الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
سَفر صاحب المجلة
سافر صاحب هذه المجلة من القاهرة قاصدًا سوريا لزيارة الأهل والأقربين،
والأصدقاء والمحبين، الذي حال بيننا وبينهم الاستبداد إحدى عشرة سنةً، كان ذكر
اسمه فيها خطرًا عليهم، يهددهم به من يستاء من أحد منهم، قائلاً: إما أن تفعلوا
كذا أو تتركوا كذا ، وإما أن أبلغ الحكومة بأنكم تكتبون إلى صاحب المنار ، أو
يكتب هو إليكم ، أو أنكم على رأيه واعتقاده في حاجة الدولة والأمة إلى الإصلاح،
ونحو ذلك.
سافرنا قبل صدور هذا الجزء، وإننا نكتب هذا في القطار بين القاهرة
وبورسعيد. وسنقيم في تلك الديار إلى ما بعد عيد الفطر، ثم نعود منها، وندخل
مصر إن شاء الله آمنين.
وقد جعلنا أخًا لنا وكيلاً عنا في إدارة المجلة ومطبعتها، وعهدنا إلى إدارة
البريد المصري أن تعده وكيلاً عنا، وتدفع له كل ما يرد باسمنا من الرسائل
والدراهم. فعسى أن تكون غيرة قراء المنار الأخيار على إدارة المجلة في غيبتنا
أعظم مما كانت عليه أيام كنا فيها، وأن يرسلوا إليها ما وجب عليهم من قيمة
الاشتراك، فإن العمل فيها وفي المطبعة لا يزال مستمرًّا، وإنا لَنَعُدُّ مَن يرسل قيمة
الاشتراك إلى المجلة في غيبتنا، من أفضل أهل الذوق والوفاء لنا، بل نعد له ذلك
جميلاً يذكر، وفضلاً يشكر.
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
مكاشفة في أول ولاية السلطان عبد الحميد ومدتها
كان كثير من أهل الآستانة وغيرهم من خواص العثمانيين يتحدثون بأن بعض
المنجمين أو الصالحين بشر السلطان عبد الحميد بأنه يكون ملكًا مدة ثلاث وثلاثين
سنة، وقد حدثني بعض كبار رجال الدولة في سياق الكلام على اعتقاد السلطان
بالمشايخ الذين يدعون الكشف أو الجفر والزايرجة، كأبي الهدى وعنايته بالشيخ
ظافر - حديثًا غريبًا يرويه عن السلطان نفسه، وملخصه أنه كان في المدينة
المنورة رجل يعرف بأمين أفندي الطرابزوني، يشتغل بالجفر، ويخبر بأمور
المستقبل، فأرسل إليه السلطان يتعرف منه هل يكون سلطانًا، فقال: إنه يكون
سلطانًا في سنة 1293، قال هذا للشيخ ظافر، وكان هو الواسطة بينهما، فلما أنبأ
الشيخ ظافر عبد الحميد (أفندي) بذلك كبر عليه أن يصدقه، لأن عمه السلطان عبد
العزيز كان في صحته وعافيته، وكذلك أخوه مراد أفندي، الذي هو ولي العهد،
وكان ذلك في أول تلك السنة، ولكن لم يلبث أن صدق كلامه كما هو معلوم. قال
الراوي هذا معنى ما سمعته بأذني من السلطان عبد الحميد، وسمعت بعض الكبراء
في الآستانة يزيدون في الرواية قائلين: إن أمين أفندي حدد مدة ملكه بثلاث وثلاثين
سنة، فقال يملك أو يحكم 33 سنة.
ومن يتذكر أن السلطان ولي في شعبان سنة 1293، يعلم أن المدة قد تمت
بحسب السنين الهجرية، ويحتمل أن يقال في تأويل الشق الثاني من الخبر: إن
السنة الثالثة والثلاثين قد كانت خاتمة لحكم السلطان بنفسه وقبضه على زمام
السلطة بيده، فإن إعلان الدستور قد حول الحكم إلى الوزارة ومجلس الأمة. ولعل
السلطان نفسه يفكر في هذا التأويل، فينشرح له صدره، إذ كان ممن يصدق أمثال
هؤلاء القائلين، لا سِيَّمَا بعد أن صدق الخبر فيما يتعلق بأول الولاية. وأما من لا
يبالي بهم صدقوا أم كذبوا، فلا يحتاج إلى التأويل. وقد ذكرت هذا الخبر قبل
إعلان الدستور لكثيرين، وبعده لكثيرين، منهم أصحاب المقطم.
_________