المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والقِيقاءة: الأَرض الغَليظة؛ وَقَوْلُهُ: وخَبَّ أَعْرافُ السَّفى عَلَى القِيَقْ كأَنه جَمْعُ قِيقةٍ، - لسان العرب - جـ ١٥

[ابن منظور]

الفصل: والقِيقاءة: الأَرض الغَليظة؛ وَقَوْلُهُ: وخَبَّ أَعْرافُ السَّفى عَلَى القِيَقْ كأَنه جَمْعُ قِيقةٍ،

والقِيقاءة: الأَرض الغَليظة؛ وَقَوْلُهُ:

وخَبَّ أَعْرافُ السَّفى عَلَى القِيَقْ

كأَنه جَمْعُ قِيقةٍ، وإِنما هِيَ قِيقاة فَحُذِفَتْ أَلِفُهَا، قَالَ: وَمَنْ قَالَ هِيَ قِيقة وَجَمْعُهَا قَياقٍ، كَمَا فِي بَيْتِ رُؤْبَةَ، كان له مخرج.

‌فصل الكاف

كأي: التَّهْذِيبُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: كأَى إِذا أَوْجَع بالكلام.

كبا:

رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: مَا أَحدٌ عَرَضْتُ عَلَيْهِ الإِسلامَ إِلا كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ كَبْوةٌ غَيرَ أَبي بَكْرٍ فإِنه لَمْ يَتَلَعْثَمْ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الكَبْوَةُ مِثْلُ الوَقْفة تَكُونُ عِنْدَ الشَّيْءِ يَكْرَهُهُ الإِنسان يُدْعَى إِليه أَو يُراد مِنْهُ كوَقْفةِ الْعَاثِرِ، وَمِنْهُ قِيلَ: كَبا الزَّندُ فَهُوَ يَكْبُو إِذا لَمْ يُخْرج نارَه، والكَبْوَةُ فِي غَيْرِ هَذَا: السُّقُوطُ لِلْوَجْهِ، كَبا لوَجْهِهِ يَكْبُو كَبْواً سَقَطَ، فَهُوَ كابٍ. ابْنُ سِيدَهْ: كَبا كَبْواً وكُبُوًّا انكبَّ عَلَى وَجْهِهِ، يَكُونُ ذَلِكَ لِكُلِّ ذِي رُوح. وكَبَا كَبْواً: عثَر؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ثَوْرًا رُمِيَ فسقَط:

فكَبا كَمَا يَكْبُو فَنِيقٌ تارِزٌ

بالخَبْتِ، إِلا أَنه هُوَ أَبْرَعُ

وكَبا يَكْبُو كَبْوَةً إِذا عَثَر. وَفِي تَرْجَمَةِ عَنَنَ: لكُلِّ جَوادٍ كَبْوة، وَلِكُلِّ عالِم هَفْوة، وَلِكُلِّ صارِم نَبْوة. وكَبا الزِنْدُ كَبْواً وكُبُوًّا وأَكْبَى: لَمْ يُورِ. يُقَالُ: أَكْبَى الرجلُ إِذا لَمْ تَخرج نارُ زندِه، وأَكْباه صَاحِبُهُ إِذا دَخَّن وَلَمْ يُورِ. وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ: قَالَتْ لِعُثْمَانَ لَا تَقْدَحْ بزَنْدٍ كَانَ رسولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، أَكْبَاها

أَي عطَّلها مِنَ القَدْح فَلَمْ يُورِ بِهَا. وَالْكَابِي: التُّرَابُ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى وَجْهِ الأَرض. وكبَا البيتَ كَبْواً: كَنَسه. والكِبا، مَقْصُورٌ: الكُناسة، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا فِي تَثْنِيَتِهِ كِبوانِ، يَذْهَبُ إِلى أَن أَلفها وَاوٌ، قَالَ: وأَما إِمالتهم الكِبا فَلَيْسَ لأَن أَلفها مِنَ الْيَاءِ، وَلَكِنْ عَلَى التَّشْبِيهِ بِمَا يُمَالُ مِنَ الأَفعال مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ نَحْوُ غَزا، وَالْجَمْعُ أَكْباء مِثْلُ مِعًى وأَمْعاء، والكُبَةُ مِثْلُهُ، وَالْجَمْعُ كُبِين. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَكُونُوا كاليهودِ تَجمع أَكْباءها فِي مَساجدِها. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَشَبَّهوا بِالْيَهُودِ تَجْمَعُ الأَكْباء فِي دُورِهَا

أَي الكُناساتِ. وَيُقَالُ للكُناسة تُلْقَى بِفِناء الْبَيْتِ: كِبا، مَقْصُورٌ، والأَكْبَاء لِلْجَمْعِ والكِبَاء مَمْدُودٌ فَهُوَ البَخُور. وَيُقَالُ: كَبَّى ثوبَه تَكْبِيَةً إِذا بَخَّره. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنِ الْعَبَّاسِ أَنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قُرَيْشًا جَلَسُوا فَتَذَاكَرُوا أَحْسابَهم فَجَعَلُوا مَثَلَك مَثَلَ نَخلة فِي كَبْوةٍ مِنَ الأَرض، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْق فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ، ثُمَّ حِينَ فَرَّقهم جَعَلَنِي فِي خَيْرِ الفَرِيقين، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيوتاً فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ بُيُوتِهِمْ، فأَنا خَيْرُكم نَفْسًا وَخَيْرُكُمْ بَيْتاً

؛ قَالَ شِمْرٌ: قَوْلُهُ

فِي كَبْوة

لَمْ نَسْمَعْ فِيهَا مِنْ عُلَمَائِنَا شَيْئًا، وَلَكِنَّا سَمِعْنَا الكِبا والكُبَة، وَهُوَ الكُناسة وَالتُّرَابُ الَّذِي يُكْنَس مِنَ الْبَيْتِ. وَقَالَ خَالِدٌ: الكُبِينَ السِّرْجِين، وَالْوَاحِدَةُ كُبَةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الكُبَةُ الكُناسةُ مِنَ الأَسماء النَّاقِصَةِ، أَصلها كُبْوة، بِضَمِّ الْكَافِ مِثْلُ القُلةِ أَصلها قُلْوة، والثُّبة أَصلها ثُبْوة، وَيُقَالُ للرّبْوة كُبْوَةٌ، بِالضَّمِّ. قَالَ: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الكِبَا الكُناسة، وَجَمْعُهُ أَكْبَاء، والكُبَةُ بِوَزْنِ قُلةٍ وظُبةٍ نَحْوُهَا، وأَصلها كُبوة وَعَلَى الأَصل جَاءَ

ص: 213

الْحَدِيثُ: قَالَ: وكأَنَّ المحدِّث لَمْ يَضْبِطْهُ فَجَعَلَهَا كَبْوَة، بِالْفَتْحِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِهَا فَوَجْهُهُ أَن تُطْلَقَ الكَبْوة، وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الكَسْح، عَلَى الكُساحة والكُناسة. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: الكُبا جَمْعُ كُبَةٍ وَهِيَ الْبَعْرُ، وَقَالَ: هِيَ المَزْبُلة، وَيُقَالُ فِي جَمْعِ لُغَةٍ وكُبَةٍ لُغِين وكُبِينَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

وبالعَذَواتِ مَنْبِتُنا نُضارٌ،

ونَبْعٌ لَا فَصافِصُ فِي كُبِينا

أَراد: أَنَّا عَرَبٌ نشأْنا فِي نُزْهِ الْبِلَادِ وَلَسْنَا بحاضرة نَشَؤوا فِي الْقُرَى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والعَذَوات جَمْعُ عَذاة وَهِيَ الأَرض الطَّيِّبَةُ، والفَصافِصُ هِيَ الرَّطْبة. وأَما كِبُون فِي جَمْعِ كِبَة فالكِبَةُ، عِنْدَ ثَعْلَبٍ، وَاحِدَةُ الكِبا وَلَيْسَ بِلُغَةٍ فِيهَا، فَيَكُونُ كِبَةٌ وكِباً بِمَنْزِلَةِ لِثَةٍ ولِثًى. وَقَالَ ابْنُ وَلَّادٍ: الكِبا القُماش، بِالْكَسْرِ، والكُبا، بِالضَّمِّ، جَمْعُ كُبَةٍ وَهِيَ الْبَعْرُ، وَجَمْعُهَا كُبُون فِي الرَّفْعِ وكُبِينَ فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ، فَقَدْ حَصَلَ مِنْ هَذَا أَن الكُبا والكِبا الكُناسة والزِّبل، يَكُونُ مَكْسُورًا وَمَضْمُومًا، فَالْمَكْسُورُ جَمْعُ كِبَةٍ وَالْمَضْمُومُ جَمْعُ كُبَةٍ، وَقَدْ جَاءَ عَنْهُمُ الضَّمُّ وَالْكَسْرُ فِي كِبَة، فَمَنْ قَالَ كِبَة، بِالْكَسْرِ، فَجَمْعُهَا كِبُونَ وكِبينَ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، بِكَسْرِ الْكَافِ، وَمَنْ قَالَ كُبَة، بِالضَّمِّ، فَجَمْعُهَا كُبُونَ وكِبُونَ، بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِهَا، كَقَوْلِكَ ثُبون وثِبون فِي جَمْعِ ثُبة؛ وأَما الكِبا الَّذِي جَمْعُهُ الأَكْبَاء، عِنْدَ ابْنِ وَلَّادٍ، فَهُوَ القُماش لَا الكُناسة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنصار قَالُوا لَهُ إِنَّا نَسْمَعُ مِنْ قَوْمِكَ إِنما مثَلُ مُحَمَّدٍ كمثَل نَخْلَةٍ تَنْبُت فِي كِباً

؛ قَالَ: هِيَ، بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ، الْكُنَاسَةُ، وَجَمْعُهَا أَكْباء؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

قِيلَ لَهُ أَيْنَ تَدْفِنُ ابْنَكَ؟ قَالَ: عِنْدَ فَرَطِنا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ

، وَكَانَ قَبْرُ عُثْمَانَ عِنْدَ كِبا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَي كُناستهم. والكِباء، مَمْدُودٌ: ضَرْبٌ مِنَ العُود والدُّخْنة، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الْعُودُ المُتَبَخَّر بِهِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وبانا وأَلْوِيّاً، من الهِنْدِ، ذاكِياً،

ورَنْداً ولُبْنَى والكِباء المُقَتَّرا «3»

والكُبَةُ: كالكِباء؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَالْجَمْعُ كُباً. وقد كَبَّى ثوبَه، بِالتَّشْدِيدِ، أَي بَخَّره. وتَكَبَّتِ المرأَةُ عَلَى المِجمر: أَكَبَّت عَلَيْهِ بِثَوْبِهَا. وتَكَبَّى واكْتَبى إِذا تَبَخَّرَ بالعود؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ:

يَكْتَبِينَ اليَنْجُوجَ فِي كُبَةِ

المَشْتَى، وبُلهٌ أَحْلامُهُنَّ وِسامُ «4»

أَي يَتَبَخَّرْن اليَنْجُوج، وَهُوَ العُود، وكُبَةُ الشِّتَاءِ: شِدَّةُ ضَرَرِهِ، وَقَوْلُهُ: بُلْه أَحلامهن أَراد أَنهن غَافِلَاتٌ عَنِ الخَنى والخِبّ. وكَبَتِ النارُ: عَلَاهَا الرَّماد وَتَحْتَهَا الْجَمْرُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ كَابَي الرَّمَادِ أَي عَظِيمُهُ مُنْتَفِخُهُ يَنْهَالُ أَي أَنه صَاحِبُ طَعَامٍ كَثِيرٍ. وَيُقَالُ: نَارٌ كابيةٌ إِذا غطَّاها الرَّمَادُ وَالْجَمْرُ تَحْتَهَا، وَيُقَالُ فِي مِثْلِ: الْهَابِي شرٌّ مِنَ الكَابِي؛ قَالَ: والكَابِي الْفَحْمُ الَّذِي قَدْ خَمدت نَارُهُ فكَبا أَي خَلا مِنَ النَّارِ كَمَا يُقَالُ كَبا الزَّندُ إِذا لَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ نَارٌ؛ وَالْهَابِي: الرَّمَادُ الَّذِي تَرَفَّتَ وهَبا، وَهُوَ قَبْلَ أَن يَكُونَ هَباء كابٍ. وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ:

خلقَ اللهُ الأَرضَ السُّفلَى مِنَ الزبَد الجُفاء وَالْمَاءِ الكُباء

، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الْمَاءُ الكُباء هُوَ الْعَظِيمُ الْعَالِي، وَمِنْهُ يُقَالُ: فُلَانٌ كَابِي الرَّمَادِ أَيْ عظيم الرماد. وكَبا

(3). قوله [المقترا] هذا هو الصواب بصيغة اسم المفعول فما وقع في رند خطأ.

(4)

. قوله [في كبة] تقدم ضبطه في نجج من اللسان خطأ والصواب ما هنا.

ص: 214

الفَرسُ إِذا ربَا وَانْتَفَخَ؛ الْمَعْنَى أَنه خَلَقَهَا مِنْ زَبَد اجْتَمَعَ لِلْمَاءِ وتكاثفَ فِي جنَبات الْمَاءِ وَمِنَ الْمَاءِ الْعَظِيمِ، وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ حَدِيثًا مَرْفُوعًا. وكَبا النارَ: أَلقى عَلَيْهَا الرَّمَادَ. وكَبا الجَمْرُ: ارْتَفَعَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي عارِم الْكِلَابِيِّ فِي خَبَرٍ لَهُ ثُمَّ أَرَّثْت نارِي ثُمَّ أَوْقَدْتُ حَتَّى دفِئَتْ حَظيرتي وكَبا جَمرها أَي كَبا جَمْر نَارِي. وخَبَتِ النارُ أَي سَكَنَ لَهَبُهَا، وكَبَت إِذا غطَّاها الرَّماد وَالْجَمْرُ تَحْتَهُ، وهَمَدت إِذا طَفِئَت وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ الْبَتَّةَ. وعُلْبة كَابِيَةٌ: فِيهَا لَبَنٌ عَلَيْهَا رَغْوة، وكَبَوت الشَّيْءَ إِذا كسَحْته، وكَبَوْت الكُوز وَغَيْرَهُ: صَبَبْت مَا فِيهِ. وكَبَا الإِناءَ كَبْواً: صبَّ مَا فِيهِ. وكَبَا لونُ الصُّبْحِ وَالشَّمْسِ: أَظلم. وكَبَا لونُه: كَمَد. وكَبَا وجهُه: تَغيّر، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الكَبْوَة. وأَكْبَى وَجْهَه: غَيَّره؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

لَا يَغْلِبُ الجَهْلُ حِلْمي عِنْدَ مَقْدُرةٍ،

وَلَا العظيمةُ من ذي الظُّعْنِ تُكْبِيني

وَفِي حَدِيثِ

أَبي مُوسَى: فَشَقَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَبَا وجههُ

أَي ربَا وَانْتَفَخَ مِنَ الغَيْظ. يُقَالُ: كَبا الفرسُ يَكْبُو إِذا انْتَفَخَ وَرَبَا، وكَبا الغبارُ إِذا ارْتَفَعَ. وَرَجُلٌ كَابِي اللونِ: عَلَيْهِ غَبَرة. وكَبَا الغُبارُ إِذا لَمْ يَطِر وَلَمْ يَتَحَرَّكْ. وَيُقَالُ: غُبار كابٍ أَي ضَخْمٌ؛ قَالَ رَبِيعَةُ الأَسدي:

أَهْوَى لَهَا تحتَ العَجاجِ بطَعْنةٍ،

والخَيْلُ تَرْدِي فِي الغُبارِ الكَابِي

والكَبْوَة: الغَبَرَةُ كالهَبْوَة. وكَبَا الْفَرَسُ كَبْواً: لَمْ يَعرق. وكَبَا الْفَرَسُ يَكْبُو إِذا رَبا وَانْتَفَخَ مِنْ فَرَق أَو عَدْوٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

جَرَى ابنُ لَيْلى جِرْيةَ السَّبُوحِ،

جِريةَ لَا كابٍ وَلَا أَنُوحِ

اللَّيْثُ: الْفَرَسُ الكَابِي الَّذِي إِذا أَعْيا قَامَ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنَ الإِعياء. وكَبَا الفرسُ إِذا حُنِذَ بالجِلال فَلَمْ يَعرق. أَبو عَمْرٍو: إِذا حَنَذْتَ الْفَرَسَ فَلَمْ يَعْرَقْ قِيلَ كَبَا الفرسُ، وَكَذَلِكَ إِذا كَتَمْت الرَّبْوَ.

كتا: الكَتْوُ: مُقَارَبَةُ الْخَطْوِ، وَقَدْ كَتَا. ابْنُ الأَعرابي: أَكْتَى إِذا غَلا «1» عَلَى عَدُوِّهِ. اللَّيْثُ. اكْتَوْتَى الرجلُ فَهُوَ يَكْتَوتِي إِذا بَالَغَ فِي صِفَةِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ وَلَا عَمَلٍ، وَعِنْدَ الْعَمَلِ يَكْتَوتِي أَي كأَنه يَنْقَمِع. واكْتَوْتَى إِذا تَتَعْتَع.

كثا: الكُثْوة: التُّرَابُ الْمُجْتَمِعُ كالجُثْوة، وكُثْوةُ اللَّبَنِ كَكُثْأَته، وَهُوَ الْخَاثِرُ الْمُجْتَمِعُ عَلَيْهِ. وكُثْوة: اسْمُ رَجُلٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه سُمِّيَ بِهَا. وأَبو كُثْوة: شاعر. الجوهري: وكَثْوة، بِالْفَتْحِ، اسْمُ أُم شَاعِرٍ وَهُوَ زَيْدُ بْنُ كَثْوة؛ وَهُوَ الْقَائِلُ:

أَلا إنَّ قَوْمِي لَا تُلَطُّ قُدُورُهم،

ولَكِنَّما يُوقَدْن بالعَذِراتِ

أَي لَا يَسْتُرُونَ قُدورهم وإِنما يَجْعَلُونَهَا فِي أَفْنِية دُورِهِمْ لِتَظْهَرَ. والكَثا، مَقْصُورٌ: شَجَرٌ مِثْلُ شَجَرِ الغُبَيْراء سَوَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلا أَنه لَا رِيحَ لَهُ، وَلَهُ أَيضاً ثَمَرَةٌ مِثْلُ صِغَارِ ثَمَرِ الغُبَيراء قَبْلَ أَن يَحْمرَّ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ بِالْوَاوِ لأَنَّا لَا نَعْرِفُ فِي الْكَلَامِ ك ث ي. والكَثَاءةُ، مَمْدُودَةٌ مُؤَنَّثَةٌ بِالْهَاءِ: جِرْجِير الْبَرِّ؛ عَنْهُ أَيضاً، قَالَ: وَقَالَ أَعرابي هُوَ الكَثاة، مَقْصُورٌ.

(1). قوله [غلا] هو بالمعجمة كما في الأصل والتهذيب والتكملة وبعض نسخ القاموس.

ص: 215

أَبو مَالِكٍ: الكَثاة بِلَا هَمْزٍ وكَثًى كَثِيرٌ وَهُوَ الأَيْهُقان والنَّهَقُ والجِرْجِير كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَزَيْدُ بْنُ كَثْوة كأَنه فِي الأَصل كَثْأَة فَتُرِكَ هَمْزُهُ فَقِيلَ كَثْوة. وكَثْوَى: اسْمُ رَجُلٍ، قِيلَ إِنه اسْمُ أَبي صالح، عليه السلام.

كحا: الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: كَحَا إِذا فَسَد، قَالَ: وَهُوَ حَرْفٌ غَرِيبٌ.

كدا: كَدَت الأَرض تَكْدُو كَدْواً وكُدُوّاً، فَهِيَ كَادِيَةٌ إِذا أَبطأَ نَبَاتُهَا؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:

عَقْر العَقِيلةِ مِن مَالِي، إِذا أَمِنَتْ

عَقائلُ المالِ عَقْرَ المُصْرِخِ الكَادِي

الكَادِي: الْبَطِيءُ الْخَيْرِ مِنَ الْمَاءِ. وكَدَا الزَّرْعَ وَغَيْرَهُ مِنَ النَّبَاتِ: سَاءَتْ نِبْتَته. وكَدَاه البردُ: ردَّه فِي الأَرض. وكَدَوْتُ وَجْهَ الرَّجُلِ أَكْدُوه كَدْواً إِذا خَدَشته. والكُدْيَة والكَادِيَةُ: الشدَّة مِنَ الدَّهْرِ. والكُدْيَة: الأَرض الْمُرْتَفِعَةُ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ صُلب مِنَ الْحِجَارَةِ وَالطِّينِ. والكُدْيَة: الأَرض الْغَلِيظَةُ، وَقِيلَ: الأَرض الصُّلْبَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الصَّفاة الْعَظِيمَةُ الشَّدِيدَةُ. والكُدْيَة: الِارْتِفَاعُ مِنَ الأَرض. والكُدْيَة: صَلابة تَكُونُ فِي الأَرض. وأَصابَ الزرعَ بَردٌ فكَدَاه أَي ردَّه فِي الأَرض. وَيُقَالُ أَيضاً: أَصابتهم كُدْيَة وكادِيَةٌ مِنَ الْبَرْدِ، والكُدْيَةُ كلُّ مَا جُمع مِنْ طَعَامٍ أَو تُرَابٍ أَو نَحْوِهِ فَجُعِلَ كُثْبة، وَهِيَ الكُدَايةُ والكُداة «1» أَيضاً. وحفَر فأَكْدَى إِذا بَلَغَ الصُّلْبَ وصادَف كُدْية. وسأَله فأَكْدَى أَي وَجَدَهُ كالكُدْيةِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَانَ قِيَاسُ هَذَا أَن يُقَالَ فأَكْداه وَلَكِنَّ هَكَذَا حَكَاهُ. وَيُقَالُ: أَكْدَى أَي أَلَحَّ فِي المسأَلة؛ وأَنشد:

تَضَنُّ فَنُعْفِيها، إِن الدارُ ساعَفَتْ،

فَلَا نحنُ نُكْدِيها، وَلَا هِيَ تَبْذُلُ

وَيُقَالُ: لَا يُكْدِيك سُؤالي أَي لَا يُلحُّ عَلَيْكَ، وَقَوْلُهُ: فَلَا نَحْنُ نُكديها أَي فَلَا نَحْنُ نُلِحُّ عَلَيْهَا. وَتَقُولُ: لَا يُكْدِيك سُؤَالِي أَي لَا يُلح عَلَيْكَ سُؤَالِي؛ وَقَالَتْ خَنْسَاءُ:

فَتَى الفِتْيانِ مَا بَلغُوا مَداهُ،

وَلَا يُكْدِي، إِذا بَلَغَتْ كُداها

أَي لَا يَقطع عَطَاءَهُ وَلَا يُمسك عَنْهُ إِذا قَطَعَ غَيْرُهُ وأَمسك. وضِبابُ الكُدَا: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن الضِّباب مُولعة بِحَفْرِ الكُدا، وَيُقَالُ ضَبُّ كُدْيةٍ، وَجَمْعُهَا كُداً. وأَكْدَى الرجلُ: قلَّ خَيْرُهُ، وَقِيلَ: المُكْدِي مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يَثُوب لَهُ مَالٌ وَلَا يَنْمِي، وَقَدْ أَكْدَى؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

وأَصْبَحَتِ الزُّوّارُ بَعدكَ أَمْحَلُوا،

وأُكْدِيَ باغِي الخَيْرِ وانْقَطَعَ السَّفْرُ

وأَكْدَيْتُ الرَّجُلَ عَنِ الشَّيْءِ: رَدَدْتُهُ عَنْهُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ قَهْرِ صَاحِبِهِ لَهُ: أَكْدَتْ أَظفارك. وأَكدَى الْمَطَرُ: قَلَّ ونَكِد. وكَدَى الرَّجُلُ يَكْدِي وأَكْدَى: قَلَّلَ عَطَاءَهُ، وَقِيلَ: بَخِلَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى

؛ قِيلَ أَي وقَطع الْقَلِيلَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَكْدَى أَمسك مِنَ العَطِيَّة وقَطَع، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى أَكْدَى قَطَعَ، وأَصله مِنَ الْحَفْرِ فِي الْبِئْرِ، يُقَالُ لِلْحَافِرِ إِذا بَلَغَ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ إِلى حَجَرٍ لَا يُمَكِّنه مِنَ الْحَفْرِ: قَدْ بَلَغَ إِلى الكُدْية، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقطع الحفر. التهذيب: ويقال

(1). قوله [والكداة] كذا ضبط في الأصل، وفي شرح القاموس أنها بالفتح.

ص: 216

الكِدا، بِكَسْرِ الْكَافِ «1» ، الْقَطْعُ مِنْ قَوْلِكَ أَعطى قَلِيلًا وأَكْدَى أَي قَطَعَ. والكَدَا: الْمَنْعُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

بَلَى ثُمَّ لَمْ نَمْلِك مَقادِيرَ سُدِّيَتْ

لَنَا مِنْ كَدَا هِنْدٍ، عَلَى قِلَّةِ الثَّمْدِ

أَبو عَمْرٍو: أَكْدَى مَنَعَ، وأَكْدَى قطَع، وأَكْدَى إِذا انْقَطَعَ، وأَكْدَى النَّبْت إِذا قَصُر مِنَ الْبَرْدِ، وأَكْدَى العامُ إِذا أَجدَبَ، وأَكْدَى إِذا بَلَغَ الكُدَا، وَهِيَ الصَّحْرَاءُ، وأَكْدَى الحافِر إِذا حَفَر فَبَلَغَ الكُدا، وَهِيَ الصُّخُورُ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَن يَحْفِرَ. وكَدِيَتْ أَصابعه أَي كَلَّت مِنَ الْحَفْرِ. وَفِي حَدِيثِ الْخَنْدَقِ:

فعَرَضَت فِيهِ كُدْية فأَخذ المِسْحاة ثُمَّ سمَّى وَضَرَبَ

؛ الكُدُيَةُ: قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ صُلبة لَا يُعْمَلُ فِيهَا الفأْس؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رضي الله عنهما: سَبَق إِذ وَنَيْتُم ونَجَح إِذ أَكْدَيْتم

أَي ظَفِر إِذ خِبتم وَلَمْ تَظْفَرُوا، وأَصله مِنْ حافِر الْبِئْرِ يَنْتَهِي إِلى كُدْية فَلَا يُمْكِنُهُ الْحَفْرُ فَيَتْرُكُهُ؛ وَمِنْهُ:

أَنَّ فَاطِمَةَ، رضي الله عنها، خَرَجَتْ فِي تَعْزية بَعْضِ جِيرَانِهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَتْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: لَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الكُدَى

، أَراد المَقابرَ، وَذَلِكَ لأَنه كَانَتْ مَقابِرُهم فِي مَوَاضِعَ صُلْبَة، وَهِيَ جَمْعُ كُدْيَة، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَسَيَجِيءُ. ابْنُ الأَعرابي: أَكْدَى افْتَقَر بَعْدَ غِنًى، وأَكْدَى قَمِئَ خَلْقه، وأَكْدَى المَعْدِنُ لَمْ يَتَكَوَّنْ فِيهِ جَوْهَرٌ. وبَلَغ الناسُ كُدْيةَ فُلَانٍ إِذا أَعطَى ثُمَّ مَنع وأَمسَك. وكَدِيَ الجِرْوُ، بِالْكَسْرِ، يَكْدَى كَداً: وَهُوَ دَاءٌ يأْخذ الجِراء خَاصَّةً يُصِيبُهَا مِنْهُ قَيء وسُعال حَتَّى يُكْوَى مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَيَذْهَبُ. شِمْرٌ: كَدِيَ الْكَلْبُ كَداً إِذا نَشِب الْعَظْمُ فِي حَلقْه، وَيُقَالُ: كَدِيَ بِالْعَظْمِ إِذا غَصَّ بِهِ؛ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنِ شُمَيْلٍ. وكَدِيَ الفصيلُ كَداً إِذا شَرِبَ اللَّبَنَ ففسَد جَوْفُه. ومِسْك كَدِيٌّ: لَا رَائِحَةَ لَهُ. والمُكْدِيةُ مِنَ النِّسَاءِ: الرَّتْقاء. وَمَا كَداك عَنِّي أَي مَا حبَسك وشغَلك. وكُدَيٌّ وكَدَاء: مَوْضِعَانِ، وَقِيلَ: هُمَا جَبَلَانِ بِمَكَّةَ، وَقَدْ قِيلَ كَداً، بِالْقَصْرِ؛ قَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيّاتِ:

أَنتَ ابنُ مُعْتَلَجِ البِطاح

كُدَيِّها وكَدائِها «2»

ابْنُ الأَنباري: كَدَاء، مَمْدُودٌ، جَبَلٌ بِمَكَّةَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَدًا جَبَلٌ آخَرُ؛ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

عَدِمْنا خَيْلَنا، إِنْ لم تَرَوْها

تُثيرُالنَّقْعَ، مَوْعِدُها كَداء

وَقَالَ بَشِيرُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأَنصاري:

فسَلِ الناسَ، لَا أَبا لَكَ عَنّا

يومَ سالَتْ بالمُعْلِمِينَ كَداء

قَالَ: وَكَذَلِكَ كُدَيٌّ؛ قَالَ ابْنُ قَيس الرُّقَيَّات:

أَقْفَرَتْ بعدَ عَبْدِ شَمْسٍ كَداء،

فَكُدَيٌّ فالرُّكْنُ فالبَطْحاء

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَداء وَدَخَلَ فِي العُمرة مِنْ كُدًى

، وَقَدْ رُوِيَ بِالشَّكِّ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ وتكرارها.

(1). قوله [الكِدَا بكسر الكاف إلخ] كذا في الأصل، وعبارة القاموس: والكِدَاء ككساء المنع والقطع، وعبارة التكملة: وقال ابن الأنباري الكِدَاء، بالكسر والمدّ: القطع.

(2)

. قوله [أنت ابن إلخ] في التكملة: وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ يَمْدَحُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ:

فاسمع أمير المؤمنين

لمدحتي وثنائها،

أنت ابن معتلج البطاح

كُدَيِّهَا وكَدَائِها

ص: 217

وكَداء، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: الثَّنِيَّةُ الْعُلْيَا بِمَكَّةَ مِمَّا يَلِي الْمَقَابِرَ، وَهُوَ المَعْلَى. وكُداً، بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ: الثَّنِيَّةُ السُّفْلَى مِمَّا يَلِي بَابَ الْعُمْرَةِ، وأَما كُدَيٌّ، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، فَهُوَ مَوْضِعٌ بأَسفل مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ الأَعرابي: دَكا إِذا سَمِن وكَدا إِذا قطَع.

كَذَا: ابْنُ الأَعرابي: أَكْذى الشيءُ إِذا احمرَّ، وأَكْذَى الرجلُ إِذا احمرَّ لَوْنُهُ ممن خَجَلٍ أَو فَزَعٍ، ورأَيته كاذِياً «3» كَرِكاً أَي أَحمرَ، قَالَ: والكَاذِي والجِرْيال البَقَّم، وَقَالَ غَيْرُهُ: الكَاذِي ضَرْبٌ مِنَ الأَدْهان مَعْرُوفٌ، والكَاذِي ضَرْبٌ مِنَ الْحُبُوبِ يُجْعَلُ فِي الشَّرَابِ فَيُشَدِّدُهُ. اللَّيْثُ: الْعَرَبُ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، كَافُهُمَا كَافُ التَّشْبِيهِ وَذَا اسْمٌ يُشَارُ بِهِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ كَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الشَّيْءِ، تَقُولُ فَعَلْت كَذَا وكَذَا يَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْعَدَدِ فَتَنْصِبُ مَا بَعْدَهُ عَلَى التَّمْيِيزِ، تَقُولُ: لَهُ عِنْدِي كَذَا وكَذَا دِرْهَمًا، كَمَا تَقُولُ لَهُ عِنْدِي عِشْرُونَ دِرْهَمًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَجِيءُ أَنا وأُمتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كَذَا وكَذَا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي مُسْلِمٍ كأَن الرَّاوِيَ شَكَّ فِي اللَّفْظِ فَكَنَّى عَنْهُ بكَذَا وكَذَا، وَهِيَ مِنْ أَلفاظ الكِنايات مثْل كَيْتَ وكَيْتَ، وَمَعْنَاهُ مِثْلُ ذَا، ويُكنى بِهَا عَنِ الْمَجْهُولِ وَعَمَّا لَا يُرَادُ التَّصْرِيحُ بِهِ؛ قَالَ أَبو مُوسَى: الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ

نَجِيءُ أَنا وأُمتي عَلَى كَوْم

أَو لَفْظٍ يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: كَذَاك لَا تَذْعَرُوا عَلَيْنَا إِبلَنا

أَي حَسْبُكم، وَتَقْدِيرُهُ دَعْ فِعْلَك وأَمرَك كَذاك، وَالْكَافُ الأُولى وَالْآخِرَةُ زَائِدَتَانِ لِلتَّشْبِيهِ وَالْخِطَابِ وَالِاسْمُ ذَا، وَاسْتَعْمَلُوا الْكَلِمَةَ كُلَّهَا اسْتِعْمَالَ الِاسْمِ الْوَاحِدِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى. يُقَالُ: رَجُلٌ كَذَاكَ أَي خَسِيسٌ. واشْتَرِ لِي غُلَامًا وَلَا تَشْتَرِهِ كَذَاكَ أَي دَنِيئاً، وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ كَذَاكَ أَي مِثْلُ ذَاكَ، وَمَعْنَاهُ الْزَمْ مَا أَنت عَلَيْهِ وَلَا تَتَجَاوَزْهُ، وَالْكَافُ الأُولى مَنْصُوبَةُ الْمَوْضِعِ بِالْفِعْلِ الْمُضْمَرِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، يَوْمَ بَدْر: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَذَاك

أَي حَسْبُك الدُّعاء فإِن اللَّهَ مُنجز لك ما وعدك.

كرا: الكِرْوَةُ والكِراء: أَجر المستأْجَر، كَارَاه مُكَارَاةً وكِرَاءً واكْتَرَاه وأَكْرَانِي دابَّتَه ودارَه، والاسمُ الكِرْوُ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ، وَكَذَلِكَ الكِرْوَةُ والكُرْوَةُ، والكِرَاء مَمْدُودٌ لأَنه مصدر كَارَيْت، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنك تَقُولُ رَجُلٌ مُكارٍ، ومُفاعِلٌ إِنَّمَا هُوَ مِنْ فاعَلْت، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ لأَنك تَقُولُ أَعطيت الكَرِيَّ كِرْوَتَه، بِالْكَسْرِ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:

لَحِقْتُ وأَصْحابي عَلَى كُلِّ حُرَّةٍ

مَرُوحٍ، تُبارِي الأَحْمَسِيَّ المُكَارِيا

وَيُرْوَى: الأَحمشي، أَراد ظِلَّ النَّاقَةِ شَبَّهَهُ بِالْمُكَارِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَذَا فَسَّرَ الأَحمشي فِي الشِّعْرِ بأَنه ظِلَّ النَّاقَةِ. والمُكَارِي: الَّذِي يَكْرُو بِيَدِهِ فِي مَشْيِهِ، وَيُرْوَى الأَحْمَسِي مَنْسُوبٌ إِلى أَحْمَس رَجُلٌ مِنْ بَجيلة. والمُكاري عَلَى هَذَا الحادِي، قَالَ: والمُكارِي مُخَفَّفٌ، وَالْجَمْعُ المُكارون، سَقَطَتِ الْيَاءُ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، تَقُولُ هَؤُلَاءِ المُكارُون وَذَهَبْتُ إِلى المُكارِينَ، وَلَا تَقُلِ المُكارِيِّين بِالتَّشْدِيدِ، وإِذا أَضفت المُكارِيَ إِلى نَفْسِكَ قُلْتَ هَذَا مُكارِيَّ، بِيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ مُشَدَّدَةٍ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ تَقُولُ هَؤُلَاءِ مُكارِيَّ، سَقَطَتْ نُونُ الْجَمْعِ للإِضافة وَقُلِبَتِ الْوَاوُ

(3). قوله [كَاذِياً إلخ] الكَاذِي بمعنى الأحمر وغيره، لم يضبط في سائر الأصول التي بأيدينا إلا كما ترى، لكن عبارة التكملة: الكَاذِي، بتشديد الياء، من نبات بلاد عمان وهو الذي يطيب به الدهن الذي يقال له الكَاذِي، ووصفت ذلك النبات.

ص: 218

يَاءً وفَتَحْت يَاءَكَ وأَدغمتَ لأَن قَبْلَهَا سَاكِنًا، وهذانِ مُكارِيايَ تَفْتَحُ يَاءَكَ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي قاضِيَّ وراميَّ وَنَحْوِهِمَا. والمُكارِي والكَرِيُّ: الَّذِي يُكْرِيك دَابَّتَهُ، وَالْجَمْعُ أَكْرِياء، لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وأَكْرَيْت الدارَ فَهِيَ مُكْرَاة وَالْبَيْتُ مُكْرًى، واكْتَرَيت واسْتَكْرَيْت وتَكَارَيْت بِمَعْنًى. والكَرِيُّ، عَلَى فَعِيل: المُكارِي؛ وَقَالَ عُذافِر الكِندي:

وَلَا أَعودُ بَعْدَهَا كَرِيّا،

أُمارِسُ الكَهْلةَ والصَّبيَّا

وَيُقَالُ: أَكْرَى الكَرِيُّ ظَهْرَهُ. والكَرِيُّ أَيضاً: المُكْترِي. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: أَن امرأَة مُحرمة سأَلته فَقَالَتْ أَشَرْت إِلى أَرْنَبٍ فَرَمَاهَا الكَرِيُ

؛ الكَرِيُّ، بِوَزْنِ الصَّبيّ: الَّذِي يُكري دَابَّتَهُ، فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعِل. يُقَالُ: أَكْرَى دَابَّتَهُ فَهُوَ مُكْرٍ وكَرِيٌّ، وَقَدْ يَقَعُ عَلَى المُكْتَرِي فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعَل، وَالْمُرَادُ الأَول. وَفِي حَدِيثِ

أَبي السَّليل: الناسُ يَزْعُمُونَ أَنَّ الكَرِيَّ لَا حَجَّ لَهُ.

والكَرِيُّ: الَّذِي أَكريته بَعِيرَكَ، وَيَكُونُ الكَرِيّ الَّذِي يُكْريك بَعِيرَهُ فأَنا كَرِيُّك وأَنت كَرِيِّي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

كَرِيُّه مَا يُطْعِم الكَرِيّا،

بِاللَّيْلِ، إِلا جِرْجِراً مَقْلِيّا

ابْنُ السِّكِّيتِ: أَكْرَى الكَرِيُّ ظَهْرَهُ يُكْرِيه إِكْرَاء. وَيُقَالُ: أَعطِ الكَرِيَّ كِرْوَتَه؛ حَكَاهَا أَبو زَيْدٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الكِرَاء مَمْدُودٌ لأَنه مَصْدَرُ كَارَيْت، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنك تَقُولُ رَجُلٌ مُكَارٍ مُفاعِل، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ. وَيُقَالُ: اكْتَرَيْتُ مِنْهُ دَابَّةً واسْتَكْرَيْتها فأَكْرَانِيها إِكْرَاءً، وَيُقَالُ للأُجرة نَفْسِهَا كِرَاءٌ أَيضاً. وكَرَا الأَرضَ كَرْواً: حفَرها وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

فَاطِمَةَ، رضي الله عنها: أَنها خَرَجَتْ تُعَزِّي قَوْمًا، فَلَمَّا انْصَرَفَتْ قَالَ لَهَا: لَعَلكِ بَلغْتِ مَعَهُمُ الكُرَى؟ قَالَتْ: معاذَ اللهِ

هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالرَّاءِ، وَهِيَ القُبور جَمْعُ كُرْيةٍ أَو كُرْوةٍ، مَنْ كَرَيْتُ الأَرض وكَرَوْتُها إِذا حَفَرْتُهَا كالحُفرة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَن الأَنصار سأَلوا رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي نَهْرٍ يَكْرُونه لَهُمْ سَيْحاً

أَي يَحْفِرُونه ويُخْرِجون طِينَهُ. وكَرَا الْبِئْرُ كَرْواً: طَوَاهَا بِالشَّجَرِ. وكَرَوْتُ الْبِئْرَ كَرْواً: طَوَيْتُهَا. أَبو زَيْدٍ: كَرَوْتُ الرَّكِيَّة كَرْواً إِذا طَوَيْتَهَا بِالشَّجَرِ وعَرَشْتها بِالْخَشَبِ وَطَوَيْتَهَا بِالْحِجَارَةِ، وَقِيلَ: المَكْرُوَّة مِنَ الْآبَارِ الْمَطْوِيَّةِ بالعَرْفَج والثُّمام والسَّبَط.، وكَرَا الغلامُ يَكْرُوا كَرْواً إِذا لَعِبَ بالكُرة. وكَرَوْتُ بالكُرة أَكْرُو بِهَا إِذا ضَرَبْتَ بِهَا ولَعِبت بِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: والكُرَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ مَا أَدَرْت مِنْ شَيْءٍ. وكَرَا الكُرَة كَرْواً: لَعِبَ بِهَا؛ قَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلَس:

مَرِحَت يَداها للنَّجاء، كأَنما

تَكْرُو بِكَفَّي لاعِبٍ فِي صاعِ

والصاعُ: الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض كالحُفْرة. ابْنُ الأَعرابي: كَرَى النَّهْرَ يَكْرِيه إِذا نَقَصَ تِقْنَه، وَقِيلَ: كَرَيْت النَّهْرَ كَرْياً إِذا حَفَرْتَهُ. والكُرَةُ: الَّتِي يُلعَبُ بِهَا، أَصلها كُرْوَةٌ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ، كَمَا قَالُوا قُلةٌ لِلَّتِي يُلعب بِهَا، والأَصل قُلْوةٌ، وَجَمْعُ الكُرَةِ كُراتٌ وكُرُون. الْجَوْهَرِيُّ: الكُرَةُ الَّتِي تُضرب بالصَّوْلَجان وأَصلها كُرَوٌ، وَالْهَاءُ

ص: 219

عِوض، وَتُجْمَعُ عَلَى كُرِين وكِرِينَ أَيضاً، بِالْكَسْرِ، وكُرَاتٍ؛ وَقَالَتْ لَيْلَى الأَخيلية تَصِفُ قَطاة تدلَّت عَلَى فِراخِها:

تَدَلَّت عَلَى حُصٍّ ظِماءٍ كأَنها

كُرَاتُ غُلامٍ فِي كِساءٍ مُؤَرْنَبِ

وَيُرْوَى: حُصِّ الرؤوس كأَنها؛ قَالَ: وَشَاهِدُ كُرِينَ قول الآخر «1» :

يُدَهْدِين الرُّؤوسَ كَمَا يُدَهْدي

حَزاوِرةٌ، بأَيديها، الكُرِينا

وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى أُكَرٍ، وأَصله وُكَرٌ مَقْلُوبُ اللَّامِ إِلى مَوْضِعِ الْفَاءِ، ثُمَّ أُبدلت الْوَاوُ هَمْزَةً لِانْضِمَامِهَا. وكَرَوْتُ الأَمرَ وكَرَيْتُه: أَعَدْتُه مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. وكَرَتِ الدَّابَّةُ كَرْواً: أَسرعت. والكَرْوُ: أَن يَخْبِط بِيَدِهِ فِي اسْتِقَامَةٍ لَا يَفْتِلُها نَحْوَ بَطْنِهِ، وَهُوَ مِنْ عُيُوبِ الْخَيْلِ يَكُونُ خِلْقة، وَقَدْ كَرَى الفرسُ كَرْواً وكَرَتِ المرأَةُ فِي مِشْيَتها تَكْرُو كَرْواً. والكَرَا: الفَحَجُ فِي السَّاقَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ دِقَّة السَّاقَيْنِ والذِّراعين، امرأَة كَرْوَاءُ وَقَدْ كَرِيَت كَراً، وَقِيلَ: الكَرْوَاء المرأَة الدَّقِيقَةُ السَّاقَيْنِ. أَبو بَكْرٍ: الكَرَا دِقَّةُ السَّاقَيْنِ، مَقْصُورٌ يُكْتَبُ بالأَلف، يُقَالُ: رَجُلٌ أَكْرَى وامرأَة كَرْوَاءُ؛ وَقَالَ:

ليْسَتْ بكَرْوَاءَ، ولكِنْ خِدْلِمِ،

وَلَا بِزَلَّاءَ، ولكِنْ سُتْهُمِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن تُرْفَعَ قَافِيَتُهُ؛ وَبَعْدَهُمَا:

وَلَا بِكَحْلاء، ولكِن زُرْقُم

والكَرَوَانُ، بِالتَّحْرِيكِ: طَائِرٌ وَيُدْعَى الحجلَ والقَبْجَ، وَجَمْعُهُ كِرْوَانٌ، صَحَّتِ الْوَاوُ فِيهِ لِئَلَّا يَصِيرَ مِنْ مِثَالِ فَعَلان فِي حَالِ اعْتِلَالِ اللَّامِ إِلى مِثَالِ فَعالٍ، وَالْجَمْعُ كَرَاوِينُ، كَمَا قَالُوا وراشِينُ؛ وأَنشد بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ فِي صِفَةِ صَقْرٍ لِدَلَمٍ العَبْشَمي وَكُنْيَتُهُ أَبو زَغْبٍ:

عَنَّ لَهُ أَعْرَفُ ضَافِي العُثْنُونْ،

داهِيةً صِلَّ صَفاً دُرَخْمِينْ،

حَتْفَ الحُبارَياتِ والكَراوِينْ

والأُنثى كَرَوانةٌ، وَالذَّكَرُ مِنْهَا الكَرَا، بالأَلف؛ قَالَ مُدرك بْنِ حِصْن الأَسدي:

يَا كَرَواناً صُكَّ فاكْبَأَنَّا،

فَشَنَّ بالسَّلْحِ، فَلَمَّا شَنَّا،

بَلَّ الذُّنابى عَبَساً مُبِنَّا

قَالُوا: أَراد بِهِ الحُبارى يَصُكُّه الْبَازِي فيتَّقِيه بسَلْحِه، وَيُقَالُ لَهُ الكُرْكِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ إِذا صيدَ: أَطْرِقْ كَرا أَطْرِقْ كَرا إِن النَّعامَ فِي القُرى، وَالْجَمْعُ كِرْوانٌ، بِكَسْرِ الْكَافِ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا إِذا جَمَعْتَ الوَرشانَ قُلْتَ وِرْشانٌ، وَهُوَ جَمْعٌ بِحَذْفِ الزَّوَائِدِ، كأَنهم جَمَعُوا كَراً مِثْلَ أَخٍ وإخْوان. والكَرا: لُغَةٌ فِي الكَرَوانِ؛ أَنشد الأَصمعي لِلْفَرَزْدَقِ:

عَلَى حِينَ أَن رَكَّيْتُ وابْيَضَّ مِسْحَلي،

وأَطْرَقَ إِطْراقَ الكَرا مَن أُحارِبُه «2»

ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي الْمَثَلِ أَطْرِقْ كَرا إِنَّ النَّعامَ فِي القُرى؛ غَيْرُهُ: يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُخْدَعُ بِكَلَامٍ يُلَطَّف لَهُ ويُراد بِهِ الْغَائِلَةُ، وَقِيلَ: يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُتَكَلَّم عِنْدَهُ بِكَلَامٍ فَيَظن أَنه هُوَ الْمُرَادُ بِالْكَلَامِ، أَي اسْكُتْ فإِني أُريد مَنْ هُوَ أَنْبَلُ مِنْكَ وأَرفع مَنْزِلَةً؛ وَقَالَ أَحمد بْنُ عُبَيْدٍ: يضرب للرجل

(1). هو عمرو بن كلثوم

(2)

. قوله [عَلَى حِينَ أَنْ رَكَّيْتُ] كذا بالأصل، والذي في الديوان:

أحين التقى ناباي وابيض مسحلي

ص: 220

الْحَقِيرِ إِذا تَكَلَّمَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُشبهه وأَمثالَه الكلامُ فِيهِ، فَيُقَالُ لَهُ اسْكُتْ يَا حَقِيرُ فإِنَّ الأَجِلَّاء أَولى بِهَذَا الْكَلَامِ مِنْكَ. والكَرا: هو الكَرَوانُ طَائِرٌ صَغِيرٌ، فخُوطب الكَروانُ وَالْمَعْنَى لِغَيْرِهِ، ويُشبَّه الكَرَوَانُ بالذَّلِيل، والنعامُ بالأَعزة، وَمَعْنَى أَطْرِقْ أَي غُضَّ مَا دَامَ عَزِيزٌ فَإِيَّاكَ أَن تَنطِق أَيها الذَّلِيلُ، وَقِيلَ: مَعْنَى أَطرق كَرَا أَن الكَرَوَان ذَلِيلٌ فِي الطَّيْرِ وَالنَّعَامُ عَزِيزٌ، يُقَالُ: اسْكُنْ عندَ الأَعزة وَلَا تَسْتَشْرِفْ لِلَّذِي لَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ، وَقَدْ جَعَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ تَرْخِيمَ كَرَوَانٍ فَغَلِطَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يَعْرِفْ سِيبَوَيْهِ فِي جَمْعِ الكَرَوَانِ إِلا كِرْوَاناً فَوَجْهُهُ عَلَى أَنهم جَمَعُوا كَرًا، قَالَ: وَقَالُوا كَرَوانٌ وَلِلْجَمْعِ كِرْوانٌ، بِكَسْرِ الْكَافِ، فإِنما يُكسَّر عَلَى كَراً كَمَا قَالُوا إخْوان. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: قَوْلُهُمْ كَرَوانٌ وكِرْوانٌ لَمَّا كَانَ الْجَمْعُ مُضَارِعًا لِلْفِعْلِ بِالْفَرْعِيَّةِ فِيهِمَا جَاءَتْ فِيهِ أَيضاً أَلفاظ عَلَى حَذْفِ الزِّيَادَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْوَاحِدِ، فَقَالُوا كَرَوانٌ وكِرْوان، فجاءَ هَذَا عَلَى حَذْفِ زَائِدَتَيْهِ حَتَّى صَارَ إِلى فَعَل، فجَرى مَجْرَى خَرَب وخِرْبان وبَرَقٍ وبِرْقانٍ، فَجَاءَ هَذَا عَلَى حَذْفِ الزِّيَادَةِ كَمَا قَالُوا عَمْرَك اللهَ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: سُمِّيَ الكَرَوَانُ كَرَوَاناً بِضِدِّهِ لأَنه لَا يَنام بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ: الكَرَوَان طَائِرٌ يُشْبِهُ الْبَطَّ. وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي قَوْلِهِمْ أَطْرِق كَرَا، قَالَ: رُخِّم الْكَرَوَانُ، وَهُوَ نَكِرَةٌ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَا قُنْفُ، يُرِيدُ يَا قُنْفُذ، قَالَ: وإِنما يُرَخَّمُ فِي الدُّعَاءِ المَعارف نَحْوَ مَالِكٍ وَعَامِرٍ وَلَا تُرَخَّمُ النَّكِرَةُ نَحْوَ غُلَامٍ، فرُخم كَرَوانٌ وَهُوَ نَكِرَةٌ، وَجُعِلَ الْوَاوُ أَلفاً فَجَاءَ نَادِرًا. وَقَالَ الرَّسْمِيُّ: الكَرا هُوَ الكَرَوان، حَرْفٌ مَقْصُورٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الكَرَا تَرْخِيمُ الكَرَوان، قَالَ: وَالصَّوَابُ الأَوّل لأَن التَّرْخِيمَ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النِّدَاءِ، والأَلف الَّتِي فِي الكَرا هِيَ الْوَاوُ الَّتِي فِي الكَروان، جُعِلَتْ أَلفاً عِنْدَ سُقُوطِ الأَلف وَالنُّونِ، وَيُكْتَبُ الْكَرَا بالأَلف بِهَذَا الْمَعْنَى، وَقِيلَ: الْكَرَوَانُ طَائِرٌ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ أَغبر دُونَ الدَّجَاجَةِ فِي الخَلق، وَلَهُ صَوْتٌ حَسَنٌ يَكُونُ بِمِصْرَ مَعَ الطُّيُورِ الدَّاجِنَةِ فِي الْبُيُوتِ، وَهِيَ مِنْ طُيُورِ الرِّيف والقُرَى، لَا يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ. والكَرَى: النَّوْمُ. والكَرَى: النُّعَاسُ، يُكْتَبُ بِالْيَاءِ، وَالْجَمْعُ أَكْراء؛ قَالَ:

هاتَكْتُه حَتَّى انْجَلَتْ أَكْراؤُه

كَرِيَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، يَكْرَى كَرًى إِذا نَامَ، فَهُوَ كَرٍ وكَرِيٌّ وكَرْيان. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه أَدْرَكه الكَرَى

أَي النَّوْمُ، وَرَجُلٌ كَرٍ وكَرِيٌّ؛ وَقَالَ:

مَتى تَبِتْ بِبَطْنِ وادٍ أَو تَقِلْ،

تَتْرُكْ بِهِ مِثْلَ الكَرِيّ المُنْجَدِلْ

أَي متَى تَبِت هَذِهِ الإِبل فِي مَكَانٍ أَو تَقِل بِهِ نَهَارًا تَتْركْ بِهِ زِقّاً مَمْلُوءًا لَبَنًا، يَصِفُ إِبلًا بِكَثْرَةِ الْحَلْبِ أَي تَحْلُب وَطْباً مِنْ لَبَنٍ كأَن ذَلِكَ الْوَطْبَ رَجُلٌ نَائِمٌ. وامرأَة كَرِيَةٌ عَلَى فَعِلة؛ وَقَالَ:

لَا تُسْتَمَلُّ وَلَا يَكْرَى مُجالِسُها،

وَلَا يَمَلُّ مِنَ النَّجْوى مُناجِيها

وأَصبح فُلَانٌ كَرْيانَ الغداةِ أَي ناعِساً. ابْنُ الأَعرابي: أَكْرَى الرجُل سَهِر فِي طاعةِ اللَّهِ عز وجل. وكَرَى النهرَ كَرْياً: اسْتَحْدَثَ حَفْرة. وكَرَى الرجلُ كَرْياً: عَدا عَدْوًا شَدِيدًا، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِاللُّغَةِ الْعَالِيَةِ. وَقَدْ أَكْرَيْت أَي أَخَّرت. وأَكْرَى الشيءَ والرحْلَ والعَشاء: أَخَّره، وَالِاسْمُ الكَراء؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

ص: 221

وأَكْرَيْت العَشاء إِلى سُهَيْلٍ

أَو الشِّعْرَى، فطالَ بِيَ الأَناءُ

قِيلَ: هُوَ يَطْلُع سَحَراً وَمَا أُكل بَعْدَهُ فَلَيْسَ بعَشاء، يَقُولُ: انْتَظَرْتُ مَعْرُوفَكَ حَتَّى أَيِسْت. وَقَالَ

فَقِيهُ الْعَرَبِ: مَنْ سَرَّه النِّساء وَلَا نَساء، فَلْيُبَكِّر العَشاء، وليُباكِر الغَداء، وليُخَفِّف الرِّداء، وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّسَاءِ.

وأَكْرَيْنا الْحَدِيثَ اللَّيْلَةَ أَي أَطَلْناه. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، ذَاتَ لَيْلَةٍ فأَكْرَيْنا فِي الْحَدِيثِ أَي أَطَلْناه وأَخَّرناه.

وأَكْرَى مِنَ الأَضداد، يُقَالُ: أَكْرَى الشيءُ يُكْرِي إِذا طالَ وقَصُرَ وزادَ ونَقَص؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

وتَواهَقَتْ أَخْفافُها طَبَقاً،

والظِّلُّ لَمْ يَفْضُلْ وَلَمْ يُكْرِي

أَي وَلَمْ يَنْقُصْ، وَذَلِكَ عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ. وأَكْرى الرَّجُلُ: قلَّ مَالُهُ أَو نَفِد زادُه. وَقَدْ أَكرى زادُه أَي نَقَصَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلَبِيدٍ:

كذِي زادٍ مَتى مَا يُكْرِ مِنْه،

فَلَيْسَ وَرَاءَهُ ثِقَةٌ بزادِ

وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ قِدْراً:

يُقَسِّمُ مَا فِيهَا، فإَنْ هِيَ قَسَّمَتْ

فَذاكَ، وإِنْ أَكْرَتْ فَعَنْ أَهلها تُكْرِي

قَسَّمَتْ: عَمَّت فِي القَسْم، أَراد وإِن نقَصت فَعَنْ أَهلها تَنْقُص، يَعْنِي القِدْر. أَبو عُبَيْدٍ: المُكَرِّي السَّيرُ «1» اللَّيِّن البَطِيء، والمُكَرِّي مِنَ الإِبل الَّتِي تَعْدُو، وَقِيلَ: هُوَ السَّيْرُ الْبَطِيءُ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

وكلُّ ذَلِكَ مِنْهَا كُلَّما رَفَعَتْ،

مِنْها المُكَرِّي، ومِنها اللَّيِّن السَّادِي

أَي رفَعَتْ فِي سَيْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَالَ الرَّاجِزُ:

لمَّا رأَتْ شَيْخاً لَهُ دَوْدَرَّى،

ظَلَّتْ عَلَى فِراشِها تَكَرَّى «2»

دَوْدَرَّى: طَويل الخُصيتين. وَقَالَ الأَصمعي: هَذِهِ دَابَّةٌ تُكَرِّي تَكْرِيَةً إِذا كَانَ كأَنه يَتَلَقَّفُ بِيَدِهِ إِذا مَشَى. وكَرَت الناقةُ بِرِجْلَيْهَا: قلَبتهما فِي العَدْوِ، وَكَذَلِكَ كَرَى الرجلُ بِقَدَمَيْهِ، وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ يَائِيَّةٌ لأَن يَاءَهَا لَامٌ وَانْقِلَابُ الأَلف يَاءً عَنِ اللَّامِ أَكثر مِنِ انْقِلَابِهَا عَنِ الْوَاوِ. والكَرِيُّ: نَبْتٌ. والكَرِيَّةُ، عَلَى فعِيلة: شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ فِي الخَصب بِنَجْدٍ ظَاهِرَةٌ، تَنْبُتُ عَلَى نِبْتة الجَعْدة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَرِيُّ، بِغَيْرِ هَاءٍ، عُشبة مِنَ المَرْعى، قَالَ: لَمْ أَجد مَنْ يَصِفُهَا، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَهَا الْعَجَّاجُ فِي وَصْفِ ثَوْرِ وَحْشٍ فَقَالَ:

حَتَّى عَدا، واقْتادَه الكَرِيُّ

وشَرْشَرٌ وقَسْوَرٌ نَضْرِيُّ «3»

وَهَذِهِ نُبوت غَضَّة، وَقَوْلُهُ: اقتادَه أَي دَعاه، كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

يَدْعُو أَنْفَه الرِّبَبُ «4»

والكَرَوْيا: مِنَ الْبِزْرِ، وَزْنُهَا فَعَوْلَلٌ، أَلفها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ وَلَا تَكُونُ فَعَولَى وَلَا فَعَلْيا لأَنهما بِناءَان لَمْ يثبُتا فِي الْكَلَامِ، إِلا أَنه قَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ فَعَوْلٌ فِي قَوْلِ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ قَهَوْباة. وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ: كَرَوْيَاء، بِالْمَدِّ، وَقَالَ مُرَّةُ: لَا أَدري أَيمد الكَرَوْيا أَم لَا، فإِن مُدَّ فَهِيَ أُنثى، قَالَ: وَلَيْسَتِ

(1). قوله [المكرّي السير إلخ] هذه عبارة التهذيب، وعبارة الجوهري: والمكرّي من الإبل اللين السير والبطيء.

(2)

. قوله [لما رأت إلخ] لم يقدّم المؤلف المستشهد عليه، وفي القاموس: تكرّى نام، فتكرّى في البيت تتكرّى.

(3)

. قوله [نضري] هو الصواب وتصحف في شرشر بنصري.

(4)

. قوله [يدعو] أَوّله كما في شرح القاموس في مادة ربب:

أَمْسَى بِوَهْبِينَ مُجْتَازًا لِمَرْتَعِهِ

بذي الْفَوَارِسِ يَدْعُو أَنْفَهُ الرِّبَبُ

ص: 222

الكَرَوْياء بِعَرَبِيَّةٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الكرَوْيا مِنْ هَذَا الْفَصْلِ، قَالَ: وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلٍ قَرْدَمَ مَقْصُورًا عَلَى وَزْنِ زَكَرِيَّا، قَالَ: ورأَيتها أَيضاً الكَرْوِياء، بِسُكُونِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ مَمْدُودَةٌ، قَالَ: ورأَيتها فِي النُّسْخَةِ الْمَقْرُوءَةِ عَلَى ابْنِ الْجَوَالِيقِيِّ الكَرَوْياء، بِسُكُونِ الْوَاوِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ مَمْدُودَةٌ، قَالَ: وَكَذَا رأَيتها، فِي كِتَابٍ لَيْسَ لِابْنِ خَالَوَيْهِ، كَرَوْيا، كَمَا رأَيتها فِي التَّكْمِلَةِ لِابْنِ الْجَوَالِيقِيِّ، وَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَن تَنْقَلِبَ الْوَاوُ يَاءً لِاجْتِمَاعِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ وَكَوْنِ الأَول مِنْهُمَا سَاكِنًا إِلا أَن يَكُونَ مِمَّا شَذَّ نَحْوَ ضَيْوَن وحَيْوةٍ وحَيْوان وعَوْية فَتَكُونُ هَذِهِ لَفْظَةً خَامِسَةً. وكَرَاء: ثَنِيَّةٌ بِالطَّائِفِ مَمْدُودَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وكَرَاء مَوْضِعٌ؛ وَقَالَ:

مَنَعْناكمْ كَراء وجانِبَيْهِ،

كَمَا مَنَعَ العَرينُ وَحَى اللُّهامِ

وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

كأَغْلَبَ، مِنْ أُسُود كَراءَ، ورْدٍ

يَرُدُّ خَشَايَةَ الرجلِ الظَّلُومِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والكَرا ثَنِيَّةٍ بالطائف مقصورة.

كزا: ابْنُ الأَعرابي: كَزا إِذا أَفضلَ عَلَى مُعْتَفِيه؛ رَوَاهُ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْهُ.

كسا: الكِسْوَةُ والكُسْوَةُ: اللِّبَاسُ، وَاحِدَةُ الكُسا؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَلَهَا معانٍ مُخْتَلِفَةٌ. يُقَالُ: كَسَوْت فُلَانًا أَكْسُوه كِسْوَةً إِذا أَلبسته ثَوْبًا أَو ثِيَابًا فاكْتَسَى. واكْتَسَى فُلَانٌ إِذا لبَس الكِسْوَة [الكُسْوَة]؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ:

قَدْ كَسَا فِيهِنَّ صِبْغاً مُرْدِعاً

يَعْنِي كساهنَّ دَماً طَرِيًّا؛ وَقَالَ يَصِفُ الْعِيرَ وأُتُنه:

يَكْسُوه رَهْباها إِذا تَرَهَّبا،

عَلَى اضْطِرامِ اللُّوحِ، بَوْلًا زَغْرَبا

يَكْسُوه رَهْباها أَي يَبُلْن عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: اكتَسَتِ الأَرض بِالنَّبَاتِ إِذا تغطَّت بِهِ. والكُسا: جَمْعُ الكُسْوَة. وكَسِيَ فُلَانٌ يَكْسَى إِذا اكْتَسَى، وَقِيلَ: كَسِيَ إِذا لَبِسَ الكُسْوَة؛ قَالَ:

يَكْسى وَلَا يَغْرَثُ مملوكُها،

إِذا تَهَرَّت عَبْدَها الهارِيهْ

أَنشده يَعْقُوبُ. واكْتَسَى: كَكَسِيَ، وكَساه إِياها كَسْواً. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما كَسِيَ زيدٌ ثَوْبًا وكَسَوْته ثَوْبًا فإِنه وإِن لَمْ يُنْقَلْ بِالْهَمْزَةِ فإِنه نُقِلَ بِالْمِثَالِ، أَلَا تَرَاهُ نُقِلَ مِنْ فَعِلَ إِلى فَعَلَ، وإِنما جَازَ نَقْلُهُ بفَعَل لَمَّا كَانَ فَعَلَ وأَفْعَلَ كَثِيرًا مَا يَعْتَقِبَانِ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ نَحْوُ جَدَّ فِي الأَمر وأَجَدَّ، وصدَدْته عَنْ كَذَا وأَصدَدْته، وَقَصَرَ عَنِ الشَّيْءِ وأَقْصَر، وسَحَته اللَّهُ وأَسْحَته وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَتْ فَعَلَ وأَفْعَلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاعْتِقَابِ والتَّعاوُض ونُقِل بأَفْعل، نُقِلَ أَيضاً فَعِلَ يَفعَل نَحْوَ كَسِيَ وكَسَوْتُه وشَتِرَت عينُه وشَتَرْتها وعارَتْ وعُرْتها. وَرَجُلٌ كاسٍ: ذُو كُسوة، حَمَلَهُ سِيبَوَيْهِ عَلَى النَّسَبِ وَجَعَلَهُ كَطاعِم، وَهُوَ خِلَافٌ لِمَا أَنشدناه مِنْ قَوْلِهِ:

يَكْسَى وَلَا يَغْرَثُ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَن الشَّيْءَ إِنما يُحْمَلُ عَلَى النَّسَبِ إِذا عُدِمَ الفِعل. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَكْسَى مِنْ بَصَلةٍ إِذا لَبِسَ الثِّيَابَ الْكَثِيرَةَ، قَالَ: وَهَذَا مِنَ النَّوَادِرِ أَن يُقَالَ للمُكْتَسِي كاسٍ بِمَعْنَاهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَكْسَى مِنْ فُلَانٍ أَي أَكثر إِعطاء للكُسوة، مِنْ كَسَوْتُه أَكْسُوه. وَفُلَانٌ أَكْسَى

ص: 223

مِنْ فُلَانٍ أَي أَكثر اكْتِساء مِنْهُ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الْحُطَيْئَةُ:

دَعِ المَكارِمَ لَا تَرْحَلْ لبُغْيَتها،

واقْعُدْ فإِنَّك أَنتَ الطاعِمُ الكَاسِي

أَي المُكْتَسي. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي المَكْسُوَّ، كَقَوْلِكَ مَاءٌ دافِقٌ وعيشةٌ راضِيةٌ، لأَنه يُقَالُ كَسِيَ العُرْيانُ وَلَا يُقَالُ كَسا. وَفِي الْحَدِيثِ:

ونِساءٍ كاسِياتٍ عارِياتٍ

أَي أَنهنَّ كاسياتٌ مِنْ نِعَم اللَّهِ عارِياتٌ مِنَ الشُّكْرِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكْشِفْنَ بعضَ جَسَدِهِنَّ ويَسْدُلْن الخُمُر مِنْ وَرَائِهِنَّ فهنَّ كاسِياتٌ كعارِيات، وَقِيلَ: أَراد أَنهن يَلْبَسْن ثِياباً رِقَاقًا يَصِفْنَ مَا تَحْتَهَا مِنْ أَجْسامِهن فَهُنَّ كاسِياتٌ فِي الظَّاهِرِ عارِياتٌ فِي الْمَعْنَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ كَسِيَ يَكْسَى ضِدُّ عَرِيَ يَعْرَى؛ قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْحُوجٍ الشَّيْبَانِيُّ:

لقَدْ زادَ الحَياةَ إِليَّ حُبّاً

بَناتي، أَنَّهُنَّ مِنَ الضِّعافِ

مَخافةَ أَن يَرَيْنَ البُؤسَ بَعْدي،

وأَن يَشْرَبْنَ رَنْقاً بعدَ صافِ

وأَن يَعْرَيْنَ، إِنْ كَسِيَ الجَواري،

فَتَنْبُو العينُ عَن كَرَمٍ عجافِ

واكْتَسَى النَّصِيُّ بالوَرق: لَبِسَهُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. واكْتَسَتِ الأَرضُ: تمَّ نباتُها والتفَّ حَتَّى كأَنها لَبسته. والكِسَاء: مَعْرُوفٌ، وَاحِدُ الأَكْسِيَة اسْمٌ مَوْضُوعٌ، يُقَالُ: كِسَاءٌ وكِسَاءَان وكِسَاوَانِ، النسبة إِليها كِسَائِيٌّ وكِسَاوِيٌّ، وأَصله كِساوٌ لأَنه مِنْ كَسَوْتُ إِلا أَن الْوَاوَ لَمَّا جَاءَتْ بَعْدَ الأَلف هُمِزَتْ. وتَكَسَّيْتُ بالكِساء: لَبِسْتُهُ؛ وَقَوْلُ عَمْرِو بْنِ الأَهتم:

فبَاتَ لَهُ دونَ الصَّبا، وَهِيَ قُرَّةٌ،

لِحافٌ، ومَصْقولُ الكِساء رَقِيقُ

أَراد اللبنَ تَعْلُوهُ الدُّوايةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده وَبَاتَ لَهُ، يَعْنِي لِلضَّيْفِ؛ وَقَبْلَهُ:

فباتَ لَنا مِنْهَا، وللضَّيْف مَوْهناً،

شِواءٌ سَمِينٌ زاهِقٌ وغَبُوقُ

ابْنُ الأَعرابي: كاساهُ إِذا فاخَره، وَسَاكَاهُ إِذا ضَيَّقَ عَلَيْهِ فِي المُطالبة، وسَكا إِذا صَغُرَ جِسْمُهُ. التَّهْذِيبُ: أَبو بَكْرٍ الكَساء، بِفَتْحِ الْكَافِ مَمْدُودٌ، الْمَجْدُ وَالشَّرَفُ والرِّفْعة؛ حَكَاهُ أَبو مُوسَى هارون بن الحرث، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ غَرِيبٌ. والأَكْسَاء: النَّواحي؛ وَاحِدُهَا كُسْء، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْهَمْزَةِ أَيضاً، وَهُوَ يَائِيٌّ. والكُسْيُ: مؤخَّر الْعَجُزِ، وَقِيلَ: مُؤَخَّرُ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ أَكْسَاء؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

كأَنّ عَلَى أَكْسَائِها، مِنْ لُغامِها،

وخِيفةَ خِطْمِيٍّ بِمَاءٍ مُبَحْزَجِ

وَحَكَى ثَعْلَبٌ: رَكِبَ كَسَاه «1» إِذا سَقَطَ عَلَى قَفاه، وَهُوَ يَائِيٌّ لأَن يَاءَهُ لَامٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْوَاوِ لَكَانَ وَجْهًا فإِن الْوَاوَ فِي كَسَا أَكثر مِنَ الْيَاءِ، وَالَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي رَكِبَ كُسْأَه مَهْمُوزٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

كشي: كُشْيةُ الضَّبِّ: أَصل ذَنَبه، وَقِيلَ: هِيَ شَحْمة صَفْرَاءُ مِنْ أَصل ذَنَبِهِ حَتَّى تَبْلُغَ إِلى أَصل حَلْقه، وَهُمَا كُشْيَتان مُبْتَدَّتا الصُّلْبِ مِنْ دَاخِلٍ مِنْ أَصل ذَنَبِهِ إِلى عُنُقِهِ، وَقِيلَ: هِيَ عَلَى مَوْضِعِ

(1). قوله [ركب كَسَاه] هذا هو الصواب، وما في القاموس: أكساءه، غلطه فيه شارحه وقد ضبط في الأصل بالفتح ولعله بالضم.

ص: 224

الكُلْيَتَيْنِ، وَهُمَا شَحْمَتَانِ عَلَى خِلْقة لِسان الْكَلْبِ صَفْرَاوَانِ عَلَيْهِمَا مِقْنعة سَوْداء أَي مِثْلُ المِقْنعة، وَقِيلَ: هِيَ شَحْمة مُسْتطيلة فِي الْجَنْبَيْنِ مِنَ العُنُق إِلى أَصل الفَخِذ. وَفِي الْمَثَلِ: أَطْعِمْ أَخاكَ مِنْ كُشْيَةِ الضبِّ؛ يَحُثُّه عَلَى المُواساة، وَقِيلَ: بَلْ يَهْزَأُ بِهِ؛ قَالَ قَائِلُ الأَعراب:

وأَنت لَوْ ذُقْتَ الكُشَى بالأَكْباد،

لَما تَرَكْتَ الضَّبَّ يَعْدُو بِالْوَادْ

وَفِي حَدِيثِ:

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه وضَع يدَه فِي كُشْيةِ ضَبٍّ، وَقَالَ إِنَّ نبيَّ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُحرِّمْه وَلَكِنْ قَذِرَه

؛ الكُشْيَةُ شَحْم يَكُونُ فِي بَطن الضبِّ ووضْعُ الْيَدِ فِيهِ كِنايةٌ عَنِ الأَكل مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ الْقُتَيْبِيُّ فِي حَدِيثِ عُمَرَ، وَالَّذِي جَاءَ فِي غَرِيب

الحَرْبي عَنْ مُجاهِد: أَن رَجُلًا أَهْدَى لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، ضَبّاً فقَذِرَه فَوَضَعَ يَدَهُ فِي كُشْيَتَي الضَّبِ

، قَالَ: وَلَعَلَّهُ حَدِيثٌ آخَرَ، وَالْجَمْعُ الكُشَى؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَوْ كَانَ هَذَا الضبُّ لَا ذَنَبٌ لَه

وَلَا كُشْيةٌ، مَا مَسَّه الدَّهْرَ لامِسُ

ولَكِنَّه مِنْ أَجْلِ طِيبِ ذُنَيْبِه

وكُشْيَتِه دَبَّتْ إِليهِ الدَّهارِسُ

وَيُقَالُ: كُشَّةٌ «1» وكُشْيَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وكَشَا الشيءَ كَشْواً عَضَّه بِفِيهِ فانتزعه.

كصي: ابْنُ الأَعرابي: كَصَى إِذا خَسَّ بَعْدَ رِفْعة.

كظا: كَظا لَحْمُهُ يَكْظُو: اشتدَّ، وَقِيلَ: كَثُرَ وَاكْتَنَزَ. يُقَالُ: خَظا لحمُه وكَظا وبَظا كُلُّهُ بِمَعْنًى. الْفَرَّاءُ: خَظا بَظا وكَظا، بِغَيْرِ هَمْزٍ، يَعْنِي اكْتَنَزَ، وَمِثْلُهُ يَخْظُو ويَبْظُو ويَكْظُو. اللِّحْيَانِيُّ: خَظَا بَظا كَظا إِذا كَانَ صُلْباً مُكْتَنِزًا. ابْنُ الأَعرابي: كَظا تَابِعٌ لِخَظا، كَظا يَكْظُو كَظاً إِذا رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا؛ ابْنُ الأَنباري: يُكْتَبُ بالأَلف؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْقُلَاخِ:

عُراهِماً كاظِي البَضِيعِ ذَا عُسُنْ

كعا: ابْنُ الأَعرابي: كَعا إِذا جَبُنَ. أَبو عَمْرٍو: الكَاعِي المُنْهَزم. ابْنُ الأَعرابي: الأَكْعَاء الجُبناء، قَالَ: والأَعْكاء العُقَد.

كفي: اللَّيْثُ: كَفَى يَكْفِي كِفايةً إِذا قَامَ بالأَمر. وَيُقَالُ: اسْتَكْفَيْته أَمْراً فكَفانِيه. وَيُقَالُ: كَفاك هَذَا الأَمرُ أَي حَسْبُك، وكَفَاكَ هَذَا الشَّيْءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ قرأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتاه

أَي أَغْنَتاه عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: إِنهما أَقل مَا يُجزئ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: تَكْفِيانِ الشرَّ وتَقِيان مِنَ الْمَكْرُوهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

سَيَفْتَحُ اللهُ عَلَيْكُمْ ويَكْفِيكم اللهُ

أَي يَكْفيكم القِتالَ بِمَا فتَح عَلَيْكُمْ. والكُفاةُ: الخَدَمُ الَّذِينَ يَقومون بالخِدْمة، جَمْعُ كافٍ. وكفَى الرجلُ كِفايةً، فَهُوَ كافٍ وكُفًى مِثْلَ حُطَمٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، واكْتَفَى، كِلَاهُمَا: اضْطَلَع، وكَفاه مَا أَهَمَّه كِفايةً وكَفاه مَؤُونَته كِفايَةً وكَفاك الشيءُ يَكفِيك واكْتَفَيْت بِهِ. أَبو زَيْدٍ: هَذَا رَجُلٌ كافِيك مِنْ رَجُل وَنَاهِيكَ مِنْ رَجُلٍ وجازيكَ مِنْ رَجُلٍ وشَرْعُكَ مِنْ رجُل كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وكَفَيْته مَا أَهَمَّه. وكَافَيْته: مِنَ المُكافاة، ورَجَوْتُ مُكافاتَك. وَرَجُلٌ كافٍ وكَفِيٌّ: مِثْلَ سالِم وسَلِيمٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ كافِيكَ من رجل وكَفْيُكَ [كِفْيُكَ] مِنْ رجُل «2» وكَفَى بِهِ رَجُلًا. قَالَ: وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي

(1). قوله [كشة] هو بهذا الضبط في التهذيب

(2)

. قوله [وكفيك من رجل] في القاموس مثلثة الكاف.

ص: 225

كَفاكَ بِفُلَانٍ وكَفْيُكَ بِهِ وكِفاكَ، مَكْسُورٌ مَقْصُورٌ، وكُفاكَ، مَضْمُومٌ مَقْصُورٌ أَيضاً، قَالَ: وَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ. التَّهْذِيبُ: تَقُولُ رأَيت رجُلًا كَافِيَك مِنْ رَجُلٍ، ورأَيت رَجُلَيْنِ كافِيَك مِنْ رَجُلَيْنِ، ورأَيت رِجَالًا كافِيَكَ مِنْ رِجَالٍ، مَعْنَاهُ كَفاك بِهِ رَجُلًا. الصِّحَاحُ: وَهَذَا رَجُلٌ كافِيكَ مِنْ رجُل ورَجلان كافِياكَ مِنْ رَجُلَيْنِ ورِجالٌ كافُوكَ مِنْ رِجال، وكَفْيُك، بِتَسْكِينِ الْفَاءِ، أَي حَسْبُكَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِجَثَّامَةَ اللِّيثِيِّ:

سَلِي عَنِّي بَني لَيْثِ بنِ بَكْرٍ،

كَفَى قَوْمي بصاحِبِهِمْ خَبِيرا

هَلَ اعْفُو عَنْ أُصولِ الحَقِّ فِيهمْ،

إِذا عَرَضَتْ، وأَقْتَطِعُ الصُّدُورا

وَقَالَ أَبو إِسحاق الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا

، وَمَا أَشبهه فِي الْقُرْآنِ: مَعْنَى الْبَاءِ للتَّوْكيد، الْمَعْنَى كَفَى اللهُ وَلِيًّا إِلا أَن الْبَاءَ دَخَلَتْ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ لأَن مَعْنَى الْكَلَامِ الأَمْرُ، الْمَعْنَى اكْتَفُوا بِاللَّهِ وَلِيًّا، قَالَ: وَوَلِيًّا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: عَلَى التَّمْيِيزِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

؛ مَعْنَاهُ أَوَلم يَكْفِ ربُّك أَوَلم تَكْفِهم شهادةُ ربِّك، وَمَعْنَى الكِفَايَة هاهنا أَنه قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ مَا فِيهِ كِفاية فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَوْحِيدِهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَرْيَمَ: فأَذِنَ لِي إِلى أَهْلي بِغَيْرِ كَفِيٍ

أَي بِغَيْرِ مَن يَقوم مَقامي. يُقَالُ: كَفاه الأَمرَ إِذا قَامَ فِيهِ مَقامه. وَفِي حَدِيثِ

الْجَارُودِ: وأَكْفِي مَنْ لَمْ يَشهد

أَي أَقوم بأَمْرِ مَن لَمْ يَشهد الحَرْبَ وأُحارِبُ عَنْهُ؛ فأَمّا قَوْلُ الأَنصاري:

فكَفَى بِنا فَضْلًا، عَلَى مَن غَيْرُنا،

حُبُّ النبيِّ مُحَمَّدٍ إِيّانا

فإِنما أَراد فكَفانا، فأَدخل الْبَاءَ عَلَى الْمَفْعُولِ، وَهَذَا شَاذٌّ إِذ الْبَاءُ فِي مِثْلِ هَذَا إِنما تَدْخُلُ عَلَى الْفَاعِلِ كَقَوْلِكَ كَفَى باللهِ؛ وَقَوْلِهِ:

إِذا لاقَيْتِ قَوْمي فاسْأَلِيهمْ،

كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا

هُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَمَعْنَاهُ كَفَى بِقَوْمٍ خَبِيراً صاحبُهم، فَجَعَلَ الْبَاءَ فِي الصَّاحِبِ، وَمَوْضِعُهَا أَن تَكُونَ فِي قَوْمٍ وَهُمُ الْفَاعِلُونَ فِي الْمَعْنَى؛ وأَما زيادَتها فِي الْفَاعِلِ فَنَحْوَ قَوْلِهِمْ: كَفَى بِاللَّهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَفى بِنا حاسِبِينَ

، إِنما هُوَ كَفَى اللهُ وَكَفَانَا كَقَوْلِ سُحَيْمٍ:

كَفَى الشَّيْبُ والإِسْلامُ للمَرْء ناهِياً

فَالْبَاءُ وَمَا عَمِلَتْ فِي مَوْضِعِ مَرْفُوعٍ بِفِعْلِهِ، كَقَوْلِكَ مَا قَامَ مِنْ أَحد، فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ هُنَا فِي مَوْضِعِ اسْمٍ مَرْفُوعٍ بِفِعْلِهِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّعَجُّبِ: أَحْسِنْ بِزَيْدٍ، فَالْبَاءُ وَمَا بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِ مَرْفُوعٍ بِفِعْلِهِ وَلَا ضَمِيرَ فِي الْفِعْلِ، وَقَدْ زِيدَتْ أَيضاً فِي خَبَرِ لكنَّ لِشِبْهِهِ بِالْفَاعِلِ؛ قَالَ:

ولَكِنَّ أَجْراً لَوْ فَعَلْتِ بِهَيِّنٍ،

وهَلْ يُعْرَفُ المعْروفُ فِي الناسِ والأَجْرُ «1»

أَراد: ولكِنّ أَجراً لو فَعَلْتِه هَيِّن، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ ولكنَّ أَجراً لَوْ فَعَلَتْهِ بِشَيْءٍ هَيِّنٍ أَي أَنت تَصِلين إِلى الأَجرِ بِالشَّيْءِ الْهَيِّنِ، كَقَوْلِكَ: وُجُوبُ الشُّكْرِ بالشيءِ الْهَيِّنِ، فَتَكُونُ الْبَاءُ عَلَى هَذَا غَيْرَ زَائِدَةٍ، وأَجاز مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيّ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ: كَفَى بِاللَّهِ، تَقْدِيرُهُ كفَى اكْتِفاؤك بِاللَّهِ أَي اكْتفاؤك بِاللَّهِ يَكْفِيك؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا يَضْعُفُ عِنْدِي لأَن الْبَاءَ عَلَى هَذَا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ، وَمُحَالٌ حَذْفُ الْمَوْصُولِ وَتَبْقِيَةُ صِلَتِهِ، قَالَ: وإِنما

(1). قوله [وهل يعرف] كذا بالأصل، والذي في المحكم: ولم ينكر.

ص: 226

حسَّنه عِنْدِي قَلِيلًا أَنك قَدْ ذَكَرْتَ كفَى فدلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ لأَنه مِنْ لَفْظِهِ، كَمَا تَقُولُ: مَن كَذب كَانَ شَرًّا لَهُ، فأَضمرته لِدَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ، فهاهنا أَضمر اسْمًا كَامِلًا وَهُوَ الْكَذِبُ، وَهُنَاكَ أَضمر اسْمًا وَبَقِيَ صِلَتُهُ الَّتِي هِيَ بَعْضُهُ، فَكَانَ بعضُ الِاسْمِ مُضْمَرًا وَبَعْضُهُ مُظْهَرًا، قَالَ: فَلِذَلِكَ ضَعُفَ عِنْدِي، قَالَ: وَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ مِنْ أَنه يُرِيدُ كَفَى اللَّهُ، كَقَوْلِكَ: وكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ؛ وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ هَذَا الْمَذْهَبِ مَا حُكِيَ عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ مَرَرْتُ بأَبْياتٍ جادَ بِهنَّ أَبياتاً وجُدْنَ أَبْياتاً، فَقَوْلُهُ بهنَّ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ كَمَا تَرَى. قَالَ: أَخبرني بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَن الْكِسَائِيَّ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُمْ؛ قَالَ: وَوَجَدْتُ مِثْلَهُ للأَخطل وَهُوَ قَوْلُهُ:

فقُلْتُ: اقْتُلُوها عَنْكُمُ بِمِزاجِها،

وحُبَّ بِها مَقْتولَةً حِينَ تُقْتَل

فَقَوْلُهُ بِهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بحُبَّ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وإِنما جَازَ عِنْدِي زِيَادَةُ الْبَاءَ فِي خَبَرِ المبتدإِ لِمُضَارَعَتِهِ لِلْفَاعِلِ بِاحْتِيَاجِ المبتدإِ إِليه كَاحْتِيَاجِ الْفِعْلِ إِلى فَاعِلِهِ. والكُفْيةُ، بِالضَّمِّ: مَا يَكْفِيك مِنَ العَيش، وَقِيلَ: الكُفْيَةُ القُوت، وَقِيلَ: هُوَ أَقلّ مِنَ الْقُوتِ، وَالْجَمْعُ الكُفَى. ابْنُ الأَعرابي: الكُفَى الأَقوات، وَاحِدَتُهَا كُفْيَةٌ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَمْلِكُ كُفَى يَوْمِهِ عَلَى مِيزَانِ هَذَا أَي قُوتَ يَوْمِهِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

ومُخْتَبِطٍ لَمْ يَلْقَ مِن دُونِنا كُفًى،

وذاتِ رَضِيعٍ لَمْ يُنِمْها رَضِيعُها

قَالَ: يَكُونُ كُفًى جَمْعَ كُفْيَة وَهُوَ أَقلّ مِنَ القُوت، كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد كُفاةً ثُمَّ أَسقط الْهَاءِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ كَفِيٌّ أَي كافٍ. والكِفْيُ: بَطْنُ الْوَادِي؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْجَمْعُ الأَكْفَاء. ابْنُ سِيدَهْ: الكُفْوُ النَّظِيرُ لُغَةٌ فِي الكُفءِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدُوا بِهِ الكُفُؤ فيخففوا ثم يسكنوا.

كلا: ابْنُ سِيدَهْ: كِلا كَلِمَةٌ مَصُوغة لِلدَّلَالَةِ عَلَى اثْنَيْنِ، كَمَا أَنَّ كُلًّا مَصُوغَةٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْجَمْعِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَيْسَتْ كِلا مِنْ لَفْظِ كلٍّ، كلٌّ صَحِيحَةٌ وكِلا مُعْتَلَّةٌ. وَيُقَالُ للأُنثيين كِلْتا، وَبِهَذِهِ التَّاءِ حُكم عَلَى أَن أَلف كِلا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، لأَن بَدَلَ التَّاءِ مِنَ الْوَاوِ أَكثر مِنْ بَدَلِهَا مِنَ الْيَاءِ، قَالَ: وأَما قَوْلُ سِيبَوَيْهِ جَعَلُوا كِلا كَمِعًى، فإِنه لَمْ يُرِدْ أَن أَلف كِلا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ كَمَا أَنَّ أَلف مِعًى مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ مِعَيَانِ، وإِنما أَراد سِيبَوَيْهِ أَن أَلف كِلَا كأَلف مِعًى فِي اللَّفْظِ، لَا أَن الَّذِي انْقَلَبَتْ عَلَيْهِ أَلفاهما وَاحِدٌ، فَافْهَمْ، وَمَا تَوْفِيقُنَا إِلا بِاللَّهِ، وَلَيْسَ لَكَ فِي إِمالتها دَلِيلٌ عَلَى أَنها مِنَ الْيَاءِ، لأَنهم قَدْ يُمِيلون بَنَاتِ الْوَاوِ أَيضاً، وإِن كَانَ أَوَّله مَفْتُوحًا كالمَكا والعَشا، فإِذا كَانَ ذَلِكَ مَعَ الْفَتْحَةِ كَمَا تَرَى فإِمالَتُها مَعَ الْكَسْرَةِ فِي كِلا أَولى، قَالَ: وأَما تَمْثِيلُ صَاحِبِ الْكِتَابِ لَهَا بِشَرْوَى، وَهِيَ مِنْ شَرَيْتُ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنها عِنْدَهُ مِنَ الْيَاءِ دُونَ الْوَاوِ، وَلَا مِنَ الْوَاوِ دُونَ الْيَاءِ، لأَنه إِنما أَراد الْبَدَلَ حَسْبُ فَمَثَّلَ بِمَا لَامُهُ مِنَ الأَسماء مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، مُبْدَلَةً أَبداً نَحْوَ الشَّرْوَى والفَتْوَى. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما كِلْتَا فَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَنها فِعْلَى بِمَنْزِلَةِ الذِّكْرَى والحِفْرَى، قَالَ: وأَصلها كِلْوا، فأُبدلت الْوَاوُ تَاءً كَمَا أُبدلت فِي أُخت وَبِنْتٍ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَامَ كِلْتَا مُعْتَلَّةٌ قَوْلُهُمْ فِي مُذَكَّرِهَا كِلا، وكِلا فِعْلٌ وَلَامُهُ مُعْتَلَّةٌ بِمَنْزِلَةِ لَامِ حِجاً ورِضاً، وَهُمَا مِنَ الْوَاوِ لِقَوْلِهِمْ حَجا يَحْجُو والرِّضْوان،

ص: 227

وَلِذَلِكَ مَثَّلَهَا سِيبَوَيْهِ بِمَا اعتلَّت لَامُهُ فَقَالَ هِيَ بِمَنْزِلَةِ شَرْوَى، وأَما أَبو عُمر الجَرْمِي فَذَهَبَ إِلى أَنها فِعْتَلٌ، وأَن التَّاءَ فِيهَا عَلَمُ تأْنِيثها وَخَالَفَ سِيبَوَيْهِ، وَيَشْهَدُ بِفَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ أَن التَّاءَ لَا تَكُونُ عَلَامَةَ تأْنيث الْوَاحِدِ إِلا وَقَبْلَهَا فَتْحَةٌ نَحْوَ طَلحة وحَمْزَة وَقَائِمَةَ وقاعِدة، أَو أَن يَكُونَ قَبْلَهَا أَلف نَحْوَ سِعْلاة وعِزْهاة، وَاللَّامُ فِي كِلتا سَاكِنَةٌ كَمَا تَرَى، فَهَذَا وَجْهٌ، وَوَجْهٌ آخَرُ أَن عَلَامَةَ التأْنيث لَا تَكُونُ أَبداً وَسَطًا، إِنما تَكُونُ آخِرًا لَا مَحَالَةَ، قَالَ: وكِلْتَا اسْمٌ مُفْرَدٌ يُفِيدُ مَعْنَى التَّثْنِيَةِ بإِجماع مِنَ الْبَصْرِيِّينَ، فَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَامَةُ تأْنيثه التَّاءَ وَمَا قَبْلَهَا سَاكِنٌ، وأَيضاً فإِن فِعتَلًا مِثَالٌ لَا يُوجَدُ فِي الْكَلَامِ أَصلًا فيُحْمَل هَذَا عَلَيْهِ، قَالَ: وإِن سَمَّيْتَ بكِلْتا رَجُلًا لَمْ تَصْرِفْهُ فِي قَوْلِ سِيبَوَيْهِ مَعْرِفَةً وَلَا نَكِرَةً، لأَن أَلفها للتأْنيث بِمَنْزِلَتِهَا فِي ذكْرى، وَتَصَرُّفُهُ نَكِرَةً فِي قَوْلِ أَبي عُمَرَ لأَن أَقصى أَحواله عِنْدَهُ أَن يَكُونَ كَقَائِمَةٍ وَقَاعِدَةٍ وعَزَّة وَحَمْزَةَ، وَلَا تَنْفَصِلُ كِلا وَلَا كِلتا مِنَ الإِضافة. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَنْ الْعَرَبِ مَنْ يُمِيلُ أَلف كِلْتَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُمِيلُهَا، فَمَنْ أَبطل إِمَالَتَهَا قَالَ أَلفها أَلف تَثْنِيَةٍ كأَلف غُلَامًا وَذَوَا، وَوَاحِدُ كِلْتَا كِلت، وأَلف التَّثْنِيَةِ لاتمال، وَمَنْ وَقَفَ عَلَى كِلْتَا بالإِمالة فَقَالَ كِلْتَا اسْمُ وَاحِدٍ عَبَّرَ عَنِ التَّثْنِيَةِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شِعْرَى وذِكْرَى. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: الْعَرَبُ إِذا أَضافت كُلًّا إِلى اثْنَيْنِ لَيَّنَتْ لَامَهَا وَجَعَلَتْ مَعَهَا أَلف التَّثْنِيَةِ، ثُمَّ سَوَّتْ بَيْنَهُمَا فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ فَجَعَلَتْ إِعرابها بالأَلف وأَضافتها إِلى اثْنَيْنِ وأَخبرت عَنْ وَاحِدٍ، فَقَالَتْ: كِلا أَخَوَيْك كَانَ قَائِمًا وَلَمْ يَقُولُوا كَانَا قَائِمَيْنِ، وكِلا عَمَّيْك كَانَ فَقِيهًا، وكِلْتَا المرأَتين كَانَتْ جَمِيلَةً، وَلَا يَقُولُونَ كَانَتَا جَمِيلَتَيْنِ،. قَالَ اللَّهُ عز وجل: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها

، وَلَمْ يَقُلْ آتَتا. وَيُقَالُ: مَرَرْتُ بكِلا الرَّجُلَيْنِ، وَجَاءَنِي كِلا الرَّجُلَيْنِ، فَاسْتَوَى فِي كِلا إِذا أَضفتها إِلى ظَاهِرَيْنِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْخَفْضُ، فإِذا كَنَّوْا عَنْ مَخْفُوضِهَا أَجروها بِمَا يُصِيبُهَا مِنَ الإِعراب فَقَالُوا أَخواك مَرَرْتُ بِكِلَيْهِمَا، فَجَعَلُوا نَصْبَهَا وَخَفْضَهَا بِالْيَاءِ، وَقَالُوا أَخواي جَاءَانِي كِلَاهما فَجَعَلُوا رَفْعَ الِاثْنَيْنِ بالأَلف، وَقَالَ الأَعشى فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ:

كِلا أَبَوَيْكُمْ كانَ فَرْعاً دِعامةً

يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ فَرْعًا؛ وَكَذَلِكَ قَالَ لَبِيدٌ:

فَغَدَتْ، كِلا الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّه

مَوْلى المَخافةِ: خَلْفَها وأَمامها

غَدَتْ: يَعْنِي بَقَرَةً وَحْشِيَّةً، كِلَا الْفَرْجَيْنِ: أَراد كِلَا فَرْجَيْهَا، فأَقام الأَلف وَاللَّامَ مُقام الكِناية، ثُمَّ قَالَ تَحَسَبُ، يَعْنِي الْبَقَرَةَ، أَنه وَلَمْ يَقُلْ أَنهما مَوْلَى الْمَخَافَةِ أَي وليُّ مَخافتها، ثُمَّ تَرْجَم عَنْ كِلا الفَرْجين فَقَالَ خَلْفَهَا وأَمامها، وَكَذَلِكَ تَقُولُ: كِلا الرَّجُلَيْنِ قائمٌ وكِلْتا المرأَتين قَائِمَةٌ؛ وأَنشد:

كِلا الرَّجُلَيْن أَفَّاكٌ أَثِيم

وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ كلٍّ فِي مَوْضِعِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: كِلا فِي تأْكيد الِاثْنَيْنِ نَظِيرُ كلٍّ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ غَيْرُ مُثَنّى، فإِذا وَلِيَ اسْمًا ظَاهِرًا كَانَ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بالأَلف، تَقُولُ: رأَيت كِلا الرَّجُلَيْنِ، وَجَاءَنِي كِلا الرَّجُلَيْنِ، وَمَرَرْتُ بِكِلَا الرَّجُلَيْنِ، فإِذا اتَّصَلَ بِمُضْمَرٍ قلَبْت الأَلف يَاءً فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ وَالنَّصْبِ، فَقُلْتَ: رأَيت كِلَيْهِمَا وَمَرَرْتُ بِكِلَيْهِمَا، كَمَا تَقُولُ عَلَيْهِمَا، وَتَبْقَى فِي الرَّفْعِ عَلَى حَالِهَا؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مُثَنَّى مأْخوذ مِنْ كُلٍّ فَخُفِّفَتِ اللَّامُ وَزِيدَتِ الأَلف لِلتَّثْنِيَةِ، وَكَذَلِكَ كِلْتَا

ص: 228

لِلْمُؤَنَّثِ، وَلَا يَكُونَانِ إِلا مُضَافَيْنِ وَلَا يُتَكَلَّمُ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ، وَلَوْ تُكُلِّمَ بِهِ لَقِيلَ كِلٌ وكِلْتٌ وكِلانِ وكِلْتانِ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

فِي كِلْتِ رِجْلَيْها سُلامى واحدهْ،

كِلتاهما مقْرُونةٌ بزائدهْ

أَراد: فِي إِحدى رِجْلَيْهَا، فأَفْرد، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهل الْبَصْرَةِ، لأَنه لَوْ كَانَ مُثَنًّى لَوَجَبَ أَن تَنْقَلِبَ أَلفه فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ يَاءً مَعَ الِاسْمِ الظَّاهِرِ، ولأَن مَعْنَى كِلا مُخَالِفٌ لِمَعْنَى كُلٍّ، لأَن كُلًّا للإِحاطة وكِلا يَدُلُّ عَلَى شيءٍ مَخْصُوصٍ، وأَما هَذَا الشَّاعِرُ فإِنما حَذَفَ الأَلف لِلضَّرُورَةِ وَقَدَّرَ أَنها زَائِدَةٌ، وَمَا يَكُونُ ضَرُورَةً لَا يَجُوزُ أَن يُجْعَلَ حُجَّةً، فَثَبَتَ أَنه اسْمٌ مُفْرَدٌ كَمِعى إِلا أَنه وُضِعَ لِيَدُلَّ عَلَى التَّثْنِيَةِ، كَمَا أَن قَوْلَهُمْ نَحْنُ اسْمٌ مُفْرَدٌ يَدُلُّ عَلَى الِاثْنَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ جَرِيرٍ:

كِلا يَومَيْ أُمامةَ يوْمُ صَدٍّ،

وإِنْ لَمْ نَأْتِها إِلَّا لِماما

قَالَ: أَنشدنيه أَبو عَلِيٍّ، قَالَ: فإِن قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ صَارَ كِلا بِالْيَاءِ فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ مَعَ الْمُضْمَرِ وَلَزِمَتِ الأَلف مَعَ الْمُظْهَرِ كَمَا لَزِمَتْ فِي الرَّفْعِ مَعَ الْمُضْمَرِ؟ قِيلَ لَهُ: مِنْ حَقِّهَا أَن تَكُونَ بالأَلف عَلَى كُلِّ حَالٍ مِثْلَ عَصًا وَمِعًى، إِلا أَنها لَمَّا كَانَتْ لَا تَنْفَكُّ مِنَ الإِضافة شُبِّهَتْ بِعَلَى وَلَدَى، فَجُعِلَتْ بِالْيَاءِ مَعَ الْمُضْمَرِ فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ، لأَن عَلَى لَا تَقَعُ إِلا مَنْصُوبَةً أَو مَجْرُورَةً وَلَا تُسْتَعْمَلُ مَرْفُوعَةً، فَبَقِيَتْ كِلا فِي الرَّفْعِ عَلَى أَصلها مَعَ الْمُضْمَرِ، لأَنها لَمْ تُشَبَّه بِعَلَى فِي هَذِهِ الْحَالِ، قَالَ: وأَما كِلْتَا الَّتِي للتأْنيث فإِن سِيبَوَيْهِ يَقُولُ أَلفها للتأْنيث وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنْ لَامِ الْفِعْلِ، وَهِيَ وَاوٌ والأَصل كِلْوا، وإِنما أُبدلت تَاءً لأَن فِي التَّاءِ عَلَمَ التأْنيث، والأَلف فِي كِلْتَا قَدْ تَصِيرُ يَاءً مَعَ الْمُضْمَرِ فَتَخْرُجُ عَنْ عَلَمِ التأْنيث، فَصَارَ فِي إِبدال الْوَاوِ تَاءُ تأْكيد للتأْنيث. قَالَ: وَقَالَ أَبو عُمر الجَرْمي التَّاءُ مُلْحَقَةٌ والأَلف لَامُ الْفِعْلِ، وَتَقْدِيرُهَا عِنْدَهُ فِعْتَلٌ، وَلَوْ كَانَ الأَمر كَمَا زَعَمَ لَقَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِليها كِلْتَويٌّ، فَلَمَّا قَالُوا كِلَويٌّ وأَسقطوا التَّاءَ دَلَّ أَنهم أَجْروها مُجْرى التَّاءِ الَّتِي فِي أُخت الَّتِي إِذا نَسَبت إِليها قُلْتَ أَخَوِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: كِلَويٌّ قِيَاسٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ إِذا سَمَّيْتَ بِهَا رَجُلًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَسْمُوعًا فَيُحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْجَرْمِيِّ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ كلأَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ مَهْمُوزَةٌ وَلَوْ تَركتَ هَمْزَةَ مِثْلِهِ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ قلت يَكْلَوْكم، بواو ساكنة، ويَكْلاكم، بأَلف سَاكِنَةٍ، مِثْلَ يَخْشَاكُمْ، وَمَنْ جَعَلَهَا وَاوًا سَاكِنَةً قَالَ كَلات، بأَلف، يَتْرُكُ النَّبْرة مِنْهَا، وَمَنْ قال يَكلاكم قال كَلَيْتُ مِثْلَ قَضَيْت، وَهِيَ مِنْ لُغَةِ قُرَيْشٍ، وكلٌّ حَسَنٌ، إِلا أَنهم يَقُولُونَ فِي الوجهين مَكْلُوَّة ومَكْلُوّ أَكثر مِمَّا يَقُولُونَ مَكْلِيٌّ، قَالَ: وَلَوْ قِيلَ مَكْلِيّ فِي الَّذِينَ يَقُولُونَ كَلَيْتُ كَانَ صَوَابًا؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَنْشُدُ:

مَا خاصَمَ الأَقوامَ مِنْ ذِي خُصُومةٍ

كَوَرْهاء مَشْنِيٍّ، إِليها، حَلِيلُها

فَبَنَى عَلَى شَنَيْتُ بِتَرْكِ النَّبْرَةِ. أَبو نَصْرٍ: كَلَّى فلانٌ يُكَلِّي تَكْلِيَة، وَهُوَ أَن يأْتي مَكَانًا فِيهِ مُسْتَتَر، جَاءَ بِهِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ. والكُلْوَةُ: لُغَةٌ فِي الكُلْيَة لأَهل الْيَمَنِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تَقُلْ كِلوة، بِكَسْرِ الْكَافِ. الكُلْيَتان مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ: لحمَتان

ص: 229

مُنْتَبِرَتان حَمْراوان لَازِقَتَانِ بِعَظْمِ الصُّلْبِ عِنْدَ الْخَاصِرَتَيْنِ فِي كُظْرَين مِنَ الشَّحْمِ، وَهُمَا مَنْبِتُ بَيْتِ الزَّرْعِ، هَكَذَا يُسَمَّيَانِ فِي الطِّبِّ، يُرَادُ بِهِ زَرْعُ الْوَلَدِ. سِيبَوَيْهِ: كُلْيَةٌ وكُلًى، كَرِهُوا أَن يَجْمَعُوا بِالتَّاءِ فَيُحَرِّكُوا الْعَيْنَ بِالضَّمَّةِ فَتَجِيءُ هَذِهِ الْيَاءُ بَعْدَ ضَمَّةٍ، فَلَمَّا ثَقُلَ ذلك عليهم تركوه واجتزؤوا بِبِنَاءِ الأَكثر، وَمَنْ خَفَّفَ قَالَ كُلْيات. وكَلاه كَلْياً: أَصاب كُلْيته. ابْنُ السِّكِّيتِ: كَلَيْتُ فَلُانًا فاكْتَلَى، وَهُوَ مَكْلِيٌّ، أَصبت كُلْيَته؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:

مِنْ عَلَقِ المَكْليِّ والمَوْتونِ

وإِذا أَصبت كَبِدَه فَهُوَ مَكْبُود. وكَلا الرجلُ واكْتَلَى: تأَلَّمَ لِذَلِكَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

لَهُنَّ فِي شَباتِه صَئِيُّ،

إِذا اكْتَلَى واقْتَحَمَ المَكْلِيُ

وَيُرْوَى: كَلا؛ يَقُولُ: إِذا طَعن الثورُ الكلبَ فِي كُلْيَته وَسَقَطَ الكلبُ المَكْلِيُّ الَّذِي أُصيبت كُلْيَتُه. وَجَاءَ فُلَانٌ بِغَنَمِهِ حُمْرَ الكُلَى أَي مَهَازِيلَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

إِذا الشَّوِيُّ كَثُرتْ ثَوائِجُهْ،

وكانَ مِن عندِ الكُلَى مَناتِجُهْ

كَثُرَتْ ثَوائجُه مِنَ الجَدْب لَا تَجِدُ شَيْئًا تَرْعَاهُ. وَقَوْلُهُ: مِن عِنْدِ الكُلَى مَناتِجُه، يَعْنِي سَقَطَتْ مِنَ الهُزال فَصاحِبها يَبْقُر بُطُونَهَا مِنْ خَواصِرها فِي مَوْضِعِ كُلاها فيَستخرج أَولادها مِنْهَا. وكُلْيَةُ المَزادة وَالرَّاوِيَةِ: جُلَيْدة مُسْتَدِيرَةٌ مَشْدُودَةُ العُروة قَدْ خُرِزَتْ مَعَ الأَديم تَحْتَ عُروة المَزادة. وكُلْية الإِداوَةِ: الرُّقعة الَّتِي تَحْتَ عُرْوَتها، وَجَمْعُهَا الكُلَى؛ وأَنشد:

كأَنَّه مِنْ كُلَى مَفْرِيّةٍ سَرَب

الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ كُلْيَاتٌ وكُلًى، قَالَ: وَبَنَاتُ الْيَاءِ إِذا جُمِعَتْ بِالتَّاءِ لَمْ يُحَرَّكْ مَوْضِعُ الْعَيْنِ مِنْهَا بِالضَّمِّ. وكُلْيَةُ السَّحَابَةِ: أَسفلُها، وَالْجَمْعُ كُلًى. يُقَالُ: انْبَعَجَت كُلاه؛ قَالَ:

يُسِيلُ الرُّبى واهِي الكُلَى عارِضُ الذُّرى،

أَهِلَّة نَضَّاخِ النَّدى سابِغُ القَطْرِ «2»

وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَتْ بكُلْية الإِداوة؛ وَقَوْلُ أَبي حَيَّةَ:

حَتَّى إِذا سَرِبَت عَلَيْهِ، وبَعَّجَتْ

وَطْفاء سارِبةٌ كُلِيّ مَزادِ «3»

يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ جَمَع كُلْية عَلَى كُلِيّ، كَمَا جَاءَ حِلْيَة وحُلِيّ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِتُقَارِبِ الْبِنَاءَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ جَمْعُهُ عَلَى اعْتِقَادِ حَذْفِ الْهَاءِ كبُرْد وبُرُود. والكُلْيَةُ مِنَ القَوس: أَسفل مِنَ الكَبِد، وَقِيلَ: هِيَ كَبِدُها، وَقِيلَ: مَعْقِد حَمالتها، وَهُمَا كُلْيَتان، وَقِيلَ: كُلْيَتها مِقدار ثَلَاثَةِ أَشبار مِنْ مَقْبِضها. والكُلْية مِنَ الْقَوْسِ: مَا بَيْنَ الأَبهر وَالْكَبِدِ، وَهُمَا كُلْيَتان. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كُليتا الْقَوْسِ مَثْبَت مُعَلَّق حَمالتها. وَالْكُلْيَتَانِ: مَا عَنْ يَمِينِ النَّصل وشِماله. والكُلَى: الرِّيشَاتُ الأَربع الَّتِي فِي آخِرِ الجَناح يَلِينَ جَنْبه. والكُلَيَّةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقِ:

هَلْ تَعْلَمونَ غَداةَ يُطْرَدُ سَبْيُكُمْ،

بالسَّفْح بينَ كُلَيَّةٍ وطِحال؟

(2). قوله [عارض] كذا في الأصل والمحكم هنا، وسبق الاستشهاد بالبيت في عرس بمهملات.

(3)

. قوله [سربت إلخ] كذا في الأصل بالسين المهملة، والذي في المحكم وشرح القاموس: شربت، بالمعجمة.

ص: 230

والكُلَيَّان: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ:

لِظَبْيَةَ رَبْعٌ بالكُلَيَّيْنِ دارِسُ،

فَبَرْق نِعاجٍ، غَيَّرَتْه الرَّوامِسُ «1»

قَالَ الأَزهري فِي الْمُعْتَلِّ مَا صُورَتُهُ: تَفْسِيرُ كَلَّا الْفَرَّاءُ قَالَ: قَالَ الْكِسَائِيُّ لَا تَنْفِي حَسْبُ وكلَّا تَنْفِي شَيْئًا وَتُوجِبُ شَيْئًا غَيْرَهُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ قَالَ لَكَ أَكلت شَيْئًا فَقُلْتَ لَا، وَيَقُولُ الْآخَرُ أَكلت تَمْرًا فَتَقُولُ أَنت كَلَّا، أَردت أَي أَكلت عَسَلًا لَا تَمْرًا، قَالَ: وتأْتي كلَّا بِمَعْنَى قَوْلِهِمْ حَقّاً، قَالَ: رَوى ذَلِكَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يحيى. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي تفسير كَلَّا: هِيَ عِنْدَ الْفَرَّاءِ تَكُونُ صِلَةً لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا، وَتَكُونُ حَرْفَ رَدٍّ بِمَنْزِلَةِ نَعَمْ وَلَا فِي الاكْتفاء، فإِذا جَعَلْتَهَا صِلَةً لِمَا بَعْدَهَا لَمْ تَقِف عَلَيْهَا كَقَوْلِكَ كَلَّا ورَبّ الْكَعْبَةِ، لَا تَقِف عَلَى كَلَّا لأَنها بِمَنْزِلَةِ إِي واللهِ، قَالَ اللهُ سبحانه وتعالى: كَلَّا وَالْقَمَرِ

؛ الْوَقْفُ عَلَى كَلَّا قَبِيحٌ لأَنها صِلَةٌ لِلْيَمِينِ. قَالَ: وَقَالَ الأَخفش مَعْنَى كَلَّا الرَّدْع والزَّجر؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ «2» وإِليه ذَهَبَ الزَّجَّاجُ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ. وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مَعْنَى كَلَّا حَقّاً، قَالَ: وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ جَاءَتْ كلَّا فِي الْقُرْآنِ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَهِيَ فِي مَوْضِعٍ بِمَعْنَى لَا، وَهُوَ رَدٌّ للأَوَّل كَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:

قَدْ طَلَبَتْ شَيْبانُ أَن تُصاكِمُوا

كَلَّا، ولَمَّا تَصْطَفِقْ مآتِمُ

قَالَ: وَتَجِيءُ كَلَّا بِمَعْنَى أَلا الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ؛ وَهِيَ زَائِدَةٌ لَوْ لَمْ تأْتِ كَانَ الْكَلَامُ تَامًّا مَفْهُومًا، قَالَ: وَمِنْهُ الْمَثَلُ كلَّا زَعَمْتَ العِيرُ لَا تُقاتلُ؛ وَقَالَ الأَعشى:

كَلَّا زَعَمْتُمْ بأَنَّا لَا نُقاتِلُكُمْ،

إِنَّا لأَمْثالِكُمْ، يَا قَوْمَنا، قُتُلُ

قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَهَذَا غَلَطٌ مَعْنَى كَلَّا فِي الْبَيْتِ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا، لَيْسَ الأَمر عَلَى مَا تَقُولُونَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا الْعَبَّاسِ يَقُولُ لَا يُوقَفُ عَلَى كلَّا فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ لأَنها جَوَابٌ، والفائدةُ تَقَعُ فِيمَا بَعْدَهَا، قَالَ: وَاحْتَجَّ السِّجِسْتَانِيُّ فِي أَنَّ كَلَّا بِمَعْنَى أَلا بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى

، فَمعْناه أَلا؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى حَقًّا إِن الإِنسان لَيَطْغَى، وَيَجُوزَ أَن يَكُونَ رَدًّا كأَنه قَالَ: لَا، لَيْسَ الأَمر كَمَا تَظُنُّونَ. أَبو دَاوُدَ عَنِ النَّضْرِ: قَالَ الْخَلِيلُ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ كلَّا فَهُوَ رَدٌّ إِلا مَوْضِعَيْنِ، فَقَالَ الْخَلِيلُ: أَنا أَقول كُلُّهُ رَدٌّ. وَرَوَى ابْنُ شُمَيْلٍ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه قَالَ: كلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ كلَّا رَدٌّ يَرُدُّ شَيْئًا وَيُثْبِتُ آخَرَ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ كلَّاكَ واللهِ وبَلاكَ واللهِ، فِي مَعْنَى كَلَّا واللهِ، وبَلَى واللهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَقع فِتَنٌ كأَنَّها الظُّلَلُ، فَقَالَ أَعرابي: كَلَّا يَا رسولَ اللهِ

؛ قَالَ: كَلَّا رَدْع فِي الْكَلَامِ وَتَنْبِيهٌ وزَجْر، ومعناها انْتهِ لا تَفْعَل، إِلا أَنها آكَدُ فِي النَّفْيِ والرَّدْع مِنْ لَا لِزِيَادَةِ الْكَافِ، وَقَدْ ترِد بِمَعْنَى حَقًّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ

. والظُّلَلُ: السَّحَابُ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

كمي: كَمَى الشيءَ وتَكَمَّاه: سَتَرَه؛ وَقَدْ تَأَوَّل بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ:

بَلْ لَوْ شَهِدْتَ الناسَ إِذْ تُكُمُّوا

(1). قَوْلُهُ [فبرق نعاج] كذا في الأصل والمحكم، والذي في معجم ياقوت: فبرق فعاج، بفاء العطف.

(2)

. قوله [مذهب سيبويه] كذا في الأصل، والذي في تهذيب الأزهري: مذهب الخليل.

ص: 231

إِنه مِنْ تَكَمَّيت الشيءَ. وكَمَى الشَّهَادَةَ يَكْمِيها كَمْياً وأَكْمَاها: كَتَمَها وقَمَعَها؛ قَالَ كثيِّر:

وإِني لأَكْمِي الناسَ مَا أَنا مُضْمِرٌ،

مخَافَةَ أَن يَثْرَى بِذلك كاشِحُ

يَثْرى: يَفْرَح. وانْكَمَى أَي اسْتَخْفى. وتَكَمَّتْهم الفتنُ إِذا غَشِيَتْهم. وتَكَمَّى قِرْنَه: قَصَده، وَقِيلَ: كلُّ مَقْصود مُعْتَمَد مُتَكَمًّى. وتَكَمَّى: تَغَطَّى. وتَكَمَّى فِي سِلاحه: تَغَطَّى بِهِ. والكَمِيُّ: الشُّجَاعُ المُتَكَمِّي فِي سِلاحه لأَنه كَمَى نفسَه أَي ستَرها بالدِّرع والبَيْضة، وَالْجَمْعُ الكُمَاة، كأَنهم جَمَعُوا كَامِياً مِثْلَ قاضِياً وقُضاة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه مَرَّ عَلَى أَبواب دُور مُسْتَفِلة فَقَالَ اكْمُوها

، وَفِي رِوَايَةٍ:

أَكِيمُوها

أَي استُرُوها لِئَلَّا تَقَعَ عُيُونُ النَّاسِ عَلَيْهَا. والكَمْوُ: السَّتْرُ «3» ، وأَما أَكِيمُوها فَمَعْنَاهُ ارْفَعُوها لِئَلَّا يَهْجُم السَّيْلُ عَلَيْهَا، مأْخوذ مِنَ الكَوْمَة وَهِيَ الرَّمْلة المُشْرِفة، وَمِنَ النَّاقَةِ الكَوْماء وَهِيَ الطَّويلة السَّنام، والكَوَمُ عِظَم فِي السَّنَامِ. وَفِي حَدِيثِ

حُذَيْفَةَ: لِلدَّابَّةِ ثَلَاثُ خَرَجاتٍ ثُمَّ تَنْكَمِي

أَي تَسْتَتِرُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلشُّجَاعِ كَمِيّ لأَنه اسْتَتَرَ بِالدِّرْعِ، والدابةُ هِيَ دابةُ الأَرض الَّتِي هِيَ مِنْ أَشراط السَّاعَةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي اليَسَر: فجِئْته فانْكَمَى مِنِّي ثَمَّ ظَهَرَ.

والكَمِيُّ: اللابسُ السلاحِ، وَقِيلَ: هُوَ الشُّجَاعُ المُقْدِمُ الجَريء، كَانَ عَلَيْهِ سِلَاحٌ أَو لَمْ يَكُنَّ، وَقِيلَ: الكَمِيُّ الَّذِي لَا يَحِيد عَنْ قِرنه وَلَا يَرُوغ عَنْ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ أَكْمَاء؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لضَمْرة بْنِ ضَمرة:

تَرَكْتَ ابنتَيْكَ للمُغِيرةِ، والقَنا

شَوارعُ، والأَكْمَاء تَشْرَقُ بالدَّمِ

فأَما كُمَاةٌ فَجَمْعُ كَامٍ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ جَمْعَ الكَمِيِّ أَكْمَاء وكُمَاة. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: اخْتُلِفَ النَّاسُ فِي الكَمِيِّ مِنْ أَي شَيْءٍ أُخذ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: سُمِّيَ كَمِيّاً لأَنه يَكْمِي شَجَاعَتَهُ لِوَقْتِ حَاجَتِهِ إِليها وَلَا يُظهرها مُتَكَثِّراً بِهَا، وَلَكِنْ إِذا احْتَاجَ إِليها أَظهرها، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما سُمِّيَ كَمِيّاً لأَنه لَا يَقْتُلُ إِلا كَمِيّاً، وَذَلِكَ أَن الْعَرَبَ تأْنف مِنْ قَتْلِ الْخَسِيسِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الْقَوْمُ قَدْ تُكُمُّوا وَالْقَوْمُ قَدْ تُشُرِّفُوا وتُزُوِّروا إِذا قُتل كَمِيُّهم وشَريفُهم وزَوِيرُهم. ابْنُ بزُرْج: رَجُلٌ كَمِيٌّ بيِّن الكَمَايَة، والكَمِيُّ عَلَى وَجْهَيْنِ: الكَمِيُّ فِي سِلَاحِهِ، والكَمِيُّ الْحَافِظُ لِسِرِّهِ. قَالَ: والكَامِي الشَّهَادَةِ الَّذِي يَكْتُمها. وَيُقَالُ: مَا فُلَانٌ بِكَمِيٍّ وَلَا نَكِيٍّ أَي لَا يَكْمِي سِرَّهُ وَلَا يَنْكِي عَدُوَّه. ابْنُ الأَعرابي: كُلٌّ مَنْ تعمَّدته فَقَدَ تَكَمَّيته. وَسُمِّيَ الكَمِيُّ كَمِيّاً لأَنه يَتَكَمَّى الأَقران أَي يَتَعَمَّدُهُمْ. وأَكْمَى: سَتَر مَنْزِلَهُ عَنِ الْعُيُونِ، وأَكْمَى: قتَل كَمِيَّ الْعَسْكَرِ. وكَمَيْتُ إِليه: تَقَدَّمْتُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والكِيمياء، مَعْرُوفَةٌ مِثَالُ السِّيمياء: اسْمُ صَنْعَةٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ عَرَبِيٌّ، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَحسبها أَعجمية وَلَا أَدري أَهي فِعْلِياء أَم فِيعِلاء. والكَمْوَى، مَقْصُورٌ: اللَّيْلَةُ القَمْراء المُضِيئة؛ قَالَ:

فَباتُوا بالصَّعِيدِ لَهُمْ أُجاجٌ،

وَلَوْ صَحَّتْ لَنَا الكَمْوَى سَرَينا

التَّهْذِيبُ: وأَما كَمَا فإِنها مَا أُدخل عَلَيْهَا كَافُ التَّشْبِيهِ،

(3). قوله [والكَمْو الستر] هذه عبارة النهاية ومقتضاها أن يقال كَمَا يَكْمُو.

ص: 232

وَهَذَا أَكثر الْكَلَامِ، وَقَدْ قِيلَ: إِن الْعَرَبَ تَحْذِفُ الْيَاءَ مِنْ كَيْما فَتَجْعَلُهُ كَمَا، يَقُولُ أَحدهم لِصَاحِبِهِ اسْمع كَمَا أُحَدِّثك، مَعْنَاهُ كَيْما أُحَدِّثك، وَيَرْفَعُونَ بِهَا الْفِعْلَ وَيَنْصِبُونَ؛ قَالَ عَدِيٌّ:

اسْمَعْ حَدِيثاً كَمَا يَوْماً تُحَدِّثه

عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ، إِذا مَا سائلٌ سَالَا

مَنْ نَصَبَ فَبِمَعْنَى كَيْ، وَمَنْ رَفَعَ فلأَنه لَمْ يَلْفِظْ بِكَيْ، وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ

مَنْ حَلَف بِملَّةٍ غَيْرِ مِلَّة الإِسلام كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ

؛ قَالَ: هُوَ أَن يَقُولَ الإِنسان فِي يَمينه إِن كَانَ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ كَافِرٌ أَو يَهُودِيٌّ أَو نَصْرَانِيٌّ أَو بَريء مِنَ الإِسلام، وَيَكُونُ كَاذِبًا فِي قَوْلِهِ، فإِنه يَصِيرُ إِلى مَا قَالَهُ مِنَ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ، قَالَ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ يَنعقد بِهِ يَمِينٌ، عِنْدَ أَبي حَنِيفَةَ، فإِنه لَا يُوجِبُ فِيهِ إِلا كفَّارة الْيَمِينِ، أَما الشَّافِعِيُّ فَلَا يَعُدُّهُ يَمِينًا وَلَا كفَّارة فِيهِ عِنْدَهُ. قَالَ: وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَةِ

فإِنكم تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ القمَر لَيْلَةَ البدْر

، قَالَ: وَقَدْ يُخيل إِلى بَعْضِ السَّامِعِينَ أَن الْكَافَ كَافُ التَّشْبِيهِ للمَرْئيّ، وإِنما هُوَ للرُّؤية، وَهِيَ فِعْلُ الرَّائِي، وَمَعْنَاهُ أَنكم تَرَوْنَ رَبَّكُمْ رُؤية يَنْزَاحُ مَعَهَا الشَّكُّ كَرُؤْيَتِكُمُ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا تَرتابون فِيهِ وَلَا تَمْتَرُون. وَقَالَ: وَهَذَانَ الْحَدِيثَانِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُمَا لأَن الْكَافَ زَائِدَةٌ عَلَى مَا، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ الأَثير لأَجل لَفْظِهِمَا وَذَكَرْنَاهُمَا نَحْنُ حِفْظًا لِذِكْرِهِمَا حَتَّى لَا نُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنَ الأُصول.

كني: الكُنْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحدها أَن يُكْنَى عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي يُستفحش ذِكْرُهُ، وَالثَّانِي أَن يُكْنى الرَّجُلُ بَاسِمٍ تَوْقِيرًا وَتَعْظِيمًا، وَالثَّالِثُ أَن تَقُومَ الكُنْية مَقام الِاسْمِ فَيُعْرَفُ صَاحِبُهَا بِهَا كَمَا يُعْرَفُ بِاسْمِهِ كأَبي لَهَبٍ اسْمُهُ عَبْدُ العُزَّى، عُرِفَ بكُنيته فَسَمَّاهُ اللَّهُ بِهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والكُنْيةُ والكِنْية أَيضاً وَاحِدَةُ الكُنَى، واكْتَنَى فُلَانٌ بِكَذَا. والكِنَايَة: أَن تَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَتُرِيدَ غَيْرَهُ. وكَنَى عَنِ الأَمر بِغَيْرِهِ يَكْنِي كِنَايَةً: يَعْنِي إِذا تَكَلَّمَ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ نَحْوَ الرَّفَثِ وَالْغَائِطِ وَنَحْوِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ تَعَزَّى بعزَاء الْجَاهِلِيَّةِ فأَعِضُّوه بأَيْر أَبيه وَلَا تَكْنُوا.

وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:

رأَيت عِلْجاً يومَ القادِسيةِ وَقَدْ [تَكَنَّى] وتَحَجَّى

أَي تَسَتَّرَ، مَنْ كَنَى عَنْهُ إِذا وَرَّى، أَو مِنَ الكُنْية، كأَنه ذَكَرَ كنْيته عِنْدَ الْحَرْبِ ليُعرف، وَهُوَ مِنْ شِعَارِ المُبارزين فِي الْحَرْبِ، يَقُولُ أَحدهم: أَنا فُلَانٌ وأَنا أَبو فُلَانٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

خُذها مِنِّي وأَنا الغُلام الغِفاريُّ.

وَقَوْلُ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: أَنا أَبو حَسَنٍ القَرْم.

وكَنَوت بِكَذَا عَنْ كَذَا؛ وأَنشد:

وإِني لأَكْنِي عَنْ قَذورَ بغَيْرِها،

وأُعْرِبُ أَحْياناً بِهَا فأُصارِحُ

وَرَجُلٌ كانٍ وَقَوْمٌ كَانُونَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَاسْتَعْمَلَ سِيبَوَيْهِ الكِنَايَة فِي عَلَامَةِ الْمُضْمَرِ. وكَنَيْتُ الرَّجُلَ بأَبي فُلَانٍ وأَبا فُلَانٍ عَلَى تَعْدِية الْفِعْلُ بَعْدَ إِسقاط الْحَرْفِ كُنْيَةً وكِنْيَةً؛ قَالَ:

راهِبة تُكْنَى بأُمِّ الخَيْر

وَكَذَلِكَ كَنَيْته؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفِ الْكِسَائِيُّ أَكْنَيْتُه، قَالَ: وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَعْرِفِ الْكِسَائِيُّ أَكْنَيْتُهُ يُوهِمُ أَن غَيْرَهُ قَدْ عَرَفَهُ. وكُنْيَةُ فُلَانٍ أَبو فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ كِنْيَتُه أَي الَّذِي يُكْنَى به، وكنو

كُنْوَة فُلَانٍ أَبو فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ كنو

كُنْوَة كنو

كِنْوَته؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وكنو

كُنْوَة كنو

كَنَوْتُه: لُغَةٌ فِي كَنَيْته. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ كَنَيْتُ الرجل وكنو

كُنْوَة كنو

كَنَوْتُه لُغَتَانِ؛ وأَنشد

ص: 233

أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ:

وإِني كنو كُنْوَة كنو لأَكْنُو عَنْ قَذُورَ بِغَيْرِهَا

وَقَذُورُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ كَنَيْت قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَقَدْ أَرْسَلَتْ فِي السِّرِّ أَنْ قَدْ فَضَحْتَني،

وَقَدْ بُحْتَ باسْمِي فِي النَّسِيبِ وَمَا تَكْنِي

وتُكْنَى: مِنْ أَسماء «1» النِّسَاءِ. اللَّيْثُ: يَقُولُ أَهل الْبَصْرَةِ فُلَانٌ يُكْنَى بأَبي عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: فُلَانٌ يُكْنَى بِعَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا تَقُلْ يُكْنَى بِعَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَفصح اللُّغَاتِ أَن تَقُولَ كُنِّيَ أَخُوك بِعَمْرٍو، وَالثَّانِيَةُ كُنِّيَ أَخوك بأَبي عَمْرٍو، وَالثَّالِثَةُ كُنِّيَ أَخُوك أَبا عمرو. ويقال: كَنَيْته وكنو

كُنْوَة كنو

كَنَوْتُه وأَكْنَيْته وكَنَّيْته، وكَنَّيْته أَبا زَيْدٍ وبأَبي زَيْدٍ تَكْنِيَةً، وَهُوَ كَنِيُّه: كَمَا تَقُولُ سَمِيُّه. وكُنَى الرُّؤْيَا: هِيَ الأَمثال الَّتِي يَضربها مَلك الرُّؤْيَا، يُكْنَى بِهَا عَنْ أَعْيان الأُمور. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ للرُّؤيا كُنًى وَلَهَا أَسماء فكَنُّوها بكُنَاها وَاعْتَبِرُوهَا بأَسمائها

؛ الكُنَى: جَمْعُ كُنْيَة مِنْ قَوْلِكَ كَنَيْت عَنِ الأَمر وكنو

كُنْوَة كنو

كَنَوْت عَنْهُ إِذا ورَّيت عَنْهُ بِغَيْرِهِ، أَراد مَثِّلوا لَهَا أَمثالًا إِذا عبَّرْتموها، وَهِيَ الَّتِي يَضربها ملَك الرُّؤْيَا لِلرَّجُلِ فِي مَنَامِهِ لأَنه يُكَنَّى بها عن أَعيان الأُمور، كَقَوْلِهِمْ فِي تَعْبِيرِ النَّخْلِ: إِنها رِجَالٌ ذَوُو أَحساب مِنَ الْعَرَبِ، وَفِي الجَوْز: إِنها رِجَالٌ مِنَ الْعَجَمِ، لأَن النَّخْلَ أَكثر مَا يَكُونُ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ، وَالْجَوْزُ أَكثر مَا يَكُونُ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ، وَقَوْلُهُ: فَاعْتَبِرُوهَا بأَسمائها أَي اجْعَلُوا أَسماء مَا يُرى فِي الْمَنَامِ عِبْرَةً وَقِيَاسًا، كأَن رأَى رَجُلًا يُسَمَّى سَالِمًا فأَوَّله بِالسَّلَامَةِ، وَغَانِمًا فأَوله بالغنيمة.

كها: نَاقَةٌ كَهَاةٌ: سَمِينة، وَقِيلَ: الكَهَاةُ النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا عَرَضَتْ مِنْهَا كَهَاةٌ سَمِينةٌ،

فَلا تُهْدِ مِنها، واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ

وَقِيلَ: الكَهَاةُ النَّاقَةُ الضَّخْمة الَّتِي كَادَتْ تَدْخُلُ فِي السِّنّ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جُلالةٌ

عَقِيلةُ شَيْخٍ، كَالْوَبِيلِ، يَلَنْدَدِ

وَقِيلَ: هِيَ الْوَاسِعَةُ جِلْدِ الأَخْلاف لَا جَمْعَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَقِيلَ: نَاقَةٌ كَهاة عَظِيمَةُ السَّنَامِ جَلِيلَةٌ عِنْدَ أَهلها. وَفِي الْحَدِيثِ:

جَاءَتِ امرأَة إِلى ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، فَقَالَتْ فِي نَفْسِي مسأَلة وأَنا أَكْتَهِيكَ أَن أُشافِهَك بِهَا أَي أُجِلُّك وأُعَظمك وأَحتشِمك، قَالَ: فَاكْتُبِيهَا فِي بِطاقة

أَي فِي رُقعة، وَيُقَالُ فِي نِطاقة، وَالْبَاءُ تُبْدَلُ مِنَ النُّونِ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْجَبَانِ أَكْهَى، وَقَدْ كَهِيَ يَكْهَى واكْتَهَى، لأَن الْمُحْتَشِمَ تَمْنَعُهُ الْهَيْبَةُ عَنِ الْكَلَامِ. وَرَجُلٌ أَكْهَى أَي جَبان ضَعِيفٌ، وَقَدْ كَهِيَ كَهًى؛ وَقَالَ الشَّنْفَرَى:

ولا جبَّإٍ أَكْهَى مُرِبٍّ بِعِرْسِه

يُطالِعُها فِي شأْنِه: كَيْفَ يَفْعَلُ؟

والأَكْهَاء: النبَلاء مِنَ الرِّجَالِ، قَالَ: وَيُقَالُ كَاهَاهُ إِذا فاخَرَه أَيهما أَعظمُ بَدناً، وهاكاهُ إِذا اسْتَصْغَرَ عَقْلَه. وصَخْرةُ أَكْهَى: اسْمُ جَبَلٍ. وأَكْهَى: هَضْبة؛ قَالَ ابْنُ هَرمة:

(1). قوله [وتُكْنَى من أسماء إلخ] في التكملة: هي عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعله، وكذلك تكتم، وأنشد:

طاف الخيالان فهاجا سقما

خَيَالٌ تُكْنَى وَخَيَالٌ تُكْتَمَا

ص: 234

كَمَا أَعْيَتْ عَلَى الرَّاقِينَ أَكْهَى

تَعَيَّتْ، لَا مِياهَ وَلَا فِراغا

وَقَضَى ابْنُ سِيدَهْ أَن أَلف كَهَاة يَاءٌ، لأَن الأَلف يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا. أَبو عَمْرٍو: أَكْهَى الرجلُ إِذا سَخَّن أَطراف أَصابعه بنَفَسه، وَكَانَ فِي الأَصل أَكَهَّ فقُلبت إِحدى الْهَاءَيْنِ يَاءً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

وإِنْ يَكُ إِنْساً مَا كَهَا الإِنسُ يَفْعَل «1»

يُرِيدُ: مَا هَكَذَا الإِنس تَفعل، فَتَرَكَ ذَا وقدم الكاف.

كُوِيَ: الكَيُّ: مَعْرُوفٌ إِحراقُ الْجِلْدِ بِحَدِيدَةٍ وَنَحْوِهَا، كَوَاه كَيّاً. وكوَى البَيْطارُ وَغَيْرُهُ الدَّابَّةَ وَغَيْرَهَا بالمِكْواة يَكْوِي كَيّاً وكَيَّة، وَقَدْ كَوَيْتُه فاكْتَوَى هُوَ. وَفِي الْمَثَلِ: آخِرُ الطِّبِّ الكَيُّ. الْجَوْهَرِيُّ: آخِرُ الدَّواء الكَيّ، قَالَ: وَلَا تَقُلْ آخرُ الدَّاءِ الْكَيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنِّي «2» لأَغتسل مِنَ الْجَنَابَةِ قَبْلَ امرأَتي ثُمَّ أَتَكَوَّى بِهَا

أَي أَسْتَدْفئُ بمُباشَرتها وحَرِّ جِسْمِهَا، وأَصله مِنَ الْكَيِّ. والمِكْواةُ: الْحَدِيدَةُ المِيسَمُ أَو الرَّضفة الَّتِي يُكْوى بِهَا؛ وَفِي الْمَثَلِ:

قَدْ يَضْرَطُ العَيْرُ والمِكْوَاةُ فِي النَّارِ

يُضْرَبُ هَذَا لِلرَّجُلِ يَتَوَقَّعُ الأَمر قَبْلَ أَن يَحِلَّ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْمَثَلُ يُضْرَبُ لِلْبَخِيلِ إِذا أَعطَى شَيْئًا مَخَافَةَ مَا هُوَ أَشدّ مِنْهُ، قَالَ: وَهَذَا الْمَثَلُ يُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَهُ فِي بَعْضِهِمْ، وأَصله أَن مُسافر بْنَ أَبي عَمْرٍو سَقَى بَطْنُهُ فَدَاوَاهُ عِبادِيٌّ وأَحْمَى مَكاوِيه، فَلَمَّا جَعَلَهَا عَلَى بَطْنِهِ وَرَجُلٌ قَرِيبٌ مِنْهُ يَنْظُرُ إِليه جَعَلَ يَضْرَطُ فَقَالَ مُسَافِرٌ:

العَيْرُ يَضْرَط والمِكواةُ فِي النَّارِ

فأَرْسَلها مَثَلًا. قَالَ: وَيُقَالُ إِن هَذَا يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ أَصابه الْخَوْفُ قَبْلَ وُقُوعِ الْمَكْرُوهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَوَى سعدَ بْنَ مُعاذ لِيَنْقَطِعَ دَمُ جُرْحِهِ

؛ الْكَيُّ بِالنَّارِ: مِنَ العِلاج الْمَعْرُوفِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمراض، وَقَدْ جَاءَ فِي أَحاديث كَثِيرَةٍ النَّهْيُ عَنِ الكَيّ، فَقِيلَ: إِنما نُهيَ عَنْهُ مِنْ أَجل أَنهم كَانُوا يُعَظِّمُونَ أَمره وَيَرَوْنَ أَنه يَحْسِمُ الدَّاء، وإِذا لَمْ يُكْوَ العُضو عَطِب وَبَطَلَ، فَنَهَاهُمْ عَنْهُ إِذا كَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وأَباحه إِذا جُعل سَبَبًا لِلشِّفَاءِ لَا عِلَّةً لَهُ، فإِن اللَّهَ عز وجل هُوَ الَّذِي يُبرئه ويَشفِيه لَا الكَيّ وَلَا الداء، وَهَذَا أَمر يَكْثُرُ فِيهِ شُكُوكُ النَّاسِ، يَقُولُونَ: لَوْ شَرِبَ الدَّواء لَمْ يَمُتْ، وَلَوْ أَقام بِبَلَدِهِ لَمْ يُقْتَلْ، وَلَوِ اكْتَوَى لَمْ يَعْطَب؛ وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ نَهْيُهُ عَنِ الْكَيِّ إِذا اسْتُعْمِلَ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ حُدُوثِ الْمَرَضِ وَقَبْلَ الْحَاجَةِ إِليه، وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وإِنما أُبِيح التَّدَاوِي وَالْعِلَاجُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِليه، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُ مِنْ قَبِيلِ التَّوَكُّلِ كَقَوْلِهِ: الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُون وَلَا يَكْتَوُون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. والتوكُّلُ: دَرَجَةٌ أُخرى غَيْرُ الْجَوَازِ، وَاللَّهُ أَعلم. والكَيَّةُ: مَوْضِعُ الكَيِّ. والكاوِياء: مِيسَمٌ يُكْوَى بِهِ. واكْتَوَى الرَّجُلُ يَكْتَوِي اكْتِوَاءً: اسْتَعْمَلَ الكَيَّ. واسْتَكْوَى الرَّجُلُ: طَلَبَ أَن يُكْوَى. والكَوَّاء: فَعَّال مِنَ الكَاوِي. وكَوَاه بِعَيْنِهِ إِذا أَحدَّ إِليه النَّظَرَ. وكَوَتْه الْعَقْرَبُ: لَدَغَتْهُ. وكاوَيْتُ الرجلَ إِذا شَاتَمْتَهُ مِثْلَ كاوَحْته.

(1). قوله [وإن يك إلخ] صدره كما في التكملة:

فَإِنْ يَكُ مِنْ جِنٍّ فأَبرح طارقاً

(2)

. قوله [وفي الحديث إني إلخ] فِي النِّهَايَةِ: وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ إني لأغتسل

إلخ

ص: 235

وَرَجُلٌ كَوَّاء: خَبِيثُ اللِّسَانِ شَتَّامٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَلَى التَّشْبِيهِ. واكْتَوَى: تَمَدَّح بِمَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ. وأَبو الكَوَّاء: مِنْ كُنَى الْعَرَبِ. والكَوُّ والكَوَّةُ: الخَرْق فِي الْحَائِطِ والثَّقْب فِي الْبَيْتِ وَنَحْوُهُ، وَقِيلَ: التَّذْكِيرُ لِلْكَبِيرِ والتأْنيث لِلصَّغِيرِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. قَالَ اللَّيْثُ: تأْسيس بِنَائِهَا مِنْ ك وي كأَن أَصلها كَوًى ثُمَّ أُدغمت الْوَاوُ فِي الْيَاءِ فَجُعِلَتْ وَاوًا مُشَدَّدَةً، وَجَمْعُ الكَوّة كِوًى، بِالْقَصْرِ نَادِرٌ، وكِواء بِالْمَدِّ، وَالْكَافُ مَكْسُورَةً فِيهِمَا مِثْلَ بَدْرة وبِدَر. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَنْ قَالَ كَوَّة فَفَتَحَ فَجَمْعُهُ كِواء مَمْدُودٌ، والكُوَّة، بِالضَّمِّ لُغَةٌ، وَمَنْ قَالَ كُوَّة فَضَم فَجَمْعُهُ كِوًى مَكْسُورٌ مَقْصُورٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: جَمْعُ الكَوَّة كُوًى كَمَا يُقَالُ قَرْية وقُرًى. وكَوَّى فِي الْبَيْتِ كَوَّة: عَمِلها. وتَكَوَّى الرَّجُلُ: دَخَلَ فِي مَوْضِعٍ ضَيِّق فَتَقَبَّضَ فِيهِ. وكُوَىٌ: نَجْمٌ مِنَ الأَنواء، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بثبَت.

كيا: كَيْ: حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي يَنْصِبُ الأَفعال بِمَنْزِلَةِ أَن، وَمَعْنَاهُ الْعِلَّةُ لِوُقُوعِ الشَّيْءِ، كَقَوْلِكَ: جِئْتُ كَيْ تُكْرِمَني، وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ: تَنْصِبُ الْفِعْلَ الْغَابِرَ. يُقَالُ: أَدِّبْه كَيْ يَرْتَدِعَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ تَدْخُلُ عَلَيْهِ اللَّامُ، وَفِي التنزيل العزيز: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فاتَكُمْ؛ وَقَالَ لَبِيَدٌ:

لِكَيْ لَا يَكُونَ السَّنْدَريُّ نَدِيدَتي

وَرُبَّمَا حَذَفُوا كَيْ اكْتِفَاءً بِاللَّامِ وَتَوَصُّلًا بِمَا وَلَا، فَيُقَالُ تَحَرَّزْ كَيْ لَا تَقَع، وَخَرَجَ كَيْما يُصلِّي، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ؛ وَفِي كَيْمَا لُغَةٌ أُخرى حَذْفُ الْيَاءِ لَفْظُهُ كَمَا قَالَ عَدِيٌّ:

اسْمَعْ حَدِيثاً كَمَا يَوْمًا تُحَدِّثُه،

عَنْ ظَهرِ غَيْبٍ، إِذا مَا سائِلٌ سَالَا

أَراد كَيْمَا يَوْمًا تُحَدِّثُهُ. وكَيْ وكَيْ لَا وكَيْما وَكَمَا تَعْمَلُ فِي الأَلفاظ الْمُسْتَقْبَلَةِ عَمَلَ أَنْ ولَن وَحَتَّى إِذا وَقَعَتْ فِي فِعْلٍ لَمْ يَجِبْ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَما كَيْ مُخَفَّفَةً فَجَوَابٌ لِقَوْلِكَ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟ فَتَقُولُ كَيْ يَكُونَ كَذَا، وَهِيَ لِلْعَاقِبَةِ كَاللَّامِ وَتَنْصِبُ الْفِعْلَ الْمُسْتَقْبَلَ. وَكَانَ مِنَ الأَمر كَيْتَ وكَيْتَ: يُكْنى بِذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِمْ كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ الأَصل فِيهِ كَيَّةَ وكَيَّةَ، فأُبدلت الْيَاءُ الأَخيرة تَاءً وأَجروها مُجرى الأَصل لأَنه مُلْحَقٌ بفَلْس، وَالْمُلْحَقُ كالأَصلي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي أَبدلوا التَّاءَ مِنَ الْيَاءِ لَامًا، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ كَيْتَ وكَيْتَ، وأَصلها كَيَّةُ وكَيَّةُ، ثُمَّ إِنهم حَذَفُوا الْهَاءَ وأَبدلوا مِنَ الْيَاءُ الَّتِي هِيَ لامٌ تَاءً كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ ثِنْتَانِ فَقَالُوا كَيْتَ، فَكَمَا أَن الْهَاءَ فِي كَيَّة عَلَمُ تأْنيث كَذَلِكَ الصِّيغَةُ فِي كَيْتِ عَلَمُ تأْنيث. وَفِي كَيْتِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَبنيها عَلَى الْفَتْحِ فَيَقُولُ كَيْتَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْنِيهَا عَلَى الضَّمِّ فيقول كَيْتُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْنِيهَا عَلَى الْكَسْرِ فَيَقُولُ كَيْتِ، قَالَ: وأَصل التَّاءِ فِيهَا هَاءٌ وإِنما صَارَتْ تَاءً فِي الْوَصْلِ.، وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ: كَيَّهْ وكَيَّهْ، بِالْهَاءِ، قَالَ: وَيُقَالُ كَيْمَهْ كَمَا يُقَالُ لِمَهْ فِي الْوَقْفِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ حَكَى أَبو عُبَيْدَةَ كَانَ مِنَ الأَمر كَيَّهْ وكَيَّهْ، قَالَ: الصَّوَابُ كَيَّتَ وكَيَّهْ، الأُولى بِالتَّاءِ وَالثَّانِيَةُ بِالْهَاءِ، وأَما كَيَّهْ فَلَيْسَ فِيهَا مَعَ الْهَاءِ إِلا الْبِنَاءُ عَلَى الْفَتْحِ، فإِن قُلْتَ: فَمَا تُنْكِرُ أَن تَكُونَ التَّاءُ فِي كَيْتِ مُنْقَلِبَةً عَنْ

ص: 236