الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في صحبته قرير العين، إلى أن نعب بيننا غراب البين.
المقامة الحادية والعشرون وتعرف بالدمشقية
أخبر سهيل بن عباد قال: نحوت من بعض الأنحاء، نحو دمشق الفيحاء. فجعلت أتتبع الرياح الدوارس، وأتفقد الآثار الطوامس، وأتعهد الأندية والمجالس، حتى انتهيت إلى إحدى المدارس. فتخللت حلقة الطلبة، وقد سكنت الأبصار وسكنت الجلبة. وأخذ القوم يتذاكرون هنالك، حتى جرى ذكر خلاصة ابن مالك. فقال الأستاذ: لا جرم إنها لإحدى الكبر، وعبرة العبر. ولكن قد كان ذلك إذ الناس ناس، لا يلجهون بعذار الآس، وحبب الكاس. قال: وكان شيخنا ميمون بن خزام قد ربض في ذلك المقام، فانتدب من مجثمه كالصمصام. وقال: يا قوم إن المعترف بالفضل لهذا الإمام المشهور،
كالمعترف للشمس بالنور، أو للطود بالظهور. وأما في هذا الزمان فقد بقي من إذا سئل يجيب، وإذا تجشم الإنشاء يصيب، فللأرض من كأس الكرام نصيب. قالوا: ما نرى ذلك إلا كالكبريت الأحمر، يذكر ولا يبصر. فإن لم يكن ذلك حديثاً يفترى، لا تطمئن قلوبنا حتى نرى. قال: أشهد لله إنكم لمن المنصفين، والله يشهد أني لست من المرجفين. أن عندي أبياتاً معتاصة جامع الباكورة والخصاصة، خليقة بان تدعى خلاصة الخلاصة! قالوا: إننا نتوقع سماع مثلها، فإن شئت فاستجلها. فهب كعاصفة القبول، واندفع يقول:
بسائط الكلام حين يبنى اسم
…
وفعل ثم حرف معنى
والحرف واسماً مثله والفعل لا
…
كاسم بنوا وأعربوا ما فضلاً
واسماً كفعل مثل كاسم
…
إفتح لمنع صرفه وضم
ركب وزن واعدل وأنث واجمع
…
وزد وصف واعجم وعرف تمنع
وأطلق المصروف ثم نون
…
والجزم خذ للفعل واترك ما بني
وكل إعراب بلفظ حاصل
…
أو نية حيث دعاه العامل
فالرفع في اسم للذي قد أسندا
…
إليه والمسند منه اعتمدا
وهو إذا جرد لفظاً يعتبر
…
بالمبتدا والمسند منه اعتمدا
أو لا فإن كان أقام فعله
…
ففاعل أو لا فنائب له
والنصب للملابس الفعل على
…
ما دون إسنادٍ إليه جعلا
فإن يكن نفس الذي تعلقا
…
به فمفعول يسمى مطلقا
أو إن يصبه فهو مفعول به
…
أو لا فمعه أن يكن من صحبه
أو لا ففيه أو له أو دونه
…
إن كان ذاك وبه يدعونه
أو لا فما يبين الصفات
…
حال وتمييز مبين الذات
والخفض قد خصص بالمضاف
…
إليه مطلقاً بلا خلاف
وتابع ما مر إن يقصد حصل
…
بالحرف عطف وبلا حرف بدل
أو لا فتأكيد لتقريرٍ ومن
…
وصف لكشف صف ومن ذات أبن
ويرفع الفعل إذا تجردا
…
وهو جميعاً عامل مطردا
وحيثما اختص بجمله نصب
…
ما بعد مدفوع له كيف انقلب
فإن كفاه واحدٌ فهو خبر
…
أو لا فمفعول على نسخ الأثر
والحرف عامل إذا اختص فما
…
بمفرد اسم خص جراً لزما
أو جملة فإن يكن كالفعل
…
ينصب فيرفع بخلاف الأصلٍ
وشبه فعل التفي مثله جعل
…
فإن نفي الجنس على العكس حمل
وما يخص الفعل مما غيرا
…
زمانه وليس كالجزء يرى
إن يكفه مستقبل دون طلب
…
ينصب، وباقية به الجزم وجب
والاسم إن ضمن معنى عامل
…
سواه يعمل مثله كالحامل
وربما أعمل بالتشبيه
…
ما ليس للإعمال حق فيه
وجملة حلت محل المفرد
…
لها بإعراب محلاً قلد
وقل ما ند، وهذا يعتمد
…
كأحرف الهجاء حتى في العذد
قال: فعجب القوم من ذلك الجمع الضابط، والسرد الرابط. وقالوا: علم الله الذي أنزل الفروض، أنها الأجمع من قولهم كل شرفاء ولودٌ وكل سكاء بيوض. فمن ضارب هذه الحديقة، وناسج هذه البردة الصفيقة؟ قال: هو صاحبكم الذي لا يصحب بنات غير. وقد صرفت عليها سنةً كحوليات زهير. ولكنني طالما كتمتها عمن لا يعرف
قدرها ولا يؤدي مهرها. قالوا: قد استكرمت فارتبط، وفلجت سهامك فاغتبط. لكن ذلك يرتب، على أن تمليها فتكتب. قال: نعم فاكتب يا بني، واندفق في إملائها علي. حتى إذا فرغنا من تعليق الأساطير، انهالت علي الدراهم وعليه الدنانير. فلما أفعم الإناء ودع القوم وأحسن الثناء، فشيعوه إلى الفناء. وخرج بي يعدو كالطريد، حتى انتهينا إلى باب البريد، فقال: كيف أنت وقصعة من ثريد؟ قلت: على ما تريد. فدخل بي إلى غرفة أبهى من قصر غمدان، على ودفة أبهج من شعب بوان. وقال: يا ليلى الهاجدة، قد تلوت لك سورة النجم فعليك بسورة المائدة. فقال:
أهلاً بمن زار دار أهل،
…
وهو لنحر الجزور أهل