المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كلية الطب للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي عفا ما بني المأمون للطب - مجلة «الثقافة» السورية - جـ ٣

[خليل مردم بك]

الفصل: ‌ ‌كلية الطب للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي عفا ما بني المأمون للطب

‌كلية الطب

للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي

عفا ما بني المأمون للطب معهدا

ببغداد إلا أن فيصل جددا

ندي لدرس الطب ضخم بناؤه

رأى فيصل تشييده فتشيدا

مليك إلى الشورى صبا فوق عرشه

فمدت له الشورى تصافحه يدا

واني إذا ما شمت ومض عيونه

أرى نصب عيني كوكبين توقدا

وما زال ردء للعراق يحوطه

ويخفره من أن يحيق به الردى

أعاد به مجدا له كان ذاهبا

وأصلح من قطريه ما الدهر افسدا

تذرع بالأسباب حتى أقامه

فأحرز يبني سؤددا ثم سؤددا

رأي الحزم في إنهاضه من عثاره

فقام به جلدا وما إن ترددا

وما كل من قد رام علياء نالها

ولا كل من قد سار يبتدر اهتدى

أكلية الطب الحديث تخلدي

كما كل ما أجدى الحياة تخلدا

أحييك صداحا، أحييك هاتفا

مع الجمع في الحفل الحفيل ومفردا

فانك في جيد العراق قلادة

وأحر بذاك الجيد إن يتقلدا

وما الطب إلا منهل طاب مصدرا

لوراده العطشى كما طاب موردا

وما عاش إلا من أطاع وصاته

ولا مات إلا من عليه تمردا

وقبلك قد كان الوباء رزيئة

وسهما إلى قلب العراق مسددا

وقد كان صوت الطب في الغرب عاليا

وما كان منه للعراق سوى الصدى

ولولا اتقائي شر ناس تعصبوا

على غير رشد لاتخذتك معبدا

على إنني إما أتيت عبادتي

عبدت جلال الله فيك موحدا

إلى الطب في كل الأقاليم حاجة

فما اقرب الجدوى وما ابعد المدى

يبدل من عضو تحطم غيره

ويحيي غريقا قد الم به الردى

ورب مريض ما استطب فلم يعش

ولم أر مثل الموت للجهل مشهدا

ولم يعترف يوما ذووه بغيهم

ولكنهم عدوا الضلال من الهدى

ورب أذى يأتيك من ذي قرابة

ورب صديق كان شرا من العدى

ص: 4

ستغفو عيون بعد ذا ملء جفنها

فلا تجرأ الأمراض أن تتهددا

وما الفضل إلا للأطباء إنهم

لقد أوقعوا بالداء حتى تبددا

خبيرين من أجسام من يفحصونه

بما كان مخفيا وما كان قد بدا

أولئك لاحوا للحضارة أنجما

ففي كل جو أنت تبصر فرقدا

تحاول أن تنكي الطبيعة جهدها

كأن لها فيما تحاول مقصدا

وكانت قديما تنفذ الحكم مطلقا

ولكنما جاء الطبيب فقيدا

فخفف ما يشكو المريض من الأذى

وأخر آجالا قربن وبعدا

وما زال يبلي الطب عند صدامه

بجيش من المكروب مجر تحشدا

وكم أسعفوا من سلة الداء ناشبا

وكم أنقذوا من كاد يلحقه الردى

وكم تعبوا يبغون تخفيف ما به

فما ذهبت أتعابهم هذه سدى

قد ابتسمت بغداد بعد عبوسها

كما ابيض ليل بعد أن كان اسودا

وهذا لعمر الحق صبح مكذب

لمن ظن ليل الناس في الشرق سرمدا

نزا بلبل يشدو فغنيت مثله

وهل كنت ترجو أن يثورا وأجمدا

ولا فرق بين العندليب وشاعر

تفخر يشدو للسرور كما شدا

كلانا نشأنا في خميلة روضة

زهت وشربنا من أزاهيرها الندى

لدى جنة أشجارها قد توا شجت

كما خاصرت غيداء للرقص أغيدا

ألست ترى روض الأماني مورقا

يمد ظلالا بعد أن كان اجردا

زرعنا فجاء الزرع ريان ناضرا

وسوف تراه قد أجم فاحصدا

تجدد هذا الدهر فانعم بخيره

ومن حسنات الدهر أن يتجددا

بغداد:

جميل صدقي الزهاوي

ص: 5