المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[نماذج لهذا النصر والتمكين] - مجمل اعتقاد أئمة السلف

[عبد الله بن عبد المحسن التركي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[لا إله إلا الله أساس الوجود]

- ‌[مقتطفات مما نقل عن الإمام أبي حنيفة]

- ‌[مقتطفات مما نقل عن الإمام مالك]

- ‌[مقتطفات مما نقل عن الإمام الشافعي]

- ‌[مقتطفات مما نقل عن الإمام أحمد بن حنبل]

- ‌[مقتطفات مما نقل عن الإمام البخاري]

- ‌[مقتطفات مما نقل عن الإمام أبي جعفر الطحاوي]

- ‌[مقتطفات مما نقل عن الإمام أبي زيد القيرواني المالكي]

- ‌[مقتطفات مما نقل عن الإمام ابن تيمية]

- ‌[أثر المنهج في استقامة الاعتقاد وتوسطه]

- ‌[النتائج العملية للمنهج الصحيح]

- ‌[الجهاد الصادق في سبيل العقيدة]

- ‌[الأثر المبارك لجهاد ابن تيمية]

- ‌[من أعظم الآثار وأظهرها]

- ‌[دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[اعتقاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[أهمية الدولة في التمكين للدعوة]

- ‌[نماذج لهذا النصر والتمكين]

- ‌[جهود الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في الدعوة]

- ‌[العقيدة التوقيفية الجامعة]

- ‌[قواعد مهمة في دراسة مسائل العقيدة]

- ‌[القرآن مصدر الأدلة النقلية والعقلية]

- ‌[اتباع السلف الصالح في تفسير النصوص]

- ‌[الإيمان بمسائل الغيب محصور في الخبر الصادق]

- ‌[تقسيم التوحيد إلى توحيد الرُّبوبية وتوحيد الألوهية ووجوب التّصديق بها]

- ‌[إثبات الأسماء والصفات مع الإقرار بمعناها وعدم التعرض لكيفيتها]

- ‌[الجمع بين الإثبات والتنزيه]

- ‌[رفض التأويل الكلامي]

- ‌[تقييد العقل وعدَمُ الاعتداد به في غير مجاله]

- ‌[الأخذ بقياس الأوْلى]

- ‌[تحديد الألفاظ المتنازع عليها وتعيين مدلولاتها]

- ‌[تحديد معنى المتشابه وبيان أن القرآن كله واضح يمكن تفسيره]

- ‌[تأثير الأسباب الطبيعيّة في مسبباتها بإذن الله]

- ‌[الحسنُ والقبْحُ في الأفعال عقْليّان وشرعيان]

- ‌[إثبات العقيدة بخبر الواحد المتلقى بالقبول عملًا وتصديقًا]

- ‌[موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول]

- ‌[خاتمة]

الفصل: ‌[نماذج لهذا النصر والتمكين]

[أهمية الدولة في التمكين للدعوة]

[نماذج لهذا النصر والتمكين]

أهمية الدولة في التمكين للدعوة تهيأ للداعي إِلى الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله سبب لم يتهيأ لدعاة وأئمة كثيرين قبله وبعده، وهذا من فضل الله عليه، وعلى الناس في هذه الجزيرة، وفي العالم الإِسلامي كله، تهيَّأ له سبب الدولة أو السلطة، وبهذا السبب، الذي سبَّبه الله تعالى، قويت دعوة الشيخ، وتمكنت وانتصرت.

استقبله أمير الدِّرعية، الإِمام محمد بن سعود رحمه الله، خير استقبال، وعضد دعوته بالسلطان، وتعاون الرجلان على إعزاز التوحيد، وإحياء مقتضياته. وإزالة ما يخالفه.

وأخذ الإِمام محمد بن سعود يُكاتب أمراء نَجد وزُعماءها، ويطلب إِليهم أن يتقبلوا دعوةَ الشيخ المجاهد، وأن ينصروها في ربوعهم وبين قبائلهم.

وتحت راية دعوة التوحيد، نَشط الإِمام محمد بن سعود وبنوه في نجد كلها، حتى استّقر الأمر للدعوة فيها، وفي الأحساء.

ص: 109

فلما وَلي الأمر الإِمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، نَهَجَ نَهْجَ والده في نصر دعوة التوحيد والتمكين لها.

ومن نماذج هذا النصر والتمكين: 1 - توجيه رسائل مشتركة للدعوة، باسم رجل الدولة، ورجل الدعوة، إِلى من يتحرى رشدًا:

" الحمد لله الذي نزَّل الحق في الكتاب، وجعله تذكرة لأولي الألباب، ووفق مَنْ مَنَّ عليه من عباده للصواب، لعنوان الجواب، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّه ورسوله وخيرته من خلقه محمد، وعلى آله وشيعته وجميع الأصحاب، ما طلع نجم وغاب، وانهلَّ وابل من سحاب.

من عبد العزيز بن محمد بن سعود، ومحمد بن عبد الوهاب:

إِلى الأخ في الله أحمد بن محمد العدبلي البكلي سلمه الله من جميع الآفات، واستعمله بالباقيات الصالحات، وحفظه من جميع البليات، وضاعف له الحسنات، ومحا عنه السيئات.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:

وافانا كتابكم، وسُرّ الخاطر بما ذكرتم فيه من سؤالكم،

ص: 110

وما بلغنا على البعد من أخباركم، وسؤالكم عما نحن عليه، وما دعونا الناس إليه. فأردنا أن نكشف عنكم الشبهة بالتفصيل، ونوضح لكم القول الراجح بالدليل، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يسلك بنا وبكم أحسن منهج وسبيل.

أما ما نحن عليه من الدين، فعلى دين الإِسلام الذي قال الله فيه:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]

وأما ما دعونا الناس إِليه، فندعوهم إِلى التوحيد الذي قال الله فيه خطابًا لنبيه صلى الله عليه وسلم:

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] وقوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]

وأما ما نَهينا الناس عنه، فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه:

{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة: 72]

ص: 111

إِلى أن قالا:

" وحَقيقة اعتقادنا، أنها تصديق بالقلب، وإِقرار باللسان، وعمل بالجوارح، وإِلا فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار مع أنهم يقولون: لا إِله إِلا الله، بل ويُقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويصومون ويَحجّون.

وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد، فنحنُ مقلّدون للكتاب والسنّة، وصالح سلف الأمة، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومُحمد بن إِدريس، وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى.

وأما ما سألتم عنه من حقيقة الإِيمان، فهو التصديق، وأنه يزيد بالأعمال الصالحة، وينقص بضدّها، قال تعالى:

{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]

وما جئنا بشيء يُخالف النقل ولا ينكره العقل، ولكنهم يقولون ما لا يفعلون، ونحن نقول ونفعل:

{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 3]

نقاتل عُبّاد الأوثان، كما قاتلهم صلى الله عليه وسلم، ونقاتلهم على ترك الصلاة وعلى منع الزكاة، كما قاتل مانعها صدّيق هذه

ص: 112

الأمة، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولكن ما هو إِلا كما قال وَرقَة بن نوفل: ما أتى أحد بمثل ما أتيت به إِلا عودي وأوذي وأُخرج.

وما قَلَّ وكفى خير مما كثر وألهى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " (1) .

2 -

توجيه رسائل الدعوة التي كان يرسلها الإِمام عبد العزيز بن محمد بن سعود - بوصفه إِمامًا لدولة تقوم على الدعوة - إِلى الناس كافة. . مثل:

من عبد العزيز بن سعود إلى من يَراه من أهل بلدان العجم والروم، أما بعد:

فإِنا نحمد إِليكم الله الذي لا إِله إِلا هو وهو للحمد أهل، ونسأله أن يصلي ويُسلّم على حبيبه من خلقه، وخليله من عبيده، وخيرته من بَرِيَّته، محمد عليه من الله أفضل الصلاة، وأزكى التحيات، وعلى إِخوانه من المرسلين، وعلى آله وأصحابه صلاة وسلامًا دائمين إِلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.

(1) المرجع السابق: ص (61 - 64) .

ص: 113

ثم نخبركم: أن " محمدًا خَلفًا النواب " قدم علينا مع الحاج، وأقام عندنا مدة طويلة، وأشرف على ما نحن عليه من الدين، وما ندعو إِليه الناس، وما نقاتلهم عليه، وما نأمرهم به، وما ننهاهم عنه. وحقائق ما عندنا يخبركم به أخونا محمد من الرأس.

ونحن نذكر لكم ذلك على سبيل الإِجمال:

أما الذي نحن عليه، وهو الذي ندعو إِليه من خالَفنا، أنَّا نعتقد أن العبادة حق لله على عبيده، وليس لأحدٍ من عبيده في ذلك شيء لا مَلك مقرب، ولا نبي مرسل، فلا يجوز لأحد أن يدعو غير الله لجلب نفع أو دفع ضُر، وإن كان نبيًا أو رسولًا أو ملكًا، أو وليًا، وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز:

{قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا - قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن: 21 - 22] إلى آخر ما قال " (1) .

3 -

ما قاله الإِمام محمد بن عبد الوهاب في رسالته

(1) المرجع السابق: ص (143) .

ص: 114

للشيخ فاضل آل مزيد، حيث قال:

" إِن هذا الأمر الذي أنكروا عليَّ وأبغضوني وعادوني من أجله، إِذا سألوا عنه كل عالم في الشام واليمن أو غيرهما يقول: هذا هو الحق، وهو دين الله ورسوله، ولكن ما أقدر أظهره في مكاني، لأجل أن الدولة ما يرضون، وابن عبد الوهاب أظهره لأن الحاكم في بلده ما أنكره. بل لما عرف الحق اتبعه، هذا كلام العلماء وأظنه وصلك كلامهم "(1) .

وحينما دخل الأمير سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، مكة المكرمة بيَّن للعلماء أنَّ الهدف الأول الذي يسعى إِليه، هو إِخلاص التوحيد لله، وإفراده سبحانه وحده دون من سواه بأنواع العبادة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قال الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله تعالى -:

" الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

(1)" الدرر السنية في الأجوبة النجدية " جمع عبد الرحمن بن قاسم ص (59) .

ص: 115

أما بعد:

فإِنا مَعاشِر غزو الموحدين، لما مَنَّ الله علينا، وله الحمد، بدخول مكة المشرفة نصف النهار يوم السبت في ثامن شهر محرم الحرام سنة (1218 هـ) ، بعد أن طلب أشراف مكة وعلماؤها وكافة العامة من أمير الغزو سعود، الأمان، وقد كانوا تواطؤا مع أمراء الحجيج، وأمير مكة على قتاله، أو الإقامة في الحرم ليصدوه عن البيت، فلما زحفت أجناد الموحدين بذل الأمير حينئذ الأمان لمن بالحرم الشريف، ودخلنا وشعارنا التلبية، آمنين محلّقين رءوسنا ومقصّرين، غير خائفين من أحدٍ من المخلوقين، بل من مالك يوم الدين، ومن حين دخل الجند الحرم وهم على كثرتهم مضبوطون متأدِّبون، لم يعضدوا بها شجرا، ولم ينفروا صيدًا، ولم يريقوا دمًا إِلا دم الهَدي، أو ما أحل الله من بَهيمة الأنعام على الوجه المشروع.

ولما تمت عمرتنا جمعنا الناس ضحوة الأحد، وعرض الأمير رحمه الله على العلماء ما نطلب من الناس، ونقاتلهم عليه، وهو إِخلاص التوحيد لله تعالى وحده. وعرفهم أنه لم يكن بيننا وبينهم خلاف إِلا في أمرين:

ص: 116

الأول: إِخلاص التوحيد لله تعالى، ومعرفة أنواع العبادة، وأن الدعاء من جملتها، وتحقيق معنى الشرك الذي قاتل الناس عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

الثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي لم يبق عندهم إِلا اسمه، وانمحى أثره ورسمه.

فوافقونا على استحسان ما نحن عليه جملةً وتفصيلًا، وبايعوا الأمير على الكتاب والسُنَّة، وقبل منهم، وعفا عنهم كافة، فلم يحصل على أحد منهم أدنى مشقة، ولم يزل يرفق بهم غاية الرفق، لا سيما العلماء.

وعرّفناهم بأن الأمير صرح لهم حال اجتماعهم وحال انفرادهم لدينا بأنا قابلون ما وضحوا برهانه من كتاب أو سنة، أو أثر عن السلف الصالح كالخلفاء الراشدين المأمورين باتباعهم. . . "

إِلى أن قال:

" ثم رفعت المكوس والرسوم، وكُسرت آلات التنباك، ونودي بتحريمه، وأحرقت أماكن الحشاشين، والمشهورين بالفجور، ونودي بالمواظبة على الصلوات في الجماعات،

ص: 117