الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذا فنقول: إذا فعل أحد شيئاً من هذه المحظورات ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فليس عليه شيء لا إثم ولا فدية، ولا يفسد نسكه، ولا يتعلق بذلك شيء أصلاً حتى ولو كان الجماع.
س 593: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: نرجو توضيح محظورات الإحرام التي يجب على الإنسان تجنبها خلال فترة الإحرام
؟
فأجاب فضيلته بقوله: محظورات الإحرام هي الممنوعات التي يمنع منها الإنسان بسبب الإحرام، ومنها:
أولاً: حلق شعر الرأس، لقوله تعالى:(وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) ، وألحق العلماء بحلق الرأس حلق الشعر من جميع الجسم، وألحقوا به أيضاً تقليم الأظفار، وقصها.
ثانياً: استعمال الطيب بعد عقد الإحرام؛ سواء في ثوبه أو بدنه أو في أكله، أو في تغسيله، أو في أي شيء يكون. فاستعمال الطيب محرم في الإحرام، لقوله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته ناقته:"اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه "(1) . والحنوط أخلاط من الطيب تجعل في الميت. ثالثاً: الجماع، لقوله تعالى:(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)(2) .
رابعاً: المباشرة لشهوة، لدخولها في عموم قوله: (فلا
(1) تقدم ص 156.
(2)
سورة البقرة، الآية:197.
رفث) ولأنه لا يجوز للمحرم أن يتزوج ولا أن يخطب، فلأن لا يجوز أن يباشر من باب أولى.
خامساً: قتل الصيد، لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)(1) وأما قطع الشجر فليس بحرام على المحرم إلا ما كان داخل الأميال، سواء كان محرماً أم غير محرم، ولهذا يجوز في عرفة أن يقلع الأشجار ولو كان محرماً، ولا يجوز في مزدلفة
ومنى أن يقلعها ولو كان غير محرم، لأن قطع الشجر متعلق بالحرم لا بالإحرام.
سادساً: ومن المحظورات في الإحرام أيضاً، وهي خاصة بالرجل لبس القميص، والبرانس، والسراويل، والعمائم، والخفاف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سئل ما يلبس المحرم؟ فقال:"لا يلبس القميص ولا البرانس، ولا السراويل، ولا العمائم، ولا الخفاف "(2) إلا أنه صلى الله عليه وسلم استثنى من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين.
وهذه الأشياء الخمسة صار العلماء يعبرون عنها بلبس المخيط، وقد توهم بعض العامة أن لبس المخيط هو لبس ما فيه خياطة، وليس الأمر كذلك، وإنما قصد أهل العلم بذلك أن يلبس
(1) سورة المائدة، الآية:95.
(2)
تقدم ص 107.
الإنسان ما فصل على البدن، أو على جزء منه كالقميص والسراويل، هذا هو مرادهم، ولهذا لو لبس الإنسان رداءً مرقعاً، أو إزاراً مرقعاً فلا حرج عليه، ولو لبس قميصاً منسوجاً بدون
خياطة كان حراماً.
سابعاً: ومن محظورات الإحرام وهو خاص بالمرأة النقاب، وهو أن تغطي وجهها، وتفتح لعينيها ما تنظر به، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه (1) ، ومثله البرقع، فالمرأة إذا أحرمت لا تلبس النقاب ولا البرقع، والمشروع أن تكشف وجهها إلا إذا مر الرجال غير المحارم بها، فالواجب عليها أن تستر وجهها ولا يضرها إذا مس وجهها هذا الغطاء.
وبالنسبة لمن فعل هذه المحظورات ناسياً، أو جاهلاً، أو مكرهاً فلا شيء عليه، لقول الله تعالى:(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)) (2)، وقال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)(3) ، فهذه النصوص تدل على أن من فعل المحظورات ناسياً أوجاهلاً فلا شيء عليه.
وكذلك إذا كان مكرهاً لقوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)) فإذا
(1) تقدم ص 108.
(2)
سورة الأحزاب، الآية:5.
(3)
سورة المائدة، الآية:95.