المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير إذ وإذا وإذن منونة - لسان العرب - جـ ١٥

[ابن منظور]

الفصل: ‌تفسير إذ وإذا وإذن منونة

الْمَعْنَى وَالَّذِي تَحْمِلِينَ طَلِيقٌ، فَيَكُونُ مَا رَفْعاً بِالِابْتِدَاءِ وَيَكُونُ ذَا خَبَرَهَا، قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ مَا مَعَ ذَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ الْمَوْضِعُ نَصْبًا بينفقون، المعنى يسأَلونك أَيَّ شيء يُنْفِقُون، قَالَ: وَهَذَا إِجْمَاعُ النَّحْوِيِّينَ، وَكَذَلِكَ الأَوَّلُ إِجماعٌ أَيضاً؛ وَمِثْلُ قَوْلِهِمْ مَا وَذَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

دَعِي مَاذَا عَلِمْتُ سَأَتَّقِيهِ،

ولكِنْ بالمُغَيَّبِ نَبِّئِيني

كأَنه بِمَعْنَى: دَعِي الَّذِي عَلِمت. أَبو زَيْدٍ: جَاءَ القومُ مِنْ ذِي أَنفسِهم وَمِنْ ذَاتِ أَنْفُسِهم، وجاءَت المرأَة مِنْ ذِي نفْسِها ومِن ذاتِ نفْسِها إِذا جاءَا طائِعَيْن، وَقَالَ غَيْرُهُ: جَاءَ فُلَانٌ مِنْ أَيَّةِ نفْسِه بِهَذَا الْمَعْنَى، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَاهَا اللهِ ذَا بِغَيْرِ أَلف فِي القَسَم، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: لَاهَا اللهِ إِذا، وإِنما الْمَعْنَى لَا واللهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ، فأَدخل اسْمَ اللَّهِ بَيْنَ هَا وَذَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: وَضَعَتِ المرأَةُ ذاتَ بَطْنِها إِذا وَلَدَتْ، والذِّئبُ مَغْبُوطٌ «1» بِذِي بَطْنِه أَي بجَعْوِه، وأَلقى الرَّجُلُ ذَا بَطْنِه إِذا أَحْدَثَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَلَمَّا خَلا سِنِّي ونَثَرْتُ لَهُ ذَا بَطْني

؛ أَرادت أَنها كَانَتْ شابَّة تَلِدُ الأَولاد عِنْدَهُ. وَيُقَالُ: أَتَينا ذَا يَمَن أَي أَتينا اليَمَن. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ كُنَّا بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا مَعَ ذِي عَمْرو، وَكَانَ ذُو عَمْرو بالصَّمَّانِ، أَي كُنَّا مَعَ عَمْرٍو ومَعَنا عَمْرو، وَذُو كالصِّلة عِنْدَهُمْ، وَكَذَلِكَ ذَوِي، قَالَ: وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ قَيْسٍ وَمَنْ جاوَرَهم، والله أَعلم. ذَا: وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ذَا يُوصَل بِهِ الْكَلَامُ؛ وَقَالَ:

تَمَنَّى شَبِيبٌ مِيتةً سَفَلَتْ بِهِ،

وَذَا قَطَرِيٍّ لَفَّهْ مِنْهُ وائِلُ

يُرِيدُ قَطَرِيّاً وَذَا صِلةٌ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

إِليكُم، ذَوي آلِ النبيِّ، تَطَلَّعَتْ

نَوازِعُ مِنْ قَلْبِي ظِماءٌ وأَلْبُبُ

وَقَالَ آخَرُ:

إِذا مَا كُنْتُ مِثْلَ ذَوَي عُوَيْفٍ

ودِينارٍ فقامَ عَلَيَّ ناعِي

وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا كلمتُ فُلَانًا ذاتَ شَفَةٍ وَلَا ذاتَ فَمٍ أَي لَمْ أُكَلِّمه كَلِمة. وَيُقَالُ: لَا ذَا جَرَمَ وَلَا عَنْ ذَا جَرَمَ أَي لَا أَعلم ذاكَ هَاهُنا كَقَوْلِهِمْ لَاهَا اللهِ ذَا أَي لَا أَفعل ذَلِكَ، وَتَقُولُ: لَا وَالَّذِي لَا إِله إِلا هُوَ فإِنها تملأُ الفَمَ وتَقْطَعُ الدَّمَ لأَفْعَلَنَّ ذَلِكَ، وَتَقُولُ: لَا وَعَهْدِ اللَّهِ وعَقْدِه لا أَفعل ذلك.

‌تَفْسِيرُ إِذْ وإِذا وإِذَنْ مُنَوَّنةً

: قَالَ اللَّيْثُ: تَقُولُ الْعَرَبُ إِذْ لِمَا مضَى وإذا

إِذا لِمَا يُسْتَقْبَل الْوَقْتَيْنِ مِنَ الزمان، قال: وإذا

إِذا جَوَابُ تأْكيد لِلشَّرْطِ يُنوَّن فِي الِاتِّصَالِ وَيُسَكَّنُ فِي الْوَقْفِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَرَبُ تَضَعُ إِذ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَإِذَا

إِذا لِلْمَاضِي، قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا

؛ مَعْنَاهُ وَلَوْ تَرى إِذْ يَفْزَعُونَ يومَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنما جَازَ ذَلِكَ لأَنه كَالْوَاجِبِ إِذْ كَانَ لَا يُشَكُّ فِي مَجِيئِهِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ إِذا كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ؛ ويأْتي إِذَا

إِذا بِمَعْنَى إِن الشَّرْط كقولك أُكْرِمُك إذا

إِذا أَكْرَمْتَني، مَعْنَاهُ إِن أَكرمتني، وأَما إِذ الموصُولةُ بالأَوقات فإِن الْعَرَبَ تَصِلُهَا فِي الْكِتَابَةِ بِهَا فِي أَوْقات مَعْدُودة فِي حِينَئذ ويَومَئِذ ولَيْلَتَئِذ وغَداتَئِذ وعَشِيَّتَئِذ وساعَتَئِذ وعامَئِذٍ، وَلَمْ يَقُولُوا الآنَئِذٍ لأَن الْآنَ أَقرب ما يكون في

(1). قوله [والذئب مغبوط] في شرح القاموس: مضبوط.

ص: 461

الْحَالِ، فَلَمَّا لَمْ يتحوَّل هَذَا الاسمُ عَنْ وقتِ الحالِ وَلَمْ يتباعدْ عَنْ ساعَتِك الَّتِي أَنت فِيهَا لَمْ يَتَمَكَّنْ وَلِذَلِكَ نُصِبت فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَمَّا أَرادوا أَن يُباعِدوها ويُحوِّلوها مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ وَلَمْ تَنْقَدْ كَقَوْلِكَ أَن تَقُولُوا «1» الآنَئِذ، عَكَسُوا ليُعْرَفَ بِهَا وقتُ مَا تَباعَدَ مِنَ الْحَالِ فَقَالُوا حِينَئِذٍ، وَقَالُوا الْآنَ لساعَتِك فِي التَّقْرِيبِ، وَفِي الْبُعْدِ حِينَئِذٍ، ونُزِّل بِمَنْزِلَتِهَا الساعةُ وساعَتَئذ وَصَارَ فِي حَدِّهِمَا الْيَوْمُ وَيَوْمَئِذٍ، والحروفُ الَّتِي وَصَفْنَا عَلَى مِيزَانِ ذَلِكَ مخصوصةٌ بِتَوْقِيتٍ لَمْ يُخَصّ بِهِ سَائِرُ أَزْمَانِ الأَزمنة نَحْوُ لَقِيته سَنةَ خَرَجَ زَيْدٌ، ورأَيتُه شَهْرَ تَقَدَّم الحَجَّاجُ؛ وَكَقَوْلِهِ:

فِي شَهْرَ يَصْطادُ الغُلامُ الدُّخَّلا

فَمَنْ نَصَبَ شَهْرًا فإِنه يَجْعَلُ الإِضافة إِلى هَذَا الْكَلَامِ أَجمع كَمَا قَالُوا زَمَنَ الحَجَّاجُ أَميرٌ. قَالَ اللَّيْثُ: فإِنَّ. «2» .... إِذ بِكَلَامٍ يَكُونُ صِلَةً أَخرجتها مِنْ حَدِّ الإِضافة وَصَارَتِ الإِضافة إِلى قَوْلِكَ إِذ تَقُولُ، وَلَا تَكُونُ خَبَرًا كَقَوْلِهِ:

عَشِيَّةَ إِذْ تَقُولُ يُنَوِّلُوني

كَمَا كَانَتْ فِي الأَصل حَيْثُ جَعَلْتَ تَقُولُ صِلةً أَخرجتها مِنْ حَدِّ الإِضافة «3» وَصَارَتِ الإِضافة إِذ تَقُولُ جُمْلَةً. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ إِذْ صَبِيٌّ أَي هُو إِذْ ذَاكَ صَبِيٌّ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

نَهَيْتُك عَنْ طِلابِكَ أُمَّ عَمْرٍو

بِعافِيَةٍ، وأَنْتَ إِذٍ صَحِيحُ

قَالَ: وَقَدْ جَاءَ أَوانَئِذٍ فِي كَلَامِ هُذَيْلٍ؛ وأَنشد:

دَلَفْتُ لَهَا أَوانَئِذٍ بسَهْمٍ

نَحِيضٍ لَمْ تُخَوِّنْه الشُّرُوجُ

قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي إِذْ وإذا

إِذا: إِنما جَازَ لِلْمَاضِي أَن يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ إِذا وَقَعَ الْمَاضِي صِلَةً لِمُبْهَم غَيْرِ مُؤَقت، فجَرى مَجْرى قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ؛ مَعْنَاهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ ويَصُدُّون عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ؛ مَعْنَاهُ إِلا الَّذِينَ يَتُوبُونَ، قَالَ: وَيُقَالُ لَا تَضْرِب إِلا الَّذِي ضَرَبَك إِذا سَلَّمْتَ عَلَيْهِ، فتَجِيء بإِذا لأَنَّ الَّذِي غَيْرُ مُوَقت، فَلَوْ وَقَّته فَقَالَ اضْرِبْ هَذَا الَّذِي ضَرَبَك إِذ سلَّمْتَ عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ إِذا فِي هَذَا اللَّفْظِ لأَن تَوْقِيتَ الَّذِي أَبطل أَن يَكُونَ الْمَاضِي فِي مَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ: مَا هَلَكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَه، فإِذا جاؤوا بإِذا قَالُوا مَا هَلَكَ إِذا عَرَفَ قَدْرَه، لأَن الفِعل حَدَثٌ عَنْ مَنْكُورٍ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ، كأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يُرِيدُ مَا يَهْلِكُ كُلَّ امْرِئٍ إِذا عَرَف قَدْرَه وَمَتَى عَرَف قَدْرَهُ، وَلَوْ قَالَ إِذْ عَرَفَ قَدْرَهُ لَوَجَبَ تَوْقِيتُ الْخَبَرِ عَنْهُ وأَن يُقَالَ مَا هَلَك امْرُؤٌ إِذْ عرَف قَدْرَهُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ قَدْ كنتُ صَابِرًا إِذا ضَرَبْتَ وَقَدْ كنتُ صَابِرًا إِذ ضَربتَ، تَذهب بإِذا إِلى ترْدِيد الْفِعْلِ، تُريد قَدْ كنتُ صَابِرًا كلَّما ضَرَبْتَ، وَالَّذِي يَقُولُ إِذْ ضَرَبْتَ يَذْهَبُ إِلى وَقْتٍ وَاحِدٍ وإِلى ضَرْبٍ مَعْلُومٍ مَعْرُوفٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذْ إِذَا وَلِيَ فِعْلًا أَو اسْمًا لَيْسَ فِيهِ أَلف وَلَامٌ إِن كَانَ الْفِعْلُ مَاضِيًا أَو حَرْفًا مُتَحَرِّكًا فَالذَّالُ مِنْهَا سَاكِنَةٌ، فإِذا وَلِيَتِ اسْمًا بالأَلف وَاللَّامِ جُرَّت الذَّالُ كَقَوْلِكَ: إِذِ الْقَوْمُ كَانُوا نازِلينَ بكاظِمةَ، وإِذِ النَّاسُ مَن عَزَّ بَزَّ، وأَما إذا

إِذا فإِنها إِذا اتَّصَلَتْ

(1). قوله [كقولك أن تقولوا إلخ] كذا بالأصل، وقوله [أزمان الأزمنة] كذا به أيضاً.

(2)

. كذا بياض بالأصل.

(3)

. قوله [أَخْرَجْتَهَا مِنْ حَدِّ الْإِضَافَةِ إِلى قوله قال الفراء] كذا بالأصل.

ص: 462