمَة والكِبْرُ والفَخْرُ، نَخا يَنْخُو وانْتَخَى ونُخِيَ، وَهُوَ أَكثر؛ وأَنشد اللَّيْثُ:

وَمَا رأَيْنا مَعْشَرا فيَنْتَخُوا

الأَصمعي: زُهِيَ فُلَانٌ فَهُوَ مَزْهُوٌّ، وَلَا يُقَالُ: زَهَا، وَيُقَالُ: نُخِيَ فُلَانٌ وانْتَخَى، وَلَا يُقَالُ نَخا. وَيُقَالُ: انْتَخَى فُلَانٌ عَلَيْنَا أَي افْتَخَرَ وتَعَظَّم، وَاللَّهُ أَعلم.

ندي: النَّدَى: البَلَلُ. والنَّدَى: مَا يَسْقُط بِاللَّيْلِ، وَالْجَمْعُ أَنْداء وأَنْدِيَةٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ فأَما قَوْلُ مُرَّة بْنِ مَحْكانَ:

فِي لَيْلةٍ مِنْ جُمادى ذاتِ أَنْدِيَةٍ

لَا يُبْصِرُ الكلبُ، مِنْ ظَلْمائِها، الطُّنُبا

ص: 313

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ شاذٌ لأَنه جَمْعُ مَا كَانَ مَمْدُودًا مِثْلَ كِساء وأَكْسية؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ تَكْسِيرٌ نَادِرٌ، وَقِيلَ: جَمَعَ نَدًى عَلَى أَنْدَاء، وأَنْدَاءً عَلَى نِدَاء، ونِداء عَلَى أَنْدِيَة كرِداء وأَرْدِية، وَقِيلَ: لَا يُرِيدُ بِهِ أَفْعِلةً نَحْوَ أَحْمِرةٍ وأَقْفِزَةٍ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الكافَّة، وَلَكِنْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ أَفْعُلة، بِضَمِّ الْعَيْنِ تأْنيث أَفْعُل، وجَمَعَ فَعَلا عَلَى أَفْعُلٍ كَمَا قَالُوا أَجْبُلٌ وأَزْمُنٌ وأَرْسُنٌ، وأَما مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ فَذَهَبَ إِلَى أَنه جَمْعُ نَدِيٍّ، وَذَلِكَ أَنهم يَجْتَمِعُونَ فِي مجالِسهم لِقرَى الأَضْياف. وَقَدْ نَدِيَتْ لَيْلتُنا نَدًى، فَهِيَ نَدِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ الأَرض، وأَنْدَاهَا الْمَطَرُ؛ قَالَ:

أَنْدَاهُ يومٌ ماطِرٌ فَطَلَّا «1»

وَالْمَصْدَرُ النُّدُوَّةُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مِنْ بَابِ الفُتوَّة، فَدَلَّ بِهَذَا عَلَى أَن هَذَا كُلَّهُ عِنْدَهُ يَاءٌ، كَمَا أَن وَاوَ الْفُتُوَّةِ يَاءً. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما قَوْلُهُمْ فِي فُلَانٍ تَكرُّمٌ ونَدًى، فالإِمالة فِيهِ تَدُلُّ عَلَى أَن لَامَ النُّدُوَّة يَاءٌ، وَقَوْلُهُمُ النَّدَاوَة، الْوَاوُ فِيهِ بَدَلٌ مِنْ يَاءٍ، وأَصله نَدايةٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِمالة فِي النَّدَى، وَلَكِنَّ الْوَاوَ قُلِبَتْ يَاءً لِضَرْبٍ مِنَ التَّوَسُّعِ. وَفِي حَدِيثِ عَذَابِ القَبْر:

وجَريدَتَي النَّخْل لَنْ يَزال يُخفِّفُ عَنْهُمَا مَا كَانَ فِيهِمَا نُدُوٌّ

، يُرِيدُ نَداوةً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحمد بْنِ حنبل، وهو غريب، إنما يُقَالُ نَدِيَ الشيءُ فَهُوَ نَدٍ، وأَرضٌ نَدِيةٌ وَفِيهَا نَداوةٌ. والنَّدَى عَلَى وُجُوهٍ: نَدَى الماءِ، ونَدَى الخَيرِ، ونَدَى الشَّرِّ، ونَدَى الصَّوْتِ، ونَدَى الحُضْر، ونَدَى الدُّخْنةِ، فأَمَّا نَدَى الْمَاءِ فَمِنْهُ الْمَطَرُ؛ يُقَالُ: أَصابه نَدًى مِنْ طَلٍّ، ويومٌ نَدِيٌّ وَلَيْلَةٌ نَدِيَّةٌ. والنَّدَى: مَا أَصابَك مِنَ البَلَلِ. ونَدَى الخَيْر: هُوَ المعرُوف. وَيُقَالُ: أَنْدَى فُلَانٌ عَلَيْنَا نَدًى كَثِيرًا، وإنَّ يَدَهُ لَنَدِيَّةٌ بِالْمَعْرُوفِ؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِ الْقُطَامِيِّ:

لَوْلا كَتائبُ مِنْ عَمْروٍ يَصُولُ بِهَا،

أُرْدِيتُ يَا خَيْرَ مَنْ يَنْدُو لَهُ النَّادِي

قَالَ: مَعْنَاهُ مَن يحوُل لَهُ شخصٌ أَو يَتَعَرَّض لَهُ شَبَحٌ. تَقول: رَمَيْتُ بِبَصَرِي فَمَا نَدَى لِي شَيْءٌ أَي مَا تحرَّك لِي شَيْءٌ. وَيُقَالُ: مَا نَدِيَني مِنْ فُلَانٍ شَيْءٌ أَكْرَهُه أَي مَا بلَّني وَلَا أَصابني، وَمَا نَدِيَتْ كفِّي لَهُ بشَّرٍ وَمَا نَدِيتُ بِشَيْءٍ تَكْرَهُه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

مَا إِنْ نَدِيتُ بِشيء أَنْتَ تَكْرَهُه،

إِذًا فَلا رَفَعَتْ صَوْتي إليَّ يَدِي «2»

وَفِي الْحَدِيثِ:

مَن لَقِيَ اللَّهَ وَلَمْ يَتَنَدَّ مِنَ الدمِ الحَرامِ بِشَيْءٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ

أَي لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا وَلَمْ يَنَلْه مِنْهُ شَيْءٌ، فكأَنه نالَتْه نَداوةُ الدمِ وبَلَلُه. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: النَّدَى المَطر والبَلَل، وَقِيلَ للنَّبْت نَدًى لأَنه عَنْ نَدَى المطرِ نبَتَ، ثُمَّ قِيلَ للشَّحْم نَدًى لأَنه عَنْ ندَى النَّبْتِ يَكُونُ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَمرو بْنِ أَحمر:

كثَوْر العَداب الفَرْدِ يَضْرِبهُ النَّدَى،

تَعَلَّى النَّدَى فِي مَتْنهِ وتَحَدَّرا

أَراد بالنَّدَى الأَوّل الغَيْث وَالْمَطَرَ، وبالنَّدَى الثَّانِي الشَّحْمَ؛ وشاهِدُ النَّدَى اسْمُ النَّبَاتِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

يَلُسُّ النَّدَى، حَتَّى كأَنَّ سَراتَه.

غَطاها دِهانٌ، أَو دَيابِيجُ تاجِرِ

(1). قوله [فطلا] كذا ضبط في الأَصل بفتح الطاء، وضبط فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحْكَمِ بضمها.

(2)

. رواية الديوان، وهي المعوّلُ عليها:

ما قُلتُ من سيّءٍ ممَّا أُتِيتَ به،

اذاً فلا رفعت سوطي إليَّ يدي

ص: 314

ونَدَى الحُضْر: بَقَاؤُهُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ أَو غَيْرُهُ:

كَيْفَ تَرَى الكامِلَ يُفْضِي فَرَقاً

إِلَى نَدَى العَقْبِ، وَشَدًّا سَحْقا

ونَدَى الأَرض: نَداوتها وبَلَلُها. وأَرض نَدِيَةٌ، عَلَى فَعِلة بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَلَا تَقُلْ نَدِيَّةٌ، وَشَجَرٌ نَدْيَانُ. والنَّدَى: الكَلأ؛ قال بِشْرٌ:

وتِسْعةُ آلافٍ بحُرِّ بِلادِه

تَسَفُّ النَّدَى مَلْبُونة، وتُضَمَّرُ

وَيُقَالُ: النَّدَى نَدَى النَّهَارِ، والسَّدَى نَدَى اللَّيْلِ؛ يُضربان مَثَلًا لِلْجُودِ ويُسمى بِهِمَا. ونَدِيَ الشَّيْءُ إِذَا ابْتلَّ فَهُوَ نَدٍ، مِثَالُ تَعِبَ فَهُوَ تِعِبٌ. وأَنْدَيْته أَنا ونَدَّيْته أَيضاً تَنْدِيَةً. وَمَا نَدِيَنِي مِنْهُ شَيْءٌ أَي نالَني، وَمَا نَدِيت مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا أَصَبْت وَلَا علِمت، وَقِيلَ: مَا أَتَيْت وَلَا قارَبْت. وَلَا يَنْدَاك مِنِّي شَيْءٌ تَكْرَهُهُ أَي مَا يَصِيبك؛ عَنِ ابْنِ كَيْسَانَ. والنَّدَى: السَّخاء وَالْكَرَمُ. وتَنَدَّى عَلَيْهِمْ ونَدِيَ: تَسَخَّى، وأَنْدَى نَدًى كَثِيرًا كَذَلِكَ. وأَنْدَى عَلَيْهِ: أَفضل. وأَنْدَى الرَّجلُ: كَثُرَ نَدَاهُ أَي عَطاؤه، وأَنْدَى إِذَا تَسَخَّى، وأَنْدَى الرجلُ إِذَا كَثُرَ نَداه عَلَى إِخْوَانِهِ، وَكَذَلِكَ انْتَدَى وتَنَدَّى. وَفُلَانٌ يَتَنَدَّى عَلَى أَصحابه: كَمَا تَقُولُ هُوَ يَتَسَخَّى عَلَى أَصحابه، وَلَا تَقُلْ يُنَدِّي عَلَى أَصحابِه. وَفُلَانٌ نَدِي الكَفِّ إِذَا كَانَ سَخِيًّا. ونَدَوتُ مِنَ الجُود. وَيُقَالُ سَنَّ لِلنَّاسِ النَّدَى فنَدَوْا. والنَّدَى: الجُود. وَرَجُلٌ نَدٍ أَي جَوادٌ. وفلانٌ أَنْدَى مِنْ فُلَانٍ إِذَا كَانَ أَكثر خَيْرًا مِنْهُ. ورجلٌ نَدِي الكفِّ إِذَا كان سخيًّا؛ وقال:

يابِسُ الجنْبَيْنِ مِنْ غَيْرِ بُوسٍ،

ونَدِي الكَفَّيْنِ شَهْمٌ مُدِلُ

وَحَكَى كُرَاعٌ: نَدِيُّ الْيَدِ، وأَباه غَيْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

بَكْرُ بْنُ وائلٍ نَدٍ

أَي سَخِيٌّ. والنَّدَى: الثَّرى. والمُنْدِيَة: الْكَلِمَةُ يَعْرَق مِنْهَا الجَبين. وَفُلَانٌ لَا يُنْدِي الوَتَرَ، بِإِسْكَانِ النُّونِ، وَلَا يُنَدِّي الْوَتَرَ أَيْ لَا يُحسِنُ شَيْئًا عَجْزاً عَنِ الْعَمَلِ وعِيًّا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: إِذَا كَانَ ضَعِيفَ الْبَدَنِ. والنَّدَى: ضَرْب مِنَ الدُّخَن. وعُود مُنَدًّى ونَدِيٌّ: فُتِقَ بالنَّدى أَو مَاءِ الْوَرْدِ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:

إِلَى مَلِكٍ لَهُ كَرَمٌ وخِيرٌ،

يُصَبَّحُ باليلَنْجُوجِ النَّدِيِ

؛ النَّادِي: مُجْتَمعُ القومِ وأَهلُ الْمَجْلِسِ، فَيَقَعُ عَلَى الْمَجْلِسِ وأَهلِه، تَقُولُ: إنَّ بَيْتَهُ وسَطَ الحِلَّة أَو قَرِيبًا مِنْهُ لِيَغْشاه الأَضيافُ والطُّرَّاقُ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء:

فَإِنَّ جارَ النَّادِي يَتَحَوَّل

أَي جَارَ الْمَجْلِسِ، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ البَدْوِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الأَعْلى

؛ النَّدِيُّ، بِالتَّشْدِيدِ: النَّادي أَي اجْعَلْنِي مَعَ المَلإِ الأَعلى مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ:

وَاجْعَلْنِي فِي النِّدَاء الأَعلى

؛ أَراد نِدَاءَ أَهل الجنةِ أَهلَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا مَا وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا. وَفِي حَدِيثِ سَرِيَّة بَنِي سُلَيْم:

مَا كَانُوا ليَقْتُلُوا عامِراً وبَني سُلَيْمٍ وَهُمُ النَّدِيُ

أَي القومُ المُجْتَمِعُون. وَفِي حَدِيثِ

أَبي سَعِيدٍ: كُنَّا أَنْدَاء فَخَرَجَ عَلَيْنَا رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم

؛ الأَنْدَاء: جَمْعُ النَّادِي وَهُمُ الْقَوْمُ الْمُجْتَمِعُونَ، وَقِيلَ: أَراد أَنَّا كُنَّا أَهل أَنْداء، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَوْ أَن رَجُلًا نَدَى الناسَ إِلَى مَرْماتَيْن أَو عَرْقٍ أَجابوه

أَي دَعاهم إِلَى النَّادِي. يُقَالُ: نَدَوْتُ القومَ أَنْدُوهم إِذَا جَمَعْتَهم فِي النَّادِي، وَبِهِ سُمِّيت دارُ النَّدْوَة بِمَكَّةَ الَّتِي بَناها قُصَيٌّ، سُمِّيت بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِيهَا. الْجَوْهَرِيُّ: النَّدِيُّ، عَلَى فَعِيل، مَجْلِسُ الْقَوْمِ ومُتَحَدَّثُهم، وَكَذَلِكَ النَّدْوَةُ والنَّادِي والمُنْتَدَى والمُتَنَدَّى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ

؛ قِيلَ: كَانُوا يَحْذفون النَّاسَ فِي مَجالِسِهم فأَعْلَم اللهُ أَن هَذَا مِنَ الْمُنْكَرِ، وأَنه لَا يَنْبَغِي أَن يَتَعاشَرَ الناسُ عَلَيْهِ وَلَا يَجْتَمِعُوا عَلَى الهُزُؤ والتَّلَهِّي، وأَن لَا يَجْتَمعوا إِلَّا فِيمَا قَرَّب مِنَ اللَّهِ وباعَدَ مِنْ سَخَطه؛

وأَنشدوا شِعْرًا زَعَمُوا أَنه سُمع عَلَى عَهْد سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:

وأَهْدَى لَنا أَكْبُشاً

تَبَخْبَخُ فِي المِرْبَدِ

وَرُوحَكَ فِي النَّادِي

ويَعْلَمُ مَا فِي غَدِ «1»

فَقَالَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: لَا يَعْلَمُ الغَيبَ إلَّا اللهُ.

ونَدَوْتُ أَي حَضَرْتُ النَّدِيَّ، وانْتَدَيْتُ مِثْلَهُ. ونَدَوْتُ الْقَوْمَ: جَمَعْتُهُمْ فِي النَّدِيِّ. وَمَا يَنْدُوهم النَّادِي أَي مَا يَسَعُهم؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ:

وَمَا يَنْدُوهمُ النَّادي، ولكنْ

بكلِّ مَحَلَّةٍ مِنْهم فِئامُ

أَي مَا يَسَعُهم الْمَجْلِسُ مِنْ كَثْرَتِهِمْ، وَالِاسْمُ النَّدْوَةُ، وَقِيلَ: النَّدْوَةُ الْجَمَاعَةُ، ودارُ النَّدْوَةِ مِنْهُ أَي دارُ الجماعةِ، سُميت مِنَ النَّادي، وَكَانُوا إِذَا حَزَبهم أَمْرٌ نَدَوْا إِلَيْهَا فَاجْتَمَعُوا للتَّشاورِ، قَالَ وأُناديكَ أُشاوِرُك وأُجالِسُك، مِنَ النَّادي. وَفُلَانٌ يُنادي فُلَانًا أَي يُفاخِرُه؛ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ دارُ النَّدْوَة، وَقِيلَ للمفاخَرةُ مُنَادَاة، كَمَا قيل مُنافَرة؛ قَالَ الأَعشى:

فَتىً لَوْ يُنَادِي الشمسَ أَلْقَتْ قِناعَها،

أَو القَمَرَ السَّارِي لأَلْقَى القَلائِدا «2»

أَي لَوْ فاخَر الشَّمْسَ لَذَلَّتْ لَهُ، وقِناعُ الشمسِ حُسْنُها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ

؛ يُرِيدُ

(1). قوله [وروحك] كذا في الأصل.

(2)

. قوله [القلائدا] كذا في الأصل، والذي في التكملة: المقالدا.

ص: 315

عَشِيرَته، وَإِنَّمَا هُمْ أَهلُ النَّادِي، والنَّادِي مَكَانُهُ وَمَجْلِسُهُ فَسَمَّاهُ بِهِ، كَمَا يُقَالُ تَقَوَّضَ الْمَجْلِسَ. الأَصمعي: إِذَا أَورَدَ الرجُلُ الإِبلَ الْمَاءَ حَتَّى تَشْرَبَ قَلِيلًا ثُمَّ يَجيء بِهَا حَتَّى تَرْعَى سَاعَةً ثُمَّ يَرُدّها إِلَى الماءِ، فَذَلِكَ التَّنْدِيَةُ. وَفِي حَدِيثِ

طَلْحَةَ: خرجتُ بفَرَسٍ لِي أُنَدِّيه

«1» ؛ التَّنْدِيَةُ: أَن يُورِدَ الرجُلُ فرسَه الْمَاءَ حَتَّى يَشْرَبَ، ثُمَّ يَرُدَّه إِلَى المَرْعَى سَاعَةً، ثُمَّ يُعيده إِلَى الْمَاءِ، وَقَدْ نَدَا الفرسُ يَنْدُو إِذَا فَعَل ذَلِكَ؛ وأَنشد شَمِرٌ:

أَكلْنَ حَمْضاً ونَصِيًّا يابِسا،

ثمَّ نَدَوْنَ فأَكلْنَ وارِسا

أَي حَمْضاً مُثْمِراً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وردَّ الْقُتَيْبِيُّ هَذَا عَلَى أَبي عُبيد روايتَه حديثَ طَلحَة لأُنَدِّيَه، وَزَعَمَ أَنه تَصْحيف، وَصَوَابُهُ لأُبَدِّيَه، بِالْبَاءِ أَي لأُخْرِجه إِلَى البَدْوِ، وَزَعَمَ أَن التَّنْدِيَةَ تَكُونُ للإِبل دُونَ الْخَيْلِ، وأَن الإِبل تُنَدَّى لطُول ظَمَئِها، فأَما الْخَيْلُ فإِنها تُسْقَى فِي القَيْظ شَربتين كُلَّ يَوْمٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ غَلِط الْقُتَيْبِيُّ فِيمَا قَالَ، وَالصَّوَابُ الأَوّل، والتَّنْدِيَةُ تَكُونُ لِلْخَيْلِ والإِبل، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَهُ الأَصمعي وأَبو عَمْرٍو، وَهُمَا إِمَامَانِ ثِقَتَانِ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ:

أَنَّ سَلمَة بْنَ الأَكْوَع قَالَ كُنْتُ أَخْدُمُ طَلْحَةَ وأَنه سأَلني أَن أَمْضِيَ بِفَرَسِهِ إِلَى الرِّعْي وأَسْقِيَه عَلَى مَا ذَكَرَهُ ثُمَّ أُنَدِّيه

، قَالَ: وللتَّنْدِيَةِ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ تَضْمِيرُ الخيلِ وإجْراؤها حَتَّى تَعْرَقَ ويَذْهَبَ رَهَلُها، وَيُقَالُ للعَرَق الَّذِي يسِيل مِنْهَا النَّدَى، وَمِنْهُ قولُ طُفيل:

نَدَى الْمَاءِ مِنْ أَعْطافِها المُتَحَلِّب

قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ عَريفاً مِنْ عُرفاء القَرامِطة يَقُولُ لأَصحابه وَقَدْ نُدِبُوا فِي سَرِيَّةٍ اسْتُنْهِضَتْ أَلا ونَدُّوا خيلَكم؛ الْمَعْنَى ضَمِّرُوها وشُدُّوا عَلَيْهَا السُّرُوج وأَجْرُوها حَتَّى تَعرَق. واخْتصَم حَيّانِ مِن الْعَرَبِ فِي مَوْضِعٍ فَقَالَ أَحدهما: مَرْكَزُ رِماحِنا ومَخْرَجُ نِسائنا ومَسْرَحُ بَهْمِنا ومُنَدَّى خَيْلنا أَي مَوْضِعُ تَنْدِيتها، وَالِاسْمُ النَّدْوَة. ونَدَت الإِبلُ إِذَا رَعَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّهَلِ والعَلَل تَنْدُو نَدْواً، فَهِيَ نَادِيَةٌ، وتَنَدَّت مِثْلَهُ، وأَنْدَيْتها أَنَا ونَدَّيْتُها تَنْدِيَةً. والنُّدْوَةُ، بِالضَّمِّ: مَوْضِعُ شُرْبِ الإِبل؛ وأَنشد لهِمْيان:

وقَرَّبُوا كلَّ جُمالِيٍّ عَضِهْ،

قرِيبةٍ نُدْوَتُه مِنْ مَحمَضِه،

بَعِيدةٍ سُرَّتُه مِنْ مَغْرِضِهْ

يَقُولُ: موْضِع شَرِبَهُ قَرِيبٌ لَا يُتعب فِي طلَب الْمَاءِ. وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: نَدْوَتُه مِنْ مُحْمَضِهْ، بِفَتْحِ نُونِ النَّدوة وَضَمِّ مِيمِ المُحمض. ابْنُ سِيدَهْ: ونَدَتِ الإِبلُ نَدْواً خَرَجَتْ مِنَ الحَمْض إِلَى الخُلَّةِ ونَدَّيْتُها، وَقِيلَ: التَّنْدِيَة أَن تُوردها فتَشْرب قَلِيلًا ثُمَّ تَجيء بِهَا تَرْعَى ثُمَّ تَردّها إِلَى الْمَاءِ، والمَوضعُ مُنَدًّى؛ قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَة:

تُرادَى عَلَى دِمْنِ الحِياضِ، فإنْ تَعَفْ،

فإنَّ المُنَدَّى رِحْلةٌ فَرُكُوب «2»

وَيُرْوَى: وَرَكُوب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي تُرادَى ضَمِيرُ نَاقَةٍ تقدَّم ذِكْرُهَا فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ:

إليكَ، أَبَيْتَ اللَّعْنَ أَعْمَلْتُ نَاقَتِي،

لِكَلْكَلِها والقُصْرَيَيْنِ وجيبُ

(1). قوله [أُنَدِّيه] تَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الأثير، ورواية الأزهري: لأَندّيه.

(2)

. قوله [فركوب] هذه رواية ابن سيدة، ورواية الجوهري بالواو مع ضم الراء أَيضاً.

ص: 318

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن رِحلة ورَكُوب هَضْبَتَانِ، وَقَدْ تَكُونُ التَّنْدِيَة فِي الْخَيْلِ. التَّهْذِيبُ: النَّدْوَةُ السَّخاءُ، والنّدْوَةُ المُشاورة، والنَّدْوَةُ الأَكْلة بَيْنَ السَّقْيَتَينِ، والنَّدَى الأَكلة بَيْنَ الشَّرْبتين. أَبو عَمْرٍو: المُنْدِيَاتُ المُخْزِياتُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَوسْ بْنِ حَجَر:

طُلْس الغِشاء، إِذَا مَا جَنَّ لَيْلُهُمُ

بالمُنْدِيَاتِ، إِلَى جاراتِهم، دُلُف

قَالَ: وَقَالَ الرَّاعِي:

وإنَّ أَبا ثَوْبانَ يَزْجُرُ قَوْمَهُ

عَنِ المُنْدِيَاتِ، وهْوَ أَحْمَقُ فاجِرُ

وَيُقَالُ: إِنَّهُ ليَأْتِيني نَوَادِي كَلَامِكَ أَي مَا يَخْرُجُ مِنْكَ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

وبَرْكٍ هُجُودٍ قَدْ أَثارت مَخافَتي

نَوَادِيَهُ، أَمْشِي بعَضْبٍ مُجَرَّدِ»

قَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّوَادِي النَّواحي؛ أَراد أَثارَتْ مخافَتي إِبِلًا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الإِبل مُتَفَرِّقةً، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ نَوادِيَه رَاجِعَةٌ عَلَى البَرْكِ. ونَدا فُلَانٌ يَنْدُو نُدُوًّا إِذَا اعْتزلَ وتَنحَّى، وَقَالَ: أَراد بنَوَادِيَه قَواصِيَه. التَّهْذِيبُ: وَفِي النَّوَادِرِ يُقَالُ مَا نَدِيتُ هَذَا الأَمْرَ وَلَا طَنَّفْته أَي مَا قَرِبْتُه أَنْدَاه وَيُقَالُ: لَمْ يَنْدَ مِنْهُمْ نادٍ أَي لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحد. ونَدْوَةُ: فَرَسٌ لأَبي قَيْد بن حَرْمَل «4»

نرا: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي النَّرْوَةُ حَجَر أَبْيضُ رقِيق، وربما ذُكِّي به.

نزا: النَّزْو: الوَثَبانُ، وَمِنْهُ نَزْو التَّيس، وَلَا يُقَالُ إلَّا لِلشَّاءِ والدَّوابِّ وَالْبَقَرِ فِي مَعْنَى السِّفاد. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الأَنْزَاء حَرَكَاتُ التُّيوس عِنْدَ السِّفاد. وَيُقَالُ لِلْفَحْلِ: إِنَّهُ لِكَثِيرُ النَّزَاءِ أَي النَّزْو. قَالَ: وَحَكَى الْكِسَائِيُّ النِّزَاء، بِالْكَسْرِ، والهُذاء مِنَ الهَذَيان، بِضَمِّ الْهَاءِ ونَزَا الذَّكَرُ عَلَى الأُنثى نِزَاء، بِالْكَسْرِ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْحَافِرِ والظِّلف والسِّباع، وأَنْزَاه غَيْرُهُ ونَزَّاه تَنْزِيَةً. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: أُمِرنا أَن لَا نُنْزِيَ الحُمُر عَلَى الخَيْلِ

أَي نَحْمِلَها عَلَيْهَا للنَّسل. يُقَالُ: نَزَوْتُ عَلَى الشَّيْءِ أَنْزُو نَزْواً إِذَا وَثَبْت عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ يَكُونُ فِي الأَجسام وَالْمَعَانِي، قَالَ الْخَطَابِيُّ: يُشْبِهُ أَن يَكُونَ المَعنى فِيهِ، وَاللَّهُ أَعلم، أَنَّ الحُمر إِذَا حُمِلت عَلَى الْخَيْلِ قَلَّ عدَدُها وانْقَطع نَماؤها وتعَطَّلَتْ مَنافِعها، وَالْخَيْلُ يُحتاج إِلَيْهَا لِلرُّكُوبِ وللرَّكْض وللطَّلَب وللجِهاد وإحْراز الغَنائم، ولحْمُها مأْكول وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَلَيْسَ لِلْبَغْلِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ، فأَحَبَّ أَن يَكثر نَسْلُها ليَكْثر الِانْتِفَاعُ بِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: النُّزَاء الوَثْب، وَقِيلَ: هُوَ النَّزَوانُ فِي الوَثْب، وخصَّ بعضُهم بِهِ الوَثْب إِلَى فَوْقُ، نَزَا يَنْزُو نَزْواً ونُزَاء ونُزُوّاً ونَزَواناً؛ وَفِي الْمَثَلِ:

نَزْوُ الفُرارِ استَجْهَلَ الفُرارا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ النَّزَوَان قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: قَدْ حِيلَ بيْنَ العَيْرِ والنَّزَوَان؛ قَالَ: وأَول مَن قَالَهُ صَخْرُ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِي أَخو الخنْساء:

أَهُمُّ بأَمْرِ الحَزْمِ لوْ أَسْتَطِيعُه،

وَقَدْ حِيلَ بيْنَ العَيْرِ والنَّزَوَانِ

وتَنَزَّى ونَزا؛ قَالَ:

أَنا شَماطِيطُ الَّذِي حُدِّثْتَ بهْ،

مَتى أُنَبَّهْ للغَداءِ أَنْتَبِهْ

(3). رواية الديوان: بواديَها أي أوائلها، بدل نواديَه، ولعلها نواديَها لأَن الضمير يعود إلى البرك جماعة الإبل وهي جمع بارك. (4). قوله [قيد بن حرمل] لم نره بالقاف في غير الأصل.

ص: 319

ثُمَّ أُنَزِّ حَوْلَه وأَحْتَبِهْ،

حَتَّى يُقالُ سَيِّدٌ، ولَسْتُ بِهْ

الْهَاءُ فِي أَحْتَبِهْ زَائِدَةٌ لِلْوَقْفِ، وَإِنَّمَا زَادَهَا لِلْوَصْلِ لَا فَائِدَةَ لَهَا أَكثر مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَتْ بِضَمِيرٍ لأَن أَحْتَبي غَيْرُ مُتَعَدٍّ، وأَنْزَاه ونَزَّاه تَنْزِيَةً وتَنْزِيًّا؛ قَالَ:

باتَتْ تُنَزِّي دَلْوَها تَنْزِيّا،

كَمَا تُنَزِّي شَهْلةٌ صَبِيّا

النُّزَاء: دَاءٌ يأْخذ الشَّاءَ فتَنْزُو مِنْهُ حَتَّى تَمُوت. ونَزَا بِهِ قلبُه: طمَح. وَيُقَالُ: وَقَعَ فِي الْغَنَمِ نُزَاء، بِالضَّمِّ، ونُقازٌ وَهُمَا مَعًا دَاءٌ يأْخذها فتَنْزُو مِنْهُ وتَنْقُزُ حَتَّى تَمُوتَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَلِيٍّ النُّزَاء فِي الدَّابَّةِ مِثْلَ القُماص، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَن نُزَاء الدَّابَّةِ هُوَ قُماصُها؛ وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ:

يَنْزُو لوَقْعَتها طُمورَ الأَخْيَل

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن النَّزْوَ الوُثوب؛ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي تَفْسِيرِ بَيْتِ ذِي الرُّمَّةِ:

مُعْرَوْريِاً رَمَضَ الرَّضْراضِ يَرْكضُه

يُرِيدُ أَنه قَدْ رَكِبَ جَوادُه الْحَصَى فَهُوَ يَنْزُو مِنْ شدَّة الْحَرِّ أَي يَقْفِز. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا أَصابَته جِراحة فنُزِيَ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ.

يُقَالُ: نُزِيَ دمُه ونُزِف إِذَا جَرى وَلَمْ يَنْقَطِع. وَفِي حَدِيثِ

أَبي عَامِرٍ الأَشعري: أَنه كَانَ فِي وَقْعةِ هَوازِنَ رُمِي بسَهْم فِي رُكْبته فنُزِيَ مِنْهُ فماتَ.

وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفة:

فنَزَوْنا عَلَى سَعْدٍ

أَي وقَعُوا عَلَيْهِ ووَطِئُوه. والنَّزَوَانُ: التَّفَلُّتُ والسَّوْرةُ. وَإِنَّهُ لَنَزِيٌّ إِلَى الشرِّ ونَزَّاء ومُتَنَزٍّ أَي سَوَّار إِلَيْهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِذَا نَزَا بِكَ الشَّرُّ فاقْعُد؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلَّذِي يَحْرِصُ عَلَى أَن لَا يَسْأَم الشَّرَّ حَتَّى يَسْأَمَه صاحبُه. والنَّازِيَةُ: الحِدَّةُ والنادِرةُ «1» اللَّيْثُ: النَّازِيَةُ حِدَّة الرَّجُلِ المُتَنَزِّي إِلَى الشَّرِّ، وَهِيَ النَّوَازِي. وَيُقَالُ: إِنَّ قَلْبَهُ ليَنْزُو إِلَى كَذَا أَيْ يَنْزِعُ إِلَى كَذَا. والتَّنَزِّي: التوثُّب والتسرُّع؛ وَقَالَ نُصَيب، وَقِيلَ هُوَ لِبَشَّارٍ:

أَقولُ، ولَيْلَتي تَزْدادُ طُولًا:

أَما للَّيْلِ بَعْدَهُمُ نَهارُ؟

جَفَتْ عَيْني عَنِ التَّغْمِيضِ حَتَّى

كأَنَّ جُفونَها، عَنْهَا، قِصارُ

كأَنَّ فُؤادَه كُرةٌ تَنَزَّى

حِذارَ البَيْنِ، لَوْ نَفَعَ الحِذارُ

وَفِي حَدِيثِ

وَائِلِ بْنِ حُجْر: إنَّ هَذَا انْتَزَى عَلَى أَرضي فأَخَذها

؛ هو افْتَعَلَ مِنَ النَّزْوِ. والانْتِزَاءُ والتَّنَزِّي أَيضاً: تسَرُّع الإِنسان إِلَى الشَّرِّ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

انْتَزَى عَلَى القَضاء فَقَضَى بِغَيْرِ عِلْمٍ.

ونَزَتِ الخَمر تَنْزُو: مُزِجَتْ فوَثَبَتْ. ونَوَازِي الخَمر: جَنادِعُها عِنْدَ المَزْجِ وَفِي الرأْس. ونَزا الطعامُ يَنْزُو نَزْواً: عَلَا سِعْرُه وَارْتَفَعَ. والنُّزَاء والنِّزَاء: السِّفاد، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الظِّلْف والحافِرِ والسَّبُعِ، وعمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ جَمِيعَ الدَّوَابِّ، وَقَدْ نَزَا يَنْزُو نُزَاء وأَنْزَيْتُه. وقَصْعة نَازِيَةُ القَعْر أَي قَعِيرةٌ، ونَزِيَّةٌ إِذَا لَمْ يُذكر القَعْرُ وَلَمْ يُسمَّ قَعْرُها أَي قَعِيرة. وَفِي الصِّحَاحِ: النَّازِيَة قَصْعَةٌ قَريبة القَعْر. ونُزِيَ الرَّجُلُ: كُنزِفَ وأَصابه جُرح فنُزِيَ مِنْهُ فَمَاتَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للسِّقاء الَّذِي لَيْسَ بضَخْم أَدِيٌّ، فَإِذَا كَانَ صَغِيرًا فَهُوَ نَزِيء، مَهْمُوزٌ.

(1). قوله [والنادرة] كذا في الأصل بالنون، والذي في متن شرح القاموس: والباردة، بالباء وتقديم الدال، وفي القاموس المطبوع: والبادرة بتقديم الراء.

ص: 320

وَقَالَ: النَّزِيَّةُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، مَا فاجأَكَ مِنْ مَطَرٍ أَو شَوق أَو أَمر؛ وأَنشد:

وَفِي العارِضِينَ المُصْعِدينَ نَزِيَّةٌ

مِنَ الشَّوقِ، مَجْنُوبٌ بِهِ القَلْبُ أَجْمعُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ فِي بَابِ نُعُوتِ الْجَرْيِ والعَدْو مِنَ الْخَيْلِ: فَإِذَا نَزا نَزْواً يقاربُ العَدْو فَذَلِكَ التوقُّص، فَهَذَا شَاهِدٌ عَلَى أَن النُّزاء ضَرْبٌ مِنَ العَدْو مِثْلَ التوقُّص والقُماص وَنَحْوِهِ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ حَمْزَةَ فِي كِتَابٍ أَفعلَ مِنْ كَذَا: فأَما قَوْلُهُمْ أَنْزَى مِنْ ظَبْيٍ فَمِنَ النَّزَوان لَا مِنَ النَّزْو، فَهَذَا قَدْ جَعَلَ النَّزَوَانَ والقُماصَ والوَثْبَ، وَجَعَلَ النَّزْو نَزْوَ الذَّكَرِ عَلَى الأُنثى، قَالَ: وَيُقَالُ نَزَّى دَلْوَهُ تَنْزِيَةً وتَنْزِيًّا؛ وأَنشد:

باتَت تُنَزِّي دَلْوها تَنْزِيّا «1»

نسا: النِّسْوةُ والنُّسْوة، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، والنِّساء والنِّسْوانُ والنُّسْوان: جَمْعُ المرأَة مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ، كَمَا يُقَالُ خلِفةٌ ومَخاضٌ وَذَلِكَ وأُولئك والنِّسُونَ «2» قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والنِّسَاء جَمْعُ نِسْوَة إِذَا كَثُرْنَ، وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي الإِضافة إِلَى نِسَاء نِسْوِيّ، فردَّه إِلَى وَاحِدِهِ، وَتَصْغِيرُ نِسْوَةٍ نُسَيَّةٌ، وَيُقَالُ نُسَيَّاتٌ، وَهُوَ تَصْغِيرُ الْجَمْعِ. والنَّسا: عَرِقٌ مِنَ الْوِرْكِ إِلَى الْكَعْبِ، أَلفه مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لِقَوْلِهِمْ نَسَوانِ فِي تَثْنِيَتِهِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ أَيضاً مُنْقَلِبَةً عَنِ الْيَاءِ لِقَوْلِهِمْ نَسَيانِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

ذِي مَحْزِمٍ نَهْدٍ وطَرْفٍ شاخِصِ،

وعَصَبٍ عَنْ نَسَوَيْه قالِصِ

الأَصمعي: النَّسَا، بِالْفَتْحِ مَقْصُورٌ بِوَزْنِ العَصا، عِرْق يَخْرُجُ مِنَ الوَرِك فيَسْتَبْطِنُ الْفَخْذَيْنِ ثُمَّ يَمُرُّ بالعُرْقوب حَتَّى يَبْلُغَ الْحَافِرَ، فَإِذَا سَمِنَتِ الدَّابَّةُ انفَلَقت فَخْذَاهَا بلَحْمَتَين عَظِيمَتَيْنِ وجَرى النَّسا بَيْنَهُمَا وَاسْتَبَانَ، وَإِذَا هُزِلَت الدَّابَّةُ اضطرَبَت الْفَخْذَانِ وماجَت الرَّبَلَتان وخَفِي النَّسا، وَإِنَّمَا يُقَالُ مُنْشَقُّ النَّسا، يُرِيدُ مَوْضِعَ النَّسا. وَفِي حَدِيثِ

سَعْدٍ: رَمَيْتُ سُهَيْلَ بْنَ عَمرو يَوْمَ بَدْر فقَطَعْتُ نَسَاه

، والأَفصح أَن يُقَالَ لَهُ النَّسا، لَا عِرْقُ النَّسا. ابْنُ سِيدَهْ: وَالنَّسَا مِنَ الوَرِك إِلَى الْكَعْبِ، وَلَا يُقَالُ عِرْقُ النَّسا، وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ ثَعْلَبٌ فأَضافه، وَالْجَمْعُ أَنْسَاء؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

مُتَفَلِّقٌ أَنْسَاؤها عَنْ قانِئٍ

كالقُرْطِ صاوٍ، غُبْرُه لَا يُرْضَعُ

وَإِنَّمَا قَالَ مُتفلق أَنساؤها، والنَّسَا لَا يَتفلَّقُ إِنَّمَا يتفلَّقُ مَوْضِعُهُ، أَراد يَتَفَلَّقُ فَخِذاها عَنْ مَوْضِعِ النَّسا، لَمَّا سَمِنت تفَرَّجت اللَّحْمَةُ فَظَهَرَ النَّسا، صاوٍ: يَابِسٍ، يَعْنِي الضَّرع كالقُرْط، شَبَّهَهُ بقُرط المرأَة وَلَمْ يُرد أَنَّ ثَمَّ بَقِيَّةَ لَبَنٍ لَا يُرْضَع، إِنَّمَا أَراد أَنه لَا غُبْرَ هُنَالِكَ فيُهْتَدى بِهِ «3»؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُهُ عَنْ قَانِئٍ أَي عَنْ ضَرْع أَحمر كالقُرْط، يَعْنِي فِي صِغَره، وَقَوْلُهُ: غُبْره لَا يُرْضَع أَي لَيْسَ لَهَا غُبْر فيُرضَع؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:

عَلَى لاحِبٍ لَا يُهْتَدى لِمَنارِه

أَي لَيْسَ ثَمَّ مَنار فيُهْتَدَى بِهِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً؛ أَي لَا سُؤالَ لَهُمْ فَيَكُونُ مِنْهُ الإِلحافُ؛ وَإِذَا قَالُوا إِنَّهُ لشَديد النَّسَا فَإِنَّمَا يُراد بِهِ النَّسا نَفْسُه. ونَسَيْتُه أَنْسِيه نَسْياً فَهُوَ مَنْسِيٌّ: ضَرَبْت نَساه. ونَسِيَ الرجلُ يَنْسَى

(1). وعجز البيت:

كَمَا تنزِّي شهلةٌ صَبيًّا

(2)

. قوله [والنِّسُون] كذا ضبط في الأصل والمحكم أَيضاً، وضبط في النسخة التي بأيدينا من القاموس بكسر فسكون ففتح.

(3)

. قوله [لا غُبر هنالك إلخ] كذا بالأصل، والمناسب فيرضَع بدل فيهتدى به

ص: 321

نَساً إِذَا اشْتَكَى نَساه، فَهُوَ نَسٍ عَلَى فَعِل إِذَا اشْتَكَى نَساه، وَفِي الْمُحْكَمِ: فَهُوَ أَنْسى، والأُنثي نَسْآء، وَفِي التَّهْذِيبِ نَسْيَاء، إِذَا اشْتَكَيا عِرْق النَّسا، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ عِرْقُ النَّسا، وَقَالَ الأَصمعي: لَا يُقال عِرق النَّسا، وَالْعَرَبُ لَا تَقُولُ عِرْق النَّسَا كَمَا لَا يَقُولُونَ عِرْقُ الأَكْحَل، وَلَا عِرْق الأَبْجَل، إِنَّمَا هُوَ النَّسا والأَكْحَلُ والأَبْجَل، وأَنشد بَيْتَيْنِ لِامْرِئِ الْقَيْسِ، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: هُوَ عِرْقُ النَّسَا، وَحَكَى أَبو الْعَبَّاسِ فِي الْفَصِيحِ: أَبو عُبَيْدٍ يُقَالُ لِلَّذِي يَشْتَكِي نَساه نَسٍ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ النَّسا لِهَذَا الْعِرْقِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

مِنْ نَسا النَّاشِط، إذْ ثَوَّرْتَه،

أَو رَئِيس الأَخْدَرِيّاتِ الأُوَلْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ؛ قَالُوا: حرَّم إِسْرَائِيلُ لُحُومَ الإِبل لأَنه كَانَ بِهِ عِرْق النَّسا، فَإِذَا ثَبَتَ أَنه مَسْمُوعٌ فَلَا وَجْهَ لإِنكار قَوْلِهِمْ عِرْق النَّسَا، قَالَ: وَيَكُونُ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمُسَمَّى إِلَى اسْمِهِ كحَبْل الوَرِيد ونَحوِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتُ:

إلَيْكم، ذَوي آلِ النَّبيِّ، تَطَلَّعَتْ

نَوازعُ، مِنْ قَلْبي، ظِماءٌ وأَلْبُبُ

أَي إِلَيْكُمْ يَا أَصحاب هَذَا الِاسْمِ، قَالَ: وَقَدْ يُضَافُ الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ إذا اختلَف اللَّفْظَانِ كحَبْل الوَريد وحَبِّ الحَصيد وثابِتِ قُطْنةَ وسعيدِ كُرْزٍ، وَمِثْلُهُ: فقلتُ انْجُوَا عَنْهَا نَجَا الجِلْدِ؛ والنَّجا: هُوَ الْجِلْدُ الْمَسْلُوخُ؛ وَقَوْلُ الْآخَرِ:

تُفاوِضُ مَنْ أَطوي طَوَى الكَشْحِ دُونَهُ

وَقَالَ فَرْوة بْنُ مُسَيْك:

لَمَّا رَأَيْتُ مُلُوكَ كِنْدةَ أَعْرَضَتْ

كالرِّجْلِ، خانَ الرِجْلَ عِرْقُ نَسائها

قَالَ: وَمِمَّا يُقَوِّي قولَهم عِرْق النَّساء قَوْلُ هِمْيانَ:

كأَنَّما يَيْجَع عِرْقا أَبْيَضِه

والأَبْيَضُ: هُوَ العِرْقُ. والنِّسْيَان، بِكَسْرِ النُّونِ: ضِدُّ الذِّكر والحِفظ، نَسِيَه نِسْياً ونِسْياناً ونِسْوةً ونِسَاوَةً ونَسَاوَة؛ الأَخيرتان عَلَى الْمُعَاقَبَةِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ اللُّغَاتِ قَالَ: نَسِيت الشيءَ نِسْيَاناً ونَسْياً ونِسْياً ونِسَاوَةً ونِسْوَةً؛ وأَنشد:

فلَسْت بصَرَّامٍ وَلَا ذِي مَلالةٍ،

وَلَا نِسْوَةٍ للعَهْدِ، يَا أُمَّ جَعْفَرِ

وتَنَاسَاه وأَنْسَاه إِياه. وَقَوْلُهُ عز وجل: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ

؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: لَا يَنْسَى اللَّهِ عز وجل، إِنَّمَا مَعْنَاهُ تَرَكُوا اللَّهَ فَتَرَكَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ النِّسْيان ضَرْبًا مِنَ التَّرْكِ وضعَه مَوْضِعَهُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي تَرَكُوا أَمرَ اللَّهِ فَتَرَكَهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى

؛ أَي ترَكْتَها فَكَذَلِكَ تُتْرَكُ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ نَسْيانُ، بِفَتْحِ النُّونِ: كَثِيرُ النِّسْيانِ لِلشَّيْءِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ

؛ مَعْنَاهُ أَيضاً تَرَكَ لأَن النَّاسِي لَا يُؤاخَذُ بِنِسْيانِه، والأَول أَقيس «1». والنِّسْيَانُ: التَّرْكُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها

؛ أَي نأْمُركم بِتَرْكِهَا. يُقَالُ: أَنْسَيْته أَي أَمَرْت بِتَرْكِهِ. ونَسِيتُه: تَرَكْتُه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: عَامَّةُ الْقُرَّاءِ يَجْعَلُونَ قَوْلَهُ أَو نَنْساها مِنَ النِّسيان، والنِّسْيانُ هَاهُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما عَلَى

(1). قوله [والأَول أقيس] كذا بالأَصل هنا، ولا أول ولا ثان، وهو في عبارة المحكم بعد قوله الذي سيأتي بعد قليل، وَالنِّسْيُ وَالنَّسْيُ الْأَخِيرَةُ عَنْ كراع، فالأول الذي هو النسي بالكسر.

ص: 322

التَّرْكِ نَتْرُكها فَلَا نَنْسَخها كَمَا قَالَ عز وجل: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ

؛ يُرِيدُ تَرَكُوهُ فَتَرَكَهُمْ، وَقَالَ تَعَالَى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ

؛ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنَ النِّسْيَان الَّذِي يُنْسَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ

؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرِئَ أَوْ نُنْسِها

، وَقُرِئَ:

نُنَسِّها

، وَقُرِئَ:

نَنْسَأْها

، قَالَ: وَقَوْلُ أَهل اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ نُنْسِها

قَوْلَانِ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ نُنْسِها

مِنَ النِّسْيان، وَقَالَ دَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ

؛ فَقَدْ أَعلمَ اللَّهُ أَنه يَشَاءُ أَن يَنسَى، قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: هَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي غَيْرُ جَائِزٍ لأَن اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنبأ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فِي قَوْلِهِ: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا؛ أَنه لَا يَشَاءُ أَن يَذْهَب بِمَا أَوحَى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَقَوْلُهُ فَلا تَنْسى

، أَي فلستَ تَتْرُك إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أَن تَترك، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ مِمَّا يَلْحَقُ بِالْبَشَرِيَّةِ ثُمَّ تَذَكَّرُ بعدُ ليسَ أَنه عَلَى طَرِيقِ السَّلْب لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، شَيْئًا أُوتِيَه مِنَ الْحِكْمَةِ، قَالَ: وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ أَوْ نُنْسِها

قَوْلٌ آخَرُ، وَهُوَ خطأٌ أَيضاً، أَو نَتْرُكها، وَهَذَا إِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ نَسِيت إِذَا ترَكت، لَا يُقَالُ أُنْسِيت تَرَكْتُ، قَالَ: وَإِنَّمَا مَعْنَى أَوْ نُنْسِها

أَو نُتْرِكْها أَي نأْمُرْكُم بِتَرْكِهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا مَا رَوى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده:

إنَّ عليَّ عُقْبةً أَقضِيها،

لَسْتُ بنَاسِيها وَلَا مُنْسِيها

قَالَ: بناسِيها بتارِكها، وَلَا مُنْسِيها وَلَا مؤخِّرها، فَوَافَقَ قولُ ابْنِ الأَعرابي قولَه فِي النَّاسِي إِنَّهُ التَّارِكُ لَا المُنْسِي، وَاخْتَلَفَا فِي المُنْسِي، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وكأَنَّ ابْنَ الأَعرابي ذَهَبَ فِي قَوْلِهِ وَلَا مُنسِيها إِلَى تَرك الْهَمْزِ مِنْ أَنسأْتُ الدَّين إِذَا أَخَّرته، عَلَى لُغَةِ مَنْ يُخفف الْهَمْزَ. والنَّسْوَةُ: التَّرْك لِلْعَمَلِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ

؛ قَالَ: إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنساهم أَن يَعْمَلُوا لأَنفسهم. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: تَنْسَوْنَ

هَاهُنَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: جَائِزٌ أَن يَكُونَ تَنْسَوْنَ

تَتْرُكُونَ، وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ الْمَعْنَى أَنكم فِي تَرْكِكُمْ دُعاءهم بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَدْ نَسِيَهم؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا

؛ أَي نَتْرُكُهُمْ مِنَ الرَّحْمَةِ فِي عَذَابِهِمْ كَمَا تَرَكُوا الْعَمَلَ لِلِقَاءِ يَوْمِهِمْ هَذَا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ*

؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ ترَكوا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونُوا فِي تَرْكِهِمُ الْقَبُولَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَسِيَ. اللَّيْثُ: نَسِيَ فلانٌ شَيْئًا كَانَ يَذْكُرُهُ، وَإِنَّهُ لَنَسِيٌّ كَثِيرُ النِّسيان. والنِّسْيُ: الشَّيْءُ المَنْسِيُّ الَّذِي لَا يَذْكُرُ. والنِّسْيُ والنَّسْيُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، وَآدَمُ قَدْ أُوخِذَ بِنسْيانِه فهَبَط مِنَ الْجَنَّةِ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:

لَوْ وُزِنَ حِلْمُهم وحَزْمُهم مُذْ كَانَ آدمُ إِلَى أَن تَقُومَ الساعةُ مَا وَفَى بحِلْمِ آدَمَ وحَزْمِه.

وَقَالَ اللَّهُ فِيهِ: فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً

. النِّسْيُ: المَنْسِيُّ. وَقَوْلُهُ عز وجل حِكَايَةً عَنِ مَرْيَمَ:

وكنتُ نِسْياً مَنْسِيّاً

؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: النِّسْيُ خِرَقُ الحَيْض الَّتِي يُرمَى بِهَا فتُنْسَى، وَقُرِئَ: نِسْياً ونَسِيا*

، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، فَمَنْ قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهُ حَيْضة مُلْقَاةً، وَمَنْ قَرأَ نَسْياً فَمَعْنَاهُ شَيْئًا مَنسِيّاً لَا أُعْرَفُ؛ قَالَ دُكَيْنٌ الفُقَيْمِي:

بالدَّارِ وَحْيٌ كاللَّقَى المُطَرَّسِ،

كالنَّسْيِ مُلْقًى بالجَهادِ البَسْبَسِ

والجَهاد، بِالْفَتْحِ: الأَرض الصُّلبةُ. والنِّسْيُ أَيضاً: مَا نُسي وَمَا سَقَط فِي مَنَازِلِ الْمُرْتَحِلِينَ مِنْ

ص: 323

رُذال أَمْتعتهم. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: ودَدْتُ أَنِّي كنتُ نِسْياً مَنْسِيّاً

أَي شَيْئًا حقِيراً مُطَّرَحاً لَا يُلْتَفَت إِليه. وَيُقَالُ لخِرقة الحائضِ: نِسْيٌ، وَجَمْعُهُ أَنْسَاء. تَقُولُ الْعَرَبُ إِذَا ارْتَحَلُوا مِنَ الْمَنْزِلِ: انْظُرُوا أَنْسَاءَكم، تُرِيدُ الأَشياء الحَقيرة الَّتِي لَيْسَتْ عِنْدَهُمْ بِبَالٍ مِثْلَ العَصا والقَدَح والشِّظاظ أَي اعْتَبِرُوها لِئَلَّا تَنْسَوْها فِي الْمَنْزِلِ، وَقَالَ الأَخفش: النِّسْيُ مَا أُغفل مِنْ شَيْءٍ حَقِيرٍ ونُسِيَ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: النِّسْي فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الشَّيْءُ المَطْرُوح لَا يُؤْبَهُ لَهُ؛ وَقَالَ الشَّنْفَرَى:

كأَنَّ لَهَا فِي الأَرضِ نِسْياً تَقُصُّه

عَلَى أَمِّها، وإِنْ تُخاطِبْكَ تَبْلَتِ [تَبْلِتِ]

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بَلَتَ، بِالْفَتْحِ، إِذا قَطَعَ، وبَلِتَ، بِالْكَسْرِ، إِذا سَكَنَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: النِّسْي والنَّسْيُ لُغَتَانِ فِيمَا تُلقِيه المرأَة مِنْ خِرَق اعْتِلالها مِثْلَ وِتْرٍ وَوَتْرٍ، قَالَ: وَلَوْ أَردت بالنِّسْي مَصْدَرَ النِّسْيان كَانَ صَوَابًا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ نَسِيته نِسْياناً ونِسْياً، وَلَا تَقُلْ نَسَياناً، بِالتَّحْرِيكِ، لأَن النَّسَيان إِنما هُوَ تَثْنِيَةُ نَسَا العِرْقِ. وأَنْسَانِيه اللهُ ونَسَّانِيه تَنْسِيَةً بِمَعْنًى. وتَنَاسَاه: أَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنه نَسِيَه؛ وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

ومِثْلِكِ بَيْضاءِ العَوارِضِ طَفْلةٍ

لَعُوبٍ تَنَاسَانِي، إِذا قُمْتُ، سِرْبالي «2»

أَي تُنْسِيني؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. والنَّسِيُّ: الْكَثِيرُ النِّسْيان، يَكُونُ فَعِيلًا وفَعُولًا وفَعِيلٌ أَكثر لأَنه لَوْ كَانَ فَعولًا لَقِيلَ نَسُوّ أَيضاً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: رَجُلٌ ناسٍ ونَسِيٌّ كَقَوْلِكَ حاكِمٌ وحَكِيمٌ وعالِم وعَليم وَشَاهِدٌ وَشَهِيدٌ وَسَامِعٌ وَسَمِيعٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا

؛ أَي لَا يَنْسَى شَيْئًا، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، مَا نَسِيَكَ ربُّكَ يَا مُحَمَّدُ وإِن تأَخَّر عَنْكَ الوَحْي؛ يُرْوَى

أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَبطأَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ، عليه السلام، بالوَحْي فَقَالَ وَقَدْ أَتاه جِبْرِيلُ: مَا زُرْتَنا حَتَّى اشتَقْناكَ، فَقَالَ: مَا نَتَنَزَّلُ إِلا بأَمْر رَبِّكَ.

وَفِي الْحَدِيثُ:

لَا يَقولَنَّ أَحدُكم نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ

، بَلْ هُوَ نُسِّيَ، كَرِهَ نِسْبةَ النِّسْيانِ إِلى النفْس لِمَعْنَيَيْنِ: أَحدهما أَن اللَّهَ عز وجل هُوَ الَّذِي أَنْساه إِيَّاه لأَنه المُقَدِّر للأَشياء كُلِّهَا، وَالثَّانِي أَنَّ أَصل النِّسْيَان التَّرْكُ، فَكَرِهَ لَهُ أَن يَقُولَ تَرَكْتُ القُرآن أَو قَصَدْتُ إِلى نِسْيانه، ولأَن ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ. يُقَالُ: نَسَاه اللَّهُ وأَنْسَاه، وَلَوْ رُوِيَ نُسِيَ، بِالتَّخْفِيفِ، لَكَانَ مَعْنَاهُ تُرِك مِنَ الْخَيْرِ وحُرِمَ، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ:

بِئْسَما لأَحَدِكم أَن يَقُولَ نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ

، لَيْسَ هُوَ نَسِيَ وَلَكِنَّهُ نُسِّيَ، قَالَ: وَهَذَا اللَّفْظُ أَبْيَنُ مِنَ الأَول وَاخْتَارَ فِيهِ أَنه بِمَعْنَى التَّرْكِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:

إِنما أُنَسَّى لأَسُنَ

أَي لأَذكر لَكُمْ مَا يَلزم النَّاسِيَ لِشَيْءٍ مِنْ عبادتِه وأَفْعَل ذَلِكَ فَتَقْتَدوا بِي. وَفِي الْحَدِيثِ:

فيُتْرَكون فِي المَنْسَى تَحْتَ قَدَمِ الرَّحْمَنِ

أَي يُنْسَونَ فِي النَّارِ، وتحتَ القدَمِ استعارةٌ كأَنه قَالَ: يُنْسِيهمُ اللهُ الخَلق لِئَلَّا يَشفع فِيهِمْ أَحد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَبْلَتْ مَوَدَّتَها اللَّيالي بَعْدَنا،

ومَشَى علَيْها الدَّهْرُ، وهْوَ مُقَيَّدُ

وَمِنْهُ قَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم، يومَ الفَتْح:

كلُّ مَأْثُرَةٍ مِنْ مآثِرِ الجاهليّةِ تَحْتَ قدَمَيَّ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

والنَّسِيُّ: الَّذِي لَا يُعَدُّ فِي الْقَوْمِ لأَنه مَنْسِيٌّ. الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ

(2). في ديوان إمرئ القيس: تُنَسِّيني بدل تناساني.

ص: 324

؛ قَالَ: أَجاز بَعْضُهُمُ الْهَمْزَ فِيهِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: كُلُّ وَاوٍ مَضْمُومَةٍ لَكَ أَن تَهْمِزَهَا إِلا وَاحِدَةً فإِنهم اخْتَلَفُوا فِيهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ

، وَمَا أَشبهها مِنْ وَاوِ الْجَمْعِ، وأَجاز بَعْضُهُمُ الْهَمْزَ وَهُوَ قَلِيلٌ وَالِاخْتِيَارُ تَرْكُ الْهَمْزِ، قَالَ: وأَصله تَنْسَيُوا فَسَكَنَتِ الْيَاءُ وأُسقطت لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، فَلَمَّا احْتِيجَ إِلى تَحْرِيكِ الْوَاوِ رُدَّت فِيهَا ضَمَّةُ الْيَاءِ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ فَسَكَنَتِ الْيَاءُ وأُسقطت لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ قَالَ: صَوَابُهُ فَتَحَرَّكَتِ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَانْقَلَبَتْ أَلفاً، ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: نَاسَاهُ إِذا أَبْعَدَه، جَاءَ بِهِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ وأَصله الْهَمْزُ. الْجَوْهَرِيُّ: المِنْسَاةُ العَصا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا دَبَبْتَ عَلَى المِنْسَاةِ مِنْ هرَمٍ،

فقَدْ تَباعَدَ عَنكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ

قَالَ: وأَصله الْهَمْزُ، وَقَدْ ذَكَرَ؛ وَرَوَى شَمِرٌ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشده:

سَقَوْني النَّسْيَ، ثُمَّ تَكَنَّفُوني

عُداةَ اللَّهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ

بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَهُوَ كُلُّ مَا نَسَّى الْعَقْلَ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ اللَّبَنِ حَلِيب يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ النَّسِيُّ، نَصَبَ النُّونَ بِغَيْرِ هَمْزٍ؛ وأَنشد:

لَا تَشْرَبَنْ يومَ وُرُودٍ حازِرا

ولا نَسِيّاً، فتجيء فاتِرا

ابْنُ الأَعرابي: النَّسْوةُ الجُرْعة من اللبن.

نشا: النَّشا، مَقْصُورٌ: نَسِيم الرِّيح الطَّيِّبَةِ، وَقَدْ نَشِيَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً نِشْوَةً ونَشْوَة أَي شَمِمْت؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ أَبو خِراش الهُذلي:

ونَشِيتُ رِيحَ المَوْتِ مِن تِلْقائِهمْ،

وخَشِيتُ وَقْعَ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي المَجاز فِي آخِرِ سُورَةِ ن وَالْقَلَمِ: إِنَّ الْبَيْتَ لقَيْس بْنِ جَعْدة الخُزاعي. واسْتَنْشَى وتَنَشَّى وانْتَشَى. وأَنْشَى الضَّبُّ الرجلَ: وجَدَ نِشْوَتَه، وَهُوَ طَيِّب النِّشْوَةِ والنَّشْوَةِ والنِّشْيَةِ «1» ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَي الرَّائِحَةِ، وَقَدْ تَكُونُ النِّشْوَة فِي غَيْرِ الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ. والنَّشَا، مَقْصُورٌ: شَيْءٌ يُعْمَلُ بِهِ الفالوذَجُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، يُقَالُ لَهُ النَّشاسْتَج، حُذِفَ شَطْرُهُ تَخْفِيفًا كَمَا قَالُوا للمَنازِل مَنا، سُمِّيَ بِذَلِكَ لخُموم رَائِحَتِهِ. ونشِيَ الرَّجُلُ مِنَ الشَّرَابِ نَشْواً ونُشْوَةً ونَشْوَةً ونِشْوَةً؛ الْكَسْرُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وتَنَشَّى وانْتَشَى كُلُّهُ: سَكِرَ، فَهُوَ نَشْوَان؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إِني نَشِيتُ فَمَا أَسْطِيعُ مِن فَلَتٍ،

حَتَّى أُشَقِّقَ أَثْوابي وأَبْرادِي

وَرَجُلٌ نَشْوَانُ ونَشْيَانُ، عَلَى المُعاقبة، والأُنثى نَشْوَى، وَجَمْعُهَا نَشَاوَى كسَكارَى؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

وَقَدْ أَغْدُو عَلَى ثُبةٍ كِرامٍ

نَشَاوَى واجِدينَ لِما نَشاء

واسْتَبانَتْ نَشْوَتُه، وَزَعَمَ يُونُسُ أَنه سَمِعَ نِشْوته. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ مِنَ الرِّيح نِشْوةٌ وَمِنَ السُّكْر نَشْوةٌ. وَفِي حَدِيثِ شُرْبِ الْخَمْرِ:

إِن انْتَشَى لَمْ تُقْبل لَهُ صلاةٌ أَربعين يَوْمًا

؛ الانْتِشَاء: أَول السُّكر ومُقدَّماته، وَقِيلَ: هُوَ السُّكْرُ نفْسُه، وَرَجُلٌ نَشْوَانُ بيِّن النَّشْوَة. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا اسْتَنْشَيْت

(1). قوله [والنِّشْيَة] كذا ضبط في الأصل، والذي في القاموس: النُّشْيَة كغنية، وغلطه شارحه فقال: الصواب نِشْيَة، بالكسر، زاعماً أنه نص ابن الأعرابي لكن الذي عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ كَمَا في غير نسخة عتيقة من المحكم يوثق بها نُشْيَة كغنية

ص: 325

واسْتَنْثَرْت

أَي اسْتَنْشَقْت بِالْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ، مِنْ قَوْلِكَ نَشِيت الرَّائِحَةَ إِذا شَمِمْتَها. أَبو زَيْدٍ: نَشِيت مِنْهُ أَنْشَى نَشْوَةً، وَهِيَ الرِّيح تجدها، واسْتَنْشَيْتُ نَشا رِيح طَيِّبَةً أَي نَسِيمها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

وأَدْرَك المُتَبَقَّى مِنْ ثَمِيلَتِه

ومِن ثمائِلها، واسْتُنْشِيَ الغَرَبُ

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وتَنْشَى نَشا المِسْك فِي فارةٍ،

وريحَ الخُزامَى عَلَى الأَجْرَع

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ يُقَالُ لِلرَّائِحَةِ نَشْوَة ونَشَاة ونَشاً؛ وأَنشد:

بآيةِ مَا إِنَّ النَّقا طَيِّبُ النَّشا،

إِذا مَا اعْتراه، آخِرَ اللَّيل، طارِقُهْ

قَالَ أَبو زَيْدٍ: النَّشَا حِدَّة الرَّائِحَةِ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةً؛ فَمِنَ الطَّيِّبِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

بِآيَةِ مَا إِن النَّقَا طَيِّبُ النَّشَا

وَمِنَ النَّتْن النَّشَا، سُمِّيَ بذلكَ لنَتْنِه فِي حَالِ عَمَلِهِ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن النَّشا عَرَبِيٌّ وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: وَيَدُلُّكَ عَلَى أَن النَّشا لَيْسَ هُوَ النَّشاسْتَج، كَمَا زَعَمَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي بَابِ ضُرُوبِ الأَلوان مِنْ كِتَابِ الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ الأُرْجُوان: الحُمْرة، وَيُقَالُ الأُرْجُوان النَّشاستج، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ رَجَا فَقَالَ: والأُرْجوان صِبْغٌ أَحمر شَدِيدُ الْحُمْرَةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ النَّشَاسْتَجُ، قَالَ: والبَهْرَمان دُونَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَثَبَتَ بِهَذَا أَن النَّشَاسْتَجَ غَيْرُ النَّشا. والنِّشْوَة: الخَبَرُ أَوّل مَا يَرِدُ. وَرَجُلٌ نَشْيانُ بَيِّن النِّشْوَة: يتَخَبَّرُ الأَخبار أَوَّلَ ورُودها، وَهَذَا عَلَى الشُّذُوذِ، إِنما حُكْمُهُ نَشْوان، وَلَكِنَّهُ مِنْ بَابِ جَبَوْت الْمَالَ جِبَايَةً. الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ نَشْيَانُ لِلْخَبَرِ ونَشْوَان، وَهُوَ الْكَلَامُ المُعْتَمد. ونَشِيت الخبرَ إِذا تَخبَّرت ونظرتَ مِنْ أَين جَاءَ. وَيُقَالُ: مِنْ أَين نَشِيتَ هَذَا الخبرَ أَي مِنْ أَين عَلِمْتَهُ؟ الأَصمعي: انْظُر لَنَا الْخَبَرَ واستَنْشِ واستَوْشِ أَي تعَرَّفْه. وَرَجُلٌ نَشْيانُ لِلْخَبَرِ بيِّن النِّشْوَة، بِالْكَسْرِ، وإِنما قَالُوهُ بِالْيَاءِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّشْوانِ، وأَصل الْيَاءِ فِي نَشِيت وَاوٌ، قُلِبَتْ يَاءً لِلْكَسْرَةِ. قَالَ شَمِرٌ: وَرَجُلٌ نَشْيانُ للخبَر ونَشْوانُ مِنَ السُّكر، وأَصلهما الْوَاوُ ففَرقوا بَيْنَهُمَا. الْجَوْهَرِيُّ: وَرَجُلٌ نَشْوَان أَي سَكران بيِّن النَّشْوَة، بِالْفَتْحِ. قَالَ: وَزَعَمَ يُونُسُ أَنه سَمِعَ فِيهِ نِشْوة، بِالْكَسْرِ، وَقَوْلُ سِنَانِ بْنِ الْفَحْلِ:

وَقَالُوا: قَدْ جُنِنْتَ فَقُلْتُ: كَلَّا

ورَبي مَا جُنِنْتُ، وَلَا انْتشَيْتُ

يُرِيدُ: وَلَا بَكَيْتُ مِنْ سُكْرٍ؛ وَقَوْلُهُ:

مِنَ النَّشَواتِ والنَّشَإِ الحِسانِ

أَراد جَمْعَ النَّشْوة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه دَخَلَ عَلَى خَديجةَ خَطَبها ودخلَ عَلَيْهَا مُسْتَنْشِيةٌ مِنْ مُوَلَّدات قُريش

، وَقَدْ رُوِيَ بِالْهَمْزِ، وَقَدْ تقدَّم. والمُسْتَنْشِيَةُ: الكاهِنةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها كَانَتْ تَسْتَنْشِي الأَخبارَ أَي تبحَث عَنْهَا، مِنْ قَوْلِكَ رَجُلٌ نَشْيانُ لِلْخَبَرِ. يَعْقُوبُ: الذِّئْبُ يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ، بِالْهَمْزِ، قَالَ: وإِنما هُوَ مِنَ نَشِيت غَيْرَ مَهْمُوزٍ. ونَشَوْتُ فِي بَنِي فُلَانٍ: رُبِّيتُ، نَادِرٌ، وَهُوَ مُحَوَّلٌ مِنْ نشأْت، وَبِعَكْسِهِ هُوَ يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ، حَوَّلُوهَا إِلى الْهَمْزَةِ. وَحَكَى قُطْرُبٌ: نَشا يَنْشُو لُغَةٌ فِي

ص: 326

نشأَ ينشأُ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ عَلَى التَّحْوِيلِ. والنَّشَاة: الشَّجَرَةُ الْيَابِسَةُ، إِما أَن يَكُونَ عَلَى التَّحْوِيلِ، وإِما أَن يَكُونَ عَلَى مَا حَكَاهُ قُطْرُبٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

تَدَلَّى عَلَيْه مِنْ بَشامٍ وأَيْكةٍ

نَشاة فُرُوعٍ مُرْثَعِنِّ الذَّوائِبِ

وَالْجَمْعُ نَشاً. والنَّشْوُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ أَنشد:

كأَنَّ عَلَى أَكتافِهِم نَشْوَ غَرْقَدٍ،

وَقَدْ جاوَزُوا نَيَّانَ كالنَّبَطِ الغُلْفِ

نصا: النَّاصِيَةُ: وَاحِدَةُ النَّوَاصِي. ابْنُ سِيدَهْ: النَّاصِيَةُ والنَّاصَاةُ، لُغَةٌ طَيِّئِيَّةٌ، قُصاصُ الشَّعَرِ فِي مُقدَّم الرأْس؛ قَالَ حُرَيْث بْنُ عَتاب الطَّائِيُّ:

لقَدْ آذَنَتْ أَهْلَ اليَمامةِ طَيِءٌ

بحَرْبٍ كنَاصَاةِ الحِصانِ المُشَهَّرِ

وَلَيْسَ لَهَا نَظِيرٌ إِلا حَرْفَيْنِ: بادِيةٌ وباداةٌ وقارِيةٌ وقاراةٌ، وَهِيَ الحاضِرةُ. ونَصَاه نَصْواً: قَبَضَ عَلَى ناصِيَتِه، وَقِيلَ: مَدَّ بِهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ

؛ ناصِيَتُه مقدَّمُ رأْسه أَي لنَهْصُرَنَّها لنَأْخُذَنَّ بِهَا أَي لنُقِيمَنَّه ولَنُذِلَّنَّه. قَالَ الأَزهري: النَّاصِيَة عِنْدَ الْعَرَبِ مَنْبِتُ الشَّعْرِ فِي مقدَّم الرأْس، لَا الشعَرُ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ النَّاصِيَة، وَسُمِّيَ الشَّعْرُ نَاصِيَةً لِنَبَاتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ

؛ أَي لنُسَوِّدَنَّ وَجْهَهُ، فكَفَتِ النَّاصِيَةُ لأَنها فِي مُقَدَّمِ الْوَجْهِ مِنَ الْوَجْهِ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وكُنتُ، إِذا نَفْس الغَوِيِّ نَزَتْ بِهِ،

سَفَعْتُ عَلَى العِرْنِينِ مِنْهُ بِمِيسَمِ

ونَصَوْته: قَبَضْتُ عَلَى ناصِيَتِه. والمُنَاصَاةُ: الأَخْذُ بالنَّواصي. وَقَوْلُهُ عز وجل: مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فِي قَبْضَته تَنالُه بِمَا شَاءَ قُدرته، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يَشاء إِلا العَدْلَ. وناصَيْتُه مُنَاصَاةً ونِصَاء: نَصَوْتُه ونَصَاني؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

فأَصْبَحَ مِثْلَ الحِلْسِ يَقْتادُ نَفْسَه،

خَلِيعاً تُنَاصِيه أُمُورٌ جَلائِلُ

وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: نَاصَيْتُه جَذَبْت ناصِيَتَه؛ وأَنشد:

قِلالُ مَجْدٍ فَرَعَتْ آصَاصَا،

وعِزَّةً قَعْساءَ لَنْ تُنَاصَى

ونَاصَيْتُه إِذا جاذبْته فيأْخذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا بناصِيةِ صَاحِبِهِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: لَمْ تَكُنْ واحدةٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، تُناصِيني غَيْرَ زَيْنَبَ

أَي تُنازِعُني وَتُبَارِينِي، وَهُوَ أَن يأْخذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ المُتنازعين بناصِيةِ الْآخَرِ. وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ عُمر:

فثارَ إِليه فتَنَاصَيَا

أَي تَواخَذا بالنَّواصِي؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكرب:

أَعَبَّاسُ لَوْ كَانَتْ شَناراً جِيادُنا

بتَثْلِيثَ، مَا نَاصَيْتَ بَعْدي الأَحامِسا

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ لِلْحُسَيْنِ حِينَ أَراد العِراق لَوْلَا أَني أَكْرَهُ لنَصَوْتك

أَي أَخذت بناصِيَتِك وَلَمْ أَدَعْك تَخْرُجْ. ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ النَّصِيُّ عَظْم العُنُق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَيْلَى الأَخيلية:

يُشَبّهُونَ مُلوكاً فِي تَجِلَّتِهمْ،

وطولِ أَنْصِيةِ الأَعْناقِ والأُمَمِ

وَيُقَالُ: هَذِهِ الْفَلَاةُ تُناصِي أَرض كَذَا وتُواصِيها أَي تَتَّصل بِهَا. وَالْمَفَازَةُ تَنْصُو المَفازة وتُنَاصِيها أَي تَتَّصِلُ بِهَا؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

ص: 327

لِمَنْ طَلَلٌ بالمُنْتَصى غَيْرُ حائلِ،

عَفا بَعْدَ عَهْدٍ مِنْ قِطارٍ ووابِلِ؟

قَالَ السُّكَّرِيُّ: المُنْتَصَى أَعلى الوادِيين. وإِبل ناصِيةٌ إِذا ارتَفَعتْ فِي الْمَرْعَى؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وإِني لأَجِد فِي بَطْنِي نَصْواً ووَخْزاً أَي وَجَعاً، والنَّصْوُ مِثْلُ المَغَس، وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَنْصُوك أَي يُزْعِجُك عَنِ القَرار. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَلَا أَدري مَا وَجْهُ تَعْلِيلِهِ لَهُ بِذَلِكَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وجدْتُ فِي بَطْنِي حَصْواً ونَصْواً وقَبْصاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وانْتَصَى الشيءَ: اخْتارَه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِحُمَيْدٍ بْنِ ثَوْرٍ يَصِفُ الظَّبْيَةَ:

وَفِي كلِّ نَشْزٍ لَهَا مَيْفَعٌ،

وَفِي كلِّ وَجْهٍ لَهَا مُنْتَصى

قَالَ: وَقَالَ آخَرُ فِي وَصْفِ قَطَاةٍ:

وَفِي كلِّ وَجْهٍ لَهَا وِجْهةٌ،

وَفِي كلِّ نَحْوٍ لَهَا مُنْتَصَى

قَالَ: وَقَالَ آخَرُ:

لَعَمْرُكَ مَا ثَوْبُ ابنِ سَعْدٍ بمُخْلِقٍ،

وَلَا هُوَ مِمّا يُنْتَصَى فيُصانُ

يَقُولُ: ثَوْبُهُ مِنَ العُذْر لَا يُخْلِقُ، وَالِاسْمُ النِّصْيَةُ، وَهَذِهِ نَصِيَّتي. وتَذَرَّيت بَنِي فُلَانٍ وتَنَصَّيْتُهم إِذا تَزَوَّجت فِي الذِّروة مِنْهُمْ والنّاصِية. وَفِي حَدِيثِ ذِي المِشْعارِ:

نَصِيّةٌ مِنْ هَمْدان مِنْ كلِّ حاضِر وبادٍ

؛ النَّصِيّةُ منْ يُنْتَصَى مِنَ الْقَوْمِ أَي يُخْتار مِنْ نَوَاصِيهم، وهمُ الرُّؤوس والأَشْراف، وَيُقَالُ للرُّؤساء نَوَاصٍ كَمَا يُقَالُ للأَتباع أَذْنابٌ. وانْتَصَيْتُ مِنَ الْقَوْمِ رَجلًا أَي اخْتَرْتُهُ. ونَصِيّةُ القومِ: خِيارُهم. ونَصِيَّةُ الْمَالِ: بَقِيَّتُه. والنَّصِيَّة: البَقِيَّة؛ قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ؛ وأَنشد للمَرّار الفَقْعَسي:

تَجَرَّدَ مِنْ نَصِيَّتها نَواجٍ،

كَمَا يَنْجُو مِنَ البَقَر الرَّعِيلُ «2»

وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأَنصاري:

ثَلاثةُ آلافٍ ونحنُ نَصِيّةٌ

ثلاثُ مِئينٍ، إِن كَثُرْنا، وأَربَعُ

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَفِي الْحَدِيثِ

أَن وفْدَ هَمْدانَ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا نحْنُ نَصِيَّةٌ مِنْ هَمْدانَ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الأَنْصَاء السابقُونَ، والنَّصِيَّةُ الخِيار الأَشراف، ونَوَاصِي الْقَوْمِ مَجْمَعُ أَشرافِهم، وأَما السَّفِلة فَهُمُ الأَذْنابُ؛ قَالَتْ أُمّ قُبَيْسٍ الضَّبِّيّة:

ومَشْهَدٍ قَدْ كفَيْتُ الغائِبينَ بِهِ

فِي مَجْمَعٍ، مِنْ نَوَاصِي النّاسِ، مَشْهُودِ

والنَّصِيَّةُ مِنَ الْقَوْمِ: الخِيارُ، وَكَذَلِكَ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا. ونَصَتِ الماشِطةُ المرأَةَ ونَصَّتْها فتَنَصَّتْ، وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن أُم سَلَمَةَ «3» تَسَلَّبَت عَلَى حَمْزَةَ ثَلَاثَةَ أَيام فَدَعَاهَا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأَمرها أَن تنَصَّى وتَكْتَحِلَ

؛ قَوْلُهُ:

أَمرها أَن تنَصَّى

أَي تُسَرِّح شَعَرَها، أَراد تَتَنَصَّى فَحَذَفَ التَّاءَ تَخْفِيفًا. يُقَالُ: تَنَصَّتِ المرأَةُ إِذا رجَّلت شَعْرَها. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها، حِينَ سُئِلت عَنِ الْمَيِّتِ يُسرَّح رأْسه فَقَالَتْ: عَلامَ تَنْصُون ميِّتَكم

؟ قَوْلُهَا: تَنْصُون مأْخوذ مِنَ الناصِية، يُقَالُ: نَصَوْتُ الرَّجُلَ أَنْصُوه نَصْواً إِذا مَدَدْت ناصِيَتَه، فأَرادت

(2). قوله [تجرد من إلخ] ضبط تجرد بصيغة الماضي كما ترى في التهذيب والصحاح، وتقدم ضبطه في مادة رعل برفع الدال بصيغة المضارع تبعاً لما وقع فِي نُسْخَةٍ مِنَ الْمُحْكَمِ.

(3)

. قوله [أن أم سلمة] كذا بالأصل، والذي في نسخة التهذيب: أن بنت أبي سلمة، وفي غير نسخة من النهاية: أن زينب.

ص: 328

عَائِشَةُ أَنَّ الميتَ لَا يَحتاجُ إِلى تَسْريحِ الرَّأْس، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الأَخذ بالناصِيةِ؛ وَقَالَ أَبو النَّجم:

إِنْ يُمْسِ رأْسي أَشْمَطَ العَناصي،

كأَنما فَرَّقَه مُنَاصِي

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنَّ عائشةَ، رضي الله عنها، كَرِهَت تَسْريحَ رأْسِ الميّتِ. وانْتَصَى الشعَرُ أَي طَالَ. والنَّصِيُّ: ضَرْب مِنَ الطَّريفةِ مَا دَامَ رَطْباً، واحدتُه نَصِيّةٌ، وَالْجَمْعُ أَنْصَاء، وأَناصٍ جمعُ الْجَمْعِ؛ قال:

تَرْعى أَناصٍ مِنْ حَرِيرِ الحَمْضِ «1»

وَرُوِيَ أَناضٍ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالَ لِي أَبو الْعَلَاءِ لَا يَكُونُ أَناضٍ لأَنَّ مَنْبِتَ النصيِّ غَيْرُ مُنْبِتِ الْحَمْضِ. وأَنْصَتِ الأَرضُ: كَثُرَ نَصِيُّها. غَيْرُهُ: النَّصِيُّ نَبت مَعْرُوفٌ، يُقَالُ لَهُ نَصِيٌّ مَا دَامَ رَطباً، فإِذا ابْيضَّ فَهُوَ الطَّريفة، فإِذا ضَخُمَ ويَبِس فَهُوَ الحَلِيُّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَقَدْ لَقِيَتْ خَيْلٌ بجَنْبَيْ بُوانةٍ

نَصِيّاً، كأَعْرافِ الكَوادِنِ، أَسْحَما «2»

وَقَالَ الرَّاجِزِ:

نَحْنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِيِّ،

ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

رأَيتُ قبُورَ الشُّهداء جُثاً قَدْ نَبَتَ عَلَيْهَا النَّصِيُ

؛ هُوَ نَبْتٌ سَبْطٌ أَبيضُ ناعِمٌ مِنْ أَفضل المَرْعى. التَّهْذِيبُ: الأَصْناء الأَمْثالُ، والأَنْصَاءُ السَّابقُون.

نضا: نَضا ثوبَه عَنْهُ نَضْواً: خَلَعه وأَلقاه عَنْهُ. ونَضَوْت ثِيابي عَنِّي إِذا أَلقَيْتَها عنك. ونَضَاه مِنْ ثَوْبِهِ: جَرَّدَه؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:

ونُضِيتُ مِمَّا كُنتُ فِيهِ فأَصْبَحَتْ

نَفْسِي، إِلى إِخْوانِها، كالمَقْذَرِ

ونَضَا الثَّوبُ الصِّبْغَ عَنْ نَفْسِه إِذا أَلقاه، ونَضَتِ المرأَةُ ثَوبَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فَجِئْتُ، وَقَدْ نَضَتْ لِنَوْمٍ ثِيابَها،

لَدَى السِّتْرِ، إِلَّا لِبْسةَ المُتَفَضِّلِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَجُوزُ عِنْدِي تَشْدِيدُهُ لِلتَّكْثِيرِ. وَالدَّابَّةُ تَنْضُو الدوابُّ إِذا خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِهَا. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: جعَلَتْ نَاقَتِي تَنْضُو الرِّفاقَ

«3» أَي تَخرج مِنْ بَيْنِهَا. يُقَالُ: نَضَتْ تَنْضُو نُضُوّاً ونُضِيّاً، ونَضَوْتُ الجُلَّ عَنِ الْفَرَسِ نَضْواً. والنِّضْوُ: الثوبُ الخَلَقُ. وأَنْضَيْتُ الثوبَ وانْتَضَيْتُه: أَخْلَقْتُه وأَبَلَيْتُه. ونَضَا السيفَ نَضْواً وانْتَضَاه: سَلَّه مِنْ غِمْدِه. ونَضَا الخِضابُ نَضْواً ونُضُوّاً: ذَهَبَ لَوْنُه ونَصَل، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْيَدِ والرِّجْل والرأْسِ واللحيةِ، وخصَّ بعضُهم بِهِ اللحيةُ والرأْس. وَقَالَ اللَّيْثُ: نَضا الحِنَّاءُ يَنْضُو عَنِ اللِّحْيةِ أَي خَرَجَ وذَهب عَنْهُ. ونُضَاوَةُ الخِضاب: مَا يُوجد مِنْهُ بَعْدَ النُّصُول. ونُضَاوَةُ الحِنَّاء: مَا يَبس مِنْهُ فأُلقي؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ونُضَاوَةُ الحِنَّاء: مَا يؤخذ من الخِضاب بعد ما يُذهب لَوْنُهُ فِي الْيَدِ والشعَر؛ وقال كثير:

(1). قوله [حرير الحمض] كذا في الأَصل وشرح القاموس بمهملات، والذي فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحْكَمِ بمعجمات.

(2)

. قوله [لقيت خيل] كذا في الأصل والصحاح هنا، والذي في مادة بون من اللسان شول ومثله في معجم ياقوت.

(3)

. قوله [تنضو الرفاق] كذا في الأصل، وفي نسخة من النهاية: الرفاق بالفاء وفيها: أي تخرج من بينهم، وفي نسخة أخرى من النهاية: الرقاق، بالقاف، أَيْ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهَا، وكتب بهامشها: الرقاق جمع رق وَهُوَ مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض ولان.

ص: 329

وَيَا عَزِّ لِلْوَصْل الَّذِي كَانَ بَيْنَنا

نَضَا مِثْلَ مَا يَنْضُو الخِضابُ فَيَخْلَقُ

الْجَوْهَرِيُّ: نَضا الفرَسُ الخيلَ نُضِيّاً سَبَقها وتقدَّمها وانْسَلَخَ مِنْهَا وخَرَجَ مِنْهَا. ورَمْلةٌ تَنْضُو الرِّمالَ: تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهَا. ونَضَا السَّهمُ: مَضَى؛ وأَنشد:

يَنْضُونَ فِي أَجْوازِ لَيْلٍ غَاضِي،

نَضْوَ قِداحِ النَّابِلِ النَّوَاضِي

وَفِي حَدِيثُ

عَلِيٍّ وَذَكَرَ عُمَرَ فَقَالَ: تَنَكَّبَ قوسَه وانْتَضَى فِي يَدِهِ أَسْهماً

أَي أَخذ واسْتَخْرَجَها مِن كِنانَتِه. يُقَالُ: نَضَا السيفَ مِنْ غِمْدِهِ وانْتَضَاه إِذا أَخْرَجَه. ونَضا الجُرْحُ نُضُوًّا: سَكَنَ ورَمُه. ونَضا الماءُ نُضُوًّا: نَشِفَ. والنِّضْوُ، بِالْكَسْرِ: البَعير الْمَهْزُولُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَهْزُولُ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ، وَهُوَ أَكثر، وَالْجَمْعُ أَنْضَاء، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الإِنسان؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّا مِنَ الدَّرْبِ أَقْبَلْنا نَؤُمُّكُمُ،

أَنْضَاءَ شَوْقٍ عَلَى أَنْضَاء أَسْفارِ

قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يكسَّر نِضْوٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ فأَما قَوْلُهُ:

تَرْعَى أَنَاضٍ مِنْ حَريرِ الحَمْضِ

فَعَلَى جَمْعِ الْجَمْعِ، وَحُكْمُهُ أَناضيّ فخَفَّفَ، وجعَل مَا بَقِيَ مِنَ النَّبَاتِ نِضْواً لقِلَّته وأَخذه فِي الذَّهَابِ، والأُنثى نِضْوَةٌ، وَالْجَمْعُ أَنْضَاء كالمُذَكَّر، عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الزَّائِدِ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. والنَّضِيُّ: كالنِّضْوِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

وانْشَنَجَ العِلْباءُ فاقْفَعَلَّا،

مِثْلَ نَضِيّ السُّقْمِ حينَ بَلَّا

وَيُقَالُ لأَنْضاء الإِبل: نِضْوَانٌ أَيضاً، وَقَدْ أَنْضَاه السَّفَرُ. وأَنْضَيْتها، فَهِيَ مُنْضَاةٌ، ونَضَوْتُ البِلاد: قَطَعْتُها؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:

ولكِنَّنِي أُرْوِي مِن الخمْرِ هامَتي،

وأَنْضُو الفَلا بالشَّاحِبِ المُتشَلْشِل

وأَنْضَى الرَّجلُ إِذا كَانَتْ إِبلُه أَنْضاء. اللَّيْثُ: المُنْضِي الرَّجلُ الَّذِي صَارَ بَعِيرُهُ نِضْواً. وأَنضَيْتُ الرَّجلَ: أَعطيته بَعِيرًا مَهْزُولًا. وأَنْضَى فُلَانٌ بَعِيرَهُ أَي هَزَله، وتَنَضَّاه أَيضاً؛ وَقَالَ:

لَوْ اصْبَحَ فِي يُمْنَى يَدَيَّ زِمامُها،

وَفِي كَفِّيَ الأُخْرَى وَبيلٌ تُحاذِرُهْ

لجَاءتْ عَلَى مَشْي الَّتِي قَدْ تُنُضِّيَتْ،

وذَلَّتْ وأَعْطَتْ حَبْلَها لا تُعاسِرُهْ

ويروى: تُنُصِّيَتْ أَي أُخِذَتْ بناصِيتها، يَعْنِي بِذَلِكَ امرأَة اسْتَصعَبَتْ عَلَى بَعْلها. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن المؤمِنَ ليُنْضِي شَيْطانه كَمَا يُنْضِي أَحَدُكم بَعِيرَه

أَي يَهْزِلُه وَيَجْعَلُهُ نِضْواً. والنِّضْوُ: الدَّابَّةُ الَّتِي هَزَلَتْها الأَسفار وأَذْهَبَتْ لَحْمَهَا. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه: كلِماتٌ لَوْ رَحَلْتُم فِيهِنَّ المَطِيَّ لأَنْضَيْتُمُوهُنَّ.

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنْضَيْتُم الظَّهْر

أَي هَزَلْتُموه. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن كَانَ أَحَدُنا ليأْخُذ نِضْوَ أَخيه.

ونِضْوُ اللِّجام: حَدِيدَتُه بِلَا سَيْر، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ دُرَيدُ ابن الصِّمَّة:

إِمّا تَرَيْنِي كَنِضْوِ اللِّجام،

أُعِضَّ الجَوامِحَ حَتَّى نَحَلْ

أَراد أُعِضَّتْه الجَوامِحُ فقَلَبَ، وَالْجَمْعُ أَنْضَاء؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

ص: 330

رأَتْنِي كأَنْضَاءِ اللِّجامِ وبَعْلُها،

مِنَ المَلْءِ، أَبْزَى عاجِزٌ مُتَباطِنُ

وَيُرْوَى: كأَشْلاء اللِّجَامِ. وسَهمٌ نِضْوٌ: رُمِيَ بِهِ حَتَّى بَلِيَ. وقِدْحٌ نِضْوٌ: دَقِيقٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والنَّضِيُّ مِنَ السِّهام والرِّماح: الخَلَقُ. وسَهم نِضْوٌ إِذا فَسَدَ مِنْ كَثْرَةِ مَا رُمِيَ به حَتَّى أَخْلَقَ. أَبو عَمْرٍو: النَّضِيُّ نَصْلُ السَّهْمِ. ونِضْوُ السَّهم: قِدْحُه. الْمُحْكَمُ: نَضِيُّ السَّهْمِ قِدْحُه وَمَا جاوَزَ مِنَ السَّهمِ الرِّيشَ إِلى النَّصل، وَقِيلَ: هُوَ النَّصْلُ، وَقِيلَ: هُوَ القِدْحُ قَبْلَ أَن يُعْمَل، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ رِيشٌ وَلَا نَصْلٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَهُوَ نَضِيٌّ مَا لَمْ يُنَصَّلْ ويُرَيَّشْ ويُعَقَّب، قَالَ: والنّضِيُّ أَيضاً مَا عَرِيَ مِنْ عُوده وَهُوَ سَهْمٌ؛ قَالَ الأَعشى وذَكَرَ عَيْراً رُمِيَ:

فَمَرَّ نَضِيُّ السَّهْمِ تَحتَ لبَانِه،

وجالَ عَلَى وَحْشِيِّه لَمْ يُعَتِّمِ

لَمْ يُبْطئْ. والنَّضِيُّ، عَلَى فَعِيل: القِدْحُ أَوَّل مَا يَكُونُ قَبْلَ أَن يُعْمَل. ونَضِيُّ السَّهْمِ: مَا بَيْنَ الرِّيش والنَّصل. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّضِيُّ نَصْلُ السَّهم. يُقَالُ: نَضِيٌّ مُفَلَّلٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الْحِمَارَ وأُتُنَه قَالَ:

وأَلزَمَها النِّجادَ وشايَعَتْه

هَوادِيها كأَنْضِيَة المُغالي

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ المَغالي جَمْعُ مِغْلاة لِلسَّهْمِ. وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ:

فَينظُرُ فِي نَضِيِّه

؛ النَّضِيُّ: نَصل السَّهْمِ، وَقِيلَ: هُوَ السَّهْمُ قَبْلَ أَن يُنحَت إِذا كَانَ قِدْحاً، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ أَولى لأَنه قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النَّصْلِ بَعْدَ النَّضيّ، قَالُوا: سُمِّيَ نضِيّاً لِكَثْرَةِ البَرْي والنَّحْت، فكأَنه جُعل نِضْواً. ونَضِيُّ الرُّمح: مَا فوقَ المَقْبِض مِنْ صَدْرِهِ، وَالْجَمْعُ أَنْضَاء؛ قَالَ أَوْس بْنُ حَجَر:

تُخُيِّرْنَ أَنْضَاءً ورُكِّبْنَ أَنْصُلًا،

كجَزْلِ الغَضَى فِي يومِ رِيحٍ تَزَيَّلا

وَيُرْوَى: كجَمْرِ الغَضَى؛ وأَنشد الأَزهري فِي ذَلِكَ:

وظلَّ لِثيران الصَّرِيم غَماغِمٌ،

إِذا دَعَسُوها بالنَّضِيِّ المُعَلَّبِ

الأَصمعي: أَوَّل مَا يَكُونُ القِدْحُ قَبْلَ أَن يُعْمَل نَضِيٌّ، فإِذا نُحِتَ فَهُوَ مَخْشُوب وخَشِيبٌ، فإِذا لُيِّنَ فَهُوَ مَخَلَّقٌ. والنَّضِيُّ: العُنُق عَلَى التَّشْبِيهِ، وَقِيلَ: النَّضِيُّ مَا بَيْنَ الْعَاتِقِ إِلى الأُذن، وَقِيلَ: هُوَ مَا عَلا العُنُقَ مِمَّا يَلي الرأْسَ، وَقِيلَ: عَظْمه؛ قَالَ:

يُشَبَّهُونَ مُلُوكًا فِي تَجِلَّتِهِمْ،

وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَمِ

ابْنُ دُرَيْدٍ: نَضِيُّ العُنق عَظْمه، وَقِيلَ: طُوله. ونَضِيُّ كُلِّ شَيْءٍ طُولُهُ؛ وَقَالَ أَوْس:

يُقَلِّب للأَصْواتِ والرِّيحِ هادِياً

تَمِيمَ النَّضِيِّ كَدَّحَتْه المَناشِفُ

يَقُولُ: إِذا سَمِعَ صَوْتًا خافَه التَفَتَ وَنَظَرَ، وَقَوْلُهُ: والرِّيحِ، يَقُولُ يَسْتَرْوِحُ هَلْ يَجِدُ رِيحَ إِنسان، وَقَوْلُهُ: كَدَّحَته المَناشف، يَقُولُ: هُوَ غَلِيظ الْحَاجِبَيْنِ أَي كَانَ فِيهِ حجارةٌ. ونَضِيُّ السهمِ: عُوده قَبْلَ أَن يُراشَ. والنَّضِيُّ: مَا بَيْنَ الرأْس والكاهِل مِنَ العُنق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يُشَبَّهُون سُيُوفاً فِي صَرائِمِهمْ،

وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَمِ «1»

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلَيْلَى الأَخيلية، وَيُرْوَى للشَّمَرْدل

(1). ورد هذا البيت في صفحة 327 وفيه أنصية بدل أنضية والأَمم بدل اللِّمم.

ص: 331

ابن شَرِيكٍ الْيَرْبُوعِيِّ، وَالَّذِي رَوَاهُ أَبو الْعَبَّاسِ:

يُشَبَّهُونَ مُلُوكًا فِي تَجِلَّتِهِمْ

والتَّجلَّة: الجلالةُ، والصحيحُ والأُمَمِ، جَمْعُ أُمَّةٍ، وَهِيَ القامةُ. قَالَ: وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزة، وأَنكر هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الْكَامِلِ فِي المسأَلة الثَّامِنَةِ، وَقَالَ لَا تُمْدَح الكُهول بِطُولِ اللِّمم، إِنما تُمْدح بِهِ النِّساء والأَحداثُ؛ وَبَعْدَ الْبَيْتِ:

إِذا غَدا المِسْكُ يَجْرِي فِي مَفارِقِهِمْ،

راحُوا تَخالُهُمُ مَرْضى مِنَ الكَرَمِ

وَقَالَ القتَّال الْكِلَابِيُّ:

طِوالُ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ لَمْ يجِدُوا

رِيحَ الإِماء، إِذا راحَتْ بأَزْفارِ

ونَضِيُّ الكاهِل: صَدْرُه. والنَّضِيُّ: ذَكَرُ الرَّجُلِ؛ وَقَدْ يَكُونُ للحِصان مِنَ الْخَيْلِ، وعمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ جَمِيعَ الخَيل، وَقَدْ يُقَالُ أَيضاً للبَعير، وَقَالَ السِّيرافي: هُوَ ذَكَرُ الثَّعْلَبِ خَاصَّةً. أَبو عُبَيْدَةَ: نَضَا الفرسُ يَنْضُو نُضوّاً إِذا أَدْلَى فأَخرج جُرْدانه، قَالَ: وَاسْمُ الجُرْدانِ النَّضِيُّ. يُقَالُ: نَضَا فلانٌ مَوْضِعَ كَذَا يَنْضُوه إِذا جاوزَه وخَلَّفه. وَيُقَالُ: أَنْضَى وجهُ فُلَانٍ ونَضَا عَلَى كَذَا وَكَذَا أَي أَخْلَقَ.

نطا: نَطَوْتُ الحَبْلَ: مَدَدْتُه. وَيُقَالُ: نَطَتِ المرأَة غَزْلَها، أَي سَدَّتْه، تَنْطُوه نَطْواً، وَهِيَ نَاطِيَةٌ والغَزْلُ مَنْطُوٌّ ونَطِيٌّ أَي مُسَدًّى. والنَّاطِي: المُسَدِّي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

ذَكّرْتُ سَلْمَى عَهْدَه فَشَوَّقا،

وهُنَّ يَذْرَعْنَ الرَّقاقَ السَّمْلَقا

ذَرْعَ النَّوَاطِي السُّحُلَ المُدَقَّقا

خُوصاً، إِذا مَا اللَّيْلُ أَلقَى الأَرْوُقا

خَرَجْنَ مِن تحتِ دُجاه مُرَّقا

يَقْلِبْنَ للنَّأْي البَعِيدِ الحَدَقا

تَقْلِيبَ وِلْدانِ العِراقِ البُنْدُقا

والنَّطْوُ: البُعْدُ. ومكانٌ نَطِيٌّ: بَعيدٌ، وأَرضٌ نَطِيَّةٌ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

وبلْدةٍ نِياطُها نَطِيُّ،

قِيٌّ تُناصِيها بِلادٌ قِيُ

نِياطُها نَطِيٌّ أَي طَرِيقُهَا بَعِيدٌ. والنَّطْوَة: السَّفْرة البَعيدة. وَفِي حَدِيثِ

طَهْفةَ: فِي أَرضٍ غائلةِ النِّطَاء

؛ النِّطَاءُ: البُعدُ. وبَلَدٌ نَطِيٌّ: بَعِيدٌ، ورُوي

المَنْطَى

وهو مَفْعَلٌ منه. والمُنَاطَاةُ: أَن تَجْلس المَرَتانِ فترمِي كلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبَتِهَا كُبَّةَ الغَزْل حَتَّى تُسَدِّيا الثوبَ. والنَّطْوُ: التَّسدِيةُ، نَطَتْ تَنْطُو نَطْواً. والنَّطَاةُ: قِمَعُ البُسْرةِ، وَقِيلَ: الشُّمْرُوخ، وَجَمْعُهُ أَنطَاء؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ. ونَطَاةُ: حِصْنٌ بخَيْبَرَ، وَقِيلَ: عَينٌ بِهَا، وَقِيلَ: هِيَ خَيْبَرُ نَفْسُها. ونَطَاةُ: حُمَّى خَيْبَرَ خَاصَّةً، وعمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا غَلَطٌ. ونَطَاةُ: عينٌ بِخَيْبَرَ تَسْقِي نَخيلَ بَعضِ قُراها، وَهِيَ وَبِئةٌ؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّمَّاخُ:

كأَنَّ نَطَاةَ خَيْبرَ زَوَّدَتْه

بَكُورُ الوِرْدِ رَيِّثةُ القُلُوعِ

فظنَّ اللَّيْثُ أَنها اسْمٌ للحُمَّى، وإِنما نَطَاةُ اسْمُ عَيْنٍ بِخَيْبَرَ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّطَاةُ اسْمُ أُطُمٍ بِخَيْبَرَ؛ قَالَ كَثِيرٌ:

حُزِيَتْ لِي بحَزْمِ فَيْدَةَ تُحْدَى،

كاليَهُودِيِّ مِن نَطَاةَ الرِّقالِ

حُزِيَتْ: رُفِعَتْ. حَزاها الآلُ: رَفَعها، وأَراد كَنَخْلِ الْيَهُودِيِّ الرِّقالِ. ونطاةُ: قَصَبَة خَيْبَرَ. وَفِي

ص: 332

حَدِيثِ خَيْبَرَ:

غَدا إِلى النَّطَاةِ

؛ هِيَ عَلَم لِخَيْبَرَ أَو حِصْنٌ بِهَا، وَهِيَ مِنَ النَّطْو البُعد. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ، وإدخالُ اللَّامِ عليها كإِدخالها على حَرثٍ وَعَبَّاسٍ، كأَنَّ النَّطَاةَ وَصْفٌ لَهَا غَلَبَ عَلَيْهَا. ونَطَا الرَّجلُ: سَكَتَ. وَفِي حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، رضي الله عنه: كنتُ مَعَ رسولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُمْلي عليَّ كِتَابًا وأَنا أَسْتَفهمُه، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: انْطُ

أَي اسْكُتْ، بِلُغَةِ حِمْيَر. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَقَدْ شَرَّفَ سيدُنا رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، هَذِهِ اللغةَ وَهِيَ حِمْيَرِيَّة. قَالَ الْمُفَضَّلُ وَزَجَرَ لِلْعَرَبِ تَقَوَّلَهُ لِلْبَعِيرِ تَسْكِينًا لَهُ إِذا نَفَرَ: انْطُ فيَسْكُن، وَهِيَ أَيضاً إِشْلاء لِلْكَلْبِ. وأَنْطَيْتُ: لُغَةٌ فِي أَعطيت، وَقَدْ قُرِئَ:

إِنَّا أَنْطَيْناك الكَوْثَرَ

؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بَعْدَ ما

يُرَى، فِي فُرُوعِ المُقْلَتَينِ، نُضُوبُ

والأَنْطاء: العَطِيّاتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وإِنَّ مالَ اللهِ مَسْؤولٌ ومُنْطًى

، أَي مُعْطًى. وَرَوَى

الشَّعْبِيُّ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِرَجُلٍ: أَنْطِه كَذَا وَكَذَا

أَي أَعْطِه. والإِنْطَاء: لُغَةٌ فِي الإِعْطاءِ، وَقِيلَ: الإِنطاءُ الإِعطاءُ، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

لَا مانِعَ لِمَا أَنْطَيْتَ وَلَا مُنْطِيَ لَمَا مَنَعْتَ

، قَالَ: هُوَ لُغَةُ أَهل الْيَمَنِ فِي أَعْطَى. وَفِي الْحَدِيثِ:

اليدُ المُنطِيةُ خَيرٌ مِنَ اليدِ السُّفلى.

وَفِي كِتَابِهِ لِوَائِلٍ: وأَنْطُوا الثَّبَجَةَ. والتَّنَاطِي: التَّسابُقُ فِي الأَمرِ. وتَنَاطَاه: مارَسَه. وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ: تَنَاطَيْتُ الرِّجالَ تَمَرَّسْتُ بِهِمْ. وَيُقَالُ: لَا تُناطِ الرِّجالَ أَي لَا تَمرَّسْ بِهِمْ وَلَا تُشارِّهِم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه غَلَطًا، وإِنما هُوَ تَنَاطَيْت الرجالَ وَلَا تَنَاطَ الرجالَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

وهُمُ العَشِيرةُ إِنْ تَنَاطَى حاسِدٌ

أَي هُمْ عَشِيرَتِي إِن تَمَرَّسَ بِي عَدُوّ يَحْسُدني. والتَّنَاطِي: تَعاطي الْكَلَامِ وتَجاذُبه. والمُنَاطَاةُ: المُنازَعةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَضَيْنَا عَلَى هَذَا بِالْوَاوِ لِوُجُودِ ن ط وو عدم ن ط ي، وَاللَّهُ أَعلم.

نعا: النَّعْوُ: الدائرةُ تَحْتَ الأَنف. والنَّعْو الشَّقُّ فِي مِشْفَر البَعِير الأَعْلى، ثُمَّ صَارَ كلُّ فَصْلٍ نَعْواً؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

تُمِرُّ عَلَى الوِراكِ، إِذا المَطايا

تقايَسَتِ النَّجادَ مِنَ الوَجِينِ،

خَريعَ النَّعْوِ مُضْطَرِبَ النَّواحي،

كأَخْلاقِ الغَريفةِ ذِي غُضُونِ «2»

خَريعُ النَّعْوِ: لَيِّنُه أَي تُمِرُّ مِشْفَراً خَريع النَّعْوِ عَلَى الوِراك، والغَريفةُ النَّعل. وَقَالَ اللحياني: النَّعْوُ مشَقُّ مِشْفَرِ الْبَعِيرِ فَلَمْ يَخُصَّ الأَعلى وَلَا الأَسفل، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ نُعِيٌّ لَا غَيْرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النَّعْوُ مَشَقُّ المِشفر، وَهُوَ لِلْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ التَّفِرة للإِنسان. ونَعْوُ الحافِر: فَرْجُ مُؤخَّره؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والنَّعْوُ: الفَتْقُ الَّذِي فِي أَلْيَة حافِرِ الفَرَس. والنَّعْوُ: الرُّطَبُ. والنَّعْوَةُ: مَوْضِعٌ، زَعَمُوا. والنُّعَاء: صَوْتُ السِّنَّوْر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قضينا

(2). قوله [ذي غضون] كذا هو في الصحاح مع خفض الصفتين قبله، وفي التكملة والرواية: ذا غضون، والنصب في عين خريع وباء مضطرب مردوداً عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ تمرّ.

ص: 333

عَلَى هَمْزَتِهَا أَنها بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ لأَنهم يَقُولُونَ فِي مَعْنَاهُ المُعاء، وَقَدْ مَعا يَمْعُو، قَالَ: وأَظنُّ نُونَ النُّعَاء بَدَلًا مِنْ مِيمِ الْمِعَاءِ. والنَّعْيُ: خَبَر الْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ النَّعِيُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والنَّعْيُ والنَّعِيُّ، بِوَزْنِ فَعيل، نِداء الدَّاعِي، وَقِيلَ: هُوَ الدُّعاء بِمَوْتِ الْمَيِّتِ والإِشْعارُ بِهِ، نَعَاه يَنْعَاه نَعْياً ونُعْيَاناً، بِالضَّمِّ. وَجَاءَ نَعِيُّ فلانٍ: وَهُوَ خَبَرُ مَوْتِهِ. وَفِي الصِّحَاحِ: والنَّعْيُ والنَّعِيُّ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: النَّعِيُّ الرَّجل الميِّت، والنَّعْيُ الفِعْل؛ وأَوقع ابْنُ مَجْكان النَّعْيَ عَلَى النَّاقَةِ العَقير فَقَالَ:

زَيَّافةٍ بنْتِ زَيَّافٍ مُذَكَّرةٍ،

لَمَّا نَعَوْها لِراعي سَرْحِنا انْتَحَبا

والنَّعِيُّ: المَنْعِيُّ. وَالنَّاعِي: الَّذِي يأْتي بِخَبَرِ الْمَوْتِ؛ قَالَ:

قامَ النَّعِيُّ فأَسْمَعا،

ونَعَى الكَريمَ الأَرْوَعا

ونَعاءِ: بِمَعْنَى انْعَ. وَرُوِيَ عَنْ شدَّاد بْنِ أَوس أَنه قَالَ: يَا نَعايا الْعَرَبِ. وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي وَغَيْرِهِ: إِنما هُوَ فِي الإِعراب يَا نَعَاءِ العَرَبَ، تأْويلُه يَا هَذَا انْعَ العربَ؛ يأْمر بِنَعْيِهِمْ كأَنه يَقُولُ قَدْ ذَهَبَتِ العربُ. قَالَ ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ

شَدَّادِ بْنِ أَوس: يَا نَعايا الْعَرَبِ إِن أَخوف مَا أَخاف عَلَيْكُمُ الرِّياء والشَّهْوةُ الخَفِيَّةُ

، وَفِي رِوَايَةٍ: يَا نُعْيانَ العربِ.

يُقَالُ: نَعَى الميتَ يَنْعاهُ نَعْياً ونَعِيّاً إِذا أَذاعَ مَوْتَهُ وأَخبر بِهِ وإِذا نَدَبَه. قَالَ الزَّمخشري: فِي نَعايا ثَلَاثَةُ أَوجه: أَحدها أَن يَكُونَ جَمْعَ نَعِيٍّ وَهُوَ الْمَصْدَرُ كصَفِيٍّ وصَفايا، وَالثَّانِي أَن يَكُونَ اسْمَ جَمْعٍ كَمَا جَاءَ فِي أَخِيَّةٍ أَخايا، وَالثَّالِثُ أَن يَكُونَ جَمْعَ نَعاءِ الَّتِي هِيَ اسْمُ الْفِعْلِ، وَالْمَعْنَى يَا نَعايا الْعَرَبِ جِئنَ فَهَذَا وقَتكنَّ وزمانكُنَّ، يُرِيدُ أَن الْعَرَبَ قَدْ هَلَكَتْ. والنُّعْيان مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النَّعْي. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: خَفْض نَعاءِ مِثْلُ قَطامِ ودَراكِ ونَزال بِمَعْنَى أَدْرِكْ وانْزِلْ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:

نَعَاءِ جُذاماً غَيْرَ مَوتٍ وَلَا قَتْلِ،

ولكِنْ فِراقاً للدَّعائِمِ والأَصْلِ

وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذا قُتِلَ مِنْهُمْ شَرِيفٌ أَو مَاتَ بَعَثُوا رَاكِبًا إِلى قَبَائِلِهِمْ يَنْعاه إِليهم فنَهى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ ذَلِكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذا مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ لَهُ قَدْرٌ رَكِبَ رَاكِبٌ فَرَسًا وَجَعَلَ يَسِيرُ فِي النَّاسِ وَيَقُولُ: نَعَاءِ فُلَانًا أَي انْعَه وأَظْهِرْ خَبَرَ وَفَاتِهِ، مبنيةٌ عَلَى الْكَسْرِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي هَلَكَ فُلَانٌ أَو هَلكت الْعَرَبُ بِمَوْتِ فُلَانٍ، فَقَوْلُهُ يَا نعاءِ العربَ مَعَ حَرْفِ النِّدَاءِ تَقْدِيرُهُ يَا هَذَا انْعَ الْعَرَبَ، أَو يَا هَؤُلَاءِ انْعَوا الْعَرَبَ بِمَوْتِ فُلَانٍ، كَقَوْلِهِ: أَلا يَا اسْجُدوا أَي يَا هَؤُلَاءِ اسْجُدُوا، فِيمَنْ قرأَ بِتَخْفِيفٍ أَلا، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَرْوِيهِ يَا نُعْيانَ الْعَرَبِ، فَمَنْ قَالَ هَذَا أَراد الْمَصْدَرَ، قَالَ الأَزهري: وَيَكُونُ النُّعْيان جمعَ النَّاعِي كَمَا يُقَالُ لِجَمْعِ الرَّاعي رُعْيان، وَلِجَمْعِ الْبَاغِي بُغْيان؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لخَدَمه إِذا جَنَّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلُ فثَقِّبوا النِّيرَانَ فَوْقَ الإِكام يَضْوي إِليها رُعْيانُنا وبُغْيانُنا. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ يُجْمَعُ النَّعِيُّ نَعَايَا كَمَا يُجْمع المَريُّ مِنَ النُّوق مَرايا والصَّفِيُّ صَفَايَا. الأَحمر: ذَهَبَتْ تَمِيمُ فَلَا تُنْعَى وَلَا تُسْهى أَي لَا تُذكر. والمَنْعَى والمَنْعَاة: خَبَرُ الْمَوْتِ، يُقَالُ: مَا كانَ مَنْعَى فُلَانٍ مَنْعَاةً وَاحِدَةً، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَنَاعِيَ. وتَنَاعَى القومُ واسْتَنْعَوْا فِي

ص: 334

الْحَرْبِ: نَعَوْا قَتْلاهم ليُحرِّضوهم عَلَى الْقَتْلِ وطلَب الثأْر، وَفُلَانٌ يَنْعَى فُلَانًا إِذا طلَب بثأْره. والنَّاعِي: المُشَنِّع. ونَعَى عَلَيْهِ الشيءَ يَنْعَاه: قبَّحه وَعَابَهُ عَلَيْهِ ووبَّخه. ونَعَى عَلَيْهِ ذُنوبه: ذَكرها لَهُ وشَهَره بِهَا. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: إِن اللَّهَ تَعَالَى نَعى عَلَى قَوْمٍ شَهَواتِهم

أَي عَابَ عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: تَنْعَى عليَّ امْرَأً أَكرمه اللَّهُ عَلَى يَدَيَ

أَي تَعِيبني بِقَتْلِي رَجُلًا أَكرمه اللَّهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى يدَيَّ؛ يَعْنِي أَنه كَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَن يُسْلِمَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى يَعْقُوبَ حَكَى فِي الْمَقْلُوبِ نَعَّى عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ ذَكَرَهَا لَهُ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ: أَنْعَى عَلَيْهِ ونَعَى عَلَيْهِ شَيْئًا قَبِيحًا إِذا قَالَهُ تَشْنِيعاً عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ الأَجدع الهمْداني:

خَيْلانِ مِنْ قَوْمِي وَمِنْ أَعْدائِهمْ

خَفَضُوا أَسِنَّتَهم، فكلٌّ نَاعِي

هُوَ مِنْ نَعَيْتُ. وَفُلَانٌ يَنْعَى عَلَى نَفْسِهِ بالفَواحش إِذا شَهَرَ نفسَه بتَعاطِيه الفَواحشَ، وَكَانَ امْرُؤُ الْقَيْسِ مِنَ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ نَعَوْا عَلَى أَنفسهم بالفَواحش وأَظْهَرُوا التَّعَهُّر، وَكَانَ الْفَرَزْدَقُ فَعُولًا لِذَلِكَ. ونَعَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَمراً إِذا أَشادَ بِهِ وأَذاعه. واسْتَنْعَى ذِكرُ فُلَانٍ: شاعَ. واسْتَنْعَتِ الناقةُ: تقَدَّمت، واسْتَنْعَت تَرَاجَعَتْ نَافِرَةً أَو عَدَتْ بِصَاحِبِهَا. واسْتَنْعَى القومُ: تفَرَّقوا نَافِرِينَ. والاسْتِنْعَاء: شِبْهُ النِّفار. يُقَالُ: اسْتَنْعَى الإِبلُ وَالْقَوْمُ إِذا تفرَّقوا مِنْ شَيْءٍ وَانْتَشَرُوا. وَيُقَالُ: اسْتَنْعَيْت الغنَم إِذا تَقَدَّمْتَها ودَعَوْتَها لِتَتْبَعَكَ. واسْتَنْعَى بِفُلَانٍ الشرُّ إِذا تَتَابَعَ بِهِ الشَّرُّ، واستَنْعَى بِهِ حُبُّ الخَمر أَي تَمادى بِهِ، وَلَوْ أَن قَوْمًا مُجْتَمِعِينَ قِيلَ لَهُمْ شَيْءٌ فَفَزِعُوا مِنْهُ وتفَرَّقوا نَافِرِينَ لَقُلْتَ: اسْتَنْعَوْا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْمَقْلُوبِ: اسْتَنَاعَ واسْتَنْعَى إِذا تقدَّم، وَيُقَالُ: عطَفَ؛ وأَنشد:

ظَلِلْنا نَعُوجُ العِيسَ فِي عَرصَاتِها

وُقوفاً، ونَسْتَنْعِي بِهَا فنَصُورُها

وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:

وَكَانَتْ ضَرْبَةً مِنْ شَدْقَمِيٍّ،

إِذا مَا اسْتَنَّتِ الإِبلُ اسْتَناعا

وَقَالَ شِمْرٌ: اسْتَنْعَى إِذا تقدَّم لِيَتْبَعُوهُ، وَيُقَالُ: تَمادى وتتابع. قال: ورُبَّ ناقةٍ يَسْتَنْعِي بِهَا الذئبُ أَي يَعْدُو بَيْنَ يَدَيْهَا وَتُتْبِعُهُ حَتَّى إِذا امَّازَ بِهَا عَنِ الحُوارِ عَفَقَ عَلَى حُوارِها مُحْضِراً فَافْتَرَسَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والإِنْعَاء أَن تَسْتَعِيرَ فَرَسًا تُراهِنُ عَلَيْهِ وذِكْرُه لِصَاحِبِهِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَقَالَ: لا أَحُقُّه.

نغي: النَّغْيَةُ: مِثْلُ النَّغمة، وَقِيلَ: النَّغْية مَا يُعْجِبك مِنْ صَوْتٍ أَو كَلَامٍ. وَسَمِعْتُ نَغْيةً مِنْ كَذَا وَكَذَا أَي شَيْئًا مِنْ خَبَرٍ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلة:

لَمَّا أَتَتْني نَغْيَةٌ كالشُّهْدِ،

كالعَسَل المَمْزوج بَعْدَ الرَّقْدِ،

رَفَّعْتُ مِنْ أَطْمارِ مُسْتَعِدِّ،

وقلْتُ للعِيسِ: اغْتَدي وجِدِّي «1»

يَعْنِي وِلَايَةَ بَعْضِ وَلَدِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَظنه هِشَامًا. أَبو عَمْرٍو: النَّغْوة والمَغْوَةُ النَّغْمة. يُقَالُ: نَغَوْتُ ونَغَيْتُ نَغْوَةً ونَغْيَةً، وَكَذَلِكَ مَغَوْت ومَغَيْتُ. وَمَا سَمِعْتُ لَهُ نَغْوَةً أَي كَلِمَةً. والنَّغْيَةُ مِنَ الْكَلَامِ والخبرِ: الشيءُ تَسمعه وَلَا تَفْهَمُهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَوَّل مَا يُبَلِّغُكَ مِنَ الْخَبَرِ قَبْلَ أَن تَسْتَبِيَنَهُ. ونَغَى إِليه نَغْيَةً: قال له

(1). قوله

[وَقُلْتُ لِلْعِيسِ اغْتَدِي وَجِدِّيِّ]

هكذا في الأصل ونسختين من الصحاح، والذي في التكملة: وقلت للعنس، بالنون، اغتلي، باللام.

ص: 335

قَوْلًا يَفْهَمُهُ عَنْهُ. والمُناغاةُ: المغازَلة. والمُنَاغَاة: تَكْلِيمُكَ الصَّبيَّ بِمَا يَهْوى مِنَ الْكَلَامِ. والمرأَة تُنَاغِي الصبيَّ أَي تُكَلِّمُهُ بِمَا يُعْجِبه ويَسُرُّه. ونَاغَى الصبيَّ: كلَّمه بِمَا يَهواه ويَسُرُّه؛ قَالَ:

وَلِمَ يَكُ فِي بُؤْسٍ، إِذا بَاتَ لَيْلَةً

يُنَاغِي غَزالًا فاتِرَ الطَّرْفِ أَكْحَلا

الْفَرَّاءُ: الإِنْغَاء كَلَامُ الصِّبْيَانِ. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: مُنَاغَاةُ الصَّبِيِّ أَن يَصِيرَ بحِذاء الشَّمْسِ فيُناغِيها كَمَا يُناغي الصبيُّ أُمَّه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يُنَاغِي القمرَ فِي صِباه

؛ المُناغاةُ: الْمُحَادَثَةُ. وناغَتِ الأُمُّ صبيَّها: لاطَفَتْه وشاغَلَته بِالْمُحَادَثَةِ والمُلاعبة. وَتَقُولُ: نَغَيْت إِلى فُلَانٍ نَغْيَةً ونَغَى إِليَّ نَغْيَةً إِذا أَلقى إِليك كَلِمَةً وأَلقيت إِليه أُخرى. وإِذا سَمِعْتَ كَلِمَةً تُعْجِبُكَ تَقُولُ: سَمِعْتُ نَغْيَةً حَسَنة. الْكِسَائِيُّ: سَمِعْتُ لَهُ نَغْيَةً وَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ الحسنُ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْغَى إِذا تَكلَّم بِكَلَامٍ «1» ، ونَاغَى إِذا كلَّم صَبِيًّا بِكَلَامٍ مَلِيحٍ لَطِيفٍ. وَيُقَالُ لِلْمَوْجِ إِذا ارْتَفَعَ:؛ كَادَ يُنَاغِي السحابَ. ابْنُ سِيدَهْ: نَاغَى الموجُ السحابَ كَادَ يَرْتَفِعُ إِلَيْهِ؛ قَالَ:

كأَنَّكَ بالمُبارَكِ، بَعْدَ شَهْرٍ،

يُنَاغِي مَوْجُه غُرَّ السَّحابِ

المُبارَكُ: مَوْضِعٌ. التَّهْذِيبُ: يقالُ إِنَّ ماءَ رَكِيَّتنا يُنَاغِي الْكَوَاكِبَ، وَذَلِكَ إِذا نَظَرْتَ فِي الْمَاءِ ورأَيت بَريقَ الْكَوَاكِبِ، فإِذا نَظَرْتَ إِلى الْكَوَاكِبِ رأَيتها تتحرَّك بتحَرُّك الْمَاءِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

أَرْخَى يَدَيه الأُدْمِ وَضَّاح اليَسَر،

فتَركَ الشمسَ يُنَاغِيهِ القَمَر

أَي صَبَّ لَبناً فَتَرَكَهُ يُناغِيه القمرُ، قَالَ: والأُدْم السَّمْن. وَهَذَا الْجَبَلُ يُناغِي السماءَ أَي يُدانيها لطوله.

نفي: نفَى الشيءُ يَنْفِي نَفْياً: تنَحَّى، ونَفَيْتُه أَنَا نَفْياً؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْ هَذَا يُقَالُ نَفَى شَعَرُ فُلَانٍ يَنْفِي إِذا ثارَ واشْعانَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظي لعُمر بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ اسْتُخْلِفَ فَرَآهُ شَعِثاً فأَدام النَّظَرَ إِليه فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا لَك تُديمُ النَّظَرَ إِليَّ؟ فَقَالَ: أَنْظُرُ إِلى مَا نَفى مِنْ شَعَرك وحالَ مِنْ لونِك؛ وَمَعْنَى نَفَى هَاهُنَا أَي ثارَ وَذَهَبَ وشَعِثَ وَتَسَاقَطَ، وَكَانَ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ نَاعِمًا فَيْنانَ الشَّعَر فَرَآهُ مُتَغَيِّرًا عَمَّا كَانَ عَهِده، فَتَعَجَّبَ مِنْهُ وأَدام النَّظَرَ إِليه، وَكَانَ عُمَرُ قَبْلَ الْخِلَافَةِ مُنَعَّماً مُتْرَفاً، فَلَمَّا اسْتُخْلِف تَشَعَّث وتَقَشَّف. وانْتَفَى شعرُ الإِنسان ونَفَى إِذا تَسَاقَطَ. والسَّيْل يَنْفِي الغُثاء: يَحْمِلُهُ وَيَدْفَعُهُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ يَرَاعًا:

سَبيّ مِنْ أَباءَتِهِ نَفاهُ

أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ «2»

ونَفَيَانُ السَّيْلِ: مَا فَاضَ مِنْ مُجْتَمَعِهِ كأَنه يَجْتَمِعُ فِي الأَنهار الإِخاذاتُ ثُمَّ يَفِيضُ إِذا ملأَها، فَذَلِكَ نَفَيانُه. ونَفَى الرجلُ عَنِ الأَرض ونَفَيْتُه عَنْهَا: طَرَدْتُهُ فانْتَفى؛ قَالَ القُطامي:

فأَصْبح جاراكُمْ قَتِيلًا ونَافِياً

أَصَمَّ فَزَادُوا، فِي مَسامِعِه، وَقْرا

أَي مُنْتَفِياً. ونَفَوْته: لُغَةٌ فِي نَفَيْته. يقال:

(1). قوله [ابن الأعرابي أَنْغَى إلخ] عبارته في التهذيب: أَنْغَى إِذا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَا يُفْهَمُ، وأَنْغَى أيضاً إذا تكلم بكلام يفهم، ويقال: نَغَوْت أَنْغُو ونَغَيْتُ أَنْغِي، قال وأَنْغَى ونَاغَى إذا كلم إلى آخر ما هنا.

(2)

. قوله [من أباءته] تقدم في مادة صحر: من يراعته، وفسرها هناك.

ص: 336

نَفَيْت الرجلَ وغيرَه أَنْفِيه نَفْياً إِذا طَرَدْتَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ

؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ مَن قَتَله فدَمُه هَدَرٌ أَي لَا يطالَب قَاتِلُهُ بِدَمِهِ، وَقِيلَ: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ

يُقاتَلون حَيْثُما تَوَجَّهوا مِنْهَا لأَنه كونٌ، وَقِيلَ: نَفْيُهم إِذا لَمْ يَقْتلوا وَلَمْ يأْخذوا مَالًا أَن يُخَلَّدوا فِي السِّجْنِ إِلا أَن يَتُوبُوا قَبْلَ أَن يُقْدَر عَلَيْهِمْ. ونَفْيُ الزَّانِي الَّذِي لَمْ يُحْصِنْ: أَن يُنْفى مِنْ بَلَدِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ إِلى بَلَدٍ آخَرَ سَنَةً، وَهُوَ التَّغْرِيبُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. ونَفْيُ المُخَنَّث: أَن لَا يُقَرّ فِي مُدُنِ الْمُسْلِمِينَ؛

أَمَرَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، بنَفْي هِيتٍ وماتعٍ وَهُمَا مُخَنَّثان كَانَا بِالْمَدِينَةِ

؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اسْمُهُ هِنْبٌ، بِالنُّونِ، وإِنما سُمِّيَ هِنْباً لِحُمْقِهِ. وانْتَفَى مِنْهُ: تبرَّأَ. ونَفَى الشيءَ نَفْياً: جَحَده. ونَفَى ابنَه: جحَده، وَهُوَ نَفِيٌّ مِنْهُ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. يُقَالُ: انْتَفَى فُلَانٌ مِنْ وَلَدِهِ إِذا نَفاه عَنْ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدًا. وانْتَفَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ وانْتَفَل مِنْهُ إِذا رَغِب عَنْهُ أَنَفاً واستِنْكافاً. وَيُقَالُ: هَذَا يُنَافِي ذَلِكَ وَهُمَا يَتَنافَيانِ. ونَفَتِ الريحُ التُّرَابَ نَفْياً ونَفَيَاناً: أَطارته. والنَّفِيُّ: مَا نَفَتْه. وَفِي الْحَدِيثِ:

الْمَدِيِنَةُ كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَها

أَي تُخْرِجُهُ عَنْهَا، وَهُوَ مِنَ النَّفْي الإِبْعادِ عَنِ الْبَلَدِ. يُقَالُ: نَفَيْته أَنْفِيه نَفْياً إِذا أَخرجته مِنَ الْبَلَدِ وَطَرَدْتَهُ. ونَفِيُّ القِدْرِ: مَا جَفَأَتْ بِهِ عِنْدَ الغَلْي. اللَّيْثُ: نَفِيُّ الرِّيحِ مَا نَفَى مِنَ التُّرَابِ مِنْ أُصول الْحِيطَانِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَلِكَ نَفِيُّ الْمَطَرِ ونَفِيُّ القِدْر. الْجَوْهَرِيُّ: نَفِيُّ الرِّيحِ مَا تَنْفي فِي أُصول الشَّجَرِ مِنَ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ، والنَّفَيان مِثْلُهُ، ويُشَبّه بِهِ مَا يَتَطَرَّف مِنْ مُعْظَمِ الْجَيْشِ؛ وَقَالَتِ الْعَامِرِيَّةُ:

وحَرْبٍ يَضِجُّ القومُ مِنْ نَفَيانِها،

ضَجِيجَ الجِمالِ الجِلَّةِ الدَّبِرات

ونَفَتِ السحابةُ الماءَ: مَجَّته، وَهُوَ النَّفَيان؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ السَّحَابُ يَنْفي أَوَّلَ شيءٍ رَشًّا أَو بَرَداً، وَقَالَ: إِنما دَعَاهُمْ لِلتَّحْرِيكِ أَنَّ بَعْدَهَا سَاكِنًا فحرَّكوا كَمَا قَالُوا رَمَيَا وغَزَوَا، وَكَرِهُوا الْحَذْفَ مَخَافَةَ الِالْتِبَاسِ، فَيَصِيرُ كأَنه فَعَالٌ مِنْ غَيْرِ بَنَاتِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَهَذَا مُطَّرِد إِلا مَا شَذَّ. الأَزهري: ونَفَيانُ السحابِ مَا نَفته السَّحَابَةُ مِنْ مَائِهَا فأَسالته؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ الْهُذَلِيُّ:

يَقْرُو بِهِ نَفَيانَ كلِّ عَشِيَّةٍ،

فالماءُ فوقَ مُتونِه يَتَصَبَّبُ

ونفو

النَّفْوةُ: الخَرْجة مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ. وَالطَّائِرُ يَنْفِي بِجَنَاحَيْهِ نَفَياناً كَمَا تَنْفي السحابةُ الرَّشَّ والبَرَدَ. والنَّفَيانُ والنَّفِيُّ والنَّثِيُّ: مَا وقَع عَنِ الرِّشاء مِنَ الْمَاءِ عَلَى ظَهْرِ المُسْتَقِي لأَن الرِّشاء يَنْفيه، وَقِيلَ: هُوَ تطايُر الْمَاءِ عَنِ الرِّشاء عِنْدَ الِاسْتِقَاءِ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الطِّينِ. الْجَوْهَرِيُّ: ونَفِيُّ الْمَطَرِ، عَلَى فَعِيل، مَا تَنْفِيه وتَرُشُّه، وَكَذَلِكَ مَا تَطَايَرَ مِنَ الرِّشَاءِ عَلَى ظَهْر الْمَاتِحِ؛ قَالَ الأَخيل:

كأَنَّ مَتْنَيْهِ مِنَ النَّفِيّ،

مِن طُولِ إِشْرافِي عَلَى الطَّويّ،

مَواقِعُ الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيّ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا أَنشده أَبو عَلِيٍّ، وأَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْجَمْهَرَةِ: كأَنَّ مَتْنَيَّ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ:

مِنْ طُولِ إِشرافي عَلَى الطَّوِيِّ

وَفَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: شَبَّه الْمَاءَ وَقَدْ وَقَعَ عَلَى مَتْنِ المُسْتَقِي بذَرْقِ الطَّائِرِ عَلَى الصُّفِيّ؛ قَالَ الأَزهري:

ص: 337

هَذَا ساقٍ كَانَ أَسْوَدَ الجِلْدة واسْتَقَى مِنْ بِئْرٍ مِلْحٍ، وَكَانَ يَبْيَضُّ نَفِيُّ الْمَاءِ عَلَى ظَهْرِهِ إِذا تَرَشَّشَ لأَنه كَانَ مِلْحاً. ونَفِيُّ الْمَاءِ: مَا انْتَضَحَ مِنْهُ إِذا نُزِع مِنَ الْبِئْرِ. والنَّفِيُّ: مَا نَفَتْه الحَوافِر مِنَ الحَصَى وَغَيْرِهِ فِي السَّيْرِ. وأَتاني نَفِيُّكم أَي وَعِيدُكُمُ الَّذِي تُوعِدُونَنِي. ونُفَايَةُ الشيءِ: بَقِيَّتُهُ وأَردؤه، وكذلك نفو

نُفاوته ونَفاته ونَفايَتُه ونفو

نِفْوَته ونِفْيته ونَفِيُّه، وَخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ رَدِيءَ الطَّعَامِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَكَرْنَا نفو

النِّفْوة ونفو

النُّفاوة هَاهُنَا لأَنها مُعَاقَبَةٌ، إِذ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ ن ف ووضعاً. والنُّفايةُ: المَنفِيُّ الْقَلِيلُ مِثْلُ البُراية والنُّحاتة. أَبو زَيْدٍ: النِّفْية ونفو

النِّفْوة وَهُمَا الِاسْمُ لنَفِيِّ الشَّيْءِ إِذا نَفَيْته. الجوهري: ونفو

النِّفْوَة، بِالْكَسْرِ، والنِّفْيَة أَيضاً كُلُّ مَا نَفَيْتَ. والنُّفَايَة، بِالضَّمِّ: مَا نَفَيْته مِنَ الشَّيْءِ لرداءَته. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلدَّائِرَةِ الَّتِي فِي قُصَاصِ الشَّعَرِ النَّافِية، وقُصاصُ الشَّعَرِ مُقدَّمه. وَيُقَالُ: نَفَيتُ الشعرَ أَنْفِيه نَفْياً ونُفاية إِذا رَدَدْتَه. والنَّفِيّة: شِبْه طَبَق مِنْ خُوصٍ يُنْفى بِهِ الطَّعَامُ. والنَّفِيَّة والنُّفْيَة: سُفرة مُدَوَّرَة تُتَّخَذُ مِنْ خُوصٍ؛ الأَخيرة عَنِ الْهَرَوِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: النُّفْيَة والنَّفِيَّة شَيْءٌ مُدوَّر يُسَفُّ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ، تُسَمِّيهَا النَّاسُ النَّبِيَّة وَهِيَ النَّفِيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ

زَيْدِ بْنِ أَسلم قَالَ: أَرسلني أَبي إِلى ابْنِ عُمَرَ، وَكَانَ لَنَا غَنَمٌ، فَجِئْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُ: أَأَدخل وأَنا أَعرابي نشأْت مَعَ أَبي فِي الْبَادِيَةِ؟ فكأَنه عَرَفَ صَوْتِي فَقَالَ: ادْخُلْ، وَقَالَ: يَا ابْنَ أَخي إِذا جِئْتَ فَوَقَفْتَ عَلَى الْبَابِ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فإِذا ردُّوا عَلَيْكَ السَّلَامَ فَقُلْ أَأَدخل؟ فإِن أَذِنوا وإِلا فَارْجِعْ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَبي أَرسلني إِليك تَكْتُبُ إِلى عَامِلِكَ بِخَيْبَرَ يَصْنَعُ لَنَا نَفِيَّتَيْن نُشَرِّرُ عَلَيْهِمَا الأَقطَ، فأَمر قَيِّمه لنا بذلك، فبينا أَنا عِنْدَهُ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ مِنَ الْبَيْتِ إِلى الحُجْرة وإِذا عَلَيْهِ مِلحفة يَجُرُّها فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ ارْفَعْ ثَوْبَكَ، فإِني سَمِعْتُ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلى عَبْدٍ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيلاء، فَقَالَ: يَا أَبتِ إِنما بِي دَمَامِيلُ

؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَراد بِنَفِيَّتَين سُفْرتين مِنْ خُوصٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرْوَى

نَفِيتَيْن

، بِوَزْنِ بَعِيرَيْنِ، وإِنما هُوَ نَفِيَّتَيْن، عَلَى وَزْنِ شَقِيَّتين، وَاحِدَتُهُمَا نَفِيَّة كطَوِيَّة، وَهِيَ شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنَ الْخُوصِ شِبه الطَّبَق عَرِيضٌ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَالَ النَّضِرُ النُّفْتة بِوَزْنِ الظُّلْمة، وَعِوَضُ الْيَاءِ تَاءٌ فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ بِالْيَاءِ وَجَمْعُهَا نُفًى كنُهْية ونُهًى، وَالْكُلُّ شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنَ الْخُوصِ مدوَّر وَاسِعٌ كَالسُّفْرَةِ. والنَّفِيُّ، بِغَيْرِ هَاءٍ: تُرْسٌ يُعْمَلُ مِنْ خُوصٍ. وكلُّ مَا رَدَدْتَهُ فَقَدْ نَفَيته. ابْنُ بَرِّيٍّ: والنُّفَأُ لُمَعٌ مِنَ الْبَقْلِ، واحدتُه نُفْأَةٌ؛ قَالَ:

نُفَأٌ مِنَ القُرَّاصِ والزُّبّاد

وَمَا جَرَّبْتُ عَلَيْهِ نُفْية فِي كَلَامِهِ أَي سقَطةً وَفَضِيحَةً. ونَفَيْتُ الدَّراهم: أَثَرْتُها لِلِانْتِقَادِ؛ قَالَ:

تَنْفِي يَداها الحَصَى فِي كُلِّ هاجِرةٍ،

نَفْيَ الدراهِمِ تَنْقادُ الصَّياريف

نقا: النُّقَاوَةُ: أَفضلُ مَا انتَقَيْتَ مِنَ الشَّيْءِ. نَقِيَ الشيءُ، بِالْكَسْرِ، يَنْقَى نَقاوةً، بِالْفَتْحِ، ونَقاءً فَهُوَ نَقِيٌّ أَي نَظِيفٌ، وَالْجَمْعُ نِقاءٌ ونُقَواء، الأَخيرة نَادِرَةٌ. وأَنْقَاه وتَنَقَّاه وانْتَقَاه: اخْتَارَهُ. ونَقَوةُ الشَّيْءِ ونَقَاوَتُه ونُقَاوَتُه ونُقَايَتُه ونَقاته: خِيارُه، يَكُونُ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: نُقَاوَة الشَّيْءِ خِياره، وَكَذَلِكَ النُّقَايَة، بِالضَّمِّ فِيهِمَا،

ص: 338

كأَنه بُنِيَ عَلَى ضِدِّهِ، وَهُوَ النُّفاية، لأَن فُعالة تَأْتِي كَثِيرًا فِيمَا يَسقُط مِنْ فَضْلة الشَّيْءِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَجَمْعُ النُّقَاوة نُقاً ونُقاءٌ، وَجَمْعُ النُّقاية نَقايا ونُقاءٌ، وَقَدْ تَنَقَّاهُ وانْتَقاه وانْتَاقَه، الأَخير مَقْلُوبٌ؛ قَالَ:

مِثْل القِياسِ انْتاقَها المُنَقِّي

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنْ النِّيقَةِ. والتّنْقِيةُ: التَّنْظِيفُ. والانْتِقاءُ: الِاخْتِيَارُ. والتَّنَقِّي: التَّخيُّر. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَنَقَّهْ وتَوَقّهْ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِالنُّونِ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ تَخيّر الصديقَ ثُمَّ احْذَرْه؛ وَقَالَ غيره: تَبَقَّه، بالياءِ، أَي أَبْقِ الْمَالَ وَلَا تُسرف فِي الإِنفاق وتَوقّ فِي الِاكْتِسَابِ. وَيُقَالُ: تَبَقَّ بِمَعْنَى اسْتَبْقِ كالتَقَصِّي بِمَعْنَى الِاسْتِقْصَاءِ. ونَقَاةُ الطَّعَامِ: مَا أُلقِيَ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَسْقُط مِنْهُ مِنْ قُماشه وتُرابه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ النُّقَاةُ، بِالضَّمِّ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَقِيلَ: نَقاتُه ونَقَايَتُه ونُقَايَتُه رَدِيئُهُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَعرف فِي ذَلِكَ نَقاتُه ونُقايَتُه. اللِّحْيَانِيُّ: أَخذتُ نُقايَتَه ونُقاوتَه أَي أَفضله. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَقاةُ كلِّ شَيْءٍ رَدِيئُهُ مَا خَلَا التَّمْرَ فإِن نَقاتَه خِيارُه، وَجَمْعُ النُّقَاوة نُقَاوَى ونُقَاء، وَجَمْعُ النُّقَاية نَقايا ونُقاء، مَمْدُودٌ. والنَّقاوةُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ النَّقِيِّ. يُقَالُ: نَقِيَ يَنْقَى نَقاوةً، وأَنا أَنْقَيْتُه إِنْقاءً، والانْتِقاء تَجَوُّدُه. وانْتَقَيْتُ الشيءَ إِذا أَخذت خِياره. الأَموي: النَّقَاةُ مَا يُلْقى مِنَ الطَّعَامِ إِذا نُقِّيَ ورُمِيَ بِهِ؛ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنَ ابْنِ قَطَريٍّ، والنُّقاوة خِياره. وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: النَّقاةُ والنُّقاية الرَّديء، والنُّقاوة الجَيّد. اللَّيْثُ: النَّقاءُ، مَمْدُودٌ، مَصْدَرُ النَّقِيِّ، والنَّقا، مَقْصُورٌ، مِنْ كُثْبان الرَّمْلِ، والنَّقاء، مَمْدُودٌ، النظافةُ، والنَّقَا، مَقْصُورٌ، الكثيبُ مِنَ الرَّمْلِ، والنَّقَا مِنَ الرَّمْلِ: القطعةُ تَنْقاد مُحْدَوْدِبةً، وَالتَّثْنِيَةُ نَقَوانِ ونَقَيانِ، وَالْجَمْعُ أَنْقَاءٌ ونُقِيٌّ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:

واسْتَرْدَفَتْ مِن عالجٍ نُقِيّا

وَفِي الْحَدِيثِ:

خَلَقَ اللَّهُ جُؤْجؤَ آدمَ مِنْ نَقا ضَريَّةَ

أَي مِنْ رَمْلِهَا، وضَريَّةُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ نُسِبَ إِلى ضَرِيَّةَ بِنْتِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارٍ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ بِئْرٍ. والنِّقْو «3» والنَّقَا: عَظْمُ العَضُد، وَقِيلَ: كُلُّ عَظْمٍ فِيهِ مُخٌّ، وَالْجَمْعُ أَنْقَاء. والنَّقْوُ: كُلُّ عَظْمٍ مِنْ قَصَب الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ نِقْوٌ عَلَى حِيَالِهِ. الأَصمعي: الأَنْقاء كُلُّ عَظْمٍ فِيهِ مُخٌّ، وَهِيَ القَصَب، قِيلَ فِي وَاحِدِهَا نِقْيٌ ونِقْوٌ. وَرَجُلٌ أَنْقَى وامرأَة نَقْوَاء: دَقِيقَا القَصَب؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُلٌ أَنْقَى دَقِيقُ عَظْمِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْفَخِذِ، وامرأَة نَقْواء. وفخِذٌ نَقْواء: دَقِيقَةُ القَصب نَحِيفَةُ الْجِسْمِ قَلِيلَةُ اللَّحْمِ فِي طُول. والنِّقْوُ، بِالْكَسْرِ، فِي قَوْلِ الْفَرَّاءِ: كُلَّ عَظْمٍ ذِي مُخٍّ، وَالْجَمْعُ أَنْقاءٌ. أَبو سَعِيدٍ: نِقَةُ الْمَالِ خِيارُه. ويقال: أَخذْتُ نِقَتي مِنَ الْمَالِ أَي مَا أَعجبني مِنْهُ وَآنَقَنِي. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: نِقَةُ الْمَالِ فِي الأَصل نِقْوَة، وَهُوَ مَا انْتُقِيَ مِنْهُ، وَلَيْسَ مِنَ الأَنَقِ فِي شَيْءٍ، وَقَالُوا: ثِقَةٌ نِقَةٌ فأَتْبَعُوا كأَنهم حَذَفُوا وَاوَ نِقْوَة؛ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي. والنُّقَاوَى: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْض؛ قَالَ الحَذْلَمي:

حَتَّى شَتَتْ مِثلَ الأَشاءِ الجُونِ،

إِلى نُقَاوَى أَمْعَزِ الدَّفِينِ

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النُّقَاوَى تُخْرِجُ عِيداناً سَلِبةً لَيْسَ فِيهَا وَرَقٌ، وإِذا يَبست ابْيَضَّتْ، والناس

(3). قوله [والنقو إلخ] ضبط النقو بالكسر في الأصل والتهذيب وكذلك ضبط في المصباح، ومقتضى إطلاق القاموس أنه بالفتح.

ص: 339

يَغْسِلُونَ بِهَا الثِّيَابَ فَتَتْرُكُهَا بَيْضَاءَ بَيَاضًا شَدِيدًا، وَاحِدَتُهَا نُقَاوَاةٌ. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ أَحمر كالنَّكَعة، وَهِيَ ثَمَرَةُ النُّقَاوَى، وهو نبت أَحمر؛ وأَنشد:

إِلَيْكُمْ لَا تَكُونُ لَكُمْ خَلاةً،

وَلَا نَكَع النُّقَاوَى إِذْ أَحالا

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: النُّقَاوَى ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ، وَجَمْعُهُ نُقَاوَيات، وَالْوَاحِدَةُ نُقَاوَاةٌ ونُقَاوَى. والنُّقَاوَى: نَبْتٌ بِعَيْنِهِ لَهُ زَهْرٌ أَحمر. وَيُقَالُ للحُلَكة، وَهِيَ دُوَيْبَةٌ تَسْكُنُ الرَّمْلَ، كأَنها سَمَكَةٌ مَلْسَاءُ فِيهَا بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ: شَحْمة النَّقا، وَيُقَالُ لَهَا: بَنَاتُ النَّقَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ وشبَّه بَنانَ الْعَذَارَى بِهَا:

بناتُ النَّقَا تَخْفى مِراراً وتظْهَرُ

وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: ودائسٍ ومُنَقٍ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ، الَّذِي يُنَقِّي الطَّعَامَ أَي يُخْرِجُهُ مِنْ قِشْرِهِ وَتِبْنِهِ، وَرُوِيَ بِالْكَسْرِ، وَالْفَتْحُ أَشبه لِاقْتِرَانِهِ بِالدَّائِسِ، وهما مُخْتَصَّانِ بِالطَّعَامِ. والنَّقْيُ: مُخُّ الْعِظَامِ وشحمُها وشحمُ الْعَيْنِ مِنَ السِّمَن، وَالْجَمْعُ أَنْقَاء، والأَنقاء أَيضاً مِنَ الْعِظَامِ ذَوَاتُ الْمُخِّ، وَاحِدُهَا نِقْيٌ ونَقًى. ونَقَى الْعَظْمَ نَقْياً: اسْتَخْرَجَ نِقْيه. وانْتَقَيْتُ العظمَ إِذَا اسْتَخْرَجْتَ نِقْيَهُ أَي مُخَّهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّي:

وَلَا يَسْرِقُ الكَلْبُ السَّرُوُّ نِعالَنا،

ولا يَنْتَقِي المُخَّ الَّذِي فِي الجَماجِمِ

وَفِي حَدِيثِ

أُم زَرْعٍ: لَا سَهْلٌ فيُرْتَقَى وَلَا سَمينٌ فيُنْتَقَى

أَي لَيْسَ لَهُ نِقْيٌ فَيُسْتَخْرَجُ، والنِّقْيُ: الْمُخُّ، وَيُرْوَى:

فَيُنْتَقَل

، بِاللَّامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تُجْزِئ فِي الأَضاحي الكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي

أَي الَّتِي لَا مُخَّ لَهَا لِضَعْفِهَا وهُزالها. وَفِي حَدِيثِ

أَبي وَائِلٍ: فغَبَطَ مِنْهَا شَاةً فَإِذَا هِيَ لَا تُنْقِي

؛ وَفِي تَرْجَمَةِ حَلَبَ:

يَبِيتُ النَّدى، يَا أُمَّ عمروٍ، ضَجِيعَه،

إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي المُنْقِياتِ حَلُوبُ

المُنْقياتُ: ذَوَاتُ الشَّحْمِ. والنِّقْيُ: الشَّحْمُ. يُقَالُ: نَاقَةٌ مُنْقِيَة إِذَا كَانَتْ سَمِينَةً. وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَصِفُ عُمَرَ، رضي الله عنه: ونَقتْ لَهُ مُخَّتَها

، يَعْنِي الدُّنْيَا يَصِفُ مَا فُتح عَلَيْهِ مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

الْمَدِيِنَةُ كَالْكِيرِ تُنْقِي خَبَثها

«1» ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالْفَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالْقَافِ، فإِن كَانَتْ مُخَفَّفَةً فَهُوَ مِنْ إِخراج الْمُخِّ أَي تَسْتَخْرِجُ خَبَثَهَا، وإِن كَانَتْ مُشَدَّدَةً فَهُوَ مِنَ التَّنْقِيَة، وَهُوَ إِفراد الْجَيِّدِ مِنَ الرَّدِيءِ. وأَنْقَتِ الناقةُ: وَهُوَ أَول السِّمَن فِي الإِقبال وَآخِرُ الشَّحْمِ فِي الهُزال، وَنَاقَةٌ مُنْقِيَةٌ ونُوقٌ مَناقٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

لَا يَشْتَكِينَ عَملًا مَا أَنْقَيْنْ

وأَنْقى العُودُ: جَرَى فِيهِ الْمَاءُ وابْتَلَّ. وأَنْقَى البُرُّ: جَرَى فِيهِ الدَّقِيقُ، وَيَقُولُونَ لِجَمْعِ الشَّيْءِ النَّقِيِّ نِقاء. وَفِي الْحَدِيثِ:

يُحْشَرُ الناسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرض بَيْضَاءَ كقُرْصَةِ النَّقِيِ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النَّقِيُّ الحُوّارى؛ وأَنشد:

يُطْعِمُ الناسَ، إِذا أَمْحَلُوا،

مِنْ نَقِيٍّ فوقَه أُدُمُهْ

قَالَ ابْنُ الأَثير: النَّقِيُّ يَعْنِي الْخُبْزَ الحُوَّارى، قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ

مَا رأَى رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، النَّقِيَّ مِنْ حِينَ ابْتَعَثَه اللهُ حتى قَبَضه.

وأَنْقَتِ

(1). قوله

[تُنْقِي خبثها]

كذا ضبط تنقي بضم التاء في غير نسخة من النهاية.

ص: 340

الإِبلُ أَي سَمِنت وَصَارَ فِيهَا نِقْيٌ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ فِي صِفَةِ الْخَيْلِ:

لَا يَشْتَكِينَ عَمَلًا مَا أَنْقَيْنْ،

مَا دَامَ مُخٌّ فِي سُلامى أَو عَيْنْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لأَبي مَيْمُونٍ النِّضْرِ بْنِ سَلَمَةَ؛ وَقَبْلَ الْبَيْتَيْنِ:

بَنات وَطَّاءٍ عَلَى خَدِّ اللَّيْلْ

وَيُقَالُ: هَذِهِ نَاقَةٌ مُنْقِيَةٌ وَهَذِهِ لَا تُنْقِي. وَيُقَالُ: نَقَوْت العَظْمَ ونَقَيْتُه إِذا اسْتَخْرَجْتَ النِّقْيَ مِنْهُ؛ قَالَ: وَكُلُّهُمْ يَقُولُ انْتَقَيْتُه. والنَّقِيُّ: الذَّكَر. والنَّقَى مِنَ الرَّمْلِ: الْقِطْعَةُ تَنْقَادُ مُحْدَوْدِبَةً، حَكَى يَعْقُوبُ فِي تَثْنِيَتِهِ نَقَيانِ ونَقَوان، وَالْجَمْعُ نُقْيان وأَنْقاء. وَهَذِهِ نَقَاةٌ مِنَ الرَّمْلِ: لِلْكَثِيبِ الْمُجْتَمِعِ الأَبيض الَّذِي لَا يُنْبِتُ شَيْئًا.

نكي: نَكَى العَدُوَّ نِكايةً: أَصاب مِنْهُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: إِنَّ الليلَ طويلٌ وَلَا يَنْكِنا يَعْنِي لَا نُبلَ مِن هَمِّه وأَرَقِهِ بِمَا يَنْكِينا ويَغُمُّنا. الْجَوْهَرِيُّ: نَكَيْتُ فِي العَدوّ نِكاية إِذا قَتَلْتَ فِيهِمْ وَجَرَحْتَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

نَحْنُ مَنَعْنا وادِيَيْ لَصافا،

نَنْكِي العِدا ونُكْرِمُ الأَضيافا

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَو يَنْكِي لَكَ عَدُوّاً

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ نَكَيْتُ فِي الْعَدُوِّ أَنْكِي نِكايةً فأَنا ناكٍ إِذا كَثَّرْتَ فِيهِمُ الجِراح وَالْقَتْلَ فوَهَنُوا لِذَلِكَ. ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ الْحُرُوفِ التي تهمز فيكون لها مَعْنًى وَلَا تُهْمَزُ فَيَكُونُ لَهَا مَعْنًى آخَرَ: نَكَأْتُ القُرْحةَ أَنْكَؤُها نَكْأً إِذا قَرفْتها وقَشَرْتها. وَقَدْ نَكَيْتُ فِي الْعَدُوِّ أَنْكِي نِكايةً أَي هَزَمْته وغلبته، فَنكِيَ يَنْكَى نَكًى.

نمي: النَّماءُ: الزِّيَادَةُ. نَمَى يَنْمِي نَمْياً ونُمِيّاً ونَماءَ: زَادَ وكثر، وربما قالوا نمو

يَنْمُو نمو

نُمُوًّا. الْمُحْكَمُ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ قَالَ الْكِسَائِيُّ وَلَمْ أَسمع يَنْمُو، بِالْوَاوِ، إِلا مِنْ أَخَوين مَنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَالَ: ثُمَّ سأَلت عَنْهُ جَمَاعَةُ بَنِي سُلَيْمٍ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ بِالْوَاوِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ، وأَما يَعْقُوبُ فقال يَنْمَى ونمو

يَنْمُو فسوَّى بينهما، وهي نمو

النَّمْوة، وأَنْماه اللَّهُ إِنْماءً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ نَماه اللهُ، فَيُعَدَّى بِغَيْرِ هَمْزَةٍ، ونَمَّاه، فيعدِّيه بِالتَّضْعِيفِ؛ قَالَ الأَعور الشَّنِّي، وَقِيلَ: ابْنُ خَذَّاق:

لقَدْ عَلِمَتْ عَمِيرةُ أَنَّ جارِي،

إِذا ضَنَّ المُنَمِّي، مِنْ عِيالي

وأَنْمَيْتُ الشيءَ ونَمَّيْته: جَعَلْتُهُ نَامِيًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا أَراد الْخُرُوجَ إِلى تَبُوكَ فَقَالَتْ لَهُ أُمه أَو امرأَته كَيْفَ بالوَدِيِّ؟ فَقَالَ: الغَزْوُ أَنْمَى للوَدِيِ

أَي يُنَمِّيه اللَّهُ لِلْغَازِي ويُحْسن خِلافته عَلَيْهِ. والأَشياءُ كلُّها عَلَى وَجْهِ الأَرض نامٍ وصامِتٌ: فالنَّامي مِثْلُ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ ونحوِه، والصامتُ كالحجَر وَالْجَبَلِ وَنَحْوِهِ. ونَمَى الحديثُ يَنْمِي: ارْتَفَعَ. ونَمَيْتُه: رَفَعْته. وأَنْمَيْتُه: أَذَعْته عَلَى وَجْهِ النَّمِيمَةِ، وَقِيلَ: نَمَّيْته، مشدَّداً، أَسندته وَرَفَعْتَهُ، ونَمَّيْته، مُشَدَّدًا أَيضاً: بَلَّغته عَلَى جِهَةِ النَّمِيمَةِ والإِشاعة، وَالصَّحِيحُ أَن نَمَيْته رَفَعْتُهُ عَلَى وَجْهِ الإِصلاح، ونَمَّيته، بِالتَّشْدِيدِ: رفعْته عَلَى وَجْهِ الإِشاعة أَو النَّمِيمَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ

أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَيْسَ بِالْكَاذِبِ مَن أَصلح بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ خَيْرًا ونَمَى خَيْرًا

؛ قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ نَمَيْتُ حَدِيثَ فُلَانٍ، مُخَفَّفًا، إِلى فُلَانٍ أَنْمِيه نَمْياً إِذا بَلَّغْته عَلَى وَجْهِ الإِصلاح وَطَلَبِ الْخَيْرِ، قَالَ: وأَصله الرَّفْعُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ

ونَمَى خَيْرًا

أَي بَلَّغَ خَيْرًا وَرَفَعَ خَيْرًا. قَالَ ابْنُ

ص: 341

الأَثير: قَالَ الْحَرْبِيُّ نَمَّى مُشَدَّدَةٌ وأَكثر الْمُحْدَثِينَ يَقُولُونَهَا مُخَفَّفَةً، قَالَ: وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَكُنْ يَلْحَن، وَمَنْ خَفَّفَ لَزِمَهُ أَن يَقُولَ خَيْرٌ بِالرَّفْعِ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَنْتَصِبُ بنَمَى كَمَا انْتَصَبَ بِقَالَ، وَكِلَاهُمَا عَلَى زَعْمِهِ لَازِمَانِ، وَإِنَّمَا نَمَى مُتَعَدٍّ، يُقَالُ: نَمَيْت الْحَدِيثَ أَي رَفَعْتُهُّ وأَبلغته. ونَمَيْتُ الشيءَ عَلَى الشَّيْءِ: رَفَعْتُهُ عَلَيْهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ رَفَعْتَهُ فَقَدْ نَمَيْته؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

فعَدَّ عمَّا تَرَى، إذْ لَا ارْتِجاعَ لَهُ،

وانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيرانةٍ أُجُدِ

وَلِهَذَا قِيلَ: نَمَى الخِضابُ فِي الْيَدِ وَالشَّعْرِ إِنَّمَا هُوَ ارْتَفَعَ وَعَلَا وَزَادَ فَهُوَ يَنْمِي، وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَن يَنْمُو لُغَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: ونَما الخِضاب ازْدَادَ حُمْرَةً وَسَوَادًا؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَن أَبا زِيَادٍ أَنشده:

يَا حُبَّ لَيْلى، لَا تَغَيَّرْ وازْدَدِ

وانْمُ كَمَا يَنْمُو الخِضابُ فِي اليَدِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ وانْمِ كَمَا يَنْمِي. قَالَ الأَصمعي: التَّنْمِيةُ مِنْ قَوْلِكَ نَمّيت الْحَدِيثَ أُنَمِّيه تَنْمِية بأَن تُبَلِّغ هَذَا عَنْ هَذَا عَلَى وَجْهِ الإِفساد وَالنَّمِيمَةِ، وَهَذِهِ مَذْمُومَةٌ والأُولى مَحْمُودَةٌ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَفْرُق بَيْنَ نَمَيْت مُخَفَّفًا وَبَيْنَ نَمَّيت مُشَدَّدًا بِمَا وَصَفَتْ، قَالَ: وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهل اللُّغَةِ فِيهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقُولُ نَمَيْتُ الحديثَ إِلَى غَيْرِي نَمْياً إِذا أَسندته وَرَفَعْتَهُ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

فَبَيْنا هُمُ يَتّابَعُونَ ليَنْتَمُوا

بِقُذْفِ نِيافٍ مُسْتَقِلٍّ صُخُورُها

أَراد: ليَصْعدُوا إِلَى ذَلِكَ القُذْفِ. ونَمَيْتُه إِلَى أَبيه نَمْياً ونُمِيًّا وأَنْمَيْتُه: عَزَوته وَنَسَبْتُهُ. وانْتَمَى هُوَ إِلَيْهِ: انْتَسَبَ. وَفُلَانٌ يَنْمِي إِلَى حسَبٍ ويَنْتمِي: يَرْتَفِعُ إِلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَن ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبيه أَو انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ

أَي انْتَسَبَ إِلَيْهِمْ وَمَالَ وَصَارَ مَعْرُوفًا بِهِمْ. ونمو

نَمَوْت إليه الحديثَ فأَنا نمو

أَنْمُوه وأَنْمِيه، وَكَذَلِكَ هُوَ نمو

يَنْمُو إِلَى الْحَسَبِ ويَنْمِي، وَيُقَالُ: انْتَمَى فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ إِذَا ارْتَفَعَ إِلَيْهِ فِي النَّسَبِ. ونَمَاه جَدُّه إِذَا رَفع إِلَيْهِ نَسَبَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

نَمَانِي إِلَى العَلْياء كلُّ سَمَيْدَعٍ

وكلُّ ارتفاعٍ انْتِمَاءٌ. يُقَالُ: انْتَمَى فُلَانٌ فَوْقَ الوِسادة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الجعدِي:

إِذَا انْتَمَيَا فوقَ الفِراشِ، عَلاهُما

تَضَوُّعُ رَيّا رِيحِ مِسْكٍ وعَنْبرِ

ونَمَيْتُ فُلَانًا فِي النَّسَبِ أَي رَفَعْتُهُ فانْتَمَى فِي نَسَبِهِ. وتَنَمَّى الشيءُ تَنَمِّياً: ارْتَفَعَ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

فأَصْبَحَ سَيْلُ ذَلِكَ قَدْ تَنَمَّى

إِلَى مَنْ كَانَ مَنْزِلُه يَفاعا

ونَمَّيْت النَّارَ تَنْمِيَةً إِذَا أَلقيت عَلَيْهَا حَطَباً وذكَّيتها بِهِ. ونَمَّيْت النارَ: رفَعتها وأَشبعت وَقودَها. والنَّمَاءُ: الرَّيْعُ. ونَمَى الإِنسانُ: سَمِنَ. والنَّامِيةُ مِنَ الإِبل: السَّمِينةُ. يُقَالُ: نَمَتِ الناقةُ إِذَا سَمِنَتْ. وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ: لَبِعْتُ الفانِيةَ وَاشْتَرَيْتُ النَّامِيَة

أَي لبِعْتُ الهَرمة مِنَ الإِبل وَاشْتَرَيْتُ الفَتِيَّة مِنْهَا. وَنَاقَةٌ نَامِيَةٌ: سمينةٌ، وَقَدْ أَنْمَاها الكَلأُ. ونَمَى الماءُ: طَما. وانْتَمَى الْبَازِيُّ والصَّقْرُ وغيرُهما وتَنَمَّى: ارْتَفَعَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

ص: 342

تَنَمَّى بِهَا اليَعْسُوبُ، حَتَّى أَقَرَّها

إِلى مَأْلَفٍ رَحْبِ المَباءَةِ عاسِلِ

أَي ذِي عَسَل. والنَّامِيةُ: القَضِيبُ الَّذِي عَلَيْهِ العَناقيد، وَقِيلَ: هِيَ عَيْنُ الكَرْم الَّذِي يَتَشَقَّقُ عَنْ وَرَقِهِ وحَبِّه، وَقَدْ أَنْمَى الكَرْمُ. الْمُفَضَّلُ: يُقَالُ للكَرْمة إِنها لِكَثِيرَةُ النَّوَامِي وَهِيَ الأَغصان، وَاحِدَتُهَا نَامِيَةٌ، وإِذا كَانَتِ الكَرْمة كَثِيرَةَ النَّوامي فَهِيَ عاطِبةٌ، والنَّامِيةُ خَلْقُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا تُمَثِّلوا بنامِيَةِ اللَّهِ

أَي بخَلْق اللَّهِ لأَنه يَنْمي، مِنْ نَمى الشيءُ إِذا زَادَ وَارْتَفَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

يَنْمِي صُعُداً

أَي يَرْتَفِعُ وَيَزِيدُ صُعُودًا. وأَنْمَيْتُ الصيدَ فنَمَى يَنْمِي: وَذَلِكَ أَن تَرْمِيَهُ فَتُصِيبُهُ ويذهب عنك فيموت بعد ما يَغيب، ونَمَى هُوَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسَ:

فهْو لَا تَنْمِي رَمِيَّته،

مَا لَهُ؟ لا عُدَّ مِنْ نَفَرِه

ورَمَيْتُ الصيدَ فأَنْمَيْتُه إِذا غَابَ عَنْكَ ثُمَّ مَاتَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن رَجُلًا أَتاه فَقَالَ إِنِّي أرْمي الصيدَ فأُصْمِي وأُنْمِي، فَقَالَ: كلْ مَا أَصْمَيْتَ ودَعْ مَا أَنْمَيْتَ

؛ الإِنْمَاءُ: تَرْمِيَ الصَّيْدَ فَيَغِيبُ عَنْكَ فَيَمُوتُ وَلَا تَرَاهُ وَتَجِدُهُ مَيِّتًا، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا «2» لأَنك لَا تَدْرِي هَلْ مَاتَتْ بِرَمْيِكَ أَو بِشَيْءِ غَيْرِهِ، والإِصْماء: أَن تَرْمِيَهُ فَتَقْتُلَهُ عَلَى الْمَكَانِ بِعَيْنِهِ قَبْلَ أَن يَغِيبَ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ أَكله لأَنه لَا يؤمَن أَن يَكُونَ قَتَلَهُ غَيْرُ سَهْمِهِ الَّذِي رَمَاهُ بِهِ. وَيُقَالُ: أَنْمَيْتُ الرَّمِيَّةَ، فإِن أَردت أَن تَجْعَلَ الْفِعْلَ للرمِيَّةِ نَفْسها قُلْتَ قَدْ نَمَتْ تَنْمِي أَي غَابَتْ وَارْتَفَعَتْ إِلَى حَيْثُ لَا يَرَاهَا الرَّامِي فَمَاتَتْ، وتُعَدِّيه بِالْهَمْزَةِ لَا غَيْرَ فَتَقُولُ أَنْمَيْتُها، مَنْقُولٌ مِنْ نَمَت؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنْشده شَمِرٌ:

وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا صَرْفُ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ:

فَمُخْطِفَةٌ تُنْمِي، ومُوتِغَةٌ تُصْمي «3»

المُخْطِفَةُ: الرَّمْية مِنْ رَمَيات الدَّهْرِ، والمُوتِغَةُ: المُعْنِتَةُ. وَيُقَالُ: أَنْمَيْت لِفُلَانٍ وأَمْدَيْتُ لَهُ وأَمْضَيْتُ لَهُ، وَتَفْسِيرُ هَذَا تَتْرُكُهُ فِي قَلِيلِ الخَطإِ حتى يبلغ أَقصاه فتُعاقِب فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْخَطَأِ فِيهِ عُذْرٌ. والنَّامِي: النَّاجِي؛ قَالَ التَّغْلَبيّ:

وقافِيةٍ كأَنَّ السُّمَّ فِيهَا،

وليسَ سَلِيمُها أَبداً بنَامِي

صَرَفْتُ بِهَا لِسانَ القَوْمِ عَنْكُم،

فخَرَّتْ للسَّنابك والحَوامي

وَقَوْلُ الأَعشى:

لَا يَتَنَمَّى لَهَا فِي القَيْظِ يَهْبِطُها

إلَّا الَّذِينَ لهُمْ، فِيمَا أَتَوْا، مَهَلُ

قَالَ أَبو سَعِيدٍ: لَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنه طلَب مِنَ امرأَته نُمِّيَّةً أَو نَمَامِيَّ لِيَشْتَرِيَ بِهَا عِنَبًا فَلَمْ يجِدْها

؛ النُّمِّيَّةُ: الفَلْسُ، وَجَمْعُهَا نَمَامِيُّ كذُرِّيَّةٍ وذَرارِيّ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ النُّمِّيُّ الفَلْس بِالرُّومِيَّةِ، وَقِيلَ: الدِّرْهَمُ الَّذِي فِيهِ رَصاص أَو نُحاس، وَالْوَاحِدَةُ نُمِّيَّةٌ. وقال: النَّمْءُ ونمو

النِّمْوُ القَمْلُ الصِّغار.

نهي: النَّهْيُ: خِلَافَ الأَمر. نَهاه يَنْهاه نَهْياً فانْتَهى وتَنَاهَى: كَفَّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لزياد بن

(2). قوله [وإنما نهى عنها] أي عن الرمية كما في عبارة النهاية.

(3)

. قوله [وموتغة] أورده في مادة خطف: ومقعصة.

ص: 343

زَيْدٍ الْعُذْرِيِّ:

إِذَا مَا انْتَهَى عِلْمي تَنَاهَيْتُ عندَه،

أَطالَ فأَمْلى، أَو تَنَاهَى فأَقْصَرا

وَقَالَ فِي الْمُعْتَلِّ بالأَلف: نَهَوْته عَنِ الأَمر بِمَعْنَى نَهيْته. ونَفْسٌ نَهاةٌ: مُنْتَهِيَةٌ عَنِ الشَّيْءِ. وتَناهَوْا عَنِ الأَمر وَعَنِ الْمُنْكَرِ: نَهى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كانُوا لَا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ

؛ وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ يَنْتَهُونَ.، ونَهَيْته عَنْ كَذَا فانْتَهَى عَنْهُ؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

فَنَهَّاكَ عَنْهَا مَنْكَرٌ ونَكِيرُ

إِنَّمَا شدَّده لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي حَدِيثِ قِيَامِ اللَّيْلِ:

هُوَ قُرْبةٌ إِلَى اللَّهِ ومَنْهَاةٌ عَنِ الْآثَامِ

أَي حَالَةٌ مِنْ شأْنها أَن تَنْهى عَنِ الإِثم، أَو هِيَ مَكَانٌ مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ، وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ النَّهْيِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:

سُمَيَّةَ وَدِّعْ، إنْ تجَهزْتَ غادِيا،

كَفَى الشَّيْبُ والإِسْلامُ للمَرْءِ ناهِيا

فَالْقَوْلُ أَن يَكُونَ نَاهِيًا اسمَ الْفَاعِلِ مِنْ نَهَيْتُ كساعٍ مِنْ سَعَيْتُ وشارٍ مِنْ شَرَيْت، وَقَدْ يَجُوزُ مَعَ هَذَا أَن يَكُونَ نَاهِيًا مَصْدَرًا هُنَا كالفالجِ وَنَحْوِهِ مِمَّا جَاءَ فِيهِ الْمَصْدَرُ عَلَى فاعِل حَتَّى كأَنه قَالَ: كَفَى الشَّيْبُ والإِسلام لِلْمَرْءِ نَهْياً ورَدْعاً أَي ذَا نَهْيٍ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ وعُلِّقت اللَّامُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَلَا تَكُونُ عَلَى هَذَا مَعَلَّقة بِنَفْسِ النَّاهِي لأَن الْمَصْدَرَ لَا يَتَقَدَّمُ شَيْءٌ مِنْ صِلَتِهِ عَلَيْهِ، وَالِاسْمُ النُّهْيَةُ. وَفُلَانٌ نَهِيُّ فُلَانٍ أَي يَنْهاه. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لأَمُورٌ بِالْمَعْرُوفِ ونَهُوٌّ عَنِ الْمُنْكَرِ، عَلَى فَعَوْلٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَ قِيَاسُهُ أَن يُقَالَ نَهيٌّ لأَن الْوَاوَ وَالْيَاءَ إِذَا اجْتَمَعَتَا وَسَبَقَ الأَوّل بِالسُّكُونِ قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً، قَالَ: وَمِثْلَ هَذَا فِي الشُّذُوذِ قَوْلُهُمْ فِي جَمْعِ فَتًى فُتُوٌّ. وَفُلَانٌ مَا لَهُ نَاهِيَةٌ أَي نَهْيٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: اسْتَنْهَيْتُ فُلَانًا عَنْ نَفْسِهِ فأَبى أَن يَنْتَهِيَ عَنْ مَساءَتي. واستَنْهَيْتُ فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ إِذَا قلتَ لَهُ انْهَهُ عنِّي. وَيُقَالُ: مَا يَنْهاه عَنَّا ناهِيةٌ أَي مَا يَكُفُّه عَنَّا كافَّةٌ. الْكِلَابِيُّ: يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ إِذَا وَلِيتَ وِلاية فانْهِ أَي كُفَّ عَنِ القَبيحِ، قَالَ: وانْهِ بِمَعْنَى انْتَهِ، قَالَهُ بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَإِذَا وَقَفَ قَالَ فانْهِهْ أَي كُفَّ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: مَرَرْت بِرَجُلٍ «1» كَفاكَ بِهِ، وَمَرَرْتُ بِرَجُلَيْنِ كَفَاكَ بِهِمَا، وَمَرَرْتُ بِرِجَالٍ كَفَاكَ بِهِمْ، وَمَرَرْتُ بامرأَة كَفَاكَ بِهَا، وبامرأَتين كَفَاكَ بِهِمَا، وَبِنِسْوَةٍ كَفَاكَ بهنَّ، وَلَا تُثَنِّ كَفَاكَ وَلَا تَجْمَعْهُ وَلَا تُؤَنِّثْهُ لأَنه فِعْلٌ لِلْبَاءِ. وَفُلَانٌ يَرْكَبُ المَناهِيَ أَي يأْتي مَا نُهِيَ عَنْهُ. والنُّهْيَةُ والنِّهَايَة: غَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ وَآخِرُهُ، وَذَلِكَ لأَن آخِرَهُ يَنْهاه عَنِ التَّمَادِي فَيَرْتَدِعُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

رَمَيْناهُمُ، حَتَّى إِذَا ارْبَثَّ جَمْعُهُمْ،

وعادَ الرَّصيعُ نُهْيَةً للحَمائِل

يَقُولُ: انْهَزَموا حَتَّى انقلبت سيوفُهن فَعَادَ الرَّصِيعُ عَلَى حَيْثُ كَانَتِ الْحَمَائِلُ، والرصيعُ: جَمْعُ رَصِيعَةٍ، وَهِيَ سَيْرٌ مَضْفُورٌ، وَيُرْوَى الرُّصُوع، وَهَذَا مَثَلٌ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ. والنُّهْيَةُ: حَيْثُ انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرُّصُوع، وَهِيَ سُيُورٌ تُضْفَرُ بَيْنَ حِمالة السَّيْفِ وجَفْنِه. والنِّهَايَةُ: كَالْغَايَةِ حَيْثُ يَنْتَهِي إِلَيْهِ الشَّيْءُ، وَهُوَ النِّهَاء، مَمْدُودٌ. يُقَالُ: بلَغَ نِهايَتَه. وانْتَهَى الشيءُ وتَنَاهَى ونَهَّى: بَلَغَ نِهايَتَه؛ وَقَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:

ثُمَّ انْتَهَى بَصَري عَنْهُمْ، وَقَدْ بَلَغُوا،

بَطْنَ المَخِيمِ، فَقَالُوا الجَوّ أَوْ راحوا

(1). قوله [أَبُو بَكْرٍ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ إلخ] كذا في الأصل ولا مناسبة له هنا.

ص: 344

أَراد انْقَطَعَ عَنْهُمْ، وَلِذَلِكَ عدَّاه بِعَنْ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: إِليك نَهَّى المَثَلُ وأَنْهَى وانْتَهَى ونُهِّي وأُنْهِي ونَهَى، خَفِيفَةٌ، قَالَ: ونَهَى خَفِيفَةٌ قَلِيلَةٌ، قَالَ: وَقَالَ أَبو جَعْفَرٍ لَمْ أَسمع أَحداً يَقُولُ بِالتَّخْفِيفِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ مِنْ ساعةٍ أَقْرَب إِلى اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ جوفُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَصَلِّ حَتَّى تُصبِح ثُمَّ أَنْهِهْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ

أَنْهِهْ

بِمَعْنَى انْتَهِ. وَقَدْ أَنْهَى الرجلُ إِذا انْتَهَى، فإِذا أَمرت قُلْتَ أَنْهِهْ، فَتَزِيدَ الْهَاءَ لِلسَّكْتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ؛ فأَجرى الْوَصْلَ مُجرَى الْوَقْفِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ سِدْرة المُنْتَهى أَي يُنْتَهى ويُبْلَغ بِالْوُصُولِ إِليها وَلَا تُتجاوز، وَهُوَ مُفْتَعَلٌ مِنَ النِّهَايَة الْغَايَةِ. والنِّهَايَة: طَرَفُ العِران الَّذِي فِي أَنف الْبَعِيرِ وَذَلِكَ لِانْتِهَائِهِ. أَبو سَعِيدٍ: النِّهَايَة الْخَشَبَةُ الَّتِي تُحْمل عَلَيْهَا الأَحمال، قَالَ: وسأَلت الأَعراب عَنِ الْخَشَبَةِ الَّتِي تُدْعَى بِالْفَارِسِيَّةِ بَاهَوْا، فَقَالُوا: النِّهَايَتَانِ والعاضِدَتانِ والحامِلَتان. والنَّهْي والنِّهْي: الْمَوْضِعُ الَّذِي لَهُ حَاجِزٌ يَنْهَى الْمَاءَ أَن يَفِيض مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ الغديِر فِي لُغَةِ أَهل نَجْدٍ؛ قَالَ:

ظَلَّتْ بِنِهْي البَرَدانِ تَغْتَسِلْ،

تَشْرَبُ مِنْهُ نَهِلاتٍ وتَعِلّ

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمَعْن بْنِ أَوس:

تَشُجُّ بِيَ العَوْجاءُ كلَّ تَنُوفَةٍ،

كأَنَّ لَهَا بَوًّا بِنَهْيٍ تُغاوِلُهْ

وَالْجَمْعُ أَنْهٍ وأَنْهَاءٌ ونُهِيٌّ ونِهَاء؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:

ويَأْكُلْنَ مَا أَغْنَى الوَليُّ فَلْم يُلِتْ،

كأَنَّ بِحافاتِ النِّهَاءِ المَزارِعا

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أَتَى عَلَى نِهْيٍ مِنْ مَاءٍ

؛ النِّهْيُ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: الْغَدِيرُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ مَسْعُودٍ: لَوْ مَرَرْتُ عَلَى نِهْيٍ نصفُه ماءٌ ونصفُه دَمٌ لشربتُ مِنْهُ وتوضأْت.

وتَنَاهَى الماءُ إِذا وَقَفَ فِي الْغَدِيرِ وَسَكَنَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

حَتَّى تَنَاهَى فِي صَهارِيج الصَّفا،

خالَطَ مِنْ سَلْمَى خَياشِيمَ وَفا

الأَزهري: النِّهْيُ الْغَدِيرُ حَيْثُ يَتَحيَّر السيلُ فِي الْغَدِيرِ فيُوسِعُ، وَالْجَمْعُ النِّهَاء، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ نِهْيٌ، وبعضٌ يَقُولُ تَنْهِيَةٌ. والنِّهَاء أَيضاً: أَصغر مَحابِس الْمَطَرِ وأَصله مِنْ ذَلِكَ. والتَّنْهَاةُ والتَّنْهِيَةُ: حَيْثُ يَنْتَهِي الماءُ مِنَ الْوَادِي، وَهِيَ أَحد الأَسماء الَّتِي جَاءَتْ عَلَى تَفْعِلة، وإِنما بَابُ التَّفْعِلة أَن يَكُونَ مَصْدَرًا، وَالْجَمْعُ التَّنَاهِي. وتَنْهِيَةُ الْوَادِي: حَيْثُ يَنْتَهِي إِليه الماءُ مِنْ حُرُوفِهِ. والإِنْهَاء: الإِبلاغ. وأَنْهَيْتُ إِليه الخَبَر فانْتَهَى وتَنَاهَى أَي بلَغ. وَتَقُولُ: أَنْهَيْتُ إِليه السَّهْمَ أَي أَوصلته إِليه. وأَنْهَيْتُ إِليه الكتابَ والرِّسالة. اللِّحْيَانِيُّ: بَلَغْتُ مَنْهَى فُلَانٍ ومَنْهَاتَه ومُنْهَاه ومُنْهَاتَه. وأَنْهَى الشيءَ: أَبلغه. وَنَاقَةٌ نَهِيَّةٌ: بَلَغَتْ غَايَةَ السِّمَن، هَذَا هُوَ الأَصل ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ لِكُلِّ سَمِينٍ مِنَ الذُّكُورِ والإِناث، إِلا أَن ذَلِكَ إِنما هُوَ فِي الأَنْعام؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

سَوْلاءُ مَسْكُ فارِضٍ نَهِيِّ

مِن الكِباشِ زَمِرٍ خَصِيِ

وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: وَاللَّهِ لَلْخُبْزُ أَحبُّ إِليَّ مِنْ جَزُورٍ نَهِيَّة فِي غَدَاةٍ عَرِيَّة. ونُهْيَةُ الوَتِد: الفُرْضَةُ الَّتِي فِي رأْسه تَنْهَى الحبلَ أَن يَنْسلخ. ونُهْيَة كُلِّ شَيْءٍ: غايَته.

ص: 345

والنُّهَى: العَقْل، يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى. *

والنُّهْيَةُ: الْعَقْلُ، بِالضَّمِّ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَنْهَى عَنِ الْقَبِيحِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للخَنساء:

فَتًى كَانَ ذَا حِلْمٍ أَصِيلٍ ونُهْيَةٍ،

إِذا مَا الحُبَا مِن طائِفِ الجَهْل حُلَّتِ

وَمِنْ هُنَا اخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَن يَكُونَ النُّهَى جَمْعَ نُهْيَةٍ، وَقَدْ صَرَّحَ اللِّحْيَانِيُّ بأَن النُّهَى جَمْعُ نُهْيَة فأَغْنَى عَنِ التأْويل. وَفِي الْحَدِيثِ:

لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولو الأَحلام والنُّهَى

؛ هِيَ الْعُقُولُ والأَلباب. وَفِي حَدِيثِ

أَبي وَائِلٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَن التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ

أَي ذُو عَقْلٍ. والنِّهَايَة والمَنْهَاة: الْعَقْلُ كالنُّهْية. وَرَجُلٌ مَنْهَاةٌ: عاقلٌ حَسَنُ الرأْي؛ عَنْ أَبي الْعَمَيْثَلِ. وَقَدْ نَهُو مَا شَاءَ فَهُوَ نَهِيٌّ، مِنْ قَوْمٍ أَنْهِيَاء: كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْعَقْلِ. وَفُلَانٌ ذُو نُهْيَةٍ أَي ذُو عَقْلٍ يَنْتَهِي بِهِ عَنِ الْقَبَائِحِ وَيَدْخُلُ فِي الْمَحَاسِنِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: ذُو النُّهْيَةِ الَّذِي يُنْتَهَى إِلى رأْيه وَعَقْلِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ نَهِيٌّ مِنْ قَوْمٍ أَنْهِيَاء، ونَهٍ مِنْ قَوْمٍ نَهِينَ، ونِهٍ عَلَى الإِتباع، كُلُّ ذَلِكَ مُتَناهي الْعَقْلِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ قِيَاسُ النَّحْوِيِّينَ فِي حُرُوفِ الْحَلْقِ، كَقَوْلِكَ فِخِذ فِي فَخِذ وصِعِق فِي صَعِق، قَالَ: وَسُمِّيَ الْعَقْلُ نُهْيَةً لأَنه يُنْتَهى إِلى مَا أَمَر بِهِ وَلَا يُعْدى أَمْرُه. وَفِي قَوْلِهِمْ: نَاهِيكَ بِفُلَانٍ مَعْنَاهُ كافِيكَ بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ قَدْ نَهَى الرجلُ مِنَ اللَّحْمِ وأَنْهَى إِذا اكْتَفى مِنْهُ وشَبِع؛ قَالَ:

يَمْشُونَ دُسْماً حَوْلَ قُبَّتِهِ،

يَنْهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وعَنْ شُرْب

فَمَعْنَى يَنْهَوْن يَشْبَعُونَ وَيَكْتَفُونَ؛ وَقَالَ آخَرُ:

لَوْ كانَ مَا واحِداً هَواكِ لقدْ

أَنْهَى، ولكنْ هَواكِ مُشْتَرَكُ

وَرَجُلٌ نَهْيُكَ مِن رَجُلٍ، ونَاهِيك مِنْ رَجُلٍ، ونَهَاكَ مِنْ رجلٍ أَي كَافِيكَ مِنْ رَجُلٍ، كلُّه بِمَعْنًى: حَسْب، وتأْويله أَنه بجِدِّه وغَنائه يَنْهاكَ عَنْ تَطَلُّب غَيْرِهِ؛ وَقَالَ:

هُوَ الشَّيخُ الَّذِي حُدِّثْتَ عنهُ،

نَهَاكَ الشَّيْخُ مَكْرُمةً وفَخْرا

وَهَذِهِ امرأَةٌ نَاهِيَتُك مِنِ امرأَة، تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَتُثَنَّى وَتُجْمَعُ لأَنه اسْمُ فَاعِلٍ، وإِذا قُلْتَ نَهْيُك مِنْ رَجُلٍ كَمَا تَقُولُ حَسْبُك مِنْ رَجُلٍ لَمْ تُثَنَّ وَلَمْ تُجْمَعْ لأَنه مَصْدَرٌ. وَتَقُولُ فِي الْمَعْرِفَةِ: هَذَا عبدُ اللَّهِ ناهِيَك مِنْ رَجُلٍ فَتَنْصِبُهُ عَلَى الْحَالِ. وجَزُورٌ نَهِيَّةٌ، عَلَى فَعِيلة، أَي ضَخْمَةٌ سَمِينَةٌ. ونِهاءُ النَّهَارِ: ارتفاعُه قرابَ نِصْفِ النَّهَارِ. وَهُمْ نُهاءُ مِائَةٍ ونِهاء مِائَةٍ أَي قَدْرُ مِائَةٍ كَقَوْلِكَ زُهاء مِائَةٍ. والنُّهاء: الْقَوَارِيرُ «2» ، قِيلَ: لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهُ نَهاءَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقِيلَ: هُوَ الزُّجَاج عَامَّةً؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:

تَرُضُّ الحَصى أَخْفافُهُنَّ كأَنما

يُكَسَّرُ قَيْضٌ، بَيْنها، ونُهَاءُ

قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النُّهَا الزُّجَاج، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ: تَرُدُّ الْحَصَى أَخفافُهن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي تَرُضُّ الْحَصَى، وَرَوَاهُ النِّهَاء، بِكَسْرِ النُّونِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع النِّهاء مَكْسُورَ الأَول إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وروايته

(2). قوله [والنُّهَاء القوارير وقوله والنُّهَاء حجر إلخ] هكذا ضبطا في الأصل ونسخة من المحكم، وفي القاموس: أنهما ككساء.

ص: 346

نِهَاء، بِكَسْرِ النُّونِ، جَمْعُ نَهَاة الوَدْعة، قَالَ: وَيُرْوَى بِفَتْحِ النُّونِ أَيضاً جَمْعُ نَهَاة، جَمْعُ الْجِنْسِ، وَمَدُّهُ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ. قَالَ: وَقَالَ الْقَالِي النُّهَاء، بِضَمِّ أَوله، الزُّجَاجُ، وأَنشد الْبَيْتَ الْمُتَقَدِّمَ، قَالَ: وَهُوَ لعُتَيّ بْنِ مَالِكٍ؛ وَقَبْلَهُ:

ذَرَعْنَ بِنَا عُرْضَ الفَلاةِ، وَمَا لَنا

عَلَيْهِنَّ إِلَّا وَخْدَهُن سِقاء

والنُّهاء: حَجَرٌ أَبيض أَرخى مِنَ الرُّخام يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ ويُجاء بِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وَاحِدَتُهُ نُهَاءَةٌ. والنُّهَاء: دَوَاءٌ «1» يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ يَتَعَالَجُونَ بِهِ وَيَشْرَبُونَهُ. والنَّهَى: ضَرْبٌ مِنَ الخَرَز، وَاحِدَتُهُ نَهاةٌ. والنَّهاة أَيضاً: الودْعَة، وَجَمْعُهَا نَهًى، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ النِّهَاء مَمْدُودٌ. ونُهَاء الْمَاءِ، بِالضَّمِّ: ارْتِفَاعُهُ. ونَهَاةُ: فَرَسُ لَاحِقِ بْنِ جَرِيرٍ. وَطَلَبَ حَاجَةً حَتَّى أَنْهَى عَنْهَا ونَهِيَ عَنْهَا، بِالْكَسْرِ، أَي تَرَكَهَا ظَفِرَ بِهَا أَو لَمْ يَظْفَر. وحَوْلَه مِنَ الأَصوات نُهْيَةٌ أَي شُغْلٌ. وذهبَتْ تَمِيمُ فَمَا تُسْهى وَلَا تُنْهى أَي لَا تُذكر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ونِهْيَا اسْمُ مَاءٍ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَقَالَ لِي أَبو الْوَفَاءِ الأَعرابي نَهَيا، وإِنما حرَّكها لِمَكَانِ حَرْفِ الْحَلْقِ قَالَ لأَنه أَنشدني بَيْتًا مِنَ الطَّوِيلِ لَا يَتَّزِنُ إِلّا بنَهْيَا سَاكِنَةَ الْهَاءِ، أَذكر مِنْهُ: إِلى أَهْلِ نَهْيا، وَاللَّهُ أَعلم.

نوي: نَوى الشيءَ نِيَّةً ونِيَةً، بِالتَّخْفِيفِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَحْدَهُ، وَهُوَ نَادِرٌ، إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى الْحَذْفِ، وانْتَوَاه كِلَاهُمَا: قَصَدَهُ وَاعْتَقَدَهُ. ونَوَى المنزلَ وانْتَوَاه كَذَلِكَ. والنِّيَّةُ: الْوَجْهُ يُذْهَب فِيهِ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:

إِنَّكَ أَنْتَ المَحْزُونُ فِي أَثَرِ

الْحَيِّ، فإِنْ تَنْوِ نِيَّهُم تُقِمِ

قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: نِيٌّ جَمْعُ نِيَّة، وَهَذَا نَادِرٌ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ نِيّ كنِيَّة. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُلْتُ لِلْمُفَضَّلِ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْبَيْتِ؟ يَعْنِي بَيْتَ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ، قَالَ: فِيهِ مَعْنَيَانِ: أَحدهما يَقُولُ قَدْ نَوَوْا فِراقَك فإِن تَنْوِ كَمَا نَوَوْا تُقِمْ فَلَا تَطْلُبْهُمْ، وَالثَّانِي قَدْ نَوَوا السفَر فإِن تَنْوِ كَمَا نَوَوْا تُقِمْ صدورَ الإِبل فِي طَلَبِهِمْ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:

أَقِمْ لَهَا صُدُورَها يَا بَسْبَس

الْجَوْهَرِيُّ: والنِّيَّة والنَّوَى الوجهُ الَّذِي يَنْويهِ المسافرُ مِنْ قُرْبٍ أَو بُعد، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَا غَيْرَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ:

وَمَا جَمَعَتْنا نِيَّة قبْلَها مَعًا

قَالَ: وَشَاهِدُ النَّوَى قَوْلُ مُعَقِّر بْنِ حِمَارِ:

فأَلْقَتْ عَصاها واسْتقَرَّ بِهَا النَّوَى،

كَمَا قَرَّ عَيْناً بالإِيابِ المُسافِرُ

والنِّيَّة والنَّوَى جَمِيعًا: البُعْد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

عَدَتْهُ نِيَّةٌ عَنْهَا قَذوف

والنَّوَى: الدَّارُ. والنَّوَى: التحوُّل مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ آخَرَ أَو مِنْ دَارٍ إِلى دَارٍ غَيْرِهَا كَمَا تَنْتَوي الأَعرابُ فِي بَادِيَتِهَا، كُلُّ ذَلِكَ أُنْثى. وانْتَوَى القومُ إِذا انْتَقَلُوا مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وانْتَوَى القومُ مَنْزِلًا بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا واستقرَّت نَواهم أَي أَقاموا. وَفِي حَدِيثِ

عُرْوَةَ فِي المرأَة الْبَدَوِيَّةِ يُتَوفى عَنْهَا زوجُها: أَنها تَنْتَوِي حَيْثُ انْتَوَى أَهلُها

أَي تَنْتَقِلُ وتتحوّل؛ وقول الطرماح:

(1). قوله [والنُّهَاء دواء] كذا ضبط في الأصل والمحكم، وصرح الصاغاني فيه بالضم وانفرد القاموس بضبطه بالكسر.

ص: 347

آذَنَ النَّاوِي ببَيْنُونةٍ،

ظَلْتُ منْها كمُرِيغِ المُدام

النَّاوِي: الَّذِي أَزْمَعَ عَلَى التحوُّل. والنَّوَى: النِّيَّة وَهِيَ النِّيَة، مُخَفَّفَةٌ، وَمَعْنَاهَا الْقَصْدُ لِبَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي أَنت فِيهِ مُقِيمٌ. وَفُلَانٌ يَنْوِي وَجْهَ كَذَا أَي يَقْصِدُهُ مِنْ سَفَرٍ أَو عَمَلٍ. والنَّوَى: الوجهُ الَّذِي تَقْصِدُهُ. التَّهْذِيبِ: وَقَالَ أَعرابي مِنْ بَنِي سُليم لِابْنٍ لَهُ سَمَّاهُ إِبراهيم نَاوَيْتُ بِهِ إِبراهيمَ أَي قَصَدْتُ قَصْدَه فتبرَّكت بِاسْمِهِ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: ومَنْ يَنْوِ الدُّنْيَا تُعْجِزْه

أَي مَنْ يَسْعَ لَهَا يَخِبْ، يُقَالُ: نَوَيْتُ الشيءَ إِذا جَدَدْتَ فِي طَلَبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نِيَّةُ الرَّجُلِ خَيرٌ مِنْ عَمَلِهِ

، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ

لِقَوْلِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَوَى حَسَنَةً فَلَمْ يَعْملها كُتِبت لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ عَمِلَها كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا

؛ وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ

نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ

أَنه يَنْوي الإِيمان مَا بَقِيَ، وَيَنْوِي الْعَمَلَ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ مَا بَقِيَ، وإِنما يُخَلِّدُهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ لَا بِعَمَلِهِ، أَلا تَرَى أَنه إِذا آمَنَ «1» وَنَوَى الثَّبَاتَ عَلَى الإِيمان وأَداء الطَّاعَاتِ ما بقيت وَلَوْ عَاشَ مِائَةَ سَنَةً يَعْمَلُ الطَّاعَاتِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِيهَا أَنه يَعْمَلُهَا لِلَّهِ فَهُوَ فِي النَّارِ؟ فَالنِّيَّةُ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَهِيَ تَنْفَعُ النَّاوِيَ وإِن لَمْ يَعْمَلِ الأَعمال، وأَداؤها لَا يَنْفَعُهُ دُونَهَا، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ

نِيَّة الرَّجُلِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.

وَفُلَانٌ نَواكَ ونِيَّتُك ونَواتُك؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

صَرَمَتْ أُمَيْمَةُ خُلَّتي وصِلاتي،

ونَوَتْ ولَمَّا تَنْتَوِي كنَوَاتِي

الْجَوْهَرِيُّ: نَوَيْتُ نِيَّةً ونَواةً أَي عَزَمْتُ، وانْتَوَيْتُ مِثْلُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

ونَوَتْ ولَمَّا تَنْتَوِي كنَوَاتِي

قَالَ: يَقُولُ لَمْ تَنْوِ فِيَّ كَمَا نَوَيْتُ فِي مَوَدَّتِهَا، وَيُرْوَى: وَلَمَّا تَنْتَوِي بنَوَاتِي أَي لَمْ تَقْضِ حَاجَتِي؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِقَيْسِ بْنُ الْخَطِيمِ:

وَلَمْ أَرَ كامْرِئٍ يَدْنُو لخَسْفٍ،

لَهُ فِي الأَرض سَيْرٌ وانْتِوَاءُ

وَحَكَى أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ عَنِ أَبي الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٍ أَن الرِّيَاشَيَّ أَنشده لمُؤرِّج:

وفَارَقْتُ حَتَّى لَا أُبالي مَنِ انْتَوَى،

وإِنْ بانَ جيرانٌ عَليَّ كِرامُ

وَقَدْ جَعَلَتْ نَفْسي عَلَى النَّأْي تَنْطوي،

وعَيْني عَلَى فَقْدِ الحبيبِ تَنامُ

يُقَالُ: نَوَاه بنَوَاتِه أَي ردَّه بِحَاجَتِهِ وَقَضَاهَا لَهُ. وَيُقَالُ: لِي فِي بَنِي فُلَانٍ نَوَاةٌ ونِيَّةٌ أَي حَاجَةٌ. والنِّيَّةُ والنَّوَى: الْوَجْهُ الَّذِي تُرِيدُهُ وتَنْويه. وَرَجُلٌ مَنْوِيٌّ «2» ونِيَّةٌ مَنْوِيَّةٌ إِذا كَانَ يُصِيبُ النُّجْعة الْمَحْمُودَةَ. وأَنْوَى الرجلُ إِذا كَثُرَ أَسفاره. وأَنْوَى إِذا تَبَاعَدَ. والنَّوِيُّ: الرَّفِيقُ، وَقِيلَ: الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ خَاصَّةً. ونَوَّيْتُه تَنْوِيَةً أَي وَكَلْتُه إِلى نِيَّتِه. ونَوِيُّك: صاحبُك الَّذِي نِيَّتُهُ نِيَّتُكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَقَدْ عَلِمْت، إِذ دُكَيْنٌ لِي نَوِي،

أَنَّ الشَّقِيَّ يَنْتَحي لَهُ الشَّقِي

وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ نَوِيُّ الْقَوْمِ ونَاوِيهِمْ ومُنْتَويهم أَي صَاحِبُ أَمرهم ورأْيهم. ونَوَاهُ اللهُ: حَفِظَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. التَّهْذِيبُ:

(1). قوله [أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا آمن إلخ] هكذا في الأصل، ولعله سقط من قلم الناسخ جواب هذه الجملة، والأصل والله أعلم: فهو في الجنة ولو عاش إلخ.

(2)

. قوله [ورجل منوي إلخ] هكذا في الأصل.

ص: 348

قَالَ الْفَرَّاءُ نَوَاكَ اللَّهُ أَيْ حَفِظَكَ اللَّهُ؛ وأَنشد:

يَا عَمْرو أَحسِنْ، نَواكَ اللهُ بالرَّشَدِ،

واقْرا السلامَ عَلَى الأَنْقاءِ والثَّمَدِ

وَفِي الصِّحَاحِ: عَلَى الذَّلفاء بالثَمد. الْفَرَّاءُ: نَوَاه اللهُ أَي صَحِبه اللهُ فِي سَفَرِهِ وحَفِظه، وَيَكُونُ حَفِظَه اللَّهُ. والنَّوَى: الْحَاجَةُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي الرَّجُلِ يُعْرفُ بِالصِّدْقِ يُضْطَرُّ إِلى الْكَذِبِ قَوْلُهُمْ: عِنْدَ النَّوى يَكْذِبُك الصادِقُ، وَذَكَرَ قِصَّةَ الْعَبْدِ الَّذِي خُوطِرَ صاحِبُه عَلَى كَذِبه، قَالَ: والنَّوَى هَاهُنَا مَسِيرُ الحيِّ مُتَحَوِّلين مِنْ دَارٍ إِلى أُخرى. والنَّوَاةُ: عَجَمةُ التَّمر وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهِمَا. والنَّوَاةُ: مَا نَبَتَ عَلَى النَّوى كالجَثيثة النَّابِتَةِ عَنْ نَواها، رَوَاهَا أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ نَوًى ونُوِيٌّ ونِوِيٌّ، وأَنْوَاء جَمْعُ نَوًى؛ قَالَ مَلِيحٌ الْهُذَلِيُّ:

مُنِيرٌ تَجُوزُ العِيسُ، مِن بَطِناتِه،

حَصًى مِثْلَ أَنْوَاء الرَّضِيخِ المُفَلَّقِ

وتقول: ثلاث نَوَياتٍ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: أَنه لَقَطَ نَوَياتٍ مِنَ الطَّرِيقِ فأَمْسَكَها بِيَدِهِ حَتَّى مَرَّ بِدَارِ قَوْمٍ فأَلقاها فِيهَا وَقَالَ تأْكله داجِنَتُهم.

والنَّوَى: جَمْعُ نَوَاة التَّمْرِ، وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وأَكلت التَّمْرَ ونَوَيْت النَّوى وأَنْوَيْتُه: رَمَيْتُهُ. ونَوَّتِ البُسْرةُ وأَنْوَتْ: عَقَدَ نَواها. غَيْرُهُ: نَوَيْتُ النَّوَى وأَنْوَيْتُه أَكلت التَّمْرَ وَجَمَعْتُ نَواهُ. وأَنْوَى ونَوَّى ونَوَى إِذا أَلقى النَّوَى. وأَنْوَى ونَوَى ونَوَّى: مِنَ النِّيَّةِ، وأَنْوَى ونَوَّى فِي السَّفَرِ، ونَوَتِ الناقةُ تَنْوِي نَيّاً ونَوَايةً ونِوَايَةً، فَهِيَ نَاوِيَةٌ، مِنْ نُوق نِواء: سَمِنَت، وَكَذَلِكَ الْجَمَلُ وَالرَّجُلُ والمرأَة وَالْفَرَسُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

أَو كالمُكَسَّرِ لَا تَؤُوبُ جِيادُه

إِلَّا غَوانِمَ، وهْيَ غَيْرُ نِواء

وَقَدْ أَنْوَاها السِّمَنُ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ النِّيُّ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ، رضي الله عنهما:

أَلا يَا حَمْزَ للشُّرُفِ النِّوَاء

قَالَ: النِّوَاءُ السِّمانُ. وجَمل نَاوٍ وجِمال نِوَاءٌ، مِثْلُ جائعٍ وجِياعٍ، وإِبل نَوَوِيَّةٌ إِذا كَانَتْ تأْكل النَّوى. قَالَ أَبو الدُّقَيْش: النِّيُّ الِاسْمُ، وَهُوَ الشَّحم، والنَّيُّ هُوَ الْفِعْلُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: النِّيُّ ذُو النَّيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: النِّيُّ اللَّحْمُ، بِكَسْرِ النُّونِ، والنَّيُّ الشَّحمُ. ابْنُ الأَنباري: النَّيُّ الشَّحْم، مِنْ نَوَت الناقةُ إِذا سَمِنَتْ. قَالَ: والنِّيءُ، بِكَسْرِ النُّونِ وَالْهَمْزِ، اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يَنْضَجْ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّيُّ الشَّحْمُ وأَصله نَوْيٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

قَصَرَ الصَّبُوحَ لهَا فشَرَّجَ لَحْمَها

بالنَّيِّ، فَهْيَ تَثُوخُ فِيهَا الإِصْبَعُ «1»

وَرُوِيَ: تَثُوخُ فِيهِ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ يَعُودُ عَلَى لَحْمِهَا، تَقْدِيرُهُ فَهِيَ تَثُوخُ الإِصْبَع فِي لَحْمها، وَلَمَّا كَانَ الضَّمِيرُ يَقُومُ مَقَامَ لَحْمِهَا أَغنى عَنِ الْعَائِدِ الَّذِي يَعُودُ عَلَى هِيَ، قَالَ: وَمِثْلُهُ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ قَائِمٍ أَبواه لَا قَاعِدِينَ، يُرِيدُ لَا قَاعِدَيْنِ أَبواه، فَقَدِ اشْتَمَلَ الضَّمِيرُ فِي قَاعِدِينَ عَلَى ضَمِيرِ الرَّجُلِ، وَاللَّهُ أَعلم. الْجَوْهَرِيُّ: وَنَاَوَاهُ أَي عَادَاهُ، وأَصله الْهَمْزُ لأَنه مِنْ النَّوْء وَهُوَ النُّهُوض. وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ:

ورَجلٌ رَبَطها رِياءً ونِوَاءً

أَي مُعاداةً لأَهل الإِسلام، وأَصلها الهمز.

(1). قوله [فشرج إلخ] هذا الضبط هو الصواب وما وقع في شرج وثوخ خلف.

ص: 349