الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: محمد رشيد رضا
رش القبر بالماء
(س18) ومنه: رش القبر بالماء مستحب، هل هو عام لكل وقت أم خاص
بعد الدفن؟
(ج) ذكروا رش القبر بالماء في أحكام الدفن، وعللوه بما عللوا به وضع
الحصباء عليه وهو لا تذهب الرياح بالتراب وهو دليل على أن المراد رشه بعد الدفن
وعليه العمل، والأصل فيه ما رواه الشافعي عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم رشَّ على قبر ابنه إبراهيم ماء ووضع عليه حصباء،
وروى البيهقي أن بلال بن رباح رش قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالماء، وفي
إسناده الواقدي، تكلموا فيه.
_________
الكاتب: محمد رشيد رضا
شعر الرأس
حلقة أو تركه
(س19) ومنه: تبقية الشعر في الرأس سنة ومنكرها مع علمه يجب تأديبه
كما في المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، فهل لها كيفية مخصوصة أم لا؟
(ج) إن إرسال الشعر وحلقه من العادات لا من العبادات، إلا ما يكون في
النسك من الحلق أو التقصير، نعم إنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم
حلق في غير النسك وكذلك الصحابة كانوا يرسلون شعورهم، وكان ذلك من عادتهم
ولم يكونوا يعدونه دينًا، ويعجبني قول الغزالي في الإحياء (ولا بأس بحلقة لمن
أراد التنظيف، ولا بأس بتركه لمن يدهنه ويرَجِّله إلا إذا تركه قزعًا أي قِطَعًا، وهو
دأب أهل الشطارة، أو أرسل الذوائب على هيئة أهل الشرف حيث صار ذلك
شعارًا لهم؛ فإنه إذا لم يكن شريفًا كان ذلك تلبيسًا) اهـ. وهو يريد بأن المؤدَّب
بآداب الدين لا ينبغي أن يتشبه بالسفهاء؛ كأهل الشطارة ولا بمن يلزم من
تشبهه بهم تلبيس على الناس وغش لهم، وإنما صرح العلماء بكراهة حلق الرأس
وكونه مخالفًا للسنة؛ لأنه كان في الصدر الأول شعار الخوارج؛ فإذا أخذنا
بإطلاقهم كان اللوم في ترك هذه السنة موجِّهًا في هذا العصر إلى علماء الدين فإنهم
يحلقون بل ينكرون على من لم يحلق وهم مخطئون.
نعم، إن من أرسل شعره بنية الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في
عاداته الشريفة كان ذلك مزيد كمال في دينه؛ إذا كان مقتديًا بسننه الدينية، ومتحرِّيًا
التخلق بأخلاقه الكريمة، وقد ورد في أحاديث الشمائل بأن شعره كان إلى أنصاف
أذنيه، وكان لا يتجاوز شحمة أذنيه غالبًا، وقد يصل إلى منكبيه، وقد سدل ثم فرق
فأما السَّدْل فهو أن يرسل الشخص شعره من ورائه وعلى جبينه أي يتركه على
طبيعته، وأما الفَرق فهو أن يجعله إلى جانيه وزعم بعض العلماء أن السدل نسخ
بالفرق ولا تقوم له حجة.
وقد جرى أكثر الإفرنج وبعض المتفرنجين في هذا العصر على سنة إرسال
الشعر وفرقه، أريت إذا فعل ذلك شيخ الأزهر أو بعض شيوخه المشهورين. ألا
يعد هذا عند العامة وبعض من يعدونهم من الخاصة خرقًا لسياج الدين؟ بلى، إن حكم العادات نافذ في العلماء والجهلاء، وهو كثيرًا ما يزيد في الدين ما ليس منه في
شيء وينقص منه ما هو من سننه التي لا خلاف فيها، ولا تبعد في طلب المثال
فهو بين يديك، وفي أسئلتك وما قبلها. فمشايخ الأزهر يقرءون في شمائل
نبيهم أنه كان يسدل شعره الشريف ويفرقه وهم ينكرون على من يفعل ذلك من أهل
العلم والدين، وقد أمرني بذلك بعضهم وكان شيخًا للأزهر قائلاً: إنك من أهل العلم لا
يليق بك أن ترسل شعرك فاحلقه، فحججته بالسنة فحاجني بأن ذلك شعار
العلماء الآن.
_________