الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 3]
وإِن كان الكلام خبرًا، فتأويله نفسُ الشيء المُخبرِ عنه، فتأويل ما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر، هو نفس الحقيقة التي يُخبر عنها، وذاك في حق الله هو كُنه ذاته وصفاته التي لا يعلمها غيره، وتلك هي المتشابه الذي لا يَعْلَمُ تأويله إِلا الله، فإِنَّ أحدًا لا يعرفُ كيفيةَ ما أخبر الله به عن نفسه، ولا يقف على كنه ذاته وصفاته غيره، وهذا هو الذي يجبُ تفويضُ العلم فيه إِلى الله عز وجل (1) .
[تأثير الأسباب الطبيعيّة في مسبباتها بإذن الله]
12 -
تأثير الأسباب الطبيعيّة في مسبباتها بإذن الله: إِن الله يخلق السحاب بالرياح، وينزل الماء بالسحاب، ويُنْبِتُ النباتَ بالماء، ونحو ذلك.
(1) انظر " مجموع الفتاوى لابن تيمية ": (6 / 434) .
والقولُ بأن الله يَفْعَلُ عند الأسباب لا بِها يُفضي إلى إِبطال حِكمةِ الله في خلقه، وأنه لم يجعل في العين قوةَ تمتاز بها عن الخدِّ تُبصِرُ بها، ولا في النار قوةً تمتازُ بها عن التراب تَحْرِقُ بها، فضلًا عمَّا في هذا القول من مخالفةٍ للكتاب والسنة، فإِن الله تعالى يقول:
{فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: 57]
ويقول:
{وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 164]
ويقول:
{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} [التوبة: 14]
ويقول:
{وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} [التوبة: 52]
ويقول:
{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9]
ويقول:
{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 15 - 16]
ومثل هذا في القرآن كثير، وكذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كقوله:«لا يموتن أحدٌ منكم إِلا آذَنْتُمونيِ حتى أُصلِّي عليه، فإِنَّ الله جاعلٌ بصلاتي عليه بركةً ورحمةَ» (1) .
وقال صلى الله عليه وسلم: «إِن هذه القبور مملوءةٌ على أهلها ظُلْمَةً، وإِنَّ الله جاعلٌ بصلاتي عليهم نورًا» (2) .
فالله سبحانه خلق الأسباب والمسببات وجعل هذا سببًا لهذا، فإِذا قال القائل: إِن كان مقدورًا، حصل بدون السبب، وإِلا لم يحصل. جوابه أنه مقدورٌ بالسبب، وليس مقدورًا بدون السبب.
وقولهم: إِن الله تعالى أجرى العادة بهذه الأسباب، وأنه
(1) أخرجه النسائي في كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر:(2022) ، وابن ماجه في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على القبر:(1528) .
(2)
أخرجه البخاري بنحوه في كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر بعدما يدفن:(1337) ، وأخرجه مسلم واللفظ له في كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر:(956) .