الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلية الطب
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
عفا ما بني المأمون للطب معهدا
…
ببغداد إلا أن فيصل جددا
ندي لدرس الطب ضخم بناؤه
…
رأى فيصل تشييده فتشيدا
مليك إلى الشورى صبا فوق عرشه
…
فمدت له الشورى تصافحه يدا
واني إذا ما شمت ومض عيونه
…
أرى نصب عيني كوكبين توقدا
وما زال ردء للعراق يحوطه
…
ويخفره من أن يحيق به الردى
أعاد به مجدا له كان ذاهبا
…
وأصلح من قطريه ما الدهر افسدا
تذرع بالأسباب حتى أقامه
…
فأحرز يبني سؤددا ثم سؤددا
رأي الحزم في إنهاضه من عثاره
…
فقام به جلدا وما إن ترددا
وما كل من قد رام علياء نالها
…
ولا كل من قد سار يبتدر اهتدى
أكلية الطب الحديث تخلدي
…
كما كل ما أجدى الحياة تخلدا
أحييك صداحا، أحييك هاتفا
…
مع الجمع في الحفل الحفيل ومفردا
فانك في جيد العراق قلادة
…
وأحر بذاك الجيد إن يتقلدا
وما الطب إلا منهل طاب مصدرا
…
لوراده العطشى كما طاب موردا
وما عاش إلا من أطاع وصاته
…
ولا مات إلا من عليه تمردا
وقبلك قد كان الوباء رزيئة
…
وسهما إلى قلب العراق مسددا
وقد كان صوت الطب في الغرب عاليا
…
وما كان منه للعراق سوى الصدى
ولولا اتقائي شر ناس تعصبوا
…
على غير رشد لاتخذتك معبدا
على إنني إما أتيت عبادتي
…
عبدت جلال الله فيك موحدا
إلى الطب في كل الأقاليم حاجة
…
فما اقرب الجدوى وما ابعد المدى
يبدل من عضو تحطم غيره
…
ويحيي غريقا قد الم به الردى
ورب مريض ما استطب فلم يعش
…
ولم أر مثل الموت للجهل مشهدا
ولم يعترف يوما ذووه بغيهم
…
ولكنهم عدوا الضلال من الهدى
ورب أذى يأتيك من ذي قرابة
…
ورب صديق كان شرا من العدى
ستغفو عيون بعد ذا ملء جفنها
…
فلا تجرأ الأمراض أن تتهددا
وما الفضل إلا للأطباء إنهم
…
لقد أوقعوا بالداء حتى تبددا
خبيرين من أجسام من يفحصونه
…
بما كان مخفيا وما كان قد بدا
أولئك لاحوا للحضارة أنجما
…
ففي كل جو أنت تبصر فرقدا
تحاول أن تنكي الطبيعة جهدها
…
كأن لها فيما تحاول مقصدا
وكانت قديما تنفذ الحكم مطلقا
…
ولكنما جاء الطبيب فقيدا
فخفف ما يشكو المريض من الأذى
…
وأخر آجالا قربن وبعدا
وما زال يبلي الطب عند صدامه
…
بجيش من المكروب مجر تحشدا
وكم أسعفوا من سلة الداء ناشبا
…
وكم أنقذوا من كاد يلحقه الردى
وكم تعبوا يبغون تخفيف ما به
…
فما ذهبت أتعابهم هذه سدى
قد ابتسمت بغداد بعد عبوسها
…
كما ابيض ليل بعد أن كان اسودا
وهذا لعمر الحق صبح مكذب
…
لمن ظن ليل الناس في الشرق سرمدا
نزا بلبل يشدو فغنيت مثله
…
وهل كنت ترجو أن يثورا وأجمدا
ولا فرق بين العندليب وشاعر
…
تفخر يشدو للسرور كما شدا
كلانا نشأنا في خميلة روضة
…
زهت وشربنا من أزاهيرها الندى
لدى جنة أشجارها قد توا شجت
…
كما خاصرت غيداء للرقص أغيدا
ألست ترى روض الأماني مورقا
…
يمد ظلالا بعد أن كان اجردا
زرعنا فجاء الزرع ريان ناضرا
…
وسوف تراه قد أجم فاحصدا
تجدد هذا الدهر فانعم بخيره
…
ومن حسنات الدهر أن يتجددا
بغداد:
جميل صدقي الزهاوي