الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س 764: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: نشاهد كثيراً من الناس يقومون بتكرار العمرة في رمضان، هل في ذلك بأس؟ جزاكم الله خيراً
.
فأجاب فضيلته بقوله: نعم في ذلك بأس؛ وذلك لأنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهدي أصحابه- رضي الله عنهم أجمعين-؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة في العشرين من رمضان، وبقي في مكة آمناً مطمئناً ولم يخرج هو وأصحابه ولا أحد منهم إلى التنعيم من أجل أن يأتي بعمرة، مع أن الزمن هو رمضان وذلك في عام الفتح، ولم يعهد عن أحد من الصحابة أنه أتى بعمرة من الحل من التنعيم أبداً. إلا عائشة- رضي الله عنها بسبب من الأسباب؛
وذلك أن عائشة- رضي الله عنها قدمت من المدينة في حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانت محرمة بالعمرة، فحاضت قبل أن تصل إلى مكة، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج لتكون قارنة ففعلت.
ومن المعلوم أن القارن لا يأتي بأفعال العمرة تامة، بل تندرج أفعال العمرة في أفعال الحج. فلما انتهى الناس من الحج، طلبت عائشة- رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتمر، فأمرها أن تخرج مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى الحل: التنعيم وتحرم بعمرة ففعلت.
ولما كان هذا السبب ليس موجوداً في أخيها عبد الرحمن لم يحرم بعمرة بل جاء حلاً ولم يحرم. وهذا أكثر ما يعتمد عليه الذين يقولون بجواز العمرة من التنعيم لمن كان في مكة وليس فيه
دليل على ذلك، لأنه خاص بحال معينة أذن بها النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها.
أما تكرار العمرة فإن شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله نقل أنه مكروه باتفاق السلف، ولقد صدق رحمه الله في كونه مكروهاً؛ لأن عملاً لم يعمله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه- رضي الله عنهم وهو من العبادة؛ كيف يكون مطلوباً ولم يفعله عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه ولو كان خيراً لسبقونا إليه، ولو كان مشروعاً لبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مشروع، إما بقوله، أو بفعله، وإما بإقراره، وكل هذا لم يكن.
فلو أن هؤلاء بقوا بمكة وطافوا حول البيت لكان ذلك خيراً لهم من أن يخرجوا ويأتوا بعمرة. ولا فرق بأن يأتوا بالعمرة لأنفسهم أو لغيرهم كآبائهم وأمهاتهم.
فإن أصل الاعتمار للأب والأم نقول فيه: إن الأفضل هو الدعاء لهما إن كانا ميتين، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له "(1) .
فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء عن الأب والأم، ولم يرشد إلى أن نعمل لهما عمرة أو حجاً أو طاعة أخرى.
وخلاصة القول: إن تكرار العمرة في رمضان أو غير رمضان ليس من عمل السلف، وإنما هو من أعمال الناس الذين
(1) أخرجه مسلم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (رقم 1631) .