الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: معروف الرصافي
التربية والأمهات
أنشدنا الشيخ معروف الرصافي شاعر العراق الاجتماعي لنفسه ببيروت في
المحرم سنة 1327
هي الأخلاق تنبت كالنبات
…
إذا سقيت بماء المكرمات
تقوم إذا تعهدها المربي
…
على ساق الفضيلة مثمرات
وتسمو للمكارم باتساق
…
كما اتسقت أنابيب القناة
وتنعش من صميم المجد روحًا
…
بأزهار لها متضوعات
ولم أر للخلائق من محل
…
يهذبها كحضن الأمهات
فحضن الأم مدرسة تسامت
…
بتربية البنين أو البنات
وأخلاق الوليد تقاس حسنًا
…
بأخلاق النساء الوالدات
وليس ربيب عالية المزايا
…
كمثل ربيب سافلة الصفات
وليس النبت ينبت في جنان
…
كمثل النبت ينبت في الفلاة
فيا صدر الفتاة رحبت صدرًا
…
فأنت مقر أسنى العاطفات
تراك إذا ضممت الطفل لوحًا
…
يفوق جميع ألواح الحياة
إذا استند الوليد عليك لاحت
…
تصاوير الحنان مصورات
لأخلاق الصبي بك انعكاس
…
كما انعكس الخيال على المرآة
وما ضربات قلبك غير درس
…
لتلقين الخصال الفاضلات
فأول درس تهذيب السجايا
…
يكون عليك يا صدر الفتاة
فكيف نظن بالأبناء خيرًا
…
إذا نشأوا بحضن الجاهلات
وهل يرجى لأطفال كمال
…
إذا ارتضعوا ثدي الناقصات
فما للأمهات جهلن حتى
…
أتين بكل طياش الحصاة
حنون على الرضيع بغير علم
…
فضاع حنو تلك المرضعات
أأُمَّ المؤمنين إليك نشكو
…
مصيبتنا بجهل المؤمنات
فتلك مصيبة يا أم منها
…
(نكاد نغص بالماء الفرات)
تخذنا بعدك العادات دينًا
…
فأشقى المسلمون المسلمات
فقد سلكوا بهن سبيل خسر
…
وصدوهن عن سبل الحياة
بحيث لزمن قعر البيت حتى
…
نزلن به بمنزلة الأداة
وعدُّوهن أضعف من ذباب
…
بلا جنح وأهون من شذاة
وقالوا شرعة الإسلام تقضي
…
بتفضيل (الذين) على (اللواتي)
وقالوا إن معنى العلم شيء
…
تضيق به صدور الغانيات
وقالوا الجاهلات أعف نفسًا
…
عن الفحشا من المتعلمات
لقد كذبوا على الإسلام كذبًا
…
تزول الشم منه مزلزلات
أليس العلم في الإسلام فرضًا
…
على أبنائه وعلى البنات
وكانت (أمُّنا) في العلم بحرًا
…
تحل لسائليها المشكلات
وعلمها النبي أجل علم
…
فكانت من أجل العالمات
لذا قال ارجعوا أبدًا إليها
…
بثلثي دينكم ذي البينات
وكان العلم تلقينًا فأمسى
…
يحصل بانتياب المدرسات
وبالتقرير من كتب ضخام
…
وبالقلم الممد من الدواة
ألم نر في الحسان الغيد قَبلاً
…
أوانس كاتبات شاعرات
وقد كانت نساء القوم قدمًا
…
يرُحن إلى الحروب مع الغزاة
يكن لهم على الأعداء عونًا
…
ويضمدن الجروح الداميات
وكم منهن من أسرت وذاقت
…
عذاب الهون في أسر العداة
فماذا اليوم ضر لو التفتنا
…
إلى أسلافنا بعض التفات
فهم ساروا بنهج هدًى وسرنا
…
بمنهاج التفرق والشتات
نرى جهل الفتاة لها عفافًا
…
كأن الجهل حصن للفتاة
ونحتقر الحلائل لا لجرم
…
فنؤذيهن أنواع الأذاة
ونلزمهن قعر البيت قهرًا
…
وتحسبهن فيه من الهنات
لئن وأدوا البنات فقد قبرنا
…
جميع نسائنا قبل الممات
حجبناهن عن طلب المعالي
…
فعشن بجهلهن مهتكات
ولو عدمت طباع القوم لؤمًا
…
لما غدت النساء محجبات
وتهذيب الرجال أجل شرط
…
لجعل نسائهم مهذبات
وما ضر العفيفة كشف وجه
…
بدا بين الأعفاء الأباة
فدًى لخلائق الأعراب نفسي
…
وإن وصفوا لدينا بالجفاة
فكم برزت بحيهم الغواني
…
حواسر غير ما متريبات
وكم خشف بمربعهم وظبي
…
يمر مع الجداية والمهاة
ولولا الجهل ثَمَّ نقلت مرحى
…
لمن ألفوا البداوة في الفلاة
_________