المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فا : الْفَاءُ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حرفٌ مَهْمُوسٌ، يَكُونُ أَص‌ ‌لًا وبَدلًا - لسان العرب - جـ ١٥

[ابن منظور]

الفصل: ‌ ‌فا : الْفَاءُ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حرفٌ مَهْمُوسٌ، يَكُونُ أَص‌ ‌لًا وبَدلًا

‌فا

: الْفَاءُ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حرفٌ مَهْمُوسٌ، يَكُونُ أَص‌

‌لًا

وبَدلًا وَلَا يَكُونُ زَائِدًا مَصُوغًا فِي الْ‌

‌كَلَا

مِ إِنما يُزاد فِي أَوَّله لِلْعَطْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وفَيَّيْتُها: عَمِلتها. وَالْفَاءُ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ وَلَهَا ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ: يُعطَف بِهَا وتَدلّ عَلَى التَّرْتِيبِ وَالتَّعْقِيبِ مَعَ الإِشْراك، تَقُولُ ضَرَبْت زَيْداً فعَمْراً، والموضِع الثَّانِي أَن يَكُونَ مَا قَبْلَهَا عِلَّةً لِمَا بَعْدَهَا وَيَجْرِي عَلَى الْعَطْفِ وَالتَّعْقِيبِ دُونَ الإِشراك كَقَوْلِهِ ضَرَبه فَبَكَى وضَرَبه فأَوْجَعَه إِذا كَانَ الضَّرْبُ عِلَّةَ البُكاء والوَجَع، وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لِلِابْتِدَاءِ وَذَلِكَ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ كَقَوْلِكَ إِنْ تَزُرْني فأَنْتَ محسِن، يَكُونُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ كَلَامًا مستأْنَفاً يَعْمَلُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ، لأَن قَوْلَكَ أَنتَ ابْتِداء ومُحْسِن خَبَرُهُ، وَقَدْ صَارَتِ الْجُمْلَةُ جَوَابًا بِالْفَاءِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ إِذا أَجبت بِهَا بَعْدَ الأَمْر والنَّهْي وَالِاسْتِفْهَامِ والنَّفْي والتَّمَنِّي والعَرْض، إِلَّا أَنك تَنْصِبُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ فِي هَذِهِ الأَشياء السِّتَّةِ بِإِضْمَارِ أَن، تَقُولُ زُرْني فأُحْسِنَ إِليك، لم تجعل الزِّيَارَةَ عِلَّةً للإِحسان، وَلَكِنْ قُلْتَ ذَلِكَ مِن شأْني أَبداً أَنْ أَفعل وأَن أُحْسِنَ إِليك عَلَى كُلِّ حَالٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ، تَقُولُ زُرْني فأُحْسِنَ إِلَيْكَ: لَمْ تَجْعَلِ الزِّيَارَةَ عِلَّةً للإِحسان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَقُولُ زُرْني فأُحْسِن إِلَيْكَ، فإِن رَفَعْتَ أُحْسِنُ فَقُلْتَ فأُحْسِنُ إِليك لَمْ تَجْعَلِ الزِّيَارَةَ علة للإِحسان.

‌كذا

: كَذَا: اسْمٌ مُبْهَمٌ، تَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا، وَقَدْ يَجري مَجْرى كَمْ فَتَنْصِب مَا بَعْدَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ، تَقُولُ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لأَنه كَالْكِنَايَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ أَيضاً فِي الْمُعْتَلِّ، والله أَعلم.

كلا

: الْجَوْهَرِيُّ: كلَّا كَلِمَةُ زَجْر ورَدْع، وَمَعْنَاهَا انْتَهِ لَا تَفْعَلْ كَقَوْلِهِ عز وجل: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا

؛ أَي لَا يَطمَع فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى حَقًّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ

؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ تأْتي كَلَّا بِمَعْنَى لَا كَقَوْلِ الْجَعْدِيِّ:

فَقُلْنا لَهُمْ: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها،

فَقَالُوا لَنَا: كَلَّا فَقُلْنَا لَهُمْ: بَلَى

وَقَدْ تقدَّم أَكثر ذَلِكَ في المعتل.

لا

: اللَّيْثُ: لَا حَرْفٌ يُنْفَى بِهِ ويُجْحَد بِهِ، وَقَدْ تَجِيءُ زَائِدَةً مَعَ الْيَمِينِ كَقَوْلِكَ لَا أُقْسِمُ بالله. قَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ

، وأَشْكالِها فِي الْقُرْآنِ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَن مَعْنَاهُ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ لَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا لَغْوٌ، وإِن كَانَتْ فِي أَوَّل السُّورة، لأَن الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ لأَنه مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا ردٌّ لِكَلَامٍ تقدَّم كأَنه قِيلَ لَيْسَ الأَمر كَمَا ذَكَرْتُمْ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ يَقُولُونَ لَا صِلةٌ، قَالَ: وَلَا يبتدأُ بِجَحْدٍ ثُمَّ يُجْعَلُ صِلَةً يُرَادُ بِهِ الطَّرْحَ، لأَنَّ هَذَا لَوْ جَازَ لَمْ يُعْرف خَبر فِيهِ جَحْد مِنْ خَبَرٍ لَا جَحْد فِيهِ، وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ الْعَزِيزَ نَزَلَ بِالرَّدِّ عَلَى الَّذِينَ أَنْكَروا البَعْثَ والجنةَ وَالنَّارَ، فَجَاءَ الإِقْسامُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكَلَامِ المُبْتدإ مِنْهُ وَغَيْرِ الْمُبْتَدَأِ كَقَوْلِكَ فِي الْكَلَامِ لَا واللهِ لَا أَفعل ذَلِكَ، جَعَلُوا لَا، وإِن رأَيتَها مُبتدأَةً، رَدًّا لكلامٍ قَدْ مَضَى، فَلَوْ أُلْغِيَتْ لَا مِمّا يُنْوَى بِهِ الجوابُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْيَمِينِ الَّتِي تَكُونُ جَوَابًا وَالْيَمِينِ الَّتِي تستأْنف فَرْقٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْعَرَبُ تَطرح لَا وَهِيَ مَنْوِيّة كَقَوْلِكَ واللهِ أضْرِبُكَ، تُريد وَاللَّهِ لَا أَضْرِبُكَ؛ وأَنشد:

ص: 464

وآلَيْتُ آسَى عَلَى هالِكٍ،

وأَسْأَلُ نَائِحَةً مَا لَها

أَراد: لَا آسَى وَلَا أَسأَلُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَفادَنِي المُنْذري عَنِ اليزِيدي عَنْ أَبي زَيْدٍ فِي قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا؛ قَالَ: مَخافَة أَن تَضِلُّوا وحِذارَ أَن تَضِلوا، وَلَوْ كَانَ يُبَيّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ لَا تَضِلوا لَكَانَ صَوَابًا، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَذَلِكَ أَنْ لَا تَضِلَّ وأَنْ تَضِلَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِن هَذَا قَوْلِهِ عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا؛ يُرِيدُ أَن لَا تَزُولَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ؛ أَي أَن لَا تَحْبَطَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا؛ مَعْنَاهُ أَن لَا تَقُولُوا، قَالَ: وَقَوْلُكَ أَسأَلُك بِاللَّهِ أَنْ لَا تقولَه وأَنْ تَقُولَه، فأَمَّا أَنْ لَا تقولَه فجاءَت لَا لأَنك لَمْ تُرد أَن يَقُوله، وَقَوْلُكَ أَسأَلك بِاللَّهِ أَن تَقُولَهُ سأَلتك هَذَا فِيهَا مَعْنَى النَّهْي، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ فِي الْكَلَامِ وَاللَّهِ أَقول ذَلِكَ أَبداً، وَاللَّهِ لَا أَقول ذَلِكَ أَبداً؟ لَا هَاهُنَا طَرْحُها وإِدْخالُها سَوَاءٌ وَذَلِكَ أَن الْكَلَامَ لَهُ إِباء وإِنْعامٌ، فإِذا كَانَ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَجِيءُ مِنْ بَابِ الإِنعام مُوَافِقًا للإٍباء كَانَ سَواء وَمَا لَمْ يَكُنْ لَمْ يَكُنْ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ آتِيكَ غَداً وأَقومُ مَعَكَ فَلَا يَكُونُ إِلا عَلَى مَعْنَى الإِنعام؟ فَإِذَا قُلْتَ واللهِ أَقولُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى واللهِ لَا أَقول ذَلِكَ صَلَحَ، وَذَلِكَ لأَنَّ الإِنْعام واللهِ لأَقُولَنَّه واللهِ لأَذْهَبَنَّ مَعَكَ لَا يَكُونُ واللهِ أَذهب مَعَكَ وأَنت تُرِيدُ أَن تَفْعَلَ، قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ لَا لَا تَكُونُ صِلةً إِلَّا فِي مَعْنَى الإِباء وَلَا تَكُونُ فِي مَعْنَى الإِنعام. التَّهْذِيبُ: قَالَ الْفَرَّاءُ وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ لَا صِلَةً إِذا اتَّصَلَتْ بجَحْدٍ قبلَها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

مَا كانَ يَرْضَى رسولُ اللهِ دِيْنَهُمُ،

والأَطْيَبانِ أَبو بَكْرٍ وَلَا عُمَر

أَرادَ: والطَّيِّبانِ أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ؛ قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ لَا صِلةً فِي كُلِّ كَلَامٍ دخَل فِي أَوَّله جَحْدٌ أَو فِي آخِرِهِ جَحْدٌ غَيْرُ مُصرَّح، فَهَذَا مِمَّا دخَل آخِرَه الجَحْدُ فجُعلت لَا فِي أَوَّله صِلةً، قَالَ: وأَما الجَحْدُ السَّابِقُ الَّذِي لَمْ يصرَّحْ بِهِ فَقَوْلُكَ مَا مَنَعَكَ أَن لَا تَسْجُد، وَقَوْلُهُ: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ

، وَقَوْلُهُ عز وجل: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ

؛ وَفِي الحَرام مَعْنَى جَحْدٍ ومَنْعٍ، وَفِي قَوْلِهِ وَما يُشْعِرُكُمْ مِثْلُهُ، فَلِذَلِكَ جُعِلت لَا بَعْدَهُ صِلةً مَعْنَاهَا السُّقوط مِنَ الْكَلَامِ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ بعضُ مَن لَا يَعرف الْعَرَبِيَّةَ، قَالَ: وأُراه عَرَّضَ بأَبِي عُبيدة، إِن مَعْنَى غَيْرِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، مَعْنَى سِوَى وإِنَّ لَا صلةٌ فِي الْكَلَامِ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ:

فِي بئْرِ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ

بإِفْكِه، حَتَّى رَأَى الصُّبْحَ جَشَرْ

قَالَ: وَهَذَا جَائِزٌ لأَن الْمَعْنَى وقَعَ فِيمَا لَا يتبيَّنْ فِيهِ عَمَلَه، فَهُوَ جَحْدُ مَحْضٌ لأَنه أَراد فِي بئرِ مَا لَا يُحِيرُ عَلَيْهِ شَيْئًا، كأَنك قُلْتَ إِلى غَيْرِ رُشْد توجَّه وَمَا يَدْرِي. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى غَيْرٍ فِي قَوْلِهِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ مَعْنَى لَا، وَلِذَلِكَ زِدْتَ عَلَيْهَا لَا كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ غيرُ مُحْسِنٍ وَلَا مُجْمِلٍ، فإِذا كَانَتْ غَيْرٌ بِمَعْنَى سِوَى لَمْ يَجُزْ أَن تَكُرّ عَلَيْهِ، أَلا ترَى أَنه لَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ عِنْدِي سِوَى عبدِ اللَّهِ وَلَا زيدٍ؟ وَرُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنه سَمِعَ ابْنَ الأَعرابي قَالَ فِي قَوْلِهِ:

ص: 465

فِي بِئْرٍ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَر

أَراد: حُؤُورٍ أَي رُجُوع، الْمَعْنَى أَنه وَقَعَ فِي بئرِ هَلَكةٍ لَا رُجُوعَ فِيهَا وَمَا شَعَرَ بِذَلِكَ كَقَوْلِكَ وَقع فِي هَلَكَةٍ وَمَا شَعَرَ بِذَلِكَ، قَالَ: وَيَجِيءُ لَا بِمَعْنَى غَيْرٍ؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ مَا لَكُمْ لَا تَناصَرُونَ

؛ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، الْمَعْنَى مَا لَكَمَ غيرَ مُتناصِرين؛ قَالَهُ الزَّجَّاجُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَنشد الأَصمعي لِسَاعِدَةَ الْهُذَلِيِّ:

أَفَعَنْك لَا بَرْقٌ كأَنَّ وَمِيضَه

غابٌ تَسَنَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ

قَالَ: يُرِيدُ أَمِنك بَرْقٌ، وَلَا صِلَةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ إِن لَا لَا تَكُونُ صِلَةً إِلا مَعَ حَرْفِ نَفْيٍ تقدَّمه؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ لِلشَّمَّاخِ:

إِذا مَا أَدْلَجَتْ وضَعَتْ يَداها،

لَها الإِدْلاج لَيْلَة لَا هُجُوعِ

أَي عَمِلَتْ يَداها عَمَلَ الليلةِ الَّتِي لَا يُهْجَعُ فِيهَا، يَعْنِي النَّاقَةَ ونَفَى بِلَا الهُجُوعَ وَلَمْ يُعْمِلْ، وَتُرِكَ هُجُوع مَجْرُورًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِضافة؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:

لَقَدْ عرَفْتُ حِينَ لَا اعْتِرافِ

نَفى بِلَا وترَكَه مَجْرُورًا؛ وَمِثْلُهُ:

أَمْسَى بِبَلْدَةِ لَا عَمٍّ وَلَا خَالٍ

وَقَالَ الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ

؛ إِنما جَازَ أَن تَقَعَ لَا فِي قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ

لأَن مَعْنَى غَيْرِ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى النَّفْي، وَالنَّحْوِيُّونَ يُجيزون أَنتَ زَيْدًا غَيْرُ ضارِبٍ لأَنه فِي مَعْنَى قَوْلِكَ أَنتَ زَيْدًا لَا ضارِبٌ، وَلَا يُجِيزُونَ أَنت زَيْدًا مِثْلُ ضارِب لأَن زَيْدًا مِنْ صِلَةِ ضارِبٍ فَلَا تتقدَّم عَلَيْهِ، قَالَ: فَجَاءَتْ لَا تُشَدِّد مِنْ هَذَا النَّفْيِ الَّذِي تَضْمَنُهُ غيرُ لأَنها تُقارِبُ الدَّاخِلَةَ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ جاءَني زَيْدٌ وَعَمْرٌو، فَيَقُولُ السَّامِعُ مَا جاءَك زَيْدٌ وعَمرو؟ فَجَائِزٌ أَن يَكُونَ جاءَه أَحدُهما، فإِذا قَالَ مَا جاءَني زَيْدٌ وَلَا عَمْرٌو فَقَدْ تَبَيَّن أَنه لَمْ يأْت وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ

؛ يُقَارِبُ مَا ذَكَرْنَاهُ وإِن لَمْ يَكُنْه. غَيْرُهُ: لَا حرفُ جَحْد وأَصل أَلِفِهَا يَاءٌ، عِنْدَ قُطْرُبٍ، حِكَايَةً عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ لَا أَفعل ذَلِكَ فأَمال لَا. الْجَوْهَرِيُّ: لَا حَرْفُ نَفْيٍ لِقَوْلِكَ يَفْعَل وَلَمْ يَقَعِ الْفِعْلُ، إِذا قَالَ هُوَ يَفْعَلُ غَداً قُلْتُ لَا يَفْعَلُ غَدًا، وَقَدْ يَكُونُ ضِدًّا لبَلَى ونَعَمْ، وَقَدْ يَكُونُ للنَّهْي كَقَوْلِكَ لَا تَقُمْ وَلَا يَقُمْ زَيْدٌ، يُنهى بِهِ كلُّ مَنْهِيٍّ مِنْ غَائِبٍ وحاضِر، وَقَدْ يَكُونُ لَغْواً؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:

فِي بِئرِ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ؛ أَي مَا مَنَعَكَ أَن تسْجُد، وَقَدْ يَكُونُ حرفَ عَطْفٍ لإِخراج الثَّانِي مِمَّا دَخَلَ فِيهِ الأَول كَقَوْلِكَ رأَيت زَيْدًا لَا عَمراً، فإِن أَدْخَلْتَ عَلَيْهَا الْوَاوَ خَرَجَتْ مِنْ أَن تَكُونَ حَرْفَ عطفٍ كَقَوْلِكَ لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ وَلَا عَمْرٌو، لأَن حُروف النَّسَقِ لَا يَدخل بعضُها عَلَى بَعْضٍ، فَتَكُونُ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَلَا إِنما هِيَ لتأْكيد النَّفْيِ؛ وَقَدْ تُزاد فِيهَا التَّاءُ فَيُقَالُ لاتَ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ

وإِذا اسْتَقْبَلَهَا الأَلف وَاللَّامُ ذَهَبَتْ أَلفه كَمَا قَالَ:

أَبَى جُودُه لَا البُخْلَ، واستَعْجلتْ نَعَمْ

بهِ مِنْ فَتًى، لَا يَمْنَعُ الجُوعَ قاتِلَهْ

قَالَ: وَذَكَرَ يُونُسُ أَن أَبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ كَانَ يَجُرُّ البُخل وَيَجْعَلُ لَا مُضافة إِليه لأَنَّ لَا قَدْ تَكُونُ للجُود

ص: 466