المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الكاتب: محمد رشيد رضا - مجلة المنار - جـ ٨

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (8)

- ‌غرة المحرم - 1323ه

- ‌فاتحة السنة الثامنة

- ‌فتاوى المنار

- ‌رسالة البدعة في صلاة الظهر بعد الجمعة

- ‌انتقاد شواهد الطبعة الأولى من تفسيرابن جرير الطبري

- ‌التقريظ والانتقاد

- ‌الأخبار والآراء

- ‌تقريظ المنار

- ‌16 المحرم - 1323ه

- ‌حياة الأمم وموتها

- ‌رأي عالم أزهري في العلماء

- ‌تقويم المؤيد لعام 1323

- ‌الأخبار والآراء

- ‌الشيخ عبد الباقي الأفغاني(وفاته)

- ‌غرة صفر - 1323ه

- ‌الحياة الزوجية(1)

- ‌التحكيم بين الزوجين في الشقاق

- ‌(الأرض)دليل حركتها من القرآن

- ‌شهادة غير المسلم وخبره

- ‌رأي عالم أزهري في العلماء

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌البدع والخرافات

- ‌16 صفر - 1323ه

- ‌الحياة الزوجية(2)

- ‌فتاوى المنار

- ‌فتوى ابن حجر في تحريم الاجتماع للموالدوغيرها من البدع

- ‌أحوال المغرب الأقصى

- ‌غرة ربيع الأول - 1323ه

- ‌الحياة الزوجية(3)

- ‌فتاوى المنار

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 ربيع الأول - 1323ه

- ‌الحياة الزوجية(4)

- ‌تزويج الشريفة بغير كفءوسبّ العلماء، وإهانة كتب العلم

- ‌مصرف الهدايا والنذورلأضرحة الأولياء

- ‌تلقين الميت وأين يجلس الملقِّن

- ‌رش القبر بالماء

- ‌شعر الرأسحلقة أو تركه

- ‌صلاة الظهر بعد الجمعةوالخلاف في الدين

- ‌التقريظ

- ‌رأي رجل عظيم في المسلمين والمناروترك الأستاذ الإمام للأزهر

- ‌صدى الحادثة في أورباأو مقاومة النفوذين الفرنسي والإنكليزي للأستاذ الإمامفي الإصلاح

- ‌الاحتفال بالعيد المئوي لمحمد عليوالإيماء لانفصال مصر عن تركيا

- ‌غرة ربيع الثاني - 1323ه

- ‌ذبائح أهل الكتاب في عصر التنزيل

- ‌عذاب القبر

- ‌الحكمة في إنزال القرآن

- ‌استطراد في حفاظ القرآن بمصروحادثة جديدة

- ‌التقريظ

- ‌حضرموت واليمن

- ‌تنازع الدول في جزيرة العرب

- ‌الانتقاد على المنار

- ‌استدراك

- ‌16 ربيع الثاني - 1323ه

- ‌الاتصال بين الآيات والسوروجمع القرآن

- ‌بلاد روسيا دار حرب أو إسلاموالروسيون كتابيون أم وثنيون

- ‌عمل الفقهاء بأقوال مذاهبهموإن خالفت الحديث الصحيح

- ‌إيراد على ترك التقليد

- ‌خرافة في سبب تحريم الخمر

- ‌التقريظ

- ‌انطفاء فتنة نجد واستقرار الأمرفي آل سعود

- ‌لائحة المساجد وما أنفذ منها

- ‌محاربة الوهم للعلمأو تأثير السعاية في الدولة العثمانية

- ‌حذر حكومة مدينة حلب من الثورة

- ‌الجمعية الخيرية الإسلامية

- ‌الوفدان الفرنسي والألمانيفي بلاد العرب

- ‌جمعية العروة الوثقى الخيرية

- ‌غرة جمادى الأول - 1323ه

- ‌المسلمون والقبط [*]أو آية الموت وآية الحياة

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌أعمال مجلس إدارة الأزهر

- ‌تاريخ دول العرب والإسلام

- ‌كتاب زهر الربيعفي المعاني والبيان والبديع

- ‌الروزنامة التونسية

- ‌تذكار المهاجر

- ‌أنباء سوريا المزعجة- الدولة والرعية

- ‌نظرة في المبارزة

- ‌إصلاح الطرق الصوفية

- ‌مرض الأستاذ الإمام

- ‌اعتذار للقراء الكرام

- ‌إعذار بعد اعتذار

- ‌رأي غريب في عاقبة السُّكر

- ‌افتخار جريدتياللواء والعالم الإسلامي بالكذب

- ‌16 جمادى الأولى - 1323ه

- ‌مصاب الإسلام بموت الأستاذ الإمام

- ‌ملخص سيرة الأستاذ الإمام(1)

- ‌غرة جمادى الآخر - 1323ه

- ‌ملخص سيرة الأستاذ الإمام(2)

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌شكر واعتذار

- ‌16 جمادى الآخر - 1323ه

- ‌مرثية محمد حافظ أفندي إبراهيمفي الأستاذ الإمام رضي الله عنه

- ‌المنار الإسلامي واللواء الوطني

- ‌مشروع بناء مسجد في باريس

- ‌غرة رجب - 1323ه

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌المجلد الأول من كتابأشهر مشاهير الإسلام

- ‌تاريخ التمدن الإسلامي

- ‌مرشد الهداياتإلى واجبات الحلاقين والدايات

- ‌ديوان الرافعي

- ‌حقوق المرأة في الإسلام

- ‌كتاب الرسائل الزينبية

- ‌تبرج النساء في مصر

- ‌خنوثة الرجال وفسوقهم

- ‌الحداد والمآتم

- ‌16 رجب - 1323ه

- ‌ملخص سيرة الأستاذ الإمام(4)

- ‌المصاب العظيمبوالدنا البر الرحيم

- ‌نعيه إلينا وتعزيتنا عنه

- ‌غرة شعبان - 1323ه

- ‌الحياة الزوجية(5)

- ‌تزويج الشريفة بغير شريفوفضل أهل البيت

- ‌ضمان البضاعةوسلع التجارة والسيكارتو

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌تأبين الأستاذ الإمام

- ‌كتاب تعزية من عالم إنكليزي

- ‌16 شعبان - 1323ه

- ‌مذهب السلفوطريقة الحنابلة في التأليف

- ‌إعطاء الزكاة والصدقة للشرفاءومعاملتهم

- ‌لعن معاوية والترضي عنهوفيه حكم اللعن مطلقًا

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌تاريخ الأستاذ الإمام

- ‌شكر بعد شكر

- ‌غرة رمضان - 1323ه

- ‌نموذج آخرمن شرح عقيدة السفاريني

- ‌الحياة الزوجية(6)

- ‌أسئلة من سنغافوره

- ‌دعوى الرقيقةبعد موت السيد أنها أم ولد له

- ‌تفسير.. (فإذا هما اجتمعا لنفس مرة)

- ‌أسئلة من الجزائر

- ‌أميل القرن التاسع عشر

- ‌البداوة من باب الآثار الأدبية

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 رمضان - 1323ه

- ‌الدين في نظر العقل الصحيح(4)

- ‌(دعوة اليابان إلى الإسلام)

- ‌نصائح صحية للبنات من مجلة أبقراط

- ‌تاريخ الإصلاح في الأزهرأو أعمال مجلس إدارة الأزهر

- ‌تفسير الفاتحة ومُشْكِلات القرآن

- ‌إحصاء رسميلخسائر الدولتين في الحرب الأخيرة

- ‌تبرج النساء وأنصار الحجاب

- ‌موعظة وعبرة في وفاة حرة

- ‌غرة شوال - 1323ه

- ‌تقرير مشيخة علماء الإسكندرية

- ‌الأخبار والآراء

- ‌16 شوال - 1323ه

- ‌الدينفي نظر العقل الصحيح(6)

- ‌روابط الجنسية والحياة المليةوفلسفة الاجتماع البشري

- ‌الأخبار والآراء

- ‌غرة ذو القعدة - 1323ه

- ‌الحياة المِليَّة بالتربية الاجتماعية

- ‌تقرير مشيخة علماء الإسكندرية

- ‌آثار علمية أدبية

- ‌شيخ الأزهروزينة الكسوة والمحمل،حكم الفرجة عليهما

- ‌16 ذو القعدة - 1323ه

- ‌تجارة الرقيقوأحكامه في الإسلام

- ‌أسئلة من دمياطتتعلق بقصة المولد النبوي

- ‌تعليم اللغات

- ‌مسلمو الصين والإسلام في اليابان

- ‌غرة ذو الحجة - 1323ه

- ‌ملخص سيرة الأستاذ الإمام(5)

- ‌تتمة أجوبة الأسئلة الدمياطية

- ‌قصة المولد لدبيع

- ‌فائدة عظيمةفي بحث العمل بالحديث الضعيف

- ‌إزالة وهم

- ‌أبونا آدم ومذهب دارونمن باب الانتقاد على المنار

- ‌16 ذو الحجة - 1323ه

- ‌اشتراطالولي في النكاح

- ‌طعام أهل الكتاب ومجاملتهم

- ‌مسألة خلق أبينا آدم

- ‌انتقاد شواهد الطبعة الأولى من تفسيرابن جرير الطبري

- ‌التقريظ

- ‌الأخبار والآراء

- ‌خاتمة السنة الثامنة

- ‌شرط الاشتراك في السنة التاسعة

- ‌كلمة مع تحية المنار لقرائه المصطفين الأخيار

الفصل: الكاتب: محمد رشيد رضا

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌الأخبار والآراء

(هداية أستاذ للإسلام)

(نقلها عبد الرحمن أفندي شهبندر من مجلة الملل الصادرة في مارس (آذار)

سنة 1905 إلى العربية) .

لدينا الآن رسالتان بقلم الأستاذ نشكنتايا دهيايا الرئيس الماضي لكلية حيدر

أباد (وأستاذ التاريخ في كلية مهراجا في ميسوري) والأولى منهما موضوعها لماذا

انتحلتُ الإسلام والثانية محمد نبي الإسلام وقد أصبح اسم المؤلف بعد إسلامه

محمد عزيز الدين وهو من العلماء والأفاضل الذين ساحوا في البلاد زمنًا طويلاً،

ودرسوا الأديان المختلفة وفي الرسالة الأولى ذكر أسباب هدايته واتخاذه الإسلام

دينًا لا يبارى في الصحة والسلامة.

كان المؤلف في أول أمره كثير الإعجاب بمذهب العقليين لكنه لم يلبث أن

تحول؛ لأن هذا المذهب لم يرو له غليلاً، فأخذ في درس الدين البوذي وأعجب

بظاهر رفعته الأخلاقية؛ لكنه وجده أخيرًا على عكس طبيعة البشر؛ فمَلَّه وكان ذلك

أثناء وجوده في البلاد الألمانية حيث ألقى خطابين موضوعهما البوذية بلغة تلك البلاد،

ومن ثم ذهب إلى باريس وبطرسبرج وبعدما تعلم الإفرنسية أعجب بـ (رنان)

وكان من تأثير ذلك أنه أخذ في درس لغات الساميين وأديانهم وكرس قسمًا

عظيمًا من حياته لدرس المقابلة بين الأديان العظيمة يعني اليهودية والزردشتية

والبرهمية من الجهة الواحدة والبوذية والنصرانية والإسلام من الجهة الأخرى ووقف

في سبيله إلى التنصر مسألة الفداء، ومسألة الهلاك الأبدي وما يضاف إليهما في

الكاثولوكية من اعتقاد العصمة البابوية، والتحول في العشاء الرباني ثم رجع إلى

البلاد الهندية على هذه الحال من تبلبل الفكر وهنالك فرغ نفسه مدة لدرس الرياضة

(التصوف) لكنه عاد منها أيضًا غير مقتنع، ولم يعط البوذية والإسلام حقهما في

الدرس حتى ذلك الحين فدرس الأولى منهما، ثم جاء إلى الإسلام الذي استماله

أخيرًا، وأثر في نفسه أثرًا باقيًا، وكان قد شعر بصحته منذ مدة طويلة لكن الظروف

الخارجية منعته من التصريح بذلك، حتى الثامن والعشرين من شهر آب (أغسطس)

حين صرح في محفل بدخوله في الإسلام برسالته (لماذا انتحلتُ الإسلام) .

وبنى رضاه بالإسلام على ثلاثة أسباب رئيسة: (1) صحة أخبار الإسلام

وأنه الدين التاريخي الوحيد. (2) موافقته للعقل. (3) أنه عملي (لا خيالي)

ويقول في رسالته: إن ميدانه التاريخي قد أثر حتى في أعداء محمد وأتباعه

واستشهد بكلام للأستاذ (بسورث سمث) ذكر في خطبه وهو: (إننا في الحقيقة

نعرف بعض نتف من تاريخ المسيح، ولكن أنى لنا من يكشف الحجاب عن السنين

الثلاثين التي أعدت الطريق إلى الثلاث....... .، وفي الإسلام كل شيء على

خلاف ذلك. هنا يقوم التاريخ بدلا من الغامض المظلم....... . وهنا لا تضل

المرء نفسه أو غيره من الناس لأن نور النهار يسطع على كل ما يمكن أن يصل إليه) .

والنقطة الثانية في بحثه: جَرْي الإسلام على قواعد العقل، وقد ذكر القاعدتين

الأساسيتين في الدين (توحيد الله ورسالة النبي محمد) وقال: يجب على كل

صحيح عاقل أن ينقاد لهذه الحقيقة البسيطة الجليلة، وهي توحيد الله الخالص (لا

كتوحيد اليهود الذين جعلوه إلهًا خاصًّا بهم) ، ولا يوجد في الإسلام تعاليم مثل

(ثلاثة في واحد) أو ثلاثين مليونًا من الآلهة.

ولا يرد قاعدة الرسالة النبوية باحث لأنه (متى نُسِيَتْ الحقائق الأساسية التي

تبنى عليها الحياة الأخلاقية الدينية أو أُبهمت، ومتى أصبح الإنسان مفرطًا في حب

دنياه طامعًا سيئ الأخلاق؛ ماديًّا بحتًا يظهر في تاريخ الأمم أناس أخلاقيون أحيتهم

الروح الخالصة في مولدهم ونشأتهم حتى يصبحوا أنبياء ورسلاً لله، ووظيفتهم

تذكير الناس ما كانوا نسوه وإحياء ما كانوا فقدوه) ، ويضاف إلى ذلك كله أن

الإسلام على طبق حياة الإنسان العملية. وربما توهم الناس في بعض الأحيان أن

تعاليم بوذا والمسيح على أحسن الكمال، لكن هذا خطأ، وهذه التعاليم أشبه

بالكمالات الباردة الواردة في القصص والروايات، وربما كان فيها (جمال شعري)

إلا أنه لا يعد طريقة لحكم الإنسان المدني الصناعي على صحة التعاليم والمبادئ،

فمن الواجب علينا أن ننظر إلى حاجات البشر أولاً، ثم نحكم على كمال التعاليم

بالنسبة لفائدتها. وعلى هذا المبدأ تمامًا (يعني النظر إلى حاجات البشر) أباح

الإسلام تعدد الزوجات. وسنن الزواج في هذا الدين أقرب للعمل وأشد موافقة

لحاجات الجمعية البشرية، وأجلب لترقيها من الجهة الأخلاقية الروحية (يعرض

بانتشار الفحش في البلاد الغربية إلى حد لا يوصف) ولمبادئ الإسلام الأخرى هذا

الحظ من الرفعة والمكانة.

وذكر في رسالته الثانية: (محمد نبي الإسلام) مختصرات من حياة النبي -

صلى الله عليه وسلم ونبذًا من التحويل المدهش الذي أجراه في العالم، وفي الختام

يجيب الكاتب عن اعتراضات المتقدمين المتعصبين. (قالت المجلة) ونحن نلفت

أنظار المسلمين إلى هاتين الرسالتين، وكذلك كل طلاب الحقائق وتطلبان من محل

(لوزاك وشركاه) في لندن أو من (شوز رثمات) في حيدر أباد الدكن.

***

(الدولة العلية في نجد وخوف الفتنة)

جاءنا من بلاد العرب رسالة كتبها رجل كبير من أهل نجد في (غرة

صَفَر) يخبرنا فيها بمعنى ما وصل إلينا قبل من طرق ضعيفة ويزيدنا خبرًا

ورأيًا، قال -حفظه الله - ما ملخصه: أرسلت الدولة إلى الشيخ عبد الرحمن

الفيصل بأن يواجه والي البصرة مع (الشيخ مبارك) فتوجه الشيخ عبد

الرحمن من نجد إلى أطراف الزبير وطلع الشيخ مبارك والتقوا مع الوالي على

مسافة ساعتين من بلد سيدنا الزبير وقدّم الشيخ عبد الرحمن الطاعة لمولانا

أمير المؤمنين وكذّب جميع ما نسب إليه، وأنه خاضع لأوامر مولانا أمير

المؤمنين؛ إلا أن ابن رشيد ليس له يد على أهل نجد وبعد ذلك توجه الوالي

إلى البصرة وبلغ الآستانة ما كان، وليلة 9 ذي الحجة وصل تلغراف من

أمير المؤمنين بتولية الشيخ عبد الرحمن على نجد، ورفع يد ابن رشيد وبأن

يكون في القصيم عسكر (رسم طاعة) وأمرهم راجع إلى الشيخ عبد الرحمن

وابنه عبد العزيز آل سعود وبلغ الوالي عبد الرحمن وبعد ذلك مشى العسكر

الذي كان بأطراف النجف إلى نجد وهو ستة توابير، وفي نجد عند ابن رشيد

ثلاثة توابير وبهذا السبب صار عند أهل نجد شك في ممشى العسكر زيادة

على ما في نجد (والجميع حدر نظر ان رشيد) والمشير بنفسه طلع ومعه

ابن هذال الشيخ عنزه وشوشوا أهل نجد واستعدوا للفتنة إن كان العسكر جاء

محاربًا، وإن كان مصلحًا فلا حاجة إلى هذه الكثرة. والظاهر أن الفتنة لا تسكن

على هذه الحال. وعبد الرحمن ما توجه إلى نجد بل تربص بالكويت

ينتظر نتيجة وصول العسكر إلى أهل القصيم، وابنه عبد العزيز الظاهر أنه

جهز غزوانه (أي غزاته) ونحر القصيم (قصده) وأهل القصيم مستعدون.

نسأل الله أن يطفئ الفتن ويصلح أحوال المسلمين وحسبنا الله على من أيقظ الفتن

بينهم، وإلا فأي شيء للدولة من المصالح في نجد ولكن يغرهم المفسدون

بالدسائس الفاسدة حتى يلجئوا أهل نجد إليها إذا لم يكن لها علاج وننتظر الحوادث

ونرجو الله يصلح الأحوال ويبصر الدولة بما فيه صلاح المسلمين.

(المنار)

لم يذكر الكاتب ماذا كان بين الوالي والشيخ مبارك صاحب الكويت

وقد بلغنا من مصدر آخر دون هذا المصدر أن الشيخ قال للوالي إنه خاضع

للدولة ونادم على تورطه مع الإنكليز. ولكن الدولة قد أعوزتها السياسة

الحكيمة في هذا الزمان ولذلك غلبتها سياسة الأجانب في البلاد التي لا يوجد

فيها أحد يميل إليهم أو يعبأ بمدنيتهم كاليمن وحضرموت والكويت. وإننا كما

بدأنا النصيحة لها نعيدها ونؤكدها بأن تتحامى مثار سوء ظن أهل نجد بها،

وأن لا تحدث نفسها بمعاملتهم بالقوة وتحكيم رجالها وقوانينها فيهم، وأن لا

تخادعهم كما يخادع الأعداء، بل يجب أن تقبل الطاعة من آل سعود وتعتقد

صدقهم وتمضي الأمر بولاية الشيخ عبد الرحمن على نجد ظاهرًا وباطنًا

وتتفق معه على عدد العسكر الذي تحب أن تجعله في القصيم وإلا كان عملها

هو المنذر بالخطر الذي تريد تلافيه به. وقد جاء أمس في برقيات روتر أن

الباب العالي سأل ناظر خارجية إنكلترا عن البوارج الإنكليزية الراسية في

ميناء الكويت فأجاب بأنه لم يأته نبأ عنها، وأنه لا يقبل البحث معه فيها،

على أن البوارج أنزلت العسكر فاحتلت الكويت. وننصح للشيخ عبد

الرحمن أن لا يبني على سوء الظن وأن يخابر الدولة في مسألة كثرة العسكر

ويقنعها بعدم الحاجة إليه ويتوقى الفتنة لئلا يؤل الأمر إلى ما يندم هو والدولة

عليه، وتلحق نجد بغيرها ولات حين مندم.

***

(المسلمون في روسيا)

ثار الشعب الروسي القح الأرثوذكسي العريق على حكومة القيصر الذي

يسمى في التقاليد الروسية الأب الصغير - أي الرب - صاحب السلطة الدينية

الإلهية، وثارت أيضًا سائر الشعوب كالأرمن واليهود والفيلنديين، وأما المسلمون

فكانوا أشد العناصر الروسية مسالمة للحكومة ولكنهم طالبوا بحقوقهم ومنحتهم

الحكومة ما اختلفت فيه الروايات ففي جرائد أوربا أن مفتي القزان الذي يدعى شيخ

الإسلام (وهو محمد يار سلطانوف) دعي من أورنبورج إلى بطرسبرج وأمرته

نظارة الداخلية بأن يرفع تقريرًا يبين فيه مطالب المسلمين فطلب ما يأتي ملخصًا

بناء على منشور القيصر الصادر في 12 ديسمبر سنة 1904 الناطق بأنه عزم على

منح الرعايا غير الأرثوذكس جميع الحقوق التي يتمتع بها الروسيون وهو:

(1)

أن يعطى المسلمون الذين ينالون الشهادات من المدارس الروسية حق

التدريس بالمدارس غير الإسلامية كمدارس الحكومة.

(2)

أن يعطى من يُتِمّ منهم الدارسة في المدارس الثانية حق التعلم في

المدارس الروسية العالية.

(3)

تعيين أئمة لتوابير العسكر المسلمين لأجل أن يؤدوا الفرائض الدينية

في موتاهم وأحيائهم، وقال: إن القرعة العسكرية تتناول في السنة نحو 40 ألفاً من

المسلمين، وأن القيصر كان أمر بتعيين أئمة لهم ولم ينفذ ذلك! .

(4)

إلغاء ما توجبه المادتان 154و 157 من القانون المدني (المجلد الثاني)

من عدم السماح للمسلمين بإنشاء مسجد إلا بإذن الأسقف الأرثوذكسي في الجهة

التي يراد إنشاؤه بها.

(5)

منع اضطهاد الولاة والحكام لرجال الدين كعزل والي أوفا لإمامي

مسجدين من مساجد المدينة في حادثة 16 أغسطس سنة 1904 بدون ذنب ولا

محاكمة بل افتئاتًا عليهما بأنهما ليسا أهلاً لوظيفتها على أنه أعادهما بعد ثلاثة أشهر.

(6)

إعادة إدارة المدارس والمكاتب (الكتاتيب) الإسلامية أنإلى رجال الدين

المسلمين وكذلك ملجأ الصبيان والبنات في أوفا وقال: إن هذا ما كان متبعًا إلى سنة

1870 وبعدها أخذت نظارة المعارف على نفسها حق مراقبة التعليم فتأخر التعليم

الإسلامي وقل التبرع له بقلة الثقة به.

(7)

جعل النظامات والقوانين الموضوعة للمسلمين متحدة موافقة للزمان،

وقال: إن النظام لمسلمي أورنبورغ باق علي ما وضع عليه في أوائل القرن

الماضي مع أن الحكومة سنَّت أخيرا لمسلمي القوقاس قانونًا أمثل منه.

(8)

إعفاء رجال الدين من الخدمة العسكرية ما داموا يؤدون وظائفهم وفقاً

للمادة 1231 من القانون العسكري الذي وضع سنة 1857 التي استبدلت في القانون

الجديد بمادة خصت فائدتها برجال الدين المسيحي ومعلمي المدارس منهم وإن كان

لفظها عامًّا؛ ذلك أن هذا القانون يطلب الشبان للقرعة في الحادية والعشرين والقانون

المدني لا يبيح تعيين إمام لمسجد إلا إذا كان بالغا الخامسة والعشرين ونتيجة ذلك ألا

يعين الإمام إلا بعد الخدمة العسكرية. وقال: إن كثيرين من طلاب العلم يساقون إلى

العسكرية قسرًا، وأنه كتب إلى الحكومة في ذلك مرارًا، فلم تسمع له. هذا ما نقله

بريد أوربا ولم يذكر ماذا أجيب منه ولكن كتب إلينا أحد مسلمي روسيا ما يأتي وقد

حذفنا منه رسم الخطاب والمقدمة قال:

إن المسلمين الروسيين قد أرسلوا وفودًا من الولايات المختلفة إلى عاصمة

الروسية (بترسبورغ) كما أن شيخ الإسلام القزاني (محمد يار سلطانوف) قد

ذهب نفسه إلى بترسبورغ وطلب من حكومتهم إعادة حقوقهم الدينية التي قد وهبت

لهم أولاً. ثم كادت أن تسلب سلبًا كليًّا، بل سلبت حقيقة، فما بقي للمشيخة

الإسلامية إلا اسم يذكر في الألسن وهيكل مخيل في الهواء.

والآن قد شاع الخبر وذاع بأن الحكومة قد سمحت لهم ببعض ما طلبوه من

حقوقهم المسلوبة. وهي هذه:

(1)

أن النكاح والطلاق وتقسيم التركات ونصب الإمام وعزله يكون تحت إدارة المشيخة الإسلامية كما كان.

(2)

رُخص للذين أكرهوا من المسلمي على التنصر منذ سنة 1842 فتنصروا بعدما أحرق أكثر إخوانهم بالنار أن يرجعوا إلى دينهم الإسلام (وإذا فصلت أحوالهم يرتعش كل مسلم بوجوده وتكاد أن تخرج روحه) .

(3)

رخص للوثينين مثل (آر) و (جرمش) أن يسلموا أو يقبلوا أي دين شاءوا، ومعلوم أن أكثرهم كانو ايتدينون بدين الإسلام وكثيرًا ما استرحموا من الحكومة أن تسمح لهم بأن يلحقوا بالمشيخة الإسلامية، ولكن مُنعوا، وبنيت الكنائس في قراهم، وألزمهم القسيسون بتعلم دين النصرانية إلزامًا، وأكرهوهم عليه إكراهًا.

(4)

أن طائفة القزان ستلحق بإدارة المشيخة القزانية كما كانوا أولاً، ثم قد فصلوا بدسائس القسوس وسعيهم، حتى أن الحكومة سمتهم أهل الظن ونزعت عنهم ثياب الإسلام.

(5)

أن إلزام الأئمة والمدرسين بتعلم اللغة الروسية قد رُفع (ومع ذلك ترى المسلمين يتعلمون اللغة الروسية ويجعلون قانون المعارف الزمانية منطبقًا على برواغرام أوربة والروسية) .

(6)

أن المشيخة الإسلامية ستدعو العلماء الأجلاء والمدرسين النبهاء لينظموا قانون (بروغرام) المكاتب والمدارس الدينية الإسلامية وسيرسلون وفدًا إلى بترسبورغ) اهـ.

هذا ما كتبه لنا (ض. ك) وأتبعه باقتراح له ضاق عنه هذا الجزء، والناظر

فيما طلبه شيخ الإسلام يرى أنه لو لم يكن مطَّلعًا على قوانين الدولة وواقفًا على

أعمالها لما عرف ماذا يطلب ولكن من يطالب شيخ الأزهر أو طائفة من علمائه هنا

بمطالعة القوانين التي يعلَّمون أو يحكمون بها أو يحكم بها إخوانهم المسلمون في بلاد

أخرى يعد عند الأزهريين وعند الذين يجاهدون لإبقائهم في سباتهم عدوًّا للإسلام

والمسلمين، فليتأمل ويعتبر المعتبرون.

***

(ألمانيا في مستعمراتها الإفريقية)

نشرنا في العدد العشرين من المجلد السابع من هذه المجلة (المنار) أنه كتب

إلينا بعض من حضر المعرض الذي أقامته الحكومة الألمانية في دار السلام قاعدة

مستعمراتها في شرقي أفريقية أن الحكومة تمنع العرب من ركوب العربات، وأنها

هدمت المسجد الجامع وأعطت المسلمين جزاءً حقيرًا عنه ثم منعته

إلخ، وكان

ما ساءنا من ذلك هو السبب في قولنا: إن ألمانيا ليست أمثل من فرنسا في

مستعمراتها، وقد اطلعت الوكالة السياسية لدولة ألمانيا في مصر على ما كتبناه فاهتمت

به وكتبت إلى حكومة دولتها في دار السلام تسألها عن صحة ذلك فجاءها

الجواب بأن مسألة منع العرب من ركوب العربات لا أصل لها، وأما هدم المسجد

فإنما كان بطلب المسلمين أنفسهم لبعده عن بيوتهم وقد أبدلتهم الحكومة مكانًا آخر

قريبًا وزادتهم على ذلك مالاً وافرًا. وقد أبلغتنا الوكالة الألمانية ذلك، فنحن ننشره

شاكرين لها اعتناءها بالبحث وراء الحقيقة، كما أننا نؤمل أن نسمع دائما ما يسرنا عن حكومتها في مستعمراتها، فما استُعمرت البلاد بمثل العدل والإنصاف.

***

(نابتة الأزهر والأستاذ الإمام)

لقد كبر على نابتة الأزهر ترك الأستاذ الإمام له، وذكرت الجرائد اليومية أن

نحو 500 أو 600 منهم كتبوا إليه عريضة يستعطفونه بها ليعود إلى التدريس فيه.

ونقول: إن منهم من كتب يسترشده في أمره، وقد اطلعنا على صورة كتاب لبعضهم

فرأينا أن ننشره على انتقادنا قوله (كلهم شر) ليرى القراء حسن عبارة وأفكار

تلامذته الذين يشكون الجهل، قال بعد رسم الخطاب:

(إنني نظرت في أمري بعد أن قضيت ما قضيت في الجامع الأزهر

وأضعت ما أضعت من صحتي وشبابي في طلب العلم، فلم أجد ثمنًا لما بذلت إلا

حشدًا من الصور والخيالات لا يضيء البصيرة، ولا يبعث العزيمة، ولا يعد

للسعادة في الحياة الدنيا ولا في الآخرة

ليت الحوادث باعتني الذي أخذت

مني بعلمي الذي أعطت وتجريبي

طلبت السبيل إلى الكمال والعلم النافع فما وجدت الدليل ولا اهتديت إلى

السبيل، وكيف أطلب الخير من بين معشر أعيذك يا مولاي كلهم شر، وقد هدتني

إليك خاتمة المطاف وفاتحة الألطاف فجئتك أسألك أن تعلمني مما علمك الله وأن لا

تكلني إلى رأيي.

وها أنا ذا أبسط يد الرجاء إليك، ولم أبسط لغيرك يدًا، وأرفع إليك أمنيتي

في الحياة، وقد وضعت أملي ببابك، ومثلك من لا يخيب ببابه الأمل. اهـ

_________

ص: 194