المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يَرْفَعُها ليُعْرَف أَنَّه بائِعُ خَمْرٍ؛ وَيُقَالَ: بَلْ أَرادَ بِقَوْلِهِ غَايَةَ - لسان العرب - جـ ١٥

[ابن منظور]

الفصل: يَرْفَعُها ليُعْرَف أَنَّه بائِعُ خَمْرٍ؛ وَيُقَالَ: بَلْ أَرادَ بِقَوْلِهِ غَايَةَ

يَرْفَعُها ليُعْرَف أَنَّه بائِعُ خَمْرٍ؛ وَيُقَالَ: بَلْ أَرادَ بِقَوْلِهِ غَايَةَ تاجِرٍ أَنها غَايَة متاعِه فِي الجَودَةِ؛ قَالَ: وَمَنْ رَواه

غابَة

، بِالْبَاءِ، يُرِيدُ الأَجَمَة، شَبَّه كثْرَة الرِّماح فِي الْعَسْكَرِ بِهَا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُهُمْ رَوَى الْحَدِيثَ

فِي ثَمَانِينَ غَيَايَةً

، وَلَيْسَ ذَلِكَ بمحْفوظ وَلَا موضِعَ للغَياية هَاهُنَا. أَبو زَيْدٍ: غَيَّيْت للقَوم تَغْيِيّاً ورَيَّيْت لَهُمْ تَرْيِيّاً جَعَلْت لَهُمْ غَايَةً وَرَايَةً. وغَايَةُ الخَمَّارِ: رايتُه. وغَيّاها: عَمِلَها، وأَغْيَاها: نَصبَها. والغَايَة: القَصَبة الَّتِي يُصادُ بِهَا العَصافيرُ. والغَيَايَة: السَّحَابَةُ المُنْفَرِدَة، وَقِيلَ: الواقِفة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغيَايَةُ: ظِلُّ الشمسِ بالغَداةِ والعَشيِّ، وَقِيلَ: هُوَ ضَوْءُ شُعاعِ الشَّمْسِ وَلَيْسَ هُوَ نَفْسَ الشُّعاعِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

فتَدَلَّيْت عَلَيْهِ قافِلًا،

وَعَلَى الأَرضِ غَياياتُ الطَّفَلْ

وكلُّ مَا أَظَلَّك غَيَايَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَجِيءُ البَقَرة وآلُ عِمْران يومَ القيامَة كأَنَّهما غَمامَتان أَو غَيَايَتَان

؛ الأَصمعي: الغَيَايَة كُلُّ شيءٍ أَظَلَّ الإِنسانَ فَوْقَ رَأْسِهِ مثلُ السَّحَابَةِ والغَبَرة والظِّلِّ ونحوِه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ هِلالِ رَمَضَانَ:

فَإِنْ حالَتْ دُونَهُ غَيَايَةٌ

أَي سَحابَةٌ أَو قَتَرة. أَبو زَيْدٍ: نَزلَ الرجُلُ فِي غَيابَةٍ، بِالْبَاءِ أَي فِي هَبْطةٍ مِنَ الأَرض. والغَيَايَة، بِالْيَاءِ: ظِلُّ السَّحابة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَياءَةٌ. وَفِي حَدِيثِ

أُمّ زَرْعٍ: زَوْجي غَياياءُ طَباقاءُ

؛ كَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَي كأَنه فِي غَيايَةٍ أَبداً وظُلْمة لَا يَهْتَدِي إِلَى مَسْلَكٍ يَنْفُذُ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ قَدْ وصَفَتْه بثِقَلِ الرُّوحِ، وأَنه كالظِّلِّ المُتكاثِفِ المُظِلمِ الَّذِي لَا إشْراقَ فِيهِ. وَغَايَا القَوْمُ فَوْقَ رأْسِ فلانٍ بالسَّيفِ: كأَنهم أَظَلُّوه بِهِ. وكلُّ شيءٍ أَظَلَّ الإِنسانَ فَوْق رَأْسِه مِثْلُ السَّحابة والغَبَرة وَالظُّلْمَةِ ونحوِه فَهُوَ غَيَايَة. ابْنُ الأَعرابي: الغَيَايَة تكونُ مِنَ الطَّيرِ الَّذِي يُغَيِّي عَلَى رَأْسِك أَي يُرَفْرِفُ. وَيُقَالُ: أَغْيَا عَلَيْهِ السَّحاب بِمَعْنَى غَايَا إِذَا أَظَلّ عَلَيْهِ؛ وأَنشد:

أَرَبَّتْ بِهِ الأَرْواحُ بَعْدَ أَنيسِه،

وذُو حَوْمَل أَغْيا علَيْه وأَظْلَما

وتَغَايَتِ الطَّيْرُ عَلَى الشَّيْءِ: حامَتْ. وغَيَّتْ: رَفْرَفَتْ. والغَايَةُ: الطَّيْرُ المُرَفْرِفُ، وَهُوَ مِنْهُ. وتَغَايَوْا عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوه أَي جاؤوا مِنْ هُنا وهُنا. وَيُقَالُ: اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وتَغَايَوْا عَلَيْهِ فقَتلُوه، وَإِنِ اشْتُقَّ مِنَ الغاوِي قِيلَ تَغاوَوْا. وَغَيَايَةُ الْبِئْرِ: قَعْرُها مِثْلُ الغَيابَة. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ غَيَا: وَيُقَالُ فُلَانٌ لِغَيَّةٍ، وَهُوَ نَقِيض قَوْلِكَ لِرَشْدَةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَلا رُبَّ مَنْ يَغْتابُني وكأَنَّني

أَبوه الَّذِي يُدْعَى إِلَيْهِ ويُنْسَبُ

عَلَى رَشْدَةٍ مِنْ أَمْرِهِ أَو لِغَيَّةٍ،

فيَغْلِبُها فَحْلٌ عَلَى النَّسْلِ مُنْجِبُ

قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: يُروى رَشْدة وغَيَّة، بِفَتْحِ أَوّلهما وَكَسْرِهِ، والله أَعلم.

‌فصل الفاء

فأي: فَأَوْتُه بالعَصا: ضَرَبْتُه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ اللَّيْثُ: فَأَوْتُ رأْسه فَأْواً وفأَيْتُه فَأْياً إِذَا فَلَقته بالسَّيف، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبُكَ قِحْفَه حَتَّى يَنْفَرِجَ عَنِ الدِّمَاغِ. والانْفِيَاءُ: الانْفراج، وَمِنْهُ اشْتق اسْمُ

ص: 144

الفئةِ، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ. والفَأْوُ: الشَّق. فَأَوْتُ رأْسه فأْواً وفَأَيْتُه فانْفَأَى وتَفَأَّى وفَأَيْت القَدَح فَتَفَأَّى: صَدَعْتُه فَتَصَدَّع. وانْفَأَى القَدَح: انشقَّ. والفَأْو: الصَّدْع فِي الْجَبَلِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والفَأْوُ: مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَهُوَ أَيضاً الوَطِيءُ بَيْنَ الحَرَّتَيْن، وَقِيلَ: هِيَ الدَّارةُ مِنَ الرِّمال؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:

لَمْ يَرْعَها أَحَدٌ واكْتَمَّ رَوْضتَها

فَأْوٌ، مِنَ الأَرضِ، مَحْفُوفٌ بأَعلامِ

وَكُلُّهُ مِنَ الِانْشِقَاقِ وَالِانْفِرَاجِ. وَقَالَ الأَصمعي: الفَأْو بَطْنٌ مِنَ الأَرض تُطِيفُ بِهِ الرِّمَالُ يَكُونُ مُسْتطِيلًا وَغَيْرَ مُسْتَطِيلٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ فَأْواً لانْفِراج الْجِبَالِ عَنْهُ لأَن الانْفِيَاء الِانْفِتَاحُ والانْفِراج؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

راحَتْ مِنَ الخَرْجِ تَهْجِيراً فَمَا وَقَعَتْ

حَتَّى انْفَأَى الفَأْوُ، عَنْ أَعناقِها، سَحَرا

الْخَرْجُ: مَوْضِعٌ، يَعْنِي أَنها قَطعت الفأْوَ وَخَرَجَتْ مِنْهُ، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: الفَأْو اللَّيْلُ؛ حَكَاهُ أَبو لَيْلَى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. التَّهْذِيبَ فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ: حَتَّى انْفَأَى أَي انْكَشَفَ. والفَأْو فِي بَيْتِهِ أَيضاً: طَرِيقٌ بَيْنَ قَارَّتَيْنِ بِنَاحِيَةِ الدَّوّ بَيْنَهُمَا فَجٌّ وَاسِعٌ يُقَالُ لَهُ فَأْوُ الرَّيّان، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ مَرَرْتُ بِهِ. والفَأْوَى، مَقْصُورٌ: الفَيْشةُ؛ قَالَ:

وكُنْت أَقُولُ جُمْجُمةٌ، فأَضْحَوْا

هُمُ الفَأْوى وأَسْفَلُها قَفاها

والفِئَة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَالْجَمْعُ فِئَات وفِئُون عَلَى مَا يَطَّرِدُ فِي هَذَا النَّحْوِ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

تَرَى مِنْهُمْ جَماجِمَهم فِئينا

أَي فِرَقًا مُتَفَرِّقَةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ لأَن الفِئَة الْفِرْقَةُ مِنَ النَّاسِ، مِنْ فَأَوْت بِالْوَاوِ أَي فَرَّقْت وشَقَقْت. قال: وحكي فأَوْتُ فَأَواً وفَأْياً، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ فِئَةٌ مِنَ الْيَاءِ. التَّهْذِيبُ: والفِئة، بِوَزْنِ فِعة، الفِرقة مِنَ النَّاسِ، مِنْ فَأَيْت رَأْسَهُ أَي شَقَقْتُهُ، قَالَ: وَكَانَتْ فِي الأَصل فِئْوة بِوَزْنِ فِعْلَة فَنَقَصَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمر وَجَمَاعَتِهِ: لَمَّا رَجَعُوا مِنْ سَريَّتهم قَالَ لَهُمْ أَنَا فِئَتكم

؛ الفِئَة: الْفِرْقَةُ وَالْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ فِي الأَصل، وَالطَّائِفَةُ الَّتِي تُقيم وَرَاءَ الْجَيْشِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ خَوْفٌ أَو هَزِيمَةٌ التجأُوا إليهم.

فتا: الْفَتَاءُ: الشَّباب. والفَتَى والفَتِيَّةُ: الشابُّ والشابَّةُ، وَالْفِعْلُ فَتُوَ يَفْتُو فَتاء. وَيُقَالُ: افْعَلْ ذَلِكَ فِي فَتائِه. وَقَدْ فَتِيَ، بِالْكَسْرِ، يَفْتَى فَتًى فَهُوَ فَتِيُّ السنِّ بَيِّن الفَتاء، وَقَدْ وُلد لَهُ فِي فَتَاء سِنِّهِ أَولاد؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَتَاء، مَمْدُودٌ، مَصْدَرُ الفَتِيِّ؛ وأَنشد لِلرَّبِيعِ بْنِ ضَبْعٍ الْفَزَارِيِّ قَالَ:

إِذَا عاشَ الفَتَى مائتَينِ عَامًا،

فَقَدْ ذهَبَ اللَّذاذةُ والفَتَاء

فَقَصَرَ الْفَتَى فِي أَول الْبَيْتِ ومدَّ فِي آخِرِهِ، وَاسْتَعَارَهُ فِي النَّاسِ وَهُوَ مِنْ مَصَادِرَ الفَتِيِّ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَيُجْمَعُ الفَتَى فِتْياناً وفُتُوًّا، قَالَ: وَيُجْمَعُ الفَتِيُّ فِي السِّنِّ أَفْتَاء. الْجَوْهَرِيُّ: والأَفْتَاء مِنَ الدَّوَابِّ خِلَافُ المَسانِّ، وَاحِدُهَا فَتِيٌّ مِثْلُ يتِيم وأَيتام؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

وَيْلٌ بزَيْدٍ فَتىً شَيْخٍ أَلُوذُ بِهِ،

فَلَا أُعَشَّى لَدَى زَيْدٍ وَلَا أَرِدُ

ص: 145

فَسَّرَ فَتًى شَيْخٍ فَقَالَ أَي هُوَ فِي حَزْم الْمَشَايِخِ، وَالْجَمْعُ فتْيان وفِتْية وفِتْوة؛ الْوَاوُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وفُتُوٌّ وفُتِيٌّ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يَقُولُوا أَفْتَاء اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بفِتْيَة. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى الأَفْتَاء. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَيْسَ الفَتَى بِمَعْنَى الشَّابِّ والحَدَث إِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الْكَامِلِ الجَزْل مِنَ الرِّجَالِ، يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

إنَّ الفَتَى حَمّالُ كلِّ مُلِمَّةٍ،

ليسَ الفَتَى بمُنَعَّمِ الشُّبَان

قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:

قَد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتَى، ورِداؤُه

خَلَقٌ، وجَيْبُ قَمِيصِه مَرْقُوعُ

وَقَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:

مَا بَعدَ زَيْد فِي فَتَاةٍ فُرِّقُوا

قَتْلًا وسَبْياً، بَعدَ طُولِ تَآدي

فِي آلِ عَرْف لَوْ بَغَيْتَ لِي الأُسى،

لَوَجَدْتَ فِيهِمْ أُسوةَ العُوّادِ

فتَخَيَّرُوا الأَرضَ الفَضاءَ لِعِزِّهِمْ،

ويَزيدُ رافِدُهُمْ عَلَى الرُّفَّادِ

قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ خَطَبَ إِلَيْهِمْ بَعْضُ الْمُلُوكِ جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا أُم كَهْف فَلَمْ يُزوّجوه، فغَزاهم وأَجْلاهم مِنْ بِلَادِهِمْ وقَتَلهم؛ وَقَالَ أَبوها:

أَبَيْتُ أَبَيْتُ نِكاحَ المُلُوك،

كأَني امْرُؤٌ منْ تَمِيم بْنِ مُرّ

أَبَيْتُ اللِّئامَ وأَقْلِيهمُ،

وَهَلْ يُنْكِحُ العَبْدَ حُرُّ بْنُ حُرّ؟

وَقَدْ سَمَّاهُ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: خَطَبَ بَعْضُ الْمُلُوكِ إِلَى زَيْدِ بْنِ مَالِكٍ الأَصغر بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ الأَكبر أَو إِلَى بَعْضِ وَلَدِهِ ابْنَتَهُ يُقَالُ لَهَا أُم كَهْفٍ، قَالَ: وَزَيْدٌ هَاهُنَا قَبِيلَةٌ، والأُنثى فَتاة، وَالْجَمْعُ فَتَياتٌ. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ الْحَدَثَةِ فَتاة وَلِلْغُلَامِ فَتًى، وَتَصْغِيرُ الفَتَاة فُتَيَّةٌ، والفَتَى فُتَيٌّ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الفِتْوَان لُغَةٌ فِي الفِتْيَان، فالفُتُوَّة عَلَى هَذَا مِنَ الْوَاوِ لَا مِنَ الْيَاءِ، وَوَاوُهُ أَصل لَا مُنْقَلِبَةٌ، وَأَمَّا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ الفِتْيان فَوَاوُهُ مُنْقَلِبَةٌ، والفَتِيُّ كالفَتى، والأُنثى فَتِيَّة، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْجَمَلِ وَالنَّاقَةِ، يُقَالُ للبَكْرة مِنَ الإِبل فَتِيَّة، وَبَكْرٌ فَتِيٌّ، كَمَا يُقَالُ لِلْجَارِيَةِ فَتَاة وَلِلْغُلَامِ فَتًى، وَقِيلَ: هُوَ الشابُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ فِتَاء؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:

يَحْسَبُ الناظِرُونَ، مَا لَمْ يُفَرُّوا،

أَنها جِلَّةٌ وهُنَّ فِتَاء

وَالِاسْمُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الفُتُوّة، انْقَلَبَتِ الْيَاءُ فِيهِ وَاوًا عَلَى حَدِّ انْقِلَابِهَا فِي مُوقِن وكقَضُوَ؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: إِنَّمَا قُلِبَتِ الْيَاءُ فِيهِ وَاوًا لأَن أَكثر هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمَصَادِرِ عَلَى فُعولة، إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْوَاوِ كالأُخُوّة، فَحَمَلُوا مَا كَانَ مِنَ الْيَاءِ عَلَيْهِ فَلَزِمَتِ الْقَلْبَ، وَأَمَّا الفُتُوُّ فَشَاذٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَنه مِنَ الْيَاءِ، وَالْآخَرُ أَنه جَمْعٌ، وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ الْجَمْعِ تُقْلَبُ فِيهِ الْوَاوُ يَاءً كعِصِيّ وَلَكِنَّهُ حُمِلَ عَلَى مَصْدَرِهِ؛ قَالَ:

وفُتُوٌّ هَجَّرُوا ثُمَّ أَسْرَوا

لَيْلَهمْ، حَتَّى إِذَا انْجابَ حَلُّوا

وَقَالَ جَذِيمَةُ الأَبرش:

فِي فُتُوٍّ، أَنا رابِئهُمْ،

مِنْ كَلالِ غَزْوةٍ ماتُوا

وَلِفُلَانَةَ بِنْتٌ قَدْ تَفَتَّتْ أَي تَشَبَّهَتْ بالفَتَيات وَهِيَ

ص: 146

أَصغرهنَّ. وفُتِّيَت الجاريةُ تَفْتِيةً: مُنِعت مِنَ اللَّعِبِ مَعَ الصِّبيان والعَدْو مَعَهُمْ وخُدِّرت وسُتِرت فِي الْبَيْتِ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ تَفَتَّتِ الجاريةُ إِذَا راهَقت فخُدِّرت ومُنعت مِنَ اللَّعِبِ مَعَ الصِّبْيَانِ. وَقَوْلُهُمْ فِي حَدِيثِ

الْبُخَارِيِّ: الحَرْب أَوَّل مَا تَكُونُ فُتَيَّةٌ

، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ عَلَى التَّصْغِيرِ أَي شَابَّةٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَتِيَّةٌ، بِالْفَتْحِ. والفَتَى والفَتَاةُ: الْعَبْدُ والأَمة. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: لَا يَقولَنَّ أَحدُكم عَبْدِي وأَمتي وَلَكِنْ ليَقل فَتَايَ وفَتَاتِي

أَي غُلَامِي وَجَارِيَتِي، كأَنه كَرِهَ ذِكْرَ العُبودية لِغَيْرِ اللَّهِ، وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى صاحبَ مُوسَى، عليه السلام، الَّذِي صَحِبَهُ فِي الْبَحْرِ فَتاه فَقَالَ تَعَالَى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ

، قَالَ: لأَنه كَانَ يَخْدِمُهُ فِي سَفَرِهِ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ: آتِنا غَداءَنا. وَيُقَالُ فِي حَدِيثِ

عِمْرَانَ بْنِ حُصين: جَذَعَةٌ أَحبُّ إليَّ مِن هَرِمةٍ، اللَّهُ أَحقُّ بالفَتاء والكَرَم

؛ الفَتاء، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: الْمَصْدَرُ مِنَ الفَتى السِّنّ «3» . يُقَالُ: فَتِيٌّ بيِّن الفَتاء أَي طَرِيّ السِّنِّ، والكَرمُ الحُسن. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ

؛ المُحصناتُ: الْحَرَائِرُ، والفَتَيَاتُ: الإِماء. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ

؛ جَائِزٌ أَن يَكُونَا حَدَثين أَو شَيْخَيْنِ لأَنهم كَانُوا يُسَمُّونَ الْمَمْلُوكَ فَتًى. الْجَوْهَرِيُّ: الفَتَى السَّخِيُّ الْكَرِيمُ:. يُقَالُ: هُوَ فَتًى بَيِّن الفُتُوَّة، وَقَدْ تَفَتَّى وتَفَاتَى، وَالْجَمْعُ فِتْيَانٌ وفِتْيَة وفُتُوّ، عَلَى فُعُولٍ، وفُتِيٌّ مِثْلُ عُصِيّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَبدلوا الْوَاوَ فِي الْجَمْعِ وَالْمَصْدَرِ بَدَلًا شَاذًّا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَدَلُ فِي الْجَمْعِ قِيَاسٌ مِثْلُ عُصِيّ وقُفِيٍّ، وأَما الْمَصْدَرُ فَلَيْسَ قَلْبُ الْوَاوَيْنِ فِيهِ يَاءَيْنِ قِيَاسًا مُطَّرِدًا نَحْوَ عَتَا يَعْتُو عُتُوًّا وعُتِيّاً، وأَما إِبْدَالُ الْيَاءَيْنِ وَاوَيْنِ فِي مِثْلِ الفُتُوّ، وَقِيَاسُهُ الفُتِيّ، فَهُوَ شَاذٌّ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَتَى الْكَرِيمُ، هُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ فَتِيَ فَتًى وُصف بِهِ، فَقِيلَ رَجُلٌ فَتًى؛ قَالَ: وَيَدُلُّكَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُ لَيْلَى الأَخيلية:

فإنْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً فإِنَّكُمْ

فَتًى مَا قَتَلْتُم، آلَ عَوْفِ بنِ عَامِرِ

والفَتَيانِ: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. يُقَالُ: لَا أَفْعلُه مَا اختلفَ الفَتَيانِ، يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، كَمَا يُقَالُ مَا اختلفَ الأَجَدَّانِ والجَدِيدانِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

مَا لبِثَ الفَتَيانِ أَن عَصَفا بِهِمْ،

ولكُلِّ قُفْلٍ يَسَّرا مِفْتاحا

وأَفْتَاه فِي الأَمر: أَبانَه لَهُ. وأَفْتَى الرجلُ فِي المسأَلة واسْتَفْتَيْته فِيهَا فأَفْتَانِي إفْتَاء. وفُتًى «4» وفَتْوَى: اسْمَانِ يُوضَعَانِ مَوْضِعَ الإِفْتاء. وَيُقَالُ: أَفْتَيْت فُلَانًا رُؤْيَا رَآهَا إِذا عَبَّرْتَهَا لَهُ، وأَفْتَيْتُه فِي مسأَلته إِذا أَجبته عَنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن قَوْمًا تَفَاتَوا إِليه

؛ مَعْنَاهُ تَحَاكَمُوا إِليه وَارْتَفَعُوا إِليه فِي الفُتْيا. يُقَالُ: أَفْتَاه فِي المسأَلة يُفْتِيه إِذا أَجابه، وَالِاسْمُ الفَتْوَى؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

أَنِخْ بِفِناءِ أَشْدَقَ مِنْ عَدِيٍّ

وَمِنْ جَرْمٍ، وهُمْ أَهلُ التَّفَاتِي «5»

أَي التَّحاكُم وأَهل الإِفتاء. قَالَ: والفُتْيَا تبيين

(3). قوله [الفَتَى السن] كذا في الأصل وغير نسخة يوثق بها من النهاية.

(4)

. قوله [وفُتًى] كذا بالأصل ولعله محرف عن فتيا أو فتوى مضموم الأول.

(5)

. قوله [وهم أهل] في نسخة: ومن أهل.

ص: 147

الْمُشْكِلِ مِنَ الأَحكام، أَصله مِنَ الفَتَى وَهُوَ الشَّابُّ الْحَدَثُ الَّذِي شَبَّ وقَوِي، فكأَنه يُقَوّي مَا أَشكل بِبَيَانِهِ فيَشِبُّ وَيَصِيرُ فَتِيّاً قَوِيًّا، وأَصله مِنَ الفَتَى وَهُوَ الْحَدِيثُ السِّنِّ. وأَفْتَى الْمُفْتِي إِذا أَحدث حُكْمًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

الإِثْمُ مَا حَكَّ فِي صَدْرِكَ وإِن أَفْتَاك الناسُ عَنْهُ وأَفْتَوكَ

أَي وإِن جَعَلُوا لَكَ فِيهِ رُخْصة وجَوازاً. وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً

؛ أَي فاسْأَلهم سُؤَالَ تَقْرِيرٍ أَهم أَشد خَلْقًا أَمْ مَن خَلَقْنَا مِنَ الأُمم السَّالِفَةِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ

أَي يسأَلونك سؤالَ تَعَلُّم. الْهَرَوِيُّ: والتَّفَاتِي التَّخَاصُمُ، وأَنشد بَيْتَ الطِّرِمَّاحِ: وَهُمْ أَهل التَّفَاتِي. والفُتْيَا والفُتْوَى والفَتْوَى: مَا أَفتى بِهِ الْفَقِيهُ، الْفَتْحُ فِي الفَتْوَى لأَهل الْمَدِينَةِ. والمُفْتِي: مِكيال هِشَامِ بْنِ هُبَيْرَةَ؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا عَلَى أَلف أَفتى بِالْيَاءِ لِكَثْرَةِ ف ت ي وَقِلَّةِ ف ت و، وَمَعَ هَذَا إِنه لَازِمٌ، قَالَ: وَقَدْ قَدَّمْنَا أَن انْقِلَابَ الأَلف عَنِ الْيَاءِ لَامًا أَكثر. والفُتَيُّ: قَدَحُ الشُّطَّارِ. وَقَدْ أَفْتَى إِذا شَرِبَ بِهِ. والعُمَرِيّ: مِكيال اللَّبَنِ، قَالَ: وَالْمُدُّ الْهِشَامِيُّ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يتوضأُ بِهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ. وَرَوَى حَضَرُ بْنُ يَزِيدَ الرَّقاشِي عَنِ امرأَة مِنْ قَوْمِهِ أَنها حجَّت فمرَّت عَلَى أُمّ سَلَمَةَ فسأَلتها أَن تُرِيَها الإِناء الَّذِي كَانَ يتوضَّأُ مِنْهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فأَخْرجته فَقَالَتْ: هَذَا مَكُّوك المُفتِي، قَالَتْ: أَرِيني الإِناء الَّذِي كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْهُ، فأَخرجته فَقَالَتْ: هَذَا قَفِيزُ المُفْتِي؛ قَالَ الأَصمعي: المُفْتِي مِكيال هِشَامِ بْنِ هُبَيْرَةَ، أَرادت تَشْبِيهَ الإِناء بِمَكُّوكِ هِشَامٍ، أَو أَرادت مَكُّوكَ صَاحِبِ الْمُفْتِي فَحَذَفَتِ الْمُضَافَ أَو مَكُّوكَ الشَّارِبِ وَهُوَ مَا يُكَالُ بِهِ الْخَمْرُ. والفِتْيانُ: قَبيلة مِنْ بَجِيلة إِليهم يُنْسَبُ رِفاعةُ الفِتْيَانِي المحدّث، والله أَعلم.

فجا: الفَجْوَةُ والفُرْجَةُ: المُتَّسَع بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، تَقُولُ مِنْهُ: تَفَاجَى الشيءُ صَارَ لَهُ فَجْوَة. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:

كَانَ يَسيرُ العَنَقَ فإِذا وَجَد فَجْوَةً نَصَ

؛ الفَجْوَةُ: الْمَوْضِعُ الْمُتَّسِعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يُصَلِّينَّ أَحدكم وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبلة فَجْوَة

أَي لَا يَبْعُد مِنْ قِبْلَتِهِ وَلَا سُتْرَتِهِ لئلَّا يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحد. وفَجَا الشيءَ: فَتَحَه. والفَجْوَةُ فِي الْمَكَانِ: فَتْحٌ فِيهِ. شَمِرٌ: فَجَا بابَه يَفْجُوه إِذا فتحه، بلغة طيِء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَهُ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ؛ وأَنشد لِلطِّرِمَّاحِ:

كَحَبَّةِ السَّاجِ فَجَا بابَها

صُبْحٌ جَلا خُضْرة أَهْدامها

قَالَ: وَقَوْلُهُ فَجا بابَها يَعْنِي الصُّبْحَ، وأَما أَجافَ البابَ فَمَعْنَاهُ ردَّه، وَهُمَا ضِدَّانِ. وانْفَجَى القومُ عَنْ فُلَانٍ: انْفَرجوا عَنْهُ وَانْكَشَفُوا؛ وَقَالَ:

لَمَّا انْفَجَى الخَيْلانِ عَنْ مُصْعَبٍ،

أَدَّى إِليه قَرْضَ صاعٍ بِصَاعِ

والفَجْوةُ والفَجْواء، مَمْدُودٌ: مَا اتَّسع مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: مَا اتَّسَعَ مِنْهَا وَانْخَفَضَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ

؛ قَالَ الأَخفش: فِي سَعة، وَجَمْعُهُ فَجَوَات وفِجَاء، وَفَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ بأَنه مَا انْخفضَ مِنَ الأَرض وَاتَّسَعَ. وفَجْوَةُ الدَّارِ: سَاحَتُهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

أَلْبَسْتَ قَوْمَكَ مخْزاةً ومَنْقَصةً،

حتَّى أُبِيحُوا وحَلُّوا فَجْوَةَ الدَّارِ

وفَجْوَةُ الحافِر: مَا بَيْنَ الحَوامي. والفَجَا: تَباعُد مَا بَيْنَ الفَخِذين، وَقِيلَ: تَبَاعُدُ مَا

ص: 148

بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ وَتَبَاعُدُ مَا بَيْنَ السَّاقَيْنِ. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْبَعِيرِ تَباعُد مَا بَيْنَ عُرْقُوبَيْه، وَمِنَ الإِنسان تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، فَجِيَ فَجًى، فَهُوَ أَفْجَى، والأُنثى فَجْوَاء. وَقِيلَ: الفَجَا والفَحَجُ وَاحِدٌ. ابْنُ الأَعرابي: والأَفْجَى المُتباعِدُ الْفَخِذَيْنِ الشديدُ الفَحَجِ. وَيُقَالُ: بِفُلَانٍ فَجاً شَدِيدٌ إِذا كَانَ فِي رِجْلَيْهِ انْفِتَاحٌ، وَقَدْ فَجِيَ يَفْجَى فَجًى. ابْنُ سِيدَهْ: فَجِيَت النَّاقَةُ فَجاً عظُم بَطْنُهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، وَذَكَرَهُ الأَزهري مَهْمُوزًا وأَكده بأَن قَالَ: الفَجأُ مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ؛ عَنِ الأَصمعي. وَقَوْسٌ فَجْواءُ: بَانَ وَتَرُها عَنْ كَبِدها. وفَجاها يَفْجُوها فَجْواً: رَفَعَ وَتَرَها عَنْ كبِدها، وفَجِيَتْ هِيَ تَفْجَى فَجًى؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

لَا فَحَجٌ يُرى بِهَا وَلَا فَجَا،

إِذا حِجاجا كلِّ جَلْدٍ مَحَجا

وَقَدِ انْفَجَتْ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لِوَسَطِ الدَّارِ فَجْوَة؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:

تُفَجِّي خُمامَ الناسِ عَنَّا كأَنَّما

يُفَجِّيهمُ خَمٌّ، مِنَ النَّارِ، ثاقِب

مَعْنَاهُ تَدْفَع. ابْنُ الأَعرابي: أَفْجَى إِذا وَسَّع عَلَى عِياله في النفَقة.

فحا: الفَحَا والفِحَا، مَقْصُورٌ: أَبْزارُ القِدْر، بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا، وَالْفَتْحُ أَكثر، وَفِي الْمُحْكَمِ: الْبِزْرُ، قَالَ: وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْيَابِسَ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ أَفْحَاء. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَن أَكل فَحَا أَرْضِنا لَمْ يَضُرّه مَاؤُهَا

، يَعْنِي الْبَصَلُ؛ الفَحَا: تَوابِلُ القُدور كالفُلْفُل والكمُّون وَنَحْوِهِمَا، وَقِيلَ: هُوَ الْبَصَلُ. وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ: قَالَ لِقَوْمٍ قَدِموا عَلَيْهِ كُلُوا مِنْ فِحا أَرْضِنا فقَلَّ مَا أَكل قَوْمٌ مِنْ فِحا أَرض فضَرَّهم مَاؤُهَا

؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

كأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ

كلَّ مِدادٍ مِنْ فَحاً مَدْقُوقِ «6»

المِدادُ: جَمْعُ مُدّ الَّذِي يُكَالُ بِهِ، ويَبْرُدْنَ: يَخْلِطْنَ. وَيُقَالُ: فَحِّ قِدْرَك تَفْحِيَةً، وَقَدْ فَحَّيْتُها تَفْحِيَةً. والفَحْوَةُ: الشَّهْدةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وفَحْوَى القَوْل: مَعناه ولَحْنُه. والفَحْوَى: مَعْنَى مَا يُعرف مِنْ مَذهب الْكَلَامِ، وَجَمْعُهُ الأَفْحَاء. وعرَفت ذَلِكَ فِي فَحْوَى كَلامِه وفَحْوَائِه وفَحَوَائه وفُحَوَائِه أَي مِعراضِه ومَذْهَبِه، وكأَنه مِنْ فَحَّيْت القِدْر إِذا أَلْقَيْتَ الأَبزار، وَالْبَابُ كُلُّهُ بِفَتْحِ أَوله مِثْلُ الحَشا الطَّرَفِ مِنَ الأَطْراف، والغَفا وَالرَّحَى والوغَى والشَّوَى. وَهُوَ يُفَحِّي بِكَلَامِهِ إِلى كَذَا وَكَذَا أَي يَذْهَب. ابْنُ الأَعرابي: الفَحِيَّة الحَساء؛ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الفَحْيَةُ والفَحِيَّةُ والفَأْرةُ والفَئِيرَةُ والحَريرةُ: الحَسُوُّ الرَّقِيقُ.

فدى: فَدَيْتُه فِدًى وفِدَاءً وافْتَدَيْتُه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فلَوْ كانَ مَيْتٌ يُفْتَدَى، لَفَدَيْتُه،

بِمَا لَمْ تَكُنْ عَنْهُ النُّفُوسُ تَطِيبُ

وإِنه لَحَسَنُ الفِدْيَةِ. والمُفَادَاةُ: أَن تَدْفَعَ رَجُلًا وتأْخذ رَجُلًا. والفِدَاء: أَن تَشتريه، فَدَيْته بِمَالِي فِدَاءً وفَدَيْتُه بِنَفْسي. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:

وَإِنَّ يأْتُوكم أُسارى تَفْدُوهم

؛ قرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ أُسارى بأَلف،

تَفْدُوهم

بِغَيْرِ أَلف، وقرأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ أُسارى تُفادُوهُمْ

، بأَلف فِيهِمَا، وقرأَ حَمْزَةُ

أَسْرى

(6). قوله [كل مداد] كذا بالأصل هنا، وتقدم في م د د: كيل مداد، وكذا هو في شرح القاموس هنا.

ص: 149

تَفْدُوهم

، بِغَيْرِ أَلف فِيهِمَا؛ قَالَ أَبو مُعَاذٍ: مَنْ قرأَ

تَفدوهم

فَمَعْنَاهُ تَشتَرُوهم مِنَ العَدُوِّ وتُنْقِذوهم، وأَما تُفادُوهُمْ

فَيَكُونُ مَعْنَاهُ تُماكِسُون مَن هُمْ فِي أَيديهم فِي الثَّمَنِ ويُماكِسُونكم. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْوَزِيرُ ابن المعري فَدَى إِذا أَعطى مَالًا وأَخذ رَجُلًا، وأَفْدَى إِذا أَعطى رَجُلًا وأَخذ مَالًا، وفَادَى إِذا أَعطى رَجُلًا وأَخذ رَجُلًا، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الفِدَاء؛ الفِدَاء، بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ وَالْفَتْحِ مَعَ الْقَصْرِ: فَكاكُ الأَسير؛ يُقَالُ: فَدَاه يَفْدِيه فِدَاءً وفَدًى وفَادَاهُ يُفَادِيه مُفَادَاةً إِذا أَعطى فِداءه وأَنقذه. فَدَاه بِنَفْسِهِ وفَدَّاه إِذا قَالَ لَهُ: جُعلت فَداك. والفِدْيَةُ: الفِداء. وَرَوَى الأَزهري عَنْ نُصَير قَالَ: يُقَالُ فَادَيت الأَسِيرَ وفَادَيْتُ الأُسَارَى، قَالَ: هَكَذَا تَقُولُهُ الْعَرَبُ، وَيَقُولُونَ: فَدَيْتُه بأَبي وأُمي وفَدَيْتُه بِمَالِي كأَنه اشْتَرَيْتُهُ وخَلَّصتُه بِهِ إِذا لَمْ يَكُنْ أَسيراً، وإِذا كَانَ أَسيراً مَمْلُوكًا قُلْتَ فَادَيْته، وَكَانَ أَخي أَسيراً ففَادَيْته؛ كَذَا تَقُولُهُ الْعَرَبُ؛ وَقَالَ نُصَيب:

ولَكِنَّني فَادَيْتُ أُمِّي، بَعْدَ ما

عَلا الرأْسَ مِنْهَا كَبْرةٌ ومَشِيبُ

قَالَ: وإِذا قُلْتَ فَدَيت الأَسير فَهُوَ أَيضاً جَائِزٌ بِمَعْنَى فَدَيته مِمَّا كَانَ فِيهِ أَي خَلَّصْتُهُ مِنْهُ، وفَادَيْت أَحسن فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ

أَي جَعَلْنَا الذِّبح فِداء لَهُ وخَلَّصناه بِهِ مِنَ الذَّبح. الْجَوْهَرِيُّ: الفِداء إِذا كُسِرَ أَوله يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وإِذا فُتِحَ فَهُوَ مَقْصُورٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الْقَصْرِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

فِدًى لَكَ عَمِّي، إِنْ زَلِجْتَ، وَخَالِي

يُقَالُ: قُمْ: فِدًى لَكَ أَبي، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَكْسِرُ فِداءٍ، بِالتَّنْوِينِ، إِذا جَاوَرَ لَامَ الْجَرِّ خَاصَّةً فَيَقُولُ فِداءٍ لَكَ لأَنه نَكِرَةٌ، يُرِيدُونَ بِهِ مَعْنَى الدعاءِ؛ وأَنشد الأَصمعي لِلنَّابِغَةِ:

مَهْلًا فِدَاءٍ لَكَ الأَقْوامُ كُلُّهُمُ،

وَمَا أُثَمِّرُ مِنْ مَالٍ وَمِنْ وَلَدِ

وَيُقَالُ: فَدَاه وفَادَاه إِذا أَعطى فِداءَه فأَنْقَذه، وفَدَاه بِنَفْسِهِ وفَدَّاهُ يُفَدِّيه إِذا قَالَ لَهُ جُعِلت فَداك. وتَفَادَوا أَي فَدى بَعْضُهُمْ بعْضاً. وافْتَدَى مِنْهُ بِكَذَا وتَفَادَى فُلَانٌ مِنْ كَذَا إِذا تَحاماه وانزَوى عَنْهُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

مُرِمّين مِنْ لَيْثٍ عَليْه مَهابةٌ،

تَفَادَى اللُّيُوثُ الغُلْبُ مِنْهُ تَفَادِيا «1»

والفِدْيَة والفَدَى والفِدَاءُ كُلُّهُ بِمَعْنًى. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقْصُرُ الفِدَاء وَتَمُدُّهُ، يُقَالُ: هَذَا فِدَاؤُك وفِداك، وَرُبَّمَا فَتَحُوا الْفَاءَ إِذا قَصَرُوا فَقَالُوا فَداك، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ فَدًى لَكَ، فَيَفْتَحُ الْفَاءَ، وأَكثر الْكَلَامِ كَسْرُ أَولها وَمَدُّهَا؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ وعَنَى بالرَّبِّ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ:

فَدًى لَكَ مِنْ رَبٍّ طَريفِي وتالِدِي

قَالَ ابْنُ الأَنباري: فِدَاء إِذا كُسرت فاؤُه مُدَّ، وإِذا فُتِحَت قُصِرَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

مَهْلًا فِداءً لَكَ يَا فَضالَهْ،

أَجِرَّه الرُّمْحَ وَلَا تُهالَهْ

وأَنشد الأَصمعي:

فِدًى لَكَ والِدِي وفَدَتْكَ نَفْسِي

وَمَالِي، إِنه مِنكُم أَتاني

فَكَسَرَ وَقَصَرَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُ الشاعر:

(1). قوله [مرمين] هو من أرمّ القوم أَي سكتوا.

ص: 150

فاغْفِرْ فِداءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنا

قَالَ: إِطلاق هَذَا اللَّفْظِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى مَحْمُولٌ عَلَى الْمَجَازِ وَالِاسْتِعَارَةِ، لأَنه إِنما يُفْدَى مِنَ المَكارِه مَن تَلْحَقُهُ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْفِدَاءِ التَّعْظِيمَ والإِكبار لأَن الإِنسان لَا يُفَدِّي إِلا مَنْ يُعَظِّمُهُ فَيَبْذُل نَفْسَهُ لَهُ، وَيُرْوَى فداءٌ، بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالنَّصْبِ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

يَلْقَمُ لَقْماً ويُفَدِّي زادَه،

يَرْمِي بأَمْثال القَطا فُؤادَه

قَالَ: يُبْقِي زَادَهُ ويأْكل مِنْ مَالِ غَيْرِهِ؛ قَالَ وَمِثْلُهُ:

جَدْح جُوَيْنٍ مِنْ سَوِيقٍ لَيْسَ لَه

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ

؛ إِنما أَراد فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَو بِهِ أَذًى مِنْ رأْسه فحلَق فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ، فَحَذَفَ الْجُمْلَةَ مِنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ. وأَفْدَاه الأَسيرَ: قَبِلَ مِنْهُ فِدْيَته؛ وَمِنْهُ

قَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم، لِقُرَيْشٍ حِينَ أُسِرَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ والحَكَم بْنُ كَيْسان: لَا نُفْدِيكُمُوهما حَتَّى يَقْدَمَ صَاحِبَانَا

، يَعْنِي سعْد بْنَ أَبي وقَّاص وعُتْبةَ بْنَ غَزْوان. والفَدَاء، مَمْدُودٌ بِالْفَتْحِ: الأَنبار، وَهُوَ جَمَاعَةُ الطَّعَامِ مِنَ الشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ والبُر وَنَحْوِهِ. والفَدَاء: الكُدْس مِنَ البُر، وَقِيلَ: هُوَ مَسْطَحُ التَّمْرِ بِلُغَةِ عَبْدِ الْقَيْسِ؛ وأَنشد يَصِفُ قَرْيَةً بقلَّة الْمِيرَةِ:

كأَنَّ فَدَاءها، إِذ جَرَّدُوه

وطافُوا حَوْلَه، سُلَكٌ يَتِيمُ «1»

شَبَّهَ طَعَامَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ حِينَ جُمع بَعْدَ الحَصاد بسُلَك قَدْ مَاتَتْ أُمه فَهُوَ يَتِيمٌ، يُرِيدُ أَنه قَلِيلٌ حَقِيرٌ، وَيُرْوَى سُلَفٌ يَتِيمٌ، والسُّلَفُ: وَلَدُ الحَجل، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي جَمْعِهِ الأَفْدَاء، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ: التَّمْرُ الْمَجْمُوعُ. قَالَ شَمِرٌ: الفَدَاء والجُوخانُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَوْضِعُ التَّمْرِ الَّذِي يُيَبَّس فِيهِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ بَنِي مُجاشِع الفَدَاء التَّمْرُ مَا لَمْ يُكْنَز؛ وأَنشد:

مَنَحْتَني، مِنْ أَخْبَثِ الفَدَاءِ،

عُجْرَ النَّوَى قَليلَةَ اللِّحاءِ

ابْنُ الأَعرابي: أَفْدَى الرجلُ إِذا باعَ، وأَفْدَى إِذا عظُم بدنُه. وفَدَاء كُلِّ شَيْءٍ حَجْمه، وأَلفه يَاءٌ لِوُجُودِ ف د ي وَعَدَمِ ف د و. الأَزهري: قَالَ أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْهَاءِ وَالْفَاءِ إِذا تَعَاقَبَا: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا حدَّث بِحَدِيثٍ فعدَل عَنْهُ قَبْلَ أَن يَفْرُغ إِلى غَيْرِهِ خُذ عَلَى هِدْيَتِك وفِدْيَتِك أَي خُذ فِيمَا كُنْتَ فِيهِ وَلَا تَعْدِل عَنْهُ؛ هَكَذَا رَوَاهُ أَبو بَكْرٍ عَنْ شَمِرٍ وَقَيَّدَهُ فِي كِتَابِهِ بِالْقَافِ، وقِدْيَتُك، بِالْقَافِ، هُوَ الصواب.

فرا: الفَرْو والفَرْوَة: مَعْرُوفٌ الَّذِي يُلبس، وَالْجَمْعُ فِراء، فإِذا كَانَ الفَرْو «2» ذَا الجُبَّة فَاسْمُهَا الفَرْوَة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

إِذا التَفّ دُونَ الفَتاةِ الكَمِيع،

وَوَحْوَح ذُو الفَرْوَةِ الأَرْمَلُ

وأَورد بَعْضُهُمْ هَذَا الْبَيْتَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى الْفَرْوَةِ الوَفْضَة الَّتِي يَجْعَلُ فِيهَا السَّائِلُ صَدَقَتَهُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والفَرْوة إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا وَبَر أَو صُوفٌ لَمْ تُسَمَّ فَروة. وافْتَرَيْت فَرْواً: لَبِسته؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

يَقْلِبُ أُولاهُنَّ لَطْم الأَعْسرِ

قَلْبَ الخُراسانيِّ فَرْوَ المُفْترِي

(1). قوله [فداءها] هو بالفتح، وأَما ضبطه في حرد بالكسر فخطأ.

(2)

. قوله [فإذا كان الفرو إلخ] كذا بالأصل.

ص: 151

والفَرْوَة: جِلدة الرأْس. وفَرْوَة الرأْس: أَعْلاه، وَقِيلَ: هُوَ جِلْدَتُهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّعَرِ يَكُونُ للإِنسان وَغَيْرِهِ؛ قَالَ الرَّاعِي:

دَنِس الثِّياب كأَنَّ فَرْوَة رَأْسه

غُرِسَتْ، فأَنْبَت جَانِبَاهَا فُلْفُلا

والفَرْوَة، كالثَّروة فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ: وَهُوَ الْغِنَى، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن فَاءَهَا بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: وَسُئِلَ عَنْ حدِّ الأَمة فَقَالَ إِن الأَمَة أَلقت فَرْوَة رأْسِها مِنْ وَرَاءِ الدَّارِ

، وَرُوِيَ:

مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ

، أَراد قِناعها، وَقِيلَ خِمَارَهَا أَي لَيْسَ عَلَيْهَا قِنَاعٌ وَلَا حِجاب وأَنها تَخْرُجُ مُتَبَذِّلة إِلى كُلِّ مَوْضِعٍ تُرْسَل إِليه لَا تَقْدِر عَلَى الِامْتِنَاعِ، والأَصل فِي فَرْوَة الرأْس جِلْدَتُهُ بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الشَّعَرِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

إِنَّ الْكَافِرَ إِذا قُرِّبَ المُهْلُ مِن فِيهِ سَقَطَتْ فَرْوة وَجْهِهِ

أَي جِلْدَتُهُ، اسْتَعَارَهَا مِنَ الرأْس لِلْوَجْهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنه لَذُو ثَرْوة فِي الْمَالِ وفَرْوَة بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ. وَرُوِيَ عَنْ

عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ: اللَّهُمَّ إِني قَدْ مَلِلْتُهم ومَلُّوني وسَئِمْتُهم وسَئِمُوني فسَلِّط عَلَيْهِمْ فَتَى ثَقِيفٍ الذَّيَّالَ المَنَّانَ يَلْبَسُ فَرْوَتَها ويأْكل خَضِرَتَها

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد عَلِيٍّ، عليه السلام، أَن فَتَى ثَقِيفٍ إِذا وَلِيَ الْعِرَاقَ توسَّع فِي فَيْء الْمُسْلِمِينَ واستأْثر بِهِ وَلَمْ يَقْتَصِر عَلَى حِصَّتِهِ، وفَتَى ثَقِيفٍ: هُوَ الحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ، وَقِيلَ: إِنه وُلِدَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الَّتِي دَعَا فِيهَا عَلِيٌّ، عليه السلام، بِهَذَا الدُّعَاءِ وَهَذَا مِنَ الكَوائِن الَّتِي أَنبأَ بِهَا النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ بَعْدِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَتَمَتَّعُ بِنِعْمَتها لُبْساً وأَكلًا؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَعْنَاهُ يَلْبَسُ الدَّفيءَ اللَّيِّنَ مِنْ ثِيَابِهَا وَيَأْكُلُ الطريَّ النَّاعِمَ مِنْ طَعَامِهَا، فَضَرَبَ الفَرْوَة والخَضِرة لِذَلِكَ مَثَلًا، وَالضَّمِيرُ لِلدُّنْيَا. أَبو عَمْرٍو: الفَرْوَة الأَرض الْبَيْضَاءُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَبَاتٌ وَلَا فَرْش. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن الخَضِر، عليه السلام، جَلَسَ عَلَى فَرْوَة بَيْضَاءَ فَاهْتَزَّتْ تَحْتَهُ خَضْراء

؛ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَراد بالفَرْوَة الأَرضَ اليابسةَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَعْنِي الهَشيم الْيَابِسَ مِنَ النَّبات، شَبَّهَهُ بالفَروة. والفَروةُ: قِطْعَةُ نَبَاتٍ مُجْتَمِعَةٌ يَابِسَةٌ؛ وَقَالَ:

وهامةٍ فَرْوَتُها كالفَرْوَهْ

وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:

ثُمَّ بَسَطْتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً

، وَفِي أُخرى:

فَفَرَشْتُ لَهُ فَرْوَةً.

وَقِيلَ: أَراد بالفَرْوَة اللِّباس الْمَعْرُوفَ.

وفَرَى الشيءَ يَفْرِيه فَرْياً وفَرَّاه، كِلَاهُمَا: شقَّه وأَفسده، وأَفْرَاه أَصلحه، وَقِيلَ: أَمرَ بإِصلاحه كأَنه رَفَع عَنْهُ مَا لَحِقَهُ مِنْ آفَةِ الفَرْي وخَلَلِه. وتَفَرَّى جِلدُه وانْفَرَى: انشقَّ. وأَفْرَى أَوداجه بِالسَّيْفِ: شَقَّهَا. وَكُلُّ مَا شقَّه فَقَدْ أَفْرَاه وفَرَّاه؛ قَالَ عَدِي بْنُ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:

فصافَ يُفَرِّي جِلْدَه عَنْ سَراتِه،

يَبُذُّ الجِياد فارِهاً مُتتايِعا

أَي صافَ هَذَا الفَرسُ يَكَادُ يشُق جِلْدَهُ عَمَّا تَحْتَهُ مِنَ السِّمَن. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، حِينَ سُئِلَ عَنِ الذَّبِيحة بالعُود فَقَالَ: كلُّ مَا أَفْرَى الأَوْداجَ غَيْرَ مُثَرِّدٍ

أَي شقَّقها وَقَطَعَهَا فأَخرج مَا فِيهَا مِنَ الدَّمِ. يُقَالُ: أَفْرَيْت الثوبَ وأَفْرَيْت الحُلَّة إِذا شقَقْتَها وأَخرجت مَا فِيهَا، فإِذا قُلْتَ فَرَيْت، بِغَيْرِ أَلف، فإِن مَعْنَاهُ أَن تُقَدِّر الشَّيْءَ وتُعالجه وتُصلحه مِثْلُ النَّعْل تَحْذُوها أَو النِّطَع أَو القِرْبة وَنَحْوِ ذَلِكَ. يُقَالُ: فَرَيْت أَفْرِي فَرْياً، وَكَذَلِكَ فَرَيْت الأَرض إِذا سِرْتَهَا وَقَطَعْتَهَا. قَالَ:

ص: 152

وأَما أَفْرَيْت إِفْرَاء فَهُوَ مِنَ التَّشْقِيقِ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ. الأَصمعي: أَفْرَى الْجِلْدَ إِذا مَزَّقَه وخَرَقَه وأَفسده يُفْرِيه إِفْرَاء. وفَرَى الأَدِيمَ يَفْرِيه فَرْياً، وفَرَى المَزادة يَفْرِيها إِذا خَرَزَها وأَصلحها. والمَفْرِيَّةُ: المَزادة المَعْمُولة المُصْلَحة. وتَفَرَّى عَنْ فُلَانٍ ثَوْبُهُ إِذا تشقَّق. وَقَالَ اللَّيْثُ: تَفَرَّى خَرْز الْمَزَادَةِ إِذا تَشَقَّقَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ فَرَى أَوْداجَه وأَفْرَاها قَطَّعَهَا. قَالَ: وَالْمُتْقِنُونَ مِنْ أَهل اللُّغَةِ يَقُولُونَ فَرَى للإِفساد، وأَفْرَى للإِصلاح، وَمَعْنَاهُمَا الشِّقُّ، وَقِيلَ: أَفْرَاه شقَّه وأَفسده وَقَطَعَهُ، فإِذا أَردت أَنه قَدَّرَهُ وَقَطَعَهُ للإِصلاح قُلْتَ فَرَاه فَرْياً. الْجَوْهَرِيُّ: وأَفْرَيْت الأَوْداج قَطَعْتُهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:

إِذا انْتَحَى بِنابِه الهَذْهَاذِ،

فَرَى عُروقَ الوَدَجِ الغَواذِي

الْجَوْهَرِيُّ: فَرَيْت الشَّيْءَ أَفْرِيه فَرْياً قَطَعْتُهُ لأُصلحه، وفَرَيْت المَزادة خَلَقْتها وَصَنَعْتُهَا؛ وَقَالَ:

شَلَّتْ يَدا فَارِيةٍ فَرَتْها «1»

مَسْكَ شَبُوبٍ ثُمَّ وَفَّرَتْها،

لَوْ كانتِ الساقِيَ أَصْغَرَتْها

قَوْلُهُ: فَرَتْها أَي عَمِلَتها. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: أَفْرَيْت الأَديم قَطَعْتُهُ عَلَى جِهَةِ الإِفساد، وفَرَيْته قَطَعْتُهُ عَلَى جِهَةِ الإِصلاح. غَيْرُهُ: أَفْرَيْت الشَّيْءَ شَقَقْتُهُ فانْفَرَى وتَفَرَّى أَي انْشَقَّ. يُقَالُ: تَفَرَّى اللَّيْلُ عَنْ صُبْحِهِ، وَقَدْ أَفْرَى الذئبُ بطنَ الشاةِ، وأَفْرَى الجُرحَ يُفْرِيه إِذا بَطَّه. وجِلْد فَرِيٌّ: مَشْقُوق، وَكَذَلِكَ الفَرِيَّة، وَقِيلَ: الفَرِيَّة مِنَ القِرَب الْوَاسِعَةُ. ودلْو فَرِيٌّ: كَبِيرَةٌ وَاسِعَةٌ كأَنها شُقَّتْ؛ وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:

ولأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ، وَبَعْضُ

القَوْمِ يَخْلُقُ ثُم لَا يَفْرِي

مَعْنَاهُ تُنَفِّذُ مَا تَعْزِم عَلَيْهِ وتُقَدِّرُه، وَهُوَ مَثَلٌ. وَيُقَالُ لِلشُّجَاعِ: مَا يَفْرِي فَرِيَّه أَحد، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ رِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَفْرِي فَرْيَه، بِالتَّخْفِيفِ، وَمَنْ شَدَّد فَهُوَ غَلَطٌ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ حَادًّا فِي الأَمر قوِيّاً تَرَكْتُه يَفْرِي الفَرا «2» . ويَقُدُّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: تَرَكْتُهُ يَفْرِي الفَرِيَّ إِذا عَمِلَ العَمل أَو السَّقْي فأَجاد. وَقَالَ

النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، فِي عُمَرَ، رضي الله عنه، وَرَآهُ فِي مَنَامِهِ يَنْزِعُ عَنْ قَلِيب بغَرْب: فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيّاً يَفْرِي فَرِيَّه

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ كَقَوْلِكَ يعمَل عمَله وَيَقُولُ قَوْلَهُ ويقطَع قَطْعَهُ؛ قَالَ: وأَنشدنا الفراء لزُرارة بن صَعْب يُخاطب العامِرِيَّةَ:

قَدْ أَطْعَمَتْني دَقَلًا حَوْلِيّا

مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيَّا،

قَدْ كنتِ تَفْرِينَ بِهِ الفَرِيَّا

أَي كُنْتِ تُكْثِرِين فِيهِ القَول وتُعَظِّمِينه. يُقَالُ: فُلَانٌ يَفْرِي الفَرِيَّ إِذا كَانَ يأْتي بالعَجَب فِي عَمَلِهِ، وَرُوِيَ يَفْرِي فَرْيَه، بِسُكُونِ الرَّاءِ وَالتَّخْفِيفِ، وَحُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه أَنكر التَّثْقِيلَ وغلَّط قَائِلَهُ. وأَصل الفَرْي: القَطْع، وتقول العرب: تركته

(1). قوله [شلت يدا إلخ] بين الصاغاني خلل هذا الإنشاد في مادة صغر فقال وبعد الشطر الأول:

وعميت عين التي أرتها

أساءت الخرز وأنجلتها

أعارت الأشفى وقدرتها

مسك شبوب

إلخ وأبدل الساقي بالنازع.

(2)

. قوله [تركته يفري الفرا] كذا ضبط في الأصل والتكملة وعزاه فيها للفراء، وعليه ففيها لغتان

ص: 153

يَفْرِي الفَرِيَّ إِذا عَمِلَ الْعَمَلَ فأَجاده. وَفِي حَدِيثِ

حَسَّانَ: لأَفْرِيَنَّهم فَرْيَ الأَدِيم

أَي أُقَطِّعُهم بِالْهِجَاءِ كَمَا يُقَطَّع الأَدِيم، وَقَدْ يُكْنَى بِهِ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْقَتْلِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ غَزوة مُوتة:

فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يَفْرِي بِالْمُسْلِمِينَ

أَي يُبَالِغُ فِي النِّكاية وَالْقَتْلِ؛ وَحَدِيثُ

وَحْشِيٍّ: فرأَيت حَمْزَةَ يَفرِي النَّاسَ فَرْياً

، يَعْنِي يَوْمَ أُحد. وتَفَرَّت الأَرضُ بالعُيون: تَبَجَّسَتْ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

غِماراً تُفَرَّى بالسِّلاحِ وبالدَّمِ

وأَفْرَى الرجلَ: لَامَهُ. والفِرْيةُ: الْكَذِبُ. فَرَى كَذِبًا فَرْياً وافْتَرَاه: اخْتَلَقَهُ. وَرَجُلٌ فَرِيٌّ ومِفْرًى وإِنه لقَبِيح الفِرْية؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. اللَّيْثُ: يُقَالُ فَرَى فُلَانٌ الْكَذِبَ يَفْرِيه إِذا اخْتَلَقَهُ، والفِرْيَة مِنَ الْكَذِبِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: افْتَرَى الْكَذِبَ يَفْترِيه اخْتَلَقَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ*

؛ أَي اخْتَلَقَهُ. وفَرَى فُلَانٌ كَذَا إِذا خلَقَه، وافتَرَاه: اخْتَلَقَهُ، وَالِاسْمُ الفِرْيَة. وَفِي الْحَدِيثِ:

مِن أَفْرَى الفِرَى أَن يُرِيَ الرَّجلُ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيا

؛ الفِرَى: جَمْعُ فِرْيَة وَهِيَ الْكِذْبَةُ، وأَفْرَى أَفعل مِنْهُ لِلتَّفْضِيلِ أَي أَكْذَب الْكِذْبَاتِ أَن يَقُولَ: رأَيت فِي النَّوْمِ كَذَا وَكَذَا، وَلَمْ يَكُنْ رأَى شَيْئًا، لأَنه كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فإِنه هُوَ الَّذِي يُرْسِل ملَك الرُّؤْيَا لِيُرِيَهُ الْمَنَامَ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: فَقَدْ أَعظم الفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ

أَي الكَذِب. وَفِي حَدِيثِ بَيْعة النِّسَاءِ:

وَلَا يأْتِين ببُهتانٍ يَفْتَرِينه

؛ هُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الْكَذِبِ. أَبو زَيْدٍ: فَرَى البَرْقُ يَفْرِي فَرْياً وَهُوَ تَلأْلُؤه وَدَوَامُهُ فِي السَّمَاءِ. والفَرِيُّ: الأَمر الْعَظِيمُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ: لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الفَرِيُّ الأَمر الْعَظِيمُ أَي جِئْتَ شَيْئًا عَظِيمًا، وَقِيلَ: جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا

أَي مَصْنُوعًا مخْتلَقاً، وَفُلَانٌ يَفْرِي الفَرِيَّ إِذا كَانَ يأْتي بِالْعَجَبِ فِي عَمَلِهِ. وفَرِيتُ: دَهِشْتُ وحِرْتُ؛ قَالَ الأَعلم الْهُذَلِيُّ:

وفَرِيتُ مِنْ جَزَعٍ فَلَا أَرْمِي،

وَلَا وَدّعْتُ صاحِبْ

أَبو عُبَيْدٍ: فَرِيَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، يَفْرَى فَرًى، مَقْصُورٌ، إِذَا بُهِتَ ودَهِشَ وتَحَيَّر. قَالَ الأَصمعي: فَرِيَ يَفْرى إِذَا نَظَرَ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَع. والفَرْيَة: الجَلَبة. وفرو

فَرْوَة وفرو

فَرْوَان: اسْمان.

فسا: الفَسْو: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ الفُسَاء «3» . وفَسا فَسْوَة وَاحِدَةً وفَسَا يَفْسو فَسْواً وفُسَاء، وَالِاسْمُ الفُساء، بِالْمَدِّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

إِذَا تَعَشَّوْا بَصَلًا وخَلًّا،

يأْتُوا يَسُلُّون الفُسَاءَ سَلًّا

وَرَجُلٌ فَسَّاء وفَسُوٌّ: كَثِيرُ الفَسْو. قَالَ ثَعْلَبٌ: قِيلَ لِامْرَأَةٍ أَيُّ الرِّجَالِ أَبغض إِلَيْكِ؟ قَالَتْ: العَثِنُ «4» النَّزَّاء الْقَصِيرُ الفَسّاء الَّذِي يَضْحَك فِي بَيْتِ جَارِهِ وَإِذَا أَوى بَيْتَهُ وَجَم؛ الشَّدِيدُ الحَمْل «5» قَالَ أَبو ذُبيان ابْنُ الرَّعْبل: أَبغض الشُّيُوخِ إلىَّ الأَقْلح الأَمْلَح الحَسُوُّ الفَسُوُّ. وَيُقَالُ للخُنْفساء: الفَسَّاءَة، لنَتْنها. وَفِي الْمَثَلِ: مَا أَقرَبَ مَحْساه مِنْ مَفْسَاه. وَفِي الْمَثَلِ: أَفحش مِنْ فَاسِيَةٍ، وَهِيَ الْخُنْفُسَاءُ تَفْسو فتُنْتِنُ الْقَوْمَ بخُبث رِيحها، وَهِيَ الفَاسِيَاء أَيضاً. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَفْسَى مِنَ الظَّرِبان، وَهِيَ دابة تجيء إلى حُجر الضَّبِّ فَتَضَعُ قَبَّ اسْتِهَا عِنْدَ فَم الجُحر فَلَا تَزَالُ تَفُسُو حَتَّى تَسْتَخْرِجه، وتصغير

(3). قوله [والجمع الفُسَاء] كذا ضبط في الأصل ولعله بكسر الفاء كدلو ودلاء.

(4)

. قوله [العثن] كذا في الأصل مضبوطاً ولعله العبنّ أو العتن كفرح أو غير ذلك

(5)

. قوله: [الشديد الحمل]؛ هكذا في الأَصل

ص: 154

الفَسْوَة فُسَيَّة. وَيُقَالُ: أَفْسَى مِنْ نِمس وَهِيَ دُويْبَّة كَثِيرَةُ الفُسَاء. ابْنُ الأَعرابي: قَالَ نُفَيع بْنُ مُجاشع لِبِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ يُسابُّه يَا ابْنَ زَرَّة وَكَانَتْ أُمه أَمة وَهَبَهَا لَهُ الحجاج، وقال: وَمَا تَعِيب مِنْهَا؟ كَانَتْ بِنْتَ مَلِك وحِباء مَلِك حبَا بِهَا مَلِكًا قَالَ: أَما عَلَى ذَلِكَ لَقَدْ كَانَتْ فَسَّاءً أَدَمُّها وَجْهُهَا وأَعظمها رَكَبُها قَالَ: ذَلِكَ أعْطِيةُ اللَّهِ، قَالَ: والفَسَّاء والبَزْخاء وَاحِدٌ، قَالَ: والانْبِزاخُ انْبِزَاخُ مَا بَيْنَ وِرْكَيْهَا وَخُرُوجُ أَسفل بَطْنِهَا وَسُرَّتِهَا؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:

بِكْراً عَواساءَ تَفاسى مُقْرِبا

قَالَ: تَفَاسَى تُخرج استَها، وتَبازى تَرْفَعُ أَليَتَيْها. وَحُكِيَ عَنِ الأَصمعي أَنَّهُ قَالَ: تَفَاسأَ الرَّجُلُ تَفَاسُؤاً، بالهمزة، إِذَا أَخرج ظَهْرَهُ، وأَنشد هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَهْمِزْهُ. وتَفَاسَتِ الخنفساءُ إِذَا أَخرجت اسْتَهَا كَذَلِكَ. وتَفَاسَى الرَّجُلُ: أَخرج عَجِيزَتَهُ. والفَسْوُ والفُساة: حَيٌّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ. التَّهْذِيبُ: وَعَبْدُ الْقَيْسِ يُقَالُ لَهُمُ الفُسَاة يُعْرَفُونَ بِهَذَا. غَيْرُهُ: الفَسْوُ نَبْزُ حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ جَاءَ مِنْهُمْ رَجُلٌ ببُردَيْ حِبَرة إِلَى سُوقِ عُكاظ فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِي مِنَّا الفَسْوَ بِهَذَيْنِ البُردين؟ فَقَامَ شَيْخٌ مِنْ مَهْوٍ فارْتَدى بأَحدهما وأْتَزر بِالْآخَرِ، وَهُوَ مُشْتَرِي الْفَسْوَ بِبُرْدَيْ حِبرة، وَضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ فَقِيلَ أَخْيَبُ صَفْقةً مِنْ شَيْخِ مَهْوٍ، وَاسْمُ هَذَا الشَّيْخِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَيْذَرة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

يَا مَنْ رَأَى كصَفْقَةِ ابْنِ بَيْذَرهْ

مِن صَفْقةٍ خاسِرةٍ مُخَسِّرهْ،

المُشْتَري الفَسْوَ ببُردَي حِبَرَه

وفَسَوَاتُ الضِّباع: ضَرْب مِنَ الكَمْأَة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ القَعْبَلُ مِنَ الكمأَة، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: فَسْوَةُ الضَّبُعِ شَجَرَةٌ تَحْمِلُ مِثْلَ الخَشْخاش لَا يُتحصل مِنْهُ شَيْءٌ. وَفِي حَدِيثِ

شُرَيْحٍ: سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطلِّق المرأَة ثم يَرْتَجِعها فيَكْتُمها رَجْعتها حتَى تَنقضيَ عِدَّتُها، وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إِلَّا فَسوة الضَّبُعِ

أَي لَا طَائِلَ لَهُ فِي ادِّعَاءِ الرَّجْعَةِ بَعْدَ انقِضاء العدَّة، وَإِنَّمَا خَصَّ الضَّبُعَ لحُمْقها وخُبْثها، وَقِيلَ: هِيَ شَجَرَةٌ تَحْمِلُ الْخَشْخَاشَ لَيْسَ فِي ثَمَرِهَا كَبِيرُ طَائِلٍ؛ وَقَالَ صَاحِبُ الْمِنْهَاجِ فِي الطِّبِّ: هِيَ القَعْبل وَهُوَ نَبَاتٌ كَرِيهُ الرَّائِحَةِ لَهُ رَأْسٌ يُطبخ وَيُؤْكَلُ بِاللَّبَنِ، وَإِذَا يَبِسَ خَرَجَ مِنْهُ مِثْلُ الوَرْس. وَرَجُلٌ فَسَوِيٌّ: مَنْسُوبٌ إِلَى فَسَا، بَلَدٌ بِفَارِسَ. وَرَجُلٌ فَسَاسارِيٌّ عَلَى غَيْرِ قياس.

فشا: فَشا خَبَرُه يَفْشُو فُشُوًّا وفُشِيًّا: انْتَشَرَ وذاعَ، كَذَلِكَ فَشَا فَضْلُه وعُرْفُه وأَفْشَاه هُوَ؛ قَالَ:

إنَّ ابنَ زَيْدٍ لَا زالَ مُسْتَعْملًا

بالخَيْرِ يُفْشي فِي مِصْرِه العُرُفا

وَفَشَا الشيءُ يَفْشُو فُشوًّا إِذَا ظَهَرَ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ إفْشَاء السِّرِّ. وَقَدْ تَفَشَّى الحِبرُ إِذَا كُتب عَلَى كاغَد رَقِيقٍ فتمشَّى فِيهِ. وَيُقَالُ: تَفَشَّى بِهِمُ الْمَرَضُ وتَفَشَّاهم الْمَرَضُ إِذَا عَمَّهم؛ وأَنشد:

تَفَشَّى بإخْوانِ الثِّقاتِ فعَمَّهم،

فأَسْكَتُّ عَنِّي المُعْوِلاتِ البَواكيا

وَفِي حَدِيثِ الْخَاتَمِ:

فَلَمَّا رَآهُ أَصحابه قَدْ تخَتَّم بِهِ فَشَت خَوَاتِيمُ الذَّهَبِ

أَي كَثُرَتْ وَانْتَشَرَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَفْشَى اللهُ ضَيْعَته

أَي كثَّر عَلَيْهِ معاشَه ليَشْغَلَه عَنِ الْآخِرَةِ، وَرُوِيَ:

أَفْسدَ اللَّهُ ضَيْعَته

، رَوَاهُ الْهَرَوِيُّ كَذَلِكَ فِي حَرْفِ الضَّادِ، وَالْمَعْرُوفُ الْمَرْوِيُّ أَفْشى. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: وآيةُ ذَلِكَ

ص: 155

أَن تَفْشُوَ الْفَاقَةُ.

والفَوَاشِي: كُلُّ شَيْءٍ مُنْتَشر مِنَ الْمَالِ كَالْغَنَمِ السَّائِمَةِ والإِبل وَغَيْرِهَا لأَنها تَفْشُو أَي تَنْتَشِرُ فِي الْأَرْضِ، وَاحِدَتُهَا فَاشِيَةٌ. وَفِي حَدِيثِ هَوازِن:

لمَّا انْهَزَمُوا قَالُوا الرأْيُ أَن نُدْخِلَ فِي الحِصْنِ ما قَدَرنا عليه مِنْ فَاشِيَتِنَا

أَي مَواشِينا. وتَفَشَّى الشَّيْءُ أَيِ اتَّسَعَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنِّي لأَحفظ فُلَانًا فِي فَاشَيْته، وَهُوَ مَا انْتَشَرَ مِنْ مَالِهِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَغَيْرِهَا. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: ضُمُّوا فَواشِيَكم بِاللَّيْلِ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمةُ العِشاء.

وأَفْشَى الرَّجُلُ إِذَا كَثُرَتْ فَوَاشِيه. ابْنُ الأَعرابي: أَفْشَى الرَّجُلُ وأَمْشى وأَوْشى إِذَا كَثُرَ مَالُهُ، وَهُوَ الفَشَاء والمَشاء، مَمْدُودٌ. اللَّيْثُ: يُقَالُ فَشَتْ عَلَيْهِ أُموره إِذَا انْتَشَرَتْ فَلَمْ يَدْرِ بأَيِّ ذَلِكَ يأْخذ، وأَفْشَيْته أَنا. والفَشَاء، مَمْدُودٌ: تَناسل الْمَالِ وَكَثْرَتُهُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَتِهِ حِينَئِذٍ وَانْتِشَارِهِ. وَقَدْ أَفْشَى الْقَوْمُ. وتَفَشَّتِ القَرحة: اتَّسَعَتْ وأَرِضَتْ. وتَفَشَّاهم المَرَض وتَفَشَّى بِهِمْ: انْتَشَرَ فِيهِمْ. وإِذا نِمت مِنَ اللَّيْلِ نَوْمة ثُمَّ قُمْتَ فَتِلْكَ الفَاشِيَةُ. والفَشَيَانُ: الغَثْية «1» الَّتِي تَعْتَرِي الإِنسان، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ تَاسَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَشْوَةُ قُفَّة يَكُونُ فِيهَا طِيب المرأَة؛ قَالَ أَبو الأَسود العِجْلي:

لَهَا فَشْوَةٌ فِيها مَلابٌ وزِئْبَقٌ،

إِذا عَزَبٌ أَسْرَى إِليها تَطَيَّبا

فصي: فَصى الشيءَ مِنَ الشَّيْءِ فَصْياً: فَصَله. وفَصْيَةُ مَا بَيْنَ الحَرّ وَالْبَرْدِ: سَكْتة بَيْنَهُمَا مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ مِنْهُ: ليلةُ فُصْيَةٍ وليلةٌ فُصْيَةٌ، مُضَافٌ وَغَيْرُ مُضَافٍ. ابْنُ بُزُرْج: اليومُ فُصْيةٌ «2» واليومُ يومُ فُصْيةٍ، وَلَا يَكُونُ فُصْية صِفَةً، وَيُقَالُ: يومٌ مُفْصٍ صِفَةٌ، قَالَ: والطَّلْقة تَجْري مَجْرى الفُصْية وَتَكُونُ وَصْفًا لِلَّيْلَةِ كَمَا تَقُولُ يومٌ طَلْقٌ. وأَفْصى الْحَرُّ: خَرَجَ، وَلَا يُقَالُ فِي الْبَرْدِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَفْصَى عنكَ الشِّتَاءُ وَسَقَطَ عَنْكَ الْحَرُّ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَمِنْ أَمثالهم فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي غَمٍّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَفْصَى عَلَيْنَا الشِّتَاءُ. أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ اتَّقُوا الفَصْيَة، وَهُوَ خُرُوجٌ مِنْ بَرْدٍ إِلى حَرٍّ وَمِنْ حَرٍّ إِلى بَرْدٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: كُلُّ شَيْءٍ لَازِقٍ فخلَّصته قُلْتَ هَذَا قَدِ انْفَصَى. وأَفْصَى الْمَطَرُ: أَقْلَع. وتَفَصَّى اللحمُ عَنِ الْعَظْمِ وانْفَصَى: انْفَسَخَ. وفَصَى اللَّحْمُ عَنِ الْعَظْمِ وفَصَّيْتُه مِنْهُ تَفْصِية إِذا خلَّصته مِنْهُ، وَاللَّحْمُ المُتهرّي ينْفَصي عَنِ الْعَظْمِ، والإِنسان يَنْفَصِي مِنَ الْبَلِيَّةِ. وتَفَصَّى الإِنسانُ إِذا تخلَّص مِنَ الضِّيقِ وَالْبَلِيَّةِ. وتَفَصَّى مِنَ الشَّيْءِ: تَخَلَّصَ، وَالِاسْمُ الفَصْيَة، بِالتَّسْكِينِ. وَفِي حَدِيثِ

قَيلة بِنْتِ مَخْرمة: أَن جُوَيْرية مِنْ بَنَاتِ أُختها حُدَيْباء قَالَتْ، حِينَ انْتَفَجَت الأَرنب وَهُمَا تَسيرانِ: الفَصْيَة، وَاللَّهِ لَا يَزَالُ كَعبكِ عَالِيًا

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تَفَاءَلَتْ بِانْتِفَاجِ الأَرنب فأَرادت بالفَصْيَة أَنها خَرَجَتْ مِنَ الضِّيقِ إِلَى السَّعَةِ؛ وَمِنْ هَذَا حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه ذَكَرَ الْقُرْآنَ فَقَالَ: هُوَ أَشد تفَصِّياً مِنْ قُلُوبِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَم مِنْ عُقُلِها

أَي أَشدّ تَفَلُّتاً وَخُرُوجًا. وأَصل التَّفَصِّي: أَن يَكُونَ الشَّيْءُ فِي مَضِيقٍ ثُمَّ يَخْرُجَ إِلى غَيْرِهِ. ابْنُ الأَعرابي: أَفْصَى إِذا تَخَلَّصَ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَصل الفَصْيَة الشَّيْءُ تَكُونُ فِيهِ ثُمَّ تخرج

(1). قوله [والفَشَيَان الغثية] ضبط الفشيان في التكملة والأصل والتهذيب بهذا الضبط، واغتروا بإطلاق المجد فضبطوه في بعض النسخ بالفتح. وأما الغثية فهي عبارة الأصل والتهذيب أيضا ولكن الذي في القاموس والتكملة بالشين المعجمة بدل المثلثة.

(2)

. قوله [فصية] ضبط في الأصل بالضم كما ترى وفي المحكم أيضاً، وضبط في القاموس بالفتح.

ص: 156

مِنْهُ، فكأَنها أَرادت أَنها كَانَتْ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ مِنْ قِبَلِ عَمِّ بَنَاتِهَا، فَخَرَجَتْ مِنْهُ إِلى السَّعَةِ وَالرَّخَاءِ، وإِنما تفاءَلت بِانْتِفَاجِ الأَرنب. وَيُقَالُ: مَا كِدْتُ أَتَفَصَّى مِنْ فُلَانٍ أَي مَا كِدْتُ أَتخلص مِنْهُ. وتَفَصَّيْتُ مِنَ الدُّيُونِ إِذا خَرَجْتَ مِنْهَا وَتَخَلَّصْتَ. وتفَصَّيت مِنَ الأَمر تَفَصِّياً إِذا خَرَجْتَ مِنْهُ وَتَخَلَّصْتَ. والفَصَى: حَبُّ الزَّبِيبِ، وَاحِدَتُهُ فَصاة؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ:

فَصًى مِنْ فَصى العُنْجُد

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا جَمِيعُ مَا أَنشده مِنْ هَذَا الْبَيْتِ. وأَفْصَى: اسْمُ رَجُلٍ. التَّهْذِيبُ: أَفْصَى اسْمُ أَبي ثَقِيف وَاسْمُ أَبي عَبْدِ الْقَيْسِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُمَا أَفْصَيان أَفْصى بْنِ دُعْمي بْنِ جَديلة بْنِ أَسد بْنِ رَبِيعَةَ، وأَفْصَى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسد بْنِ رَبِيعَةَ. وَبَنُو فُصَيَّة: بطن.

فضا: الفَضَاءُ: الْمَكَانُ الْوَاسِعُ مِنَ الأَرض، وَالْفِعْلُ فَضا يَفْضُو فُضُوّاً «1» فَهُوَ فَاضٍ؛ قال رؤبة:

أَفْرَخَ فَيْضُ بَيْضِها المُنْقاضِ،

عَنكُم، كِراماً بالمَقام الفَاضِي

وَقَدْ فَضَا المكانُ وأَفْضَى إِذا اتَّسَعَ. وأَفْضَى فلانٌ إِلى فُلَانٍ أَي وَصَل إِليه، وَأَصْلُهُ أَنه صَارَ فِي فُرْجَته وفَضائه وحَيِّزه؛ قَالَ ثَعْلَبُ بْنُ عُبَيْدٍ يَصِفُ نَحْلًا:

شَتَتْ كثَّةَ الأَوْبارِ لَا القُرَّ تتَّقي،

وَلَا الذِّئْب تَخْشى، وَهْيَ بالبَلدِ المُفْضِي

أَي العَراء الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ، وأَفْضَى إِليه الأَمْرُ كَذَلِكَ. وأَفْضَى الرَّجُلُ: دَخَلَ عَلَى أَهله. وأَفْضى إِلى المرأَة: غَشِيها، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذا خَلَا بِهَا فَقَدْ أَفْضَى، غَشِيَ أَو لَمْ يَغْشَ، والإِفضاء فِي الْحَقِيقَةِ الِانْتِهَاءُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ

؛ أَي انْتَهى وأَوى، عدَّاه بإِلى لأَن فِيهِ مَعْنَى وصَل، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ. ومَرَة مُفْضَاة: مَجْمُوعَةُ المَسْلَكين. وأَفْضَى المرأَةَ فَهِيَ مُفْضَاة إِذا جامَعها فجعلَ مَسْلَكَيْها مَسْلَكاً وَاحِدًا كأَفاضها، وَهِيَ المُفْضَاة مِنَ النِّسَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَفْضَى الرجلُ إِلى امرأَته باشَرها وَجَامَعَهَا. والمُفْضَاةُ: الشَّريمُ. وأَلقى ثَوبه فَضاً: لَمْ يُودعْه. وَفِي

حَدِيثِ دُعائه لِلنَّابِغَةِ: لَا يُفْضِي اللهُ فَاكَ

؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَمَعْنَاهُ أَن لَا يَجْعَلَهُ فَضاء لَا سنَّ فِيهِ. والفَضَاء: الْخَالِي الْفَارِغُ الْوَاسِعُ مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ:

ضَرَبَهُ بِمرْضَافَةٍ وسَط رأْسه حَتَّى يُفْضِيَ كلُّ شَيْءٍ مِنْهُ

أَي يَصِيرَ فَضاء. والفَضَاء: الساحةُ وَمَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض. يُقَالُ: أَفْضَيت إِذا خَرَجْتَ إِلى الْفَضَاءِ. وأَفْضَيْت إِلى فُلَانٍ بِسِرِّي. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ لَا يُفْضِ اللهُ فَاكَ مِنْ أَفْضَيْت. قَالَ: والإِفْضَاء أَن تَسقط ثَنَايَاهُ مِنْ فَوْقُ وَمِنْ تَحْتُ وَكُلُّ أَضراسه؛ حَكَاهُ شَمِرٌ عَنْهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَنْ هَذَا إِفْضَاء المرأَة إِذا انْقَطَعَ الحِتار الَّذِي بَيْنَ مَسْلَكَيْهَا؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ:

ومَنْ يوفِ لَا يُذْمَمْ، ومَنْ يُفْضِ قَلْبه

إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لَا يَتَجَمْجَمِ

أَي مَن يَصر قلبُه إِلى فَضاء مِنَ الْبِرِّ لَيْسَ دُونَهُ سَتْرٌ لَمْ يَشتبه أَمره عَلَيْهِ فيتجَمجم أَي يَتَرَدَّدَ فِيهِ. والفَضَى، مَقْصُورٌ: الشَّيْءُ الْمُخْتَلِطُ، تَقُولُ: طَعَامٌ فَضًى أَي فَوْضى مُخْتَلِطٌ. شَمِرٌ: الفَضاء مَا اسْتَوَى مِنَ الأَرض وَاتَّسَعَ، قَالَ: وَالصَّحْرَاءُ فَضَاء. قال

(1). قوله [يَفْضُو فُضُوّاً] كذا بالأصل وعبارة ابن سيدة يَفْضُو فَضَاءً وفُضُوّاً وكذا في القاموس فالفَضَاء مشترك بين الحدث والمكان

ص: 157

أَبو بَكْرٍ: الفِضَاء، مَمْدُودٌ، كالحِساء وَهُوَ مَا يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَاحِدَتُهُ فَضِيَّةٌ «1»؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

فصَبَّحْن قَبْلَ الوارِداتِ مِنَ القَطا،

ببَطْحاءِ ذِي قارٍ، فِضَاءً مُفَجَّرا

والفَضْيَةُ: الْمَاءُ المُسْتَنْقِع، وَالْجَمْعُ فِضَاء، مَمْدُودٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ فأَما قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ الرِّقاع:

فأَوْرَدها، لَمَّا انْجَلى الليلُ أَوْ دَنا،

فِضًى كُنَّ للجُونِ الحَوائِم مَشْرَبا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يُرْوَى فَضًى وفِضًى، فَمَنْ رَوَاهُ فَضًى جَعَلَهُ مِنْ بَابِ حَلْقةٍ وحَلَقٍ ونَشْفةٍ ونَشَفٍ، وَمَنْ رَوَاهُ فِضًى جَعَلَهُ كَبَدْرَةٍ وبِدَرٍ. والفَضَا: جانِب «2» الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ، يُكْتَبُ بالأَلف، وَيُقَالُ فِي تَثْنِيَتِهِ ضَفَوانِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

قَفْراً بِمُنْدَفِع النَّحائِتِ مِنْ

ضَفَوَيْ أُلاتِ الضّالِ والسِّدْرِ

النَّحَائِتُ: آبَارٌ مَعْرُوفَةٌ. وَمَكَانٌ فاضٍ ومُفْضٍ أَي وَاسِعٌ. وأَرض فَضاء وبَرازٌ، والفَاضِي: البارِزُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ فَرَسَهُ:

أَمّا إِذا أَمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُه،

نَجْعَلُه فِي مَرْبَطٍ، نَجْعَلُه

مُفْضٍ: وَاسْعٌ. والمُفْضَى: المُتَّسَع؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:

خَوْقاء مُفْضَاها إِلى مُنْخاقِ

أَي مُتَّسَعُها؛ وَقَالَ أَيضاً:

جاوَزْته بالقَوْم حَتَّى أَفْضَى

بهِم، وأَمْضىَ سَفَرٌ مَا أَمْضَى «3»

قَالَ: أَفْضَى بَلَغَ بِهِمْ مَكَانًا وَاسِعًا أَفْضَى بِهِمْ إِليه حَتَّى انْقَطَعَ ذَلِكَ الطَّرِيقُ إِلى شَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ. وَيُقَالُ: قَدْ أَفْضَيْنا إِلى الفَضاء، وَجَمْعُهُ أَفْضِيَة. وَيُقَالُ: تَرَكْتُ الأَمر فَضاً أَي تَرَكْتُهُ غيرَ مُحْكَم. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: يُقَالُ مَا بَقِيَ فِي كِنانته إِلَّا سَهْمٌ فَضاً؛ فَضاً أَي وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: سَهْمٌ فَضاً إِذا كَانَ مُفْرداً لَيْسَ فِي الكِنانة غَيْرُهُ. وَيُقَالُ: بَقِيت مِنْ أَقْراني فَضاً أَي بَقِيتُ وَحْدِي، وَلِذَلِكَ قِيلَ للأَمر الضَّعِيفِ غَيْرِ الْمُحْكَمِ فَضاً، مَقْصُورٌ. وأَفْضَى بِيَدِهِ إِلى الأَرض إِذا مَسَّها بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ فِي سُجوده. والفَضَا: حَبُّ الزَّبيب. وَتَمْرٌ فَضاً: مَنْثُورٌ مُخْتَلِطٌ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الْمُخْتَلِطُ بِالزَّبِيبِ؛ وأَنشد:

فَقُلْتُ لهَا: يَا خَالَتِي لَكِ ناقَتي،

وتمرٌ فَضاً، فِي عَيْبَتي، وزَبيبُ

أَي مَنْثُورٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُ المتأَخرين: يَا عَمَّتي. وأَمرُهم بَيْنَهُمْ فَضاً أَي سَوَاءٌ. ومَتاعُهم بَيْنَهُمْ فَوْضَى فَضاً أَي مُخْتَلِطٌ مُشْتَرَكٌ. غَيْرُهُ: وأَمرهم فَوْضَى وفَضاً أَي سَوَاءٌ بَيْنَهُمْ؛ وأَنشد للمُعَذِّل البَكْريِّ:

طَعامُهُمُ فَوْضَى فَضاً فِي رِحالِهم،

وَلَا يُحْسِنُون الشَّرَّ إِلَّا تَنادِيا

وَيُقَالُ: الناسُ فَوْضَى إِذا كانوا لَا أَميرَ عَلَيْهِمْ وَلَا مَنْ يَجْمَعُهُمْ. وأَمرُهُم فَضاً بَيْنَهُمْ أَي لَا أَمير عَلَيْهِمْ. وأَفْضَى إِذا افْتَقَرَ.

فطا: فَطَا الشيءَ يَفْطُوه فَطْواً: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ وشَدَخَه، وفَطَوْتُ المرأَةَ: أَنْكَحْتها. وفَطَا المرأَة

(1). قوله [واحدته فضية] هذا ضبط التكملة، وفي الأصل فتحة على الياء فمقتضاه أنه من باب فعلة وفعال.

(2)

. قوله [والفَضَا جانب إلخ] كذا بالأصل، ولعله الضفا بتقديم الضاد إذ هو الذي بمعنى الجانب وبدليل قوله: وَيُقَالُ فِي تَثْنِيَتِهِ ضَفَوَانِ، وبعد هذا فإيراده هنا سهو كما لا يخفى

(3)

. قوله [ما أمضى] كذا في الأصل، والذي في نسخة التهذيب: ما أفضى.

ص: 158

فَطْواً: نكَحها.

فظا: الفَظَى، مَقْصُورٌ «1»: مَاءُ الرَّحِم، يُكْتَبُ بِالْيَاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

تَسَرْبَلَ حُسْنَ يُوسُف فِي فَظاهُ،

وأُلْبِسَ تاجَه طِفْلًا صَغِيرا

حَكَاهُ كُرَاعٌ، وَالتَّثْنِيَةُ فَظَوَانِ، وَقِيلَ: أَصله الفَظُّ فَقُلِبَتِ الظَّاءُ يَاءً، وَهُوَ مَاءُ الْكَرِشِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَضَيْنَا بأَن أَلفه مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ لأَنها مَجْهُولَةُ الِانْقِلَابِ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ اللَّامِ، وإِذا كَانَتْ فِي مَوْضِعِ اللَّامِ فَانْقِلَابُهَا عَنِ الْيَاءِ أَكثر منه عن الواو.

فعا: قَالَ الأَزهري: الأَفْعَاء الرَّوائحُ الطيِّبةُ. وفَعا فُلَانٌ شَيْئًا إِذا فَتَّتَه. وَقَالَ شَمِرٌ فِي كِتَابِ الْحَيَّاتِ: الأَفْعَى مِنَ الحَيّاتِ الَّتِي لَا تَبْرَحُ، إِنما هِيَ مُتَرَحِّية، وتَرَحِّيها اسْتِدارَتُها عَلَى نَفْسِهَا وتحَوِّيها؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

زُرْقِ العُيونِ مُتَلَوِّياتِ،

حَوْلَ أَفَاعٍ مُتَحَوِّياتِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الأَفْعَى حَيَّةٌ عَرِيضة عَلَى الأَرض إِذا مشَت مُتَثَنِّيَةً بثِنيين أَو ثَلَاثَةٍ تَمْشِي بأَثْنائها تِلْكَ خَشْناء يَجْرُشُ بعضُها بَعْضًا، والجَرْشُ الحَكُّ والدَّلْك. وَسُئِلَ أَعرابي مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَنِ الجَرْش فَقَالَ: هُوَ العدْو البَطِيء. قَالَ: ورَأْسُ الأَفْعَى عَرِيضٌ كأَنه فَلْكة وَلَهَا قَرْنانِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: أَنه سُئِلَ عَنْ قَتْل المُحْرِم الحيّاتِ فَقَالَ لَا بأْس بِقَتْلِهِ الأَفْعَوْ وَلَا بأْس بِقَتْلِ الحِدَوْ

، فَقَلَبَ الأَلف فِيهِمَا وَاوًا فِي لُغَتِهِ، أَراد الأَفْعَى وَهِيَ لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقلب الأَلف يَاءً فِي الْوَقْفِ، وَبَعْضُهُمْ يشدِّد الْوَاوَ وَالْيَاءَ، وَهَمْزَتُهَا زَائِدَةٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَفْعَى لَا تَنْفَعُ مِنْهَا رُقْية وَلَا تِرْياقٌ، وَهِيَ حَيَّة رَقْشاء دَقِيقَةُ العُنق عريضةُ الرأْس، زَادَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا كَانَتْ ذَاتَ قَرْنَين، تَكُونُ وَصْفًا وَاسِمًا، وَالِاسْمُ أَكثر، وَالْجَمْعُ أَفاعٍ. والأُفْعُوانُ، بِالضَّمِّ: ذَكَرُ الأَفاعي، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ لَا تُطْرِقْ إِطراقَ الأُفْعوان

؛ هُوَ بِالضَّمِّ ذَكَرُ الأَفَاعِي. وأَرض مَفْعاةٌ: كَثِيرَةُ الأَفاعي. الْجَوْهَرِيُّ: الأَفْعى حَيَّةٌ، وَهِيَ أَفْعَلُ، تَقُولُ هَذِهِ أَفْعًى بِالتَّنْوِينِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ مِنْ الفِعْل أَفعَل وأَرْوًى مَثَلُ أَفْعًى فِي الإِعراب، وَمِثْلُهَا أَرْطًى مِثْلُ أَرطاة «2». وتَفَعَّى الرَّجُلُ: صَارَ كالأَفْعَى فِي الشَّرِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

رَأَتْه عَلَى فَوْت الشَّبابِ، وأَنَّه

تَفَعَّى لَهَا إِخْوانُها ونَصِيرُها

وأَفْعَى الرَّجُلُ إِذا صَارَ ذَا شَرٍّ بَعْدَ خَيْرٍ. والفَاعِي: الغَضْبان المُزْبِدُ. أَبو زَيْدٍ فِي سِمات الإِبل: مِنْهَا المُفَعَّاةُ الَّتِي سِمَتها كالأَفعى، وَقِيلَ هِيَ السِّمة نَفْسُها، قَالَ: والمُثَفَّاة كالأَثافي، وَقَالَ غَيْرُهُ: جَمَلٌ مُفَعَّى إِذا وُسِم هَذِهِ، وَقَدْ فَعَّيْتُه أَنا. وأُفَاعِيَةُ: مَكان؛ وَقَوْلُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ:

هَلْ تَعْرِفُ الدَّار بِذِي البَناتِ

إِلى البُرَيْقاتِ إِلى الأَفْعَاةِ،

أَيَّامَ سُعْدَى وَهِيَ كالمَهاةِ

أَدخل الْهَاءَ فِي الأَفْعى لأَنه ذهَب بِهَا إِلى الهَضْبة.

(1). قوله [الفَظَى مقصور يكتب بالياء] ثم قوله [والتثنية فظوان] هذه عبارة التهذيب

(2)

. قوله [مثل أرطاة] كذا بالأصل.

ص: 159

والأَفْعَى: هَضْبَة فِي بِلَادِ بني كِلاب.

فغا: الفَغْو والفَغْوَة والفاغِيةُ: الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. والفَغْوَة: الزَّهْرَةُ. والفَغْو والفاغِيَةُ: وَرْدُ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ الشَّجَرِ لَهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ لَا تَكُونُ لِغَيْرِ ذَلِكَ. وأَفْغَى النباتُ أَي خَرَجَتْ فَاغِيَتُهُ. وأَفْغَتِ الشَّجَرَةُ إِذا أَخرجت فاغِيَتها، وَقِيلَ: الفَغْو والفَاغِيَةُ نَوْرُ الحِناء خَاصَّةً، وَهِيَ طَيِّبَةُ الرِّيحِ تَخْرج أَمثال الْعَنَاقِيدِ وَيَنْفَتِحُ فِيهَا نَوْر صِغار فتُجْتَنَى ويُرَبَّب بِهَا الدُّهن. وَفِي حَدِيثِ

أَنس، رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، تُعْجبه الفَاغِيَةُ.

ودُهْنٌ مَفْغُوٌ: مُطَيِّب بِهَا. وفَغَا الشَجَرُ فَغْوًا وأَفْغى: تفَتَّح نَوْرُه قَبْلَ أَن يُثْمِر. وَيُقَالُ: وَجَدْتُ مِنْهُ فَغْوةً طَيِّبَةً وفَغْمة. وَفِي الْحَدِيثِ:

سَيِّدُ رَيْحانِ أهلِ الجنةِ الفَاغِيَةُ

؛ قَالَ الأَصمعي: الفَاغِيَةُ نَوْرُ الحِنَّاء، وَقِيلَ: نُورُ الرَّيْحَانِ، وَقِيلَ: نَوْر كُلِّ نَبْتٍ مِنْ أَنوار الصَّحْرَاءِ الَّتِي لَا تُزْرَعُ، وَقِيلَ: فَاغِيَة كُلِّ نَبْتٍ نُورُهُ. وكلُّ نَوْرٍ فَاغِيةٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَوْس ابن حَجر:

لَا زالَ رَيْحانٌ وفَغْوٌ ناضِرٌ

يَجْري عَلَيْكَ بِمُسْبِلٍ هَطَّالِ

قَالَ: وَقَالَ الْعُرْيَانُ:

فَقُلْتُ لَهُ: جادَتْ عَلَيْكَ سحابةٌ

بِنَوْءٍ يُنَدِّي كلَّ فَغْوٍ ورَيْحانِ

وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنِ السَّلَف فِي الزَّعْفَرَانِ فَقَالَ: إِذا فَغَا، يُرِيدُ إِذا نَوَّر، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ إِذا انْتَشَرَتْ رَائِحَتُهُ، مِنْ فَغَتِ الرائحةُ فَغْواً، وَالْمَعْرُوفُ فِي خُرُوجِ النَّوْر مِنَ النَّبَاتِ أَفْغى لَا فَغا. الْفَرَّاءُ: هُوَ الفَغْوُ والفَاغِيَةُ لنَوْرِ الحِناء. ابْنُ الأَعرابي: الفَاغِيَةُ أَحْسَنُ الرَّياحِينِ وأَطيَبُها رَائِحَةً. شَمِرٌ: الفَغْوُ نَوْر، والفَغْوُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:

سُلافة الدَّنِّ مَرْفُوعاً نَصائِبُه،

مُقَلَّدَ الفَغْوِ والرَّيْحانِ مَلْثُوما

والفَغَى، مَقْصُورٌ: البُسْر الْفَاسِدُ المُغْبَرُّ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:

أَكُنْتُم تَحْسَبونَ قِتالَ قَوْمي،

كأَكْلِكُم الفَغايا والهَبِيدا؟

وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «1» : الفَغَى فسادُ البُسر. والفَغَى، مَقْصُورٌ: التَّمْرُ الَّذِي يَغْلُظ وَيَصِيرُ فِيهِ مِثْلَ أَجنحة الجَراد كالغَفَى. قَالَ اللَّيْثُ: الفَغَى ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا خطأٌ. والفَغَى: داءٌ يَقَعُ عَلَى البُسر مِثْلُ الْغُبَارِ، وَيُقَالُ: مَا الَّذِي أَفْغَاكَ أَي أَغْضَبَك وأَوْرَمك؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:

وصارَ أَمثالَ الفَغَى ضَرائِري

وَقَدْ أَفْغَت النَّخْلَةُ. غَيْرُهُ: الإِغْفاء فِي الرُّطب مِثْلُ الإِفْغاء سَوَاءٌ. والفَغَى: مَا يَخرج مِنَ الطَّعَامِ فيُرمى بِهِ كالغَفى. أَبو الْعَبَّاسِ: الفَغَى الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ النَّاسِ والمأْكول وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَرْكُوبِ؛ وأَنشد:

إِذا فِئةٌ قُدِّمت للقِتال،

فَرَّ الفَغى وصَلِينا بِهَا

ابْنُ سِيدَهْ: والفَغَى مَيَلٌ فِي الْفَمِ والعُلْبة والجَفْنة. والفَغَى: دَاءٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَلَمْ يَحُدّه، قَالَ: غَيْرَ أَني أُراه المَيَل فِي الْفَمِ. وأَخذَ بفَغْوِه أَي بِفَمِهِ. وَرَجُلٌ أَفْغَى وامرأَة فَغْوَاء إِذا كَانَ فِي فَمِهِ مَيَل. وأَفْغَى الرجلُ إِذا افْتَقَرَ بَعْدَ غِنًى، وأَفْغَى إِذا عَصى بَعْدَ طَاعَةٍ، وأَفْغَى إِذا سَمُجَ بعد حُسْن،

(1). قوله [في موضع آخر] أي في باب الياء والمؤلف لم يفرد الواوي من اليائي كما صنع ابن سيدة وتبعه المجد لكنه قصر هنا.

ص: 160

وأَفْغَى إِذا دَامَ عَلَى أَكل الفَغى، وَهُوَ المُتغَيِّر مِنَ البُسر الْمُتَتَرِّبِ. والفَغْوَاء: اسْمٌ، وَقِيلَ: اسْمُ رَجُلٍ أَو لَقَبٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

فهَلَّا وَفى الفَغْوَاءُ عَمرُو بنُ جابِرٍ

بذِمَّتِه، وابنُ اللَّقِيطةِ عِصْيَدُ

فقا: الفَقْوُ: شَيْءٌ أَبيض يَخْرُجُ مِنَ النُّفَسَاءِ أَو النَّاقَةِ الْمَاخِضِ، وَهُوَ غلافٌ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، وَالَّذِي حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فَقْء، بِالْهَمْزِ، والفَقْوُ: مَوْضِعٌ. والفَقَا: مَاءٌ لَهُمْ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وفَقَوْتُ الأَثرَ: كقَفَوْته؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمَقْلُوبِ. وفُقا النَّبْلِ، مَقْلُوبٌ: لُغَةٌ فِي فُوقِها؛ قَالَ الفِندُ الزِّمّاني:

ونَبْلي وفُقَاها،

كعَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ

ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ فوق. الْجَوْهَرِيُّ: فُقْوَةُ السَّهْمِ فُوقُه، وَالْجَمْعُ فُقاً؛ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ فِي كِتَابِهِ أَخبار النَّحْوِيِّينَ أَن أَبا عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: أَنشدني هَذِهِ الأَبيات الأَصمعي لِرَجُلٍ مِنَ الْيَمَنِ وَلَمْ يُسَمِّهِ، قَالَ: وَسَمَّاهُ غَيْرُهُ فَقَالَ هِيَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَابِسٍ، وأَنشد:

أَيا تَمْلِكُ، يَا تَمْلِ

ذَريني، وذَري عَذْلي

ذَرِيني وسِلاحي ثُمَّ

شُدِّي الكَفَّ بالعُزْلِ

ونَبلي وفُقاها،

كعراقيب قَطًا طُحْلِ

وثَوبايَ جَدِيدان،

وأَرْخِي شُرُكَ النَّعْلِ

ومِنِّي نَظْرةٌ خَلْفِي،

ومِنِّي نَظْرةٌ قَبْلي

أَي أَفهم مَا حَضَرَ وَغَابَ.

فإِمَّا مُتُّ يَا تَمْلِ،

فَمُوتي حُرَّةً مِثْلي

قَالَ أَبو عَمْرٍو: وَزَادَنِي فِيهَا الْجُمَحِيُّ:

وَقَدْ أَشْنَأُ للنُّدْمانِ

بالناقةِ والرَّحْلِ

وَقَدْ أَخْتَلِسُ الضَّرْبةَ،

لَا يَدْمى لَهَا نَصْلي

ص: 161

أَراد تَنْتَأَ فأَبدل الْهَمْزَةَ إِبدالًا صَحِيحًا؛ وَهِيَ الفِلاية مِنْ فَلْي الرأْس. والتَّفَلِّي: التَّكلُف لِذَلِكَ؛ قَالَ:

إِذا أَتَت جاراتِها تَفَلَّى،

تُرِيك أَشْغَى قَلِحاً أَفَلَّا

وفَلَيْت رأْسه مِنَ الْقَمْلِ وتَفَالى هُوَ واسْتَفْلى رأْسُه أَي اشْتهى أَن يُفْلَى. وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ: قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ دَعْه عَنْكَ فَقَدَ فَلَيْتُه فَلْيَ الصَّلَعِ

؛ هُوَ مِنْ فَلْي الشَّعَر وأَخذِ الْقَمْلِ مِنْهُ، يَعْنِي أَن الأَصْلَع لَا شَعَرَ لَهُ فَيَحْتَاجُ أَن يُفْلَى. التَّهْذِيبُ: وَالْحَطَا «1» والنِّساء يُقَالُ لَهُنَّ الفالِياتُ والفَوَالِي؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:

تَراهُ كالثَّغام يُعَلُّ مِسْكاً

يسُوء الفَالِياتِ، إِذا فَلَيْني

أَراد فَلَيْنَني بِنُونَيْنِ فَحَذَفَ إِحداهما اسْتِثْقَالًا لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ الأَخفش: حُذِفَتِ النُّونُ الأَخيرة لأَن هَذِهِ النُّونَ وِقَايَةٌ لِلْفِعْلِ وَلَيْسَتْ بِاسْمٍ، فأَمّا النُّونُ الأُولى فَلَا يَجُوزُ طَرْحُهَا لأَنها الِاسْمُ الْمُضْمَرُ؛ وَقَالَ أَبو حَيَّةَ النُّمَيْرِيُّ:

أَبالمَوْتِ الَّذِي لَا بُدَّ أَني

مُلاقٍ، لَا أَباكِ، تُخَوِّفِيني؟

أَراد تُخَوِّفِينني فَحَذَفَ، وَعَلَى هَذَا قرأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ: فَبِمَ تُبَشِّرُونِ؛ فأَذهب إِحدى النُّونَيْنِ اسْتِثْقَالًا، كَمَا قَالُوا مَا أَحَسْتُ مِنْهُمْ أَحداً فأَلقوا إِحدى السِّينَيْنِ اسْتِثْقَالًا، فَهَذَا أَجدر أَن يُسْتَثْقَلَ لأَنهما جَمِيعًا مُتَحَرِّكَانِ. وتَفالَت الحُمُر: احْتَكَّت كأَنَّ بَعضها يَفْلي بَعضاً. التَّهْذِيبُ: وإِذا رأَيت الحُمُر كأَنها تَتحاكُّ دَفَقاً فإِنها تَتَفَالَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

ظَلَّتْ تَفَالَى، وظَلَّ الجَوْنُ مُصْطَخِماً،

كأَنَّه عَنْ سَرارِ الأَرضِ مَحْجُومُ

وَيُرْوَى: عَنْ تَناهِي الرَّوْضِ. وفَلَى رأْسه بِالسَّيْفِ فَلْياً: ضَرَبَهُ وَقَطَعَهُ؛ واسْتَفْلاه: تعرَّض لِذَلِكَ مِنْهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَلَوْتُ رأْسه بِالسَّيْفِ وفَلَيْته إِذا ضَرَبْتَ رأْسه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَما تَراني رابِطَ الجَنانِ

أَفْلِيه بِالسَّيْفِ، إِذا اسْتَفْلاني؟

ابْنُ الأَعرابي: فَلَى إِذا قطَع، وفَلِيَ إِذا انقطَع. وفَلَوْته بِالسَّيْفِ فَلْواً وفَلَيْته: ضَرَبْتُ بِهِ رأْسه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

نُخاطِبُهم بأَلسِنةِ المَنايا،

ونَفْلِي الهامَ بالبِيضِ الذُّكورِ

وَقَالَ آخَرُ:

أَفْلِيهِ بالسيفِ إِذا اسْتَفْلانِي،

أُجِيبُه: لَبَّيْكَ، إِذْ دَعاني

وفَلَتِ الدابةُ فِلْوَها وأَفْلَتْه، وفَلَتْ أَحسن وأَكثر؛ وأَنشد بَيْتَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:

قَدْ أَفْلَيْنَ أَمْهارا

ابْنُ الأَعرابي: فَلا الرجلُ إِذا سَافَرَ، وفَلا إِذا عقَل بَعْدَ جَهْلٍ، وفَلا إِذا قطَع. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: امْرِ الدَّمَ بِمَا كَانَ قاطِعاً مِنْ لِيطةٍ فالِيَةٍ

أَي قَصبة وشِقَّة قَاطِعَةٍ. قَالَ: وَالسِّكِّينُ يُقَالُ لَهَا الفَالِيَةُ. ومرَى دَمَ نَسِيكته إِذا اسْتَخْرَجَهُ. وفَلَيْت الشِّعرَ إِذا تَدَبَّرْتَهُ وَاسْتَخْرَجْتَ مَعَانِيَهُ وَغَرِيبَهِ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. وفَلَيْت الأَمر إِذا تأَملت وُجُوهَهُ

(1). قوله [والحطا] كذا بالأصل، ولعله الحظى القمل، واحدته حظاة ويكون مقدماً من تأَخير، والأصل. وَالنِّسَاءُ يُقَالُ لَهُنَّ الفَالِيَات الحظى والفَوَالِي. وأما الحطا فمعناه عظام القمل، وراجع التهذيب فليست هذه المادة منه عندنا.

ص: 163

وَنَظَرْتَ إِلى عَاقِبَتِهِ. وفَلَوْتُ الْقَوْمَ وفَلَيْتهم إِذا تَخَلَلْتَهُمْ. وفَلاه فِي عَقْله فَلْياً: رازَه. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ فَلَيْت الرَّجُلَ فِي عَقْلِهِ أَفْلِيه فَلْياً إِذا نَظَرْتَ مَا عَقْلُه. والفَلاة: المَفازة. والفَلاة: القَفر مِنَ الأَرض لأَنها فُلِيَت عَنْ كُلِّ خَيْرٍ أَي فُطِمت وعُزِلت، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا، فأَقلها للإِبل رِبْع، وأَقلها لِلْحُمْرِ وَالْغَنَمِ غِبٌّ، وأَكثرها مَا بَلَغَتْ مِمَّا لَا مَاءَ فِيهِ، وَقِيلَ: هِيَ الصَّحْرَاءُ الْوَاسِعَةُ، وَالْجَمْعُ فَلًا وفَلَوات وفُلِيٌّ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:

وتَأْوي إِلى زُغْبٍ مَراضِيعَ دُونَها

فَلًا، لَا تَخَطَّاهُ الرِّقابُ، مَهُوبُ

ابْنُ شُمَيْلٍ: الفَلاة الَّتِي لَا مَاءَ بِهَا وَلَا أَنيسَ، وَإِنْ كَانَتْ مُكْلِئة. يُقَالُ: عَلَوْنَا فَلاة مِنَ الأَرض، وَيُقَالُ: الفَلاة الْمُسْتَوِيَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ. وأَفْلَى القومُ إِذا صَارُوا إِلى فَلَاةٍ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ نَزَلَ بَنُو فُلَانٍ عَلَى مَاءِ كَذَا وَهُمْ يَفْتَلون الفَلاة مِنْ نَاحِيَةِ كَذَا أَي يَرعَوْن كلأَ الْبَلَدِ ويَرِدون الْمَاءَ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وافْتِلاؤها رَعْيها وطَلَبُ مَا فِيهَا مِنْ لُمَع الكَلإِ، كَمَا يُفْلى الرأْسُ، وَجَمْعُ الفَلا فُلِيٌّ، على فُعول، مثل عَصاً وعُصِيٍّ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:

مَوْصُولة وَصْلًا بِهَا الفُلِيُّ،

القِيُّ ثُمَّ القِيُّ ثُمَّ القِيُ

وأَما قول الحرث بْنِ حِلِّزة:

مِثْلُها يُخُرِجُ النَّصِيحةَ للقَوْمِ،

فَلاةٌ مِن دُونِهَا أَفْلاء

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَيْسَ أَفْلاء جَمْعَ فَلاة لأَن فَعَلة لَا يكَسَّر عَلَى أَفْعال، إِنما أَفلاء جَمْعُ فَلًا الَّذِي هُوَ جَمْعُ فَلاةٍ. وأَفْلَيْنَا: صِرْنا إِلى الفَلاة: وفَالِيَةُ الأَفاعي: خُنْفُساء رَقْطاء ضَخْمَةٌ تَكُونُ عِنْدَ الجِحرَة وَهِيَ سَيِّدَةُ الْخَنَافِسِ، وَقِيلَ: فَالِيَةُ الأَفاعي دوابُّ تَكُونُ عِنْدَ جِحَرَةِ الضِّباب، فإِذا خَرَجَتْ تِلْكَ عُلِمَ أَن الضَّبّ خَارِجٌ لَا مَحالة فَيُقَالُ: أَتتكم فَالِيَة الأَفاعي، جمعٌ، عَلَى أَنه قَدْ يُخْبِرُ فِي مِثْلِ هَذَا عَنِ الْجَمْعِ بِالْوَاحِدِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْعَرَبُ تَقُولُ أَتتكم فَالِيَة الأَفاعي؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لأَول الشَّرِّ يُنتظر، وَجَمْعُهَا الفَوَالِي، وَهِيَ هَناةٌ كالخَنافِس رُقْطٌ تأْلف الْعَقَارِبَ وَالْحَيَّاتَ، فإِذا رُؤِيَتْ فِي الْجِحَرَةِ عُلِمَ أَن وَرَاءَهَا الْعَقَارِبَ والحيات.

فني: الفَنَاء: نَقِيض الْبَقَاءِ، وَالْفِعْلُ فَنَى يَفْنَى نَادِرٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ، فَنَاء فَهُوَ فانٍ، وَقِيلَ: هِيَ لُغَةُ بَلْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ؛ وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ قرع:

فَلَمَّا فَنى مَا فِي الْكَنَائِنِ، ضارَبُوا

إِلَى القُرْعِ مِنْ جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ

أَي ضَرَبُوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لَمَّا فَنِيت سِهَامُهُمْ. قَالَ: وفَنَى بِمَعْنَى فَنِيَ فِي لُغَاتِ طيّء، وأَفْنَاه هُوَ. وتَفَانَى القومُ قَتْلًا: أَفنى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وتَفَانَوا أَي أَفنى بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْحَرْبِ. وفَنِيَ يَفْنَى فَناء: هَرِمَ وأَشرف عَلَى الْمَوْتِ هَرَماً، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ أَبو عُبَيْدٍ حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: حَجَّةً هَاهُنَا ثُمَّ احْدِجْ هَاهُنَا حَتَّى تَفْنى

يَعْنِي الْغَزْوَ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الإِنسان وفَناءه:

حَبائِلُه مَبْثوثةٌ بسَبِيلِه،

ويَفْنى إِذا مَا أَخْطَأَتْه الحَبائلُ

يَقُولُ: إِذا أَخطأَه الْمَوْتُ فإِنه يَفْنَى أَي يَهْرَمُ فَيَمُوتُ لَا بدَّ مِنْهُ إِذا أَخطأَته المنِيَّةُ وأَسبابها فِي شَبِيبَته وقُوَّته. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ: فانٍ. وَفِي حَدِيثُ

مُعَاوِيَةَ: لَوْ كنتُ مِنْ أَهل البادِيةِ بِعْتُ

ص: 164

الفانِيةَ وَاشْتَرَيْتُ النامِيةَ

؛ الفَانِيَةُ: المُسِنَّة مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا، والنامِيةُ: الفَتِيَّةُ الشابَّة الَّتِي هِيَ فِي نُمُوٍّ وَزِيَادَةٍ. والفِنَاء: سَعةٌ أَمامَ الدَّارِ، يَعْنِي بِالسَّعَةِ الِاسْمَ لَا الْمَصْدَرَ، وَالْجَمْعُ أَفْنِيةٌ، وَتُبْدَلُ الثَّاءُ مِنَ الْفَاءِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: هُمَا أَصلان وَلَيْسَ أَحدهما بَدَلًا مِنْ صَاحِبِهِ لأَن الفِناء مِنْ فَنِيَ يَفْنَى، وَذَلِكَ أَن الدَّارَ هُنَا تَفْنى لأَنك إِذا تَنَاهَيْتَ إِلى أَقصى حُدُودِهَا فَنِيَتْ، وأَما ثِناؤها فَمِنْ ثَنى يَثْني لأَنها هُنَاكَ أَيضاً تَنْثَنِي عَنِ الِانْبِسَاطِ لِمَجِيءِ آخِرِهَا واسْتِقْصاء حُدُودِهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَمْزَتُهَا بَدَلٌ مِنْ يَاءٍ لأَن إِبدال الْهَمْزِ مِنَ الْيَاءِ إِذا كَانَتْ لَامًا أَكثر مِنْ إِبدالها مِنَ الْوَاوِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ قَدْ قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَلفه وَاوًا لِقَوْلِهِمْ شَجَرَةٌ فَنْوَاء أَي واسِعة فِناء الظِّلِّ، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ لأَنا لَمْ نَسْمَعْ أَحداً يَقُولُ إِن الفَنْوَاء مِنَ الفِناء، إِنَّمَا قَالُوا إِنها ذَاتُ الأَفنان أَو الطَّوِيلَةُ الأَفنان. والأَفْنِية: السَّاحات عَلَى أَبواب الدَّوْرِ؛ وأَنشد:

لَا يُجْتَبى بِفِنَاء بَيْتِك مثْلهم

وَفِنَاءُ الدَّارِ: مَا امْتدَّ مِنْ جَوَانِبِهَا. ابْنُ الأَعرابي: بِهَا أَعناء مِنَ النَّاسِ وأَفْناء أَي أَخْلاط، الْوَاحِدُ عِنْوٌ وفِنْوٌ. وَرَجُلٌ مِنْ أَفْناء الْقَبَائِلِ أَي لَا يُدرى مَنْ أَيّ قَبِيلَةٍ هُوَ، وَقِيلَ: إِنما يُقَالُ قَوْمٌ مِنْ أَفناء الْقَبَائِلِ، وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ، وَلَيْسَ للأَفْناء وَاحِدٌ. قَالَتْ أُم الْهَيْثَمِ: يُقَالُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَفْنَاء النَّاسِ وَلَا يُقَالُ فِي الْوَاحِدِ رَجُلٌ مِنْ أَفْنَاء النَّاسِ، وَتَفْسِيرُهُ قَوْمٌ نُزَّاعٌ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. والجوهري: يُقَالُ هُوَ مِنْ أَفْنَاء النَّاسِ إِذا لَمْ يُعلم مَنْ هُوَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ جِنِّي وَاحِدُ أَفناء النَّاسِ فَناً وَلَامُهُ وَاوٌ، لِقَوْلِهِمْ شَجَرَةٌ فَنْوَاء إِذا اتَّسَعَتْ وَانْتَشَرَتْ أَغصانها، قَالَ: وَكَذَلِكَ أَفْنَاء النَّاسِ انْتِشَارُهُمْ وَتَشَعُّبُهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

رَجُلٌ مِنْ أَفْنَاء النَّاسِ

أَي لَمْ يُعلم مِمَّنْ هُوَ، الْوَاحِدُ فِنْوٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الفِنَاء وَهُوَ المُتَّسَعُ أَمام الدَّارِ، وَيُجْمَعُ الفِنَاء عَلَى أَفْنِيَة. والمُفَانَاة: المُداراة. وأَفْنَى الرجلُ إِذا صَحِب أَفناء النَّاسِ. وفَانَيْت الرجلَ: دارَيْته وسَكَّنْته؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَذْكُرُ هُمُومًا اعْتَرَتْهُ:

تُقِيمُه تَارَةً وتُقْعِدُه،

كَمَا يُفانِي الشَّمُوسَ قائِدُها

قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ أَبا السَّمَيْدَعِ يَقُولُ بَنُو فُلَانٍ مَا يُعانُون مَالَهُمْ وَلَا يُفانُونه أَي مَا يَقُومُونَ عَلَيْهِ وَلَا يُصْلِحونه. والفَنا، مَقْصُورٌ، الْوَاحِدَةُ فَنَاة: عِنَبُ الثَّعلب، وَيُقَالُ: نَبْتٌ آخَرُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

كأَنّ فُتاتَ العِهْنِ، فِي كلِّ مَنْزِلٍ

نَزَلْنَ، بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّمِ

وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ ذُو حَبٍّ أَحمر مَا لَمْ يُكسَّر، يُتَّخَذُ مِنْهُ قَرَارِيطُ يُوزَنُ بِهَا كُلُّ حَبَّةٍ قِيرَاطٌ، وَقِيلَ: يُتَّخَذُ مِنْهُ القَلائد، وَقِيلَ: هِيَ حَشِيشَةٌ تَنْبُتُ فِي الغَلْظ تَرْتَفِعُ عَلَى الأَرض قِيسَ الإِصْبع وأَقل يَرعاها المالُ، وأَلفها يَاءٌ لأَنها لَامٌ؛ وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده قَوْلَ الرَّاجِزِ:

صُلْبُ العَصا بالضَّرْبِ قَدْ دَمَّاها،

يقولُ: لَيْتَ اللَّهَ قَدْ أَفْناها «2»

قَالَ يَصِفُ رَاعِي غَنَمٍ وَقَالَ فِيهِ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنه جَعَلَ عَصَاهُ صُلبة لأَنه يَحْتَاجُ إِلى تَقْوِيمِهَا ودَعا عَلَيْهَا فَقَالَ لَيْتَ اللهَ قَدْ أَهلكها ودمَّاها أَي سيَّلَ دَمها بِالضَّرْبِ لخِلافِها عَلَيْهِ، والوجه الثاني في قوله صُلْبُ العصا أَي

(2). قوله [صلب العصا] في التكملة: ضخم العصا.

ص: 165

لَا تَحُوجُهُ إِلى ضَرْبِهَا فَعَصَاهُ بَاقِيَةً، وَقَوْلُهُ: بِالضَّرْبِ قَدْ دمَّاها أَي كَسَاهَا السِّمَن كأَنه دمَّمها بِالشَّحْمِ لأَنه يُرَعِّيها كُلِّ ضَرْبٍ مِنَ النَّبَاتِ، وأَما قَوْلُهُ لَيْتَ اللهَ قَدْ أَفْنَاها أَي أَنبت لَهَا الفَنا، وَهُوَ عِنَبُ الذِّئْبِ، حَتَّى تَغْزُرَ وتَسْمَن. والأَفَانِي: نَبْتٌ مَا دَامَ رَطْبًا، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ الحَماط، وَاحِدَتُهَا أَفَانِيَةٌ مِثَالُ ثَمَانِيَةٍ، وَيُقَالُ أَيضاً: هُوَ عِنَبُ الثَّعْلَبِ. وَفِي حَدِيثِ القِيامة:

فيَنْبُتُون كَمَا يَنْبُت الفَنَا

؛ هُوَ عِنَبُ الثَّعْلَبِ. وَقِيلَ: شَجَرَتُهُ وَهِيَ سَرِيعَةُ النَّبَاتِ وَالنُّمُوِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدُ الأَفَانِي النَّبْتِ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

شَرَى أَسْتاهِهِنَّ مِنَ الأَفَانِي

وَقَالَ آخَرُ:

فَتِيلانِ لَا يَبْكِي المَخاضُ عَلَيْهِمَا،

إِذا شَبِعا مِنْ قَرْمَلٍ وأَفَانِي «1»

وَقَالَ آخَرُ:

يُقَلِّصْن عَنْ زُغْبٍ صِغارٍ كأَنَّها،

إِذا دَرَجَتْ تَحتَ الظِّلالِ، أَفَانِي

وَقَالَ ضَبَابُ بْنُ وَقْدان السَّدُوسِي:

كأَنَّ الأَفَانِي شَيْبٌ لَهَا،

إِذا التَفَّ تحتَ عَناصِي الوَبَرْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ ابْنِ الأَعرابي أَنَّ هَذَا الْبَيْتَ لِضِبَابِ بْنِ وَاقِدٍ الطَّهَوِي، قَالَ: والأَفانِي شَجَرٌ بِيضٌ، وَاحِدَتُهُ أَفَانِيَةٌ، وإِذا كَانَ أَفَانِيَة مِثْلَ ثَمَانِيَةٍ عَلَى مَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فَصَوَابُهُ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ أَفن، لأَن الْيَاءَ زَائِدَةٌ وَالْهَمْزَةَ أَصل. والفَنَاة: البقَرة، وَالْجَمْعُ فَنَوات؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

وفَناة تَبْغِي، بحَرْبةَ، طِفْلًا

مِن ذَبِيحٍ قَفَّى عَلَيْهِ الخَبالُ

وشعَر أَفْنَى: فِي مَعْنَى فَيْنان، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ. وامرأَة فَنْوَاء: أَثِيثة الشعَر مِنْهُ؛ رَوَى ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: وأَما جُمْهُورُ أَهل اللُّغَةِ فَقَالُوا امرأَة فَنْوَاء أَي لشَعَرها فُنُون كأَفْنان الشِّعْر، وَكَذَلِكَ شَجَرَةٌ فَنْوَاء إِنما هِيَ ذَاتُ الأَفْنان، بِالْوَاوِ. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: امرأَة فَنْوَاء وفَنْيَاء. وشعَر أَفْنَى وفَيْنانٌ أَي كَثِيرٌ. التَّهْذِيبُ: وَالْفَنْوَةُ المرأَة الْعَرَبِيَّةُ؛ وَفِي تَرْجَمَةِ قنا قَالَ قَيْس بْنُ العَيْزار الهُذَلي:

بِمَا هِيَ مَقْناةٌ، أَنِيقٌ نَباتُها،

مِرَبٌّ، فَتَهْواها المَخاضُ النَّوازِعُ

قَالَ: مَقْناةٌ أَي مُوافِقة لِكُلِّ مَن نَزَلها مِنْ قَوْلِهِ مُقاناةِ البياض بصُفْرَةٍ أَي يُوَافِقُ بياضُها صُفْرَتَهَا، قَالَ الأَصمعي: وَلُغَةُ هُذَيْلٍ مَفْناةٌ بالفاءِ، والله أَعلم.

فها: فَهَا فؤادُه: كَهْفًا، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ بِمَصْدَرٍ فأُراه مَقْلُوبًا. الأَزهري: الأَفْهَاء البُلْه مِنَ النَّاسِ. وَيُقَالُ: فَهَا إِذا فَصُح بعد عجمة.

فوا: الفُوّةُ: عُروق نَبَاتٍ يُسْتَخْرَجُ مِنَ الأَرض يُصبغ بِهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: يُصْبَغُ بِهَا الثِّيَابُ، يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ رُوين، وَفِي الصِّحَاحِ رُوِينَه، وَلَفْظُهَا عَلَى تَقْدِيرِ حُوّة وقُوّة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الفُوّة عُرُوقٌ وَلَهَا نَبَاتٌ يَسْمُو دَقِيقًا، فِي رأْسه حَب أَحمر شَدِيدُ الْحُمْرَةِ كَثِيرُ الْمَاءِ يُكْتَبُ بِمَائِهِ وَيُنْقَشُ؛ قَالَ الأَسود

(1). قوله [فتيلان] كذا بالأصل، ولعله مصغر مثنى الفتل. ففي القاموس: الْفَتَلُ مَا لَمْ يَنْبَسِطْ من النبات، أو شبه الشاعر النبت الحقير بالفتيل الذي يفتل بالإصبعين. وعلى كلا الاحتمالين فحق شبعا شبعت ومقتضى أن واحد الأفاني كثمانية أن تكون الأفاني مكسورة، وضبطت في القاموس هنا بالكسر ووزنه المجد في أفن بسكارى.

ص: 166

بْنُ يَعْفُرَ:

جَرَّتْ بِهَا الرِّيحُ أَذْيالًا مُظاهَرةً،

كَمَا تَجُرُّ ثِيابَ الفُوّةِ العُرُسُ

وأَدِيمٌ مُفَوّىً: مَصْبُوغٌ بِهَا، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ وَأَرْضِ مُفَوَّاة: ذاتُ فُوّة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كَثِيرَةُ الفُوَّة؛ قَالَ الأَزهري: وَلَوْ وَصَفْتَ بِهِ أَرضاً لَا يُزْرَعُ فِيهَا غَيْرُهُ قُلْتَ أَرضٌ مَفْوَاة مِنَ المَفَاوِي، وَثَوْبٌ مُفَوًّى لأَن الْهَاءَ الَّتِي فِي الفُوَّة لَيْسَتْ بأَصلية بَلْ هِيَ هَاءُ التأْنيث. وَثَوْبٌ مُفَوًّى أَي مَصْبُوغٌ بالفُوَّة كَمَا تَقُولُ شَيْءٌ مُقَوًّى من القُوَّة.

فيا: فَيَّ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا التَّعَجُّبُ، يَقُولُونَ: يَا فَيَّ مَا لِي أَفْعَلُ كَذَا وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الأَسَفُ عَلَى الشيءِ يَفُوتُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ لَا يُهْمَزُ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ يَا عَجَبي، قَالَ: وَكَذَلِكَ يَا فَيَّ مَا أَصْحابُك، قَالَ: وَمَا، مِنْ كُلٍّ، فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. التَّهْذِيبُ: فِي حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الصِّفَاتِ، وَقِيلَ: فِي تأْتي بِمَعْنَى وسَط، وتأْتي بِمَعْنَى دَاخِلٍ كَقَوْلِكَ: عبدُ اللَّهِ فِي الدَّارِ أَي داخِلَ الدَّارِ، وَوَسَطَ الدَّارِ، وَتَجِيءُ فِي بِمَعْنَى على. وفي التنزيل: لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ

؛ الْمَعْنَى عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً

؛ أَي مَعَهُنَّ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: جَاءَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:

ولَوْحُ ذِراعَيْنِ فِي بِرْكةٍ،

إِلى جُؤْجُؤٍ رَهِلِ المَنْكِبِ

وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:

يَدْفَعُ عَنْهَا الجُوعَ، كلَّ مَدْفَعِ،

خَمْسُون بُسْطاً فِي خَلايا أَرْبَعِ

أَراد: مَعَ خَلَايَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ

؛ أَي يُكَثِّرُكُم بِهِ؛ وأَنشد:

وأَرْغَبُ فِيها عَنْ عُبَيْدٍ ورَهْطِه،

ولكِنْ بِهَا عَنْ سِنْبِسٍ لَسْتُ أَرْغبُ

أَي أَرغب بِهَا، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ

؛ أَي بُورِكَ مَنْ عَلَى النَّارِ، وَهُوَ اللَّهُ عز وجل. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فِي حرفٌ خَافِضٌ، وَهُوَ للوِعاء والظَّرف وَمَا قُدِّر تَقْدِيرَ الوِعاء، تَقُولُ: الْمَاءُ فِي الإِناء وَزَيْدٌ فِي الدَّارِ والشَّكُّ فِي الْخَبَرِ، وَزَعَمَ يُونُسُ أَن الْعَرَبَ تَقُولُ نَزَلْتُ فِي أَبيك، يُرِيدُونَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَرُبَّمَا تُسْتَعمل بِمَعْنَى الْبَاءِ، وَقَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ:

ويَرْكَبُ يَومَ الرَّوْع مِنّا فَوارِسٌ

بَصِيرُون فِي طَعْنِ الأَباهِرِ والكُلى

أَي بِطَعْنِ الأَباهر والكُلى. ابْنُ سِيدَهْ: فِي حَرْفُ جَرٍّ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما فِي فَهِيَ للوِعاء، تَقُولُ: هُوَ فِي الجِراب وَفِي الْكِيسِ، وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمه، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الغُلِّ جعله إِذ أَدخله فِيهِ كالوِعاء، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي القُبَّة وَفِي الدَّارِ، وإِن اتَّسَعْتَ فِي الْكَلَامِ فَهِيَ عَلَى هَذَا، وَإِنَّمَا تَكُونُ كَالْمَثَلِ يُجَاءُ بِهَا لِمَا يُقارب الشَّيْءَ وَلَيْسَ مِثْلَهُ؛ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:

بَطَلٌ كأَنَّ ثِيابَه فِي سَرْحةٍ،

يُحْذى نِعالَ السِّبْتِ لَيْسَ بتَوْأَم

أَي عَلَى سَرْحَةٍ، قَالَ: وَجَازَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَانَ مَعْلُومًا أَن ثِيَابَهُ لَا تَكُونُ مِنْ دَاخِلِ سَرْحة لأَن السَّرْحَةَ لَا تُشَقُّ فتُسْتَوْدَع الثِّيَابُ وَلَا غَيْرُهَا، وَهِيَ بِحَالِهَا سَرْحَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُكَ فُلَانٌ فِي الْجَبَلِ لأَنه قَدْ يَكُونُ فِي غَارٍ مِنْ أَغْواره ولِصْبٍ مَنَّ لِصابه فَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَن يَكُونَ عَلَيْهِ أَي عَالِيًا فِيهِ أَي الْجَبَلِ؛ وَقَالَ:

ص: 167