الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
الوقف على المساجد والمدارس
(س4) مستفيد من سنغافورة:
ما قول المنار المنير في بناء المدارس للتعليم والوقف عليها ، وبناء المساجد
للصلاة ، ولا يخفى عليكم ما ورد في فضلها، فأي الأمرين من البنائين أفضل أفيدونا؟
(ج) في المسألة تفصيل ، فإقامة الجمعة والجماعة في المساجد من شعائر
الإسلام ، إذا تركها أهل بلد وَجَبَ إلزامُهم بها. قال الفقهاء: ولو بالقتال. والعلوم
منها ما هو فريضةٌ ، ومنها ما هو فضيلةٌ ، ولا بُدَّ لأهل كل بلد منها ، فإذا وجد في
بلد مسجد لإقامة الشعائر أو أكثر عند الحاجة فَبِناء المدارس والوقف عليها في ذلك
البلد أفضلُ لا محالةَ ، بل لا فَضْلَ في بناء مسجد لا حاجة إليه؛ لأن مِن أغراض
الشريعة جعْل المساجد على قدْرِ الحاجة لِمَا في كثرتها من تفرّق المسلمين ، وإذا
أمكن اجتماع أهل البلد في مسجدٍ واحدٍ فهو أفضلُ من تفرقهم في مسجدين أو أكثر ،
بل ذهب الإمام الشافعي إلى وُجُوبِ أداءِ الجُمُعَة في مسجدٍ واحدٍ إنْ أمْكَنَ في تفصيل
سبق لنا الكلام فيه في أحد مجلدات المنار. وإذا وجد في بلد مدارس للتعليم ، ولم
يوجد فيها مسجد لإقامة الجمعة والجماعة ، فلا شَكَّ أن بناء المسجد يكون حينئذٍ
أفضل؛ لتوقف إقامة الشعائر عليه.
وإنما تأتي المفاضلة في بلد لا مسجدَ فيه ولا مدرسةَ ، ويحتاج أهلُه إليهما معًا
وحينئذ يظهر أنه يجب الابتداء بالمسجدِ ، ويمكن أن يُصلى فيه ، ويُعلم ما لا بُدَّ منه
حتى يتيسرَ بِناء مكان للتعليم خاصّ به.
وقد تبين مما تقدم أن بناء المدارس أفضلُ في البلاد التي فيها مساجدُ تُقامُ فيها
الشعائرُ ، وأكثر أمصار المسلمين كذلك فبناء المساجد فيها مع عدم الحاجة إليها
مضادٌّ لمقصد الشريعة ، وهو لا يكون إلا عن رياء أو جهل.
_________