الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمكَنني جمعُ الْمَالِ الْكَثِيرِ، ويُرْوى: أَعْنَانِي أَي أَذَلَّني وأَخْضَعني. وَحَكَى الأَزهري عَنِ الأَصمعي: عَيِيَ فُلَانٌ، بياءَين، بالأَمر إِذَا عَجَز عَنْهُ، وَلَا يُقَالُ أَعْيا بِهِ. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ عَيَّ بِهِ، فيُدْغِمُ. وَيُقَالُ فِي المَشْي: أَعْيَيْت وأَنا عَيِيّ؛ «2» قَالَ النَّابِغَةِ:
عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بالرَّبْعِ مِنْ أَحد
قَالَ: وَلَا يُنْشَدُ أَعْيَتْ جَوَابًا؛ وأَنشد لِشَاعِرٍ آخَرَ فِي لُغَةِ مَنْ يَقُولُ عَيِيَ:
وَحَتَّى حسِبْناهمْ فوارِسَ كَهْمَسٍ،
…
حَيُوا بعد ما ماتُوا مِنَ الدَّهْرِ أَعْصُرَا
وَيُقَالُ: أَعْيَا عليَّ هَذَا الأَمرُ وأَعْياني، وَيُقَالُ: أَعْيَانِي عَيَاؤه؛ قَالَ المرَّارُ:
وأَعْيَتْ أَن تُجِيبَ رُقىً لِرَاقِ
قَالَ: وَيُقَالُ أَعْيَا بِهِ بَعِيرُهُ وأَذَمَّ سواءٌ. والإِعْيَاءُ: الكَلال؛ يُقَالُ: مَشَيْت فأَعْيَيْت، وأَعْيَا الرجلُ فِي المَشْيِ، فَهُوَ مُعْيٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِنَّ البَراذِينَ إِذَا جَرَيْنَهْ،
…
مَعَ العِتاقِ ساعَةً، أَعْيَينَهْ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ عَيَّانٌ. وأَعْيَا الرجلُ وأَعْيَاهُ اللَّهُ، كِلَاهُمَا بالأَلف. وأَعْيَا عَلَيْهِ الأَمْرُ وتَعَيَّا وتَعايا بِمَعْنًى. وأَعْيَا: أَبو بَطْنٍ مِنْ أَسَدٍ، وَهُوَ أَعْيَا أَخو فَقْعسٍ ابْنَا طَريفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الحَرِثِ بْنِ ثَعْلبة بْنِ دُوادانَ بْنِ أَسدٍ؛ قَالَ حُرَيث بنُ عتَّابٍ النَّبْهاني:
تَعالَوْا أُفاخِرْكُمْ أَأَعْيَا، وفَقْعَسٌ
…
إِلَى المَجْدِ أَدْنَى أَمْ عَشِيرَةُ حاتِمِ
والنسبَة إِلَيْهِمْ أَعْيَوِيّ.
فصل الغين المعجمة
غَبَا: غَبِيَ الشيءَ وغَبِيَ عَنْهُ غَباً وغباوَةً: لَمْ يَفْطُنْ لَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي بَلْدَة يَغبَى بِهَا الخِرِّيتُ
أَي يَخْفَى؛ وَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ:
أَلا رُبَّ لَهْوٍ آنِسٍ ولَذاذَةٍ،
…
مِنَ العَيْشِ، يُغبِيِه الخِباءُ المُسَتَّرُ
وغَبِيَ الأَمرُ عَنِّي: خَفِيَ فلمْ أَعرفه. وَفِي حَدِيثِ الصَّوْمِ:
فَإِنْ غَبِيَ عَلَيْكُمْ
أَي خَفِيَ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ
غُبِّيَ
، بِضَمِّ الْغَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمَكْسُورَةِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَهُمَا مِنَ الغَباء شِبه الغَبَرة فِي السَّمَاءِ. التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَنباري الغَبَا يُكْتَبُ بالأَلف لأَنه مِنْ الْوَاوِ. يُقَالُ: غَبِيت عَنِ الأَمْر غَبَاوة. اللَّيْثُ: يُقَالُ غَبِيَ عَنِ الأَمرِ غَبَاوَةً، فَهُوَ غَبِيٌّ إِذَا لَمْ يَفْطُنْ للخِبِّ وَنَحْوِهِ. يُقَالُ: غَبِيَ عليَّ ذَلِكَ الأَمرُ إذا كان لا يَفطُن لَهُ وَلَا يعرفُه، والغَبَاوَة الْمَصْدَرُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ ذُو غَبَاوَةٍ أَيْ تَخْفى عَلَيْهِ الأُمور. وَيُقَالُ: غَبِيتُ عَنْ ذَلِكَ الأَمرِ إِذَا كَانَ لَا يَفْطُن لَهُ. وَيُقَالُ: ادْخُلْ فِي النَّاسِ فَهُوَ أَغْبَى لَكَ أَي أَخفى لَكَ. وَيُقَالُ: دَفَن فُلَانٌ لِي مُغَبَّاةً ثُمَّ حَمَلني عَلَيْهَا، وَذَلِكَ إِذَا أَلْقاك فِي مَكْرٍ أَخْفاه. وَيُقَالُ: غَبِّ شَعْرَك أَي استَأْصِلْهُ، وَقَدْ غَبَّى شَعَرَه تَغْبِيَةً، وغَبَيْتُ الشيءَ أَغْبَاهُ، وقد غَبِيَ
(2). قوله [أَعْيَيْت وأنا عَيِيّ] هكذا في الأَصل، وعبارة التهذيب: أَعْيَيْت إِعْيَاء، قال: وتكلمت حتى عييت عياً، قال: وإذا طلب علاج شيء فعجز يقال: عييت وأنا عَيِيٌّ.
عليَّ مثلُه إِذَا لَمْ تَعْرفه؛ وقولُ قيسِ بْنِ ذَريح:
وكَيفَ يُصَلِّي مَنْ إِذَا غَبِيَتْ لهُ
…
دِماءُ ذَوِي الذمَّاتِ والعَهْدِ طُلَّتْ
لَمْ يُفَسِّرْ ثَعْلَبٌ غبيَتْ لَهُ. وتَغَابَى عَنْهُ: تَغَافَلَ. وَفِيهِ غَبْوَة وغَباوَةَ أَي غَفْلَةٌ. والغَبِيُّ، عَلَى فَعيل: الغافِلُ القليلُ الفِطْنة، وَهُوَ من الواو، وأَما أَبو علي فاشْتَقَّ الغَبِيَّ مِنْ قَوْلِهِمْ شَجَرَة غَبْيَاءُ كأَنَّ جهْلَه غَطَّى عَنْهُ مَا وَضَح لِغَيْرِهِ. وغَبِيَ الرجُلُ غَبَاوةً وغَباً، وَحَكَى غَيْرُهُ غَباءً، بِالْمَدِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِلَّا الشَّياطِينَ وأَغْبِيَاءَ بَنِي آدَمَ
؛ الأَغبِيَاء: جَمْعُ غَبِيٍّ كَغَنِيٍّ وأَغْنِياء، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَغْباءً كأَيْتامٍ، ومثلُه كمِيٌّ وأَكْماءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
قَلِيلُ الفِقْهِ خيرٌ مِنْ كثيرِ الغباوةِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَليٍّ: تغابَ عَنْ كلِّ مَا لَا يَصِحُّ لَكَ
أَي تغافَلْ وتَبالَهْ. وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ: أَنَّ الغَبَاء الغُبارُ، وَقَدْ يُضَمُّ وَيُقْصَرُ فَيُقَالُ الغُبَى. والغُباءُ: شبيهٌ بالغَبَرَة تكونُ فِي السَّمَاءِ. والغَبْيَة: الدفْعَة مِنَ الْمَطَرِ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وغَبْيَة شُؤْبُوبٍ مِنَ الشَّدِّ مُلْهِب
وَهِيَ الدفْعَة من الخُضْر شَبَّهها بدفْعَة الْمَطَرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الغَبْية الدفْعة الشديدةُ مِنَ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: هِيَ المَطْرَة لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ، وَهِيَ فوقَ البَغْشَةِ؛ قَالَ:
فصَوَّبْتُه، كأَنَّه صَوْبُ غَبْيةٍ
…
عَلَى الأَمْعَزِ الضَّاحي، إِذَا سِيطَ أَحْضَرا
وَيُقَالُ: أَغْبَتِ السماءُ إغْباءً، فَهِيَ مُغْبِيَة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وغَبَياتٌ بينَهُنَّ وَبْلُ
قَالَ: وَرُبَّمَا شُبِّه بِهَا الجَرْيُ الَّذِي يَجِيءُ بعدَ الجَرْي الأَوَّل. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغَبْيَة كالوَثْبَة فِي السَّيْر، والغَبْيَة صَبٌ كثيرٌ مِنْ ماءٍ وَمِنْ سياطٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ أنشد:
إنَّ دَواءَ الطامِحاتِ السَّجْلُ
…
السَّوْطُ والرِّشاءُ ثُمَّ الحَبْلُ،
وغَبَيَاتٌ بَيْنَهُنَّ هَطْلُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنا أُرى عَلَى التَّشْبِيهِ بغَبَيات المَطر. وَجَاءَ عَلَى غَبْيةِ الشمسِ أَيْ غَيْبتها؛ قَالَ: أُراه عَلَى القلبِ. وشجرةٌ غَبْياءُ: مُلْتَفَّة، وغُصن أَغْبَى كَذَلِكَ. وغَبْيَة التُّرابِ: مَا سَطَعَ مِنْهُ؛ قَالَ الأَعشى:
إِذَا حالَ مِنْ دُونها غَبْيةٌ
…
مِنَ التُّرْبِ، فانْجال سِربالُها
وَحَكَى الأَصمعي عَنْ بَعْضِ الأَعراب أَنه قَالَ: الحُمَّى فِي أُصول النَّخْل، وشَرُّ الغَبَياتِ غَبْية التَّبْل، وشرُّ النِّسَاءِ السُّوَيْداء المِمْراضُ، وشَرٌّ مِنْهَا الحُمَيْراءُ المِحْياضُ. وغَبَّى شَعْره: قَصَّر مِنْهُ، لُغَةٌ لِعَبْدِ الْقَيْسِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بِهَا غَيْرُهُمْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا قَضَيْنَا بأَنَّ أَلِفَها ياءٌ لأَنها ياءٌ واللامُ يَاءٌ أَكثرُ مِنْهَا وَاوًا. وغَبَّى الشيءَ: سَتَره؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فَمَا كَلَّفْتُكِ القَدَرَ المُغَبَّى،
…
وَلَا الطَيرَ الَّذِي لَا تُعبِرِينَا
الْكِسَائِيُّ: غَبَّيت البئرَ إِذَا غَطَّيت رَأْسها ثُمَّ جَعلت فوقَها تُرابًا؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَذَلِكَ التُّرابُ هُوَ الغِباءُ. والغابياءُ: بعضُ جِحَرة اليَرْبوع.
غثا: الغُثاءُ، بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ: مَا يَحملِهُ السَّيلُ مِنَ
القَمَشِ، وَكَذَلِكَ الغُثَّاءُ، بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ أَيضاً الزَّبَد والقَذَر، وحَدَّه الزَّجَّاجُ فَقَالَ: الغُثَاءُ الهالِكُ الْبَالِي مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ الَّذِي إِذَا خَرَجَ السيلُ رأَيته مخالِطاً زَبَدَه، وَالْجَمْعُ الأَغْثَاء. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
كَمَا تَنْبتُ الحِبَّة فِي غُثاءِ السيلِ
، قَالَ: الغُثَاءُ، بِالْمَدِّ وَالضَّمِّ، مَا يجيءُ فوقَ السيلِ مِمَّا يَحْمِلُه مِنَ الزَّبَدِ والوَسَخِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. وَجَاءَ فِي مُسْلِمٍ:
كَمَا تَنْبُت الغُثَاءَةُ
؛ يُرِيدُ مَا احتمَله السيلُ مِنَ البُزورات. وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ:
هَذَا الغُثَاءُ الَّذِي كُنَّا نُحَدَّث عَنْهُ
؛ يُرِيدُ أَرْذال الناسِ وسَقَطهم. وغَثَا الوادِي يَغْثُو غَثْواً فَهُوَ غَاثٍ إِذَا كَثُرَ غُثَاؤُه، وَهُوَ مَا عَلا الماءَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ يائِيَّة وواوِيَّة. والغَثَيان: خُبْثُ النَّفْسِ. غَثَتْ نَفْسَه تَغْثِي غَثْياً وغَثَياناً وغَثِيَتْ غَثىً: جَاشَتْ وخَبُثَتْ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ تحلُّب الفَمِ فربَّما كَانَ مِنْهُ القَيءُ، وَهُوَ الغَثَيان. وغَثَت السَّمَاءُ بسَحاب تَغْثِي إِذَا بَدَأَت تُغِيمُ. وغَثَا السيلُ المَرْتَعَ يَغْثوه غَثْواً إِذَا جَمَعَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وأَذْهَب حلاوَتَه، وأَغْثَاهُ مثلُه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: غَثَا الماءُ يَغْثُو غَثْواً وغَثَاءً إِذَا كَثُرَ فِيهِ البَعَرُ والوَرَق والقَصب. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى
، قَالَ: جَعَله غُثَاءً جَفَّفَه حَتَّى صَيَّره هَشِيماً جَافًّا كالغُثاء الَّذِي تَرَاهُ فَوْقَ السَّيل، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَخْرَج المَرْعَى أَحْوَى أَي أَخْضَر فجَعَله غُثَاءً بعدَ ذَلِكَ أَي يَابِسًا. وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: غَثَى الوادِي يَغْثِي، فهمزةُ الغُثَاءِ عَلَى هَذَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ، وسَهّلَه ابْنُ جِنِّي بأَن جَمَع بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَثَيان المعدَة لِمَا يَعْلوها مِنَ الرُّطوبةِ وَنَحْوِهَا، فَهُوَ مُشَبّه بغُثَاء الْوَادِي، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ غَثَا الوادِي يَغْثُو غَثًا، قَالَ الأَزهري: الَّذِي رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ غَثَتْ نَفسُه غَثْياً، وأَما اللَّيْثُ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: غَثِيَت نفسُه تَغْثَى غَثىً وغَثَيانًا. قَالَ الأَزهري: وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، قَالَ: وَمَا رَوَاهُ اللَّيْثُ فَهُوَ مولَّد، وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَثَا: يُقَالُ للضَّبُع عَثْوَاء لكَثْرةِ شَعَرِهَا، قَالَ: وَيُقَالُ غَثْوَاءُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَسْتَوي ضَبُعٌ غَثْوَاءُ جَيْأَلَةٌ،
…
وعَلْجَمٌ مِنْ تُيوسِ الأُدْمِ قِنْعال «1»
غدا: الغُدْوَة، بِالضَّمِّ: البُكْرَة مَا بَيْنَ صَلاةِ الغَداة وطلُوعِ الشَّمْسِ. وغُدْوَةُ، مِنْ يومٍ بعينِه، غَيْرَ مُجْراة: عَلَمٌ لِلْوَقْتِ. والغَدَاة: كالغُدْوة، وَجَمْعُهَا غَدَوات. التَّهْذِيبُ: وغُدْوَة مَعْرِفَةٌ لَا تُصْرَفُ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا يقولُ، قَالَ النَّحْوِيُّونَ: إِنَّهَا لَا تُنَوَّن وَلَا يَدخل فِيهَا الأَلِف واللامُ، وَإِذَا قَالُوا الغَدَاة صَرَفوا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ*
؛ وَهِيَ قراءةُ جَمِيعِ القُرّاء إِلَّا مَا رُوي عَنْ ابْنِ عامرٍ فَإِنَّهُ قرأَ
بالغُدْوَةِ
، وَهِيَ شَاذَّةٌ. وَيُقَالُ: أَتَيْته غُدْوَةَ، غَيْرَ مصروفةٍ، لأَنها مَعْرِفَةٌ مثلُ سَحَر إِلَّا أَنها مِنَ الظروفِ المُتَمَكِّنةِ، تقولُ: سِيرَ عَلَى فَرسك غُدْوَةَ وغُدْوَةً وغُدْوَةُ وغُدْوَةٌ، فَمَا نُوِّنَ مِنْ هَذَا فَهُوَ نَكِرَة، وَمَا لَمْ يُنَوَّنْ فَهُوَ مَعْرِفَةٌ، وَالْجَمْعُ غُدىً. وَيُقَالُ: آتِيك غَداةَ غَدٍ، وَالْجَمْعُ الغَدَواتُ مِثْلَ قَطاةٍ وقَطَواتٍ. اللَّيْثُ: يُقَالُ غَدَا غَدُكَ وغَدَا غَدْوُكَ، ناقصٌ وتامٌّ؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:
وَمَا الناسُ إلَّا كالدِّيارِ وأَهلِها
…
بِهَا، يومَ حَلُّوها، وغَدْواً بَلاقِعُ
(1). قوله [قنعال] هو هكذا في الأصل المعتمد بيدنا بالعين المهملة.
وغَدٌ: أَصلُه غَدْوٌ، حَذَفُوا الواوَ بِلَا عوضٍ، ويدخلُ فِيهِ الأَلفُ واللامُ لِلتَّعْرِيفِ؛ قَالَ:
الْيَوْمَ عَاجِلُهُ وَيَعْذِلُ فِي الْغَدِ «1»
وَقَالَ آخَرُ: «2»
إِنْ كانَ تَفْرِيقُ الأَحِبَّةِ فِي غَدِ
وغدْوٌ: هُوَ الأَصلُ كَمَا أَتى بِهِ لَبِيد، والنِّسبةُ إِلَيْهِ غَدِيٌّ، وَإِنْ شِئْتَ غَدَوِيٌّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلرَّاجِزِ:
لَا تَغْلُواها وادْلُواها دَلْوَا،
…
إنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخاه غَدْوَا
وَفِي حَدِيثِ
عبدِ المطلبِ والفيلِ:
لَا يَغْلِبَنّ صَليبُهُم،
…
ومِحالُهمْ، غَدْواً، مِحالَكْ
الغَدْوُ: أَصلُ الغَدِ، وَهُوَ اليومُ الَّذِي يأْتي بعدَ يومِك، فحُذِفَت لامُه وَلَمْ يُسْتْعمَلْ تَامًّا إلَّا فِي الشِّعْرِ، وَلَمْ يُرد عبدُ المطَّلب الغَدَ بعَيْنِه، وَإِنَّمَا أَرادَ القريبَ مِنَ الزَّمَانِ. والغَدُ ثَانِي يومكَ، محذوفُ اللامِ، وَرُبَّمَا كُنِيَ بِهِ عَنِ الزَّمن الأَخِير. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ
؛ يَعْنِي يومَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: عَنَى يومَ الْفَتْحِ. وَفِي حَدِيثِ قَضَاءِ الصلَواتِ:
فلْيُصَلِّها حِينَ يذكُرُها، وَمِنَ الغَدِ لِلْوَقْتِ
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحداً مِنَ الفُقهاء قَالَ إنَّ قَضَاءَ الصلَواتِ يؤخَّر إِلَى وقتِ مثْلِها مِنَ الصلواتِ ويُقْضى؛ قَالَ: ويُشْبِه أَن يكونَ الأَمرُ اسْتِحْباباً ليَحُوزَ فَضِيلة الوقتِ فِي القَضاء، وَلَمْ يُرِدْ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ المَنْسِية حَتَّى تُصَلَّى مَرَّتَين، وَإِنَّمَا أَراد أَن هَذِهِ الصَّلَاةَ وَإِنِ انْتَقل وقتُها للنِّسيْان إِلَى وقتِ الذُّكْر فَإِنَّهَا باقِيةٌ عَلَى وَقْتِهَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ الذُّكْرِ، لئلَّا يَظُنَّ ظانٌّ أَنها قَدْ سَقَطت بانِقضاءِ وَقْتِهَا أَو تَغَيّرَتْ بتَغَيُّرِه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
، قَالَ: قَدَّمَتْ لِغَدٍ بِغَيْرِ وَاوٍ. فَإِذَا صَرَّفوها قَالُوا غَدَوْت أَغْدوُ غَدْواً وغُدُوّاً، فأَعادوا الواوَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الغُدُوُّ جَمْعٌ مثلُ الغَدَواتِ، والغُدَى جمعُ غُدْوَة؛ وأَنشد:
بالغُدى والأَصائِلِ
وَقَالُوا: إِنِّي لآتِيه بالغَدَايا والعَشايا، والغَدَاةُ لَا تُجْمع عَلَى الغَدايا، وَلَكِنَّهُمْ كسَّروه عَلَى ذَلِكَ لِيُطَابِقُوا بَيْنَ لَفظِه ولَفْظِ الْعَشَايَا، فَإِذَا أَفْردُوه لَمْ يكَسِّروه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنِّي لآتيِه بالغَدَايا والعَشايا، قَالَ: أَرادوا جَمْعَ الغَدَاة فأَتْبَعُوها العَشايا لِلِازْدِوَاجِ، وَإِذَا أَفْرَدَ لَمْ يَجُزْ، وَلَكِنْ يُقَالُ غَداةٌ وغَدَواتٌ لَا غيرُ، كَمَا قَالُوا: هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، وَإِنَّمَا قَالُوا أَمْرَأَني. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: غَدِيَّةٌ مثلُ عَشِيَّة لغةٌ فِي غَدْوةٍ كضَحيَّة لُغَةٌ فِي ضَحْوة، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فغَدِيَّة وغَدَايَا كعَشِيَّةٍ وعَشايا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعَلَى هَذَا لَا تَقُولُ إنَّهم إِنَّمَا كَسَّروا الغَدايا مِنْ قَوْلُهُمْ إِنِّي لَآتِيُهُ بالغَدَايَا والعَشايا عَلَى الإِتْباع لِلْعَشَايَا، إِنَّمَا كسَّروه عَلَى وجْهِه لأَن فَعِيلة بابُه أَن يكَسَّر عَلَى فَعائِلَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَلا لَيْتَ حَظِّي مِنْ زِيارَة أُمِّيَهْ
…
غَدِيَّاتُ قَيْظِ، أَو عَشِيّاتُ أَشْتِيَهْ
قَالَ: إِنَّمَا أَراد غَدِيَّات قيظٍ أَو عَشِيّات أَشْتِية
(1). قوله [اليوم عاجله إلخ] هو هكذا في الأصل.
(2)
. هو النابغة وأول البيت:
لا مرحباً بغد ولا أهلًا بِه
لأَنَّ غَدِيَّاتِ القَيْظِ أَطول مِنْ عَشِيَّاتِه، وعَشِيَّاتُ الشتَاءِ أَطْولُ مِنْ غَدِيَّاته. والغُدُوُّ: جَمْعُ غَدَاةٍ، نادرةٌ. وأَتَيْته غُدَيَّانات، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كعُشَيَّانات؛ حَكَاهُمَا سِيبَوَيْهِ وَقَالَ: هُمَا تصغيرٌ شَاذٌّ. وغَدَا عَلَيْهِ غَدْواً وغُدُوّاً واغْتَدَى: بكَّر. والاغْتِدَاء: الغُدُوُّ. وغَادَاه: باكَره، وغَدَا عَلَيْهِ. والغُدُوُّ: نقِيضُ الرَّواحِ، وَقَدْ غَدا يَغْدُو غُدُوّاً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ*
؛ أَي بِالْغَدَوَاتِ فعبَّر بالفعْل عَنِ الوَقْتِ كَمَا يُقَالُ: أَتَيْتُك طلوعَ الشمسِ أَي فِي وقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَيُقَالُ: غَدا الرجلُ يَغْدُو، فَهُوَ غادٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَغَدْوَةٌ أَو رَوْحَةٌ فِي سبيلِ اللَّهِ
؛ الغَدْوَة: المَرَّة مِنَ الغُدُوِّ، وَهُوَ سَيْرُ أَولِ النهارِ نقيضُ الرَّواحِ. والغَادِيَة: السَّحابَة الَّتِي تَنْشَأُ غُدْوة، وَقِيلَ لِابْنَةِ الخُسِّ: مَا أَحْسَنُ شيءٍ؟ قَالَتْ: أَثَرُ غَادِيَة فِي إثْرِ ساريةٍ فِي مَيْثاء رابيَةٍ؛ وَقِيلَ: الغَادِيَة السَّحابة تنشأُ فتُمْطر غُدْوةً، وجمعُها غَوادٍ، وَقِيلَ: الغَادِيَةُ سحابةٌ تَنْشَأُ صَبَاحًا. والغَدَاءُ: الطَّعامُ بعَيْنِه، وَهُوَ خِلافُ العَشاء. ابْنُ سِيدَهْ: الغَدَاءُ طَعامُ الغُدْوَةِ، وَالْجَمْعُ أَغْدِيَة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. أَبو حَنِيفَةَ: الغَدَاءُ رَعْيُ الإِبلِ فِي أَولِ النهارِ، وَقَدْ تَغَدَّتْ، وتَغَدَّى الرَّجُلُ وغَدَّيْتُه. ورجلٌ غَدْيَانُ وامرأَة غَدْيا، عَلَى فَعْلى، وأَصلُها الْوَاوُ وَلَكِنَّهَا قُلِبَت اسْتِحْساناً، لَا عَنْ قُوَّةِ عِلَّةٍ، وغَدَّيْتُه فتَغَدَّى، وَإِذَا قِيلَ لَكَ: تَغَدَّ، قلتَ: مَا بِي غَدَاءٌ؛ حَكَاهُ يعقوبُ. وَتَقُولُ أَيضاً: مَا بِي مِنْ تَغَدٍّ، وَقِيلَ: لَا يُقَالُ مَا بِي غَدَاء «1» وَلَا عَشاءٌ لأَنه الطعامُ بعيْنه، وَإِذَا قِيلَ لَكَ ادْنُ فكُلْ قلتَ مَا بِي أَكْلٌ، بِالْفَتْحِ. وَفِي حَدِيثِ السُّحُورِ:
قَالَ هَلُمَّ إِلَى الغَدَاء المُباركِ
، قَالَ: الغَدَاءُ الطعامُ الَّذِي يُؤْكَل أَوّلَ النهارِ، فسُمِّي السُّحُورُ غَدَاءً لأَنه لِلصَّائِمِ بِمَنْزِلَتِهِ لِلمُفْطِر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كنتُ أَتَغَدَّى عندَ عُمر بْنِ الخَطَّاب، رضي الله عنه، فِي رمضانَ
أَي أَتَسَحَّر. وَيُقَالُ: غَدِيَ الرَّجُلُ يَغْدَى، فَهُوَ غَدْيَانٌ وامرأَة غَدْيَانةٌ، وعَشِيَ الرجلُ يَعْشى فَهُوَ عَشْيانٌ وامرأَةٌ عَشْيانةٌ بِمَعْنَى تَغَدَّى وتَعَشَّى. وَمَا تَرَكَ مِنْ أَبِيهِ مَغْدًى وَلَا مَراحاً، ومَغْدَاةً وَلَا مَراحَةً أَي شَبَهاً؛ حَكَاهُمَا الْفَارِسِيُّ. والغَدَوِيُّ: كلُّ مَا فِي بُطون الحَواملِ، وقومٌ يجعَلونه فِي الشاءِ خاصَّة. والغَدَوِيُّ: أَن يُباعَ البعيرُ أَو غيرُه بِمَا يَضْرِب الفَحْلُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تُباعَ الشاةُ بِنتاجِ مَا نَزا بِهِ الكَبْشُ ذَلِكَ العامَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ومُهورُ نِسْوتِهمْ، إِذا مَا أَنْكحوا،
…
غَدَويُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبالِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمَحْفوظ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ الغَذَوِيُّ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ الغَذَوي، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، فِي بَيْتِ الْفَرَزْدَقِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُرْوَى عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه قَالَ كلُّ مَا فِي بُطون الحَواملِ غَذَويٌّ مِنَ الإِبل وَالشَّاءِ، وَفِي لُغَةِ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مَا فِي بُطُونِ الشاءِ خَاصَّةً؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
أَرْجُو أَبا طَلْقٍ بحُسْنِ ظَنِّي،
…
كالغَدَوِيِّ يُرْتَجَى أَن يُغْني
(1). قوله [قُلْتَ مَا بِي غَدَاءٌ] حكاه يعقوب هكذا في الأَصل، وعبارة المحكم: قلت ما بي تغدّ وَلَا تَقُلْ مَا بِي غداه؛ حكاه يعقوب.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
يزيدَ بْنِ مرَّة أَنه قَالَ: نُهِي عَنِ الغَدَوِيِ
، وَهُوَ كلُّ مَا فِي بُطون الحوامِل كَانُوا يَتبايَعُونَه فِيمَا بَيْنَهُمْ فنُهوا عَنْ ذَلِكَ لأَنه غَرَرٌ؛ وأَنشد:
أَعْطَيْت كَبْشاً وارِمَ الطِّحالِ،
…
بالغَدَوِيَّاتِ وبالفِصالِ
وعاجِلاتِ آجِلِ السِّخَالِ،
…
فِي حلَقِ الأَرْحامِ ذِي الأَقْفالِ
وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وغادِيَةُ: امْرأَةٌ مِنْ بَنِي دُبَيْرٍ، وَهِيَ غَادِيَة بنتُ قَزَعَة.
غذا: الغِذاءُ: مَا يُتَغَذّى بِهِ، وَقِيلَ: مَا يكونُ بِهِ نَماءُ الجِسْمِ وقِوامُه مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ واللَّبن، وَقِيلَ: اللَّبَنُ غِذاء الصَّغِيرِ وتُحْفَةُ الكَبيرِ، وغَذاهُ يَغْذُوهُ غِذاء. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ غَذَوْتُه غِذاءً حَسَناً، وَلَا تَقُلْ غَذَيْتُه؛ واستَعْمله أَيوبُ بنُ عَبايةَ فِي سَقْيِ النَّخل فَقَالَ:
فجاءَتْ يَداً مَعَ حُسْنِ الغِذَاءِ،
…
إِذْ غَرْسُ قَوْمٍ قَصِيرٌ طويلُ
غَذاهُ غَذْواً وغَذَّاه فاغْتَذى وتغَذَّى. وَيُقَالُ: غَذَوْتُ الصبيَّ باللَّبَنِ فاغْتذَى أَي رَبَّيْته بِهِ، وَلَا يُقَالُ غَذَيْته، بِالْيَاءِ. والتَّغْذِيَة أَيضاً: التَّرْبية. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: غَذَيتُ الصبِيَّ لُغَةٌ فِي غَذَوْتُه إِذا غَذَّيْتَه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُغَذُّوا أَولادَ الْمُشْرِكِينَ
؛ أَرادَ وَطْءَ الحَبالى مِنَ السَّبْيِ فجَعَلَ ماءَ الرَّجُلِ لِلْحَمْل كالغذَاء. والغَذِيُّ: السَّخْلَةُ؛ أَنشد أَبو عَمْرِو بنُ الْعَلَاءِ:
لَوْ أَنَّني كُنْتُ مِنْ عادٍ وَمِنْ إِرَمِ
…
غَذِيَّ بَهْمٍ، ولُقْماناً وَذَا جَدَنِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لأُفْنُونٍ التَّغْلِبِيُّ، وَاسْمُهُ صُرَيم بْنُ مَعْشر، قَالَ: وغَذِيُّ بَهْمٍ فِي الْبَيْتِ هُوَ أَحد أَملاكِ حِمْيَرَ، وسُمِّي بِذَلِكَ لأَنه كَانَ يُغَذَّى بلُحُوم البَهْمِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ سَلْمَى بْنِ رَبِيعَةَ الضَّبّي:
مِنْ لَذَّة العَيْشِ، والفَتَى
…
لِلدَّهْرِ، والدَّهْرُ ذُو فُنُونِ
أَهْلَكْنَ طَسْماً، وبَعْدَهمْ
…
غَذِيَّ بَهْمٍ وَذَا جُدُونِ
قَالَ: ويَدُلُّك عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ عَطْفُه لُقْمَانًا وَذَا جَدَنٍ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ:
لَوْ أَنني كنتُ مِنْ عادٍ وَمِنْ إرَمِ
قَالَ: وَهُوَ أَيضاً خَبَرُ كُنتُ وَلَا يَصِحُّ كنتُ سِخالًا. قَالَ الأَصمعي: أَخْبرَني خَلَف الأَحْمر أَنه سمِع الْعَرَبَ تُنْشِدُ الْبَيْتَ غُذَيَّ بَهْمٍ، بِالتَّصْغِيرِ، لقبُ رجلٍ. قَالَ شَمِرٌ: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ الغَذَوِيُّ البَهْمُ الَّذِي يُغْذَى. قَالَ: وأَخبرني أَعرابي مِنْ بَلْهُجَيم قَالَ الغَذَوِيُّ الحَمَلُ أَو الجَدْيُ لَا يُغَذَّى بلَبَنِ أُمِّه، وَلَكِنْ يُعاجَى، وَجَمْعُ غَذِيّ غِذاءٌ مثلُ فَصِيلٍ وفِصالٍ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ عُمَرَ، رضي الله عنه: أَمُحْتَسِبٌ عَلَيْهِمْ بالغِذاءِ
؛ هَكَذَا رَوَاهُ الْجَوْهَرِيُّ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّوَابُ فِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَنه قَالَ احْتَسِبْ عَلَيْهِمْ بالغِذَاءِ وَلَا تَأْخُذْها مِنْهُمْ
، وَكَذَلِكَ وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ لِعَامِلِ الصَّدَقات: احْتَسِبْ عَلَيْهِمْ بالغِذَاءِ وَلَا تأْخذها مِنْهُمْ.
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الغِذَاءُ السِّخالُ الصِّغارُ، واحِدُها غَذِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: شَكا إِليه أَهلُ الماشِيَة تَصْديقَ الغِذَاء وَقَالُوا إِن
كنتَ مُعْتَدًّا عَلَيْنَا بالغِذَاءِ فخُذْ مِنْهُ صَدَقَته، فَقَالَ: إِنا نَعْتَدُّ بالغِذَاءِ حَتَّى السَّخْلَةَ يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدِه، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذاء المالِ وخِيارِه.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما ذَكَّرَ الضميرَ رَدّاً إِلى لَفْظِ الغِذاء، فإِنه بوزْن كِساءٍ ورداءٍ، وَقَدْ جَاءَ السِّمامُ المُنْقَع، وَإِنْ كَانَ جَمْع سَمٍّ؛ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ أَنْ لَا يَأْخُذَ السَّاعِي خِيارَ المالِ وَلَا رَدِيَّه، وإِنما يَأْخُذُ الوسَط، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْمَالِ وخيارِه. وغَذِيُّ الْمَالِ وغَذَوِيُّه: صِغارُه كالسِّخالِ ونحْوِها. والغَذَوِيُّ: أَن يَبِيعَ الرجُلُ الشاةَ بِنتاجِ مَا نَزَا بِهِ الكَبْشُ ذَلِكَ العامَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ومُهُورُ نِسْوَتِهِمْ، إِذا مَا أَنكحوا،
…
غَذَوِيُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبالِ
وَيُرْوَى غَدَوِيُّ، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، مَنْسُوبٌ إِلى غَدٍ كأَنهم يُمَنُّونَه فَيَقُولُونَ: تَضَعُ إِبلُنا غَداً فنُعْطِيك غَداً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الْبَيْتَ:
ومُهورُ نِسْوَتِهِم إِذا مَا أَنْكَحُوا
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. والغَذَى، مقصورٌ: بَوْلُ الجَمَلِ. وغَذَا بِبَوْلهِ وغَذاهُ غَذْواً: قَطَعَه، وَفِي التَّهْذِيبِ: غَذَّى البعيرُ ببَوْلِه يُغَذِّي تَغْذِيَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يَدْخُلَ الكلبُ فيُغَذِّيَ عَلَى سَواري المَسْجِدِ
أَي يبولَ عَلَى السَّوارِي لعدَم سُكَّانِه وخُلُوِّه مِنَ النَّاسِ. يُقَالُ: غَذَّى ببَوْلِه يُغَذِّي إِذا أَلقاهُ دَفْعَة دَفْعَة. غَذَا البَوْلُ نَفْسُه يَغْذُو غَذْواً وغَذَواناً: سالَ، وَكَذَلِكَ العَرَقُ والماءُ والسِّقاءُ، وَقِيلَ: كلُّ مَا سالَ فَقَدْ غَذَا. والعِرْق يَغْذُو غَذْواً أَي يسِيلُ دَماً، ويُغَذِّي تَغْذِيَةً مثلُه. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ: فإِذا جُرْحُه يَغْذُو دَماً
أَي يَسِيلُ. وغَذَا الجُرْحُ يَغْذُو إِذا دَامَ سَيَلانُه. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: مَرَّت سَحابة فَنَظَرَ إِليها النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا تُسَمُّون هَذِهِ؟ قَالُوا: السَّحابَ، قَالَ: والمُزْنَ، قَالُوا: والمُزْنَ، قَالَ: والغَيْذَى
؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كأَنَّه فَيْعَلٌ مِنْ غَذا يَغْذُو إِذا سالَ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع بفَيْعل فِي مُعْتَلِّ اللَّامِ غَيْرَ هَذَا إِلَّا الكَيْهاةَ، وَهِيَ النَّاقَةُ الضَّخْمة؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِن كانَ مَحْفُوظًا فَلَا أُراه سُمِّي بِهِ إِلَّا لِسَيَلَانِ الْمَاءِ مِنْ غَذَا يَغْذُو. وغَذَا البَوْلُ: انْقَطَع، وغَذَا أَي أَسْرَع. والغَذَوَانُ: المُسْرِعُ الَّذِي يَغْذُو ببَوْلِه إِذا جَرَى؛ قَالَ:
وصَخْر بْنُ عَمْرِو بنِ الشريدِ كأَنَّه
…
أَخُو الحَربِ، فَوْقَ القارِح الغَذَوانِ
هَذِهِ رِوَايَةُ الْكُوفِيِّينَ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُمُ العَدَوانِ، بِالْفَتْحِ، وَقَدْ غَذَا. والغَذَوانُ أَيضاً: المُسْرِع. وَفِي الصِّحَاحِ: والغَذَوَانُ مِنَ الخَيْل النَّشِيطُ المُسْرِعُ، وَقَدْ رَوَى بيتُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كَتَيْسِ ظِباءِ الحُلَّب الغَذَوانِ
مَكَانَ العَدَوانِ. أَبو عُبَيْدٍ: غَذَا الماءُ يَغْذُو إِذا مرَّ مَرًّا مُسرِعاً؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
تَعْنُو بمَخْرُوتٍ لَه ناضِحٌ،
…
ذُو رَيِّقٍ يَغْذُو وذُو شَلْشَلِ
وعَرَقٌ غاذٍ أَي جارٍ. والغَذَوَان: النَّشِيطُ مِنَ الْخَيْلِ. وغَذَا الفَرسُ غَذواً: مَرَّ مَرّاً سَريعاً. أَبو زَيْدٍ: الغَاذِيَة يافُوخُ الرَأْسِ مَا كانَتْ جِلْدَةً
رَطْبَةً، وجَمْعُها الغَوَاذِي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والغَاذِيَةُ مِنَ الصَّبيِّ الرَّمَّاعَةُ مَا دامَتْ رَطْبَةً، فإِذا صَلُبَتْ وصارَتْ عَظماً فهي يافُوخٌ.
غرا: الغِراءُ: الَّذِي يُلْصَق بِهِ الشيءُ يكونُ مِنَ السَّمَكِ، إِذا فَتَحْتَ الغَين قَصَرتَ، وإِن كَسَرْت مَدَدْتَ، تَقُولُ مِنْهُ: غَرَوْتُ الجِلْدَ أَي أَلْصَقْتُه بالغِراءِ. وغَرَا السِّمَنُ قَلْبَهُ يَغْرُوه غَرْواً: لَصِقَ بِهِ وغَطَّاه. وَفِي حَدِيثِ
الفَرَعِ: لَا تَذْبحْها وَهِيَ صغِيرَة لَمْ يَصْلُبْ لَحْمُها فيَلْصَقَ بعضُها ببعضٍ كالغِراءِ
؛ قَالَ: الغِرَا بالمدِّ والقَصْرِ، هُوَ الَّذِي يُلْصَقُ بِهِ الأَشياء ويُتَّخذُ مِنْ أَطْرافِ الجُلود والسَّمَكِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَرِّعُوا إِن شِئْتُمْ وَلَكِنْ لَا تَذْبَحُوا غَرَاةً حَتَّى يَكْبَرَ
، وَهِيَ بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ، القِطْعَة مِنَ الغَرَا وَهِيَ لُغَةٌ فِي الغِراء. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَبَّدْت رَأْسِي بغِسْلٍ أَو بغِراءٍ.
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ سَلَمَة الجَرْمي: فكأَنَّما يَغْرَى فِي صَدْرِي
أَي يَلْصَقُ بِهِ. يُقَالُ: غَرِيَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي صَدْري، بِالْكَسْرِ، يَغْرَى، بِالْفَتْحِ، كأَنه أُلْصِقَ بالغِراءِ. وغَرِيَ بِالشَّيْءِ يَغْرَى غَراً وغَرَاءً: أُولِعَ بِهِ، وَكَذَلِكَ أُغْرِيَ بِهِ إِغْرَاءً وغَرَاةً وغُرِّيَ وأَغْرَاهُ بِهِ لَا غيرُ، وَالِاسْمُ الغَرْوَى، وَقِيلَ: الِاسْمُ الغَرَاءُ، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ. وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ: غَارَيْتُ بَيْنَ الشَّيْئين غِرَاءً إِذا والَيْت؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرٌ:
إِذا قُلْتُ أَسْلُو، غارَتِ العَيْنُ بالبُكا
…
غِرَاءً، ومَدّتْها مَدامِعُ حُفَّلُ
قَالَ: وَهُوَ فاعلْت مِنْ قَوْلِكَ غَرِيَت بِهِ أَغْرى غَراءً. وغَرِيَ بِهِ غَراةً، فَهُوَ غَرِيٌّ: لَزِقَ بِهِ ولَزمه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَلمَّا رأَوه أَغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ
أَي لَجُّوا فِي مُطالَبتي وأَلَحُّوا. وغارَيْتُه أُغَارِيه مُغَارَاةً وغِراءً إِذا لاجَجْتَه؛ وَقَالَ فِي بَيْتِ كُثَيِّرٌ:
إِذا قُلتُ أَسْلُو، غارَتِ العَيْنُ بالبُكا
…
غِراءً، ومَدَّتها مَدامِعُ حُفَّلُ
قَالَ: هُوَ مِنْ غارَيْت. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثوم: غَارَيْتُ بَيْنَ اثْنَيْن وعادَيْتُ بَيْنَ اثْنَيْن أَي والَيت، وأَنشد أَيضاً بَيْتَ كُثَيِّرٍ. وَيُقَالُ: غارَت فاعَلَتْ مِنَ الوِلاءِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هِيَ فاعَلَت مِنْ غَرِيت بِهِ أَغْرَى غَراءً. وأَغْرَى بَيْنَهُمُ العَداوة: أَلْقاها كأَنه أَلْزَقَها بهمْ، وَالِاسْمُ الغَرَاةُ. والإِغْرَاءُ: الإِيسادُ. وَقَدْ أَغْرَى الكَلْبَ بالصَّيْد وَهُوَ مِنْهُ لأَنه إِلْزاقٌ، وأَغْرَيْتُ الكَلْبَ إِذا آسَدْتَه وأَرَّشْتَه، وغَرَيْتُ بِهِ غَرَاءً أَي أُولِعْتُ وغَرَيْتُ به غَرَاةً؛ قال الحرث:
لَا تُحِلْنا عَلَى غَرَاتِكَ، إِنّا
…
قَبْلُ مَا قَدْ وَشى بِنَا الأَعْداءُ
أَي عَلَى إِغْرَائِكَ بِنَا إِغْرَاءً وغَراةً. وَهُوَ يُغَارِيه ويُوارِيه ويُمارِيه ويُشارُّه ويُلاحُّه؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
وَلَا بالدِّلاءِ لَه نازِعٌ،
…
يُغَارِي أَخاهُ إِذا مَا نَهاهُ
وغَرَا الشيءَ غَرْواً وغَرَّاهُ: طَلاهُ. وقَوْسٌ مَغْرُوَّةٌ ومَغْرِيَّةٌ، بُنِيت الأَخيرة عَلَى غَرَيْت، وإِلا فأَصله الْوَاوُ وَكَذَلِكَ السَّهْمُ. وَيُقَالُ: غَرَوْتُ السَّهْمَ وغَرَيْته، بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ، أَغْرُوه وأَغْرِيه. وَهُوَ سَهْمٌ مَغْرُوٌّ ومَغْرِيٌّ؛ قَالَ أَوس:
لأَسْهُمِه غارٍ وبارٍ وراصِفُ
وَفِي الْمَثَلِ: أَدْرِكْني وَلَوْ بأَحَدِ المَغْرُوَّيْنِ؛ قِيلَ: يَعْنِي بالمَغْرُوَّيْنِ السهمَ والرُّمْحَ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ فِي الْبَصْرِيَّاتِ، وَقِيلَ: بأَحَد السَّهْمَيْنِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أَدْرِكْني بِسَهْمٍ أَو برُمْحٍ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْ أَمثالهم أَنْزِلْني ولَوْ بأَحَدِ المَغْرُوَّيْن؛ حَكَاهُ المُفَضَّل، أَي بأَحَد السَّهْمَيْن، قَالَ: وَذَلِكَ أَن رَجُلًا رَكِبَ بعِيراً صَعْباً فَتَقَحَّمَ بِهِ، فاسْتغاث بصاحبٍ لَهُ مَعَهُ سَهْمان فَقَالَ أَنْزِلْني وَلَوْ بأَحَدِ المَغْرُوَّيْنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُضْرَب مَثَلًا فِي السُّرْعةِ والتعجِيلِ بالإِغاثةِ وَلَوْ بأَحَدِ السَّهْمَيْن المكسورَين، وَقِيلَ: بَلِ الَّذِي لَمْ يَجِفّ عَلَيْهِ الغِراء. والغِراءُ: مَا طُليَ بِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: غَرَى السَّرْجِ، مقصورٌ مفتوحُ الأَوّل، فإِذا كسَرْتَه مَدَدْتَه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قومٌ يَفْتَحُونَ الغَرَا فيَقْصُرونَه وليْست بالجَيِّدة. والغَرِيُّ: صِبْغٌ أَحْمَر «2» كأَنه يُغْرَى بِهِ؛ قَالَ:
كأَنَّما جَبِينُه غَرِيُ
اللَّيْثُ: الغِرَاءُ مَا غَرَّيْتَ بِهِ شَيْئًا مَا دامَ لَوناً وَاحِدًا. وَيُقَالُ أَيضاً: أَغْرَيْتُه، وَيُقَالُ: مَطْلِيٌّ مُغَرَّى، بِالتَّشْدِيدِ. والغَرِيُّ: صَنَمٌ كانَ طُليَ بدَمٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
كغَرِيٍّ أَجْسَدَتْ رَأْسَه
…
فُرُعٌ، بينَ رِئاسٍ وَحَامِ
أَبو سَعِيدٍ: الغَرِيُّ نُصُبٌ كَانَ يُذْبَحُ عَلَيْهِ النسكُ، وأَنشد الْبَيْتَ. والغَرَى: مقصورٌ: الْحُسْنُ. والغَرِيُّ: الحَسَنُ مِنَ الرجالِ وغيرهمْ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الحَسن الوَجْه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعشى:
وتَبْسِمُ عَن مَهاً شَبِمٍ غَرِيٍّ،
…
إِذا تُعْطِي المُقَبِّلَ يَسْتَزيدُ
وكلُّ بناءٍ حَسَنٍ غَرِيُّ، والغَرِيَّانِ المَشْهورانِ بِالْكُوفَةِ مِنْهُ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَوْ كَانَ شيءٌ لَهُ أَنْ لَا يَبِيدَ عَلَى
…
طُولِ الزَّمانِ، لَمَا بادَ الغَرِيَّانِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد ثَعْلَبٌ:
لَوْ كَانَ شيءٌ أَبَى أَنْ لَا يَبِيدَ عَلَى
…
طُولِ الزَّمانِ، لَمَا بادَ الغَرِيَّانِ
قَالَ: وَهُمَا بناءَان طَوِيلَانِ، يُقَالُ هُما قَبْرُ مالكٍ وعَقِيلٍ نَديمَي جَذيمَةَ الأَبْرش، وسُمِّيا الغَرِيَّيْن لأَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ المنذرِ كَانَ يُغَرِّيهما بدَمِ مَنْ يَقْتُله فِي يَوْمِ بُؤْسِه؛ قَالَ خِطَامٌ الْمُجَاشِعِيُّ:
أَهَلْ عَرَفْتَ الدارَ بالغَرِيَّيْنْ؟
…
لَمْ يَبْقَ منْ آيٍ بِهَا يُحَلَّيْنْ،
غَيْرُ خِطامٍ ورَمادٍ كِنْفَيْنْ،
…
وصالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَيْنْ
والغَرْوُ: موضعٌ؛ قَالَ عُرْوةُ بنُ الوَرْدِ:
وبالغَرْوِ والغَرَّاءِ مِنْهَا مَنازِلٌ،
…
وحَوْلَ الصَّفَا منْ أَهْلِها مُتَدَوَّرُ
والغَرِيُّ والغُرَيُّ: موضعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَغَرَّكَ يَا مَوْصولُ، مِنْهَا ثُمالَةٌ
…
وبَقْلٌ بأَكْناف الغَرِيِّ تُؤَانُ؟
أَراد تُؤَامُ فأَبْدلَ. والغَرَا: وَلدُ الْبَقَرَةِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: البَقَرَةِ
(2). قوله [والغَرِيّ صبغ أحمر] هو هكذا في الأصل، وكذلك ضبطه شارح القاموس كغني
الوَحْشِيَّة؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَيُكْتَبُ بالأَلف، وتَثْنِيتُه غَرَوانِ، وَجَمْعُهُ أَغْرَاءٌ. وَيُقَالُ للحُوارِ أَوَّلَ مَا يُولدَ: غَراً أَيضاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغَرَا مَنقُوصٌ، هُوَ الوَلَد الرَّطْبُ جِدّاً. وكلُّ مَوْلُودٍ غَراً حَتَّى يَشْتَدَّ لَحْمه. يُقَالُ: أَيُكَلِّمُني فلانٌ وَهُوَ غَراً وغِرْسٌ للصَّبِيِّ. والغَرْوُ: العَجَب. وَلَا غَرْوَ وَلَا غَرْوَى أَي لَا عَجَب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفة:
لا غَرْوَ إِلَّا جارَتي وسؤالَها:
…
أَلا هَلْ لَنا أَهْلٌ سُئِلْتُ كَذَلِكَ؟
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا غَرْوَ إِلَّا أَكْلَةٌ بِهَمْطَةٍ
؛ الغَرْوُ: العَجَبُ. وغَرَوْت أَي عَجِبْتُ. ورَجلٌ غِرَاءٌ: لَا دابَّةَ لَهُ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلة:
بَلْ لَفَظَتْ كلَّ غِرَاءٍ مُعْظَمِ
وغَرِيَ العِدُّ: بَرَدَ ماؤُه؛ وَرَوَى بَيْتَ عَمْرِو بْنِ كُلْثوم:
كأَنَّ مُتُونَهُنَّ مُتُونُ عِدٍّ
…
تُصَفِّقُه الرِّياحُ، إِذا غَرِينا
وغَرِيَ فلانٌ إِذا تمادَى فِي غَضَبه، وَهُوَ مِنَ الواو.
غزا: غَزَا الشيءَ غَزْواً: أَرادَه وطَلَبَه. وغَزَوت فُلاناً أَغْزُوه غَزْواً. والغِزْوَة: مَا غُزِي وطُلِبَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤية:
لَقُلْتُ لدَهْرِي: إِنه هُوَ غِزْوَتي،
…
وإِنِّي، وإِن أَرْغَبْتَني، غيرُ فاعِلِ
ومَغْزَى الْكَلَامِ: مَقْصِدُه. وعَرفْتُ مَا يُغْزَى مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَي مَا يُرادُ. والغَزْوُ: القَصْدُ، وَكَذَلِكَ الغَوْزُ، وَقَدْ غَزاهُ وغازَهُ غَزْواً وغَوْزاً إِذا قَصَدَه. وغَزَا الأَمرَ واغْتَزَاه، كِلَاهُمَا: قَصَدَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَدْ يُغْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّمِ
التَّجَرُّمُ هُنَا: ادِّعاءُ الجُرْم. وغَزْوِي كَذَا أَي قَصْدِي. وَيُقَالُ: مَا تَغْزو وَمَا مَغْزَاك أَي مَا مَطْلَبُك. والغَزْوُ: السيرُ إِلى قِتالِ العَدُوِّ وانْتِهابه، غَزَاهُم غَزْواً وغَزَواناً؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، صَحَّتِ الْوَاوُ فِيهِ كراهِية الإِخلالِ، وغَزَاوةً؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
تقولُ هُذَيْلٌ: لَا غَزَاوَة عندَه،
…
بَلَى غَزَوَاتٌ بَينَهُنّ تَواثُبُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: الغَزَاوَة كالشَّقاوة والسَّراوَةِ، وأَكثرُ مَا تأْتي الفَعالةُ مَصْدَرًا إِذا كَانَتْ لغيرِ المُتَعَدِّي، فأَما الغَزَاوَة ففِعْلُها مُتَعَدٍّ، وكأَنها إِنما جَاءَتْ عَلَى غَزُوَ الرجلُ جَادَ غَزْوُه، وقَضُوَ جادَ قضاؤُه، وَكَمَا أَن قَوْلَهم مَا أَضْرَبَ زَيْدًا كأَنه عَلَى ضَرُبَ إِذا جادَ ضَرْبُه، قَالَ: وَقَدْ رُوِينا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَحمدَ بْنِ يَحْيَى ضَرُبَتْ يَدُهُ إِذا جَادَ ضَرْبُها. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِذا قِيلَ غَزَاةٌ فَهُوَ عَمَلُ سنَةٍ، وإِذا قِيلَ غَزْوَةٌ فَهِيَ المَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الغَزْوِ، وَلَا يَطَّرِدُ هَذَا الأَصل، لَا تَقُولُ مثلَ هَذَا فِي لَقاةٍ ولَقْيَةٍ بَلْ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرَجُلٌ غازٍ مِنْ قَوْمٍ غُزًّى مِثْلَ سابقٍ وسُبَّقٍ وغَزِيّ عَلَى مِثَالِ فَعِيلٍ مِثْلَ حاجٍّ وحَجِيجٍ وقاطِنٍ وقَطِينٍ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ وَقَالَ: قُلِبَتْ فِيهِ الْوَاوُ يَاءً لِخِفَّةِ الْيَاءِ وَثِقَلِ الْجَمْعِ، وَكُسِرَتِ الزَّايُ لِمُجَاوَرَتِهَا الْيَاءَ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِجَمْعِ الغَازِي غَزِيٌّ مِثْلَ نادٍ ونَدِيٍّ، وناجٍ ونَجِيٍّ لِلْقَوْمِ يَتَناجَوْنَ؛ قَالَ زِيَادٌ الأَعجم:
قُلْ للقَوافِلِ والغَزِيِّ، إِذا غَزَوْا،
…
والباكِرين وللمُجِدِّ الرائِحِ
ورأَيتُ فِي حَاشِيَةِ بَعْضِ نُسَخِ حَوَاشِي ابْنِ بَرِّيٍّ أَنَّ هَذَا
البيت للصِّلِّيان العَبْدِي لَا لزِياد، قَالَ: وَلَهَا خَبَرٌ رَوَاهُ زِيَادٌ عن الصِّلِّيان مَعَ الْقَصِيدَةِ، فذُكِر ذَلِكَ فِي دِيوَانِ زِيَادٍ، فتَوهَّم مَنْ رَآهَا فِيهِ أَنها لَهُ، وَلَيْسَ الأَمر كَذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ غَلِطَ أَيضاً فِي نِسْبَتِهَا لِزِيَادٍ أَبو الفَرَج الأَصْبهاني صَاحِبُ الأَغاني، وَتَبِعَهُ الناسُ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ سِيدَهْ: والغَزِيُّ اسمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سرَيْت بِهِمْ حَتَّى تَكِلَّ غَزِيُّهُم،
…
وَحَتَّى الجِيادُ مَا يُقَدْن بأَرْسانِ
وَفِي جمعِ غَازٍ أَيضاً غُزَّاءٌ، بالمدِّ، مثلُ فاسِقٍ وفُسَّاقٍ؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
فيَوْماً بغُزَّاءٍ، وَيَوْمًا بسُرْيةٍ؛
…
وَيَوْمًا بخَشْخاشٍ مِنَ الرَّجْلِ هَيْضَلِ
وغُزاةٌ: مثلُ قاضٍ وقُضاةٍ. قَالَ الأَزهري: والغُزَّى عَلَى بِناءِ الرُّكَّعِ والسُّجَّدِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَوْ كانُوا غُزًّى
. سِيبَوَيْهِ: رجلٌ مَغْزِيٌّ شَبَّهُوها حَيْثُ كانَ قَبْلَها حرفٌ مضمومٌ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا حرفٌ ساكنٌ بأَدْلٍ، والوجْهُ فِي هَذَا النَّحْوِ الواوُ، والأُخرى عَرَبيَّة كثيرةٌ. وأَغْزَى الرجلَ وغَزَّاه: حَمَلَه عَلَى أَن يَغْزُوَ. وأَغْزَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذا أَعْطاه دابَّة يَغْزُو عَلَيْهَا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وأَغْزَيْتُ الرجُل أَمْهَلْته وأَخَّرْت مَا لِيَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّين. قَالَ: وَقَالُوا غَزَاة واحدةٌ يُرِيدُونَ عَمَلَ وَجْهٍ واحدٍ، كَمَا قَالُوا حَجَّة وَاحِدَةٌ يُرِيدُونَ عَمَلَ سنَةٍ وَاحِدَةٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بَعِيد الغَزاةِ، فَمَا إِنْ يَزالُ
…
مُضُطَمِراً طُرَّاتاهُ طَلِيحا
وَالْقِيَاسُ غَزْوَة؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَا بُدَّ مِنْ غَزْوَةٍ، فِي الرَّبيعِ،
…
حَجُونٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا
والنَّسب إِلى الغَزْوِ غَزَوِيٌّ، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ، وإِلى غَزِيَّة غَزَوِيٌّ. والمَغَازِي: مَناقِبُ الغُزاةِ. الأَزهري: والمَغْزَى والمَغْزاةُ والمغازِي مواضِعُ الغَزْوِ، وَقَدْ تَكُونُ الغَزْوَ نَفْسه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ إِذا اسْتَقْبَلَ مَغْزًى
، وَتَكُونُ المَغازِي مَناقِبَهُم وغَزَواتِهِم. وغَزَوْتُ العَدُوَّ غَزْواً، وَالِاسْمُ الغَزاةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ الغَزْوَة فِي شِعْرِ الأَعشى، قَالَ:
وَفِي كلِّ عامٍ أَنت حَاسِمُ غَزْوةٍ،
…
تَشُدُّ لأَقْصاها عَزِيمَ عَزائكا «3»
وَقَوْلُهُ:
وَفِي كلِّ عَامٍ لَهُ غَزْوَةٌ،
…
تَحُثُّ الدَّوابِرَ حَثَّ السَّفَنْ
وَقَالَ جَمِيلٌ:
يقولُون جاهِدْ، يَا جميلُ، بغَزْوَةٍ،
…
وإِنَّ جِهاداً طَيِءٌ وقِتالُها
تَقْدِيرُهَا وإِنَّ جِهاداً جِهادُ طَيِءٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَا تُغْزَى قُرَيْشٌ بعدَها
أَي لَا تَكْفُرُ حَتَّى تُغْزَى عَلَى الكُفْرِ، وَنَظِيرُهُ:
لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبراً بَعْدَ اليومِ
أَي لَا يَرْتَدُّ فَيُقْتَلَ صَبْراً عَلَى رِدَّتِه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَا تُغْزَى هَذِهِ بعدَ اليومِ إِلى يومِ الْقِيَامَةِ يَعْنِي مَكَّةَ
أَي لَا تَعودُ دارَ كُفْرٍ يُغْزَى عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَن يُراد بِهَا أَنَّ الكفَّار لَا يَغْزُونَها أَبداً فإِن الْمُسْلِمِينَ قَدْ غَزَوْها مَرَّات. وأَما قَوْلُهُ: مَا مِنْ غازِيَةٍ تُخْفِقُ وتُصابُ إِلَّا تَمَّ أَجْرُهُم؛ الغَازِيَة تأْنيثُ الغَازِي وَهِيَ هَاهُنَا صفةٌ لِجَمَاعَةٍ. وأَخْفَقَ
(3). قوله [حاسم] هو هكذا في الأصل.
الغازِي إِذا لَمْ يَغْنَم وَلَمْ يَظْفَرْ. وأَغْزَتِ المرأَةُ، فَهِيَ مُغْزِيَةٌ إِذا غَزَا بَعْلُها. والمُغْزِية: الَّتِي غزَا زوجُها وبَقِيتَ وحْدَها فِي الْبَيْتِ. وَحَدِيثُ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا يَزَالُ أَحدُهم كاسِراً وِسادَهُ عِنْدَ مُغْزِيةٍ.
وغَزا فلانٌ بفلانٍ واغْتَزَى اغْتزاءً إِذا اخْتصَّه مِنْ بَيْنِ أَصحابه. والمُغْزِيَة مِنَ الإِبل: الَّتِي جازَتِ الحَقَّ وَلَمْ تَلِدْ، وحَقُّها الوَقْت الَّذِي ضُرِبَتْ فِيهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمُغْزِيَة مِنَ النُّوقِ الَّتِي زَادَتْ عَلَى السَّنَةِ شَهْراً أَو نَحْوَه وَلَمْ تَلِدْ مِثْلَ المِدْراجِ. والمُغْزي مِنَ الإِبلِ: الَّتِي عَسُر لِقاحُها، وأَغْزَتِ الناقةُ مِنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
والحَرْبُ عسْراءُ اللِّقاحِ مُغْزِ
أَي عَسِرَة اللِّقَاحِ؛ واستعارَه أُمَيَّة في الأُتُنِ فقال:
تُزَنُّ عَلَى مُغْزِياتِ العِقاقِ،
…
ويَقْرُو بِهَا قفِراتِ الصِّلال
يُرِيدُ القَفِرات الَّتِي بِهَا الصِّلَالُ، وَهِيَ أَمْطارٌ تَقَع مُتَفَرِّقَةً، وَاحِدَتُهَا صَلَّة. وأَتانٌ مُغْزِيةٌ: متأَخرة النِّتاجِ ثُمَّ تُنْتَج. والإِغْزاءُ والمُغْزى: نِتاجُ الصَّيْفِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَهُوَ مَذْموم؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعنْدي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: النِّتاجُ الصَّيْفِيُّ هُوَ المُغْزى، والإِغْزاءُ نِتاجُ سَوْءٍ حُوارُه ضَعِيفٌ أَبداً. الأَصمعي: المُغْزِيَة مِنَ الغَنَمِ الَّتِي يَتَأَخَّرُ وِلادُها بَعْدَ الغَنَم شَهْرًا أَو شَهْرَين لأَنها حَمَلت بأَخَرَة؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فَجَعَلَ الإِغْزَاءَ فِي الْحَمِيرِ:
رَباعٌ، أَقبُّ البَطْنِ، جأْب، مُطَرَّد،
…
بلَحْيَيهِ صَكُّ المُغْزِيَاتِ الرَّواكِلِ
وغَزِيَّة: قَبِيلَةٌ؛ قَالَ دُريدُ بنُ الصِّمَّة:
وهَل أَنا إِلا مِنْ غَزِيَّةَ، إِن غَوَتْ
…
غَوَيْتُ، وإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ
وَقَالَ:
نَزَلت فِي غَزِيَّة أَو مَرَاد
وأَبو غَزِيَّة: كُنْيَةٌ. وابنُ غَزِيَّة: مِنْ شُعَرَاءِ هُذَيْلٍ. وغَزْوَان: اسمُ رجل.
غسا: غَسا الليلُ يَغْسُو غُسُوًّا وغَسِيَ يَغْسَى؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
كأَنّ الليلَ لَا يَغْسَى عَليه،
…
إِذا زَجَر السَّبَنْتاةَ الأَمُونا
وأَغْسَى يُغْسي: أَظْلَم، قَالَ ابْنُ أَحمر:
فَلَمَّا غَسَى لَيْلي وأَيْقَنْتُ أَنَّها
…
هِيَ الأُرَبى، جاءَت بأُمِّ حَبَوْكَرى
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ: فِي مُعْتَلِّ الْيَاءِ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شاهدُ أَغْسَى قَوْلُ الْهَجِيمِيِّ:
هَجَوْا شَرَّ يَرْبوعٍ رِجَالًا وخَيْرَها
…
نِساءً، إِذا أَغْسى الظلامُ تُزارُ
قَالَ: وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
وَمَرُّ أَعْوام بلَيْلٍ مُغْسِ
وَحَكَى ابنُ جنِّي: غَسَى يَغْسَى كأَبى يأْبى، قَالَ: وَذَلِكَ لأَنهم شَبَّهوا الأَلفَ فِي آخِره بِالْهَمْزَةِ فِي قَرَأَ يقْرأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ، وَقَدْ قَالُوا غَسِيَ يَغْسَى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ غَسَى يَغْسَى مِنَ التَّرْكِيبِ، يَعْنِي أَنه إِنما قامَ يَغْسَى مِنْ غَسِيَ ويَغْسُو مِنْ غَسا وَقَدْ أَغْسَيْنا، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ وبُعَيْده. وأَغْسِ مِنَ اللَّيْل أَي لَا تَسِرْ أَوَّله حَتَّى يذهَبَ غُسُوُّه، كَمَا يُقَالُ أَفْحِمْ عَنْكَ مِنَ اللَّيْلِ أَي لَا تَسِرْ حَتَّى تَذْهب فَحْمَتُه. وشيخٌ غَاسٍ: قَدْ طالَ عُمْرُه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَرَها
بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ إِلَّا فِي كِتَابِ الْعَيْنِ؛ قَالَ الأَزهري: الصَّوَابُ شيخٌ عاسٍ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَمَنْ قَالَ غاسٍ فَقَدْ صحَّف. والغَسَاةُ: البَلَحة الصَّغيرةُ، وَجَمْعُهَا غَسَواتٌ وغَساً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَسَا البَلَح فعَمَّ بِهِ. وَقَالَ مَرَّةً: الغَاسِي أَوَّلُ مَا يخرُجُ مِنَ التَّمْرِ فَيَكُونُ كأَبْعارِ الفِصالِ، قَالَ: وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْوَاوِ لمقارَبَتِهِ الغَسواتِ في المعنى.
غشا: الغِشاءُ: الغِطاءُ. غَشَّيْت الشيءَ تَغْشِيَة إِذا غَطَّيْته. وَعَلَى بَصَره وقَلْبِه غَشْوٌ وغَشْوَةٌ وغُشْوَة وغِشْوَة وغِشَاوَةٌ وغَشَاوَة وغُشاوةٌ وغاشِيةٌ وغُشْية وغُشاية وغِشايةٌ؛ هَذِهِ الثَّلَاثُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي غِطاءٌ. وغاشِية القَلْب وغِشاوتُه: قَمِيصُه؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي القَلْبِ غِشَاوةٌ وَهِيَ الجِلْدة المُلْبَسة، وَرُبَّمَا خَرَجَ فؤادُ الإِنسانِ والدابَّة مِنْ غِشائه، وَذَلِكَ مِنْ فَزَعٍ يَفْزَعه فيموتُ مَكَانَهُ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ: انْخَلَعَ فؤادُه، والفؤادُ فِي الجَوْفِ هُوَ القَلْبُ، وَفِيهِ سُوَيداؤه وَهِيَ عَلَقةٌ سَوْداءُ، إِذا شُقَّ القَلْبُ بَدَتْ كقِطْعة كَبِدٍ. والغِشاوةُ: مَا غَشِيَ القَلْبَ مِنَ الطَّبَع. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الغِشَاوَةُ جِلْدةٌ غُشِّيَتِ القَلْبَ فإِذا انْخَلَعَ مِنْهَا القَلْب ماتَ صاحبُه؛ وأَنشد ابنُ بَرِّيٍّ لِلْحَرِثِ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ:
صَحِبْتُكَ، إِذْ عَيْني عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ،
…
فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسي أَلُومُها
تَقُولُ: غَشَّيْت الشيءَ تَغْشِيَةً إِذا غَطَّيْته، وَقَدْ غَشَّى اللهُ عَلَى بَصَرِه وأَغْشَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ
. وَقَالَ تَعَالَى: وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ
، وَقُرِئَ: غَشْوَة، كأَنه رُدَّ إِلى الأَصل لأَن الْمَصَادِرَ كُلَّهَا تُرَدُّ إِلى فَعْلة، وَالْقِرَاءَةُ الْمُخْتَارَةُ الغِشَاوة، وَكُلُّ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى الشَّيْءِ فَهُوَ مبنيٌّ عَلَى فِعالَةٍ نَحْوَ الغِشَاوَةِ والعِمامة والعِصابة، وَكَذَلِكَ أَسماءُ الصِّناعاتِ لاشْتِمالِ الصِّناعةِ عَلَى كلِّ مَا فِيهَا نَحْوَ الخِياطة والقِصارةِ. وغَشِيَه الأَمْرُ وتَغَشَّاه وأَغْشَيْته إِيَّاه وغَشَّيْته. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ*
. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقُرِئَ يُغَشِّي الليلَ النهارَ، قَالَ: وَقُرِئَ فِي الأَنْفال: يُغْشِيكُم النُّعاسَ، ويُغَشِّكم النعاسَ، ويَغْشَاكُم النُّعاسُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ
؛ قِيلَ: الغَاشِيَة الْقِيَامَةُ لأَنها تَغْشى الخَلْق بأَفْزاعِها، وَقِيلَ: الغَاشِيَة النارُ لأَنَّها تَغْشى وجُوه الكُفَّار. وغِشَاءُ كلِّ شيءٍ: مَا تَغَشَّاه كغِشاءِ القَلْب والسَّرْجِ والرَّحْلِ والسَّيْفِ ونحوِها. والغَشْوَاءُ مِنَ المَعَزِ: الَّتِي يَغْشى وجْهَها كلَّه بياضٌ وَهِيَ بَيِّنةُ الغَشا. والأَغْشَى مِنَ الخَيْلِ: الَّذِي غَشِيَتْ غُرَّتُه وجْهَه واتَّسَعَتْ، وَقِيلَ: الأَغْشى مِنَ الخَيْلِ وَغَيْرِهَا مَا ابْيَضَّ رأْسُه كلُّه مِنْ بَيْنِ جَسدِه مِثْلَ الأَرْخَمِ. والغَشْوَاءُ: فَرَس حَسَّانَ بنِ سَلَمة، صِفةٌ غالِبة. والغَاشِيَةُ: السُّؤَّالُ الَّذِينَ يَغْشَوْنَكَ يَرْجُون فَضْلَكَ ومَعْرُوفَكَ. وغَاشِيَة الرجُلِ: مَنْ يَنْتابُه مِنْ زُوَّارِه وأَصْدقائه. وغَاشِيَةُ الرَّحْلِ: الحَديدة الَّتِي فوقَ المؤخرَةِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي فَوْقَ مؤخرَةِ الرَّحْلِ الغَاشِيَة، وَهِيَ الدامِغة. وَالْغَاشِيَةُ: غَاشِيَة السَّرْج، وَهِيَ غِطاؤه. والغَاشِيَة: مَا أُلْبِسَ جَفْنُ السَّيْفِ مِنَ الجُلودِ مِنْ أَسْفلِ شاربِ السَّيفِ إِلى أَن يَبْلُغَ نَعْلَ السَّيْفِ، وَقِيلَ: هِيَ مَا يَتَغَشَّى قوائِمَ السُّيوفِ مِنَ الأَسْفانِ «1»
(1). قوله [من الأسفان] هكذا في الأصل تبعاً للمحكم، وفي القاموس: من الأسفار.
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عُلْبة الْحَارِثِيُّ:
نُقاسِمُهُم أَسْيافَنا شَرَّ قِسْمَةٍ،
…
ففِينا غَوَاشِيها، وَفِيهِمْ صُدُورُها
والغَاشِيَة: داءٌ يأْخُذُ فِي الجَوْفِ وكلُّه مِنَ التَّغْطِية. يُقَالُ: رَمَاهُ اللَّهُ بغَاشِيَة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي بطنِه غَاشِيَةٌ تُتَمِّمُهْ
قَالَ: تُتَمِّمه تُهْلِكُه. قَالَ أَبو عَمْرٍو: وهُو داءٌ أَو وَرَم يكونُ فِي البطنِ يَعْنِي الغَاشِيَة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ
؛ أَي عُقوبة مُجَلِّلة تَعُمُّهم. واسْتَغْشَى ثِيابَه وتَغَشَّى بِهَا: تَغَطَّى بِهَا كَيْ لَا يُرَى وَلَا يُسْمَع. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ
. وَقَالَ تَعَالَى: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ
«1» وَقِيلَ: إنَّ طَائِفَةً مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالُوا إِذا أَغْلَقْنا أَبوابَنا وأَرْخَيْنا سُتُورَنا واسْتَغْشَيْنا ثِيابَنا وثَنيْنا صُدُورَنا عَلَى عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم كَيْفَ يَعْلمُ بِنَا؟ فأَنزل اللهُ تَعَالَى: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ
؛ اسْتَغْشَى بثَوْبِه وتَغَشَّى أَي تَغَطَّى. والغَشْوَة: السِّدْرَة؛ قَالَ:
غَدَوْتُ لغَشْوَةٍ فِي رَأْسِ نِيقٍ،
…
ومُورَة نَعْجَةٍ ماتَتْ هُزالا
وغُشِي عَلَيْهِ غَشْيَةً وغَشْياً وغَشَيَاناً: أُغْمِيَ، فَهُوَ مَغْشِيٌّ عَلَيْهِ، وَهِيَ الغَشْيَة، وَكَذَلِكَ غَشْيَةُ المَوْت. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ
، وَقَالَ تَعَالَى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ
؛ أَي إِغْمَاءٌ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: زَعَمَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ جَمِيعًا أَن النونَ هَاهُنَا عوضٌ مِنَ الْيَاءِ، لأَنَّ غَوَاشٍ لَا يَنْصَرِفُ والأَصل فِيهَا غَوَاشِيُ، إِلَّا أَن الضَّمَةَ تحذَفُ لِثِقَلِها فِي الْيَاءِ، فإِذا ذَهَبَت الضَّمَةُ أَدخَلْتَ التنوينَ عِوَضًا مِنْهَا، قَالَ: وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَذْهَبُ إِلى أَنَّ التنوينَ عِوضٌ مِنْ ذهابِ حركةِ الْيَاءِ، والياءُ سَقَطت لسُكونِها وَسُكُونِ التَّنْوِينِ. وغَشِيَهُ غِشْيَاناً: أَتاه وأَغْشَاهُ إِيَّاهُ غيرُه؛ فأَما قَوْلُهُ:
أَتُوعِدُ نِضْوَ المَضْرَحِيِّ، وَقَدْ تَرَى
…
بعَيْنَيْك ربَّ النَّضْوِ يَغْشَى لَكُمْ فَرْدا؟
فَقَدْ يَكُونُ يَغْشَى مِنَ الأَفْعالِ المُتَعَدِّية بحَرْفٍ وغيرِ حرفٍ، وَقَدْ تكونُ اللامُ زَائِدَةً أَي يَغْشاكم كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ، أَي رَدِفَكُم. وغَشِيَ الأَمرَ غِشياناً: باشرَه. وغَشِيتُ الرجُلَ بالسَّوْط: ضَرَبْته. والغِشْيَانُ: إِتْيانُ الرجُلِ المرأَةَ، والفِعْلُ غَشِيَ يَغْشى. وغَشِيَ المرأَةَ غِشْيَاناً: جامَعَها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا تَغَشَّاها
حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمرَّتْ بِهِ؛ كِنَايَةٌ عَنِ الجِماع. يُقَالُ: تَغَشَّى المرأَة إِذا عَلاها، وتجَلَّلها مِثْلُهُ، وَقِيلَ للقِيامةِ غَاشِيَة لأَنها تُجَلِّلُ الخَلْق فتَعُمُّهم. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ المَسْعى
فإِن الناسَ غَشُوه
أَي ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ وكَثُروا. يُقَالُ: غَشِيَةُ يَغْشَاهُ غِشْياناً إِذا جاءَهُ، وغَشَّاهُ تَغْشِيةً إِذا غَطَّاه. وغَشِيَ الشَّيْءَ إِذا لابَسَه. وغَشِيَ المرأَة إِذا جامَعها. وغُشِيَ عَلَيْهِ: أُغْمِيَ عَلَيْهِ. واسْتَغْشَى بثَوْبه وتَغَشَّى إِذا تغَطّى، وَالْجَمِيعُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى اخْتِلَافِ لَفْظِهِ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ:
وَهُوَ مُتغَشٍّ بثوْبه
، وَقَوْلُهُ:
وتَغْشَّى أَنامِلَه
أَي تسْتُرها، وقولُه:
غَشِيَتْهُم الرَّحْمَة وغَشِيَها أَلْوانٌ
أَي تعْلوُها. وَقَوْلُهُ:
فَلَا يَغْشَنا فِي مَسَاجِدِنَا
، وَقَوْلُهُ:
وإِن غشِينَا مِنْ ذَلِكَ شيءٌ مِنَ القَصد إِلى الشيءِ والمُباشَرَة
، وَقَوْلُهُ:
مَا لَمْ يَغْشَ الكبَائِرَ
؛ ومنه
(1). الآية
حَدِيثُ
سَعْد: فَلَمّا دَخَلَ عَلَيْهِ وجدَه فِي غَاشِيَةٍ
؛ الغَاشِيةُ: الدَّاهِية مِنْ خَيْر أَو شرٍّ أَو مكْروهٍ، وَمِنْهُ قيلَ للْقِيامة الغَاشِيَةُ، وأَراد فِي غَشْيةٍ منْ غَشَياتِ المَوْتِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ بالغاشِيَة القوْمَ الحُضُورَ عندَه الَّذِينَ يَغْشَوْنه للخِدْمَة والزيارَةِ أَي جَمَاعَةٍ غاشِيةٍ أَو مَا يَتغَشَّاه مِنْ كَرْب الوَجع الَّذِي بِهِ أَي يُغَطِّيه فظُنَّ أَنْ قَدْ مَاتَ. وغُشَيٌّ: موضعٌ.
غضا: غَضَوْت عَلَى الشيءِ وَعَلَى القَذى وأَغْضَيْت: سَكَتّ؛ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
غَضِيٌّ عَنِ الفحْشاء يَقْصُرُ طَرْفَه،
…
وإِنْ هُوَ لَاقَى غارَةً لمْ يُهَلِّلِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ غَضا، وأَن يكونَ منْ أَغْضى كَقَوْلِهِمْ عَذابٌ أَليمٌ وضرْبٌ وَجِيع، والأَوَّل أَجْوَد. والإِغْضاءُ: إِدْناءُ الجُفُونِ. وغَضَى الرجلُ وأَغْضَى: أَطْبَقَ جفْنيْهِ عَلَى حَدَقَتِه. وأَغْضَى عَيْناً عَلَى قَذىً: صَبَر عَلَى أَذىً. وأَغْضَى عَنْهُ طَرْفَه: سَدَّه أَو صَدَّهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
دَفعْتُ إِلَيْه رِسْلَ كَوْماءَ جَلْدَةٍ،
…
وأَغْضَيْتُ عنْه الطَّرْفَ حتَّى تَضَلَّعا
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
كعتِيقِ الطَّيْرِ يُغْضِي ويُجَلْ
يَعْنِي يُغْضي الجُفُون مَرَّةً ويُجَلِّي مَرَّة؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
لَمْ يُغْضِ فِي الحَرْبِ عَلَى قَذاكا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَغْضَيْتُ يَتعدَّى وَلَا يَتعدَّى؛ فَمِثَالُهُ مُتعدِّياً قولُ الشَّاعِرِ:
فَمَا أَسْلَمَتْنا عندَ يومِ كرِيهَةٍ،
…
وَلَا نَحنُ أَغْضَيْنا الجُفونَ عَلَى وَتْرِ
وَمِنْهُ مَا يُحْكى
عَنْ عَليّ، رضي الله عنه: فكمْ أُغْضِي الجُفونَ عَلَى القَذَى، وأَسْحَبُ ذَيْلي عَلَى الأَذى، وأَقولُ لعَلَّ وعَسى
؛ وَمِثَالُهُ غيرَ مُتَعدٍّ قَوْلُ الْآخَرِ «1» :
يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى مِنْ مَهابَتِه،
…
فَمَا يُكَلَّمُ إِلَّا حِينَ يَبْتَسِمُ
وتَغاضَيْت عَنْ فُلان إِذا تَغابَيْت عَنْهُ وتَغافَلْت. ولَيلٌ غاضٍ: غاطٍ. وَقَالَ ابْنُ بزُرْج: لَيلٌ مُغْضٍ وغَاضٍ، ومَقامٌ فاضٍ ومُفْضٍ؛ وأَنشد: عَنْكُمْ كِراماً بالمَقامِ الْفَاضِي وغَضَى الليلُ غُضُوّاً وأَغْضَى: أَلْبَسَ كلَّ شيءٍ. وأَغْضَى الليلُ: أَظْلَم. ولَيلٌ مُغْضٍ: لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وأَكثَرُ مَا يُقال لَيْلٌ غاضٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَخْرُجْنَ مِنْ أَجْوازِ لَيْلٍ غاضِ،
…
نَضْوَ قداحِ النَّابِلِ النَّواضِي،
كأَنَّما يَنْضَخْنَ بالخَضْخاضِ
الخَضْخاضُ: القَطِرانُ، يُريدُ أَنَّها عَرِقَتْ مِنْ شِدَّةِ السَّيرِ فاسْوَدَّتْ جُلُودُها. ولَيْلَةٌ غاضِيةٌ: شَدِيدَة الظُّلْمَةِ. ونارٌ غَاضِيَةٌ: عَظيمة مُضيئةٌ، وَهُوَ مِنَ الأَضْدادِ. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ نَارٌ غَاضِيَة عَظِيمة أُخِذَ من نارِ الغَضَى، وَهُوَ مِنْ أَجودِ الوُقُودِ عِنْدَ الْعَرَبِ. ورَجلٌ غَاضٍ: طاعِمٌ كاسٍ مَكْفِيٌّ، وَقَدْ غَضَا يَغْضو. والغَضَى: شَجَر؛ وَمِنْهُ قولُ سُحَيْمٍ عبدِ بَنِي الحَسْحاسِ:
كأَنَّ الثُّرَيَّا عُلِّقَتْ فَوْقَ نَحْرِها،
…
وجَمْر غَضىً هَبَّتْ لَهُ الريحُ ذاكِيَا
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ذِئبُ غَضًى. والغَضَى: مِنْ نَباتِ الرَّمْلِ لَهُ هَدَب كهَدَبِ الأَرْطَى؛ ابن سيدة:
(1). هو الفرزدق.
وَقَالَ ثَعْلَبٌ يُكْتَبُ بالأَلِفِ وَلَا أَدْرِي لمَ ذَلِكَ، واحِدتُه غَضاةٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَدْ تكونُ الغَضَاة جَمْعاً؛ وأَنشد:
لَنا الجَبَلانِ مِنْ أَزمانِ عادٍ،
…
ومُجْتَمَعُ الأَلاءَةِ والغَضَاةِ
وَيُقَالُ لِمَنْبِتِها: الغَضْيَا. وأَهلُ الغَضَى: أَهلُ نَجْدٍ لكَثْرَتِه هُنَالِكَ؛ قَالَتْ أُمُّ خالِدٍ الخَثْعَمِيَّة:
لَيْتَ سِماكِيّاً تَطِيرُ رَبابُه،
…
يُقادُ إِلى أَهلِ الغَضَى بِزِمامِ
وَفِيهَا:
رأَيتُ لَهُمْ سِيماءَ قَوْمٍ كَرِهْتُهُمْ،
…
وأَهْلُ الغَضَى قومٌ عليَّ كِرام
أَراد: كَرِهْتُهم لَهَا أَو بِهَا. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للإِبلِ الكثيرةِ غَضْيَا، مقصورٌ، قَالَ: شُبِّهَتْ عِنْدِي بمنابِتِ الغَضَى. وإِبلٌ غَضَوِيَّةٌ: مَنْسُوبَةٌ إِلى الغَضَى؛ قَالَ:
كَيْفَ تَرَى وقْعَ طُلاحِيَّاتِها،
…
بالغَضَويَّاتِ عَلَى عِلَّاتِها؟
وإِبِلٌ غاضِيةٌ وغَواضٍ وبعيرٌ غاضٍ: يأْكل الغَضَى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَبعير عَضٍ أَنتَ ضَخْمٌ رأْسُه،
…
شَثْنُ المَشافِرِ، أَمْ بعيرٌ غَاضِ؟
وبعيرٌ غَضٍ: يَشْتَكِي بَطْنَهُ مِنْ أَكل الغَضَى، وَالْجَمْعُ غَضِيَةٌ وغَضَايَا، وَقَدْ غَضِيَتْ غَضًى، وإِذا نَسَبْتَه إِلى الغَضَى قلتَ بعيرٌ غَضَوِيٌّ. والرِّمْثُ والغَضَى إِذا باحتَتْهما الإِبِلُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عُقْبة مِنْ غيرِهما يُصيبُها الداءُ فَيُقَالُ: رَمِثَتْ وغَضِيَتْ، فَهِيَ رَمِثَةٌ وغَضِيَةٌ. وأَرْض غَضْيا: كَثِيرَةُ الغَضى. والغَضْيَاءُ، ممدودٌ: منَبِتُ الغَضَى ومُجْتَمَعُه. والغَضَى: الخَمَرُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَخْبثُ الذِّئابِ ذِئبُ الغَضَى، وإِنما صَارَ كَذَا لأَنه لَا يُباشِرُ النَّاسَ إِلا إِذا أَراد أَن يُغيرَ، يَعْنُونَ بالغَضَى هُنَا الخَمَرَ، فِيمَا ذَكَرَ ثَعْلَبٌ، وَقِيلَ: الغَضَى هُنَا هَذَا الشَّجَرُ، ويزعُمون أَنه أَخبثُ الشَّجَرِ ذِئاباً. وذِئابُ الغَضَى: بنُو كعبِ بنِ مالكِ بْنِ حَنْظَلة، شُبِّهُوا بِتِلْكَ الذئابِ لخُبْثِها. وغَضْيَا، معرِفةٌ مقصورٌ: مائةٌ مِنَ الإِبلِ مثلُ هُنَيْدَةَ، لَا يَنْصَرِفان؛ قَالَ:
ومُسْتَبْدِلٍ مِنْ بَعْدِ غَضْيَا صُرَيْمَةً،
…
فأَحْرِ بِهِ مِنْ طُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا
أَراد: وأَحْرِيَنْ، فَجَعَلَ النونَ أَلفاً سَاكِنَةً. أَبو عَمْرٍو: الغَضْيانَةُ مِنَ الإِبل الكِرامُ. وغَضْيَانُ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَصَبَّحَتْ، والشمسُ لَمْ تُقَضِّبِ
…
عَيْناً، بغَضْيَانَ، ثَجُوجَ العُنْبُبِ
غطى: غَطَى الشَّبابُ غَطْياً وغُطِيّاً: امْتَلأَ. يُقَالُ للرجُلِ إِذا امْتَلأَ شَباباً: غَطَى يَغْطِي غَطْياً وغُطِيّاً؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ:
يَحْمِلْنَ سِرْباً غَطَى فِيهِ الشَّبابُ مَعاً،
…
وأَخْطَأَتْه عُيونُ الجِنِّ والحَسَدُ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي الصِّحَاحِ:
وأَخْطأَتْه عيونُ الجِنِّ والحَسَدَهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ أَنشده أَبو عُبَيْدٍ؛ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ الأَنباري أَكثرُ الناسِ يَرْوِي هَذَا الْبَيْتَ:
وأَخْطأَتْه عيونُ الجِنِّ والحَسَدَهْ
وإِنما هُوَ:
وأَخْطأَتْه عيونُ الجنِّ والحَسَدُ
وَبَعْدَهُ:
ساجِي العُيونِ غَضِيض الطَّرْفِ تَحْسِبُه
…
يَوْمًا، إِذا مَا مَشى، فِي لِينِه أَوَدُ
اللِّحْيَانِيُّ: غَطَاهُ الشبابُ يَغْطِيه غَطْياً وغُطِيّاً وغَطَّاه كِلَاهُمَا أَلْبَسَه، وغَطَاه الليلُ وغَطَّاه: أَلْبَسَه ظُلْمَته؛ عَنْهُ أَيضاً. وغَطَتِ الشَجرة وأَغْطَتْ: طالَتْ أَغْصَانُها وانْبَسَطَت عَلَى الأَرض فأَلْبَسَت مَا حَوْلَهَا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ قُتَيْبَةَ:
ومِن تَعاجِيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ،
…
يُعْصَرُ مِنْهَا مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
إِنما عَنى بِهِ الداليَةَ، وَذَلِكَ لسُمُوِّها وبُسُوقها وانتِشارِها وإِلْباسِها. الْمُفَضَّلُ: يُقَالُ للكَرْمةِ الكثيرةِ النَّوامي غَاطِيَةٌ. والنَّوامي: الأَغْصانُ، واحِدَتُها نامِيةٌ. وغَطَى الشيءَ يَغْطِيه غَطْياً وغَطَّى عَلَيْهِ وأَغْطَاه وغَطَّاه: سَتَره وعَلاه؛ قَالَ:
أَنا ابنُ كِلابٍ وابنُ أَوْسٍ، فمَنْ يَكُنْ
…
قِناعُه مَغْطِيّاً فإِني مُجْتَلى
وَفِي التَّهْذِيبِ: فَإِنِّي لَمُجْتَلى. وفلانٌ مَغْطِيُّ القِناعِ إِذا كَانَ خامِلَ الذِّكْرِ؛ وَقَالَ حَسَّانَ:
رُبَّ حِلْمٍ أَضاعه عَدَمُ الْمَالِ، وجَهْلٍ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعِيمُ
قَالَ أَبو عَبْدِ اللَّهِ بنُ الأَعرابي: حُكِيَ أَنَّ حسانَ بنَ ثَابِتٍ صاحَ قبلَ النُّبوّة فَقَالَ: يَا بَني قَيْلةَ، يَا بَني قَيْلة قَالَ: فَجَاءَهُ الأَنصارُ يُهْرَعُونَ إِليه قَالُوا: مَا دَهاكَ؟ قَالَ لَهُمْ: قلتُ الساعةَ بَيْتًا خَشِيتُ أَن أَموتَ فيَدّعِيَه غَيْرِي قَالُوا: هاتِه، فأَنشَدهم هَذَا الْبَيْتَ:
رُبَّ حِلْمٍ أَضاعَه عَدَمُ المالِ
والغِطاءُ: مَا غُطِّيَ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى أَن يُغَطِّيَ الرجلُ فاهُ فِي الصلاةِ.
ابْنُ الأَثير: مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ التَّلَثُّم بالعَمائمِ عَلَى الأَفْواه فنُهوا عَنْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، فإِنْ عَرَضَ لَهُ التَّثاؤب جَازَ لَهُ أَن يُغَطِّيه بثَوْبه أَو يَدِهِ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ. وَقَالُوا: اللهمَّ أَغْطِ عَلَى قَلْبه أَي غَشِّ قلْبَه. وفعَلَ بِهِ مَا غَطَاهُ أَي مَا ساءَه. وماءٌ غاطٍ: كثيرٌ، وَقَدْ غَطَى يَغْطِي؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَمُرُّ كمُزْبِدِ الأَعْرافِ غَاطِ
ابْنُ سِيدَهْ: وغَطَا الشيءَ غطو
غَطْواً وغَطَّاه تَغْطِيةً وأَغْطاه واراهُ وسَتَرَه. قَالَ: وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ واويَّة ويائيَّة، وَالْجَمْعُ الأَغْطِيَة، وَقَدْ تَغَطَّى. والغِطَاءُ: مَا تَغَطَّى بِهِ أَو غَطَّى بِهِ غيرَه. والغِطايةُ: مَا تغَطَّتْ بِهِ المرأَةُ مِنْ حشْو الثِّيَابِ تَحْتَ ثِيَابِهَا كالغِلالة وَنَحْوِهَا، قُلبَت الْوَاوُ فِيهَا يَاءً طَلَبَ الخفَّة مَعَ قربِ الْكَسْرَةِ. وغَطَا الليلُ غطو
يَغْطُو ويَغْطِي غطو
غَطْواً وغطو
غَطُوّاً إِذا غَسا وأَظْلَم، وَقِيلَ: ارْتَفَع وغَشَّى كلَّ شيءٍ وأَلبسه، وغَطا الْمَاءُ. وَكُلُّ شيءٍ ارْتَفَع وطالَ عَلَى شيءٍ فقدْ غَطا عَلَيْهِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤيَّة:
كذَوائِب الحَفإِ الرَّطِيبِ غَطا بِهِ
…
عَبْلٌ، ومَدَّ بِجَانِبَيْهِ الطُّحْلُبُ
غَطا بِهِ: ارْتَفَع. وليلٌ غَاطٍ: مظْلِمٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى تَلا أَعْجازَ لَيْلٍ غَاطِ
وَيُقَالُ: غَطَا عَلَيْهِمُ البَلاءُ. وأَغْطَى الكَرْمُ: جَرى الماءُ فِيهِ وزادَ، وكلُّ ذَلِكَ مذكورٌ فِي الْوَاوِ وَالْيَاءِ،
غفا: الأَزهري: غَفَا الرَّجُلُ وَغَيْرُهُ غَفْوَةً إِذا نامَ نومَةً خَفيفة. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَغَفَوْتُ غَفْوَةً
أَي نِمْتُ نَوْمةً خَفِيفَةً. قَالَ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ أَغْفَى. وقلَّما
يُقَالُ غَفا. ابْنُ سِيدَهْ: غَفَى الرجلُ غَفْيَةً وأَغْفَى نَعَس. وأَغْفَيْتُ إِغْفَاءً نِمْتُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تقُلْ غَفَوْتُ. وَيُقَالُ: أَغْفَى إِغْفَاءً وإِغْفَاءَةً إِذا نامَ. أَبو عَمْرٍو: وأَغْفَى نامَ عَلَى الغَفا، وَهُوَ التِّبْنُ فِي بَيْدَرِه. والغَفْيَةُ: الحُفْرة الَّتِي يَكْمُن فِيهَا الصَّائِدُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الزُّبْية. والغَفَى: مَا يَنْفونَه مِنْ إِبِلهم. والغَفَى، منقوصٌ: مَا يُخْرَج مِنَ الطَّعَامِ فيُرْمى بِهِ كالزُّؤان والقَصَل، وَقِيلَ: غَفَى الحِنْطةِ عيدانُها، وَقِيلَ: الغَفَى حُطامُ البُرِّ وَمَا تَكَسَّر مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ كلُّ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ فيُرْمى بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فِي الطَّعامِ حَصَلَة وغَفَاءَةٌ، مَمْدُودٌ، وفَغاةٌ وحُثالَةٌ كُلُّ ذَلِكَ الرَّديءُ الَّذِي يُرْمى بِهِ. قَالَ ابْنُ
بَرِّيٍّ: والغَفَا قِشْرُ الحنْطة، وتَثْنِيَتُه غَفَوان، وَالْجَمْعُ أَغْفَاءٌ، وَهُوَ سَقَطُ الطَّعام مِنْ عِيدانِه وقصبِه؛ وَقَوْلُ أَوس:
حَسِبْتُمُ وَلَدَ البَرْشاءِ قاطِبَةً
…
نَقْلَ السِّمادِ وتَسْلِيكاً غَفَى الغِيَرِ «2»
يَجُوزُ أَن يُعْنى بِهِ هَذَا، وَيَجُوزُ أَن يُعنى بِهِ السَّفِلة، والواحِدة مِنْ كلِّ ذَلِكَ غَفَاةٌ. وحِنْطة غَفِيَةٌ: فِيهَا غَفًى عَلَى النَّسَب. وغَفَّى الطعامَ وأَغْفَاه: نَقَّاه مِنْ غَفَاهُ. والغَفَى: قِشْرٌ صغِيرٌ يَعْلُو البُسْر، وَقِيلَ: هُوَ التَّمْر الفاسِدُ الَّذِي يَغْلُظ ويَصِيرُ فِيهِ مثلُ أَجْنِحَة الجَرادِ، وَقِيلَ: الغَفَى آفةٌ تصيبُ النَّخْلَ، وَهُوَ شِبْهُ الغُبارِ يَقَع عَلَى البُسْر فيمْنعُه مِنَ الإِدْراك والنُّضْجِ ويَمْسَخ طَعْمَه. والغَفَى: حُسافةُ التَّمْرِ ودُقاقُ التَّمْرِ. والغَفَى: داءٌ يَقَعُ فِي التِّينِ فيُفْسِدُه؛ وَقَوْلُ الأَغلب:
قَدْ سَرَّني الشيخُ الَّذِي ساءَ الفَتى،
…
إِذْ لَمْ يَكُنْ مَا ضَمَّ أَمْساد الغَفَى
أَمْسادُ الغَفَى: مُشاقَه الكَتَّانِ وَمَا أَشْبَهَه. ابْنُ سِيدَهْ فِي غَفا بالأَلف: غَفا الشيءُ غَفْواً وغُفُوّاً طَفا فَوْقَ الماءِ. والغَفْوُ والغَفْوَةُ جَمِيعًا: الزُّبْيَة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
غلا: الغَلاءُ: نَقيضُ الرُّخْصِ. غَلا السِّعْرُ وغيرُه يَغْلُو غَلاءً، مَمْدُودٌ، فَهُوَ غالٍ وغَلِيٌّ؛ الأَخيرة عَنْ كراعٍ. وأَغْلاهُ اللَّهُ: جَعَلَه غالِياً. وغَالَى بالشيءِ: اشْتَراهُ بثَمنٍ غالٍ. وغَالَى بالشيءِ وغَلَّاه: سامَ فأَبْعَطَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نُغَالِي اللَّحمَ للأَضْيافِ نِيئاً،
…
ونُرْخِصُهُ إِذا نَضِجَ القَديرُ
فَحَذَفَ الْبَاءَ وَهُوَ يريدُها، كَمَا يُقَالُ لَعِبْتُ الكِعابَ ولَعِبْتُ بالكِعابِ، الْمَعْنَى نُغالي باللحمِ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: نُغَالِي اللحمَ نَشتَريه غَالِيًا ثُمَّ نَبْذُلُه ونُطْعِمُه إِذا نَضِجَ فِي قُدُورِنا. وَيُقَالُ أَيضاً: أَغْلَى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّها دُرَّة أَغْلَى التِّجارُ بِهَا
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شاهدُ أَغْلَى اللحمَ قَوْلُ شَبيب بْنِ البَرْصاء:
وإِني لأُغْلِي اللحمَ نِيئاً، وإنَّني
…
لمُمْسٍ بهَيْنِ اللَّحْمِ، وَهُوَ نَضِيجُ
الْفَرَّاءُ: غالَيْتُ اللحمَ وغَالَيْتُ بِاللَّحْمِ جَائِزٌ. وَيُقَالُ: غَالَيْتُ صَداق المرأَة أَي أَغْلَيته؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا تُغَالُوا صُدُقات النِّسَاءِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا تُغَالوا صُدُقَ النِّسَاءِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فِي صَدُقاتِهنَ
، أَي لَا تُبالِغُوا فِي كَثْرَةِ الصَّداقِ، وأَصلُ الغَلاء
(2). قوله [الغير] هكذا في الأصل، وفي المحكم: العبر بالعين المهملة والياء المثناة.
الارتفاعُ ومُجاوَزة القَدْرِ فِي كلِّ شَيْءٍ. وبِعْتُه بالغَلاءِ والغَالِي والغَلِيّ؛ كلهنَّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وَلَوْ أَنَّا نُباعُ كَلامَ سَلْمى،
…
لأَعْطَيْنا بِهِ ثَمَناً غَلِيَّا
وغَلا فِي الدِّينِ والأَمْر يَغْلُو غُلُوّاً: جاوَزَ حَدَّه. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ*
؛ وقال الحَرِث بْنُ خَالِدٍ:
خُمْصانة قَلِق مُوَشَّحُها،
…
رُؤْد الشَّبابِ غَلا بِهَا عَظْمُ
التَّهْذِيبُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ غَلَوْت فِي الأَمر غُلُوّاً وغَلانِيَةً وغَلانِياً إِذا جاوزْتَ فِيهِ الحَدّ وأفْرَطْت فِيهِ؛ قَالَ الأَعشى: أَنشده ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَوْ زِدْ عَلَيْهِ الغَلانِيا
وَفِي التَّهْذِيبِ: زَادُوا فِيهِ النونَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَذُو الشَّنْءِ فاشْنَأْه، وَذُو الوِدِّ فاجْزِه
…
عَلَى وِدِّه، وازْدَدْ عَلَيْهِ الغَلانِيا
زَادَ فِيهِ النونَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِياكم والغُلُوَّ فِي الدِّينِ
أَي التَّشَدُّدَ فِيهِ ومجاوَزة الحَدِّ، كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إِنَّ هَذَا الدينَ مَتِينٌ فأَوْغِلْ فِيهِ بِرفْقٍ
، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ البحثُ عَنْ بواطنِ الأَشْياء والكَشْفُ عَنْ عِلَلِها وغَوامِضِ مُتَعَبَّداتِها؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وحاملُ الْقُرْآنِ غيرُ الغَالِي فِيهِ وَلَا الْجَافِي عَنْهُ،
إِنما قَالَ ذَلِكَ لأَنَّ مِنْ آدَابِهِ وأَخلاقِه الَّتِي أَمرَ بِهَا القَصْدَ فِي الأُمورِ، وخيرُ الأُمورِ أَوْساطُها. وَ:
كِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمورِ ذَمِيمُ
والغُلُوُّ: الإِعْداءُ. وغَلا بالسَّهْمِ يَغْلُو غَلْواً وغُلُوًّا وغَالَى بِهِ غِلاءً: رَفَع يدَه يُرِيدُ بِهِ أَقْصَى الْغَايَةِ وَهُوَ مِنَ التجاوزِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كالسَّهْمِ أَرْسَلَه مِنْ كَفِّه الغَالِي
وَقَالَ اللَّيْثُ: رَمَى بِهِ؛ وأَنشد لِلشَّمَّاخِ:
كَمَا سَطَع المِرِّيخُ شَمَّره الغَالِي
والمُغَالِي بالسَّهْمِ: الرافِعُ يدَه يريدُ بِهِ أَقصَى الغايةِ. ورجلٌ غَلَّاءٌ: بَعيدُ الغُلُوِّ بالسَّهْم؛ قَالَ غَيْلانُ الرَّبَعِي يَصِفُ حَلْبَة:
أَمْسَوْا فَقادُوهُنّ حولَ المِيطاءْ
…
بمائَتَيْن بغِلاءِ الغَلَّاءْ
وغَلا السَّهْمُ نفسُه: ارتفَع فِي ذَهابِه وجاوَزَ المَدَى، وَكَذَلِكَ الحجَر، وكلُّ مَرْماةٍ مِنْ ذَلِكَ غَلْوَةٌ؛ وأَنشد:
مِنْ مائةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غَالِ
وكلُّه مِنِ الارتفاعِ والتَّجاوزِ، والجمعُ غَلَواتٌ وغِلاءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهْدَى لَهُ يَكْسُومُ سِلاحاً وَفِيهِ سَهْم فسَمَّاه قِتْرَ الغِلاءِ
؛ الغِلاء، بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ: مِنْ غَالَيْته أُغَالِيه مُغَالاةً وغِلاءً إِذا رامَيْتَه، والقِترُ سَهْم الهَدَف، وَهِيَ أَيضاً أَمَدُ جَرْيِ الفَرَسِ وشوْطِه، والأَصلُ الأَول. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: بَيْنه وبينَ الطَّرِيق غَلْوَةٌ
؛ الغَلْوَةُ: قدرُ رَمْيةٍ بسَهْمٍ، وَقَدْ تُسْتَعْمَل الغَلْوَة فِي سِباقِ الخَيْل، والغَلْوَةُ الْغَايَةُ مِقْدَارُ رَمْيةٍ. وَفِي الْمَثَلِ: جَرْيُ المُذْكيات غِلاءٌ. والمِغْلاةُ: سهمٌ يُتَّخَذُ لِمُغَالَاةِ الغَلْوَة، وَيُقَالُ لَهُ المِغْلَى، بِلَا هاءٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمِغْلَى سَهْمٌ تُعْلى بِهِ أَي تُرْفَعُ بِهِ اليَدُ حَتَّى يَتَجاوزَ المِقدارَ أَو يقارِب ذَلِكَ. وسهمُ الغِلاءِ، ممدودٌ: السهمُ الَّذِي
يقدَّر بِهِ مَدَى الأَمْيالِ والفراسِخِ والأَرضِ الَّتِي يُسْتَبَقُ إِليها. التَّهْذِيبُ: الفَرْسَخ التامُّ خمسٌ وَعِشْرُونَ غَلْوَةً. والغُلُوُّ فِي القافِية: حَرَكَةُ الرَّوِيّ الساكِنِ بَعْدَ تمامِ الوزنِ، والغَالِي: نونٌ زَائِدَةٌ بَعْدَ تِلْكَ الْحَرَكَةِ، وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِهِ فِي إنشادِ مَنْ أَنشده هَكَذَا:
وقاتِم الأَعْماقِ خَاوِي المُخْتَرَقِنْ
فَحَرَكَةُ القافِ هِيَ الغُلُوُّ، والنونُ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ الْغَالِي، وَإِنَّمَا اشتُقَّ مِنَ الغُلُوِّ الَّذِي هُوَ التجاوُزُ لِقَدْرِ مَا يجبُ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَفْحَشُ مِنَ التَّعَدّي، وَقَدْ ذَكَرْنَا التَّعَدِّيَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَليق بِهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الوزنِ لأَنَّ الوزنَ قَدْ تَناهَى قبلَه، جَعَلُوا ذَلِكَ فِي آخرِ الْبَيْتِ بمَنْزلة الخَزْمِ فِي أَوَّله. والدابَّة تَغْلُو فِي سَيْرِها غَلْواً وتَغْتَلِي بخفَّةِ قوائمِها؛ وأَنشد:
فَهْي أَمامَ الفَرْقَدَيْن تَغْتَلِي
ابْنُ سِيدَهْ: وغَلَتِ الدَّابَّةُ فِي سَيرِها غُلُوًّا واغْتَلَت ارْتَفَعَت فجاوَزَت حُسْنَ السَّيْر؛ قَالَ الأَعشى:
جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف،
…
إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا
والاغْتِلاءُ: الإِسْراعُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَيْفَ تَراها تَغْتَلي يَا شَرْجُ،
…
وَقَدْ سَهَجْناها فَطال السَّهْجُ؟
وناقةٌ مِغْلاةُ الوهَقِ إِذا تَوَهَّقت أَخفافُها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تَنَشَّطَتهُ كلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ،
…
مَضْبُورَةٍ قَرْواءَ هِرْجابٍ فُنُقْ
الْهَاءُ للمُخْتَرَق، وَهُوَ الْمَفَازَةُ. وغَلا بالجارِية وَالْغُلَامِ عَظْمٌ غُلُوًّا: وَذَلِكَ فِي سُرْعَةِ شَبَابِهِمَا وسَبْقِهِما لداتِهِما، وَهُوَ مِنَ التجاوُزِ. وغُلْوَانُ الشَّبابِ وغُلَوَاؤُه: سُرْعَتُه وأَوَّله. أَبو عُبَيْدٍ: الغُلَوَاءُ، ممدودٌ، سرعةُ الشبابِ؛ وَأَنْشَدَ قَوْلَ ابْنِ الرُّقَيَّات:
لمْ تَلْتَفِتْ لِلِداتِها،
…
ومَضَتْ عَلَى غُلَوَائِها
وَقَالَ آخَرُ:
فَمَضَى عَلى غُلَوَائِهِ، وكأَنَّه
…
نَجْمٌ سَرَتْ عَنْهُ الغُيُومُ فَلاحَا
وَقَالَ طُفَيْل:
فَمَشَوْا إِلى الهَيْجاءِ، فِي غُلَوَائِها،
…
مَشْيَ اللُّيُوثِ بكُلِّ أَبْيَضَ مُذْهَبِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: شُمُوخُ أَنْفِه وسُمُوُّ غُلَوَائِه
؛ غُلَوَاءُ الشبابِ: أَوَّلُه وشِرَّتُه؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
خُمْصانَة قَلِق مُوَشَّحُها،
…
رُؤد الشبابِ غَلا بِها عَظْمُ
قَالَ: هَذَا مثلُ قَوْلِ ابْنِ الرُّقَيَّاتِ:
لمْ تَلْتَفِتْ لِلِداتِها،
…
ومَضَتْ عَلَى غُلَوائِها
وَكَمَا قَالَ:
كالغُصْنِ فِي غُلَوَائِهِ المُتَأَوِّدِ
وَقَالَ غيرُه: الغَالِي اللّحْمُ السَّمِينُ، أُخِذَ مِنْهُ قَوْلُهُ: غَلا بِهَا عَظْمُ إِذا سَمِنَتْ؛ وَقَالَ أَبو وجْزَة السَّعْدي:
تَوَسَّطَها غَالٍ عَتِيقٌ، وزانَها
…
مُعَرّسُ مَهْرِيٍّ، بِهِ الذَّيْلُ يَلْمَعُ
أَراد بمُعَرّس مَهْرِيّ حَمْلَها الَّذِي أَجَنَّتْه فِي رَحِمِها مِنْ ضِرابِ جَملٍ مَهْرِيّ أَي تَوَسَّطَها شَحْم عَتِيق فِي سنامِها. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا ارْتَفَع: قَدْ غَلا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَمَا زالَ يَغْلُو حُبُّ مَيَّة عنْدَنا،
…
ويَزْدادُ حَتَّى لَمْ نَجِدْ مَا نَزِيدُها
وغَلا النَّبْت: ارْتَفَع وعَظُمَ والْتَفَّ قَالَ لَبِيدٌ:
فغَلا فُرُوعُ الأَيْهُقانِ، وأَطْفَلَتْ،
…
بالجَلْهَتَيْنِ، ظِباؤُها ونَعامُها
وَكَذَلِكَ تَغَالَى واغْلَوْلَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مِمَّا تَغَالَى مِنَ البُهْمَى ذَوائِبُه
…
بالصَّيْفِ، وانْضَرَجَتْ عَنْهُ الأَكامِيمُ
وأَغْلَى الكَرْمُ: التَفّ وَرَقُه وكَثُرَتْ نوامِيهِ وطالَ، وأَغْلاهُ: خَفَّفَ مِنْ وَرَقِه لِيَرتَفِعَ ويَجُودَ. وَكُلُّ مَا ارْتَفَع فقدْ غَلا وتَغالَى. وتَغالَى لَحْمُه: انْحَسر عِنْدَ الضَّمادِ كأَنّه ضِدٌّ. التَّهْذِيبُ: وتَغَالَى لحمُ الدابَّة أَو النَّاقَةِ إِذَا ارْتَفَعَ وذهَب، وَقِيلَ: إِذَا انْحَسَرَ عندَ التَّضْمِير؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَإِذَا تَغَالَى لَحْمُها وتحَسَّرَتْ،
…
وتقَطَّعت بعدَ الكَلالِ خِدامُها
تَغَالَى لَحْمُها أَي ارْتفَع وصارَ عَلَى رُؤوس العِظام، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ بِالْعَيْنِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ. والغُلَوَاءُ: الغُلُوُّ. وغَلْوَى: اسمُ فرَسٍ مَشْهورَةٍ. وغَلَتِ القِدرُ والجَرَّةُ تَغْلِي غَلْياً وغَلَيَاناً وأَغْلاها وغَلَّاها، وَلَا يُقَالُ غَلِيتْ؛ قَالَ أَبو الأَسود الدُّؤَلى:
ولا أَقولُ لِقدرِ القَوْمِ: قدْ غَلِيتْ،
…
وَلَا أَقولُ لبابِ الدَّارِ: مَغْلُوقُ
أَي أَني فَصِيح لَا أَلْحَنُ. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَفِي بعْضِ كلامِ الأَوائِلِ أَنَّ مَاءً وغَلِّه، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ: أُزَّ مَاءً وغَلِّه. والغَالِيَةُ مِنَ الطِّيب: مَعْرُوفَةٌ وَقَدْ تَغَلَّى بِهَا؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وغَلَّى غَيرَه. يُقَالُ: إنَّ أَولَ منْ سَمَّاها بِذَلِكَ سليمانُ بنُ عبدِ المَلكِ، وَيُقَالُ مِنْهَا تَغَلَّلتُ وتَغَلَّفْتُ وتَغَلَّيْت، كُلُّهُ مِنَ الْغَالِيَةِ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: سَأَلْتُ الأَصمعي هَلْ يَجُوزُ تغَلَّلت؟ فَقَالَ: إنْ أَرَدْتَ أَنَّكَ أَدْخَلْتَه فِي لِحْيَتِك أَوْ شارِبك فجائِزٌ. والغَلْوَى: الْغَالِيَةُ فِي قَوْلِ عَديّ ابن زَيْدٍ:
يَنْفَحُ مِنْ أَرْدانِها المِسْكُ والعَنْبَرُ
…
والغَلْوَى ولُبْنى قَفُوص
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: كنتُ أُغَلِّفُ لِحْيَةَ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، بالغالِيةِ
؛ قَالَ: هُوَ نوعٌ مِنَ الطِّيب مُرَكَّبٌ مِنْ مِسْكٍ وعَنْبَرٍ وعُودٍ ودُهْنٍ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، والتَّغلُّف بها التَّلَطُّخ.
غما: ابْنُ دُرَيْدٍ: غَما البيتَ يَغْمُوه غَمْواً ويَغْمِيهِ غَمْياً إِذَا غَطَّاه، وَقِيلَ: إِذَا غَطَّاه بالطِّين وَالْخَشَبِ. والغُّمَا: سَقْفُ الْبَيْتِ، وتَثنيته غَمَوَان وغَمَيان، وَهُوَ الغِماءُ أَيضاً، وَالْكَلِمَةُ وَاوِيَّةٌ ويائيَّة. وغُمِيَ عَلَى الْمَرِيضِ وأُغْمِيَ عَلَيْهِ: غُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفاقَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أُغْمِيَ عَلَى فُلَانٍ إِذَا ظُنَّ أَنه ماتَ ثُمَّ يَرْجِع حَيًّا. ورجلٌ غَمًى: مُغْمًى عَلَيْهِ: وَامْرَأَةٌ غَمًى كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ والجمعُ وَالْمُؤَنَّثُ لأَنه مصدرٌ، وَقَدْ ثَنَّاه بَعْضُهُمْ وجَمعه فَقَالَ: رَجُلَانِ غَمَيان وَرِجَالٌ أَغْمَاء. وَفِي التَّهْذِيبِ: غَمَيَانِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ. وَيُقَالُ:
تَرَكْتُ فُلَانًا غَمًى، مقصورٌ مِثْلُ قَفًى أَي مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي ذَا غَمًى لأَنه مَصْدَرٌ. يُقَالُ: غُمِيَ عَلَيْهِ غَمًى وأُغْمِيَ عَلَيْهِ إغْمَاءً، وأُغْمِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ، وغُمِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَغْمِيٌّ عَلَيْهِ عَلَى مَفْعُولٍ. أَبو بَكْرٍ: رَجُلٌ غَمًى للمُشْرِف عَلَى الْمَوْتِ، وَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَع، ورجالٌ غَمًى وَامْرَأَةٌ غَمًى. وأُغْمِيَ عَلَيْهِ الخَبَرُ أَي استَعْجَمَ مثلُ غُمَّ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ رجلٌ غَمًى وَرَجُلَانِ غَمَيانِ إِذَا أَصابَه مرَضٌ؛ وأَنشد:
فَرَاحُوا بيَحْبُورٍ تَشِفُّ لِحاهُمُ
…
غَمًى، بَيْنَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ وهائِعِ
قَالَ: يَحْبورٌ رجلٌ ناعِم، تَشِفّ: تَحَرَّكُ. الْفَرَّاءُ: تَركْتُهم غَمًى لَا يَتَحرَّكون كأَنَّهم قَدْ سَكَنُوا. وَقَالَ: غَمًى الْبَيْتِ فقَصر، وَقَالَ: أَقرب لَهَا وأَبعد إِذَا تكلَّمْت بكلمةٍ وتَكلَّم الآخرُ بِكَلِمَةٍ، قَالَ: أَنا أَقْرَبُ لَهَا مِنْكَ أَي أَنا أَقْرَبُ إِلَى الصوابِ مِنْكَ. والغَمَى: سَقْفُ البيتِ، فَإِذَا كسَرْتَ الغينَ مَدَدْت، وَقِيلَ: الغَمَى القَصَب وَمَا فَوقَ السَّقْفِ مِنَ التُّرابِ وَمَا أَشْبَهه، وَالتَّثْنِيَةُ غَمَيان وغَمَوان؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَالْجَمْعُ أَغْمِيَةٌ، وَهُوَ شاذٌ، وَنَظِيرُهُ نَدًى وأَنْدِيةٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَغْمِيَةً جمعُ غِمَاءٍ كرِداءٍ وأَرْدِيةٍ، وأَن جَمْعَ غَمًى إِنَّمَا هُوَ أَغْمَاءٌ كنَقًى وأَنْقاءٍ. وَقَدْ غَمَيْت البيتَ وغَمَّيْته إِذَا سقفْتَه. ابْنُ دُرَيْدٍ: وغَمَى البيتِ مَا غَمَّى عَلَيْهِ أَي غَطَّى؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ ثَوْرًا فِي كِناسِه:
مُنَكِّب رَوْقَيْه الكِناسَ كَأَنَّهُ
…
مُغَشًّى غَمًى إِلَّا إِذَا مَا تَنَشَّرا
قَالَ: تَنَشَّر خَرَجَ مِنْ كِنَاسِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: غَمَى كُلِّ شيءٍ أَعلاه. والغَمَى أَيضاً: مَا غُطِّي بِهِ الفرسُ ليَعْرَقَ؛ قَالَ غَيْلانُ الرَّبَعي يَصِفُ فَرَسًا:
مُداخَلًا فِي طِوَلٍ وأَغْمَاءْ
وأُغْمِيَ يومُنا: دامَ غَيْمُه. وأُغْمِيَتْ ليلَتُنا: غُمَّ هلالُها، ولَيْلَة مُغْمَاةٌ. وَفِي حَدِيثِ الصَّوْمِ:
فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكمْ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَإِنْ غُمِّي عَلَيْكُمْ.
يُقَالُ: أُغْمِيَ عَلينا الهِلالُ وغُمِّيَ، فَهُوَ مُغْمىً ومُغَمّىً إِذَا حالَ دونَ رُؤْيته غَيمٌ أَو قَتَرَة، كما يقال عَلَيْنَا. وَفِي السَّماء غَمًى وغَمْيٌ إِذَا غُمَّ عَلَيْهِمُ الهِلالُ، وَلَيْسَ مِنْ لفظِ غُمَّ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ صُمْنا للِغُمَّى وللْغَمَّى، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، أَيْ صُمنا مِنْ غَيْرِ رُؤيةِ إِذَا غُمَّ علَيهم الْهِلَالُ، وأَصلُ التَّغْمِيَة الستْرُ والتَّغْطِيَة؛ وَمِنْهُ أُغْمِيَ عَلَى الْمَرِيضِ إِذَا أُغْشِيَ عَلَيْهِ، كأَنَّ المَرَضَ سَتَر عَقْلَه وغَطَّاه، وَهِيَ لَيْلَةُ الغُمَّى؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَيْلَة غُمَّى طامِس هِلالُها
…
أَوْغَلْتُها ومُكْرَةٌ إيغالُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْفَصْلُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ هَاهُنَا، وحقُّ هَذَا الْفَصْلِ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ غَمَمَ لَا فِي فَصْلِ غَمى لأَنه مِنْ غُمَّ علَيهم الهلالُ. التَّهْذِيبُ: وَفِي الحديث
فإن غُمِّيَ علَيكُم
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فَإِنْ غُمَّ علَيْكُمْ فأَكْمِلوا العِدَّةَ
، وَالْمَعْنَى واحدٌ. يُقَالُ: غُمَّ علَينا الهِلالُ فَهُوَ مَغْمُومٌ، وأُغْمِيَ فَهُوَ مُغْمًى. وَكَانَ عَلَى السَّمَاءِ غَمْيٌ، مِثْلُ غَشْيٍ، وغَمٌّ، فحالَ دونَ رُؤيَة الهلالِ.
غنا: فِي أَسْماء اللَّهِ عز وجل: الغَنِيُّ. ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي لَا يَحْتاجُ إِلَى أَحدٍ فِي شيءٍ وكلُّ أَحَدٍ مُحْتاجٌ إِلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الغِنى المُطْلَق وَلَا يُشارِك
اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ غيرُهُ. وَمِنْ أَسمائه المُغْنِي، سبحانه وتعالى، وَهُوَ الَّذِي يُغني مَنْ يشاءُ مِنْ عِباده. ابْنُ سِيدَهْ: الغِنَى، مقصورٌ، ضدُّ الفَقْر، فَإِذَا فُتِح مُدَّ؛ فأَما قَوْلُهُ:
سَيُغْنِيني الَّذِي أَغْنَاكَ عَنِّي،
…
فَلَا فَقْرٌ يدُومُ وَلَا غِناءٌ
فَإِنَّهُ: يُروى بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، فَمَنْ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ أَراد مصدَرَ غَانَيْت، وَمَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ أَراد الغِنى نَفْسه؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: إِنَّمَا وَجْهُه وَلَا غَناء لأَن الغَناء غيرُ خارجٍ عَنْ مَعْنَى الغِنى؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ أَنشده مَنْ يُوثَقُ بعِلْمِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيرُ الصَّدَقَةِ مَا أَبْقَتْ غِنًى
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى
أَي مَا فَضَل عَنْ قُوت الْعِيَالِ وكِفايتِهِمْ، فَإِذَا أَعْطَيْتَها غَيْرَك أَبْقَيْتَ بعدَها لكَ ولهُم غِنًى، وَكَانَتْ عَنِ اسْتِغْناءٍ منكَ، ومِنْهُم عَنْها، وَقِيلَ: خيرُ الصَّدَقَة مَا أَغْنَيْتَ بِهِ مَن أَعْطَيْته عَنِ المسأَلة؛ قَالَ: ظَاهِرُ هَذَا الكلامِ أَنه مَا أَغْنى عَنِ المَسْأَلة فِي وقْتِه أَو يَوْمِه، وأَما أَخْذُه عَلَى الإِطلاق فَفِيهِ مَشقَّة للعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ:
رجلٌ رَبَطها تَغَنِّياً وتَعَفُّفًا
أَي اسْتَغْناءً بِهَا عَنِ الطَّلب مِنَ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ الجُمعة:
مَن اسْتَغْنَى بلَهْوٍ أَو تِجارةٍ اسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ، واللهُ غَنِيٌّ حَمِيد
، أَي اطَّرَحَه اللهُ ورَمَى بِهِ مِنْ عَيْنه فِعْلَ مَنِ اسْتَغْنَى عَنِ الشَّيْءِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: جَزاهُ جَزاءَ اسْتِغْنائه عَنْهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ. وَقَدْ غَنِيَ بِهِ عَنْهُ غُنْيَة وأَغْناه اللَّهُ. وَقَدْ غَنِيَ غِنىً واسْتَغْنَى واغْتَنَى وتَغَانَى وتَغَنَّى فَهُوَ غَنِيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآنِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كَانَ سفيانُ بنُ عُيَيْنة يَقُولُ ليسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَسْتَغنِ بِالْقُرْآنِ عَنْ غيرِه وَلَمْ يَذْهَبْ بِهِ إِلَى الصَّوْتِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهَذَا جائزٌ فَاشٍ فِي كلام العرب، ويقول: تَغَنَّيْت تَغَنِّياً بِمَعْنَى اسْتَغْنَيْت وتَغانَيْتُ تَغانِياً أَيضاً؛ قَالَ الأَعشى:
وكُنْتُ امْرَأً زَمَناً بالعِراق،
…
عَفِيفَ المُناخِ طَويلَ التَّغَنْ
يُرِيدُ الاسْتِغْناءَ، وَقِيلَ: أَرادَ مَنْ لَمْ يَجْهَر بِالْقِرَاءَةِ. قَالَ الأَزهري: وأَما الْحَدِيثُ الْآخَرُ
مَا أَذِنَ اللَّهُ لشيءٍ كأَذَنِه لنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ يَجْهَرُ بِهِ
، قَالَ: فإنَّ عبدَ الملِك أَخْبرني عَنِ الرَّبِيعِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنه قَالَ مَعْنَاهُ تَحْسِينُ القِراءةِ وتَرْقِيقُها، قَالَ: وَمِمَّا يُحَقّقُ ذَلِكَ الحديثُ الآخرُ
زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ
، قَالَ: ونحوَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الَّذِي حَصَّلْناه مِنْ حُفَّاظ اللُّغَةِ فِي
قَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم: كأَذَنِه لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ
، أَنه عَلَى مَعْنَيَيْنِ: عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ، وَعَلَى التَّطْرِيبِ؛ قَالَ الأَزهري: فَمَنْ ذهَب بِهِ إِلَى الِاسْتِغْنَاءِ فَهُوَ مِنَ الغِنَى، مقصورٌ، وَمَنْ ذهَب بِهِ إِلَى التَّطْرِيبِ فَهُوَ مِنَ الغِنَاء الصَّوْتِ، ممدودٌ. الأَصمعي فِي الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ: الغِنَى مِنَ الْمَالِ مقصورٌ، وَمِنَ السَّماعِ مَمْدُودٌ، وكلُّ مَنْ رَفَع صوتَه ووَالاهُ فصَوْتُه عِنْدَ الْعَرَبِ غِناءٌ. والغَنَاءُ، بالفتح: النَّفْعُ. والغِناء، بِالْكَسْرِ: مِنَ السَّماع. والغِنَى، مقصورٌ: اليَسارُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَانَتِ الْعَرَبُ تتَغَنَّى بالرُّكْبانيِّ، «3» إِذَا رَكِبَت الإِبلَ، وَإِذَا جَلَست فِي الأَفْنِية وَعَلَى أَكثر أَحوالها، فلمَّا نَزَلَ القرآنُ أَحبَّ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يَكُونَ هِجِّيرَاهُم بِالْقُرْآنِ
(3). قوله [الركباني] في هامش نسخة من النهاية: هو نشيد بالمد والتمطيط يعني لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يضع القرآن موضع الركباني في اللهج به والطرب عليه.
مكانَ التَّغَنِّي بالرُّكْبانيِّ، وأَوَّلُ مَن قرَأَ بالأَلحانِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرة، فَوَرِثَه عَنْهُ عَبَيْدُ اللَّهِ بنُ عُمر، وَلِذَلِكَ يُقَالُ قرأْتُ العُمَرِيَّ، وأَخَذ ذَلِكَ عَنْهُ سعيدٌ العَلَّافُ الإِباضيُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: وَعِنْدِي جارِيتان تُغَنِّيانِ بغِناءِ بُعاثَ
أَي تُنْشِدانِ الأَشعارَ الَّتِي قيلَتْ يومَ بُعاث، وَهُوَ حربٌ كَانَتْ بَيْنَ الأَنصار، وَلَمْ تُرِدِ الغِناء المعروفَ بَيْنَ أَهلِ اللَّهْوِ واللَّعِبِ، وَقَدْ رَخَّصَ
عُمَرُ، رضي الله عنه، فِي غناءِ الأَعرابِ وَهُوَ صوتٌ كالحُداءِ.
واسْتَغْنَى اللهَ: سأَله أَن يُغْنِيهَ؛ عَنِ الهَجَري، قَالَ: وَفِي الدُّعَاءِ
اللهمَّ إِنِّي أَسْتَغْنِيكَ عَنْ كلِّ حازِمٍ، وأَسْتَعِينُك عَلَى كلِّ ظالِمٍ.
وأَغْناهُ اللهُ وغَنَّاه، وَقِيلَ: غَنَّاه فِي الدُّعَاءِ وأَغْناه فِي الْخَبَرِ، وَالِاسْمُ مِنَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الشَّيْءِ الغُنْيَة والغُنْوة والغِنْية والغُنْيانُ. وتَغانُوا أَي اسْتَغْنَى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ؛ قَالَ المُغيرة بْنُ حَبْناء التَّميمي.
كِلانا غَنِيٌّ عَنْ أَخِيه حَياتَه،
…
ونَحْنُ إِذَا مُتْنا أَشَدُّ تَغَانِيَا
واسْتَغْنَى الرجلُ: أَصابَ غِنًى. أَبو عُبَيْدٍ: أَغْنَى اللهُ الرجلَ حَتَّى غَنِيَ غِنًى أَي صَارَ لَهُ مالٌ، وأَقناه اللهُ حَتَّى قَنِيَ قِنًى وَهُوَ أَن يَصيرَ لَهُ قِنيةٌ مِنَ الْمَالِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى
. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنَّ غُلاماً لأُناسٍ فُقَراء قَطَع أُذُنَ غُلامٍ لأَغْنِياءَ، فأَتَى أَهلُه النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، فلم يَجْعَلْ عليه شَيْئًا.
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الخطَّابي كانَ الغلامُ الْجَانِي حُرًّا وَكَانَتْ جِنايتُه خَطَأً وَكَانَتْ عاقِلَتُه فقراءَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ لفَقْرِهم. قَالَ: ويُشْبِه أَن يَكُونَ الغلامُ المَجْنيّ عَلَيْهِ حُرًّا أَيضاً، لأَنه لَوْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَكُنْ لاعتذارِ أَهلِ الْجَانِي بالفَقْرِ مَعْنًى، لأَن الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَبْدًا كَمَا لَا تحْمِلُ عَمْداً وَلَا اعْتِرَافًا، فَأَمَّا المَمْلوك إِذَا جنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ فجنايَتُه فِي رَقَبَتِه، وللفُقهاء فِي اسْتِيفائها مِنْهُ خلافٌ؛ وَقَوْلُ أَبِي المُثَلّم:
لَعَمْرُكَ والمَنايا غالِياتٌ،
…
وَمَا تُغْنِي التَّمِيماتُ الحِمامَا»
أَرَادَ مِنَ الحِمامِ، فحذَفَ وعَدَّى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا أُثِرَ مِنْ أَنه قيلَ لابْنةِ الخُسِّ مَا مِائةٌ مِنَ الضأْنِ فَقَالَتْ غِنَى، فرُوِي لِي أَن بعضَهم قَالَ: الغِنَى اسمُ المِائةِ مِنَ الغَنمِ، قَالَ: وَهَذَا غيرُ معروفٍ فِي موضوعِ اللغةِ، وَإِنَّمَا أَرادَتْ أَن ذَلِكَ العدَدَ غِنًى لمالِكِه كَمَا قِيلَ لَهَا عِنْدَ ذَلِكَ وَمَا مِائةٌ مِنَ الإِبلِ فَقَالَتْ مُنى، فَقِيلَ لَهَا: وَمَا مِائة مِنَ الْخَيْلِ؟ فَقَالَتْ: لَا تُرَى؛ فمُنى وَلَا تُرَى لَيْسَا باسمَين لِلْمِائَةِ مِنَ الإِبلِ والمِائةِ مِنَ الخَيْلِ، وكتَسْمِية أَبِي النَّجْم فِي بعضِ شعْره الحِرْباء بالشقِيِّ، وَلَيْسَ الشَّقِيُّ باسمٍ للحِرْباء، وَإِنَّمَا سمَّاه بِهِ لمكابَدَتِه للشمسِ واستِقبالِه لَهَا، وَهَذَا النحوُ كثيرٌ. والغَنِيُّ والغَانِي: ذُو الوَفْرِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لعَقِيل بْنِ عُلَّفة قَالَ:
أَرى المالَ يَغْشَى ذَا الوُصُومِ فَلَا تُرى،
…
ويُدْعى مِنَ الأَشرافِ مَن كَانَ غَانِيا
وقال طَرَفَةُ:
وَإِنْ كنتَ عَنْهَا غَانِياً فاغْنَ وازْدَدِ
وَرَجُلٌ غانٍ عَنْ كَذَا أَي مُسْتَغْنٍ، وَقَدْ غَنِيَ عَنْهُ. وَمَا لَك عَنْهُ غِنًى وَلَا غُنْيَةٌ وَلَا غُنْيانٌ وَلَا مَغْنًى أَي مَا لَكَ عنهُ بُدٌّ. وَيُقَالُ: مَا يُغْنِي عَنْكَ هَذَا أي
(1). قوله [غاليات] هو هكذا في المحكم بالمثناة.
مَا يُجْزِئُ عَنْكَ وَمَا يَنْفَعُك. وَقَالَ فِي مُعْتَلِّ الأَلف: لِي عَنْهُ غُنْوَةٌ أَي غِنًى؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَالْمَعْرُوفِ غُنْيَة. والغانِيَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي غَنِيَتْ بالزَّوْج؛ وَقَالَ جَمِيلٌ:
أُحبُّ الأَيامى: إذْ بُثَيْنَةُ أَيِّمٌ،
…
وأَحْبَبْتُ لمَّا أَن غَنِيتِ الغَوَانِيَا
وغَنِيَت المرأةُ بزَوْجِها غُنْيَاناً أَي اسْتَغْنَتْ، قَالَ قَيْسُ بنُ الخَطيم:
أَجَدَّ بعَمْرة غُنْيَانُها،
…
فتَهْجُرَ أَمْ شانُنا شانُها؟
والغَانِيَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الشابَّة المُتَزَوّجة، وجمعُها غَوَانٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لنُصَيْب: فهَل تَعُودَنْ لَيالينا بِذِي سَلمٍ، كَمَا بَدَأْنَ، وأَيّامي بِهَا الأُوَلُ أَيّامُ لَيلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ، وأَنتَ أَمْرَدُ معروفٌ لَك الغَزَلُ والغَانِيَة: الَّتِي غَنِيَتْ بحُسْنِها وَجَمَالِهَا عَنِ الحَلْي، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تُطْلَب وَلَا تَطْلُب، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي غَنِيَتْ ببَيْتِ أَبَويْها وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا سِباءٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ أَعْزَبُها؛ وَهِيَ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَقِيلَ: هِيَ الشابَّة العَفيفة، كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَو لَمْ يكُنْ. الْفَرَّاءُ: الأَغْنَاءُ إملاكاتُ العَرائسِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الغِنَى التَّزْويجُ، والعَرَبُ تَقُولُ: الغِنَى حِصْنُ العَزَب أَي التَّزْويجُ. أَبو عُبَيْدَةَ: الغَوَانِي ذواتُ الأَزْواج؛ وأَنشد:
أَزْمانُ لَيْلَى كعابٌ غيرُ غَانِيَةٍ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ عَنْ عِمَارَةَ: الغَوَانِي الشَّوابُّ اللَّواتي يُعْجِبْنَ الرجالَ ويُعْجِبُهُنَّ الشُّبَّانُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الغَانِيَة الجاريَةُ الحَسْناءُ، ذاتَ زوْج كَانَتْ أَو غيرَ ذاتِ زَوْج، سميِّتْ غانِيَة لأَنها غَنِيَتْ بحُسْنِها عَنِ الزينَة. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كلُّ امْرأَة غَانِيَةٌ، وَجَمْعُهَا الغَوَانِي؛ وأَما قَوْلُ ابنِ قَيْسِ الرُّقَيَّات:
لَا بارَكَ اللهُ فِي الغَوَانِي، هَلْ
…
يُصْبِحْنَ إلَّا لَهُنَّ مُطَّلَب؟
فَإِنَّمَا حرَّك الياءَ بالكَسْرة للضَّرُورة ورَدَّه إِلَى أَصْله، وجائزٌ فِي الشِّعْرِ أَن يُرَدَّ الشيءُ إِلَى أَصْله؛ وَقَوْلُهُ
وأَخُو الغَوَانِ مَتَى يَشأْ يَصْرِمْنَهُ،
…
ويَعُدْنَ أَعْداءً بُعَيْدَ ودادِ
إِنَّمَا أَراد الغَوَانِي، فحذَف الْيَاءَ تَشْبِيهَا لِلام المَعْرفة بِالتَّنْوِينِ مِنْ حَيْثُ كَانَتْ هَذِهِ الأَشياءُ مِنْ خَواصِّ الأَسماء، فحذَفَ الياءَ لأَجل اللَّامِ كَمَا تحذِفها لأَجل التَّنْوِينِ؛ وَقَوْلُ المثَقّب العَبْدي:
هَلْ عندَ غانٍ لفُؤادٍ صَدِ،
…
مِنْ نَهْلَةٍ فِي اليَوْمِ أَوْ فِي غَدِ؟
إِنَّمَا أَراد غانِيَةٍ فذَكّرَ عَلَى إِرَادَةِ الشَّخْصِ، وَقَدْ غَنِيَتْ غِنًى. وأَغْنَى عَنْهُ غَنَاء فلانٍ ومَغْناه ومَغْنَاتَه ومُغْناهُ ومُغْنَاتَه: نابَ عَنْهُ وأَجْزَأَ عَنْهُ مُجْزَأَه. والغَنَاءُ، بالفتح: النَّفْعُ. والغَنَاءُ، بِفَتْحِ الْغَيْنِ ممدودٌ: الإِجْزاءُ والكفايَة. يُقَالُ: رَجُلٌ مُغْنٍ أَي مُجْزئٌ كافٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الغَنَاءُ مصدرُ أَغْنَى عنْكَ أَي كَفاكَ عَلَى حَذْفِ الزَّوَائِدِ مِثْلُ قَوْلِهِ:
وبعْدَ عَطائِك المائَةَ الرِّتاعا
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنّ عَلِيّاً، رضي الله عنهما، بَعث إِلَيْهِ بصَحيفة فَقَالَ لِلرَّسُولِ أَغْنِها عَنَّا
أَي
اصْرفْها وكُفَّها، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
؛ أَي يَكُفُّه ويَكْفِيه. يُقَالُ: أَغْنِ عَني شَرَّكَ أَي اصْرِفْه وكُفَّهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً
؛ وَحَدِيثُ
ابْنُ مَسْعُودٍ: وأَنا لَا أُغْنِي لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَة
أَي لَوْ كَانَ مَعِي مَنْ يَمْنَعُني لكَفَيْت شَرَّهم وصَرَفْتُهم. وَمَا فِيهِ غَنَاءُ ذَلِكَ أَي إقامَتُه والاضْطلاعُ بِهِ. وغَنِيَ بِهِ أَي عَاشَ. وغَنِيَ القومُ بالدارِ غِنىً: أَقاموا. وغَنِيَ بِالْمَكَانِ: أَقامَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَقُولُ غَنِيَ بالمكانِ مَغْنىً وغَنِيَ القومُ فِي دِيارِهم إِذا طالَ مُقامُهم فِيهَا. قَالَ اللَّهُ عز وجل: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا*
، أَي لَمْ يُقِيموا فِيهَا، وَقَالَ مهَلْهِل:
غَنِيَتْ دارُنا تِهامَةَ فِي الدَّهْر،
…
وَفِيهَا بَنو مَعَدّ حُلُولا
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا فَنِيَ كأَنْ لَمْ يَغْنَ بالأَمْسِ أَي كأَنْ لَمْ يَكُنْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: ورَجلٌ سَمَّاهُ الناسُ عالِماً وَلَمْ يَغْنَ فِي العِلْمِ يَوْماً سالِماً
أَي لَمْ يَلْبَثْ فِي أَخْذ العِلْمِ يَوْماً تَامًّا، مِنْ قَوْلِكَ غَنِيتُ بالمَكان أَغْنَى إِذا أَقَمْتَ بِهِ. والمَغَانِي: المنازِلُ الَّتِي كَانَ بِهَا أَهْلُوها، واحِدُها مَغْنىً، وَقِيلَ: المَغْنَى المَنْزِلُ الَّذِي غَنِيَ بِهِ أَهْلُه ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهُ. وغَنِيتُ لَكَ مِنِّي بالبِرِّ والمَوَدَّة أَي بَقِيتُ. وغَنِيَتْ دارُنا تِهامَةَ أَي كَانَتْ دارُنا تِهامة، وأَنشد لمُهَلْهِل: غَنِيَتْ دارنُا أَي كَانَتْ، وَقَالَ تَمِيمُ بنُ مُقْبلٍ:
أَأُمَّ تَمِيمٍ، إِنْ تَرَيْني عَدُوَّكُم
…
وبَيْتي فَقَدْ أَغْنى الحبيبَ المُصافِيا
أَي أَكونُ الحَبيبَ. الأَزهري: وسمِعْت رجُلًا مِنَ الْعَرَبِ يُبَكِّتُ خَادِمًا لَهُ يَقُولُ أَغْنِ عَنِّي وجهَكَ بَلْ شَرَّك بِمَعْنَى اكْفِني شَرَّك وكُفَّ عَنِّي شَرَّك، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
، يَقُولُ: يَكْفِيه شُغْلُ نفسِه عَنْ شُغْلِ غَيْرِهِ. والمَغْنَى: واحدُ المَغَانِي وَهِيَ المواضعُ الَّتِي كَانَ بِهَا أَهْلُوها. والغِنَاءُ مِنَ الصَّوتِ: مَا طُرِّبَ بِهِ، قَالَ حُمَيْد بْنُ ثَوْرٍ:
عَجِبْتُ لَهَا أَنَّى يكونُ غِنَاؤها
…
فَصِيحاً، وَلَمْ تَفْغَرْ بمَنْطِقِها فَما
وَقَدْ غَنَّى بِالشِّعْرِ وتَغَنَّى بِهِ، قَالَ:
تَغَنَّ بالشِّعْرِ، إِمّا كنتَ قائِلَه،
…
إِنَّ الغِناءَ بِهَذَا الشِّعْرِ مِضْمارُ
أَراد إِنَّ التَّغَنِّيَ، فوَضَع الِاسْمَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ. وغَنَّاه بالشِّعْرِ وغَنَّاه إِيَّاه. وَيُقَالُ: غَنَّى فلانٌ يُغَنِّي أُغْنِيَّة وتَغَنَّى بأُغْنِيَّة حَسَنة، وَجَمْعُهَا الأَغانِي، فأَمَّا مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
ثُمَّ بَدَتْ تَنْبِضُ أَحْرادُها،
…
إِنْ مُتَغَنَّاةً وإِنْ حادِيَهْ
فإِنه أَرادَ إِنْ مُتَغَنِّيَةً، فأَبدلَ الياءَ أَلِفاً كَمَا قَالُوا الناصاةُ فِي الناصِية، والقاراةُ فِي القارِيةِ. وغَنَّى بالمرأَة: تَغَزَّلَ بِهَا. وغَنَّاهُ بِهَا: ذَكَّرهُ إِيّاها فِي شِعْرٍ، قَالَ:
أَلا غَنِّنا بالزَّاهِريَّة، إِنَّني
…
عَلَى النَّأْيِ مِمَّا أَن أُلِمَّ بِهَا ذِكْرَا
وبَيْنَهم أُغنِيَة «2» وإِغْنِيَةٌ يَتَغَنَّون بِهَا أَي نَوعٌ من
(2). 1 قوله «وبينهم أُغْنِية إلخ» في القاموس: وبينهم أُغْنِيَّة كأُثْفِيَّةِ، ويخفف ويكسران.
الغِناء، وَلَيْسَتِ الأُولى بِقَوِيَّةٍ إِذ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ أُفْعُلة إِلا أُسْنُمة، فِيمَنْ رَوَاهُ بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ الأَغَانِي. وغَنَّى وتَغَنَّى بِمَعْنًى. وغَنَّى بالرجُلِ وتَغَنَّى بِهِ: مَدَحَه أَو هَجاهُ. وَفِي الْخَبَرِ:
أَنَّ بعضَ بَنِي كُلَيْب قَالَ لِجَرِيرٍ هَذَا غَسَّانُ السَّلِيطِي يَتَغَنَّى بِنَا
أَي يَهْجُونا، وَقَالَ جَرِيرٌ:
غَضِبْتُم عَلَيْنَا أَمْ تَغَنَّيْتُم بِنَا،
…
أَنِ اخْضَرّ مِنْ بَطْنِ التِّلاعِ غَمِيرُها
وغَنَّيْت الرَّكْبَ بِهِ: ذَكَرْتُه لَهُمْ فِي شِعْرٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ الغَزَل والمَدْحَ والهِجاءَ إِنما يُقَالُ فِي كلِّ واحدٍ مِنْهَا غَنَّيْت وتَغَنَّيت بَعْدَ أَن يُلَحَّن فيُغنَّى بِهِ. وغَنَّى الحمامُ وتَغنَّى: صَوّت. والغَناءُ: رَمْلٌ بعَيْنِه، قَالَ الرَّاعِي:
لَهَا خُصُورٌ وأَعْجازٌ يَنُوءُ بِهَا
…
رَمْلُ الغَناءِ، وأَعْلَى متنها رُؤدُ «1»
التَّهْذِيبُ: ورَمْلُ الغَناءِ ممدودٌ «2» ، وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
تَنَطَّقْنَ مِنْ رمْلِ الغَناءِ وعُلِّقَتْ،
…
بأَعْناقِ أُدْمانِ الظِّباءِ، القَلائِدُ
أَي اتَّخَذْن مِنْ رَمْلِ الغَناءِ أَعْجازاً كالكُثْبانِ وكأَنَّ أَعْناقَهُنَّ أَعْناقُ الظِّباء. وَقَالَ الأَصمعي: الغِناءُ موضِعٌ، واسْتَشْهَدَ بِبَيْتِ الرَّاعِي:
رَمْل الغِناء، وأَعْلى مَتْنِها رُؤدُ
والمُغَنِّي: الفَصِيلُ الَّذِي يَصْرِفُ بِنابِه، قَالَ:
يَا أَيُّها الفُصَيِّلُ المُغَنِّي
وغَنِيٌّ: حَيٌّ من غَطَفان.
غنذي: التَّهْذِيبُ: قَالَ أَبو تُرَابٍ سَمِعتُ الضَّبَابِيَّ يَقُولُ إِنَّ فُلانة لتُعَنْذِي بالناسِ وتُغَنْذِي بِهِمْ أَي تُغْرِي بِهِمْ. ودَفَع اللَّهُ عَنْكَ غَنْذَاتَها أَي إِغْراءَها
غوى: الغَيُّ: الضَّلالُ والخَيْبَة. غَوَى، بالفَتح، غَيّاً وغَوِيَ غَوَايَةً؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: ضَلَّ. ورجلٌ غَاوٍ وغَوٍ وغَوِيٌّ وغَيَّان: ضالٌّ، وأَغْواه هُوَ؛ وأَنشد لِلْمُرَقَّشِ:
فمَنْ يَلْقَ خَيراً يَحْمَدِ الناسُ أَمْرَه
…
ومَنْ يَغْوَ لَا يَعْدَمْ عَلى الغَيِّ لائمَا
وَقَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة:
وهَلْ أَنا إِلَّا مِنْ غَزِيَّة، إِن غَوَتْ
…
غَوَيْتُ، وإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّة أَرْشُدِ؟
ابْنُ الأَعرابي: الغَيُّ الفَسادُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: غَوٍ هُوَ اسمُ الفاعِلِ مِنْ غَوِيَ لَا مِنْ غَوَى، وَكَذَلِكَ غَوِيٌّ، وَنَظِيرُهُ رَشَدَ فَهُوَ راشِدٌ ورَشِدَ فَهُوَ رَشِيدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ يُطِع اللهَ ورَسُولَه فقَدْ رَشَد وَمَنْ يَعْصِهما فقَدْ غَوَى
؛ وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:
لَوْ أَخَذْت الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُك
أَي ضَلَّت؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
سَيكونُ عَلَيْكم أَئِمَّةٌ إِن أَطَعْتُموهُم غَوَيْتُم
؛ أَي إِنْ أَطاعُوهم فِيمَا يأْمُرُونَهم بِهِ مِنَ الظُّلْم وَالْمَعَاصِي غَوَوْا أَي ضَلّوا. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَآدَمَ، عليهما السلام: أَغْوَيْتَ النَّاسَ
أَي خَيَّبْتَهُم؛ يُقَالُ: غَوَى الرجُلُ خابَ وأَغْوَاه غَيْرُه، وَقَوْلُهُ عز وجل: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى
؛ أَي فسَدَ عَلَيْهِ عَيْشُه، قَالَ: والغَوَّةُ والغَيَّةُ وَاحِدٌ. وَقِيلَ: غَوَى أَي ترَك النَّهْيَ وأَكلَ مِنَ الشَّجَرة فعُوقِبَ بأَنْ أُخْرِجَ
(1). 1 قوله «رؤد» هو بالهمز في الأصل والحكم والتكملة، وفي ياقوت: رود بالواو.
(2)
. 2 قوله «ورمل الغناء ممدود» في التهذيب: مفتوح الأول، وَأَنْشَدَ بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ تنطقن إلخ. وفي معجم ياقوت: أنه بكسر الغين، وأنشد البيت على ذلك.
مِنَ الجنَّة. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَصْدَرُ غَوَى الغَيُّ، قَالَ: والغَوَايَةُ الانْهِماكُ فِي الغَيِّ. وَيُقَالُ: أَغْوَاه اللَّهُ إِذا أَضلَّه. وَقَالَ تَعَالَى: فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ
؛ وَحَكَى المُؤَرِّجُ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ غَوَاهُ بِمَعْنَى أَغْوَاهُ؛ وأَنشد:
وكائِنْ تَرَى منْ جاهِلٍ بعدَ عِلْمِهِ
…
غَوَاهُ الهَوَى جَهْلًا عَنِ الحَقِّ فانْغَوَى
قَالَ الأَزهري: لَوْ كَانَ عَواه الهَوَى بِمَعْنَى لَواهُ وصَرَفه فانْعَوَى كَانَ أَشبَه بكلامِ الْعَرَبِ وأَقرب إِلى الصواب. وقوله تعالى:
فَبِما أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لهُمْ صِراطَك المُسْتَقِيمَ
؛ قيلَ فِيهِ قَولانِ، قَالَ بَعْضُهُم: فَبما أَضْلَلْتَنِي، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَبما دَعَوْتَنِي إِلى شيءٍ غَوَيْتُ بِهِ أَي غَوَيْت مِنْ أَجلِ آدَمَ، لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ أَي عَلَى صِراطِك، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ ضُرِبَ زيدٌ الظَّهْرَ والبَطْنَ الْمَعْنَى عَلَى الظَّهْرِ والبَطْنِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ
؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: الْغاوُونَ
الشياطِينُ، وَقِيلَ أَيضاً: الغَاوُونَ مِنَ النَّاسِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى أَنَّ الشاعرَ إِذا هَجَا بِمَا لَا يجوزُ هَوِيَ ذَلِكَ قَوْمٌ وأَحَبُّوه فَهُمُ الغَاوُون، وَكَذَلِكَ إِن مَدَح مَمْدُوحًا بِمَا لَيْسَ فِيهِ وأَحَبَّ ذَلِكَ قَوْمٌ وتابَعوه فَهُمُ الغَاوُون. وأَرْضٌ مَغْوَاةٌ: مَضَلة. والأُغْوِيَّةُ: المَهْلَكة: والمُغَوَّيَاتُ، بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً، جَمْعُ المُغَوَّاةِ: وَهِيَ حُفْرَةٌ كالزُّبْية تُحْتَفَر للأَسَدِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمُغَلّس بْنِ لَقِيط:
وإِنْ رَأَياني قَدْ نَجَوْتُ تَبَغَّيَا
…
لرِجْلي مُغَوَّاةً هَياماً تُرابُها
وَفِي مَثَلٍ لِلْعَرَبِ: مَن حَفَرَ مُغَوَّاةً أَوْشَكَ أَن يَقَع فِيهَا. ووَقَعَ الناسُ فِي أُغْوِيَّةٍ أَي فِي داهيَة. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: إِن قُرَيْشاً تريدُ أَن تكونَ مُغْوِيَاتٍ لِمَالِ اللهِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَكَذَا رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَكَسْرِ الْوَاوِ، قَالَ: وأَما الَّذِي تَكَلَّمَت بِهِ الْعَرَبُ فالمُغَوَّياتُ، بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، وَاحِدَتُهَا مُغَوَّاةٌ، وَهِيَ حُفْرةٌ كالزُّبْية تُحْتَفَرُ للذئْبِ ويجعلُ فِيهَا جَدْيٌ إِذا نَظر الذئبُ إِليه سقَط عَلَيْهِ يريدهُ فيُصادُ، وَمِنْ هَذَا قيلَ لكلِّ مَهْلَكة مُغَوَّاةٌ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
إِلى مُغَوَّاةِ الفَتى بالمِرْصاد
يُرِيدُ إِلى مَهْلَكَتِه ومَنِيَّتِه، وشَبَّهَها بِتِلْكَ المُغَوَّاةِ، قَالَ: وإِنما أَراد عُمَرُ، رضي الله عنه، أَن قُرَيْشًا تريدُ أَن تكونَ مهلكَةً لِمالِ اللهِ كإِهلاكِ تِلْكَ المُغَوَّاة لِمَا سَقَطَ فِيهَا أَي تكونَ مصايدَ للمالِ ومَهالِكَ كَتِلْكَ المُغَوَّياتِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: وكلُّ بئرٍ مُغَوَّاةٌ، والمُغَوَّاة فِي بَيْتِ رُؤبة: القَبْرُ. وتَغاوَوْا عَلَيْهِ أَيْ تَعاوَنُوا عَلَيْهِ فقَتَلُوه وتَغاوَوْا عليه: جاؤوه مِنْ هُنا وهُنا وإِن لَمْ يَقْتُلُوه. والتَّغَاوِي: التَّجَمُّع والتَّعاوُن عَلَى الشَّرِّ، وأَصلُه مِنَ الغَواية أَو الغَيِّ؛ يُبَيِّن ذَلِكَ شِعْرٌ لأُخْتِ المنذِرِ بنِ عَمْرٍو الأَنصارِيّ قالَتْه فِي أَخيها حِينَ قَتَله الْكُفَّارُ:
تَغَاوَتْ عَلَيْهِ ذِئابُ الحِجاز
…
بَنُو بُهْثَةٍ وبَنُو جَعْفَرِ
وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رضي الله عنه، وقتْلَته قَالَ: فتَغَاوَوْا واللهِ عَلَيْهِ حَتَّى قَتلوه
أَي تَجَمَّعوا. والتَّغَاوِي: التَّعاوُنُ فِي الشَّرِّ، وَيُقَالُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ المسلِم قاتِل المشرِكِ الَّذِي كَانَ يَسُبُّ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم،
فتَغَاوَى الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ
، وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ،
قَالَ: وَالْهَرَوِيُّ ذكرَ مَقْتَل عثمانَ فِي الْمُعْجَمَةِ وَهَذَا فِي الْمُهْمَلَةِ. أَبو زَيْدٍ: وقَع فُلَانٌ فِي أُغْوِيَّة وَفِي وامِئة أَي فِي دَاهِيَةٍ. الأَصمعي: إِذَا كَانَتِ الطَّيْرُ تَحُومُ عَلَى الشَّيْءِ قِيلَ هِيَ تَغَايَا عَلَيْهِ وَهِيَ تَسُومُ عَلَيْهِ، وَقَالَ شَمِرٌ: تَغَايَا وتَغَاوَى بِمَعْنًى واحدٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وإنْ تَغَاوَى باهِلًا أَو انْعَكَرْ
…
تَغَاوِيَ العِقْبانِ يَمْزِقْنَ الجَزَرْ
قَالَ: والتَّغَاوِي الارتقاءُ والانْحِدارُ كأَنه شيءٌ بعضُه فوْق بعضٍ، والعِقْبانُ: جَمْعُ العُقابِ، والجَزَرُ: اللحْمُ. وغَوِيَ الفصيلُ والسَّخْلَة يَغْوِي غَوىً فَهُوَ غَوٍ: بَشِمَ مِنَ اللبنِ وفَسَدَ جَوْفُه، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُمْنَع مِنَ الرَّضاعِ فَلَا يَرْوى حَتَّى يُهْزَل ويَضُرَّ بِهِ الجوعُ وتَسُوءَ حالُه ويموتَ هُزالًا أَو يكادَ يَهْلِكُ؛ قَالَ يَصِفُ قَوْسًا:
مُعَطَّفَة الأَثْناء لَيْسَ فَصِيلُها
…
بِرازِئِها دَرّاً وَلَا مَيِّت غَوَى
وَهُوَ مصدرٌ يَعْنِي القوسَ وسَهْماً رَمَى بِهِ عَنْهَا، وَهَذَا مِنَ اللُّغَزِ. والغَوَى: البَشَمُ، وَيُقَالُ: العَطَش، وَيُقَالُ: هُوَ الدَّقى؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: غَوِيَ الفَصِيلُ يَغْوَى غَوىً إِذَا لَمْ يُصِبْ رِيّاً مِنَ اللَّبن حَتَّى كَادَ يَهْلِك، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ غَوَيتُ أَغْوَى وَلَيْسَتْ بِمَعْرُوفَةٍ، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: غَوِيَ الصبيُّ والفَصِيلُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ اللَّبَنِ إلَّا عُلْقَةً، فلَا يَرْوَى وتَراهُ مُحْثَلًا، قَالَ شَمِرٌ: وَهَذَا هُوَ الصحيح عند أَصحابنا. والجوهري: والغَوَى مصدرُ قولِكَ: غَوِيَ الفَصِيلُ والسَّخْلَة، بِالْكَسْرِ، يَغْوَى غَوىً، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ أَنْ لَا يَرْوى مِنْ لِبَإِ أُمّه وَلَا يَرْوى مِنَ اللَّبَنِ حَتَّى يموتَ هُزالًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الظَّاهِرُ فِي هَذَا الْبَيْتِ قولُ ابْنِ السِّكِّيتِ وَالْجُمْهُورِ عَلَى أَن الغَوَى البَشَم مِنَ اللَّبَن. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب يُقَالُ: بتُّ مُغْوًى وغَوًى وغَوِيّاً وقاوِياً وقَوًى وقَويّاً ومُقْوِياً إِذَا بِتَّ مُخْلِياً مُوحِشاً. وَيُقَالُ رأَيته غَوِيّاً مِنَ الْجُوعِ وقَويّاً وَضوِيّاً وطَوِيّاً إِذَا كَانَ جائِعاً؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَةَ:
حتَّى إِذَا جَنَّ أَغْوَاءُ الظَّلامِ لَهُ
…
مِنْ فَوْرِ نَجْمٍ مِنَ الجَوزاء مُلْتَهِبِ
أَغْوَاءُ الظَّلام: مَا سَتَرَكَ بسَوادِهِ، وَهُوَ لِغَيَّة ولِغِيَّة أَي لزَنْيَةٍ، وَهُوَ نَقِيضُ قَوْلِكَ لِرَشْدَةٍ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْكَسْرُ فِي غِيَّةٍ قليلٌ. والغَاوِي: الجَرادُ. تَقُولُ الْعَرَبُ: إِذَا أَخْصَبَ الزمانُ جَاءَ الغَاوِي وَالْهَاوِي؛ الْهَاوِي: الذئبُ. والغَوْغَاء: الجَرادُ إِذَا احْمَرَّ وانْسَلَخ مِنَ الأَلْوان كلِّها وبَدَتْ أَجنِحتُه بَعْدَ الدَّبى. أَبو عُبَيْدٍ: الجَرادُ أَوّل مَا يكونُ سَرْوَةٌ، فَإِذَا تَحَرَّكَ فَهُوَ دَبًى قَبْلَ أَن تَنْبُتَ أَجنِحَتُه، ثُمَّ يكونُ غَوْغاء، وَبِهِ سُمِّي الغَوْغاءُ. والغاغَةُ مِنَ النَّاسِ: وَهُمُ الْكَثِيرُ الْمُخْتَلِطُونَ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَرَادُ إِذَا صَارَتْ لَهُ أَجنحة وكادَ يَطيرُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِلَّ فيَطِيرَ، يُذَكَّر ويُؤَنَّث ويُصْرَفُ وَلَا يُصْرف، واحِدتُه غَوْغَاءَةٌ وغَوْغَاةٌ، وَبِهِ سُمِّي الناسُ. والغَوْغَاء: سَفِلَة الناسِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والغَوْغَاء: شيءٌ يُشبهُ البَعُوضَ وَلَا يَعَضُّ وَلَا يُؤذي وَهُوَ ضَعِيفٌ، فمَن صَرَفه وذَكَّرَهُ جَعَله بِمَنْزِلَةِ قَمْقام، والهمزةُ بدلٌ مِنْ وَاوٍ، وَمَنْ لَمْ يَصْرِفْه جَعَله بِمَنْزِلَةِ عَوْراء. والغَوْغَاء: الصَّوتُ والجَلَبة؛ قَالَ الْحَرِثُ بنُ حِلِّزة الْيَشْكُرِيُّ:
أَجْمَعُوا أَمْرَهم بلَيْلٍ، فلمَّا
…
أَصْبَحُوا أَصْبَحَت لَهُمْ غَوْغاءُ
وَيُرْوَى: ضَوْضاءُ. وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ عَنِ قُطْرُب فِي نوادِرَ لَهُ: أَنّ مُذَكَّرَ الغَوْغاء أَغْوَغُ، وَهَذَا نادرٌ غيرُ مَعْرُوفٍ. وَحُكِيَ أَيضاً: تَغَاغَى عَلَيْهِ الغَوْغَاء إِذَا رَكِبُوه بالشَّرِّ. أَبو الْعَبَّاسِ: إِذَا سَمَّيْتَ رَجُلًا بغَوْغَاء فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إِنْ نَوَيْتَ بِهِ ميزانَ حَمراءَ لَمْ تَصْرِفْهُ، وَإِنْ نَوَيتَ بِهِ ميزانَ قعْقاع صَرَفْتَه. وغَوِيٌّ وغَوِيَّةُ وغُوَيَّةُ: أَسماءٌ. وبَنُو غَيَّانَ: حَيٌّ همُ الَّذِينَ
وَفَدوا عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ أَنتم؟ فَقَالُوا: بَنو غَيّانَ، قَالَ لَهُمْ: بَنُو رَشْدانَ
، فَبَنَاهُ عَلَى فَعْلانَ عِلْمًا مِنْهُ أَن غَيّانَ فَعْلانُ، وأَنَّ فَعْلانَ فِي كَلَامِهِمْ مِمَّا فِي آخِرِهِ الأَلفُ والنونُ أَكثرُ مِنْ فَعَّالٍ مِمَّا فِي آخِرِهِ الأَلف وَالنُّونُ، وتعليلُ رَشْدانَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا
؛ قِيلَ: غيٌّ وادٍ فِي جَهَنَّم، وَقِيلَ: نَهَرٌ، وَهَذَا جَدِيرٌ أَن يَكُونَ نَهَرًا أَعَدَّه اللَّهُ لِلْغَاوِينَ سَمَّاه غَيّاً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فسَوْفَ يَلْقَوْنَ مُجازاة غَيِّهم، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً؛ أَي مُجازاةَ الأَثامِ. وغَاوَةُ: اسمُ جَبَل؛ قَالَ المُتَلَمّس يُخَاطِبُ عَمْرَو بنَ هِنْد:
فَإِذَا حَلَلْتُ ودُونَ بَيْتيَ غَاوَةٌ،
…
فابْرُقْ بأَرْضِكَ مَا بَدا لَكَ وارْعُدِ
غيا: الغَايَةُ: مَدَى الشَّيْءِ. والغَايَةُ أَقْصى الشَّيْءِ. الليْثُ: الغَايَةُ مَدى كلِّ شيءٍ وأَلِفُه ياءٌ، وَهُوَ مِنْ تأْليف غَيْنٍ وياءَينِ، وتَصْغيرُها غُيَيَّة، تَقُولُ: غَيَّيْت غَايِةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سابَق بَيْنَ الخَيْلِ فجعَلَ غَايَةَ المُضَمَّرةِ كَذَا
؛ هُوَ مِنْ غَايَة كلِّ شيءٍ مَداهُ ومُنْتَهاه. وغَايَة كلِّ شيءٍ: مُنْتهاهُ، وَجَمْعُهَا غَايَاتٌ وغَايٌ مثلُ ساعَةٍ وساعٍ. قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: الغَايَاتُ فِي العَروضِ أَكْثرُ مُعْتَلًّا، لأَنَّ الغاياتِ إِذَا كَانَتْ فاعِلاتُنْ أَو مَفاعِيلُنْ أَو فَعُولُن فَقَدْ لَزِمَها أَنْ لَا تُحْذَف أَسْبابُها، لأَنَّ آخِرَ البَيتِ لَا يكونُ إِلَّا سَاكِنًا فَلَا يجوزُ أَن يُحْذَف الساكنُ ويكونَ آخِرُ البيتِ مُتَحَرِّكاً، وَذَلِكَ لأَن آخِرَ الْبَيْتِ لَا يَكُونُ إلَّا سَاكِنًا، فَمِنَ الغَايَات المَقْطُوعُ والمَقصورُ والمَكْشوف والمَقْطُوف، وَهَذِهِ كُلُّهَا أَشْيَاءُ لَا تَكُونُ فِي حَشْوِ البيتِ، وسُمِّي غايَةً لأَنه نِهَايَةُ الْبَيْتِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: قَوْلُ النَّاسِ هَذَا الشيءُ غَايَةٌ، مَعْنَاهُ هَذَا الشيءُ علامةٌ فِي جِنْسِه لَا نظيرَ لَهُ أَخذاً مِنْ غايةِ الحَرْب، وَهِيَ الرايَة، وَمِنْ ذَلِكَ غايَةُ الخَمَّارِ خِرْقَةٌ يَرْفَعُها. وَيُقَالُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ هَذَا الشيءُ غَايَةٌ أَي هو مُنْتَهَى هَذَا الجِنْسِ، أُخِذَ من غَايَة السَّبْقِ، قَصَبَة تُنْصَب فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكُونُ المُسابَقَةُ إِلَيْهِ ليَأْخُذها السابِقُ. والغَايَة: الرَّايَةُ. يُقَالُ: غَيَّيْت غَايَةً. وَفِي الحَديث:
أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ فِي الكوائنِ قبلَ الساعَةِ مِنْهَا هُدْنَةٌ تكونُ بَيْنَكُم وبين بني الأَصْفرِ فيَغْدِرُون بِكُمْ وتَسِيرُون إِلَيْهِمْ فِي ثمانينَ غَايَةً تَحْتَ كلِّ غَايَةٍ اثْنا عَشَر أَلْفاً
؛ الغَايَةُ والرَّاية سواءٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
فِي ثَمَانِينَ غابَة
، بِالْبَاءِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ رَوَاهُ
غايَةً
بِالْيَاءِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ الرايَة؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ:
قَدْ بِتُّ سامِرَها وغَايَةَ تاجِرٍ
…
وافَيْت، إذْ رُفِعَتْ وعَزَّ مُدامُها
قَالَ: وَيُقَالُ إنَّ صاحِبَ الخَمْرِ كانَتْ لَهُ رايَة