المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المقامة الثامنة عشرة وتعرف بالرجبية - مجمع البحرين لليازجي = مقامات اليازجي

[اليازجي، ناصيف]

فهرس الكتاب

- ‌المقامة الأولى وتعريف بالبدوية

- ‌المقامة الثانية وتعريف بالحجازية

- ‌المقامة الثالثة وتعريف بالعقيقة

- ‌المقامة الرابعة وتعرف بالشامية

- ‌المقامة الخامسة وتعرف بالصعيدية

- ‌المقامة السادسة وتعرف بالخزرجية

- ‌المقامة السابعة وتعرف باليمنية

- ‌المقامة الثامنة وتعرف بالبغدادية

- ‌المقامة التاسعة وتعرف بالحلبية

- ‌المقامة العاشرة وتعرف بالكوفية

- ‌المقامة الحادية عشرة وتعرف بالعراقية

- ‌المقامة الثانية عشر وتعرف بالأزهرية

- ‌المقامة الثالثة عشرة وتعرف بالتغلبية

- ‌المقامة الرابعة عشرة وتعرف بالهزلية

- ‌المقامة الخامسة عشر وتعرف بالرملية

- ‌المقامة السادسة عشرة وتعرف بالصورية

- ‌المقامة السابعة عشرة وتعرف بالحكمية

- ‌المقامة الثامنة عشرة وتعرف بالرجبية

- ‌المقامة التاسعة عشرة وتعرف بالخطيبة

- ‌المقامة العشرون وتعرف بالبصرية

- ‌المقامة الحادية والعشرون وتعرف بالدمشقية

- ‌المقامة الثانية والعشرون وتعرف بالسروجية

- ‌المقامة الثالثة والعشرون وتعرف بالموصلية

- ‌المقامة الرابعة والعشرون وتعرف بالمعرية

- ‌المقامة الخامسة والعشرون وتعريف بالتميمية

- ‌المقامة السادسة والعشرون وتعرف باللغزية

- ‌المقامة السابعة والعشرون وتعرف بالساحلية

- ‌المقامة الثامنة والعشرون وتعرف بالفكية

- ‌المقامة التاسعة والعشرون وتعرف بالمصرية

- ‌المقامة الثلاثون وتعرف بالطبية

- ‌المقامة الحادية والثلاثون وتعرف بالعبسية

- ‌المقامة الثانية والثلاثون وتعرف بالعاصمية

- ‌المقامة الثالثة والثلاثون وتعريف بالرشيدية

- ‌المقامة الرابعة والثلاثون وتعرف بالأدبية

- ‌المقامة الخامسة والثلاثون وتعرف بالإنطاكية

- ‌المقامة السادسة والثلاثون وتعرف بالطائية

- ‌المقامة السابعة والثلاثون وتعرف بالعدنية

- ‌المقامة الثامنة الثلاثون وتعرف بالحميرية

- ‌المقامة التاسعة والثلاثون وتعريف بالأنبارية

- ‌المقامة الأربعون وتعرف بالجدلية

- ‌المقامة الحادية والأربعون وتعرف بالتهامية

- ‌المقامة الثانية والأربعون وتعرف بالمضربة

- ‌المقامة الثالثة والأربعون وتعرف بالبحرية

- ‌المقامة الرابعة والأربعون وتعريف بالحلية

- ‌المقامة الخامسة والأربعون وتعرف بالفراتية

- ‌المقامة السادسة والأربعون وتعرف بالسخرية

- ‌المقامة السابعة والأربعون وتعرف بالرصافية

- ‌المقامة الثامنة والأربعون وتعرف باللاذقية

- ‌المقامة التاسعة والأربعون وتعرف باللبنانية

- ‌المقامة الخمسون وتعرف بالحموية

- ‌المقامة الحادية والخمسون وتعرف باليمامية

- ‌المقامة الثانية والخمسون وتعرف بالعمانية

- ‌المقامة الثالثة والخمسون وتعرف بالغزية

- ‌المقامة الرابعة والخمسون وتعرف بالسوادية

- ‌المقامة الخامسة والخمسون وتعرف بالدمياطية

- ‌المقامة السادسة والخمسون وتعرف بالإسكندرية

- ‌المقامة السابعة والخمسون وتعريف بالنجدية

- ‌المقامة الثامنة والخمسون وتعرف بالعكاضية

- ‌المقامة التاسعة والخمسون وتعرف بالمكية

- ‌المقامة الستون وتعرف بالقدسية

الفصل: ‌المقامة الثامنة عشرة وتعرف بالرجبية

‌المقامة الثامنة عشرة وتعرف بالرجبية

حكى سهيل بن عباد قال: نزبت يقوم من العرب، في أثناء رجب. وكانوا قد ارتبطوا القنابل، واعتزلوا الصوارم والذوابل، واجتمعوا حتى اختلط الحابل بالنابل. فرأيت جيشاً كأولاد فارزٍ وعقفان. قد تألف من أسود بيشة وظباء عسفان. فلبثت عندهم بضعة أيام، في بعض أطراف الخيام. وكنت كلي يومٍ أشهد المحافل، وأتخلل الجحافل. وأسمع الشاعر، والناثر. وأطرب للشادي، والحادي. حتى إذا كنت يوماً ببعض الأندية، وقد سالت الشعاب

ص: 142

والأودية. أقبل شيخ ضئيل، تليه امرأة أكبر من عجوز بني إسرائيل. فلما وقف بنا قال: حيا الله الموالي، وأعز بهم المعالي والعوالي. أنني طالما أيمنت وأشأمت، وأنجدت وأتهمت وأحجزت وأعرقت، وغربت وشرقت، وشهدت الولائم والوضائم، وشاهدت العزائم والعظائم. ورضت الرجال، وخضضت الآجال. ولقيت السراء والضراء، ومارست الحسناء والخثناء. وأترعت العساس والجفان، وملأت الثبن والأردان. وأجزت الخطباء والشعراء، وأحسنت إلى العفاة والفقراء. وها أنا الآن قد صرت نحساً مستمراً، لا أملك نفعاً ولا ضراً، ولا أذكر مما لقيت حلواً ولا مراً. حتى كأني الآن قد ولدت على هذا البساط، تدرجني هذه الحيزبون بالقماط. فاعتبروا بما رأيتم وسمعتم وخذوا الأهلة لأنفسكم ما استطعتم. فإن الزمان، ليس فيه أمان. والدنيا الغرور، لا يتم فيها سرور. والحياة ظل زائل والنعيم لون حائل. والسعيد من نظر لنفسه، قبل

ص: 143

حلول رمسه.. وكفر عن ذنبه، قبل لقاء ربه. فلما فرغ الشيخ من كلامه اعتمد على عصاه، وبرزت العجوز كالسقلاة. وقالت: يا كرام العرب إن الله قد أمر بالمعروف عباده، كما أمر بفروض العبادة. فعليكم بالمروءة والكرم، ورعاية الذمم والحرم. وحافظوا على الوفاء ولو أفضى إلى الخسف، واحد سوا لوفدكم ولو بمطفئة الرضف. فإن بئس الردف لا بعد نعم، والكثير خير من القليل والقليل خير من العدم. قال: فرضخوا لهما بما حضر، وقالوا: خير الناس من عذر فتناول الشيخ ميسورهم وقال: إني قد قبلت بركم بالجنان، لا بالبنان، وحق علي مدحكم بالقلب لا باللسان. ثم دنا فتدلى، وأنشد وهو قد ولى:

حلموا فما ساءت لهم شيم

سمحوا، فما شحت لهم منن

سلموا، فلا زلت لهم قدمٌ

رشدوا، فلا ضلت لهم سنن

ص: 144

قال: وكان في الموقف فتى شديد الخنزوانة قد انتصب كالأسطوانة. فلما أدبر الشيخ قال: إني لأعرف هذا الخبيث، وقد رابني ذكره القلب في الحديث. فاقلبوا البيتين، لعل بهما شيئاً من الشين. فابتدر رجل إلى قلبهما، بعد كتبهما، وإذا هو يقول بهما:

منن لهم شحت، فما سمحوا

شيم لهم ساءت، فما حلموا

سنن لهم ضلت، فلا رشدوا

قدم لهم زلت، فلا سلموا

فلما سمع القوم ذلك استشاطوا غضباً وقالوا: من لنا برد هذا الرجيم فنجعله للناس أدباً؟ أنا لها فإني أعلم بمهب ريحه ومدب طليحة. فأركبوه متن طمرة، وقالوا: هلا يا ابن الحرة! قال سهيل: وكنت عرفت سريرة تلك الصناعة، فانسللت في أثر الفتى من بين الجماعة. فما أدركته إلا على بريد، وإذا هو قد جلس بين الخزامي وابنته على ذلك الصعيد، فلما رآني وثب إلي وقال: لا يفل الحديد إلا الحديد. فاهتز الشيخ تيهاً، وأنشد بديهاً:

ص: 145

هذا غلامي لا تسل عن خيمة

أن الشراك قد من أديمه

لما رأى الحي إلى زعيمه،

قصر في الوفاء عن تعليمه

تلقف المهرة لا من شومه،

لكن ليقضي الدين من غريمه

ثم قال يا أبا عبادة إن الله لم يختص برزقه، أحداً من خلقه، فمن ظفر بشيء فقد أخذه بحقه. لكن أخاف أن القوم لا يأخذون بهذه الفتوى، فلننصرف قبل أن تحل بنا البلوى. ثم نهض إلى بعيره المعقول، وهو يقول:

أنا ابن أم الدهر يا ابن المنجبة

رزقت بين الناس حظ الغلبة

بكل وادٍ أثرٌ من ثعلبة

ص: 146