المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وخَضْخَضْنَ فِينَا البَحْرَ، حَتَّى قَطَعْنَه … عَلَى كلِّ حَالٍ مِنْ - لسان العرب - جـ ١٥

[ابن منظور]

الفصل: وخَضْخَضْنَ فِينَا البَحْرَ، حَتَّى قَطَعْنَه … عَلَى كلِّ حَالٍ مِنْ

وخَضْخَضْنَ فِينَا البَحْرَ، حَتَّى قَطَعْنَه

عَلَى كلِّ حَالٍ مِنْ غِمارٍ وَمِنْ وَحَلْ

قَالَ: أَراد بِنَا، وَقَدْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي فِي سَيْرنا، وَمَعْنَاهُ فِي سَيْرهِنَّ بِنَا؛ وَمِثْلُ قَوْلِهِ:

كأَنَّ ثِيَابَهُ فِي سَرْحَةٍ

وَقَوْلُ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ:

هُمُو صَلَبُوا العَبْديَّ فِي جِذْعِ نَخْلةٍ،

فَلَا عَطَسَت شَيْبانُ إِلا بأَجْدَعا

أَي عَلَى جِذع نَخْلَةٍ؛ وأَما قَوْلُهُ:

وَهَلْ يَعِمَنْ مَن كَانَ أَقْرَبُ عَهْدِه

ثلاثِين شَهْراً فِي ثَلَاثَةِ أَحْوالِ؟

فَقَالُوا: أَراد مَعَ ثَلَاثَةِ أَحوال، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَطَرِيقُهُ عِنْدِي أَنه عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، يُرِيدُونَ ثَلَاثِينَ شَهْرًا فِي عَقِبِ ثَلَاثَةِ أَحوال قَبْلَهَا، وَتَفْسِيرُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَحوال؛ فأَما قَوْلُهُ:

يَعْثُرْنَ فِي حَدِّ الظُّباتِ كأَنما

كُسِيَتْ، بُرود بَنِي تَزيدَ، الأَذْرُعُ

فإِنما أَراد يَعْثُرْنَ بالأَرض فِي حَدِّ الظُّبَاتِ أَي وَهُنَّ فِي حَدِّ الظُّبَاتِ، كَقَوْلِهِ: خَرَجَ بثِيابه أَي وثِيابُه عَلَيْهِ، وَصَلَّى فِي خُفَّيه أَي وخُفَّاه عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ

؛ فَالظَّرْفُ إِذاً مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لأَنه حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ أَي يَعْثُرْن كائناتٍ فِي حَدِّ الظُّبَاتِ؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَعراب:

نَلُوذُ فِي أُمٍّ لَنَا مَا تَعْتَصِبْ

من الغَمام تَرْتَدي وتَنْتَقِبْ

فإِنه يُرِيدُ بالأُم لَنَا سَلْمى أَحد جَبَلَيْ طَيِء، وَسَمَّاهَا أُمًّا لاعْتِصامهم بِهَا وأُوِيِّهم إِليها، وَاسْتَعْمَلَ فِي مَوْضِعَ الْبَاءِ أَي نلوذ بها لأَنها لَاذُوا فَهُمْ فِيهَا لَا مَحَالَةَ، أَلا تَرَى أَنهم لَا يَلُوذون ويَعْتَصِمُون بِهَا إِلَّا وَهُمْ فِيهَا؟ لأَنهم إِن كَانُوا بُعَداء عَنْهَا فَلَيْسُوا لَائِذِينَ فِيهَا، فكأَنه قَالَ نَسْمَئِلُّ فِيهَا أَي نَتَوَقَّلُ، وَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلَ فِي مكانَ الْبَاءِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ، فِي تِسْعِ آياتٍ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: فِي مِنْ صِلَةُ قَوْلِهِ وَأَلْقِ عَصاكَ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ

، وَقِيلَ: تأْويله وأَظهر هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فِي تِسْعِ آياتٍ

أَي مِنْ تِسْعِ آيَاتٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ: خُذْ لِي عَشْراً مِنَ الإِبل وَفِيهَا فَحْلان أَي وَمِنْهَا فحلان، والله أَعلم.

‌فصل القاف

قَأَى: ابْنُ الأَعرابي: قأَى إِذا أَقَرَّ لخَصْمه وذلَّ.

قَبَا: قَبا الشيءَ قَبْواً: جَمَعَهُ بأَصابعه. أَبو عَمْرٍو: قَبَوْتُ الزَّعْفَرَانَ والعُصْفُر أَقْبُوه قَبْواً أَي جَنَيْتُهُ. والقَابِيَةُ: المرأَة الَّتِي تلقُط الْعُصْفَرَ. والقَبْوَةُ: انْضِمَامُ مَا بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ، والقَبَاء، مَمْدُودٌ، مِنَ الثِّيَابِ: الَّذِي يُلْبَسُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ أَطرافه، وَالْجَمْعُ أَقْبِية. وقَبَّى ثَوْبَهُ: قَطَعَ مِنْهُ قَباء؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. يُقَالُ: قَبِّ هَذَا الثَّوْبَ تَقْبِيَة أَي قَطِّعْ مِنْهُ قَباء. وتَقَبَّى قَباءَه: لَبِسَهُ. وتَقَبَّى: لَبِسَ قَبَاءَهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ:

كأَنه مُتَقَبِّي يَلْمَقٍ عَزَبُ

وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ

عَطَاءٍ أَنه قَالَ: يُكره أَن يدخُل المعتكِف قَبْواً مَقْبُوّاً، قِيلَ لَهُ: فأَين يُحدث؟ قَالَ: فِي الشِّعاب، قِيلَ: فعُقودُ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: إِنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ لِذَلِكَ

؛ القَبْوُ: الطاقُ الْمَعْقُودُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ، هَكَذَا رَوَاهُ الْهَرَوِيُّ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قِيلَ لِعَطَاءٍ أَيمرّ الْمُعْتَكِفُ تَحْتَ قَبْوٍ مَقْبُوٍّ؟ قَالَ:

ص: 168

نَعَمْ، قَالَ شَمِرٌ: قَبَوْتُ البناء أَي رَفَعْتُهُ. وَالسَّمَاءُ مَقْبُوَّةٌ أَي مَرْفُوعَةٌ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ مَقْبُوبَةٌ مِنَ القُبَّة وَلَكِنْ يُقَالُ مُقَبَّبة. والقَبايةُ: الْمَفَازَةُ، بِلُغَةِ حِمْير؛ وأَنشد:

وَمَا كَانَ عَنْزٌ تَرْتَعِي بقَبايةٍ

والقَبا: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. والقَبا: تَقْويس الشَّيْءِ. وتَقَبَّى الرَّجُلُ فُلَانًا إِذا أَتاه مِنْ قِبَلِ قَفاه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

وإِنْ تَقَبَّى أَثْبَتَ الأَنائِبا،

فِي أُمَّهاتِ الرَّأْسِ، هَمْزاً واقِبا «2»

وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ:

مِن كلِّ ذاتِ ثَبَجٍ مُقَبِّي

المُقَبِّى: الْكَثِيرُ الشَّحْمِ، وأَهل الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ لِلضَّمَّةِ قَبْوَةٌ. وَقَدْ قَبَا الحرفَ يَقْبُوه، إِذا ضَمَّهُ، وكأَنَّ القَباء مُشْتُقٌّ مِنْهُ. والقَبْوُ: الضَّمُّ. قَالَ الْخَلِيلُ: نَبْرةٌ مَقْبُوَّة أَي مَضْمومة، وقِبَةُ الشَّاةِ، إِذا لَمْ تَشَدَّدْ، يُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ، وَهِيَ هَنة مُتَّصِلَةٌ بِالْكَرِشِ ذاتُ أَطباق. الْفَرَّاءُ: هِيَ الْقُبَّةُ للفَحِث. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: قِبةُ الشاةِ عَضَلَتُها. والقابِيَاء: اللَّئِيمُ لكَزازته وَتَجَمُّعِهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وقَابِياءُ وقابِعاءُ يُقَالُ ذَلِكَ للِّئام. وَبَنُو قابِيَاء: الْمُتَجَمِّعُونَ لِشُرْبِ الْخَمْرِ. وَبَنُو قَابِيَاء وَبَنُو قَوْبعةَ. والقَابِيَةُ: المرأَة الَّتِي تَلْقُطُ الْعُصْفَرَ وَتَجْمَعُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ وَوَصَفَ قَطاً مُعْصَوْصِباً فِي الطَّيَرَانِ:

دَوامِكَ حِينَ لَا يَخْشَينَ رِيحاً

مَعاً كبَنانِ أَيْدِي القَابِيَاتِ

وقُبَاء، مَمْدُودٌ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وانْقَبَى فُلَانٌ عَنَّا انْقِبَاء إِذا اسْتَخْفَى. وَقَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الْجَعْفَرِيَّ يَقُولُ اعْتَبَيْت المتاعَ واقْتَبَيْتُه إِذا جَمَعْتَهُ، وَقَدْ عَبَا الثِّيَابَ يَعْباها وقَبَاها يَقْبَاها؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا عَلَى لُغَةِ مَنْ يَرَى تَلْيِينَ الْهَمْزَةِ. ابْنُ سِيدَهُ: وقُبَاء مَوْضِعَانِ: مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ، وَمَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَةَ وَالْبَصْرَةِ، يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ، قَالَ: وَإِنَّمَا قَضَيْنَا بأَن هَمْزَةَ قُبَاء وَاوٌ لِوُجُودِ ق ب وو عدم ق ب ي.

قتا: القَتْوُ: الخِدْمة. وَقَدْ قَتَوْتُ أَقْتُو قَتْواً ومَقْتًى أَي خَدَمْت مِثْلُ غَزَوْت أَغْزُو غَزْواً ومَغْزًى، وَقِيلَ: القَتْو حُسْنُ خِدمة الْمُلُوكِ، وَقَدْ قَتاهم. اللَّيْثُ: تَقُولُ هُوَ يَقْتُو الْمُلُوكَ أَي يَخْدُمُهم؛ وأَنشد:

إِني امْرُؤٌ مِنْ بَنِي خُزَيمَةَ، لَا

أُحْسِنُ قَتْوَ المُلوكِ والخَبَبَا

قَالَ اللَّيْثُ فِي هَذَا الْبَابِ: والمَقاتِيةُ هُمُ الخُدَّام، وَالْوَاحِدُ مَقْتَوِيٌّ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ كأَنه مَنْسُوبٌ إِلى المَقْتَى، وَهُوَ مَصْدَرٌ، كَمَا قَالُوا ضَيْعةٌ عَجْزِيَّةٌ لِلَّتِي لَا تَفي غَلَّتها بخَراجها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدُهُ قَوْلُ الْجُعْفِيِّ:

بَلِّغْ بَنِي عُصَمٍ بأَني،

عَنْ فُتاحَتِكُمْ، غَنيُ

لَا أُسْرَتي قَلَّتْ، وَلَا

حَالِي لحالِكَ مَقْتَوِيُ

قَالَ: وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ يَاءِ النِّسْبَةِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:

تُهَدِّدُنا وتُوعِدُنا، رُوَيْداً

مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا؟

(2). قوله [الأنائبا] كذا في التكملة مضبوطا ومثله في التهذيب غير أن فيه الأنايبا.

ص: 169

وإِذا جُمِعَتْ «1» بِالنُّونِ خُفِّفَتِ الْيَاءُ مَقْتَوُون، وَفِي الْخَفْضِ وَالنَّصْبِ مَقْتَوِين كَمَا قَالُوا أَشْعَرِينَ، وأَنشد بَيْتَ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ. وَقَالَ شَمِرٌ: المَقْتَوُون الخُدَّام، وَاحِدُهُمْ مَقْتَوِيّ؛ وأَنشد:

أَرَى عَمْرَو بْنَ ضَمْرَةَ مَقْتَوِيّاً،

لَهُ فِي كلِّ عامٍ بَكْرتانِ»

وَيُرْوَى عَنِ الْمُفَضَّلِ وأَبي زَيْدٍ أَن أَبا عَوْنٍ الحِرْمازي قَالَ: رَجُلٌ مَقْتَوِينٌ ورجلانِ مَقْتَوِينٌ وَرِجَالٌ مَقْتَوِينٌ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ المرأَة وَالنِّسَاءُ، وَهُمُ الَّذِينَ يَخْدُمُونَ النَّاسَ بِطَعَامِ بُطُونِهِمْ. الْمُحْكَمِ: والمَقْتَوُون والمَقَاتِوَةُ والمَقَاتِيَةُ الْخُدَّامُ، وَاحِدُهُمْ مَقْتَوِيٌّ. وَيُقَالُ: مَقْتَوِينٌ، وَكَذَلِكَ الْمُؤَنَّثُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَيْسَتِ الْوَاوُ فِي هَؤُلَاءِ مَقْتَوُون ورأَيت مَقْتَوِين وَمَرَرْتُ بمَقْتَوِين إِعراباً أَو دَلِيلَ إِعراب، إِذ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَن يُقَالَ هؤُلاء مَقْتَوْنَ ورأَيت مَقْتَينَ وَمَرَرْتُ بمَقْتَيْن، وَيَجْرِي مَجرى مُصْطَفَيْن. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: جَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الأَشْعَرِيّ والأَشْعَرِين، قَالَ: وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا، إِذ حُذِفَتْ يَاءُ النَّسَبِ مِنْهُ، أَن يُقَالَ مَقْتَوْن كَمَا يُقَالُ فِي الأَعْلى الأَعْلَوْن إِلا أَن اللَّامَ صَحَّتْ فِي مَقْتَوِين، لِتَكُونَ صِحَّتُهَا دَلَالَةً عَلَى إِرَادَةِ النَّسَبِ، لِيُعْلَمَ أَن هَذَا الْجَمْعَ الْمَحْذُوفَ مِنْهُ النَّسَبُ بِمَنْزِلَةِ الْمُثْبَتِ فِيهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِن شِئْتَ قُلْتَ جاؤوا بِهِ عَلَى الأَصل كَمَا قَالُوا مَقَاتِوَةٌ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَبو الْخَطَّابِ عَنِ الْعَرَبِ، قال: وليس الْعَرَبِ يَعْرِفُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ. قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مِذْرَوَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدٌ يُفْرَدُ. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وأَخبرني أَبو بَكْرٍ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبي عُثْمَانَ قَالَ لَمْ أَسمع مِثْلَ مَقاتِوَة إِلَّا حَرْفًا وَاحِدًا، أَخبرني أَبو عُبَيْدَةَ أَنه سَمِعَهُمْ يَقُولُونَ سَواسِوةٌ فِي سَواسِيةٍ وَمَعْنَاهُ سَوَاءٌ؛ قَالَ: فأَما مَا أَنشده أَبو الْحَسَنِ عَنِ الأَحول عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ:

تَبَدَّلْ خَلِيلًا بِي كَشَكْلِك شَكْلُه،

فإِنِّي خَلِيلًا صالِحاً بِكَ مُقْتَوِي

فإِن مُقْتَوٍ مُفْعَلِلٌ،، وَنَظِيرُهُ مُرْعَوٍ، وَنَظِيرُهُ مِنَ الصَّحِيحِ الْمُدْغَمِ مُحْمَرّ ومُخْضَرٌّ، وأَصله مُقْتَوٌّ، وَمِثْلُهُ رَجُلٌ مُغْزَوٍ ومُغْزاوٍ، وأَصلهما مُغْزَوٌّ ومُغْزاوٌّ، وَالْفِعْلُ اغْزَوَّ يَغزاوّ «3» كَاحْمَرَّ وَاحْمَارَّ وَالْكُوفِيُّونَ يُصَحِّحُونَ وَيُدْغِمُونَ وَلَا يُعِلّون، وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ مَذْهَبِهِمْ قَوْلُ الْعَرَبِ ارْعَوَى وَلَمْ يَقُولُوا ارْعَوَّ، فإِن قُلْتَ: بِمَ انْتَصَبَ خَلِيلًا ومُقْتَوٍ غَيْرُ مُتَعَدٍّ؟ فَالْقَوْلُ فِيهِ أَنه انْتَصَبَ بِمُضْمَرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُظْهَرُ كأَنه قَالَ أَنا مُتَّخِذٌ ومُستعدّ، أَلا تَرَى أَن مَنْ اتَّخَذَ خَلِيلًا فَقَدِ اتَّخَذَهُ وَاسْتَعَدَّهُ؟ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:

اقْتَوَى

مُتَعَدِّيًا وَلَا نَظِيرَ لَهُ، قَالَ: وَسُئِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ امرأَة كَانَ زَوْجُهَا مَمْلُوكًا فَاشْتَرَتْهُ فَقَالَ: إِن اقْتَوتْه فُرِّقَ بِينَهُمَا، وإِن أَعتقته فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ؛ اقْتَوَتْه أَي استخدَمَتْه. والقَتْوُ: الخِدْمة؛ قَالَ الْهَرَوِيُّ: أَي اسْتَخْدَمَتْهُ، وَهَذَا شَاذٌّ جدّاً لأَن هذا البناء غَيْرُ مُتَعَدٍّ أَلْبَتَّةَ، مِنَ الْغَرِيبَيْنِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ قَتَوْتُ الرَّجُلَ قَتْواً ومَقْتًى أَي خَدَمْتُهُ، ثُمَّ نَسَبُوا إِلى المَقْتَى فَقَالُوا رَجُلٌ مَقْتَوِيٌّ، ثُمَّ خَففوا يَاءَ النِّسْبَةِ فَقَالُوا رَجُلٌ مَقْتَوٍ وَرِجَالٌ مَقْتَوُون، والأَصل مَقْتَوِيُون. ابْنُ الأَعرابي: القَتْوَةُ النَّمِيمَة.

(1). قوله [وإذا جمعت إلخ] كذا بالأصل والتهذيب أيضاً.

(2)

. قوله [ابن ضمرة] كذا في الأصل، والذي في الأساس: ابن هودة، وفي التهذيب: ابن صرمة.

(3)

. قوله [اغزوّ يغزاوّ إلخ] كذا بالأصل والمحكم ولعله اغزوّ واغزاوّ

ص: 170

قثا: ابْنُ الأَعرابي: القَثْوَةُ جَمْعُ الْمَالِ وَغَيْرِهِ. يُقَالُ: قَثَى فُلَانٌ الشيءَ قَثْياً واقْتَثَاه وجَثاه واجْتَثاه وقَباه وعَباه عَبْواً وجَباه كُلُّهُ إِذا ضمَّه إِليه ضَمًّا. أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْهَمْزِ: هُوَ القُثَّاء والقِثَّاء، بِضَمِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا؛ اللَّيْثُ: مَدُّهَا هَمْزَةٌ، وأَرض مَقْثَأَة. ابْنُ الأَعرابي: التَّقَيُّثُ الْجَمْعُ والمَنع، والتَّهَيُّثُ الإِعْطاء، وَقَالَ: القَثْوُ أَكل القَثَد والكِربِز «1» . والقَثَدُ: الخِيار، والكِربِزُ: الْقِثَّاءُ الكبار.

قحا: القَحْوُ: تأْسيس الأُقْحُوان، وَهِيَ فِي التَّقْدِيرِ أُفْعُلان مِنْ نَبَاتِ الرَّبيع مُفَرَّضُ الْوَرَقِ دَقِيقُ العِيدان لَهُ نَور أَبيض كأَنه ثَغْرُ جَارِيَةٍ حدَثةِ السِّنِّ. الأَزهري: الأُقْحُوَانُ هُوَ القُرَّاصُ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَهُوَ البابُونج وَالْبَابُونْكَ عِنْدَ الْفُرْسِ. وَفِي حَدِيثِ

قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ: بَواسِق أُقْحُوَان

؛ الأُقْحُوَان: نَبْتٌ تُشَبَّهُ بِهِ الأَسنان، وَوَزْنُهُ أُفْعُلان، وَالْهَمْزَةُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ. ابْنُ سِيدَهْ: الأُقْحُوَان الْبَابُونْجُ أَو القُرَّاص، وَاحِدَتُهُ أُقْحُوَانَة، وَيُجْمَعُ عَلَى أَقَاحٍ، وَقَدْ حُكِيَ قُحْوانٌ وَلَمْ يُرَ إِلَّا فِي شِعْرٍ، وَلَعَلَّهُ عَلَى الضَّرُورَةِ كَقَوْلِهِمْ فِي حَدِّ الِاضْطِرَارِ سامةَ فِي أُسامةَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ حَوَالَيْهِ وَرَقٌ أَبيض وَوَسَطُهُ أَصفر، وَيُصَغَّرُ عَلَى أُقَيْحِيٍّ لأَنه يُجْمَعُ عَلَى أَقَاحِيَّ بِحَذْفِ الأَلف وَالنُّونِ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ أَقاح بِلَا تَشْدِيدٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَيُصَغَّرُ عَلَى أُقَيْحِيٍّ، قَالَ: هَذَا غَلَطٌ مِنْهُ وَصَوَابُهُ أُقَيْحِيَانٌ، وَالْوَاحِدَةُ أُقَيْحِيانَةٌ، لِقَوْلِهِمْ أَقاحِيَّ كَمَا قَالُوا ظُرَيْبانٌ فِي تَصْغِيرِ ظَرِبانٍ، لِقَوْلِهِمْ ظَرابيَّ. والمَقْحُوُّ مِنَ الأَدْوية: الَّذِي فِيهِ الأُقْحوان. ودَواءٌ مَقْحُوٌّ ومُقَحًّى: جُعِلَ فِيهِ الأُقحوان. الأَزهري: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رأَيتُ أَقاحِيَّ أَمْرِه كَقَوْلِكَ رأَيت تَباشيرَ أَمره. وَفِي النَّوَادِرِ: اقْتَحَيْتُ المالَ وقَحَوْتُه واجْتَفَفْته وازْدَفَفْتُه أَي أَخذته. الأَزهري: أُقْحُوَانَةُ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ فِي دِيار بَنِي تَميم، قَالَ: وَقَدْ نَزَلْتُ بِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: والأُقْحُوَانَةُ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ:

مَنْ كانَ يَسْأَلُ عَنَّا أَيْنَ مَنْزِلُنا؟

فالأُقْحُوَانَةُ مِنَّا مَنْزِلٌ قَمِنُ

قخا: قَخا جوفُ الإِنسان قَخْواً: فَسَدَ مِنْ دَاءٍ بِهِ. وقَخَّى: تَنَخَّم تَنَخُّماً قَبِيحًا. اللَّيْثُ: إِذا كَانَ الرَّجُلُ قَبِيحَ التَّنَخُّع يُقَالُ قَخَّى يُقَخِّي تَقْخِيةً، وَهِيَ حكاية تَنَخُّعِه.

قدا: القَدْوُ: أَصل الْبِنَاءِ الذي يَتَشَعَّبُ منه تَصْرِيفُ الِاقْتِدَاءِ، يُقَالُ: قِدْوَةٌ وقُدْوةٌ لِمَا يُقْتَدى بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: القُدْوَة والقِدْوَة مَا تَسَنَّنْتَ بِهِ، قُلِبَتِ الْوَاوُ فِيهِ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ وضَعْف الْحَاجِزِ. والقِدَى: جَمْعُ قِدْوَة يُكْتَبُ بِالْيَاءِ «2» . والقِدَة: كالقِدْوة. يُقَالُ: لِي بِكَ قِدْوَةٌ وقُدْوَة وقِدَةٌ، وَمِثْلُهُ حَظِيَ فلانٌ حِظْوةً وحُظْوةً وحِظة، وَدَارِي حِذْوةَ دارِك وحُذْوةَ دَارِكَ وحِذةَ دَارِكَ، وَقَدِ اقْتَدَى بِهِ. والقُدوة والقِدوة: الأُسْوة. يُقَالُ: فُلَانٌ قُدْوَة يُقْتَدَى بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: القَدْوةُ التقَدُّمُ. يُقَالُ فُلَانٌ لَا يُقادِيه أَحد وَلَا يُماديه أَحد وَلَا يُباريه أَحد وَلَا يُجاريه أَحد، وَذَلِكَ إِذا بَرَّز فِي الخِلال كُلِّهَا. والقِدْيةُ: الهِدْيةُ، يُقَالُ: خُذْ فِي هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي فِيمَا كَنْتَ فِيهِ.

(1). قوله [والكربز] هو الصواب كما في التكملة واللسان هنا وفي مادة كربز ووقع في القاموس الكزبرة وهو تحريف

(2)

. قوله [جَمْعُ قِدْوَةٍ يُكْتَبُ بِالْيَاءِ] هي عبارة التَّهْذِيبِ عَنْ أَبي بَكْرٍ

ص: 171

وتَقَدَّت بِهِ دابَّته: لَزِمَتْ سَنَنَ الطَّرِيقِ، وتَقَدَّى هُوَ عَلَيْهَا، وَمَنْ جَعَلَهُ مِنَ الْيَاءِ أَخذه مِنَ القَدَيان، وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ جَاءَ تَقْدُو بِهِ دَابَّتُهُ. وقَدَى الفرسُ يَقْدِي قَدَياناً: أَسرع، وَمَرَّ فُلَانٌ تَقْدُو بِهِ فرسُه. يُقَالُ: مرَّ بِي يَتَقَدَّى فرسُه أَي يلزَم بِهِ سَنَنَ السِّيرة. وتَقَدَّيْتُ عَلَى فَرَسِي، وتَقَدَّى بِهِ بعيرُه: أَسرع. أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ عَنَقِ الْفَرَسِ التَّقَدِّي، وتَقَدِّي الفرسِ اسْتِعانَتُه بِهَادِيهِ فِي مَشْيِهِ برَفْع يَدَيْهِ وقَبْض رِجْلَيْهِ شِبْه الخَبَب. وقَدا اللحمُ والطعامُ يَقْدُو قَدْواً وقَدَى يَقْدِي قَدْياً وقَدِيَ، بِالْكَسْرِ، يَقْدَى قَدًى كُلُّهُ بِمَعْنَى إِذا شَمِمْت لَهُ رَائِحَةً طَيِّبَةً. يُقَالُ: شمِمت قَدَاةَ القِدْر، وَهِيَ قَدِيةٌ عَلَى فَعِلة أَي طَيِّبَةُ الرِّيحِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِمُبَشِّرِ بْنِ هُذَيْلٍ الشَّمْخِي:

يقاتُ زَادًا طَيِّباً قَداتُه

وَيُقَالُ: هَذَا طَعَامٌ لَهُ قَداةٌ وقَداوة؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ أَن لَامَ القَدا وَاوٌ. وَمَا أَقْدَى طعامَ فلانٍ أَي مَا أَطيَبَ طَعْمه وَرَائِحَتَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وَطَعَامٌ قَدِيٌّ وقَدٍ طَيِّبُ الطَّعم وَالرَّائِحَةِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الشِّواء وَالطَّبِيخِ، قَدِيَ قَدًى وقَدَاوَةً وقَدُوَ قَدْواً وقَداةً وقَدَاوَةً. وَحَكَى كُرَاعٌ: إِني لَأَجِدُ لِهَذَا الطَّعَامِ قَداً أَي طِيبًا، قَالَ: فَلَا أَدري أَطِيبَ طَعْمٍ عَنى أَم طِيب رَائِحَةٍ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا كَانَ الطَّبِيخُ طَيِّب الرِّيحِ قُلْتَ قَدِيَ يَقْدَى وذَمِيَ يَذْمى. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ: أَتَتْنا قَادِيَةٌ مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ قَلِيلَةٌ، وَقِيلَ: القَادِيَةُ مِنَ النَّاسِ أَول مَا يطرأُ عَلَيْكَ، وَجَمْعُهُا قَوادٍ. وقَدْ قَدَت، فَهِيَ تَقْدِي قَدْياً، وَقِيلَ: قَدَتْ قَادِيَةٌ إِذا أَتى قَوْمٌ قَدْ أَنْجَمُوا «3» مِنَ الْبَادِيَةِ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: قاذِيةٌ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمَحْفُوظُ مَا قَالَ أَبو زَيْدٍ. أَبو زَيْدٍ: قَدًى وأَقْدَاء وَهُمُ النَّاسُ يَتَسَاقَطُونَ بِالْبَلَدِ فَيُقِيمُونَ به ويَهْدؤون. ابْنُ الأَعرابي: القَدْو القُدوم مِنَ السَّفَرِ، والقَدْوُ القُرْب. وأَقْدَى إِذا اسْتَوَى فِي طَرِيقِ الدِّينِ، وأَقْدَى أَيضاً إِذا أَسَنَّ وَبَلَغَ الْمَوْتَ. أَبو عَمْرٍو: وأَقْدَى إِذا قَدِمَ مِنْ سَفَر، وأَقْدَى إِذا اسْتَقَامَ فِي الْخَيْرِ. وَهُوَ مِنِّي قِدَى رُمْحٍ، بِكَسْرِ الْقَافِ، أَي قَدْرَه، كأَنه مَقْلُوبٌ مِنْ قِيدَ. الأَصمعي: بَيْنِي وَبَيْنَهُ قِدَى قَوْسٍ، بِكَسْرِ الْقَافِ. وقِيد قَوْسٍ وقادَ قَوْسٍ؛ وأَنشد:

ولكنَّ إِقْدامي إِذا الخيلُ أَحْجَمَتْ،

وصَبْري إِذا مَا الموتُ كَانَ قِدَى الشِّبْرِ

وَقَالَ هُدبة بْنُ الخَشْرم:

وإِني، إِذا مَا الموتُ لَمْ يَكُ دُونَه

قِدَى الشِّبْرِ، أَحْمِي الأَنْفَ أَن أَتأَخرا

قَالَ الأَزهري: قِدَى وقادَ وقِيدَ كُلُّهُ بِمَعْنَى قَدْرِ الشَّيْءِ. أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ سِنْدَأْوةٌ وقِنْدَأْوَةٌ، وَهُوَ الْخَفِيفُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهِيَ مِنَ النُّوقِ الْجَرِيئَةُ. قَالَ شَمِرٌ: قِنْدَاوَة يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ. ابْنُ سِيدَهْ: وقِدَةُ هُوَ هَذَا الْمَوْضِعُ الذِي يُقَالُ لَهُ الكُلاب، قَالَ: وإِنما حُمِلَ عَلَى الْوَاوِ لأَن ق د وأَكثر مِنْ ق د ي.

قذي: القَذى: مَا يَقَعُ فِي الْعَيْنِ وَمَا تَرمي بِهِ، وَجَمْعُهُ أَقْذَاء وقُذِيٌّ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:

مِثْلُ القَذَى يَتَّبعُ القُذِيّا

والقَذَاة: كَالْقَذَى، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ القَذاة الطَائِفَةَ مِنَ القَذى. وقَذِيَتْ عينُه تَقْذَى قَذًى

(3). قوله [أنجموا] الذي في المحكم والقاموس: أقحموا

ص: 172

وقَذْياً وقَذَياناً: وَقَعَ فِيهَا القذَى أَو صَارَ فِيهَا. وقَذَتْ قَذْياً وقَذَيَاناً وقُذِيّاً وقَذًى: أَلقت قَذاها وقَذَفت بالغَمَصِ والرَّمَصِ؛ هَذَا قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ، وقَذَّى عينَه وأَقْذَاها: أَلقى فِيهَا القَذى، وقَذَّاها مُشَدَّدٌ لَا غَيْرَ: أَخرجه مِنْهَا. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَقْذَيْتها إِذا أَخرجت مِنْهَا القَذى، وَمِنْهُ يُقَالُ: عَيْنٌ مُقَذَّاة. وَرَجُلٌ قَذِيُ الْعَيْنِ، عَلَى فَعِل، إِذا سَقَطَتْ فِي عَيْنِهِ قَذَاةٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَذَّيْتُ عينَه أُقَذِّيها تَقْذِية أَخرجت مَا فِيهَا مِنَ قَذًى أَو كُحْلٍ، فَلَمْ يَقْصُرْهُ عَلَى الْقَذَى. الأَصمعي: لَا يُصِيبُكَ مِنِّي مَا يَقْذِي عينَك، بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَقَالَ: قَذِيَت عينُه تَقْذَى إِذا صَارَ فِيهَا القَذَى. اللَّيْثُ: قَذِيت عَيْنُهُ تَقْذَى، فَهِيَ قَذِيَة مُخَفَّفَةً، وَيُقَالُ قَذِيَّة مُشَدَّدَةَ الْيَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وأَنكر غَيْرُهُ التَّشْدِيدَ. وَيُقَالُ: قَذاةٌ وَاحِدَةٌ، وَجَمْعُهُا قَذًى وأَقْذَاء. الأَصمعي: قَذَت عينُه تَقْذي قَذْياً رَمَتْ بالقَذى. وَعَيْنٌ مَقْذِيَّةٌ: خالَطها القَذى. واقْتِذاء الطَّيْرِ: فَتْحُها عُيونَها وتَغْمِيضُها كأَنها تُجَلِّي بِذَاكَ قَذاها لِيَكُونَ أَبْصَرَ لَهَا، يُقَالُ: اقْتَذَى الطائرُ إِذا فَتَحَ عَيْنَهُ ثُمَّ أَغمضَ إِغماضة، وَقَدْ أَكثرت الْعَرَبُ تَشْبِيهَ لَمْع البرقِ بِهِ فَقَالَ شَاعِرُهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمة:

أَلا يَا سَنى بَرْقٍ عَلَى قُلَل الحِمى،

لَهِنَّكَ مِنْ بَرْقٍ عَليَّ كَريمُ

لَمَعْتَ اقْتِذاءَ الطيرِ، والقومُ هُجَّعٌ،

فَهَيَّجْتَ أَحْزاناً، وأَنت سَلِيمُ

وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:

خَفَى كاقْتِذاء الطَّيْرِ وَهْناً كأَنَّه

سِراجٌ، إِذا مَا يَكْشِفُ الليلُ أَظْلما

والقَذى: مَا عَلَا الشَّرَابَ مِنْ شيءٍ يَسْقُطُ فِيهِ، التَّهْذِيبِ: وَقَالَ حُمَيْدٌ يَصِفُ بَرْقًا:

خَفَى كَاقْتِذَاءِ الطَّيْرِ، والليلُ واضِعٌ

بأَرْواقِه، والصُّبْحُ قَدْ كادَ يَلْمَعُ

قَالَ الأَصمعي: لَا أَدري مَا مَعْنَى قَوْلِهِ كاقْتِذَاء الطَّيْرِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُرِيدُ كَمَا غَمَّضَ الطَّيْرُ عَيْنَهُ مِنْ قَذاة وَقَعَتْ فِيهَا. ابْنُ الأَعرابي: الاقْتِذَاء نَظَرُ الطَّيْرِ ثُمَّ إِغْماضُها تَنْظُرُ نَظْرَةً ثُمَّ تُغْمِض، وأَنشد بَيْتَ حُمَيْدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: القَذَى مَا يَسْقُط فِي الشَّرَابِ مِنْ ذُبَابٍ أَو غَيْرُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَذَى مَا يَلْجأُ إِلى نَوَاحِي الإِناء فِيتَعَلَّقُ بِهِ، وَقَدْ قَذَى الشَّرَابُ قَذًى؛ قَالَ الأَخطل:

وَلَيْسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ فِي الإِنا،

وَلَا بذُبابٍ قَذْفُه أَيْسَرُ الأَمْرِ

ولكنْ قَذاها زائِرٌ لَا نُحِبُّه،

تَرامَتْ بِهِ الغِيطانُ مِنْ حيثُ لَا نَدْري

والقَذى: مَا هَراقت الناقةُ والشاةُ مِنْ مَاءٍ وَدَمٍ قَبْلَ الْوَلَدِ وَبَعْدَهُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ رَحمها بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَقَدْ قَذَت. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَن الشَّاةَ تَقْذِي عَشْرًا بَعْدَ الْوِلَادَةِ ثُمَّ تَطْهُر، فَاسْتَعْمَلَ الطُّهْر لِلشَّاةِ. وقَذَت الأُنثى تَقْذِي إِذا أَرادت الْفَحْلَ فأَلْقت مِنْ مَائِهَا. يُقَالُ: كُلُّ فَحل يَمْذي، وَكُلُّ أُنثى تَقْذِي. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَيُقَالُ أَيضاً كُلُّ فَحْلٍ يَمْني وَكُلُّ أُنثى تَقْذِي. وَيُقَالُ: قَذَت الشَّاةُ فَهِيَ تَقْذِي قَذْياً إِذا أَلقت بَيَاضًا مِنْ رَحِمِهَا، وَقِيلَ: إِذا أَلقت بَيَاضًا مِنْ رَحِمَهَا حِينَ تُرِيدُ الْفَحْلَ. وقَاذَيْتهُ: جازَيْته؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فسَوفَ أُقَاذِي الناسَ، إِن عِشْتُ سالِماً،

مُقَاذَاةَ حُرٍّ لَا يَقِرُّ عَلَى الذُّلِ

ص: 173

والقَاذِيَةُ: أَول مَا يَطْرأُ عَلَيْكَ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: هُمُ الْقَلِيلُ، وَقَدْ قَذَت قَذْياً، وَقِيلَ: قَذَتْ قَاذِيةٌ إِذا أَتى قَوْمٌ مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ قَدْ أَنْجَمُوا «1» وَهَذَا يُقَالُ بِالذَّالِ وَالدَّالِ، وَذَكَرَ أَبو عَمْرٍو أَنها بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الَّذِي يَخْتَارُهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الأَصبهاني، قَالَ: وَقَدْ حَكَاهَا أَبو زَيْدٍ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، والأَول أَشهر. أَبو عَمْرٍو: أَتتنا قاذِيَةٌ مِنَ النَّاسِ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُمُ الْقَلِيلُ، وَجَمْعُهُا قَواذٍ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: والمحفوظ بالدال. وَقَوْلُ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي فِتْنَةٍ ذَكَرَهَا: هُدْنةٌ عَلَى دَخَنٍ وجماعةٌ عَلَى أَقْذَاء

؛ الأَقْذَاء: جَمْعُ قَذًى والقَذَى جَمْعُ قَذَاة، وَهُوَ مَا يَقَعُ فِي الْعَيْنِ وَالْمَاءِ وَالشَّرَابِ مِنْ تُرَابٍ أَو تِبْنٍ أَوْ وَسَخٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، أَراد أَن اجْتِمَاعَهُمْ يَكُونُ عَلَى فَسَادٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ فَشَبَّهَهُ بِقَذَى الْعَيْنِ وَالْمَاءِ وَالشَّرَابِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَذَا مَثَلٌ، يَقُولُ اجْتِمَاعٌ عَلَى فَسَادٍ فِي الْقُلُوبِ شُبِّه بأَقْذاءِ الْعَيْنِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُغْضي عَلَى القَذَى إِذا سَكَتَ عَلَى الذلِّ وَالضَّيْمِ وفَساد الْقَلْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

يُبصِرُ أَحدُكم القَذَى فِي عَيْنِ أَخيه ويَعْمى عَنِ الجِذْع فِي عَيْنِهِ

؛ ضَرَبَهُ مَثَلًا لِمَنْ يَرَى الصَّغِيرَ مِنْ عُيُوبِ النَّاسِ ويُعَيِّرُهم بِهِ وَفِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ مَا نِسْبَتُهُ إِليه كَنِسْبَةِ الْجِذْعِ إِلى القَذَاة، والله أَعلم.

قرا: القَرْو: مِنَ الأَرض الَّذِي لَا يَكَادُ يَقْطعه شَيْءٌ، وَالْجَمْعُ قُرُوٌّ والقَرْوُ: شِبْهُ حَوْض. التَّهْذِيبُ: والقَرْوُ شِبه حوضٍ ممْدود مُسْتَطِيلٍ إِلى جَنْبِ حَوْضٍ ضَخْم يُفرغ فِيهِ مِنَ الْحَوْضِ الضَّخْمِ تَرِدُهُ الإِبل وَالْغَنَمُ، وَكَذَلِكَ إِن كَانَ مِنْ خَشَبٍ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

مُنْتَأًى كالقَرْو رهْن انْثِلامِ

شَبَّهَ النؤْيَ حَوْلَ الخَيْمة بالقَرْو، وَهُوَ حَوْضٌ مُسْتَطِيلٌ إِلى جَنْبِ حَوْضٍ ضَخْمٍ. الْجَوْهَرِيُّ: والقَرْوُ حَوْضٌ طَوِيلٌ مِثْلَ النَّهْرِ تَرِدُهُ الإِبْل. والقَرْوُ: قدَحٌ مِنْ خَشَبٍ. وَفِي حَدِيثِ

أُم مَعْبَدٍ: أَنها أَرسلت إِليه بِشَاةٍ وشَفْرةٍ فَقَالَ ارْدُدِ الشَّفْرة وهاتِ لِي قَرْواً

؛ يَعْنِي قدَحاً مِنْ خَشَبٍ. والقَرْوُ: أَسْفَلُ النَّخْلَةِ يُنْقَرُ وَيُنْبَذُ فِيهِ، وَقِيلَ: القَرْوُ إِنَاءٌ صَغِيرٌ يُرَدَّدُ، فِي الْحَوَائِجِ. ابْنُ سِيدَهْ: القَرْوُ أَسفَلُ النَّخْلَةِ، وَقِيلَ: أَصلها يُنْقَرُ ويُنْبَذُ فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ نَقِيرٌ يُجْعَلُ فِيهِ الْعَصِيرُ مِنْ أَي خَشَبٍ كَانَ. والقَرْوُ: القَدح، وَقِيلَ: هُوَ الإِناء الصَّغِيرُ. والقَرْوُ: مَسِيل المِعْصَرةِ ومَثْعَبُها وَالْجَمْعُ القُرِيُّ والأَقْرَاء، وَلَا فِعْل لَهُ؛ قَالَ الأَعشى:

أَرْمي بِهَا البَيْداءَ، إِذ أَعْرَضَتْ،

وأَنْتَ بَيْنَ القَرْوِ والعاصِرِ

وَقَالَ ابْنِ أَحمر:

لَها حَبَبٌ يُرى الرَّاوُوقُ فِيهَا،

كَمَا أَدْمَيْتَ فِي القَرْوِ الغَزالا

يَصِفُ حُمْرة الخَمْر كأَنه دَم غَزال فِي قَرْو النَّخْلِ. قَالَ الدِّينَوري: وَلَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ القدحَ لأَن الْقَدَحَ لَا يَكُونُ رَاوُوقًا إِنما هُوَ مِشْربةٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:

فاشْتَكَّ خُصْيَيْهِ إِيغالًا بِنافِذةٍ،

كأَنما فُجِرَتْ مِنْ قَرْو عَصَّارِ «2»

يَعْنِي الْمُعْصِرَةَ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الأَعشى:

وأَنت بَيْنَ القَرْو والعاصر

(1). قوله [أنجموا] كذا في الأصل، والذي في القاموس والمحكم: أقحموا.

(2)

. قوله [فاشتك] كذا في الأصل بالكاف، والذي في الصحاح وتاج العروس: فاستل، من الاستلال.

ص: 174

إِنه أَسْفَلُ النَّخْلَةِ يُنْقَرُ فيُنبذ فِيهِ. والقَرْوُ: مِيلَغةُ الْكَلْبِ، وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَقْرَاء وأَقْرٍ وقُرِيٌّ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: أَقْرِوَةٌ، مُصَحَّحُ الْوَاوِ، وَهُوَ نَادِرٌ مِنْ جِهَةِ الْجَمْعِ وَالتَّصْحِيحِ. والقَرْوَةُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ: كالقَرْوِ الَّذِي هُوَ مِيلَغةُ الْكَلْبِ. وَيُقَالُ: مَا فِي الدَّارِ لاعِي قَرْوٍ. ابْنُ الأَعرابي: القِرْوَةُ والقَرْوَةُ والقُرْوَةُ مِيلغة الْكَلْبِ. والقَرْوُ والقَرِيُّ: كُلُّ شَيْءٍ عَلَى طَرِيقٍ وَاحِدٍ. يُقَالُ: مَا زَالَ عَلَى قَرْوٍ وَاحِدٍ وقَرِيٍّ وَاحِدٍ. ورأَيت الْقَوْمَ عَلَى قَرْوٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى طَرِيقَةٍ وَأَحَدُّهُ. وَفِي إِسْلَامِ أَبي ذَرٍّ: وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْراء الشِّعر فَلَيْسَ هُوَ بِشِعْرٍ؛ أَقْرَاءُ الشعرِ: طَرائقُه وأَنواعُه، وَاحِدُهَا قَرْوٌ وقِرْيٌ وقَرِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ

عُتبة بْنِ رَبِيعَةَ حِينَ مدَح الْقُرْآنُ لَمَّا تَلاه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: هُوَ شِعْرٌ، قَالَ: لَا لأَني عَرضْته عَلَى أَقْرَاء الشِّعْرِ فَلَيْسَ هُوَ بِشِعْرٍ، هُوَ مِثل الأَوَّل.

وأَصبحت الأَرض قَرْواً واحدا إِذا تَغَطى وجْهُها بِالْمَاءِ. وَيُقَالُ: ترَكتُ الأَرض قَرْواً وَاحِدًا إِذا طَبَّقَها الْمَطَرُ. وقَرَا إِليه قَرْواً: قَصَد. اللَّيْثُ: القَرْوُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ قَرَوْتُ إِليهم أَقْرُو قَرْواً، وَهُوَ القَصْدُ نَحْوَ الشَّيْءِ؛ وأَنشد:

أَقْرُو إِليهم أَنابيبَ القَنا قِصَدا

وقَرَاه: طعَنه فَرَمَى بِهِ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه مِنْ هَذَا كأَنه قَصَدَه بَيْنَ أَصحابه؛ قَالَ:

والخَيْل تَقْرُوهم عَلَى اللِّحْيَاتِ «1»

وقَرَا الأَمر واقْتَرَاه: تَتَبَّعَه. اللَّيْثُ: يُقَالُ الإِنسان يَقْتَرِي فُلَانًا بِقَوْلِهِ ويَقْتَرِي سَبيلًا ويَقْرُوه أَي يَتَّبعه؛ وأَنشد:

يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ

وقَرَوْتُ الْبِلَادَ قَرْواً وقَرَيْتُها قَرْياً واقْتَرَيْتها واسْتَقْرَيتها إِذا تَتَبَّعْتَهَا تَخْرُجُ مِنْ أَرض إِلى أَرض. ابْنُ سِيدَهْ: قَرا الأَرضَ قَرْواً واقْتَرَاها وتَقَرَّاها واسْتَقْرَاها تَتَبَّعها أَرضاً أَرضاً وَسَارَ فِيهَا يَنْظُرُ حالهَا وأَمرها. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَرَوْت الأَرض سِرْتُ فِيهَا، وَهُوَ أَن تَمُرَّ بِالْمَكَانِ ثُمَّ تَجُوزُهُ إِلى غَيْرِهِ ثُمَّ إِلى مَوْضِعٍ آخَرَ. وقَرَوْت بَنِي فُلَانٍ واقْتَرَيْتهم واسْتَقْرَيتهم: مَرَرْتُ بِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَهُوَ مِنَ الإِتباع، وَاسْتَعْمَلَهُ سِيبَوَيْهِ فِي تَعْبِيرِهِ فَقَالَ فِي قَوْلِهِمْ أَخذته بِدِرْهَمٍ فَصَاعِدًا: لَمْ تُرِدْ أَن تُخْبِرَ أَن الدِّرْهَمَ مَعَ صَاعِدٍ ثَمَنٌ لِشَيْءٍ، كَقَوْلِهِمْ بِدِرْهَمٍ وَزِيَادَةٍ، وَلَكِنَّكَ أَخبرت بأَدنى الثَّمَنِ فَجَعَلْتَهُ أَوّلًا، ثُمَّ قَرَوْت شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لأَثمان شَتَّى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا زِلْتُ أَسْتَقْرِي هَذِهِ الأَرض قَرْيَةً قَرْيَةً. الأَصمعي: قَرَوْتُ الأَرض إِذا تَتَبَّعت نَاسًا بَعْدَ نَاسٍ فأَنا أَقْرُوها قَرْواً. والقَرَى: مَجْرَى الْمَاءِ إِلى الرِّيَاضِ، وَجَمْعُهُ قُرْيَانٌ وأَقْرَاء؛ وأَنشد:

كأَنَّ قُرْيَانَها الرِّجال

وَتَقُولُ: تَقَرَّيْتُ الْمِيَاهَ أَي تَتَبَّعْتُهَا. واسْتَقْرَيْت فُلَانًا: سأَلته أَن يَقْرِيَني. وَفِي الْحَدِيثِ:

والناسُ قَوَارِي اللَّهِ فِي أَرضه

أَي شُهَداء اللَّهِ، أُخذ مِنْ أَنهم يَقْرُون النَّاسَ يَتَتَبَّعونهم فَيَنْظُرُونَ إِلى أَعمالهم، وَهِيَ أَحد مَا جَاءَ مِنْ فَاعِلٍ الَّذِي لِلْمُذَكَّرِ الْآدَمِيِّ مُكَسَّرًا عَلَى فَوَاعِلَ نَحْوَ فارِسٍ وفوارِسَ وناكِس ونواكِسَ. وَقِيلَ: القارِيةُ الصَّالِحُونَ مِنَ النَّاسِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَؤُلَاءِ قَوارِي اللَّهِ فِي الأَرض أَي شُهُودُ اللَّهِ لأَنه يَتَتَبَّع بَعْضُهُمْ أَحوال بَعْضٍ، فإِذا

(1). قوله [على اللحيات] كذا في الأصل والمحكم بحاءمهملة فيهما.

ص: 175

شَهِدُوا لإِنسان بِخَيْرٍ أَو شَرٍّ فَقَدْ وَجَبَ، وَاحِدُهُمْ قارٍ، وَهُوَ جَمْعٌ شَاذٌّ حَيْثُ هُوَ وَصْفٌ لِآدَمِيٍّ ذكَر كفوارِسَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَنس: فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَ

، وَحَدِيثُ

ابْنِ سَلَامٍ: فَمَا زَالَ عُثْمَانُ يَتَقَرَّاهم وَيَقُولُ لَهُمْ ذَلِكَ

وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ، رضي الله عنه: بَلَغَنِي عَنْ أُمهات الْمُؤْمِنِينَ شَيْءٌ فاسْتَقْرَيْتُهنَّ أَقول لَتَكْفُفنَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَو ليُبَدِّلَنَّه اللَّهُ خَيْرًا مِنْكُنَّ

؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

فَجَعَلَ يَسْتَقْرِي الرِّفاقَ

؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُمُ النَّاسُ الصَّالِحُونَ، قَالَ: وَالْوَاحِدُ قارِيَةٌ بِالْهَاءِ. والقَرَا: الظَّهْرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أُزاحِمُهُمْ بالبابِ، إِذ يَدْفَعُونَني،

وبالظَّهْرِ منِي مِنْ قَرا الْبَابَ عاذِرُ

وَقِيلَ: القَرَا وَسَطُ الظَّهْرِ، وَتَثْنِيَتُهُ قَرَيان وقَرَوَان؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَجَمْعُهُ أَقْرَاء وقِرْوانٌ؛ قَالَ مَالِكٌ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ الضَّبُعَ:

إِذا نفَشَتْ قِرْوَانَها، وتَلَفَّتَتْ،

أَشَبَّ بِهَا الشُّعْرُ الصُّدورِ القراهبُ «1»

أَراد بالقَراهِب أَولادها الَّتِي قَدْ تَمَّت، الْوَاحِدُ قرهَب، أَراد أَن أَولادها تُناهِبها لحُوم القَتْلى وَهُوَ القَرَوْرَى. والقِرْوانُ: الظَّهْرُ، وَيُجْمَعُ قِرْواناتٍ. وَجَمُلٌ أَقْرَى: طَوِيلُ القَرَا، وَهُوَ الظَّهْرُ، والأُنثى قَرْوَاء. الْجَوْهَرِيُّ: نَاقَةٌ قَرْوَاء طَوِيلَةُ السَّنَامِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

مَضْبُورَةٌ قَرْوَاءُ هِرْجابٌ فُنُقْ

وَيُقَالُ لِلشَّدِيدَةِ الظَّهْرِ: بيِّنة القَرَا، قَالَ: وَلَا تَقُلْ جَمَلٌ أَقْرَى. وَقَدْ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ كَمَا تَرَى وَمَا كَانَ أَقْرَى، وَلَقَدْ قَرِيَ قَرًى، مَقْصُورٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وقَرَا الأَكَمةِ: ظَهْرُهَا. ابْنُ الأَعرابي: أَقْرَى إِذا لَزِمَ الشَّيْءَ وأَلَحَّ عَلَيْهِ، وأَقْرَى إِذا اشْتَكَى قَرَاه، وأَقْرَى لزِم القُرَى، وأَقْرَى طَلَبَ القِرَى. الأَصمعي: رَجَعَ فُلَانٌ إِلى قَرْوَاه أَي عادَ إِلى طَرِيقَتِهِ الأُولى. الْفَرَّاءُ: هُوَ القِرى والقَراء، والقِلى والقَلاء والبِلى والبَلاء والإِيا والأَياء ضَوْءُ الشَّمْسِ. والقَرْواء، جَاءَ بِهِ الْفَرَّاءُ مَمْدُودًا فِي حُرُوفٍ مَمْدُودَةٍ مِثْلَ المَصْواء: وَهِيَ الدُّبُرُ. ابْنُ الأَعرابي: القَرا الْقَرْعُ الَّذِي يُؤْكَلُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ لِي أَعرابي اقْتَرِ سَلَامِي حَتَّى أَلقاك، وَقَالَ: اقْتَرِ سَلَامًا حَتَّى أَلقاك أَي كُنْ فِي سَلام وَفِي خَير وسَعة. وقُرَّى، عَلَى فُعْلى: اسْمُ مَاءٍ بِالْبَادِيَةِ. والقَيْرَوان: الْكَثْرَةُ مِنَ النَّاسِ وَمُعْظَمُ الأَمر، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعُ الكَتيبة، وَهُوَ معرَّب أَصله كاروان، بِالْفَارِسِيَّةِ، فأُعرب وَهُوَ عَلَى وَزْنِ الحَيْقُطان. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: القَيْرَوان، بِفَتْحِ الرَّاءِ الْجَيْشُ، وَبِضَمِّهَا الْقَافِلَةُ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي القَيْرَوان بِمَعْنَى الْجَيْشِ:

فإِنْ تَلَقَّاكَ بِقَيرَوانِه،

أَو خِفْتَ بعضَ الجَوْرِ مِنْ سُلْطانِه،

فاسْجُد لقِرْدِ السُّوء فِي زمانِه

وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:

وعادِيةٍ سَوْم الجَرادِ شَهِدْتها،

لهَا قَيْرَوانٌ خَلْفَها مُتَنَكِّبُ

قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: والقَيْرَوان الْغُبَارُ، وَهَذَا غَرِيبٌ وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ شَاهِدُهُ بيت الجعدي المذكور؛

(1). قوله [أشب] كذا في الأصل والمحكم، والذي في التهذيب: أشت.

ص: 176

وَقَالَ ابْنُ مُفَرِّغٍ:

أَغَرّ يُواري الشمسَ، عِندَ طُلُوعِها،

قَنابِلُه والقَيْرَوانُ المُكَتَّبُ

وَفِي الْحَدِيثِ

عَنْ مُجَاهِدٍ: إِن الشيطانَ يَغْدُو بقَيْرَوانه إِلى الأَسواق.

قَالَ اللَّيْثُ: القَيْرَوَان دَخِيلٌ، وَهُوَ مُعْظَمُ الْعَسْكَرِ وَمُعْظَمُ الْقَافِلَةِ؛ وَجَعَلَهُ امْرُؤُ الْقَيْسِ الْجَيْشَ فَقَالَ:

وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوَانٍ،

كأَنَّ أَسْرابَها الرِّعالُ

وقَرَوْرى: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:

تَرَوَّحْن مِنْ حَزْمِ الجُفُولِ فأَصْبَحَتْ

هِضابُ قَرَوْرى، دُونها، والمُضَيَّحُ «2»

الْجَوْهَرِيُّ: والقَرَوْرَى مَوْضِعٌ عَلَى طَرِيقِ الْكُوفَةِ، وَهُوَ مُتَعَشًّى بَيْنَ النُّقْرة وَالْحَاجِرِ؛ قال:

بَيْنَ قَرَوْرَى ومَرَوْرَياتِها

وَهُوَ فَعَوْعَلٌ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَرَوْرًى مُنَوَّنَةٌ لأَن وَزْنَهَا فَعَوْعَلٌ. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَزْنُهَا فَعَلْعَل مِنْ قَرَوْتُ الشَّيْءَ إِذَا تَتَبَّعْتَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَوْعَلًا مِنَ الْقَرْيَةِ، وَامْتِنَاعُ الصَّرْفِ فِيهِ لأَنه اسْمُ بُقْعَةٍ بِمَنْزِلَةِ شَرَوْرَى؛ وأَنشد:

أَقولُ إِذا أَتَيْنَ عَلَى قَرَوْرَى،

وآلُ البِيدِ يَطَّرِدُ اطِّرادا

والقَرْوَةُ: أَنْ يَعظُم جِلْدُ الْبَيْضَتَيْنِ لِرِيحٍ فِيهِ أَو مَاءٍ أَو لِنُزُولِ الأَمعاء، وَالرَّجُلُ قَرْوَانِي. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَرْجِعُ هَذِهِ الأُمة عَلَى قَرْوَاها

أَي عَلَى أَوّل أَمرها وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَيُرْوَى

عَلَى قَرْوَائها

، بِالْمَدِّ. ابْنُ سِيدَهْ: القَرْيَة والقِرْيَة لُغَتَانِ الْمِصْرُ الْجَامِعُ؛ التَّهْذِيبُ: الْمَكْسُورَةُ يَمَانِيَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ اجْتَمَعُوا فِي جَمْعِهَا عَلَى القُرى فَحَمَلُوهَا عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ كِسْوة وكُساً، وَقِيلَ: هِيَ القَرْيَة، بِفَتْحِ الْقَافِ

لَا غَيْرَ، قَالَ: وَكَسْرُ الْقَافِ خطأٌ، وَجَمْعُهَا قُرًى، جاءَت نَادِرَةً. ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا كَانَ مِنْ جَمْعِ فَعْلَة بِفَتْحِ الْفَاءِ مُعْتَلًّا مِنَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ عَلَى فِعال كَانَ مَمْدُودًا مِثْلَ رَكْوة ورِكاء وشَكْوة وشِكاء وقَشْوة وقِشاء، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ هَذَا القصرُ إِلَّا كَوَّة وكُوًى وقَرْيَة وقُرًى، جاءَتا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. الْجَوْهَرِيُّ: القَرْيَة مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ القُرَى عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن نَبِيًّا مِنَ الأَنبياء أَمر بقَرْية النَّمْلِ فأُحْرقتْ

؛ هِيَ مَسْكَنُها وَبَيْتُهَا، وَالْجَمْعُ قُرًى، والقَرْيَة مِنَ الْمَسَاكِنِ والأَبنية والضِّياع وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْمُدُنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أُمِرْتُ بقَرْيَة تأْكل القُرى

؛ هِيَ مَدِينَةِ الرَّسُولِ، صلى الله عليه وسلم، وَمَعْنَى أَكلها الْقُرَى مَا يُفتح عَلَى أَيدي أَهلها مِنَ الْمُدُنِ وَيُصِيبُونَ مِنْ غَنائمها، وقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها

؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما جَاءَ عَلَى اتِّسَاعِ الْكَلَامِ وَالِاخْتِصَارِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَهل الْقَرْيَةِ فَاخْتَصَرَ وَعَمِلَ الْفِعْلُ فِي الْقَرْيَةِ كَمَا كَانَ عَامِلًا فِي الأَهل لَوْ كَانَ هَاهُنَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: فِي هَذَا ثَلَاثَةُ معانٍ: الِاتِّسَاعُ وَالتَّشْبِيهُ وَالتَّوْكِيدُ، أَما الِاتِّسَاعُ فإِنه اسْتَعْمَلَ لَفْظَ السُّؤَالِ مَعَ مَا لَا يَصِحُّ فِي الْحَقِيقَةِ سُؤَالُهُ، أَلا تَرَاكَ تَقُولُ وَكَمْ من قَرْيَة مسؤولة وَتَقُولُ القُرَى وَتَسَآلُكَ كَقَوْلِكَ أَنت وشأْنُك فَهَذَا وَنَحْوُهُ اتِّسَاعٌ، وأَما التَّشْبِيهُ فلأَنها شُبِّهَتْ بِمَنْ يَصِحُّ سُؤَالُهُ لِمَا كَانَ بِهَا وَمُؤَالِفًا لَهَا، وأَما التَّوْكِيدُ فلأَنه فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ إِحالة بِالسُّؤَالِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ الإِجابة، فكأَنهم تَضَمَّنُوا لأَبيهم، عليه السلام، أَنه إِن سأَل الْجَمَادَاتِ

(2). قوله [قرورى] وقع في مادة جفل: شرورى بدله.

ص: 177

والجِمال أَنبأَته بِصِحَّةِ قَوْلِهِمْ، وَهَذَا تَناهٍ فِي تَصْحِيحِ الْخَبَرِ أَيْ لَوْ سأَلتها لأَنطقها اللَّهُ بِصِدْقِنَا فَكَيْفَ لَوْ سأَلت مِمَّنْ عَادَتُهُ الْجَوَابُ؟ وَالْجَمْعُ قُرًى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: القُرَى الْمُبَارَكُ فِيهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ، وَقِيلَ: الشَّامُ، وَكَانَ بين سبَإٍ والشام قُرًى مُتَّصِلَةٌ فَكَانُوا لَا يَحْتَاجُونَ مِنْ وَادِي سبإٍ إِلى الشَّامِ إِلى زَادٍ، وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ

وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ. وَالنَّسَبُ إِلى قَرْيَة قَرْئِيٌّ، فِي قَوْلِ أَبي عَمْرٍو، وقَرَوِيٌّ، فِي قَوْلِ يُونُسَ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: مَا رأَيت قَرَوِيّاً أَفصَح مِنَ الْحَجَّاجِ إِنما نَسَبَهُ إِلى القَرْيَة الَّتِي هِيَ الْمِصْرُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ثَعْلَبٌ:

رَمَتْني بسَهْمٍ ريشُه قَرَوِيَّةٌ،

وفُوقاه سَمْنٌ والنَّضِيُّ سَوِيقُ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: القَرَوِيَّة التَّمْرَةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها مَنْسُوبَةٌ إِلى القَرْيَة الَّتِي هِيَ الْمِصْرُ، أَو إِلى وَادِي القُرى، وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَن هَذِهِ المرأَة أَطعمته هَذَا السَّمْنَ بالسويق والتمر. وأُمُّ القُرى: مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، لأَن أَهل القُرى يَؤُمُّونها أَي يَقْصِدُونَهَا. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه أُتي بضَبّ فَلَمْ يأْكله وَقَالَ إِنه قَرَوِيٌ

أَي مِنْ أَهل القُرى، يَعْنِي إِنما يأْكله أَهل القُرى والبَوادي والضِّياع دُونَ أَهل الْمُدُنِ. قَالَ: والقَرَوِيُّ مَنْسُوبٌ إِلى القَرْيَة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ يُونُسَ، وَالْقِيَاسُ قَرْئِيٌّ. والقَرْيَتَيْنِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ

؛ مكة والطائف. وقَرْيَة النَّمْلِ: مَا تَجمعه مِنَ التُّرَابِ، وَالْجَمْعُ قُرَى؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:

وأَتَتِ النَّملُ القُرى بِعِيرها،

مِنْ حَسَكِ التَّلْع وَمِنْ خافُورِها

والقَارِيَةُ والقَارَاةُ: الْحَاضِرَةُ الْجَامِعَةُ. وَيُقَالُ: أَهل القارِيَة لِلْحَاضِرَةِ، وأَهل الْبَادِيَةِ لأَهل البَدْوِ. وَجَاءَنِي كُلُّ قارٍ وبادٍ أَي الَّذِي يَنْزِلُ القَرْية وَالْبَادِيَةَ. وأَقْرَيْت الجُلَّ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ أَي أَلزمته إِياه. وَالْبَعِيرُ يَقْرِي العَلَف فِي شِدْقه أَي يَجْمَعُهُ. والقَرْيُ: جَبْيُ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ. وقَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ قَرْياً وقِرًى «1» : جَمَعْتُهُ. وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ: وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ قِرًى فَجَعَلَهُ فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ القِرى، بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ، وَكَذَلِكَ مَا قَرَى الضيفَ قِرًى. والمِقْرَاة: الْحَوْضُ الْعَظِيمُ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ، وَقِيلَ: المِقْرَاة والمِقْرَى مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ حَوْضٍ وَغَيْرِهِ. والمِقْرَاةُ والمِقْرَى: إِناء يُجْمَعُ فِيهِ الْمَاءُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: المِقْرَى الإِناء الْعَظِيمُ يُشرب بِهِ الْمَاءُ. والمِقْرَاة: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُقْرَى فِيهِ الْمَاءُ. والمِقْرَاة: شِبْهُ حَوْضٍ ضَخْمٍ يُقْرَى فِيهِ مِنَ الْبِئْرِ ثُمَّ يُفرغ فِي المِقْراة، وَجَمْعُهَا المَقارِي. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: مَا وَلِيَ أَحدٌ إِلَّا حامَى عَلَى قَرابَته وقَرَى فِي عَيْبَتِه

أَي جَمَع؛ يُقَالُ: قَرَى الشيءَ يَقْرِيه قَرْياً إِذا جَمَعَهُ، يُرِيدُ أَنه خانَ فِي عَمَله. وَفِي حَدِيثِ

هَاجَرَ، عليها السلام، حِينَ فَجَّرَ اللَّهُ لَهَا زَمْزَم: فَقَرَتْ فِي سِقاء أَو شَنَّةٍ كَانَتْ مَعَهَا.

وَفِي حَدِيثِ

مُرَّة بْنِ شراحيلَ: أَنه عُوتِبَ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ إِنَّ بِي جُرْحاً يَقْرِي ورُبَّما ارْفَضَّ فِي إِزاري

، أَي يَجْمع المِدَّة ويَنْفَجِرُ. الْجَوْهَرِيُّ: والمِقْراةُ المَسيل وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ من

(1). قوله [وقرى] كذا ضبط في الأصل والمحكم والتهذيب بالكسر كما ترى، وأطلق المجد فضبط بالفتح.

ص: 178

كُلِّ جَانِبٍ. ابْنُ الأَعرابي: تَنَحَّ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ وقَريِّه وقَرَقِه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وقَرَتِ النملُ جِرَّتها: جَمَعَتْها فِي شِدْقها. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ وَالشَّاةُ وَالضَّائِنَةُ والوَبْرُ وَكُلُّ مَا اجْتَرَّ. يُقَالُ لِلنَّاقَةِ: هِيَ تَقْرِي إِذا جَمَعَتْ جِرَّتها فِي شِدقِها، وَكَذَلِكَ جمعُ الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ. وقَرَيْتُ فِي شِدقي جَوْزةً: خَبَأْتُها. وقَرَتِ الظبيةُ تَقْرِي إِذا جَمَعَتْ فِي شِدْقها شَيْئًا، وَيُقَالُ للإِنسان إِذا اشْتَكَى شدقَه: قَرَى يَقْرِي. والمِدَّةُ تَقْرِي فِي الْجُرْحِ: تَجْتَمع. وأَقْرَتِ النَّاقَةُ تُقْرِي، وَهِيَ مُقْرٍ: اجْتَمَعَ الْمَاءُ فِي رَحِمِهَا وَاسْتَقَرَّ. والقَرِيُّ، عَلَى فَعِيل: مَجْرَى الماءِ فِي الرَّوْضِ، وَقِيلَ: مَجْرَى الْمَاءِ فِي الْحَوْضِ، وَالْجَمْعُ أَقْرِيةٌ وقُرْيانٌ؛ وَشَاهِدُ الأَقْرِيَة قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:

ومِنْ أَيَّامِنا يَوْمٌ عَجِيبٌ،

شَهِدْناه بأَقْرِيَةِ الرُّدَاعِ

وَشَاهِدُ القُرْيَانِ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

تَسْتَنُّ أَعْداءَ قُرْيانٍ، تَسَنَّمَها

غُرُّ الغَمامِ ومُرْتَجَّاتُه السُّودُ

وَفِي حَدِيثِ

قُسٍّ: ورَوْضَة ذَاتُ قُرْيانٍ

، وَيُقَالُ فِي جَمْعِ قَرِيٍّ أَقْراء. قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ شَكَل يَذُمُّ حَجْلَ بْنَ نَضْلَة بَيْنَ يَدَيِ النُّعْمَانِ: إِنه مُقْبَلُ النَّعْلَيْنِ مُنْتَفِخُ السَّاقَيْنِ قَعْوُ الأَلْيَتَين مَشَّاء بأَقْرَاء قَتَّال ظِباء بَيَّاع إِماء، فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ: أَردت أَن تَذِيمَه فَمَدَحْتَه؛ القَعْو: الخُطَّاف مِنَ الْخَشَبِ مِمَّا يَكُونُ فَوْقَ الْبِئْرِ، أَراد أَنه إِذا قَعَدَ الْتَزَقَتْ أَليتاه بالأَرض فَهُمَا مِثْلُ القَعْو، وَصَفَهُ بأَنه صَاحِبُ صَيْدٍ وَلَيْسَ بِصَاحِبِ إِبل. والقَرِيُّ: مَسِيلُ الْمَاءِ مِنَ التِّلاع: وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: القَرِيُّ مَدْفَعُ الْمَاءِ مِنَ الرَّبْوِ إِلى الرَّوْضة؛ هَكَذَا قَالَ الرَّبْوُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ أَقْرِيَةٌ وأَقْرَاء وَقُرْيان، وَهُوَ الأَكثر. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: قَامَ إِلى مَقْرَى بُسْتَانٍ فَقَعَدَ يَتَوَضَّأُ

؛ المَقْرَى والمقْراة: الْحَوْضُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ. وَفِي حَدِيثِ

ظَبْيَانَ: رَعَوْا قُرْيانه

أَي مَجارِيَ الْمَاءِ، وَاحِدُهَا قَرِيٌّ بِوَزْنِ طَرِيٍّ. وقَرى الضَّيْفَ قِرًى وقَراء: أَضافَه. واسْتَقْرَانِي وَاقْتَرَانِي وأَقْراني: طَلَبَ مِنِّي القِرى. وإِنه لقَرِيٌّ لِلضَّيْفِ، والأُنْثى قَرِيَّةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَكَذَلِكَ إِنه لمِقْرىً لِلضَّيْفِ ومِقْراءٌ، والأُنثى مِقْراةٌ ومِقْراء؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالَ: إِنه لمِقْراء لِلضَّيْفِ وإِنه لمِقْراء للأَضْياف، وإِنه لقَرِيٌّ لِلضَّيْفِ وإِنها لقَرِيَّة للأَضْياف. الْجَوْهَرِيُّ: قَرَيت الضَّيْفَ قِرًى، مِثَالُ قَلَيْتُه قِلًى، وقَرَاء: أَحسنت إِليه، إِذا كَسَرْتَ الْقَافَ قَصَرْتَ، وإِذا فَتَحْتَ مَدَدْتَ. والمِقْرَاةُ: الْقَصْعَةُ الَّتِي يُقْرى الضَّيْفُ فِيهَا. وَفِي الصِّحَاحِ: والمِقْرَى إِناء يُقْرَى فِيهِ الضَّيْفُ. والجَنْفَةُ مِقْرَاة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:

حَتَّى تَبُولَ عَبُورُ الشِّعْرَيَيْنِ دَماً

صَرْداً، ويَبْيَضَّ فِي مِقْرَاتِه القارُ

والمَقَارِي: القُدور؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

تَرَى فُصْلانَهم فِي الوِرْدِ هَزْلَى،

وتَسْمَنُ فِي المَقَارِي والحِبالِ

يَعْنِي أَنهم يَسْقُون أَلبان أُمَّهاتها عَنِ الْمَاءِ، فإِذا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِمْ عَارًا، وَقَوْلُهُ: وَتَسْمَنُ فِي المَقارِي والحِبال أَي أَنهم إِذا نَحروا لَمْ يَنحروا إِلا سَمِينًا، وإِذا وَهَبُوا لَمْ يَهبوا إِلا كَذَلِكَ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ اللحياني: المِقْرَى، مَقْصُورٌ بِغَيْرِ هَاءٍ، كُلُّ مَا يُؤْتَى بِهِ مِنَ قِرى الضيف قصْعَة أَو جَفْنة أَو عُسٍّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

ص: 179

وَلَا يَضَنُّون بالمِقْرَى وإِن ثَمِدُوا

قَالَ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ لَقَدْ قَرَوْنا فِي مِقْرًى صَالِحٍ. والمَقارِي: الجِفان الَّتِي يُقْرَى فِيهَا الأَضْيافُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

وأَقضِي قُروضَ الصّالِحينَ وأَقْتَرِي

فَسَّرَهُ فَقَالَ: أَنَّى أَزِيدُ «1» عَلَيْهِمْ سِوَى قَرْضهم. ابْنُ سِيدَهْ: والقَرِيَّةُ، بِالْكَسْرِ، أَن يُؤْتَى بعُودين طُولُهُمَا ذِرَاعٌ ثُمَّ يُعرَض عَلَى أَطرافهما عُوَيدٌ يُؤْسَرُ إِليهما مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بقِدٍّ، فَيَكُونُ مَا بَيْنَ العُصَيَّتين قَدْرَ أَربع أَصابع، ثُمَّ يؤْتى بعُوَيد فِيهِ فَرْض فيُعْرض فِي وَسَطِ القَرِيّة وَيُشَدُّ طَرَفَاهُ إِليهما بقِدّ فَيَكُونُ فِيهِ رأْس الْعَمُودِ؛ هَكَذَا حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَعَبَّرَ عَنِ القرِيّةِ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَن يؤْتى، قَالَ: وَكَانَ حُكْمُهُ أَن يَقُولَ القَرِيَّةُ عُودان طُولُهُمَا ذِرَاعٌ يُصْنَعُ بِهِمَا كَذَا. وَفِي الصِّحَاحِ: والقرِيَّةُ عَلَى فَعيلة خَشبات فِيهَا فُرَض يُجعل فِيهَا رأْس عَمُودِ الْبَيْتِ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. وقَرَيْتُ الْكِتَابَ: لُغَةٌ فِي قرأْت؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ، قَالَ: وَلَا يَقُولُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِلا يَقرأ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: صَحِيفَةٌ مَقْرِيَّة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَن قَرَيْت لُغَةٌ كَمَا حَكَى أَبو زَيْدٍ، وَعَلَى أَنه بَناها عَلَى قُرِيَت المغيَّرة بالإِبدال عَنْ قُرِئت، وَذَلِكَ أَن قُرِيت لَمَّا شَاكَلَتْ لَفْظَ قُضِيت قِيلَ مَقْرِيَّة كَمَا قِيلَ مَقْضِيَّة. والقارِيةُ: حَدُّ الرُّمْحِ وَالسَّيْفِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ، وَقِيلَ: قارِيةُ السِّنان أَعلاه وحَدّه. التَّهْذِيبُ: والقارِيَةُ هَذَا الطَّائِرُ الْقَصِيرُ الرِّجْلِ الطَّوِيلُ الْمِنْقَارِ الأَخضر الظَّهْرِ تُحِبُّهُ الأَعراب، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: وتَتَيَمَّن بِهِ ويُشَبِّهون الرَّجُلَ السخيَّ بِهِ، وَهِيَ مُخَفَّفَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَمِنْ تَرْجيعِ قارِيَةٍ تَرَكْتُمْ

سَباياكُمْ، وأُبْتُمْ بالعَناق؟

وَالْجَمْعُ القَوَارِي. قَالَ يَعْقُوبُ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ قارِيَّة، بِالتَّشْدِيدِ. ابْنُ سِيدَهْ: والقارِيَةُ طَائِرٌ أَخضر اللَّوْنِ أَصفر المِنقار طَوِيلُ الرِّجْلِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

لِبَرْقٍ شآمٍ كُلَّما قلتُ قَدْ وَنَى

سَنَا، والقَوَارِي الخُضْرُ فِي الدَّجْنِ جُنَّحُ

وَقِيلَ: القَارِيَة طَيْرٌ خُضْرٌ تُحِبُّهَا الأَعراب، قَالَ: وَإِنَّمَا قَضَيْتُ عَلَى هَاتَيْنِ الياءَين أَنهما وَضْعٌ وَلَمْ أَقض عَلَيْهِمَا أَنهما مُنْقَلِبَتَانِ عَنْ وَاوٍ لأَنهما لَامٌ، وَالْيَاءُ لَامًا أَكثر مِنْهَا وَاوًا. وقَرِيُّ: اسْمَ رَجُلٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: تحتْمل لَامُهُ أَن تَكُونَ مِنَ الْيَاءِ وَمِنَ الْوَاوِ وَمِنَ الْهَمْزَةِ، عَلَى التَّخْفِيفِ. وَيُقَالُ: أَلقه فِي قِرِّيَّتِك. والقِرِّيَّةُ: الحَوْصَلة، وابن القِرِّيَّةِ مُشْتَقٌّ مِنْهُ؛ قَالَ: وَهَذَانِ قَدْ يَكُونَانِ ثُنَائِيَّيْنِ، والله أَعلم.

قزي: ابْنُ سِيدَهْ: القِزْيُ اللَّقَبُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، لَمْ يَحْكِهِ غَيْرُهُ؛ غَيْرُهُ: يُقَالُ بِئْسَ القِزْيُ هَذَا أَي بِئْسَ اللَّقَبُ. ابْنُ الأَعرابي: أَقْزَى الرَّجُلُ إِذا تلطَّخ بعَيب بَعْدَ اسْتِوَاءٍ. ابْنُ الأَعرابي: والقُزَةُ الحَيَّة، ولُعْبة لِلصِّبْيَانِ أَيضاً تُسَمَّى فِي الْحَضَرِ يَا مُهَلْهِلَهْ هَلِلَهْ «2» . وقزو

القَزْوُ: العِزْهاةُ أَي الَّذِي لَا يَلْهُو، وَقِيلَ: القُزَةُ حَيَّةٌ عَرْجاء بَتْراء، وَجَمْعُهَا قُزَاتٌ.

قسا: القَسَاء: مَصْدَرُ قَسا القَلبُ يَقْسُو قَسَاء. والقَسْوَةُ: الصَّلابةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وحجَر قَاسٍ:

(1). قوله [أنى أزيد] هذا ضبط المحكم.

(2)

. قوله [يا مهلهله إلخ] بهذا ضبط في التكملة

ص: 180

صُلْب. وأَرض قَاسِيَةٌ: لَا تُنبت شَيْئًا. وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ

؛ تأْويل قَسَت فِي اللُّغَةِ غَلُظت ويَبِست وعَسَت، فتأْويل القَسْوَة فِي الْقَلْبِ ذَهاب اللِّين وَالرَّحْمَةِ وَالْخُشُوعِ مِنْهُ. وقَسَا قلبُه قَسْوَة وقَسَاوة وقَسَاء، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ، وَهُوَ غِلَظ الْقَلْبِ وشدَّته، وأَقْسَاه الذنبُ، وَيُقَالُ: الذَّنْبُ مَقْساةٌ لِلْقَلْبِ. ابْنُ سِيدَهْ: قَسا القلبُ يَقْسُو قَسْوة اشتدَّ وعَسا، فَهُوَ قاسٍ، وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ القَسْوَة فِي الأَزمنة فَقَالَ: مِنْ أَحوال الأَزمنة فِي قَسْوَتِها ولِينها. التَّهْذِيبُ: عَامٌ قَسِيٌّ ذُو قَحْط؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

ويُطْعِمُونَ الشحمَ فِي العامِ القَسِيْ

قُدْماً [قِدْماً]، إِذا مَا احْمَرّ آفاقُ السُّمِيْ

وأَصْبَحَتْ مِثْلَ حَواشِي الأَتْحَمِيْ

قَالَ شَمِرٌ: العامُ القَسِيُّ الشَّدِيدُ لَا مطَرَ فِيهِ. وَعَشِيَّةٌ قَسِيَّةٌ: بَارِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ العُجير السَّلُولي:

يَا عَمْرُو يَا أُكَيْرِمَ البَريَّهْ،

واللهِ لَا أَكْذِبُكَ العَشِيَّهْ،

إِنا لَقِينا سَنةً قَسِيَّهْ،

ثُمَّ مُطِرْنا مَطْرةً رَوِيَّهْ،

فنَبَتَ البَقْلُ وَلَا رَعِيَّهْ

أَي لَيْسَ لَنَا مَالٌ يَرعاه. والقَسِيَّةُ: الشَّدِيدَةُ. وَلَيْلَةٌ قَاسِيةٌ: شديدةُ الظُّلمة. والمُقاساةُ: مُكَابَدَةُ الأَمر الشَّدِيدِ. وقَاسَاه أَي كابَده. وَيَوْمٌ قَسِيٌّ، مِثَالُ شَقِيٍّ: شَدِيدٌ مِنْ حَرْب أَو شَرٍّ. وقَرَبٌ قَسِيٌّ: شَدِيدٌ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:

وهُنَّ، بَعْد القَرَبِ القَسِيِّ،

مُسْتَرْعِفاتٌ بشَمَرْذَليِ

القَسِيُّ: الشَّدِيدُ: ودِرْهَم قَسِيٌّ: رَدِيءٌ، وَالْجَمْعُ قِسْيانٌ مِثْلُ صَبيّ وصِبْيان، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا كقِنْية، وَقَدْ قَسا قَسْواً. قَالَ الأَصمعي: كأَنه إِعراب قاشِي؛، قيل: دِرْهَمٌ قَسِيٌّ ضَرْبٌ مِنَ الزُّيوف أَي فِضته صُلبة رَدِيئَةٌ لَيْسَتْ بِلَيِّنَةٍ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنه بَاعَ نُفاية بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَتْ زيُوفاً وقِسْياناً بِدُونِ وَزْنِهَا، فذُكر ذَلِكَ لعُمر فَنَهَاهُ وأَمره أَن يرُدَّها

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الأَصمعي وَاحِدُ القِسْيان دِرْهَمٌ قَسِيٌّ مُخَفَّفُ السِّينِ مُشَدَّدُ الْيَاءِ عَلَى مِثَالِ شَقِيٍّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

مَا يَسُرُّني دينُ الَّذِي يأْتي العَرَّاف بِدِرْهَمٍ قَسِيٍّ.

ودراهمُ قَسِيَّةٌ وقَسِيَّاتٌ وَقَدْ قَسَتِ الدَّرَاهِمُ تَقْسُو إِذا زَافَتْ. وَفِي حَدِيثِ

الشَّعْبِيِّ: قَالَ لأَبي الزِّناد تأْتينا بِهَذِهِ الأَحاديث قَسِيَّة وتأْخذها مِنَّا طازَجةً

أَي تأْتينا بِهَا رَدِيئَةً وتأْخذها خَالِصَةً مُنقّاة؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ يَذْكُرُ المَساحي:

لهَا صَواهِلُ فِي صُمِّ السِّلامِ، كَمَا

صاحَ القَسِيَّاتُ فِي أَيْدي الصَّياريفِ

وَمِنْهُ

حَدِيثٌ آخَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ أَنه قَالَ لأَصحابه: أَتدرون كَيْفَ يَدْرُسُ العِلمُ؟ فَقَالُوا: كَمَا يَخْلُقُ الثوبُ أَو كَمَا تَقْسُو الدَّرَاهِمُ، فَقَالَ: لَا ولكنْ دُرُوسُ العِلم بِمَوْتِ العُلماء

؛ وَمِنْهُ قَوْلُ مُزَرِّد:

وَمَا زَوَّدُوني غَيْرَ سَحْقِ عِمامةٍ،

وخَمْسِمِئٍ مِنْهَا قَسِيٌّ وزائِفُ

وَفِي خُطْبَةِ

الصدِّيق، رضي الله عنه: فَهُوَ كَالدِّرْهَمِ القَسِيِّ والسَّراب الْخَادِعِ

؛ القَسِيُّ: هُوَ الدِّرْهَمُ الرَّدِيءُ وَالشَّيْءُ الْمَرْذُولُ. وسارُوا سَيْرًا قَسِيّاً أَي سيراً شديداً. وقَسِيُّ بْنُ مُنَبِّه: أَخو ثَقِيف. الْجَوْهَرِيُّ:

ص: 181

قَسِيٌّ لَقَبُ ثَقِيفٍ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لأَنه مرَّ عَلَى أَبي رِغالٍ وَكَانَ مُصَدِّقاً فَقَتَلَهُ فَقِيلَ قَسا قَلْبُهُ فَسُمِّيَ قَسِيّاً؛ قَالَ شَاعِرُهُمْ:

نحنُ قَسِيٌّ وقَسا أَبونا

وقَسًى: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِالْعَالِيَةِ، قَالَ ابْنُ أَحمر:

بِجَوٍّ، مِنْ قَسًى، ذَفِرِ الخُزامى،

تَهادى الجِرْبِياء بِهِ الجَنِينا «3»

وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ:

لَنَا إِبلٌ لَمْ تَدْرِ مَا الذُّعْرُ، بَيْتُها

بِتِعْشارَ، مَرْعاها قَسا فصَرائِمُهْ

وَقِيلَ: قَسا حَبْل رَمْل مِنْ رِمَالِ الدَّهناء؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

سَرَتْ تَخْبِطُ الظَّلْماء مِنْ جانِبَيْ قَسا،

وحُبَّ بِهَا، مِن خابِطِ الليلِ، زَائِرُ

وَقَالَ أَيضاً:

ولكنَّني أُفْلِتُّ مِنْ جانِبَيْ قَسا،

أَزُورُ امْرَأً مَحْضاً كرِيماً يَمانِيا

ابْنُ سِيدَهْ: وقُسَاءٌ مَوْضِعٌ أَيضاً، وَقَدْ قِيلَ: هُوَ قَسًى بِعَيْنِهِ، فإِن قُلْتَ: فَلَعَلَّ قَسًى مُبْدَلٌ مِنْ قُساءٍ وَالْهَمْزَةُ فِيهِ هُوَ الأَصل؟ قِيلَ: هَذَا حَمْل عَلَى الشُّذُوذِ لأَن إِبدال الْهَمْزِ شَاذٌّ، والأَوّل أَقْوى لأَن إِبدال حَرْفِ الْعِلَّةِ هَمْزَةً إِذا وَقَعَ طَرَفًا بَعْدَ أَلف زَائِدَةٍ هُوَ الْبَابُ. ابْنُ الأَعرابي: أَقْسَى إِذا سَكَنَ قُساء، وَهُوَ جَبَلٌ، وَكُلُّ اسْمٍ عَلَى فُعال فَهُوَ ينصرف، فأَما قُساء «4» ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَصْرِفْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قُسَاء، بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ، اسْمُ جَبَلٍ، وَيُقَالُ: ذُو قُساء؛ قَالَ جِرانُ العَوْدِ:

يُذكِّر أَيّاماً لَنا بِسُوَيْقَةٍ

وهَضْبِ قُساءٍ، والتَّذَكُّرُ يَشْعَفُ

وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وقَفْتُ بأَعلى ذِي قُساء مَطِيَّتي،

أُمَيِّلُ فِي مَرْوانَ وابنِ زِيادِ

وَيُقَالُ: ذُو قُساء مَوْضِعٌ؛ قَالَ نَهْشَلُ بْنُ حَرِّيٍّ:

تَضَمَّنها مشَارِفُ ذِي قُساءٍ،

مَكانَ النَّصْلِ مِنْ بَدَنِ السِّلاحِ

قَالَ الْوَزِيرُ: قِسَاء اسْمُ مَوْضِعٍ مَصْرُوفٌ، وقُسَاء اسْمُ مَوْضِعٍ غَيْرُ مَصْرُوفٍ

قشا: المُقَشَّى: هُوَ المُقَشَّر. وقَشَا العُودَ يَقْشُوه قَشْواً: قَشَرَه وخرَطه، وَالْفَاعِلُ قاشٍ، والمَفعول مَقْشُوٌّ. وقَشَّيْته فَهُوَ مُقَشًّى. وقَشَوْتُ وجهَه: قَشَرْته ومَسَحْتُ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ

قَيلة: وَمَعَهُ عَسِيبُ نَخْلَةٍ مَقْشُوٌّ غيرُ خُوصَتين مِنْ أَعلاه

أَي مَقْشُورٌ عَنْهُ خُوصه. وقَشَّيْته تَقْشِية فَهُوَ مُقَشًّى أَي مُقَشَّر. وقَشَّيْتُ الحَبَّة: نَزَعْت عَنْهَا لِبَاسَهَا. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:

أَنه دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يأْكل لِياءً مُقَشًّى

؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:

وعَدَسٍ قُشِّيَ مِنْ قُشَيرِ

وتَقَشَّى الشيءُ: تَقَشَّر؛ قَالَ كُثير عَزَّةَ:

دَعِ القَوْمَ مَا احْتَلُّوا جُنُوبَ قُراضِمٍ،

بِحَيْثُ تَقَشَّى بَيْضُه المُتَفَلِّقُ

(3). قَوْلِهِ [بِجَوٍّ مِنْ قَسًى إلخ] أَوْرَدَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي اليائي بهذا اللفظ، وأورده الأزهري وتبعه ياقوت بما لفظه:

بِهَجْلٍ مِنْ قَسًا ذَفِرِ الْخُزَامَى

تَدَاعَى الْجِرْبِيَاءُ بِهِ الحنينا

وفيهما الحنينا بالحاء المهملة، وقال ياقوت: قسا منقول من الفعل.

(4)

. قوله [فأَما قساء إلخ] عبارة التكملة: فأما قُسَاء فلا ينصرف لأنه في الأصل على فعلاء فِي الأَصل قُسَواء عَلَى فُعَلاء.

ص: 182

ابْنُ الأَعرابي: اللِّياء بِالْيَاءِ وَاحِدَتُهُ لِياءة وَهُوَ اللُّوبياء واللُّوبِياج، وَيُقَالُ لِلصَّبِيَّةِ المَلِيحة: كأَنها لِياءةٌ مَقْشُوَّةٌ. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ أَبي سَعِيدٍ أَنه قَالَ: إِنما اللبأُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي قِداد الجَدْي وَجَعَلَهُ تَصْحِيفًا مِنَ الْمُحَدِّثِ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: اللِّبَأُ يُحْلب فِي قِدادٍ، وَهِيَ جُلود صِغار المِعْزَى، ثُمَّ يُمَلُّ فِي المَلَّة حَتَّى يَيْبَس ويَجْمُدَ، ثُمَّ يُخْرَج فَيُباع كأَنه الجُبْن، فإِذا أَراد الْآكِلُ أَكله قَشا عَنْهُ الإِهاب الَّذِي طُبِخ فِيهِ، وَهُوَ جِلْدُ السَّخْلَةِ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ اللِّياء بِالْيَاءِ، وَهُوَ مِنْ نَبَاتِ الْيَمَنِ وَرُبَّمَا نَبَتَ فِي الْحِجَازِ فِي الخِصْب، وَهُوَ فِي خِلقة الْبَصَلَةِ وَقَدْرِ الحِمَّصة، وَعَلَيْهِ قُشُور رِقاق إِلى السَّوَادِ مَا هُوَ، يُقْلى ثُمَّ يُدْلَكُ بِشَيْءٍ خَشن كالمِسح وَنَحْوِهِ فَيُخْرَجُ مِنْ قِشْرِهِ فيؤْكل بَحْتاً، وربَّما أُكل بِالْعَسَلِ وَهُوَ أَبيض، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْلِيه. وَفِي حَدِيثِ

أُسَيْد بْنِ أَبي أُسيد: أَنه أَهدى لِرَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بوَدّانَ لِياء مُقَشًّى

أَي مَقشوراً، واللِّياء حَبٌّ كالحِمَّص. والقُشاء: البُزاق. وقَشَّى الرجلَ عَنْ حَاجَتِهِ: رَدَّه. والقَشْوَانُ: الْقَلِيلُ اللَّحْمِ؛ قَالَ أَبو سَوْداء العِجْلي:

أَلم تَرَ للقَشْوانِ يَشْتِمُ أُسْرَتي،

وإِني بِهِ مِنْ واحدٍ لخَبِيرُ

والقَشْوَانَة: الرَّقيقة الضَّعِيفة مِنَ النِّسَاءِ. والقَشْوَة: قُفَّة تَجْعَلُ فِيهَا المرأَة طِيبَهَا، وَقِيلَ: هِيَ هَنة مِنْ خُوص تَجْعَلُ فِيهَا المرأَة القُطن والقَزَّ والعِطْر؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

لَهَا قَشْوَةٌ فِيهَا مَلابٌ وزَنْبَقٌ،

إِذا عَزَبٌ أَسْرَى إِليها تَطَيَّبَا

وَالْجَمْعُ قَشَوَات وقِشاء، وَقِيلَ: القَشْوَة شَيْءٌ مِنْ خُوصٍ تَجْعَلُ فِيهَا المرأَة عِطْرها وحاجَتها. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: القَشْوَة شِبْهُ العَتِيدة المُغَشَّاة بِجِلْدٍ. والقَشْوَة: حُقَّة للنُّفَساء. والقَاشِي فِي كَلَامِ أَهل السَّوَادِ: الفَلْسُ الرَّديء. الأَصمعي: يُقَالُ دِرْهَمٌ قَشِيٌّ كأَنه عَلَى مِثَالِ دَعِيٍّ، قَالَ الأَصمعي: كأَنه إِعرابُ قاشِي.

قصا: قَصا عَنْهُ قَصْواً وقُصُوًّا وقَصاً وقَصاء وقَصِيَ: بَعُدَ. وقَصا المَكانُ يَقْصُو قُصُوّاً: بَعُدَ. والقَصِيُّ والقَاصِي: الْبَعِيدُ، وَالْجَمْعُ أَقْصاء فِيهِمَا كشاهدٍ وأَشْهاد ونصِير وأَنصار؛ قَالَ غَيْلان الرَّبَعِي:

كأَنَّما صَوْتَ حَفِيفِ المَعْزاء،

مَعْزُولِ شَذَّان حَصاها الأَقْصاء،

صَوْتُ نَشِيشِ اللحمِ عِنْدَ الغَلَّاء

وكلُّ شَيْءٍ تَنَحَّى عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ قَصا يَقْصُو قُصُوًّا، فَهُوَ قاصٍ، والأَرض قاصِيةٌ وقَصِيَّةٌ. وقَصَوْت عَنِ الْقَوْمِ: تَبَاعَدْتُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ بالمَكان الأَقْصَى وَالنَّاحِيَةِ القُصْوى والقُصْيا، بِالضَّمِّ فِيهِمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

الْمُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤهم يَسْعَى بذِمَّتِهِم أَدْناهم ويُرَدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهم

أَي أَبْعَدُهم، وَذَلِكَ فِي الغَزْو إِذا دَخَلَ الْعَسْكَرُ أَرض الْحَرْبِ فَوَجَّه الإِمامُ مِنْهُ السَّرَايَا، فَمَا غَنِمَتْ مِنْ شَيْءٍ أَخذَت مِنْهُ مَا سَمَّى لَهَا، ورَدَّ مَا بَقِيَ عَلَى الْعَسْكَرِ لأَنهم، وإِن لَمْ يَشْهَدُوا الْغَنِيمَةَ، رِدْءٌ للسَّرايا وظهْرٌ يَرْجِعون إِليهم. والقُصْوَى والقُصْيا: الْغَايَةُ الْبَعِيدَةُ، قُلِبَتْ فِيهِ الْوَاوُ يَاءً لأَن فُعْلَى إِذا كَانَتِ اسْمًا مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ أُبدلت وَاوُهُ يَاءً كَمَا أُبدلت الْوَاوُ مَكَانَ الْيَاءِ فِي فَعْلى فأَدخلوها عَلَيْهَا فِي فُعْلى ليَتَكافآ فِي التَّغْيِيرِ؛

ص: 183

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَزِدْتُهُ أَنا بَيَانًا، قَالَ: وَقَدْ قَالُوا القُصْوَى فأَجروها عَلَى الأَصل لأَنها قَدْ تَكُونُ صِفَةً بالأَلف وَاللَّامِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الدُّنْيَا مِمَّا يَلي الْمَدِينَةَ والقُصْوَى مِمَّا يَلي مَكَّةَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا كان من النُّعُوتِ مِثْلَ العُلْيا والدُّنيا فإِنه يأْتي بِضَمِّ أَوَّله وَبِالْيَاءِ لأَنهم يَسْتَثْقِلُونَ الْوَاوَ مَعَ ضَمَّةِ أَوّله، فَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ إِلا أَن أَهل الْحِجَازِ قَالُوا القُصْوَى، فأَظهروا الْوَاوَ وَهُوَ نَادِرٌ وأَخرجوه عَلَى الْقِيَاسِ، إِذ سُكِّنَ مَا قَبْلَ الْوَاوِ، وَتَمِيمٌ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ القُصْيا؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: القُصْوَى والقُصْيا طَرف الْوَادِي، فالقُصْوَى عَلَى قول ثعلب من قَوْلِهِ تَعَالَى بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى

، بَدَلٌ. والقاصِي والقاصِيةُ والقَصِيُّ والقَصِيَّةُ مِنَ النَّاسِ وَالْمَوَاضِعِ: المُتَنَحِّي البعيدُ. والقُصْوَى والأَقْصَى كالأَكْبر والكُبرى. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن الشَّيْطَانَ ذِئبُ الإِنسانِ يأْخُذُ القاصِيةَ والشَّاذَّةَ

، القاصِيَةُ: المُنْفَرِدة عَنِ الْقَطِيعِ الْبَعِيدَةُ مِنْهُ، يُرِيدُ أَن الشَّيْطَانَ يَتَسَلَّطُ عَلَى الْخَارِجِ مِنَ الْجَمَاعَةِ وأَهل السنَّة. وأَقْصى الرجلَ يُقْصِيه: باعَدَه. وهَلُمَّ أُقاصِكَ يَعْنِي أَيُّنا أَبْعَدُ مِنَ الشَّرِّ. وقَاصَيْتُه فقَصَوته وقَاصَانِي فقَصَوْته. والقَصَا: فِناء الدَّارِ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ. وحُطْني القَصا أَي تباعَدْ عَنِّي؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:

فَحاطُونا القَصَا، ولقَدْ رَأَوْنا

قَرِيبًا، حَيْثُ يُسْتَمَعُ السِّرارُ

والقَصَا يُمَدُّ وَيُقْصَرُ؛ وَيُرْوَى:

فحاطُونا القَصاءَ وَقَدْ رأَوْنا

وَمَعْنَى حاطُونا القَصَاء أَي تباعَدوا عَنَّا وَهُمْ حَوْلَنَا، وَمَا كُنَّا بِالْبُعْدِ مِنْهُمْ لَوْ أَرادوا أَن يَدْنُوا منَّا، وَتَوْجِيهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ مِنْ كتاب النجو أَن يَكُونَ القَصَاء بِالْمَدِّ مَصْدَرَ قَصا يَقْصو قَصاءً مِثْلَ بَدا يَبْدُو بَداءً، وأَما القَصَا بِالْقَصْرِ فَهُوَ مَصْدَرُ قَصِيَ عَنْ جِوارِنا قَصاً إِذا بَعُدَ. وَيُقَالُ أَيضاً: قَصِيَ الشيءُ قَصاً وقَصاءً. والقَصَا: النسَبُ الْبَعِيدُ، مَقْصُورٌ. والقَصَا: الناحيةُ. والقَصَاةُ: البُعْد «1» وَالنَّاحِيَةُ، وَكَذَلِكَ القَصا. يُقَالُ: قَصِيَ فُلَانٌ عَنْ جِوَارِنَا، بِالْكَسْرِ، يَقْصَى قَصاً، وأَقْصَيْته أَنا فَهُوَ مُقْصًى، وَلَا تَقُلْ مَقْصِيٌّ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: لأَحُوطَنَّك القَصا ولأَغْزُوَنَّك القَصا، كِلَاهُمَا بِالْقَصْرِ، أَي أَدَعُك فَلَا أَقْرَبُك. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ حاطَهم القَصا، مَقْصُورٌ، يَعْنِي كَانَ فِي طُرَّتِهم لَا يأْتِيهم. وحاطَهم القَصا أَي حاطَهم مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ يَتَبَصَّرهم ويَتَحَرَّزُ مِنْهُمْ. وَيُقَالُ: ذَهَبْتُ قَصا فُلَانٍ أَي ناحِيَته، وَكُنْتُ مِنْهُ فِي قاصِيَتِه أَي ناحِيته. وَيُقَالُ: هَلُمَّ أُقاصِك أَيُّنا أَبعد مِنَ الشَّرِّ. وَيُقَالُ: نَزَلْنَا مَنزلًا لَا تُقْصِيه الإِبل أَي لَا تَبْلُغ أَقصاه. وتَقَصَّيت الأَمر واسْتَقْصَيتُه واسْتَقْصَى فُلَانٌ فِي المسأَلة وتَقَصَّى بِمَعْنًى. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَحَكَى القَناني قَصَّيْت أَظفاري، بِالتَّشْدِيدِ، بِمَعْنَى قَصَصْت فَقَالَ الْكِسَائِيُّ أَظنه أَراد أَخَذ مِنْ قَاصِيَتِهَا، وَلَمْ يَحْمِلْهُ الْكِسَائِيُّ عَلَى مُحوّل التَّضْعِيفِ كَمَا حَمَلَهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ قَنان، وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَرْفِ الصَّادِ أَنه مِنْ مُحوّل التَّضْعِيفِ، وَقِيلَ: يُقَالُ إِن وُلدَ لكِ ابْنٌ فقَصِّي أُذنيه أَي احْذفِي مِنْهُمَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَمر مِنْ قَصَّى قَصِّ، وَلِلْمُؤَنَّثِ قَصِّي، كَمَا تَقُولُ خَلِّ عَنْهَا وخَلِّي. والقَصا: حَذْفٌ فِي طرَف أُذن النَّاقَةِ وَالشَّاةِ، مقصور، يكتب بالأَلف

(1). قوله [والقَصَاة البعد] كذا في الأصل، ولم نجده في غيره، ولعله القَصَاء.

ص: 184

وَهُوَ أَن يُقْطع مِنْهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ، وَقَدْ قَصاها قَصْواً وقَصَّاها. يُقَالُ: قَصَوْت الْبَعِيرَ فَهُوَ مَقْصُوّ إِذا قطَعْت مِنْ طَرَفِ أُذنه، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وَنَاقَةٌ قَصْواء: مَقْصُوَّة، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ، وَرَجُلٌ مَقْصُوّ وأَقْصى، وأَنكر بَعْضُهُمْ أَقْصَى. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَعِيرٌ أَقْصى ومُقَصَّى ومَقْصُوّ. وَنَاقَةٌ قَصْوَاء ومُقَصَّاةٌ ومَقْصُوَّةٌ: مَقْطُوعَةُ طَرَفِ الأُذن. وَقَالَ الأَحمر: المُقَصَّاة مِنَ الإِبل الَّتِي شُق مِنْ أُذنها شَيْءٌ ثُمَّ تُرِكَ مُعَلَّقًا. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ القَصْوُ قَطْعُ أُذن الْبَعِيرِ. يُقَالُ: نَاقَةٌ قَصْواء وَبَعِيرٌ مَقْصُوّ، هَكَذَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ، قَالَ: وَكَانَ الْقِيَاسُ أَن يَقُولُوا بِعِيرٌ أَقصى فَلَمْ يَقُولُوا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ أَقصى وإِنما يُقَالُ مَقْصُوٌّ ومُقَصًّى، تَرَكُوا فِيهِ الْقِيَاسَ، ولأَن أَفعل الَّذِي أُنثاه عَلَى فَعْلاء إِنما يَكُونُ مِنْ بَابِ فَعِلَ يَفْعَل، وَهَذَا إِنما يُقَالُ فِيهِ قَصَوْت البعيرَ، وقَصْواء بَائِنَةٌ عَنْ بَابِهِ، وَمِثْلُهُ امرأَة حَسناء، وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ أَحْسَن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ تَرَكُوا فِيهَا الْقِيَاسَ يَعْنِي قَوْلَهُ نَاقَةٌ قَصْواء، وَكَانَ الْقِيَاسُ مَقْصُوَّة، وَقِيَاسُ النَّاقَةِ أَن يُقَالَ قَصَوْتها فَهِيَ مَقْصُوَّة. وَيُقَالُ: قَصَوْت الجملَ فَهُوَ مَقْصُوّ، وَقِيَاسُ النَّاقَةِ أَن يُقَالَ قَصَوتها فَهِيَ مَقْصُوَّة، وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، نَاقَةٌ تُسَمَّى قَصْوَاء وَلَمْ تَكُنْ مَقْطُوعَةَ الأُذن. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه خَطَبَ عَلَى ناقَتِه القَصْوَاء

، وَهُوَ لَقَبُ نَاقَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم. قَالَ: والقَصْواء الَّتِي قُطِع طرَف أُذنها. وَكُلُّ مَا قُطع مِنَ الأُذن فَهُوَ جَدْعٌ، فإِذا بَلَغَ الرُّبُع فَهُوَ قَصْوٌ، فإِذا جَاوَزَهُ فهو غَضْبٌ، فإِذا استُؤصِلت فَهُوَ صَلْم، وَلَمْ تَكُنْ نَاقَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَصْواء وإِنما كَانَ هَذَا لَقَبًا لَهَا، وَقِيلَ: كَانَتْ مَقْطُوعَةَ الأُذن. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ لَهُ نَاقَةٌ تُسَمَّى العَضْباء وَنَاقَةٌ تُسَمَّى الجَدْعاء

، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

صلماءَ

، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:

مخَضْرَمةً

؛ هَذَا كُلُّهُ فِي الأُذن، وَيُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ صِفَةَ نَاقَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ الْجَمِيعُ صِفَةَ نَاقَةٍ وَاحِدَةٍ فَسَمَّاهَا كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَا تَخَيَّلَ فِيهَا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وجهه، حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يُبْلِغُ أَهل مَكَّةَ سُورة بَرَاءَةَ فَرَوَاهُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه، أَنه رَكِبَ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، القَصْواء

، وَفِي رِوَايَةِ

جَابِرٍ العَضْباء

، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا

الجَدْعاء

، فَهَذَا يُصَرِّحُ أَن الثَّلَاثَةَ صِفَةُ نَاقَةٍ وَاحِدَةٍ لأَن الْقَضِيَّةَ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ

أَنس أَنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى نَاقَةٍ جَدْعاء وَلَيْسَتْ بالعَضباء

، وَفِي إِسناده مَقَالٌ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:

أَن أَبا بَكْرٍ، رضي الله عنه، قَالَ: إِن عِنْدِي نَاقَتَيْنِ، فأَعْطَى رسولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِحداهما وَهِيَ الجَدْعاء.

والقَصِيَّةُ مِنَ الإِبل: الْكَرِيمَةُ المُوَدَّعة الَّتِي لَا تُجْهَد فِي حَلَب وَلَا حَمْلٍ. والقَصايا: خِيارُ الإِبل، وَاحِدَتُهَا قَصِيَّة وَلَا تُركب وَهِيَ مُتَّدِعة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

تَذُود القَصايا عَنْ سَراة، كأَنها

جَماهيرُ تَحْتَ المُدْجِناتِ الهَواضِبِ

وإِذا حُمِدت إِبل الرَّجُلِ قِيلَ فِيهَا قَصايا يَثِقُ بِهَا أَي فِيهَا بَقِيَّةٌ إِذا اشْتَدَّ الدَّهْرُ، وَقِيلَ: القَصِيَّة مِنَ الإِبل رُذالتها. وأَقْصى الرجلُ إِذا اقْتَنَى القَوَاصِي مِنَ الإِبل، وَهِيَ النِّهَايَةُ فِي الغَزارة والنَّجابة، وَمَعْنَاهُ أَن صَاحِبَ الإِبل إِذا جَاءَ المُصَدِّق أَقصاها ضِنّاً بِهَا. وأَقْصى إِذا حَفِظَ قَصَا الْعَسْكَرِ وقَصَاءه، وَهُوَ مَا حَوْلَ الْعَسْكَرِ.

ص: 185

وَفِي حَدِيثِ

وَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزة، عليه السلام: كنتُ إِذا رأَيته فِي الطَّرِيقِ تَقَصَّيْتها

أَي صِرْتُ فِي أَقْصاها وَهُوَ غَايَتُهَا. والقَصْوُ: الْبُعْدُ. والأَقْصى: الأَبعد؛ وَقَوْلُهُ:

واخْتَلَس الفَحْلُ مِنْهَا، وَهِيَ قاصِيةٌ،

شَيْئًا فَقَدْ ضَمِنَتْه، وَهُوَ مَحْقُورُ

فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ قاصِيَة هُوَ أَن يَتْبَعَهَا الْفَحْلُ فَيَضْرِبَهَا فَتَلْقَح فِي أَوَّل كَوْمة فَجَعَلَ الكَوْم للإِبل، وإِنما هُوَ لِلْفَرَسِ. وقُصْوَانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

نُبِّئْتُ غَسَّانَ بنَ واهِصَةِ الخُصَى

بِقُصْوانَ، فِي مُسْتَكْلِئِينَ بِطانِ

ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْفَحْلِ هُوَ يَحْبُو قَصا الإِبل إِذا حَفِظها مِنَ الِانْتِشَارِ. وَيُقَالُ: تَقَصَّاهم أَي طَلَبهم وَاحِدًا وَاحِدًا. وقُصَيٌّ، مُصَغَّرٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَالنِّسْبَةُ إِليه قُصَوِيّ بِحَذْفِ إِحدى الياءَين، وَتُقْلَبُ الأُخرى أَلفاً ثُمَّ تُقْلَبُ وَاوًا كَمَا قُلِبَتْ فِي عَدَوِيّ وأُمَوِيٍّ.

قضى: القَضاء: الْحُكْمُ، وأَصله قَضايٌ لأَنه مَنْ قَضَيْت، إِلا أَنَّ الْيَاءَ لَمَّا جَاءَتْ بَعْدَ الأَلف هُمِزَتْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بَعْدَ الأَلف الزَّائِدَةِ طَرَفًا هُمِزَتْ، وَالْجَمْعُ الأَقْضِيةُ، والقَضِيَّةُ مِثْلُهُ، وَالْجَمْعُ القَضَايَا عَلَى فَعالَى وأَصله فَعائل. وقَضَى عَلَيْهِ يَقْضِي قَضَاء وقَضِيَّةً، الأَخيرة مَصْدَرٌ كالأُولى، وَالِاسْمُ القَضِيَّة فَقَطْ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَالَ أَهل الْحِجَازِ الْقَاضِي مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ القاطِع للأُمور المُحِكم لَهَا. واسْتُقْضِي فُلَانٌ أَي جُعِل قاضِياً يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ. وقَضَّى الأَميرُ قاضِياً: كَمَا تَقُولُ أَمرَ أَميراً. وَتَقُولُ: قَضى بَيْنَهُمْ قَضِيَّة وقَضايا. والقَضايا: الأَحكام، وَاحِدَتُهَا قَضِيَّةٌ. وَفِي صُلْحِ الحُدَيْبِيةِ:

هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ

، هُوَ فاعَلَ مِنَ القَضاء الفَصْلِ والحُكْم لأَنه كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهل مَكَّةَ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ القَضاء، وأَصله القَطْع وَالْفَصْلُ. يُقَالُ: قَضَى يَقْضِي قَضَاء فَهُوَ قاضٍ إِذا حَكَم وفَصَلَ. وقَضاء الشَّيْءِ: إِحْكامُه وإِمْضاؤُه وَالْفَرَاغُ مِنْهُ فَيَكُونُ بِمَعْنَى الخَلْق. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: القَضَاء فِي اللُّغَةِ عَلَى وُجُوهٍ مَرْجِعُهَا إِلى انْقِطَاعِ الشَّيْءِ وَتَمَامِهِ. وكلُّ مَا أُحْكِم عَمَلُهُ أَو أُتِمَّ أَو خُتِمَ أَو أُدِّيَ أَداء أَو أُوجِبَ أَو أُعْلِمَ أَو أُنْفِذَ أَو أُمْضِيَ فَقَدْ قُضِيَ. قَالَ: وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا فِي الْحَدِيثِ، وَمِنْهُ القَضاء الْمَقْرُونُ بالقَدَر، وَالْمُرَادُ بالقَدَر التَّقْدِيرُ، وبالقَضاء الخَلق كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ

؛ أَي خَلَقَهُنَّ، فالقَضاء والقَدَرُ أَمران مُتَلازمان لَا يَنْفك أَحدهما عَنِ الْآخَرِ، لأَن أَحدهما بِمَنْزِلَةِ الأَساس وَهُوَ القَدر، وَالْآخَرُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ وَهُوَ القَضاء، فَمَنْ رَامَ الفَصْل بَيْنَهُمَا فَقَدْ رَامَ هَدْمَ الْبِنَاءِ ونَقْضه. وقَضَى الشيءَ قَضاءً: صنَعه وقَدَّره؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ

؛ أَي فَخَلَقَهُنَّ وعَمِلهن وَصَنَعَهُنَّ وقطَعَهن وأَحكم خَلْقَهُنَّ، وَالْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْعَمَلِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الصُّنْعِ وَالتَّقْدِيرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَاقْضِ مَا أَنْتَ قاضٍ

؛ مَعْنَاهُ فَاعْمَلْ مَا أَنت عَامِلٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضاهُما

داودُ، أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ

قَالَ ابن السيرافي: قَضاهما فَرغ مِنْ عَمَلِهِمَا. وَالْقَضَاءُ: الحَتْم والأَمْرُ. وقَضَى أَي حَكَمَ، وَمِنْهُ القَضَاء والقَدر. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ

؛ أَي أَمَر رَبُّكَ وحَتم، وَهُوَ أَمر قَاطِعٌ حَتْم. وَقَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ

؛ وَقَدْ يَكُونُ

ص: 186

بِمَعْنَى الْفَرَاغِ، تَقُولُ: قَضَيت حَاجَتِي. وقَضى عَلَيْهِ عَهْداً: أَوصاه وأَنفذه، وَمَعْنَاهُ الْوَصِيَّةُ، وَبِهِ يُفَسَّرُ قَوْلُهُ عز وجل: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ

؛ أَي عَهِدْنا وَهُوَ بِمَعْنَى الأَداء والإِنْهاء. تَقُولُ: قَضَيْتُ دَيْني، وَهُوَ أَيضاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ

، وَقَوْلِهِ: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ

: أَي أَنْهَيْناه إِلَيْهِ وأَبْلَغْناه ذَلِكَ، وقَضى أَي حَكَمَ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ

؛ أَي مِنْ قَبْلِ أَن يُبَيَّن لَكَ بَيَانُهُ. اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ

؛ أَي أَتْمَمْنا عَلَيْهِ الْمَوْتُ. وقَضَى فُلَانٌ صِلَاتَهُ أَي فَرَغَ مِنْهَا. وقَضَى عَبْرَتَه أَي أَخرج كُلَّ مَا فِي رأْسِه؛ قَالَ أَوس:

أَمْ هَل كَثِيرُ بُكىً لَمْ يَقْضِ عَبْرَتَه،

إثرَ الأَحِبَّةِ يومَ البَيْنِ، مَعْذُور؟

أَيْ لَمْ يُخْرِج كلَّ مَا فِي رأْسه. والقاضِيَةُ: المَنِيَّة الَّتِي تَقْضِي وَحِيّاً. والقَاضِيَةُ: المَوت، وَقَدْ قَضَى قَضاء وقُضِيَ عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُهُ:

تَحنُّ فَتُبْدِي مَا بِهَا مِنْ صَبابةٍ،

وأُخِفي الَّذِي لَوْلَا الأَسا لقَضَانِي

مَعْنَاهُ قَضَى عَليَّ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

سَمَّ ذَرارِيحَ جَهِيزاً بالقَضِي

فَسَّرَهُ فَقَالَ: القَضِي الْمَوْتُ الْقَاضِي، فَأَمَّا أَن يَكُونَ أَراد القَضي، بِالتَّخْفِيفِ، وَإِمَّا أَن يَكُونَ أَراد القَضِيّ فَحَذَفَ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ كَمَا قَالَ:

أَلم تَكُنْ تَحْلِف باللهِ العَلي،

إنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطِي؟

وقَضَى نَحْبَه قَضاءً: مَاتَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ لِلْكُمَيْتِ:

وَذَا رَمَقٍ مِنْهَا يُقَضِّي وطافِسا

إِمَّا أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى يَقْضِي، وَإِمَّا أَن يَكُونَ أَن الْمَوْتَ اقْتَضَاهُ فَقَضَاهُ دَيْنَهُ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْقَطَامِيُّ:

فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ صاحبُه،

إِذَا الصَّراريُّ مِنْ أَهْوالِه ارْتَسَما

أَي يَقْضِي الموتَ مَا جَاءَهُ يَطْلُب مِنْهُ وَهُوَ نفْسُه. وضَرَبَه فَقَضَى عَلَيْهِ أَي قَتَلَهُ كأَنه فَرَغَ مِنْهُ. وسَمٌّ قَاضٍ أَي قَاتِلٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ قَضَى الرجلُ وقَضَّى إِذَا مَاتَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

إِذَا الشَّخْصُ فِيهَا هَزَّه الآلُ أَغْمَضَتْ

عليهِ، كإغْماضِ المُقَضِّي هُجُولُها

وَيُقَالُ: قَضَى عَليَّ وقَضَانِي، بإِسقاط حَرْفِ الْجَرِّ؛ قَالَ الْكِلَابِيُّ:

فَمَنْ يَكُ لَمْ يَغْرَضْ فَإِنِّي وناقَتي،

بِحَجْرٍ إِلَى أَهلِ الحِمَى، غَرِضان

تَحِنُّ فَتُبْدِي مَا بِهَا مِنْ صَبابَة،

وأُخْفِي الَّذِي لَوْلَا الأَسا لقَضاني

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ

؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى قُضِيَ الأَمر أُتِم إهْلاكُهم. قَالَ: وقَضَى فِي اللُّغَةِ عَلَى ضُروب كلُّها تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى انْقِطاعِ الشَّيْءِ وتَمامِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ قَضى أَجَلًا

؛ مَعْنَاهُ ثُمَّ حَتَم بِذَلِكَ وأَتَمَّه، وَمِنْهُ الإِعْلام؛ وَمِنْهُ قوله تعالى: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ

؛ أَي أَعْلَمْناهم إِعْلَامًا قَاطِعًا، وَمِنْهُ القَضَاء للفَصْل فِي الحُكْم وهو قوله: لَوْلا (كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى) أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ

؛ أَي لفُصِلَ الحُكْم بَيْنَهُمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلِهِمْ: قَدْ قَضَى القاضِي

ص: 187

بَيْنَ الخُصومِ أَي قَدْ قَطَع بَيْنَهُمْ فِي الْحُكْمِ، وَمِنْ ذَلِكَ: قَدْ قَضَى فُلَانٌ دَيْنه، تأْويله أَنه قَدْ قَطَع مَا لغَريمه عَلَيْهِ وأَدَّاه إِلَيْهِ وقَطَعَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. واقْتَضَى دَيْنه وتَقاضاه بِمَعْنَى. وكلُّ مَا أُحْكِمَ فَقَدَ قُضِيَ. تَقُولُ: قَدْ قَضَيْتُ هَذَا الثوبَ، وَقَدْ قَضَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ إِذَا عَمِلْتها وأَحْكَمْتَ عَمَلَها، وأَما قَوْلُهُ: ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ

، فَإِنَّ أَبا إِسْحَاقَ قَالَ: ثُمَّ افْعلُوا مَا تُريدون، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ ثُمَّ امْضُوا إليَّ كَمَا يُقَالُ قَدْ قَضىَ فُلَانٌ، يُرِيدُ قَدْ مَاتَ ومَضى؛ وقال أَبو إسحاق: هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي هُودٍ: فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ؛ يَقُولُ: اجْهَدُوا جَهْدَكم فِي مُكايَدَتي والتَّأَلُّب عليَّ، وَلا تُنْظِرُونِ أَي وَلَا تُمْهِلوني؛ قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَقوى آيَاتِ النُّبُوَّةِ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ لِقَوْمِهِ وَهُمْ مُتعاوِنون عَلَيْهِ افْعَلُوا بِي مَا شِئْتُمْ. وَيُقَالُ: اقْتَتَلَ الْقَوْمُ فقَضَّوْا بَيْنَهُمْ قَواضِيَ وَهِيَ المَنايا؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

فقَضَّوا مَنايا بينَهم ثُمَّ أَصْدَرُوا «2»

الْجَوْهَرِيُّ: قَضَّوا بَيْنَهُمْ مَنَايَا، بِالتَّشْدِيدِ، أَي أَنْفَذوها. وقَضَّى اللُّبانةَ أَيضاً، بِالتَّشْدِيدِ، وقَضاها، بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى. وقَضى الغَريمَ دَيْنَه قَضَاءً: أَدَّاه إِلَيْهِ. واستَقْضاه: طلَب إِلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَه. وتَقَاضَاه الدَّيْنَ: قَبَضَه مِنْهُ؛ قَالَ:

إِذَا مَا تَقَاضَى المَرْءَ يومٌ ولَيلةٌ،

تَقَاضَاه شيءٌ لَا يَمَلُّ التَّقَاضِيا

أَراد: إِذَا مَا تَقاضى المرءَ نَفْسَه يومٌ وَلَيْلَةٌ. وَيُقَالُ: تَقَاضَيْته حَقِّي فَقضانِيه أَي تَجازَيْتُه فجَزانِيه. وَيُقَالُ: اقْتَضَيْتُ مَا لِي عَلَيْهِ أَي قَبَضْته وأَخذْته. والقَاضِيةُ مِنَ الإِبل: مَا يَكُونُ جَائِزًا فِي الدِّية والفَريضةِ الَّتِي تَجِب فِي الصَّدقة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

لَعَمْرُكَ مَا أَعانَ أَبو حَكِيمٍ

بِقاضِيةٍ، وَلَا بَكْرٍ نَجِيب

وَرَجُلٌ قَضِيٌّ: سَرِيعُ القَضاء، يَكُونُ مِنْ قَضاء الْحُكُومَةِ وَمِنْ قَضَاء الدَّين. وقَضى وطَرَه: أَتمَّه وبلَغه. وقَضَّاه: كَقَضاه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو زَيْدٍ:

لقَدْ طالَ مَا لَبَّثْتَني عَنْ صَحابَتي

وعَن حِوَجٍ، قِضَّاؤُها مِنْ شِفائِيا «3»

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ عِنْدِي مِنْ قَضَّى ككِذّابٍ مِنْ كَذَّبَ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ اقْتِضَاؤُهَا فَيَكُونُ مِنْ بَابِ قِتَّالٍ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي اقْتِتالِ. والانْقِضاء: ذَهاب الشَّيْءِ وفَناؤه، وَكَذَلِكَ التَّقَضِّي. وانْقَضَى الشَّيْءُ وتَقَضَّى بِمَعْنًى. وانْقِضاء الشَّيْءِ وتَقَضِّيه: فَناؤه وانْصِرامُه؛ قَالَ:

وقَرَّبُوا للْبَيْن والتَّقَضِّي

مِنْ كلِّ عَجَّاجٍ تَرى للغَرْضِ،

خَلْفَ رَحى حَيْزُومِه كالغَمْضِ

أَي كَالْغَمْضِ الَّذِي هُوَ بَطْنُ الْوَادِي؛ فَيَقُولُ تَرَى للغَرْضِ فِي جَنْبِه أَثراً عَظِيمًا كَبَطْنِ الْوَادِي. والقَضَاة: الجِلدة الرَّقيقةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ. والقِضَةُ، مُخَفَّفَةً: نِبْتةٌ سُهْلِيَّةٌ وَهِيَ مَنْقُوصَةٌ، وَهِيَ مِنَ الحَمْض، وَالْهَاءُ عِوَضٌ، وَجَمْعُهَا قِضًى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهِيَ مِنْ مُعْتَلِّ الْيَاءِ، وَإِنَّمَا قَضَيْنا بأَن لَامَهَا يَاءٌ لِعَدَمِ ق ض وو وجود ق ض ي. الأَصمعي: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ الرِّمْثُ والقِضةُ، وَيُقَالُ فِي جَمْعِهِ قِضاتٌ وقِضُون. ابْنُ السِّكِّيتِ:

(2). عجز البيت:

إِلَى كَلأٍ مُستَوْبلٍ مُتَوَخَّمِ

(3)

. قوله [قضاؤها] هذا هو الصواب وضبطه في ح وج بغيره خطأ.

ص: 188

تُجْمَعُ القِضةُ قِضِينَ؛ وأَنشد أَبو الْحَجَّاجِ:

بِساقَيْنِ ساقَيْ ذِي قِضِينَ تَحُشُّه

بأَعْوادِ رَنْدٍ، أَو أَلاوِيةً شُقْرا

وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْت:

عَرَفْتُ الدَّارَ قَدْ أَقْوَتْ سِنينا

لِزَيْنَبَ، إذْ تَحُلُّ بِذِي قِضِينا

وقِضةُ أَيضاً: مَوْضِعٌ كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ تحْلاق اللِّمَمِ، وتَجمع على قِضَاتٍ وقِضِين، وَفِي هَذَا الْيَوْمِ أَرسلت بَنُو حَنِيفَةَ الفِنْد الزِّمَّانيَّ إلى أَولاد ثعلبة حِينَ طَلَبُوا نَصْرَهُمْ عَلَى بَنِي تَغْلِب، فَقَالَ بَنُو حَنِيفَةَ: قَدْ بَعَثْنَا إِلَيْكُمْ بأَلف فَارِسٍ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ عَدِيد الأَلف، فَلَمَّا قَدَمَ عَلَى بَنِي ثَعْلَبٍةَ قَالُوا لَهُ: أَين الأَلف؟ قَالَ أَنا، أَما تَرضَوْن أَني أَكون لَكُمْ فِنْداً؟ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ وَبَرَزُوا للقِتال حَمَلَ عَلَى فَارِسٍ كَانَ مُرْدِفاً لِآخَرَ فَانْتَظَمَهُمَا وَقَالَ:

أَيا طَعْنَةَ مَا شَيْخٍ

كبِيرٍ يَفَنٍ بَالِي

أَبو عَمْرٍو: قَضَّى الرَّجُلُ إِذَا أَكل القَضا وَهُوَ عَجَم الزَّبِيبِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهُوَ بِالْقَافِ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. أَبو عُبَيْدٍ: والقَضَّاء مِنَ الدُّروع الَّتِي قَدْ فُرغ مِنْ عَمَلِهَا وأُحْكمت، وَيُقَالُ الصُّلْبة؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

وكلُّ صَمُوتٍ نَثْلةٍ تُبَّعِيَّةٍ،

ونَسْجُ سُلَيْمٍ كلَّ قَضَّاءَ ذائِل

قَالَ: وَالْفِعْلُ مِنَ القَضَّاء قَضَيْتها؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ القَضَّاء فَعَّالًا مِنْ قَضَى أَي أَتَمَّ، وَغَيْرُهُ يَجْعَلُ القَضّاء فَعْلاء مِنْ قَضَّ يَقَضُّ، وَهِيَ الجَديدُ الخَشِنةُ، مِنْ إقْضاضِ المَضْجَع. وتَقَضَّى الْبَازِي أَي انْقَضَّ، وأَصله تَقَضَّضَ، فَلَمَّا كَثُرَتِ الضَّادَاتُ أُبدلت مِنْ إِحْدَاهُنَّ يَاءً؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

إِذَا الكرامُ ابْتَدَرُوا الباعَ بَدَرْ،

تَقَضِّيِ الْبَازِي إِذَا الْبَازِي كَسَرْ

وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ دَارُ القَضَاء فِي الْمَدِينَةِ، قِيلَ: هِيَ دارُ الإِمارة، قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ خطأٌ وَإِنَّمَا هِيَ دَارٌ كَانَتْ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، بِيعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي دَينه ثُمَّ صَارَتْ لمَرْوان، وَكَانَ أَميراً بِالْمَدِينَةِ، وَمِنْ هَاهُنَا دَخَلَ الْوَهْمُ عَلَى مَنْ جَعَلَهَا دَارَ الإِمارة.

قطا: قَطا يَقْطُو: ثَقُل مَشْيُهُ. والقَطَا: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لثِقَل مَشيْه، وَاحِدَتُهُ قَطاة، وَالْجَمْعُ قَطَوات وقَطَياتٌ، وَمَشْيُهَا الاقْطِيطاء. تَقُولُ: اقْطَوْطَتِ القَطَاةُ تَقْطَوْطِي، وأَما قَطت تَقْطُو فَبَعْضٌ يَقُولُ مِنْ مَشْيِهَا، وَبَعْضٌ يَقُولُ مِنْ صَوْتِهَا، وَبَعْضٌ يَقُولُ صَوْتُهَا القَطْقَطةُ. والقَطْوُ: تَقَارُب الخَطْو مِنَ النَّشاط. وَالرَّجُلُ يَقْطَوْطِي فِي مَشْيِهِ إِذَا اسْتَدارَ وتَجَمَّع؛ وأَنشد:

يَمْشِي مَعاً مُقْطَوْطِياً إِذَا مَشَى

وقَطَت القَطاةُ: صَوَّتَتْ وَحْدَهَا فقالت قَطا قَطا؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَرُبَّمَا قَالُوا فِي جَمْعِهِ قَطَياتٍ، ولَهَياتٍ فِي جَمْعِ لَهاة الإِنسان، لأَن فَعَلْت مِنْهُمَا لَيْسَ بِكَثِيرٍ فَيَجْعَلُونَ الأَلف الَّتِي أَصلها وَاوٌ يَاءً لِقِلَّتِهَا فِي الْفِعْلِ، قَالَ: وَلَا يَقُولُونَ فِي غَزَواتٍ غَزَيات لأَن غَزَوْتُ أَغْزُو كَثِيرٌ مَعْرُوفٌ فِي الْكَلَامِ. وَفِي الْمَثَلِ: إِنَّهُ لأَصْدَقُ مِنْ قَطاة؛ وَذَلِكَ لأَنها تَقُولُ قَطا قَطا. وَفِي الْمَثَلِ أَيضاً: لَوْ تُرِكَ القَطا لَنامَ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يَهِيجُ إِذَا تُهُيِّج. التَّهْذِيبُ: دَلَّ بَيْتُ النَّابِغَةِ أَن القَطاة سُمِّيَتْ قَطاة بِصَوْتِهَا؛

ص: 189

قَالَ النَّابِغَةُ:

تَدْعُو قَطا، وَبِهِ تُدْعى إِذَا نُسِبَتْ،

يَا صِدْقَها حِينَ تَدْعُوها فتَنْتَسِبُ

وَقَالَ أَبو وَجْزة يَصِفُ حَمِيرًا وَرَدَتْ لَيْلًا مَاءً فَمَرَّتْ بِقَطاً وأَثارَتْها:

مَا زِلْنَ يَنْسُبْنَ وَهْناً كلَّ صادِقةٍ،

باتَتْ تُباشِرُ عُرْماً غَيْرَ أَزْواجِ

يَعْنِي أَنها تمرُّ بالقَطا فتُثِيرها فتَصِيح قَطا قَطَا، وَذَلِكَ انْتِسَابُهَا. الْفَرَّاءُ: وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ إِنَّهُ لأَدَلُّ مِنْ قَطاة، لأَنها تَرد الْمَاءَ لَيْلًا مِنَ الفَلاة الْبَعِيدَةِ. والقَطَوَانُ والقَطَوْطَى: الَّذِي يُقارِبُ الْمَشْيَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ شَمِرٌ: وَهُوَ عِنْدِي قَطْوَان، بِسُكُونِ الطَّاءِ، والأُنثى قَطَوَانَة وقَطَوطَاة، وَقَدْ قَطا يَقْطُو قَطْواً وقُطُوًّا واقْطَوْطى. والقَطَوطى: الطَّوِيلُ الرِّجْلَيْنِ إِلَّا أَنه لَا يُقَارِبُ خَطْوه كَمَشْيِ الْقَطَا. والقَطَاةُ: العَجُز، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الوَرِكين، وَقِيلَ: هُوَ مَقعَد الرِّدف «1» أَو مَوْضِعُ الرِّدْفِ مِنَ الدَّابَّةِ خَلْفَ الْفَارِسِ، وَيُقَالُ: هِيَ لِكُلِّ خَلْق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وكَسَتِ المِرْطَ قَطاةً رَجْرجا

وَثَلَاثُ قَطَوات. والقَطا: مَقْعَد الرِّدف وَهُوَ الرَّديف؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وصُمٌّ صِلابٌ مَا يَقِينَ مِنَ الوَجى،

كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ مِنْهُ عَلَى رالِ

يَصِفُهُ بإشرافِ القَطاة. والرَّأْلُ: فَرْخُ النَّعامِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

وأَبوكَ لَمْ يَكُ عارِفاً بلَطاتِه،

لَا فَرْقَ بينَ قَطاتِه ولَطاتِه

وَتَقُولُ الْعَرَبُ فِي مَثَلٍ: لَيْسَ قَطاً مثلَ قُطَيٍّ أَي لَيْسَ النَّبِيلُ كالدَّنيءِ؛ وأَنشد:

لَيْسَ قَطاً مِثْلَ قُطَيٍّ، ولا

المَرْعِيُّ، وفي الأَقْوامِ، كالرّاعِي

أَي لَيْسَ الأَكابر كالأَصاغر. وتَقَطَّى عَنِّي بِوَجْهِهِ: صدَف لأَنه إِذَا صدَف بِوَجْهِهِ فكأَنه أَراه عَجُزَه؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وأَنشد:

أَلِكْني إِلَى المَوْلى الَّذِي كُلَّما رَأى

غَنِياًّ تَقَطَّى، وَهُوَ للطَّرف قاطِعُ

وَيُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ رَطاتِه «2» لَا يَعْرِفُ قَطاتَه مِنْ لَطاتِه؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ الأَحمق لَا يَعْرِفُ قُبُله مِنْ دُبُرِه مِنْ حَماقَته. وَقَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الحُصَيْبي يَقُولُ تَقَطَّيْتُ عَلَى الْقَوْمِ وتَلَطَّيْتُ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانَتْ لِي طَلِبةٌ فأَخذت مِنْ مَالِهِمْ شَيْئًا فَسَبَقْتُ بِهِ. والقَطْوُ: مُقاربة الخَطْو مَعَ النَّشاط، يُقَالُ مِنْهُ: قَطَا فِي مِشْيته يَقْطُو، واقْطَوطى مِثْلُهُ، فَهُوَ قَطَوان، بِالتَّحْرِيكِ، وقَطَوطَى أَيضاً، عَلَى فَعَوْعَلٍ، لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فعَوَّل، وَفِيهِ فَعَوْعَل مِثْلُ عَثَوثَل، وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ فِيمَا يَلْزَمُ فِيهِ الْوَاوُ أَن تُبْدَلَ يَاءً نَحْوَ أَغْزَيْت واسْتَغْزَيت أَن قَطَوْطى فَعَلْعَلٌ مِثْلَ صَمَحْمحٍ، قَالَ: وَلَا تَجْعَلُهُ فَعَوْعَلًا لأَن فعَلْعَلًا أَكثر مِنْ فَعَوْعَلٍ، قَالَ: وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنه فَعَوْعَل، قَالَ السِّيرَافِيُّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لأَنه يقال اقْطَوْطَى

(1). قوله [مقعد الردف] هي عبارة المحكم. وقوله [موضع إلخ] هي عبارة التهذيب جمع المؤلف بينهما على عادته معبراً بأو.

(2)

. قوله [من رطاته] ليس من المعتل وإنما هو من الصحيح، ففي القاموس: الرطأ، محركة، الحمق، ولينت هنا للمشاكلة والازدواج.

ص: 190

واقْطَوْطَى افعَوْعَل لَا غَيْرَ. قَالَ: والقَطَوطى أَيضاً الْقَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ وَلَّادٍ: الطَّوِيلُ الرِّجْلَيْنِ، وَغَلَّطَهُ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: المُقْطَوْطِي الَّذِي يَخْتِل؛ وأَنشد للزِّبرقان:

مُقْطَوْطِياً يَشْتِمُ الأَقْوامَ ظالِمَهُمْ،

كالعِفْوِ سافَ رَقِيقَي أُمِّه الجَذَعُ

مُقْطَوْطِياً أَي يَخْتِلُ جَارَهُ أَو صَدِيقَهُ، والعِفْوُ: الجَحْش، وَالرَّقِيقَانِ: مَراقُّ الْبَطْنِ أَي يُرِيدُ أَن يَنْزُوَ عَلَى أُمه. والقَطْيُ: دَاءٌ يأْخذ فِي الْعَجُزِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وتَقَطَّت الدَّلْوُ: خَرَجَتْ مِنَ الْبِئْرِ قَلِيلًا قَلِيلًا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:

قَدْ أَنْزِعُ الدلْوَ تَقَطَّى في المَرَسْ،

تُوزِغُ مِنْ مَلْءٍ كإيزاغِ الفَرَسْ

والقَطَياتُ: لُغَةٌ فِي القَطَوات. وقُطَيَّات: مَوْضِعٌ. وَكِسَاءٌ قَطَوانيٌّ، وقَطَوانُ: مَوْضِعٌ بِالْكُوفَةِ. وقُطَيَّاتٌ: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ قَطاتانِ مَوْضِعٌ، ورَوْض القَطا؛ قَالَ:

أَصابَ قُطَيّاتٍ فَسالَ لِواهُما

وَيُرْوَى: أَصاب قَطاتَيْنِ؛ وَقَالَ أَيضاً:

دَعَتْها التَّناهِي برَوْضِ القَطا

إِلَى وحْفَتَيْنِ إِلَى جُلْجُل «1»

وَرِيَاضُ الْقَطَا: مَوْضِعٌ؛ وَقَالَ:

فَمَا رَوْضةٌ مِنْ رِياضِ القَطا،

أَلَثَّ بِهَا عارِضٌ مُمْطِرُ

وقُطَيَّةُ بِنْتُ بِشْرٍ: امرأَة مَرْوان بْنِ الْحَكَمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَأَنِّي أَنظر إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ فِي هَذَا الْوَادِي مُحْرماً بَيْنَ قَطَوانِيَّتَيْن

؛ القَطَوَانِيَّةُ: عَبَاءَةٌ بَيْضَاءُ قَصِيرَةُ الخَمْلِ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، كَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي الْمُعْتَلِّ، وَقَالَ: كِسَاءٌ قَطَوَانيٌّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أُمّ الدَّرْدَاءِ: قَالَتْ أَتاني سَلْمانُ الفارسيُّ فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ عَباءة قَطَوَانِيّة

، وَاللَّهُ أَعلم.

قعا: القَعْو: الْبَكَرَةُ، وَقِيلَ: شَبَهُهَا، وَقِيلَ: الْبَكَرَةُ مِنْ خَشَبٍ خَاصَّةً، وَقِيلَ: هُوَ المِحْور مِنَ الْحَدِيدِ خَاصَّةً، مَدَنِيَّةٌ، يَسْتَقي عَلَيْهَا الطيَّانُون. الْجَوْهَرِيُّ: القَعْو خَشَبَتَانِ فِي الْبَكَرَةِ فِيهِمَا الْمِحْوَرُ، فَإِنْ كَانَا مِنْ حَدِيدٍ فَهُوَ خُطّاف. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القَعْوُ جَانِبُ الْبَكَرَةِ، وَيُقَالُ خَدُّهَا؛ فَسَّرَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ النَّابِغَةِ:

لَهُ صَريفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ

وَقَالَ: الأَعلم: القَعْوُ مَا تَدُورُ فِيهِ الْبَكْرَةِ إِذَا كَانَ مِنْ خَشَبٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ فَهُوَ خُطَّافٌ. والمِحْور: الْعُودُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ الْبَكَرَةُ، فَبَانَ بِهَذَا أَن القَعْوَ هُوَ الْخَشَبَتَانِ اللَّتَانِ فِيهِمَا الْمِحْوَرُ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ فِي الْخُطَّافِ:

خَطاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبالٍ مَتِينَةٍ،

تَمُدُّ بِهَا أَيدٍ إِلَيْكَ نَوازِعُ

والقَعْوَانِ: خَشَبَتَانِ تَكْتَنِفان الْبَكَرَةَ وَفِيهِمَا الْمِحْوَرُ، وَقِيلَ: هُمَا الْحَدِيدَتَانِ اللَّتَانِ تَجْرِي بَيْنَهُمَا الْبَكَرَةُ، وَجَمْعُ كَلِّ ذَلِكَ قُعِيٌّ لَا يكسَّر إِلَّا عَلَيْهِ. قَالَ الأَصمعي: الخُطاف الَّذِي تَجْرِي الْبَكَرَةُ وَتَدُورُ فِيهِ إِذَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ فَهُوَ القَعْو؛ وأَنشد غَيْرُهُ:

إنْ تَمْنَعي قَعْوَكِ، أَمْنَعْ مِحْوَرِي

لِقَعْوِ أُخْرَى حَسَنٍ مُدَوّرِ

وَالْمِحْوَرُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا الْبَكَرَةُ. ابن

(1). قوله [إلى وحفتين إلخ] هذا بيت المحكم. وفي مادة وح ف بدل هذا المصراع:

فَنَعْفِ الْوِحَافِ إِلَى جُلْجُلِ

ص: 191

الأَعرابي: القَعْوُ خَدُّ الْبَكَرَةِ، وَقِيلَ: جَانِبُهَا. والقَعْوُ: أَصل الْفَخْذِ، وَجَمْعُهُ القُعَى. والعُقَى: الْكَلِمَاتُ الْمَكْرُوهَاتُ. وأَقْعَى الْفَرَسُ إِذَا تَقَاعَس عَلَى أَقْتاره، وامرأَة قَعْوَى وَرَجُلٌ قَعْوَانُ. وقَعَا الْفَحْلُ عَلَى النَّاقَةِ يَقْعُو قَعْواً وقُعُوًّا، عَلَى فُعُول، وقَعاها واقْتَعَاها: أَرسل نَفْسَهُ عَلَيْهَا، ضَرب أَو لَمْ يَضرب؛ الأَصمعي: إِذَا ضَرَبَ الْجَمَلُ النَّاقَةَ قِيلَ قَعَا عَلَيْهَا قُعُوٌّا، وقاعَ يَقُوع مِثْلُهُ، وَهُوَ القُعُوُّ والقَوْعُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ؛ يُقَالُ: قاعَها وقَعا يَقْعُو عَنِ النَّاقَةِ وَعَلَى النَّاقَةِ؛ وأَنشد:

قاعَ وإِنْ يَتْرُكْ فَشَوْلٌ دُوَّخُ

وقَعَا الظَّلِيمُ وَالطَّائِرُ يَقْعُو قُعُوًّا: سَفِدَ. وَرَجُلٌ قَعُوّ الْعَجِيزَتَيْنِ «1» : أَرْسَح؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: قَعُوّ الأَليتين نَاتِئُهُمَا غَيْرُ مُنْبَسِطِهِمَا. وامرأَة قَعْوَاء: دَقِيقَةُ الْفَخِذَيْنِ أَو السَّاقَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ الدَّقِيقَةُ عَامَّةً. وأَقْعَى الرَّجُلُ فِي جُلُوسه: تَسانَدَ إِلَى مَا وَرَاءَهُ، وَقَدْ يُقْعِي الرَّجُلُ كأَنه مُتَسانِدٌ إِلَى ظَهْرِهِ، وَالذِّئْبُ وَالْكَلْبُ يُقْعِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى اسْتِهِ. وأَقْعَى الْكَلْبُ والسبعُ: جَلَسَ عَلَى اسْتِهِ. والقَعا، مَقْصُورٌ: رَدَّة فِي رأَس الأَنف، وَهُوَ أَن تُشْرِفَ الأَرنبة ثُمَّ تُقْعِي نَحْوَ الْقَصَبَةِ، وَقَدْ قَعِيَ قَعاً فَهُوَ أَقْعَى، والأُنثى قَعْوَاء، وَقَدْ أَقْعَتْ أَرنبته، وأَقْعَى أَنفه. وأَقْعَى الْكَلْبُ إِذَا جَلَسَ عَلَى اسْتِهِ مُفْتَرِشًا رِجْلَيْهِ وَنَاصِبًا يَدَيْهِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنِ الإِقْعَاء فِي الصَّلَاةِ، وَفِي رِوَايَةٍ:

نَهى أَن يُقْعِيَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ

، وَهُوَ أَن يَضَعَ أَليتيه عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ، قَالَ الأَزهري: كَمَا رُوِيَ عَنِ الْعَبَادِلَةِ، يَعْنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وأَما أَهل اللُّغَةِ فالإِقْعاء عِنْدَهُمْ أَن يُلْصِقَ الرَّجُلُ أَليتيه بالأَرض وينْصِب سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الأَرض كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ أَشبه بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وَلَيْسَ الإِقْعاء فِي السِّبَاعِ إِلَّا كَمَا قُلْنَاهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُلْصِقَ الرَّجُلُ أَليتيه بالأَرض وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَتَسَانَدَ إِلَى ظَهْرِهِ؛ قَالَ الْمُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ يَهْجُو الزبرقان ابن بَدْرٍ:

فَأَقْعِ كَمَا أَقْعَى أَبُوك عَلَى اسْتِه،

رَأَى أَنَّ رَيْمًا فَوقَه لَا يُعادِلُهْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِ هَذَا الْبَيْتِ وأَقْعِ بِالْوَاوِ لأَن قَبْلَهُ:

فإنْ كُنْتَ لَمْ تُصْبِحْ بحَظِّك راضِياً،

فَدَعْ عنكَ حَظّي، إنَّني عَنْكَ شاغِلُهْ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه، صلى الله عليه وسلم، أَكل مُقْعِياً

؛ أَراد أَنه كَانَ يَجْلِسُ عِنْدَ الأَكل عَلَى وَرِكَيْهِ مُسْتَوْفِزًا غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِقْعاء أَن يَجْلِسَ الرَّجُلُ عَلَى وَرِكَيْهِ، وَهُوَ الِاحْتِفَازُ والاستِيفازُ.

قفا: الأَزهري: القَفا، مَقْصُورٌ، مُؤَخَّرُ العُنق، أَلفها وَاوٌ وَالْعَرَبُ تُؤَنِّثُهَا، وَالتَّذْكِيرُ أَعم. ابْنُ سِيدَهْ: القَفا وَرَاءَ الْعُنُقِ أُنثى؛ قَالَ:

فَما المَوْلَى، وَإِنْ عَرُضَت قَفاه،

بأَحْمَل للمَلاوِمِ مِن حِمار

وَيُرْوَى: للمَحامِد، يَقُولُ: لَيْسَ الْمَوْلَى وَإِنْ أَتَى بِمَا يُحمَد عَلَيْهِ بأَكثر مِنَ الحِمار مَحامِد. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: القَفا يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وحَكَى عَنْ عُكْلٍ هَذِهِ قَفاً، بالتأْنيث، وَحَكَى ابْنُ جِنِّي المدّ في

(1). قوله [قَعُوّ العجيزتين إلخ] هو بهذا الضبط في الأَصل والتكملة والتهذيب، وضبط في القاموس بفتح فسكون خطأ.

ص: 192

القَفا وَلَيْسَتْ بِالْفَاشِيَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ جِنِّي الْمَدُّ فِي القَفَا لُغَةٌ وَلِهَذَا جُمِعَ عَلَى أَقفِيَة؛ وأَنشد:

حَتَّى إِذَا قُلْنا تَيَفَّع مالكٌ،

سَلَقَت رُقَيَّةُ مالِكاً لقَفائِه

فأَما قَوْلُهُ:

يَا ابنَ الزُّبَير طالَ مَا عَصَيْكا،

وطالَ مَا عَنَّيْتَنا إلَيْكا،

لَنَضْرِبَنْ بسَيْفِنا قَفَيْكا

أَراد قَفاك، فأَبدل الأَلف يَاءً لِلْقَافِيَةِ، وَكَذَلِكَ أَراد عَصَيْتَ، فأَبدل مِنَ التَّاءِ كَافًا لأَنها أُختها فِي الْهَمْسِ، وَالْجَمْعُ أَقْفٍ وأَقْفِيةٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لأَنه جمعُ الْمَمْدُودِ مِثْلَ سَماء وأَسْمِيَةٍ، وأَقْفَاءٌ مِثْلَ رَحاً وأَرْحاء؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ جَمْعُ الْقِلَّةِ، وَالْكَثِيرُ قُفِيٌّ عَلَى فُعُول مثل عَصاً وعُصِيٍّ، وقِفِيٌّ وقَفِينٌ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ لَا يُوجِبُهَا الْقِيَاسُ. والقَافِيَةُ: كالقَفا، وَهِيَ أَقلهما. وَيُقَالُ: ثَلَاثَةُ أَقْفَاء، وَمَنْ قَالَ أَقْفِيَة فإنه جماعة والقِفِيّ والقُفِيّ؛ وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: جَمْعُ القَفَا أَقْفَاء، وَمَنْ قَالَ أَقْفِيَة فَقَدْ أَخطأَ. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ إِذَا هَرِمَ: رُدَّ عَلَى قَفاه ورُدَّ قَفاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنْ تَلْقَ رَيْبَ المَنايا أَو تُرَدُّ قَفاً،

لَا أَبْكِ مِنْكَ عَلَى دِينٍ وَلَا حَسَبِ

وَفِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ:

يَعْقِدُ الشيطانُ عَلَى قافِيةِ رأْس أَحدكم ثَلَاثَ عُقَد، فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدة

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَعْنِي بالقَافِيَة القَفا. وَيَقُولُونَ: القَفَنُّ فِي مَوْضِعِ القَفا، وَقَالَ: هِيَ قَافِيَةُ الرأْس. وقافِيةُ كُلِّ شَيْءٍ: آخِرُهُ، وَمِنْهُ قَافِيَة بَيْتِ الشِّعْر، وَقِيلَ قَافِيَة الرأْس مُؤَخَّرُهُ، وَقِيلَ: وَسَطُهُ؛ أَراد تَثْقِيلَه فِي النَّوْمِ وَإِطَالَتَهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ شَدَّ عَلَيْهِ شِداداً وعَقَده ثَلَاثَ عُقَد. وقَفَوْتُه: ضَرَبْتُ قَفاه. وقَفَيْتُه أَقْفِيه: ضَرَبْتُ قَفاه. وقَفَيْتُه ولَصَيْتُه: رَمَيْتُهُ بِالزِّنَا. وقَفَوْتُه: ضَرَبْتُ قَفاه، وَهُوَ بِالْوَاوِ. وَيُقَالُ: قَفاً وقَفوان، قَالَ: وَلَمْ أَسمع قَفَيانِ. وتَقَفَّيْته بِالْعَصَا واسْتَقْفَيْته: ضَرَبْتُ قَفَاهُ بِهَا. وتَقَفَّيت فُلَانًا بِعَصًا فَضَرَبْتُهُ: جِئته مِنْ خَلْف. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: أَخَذَ المِسْحاةَ فاسْتَقْفاه فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى قَتَلَهُ

أَي أَتاه مِنْ قِبَل قَفَاهُ. وَفِي حَدِيثِ

طَلْحَةَ: فَوَضَعُوا اللُّجَّ عَلَى قَفَيَ

أَي وضَعوا السَّيْفَ عَلَى قَفاي، قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ طائِية يُشَدِّدُونَ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، كُتِبَ إِلَيْهِ صَحِيفَةً فِيهَا:

فَمَا قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ

قَفا سَلْعٍ بمُخْتَلَفِ التِّجارِ

سَلْعٌ: جَبَلٌ، وقَفاه: وَرَاءَهُ وخَلْفه. وَشَاةٌ قَفِيَّة: مَذْبُوحَةٌ مِنْ قَفَاهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَفِينَةٌ، والأَصل قَفِيَّة، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النُّونُ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءُ الَّتِي هِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ. وَفِي حَدِيثِ

النَّخَعِيِّ: سُئِلَ عَمَّنْ ذَبَحَ فأَبان الرأْس، قَالَ: تِلْكَ القَفِينة لَا بأْس بِهَا

؛ هِيَ الْمَذْبُوحَةُ مِنْ قِبَل القَفا، قَالَ: وَيُقَالُ للقَفا القَفَنُ، فَهِيَ فَعِيلة بِمَعْنَى مَفْعولة. يُقَالُ: قَفَنَ الشاةَ واقْتَفَنَها؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ «1» : هِيَ الَّتِي يُبَانُ رأْسها بِالذَّبْحِ، قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ، رضي الله عنه: ثُمَّ أَكون عَلَى قَفّانِه

، عِنْدَ مَنْ جَعَلَ النُّونَ أَصلية. وَيُقَالُ: لَا أَفعله قَفا الدَّهْرِ أَي أَبداً أَي طُولَ الدَّهْرِ وَهُوَ قَفا الأَكَمَة وبقَفا الأَكَمة أَي بظهرها.

(1). قوله [أَبو عبيدة] كذا بالأصل، والذي في غير نسخة من النهاية: أبو عبيد بدون هاء التأنيث.

ص: 193

والقَفَيُّ: القَفا. وقَفاه قَفْواً وقُفُوّاً واقْتَفَاه وتَقَفَّاه: تَبِعَه. اللَّيْثُ: القَفْوُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ قَفَا يَقْفُو قَفْواً وقُفُوّاً، وَهُوَ أَن يَتْبَعَ الشَّيْءَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَكثر الْقُرَّاءِ يَجْعَلُونَهَا مِنْ قَفَوْت كَمَا تَقُولُ لَا تَدْعُ مِنْ دَعَوْتُ، قَالَ: وقرأَ بَعْضُهُمْ وَلَا تَقُفْ مِثْلَ وَلَا تَقُلْ، وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ

؛ أَي لَا تَتَّبِع مَا لَا تَعْلَمُ، وَقِيلَ: وَلَا تَقُلْ سَمِعْتُ وَلَمْ تَسْمَعْ، وَلَا رأَيت وَلَمْ تَرَ، وَلَا عَلِمْتُ وَلَمْ تَعْلَمْ، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا. أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ يَقْفُو ويَقُوفُ ويَقْتافُ أَي يَتْبَعُ الأَثر. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ

لَا تَرُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: مَعْنَاهُ لَا تَشْهَدْ بِالزُّورِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَصل فِي القَفْوِ والتَّقافي البُهْتان يَرمي بِهِ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ قُفْتُ أَثره وقَفَوْته مِثْلَ قاعَ الْجَمَلُ النَّاقَةَ وقَعاها إِذا رَكِبَهَا، وَمِثْلُ عاثَ وعَثا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ قَفَوْت فُلَانًا اتَّبَعْتُ أَثره، وقَفَوْته أَقْفُوه رَمَيْتُهُ بأَمر قَبِيحٍ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: قَفَا أَثره أَي تَبِعَه، وضدُّه فِي الدُّعَاءِ: قَفَا اللَّهُ أَثَره مِثْلُ عَفا اللَّهُ أَثَره. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَوْلُهُمْ قَدْ قَفا فُلَانٌ فُلَانًا، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَتْبَعه كَلَامًا قَبِيحًا. واقْتَفَى أَثَره وتَقَفَّاه: اتَّبَعَهُ. وقَفَّيْت عَلَى أَثره بِفُلَانٍ أَي أَتْبَعْته إِياه. ابْنُ سِيدَهْ: وقَفَّيْته غَيْرِي وَبِغَيْرِي أَتْبَعْته إِياه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا

؛ أَي أَتبعنا نُوحًا وإِبراهيم رُسُلًا بَعْدَهُمْ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وقَفَّى عَلَى آثارِهِنَّ بحاصِبِ

أَي أَتْبَع آثارَهن حَاصِبًا. وَقَالَ الْحَوْفِيُّ: اسْتَقْفَاه إِذا قَفا أَثره ليَسْلُبَه؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي قَفَّى بِمَعْنَى أَتى:

كَمْ دُونَها مِنْ فَلاةٍ ذاتِ مُطَّرَدٍ،

قَفَّى عَلَيْهَا سَرابٌ راسِبٌ جَارِي

أَي أَتى عَلَيْهَا وغَشِيَها. ابْنُ الأَعرابي: قَفَّى عَلَيْهِ أَي ذَهَبَ بِهِ؛ وأَنشد:

ومَأْرِبُ قَفَّى عَلَيْهِ العَرِمْ

وَالِاسْمُ القِفْوةُ، وَمِنْهُ الْكَلَامُ المُقَفَّى. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: لِي خَمْسَةُ أَسماء مِنْهَا كَذَا وأَنا المُقَفِّي

، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

وأَنا الْعَاقِبُ

؛ قَالَ شَمِرٌ: المُقَفِّي نَحْوَ الْعَاقِبِ وَهُوَ المُوَلِّي الذَّاهِبُ. يُقَالُ: قَفَّى عَلَيْهِ أَي ذهبَ بِهِ، وَقَدْ قَفَّى يُقَفِّي فَهُوَ مُقَفٍّ، فكأَنَّ الْمَعْنَى أَنه آخِر الأَنبياءَ المُتَّبِع لَهُمْ، فإِذا قَفَّى فَلَا نبيَّ بَعْدَهُ، قَالَ: والمُقَفِّي المتَّبع لِلنَّبِيِّينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَلَمَّا قَفَّى قَالَ كَذَا أَي ذَهَبَ مُوَلِّياً

، وكأَنه مِنَ القَفا أَي أَعطاه قَفَاهُ وَظَهْرَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَلا أُخبركم بأَشدَّ حَرًّا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ المُقَفِّيَيْن

أَي المُوَلِّيَين، وَالْحَدِيثُ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: أَنا مُحَمَّدٌ وأَحمد والمُقَفِّي والحاشِر وَنَبِيُّ الرحْمة وَنَبِيُّ المَلْحَمة

؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:

لَا تَقْتَفِي بهمُ الشمالُ إِذا

هَبَّتْ، وَلَا آفاقُها الغُبْرُ

أَي لَا تُقِيم الشَّمَالُ عَلَيْهِمْ، يُرِيدُ تُجاوِزهم إِلى غَيْرِهِمْ وَلَا تَستَبِين عَلَيْهِمْ لخِصْبهم وَكَثْرَةِ خَيرهم؛ ومثله قوله:

إِذا نَزَلَ الشِّتاءُ بدارِ قَومٍ،

تَجَنَّبَ دارَ بيتِهمُ الشِّتاءُ

ص: 194

أَي لَا يَظْهَرُ أَثر الشِّتَاءِ بِجَارِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، فِي الاسْتسقاءِ: اللَّهُمَّ إِنا نَتَقَرَّبُ إِليك بعمِّ نَبِيِّكَ وقَفِيَّةِ آبَائِهِ وكُبْر رِجَالِهِ

؛ يَعْنِي الْعَبَّاسَ. يُقَالُ: هَذَا قَفِيُّ الأَشياخ وقَفِيَّتُهم إِذا كَانَ الخَلَف مِنْهُمْ، مأْخوذ مِنْ قَفَوْت الرَّجُلَ إِذا تَبِعْتَه، يَعْنِي أَنه خَلَفُ آبَائِهِ وتِلْوهم وَتَابِعُهْمْ كأَنه ذَهَبَ إِلى اسْتِسْقَاءِ أَبيه عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لأَهل الحرمَين حِينَ أَجْدَبوا فَسَقَاهُمُ اللَّهُ بِهِ، وَقِيلَ: القَفِيَّةُ الْمُخْتَارُ. واقْتَفَاه إِذا اخْتَارَهُ. وَهُوَ القِفْوةُ: كالصِّفْوة مِنِ اصْطَفى، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ القَفْو والاقْتفاء فِي الْحَدِيثِ اسْمًا وَفِعْلًا وَمَصْدَرًا. ابْنُ سِيدَهْ: وَفُلَانٌ قَفِيُّ أَهله وقَفِيَّتُهم أَي الْخَلَفُ مِنْهُمْ لأَنه يَقْفُو آثَارَهُمْ فِي الْخَيْرِ. والقَافِيَة مِنَ الشِّعْرِ: الَّذِي يَقْفُو الْبَيْتَ، وَسُمِّيَتْ قَافِيَة لأَنها تَقْفُو الْبَيْتَ، وَفِي الصِّحَاحِ: لأَن بَعْضَهَا يَتْبَعُ أَثر بَعْضٍ. وَقَالَ الأَخفش: القَافِيَة آخِرُ كَلِمَةٍ فِي الْبَيْتِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا قَافِيَة لأَنها تَقْفُو الْكَلَامَ، قَالَ: وَفِي قَوْلِهِمْ قَافِيَةٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنها لَيْسَتْ بِحَرْفٍ لأَن الْقَافِيَةَ مُؤَنَّثَةٌ وَالْحَرْفَ مُذَكَّرٌ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يُؤَنِّثُونَ الْمُذَكَّرَ، قَالَ: وَهَذَا قَدْ سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ، وَلَيْسَتْ تُؤْخَذُ الأَسماء بِالْقِيَاسِ، أَلا تَرَى أَن رَجُلًا وَحَائِطًا وأَشباه ذَلِكَ لَا تُؤْخَذُ بِالْقِيَاسِ إِنما يُنْظَرُ مَا سَمَّتْهُ الْعَرَبُ، وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ الْحُرُوفَ؟ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَخبرني مَنْ أَثق بِهِ أَنهم قَالُوا لِعَرَبِيٍّ فَصِيحٍ أَنشدنا قَصِيدَةً عَلَى الذَّالِ فَقَالَ: وَمَا الذَّالُ؟ قَالَ: وَسُئِلَ بَعْضُ الْعَرَبِ عَنِ الذَّالِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ فإِذا هُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْحُرُوفَ؛ وَسُئِلَ أَحدهم عَنْ قَافِيَةِ:

لَا يَشْتَكينَ عَمَلًا مَا أَنْقَيْنْ

فَقَالَ: أَنقين؛ وَقَالُوا لأَبي حَيَّةَ: أَنشدنا قَصِيدَةً عَلَى الْقَافِ فَقَالَ:

كَفى بالنَّأْيِ مِنْ أَسماء كَافْ

فَلَمْ يَعْرِفِ الْقَافَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: أَبو حَيَّةَ، عَلَى جَهْلِهِ بِالْقَافِ فِي هَذَا كَمَا ذَكَرَ، أَفصح مِنْهُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا، وَذَلِكَ لأَنه رَاعَى لَفْظَةَ قَافْ فَحَمَلَهَا عَلَى الظَّاهِرِ وأَتاه بِمَا هُوَ عَلَى وَزْنِ قَافْ مِنْ كَافْ وَمِثْلِهَا، وَهَذَا نِهَايَةُ الْعِلْمِ بالأَلفاظ وإِن دَقَّ عَلَيْهِ مَا قُصِدَ مِنْهُ مِنْ قَافِيَةِ الْقَافِ، وَلَوْ أَنشده شِعْرًا عَلَى غَيْرِ هَذَا الرَّوِيِّ مِثْلَ قَوْلِهِ:

آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسماءُ

وَمِثْلَ قَوْلِهِ:

لِخَوْلةَ أَطْلالٌ ببُرْقةِ ثَهْمَدِ «2»

كَانَ يُعَدُّ جَاهِلًا وإِنما هُوَ أَنشده عَلَى وَزْنِ الْقَافِ، وَهَذِهِ مَعْذِرَةٌ لَطِيفَةٌ عَنْ أَبي حَيَّةَ، وَاللَّهُ أَعلم. وَقَالَ الْخَلِيلُ: القَافِيَة مِنْ آخِرِ حَرْفٍ فِي الْبَيْتِ إِلى أَوّل سَاكِنٍ يَلِيهِ مَعَ الْحَرَكَةِ الَّتِي قَبْلَ السَّاكِنِ، وَيُقَالُ مَعَ الْمُتَحَرِّكِ الَّذِي قَبْلَ السَّاكِنِ كأَن الْقَافِيَةَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ قَوْلُ لَبِيدٍ:

عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها

مِنْ فَتْحَةِ الْقَافِ إِلى آخِرِ الْبَيْتِ، وَعَلَى الْحِكَايَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْقَافِ نَفْسِهَا إِلى آخِرِ الْبَيْتِ؛ وَقَالَ قُطْرُبٌ: القَافِيَة الْحَرْفُ الَّذِي تُبْنَى الْقَصِيدَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى رَوِيّاً؛ وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: القَافِيَة كُلُّ شَيْءٍ لَزِمَتْ إِعادته فِي آخِرِ الْبَيْتِ، وَقَدْ لَاذَ هَذَا بِنَحْوٍ مِنْ قَوْلِ الْخَلِيلِ لَوْلَا خَلَلٌ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَالَّذِي يَثْبُتُ عِنْدِي صِحَّتُهُ مِنْ هَذِهِ الأَقوال هُوَ قَوْلُ الْخَلِيلِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الأَقوال إِنما يَخُصُّ بِتَحْقِيقِهَا صِنَاعَةَ الْقَافِيَةِ، وأَما نَحْنُ فَلَيْسَ مِنْ غَرَضِنَا هُنَا إِلا أَن نعرّف

(2). قوله [ببرقة] هي بالضم كما في ياقوت، وضبطت في ثهمد بالفتح خطأ.

ص: 195

مَا الْقَافِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ مِنْ غَيْرِ إِسْهَابٍ وَلَا إِطْنَابٍ؛ وأَما مَا حَكَاهُ الأَخفش مِنْ أَنه سأَل مَنْ أَنشد:

لَا يَشْتَكِينَ عَمَلًا مَا أَنقين

فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَن القَافِيَة عِنْدَهُمُ الْكَلِمَةُ، وَذَلِكَ أَنه نَحَا نَحْوَ مَا يُرِيدُهُ الْخَلِيلُ، فلَطُف عَلَيْهِ أَن يَقُولَ هِيَ مِنْ فَتْحَةِ الْقَافِ إِلى آخِرِ الْبَيْتِ فَجَاءَ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ أَسهل وَبِهِ آنَس وَعَلَيْهِ أَقْدَر، فَذَكَرَ الْكَلِمَةَ الْمُنْطَوِيَةَ عَلَى الْقَافِيَةِ فِي الْحَقِيقَةِ مَجَازًا، وإِذا جَازَ لَهُمْ أَن يُسَمُّوا الْبَيْتَ كُلَّهُ قَافِيَة لأَن فِي آخِرِهِ قَافِيَةً، فَتَسْمِيَتُهُمُ الكلمة التي فيها القافية نَفْسُهَا قَافية أَجدر بِالْجَوَازِ، وَذَلِكَ قَوْلُ حَسَّانَ:

فَنُحْكِمُ بالقَوافي مَن هَجانا،

ونَضْرِبُ حينَ تخْتَلِطُ الدِّماءُ

وَذَهَبَ الأَخفش إِلى أَنه أَراد هُنَا بالقَوَافِي الأَبيات؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَا يَمْتَنِعُ عِنْدِي أَن يُقَالَ فِي هَذَا إِنه أَراد الْقَصَائِدَ كَقَوْلِ الْخَنْسَاءِ:

وقافِيَةٍ مِثْلِ حَدِّ السِّنانِ

تَبْقى، ويَهْلِك مَن قالَها

تَعْنِي قَصِيدَةً والقافِيَة الْقَصِيدَةُ؛ وَقَالَ:

نُبِّئْتُ قافِيَةً قيلَتْ، تَناشَدَها

قَوْمٌ سأَتْرُك فِي أَعْراضِهِمْ نَدَبا

وإِذا جَازَ أَن تُسَمَّى الْقَصِيدَةُ كُلُّهَا قَافِيَةً كَانَتْ تَسْمِيَةُ الْكَلِمَةِ الَّتِي فِيهَا الْقَافِيَةُ قَافِيَةً أَجْدَرَ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن تَسْمِيَةَ الْكَلِمَةِ وَالْبَيْتِ وَالْقَصِيدَةِ قَافِيَة إِنما هِيَ عَلَى إِرادة ذُو الْقَافِيَةِ، وَبِذَلِكَ خَتَم ابْنُ جِنِّي رأْيه فِي تَسْمِيَتِهِمُ الْكَلِمَةَ أَو الْبَيْتَ أَو الْقَصِيدَةَ قَافِيَة. قَالَ الأَزهري: الْعَرَبُ تُسَمِّي البيت من الشِّعر قَافِيَة وَرُبَّمَا سَمَّوُا الْقَصِيدَةَ قَافِيَةً. وَيَقُولُونَ: رَوَيْتُ لِفُلَانٍ كَذَا وَكَذَا قَافِيَةً. وقَفَّيْتُ الشِّعر تَقْفِيَة أَي جَعَلْتُ لَهُ قَافِيَةً. وقَفَاه قَفْواً: قَذَفه أَو قَرَفَه، وهي القِفْوةُ، بِالْكَسْرِ. وأَنا لَهُ قَفِيٌّ: قَاذِفٌ. والقَفْوُ القَذْف، والقَوْفُ مِثْلُ القفْو.

وَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: نَحْنُ بَنُو النَّضْرُ بْنِ كِنانة لَا نَقْذِفُ أَبانا وَلَا نقْفُو أُمنا

؛ مَعْنَى نَقْفُو: نَقْذِفُ، وَفِي رِوَايَةٍ:

لَا نَنْتَفي عَنْ أَبينا وَلَا نَقْفُو أُمنا

أَي لَا نَتَّهِمُهَا وَلَا نَقْذِفُهَا. يُقَالُ: قَفَا فُلَانٌ فُلَانًا إِذا قَذَفَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا نَتْرُكُ النَّسَب إِلى الآباءِ ونَنْتَسب إِلى الأُمهات. وقَفَوْت الرَّجُلَ إِذا قَذَفْتَهُ بفُجور صَرِيحًا. وَفِي حَدِيثِ

الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لَا حَدَّ إِلا فِي القَفْوِ الْبَيِّنِ

أَي الْقَذْفِ الظَّاهِرِ. وَحَدِيثُ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ:

مَنْ قَفا مُؤْمِنًا بِمَا لَيْسَ فِيهِ وقَفَه اللَّهُ فِي رَدْغةِ الخَبال.

وقَفَوْت الرَّجُلَ أَقْفُوه قَفْواً إِذا رَمَيْتَهُ بأَمر قَبِيحٍ. والقِفْوةُ: الذَّنْبُ. وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ سَامِعٍ عِذْرَتي لَمْ يَسمَع قِفْوَتي؛ العِذْرةُ: المَعْذِرةُ، أَي رُبَّ سَامِعٍ عُذْري لَمْ يَسمع ذَنبي أَي رُبَّمَا اعْتَذَرْتُ إِلى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَنْبِي وَلَا سَمِعَ بِهِ وَكُنْتُ أَظنه قَدْ عَلِمَ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَقُولُ رُبَّمَا اعْتَذَرْتُ إِلى رَجُلٍ مِنْ شَيْءٍ قَدْ كَانَ مِنِّي إِلى مَنْ لَمْ يبْلُغه ذَنْبِي. وَفِي الْمُحْكَمِ: رُبَّمَا اعْتَذَرْتُ إِلى رَجُلٍ مِنْ شَيْءٍ قَدْ كَانَ مِنِّي وأَنا أَظن أَنه قَدْ بَلَغَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ لَا يَحْفَظُ سِرَّهُ وَلَا يَعْرِفُ عَيْبَهُ، وَقِيلَ: القِفْوَة أَن تَقُولَ فِي الرَّجُلِ مَا فِيهِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ. وأَقْفَى الرجلَ عَلَى صَاحِبِهِ: فضَّله؛ قَالَ غَيْلَانُ الرَّبَعِيُّ يَصِفُ فَرَسًا:

مُقْفًى عَلَى الحَيِّ قَصِيرَ الأَظْماء

ص: 196

والقَفِيَّةُ: المَزِيَّة تَكُونُ للإِنسان عَلَى غَيْرِهِ، تَقُولُ: لَهُ عِنْدِي قَفِيَّةٌ وَمَزِيَّةٌ إِذا كَانَتْ لَهُ مُنْزِلَةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: أَقْفَيته وَلَا يُقَالُ أَمْزَيته، وَقَدْ أَقْفاه. وأَنا قَفِيٌّ بِهِ أَي حَفِيٌّ، وَقَدْ تَقَفَّى بِهِ. والقَفِيُّ: الضَّيْف المُكْرَم. والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ: الشَّيْءُ الَّذِي يُكْرَم بِهِ الضيْفُ مِنَ الطَّعَامِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الَّذِي يُكْرَمُ بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الطَّعَامِ، تَقُولُ: قَفَوْته، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُؤثر بِهِ الضَّيْفُ وَالصَّبِيُّ؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ يَصِفُ فَرَسًا:

لَيْسَ بأَسْفى وَلَا أَقْنى وَلَا سَغِلٍ،

يُسْقى دَواء قَفِيّ السَّكْنِ مَرْبُوب

وإِنما جُعِل اللبنُ دَوَاءً لأَنهم يُضَمِّرون الخيل بسَقْي اللَّبَنَ والحَنْذ، وَكَذَلِكَ القَفاوة، يُقَالُ مِنْهُ: قَفَوْته بِهِ قَفْواً وأَقْفَيته بِهِ أَيضاً إِذا آثَرْته بِهِ. يُقَالُ: هو مُقْتَفًى بِهِ إِذا كَانَ مُكْرَماً، وَالِاسْمُ القِفْوَة، بِالْكَسْرِ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْبَيْتَ دِواء، بِكَسْرِ الدَّالِ، مَصْدَرُ دَاوَيْتُهُ، وَالِاسْمُ القَفَاوَة. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اللَّبَنُ لَيْسَ بِاسْمِ القَفِيِّ، وَلَكِنَّهُ كَانَ رُفِعَ لإِنسان خَصَّ بِهِ يَقُولُ فَآثَرْتُ بِهِ الْفَرَسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: قَفِيُّ السَّكْنِ ضَيْفُ أَهل الْبَيْتِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَفِيٌّ بِفُلَانٍ إِذا كَانَ لَهُ مُكْرِماً. وَهُوَ مُقْتَفٍ بِهِ أَي ذُو لُطْف وبِرّ، وَقِيلَ: القَفِيُّ الضَّيف لأَنه يُقْفَى بالبِر وَاللُّطْفِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا قَفِيّ بِمَعْنَى مَقْفُوّ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ قَفَوته أَقْفُوه. وَقَالَ الْجَعْدِيُّ: لَا يُشِعْن التَّقافِيا؛ وَيُرْوَى بَيْتُ الْكُمَيْتِ:

وباتَ وَلِيدُ الحَيِّ طَيَّانَ ساغِباً،

وكاعِبُهمْ ذاتُ القَفاوَةِ أَسْغَبُ

أَي ذَاتُ الأُثْرَة والقَفِيَّةِ؛ وَشَاهِدُ أَقْفَيْتُه قَوْلُ الشَّاعِرِ:

ونُقْفِي وَلِيدَ الْحَيِّ إِن كَانَ جَائِعًا،

ونُحْسِبُه إِن كَانَ لَيْسَ بجائعِ

أَيْ نُعْطِيه حَتَّى يَقُولَ حَسْبي. وَيُقَالُ: أَعطيته القَفَاوة، وَهِيَ حَسَنُ الغِذاء. واقْتَفَى بِالشَّيْءِ: خَص نَفْسَهُ بِهِ؛ قَالَ:

وَلَا أَتَحَرَّى وِدَّ مَن لَا يَودُّني،

وَلَا أَقْتَفِي بالزادِ دُون زَمِيلِي

والقَفِيَّة: الطَّعَامُ يُخص بِهِ الرَّجُلُ. وأَقْفَاه بِهِ: اخْتصَّه. واقْتَفَى الشيءَ وتَقَفَّاه: اخْتَارَهُ، وَهِيَ القِفْوةُ، والقِفْوةُ: مَا اخْتَرْتَ مِنْ شَيْءٍ. وَقَدِ اقْتَفَيْت أَي اخْتَرْتُ. وَفُلَانٌ قِفْوَتي أَي خِيرَتِي مِمَّنْ أُوثره. وَفُلَانٌ قِفْوَتي أَي تُهَمَتي، كأَنه مِنَ الأَضداد، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قِرْفتي. والقَفْوة: رَهْجة تَثُورُ عِنْدَ أَوّل الْمَطَرِ. أَبو عَمْرٍو: القَفْو أَن يُصيب النبتَ المطرُ ثُمَّ يَرْكَبُهُ التُّرَابُ فيَفْسُد. أَبو زَيْدٍ: قَفِئَتِ الأَرضُ قَفْأً إِذا مُطِرت وَفِيهَا نَبْتٌ فَجُعِلَ المطرُ عَلَى النَّبْتِ الغُبارَ فَلَا تأْكله الْمَاشِيَةُ حَتَّى يَجْلُوه النَّدَى. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ قُفِيَ العُشب فَهُوَ مَقْفُوٌّ، وَقَدْ قَفَاه السَّيل، وَذَلِكَ إِذا حَمل الماءُ الترابَ عَلَيْهِ فَصَارَ مُوبِئاً. وعُوَيْفُ القَوَافِي: اسْمُ شَاعِرٍ، وَهُوَ عُوَيْفُ بنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عُقْبة بْنَ حِصْن بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ. والقِفْيَةُ: الْعَيْبُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والقُفْيَة: الزُّبْيةُ، وَقِيلَ: هِيَ مِثْلُ الزُّبْيَةِ إِلا أَن فَوْقَهَا شَجَرًا، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ القُفْيةُ والغُفْيةُ. والقَفِيَّةُ: النَّاحِيَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

فأَقْبَلْتُ حَتَّى كنتُ عِنْدَ قَفِيَّةٍ

مِنَ الجالِ، والأَنُفاسُ مِنِّي أَصُونُها

ص: 197

أَي فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْجَالِ وأَصون أَنفاسِي لِئَلَّا يُشعَر بي.

قلا: ابْنُ الأَعرابي: القَلا والقِلا والقَلاء المَقْلِيةُ. غَيْرُهُ: والقِلَى الْبُغْضُ، فإِن فَتَحْتَ الْقَافَ مَدَدْتَ، تَقُولُ قَلاه يَقْلِيه قِلًى وقَلاء، ويَقْلاه لُغَةُ طَيِّءٍ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

أيامَ أُمِّ الغَمْرِ لَا نَقْلاها،

وَلَوْ تَشاءُ قُبِّلَت عَيْناها

فادِرُ عُصْمِ الهَضْب لَوْ رَآهَا،

مَلاحةً وبَهْجةً، زَهَاهَا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ يَقْلِيه قَوْلُ أَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:

يَقْلِي الغَواني والغَواني تَقْلِيه

وَشَاهِدُ القَلاء فِي الْمَصْدَرِ بِالْمَدِّ قَوْلُ نُصَيْب:

عَلَيكِ السَّلامُ لَا مُلِلْتِ قَرِيبَةً،

وَمَا لَكِ عِنْدي، إِنْ نَأَيْتِ، قَلاءُ

ابْنُ سِيدَهْ: قَلَيْتُه قِلًى وقَلاء ومَقْلِيةً أَبغضته وكَرِهْتُه غَايَةَ الكَراهة فَتَرَكْتُهُ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: قَلى يَقلَى، وَهُوَ نَادِرٌ، شَبَّهُوا الأَلف بِالْهَمْزَةِ، وَلَهُ نَظَائِرُ قَدْ حَكَاهَا كُلَّهَا أَو جُلَّهَا، وَحَكَى ابْنُ جِنِّي قَلاه وقَلِيَه. قَالَ: وأُرى يَقْلَى إِنما هُوَ عَلَى قَلِيَ، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي قَلَيْته فِي الْهَجْرِ قِلًى، مَكْسُورٌ مَقْصُورٌ، وَحَكَى فِي البُغْض: قَلِيته، بِالْكَسْرِ، أَقْلاه عَلَى الْقِيَاسِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْهُ ثَعْلَبٌ. وتَقَلَّى الشيءُ: تَبَغَّضَ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمةَ:

فأَصْبَحْتُ لَا أَقْلي الحَياةَ وطُولَها

أَخيراً، وَقَدْ كانتْ إِلَيَّ تَقَلَّتِ

الْجَوْهَرِيُّ: وتَقَلَّى أَي تَبَغَّض؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

أَسِيئي بِنَا أَوْ أَحسني، لَا مَلُولةٌ

لَدَيْنا، وَلَا مَقْلِيَّةٌ إِن تَقَلَّتِ

خاطَبها ثُمَّ غايَبَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: نَزَلَتْ فِي احْتِبَاسِ الْوَحْيِ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: قَدْ وَدَّعَ مُحَمَّدًا ربُّه وقَلاه التابعُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى

؛ يُرِيدُ وَمَا قَلاك، فأُلقيت الْكَافُ كَمَا تَقُولُ قَدْ أَعْطَيْتُك وأَحْسَنْتُ، مَعْنَاهُ أَحسنت إِليك، فيُكْتَفَى بِالْكَافِ الأُولى مِنْ إِعادة الأُخرى. الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لَمْ يَقطع الْوَحْيَ عَنْكَ وَلَا أَبْغَضَك. وَفِي حَدِيثِ

أَبي الدَّرْدَاءِ: وجَدْتُ الناسَ اخْبُرْ تَقْلِهْ

؛ القِلَى: البُغْضُ، يَقُولُ: جَرِّب النَّاسَ فإِنك إِذا جَرَّبْتَهُمْ قَلِيتَهُمْ وَتَرَكَتْهُمْ لِمَا يَظْهَرُ لَكَ مِنْ بَواطِن سَرَائِرِهِمْ، لَفْظُهُ لَفْظِ الأَمر وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ أَي مَنْ جرَّبهم وَخَبِرَهُمْ أَبغضهم وَتَرَكَهُمْ، وَالْهَاءُ فِي تَقْلِهْ لِلسَّكْتِ، وَمَعْنَى نَظْمِ الْحَدِيثِ وَجَدْتَ النَّاسَ مَقُولًا فِيهِمْ هَذَا الْقَوْلُ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ القِلى فِي الْحَدِيثِ. وقَلَى الشَّيْءَ قَلْياً: أَنْضَجَه عَلَى المِقْلاة. يُقَالُ: قَلَيْت اللَّحْمَ عَلَى المِقْلَى أَقْلِيه قَلْياً إِذا شَوَيْتَهُ حَتَّى تُنْضِجه، وَكَذَلِكَ الْحَبُّ يُقْلَى عَلَى المِقلى. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَلَوْت البُرَّ والبُسْر، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ قَلَيْت، وَلَا يَكُونُ فِي البُغْض إِلا قَلَيْت. الْكِسَائِيُّ: قَلَيْت الحَبّ عَلَى المِقْلَى وقَلَوْته. الْجَوْهَرِيُّ: قَلَيْت السَّوِيقَ وَاللَّحْمَ فَهُوَ مَقْلِيٌّ، وقَلَوْت فَهُوَ مَقْلُوّ، لُغَةٌ. والمِقْلاة والمِقْلَى: الَّذِي يُقْلَى عَلَيْهِ، وَهُمَا مِقْلَيانِ، وَالْجَمْعُ المَقالي. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَقْلقَه أَمر مُهمّ فَبَاتَ لَيْلَهُ سَاهِرًا: باتَ يَتَقَلَّى أَي يتقَلَّب عَلَى فِرَاشِهِ كأَنه عَلَى المِقْلى. والقَلِيَّةُ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَمْعُ قَلايا، والقَلِيَّة: مرَقة تُتَّخَذُ مِنْ لُحُومِ

ص: 198

الجَزُور وأَكْبادِها. والقَلَّاء: الَّذِي حِرْفَتُهُ ذَلِكَ. والقَلَّاء: الَّذِي يَقْلي البُرّ لِلْبَيْعِ. والقَلَّاءة، مَمْدُودَةً: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُتَّخَذُ فِيهِ المَقالي، وَفِي التَّهْذِيبِ: الَّذِي تُتَّخَذُ فِيهِ مَقالي الْبُرِّ، وَنَظِيرُهُ الحَرَّاضةُ للمَوضِع الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ الحُرُضُ. وقَلَيْت الرَّجل: ضَرَبْتُ رأْسه. والقِلْيُ والقِلَى: حَبٌّ يُشَبَّبُ بِهِ الْعُصْفُرُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القِلْي يُتَّخَذُ مِنَ الحَمض وأَجوده مَا اتُّخِذَ مِنَ الحُرُض، وَيُتَّخَذُ مِنْ أَطراف الرِّمث وَذَلِكَ إِذا اسْتَحْكَم فِي آخِرِ الصَّيْفِ واصفرَّ وأَوْرَس. اللَّيْثُ: يُقَالُ لِهَذَا الَّذِي يُغسل بِهِ الثِّيَابُ قِلْيٌ، وَهُوَ رَماد الغَضَى والرِّمْث يُحرق رَطباً وَيُرَشُّ بِالْمَاءِ فَيَنْعَقِدُ قِلْياً. الْجَوْهَرِيُّ: والقِلْيُ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنَ الأُشْنان، وَيُقَالُ فِيهِ القِلَى أَيضاً، ابْنُ سِيدَهْ: القُلة عُودٌ يُجْعَلُ فِي وَسَطِهِ حَبْلٌ ثُمَّ يُدْفَنُ وَيُجْعَلُ لِلْحَبْلِ كِفَّة فِيهَا عِيدَانٌ، فإِذا وَطِئ الظَّبْيُ عَلَيْهَا عَضَّت عَلَى أَطراف أَكارِعِه. والمِقْلَى: كالقُلةِ. والقُلةُ والمِقْلَى والمِقْلاء، عَلَى مِفْعالٍ، كلهُ: عودانِ يَلعب بِهِمَا الصِّبْيَانُ، فالمِقْلَى الْعُودُ الْكَبِيرُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ، والقُلَةُ الخَشبة الصَّغِيرَةُ الَّتِي تَنْصَبُّ وَهِيَ قَدْرُ ذِرَاعٍ. قَالَ الأَزهري: والقَالِي الَّذِي يَلعب فيَضْرب القُلةَ بالمِقْلَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ المِقْلاء قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فأَصْدَرَها تَعْلُو النِّجادَ، عَشِيَّةً،

أَقبُّ، كمِقْلاءِ الوَليدِ، خَمِيصُ

وَالْجَمْعُ قُلاتٌ وقُلُونَ وقِلُونَ عَلَى مَا يَكثر فِي أَوَّل هَذَا النَّحْوِ مِنَ التَّغْيِيرِ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:

مِثْل المَقَالِي ضُرِبَتْ قِلِينُها

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ النُّونَ كالأَصلية فَرَفَعَهَا، وَذَلِكَ عَلَى التَّوَهُّمِ، وَوَجْهُ الْكَلَامِ فَتْحُ النُّونِ لأَنها نُونُ الْجَمْعِ. وَتَقُولُ: قَلَوْت القُلَة أَقْلُو قَلْواً، وقَلَيْتُ أَقْلِي قَلْياً لُغَةٌ، وأَصلها قُلَوٌ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ، وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: إِنما ضَمَّ أَوّلها لِيَدُلَّ عَلَى الْوَاوِ، وَالْجَمْعُ قُلاتٌ وقُلُونَ وقِلُون، بِكَسْرِ الْقَافِ. وقَلا بِهَا قَلْواً وقَلاها: رَمى؛ قَالَ ابْنِ مُقْبِلٍ:

كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهامِ، بَيْنَهُمُ،

نَزْوُ القُلاتِ زَهاها قالُ قالِينا

أَراد قَلْوُ قالِينا فَقَلَبَ فَتَغَيَّرَ الْبِنَاءُ للقَلْب، كَمَا قَالُوا لَهُ جاهٌ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ، فَقَلَبُوا فَعْلًا إِلى فَلْع لأَن الْقَلْبَ مِمَّا قَدْ يُغَيِّرُ الْبِنَاءُ، فَافْهَمْ. وَقَالَ الأَصمعي: القالُ هُوَ المِقْلاء، والقالُون الَّذِينَ يَلْعَبُونَ بِهَا، يُقَالُ مِنْهُ قَلَوْت أَقْلُو. وقَلَوْتُ بالقُلة والكُرة: ضَرَبْتُ. ابْنُ الأَعرابي: القُلَّى الْقَصِيرَةُ مِنَ الْجَوَارِي. قَالَ الأَزهري: هَذَا فُعْلَى مِنَ الأَقَلّ والقِلَّةِ. وقَلا الإِبلَ قَلْواً: ساقَها سَوْقاً شَدِيدًا. وقَلا العَيْرُ آتُنَهُ يَقْلُوها قَلْواً: شَلَّها وطَرَدَها وساقَها. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ قَلا العَيرُ عَانَتَهُ يَقْلُوها وكَسَأَها وشَحَنَها وشَذَّرَها إِذا طَرَدَها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

يَقْلُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجَةً،

وُرْقَ السَّرابِيلِ، فِي أَلْوانِها خَطَبُ

والقِلْوُ: الْحِمَارُ الْخَفِيفُ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَحْشُ الفَتيُّ، زَادَ الأَزهري: الَّذِي قَدْ أَركَب وحَمَل، والأُنثى قِلْوَة، وَكُلُّ شَدِيدِ السَّوْقِ قِلْوٌ، وَقِيلَ: القِلْو الْخَفِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والقِلْوة الدَّابَّةُ تتقدَّم بِصَاحِبِهَا، وَقَدْ قَلَتْ بِهِ واقْلَوْلَتْ. اللَّيْثُ: يُقَالُ الدَّابَّةُ تَقْلُو بِصَاحِبِهَا قَلْواً، وَهُوَ

ص: 199

تَقَدِّيها بِهِ فِي السَّيْرِ فِي سُرْعَةٍ. يُقَالُ: جَاءَ يَقْلو بِهِ حِمَارَهُ. وقَلَت النَّاقَةُ بِرَاكِبِهَا قَلْواً إِذا تَقَدَّمَتْ بِهِ. واقْلَوْلَى الْقَوْمُ: رَحَلُوا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واقْلَوْلَى فِي الْجَبَلِ: صَعِدَ أَعْلاه فأَشْرَفَ. وكلُّ مَا عَلَوت ظَهْرَهُ فَقَدِ اقْلَوْلَيْتَه، وَهَذَا نَادِرٌ لأَنَّا لَا نَعْرِفُ افْعَوْعَل متعدِّية إِلا اعْرَوْرَى واحْلَوْلى. واقْلَوْلَى الطَّائِرُ: وَقَعَ عَلَى أَعلى الشَّجَرَةِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والقَلَوْلَى: الطَّائِرُ إِذا ارْتَفَعَ فِي طَيَرَانِهِ. واقْلَوْلَى أَي ارْتَفَعَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنكر الْمُهَلَّبِيُّ وَغَيْرُهُ قَلَوْلَى، قَالَ: وَلَا يُقَالُ إِلا مُقْلَوْلٍ فِي الطَّائِرِ مِثْلُ مُحْلَوْلٍ. وَقَالَ أَبو الطَّيِّبِ: أَخطأَ مَنْ ردَّ عَلَى الْفَرَّاءِ قَلَوْلَى؛ وأَنشد لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ يَصِفُ قَطًا:

وَقَعْنَ بِجَوْف الْمَاءِ، ثُمَّ تَصَوَّبَتْ

بِهِنَّ قَلَوْلاةُ الغُدُوِّ ضَرُوبُ

ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو عبيدة قَلَوْلَى الطَّائِرُ جَعَلَهُ عَلَمًا أَو كَالْعَلَمِ فأَخطأَ. والمُقْلَوْلِي: المُسْتَوْفِز المُتَجافي. والمُقْلَوْلِي: المُنْكَمِش؛ قَالَ:

قَدْ عَجِبَتْ مِنِّي ومِن بُعَيْلِيا،

لَمَّا رأَتْني خَلَقاً مُقْلَوْلِيا

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ هُنَا لِذِي الرُّمَّةِ:

واقْلَوْلَى عَلَى عُودِه الجَحْلُ

وَفِي الْحَدِيثِ:

لَوْ رأَيت ابْنَ عُمر سَاجِدًا لرأَيته مُقْلَوْلِياً

؛ هُوَ المُتَجافي المُسْتَوْفِزُ، وَقِيلَ: هُوَ مَن يَتَقَلَّى عَلَى فِرَاشِهِ أَي يَتَمَلمَل وَلَا يَسْتَقِرّ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ كَانَ يُفَسِّرُ مُقْلَوْلِياً كأَنه عَلَى مِقْلًى، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ إِنما هُوَ مِنَ التَّجَافِي فِي السُّجُودِ. وَيُقَالُ: اقْلَوْلَى الرَّجُلُ فِي أَمره إِذا انْكَمَشَ، واقْلَوْلَتِ الحُمر فِي سُرْعَتِهَا؛ وأَنشد الأَحمر لِلْفَرَزْدَقِ:

تقُولُ، إِذا اقْلَوْلَى عَلَيْهَا وأَقْرَدَتْ:

أَلا هَل أَخُو عَيْشٍ لَذيذٍ بدائمِ؟

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هَذَا كَانَ يَزْنِي بِهَا فَانْقَضَتْ شَهْوَتُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ شَهْوَتِهَا، وأَقْرَدَتْ: ذَلَّت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَدخل الْبَاءَ فِي خَبَرِ المبتدإِ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى النَّفْيِ كأَنه قَالَ مَا أَخو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدَائِمِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

فاذْهَبْ، فأَيُّ فَتًى، فِي النَّاسِ، أَحْرَزَه

مِنْ يَوْمِه ظُلَمٌ دُعْجٌ وَلَا خَبَلُ؟

وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ

بِقادِرٍ؛ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ أَيضاً:

أَنا الضَّامِنُ الحانِي عَليهِم، وإِنَّما

يُدافِعُ عَنْ أَحْسابِهِم أَنا، أَو مِثْلِي

وَالْمَعْنَى مَا يُدافِع عَنْ أَحسابهم إِلا أَنا؛ وَقَوْلُهُ:

سَمِعْنَ غِناءً بعد ما نِمْنَ نَوْمةً،

مِنَ الليلِ، فاقْلَوْلَيْنَ فَوْقَ المَضاجع «3»

يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ خَفَقْنَ لِصَوْتِهِ وقَلِقْنَ فَزَالَ عَنْهُنَّ نَوْمُهُنَّ وَاسْتِثْقَالُهُنَّ عَلَى الأَرض، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَن لَامَ اقْلَوْلَيْت وَاوٌ لَا يَاءٌ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاحِ:

حَواتم يَتَّخِذْنَ الغِبَّ رِفْهاً،

إِذا اقْلَوْلَيْنَ بالقَرَبِ البَطينِ

اقْلَوْلَيْنَ أَي ذَهبن. ابْنُ الأَعرابي: القُلَى رُؤوس الجِبال، والقُلَى هَامَاتُ الرِّجَالِ، والقُلَى جَمْعُ القُلةِ الَّتِي يَلْعَبُ بِهَا. وَقَلَا الشيءَ

(3). قوله [غناء] كذا بالأصل والمحكم، والذي في الأساس غنائي، بياء المتكلم.

ص: 200

فِي المِقْلى قَلْواً، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. وقَلَوْت الرَّجُلَ: شَنِئْتُه لُغَةٌ فِي قَلَيْتُه. والقِلْو: الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الصباغ في العفصر، وَهُوَ يَائِيٌّ أَيضاً لأَن القِلْيَ فِيهِ لُغَةٌ. ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: لَمَّا صَالَحَ نَصَارَى أَهل الشأْم كَتَبُوا لَهُ كِتَابًا إِنَّا لَا نُحدِث فِي مَدِينَتِنَا كَنِيسَةً وَلَا قَلِيَّةً وَلَا نَخْرج سَعانِينَ وَلَا باعُوثاً

؛ القَلِيَّةُ: كَالصَّوْمَعَةِ، قَالَ: كَذَا وَرَدَتْ، وَاسْمُهَا عِنْدَ النَّصَارَى القَلَّايةُ، وَهِيَ تَعْريب كَلاذةَ، وَهِيَ مِنْ بُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ. وَقَالِي قَلا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ قَالَ:

سَيُصْبِحُ فَوْقي أَقْتَمُ الرِّيشِ واقِعاً

بِقالي قَلا، أَو مِنْ وَراء دَبيلِ

وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُضِيفُ فينوِّن. الْجَوْهَرِيُّ: قَالِي قَلا اسْمَانِ جُعِلَا وَاحِدًا؛ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: بُنِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْوَقْفِ لأَنهم كَرِهُوا الْفَتْحَةَ؛ في الياء والأَلف.

قمي: مَا يُقامِيني الشيءُ وَمَا يُقانِيني أَي مَا يُوافقني؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، وقَامَانِي فُلَانٌ أَي وَافَقَنِي. ابْنُ الأَعرابي: القُمَى الدُّخُولُ «1» وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، قمو

يَقْمُو إِلَى مَنْزِلِ عَائِشَةَ كَثِيرًا

أَي يَدْخُلُ. والقُمَى: السِّمَنُ. يُقَالُ: مَا أَحسن قمو

قَمْو هَذِهِ الإِبل. والقُمَى: تَنْظِيفُ الدَّارِ مِنَ الكِبا. الْفَرَّاءُ: الْقَامِيَةُ مِنَ النِّسَاءِ الذَّلِيلَةُ فِي نَفْسِهَا. ابْنُ الأَعرابي: أَقْمَى الرجلُ إِذَا سَمِنَ بَعْدَ هُزَالٍ، وأَقْمَى إِذَا لزمَ الْبَيْتَ فِرَارًا مِنَ الفِتن، وأَقْمَى عدوَّه إذا أَذله.

قنا: القِنْوَةُ والقُنْوَةُ والقِنْيَةُ والقُنْيَة: الكِسْبةُ، قَلَبُوَا فِيهِ الْوَاوَ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْهَا، وأَما قُنْيَة فأُقِرَّت الْيَاءُ بِحَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي لُغَةِ مَنْ كَسَرَ، هَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ، وأَما الْكُوفِيُّونَ فَجَعَلُوا قَنَيْت وقَنَوْت لُغَتَيْنِ، فَمَنْ قَالَ قَنَيْت عَلَى قِلَّتِهَا فَلَا نَظَرَ فِي قِنْية وقُنْية فِي قَوْلِهِ، وَمَنْ قَالَ قَنَوت فَالْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ هُوَ الْكَلَامُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ صُبْيان، قَنَوْت الشَّيْءَ قُنُوًّا وقُنْواناً واقْتَنَيْتُه: كَسَبْتُهُ. وقَنَوْت العنزَ: اتَّخَذْتُهَا للحلَب. وَلَهُ غَنَمٌ قِنْوة وقُنْوة أَي خَالِصَةٌ لَهُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ، وَالْكَلِمَةُ وَاوِيَّةٌ وَيَائِيَّةٌ. والقِنْيَةُ: مَا اكتُسب، وَالْجَمْعُ قِنًى، وَقَدْ قَنَى الْمَالَ قَنْياً وقُنْياناً؛ الأُولى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ومالٌ قِنْيَانٌ: اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَنِيتُ حَيائي أَي لَزِمته؛ وأَنشد لِعَنْتَرَةَ:

فأَجَبْتُها إنَّ المَنِيَّةَ مَنْهَلٌ،

لَا بُدَّ أَن أُسْقَى بِذاكَ المَنْهَلِ

إقْنَيْ حَياءكِ، لَا أَبا لَكِ واعْلَمي

أَنِّي امْرُؤٌ سأَموتُ إِنْ لَمْ أُقْتَلِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ فاقْنَيْ حَياءك؛ وَقَالَ أَبو الْمُثَلَّمِ الْهُذَلِيُّ يَرْثِي صَخْرَ الْغَيِّ:

لَوْ كَانَ للدَّهْرِ مالٌ كان مُتْلِدَه،

لَكَانَ للدَّهْرِ صَخْرٌ مالَ قُنْيانِ

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَنَيْت الْعَنْزَ اتَّخَذْتُهَا للحَلْب. أَبو عُبَيْدَةَ: قَنِيَ الرَّجل يَقْنَى قِنًى مِثْلُ غَنِيَ يَغْنَى غِنًى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الطَّمَّاحِي:

كيفَ رأَيتَ الحَمِقَ الدَّلَنْظَى،

يُعْطَى الَّذِي يَنْقُصهُ فَيَقْنَى؟

أَي فَيرْضِى بِهِ ويَغْنى. وفي الحديث:

فاقْنُوهم

(1). قوله [القمى الدخول ويَقْمُو والقُمَى السمن وقَمْو هذه والقُمَى تنظيف] كل ذلك مضبوط في الأصل والتهذيب بهذا الضبط، وأورد ابن الأَثير الحديث في المهموز.

ص: 201

أَي عَلِّموهم وَاجْعَلُوا لَهُمْ قِنْية مِنَ الْعِلْمِ يَسْتَغْنُون بِهِ إِذَا احْتَاجُوا إِلَيْهِ. وَلَهُ غَنَمٌ قِنْيَةٌ وقُنْية إِذَا كَانَتْ خَالِصَةً لَهُ ثَابِتَةً عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ أَيضاً: وأَما الْبَصْرِيُّونَ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْوَاوُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَدَلًا مِنَ الْيَاءِ لأَنهم لَا يَعْرِفُونَ قَنَيْتُ. وقَنِيت الحَياء، بِالْكَسْرِ، قُنُوًّا: لَزِمْتُهُ؛ قَالَ حَاتِمٌ:

إِذَا قَلَّ مَالِي أَو نُكِبْت بِنَكْبَةٍ،

قَنِيتُ مالي حَيائي عِفَّةً وتَكَرُّما

وقَنِيتُ الحَياء، بِالْكَسْرِ، قُنْياناً، بِالضَّمِّ، أَي لَزِمْتُهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

فاقْنَيْ حياءكِ، لَا أَبا لَكِ إنَّني،

فِي أَرضِ فارِسَ، مُوثَقٌ أَحْوالا

الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ أَقْنَى واسْتَقْنَى وقَنا وقَنَّى إِذَا حفِظ حَياءه وَلَزِمَهُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: قَناني الحَياءُ أَن أَفعل كَذَا أَي رَدَّني ووعظَني، وَهُوَ يَقْنِيني؛ وأَنشد:

وإنِّي لَيَقْنِيني حَياؤكَ كلَّما

لَقِيتُكَ، يَوْماً، أَنْ أَبُثَّك مَا بِيا

قَالَ: وَقَدْ قَنَا الحَياءَ إِذَا اسْتحيا. وقَنيُّ الغَنم: مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا لِلْوَلَدِ أَو اللَّبَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهى عن ذبْح قَنِيّ الغَنم.

قَالَ أَبو مُوسَى: هِيَ الَّتِي تُقْتَنَى لِلدَّرِّ وَالْوَلَدِ، وَاحِدَتُهَا قُنْوَة وقِنْوة، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، وقِنْية بِالْيَاءِ أَيضاً. يُقَالُ: هِيَ غَنَمٌ قُنْوة وقِنْية. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: القَنِيُّ والقَنِيَّةُ مَا اقْتُني مِنْ شَاةٍ أَو نَاقَةٍ، فَجَعَلَهُ وَاحِدًا كأَنه فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالشَّاةُ، قَنِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَ جَعْلُ القَنيّ جِنْسًا للقَنِيّةِ فَيَجُوزُ، وأَما فُعْلة وفِعْلة فَلَمْ يُجْمَعَا عَلَى فَعِيل. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: لَوْ شِئْتُ أَمرت بِقَنِيَّةٍ سَمِينَةٍ فأُلقي عَنْهَا شَعْرَهَا.

اللَّيْثُ: يُقَالُ قَنا الإِنسان يَقْنُو غَنَمًا وَشَيْئًا قَنْواً وقُنْوَاناً، وَالْمَصْدَرُ القِنْيَان والقُنْيَان، وَتَقُولُ: اقْتَنَى يَقْتَني اقْتِناء، وَهُوَ أَن يَتَّخِذَهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلْبَيْعِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ قِنْيةٌ وَاتَّخَذَهَا قِنْيةً لِلنَّسْلِ لَا لِلتِّجَارَةِ؛ وأَنشد:

وإِنّ قَناتي، إنْ سَأَلتَ، وأُسْرَتي

مِن النَّاسِ، قَوْمٌ يَقْتَنُون المُزَنَّما «1»

الْجَوْهَرِيُّ: قَنَوْتُ الْغَنَمَ وَغَيْرَهَا قِنْوة وقُنْوة وقَنيت أَيضاً قِنْية وقُنْية إِذَا اقْتَنَيْتَهَا لِنَفْسِكَ لَا لِلتِّجَارَةِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْمُتَلَمِّسِ:

كَذَلِكَ أَقْنُو كلَّ قِطٍّ مُضَلَّلِ «2»

وَمَالٌ قُنْيانٌ وقِنْيان: يُتَّخَذُ قِنْية. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَنْ أُعْطِيَ مِائَةً مِنَ المَعز فَقَدْ أُعطي القِنَى، وَمَنْ أُعطي مِائَةً مِنَ الضأْن فَقَدْ أُعطِيَ الغِنى، وَمَنْ أُعطي مِائَةً مِنَ الإِبل فَقَدْ أُعطِي المُنَى. والقِنَى: الرِّضا. وَقَدْ قَنَّاه اللَّهُ تَعَالَى وأَقْناه: أَعطاه مَا يَقْتَني مِنَ القِنْية والنَّشَب. وأَقْنَاه اللَّهُ أَيضاً أَي رَضَّاه. وأَغناه اللَّهُ وأَقْنَاه أَي أَعطاه مَا يَسكُن إِلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى

؛ قال أَبو إسحق: قِيلَ فِي أَقْنَى قَوْلَانِ: أَحدهما أَقْنَى أَرْضَى، وَالْآخَرُ جَعَلَ قِنْية أَي جَعَلَ الْغِنَى أَصلًا لِصَاحِبِهِ ثَابِتًا، وَمِنْهُ قَوْلُكَ: قَدِ اقتنيتُ كَذَا وَكَذَا أَي عَمِلْتُ عَلَى أَنه يَكُونُ عِنْدِي لَا أُخرجه مِنْ يَدِي. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَغْنَى رَضَّى الْفَقِيرَ بِمَا أَغناه بِهِ، وأَقْنَى مِنَ القِنية والنَّشَب. ابْنُ الأَعرابي: أَقْنَى أَعطاه مَا يَدَّخِرُهُ بَعْدَ الكِفاية. وَيُقَالُ: قَنِيت بِهِ أَي رَضِيت به.

(1). قوله [قناتي] كذا ضبط في الأصل بالفتح، وضبط في التهذيب بالضم

(2)

. قوله [قط مضلل] كذا بالأصل هنا ومعجم ياقوت في كفر وشرح القاموس هناك بالقاف والطاء، والذي في المحكم في كفر: فظ، بالفاء والظاء، وأنشده في التهذيب هنا مرتين مرة وافق المحكم ومرة وافق الأصل وياقوت.

ص: 202

وَفِي حَدِيثِ

وَابِصَةَ: والإِثمُ مَا حَكَّ فِي صَدْرِكَ وَإِنْ أَقْناك الناسُ عَنْهُ وأَقْنَوْكَ

أَي أَرْضَوْكَ؛ حَكَى أَبو مُوسَى أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ قَالَ ذَلِكَ وأَن الْمَحْفُوظَ بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ مِنَ الفُتْيا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالَّذِي رأَيته أَنا فِي الْفَائِقِ فِي بَابِ الْحَاءِ وَالْكَافِ أَفْتَوْك، بِالْفَاءِ، وَفَسَّرَهُ بأَرْضَوْك وَجَعَلَ الْفُتْيَا إرْضاء مِنَ الْمُفْتِي، عَلَى أَنه قَدْ جَاءَ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَن القِنَى الرِّضا. وأَقْناه إِذَا أَرْضاه. وقَنِيَ مالَه قِناية: لَزِمَهُ، وقَنِيَ الْحَيَاءَ كَذَلِكَ. واقْتَنَيْت لِنَفْسِي مَالًا أَي جَعَلْتُهُ قِنية ارْتَضَيْته؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الْمُتَلَمِّسِ:

وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي مِنْ جَنْبِ كافِرٍ،

كَذَلِكَ أَقْنُو كُلَّ قِطٍّ مُضَلَّلِ

إِنَّهُ بِمَعْنَى أَرْضَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَقنُو أَلزم وأَحفظ، وَقِيلَ: أَقنُو أَجزي وأُكافئ. وَيُقَالُ: لأَقْنُوَنَّك قِنَاوتَك أَي لأَجْزِيَنَّك جَزاءك، وَكَذَلِكَ لأَمْنُونَّك مَناوَتَك. وَيُقَالُ: قَنَوته أَقْنُوه قِناوةً إِذَا جَزَيْتَهُ. والمَقْنُوةُ، خَفِيفَةً، مِنَ الظِّلِّ: حَيْثُ لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ فِي الشِّتَاءِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: مَقْناةٌ ومَقْنُوة بِغَيْرِ هَمْزٍ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

فِي مَقاني أُقَنٍ، بَيْنَها

عُرَّةُ الطيرِ كصوْمِ النَّعامِ

والقَنا: مَصْدَرُ الأَقْنَى مِنَ الأُنوف، وَالْجَمْعُ قُنْوٌ، وَهُوَ ارْتِفَاعٌ فِي أَعلاه بَيْنَ الْقَصَبَةِ والمارنِ مِنْ غَيْرِ قُبْحٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والقَنا ارْتِفَاعٌ فِي أَعلى الأَنف واحْديدابٌ فِي وَسَطِهِ وسُبُوغٌ فِي طرَفه، وَقِيلَ: هُوَ نُتوء وسَطِ الْقَصَبَةِ وإشْرافُه وضِيقُ المَنْخَرَيْن، رَجُلٌ أَقْنَى وامرأَة قَنْوَاء بَيِّنة القَنا. وَفِي

صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: كَانَ أَقْنَى العِرْنين

؛ القَنا فِي الأَنف: طُولُهُ ودِقَّة أَرْنبته مَعَ حدَب فِي وَسَطِهِ، والعِرْنينُ الأَنف. وَفِي الْحَدِيثِ:

يَمْلِكُ رَجُلٌ أَقْنَى الأَنف.

يُقَالُ: رَجُلٌ أَقْنَى وامرأَة قَنْوَاء؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:

قَنْوَاءُ فِي حُرَّتَيْها للبَصِير بِهَا

عِتْقٌ مُبِينٌ، وَفِي الخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ

وَقَدْ يُوصَفُ بِذَلِكَ الْبَازِي وَالْفَرَسُ، يُقَالُ: فَرَسٌ أَقْنَى، وَهُوَ فِي الْفَرَسِ عَيْبٌ وَفِي الصَّقْرِ وَالْبَازِي مَدْح؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

نظَرْتُ كَمَا جَلَّى عَلَى رَأْسِ رَهْوَةٍ،

مِنَ الطَّيْرِ، أَقْنَى يَنْفُضُ الطَّلَّ أَزْرَقُ

وَقِيلَ: هُوَ فِي الصَّقْرِ وَالْبَازِي اعْوجاج فِي مِنقاره لأَن فِي مِنْقَارِهِ حُجْنة، وَالْفِعْلُ قَنِيَ يَقْنَى قَنًا. أَبو عُبَيْدَةَ: القَنا فِي الْخَيْلِ احْدِيدابٌ فِي الأَنف يَكُونُ فِي الهُجُن؛ وأَنشد لِسَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ:

لَيْسَ بأَقْنَى وَلَا أَسْفَى وَلَا سَغِلٍ،

يُسْقَى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبُوبِ

والقَناةُ: الرُّمْحُ، وَالْجَمْعُ قَنَواتٌ وقَناً وقُنِيٌّ، عَلَى فُعُولٍ، وأَقْنَاء مِثْلُ جَبَلٍ وأَجبال، وَكَذَلِكَ القَناة الَّتِي تُحْفَر، وَحَكَى كُرَاعٌ فِي جَمْعِ القَنَاة الرُّمْحِ قَنَياتٌ، وأُراه عَلَى الْمُعَاقَبَةِ طَلَبَ الخِفَّة. وَرَجُلٌ قَنَّاء ومُقَنٍّ أَي صاحبُ قَناً؛ وأَنشد:

عَضَّ الثِّقافِ خُرُصَ المُقَنِّي

وَقِيلَ: كُلُّ عَصًا مُسْتَوِيَةٍ فَهِيَ قَنَاة، وَقِيلَ: كُلُّ عَصًا مُستوية أَو مُعْوَجَّة فَهِيَ قَنَاةٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ بَحْر:

أَظَلُّ مِنْ خَوْفِ النُّجُوخِ الأَخْضَرِ،

كأَنَّني، فِي هُوَّةٍ، أُحَدَّر

«1»

(1). في هذا الشطر إقواء.

ص: 203

وتارَة يُسْنِدُني فِي أَوْعُرِ،

مِنَ السَّراةِ، ذِي قَناً وعَرْعَرِ

كَذَا أَنشده فِي أَوْعُر جَمْعُ وَعْرٍ، وأَراد ذواتِ قَناً فأَقام الْمُفْرَدَ مُقام الْجَمْعِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه فِي أَوْعَرِ لِوَصْفِهِ إِيَّاهُ بِقَوْلِهِ ذِي قَناً فَيَكُونُ الْمُفْرَدُ صِفَةً لِلْمُفْرَدِ. التَّهْذِيبُ: أَبو بَكْرٍ وكلُّ خَشَبَةٍ عِنْدَ الْعَرَبِ قَناةٌ وعَصا، والرُّمْح عَصاً؛ وأَنشد قَوْلُ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ:

وَقَالُوا: شريسٌ، قلتُ: يَكْفِي شَريسَكُمْ

سِنانٌ، كنِبْراسِ النِّهامِي، مُفَتَّقُ

نَمَتْه الْعَصَا، ثُمَّ اسْتَمَرَّ كأَنَّه

شِهابٌ بِكَفَّيْ قابِسٍ يَتَحَرَّقُ

نَمَتْه: رَفَعَتْهُ، يَعْنِي السِّنانَ، والنِّهامِي فِي قَوْلِ ابْنِ الأَعرابي: الرَّاهِبُ وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ النجَّار. اللَّيْثُ: القَناة أَلِفها وَاوٌ وَالْجَمْعُ قَنَوات وقَناً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: القَنَاة مِنَ الرِّمَاحِ مَا كَانَ أَجْوف كالقَصبة، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْكَظَائِمِ الَّتِي تَجْرِي تحتَ الأَرض قَنَوَات، وَاحِدَتُهَا قَنَاة، وَيُقَالُ لمجارِي مَائِهَا قَصَبٌ تَشْبِيهًا بالقَصَب الأَجوف، وَيُقَالُ: هِيَ قَنَاة وقَناً، ثُمَّ قُنِيٌّ جَمْعُ الْجَمْعِ، كَمَا يُقَالُ دَلاةٌ ودَلًا، ثُمَّ دِلِيٌّ ودُلِيٌّ لِجَمْعِ الْجَمْعِ. وَفِي الْحَدِيثِ

فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ والقُنِيُّ العُشور

؛ القُنِيُّ: جَمْعُ قَنَاة وَهِيَ الْآبَارُ الَّتِي تُحْفر فِي الأَرض مُتَتَابِعَةً لِيُسْتَخْرَجَ مَاؤُهَا ويَسيح عَلَى وَجْهِ الأَرض، قَالَ: وَهَذَا الْجَمْعُ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا جُمِعَتِ القَناة عَلَى قَناً، وَجَمْعُ القَنا عَلَى قُنِيّ فَيَكُونُ جَمْعَ الْجَمْعِ، فإنَّ فَعَلة لَمْ تُجْمَعْ عَلَى فُعول. والقَناة: كَظِيمةٌ تُحْفَرُ تَحْتَ الأَرض، وَالْجَمْعُ قُنِيٌّ. والهُدْهُد قَناء الأَرض أَي عَالِمٌ بِمَوَاضِعِ الْمَاءِ. وقَناةُ الظَّهْرِ: الَّتِي تَنْتَظِمُ الفَقارَ. أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ صُلْبُ القَناةِ: مَعْنَاهُ صُلْبُ القامةِ، والقَناةُ عِنْدَ الْعَرَبِ القامةُ؛ وأَنشد:

سِباطُ البنانِ والعَرانِينِ والقَنَا،

لطافُ الخُصورِ فِي تمامٍ وإكمالِ

أَراد بالقَنا القاماتِ. والقِنْوُ: العِذْق، وَالْجَمْعُ القِنْوانُ والأَقْناء؛ وَقَالَ:

قَدْ أَبْصَرَتْ سُعْدَى بِهَا كَتائِلي

طَويلةَ الأَقْناءِ والأَثاكِلِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه خَرَجَ فرأَى أَقْناء مُعَلَّقة قِنْوٌ مِنْهَا حَشَفٌ

؛ القِنْو: العِذق بِمَا فِيهِ مِنَ الرُّطَبِ، وَجَمْعُهُ أَقْنَاء، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. والقِنا، مَقْصُورٌ: مِثْل القِنْوِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: القِنْوُ والقِنا الكِباسةُ، والقَنا، بِالْفَتْحِ: لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَقْناء وقِنْوانٌ وقِنْيانٌ، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِقُرْبِ الْكَسْرَةِ وَلَمْ يعتدَّ السَّاكِنُ حَاجِزًا، كسَّروا فِعْلًا عَلَى فِعْلانٍ كَمَا كَسَّرُوا عَلَيْهِ فَعَلًا لاعْتقابهما عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ نَحْوُ بِدْلٍ وبَدَلٍ وشِبْهٍ وشَبَه، فَكَمَا كسروا فَعَلًا على فِعْلانٍ نَحْوَ خَرَبٍ وخِرْبانٍ وشَبَثٍ وشِبْثانٍ كَذَلِكَ كَسَّرُوَا عَلَيْهِ فِعْلًا فَقَالُوا قِنْوانٌ، فَالْكَسْرَةُ فِي قِنْو غَيْرُ الْكَسْرَةِ فِي قِنْوانٍ، تِلْكَ وَضْعِيَّةٌ لِلْبِنَاءِ وَهَذِهِ حَادِثَةٌ لِلْجَمْعِ، وأَما السُّكُونُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَعني سُكُونَ عَيْنِ فِعْلان فَهُوَ كَسُكُونِ عَيْنِ فِعْل الَّذِي هُوَ وَاحِدُ فِعْلان لَفْظًا، فَيَنْبَغِي أَن يَكُونَ غَيْرَهُ تَقْدِيرًا لأَن سُكُونَ عَيْنِ فِعْلان شَيْءٌ أَحدثته الْجَمْعِيَّةُ، وإِن كَانَ بلفظِ مَا كَانَ فِي الْوَاحِدِ، أَلا تَرَى أَن سُكُونَ عَيْنِ شِبْثان وبِرْقان غَيْرُ فَتْحَةِ عَيْنِ شَبَثٍ وبَرَقٍ؟ فَكَمَا أَنَّ هَذَيْنِ مُخْتَلِفَانِ لَفْظًا كَذَلِكَ السُّكُونَانِ هُنَا مُخْتَلِفَانِ

ص: 204

تَقْدِيرًا. الأَزهري: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قِنْوانٌ دانِيَةٌ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي قَرِيبَةُ المُتَناوَلِ. والقِنْوُ: الْكِبَاسَةُ، وَهِيَ القِنا أَيضاً، مَقْصُورٌ، وَمَنْ قَالَ قِنْوٌ فإِنه يَقُولُ لِلِاثْنَيْنِ قِنْوانِ، بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعِ قُنْوانٌ، بِالضَّمِّ، وَمِثْلُهُ صِنْوٌ وصِنْوانٌ. وَشَجَرَةٌ قَنْواء: طَوِيلَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: والقَناة الْبَقَرَةُ الْوَحْشِيَّةُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

وقَنَاةٍ، تَبْغِي بحَرْبَةَ عَهْداً

مِن ضَبُوحٍ قَفَّى عَلَيْهِ الخَبالُ

الْفَرَّاءُ: أَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ قِنْوانٌ، وَقَيْسٌ قُنْوان، وَتَمِيمٌ وَضَبَّةُ قُنْيان؛ وأَنشد:

ومالَ بِقُنْيانٍ مِنَ البُسْرِ أَحْمَرا

وَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُولُونَ قِنْوٌ وقُنْو، وَلَا يقولون قِنْيٌ، قال: وكلب تَقُولُ قِنْيان؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ العَيْزارِ الهُذَلي:

بِما هِيَ مَقْناةٌ، أَنِيقٌ نَباتُها،

مِرَبٌّ، فَتَهْواها المَخاضُ النَّوازِعُ

قَالَ: مَعْنَاهُ أَي هِيَ مُوافِقة لِكُلِّ مَنْ نَزَلَهَا، من قوله: مُقَانَاةِ البياضَ بصُفْرةٍ أَي يوافِق بَيَاضُهَا صُفْرَتَهَا. قَالَ الأَصمعي: وَلُغَةُ هُذَيْلٍ مَفْناة، بِالْفَاءِ. ابْنُ السِّكِّيتِ. مَا يُقانِينِي هَذَا الشَّيْءُ وَمَا يُقامِيني أَي مَا يُوافِقُني. وَيُقَالُ: هَذَا يُقَانِي هَذَا أَي يُوافِقُه. الأَصمعي: قَانَيْت الشَّيْءَ خَلَطْتُهُ. وكلُّ شيءٍ خَلَطْتَهُ فَقَدَ قَانَيْتَه. وكلُّ شَيْءٍ خَالَطَ شَيْئًا فَقَدْ قَانَاه؛ أَبو الْهَيْثَمِ: وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

كبِكْرِ المُقانَاةِ، البَياضُ بِصُفْرةٍ،

غَذاها نَمِيرُ الْمَاءِ غيرَ مُحَلَّلِ «2»

قَالَ: أَراد كَالْبِكْرِ الْمُقَانَاةِ الْبَيَاضَ بِصُفْرَةٍ أَي كَالْبَيْضَةِ الَّتِي هِيَ أَوّل بَيْضَةٍ بَاضَتْهَا النَّعَامَةُ، ثُمَّ قَالَ: المقاناةِ البياضُ بِصُفْرَةٍ أَي الَّتِي قُونِيَ بياضُها بِصُفْرَةٍ أَي خلِط بياضُها بِصُفْرَةٍ فَكَانَتْ صَفْرَاءَ بَيْضَاءَ، فَتَرَكَ الأَلف وَاللَّامَ مِنَ الْبِكْرِ وأَضاف الْبِكْرَ إِلى نَعْتِهَا؛ وَقَالَ غَيْرُهُ أَراد كَبِكْر الصدَفَةِ المُقاناةِ الْبَيَاضُ بِصُفْرَةٍ لأَنَّ فِي الصَّدَفَةِ لَوْنَيْنِ مِنْ بَيَاضٍ وَصُفْرَةٍ أَضاف الدُّرَّة إِليها. أَبو عُبَيْدٍ: المُقاناةُ فِي النَّسْجِ خَيْطٌ أَبيض وَخَيْطٌ أَسود. ابْنُ بُزُرْج: المُقاناة خَلْطُ الصُّوفِ بِالْوَبَرِ وَبِالشَّعَرِ مِنَ الغَزل يُؤَلَّفُ بَيْنَ ذَلِكَ ثُمَّ يُبْرَمُ. اللَّيْثُ: المُقاناة إِشْراب لَوْنٍ بِلَوْنٍ، يُقَالُ: قُونِيَ هَذَا بِذَاكَ أَي أُشْرِب أَحدهما بِالْآخَرِ. وأَحمر قَانٍ: شَدِيدُ الْحُمْرَةِ. وَفِي حَدِيثِ

أَنس عَنْ أَبي بَكْرٍ وصَبْغِه: فَغَلَّفَها بالحِنَّاء والكَتَم حَتَّى قَنَا لَوْنُهَا

أَي احمرَّ. يُقَالُ: قَنا لَوْنُهَا يَقْنُو قُنُوًّا، وَهُوَ أَحمرُ قانٍ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ قَانَى لَكَ عَيْشٌ نَاعِمٌ أَي دامَ؛ وأَنشد يَصِفُ فَرَسًا:

قَانَى لَهُ بالقَيْظ ظِلٌّ بارِدٌ،

ونَصِيُّ ناعِجةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ

حَتَّى إِذا نَبَحَ الظِّباءُ بَدَا لَهُ

عِجَلٌ، كأَحْمِرة الشَّريعَةِ أَرْبَعُ «3»

العِجَل: جَمْعُ عِجْلة، وَهِيَ الْمَزَادَةُ مَثْلُوثة أَو مَرْبُوعَةٌ. وقَانَى لَهُ الشيءُ أَي دَامَ. ابْنُ الأَعرابي: القُنَا ادِّخار الْمَالِ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الحُصَيبيّ يَقُولُ هُمْ لَا يُفانون مَالَهُمْ وَلَا يُقانونه أَي مَا يَقومون عَلَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي: تَقَنَّى فُلَانٌ إِذا اكْتَفَى بِنَفَقَتِهِ ثُمَّ فَضَلَت فَضْلة فادَّخرها. واقْتِناء الْمَالِ وغيره: اتِّخاذه.

(2). البياض [يروى بالحركات الثلاث.

(3)

. قوله [الشريعة] الذي في ع ج ل: الصريمة.

ص: 205

وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَقْتَنِ مِنْ كَلْبِ سَوْءٍ جَرْواً. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا أَحبَّ اللَّهُ عَبْدًا اقْتَنَاه فَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ مَالًا وَلَا وَلَدًا

أَي اتَّخَذَهُ وَاصْطَفَاهُ. يُقَالُ: قَناه يَقْنُوه واقْتَناه إِذا اتَّخَذَهُ لِنَفْسِهِ دُونَ الْبَيْعِ. والمقْنَاة: المَضْحاة، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، وَكَذَلِكَ المَقْنُوةُ. وقُنِيَتِ الْجَارِيَةُ تُقْنَى قِنْيةً، عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ، إِذا مُنِعَتْ مِنَ اللَّعِب مَعَ الصِّبْيَانِ وسُتِرَت فِي الْبَيْتِ؛ رَوَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبي سَعِيدٍ عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ الأَزهر عَنْ بُندار عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ، قَالَ: وسأَلته عَنْ فُتِّيَتِ الجارِية تَفْتِية فَلَمْ يَعْرِفْهُ. وأَقْناكَ الصيدُ وأَقْنَى لَكَ: أَمْكَنك؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:

يَجُوعُ إِذا مَا جاعَ فِي بَطْنِ غيرهِ،

ويَرْمِي إِذا مَا الْجُوعُ أَقْنَتْ مَقاتِلُه

وأَثبته ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُعْتَلِّ بِالْيَاءِ قَالَ: عَلَى أَنَّ ق ن وأَكثر مِنْ ق ن ي، قَالَ: لأَني لَمْ أَعرف اشْتِقَاقَهُ، وَكَانَتِ اللَّامَ يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا. والقُنْيَان: فَرَسُ قَرَابَةَ الضَّبِّيِّ؛ وَفِيهِ يَقُولُ:

إِذا القُنْيَانُ أَلحَقَني بِقَوْمٍ

فَلَمْ أَطْعَن، فَشَلَّ إِذاً بَناني

وقَنَاةُ: وادٍ بِالْمَدِينَةِ؛ قَالَ البُرْجُ بْنُ مُسْهِر الطَّائِيُّ:

سَرَتْ مِنْ لِوَى المَرُّوتِ حَتَّى تَجَاوَزَتْ

إِليَّ، وَدُونِي مِن قَناةَ شُجُونُها

وَفِي الْحَدِيثِ:

فَنَزَلْنَا بِقَنَاة

، قَالَ: هُوَ وادٍ مِنْ أَوْدِيةِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ حَرْثٌ وَمَالٌ وزُرُوع، وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ وادِي قَناةَ، وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ. وقانِيةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:

فَلأْياً مَا قَصَرْتُ الطَّرْفَ عَنْهُمْ

بِقانِيةٍ، وَقَدْ تَلَع النَّهارُ

وقَنَوْنَى: موضع.

قها: أَقْهى عَنِ الطَّعَامِ واقْتَهَى: ارتدَّت شهوتُه عَنْهُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ مِثْلَ أَقْهَمَ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْقَلِيلِ الطُّعم: قَدْ أَقْهَى وَقَدْ أَقْهَم، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقْدِرَ عَلَى الطَّعَامِ فَلَا يأَكله وإِن كَانَ مُشْتَهِيًا لَهُ. وأَقْهَى عَنِ الطَّعَامِ إِذا قَذِره فَتَرَكَهُ وَهُوَ يَشْتَهيه. وأَقْهَى الرجلُ إِذا قلَّ طُعْمُه. وأَقْهَاه الشيءُ عَنِ الطَّعَامِ: كَفَّهُ عَنْهُ أَو زَهَّدَه فِيهِ. وقَهِيَ الرَّجُلُ قَهْياً: لَمْ يَشْتَهِ الطَّعَامَ. وقَهِيَ عَنِ الشَّرَابِ وأَقْهَى عَنْهُ: تَرَكَهُ. أَبو السَّمْحِ: المُقْهِي والآجِم الَّذِي لَا يَشْتَهِي الطَّعَامَ مِنْ مَرَضٍ أَو غَيْرِهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:

لَكالمِسْكِ لَا يُقْهِي عَنِ المِسْكِ ذائقُه

وَرَجُلٌ قَاهٍ: مُخْصِب فِي رَحْلِهِ. وعيشٌ قَاهٍ: رَفِيهٌ. والقَهةُ: مِنْ أَسماء النَّرْجِسِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَلَى أَنه يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ ذَاهِبُهَا وَاوًا وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والقَهْوة: الْخَمْرُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تُقْهِي شَارِبَهَا عَنِ الطَّعَامِ أَي تَذْهَبُ بِشَهْوَتِهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ أَي تُشبِعه؛ قَالَ أَبُو الطَّمَحان يَذْكُرُ نِسَاءً:

فأَصبَحْنَ قَدْ أَقْهَين عَنِّي، كَمَا أَبَتْ

حِياضَ الإِمدَّانِ الهِجانُ القَوامِحُ

وَعَيْشٌ قاهٍ بيِّن القَهْوِ والقَهْوةِ: خَصِيبٌ، وَهَذِهِ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. الْجَوْهَرِيُّ القاهِي الحَديدُ الْفُؤَادِ المُستطارُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

راحَتْ كَمَا راحَ أَبو رِئالِ

قاهِي الفُؤادِ دائبُ الإِجْفالِ

قوا: اللَّيْثُ: الْقُوَّةُ مِنْ تأْليف ق وي، وَلَكِنَّهَا حُمِلَتْ عَلَى فُعْلة فأُدغمت الْيَاءُ فِي الْوَاوِ كَرَاهِيَةَ تَغْيُّرِ الضَّمَّةِ،

ص: 206

والفِعالةُ مِنْهَا قِوايَةٌ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الحَزْم وَلَا يُقَالُ فِي البَدَن؛ وأَنشد:

ومالَ بأَعْناقِ الكَرَى غالِباتُها،

وإِنِّي عَلَى أَمْرِ القِوَايةِ حازِمُ

قَالَ: جَعَلَ مَصْدَرَ القوِيّ عَلَى فِعالة، وَقَدْ يَتَكَلَّفُ الشُّعَرَاءُ ذَلِكَ فِي الْفِعْلِ اللَّازِمِ. ابْنُ سِيدَهْ: القُوَّةُ نَقِيضُ الضَّعْفِ، وَالْجَمْعُ قُوًى وقِوًى. وَقَوْلُهُ عز وجل: يَا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ

؛ أَي بِجِدّ وعَوْن مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ القِوايةُ، نَادِرٌ، إِنَّمَا حُكْمُهُ القِواوةُ أَو القِواءة، يَكُونُ ذَلِكَ فِي البَدن وَالْعَقْلِ، وَقَدْ قَوِيَ فَهُوَ قَوِيّ وتَقَوَّى واقْتَوَى كَذَلِكَ، قَالَ رُؤْبَةُ:

وقُوَّةَ اللهِ بِهَا اقْتَوَيْنا

وقَوّاه هُوَ. التَّهْذِيبُ: وَقَدْ قَوِيَ الرَّجُلُ والضَّعيف يَقْوَى قُوَّة فَهُوَ قَوِيٌّ وقَوَّيْتُه أَنا تَقْوِيةً وقاوَيْتُه فَقَوَيْتُه أَي غَلَبْته. وَرَجُلٌ شَدِيدُ القُوَى أَي شدِيدُ أَسْرِ الخَلْقِ مُمَرُّه. وَقَالَ سبحانه وتعالى: شَدِيدُ الْقُوى

؛ قِيلَ: هُوَ جِبْرِيلُ، عليه السلام. والقُوَى: جَمْعُ القُوَّة، قَالَ عز وجل لِمُوسَى حِينَ كَتَبَ لَهُ الأَلواح: فَخُذْها بِقُوَّةٍ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي خُذْهَا بقُوَّة فِي دِينِكَ وحُجَّتك. ابْنُ سِيدَهْ: قَوَّى اللَّهُ ضعفَك أَي أَبدَلك مَكَانَ الضَّعْفِ قُوَّة، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: هُوَ يُقَوَّى أَي يُرْمَى بِذَلِكَ. وَفَرَسٌ مُقْوٍ: قويٌّ، وَرَجُلٌ مُقْوٍ: ذُو دَابَّةٍ قَوِيّة. وأَقْوَى الرجلُ فَهُوَ مُقْوٍ إِذا كَانَتْ دَابَّتُهُ قَوِيَّة. يُقَالُ: فُلَانٌ قَوِيٌّ مُقْوٍ، فالقَوِي فِي نَفْسِهِ، والمُقْوِي فِي دَابَّتِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: لَا يَخْرُجَنَّ مَعَنَا الَّا رَجُلٌ مُقْوٍ

أَي ذُو دَابَّةٍ قَوِيَّة. وَمِنْهُ حَدِيثُ

الأَسود بْنَ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ، قَالَ: مُقْوون مُؤْدونَ

أَي أَصحاب دَوابّ قَوِيّة كامِلُو أَداةِ الْحَرْبِ. والقَوِيُّ مِنَ الْحُرُوفِ: مَا لَمْ يَكُنْ حَرْفَ لِينٍ. والقُوَى: الْعَقْلُ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

وصاحِبَيْنِ حازِمٍ قُواهُما

نَبَّهْتُ، والرُّقادُ قَدْ عَلاهُما،

إِلى أَمْونَيْنِ فَعَدَّياهما

القُوَّة: الخَصْلة الْوَاحِدَةُ مِنْ قُوَى الحَبل، وَقِيلَ: القُوَّة الطَّاقَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ طاقاتِ الحَبْل أَو الوَتَر، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ قُوًى وقِوًى. وَحَبْلٌ قَوٍ ووتَرٌ قَوٍ، كِلَاهُمَا: مُخْتَلِفُ القُوَى. وأَقْوَى الحبلَ والوَتر: جَعَلَ بَعْضَ قُواه أَغلظ مِنْ بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ: يُنْقَضُ الإِسلامُ عُرْوَةً عُروة كَمَا يُنْقَضُ الحبلُ قُوَّة قُوَّة.

والمُقْوِي: الَّذِي يُقَوِّي وَتَرَهُ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يُجد غارَته فَتَرَاكَبَتْ قُواه. وَيُقَالُ: وتَر مُقْوًى. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ أَقْوَيْتَ حبلَك، وَهُوَ حبلٌ مُقْوًى، وَهُوَ أَن تُرْخِي قُوَّة وتُغير قوَّة فَلَا يَلْبَثُ الْحَبْلُ أَن يَتَقَطَّع، وَيُقَالُ: قُوَّةٌ وقُوًى مِثْلَ صُوَّة وصُوًى وهُوَّة وهُوًى، وَمِنْهُ الإِقْوَاء فِي الشِّعْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

يذهَب الدِّين سُنَّةً سُنة كَمَا يَذْهَبُ الْحَبْلُ قُوَّة قُوَّة.

أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: الإِقْواء أَن تَخْتَلِفَ حَرَكَاتُ الرَّوِيِّ، فَبَعْضُهُ مَرْفُوعٌ وَبَعْضُهُ مَنْصُوبٌ أَو مَجْرُورٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: الإِقواء فِي عُيُوبِ الشِّعْرِ نُقْصَانُ الْحَرْفِ مِنَ الْفَاصِلَةِ يَعْنِي مِنْ عَرُوض الْبَيْتِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قوَّة الْحَبْلِ، كأَنه نَقَصَ قُوَّة مِنْ قُواه وَهُوَ مِثْلُ الْقَطْعِ فِي عَرُوضِ الْكَامِلِ؛ وَهُوَ كَقَوْلِ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ:

أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِك بْنِ زُهَيْرٍ

تَرْجُو النِّساءُ عَواقِبَ الأَطْهار؟

فنقَص مِنْ عَروضه قُوَّة. والعَروض: وَسَطُ الْبَيْتِ:

ص: 207

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الإِقْواء اخْتِلَافُ إِعراب القَوافي؛ وَكَانَ يَرْوِي بَيْتَ الأَعشى:

مَا بالُها بِاللَّيْلِ زالَ زَوالُها

بِالرَّفْعِ، وَيَقُولُ: هَذَا إِقْواء، قَالَ: وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ الإِكفاء، وَهُوَ اخْتِلَافُ إِعراب القَوافي، وَقَدْ أَقْوَى الشَّاعِرُ إِقْوَاء، ابْنُ سِيدَهْ: أَقْوَى فِي الشِّعْرِ خالفَ بَيْنَ قَوافِيه، قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ. وَقَالَ الأَخفش: الإِقْوَاء رَفْعُ بَيْتٍ وَجَرُّ آخَرَ نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

لَا بَأْسَ بالقَوْمِ مِنْ طُولٍ وَمِنْ عِظَمٍ،

جِسْمُ البِغال وأَحْلامُ العَصافيرِ

ثُمَّ قَالَ:

كأَنهم قَصَبٌ، جُوفٌ أَسافِلُه،

مُثَقَّبٌ نَفَخَتْ فِيهِ الأَعاصيرُ

قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا مِنَ الْعَرَبِ كَثِيرًا لَا أُحصي، وقَلَّت قَصِيدَةٌ يُنْشِدُونَهَا إِلا وَفِيهَا إِقْواء ثُمَّ لَا يستنكِرونه لأَنه لَا يَكْسِرُ الشِّعْرَ، وأَيضاً فإِن كُلَّ بَيْتٍ مِنْهَا كأَنه شِعْرٌ عَلَى حِياله. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما سَمْعُه الإِقواء عَنِ الْعَرَبِ فَبِحَيْثُ لَا يُرتاب بِهِ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي اجْتِمَاعِ الرَّفْعِ مَعَ الْجَرِّ، فأَما مُخَالَطَةُ النَّصْبِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَلِيلٌ، وَذَلِكَ لِمُفَارَقَةِ الأَلف الْيَاءَ وَالْوَاوَ وَمُشَابَهَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا أُختها؛ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الحرث بْنِ حِلِّزَةَ:

فَمَلَكْنا بِذَلِكَ الناسَ، حَتَّى

مَلَكَ المُنْذِرُ بنُ ماءِ السَّماء

مَعَ قَوْلِهِ:

آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسْماءُ،

رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْه الثَّواءُ

وَقَالَ آخَرُ أَنشده أَبو عَلِيٍّ:

رَأَيْتُكِ لَا تُغْنِينَ عَنِّى نَقْرَةً،

إِذا اخْتَلَفَت فيَّ الهَراوَى الدَّمامِكْ

وَيُرْوَى: الدَّمالِكُ.

فأَشْهَدُ لَا آتِيكِ مَا دامَ تَنْضُبٌ

بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العَصا مِن رِجالِكِ

وَمَعْنَى هَذَا أَن رَجُلًا وَاعَدَتْهُ امرأَة فعَثر عَلَيْهَا أَهلُها فَضَرَبُوهُ بالعِصِيّ فَقَالَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ، فأَما دُخُولُ النَّصْبِ مَعَ أَحدهما فَقَلِيلٌ؛ مِنْ ذَلِكَ مَا أَنشده أَبو عَلِيٍّ:

فَيَحْيَى كَانَ أَحْسَنَ مِنْكَ وَجْهاً،

وأَحْسَنَ في المُعَصْفَرَةِ ارْتِداآ

ثُمَّ قَالَ:

وَفِي قَلْبي عَلَى يَحْيَى البَلاء

قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَالَ أَعرابي لأَمدحنّ فُلَانًا ولأَهجونه وليُعْطِيَنِّي، فَقَالَ:

يَا أَمْرَسَ الناسِ إِذا مَرَّسْتَه،

وأَضْرَسَ الناسِ إِذا ضَرَّسْتَه «1»

وأَفْقَسَ الناسِ إِذا فَقَّسْتَه،

كالهِنْدُوَانِيِّ إِذا شَمَّسْتَه

وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي رَبِيعَةَ لِرَجُلٍ وَهَبَهُ شَاةً جَماداً:

أَلم تَرَني رَدَدْت عَلَى ابْنِ بَكْرٍ

مَنِيحَتَه فَعَجَّلت الأَداآ

فقلتُ لِشاتِه لمَّا أَتَتْني:

رَماكِ اللهُ مِنْ شاةٍ بداءِ

وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ المِنهال الغَنَوِيّ فِي شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ:

لَيتَ أَبا شَرِيكٍ كَانَ حَيّاً،

فَيُقْصِرَ حِينَ يُبْصِرُه شَرِيكُ

(1). قوله [يا أمرس الناس إلخ] كذا بالأصل.

ص: 208

ويَتْرُكَ مِنْ تَدَرُّئِه عَلَيْنَا،

إِذا قُلنا لَهُ: هَذَا أَبُوكا

وَقَالَ آخَرُ:

لَا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطَلَّقةً،

وَلَا يسُوقَنَّها فِي حَبْلِك القَدَرُ

أَراد وَلَا يسُوقَنَّها صَيْداً فِي حَبْلِك أَو جَنيبة لِحَبْلِكَ.

وإِنْ أَتَوْكَ وَقَالُوا: إِنَّهَا نَصَفٌ،

فإِنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيها الَّذِي غَبَرا

وَقَالَ القُحَيف العُقَيْلي:

أَتاني بالعَقِيقِ دُعاءُ كَعْبٍ،

فَحَنَّ النَّبعُ والأَسَلُ النِّهالُ

وجاءَتْ مِن أَباطِحها قُرَيْشٌ،

كَسَيْلِ أَتِيِّ بيشةَ حِينَ سَالَا

وَقَالَ آخَرُ:

وإِني بحَمْدِ اللهِ لَا واهِنُ القُوَى،

وَلَمْ يَكُ قَوْمِي قَوْمَ سُوءٍ فأَخْشعا

وإِني بحَمْدِ اللهِ لَا ثَوْبَ عاجِزٍ

لَبِسْتُ، وَلَا مِنْ غَدْرةٍ أَتَقَنَّعُ

وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

قَدْ أَرْسَلُوني فِي الكَواعِبِ راعِياً،

فَقَدْ، وأَبي راعِي الكواعِبِ، أَفْرِسُ

أَتَتْه ذِئابٌ لَا يُبالِينَ راعِياً،

وكُنَّ سَواماً تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسا

وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:

عَشَّيْتُ جابانَ حَتَّى اسْتَدَّ مَغْرِضُه،

وكادَ يَهْلِكُ لَوْلَا أَنه اطَّافا

قُولا لجابانَ: فَلْيَلْحَقْ بِطِيَّته،

نَوْمُ الضُّحَى بعدَ نَوْمِ الليلِ إِسْرافُ

وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضاً:

أَلا يَا خيْزَ يَا ابْنَةَ يَثْرُدانٍ،

أَبَى الحُلْقُومُ بَعْدكِ لَا يَنام

وَيُرْوَى: أُثْردانٍ.

وبَرْقٌ للعَصِيدةِ لاحَ وَهْناً،

كَمَا شَقَّقْتَ فِي القِدْر السَّناما

وَقَالَ: وَكُلُّ هَذِهِ الأَبيات قَدْ أَنشدنا كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِي الْجُمْلَةِ إِنَّ الإِقْوَاء وإِن كَانَ عَيباً لِاخْتِلَافِ الصَّوْتِ بِهِ فإِنه قَدْ كَثُرَ، قَالَ: وَاحْتَجَّ الأَخفش لِذَلِكَ بأَن كُلَّ بَيْتٍ شِعْرٌ برأْسه وأَنَّ الإِقْوَاء لَا يَكْسِرُ الْوَزْنَ؛ قَالَ: وَزَادَنِي أَبو عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِن حَرْفَ الْوَصْلِ يَزُولُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الإِنشاد نَحْوَ قَوْلِهِ:

قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِل

وَقَوْلِهِ:

سُقِيتِ الغَيْثَ أَيَّتُها الخِيام

وَقَوْلِهِ:

كَانَتْ مُبارَكَةً مِن الأَيَّام

فَلَمَّا كَانَ حَرْفُ الْوَصْلِ غَيْرَ لَازِمٍ لأَن الْوَقْفَ يُزيله لَمْ يُحْفَل بِاخْتِلَافِهِ، ولأَجل ذَلِكَ مَا قلَّ الإِقواء عَنْهُمْ مَعَ هَاءِ الْوَصْلِ، أَلا تَرَى أَنه لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ دُونَ هَاءِ الْوَصْلِ كَمَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى لَامِ مَنْزِلِ وَنَحْوِهِ؟ فَلِهَذَا قَلَّ جِدًّا نَحْوُ قَوْلِ الأَعشى:

مَا بالُها بالليلِ زَالَ زوالُها

فِيمَنْ رَفَعَ. قَالَ الأَخفش: قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَجْعَلُ الإِقْوَاء سِناداً؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

ص: 209

فِيهِ سِنادٌ وإِقْوَاءٌ وتَحْرِيدُ

قَالَ: فَجَعَلَ الإِقْوَاء غَيْرَ السِّنَاد كأَنه ذَهَبَ بِذَلِكَ إِلى تَضْعِيفِ قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الإِقْوَاء سِنَاداً مِنَ الْعَرَبِ وَجَعَلَهُ عَيْبًا. قَالَ: وَلِلنَّابِغَةِ فِي هَذَا خَبَرٌ مَشْهُورٌ، وَقَدْ عِيبَ قَوْلُهُ فِي الداليَّة الْمَجْرُورَةِ:

وَبِذَاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسودُ

فعِيب عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَمْ يَفْهَمْهُ، فَلَمَّا لَمْ يَفْهَمْهُ أُتي بِمُغَنِّيَةٍ فَغَنَّتْهُ:

مِن آلِ مَيّةَ رائحٌ أَو مُغْتَدِي

وَمَدَّتِ الْوَصْلَ وأَشبعته ثُمَّ قَالَتْ:

وَبِذَاكَ خَبَّرنا الغُدافُ الأَسودُ

ومَطَلَت وَاوَ الْوَصْلِ، فَلَمَّا أَحسَّه عَرَفَهُ وَاعْتَذَرَ مِنْهُ وغيَّره فِيمَا يُقَالُ إِلى قَوْلِهِ:

وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْودِ

وَقَالَ: دَخَلْتُ يَثْرِبَ وَفِي شِعْرِي صَنْعة، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْهَا وأَنا أَشْعر الْعَرَبِ. واقْتَوَى الشيءَ: اخْتَصَّه لِنَفْسِهِ. والتَّقَاوِي: تزايُد الشُّرَكَاءِ. والقِيُّ: القَفْر مِنَ الأَرض، أَبْدَلُوا الْوَاوَ يَاءً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، وَكَسَرُوا الْقَافَ لِمُجَاوَرَتِهَا الْيَاءَ. والقَواءُ: كالقِيّ، هَمْزَتُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ. وأَرض قَواء وقَوايةٌ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ: قَفْرة لَا أَحد فِيهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ

، يَقُولُ: نَحْنُ جَعَلْنَا النَّارَ تَذْكِرَةً لِجَهَنَّمَ وَمَتَاعًا للمُقْوِين، يَقُولُ: مَنْفَعَةً للمُسافرين إِذا نَزَلُوا بالأَرض القِيّ وَهِيَ الْقَفْرُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُقْوِي الَّذِي لَا زَادَ مَعَهُ، يُقَالُ: أَقْوَى الرجلُ إِذا نَفِد زَادُهُ. وَرَوَى أَبو إِسْحَاقَ: المُقْوِي الَّذِي يَنْزِلُ بالقَوَاء وَهِيَ الأَرض الْخَالِيَةُ. أَبو عَمْرٍو: القَوَايَة الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَر. وَقَدْ قَوِيَ الْمَطَرُ يَقْوَى إِذا احْتبس، وَإِنَّمَا لَمْ يُدْغَمْ قَوِيَ وأُدغمت قِيٌّ لِاخْتِلَافِ الْحَرْفَيْنِ، وَهُمَا مُتَحَرِّكَانِ، وأُدغمت فِي قَوْلِكَ لوَيْتُ لَيّاً وأَصله لَوْياً، مَعَ اخْتِلَافِهِمَا، لأَن الأُولى مِنْهُمَا سَاكِنَةٌ، قَلَبْتَها يَاءً وأَدغمت. والقَواء، بِالْفَتْحِ: الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ بَيْنَ أَرضين مَمطورتَين. شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ بَلَدٌ مُقْوٍ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَطَرٌ، وَبَلَدٌ قاوٍ ليس به أَحد. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُقْوِيةُ الأَرض الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ وَلَيْسَ بِهَا كلأٌ، وَلَا يُقَالُ لَهَا مُقْوِية وَبِهَا يَبْسٌ مِنْ يَبْسِ عَامِ أَوَّل. والمُقْوِية: المَلْساء الَّتِي لَيْسَ بِهَا شَيْءٌ مِثْلَ إِقْوَاء الْقَوْمِ إِذا نَفِد طَعَامُهُمْ؛ وأَنشد شَمِرٌ لأَبي الصُّوفِ الطَّائِيِّ:

لَا تَكْسَعَنّ بَعْدَها بالأَغبار

رِسْلًا، وَإِنْ خِفْتَ تَقَاوِي الأَمْطار

قَالَ: والتَّقَاوِي قِلَّته. وَسَنَةٌ قَاوِيَةٌ: قَلِيلَةُ الأَمطار. ابْنُ الأَعرابي: أَقْوَى إِذا اسْتَغْنَى، وأَقْوَى إِذا افتقَرَ، وأَقْوَى القومُ إِذا وَقَعُوا فِي قِيٍّ مِنَ الأَرض. والقِيُّ: المُسْتَوِية المَلْساء، وَهِيَ الخَوِيَّةُ أَيضاً. وأَقْوَى الرجلُ إِذا نَزَلَ بِالْقَفْرِ. والقِيُّ: الْقَفْرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

وبَلْدَةٍ نِياطُها نَطِيُّ،

قِيٌّ تُناصِيها بلادٌ قِيُ

وَكَذَلِكَ القَوا والقَواء، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ. وَمَنْزِلٌ قَواء: لَا أَنِيسَ بِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَلا حَيِّيا الرَّبْعَ القَواء وسَلِّما،

ورَبْعاً كجُثْمانِ الحَمامةِ أَدْهَما

وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: وَبِي رُخِّصَ لَكُمْ فِي صَعِيدِ الأَقْواءِ

؛ الأَقْواءُ: جَمْعُ قَواء وَهُوَ

ص: 210

الْقَفْرُ الْخَالِي مِنَ الأَرض، تُرِيدُ أَنها كَانَتْ سَبَبَ رُخصة التَّيَمُّمِ لَمَّا ضَاعَ عِقْدُها فِي السَّفَرِ وَطَلَبُوهُ فأَصبحوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، والصَّعِيدُ: التُّرَابُ. ودارٌ قَواء: خَلاء، وَقَدْ قَوِيَتْ وأَقْوَتْ. أَبو عُبَيْدَةَ: قَوِيَت الدَّارُ قَواً، مَقْصُورٌ، وأَقْوَتْ إِقْوَاءً إِذا أَقْفَرت وخَلَتْ. الْفَرَّاءُ: أَرض قِيٌّ وَقَدْ قَوِيَتْ وأَقْوَتْ قَوايةً وقَواً وقَواء. وَفِي حَدِيثِ

سَلْمان: مَن صَلَّى بأَرْض قِيٍّ فأَذَّنَ وأَقامَ الصلاةَ صلَّى خَلْفَه مِنَ الملائكة ما لا يُرَى قُطْرُه

، وَفِي رِوَايَةٍ:

مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي بِقِيٍّ مِنَ الأَرض

؛ القِيُّ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ: فِعْل مِنَ القَوَاء، وَهِيَ الأَرض القَفْر الْخَالِيَةُ. وأَرض قَواء: لَا أَهل فِيهَا، والفِعْل أَقْوَت الأَرضُ وأَقْوَتِ الدارُ إِذا خَلَتْ مِنْ أَهلها، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ القَواء. وأَقْوَى القومُ: نَزَلُوا فِي القَواء. الْجَوْهَرِيُّ: وَبَاتَ فُلَانٌ القَواء، وَبَاتَ القَفْر إِذا بَاتَ جَائِعًا عَلَى غَيْرِ طُعْم؛ وَقَالَ حاتم طيِء:

وإِني لأَختارُ القَوا طاوِيَ الحَشَى،

مُحافَظَةً مِنْ أَنْ يُقالَ لَئِيمُ

ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحَكَى ابْنُ وَلَّادٍ عَنِ الْفَرَّاءِ قَواً مأْخوذ مِنَ القِيِّ، وأَنشد بَيْتَ حَاتِمٍ؛ قَالَ الْمُهَلَّبِيُّ: لَا مَعْنَى للأَرض هَاهُنَا، وإِنما القَوَا هَاهُنَا بِمَعْنَى الطَّوَى. وأَقْوى الرجلُ: نَفِدَ طَعَامُهُ وفَنِي زَادُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ

. وَفِي حَدِيثِ

سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحش: قَالَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ إِنَّا قَدْ أَقْوَيْنا فأَعْطِنا مِنَ الْغَنِيمَةِ

أَي نَفِدَت أَزْوادنا، وَهُوَ أَن يَبْقَى مِزْوَدُه قَواء أَي خَالِيًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

الخُدْرِي فِي سَرِيَّةِ بَنِي فَزارةَ: إِني قَدْ أَقْوَيْت مُنْذُ ثَلَاثٍ فخِفْت أَن يَحْطِمَني الجُوع

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ:

وإِنَّ مَعادِن إِحسانك لَا تَقْوَى

أَي لَا تَخْلُو مِنَ الْجَوْهَرِ، يُرِيدُ بِهِ الْعَطَاءَ والإِفْضال. وأَقْوَى الرَّجُلُ وأَقْفَرَ وأَرْمَلَ إِذا كَانَ بأَرض قَفْرٍ لَيْسَ مَعَهُ زَادٌ. وأَقْوَى إِذا جاعَ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ، وإِن كَانَ فِي بَيْتِهِ وسْطَ قَوْمِهِ. الأَصمعي: القَواء القَفْر، والقِيُّ مِنَ القَواء فِعْلٌ مِنْهُ مأْخوذ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كَانَ يَنْبَغِي أَن يَكُونَ قُوْيٌ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْيَاءُ كُسِرَتِ الْقَافُ. وَتَقُولُ: اشْتَرَى الشُّرَكَاءُ شَيْئًا ثُمَّ اقْتَوَوْه أَي تَزَايَدُوهُ حَتَّى بَلَغَ غَايَةَ ثَمَنِهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ سِيرِينَ: لَمْ يَكُنْ يَرَى بأْساً بالشُّركاء يَتَقَاوَوْنَ الْمَتَاعَ بَيْنَهُمْ فِيمَنْ يَزِيدُ

؛ التَّقَاوِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ: أَن يَشْتَرُوا سِلْعَةً رَخِيصَةً ثُمَّ يَتَزَايَدُوا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَبْلُغوا غَايَةَ ثَمَنِهَا. يُقَالُ: بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ ثَوْبٌ فتَقَاوَيْناه أَي أَعطيته بِهِ ثَمَنًا فأَخذته أَو أَعطاني بِهِ ثَمَنًا فأَخذه. وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ:

سأَل عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُتْبةَ عَنِ امرأَة كَانَ زَوْجُهَا مَمْلُوكًا فَاشْتَرَتْهُ، فَقَالَ: إِنِ اقْتَوَتْه فُرّق بِينَهُمَا وَإِنْ أَعتقته فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا

أَي إِن اسْتخْدمَتْه، مِنَ القَتْوِ الخِدمةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ قَتا؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ افْعَلَّ مِنَ القَتْوِ الخِدمةِ كارْعَوَى مِنَ الرَّعْوَى، قَالَ: إِلا أَن فِيهِ نَظَرًا لأَن افْعَلَّ لَمْ يَجئْ متعَدِّياً، قَالَ: وَالَّذِي سَمِعْتُهُ اقْتَوَى إِذا صَارَ خَادِمًا، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ افْتَعَل مِنَ الاقْتواء بِمَعْنَى الِاسْتِخْلَاصِ، فكَنى بِهِ عَنِ الِاسْتِخْدَامِ لأَن مَنِ اقْتَوَى عَبْدًا لَا بُدَّ أَن يَسْتَخْدِمَهُ، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَئمة الْفِقْهِ أَن المرأَة إِذا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ خِدْمَةٍ، قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا شَيْءٌ اخْتَصَّ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ. وَرُوِيَ عَنْ

مَسْرُوقٍ أَنه أَوصى فِي جَارِيَةٍ لَهُ: أَن قُولوا لِبَنِيَّ لَا تَقْتَوُوها بَيْنَكُمْ وَلَكِنْ بِيعُوهَا، إِني لَمْ أَغْشَها وَلَكِنِّي جَلَسْتُ مِنْهَا مجلِساً مَا أُحِبُّ أَن يَجلِس وَلَدٌ لِي ذَلِكَ المَجْلِس

، قَالَ أَبو

ص: 211

زَيْدٍ: يُقَالُ إِذا كَانَ الْغُلَامُ أَو الْجَارِيَةُ أَو الدَّابَّةُ أَو الدَّارُ أَو السِّلْعَةُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَقَدْ يَتَقَاوَيانِها، وَذَلِكَ إِذا قَوَّمَاهَا فَقَامَتْ عَلَى ثَمَنٍ، فَهُمَا فِي التَّقاوِي سَوَاءٌ، فإِذا اشْتَرَاهَا أَحدُهما فَهُوَ المُقْتَوِي دُونَ صَاحِبِهِ فَلَا يَكُونُ اقْتِواؤهما وَهِيَ بَيْنَهُمَا إِلا أَن تَكُونَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فأَقول لِلِاثْنَيْنِ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِذا اشْتَرَيَا نَصِيبَ الثَّالِثِ اقْتَوَياها وأَقْواهما الْبَائِعُ إِقْواء. والمُقْوِي: الْبَائِعُ الَّذِي بَاعَ، وَلَا يَكُونُ الإِقْواء إِلا مِنَ الْبَائِعِ، وَلَا التَّقاوِي إِلا مِنَ الشُّرَكَاءِ، وَلَا الِاقْتِوَاءُ إِلا مِمَّنْ يَشْتَرِي مِنَ الشُّرَكَاءِ، وَالَّذِي يُبَاعُ مِنَ الْعَبْدِ أَو الْجَارِيَةِ أَو الدَّابَّةِ مِنَ اللَّذَيْنِ تَقاويا، فأَما فِي غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَلَيْسَ اقْتِواء وَلَا تَقاوٍ وَلَا إِقْواء. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يَكُونُ الاقْتِواء فِي السِّلْعَةِ إِلا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، قِيلَ أَصله مِنَ القُوَّة لأَنه بُلُوغٌ بِالسِّلْعَةِ أَقْوَى ثَمَنِهَا؛ قَالَ شَمِرٌ: وَيُرْوَى بَيْتُ ابْنِ كُلْثُومٍ:

مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينا

أَي مَتَى اقْتَوَتْنا أُمُّك فَاشْتَرَتْنَا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ ثَوْبٌ فَتَقاوَيْناه بَيْنَنَا أَي أَعطيته ثَمَنًا وأَعطاني بِهِ هُوَ فأَخذه أَحدنا. وَقَدِ اقْتَوَيْت مِنْهُ الْغُلَامَ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا أَي اشْتَرَيْتُ مِنْهُ نَصِيبَهُ. وَقَالَ الأَسدي: القاوِي الْآخِذُ، يُقَالُ: قاوِه أَي أَعْطِه نَصِيبَهُ؛ قَالَ النَّظَّارُ الأَسدي:

ويومَ النِّسارِ ويَوْمَ الجِفارِ

كانُوا لَنا مُقْتَوِي المُقْتَوِينا

التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ للسُّقاة إِذا كَرَعوا فِي دَلْوٍ مَلآنَ مَاءً فَشَرِبُوا مَاءَهُ قَدْ تَقاوَوْه، وَقَدْ تقاوَينا الدَّلْوَ تَقاوِياً. الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم انقَطَع قُوَيٌّ مِنْ قاوِيةٍ إِذا انْقَطَعَ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَو وجَبت بَيْعَةٌ لَا تُسْتقال؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والقاوِيَةُ هِيَ الْبَيْضَةُ، سُمِّيَتْ قاوِيَةً لأَنها قَوِيَتْ عَنْ فَرْخها. والقُوَيُّ: الفَرْخ الصَّغِيرُ، تَصْغِيرُ قَاوٍ، سُمِّيَ قُوَيّاً لأَنه زَايَلَ الْبَيْضَةَ فَقَوِيَتْ عَنْهُ وقَوِيَ عَنْهَا أَي خَلا وخَلَتْ، وَمِثْلُهُ: انْقَضَتْ قائبةٌ مِنْ قُوبٍ؛ أَبو عَمْرٍو: القائبةُ والقاوِيَةُ الْبَيْضَةُ، فإِذا ثَقَبَهَا الْفَرْخُ فَخَرَجَ فَهُوَ القُوبُ والقُوَيُّ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ للدَّنيءِ قُوَيٌّ مِنْ قاوِية. وقُوَّةُ: اسْمُ رَجُلٍ. وقَوٌّ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ بَيْنَ فَيْدٍ والنِّباج؛ وَقَالَ إمْرُؤ القَيْس:

سَما لَكَ شَوْقٌ بعدَ ما كَانَ أَقْصَرا،

وحَلَّتْ سُلَيْمَى بطنَ قَوٍّ فعَرْعَرا

والقَوقاةُ: صَوْتُ الدَّجَاجَةِ. وقَوْقَيْتُ: مِثْلَ ضَوْضَيْتُ. ابْنُ سِيدَهْ: قَوْقَتِ الدَّجَاجَةُ تُقَوْقي قِيقَاءً وقَوْقاةً صَوَّتَتْ عِنْدَ الْبَيْضِ، فَهِيَ مُقَوْقِيةٌ أَي صَاحَتْ، مِثْلَ دَهْدَيْتُ الْحَجَرَ دِهْداء ودَهْداةً، عَلَى فَعْلَلَ فَعَللة وفِعْلالًا، وَالْيَاءُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ لأَنها بِمَنْزِلَةِ ضَعْضَعْت كَرَّرَ فِيهِ الْفَاءَ وَالْعَيْنَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ فِي الدِّيكِ؛ وَحَكَاهُ السِّيرَافِيُّ فِي الإِنسان، وَبَعْضُهُمْ يَهْمِزُ فَيُبْدِلُ الْهَمْزَةَ مِنَ الْوَاوِ المُتوهَّمة فَيَقُولُ قَوْقَأَت الدَّجَاجَةُ. ابْنُ الأَعرابي: القِيقاءة والقِيقايةُ، لُغَتَانِ: مشْرَبَة كالتَّلْتلةِ؛ وأَنشد:

وشُرْبٌ بِقِيقاةٍ وأَنتَ بَغِيرُ»

قَصَرَهُ الشَّاعِرُ. والقِيقَاءة: القاعُ الْمُسْتَدِيرَةُ فِي صَلَابَةٍ مِنَ الأَرض إِلى جَانِبٍ سَهْلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قِيقاةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

إِذا جَرَى، مِنْ آلِها الرَّقْراقِ،

رَيْقٌ وضَحْضاحٌ على القَياقي

(2). قوله [وشرب] هذا هو الصواب كما في التهذيب هنا وفي مادة بغر، وتصحف في ب غ ر من اللسان بسرت خطأ.

ص: 212